تفسير سورة غافر

أوضح التفاسير
تفسير سورة سورة غافر من كتاب أوضح التفاسير المعروف بـأوضح التفاسير .
لمؤلفه محمد عبد اللطيف الخطيب . المتوفي سنة 1402 هـ

﴿حم﴾ قيل: اسم من أسمائه تعالى. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: «الر» و «حم» و «ن» هي حروف الرحمن متفرقة. وقيل غير ذلك (انظر آية صلى الله عليه وسلّم من سورة البقرة)
﴿غَافِرِ الذَّنبِ﴾ لمن أقلع عن ذنبه، واستغفر ربه ﴿وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾ ممن تاب وأناب ﴿شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ لمن عصى ربه، واستمرأ ذنبه ﴿ذِي الطَّوْلِ﴾ ذي الفضل السابغ، والإنعام الواسع ﴿لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ لا معبود سواه
﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾ فيجزي كلاً بما عمل ﴿فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلاَدِ﴾ أي لا تخدعك أسفارهم بالتجارات، والأموال والأولاد؛ وعودتهم سالمين غانمين؛ فتظن أنهم بمنجاة من عذابنا وانتقامنا؛ فإن مصيرهم جميعاً إلى النار
﴿وَالأَحْزَابُ﴾ الأمم الذين تحزبوا على أنبيائهم: كعاد، وثمود، ومن بعدهما ﴿لِيَأْخُذُوهُ﴾ ليقتلوه ﴿لِيُدْحِضُواْ﴾ ليبطلوا ﴿فَأَخَذْتُهُمْ﴾ فعاقبتهم
﴿حَقَّتْ﴾ وجبت
﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ﴾ من الملائكة ﴿وَمَنْ حَوْلَهُ﴾ أي حول العرش؛ من الملائكة أيضاً
-[٥٧٢]- ﴿يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ أي لا عمل لهم سوى قولهم: سبحان الله وبحمده ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ﴾ يطلبون المغفرة ﴿لِلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ قائلين في استغفارهم ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً﴾ أي وسعت رحمتك كل شيء، ووسع علمك كل شيء ﴿فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ﴾ من ذنوبهم، وأقلعوا عن كفرهم ﴿وَاتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ﴾ الذي ارتضيته لعبادك؛ وهو دين الإسلام
﴿رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ أي جنات الإقامة؛ من عدن في المكان: إذا أقام فيه ﴿الَّتِي وَعَدْتَّهُمْ﴾ بها
﴿وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ﴾ أي عقوبتها
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ﴾ لكم في الدنيا ﴿أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ والمقت: أشد البغض. ومقتهم أنفسهم يوم القيامة: كراهة بعضهم بعضاً، قال تعالى: ﴿وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً﴾ وقال جل شأنه: ﴿قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ﴾ ﴿إِذْ تُدْعَوْنَ﴾ في الدنيا ﴿إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ﴾ المعنى: ﴿مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ في الدنيا حين ﴿تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ﴾ ﴿أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ الآن
﴿قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾ في هذا دليل على الإحياء داخل القبر للسؤال، والإماتة بعده، والإحياء للبعث؛ فتصير موتتان وحياتان ﴿فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا﴾ وكفرنا الآن ﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ﴾ من النار، ورجوع إلى الدنيا ﴿مِّن سَبِيلٍ﴾ ﴿فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ فيقال لهم: لا سبيل إلى الخروج ألبتة
﴿ذَلِكُمُ﴾ العذاب الذي أنتم فيه، وعدم الاستماع إليكم، ورفض إخراجكم من النار وإعادتكم إلى الدنيا ﴿بِأَنَّهُ﴾ بسبب أنه ﴿إِذَا دُعِيَ﴾ عبد ﴿اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ﴾ أي يعبد سواه ﴿تُؤْمِنُواْ﴾ بذلك المعبود الآخر
﴿هُوَ﴾ جل شأنه ﴿الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾ دلائل قدرته ووحدانيته ﴿وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَآءِ رِزْقاً﴾
مطراً؛ لأنه سبب للرزق
-[٥٧٣]- ﴿وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ﴾ يرجع إلى الله، ويقلع عن الكفر والعصيان
﴿فَادْعُواْ اللَّهَ﴾ اعبدوه أيها المؤمنون ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ أي مخلصين له وحده الطاعة والعبادة من كل شائبة؛ فقد علمتم ما سيحيق بالكافرين (انظر آية ١٧ من سورة البقرة)
﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ﴾ أي عظيم الصفات، أو رافع درجات المؤمنين: في الدنيا، وفي الجنة أي ذو الملك: صاحبه، ومالكه، وخالقه ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ﴾ أي يلقى الوحي بأمره ﴿عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ الذين اصطفاهم لرسالته ﴿لِيُنذِرَ﴾ بما ينزله عليهم ﴿يَوْمَ التَّلاَقِ﴾ يوم القيامة؛ ففيه يلتقي الأولون والآخرون، وأهل السموات وأهل الأرضين
﴿يَوْمَ هُم بَارِزُونَ﴾ ظاهرون؛ لا بظواهرهم وأشكالهم فحسب، بل بأعمالهم وخوافيهم ﴿لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ يقول ذلك الملك الجليل؛ ويجيب نفسه بقوله ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ أو تقول ذلك الملائكة، وتجيب عليه سائر الخلائق إنسهم وجنهم، مؤمنهم وكافرهم
﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ بما عملت
﴿وَأَنذِرْهُمْ﴾ يا محمد ﴿يَوْمَ الأَزِفَةِ﴾ يوم القيامة؛ وسميت آزفة: لقربها ﴿إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾ أي إنهم - من شدة فزعهم ورعبهم - تصعد قلوبهم إلى حناجرهم ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ﴾ أي صديق مخلص؛ يدفع عنهم العذاب
﴿يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأَعْيُنِ﴾ أي استراق النظر إلى ما لا يحل ﴿وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ أي ما تكنه من خير وشر؛ أو يعلم استراق النظر إلى الأجنبية، وما تخفي الصدور من التفكر في جمالها، والرغبة في نيلها؛ في حين لا يعلم بنظرته وفكرته من بحضرته؛ والله يعلم بذلك كله
﴿وَاللَّهُ يَقْضِي﴾ في الدنيا والآخرة ﴿بِالْحَقِّ﴾ الكامل المطلق ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ أي يعبدونهم ﴿مِن دُونِهِ﴾ غيره ﴿لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ﴾ أصلاً؛ لأنها جمادات لا تستطيع القضاء بالحق ولا بالباطل؛ فكيف تعبد من دون الله وهذا حالها؟
﴿كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ﴾ فقد كانت لهم المصانع، والقصور، والحصون وغير ذلك. وها هي أهرامهم، ومعابدهم، ودورهم، وقبورهم، ونصبهم، وتماثيلهم؛ كل ذلك يشهد بآثارهم التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، والتي لم تصل أخبارها إلى نبيه الصادق عليه الصلاة والسلام؛ فكانت إحدى معجزاته البينات
﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ﴾ أهلكهم ﴿وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ﴾ أي من بطشه وعذابه ﴿مِن وَاقٍ﴾ حافظ يقيهم بأسه وعذابه
﴿وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ برهان ظاهر؛ يتسلط على الأبصار، والأسماع، والأذهان؛ وهي المعجزات الظاهرات
﴿فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا﴾ أي بالكتاب الحق؛ وهو التوراة. أو بتوحيد الله تعالى، والأمر بطاعته ﴿وَاسْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ﴾ استبقوهن للخدمة أو افعلوا بهن ما يخل بالحياء ﴿وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ﴾ خسران وهلاك
﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ﴾ لقومه ﴿ذَرُونِي﴾ دعوني واتركوني ﴿أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ﴾ حينئذٍ لينصره مني، ويمنعه من القتل إن كان صادقاً.
﴿وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ﴾ التجأت واعتصمت
﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ قيل: ابن عمه ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ عن فرعون وشيعته؛ خشية أن يقتلوه ﴿وَقَدْ جَآءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ الآيات الواضحات، والمعجزات الظاهرات ﴿وَإِن يَكُ كَاذِباً﴾ فيما يقول
-[٥٧٥]- ﴿فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ﴾ أي عليه وحده إثم كذبه؛ لا عليكم ﴿وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ من العذاب ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ﴾ الإسراف: تجاوز الحد في كل شيء
﴿ظَاهِرِينَ﴾ عالين ﴿فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ﴾ عذابه وبطشه ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ﴾ لقومه ﴿مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَى﴾ أي ما أشير عليكم إلا بما ارتضيته لنفسي
﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ﴾ أي مثل اليوم الذي أنزل فيه الله تعالى العذاب على الأقوام الذين تحزبوا على أنبيائهم
﴿مِثْلَ دَأْبِ﴾ مثل عادة ﴿قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ﴾ ممن كذبوا أنبياءهم؛ فعذبهم الله تعالى عذاباً شديداً في الدنيا، وأخذهم بكفرهم وتكذيبهم
﴿وَيقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ﴾ يوم القيامة. وسمي بذلك لأنه ينادي فيه على الخلائق: «واستمع يوم ينادي المناد من مكان قريب... ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار... ونادى أصحاب الأعراف رجالاً... ونادوا أصحاب الجنة... ونادوا يا مالك» ﴿مَا لَكُمْ مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾ يعصمكم من عذابه
﴿وَلَقَدْ جَآءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالحجج القاطعة الظاهرة؛ كقوله عليه السلام: ﴿مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ﴾ ﴿حَتَّى إِذَا هَلَكَ﴾ مات ﴿كَذَلِكَ﴾ أي مثل الإضلال الذي وقع على الكافرين بالأنبياء، وما أنزل عليهم من آيات بينات ﴿يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ﴾ في الكفر والعصيان ﴿مُّرْتَابٌ﴾ شاك فيما جاءه من المعجزات. فالكفر، والارتياب: سابقان للإضلال؛ وإضلال الله تعالى لا يكون إلا نتيجة للإصرار على الكفر، والتمسك بالتكذيب، وطرح تفهم الآيات، والنظر في الدلالات جانباً؛ و ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ﴾.
﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ﴾ حجة أو برهان ﴿كَبُرَ مَقْتاً﴾ عظم بغضاً ﴿كَذَلِكَ﴾ أي مثل ذلك الإضلال الواقع على من كفر وفجر ﴿يَطْبَعُ اللَّهُ﴾ يختم ويغطي ﴿عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ فالتكبر والتجبر: سابقان على طبع الله وختمه ﴿عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ وقد أراد الله تعالى أن يرينا مثالاً للمتكبرين المتجبرين، المسرفين المرتابين الكاذبين؛ المستحقين للإضلال والإذلال، والتغطية والتعمية؛ وهل بعد تكبر فرعون من تكبر؟ وهل بعد إسرافه في الكفر من إسراف؟
﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ﴾ لوزيره ﴿يهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً﴾ قصراً عالياً
﴿أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ﴾ أي أبوابها، أو طرقها، أو ما يؤدي إليها. ولعل اللعين قد طلب من وزيره ما يفعله الآن بعد الملاعين؛ من عمل صواريخ يزعمون الوصول بها إلى الكواكب والسموات؛ وهيهات هيهات لما يتوهمون (انظر آية ٦١ من سورة الفرقان) ﴿فَأَطَّلِعَ﴾ انظر ﴿وَإِنِّي لأَظُنُّهُ﴾ أي أظن موسى ﴿كَاذِباً﴾ فيما يزعمه: من أن له إلهاً واحداً ﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ عقوبة له على تماديه في الكفر، وطرحه ما ظهر له من الآيات والمعجزات وراء ظهره ﴿وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾ منع عن الإيمان؛ لأنه منع عقله عن التدبر، وقلبه عن التبصر؛ وحارب ربه، وقاتل رسوله، وقتل مخلوقاته، وادعى الربوبية، وقال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ فحق عليه غضب الله تعالى: فأصمه عن الاستماع، وصده عن سبيل الإيمان؛ عقوبة له على غيه وبغيه ﴿وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ﴾ خسار، وهلاك
﴿إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ﴾ أي تمتع لا يلبث أن يزول ﴿وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ دار البقاء والاستقرار
﴿يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ رزقاً واسعاً؛ لا حد له، ولا انتهاء
﴿وَيقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ﴾ أي إلى الإيمان؛ وهو الطريق الموصل إلى النجاة من النيران ﴿وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ﴾ أي إلى الكفر الموصل إلى الجحيم، والعذاب الأليم
﴿وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى﴾ عبادة ﴿الْعَزِيزُ﴾ القادر المقتدر، الخالق الرازق ﴿الْغَفَّارِ﴾ الذي يغفر الذنوب جميعاً، ويعفو عن السيئات
﴿لاَ جَرَمَ﴾ حقاً، لا محالة ﴿أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ لأعبده ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ﴾ أي لا يستطيع استجابة دعوة ﴿فِي الدُّنْيَا﴾ بأن يحفظ، أو يكلأ، أو يرزق، أو يشفي ﴿وَلاَ فِي الآخِرَةِ﴾ بأن يشقي، أو ينعم، أو يغفر، أو يرحم ﴿وَأَنَّ مَرَدَّنَآ﴾ مرجعنا جميعاً ﴿إِلَى اللَّهِ﴾ فيجزينا على إيماننا خير الجزاء، ويعاقبكم على كفركم أشد العقاب ﴿وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ﴾ المتجاوزين الحد بكفرهم
﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمْ﴾ حين ترون العذاب بأعينكم، وتحسونه بجسومكم؛ حيث لا ينفع الندم، ولا يجدي الاستغفار
﴿فَوقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ﴾ وقاه تدبيرهم لقتله، ومكرهم لإيذائه ﴿وَحَاقَ﴾ نزل ﴿بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ أشده وأقبحه؛ وهو
﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً﴾ صبحاً ومساءاً. والمراد به استمرار العذاب؛ وذلك في الدنيا: يعذبون في قبورهم؛ وهو دليل على عذاب القبر؛ وهو واقع لا محالة بأهل الكفر والضلال؛ وقد استعاذ منه سيد الخلق صلوات الله تعالى وسلامه عليه ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ﴾ يقول العزيز الجبار لملائكته ﴿أَدْخِلُواْ آلَ فِرْعَوْنَ﴾ هو ومن تبعه ﴿أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ في جهنم وبئس المهاد
﴿وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ﴾ يتخاصمون ﴿فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ﴾ الأتباع ﴿لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ﴾ لرؤسائهم ﴿فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ﴾ دافعون ﴿عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّارِ﴾ جانباً منها
﴿إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ﴾ ولا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه
﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالمعجزات الظاهرات، والآيات الواضحات ﴿قَالُواْ بَلَى﴾ نعم جاءتنا رسلنا ﴿قَالُواْ﴾ أي قال خزنة جهنم للكافرين ﴿فَادْعُواْ﴾ ربكم ما شئتم أن تدعوه؛ فلن يستجيب لكم
-[٥٧٨]- ﴿وَمَا دُعَآءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ﴾ خسار وضياع
﴿وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ الشهداء؛ وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ وذلك يوم القيامة ﴿فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ المعجزات التي تهدي من رآها، والتوراة التي تهدي من قرأها
﴿وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ﴾ التوراة
﴿هُدًى﴾ ليهتدوا بما فيها ﴿وَذِكْرَى﴾ تذكرة ﴿لأُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ ذوي العقول
﴿فَاصْبِرْ﴾ يا محمد على أذاهم ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ بنصر أوليائه، وكبت أعدائه ﴿حَقٌّ﴾ واقع لا مرية فيه ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ ليكون استغفارك سنة لأمتك ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ أي داوم على التسبيح. وأفضل التسبيح: «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» وقيل: المراد بالتسبيح: الصلاة؛ لأنها مشتملة عليه ﴿بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ﴾ في المساء والصباح
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾ قرآنه بغير حجة، ولا برهان؛ على صدق مجادلتهم ومحاجتهم ﴿إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ﴾ أي ما في صدورهم إلا تكبر عليك، وطمع أن تعلو مرتبتهم على مرتبتك ﴿مَّا هُم بِبَالِغِيهِ﴾ أي ما هم ببالغي أثر هذا الكبر؛ وهو الارتفاع والاستعلاء عليك؛ بل هم في أسفل سافلين، في الدنيا ويوم الدين ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ الجأ إليه من مكرهم وأذاهم ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ﴾ لقولك وأقوالهم ﴿الْبَصِيرُ﴾ بحالك وحالهم
﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ﴾ وما فيها من الكواكب والمخلوقات ﴿وَالأَرْضِ﴾ وما فيها وما عليها ﴿أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ وإعادتهم للحساب والجزاء يوم القيامة
﴿وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَلاَ الْمُسِيءُ﴾ أي كما أنه لا يستوي الأعمى والبصير: فإنه لا يستوي المؤمن والكافر، والطائع والعاصي
﴿إِنَّ السَّاعَةَ﴾ القيامة ﴿لآتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا﴾ أي لا شك في إتيانها
﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أي سلوني أعطكم. وقيل: «ادعوني» أي اعبدوني «أستجب لكم» أجب ما تطلبونه من حوائج الدنيا والآخرة
ولو أن الداعي حين يدعو ربه - القادر القاهر - يكون واثقاً بما عنده؛ وثوقه بما عند نفسه؛ لما أبطأت إجابته، ولسعت إليه حاجته، ولكان طلبه رهن إشارته، ووفق رغبته فانظر - هداك الله تعالى ورعاك - إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام: يضع أهله وذريته في مهمه قفر؛ حيث لا كلأ ولا ماء، ولا إنس ولا أنيس؛ فيدعو ربه: واثقاً بما عنده: «ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع... فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات» فهوت إليهم أفئدة كثير من الناس من سائر الأقطار؛ وحملت المطعومات والثمار؛ من كل صوب وحدب؛ فطعموها قبل أن يطعمها زارعوها وحاملوها أليس هذا من صنع واسع العطاء، مجيب الدعاء؟ (انظر آية ١٨٦ من سورة البقرة) ﴿دَاخِرِينَ﴾ أذلاء صاغرين
﴿لِتَسْكُنُواْ فِيهِ﴾ ترتاحوا وتناموا ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِراً﴾ تبصرون فيه ما تريدون، وتعملون فيه ما ترغبون ﴿ذَلِكُمُ﴾ الخالق للسموات والأرضين، المالك ليوم الدين، المستجيب للداعين، الجاعل الليل سكناً وراحة للنائمين، والنهار مبصراً للمشتغلين والعاملين «ذلكم» هو ﴿اللَّهِ﴾ رب العالمين ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ مبدع الكائنات وما فيها ومن فيها، وخالق كل ما أحاط به علمكم، وما لم يحط به، وما خطر في أذهانكم، وما لم يخطر لكم على بال ﴿لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ وحده؛ واجب الوجود، والعبودية ﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ فكيف تصرفون عن معرفته؛ وقد ظهرت لكم الحجج على وحدانيته؟ وعن عبادته؛ وقد بانت لكم الدلالات على قدرته؟ ﴿كَذَلِكَ﴾ أي كما صرفتم عن الحق الواضح، وعن معرفته تعالى؛ مع قيام الأدلة والبراهين على ألوهيته ﴿يُؤْفَكُ﴾ يصرف ﴿الَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ كتبه، ودلائل ربوبيته ﴿يَجْحَدُونَ﴾ يجحدون بها، ولا يلتفتون إليها، ولا يتدبرونها
﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَاراً﴾ مستقراً لكم؛ حال حياتكم، وبعد مماتكم ﴿وَالسَّمَآءَ بِنَآءً﴾ سقفاً ثابتاً؛ لا يزول، ولا يحول ﴿ذَلِكُمُ﴾ الذي جعل الأرض قراراً لكم، والسماء بناء فوقكم ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ ورزقكم ما عمله بيديه، ولم تعمله أيديكم، وأسبغ عليكم نعمه بفضله لا بسعيكم «ذلكم»
579
﴿هُوَ الْحَيُّ﴾ الباقي على الدوام، السامع لدعائكم، المجيب لندائكم ﴿لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ ولا معبود سواه ﴿فَادْعُوهُ﴾ اعبدوه ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ صادقين في عبادته، ولا تشركون في طاعته ومحبته ومن الشرك الخفي: أن تفضل
-[٥٨٠]- دنياك على دينك، وأن تحب مالك أكثر من مآلك ﴿الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أن وهبك الإيمان، وهداك بالقرآن، ووفقك إلى الإحسان ووقاك كيد الشيطان
579
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ﴾ أي خلق أباكم آدم منه ﴿ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ﴾ مني ﴿ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ﴾ هي واحدة الحيوانات الصغيرة التي ثبت وجودها بالمني. وقيل: العلقة: قطعة دم غليظ ﴿ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ﴾ تكامل قوتكم. وهو من ثلاثين إلى أربعين سنة. (انظر آية ٢١ من الذاريات) ﴿وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّى﴾ يستوفي أجله فيموت ﴿مِن قَبْلُ﴾ أي قبل بلوغ الأشد والشيخوخة ﴿وَلِتَبْلُغُواْ أَجَلاً مُّسَمًّى﴾ وقتاً محدوداً: هو انتهاء آجالكم ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ دلائل التوحيد التي بسطناها لكم، وهيأنا أذهانكم لقبولها
﴿فَإِذَا قَضَى أَمْراً﴾ أي أراد فعله وإيجاده ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ﴾ هو تقريب لأفهامنا؛ والواقع أنه تعالى إذا أراد شيئاً: كان بغير افتقار للفظ «كن»
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ﴾ القرآن ﴿أَنَّى يُصْرَفُونَ﴾ كيف يصرفون عنها؛ مع وضوحها وإعجازها
﴿ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ﴾ أي تملأ بهم النار؛ وهو من سجر التنور: إذا ملأه بالوقود ﴿وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾ أو ﴿يُسْجَرُونَ﴾ يوقدون بها
﴿قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا﴾ غابوا عن عيوننا ﴿بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ﴾ نعبد ﴿كَذَلِكَ﴾ أي مثل إضلال هؤلاء المكذبين ﴿يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ﴾ المعاندين لله، المكذبين لرسله، المنكرين لكتبه
﴿ذَلِكُمُ﴾ العذاب الذي تعذبونه في الآخرة ﴿بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ باللهو والعصيان؛ وذلك لأن السارق يفرح بسرقته، والزاني يفرح بزناه، والباغي يفرح ببغيه، والظالم يفرح بظلمه. أما الفرح بالطاعات، وبما أحلهالله: فهو من عموم المباحات؛ التي يثاب عليها ﴿وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ المرح: التوسع في السرور والفرح.
ويطلق أيضاً على البطر
﴿مَثْوَى﴾ مقام
﴿فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ فإن نرينك بعض ما نعدهم به من العذاب ﴿فَإِلَيْنَا﴾ بعد موتهم ﴿يُرْجَعُونَ﴾ فنعاقبهم بما عملوا، ونأخذهم بما ظلموا
﴿مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ﴾ نبأهم في هذا القرآن ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ﴾ ما حق، وما جاز لأي رسول ممن أرسلنا من رسلنا ﴿أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ﴾ معجزة من عند نفسه ﴿فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ اللَّهِ﴾ يوم القيامة ﴿بِالْحَقِّ﴾ المطلق؛ الذي لا تشوبه شائبة ﴿وَخَسِرَ هُنَالِكَ﴾ في الآخرة ﴿الْمُبْطِلُونَ﴾ الكافرون
﴿الأَنْعَامَ﴾ الإبل
﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ﴾ في نسلها، ووبرها، وشعرها، وألبانها ﴿وَلِتَبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ﴾ هي الأسفار وحمل الأثقال ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ﴾ أي على الأنعام في البر، وعلى السفن في البحر ﴿تُحْمَلُونَ﴾ فيا لها من نعمة لا يحيط بها وصف، ولا يوفيها شكر: ذلل لنا ما نركب في البر والبحر، وسخر لنا الحيوان والجماد. اللهم أعنا على القيام بواجب شكرك، ولا تجعل هذه النعم استدراجاً لنا، وامتحاناً لإيماننا؛ بفضلك ومنِّك يا أرحم الراحمين
﴿وَيُرِيكُمْ﴾ الله ﴿آيَاتِهِ﴾ الدالة على وحدانيته، الموصلة إلى جنته
﴿فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ من الكفار؛ الذين انتقمنا منهم وأهلكناهم، وقطعنا دابرهم؛ وقد ﴿كَانُواْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ﴾ عدداً ﴿وَأَشَدَّ قُوَّةً﴾ وعدة ﴿وَآثَاراً فِي الأَرْضِ﴾ مما بنوه من قصور، وآثار، وقبور، وكنوز ﴿فَمَآ أَغْنَى﴾ أي لم يغن ﴿عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾
يعملون في الدنيا
﴿فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالمعجزات الظاهرات، والحجج الواضحات ﴿فَرِحُواْ﴾ أي فرح الكفار ﴿بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ الْعِلْمِ﴾ الدنيوي ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ وقيل: فرح الرسل بما علموه من ربهم: من نصرتهم وخذل الكافرين ﴿وَحَاقَ﴾ نزل ﴿بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أي حل بهم العذاب الذي كانوا يستهزئون به، وينكرون وقوعه
﴿فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا﴾ شاهدوا عذابنا الموعود ﴿قَالُواْ آمَنَّا﴾ حيث لا ينفع الإيمان وقتئذٍ
﴿فَلَمْ يَكُ﴾ طريقته وعادته ﴿الَّتِي قَدْ خَلَتْ﴾ مضت ﴿فِي عِبَادِهِ﴾ السابقين ﴿وَخَسِرَ هُنَالِكَ﴾ وقت نزول العذاب ﴿الْكَافِرُونَ﴾ خسروا حياتهم الدنيا بالموت، وحياتهم الأخرى بالجحيم
582
سورة فصلت

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

582
Icon