تفسير سورة الأحزاب

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة الأحزاب من كتاب مجاز القرآن المعروف بـمجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة معمر بن المثنى . المتوفي سنة 209 هـ

«سورة الأحزاب» (٣٣)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

«فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ» (٥) أي إخوانكم فى الملّة وخرج مخرج فتى والجميع فتيان وفتية..
«وَمَوالِيكُمْ» (٥) أي بنو عمكم وولاتكم..
«فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً» (٦) أي مكتوبا قال العجّاج:
فى الصّحف الأولى التي كان سطر
(٤٤٥).
«وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ» (١٠) أي حارت وطمحت وعدلت وفى آية أخرى:
«ما زاغَ الْبَصَرُ» (٥٣/ ١٧)..
«زُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً» (١١) أي ابتلوا وفتنوا ومنه الزلازل..
«يَثْرِبَ» (١٣) اسم أرض ومدينة النبي صلى الله عليه فى ناحية من يثرب «١» قال حسّان فى الجاهليّة:
سأهدى لها فى كل عام قصيدة... وأقعد مكفيّا بيثرب مكرما
«٢» [٧١٣].
«لا مُقامَ لَكُمْ» (١٣) مفتوحة الأول ومجازها: لا مكان لكم تقومون فيه ومنه قوله:
فاىّ ما وأيّك كان شرا... فقيد إلى المقامة لا يراها
(٦٢٨)
(١). - ١١ «يثرب... وناحية منها» رواه القرطبي (١٤/ ١٤١) عن أبى عبيدة.
(٢). - ٧١٣: ديوانه ص ٣٦٩.
«مِنْ أَقْطارِها» (١٤) أي من جوانبها «١» ونواحيها واحدها قطر..
«سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها» (١٤) أي لأعطوها «٢»..
«فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ» (١٩) أي بالغوا فى عيبكم ولا أئمتكم ومنه قولهم خطيب مسلق ومنه الخاطب المسلاق وبالصاد أيضا وقال الأعشى:
فيهم الحزم والسّماحة والنّج دة فيهم والخاطب المسلاق
«٣» [٧١٤] ويقال: لسان حديد أي ذلق وذليق..
«الْأَحْزابَ» (٢٠) واحدهم حزب يقال: من أيىّ حزب أنت وقال رؤبة:
وكيف أضوى وبلال حزبى
(٢٠٢).
«فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ» (٢٣) أي نذره الذي كان نحب أي نذر والنحب أيضا النفس أي الموت وجعله جرير الخطر العظيم «٤» فقال:
بطخفة جالدنا الملوك وخيلنا عشيّة بسطام جرين على نحب
«٥» «٦» [٧١٥]
(١). - ١ «أقطارها... جوانبها» : رواه ابن حجر فى فتح الباري ٨/ ٣٩٨.
(٢). - ٤ «لأعطوها» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٣٩٨.
(٣). - ٧١٤: ديوانه ص ١٤٤ والصحاح واللسان والتاج (سلق) والقرطبي ١٤/ ١٥٤.
(٤). - ١٠- ١١ «أي... العظيم» : رواه ابن حجر فى فتح الباري ٨/ ٣٩٨.
(٥). - ٧١٥: ديوانه ص ٥٨ والطبري ٢١/ ٨٤ والجمهرة ١/ ٢٣٠ ومعجم ما استعجم ٣/ ٨٨٨ واللسان والتاج (نحب).
(٦). - ٧١٦: ديوانه ص ٣٧٥.
أي خطر عظيم، قال ومنه التنحيب قال الفرزدق:
وإذ نحبّت كلب على الناس أيّهم أحقّ بتاج الماجد المتكرّم
«١» [٧١٧] وقال ذو الرّمّة:
قضى نحبه فى ملتقى الخيل هوبر «٢»
«٣» [٧١٨] أي نفسه وإنما هو يزيد بن هوبر ويقال: نحب فى سيره يومه أجمع إذا مدّ فلم ينزل وليلته جميعا..
«الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ» (٢٦) أي عاونوهم وهو من التظاهر..
«مِنْ صَياصِيهِمْ» (٢٦) أي من حصونهم وأصولهم يقال: جذّ الله صيصة فلان أي أصله وهى أيضا شوك الحاكة قال:
وما راعنى إلّا الرماح تنوشه كوقع الصّياصى فى النّسيج الممدّد
«٤» [٧١٩] وهى شوكتا الديك وهى قرن البقرة أيضا..
«يُضاعَفْ «٥» لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ» (٢٩) أي يجعل لها العذاب ثلاثة أعذبة لأن
(١). - ٧١٧: ديوانه ص ٧٥٩ والطبري ٢١/ ٨٤ والقرطبي ١٤/ ١٥٨.
(٢). - ٥ «يزيد بن هوبر» : انظر لمقتله فى الأغانى ١٥/ ٧ والخزانة ٢/ ٢٣٢.
(٣). - ٧١٨: ديوانه ص ٢٣٥ والقرطبي ١٤/ ١٦٠ والخزانة ٢/ ٢٣٢.
(٤). - ٧١٩: من كلمة أصمعية ص ٢٣ وجمهرية ص ١١٧ والبيت فى الحماسة ٢/ ٣٠٦ والأغانى ٩/ ٤ والقرطبي ١٤/ ١٦١ واللسان والتاج (صيص). [.....]
(٥). - ١٢ «يضاعف... إلخ» : قال الطبري: (٢١/ ٩٢) :
ضعف الشيء مثله، وضعفى الشيء مثلا الشيء ومجاز «يُضاعَفْ» أي يجعل الشيء، شيئين حتى يكون ثلاثة فأما قوله ويضعّف أي يجعل الشيء شيئين..
«نُؤْتِها أَجْرَها» (٣١) أي نعطها ثوابها..
«لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ» (٣٢) أحد يقع على الذكر والأنثى بلفظ واحد يقع على ما ليس فى الآدميين، يقال: لم أجد فيها أحدا شاة ولا بعيرا..
«وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ» (٣٣) القاف مكسورة لأنها من وقرت تقر، تقديره وزنت تزن ومعناه من الوقار ومن فتح القاف فإن مجازها من «قرّت تقرّ» تقديره: قررت تقر فحذف الراء الثانية فخففها وقد تفعل العرب ذلك وقال الشاعر:
واختلف القراء فى قراءة ذلك فقرأته عامة قراء الأمصار يضاعف العذاب بالألف غير أبى عمرو فإنه قرأ ذلك يضعف بتشديد العين تأولا منه فى قراءته ذلك أن يضعف بمعنى تضعيف الشيء مرة واحدة وذلك أن يجعل الشيء شيئين فكان معنى الكلام عنده أن يجعل عذاب من يأتى من نساء النبي ﷺ وأما التأويل الذي ذهب إليه أبو عمرو فتأويل لا نعلم أحدا من أهل العلم ادعاه غيره وغير أبى عبيدة معمر بن المثنى ولا يجوز خلاف ما جاءت به الحجة مجمعة عليه بتأويل لا برهان له من الوجه الذي يجب التسليم له. وانظر ما ورد من هذا الكلام فى القرطبي ١٤/ ١٧٤- ١٧٥.
خلا أنّ العتاق من المطايا أحسن به فهنّ إليه شوس
(٥٦٠) أراد أحسسن. «١»
(١). - ٧٢٠: ديوانه من الستة ص ٦٠.
«ولا يتبرّجن «١» » (٣٣) وهو من التبرج وهو أن يبرزن محاسنهن فيظهرنها..
«فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً» (٣٧) أي أربا وحاجة قال الشاعر:
ودّعنى قبل أن أودّعه لمّا قضى من شبابنا وطرا
«٢» [٧٢١] أي أربا وحاجة..
«ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ» (٣٨) سنة الله منصوبة لأنها فى موضع مصدر من غير لفظها من حرج أي من ضيق وإثم خلوا أي مضوا..
«بُكْرَةً وَأَصِيلًا» (٤٢) ما بين العصر إلى الليل..
«هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ» (٤٣) أي يبارك عليكم قال الأعشى:
عليك مثل الّذى صلّيت فاغتمضى نوما فإن لجنب المرء مضطجعا
(٧٨)
«اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ» (٥٠) أي أعطيت مهورهن..
«مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ» (٥٠) أي مما فتح الله عليك من الفيء.
(١). - ١ «ولا يتبرجن» : قال البخاري: وقال معمر التبرج أن تخرج زينتها، وقال ابن حجر:
هو قول أبى عبيدة واسمه معمر بن المثنى ولفظه فى كتاب المجاز إلخ (فتح الباري ٨/ ٣٩٩).
(٢). - ٧٢١: البيت مع البيت الذي فى الحاشية من كلمة للربيع بن ضبيع الفزاري فى نوادر أبى زيد ص ١٥٩ والمعمرين رقم ٦ والبيت أيضا فى الطبري ٢٢/ ١٠.
«وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ» (٥٠) مجازه: إن تهب والموضع موضع مجازاة والعرب قد تجازى بحرف وتضمر الآخر معهما قال ذو الرّمّة:
وإنى متى أشرف على الجانب الذي به أنت ما بين الجوانب ناظر
«١» [٧٢٢] قال القطامىّ:
والناس من يلق خيرا قائلون له ما يشتهى ولأمّ المخطئ الهبل
«٢» [٧٢٣] قال «وَامْرَأَةً- مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ [إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها] خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ» (٥٠) وهبت فى موضع «تهب» والعرب تفعل ذلك قال:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
(٢١٠) أي يطيروا. والعرب قد تخاطب فتخبر عن الغائب والمعنى للشاهد فترجع إلى الشاهد فتخاطبه قال عنترة:
شطّت مزار العاشقين فأصبحت عسرا علىّ طلابك ابنة مخرم
(١٧)
«تُرْجِي مَنْ تَشاءُ» (٥١) أي تؤخر..
«وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ» (٥١) أي تضمّ..
«لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ» (٥٢) إذا جعلت العرب من فعل المؤنث وبينها
(١). - ٧٢٢: ديوانه من ٢٤١ والكتاب ١/ ٣٨٨ والشنتمرى ١/ ٤٣٧.
(٢). - ٧٢٣: أول قصيدة فى ديوانه يمدح بها عبد الواحد بن الحارث بن الحكم والبيت فى شواهد الكشاف، ٢١٨.
«أي إدراكه تمام» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٤٠٥.
شيئا ذكّروا فعلها وبعد مرفوع بغير تنوين لأنه غاية لم تصف وحرّم على النبي صلى الله عليه النساء غير هؤلاء، فإن قال قائل إنهن لم يحّر من عليه فإن الآية إذا منسوخة..
«عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً» (٥٢) أي حفيظا قال أبو دؤاد:
كمفاعد الرّقباء للضّرباء أيديهم نواهد
(١٣٢)
«إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ» (٥٣) أي إدراكه وبلوغه ويقال أبى لك أن تفعل، يأنى انيا والاسم إنى وأبى أبلغ أدرك قال:
تمخّصت المنون له بيوم أنى ولكلّ حاملة تمام
«١» [٧٢٤].
«وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً» (٥٤) مجازه: ما كان لكم أن تفعلوا شيئا من ذلك وكان من حروف الزوائد قال:
فكيف إذا رأيت ديار قوم وجيران لهم كانوا كرام
(٥٠٩) القافية مجرورة والقصيدة لأنه جعل «كانوا» زائدة للتوكيد ولو أعمل «كان» لنصب القافية وقال العجّاج:
إلى كناس كان مستعيده
(٥١٠)
(١). - ٧٢٤: البيت لعمرو بن حسان من أبيات ذكر فيها الملوك من المناذرة والأكاسرة على طريق الاعتار قاله التبريزي ١/ ٣ وفى اللسان أنه لخالد بن حق الشيباني (مخض) وفى جمهرة الأشعار (ص ٢٦) منسوب إلى النابغة وهو فى إصلاح المنطق ص ٤، ٣٧٦ من غير عزو وفى القرطبي ١٦/ ٢٢٦ والتاج (مخض).
وقال الفزارىّ:
لم يوجد كان مثل بنى زياد
[٧٢٥] فرفع مثل بنى زياد لأنه ألقى «كان» وأعمل «يوجد»..
«لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ «١» » (٦٠) أي لنسلّطنك عليهم..
«وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا سُنَّةَ اللَّهِ» ٦١- ٦٢ نصبوها لأنها فى موضع مصدر فعل من غير لفظها «وَقُتِّلُوا» أشد مبالغة من «قتلوا» إذا خففته..
«لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً» (٦٣) مجازه مجاز الظرف هاهنا ولو كان وصفا للساعة لكان قريبة وإذا كان ظرفا فإن لفظها فى الواحد والاثنين والجميع من المذكر والمؤنث واحد بغير الهاء وبغير تثنية وبغير جمع «٢»..
«فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا» (٦٧) ويقال أيضا فى الكلام. أضلى عن السبيل ومجازه عن الحق والدين..
«وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً» (٧٠) قصدا، قال أوس بن حجر:
وما جبنوا إنى أسدّ عليهم ولكن لقوا نارا تحسّ وتسفع
«٣» [٧٢٦] ويروى: نارا تخش توقد، وتحس: تستأصل أسدّ أقول عليهم السّداد، يقال:
أسددت بالقوم إذا قلت عليهم حقا وسددا.
(١). - ٤ «لنغرينك... عليهم» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٤٠٩.
(٢). - ٧- ٩ «مجازه... جمع» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٤٠٦.
(٣). - ٧٢٦: فى اللسان والتاج (سدد حسس).
Icon