ﰡ
مكية، وآياتها ٣٠ وقيل ٢٩ [نزلت بعد الليل] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ١ الى ٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥)
أقسم بالفجر كما أقسم بالصبح في قوله وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ، وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ. وقيل:
بصلاة الفجر. أراد بالليالي العشر: عشر ذى الحجة. فإن قلت: فما بالها منكرة من بين ما أقسم به؟ قلت: لأنها ليال مخصوصة من بين جنس الليالي: العشر بعض منها. أو مخصوصة بفضيلة ليست لغيرها. فإن قلت: فهلا عرفت بلام العهد، لأنها ليال معلومة معهودة؟ قلت: لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير، ولأن الأحسن أن تكون اللامات متجانسة، ليكون الكلام أبعد من الألغاز والتعمية. وبالشفع والوتر: إما الأشياء كلها شفعها ووترها، وإما شفع هذه الليالي ووترها. ويجوز أن يكون شفعها يوم النحر، ووترها يوم عرفة، لأنه تاسع أيامها وذاك عاشرها، وقد روى عن النبي ﷺ أنه فسرهما بذلك «١».
وقد أكثروا في الشفع والوتر حتى كادوا يستوعبون أجناس ما يقعان فيه، وذلك قليل الطائل، جدير بالتلهى عنه، وبعد ما أقسم بالليالي المخصوصة أقسم بالليل على العموم إِذا يَسْرِ إذا يمضى، كقوله وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ، وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ. وقرئ: والوتر بفتح الواو، وهما لغتان كالحبر والحبر في العدد، وفي الترة: الكسر وحده «٢». وقرئ: الوتر بفتح الواو وكسر التاء: رواها يونس عن أبى عمرو، وقرئ: والفجر، والوتر، ويسر: بالتنوين، وهو التنوين الذي يقع بدلا من حرف الإطلاق. وعن ابن عباس: وليال عشر، بالإضافة. يريد: وليال أيام عشر. وياء يَسْرِ تحذف في الدرج، اكتفاء عنها بالكسرة. وأما في الوقف فتحذف مع
(٢). قوله «وفي الترة الكسر وحده» في الصحاح «الموتور» الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه، تقول:
وتره وترا وترة، وكذلك: وتره حقه، أى: نقصه. (ع)
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ٦ الى ١٤]
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠)
الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤)
قيل لعقب عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عاد، كما يقال لبنى هاشم: هاشم. ثم قيل للأوّلين منهم عاد الأولى وإرم، تسمية لهم باسم جدّهم، ولمن بعدهم: عاد الأخيرة. قال ابن الرقيات:
مجدا تليدا بناه أوّله | أدرك عادا وقبلها إرما «١» |
بعاد أهل إرم، كقوله وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ولم تنصرف قبيلة كانت أو أرضا للتعريف والتأنيث.
وقرأ الحسن: بعاد أرم، مفتوحتين. وقرئ: بعاد إرم، بسكون الراء على التخفيف، كما قرئ:
بورقكم. وقرى: بعاد إرم ذات العماد، بإضافة إرم إلى ذات العماد، والإرم: العلم، يعنى: بعاد أهل أعلام ذات العماد. وذاتِ الْعِمادِ اسم المدينة. وقرئ: بعاد إرمّ ذات العماد، أى جعل الله ذات العماد رميما بدلا من فعل ربك، وذات العماد إذا كانت صفة للقبيلة، فالمعنى: أنهم كانوا بدويين أهل عمد، أو طوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة. ومنه قولهم: رجل معمد وعمدان: إذا كان طويلا. وقيل: ذات البناء الرفيع، وإن كانت صفة
عاد الثانية.
أبنى مثلها، فبنى إرم في بعض صحارى عدن في ثلاثمائة سنة، وكان عمره تسعمائة سنة: وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الزبرجد والياقوت. وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة، ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته، فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا. وعن عبد الله بن قلابة: أنه خرج في طلب إبل له، فوقع عليها، فحمل ما قدر عليه مما ثم، وبلغ خبره معاوية فاستحضره، فقص عليه، فبعث إلى كعب فسأله فقال: هي إرم ذات العماد «١»، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال، يخرج في طلب إبل له، ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال: هذا والله ذلك الرجل لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها مثل عاد فِي الْبِلادِ عظم أجرام وقوّة، كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع، وكان يأتى الصخرة العظيمة فيحملها فيلقيها على الحي فيهلكهم، أو لم يخلق مثل مدينة شدّاد في جميع بلاد الدنيا. وقرأ ابن الزبير: لم يخلق مثلها، أى: لم يخلق الله مثلها جابُوا الصَّخْرَ قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتا، كقوله وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً قيل: أول من نحت الجبال والصخور والرخام: ثمود، وبنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة. قيل له: ذو الأوتاد، لكثرة جنوده ومضاربهم التي كانوا يضربونها إذا نزلوا، أو لتعذيبه بالأوتاد، كما فعل بماشطة بنته وبآسية الَّذِينَ طَغَوْا أحسن الوجوه فيه أن يكون في محل النصب على الذم. ويجوز أن يكون مرفوعا على: هم الذين طغوا. أو مجرورا على وصف المذكورين عاد وثمود وفرعون. يقال: صب عليه السوط وغشاه وقنعه، وذكر السوط: إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعدّلهم في الآخرة، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به. وعن عمر بن عبيد: كان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال: إن عند الله أسواطا كثيرة، فأخذهم بسوط منها. المرصاد: المكان الذي يترتب فيه الرصد «مفعال» من رصده، كالميقات من وقته. وهذا مثل لإرصاده العصاة بالعقاب وأنهم لا يفوتونه. وعن بعض العرب أنه قيل له: أين ربك؟ فقال: بالمرصاد. وعن عمرو بن عبيد رحمه الله أنه قرأ هذه السورة عند بعض الظلمة حتى بلغ هذه الآية فقال: إنّ ربك لبالمرصاد يا فلان، عرّض له في هذا النداء بأنه بعض من توعد بذلك من الجبابرة، فلله درّه أىّ أسد
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ١٥ الى ١٦]
فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ (١٦)
فإن قلت: بم اتصل قوله «٢» فَأَمَّا الْإِنْسانُ؟ قلت: بقوله إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ كأنه قيل: إن الله لا يريد من الإنسان إلا الطاعة والسعى للعاقبة، وهو مرصد بالعقوبة للعاصي، فأما الإنسان فلا يريد ذلك ولا يهمه إلا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها. فإن قلت: فكيف توازن قوله، فأما الإنسان، إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ وقوله وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ «٣» وحق التوازن أن يتقابل الواقعان بعد أما وأما، تقول: أما الإنسان فكفور، وأما الملك فشكور.
أما إذا أحسنت إلى زيد فهو محسن إليك، وأما إذا أسأت إليه فهو مسيء إليك؟ قلت: هما متوازنان من حيث إنّ التقدير: وأما هو إذا ما ابتلاه ربه، وذلك أن قوله فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ خبر المبتدأ الذي هو الإنسان، ودخول الفاء لما في «أما» من معنى الشرط، والظرف المتوسط بين المبتدأ والخبر في تقدير التأخير، كأنه قيل: فأما الإنسان فقائل ربى أكرمن وقت الابتلاء، فوجب أن يكون فَيَقُولُ الثاني خبرا لمبتدإ واجب تقديره. فإن قلت: كيف سمى كلا الأمرين من بسط الرزق وتقديره ابتلاء؟ قلت: لأنّ كل واحد منهما اختبار للعبد، فإذا بسط له فقد اختبر حاله أيشكر أم يكفر؟ وإذا قدر عليه فقد اختبر حاله أيصبر أم يجزع؟ فالحكمة فيهما واحدة. ونحوه قوله تعالى وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً. فإن قلت:
هلا قال: فأهانه وقدر عليه رزقه، كما قال فأكرمه ونعمه؟ قلت: لأن البسط إكرام من الله لعبده بإنعامه عليه متفضلا من غير سابقة «٤»، وأما التقدير فليس بإهانة له، لأنّ الإخلال بالتفضل لا يكون إهانة، ولكن تركا للكرامة، وقد يكون المولى مكرما لعبده ومهينا له، وغير مكرم ولا مهين، وإذا أهدى لك زيد هدية قلت: أكرمنى بالهدية، ولا تقول: أهاننى
(٢). قال محمود: «إن قلت: كيف اتصل قوله فَأَمَّا الْإِنْسانُ بما قبله... الخ» قال أحمد: قوله لا يريد من الإنسان إلا الطاعة ولا يأمره إلا بها: فاسد الصدر، مبنى على أصله الفاسد، سليم العجز.
(٣). قال محمود: «فان قلت كيف توازن قوله فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ وقوله وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ قال أحمد: يريد أنه صدر ما بعد أما الأولى بالاسم، وما بعد أما الثانية بالفعل. ومقصود السائل أن يكونا مصدرين: إما باسمين أو بفعلين.
(٤). قال محمود: «فان قلت هلا قال فأهانه وقدر عليه رزقه، كما قال فأكرمه ونعمه؟ وأجاب بأن البسط إكرام من الله تعالى العبد من غير سابقة» قال أحمد: «قيد زائد تفريعا على أصله الفاسد، والحق أن كل نعمة من الله كذلك.
والثاني: أن ينساق الإنكار والذّمّ إلى قوله رَبِّي أَهانَنِ يعنى أنه إذا تفضل عليه بالخير وأكرم به اعترف بتفضل الله وإكرامه، وإذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل هوانا وليس بهوان، ويعضد هذا الوجه ذكر الإكرام في قوله فَأَكْرَمَهُ «٢» وقرئ: فقدر بالتخفيف والتشديد. وأكرمن، وأهانن: بسكون النون في الوقف، فيمن ترك الياء في الدرج مكتفيا منها بالكسرة.
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ١٧ الى ٢٠]
كَلاَّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠)
كَلَّا ردع للإنسان عن قوله. ثم قال: بل هناك شرّ من القول «٣». وهو: أنّ الله يكرمهم بكثرة المال، فلا يؤدّون ما يلزمهم فيه من إكرام اليتيم بالتفقد والمبرّة، وحض أهله
(٢). قال محمود: «الثاني أن سياق الإنكار والذم إلى قوله رَبِّي أَهانَنِ بمعنى أنه إذا تفضل عليه بالخير اعترف بتفضل الله تعالى، وإذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل هو انا وليس بهوان، ويعضد هذا الوجه ذكر الإكرام في قوله فأكرمه» قال أحمد: كأنه يجعل قوله فَأَكْرَمَهُ توطئة لذمه على قوله أَهانَنِ لا أنه مذموم معه.
(٣). قال محمود: «إنما أضرب عن الأول للاشعار بأن هنا ما هو أشر من القول الأول... الخ» قال أحمد:
وفي هذه الآية إشعار بابطال الجواب الثاني من جوابي الزمخشري، فانه جعل قوله أَكْرَمَنِ غير مذموم، ودلت هذه الآية على أن المعنى أن للمكرم بالبسط بالرزق حالتين، إحداهما: اعتقاده أن إكرام الله له عن استحقاق، الثانية أشد من الأولى: وهي أن لا يعترف بالإكرام أصلا، لأنه يفعل أفعال جاحدى النعمة، فلا يؤدى حق الله الواجب عليه في المال من إطعام اليتيم والمسكين.
إذا كان لمّا يتبع الذّمّ ربّه | فلا قدّس الرّحمن تلك الطّواحنا «١» |
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ٢١ الى ٢٦]
كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣) يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥)
وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (٢٦)
كَلَّا ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم. ثم أتى بالوعيد وذكر تحسرهم على ما فرّطوا فيه حين لا تنفع الحسرة، ويومئذ بدل من إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ وعامل النصب فيهما يتذكر دَكًّا دَكًّا دكا بعد دك. كقوله: حسبته بابا بابا، أى: كرّر عليها الدك حتى عادت هباء منبثا.
فإن قلت: ما معنى إسناد المجيء إلى الله، والحركة والانتقال إنما يجوزان على من كان في جهة قلت: هو تمثيل لظهور آيات اقتداره وتبين آثار قهره وسلطانه: مثلت حاله في ذلك محال الملك إذا حضر بنفسه ظهر بحضوره من آثار الهيبة والسياسة ما لا يظهر بحضور عساكره كلها ووزرائه وخواصه عن بكرة أبيهم صَفًّا صَفًّا ينزل ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف محدقين بالجن والإنس وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ كقوله وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ وروى أنها لما
الأضراس. وتسمى: الأرحاء جمع وحى، يقول: إذا كان الأكل جمعا، أى: ذا جمع بين الخبيث والطيب يتبع صاحبه الذم، فلا طهر الله تلك الأضراس التي تطحن ذلك المأكول، والدعاء عليها: دعاء على صاحبها.
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ٢٧ الى ٣٠]
يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)
يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ على إرادة القول، أى: يقول الله للمؤمن يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ إمّا أن يكلمه إكراما له كما كلم موسى صلوات الله عليه، أو على لسان ملك. والْمُطْمَئِنَّةُ الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن، وهي النفس المؤمنة أو المطمئنة إلى الحق التي سكنها ثلج اليقين فلا يخالجها شك، ويشهد للتفسير الأوّل: قراءة أبىّ بن كعب: يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة. فإن قلت:
متى يقال لها ذلك؟ قلت: إمّا عند الموت. وإمّا عند البعث، وإمّا عند دخول الجنة. على معنى:
ارجعي إلى موعد ربك راضِيَةً بما أوتيت مَرْضِيَّةً عند الله فَادْخُلِي فِي عِبادِي في جملة عبادي الصالحين، وانتظمى في سلكهم وَادْخُلِي جَنَّتِي معهم، وقيل: النفس الروح.
(٢). قوله «كمذهب أهل الأهواء» إن كان المراد بهم أهل السنة لقولهم بأن الله هو الخالقى لفعل العبد فهم يثبتون له الاختيار فيه لأنهم يثبتون له الكسب فيه وإن كان المراد بهم من قال بالجبر المحض وهم القائلون بأن العبد لا دخل له في فعله أصلا، بل هو كالريشة المعلقة في الهواء، فكلامه مسلم لظهور بطلان مذهبهم. (ع)