تفسير سورة عبس

المحرر في أسباب نزول القرآن
تفسير سورة سورة عبس من كتاب المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة المعروف بـالمحرر في أسباب نزول القرآن .
لمؤلفه خالد بن سليمان المزيني .

سورة عبس
١٩٣ - قال الله تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج الترمذي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: أُنزل (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في ابن أم مكتوم الأعمى أتى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجعل يقول: يا رسول اللَّه أرشدني، وعند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول: (أترى بما أقول بأساً؟) فيقول: لا. ففي هذا أُنزل.
ورواه مالك عن عروة بن الزبير.
1067
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآيات الكريمة. وقد ذكر جمهور المفسرين أن الآية نزلت في ابن أم مكتوم، وإن كان سياقهم للأحاديث مختلفاً قال الطبري: (وذُكر أن الأعمى الذي ذكره اللَّه في هذه الآية هو ابن أم مكتوم، عوتب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسببه) اهـ.
وقال البغوي: (أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى) هو ابن أم مكتوم وذلك أنه أتى
1068
رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يناجي عتبة بن ربيعة وغيره فقال يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك اللَّه فجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مقبل على غيره حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقطعه كلامه فعبس وجهه وأعرض عنه وأقبل على القوم الذين يكلمهم فأنزل اللَّه هذه الآية) اهـ. بتصرف.
وقال ابن العربي: (لا خلاف أنها نزلت في ابن أم مكتوم الأعمى وقد روي في الصحيح) اهـ.
وقال القرطبي: (فروى أهل التفسير أجمع أن قومًا من أشراف قريش كانوا عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد طمع في إسلامهم فأقبل عبد الله بن أم مكتوم فكره رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يقطع عبد اللَّه عليه كلامه فأعرض عنه ففيه نزلت هذه الآية) اهـ.
وقال ابن كثير: (ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يومًا يخاطب بعض عظماء قريش، وقد طمع في إسلامه فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم، وكان ممن أسلم قديمًا، فجعل يسأل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن شيء ويلح عليه وود النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لو كف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعًا ورغبةً في هدايته وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه وأقبل على الآخر فأنزل الله تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّى.. ) اهـ.
وقال السعدي: (سبب نزول هذه الآيات الكريمات أنه جاء رجل من المؤمنين أعمى يسأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويتعلم منه، وجاءه رجل من الأغنياء وكان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حريصًا على هداية الخلق، فمال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصغى إلى الغني، وصد عن الأعمى الفقير رجاءً لهداية ذلك الغني، وطمعًا في تزكيته فعاتبه اللَّه بهذا العتاب اللطيف) اهـ.
1069
وقال ابن عاشور: (وهذا الحادث سبب نزول هذه الآيات من أولها إلى قوله: (بَرَرَةٍ) اهـ.
وبهذه الأقوال المتقدمة للمفسرين يتبين أن الحديث وإن كان ضعيفاً إلا أنهم مجموعون على ما دلّ عليه في قصة ابن أم مكتوم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا سبب نزول الآية الكريمة لمطابقته لسياق القرآن، واحتجاج المفسرين به، والله أعلم.
* * * * *
1070
سورة المطففين
1071
Icon