تفسير سورة سورة غافر من كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم
المعروف بـالمنتخب
.
لمؤلفه
مجموعة من المؤلفين
.
ﰡ
١ - ح. م: حرفان من حروف الهجاء بدئت بهما السورة - على طريقة القرآن فى بعض السور - للإشارة إلى أن القرآن من جنس كلامهم، ومع ذلك عجزوا عن الإتيان بمثله.
٢ -، ٣ - تنزيل القرآن من الله القوى الغالب، المحيط علمه بكل شئ، وقابل التوبة من التائبين، شديد العذاب، صاحب الإنعام، لا معبود بحق إلا هو، إليه - وحده - المرجع والمآل.
٤ - ما يمارى فى آيات الله الدالة عليه إلا الذين كفروا، فلا يخدعك تنقلهم فى البلاد بتيسير الله شئونهم مع كفرهم.
٥ - كذبت قبل هؤلاء المشركين قوم نوح والمجتمعون على معاداة الرسل من بعد قومه، وحرصت على إيقاع الشر برسولهم ليأخذوه بالبطش، وتماروا فى الباطل الذى لا حقيقة له، ليزيلوا بجدلهم الحق الثابت، فأخذتهم بالعذاب المستأصل، فانظر كيف كان عقابى لهم؟.
٦ - وكما حقَّت كلمة العذاب على الأمم التى كذَّبت أنبياءها، حقت كلمة ربك على الكافرين بك - يا محمد - لأنهم أصحاب النار، لاختيارهم الكفر على الإيمان.
٧ - الذين يحملون العرش من الملائكة والمحيطون به، ينزِّهون مالك أمرهم ومربيهم عن كل نقص تنزيهاً مقترناً بالثناء عليه، ويؤمنون به ويطلبون المغفرة للمؤمنين قائلين: ربنا وسعت رحمتك كل شئ، وأحاط علمك بكل شئ، فاصفح عن سيئات الذين رجعوا إليك واتبعوا طريقك، وجَنِّبْهُم عذاب الجحيم.
٨ - ويقول هؤلاء الملائكة: ربنا وأدخل المؤمنين جنات الإقامة التى وعدتهم بها على لسان رسلك، وأدخل معهم الصالحين من الآباء والأزواج والذرية. إنك أنت - وحدك - الغالب الذى لا يغلب، الحكيم الذى لا يخطئ.
٩ - ويقولون فى دعائهم: جنِّب المؤمنين جزاء سيئاتهم، ومن جنبته جزاء سيئاته يوم الجزاء فقد رحمته بفضلك، والوقاية من جزاء السيئات هو الظفر البالغ العظم.
١٠ - إن الذين كفروا يُنادون: لكراهة الله وبُغضه لكم أكبر من كراهتكم أنفسكم التى أوردتكم موارد العذاب، حين كنتم تدعون إلى الإيمان مرة بعد مرة فتسارعون إلى الكفر.
١١ - قال الكافرون: ربنا أمتنا موتتين: موتة من حياتنا الدنيا، وموتة من حياتنا فى البرزخ وأحييتنا مرتين: مرة هى حياتنا الدنيا، ومرة أخرى بالبعث من القبور، فهل إلى خروجنا من العذاب من طريق.
١٢ - ذلكم العذاب الذى أنتم فيه لأن شأنكم فى الدنيا إذا دُعِىَ الله - وحده - كفرتم وإن يُشرك به غيره تُؤمنوا، وإذا كان هذا شأنكم فقد استحققتم جزاء شكرككم، فالحكم لله العلى الكبير الذى يجازى من كفر بما يستحقه.
١٣ - الله الذى يريكم دلائل قدرته، فينزل لمصالحكم من السماء ماء يكون سبب رزقكم. وما يتعظ بهذا إلا من يرجع إلى التفكير فى آيات الله.
١٤ - فاعبدوا الله مخلصين له العبادة، ولو أبغض الكافرون عبادتكم وإخلاصكم.
١٥ -، ١٦ - الله عالى المقامات، صاحب العرش، يُنزل الوحى من قضائه وأمره على من اصطفاه من عباده، ليخوِّف الناس عاقبة مخالفة المرسلين يوم التقاء الخلق أجمعين، يوم الحساب الذى يظهر فيه الناس واضحين، لا يخفى على الله من أمرهم شئ، يتسامعون نداءً رهيباً: لمن الملك اليوم؟ وجواباً حاسماً: لله الواحد المتفرد بالحكم بين عباده، البالغ القهر لهم.
١٧ - اليوم تُجزى كل نفس بما فعلت، لا ظلم اليوم بنقص أجر أو زيادة عقاب، إن الله سريع حسابه فلا يتأخر عن وقته.
١٨ - وخوِّفهم - يا محمد - يوم القيامة القريبة، حين تكون القلوب عند الحناجر من شدة الخوف، ممتلئين غيظاً لا يستطيعون التعبير عنه، ليس للظالمين أنفسهم بالكفر قريب ولا شفيع يطاع فى أمرهم.
١٩ - وهو - سبحانه - يعلم النظرة الخائنة للعين، وما تخفيه الصدور من المكنونات.
٢٠ - والله يحكم بالعدل، والشركاء الذين يدعونهم من دون الله لا يحكمون بشئ لعجزهم، إن الله - وحده - هو المحيط بكل ما يسمع ويبصر.
٢١ - أقعد المشركون ولم يسيروا فى الأرض، فيروا كيف كان حال الأمم الذين كانوا من قبلهم؟ كانوا - هم - أشد منهم قدرة وآثاراً فى الأرض، فاستأصلهم الله بذنوبهم، وليس لهم من الله حافظ يحفظهم من عذابه.
٢٢ - ذلك العذاب الذى نزل بهم، لأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالأدلة الواضحات فجحدوها، فعجَّل الله عذابهم المستأصل، إنه ذو قوة عظيمة، بالغ الشدة فى العذاب.
٢٣ -، ٢٤ - لقد أرسلنا موسى بمعجزاتنا وبرهان ذى سلطان واضح إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا: هو ساحر بما جاء من المعجزات، مبالغ فى الكذب لدعواه أنه رسول من ربه.
٢٥ - فلما أتاهم موسى بالحق من عندنا، قال فرعون ومن معه لأتباعهم: اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واتركوا نساءهم أحياء. وليس مكر الكافرين إلا ذاهباً فى متاهة وضياع.
٢٦ - وقال فرعون: دعونى أقتل موسى وليدعُ ربه لينقذه منى، إنى أخشى أن يغيِّر دينكم - يا قوم - أو أن يشيع فى الأرض الفتن.
٢٧ - وقال موسى لفرعون وقومه: إنى تحصنت بمالك أمرى الذى ربانى، ومالك أمركم ومربيكم بنعمه وإحسانه، من كل متغطرس متعال لا يؤمن بيوم الحساب.
٢٨ - وقال رجل مؤمن من أهل فرعون يخفى إيمانه - مخاطباً قومه -: أتقصدون رجلاً بالقتل لأنه يقول: معبودىَ الله، وقد جاءكم بالأدلة الواضحات من مالك أمركم ومربيكم، وإن يكن كاذباً فى دعواه فعليه - وحده - وبال كذبه، وإن يكن صادقاً يُنزل بكم بعض الذى يخوفكم به من العذاب، إن الله لا يوفق إلى طريق النجاة من هو مجاوز الحد مبالغ فى الكذب.
٢٩ - قال فرعون: ما دعوتكم إليه هو الحق، وما أدعوكم إليه هو طريق الخير والرشاد.
٣٠ -، ٣١ - وقال الرجل الذى آمن من آل فرعون: يا قوم إنى أخشى عليكم يوماً مثل يوم الأقوام المتحزبين على رسلهم، مثل عادة قوم نوح وعاد وثمود والأقوام الذين من بعدهم، وما الله يشاء ظلماً لعباده.
٣٢ -، ٣٣ - ويا قوم: إنى أخاف عليكم يوم تفرون مدبرين ليس لكم من الله من مانع، ومن يضلله الله - لعلمه أنه يختار الضلالة على الهدى - فما له من مرشد يهديه.
٣٤ - لقد أتاكم يوسف من قبل موسى بالآيات الواضحات، فما زلتم فى شك مما أتاكم به، حتى إذا مات قلتم: لن يرسل الله من بعد يوسف رسولا، مثل هذا الإضلال الشنيع يُضل الله من هو مجاوز الحد، كثير الشك والارتياب.
٣٥ - الذين يجادلون فى آيات الله بغير برهان جاءهم، كَبُرَ كرهاً وسخطاً عند الله وعند المؤمنين ما انطبعوا عليه من الجدال، مثل هذا الختم يختم الله على كل قلب متعال على الخلق، متسلط على الناس.
٣٦ -، ٣٧ - وقال فرعون: يا هامان ابن لى بناءً عالياً رجاء أن أبلغ المسالك، مسالك السموات فأرى إله موسى، وإنى لأظنه كاذباً فى دعوى الرسالة، ومثل هذا التزين الباطل زين لفرعون سوء عمله حتى رآه حسناً، ومنع عن سبيل الحق لاختياره سبيل الضلالة، وليس مكر فرعون إلا فى خسار عظيم.
٣٨ - وقال الذى آمن من قوم فرعون: يا قوم اقتدوا بى أرشدكم طريق الصلاح.
٣٩ - يا قوم: ما هذه الحياة الدنيا إلا كمتاع الراكب يفنى بسرعة، وإن الدار الآخرة هى - وحدها - دار الاستقرار.
٤٠ - من عمل سيئة فى الدنيا فلا يُجازى عليها فى الآخرة إلا مثلها، ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها رزقاً غير مقدر بحساب الحاسبين.
٤١ -، ٤٢ - ويا قوم: أى شئ لى، أدعوكم إلى أسباب النجاة وتدعوننى إلى النار؟. تدعوننى إلى الكفر بالله وإشراك من لا علم لى به، وأنا أدعوكم إلى القوى الذى لا يغلب، الكثير المغفرة للذنوب.
٤٣ - لا محالة أن الإله الذى تدعوننى إلى عبادته ليس له دعوة يستجيبها فى الدنيا ولا فى الآخرة، وأن مرجعنا إلى الله، وأن المجاوزين الحدود هم أهل النار لا المؤمنين المعتدلين.
٤٤ - فستعلمون صدق ما قلته لكم، وأكل أمرى إلى الله، إن الله محيط بصره بالعباد فيجازيهم على أعمالهم.
٤٥ -، ٤٦ - فَوَقَى الله مؤمن آل فرعون شدائد مكرهم وأحاط بآل فرعون العذاب السيئ. النار يدخلونها صباحاً ومساءً، هذا فى الدنيا وهم فى عالم البرزخ، ويوم القيامة يقول الله تعالى: أدخلوا قوم فرعون أشد أنوع العذاب.
٤٧ - واذكر لهم - يا محمد - حين يتخاصم أهل النار فيها، فيقول الضعفاء - وهم الأتباع - للمستكبرين - وهم الرؤساء -: إنا كنا لكم فى الدنيا تَبعاً، فهل أنتم حاملون عنا جزءاً من عذاب النار؟.
٤٨ - قال المستكبرون: إننا كلنا فيها - نحن وأنتم - إن الله فصل بالحق بين العباد، فلكل منا ما قضاه عليه من العذاب.
٤٩ - وقال الذين فى النار من الضعفاء والكبراء لحفظة جهنم - متوسلين إليهم - ادعوا إلهكم يُخفف عنا يوماً من العذاب نستروح فيه.
٥٠ - قال خزنة جهنم لهم - موبخين -: ألم تتنبهوا إلى ما نزل بكم وكانت تجيئكم الرسل بالبراهين الواضحات؟ قال أهل جهنم: بلى جاءتنا الرسل فكذبناها. قال الخزنة: فإذا كان الأمر كذلك فادعوا - أنتم - وما دعاء الجاحدين إلا فى ضياع.
٥١ - إنا لننصر رسلنا والمؤمنين فى الحياة الدنيا بالانتقام من أعدائهم، وإقامة الحُجة عليهم، وفى يوم القيامة يوم يقوم الشهود يشهدون للرسل بالتبليغ، ويشهدون على الكفرة بالتكذيب.
٥٢ - يوم لا ينفع الظالمين اعتذارهم عمَّا فرط منهم فى الدنيا، ولهم الطرد من الرحمة، ولهم سوء الدار.
٥٣ -، ٥٤ - لقد آتينا موسى ما يهتدى به إلى الحق، وأورثنا بنى إسرائيل التوراة هادية ومذكرة لأصحاب العقول السليمة.
٥٥ - إذا عرفت ما قصصناه عليك فاصبر - يا محمد - على ما ينالك من أذى، إن وعد الله بنصرك ونصر المؤمنين حق لا يتخلف، واطلب المغفرة من ربك لما قد يُعد ذنباً بالنسبة إليك، ونزِّه ربك عن النقائص تنزيها مقترناً بالثناء عليه أواخر النهار وأوائله.
٥٦ - إن الذين يمارون فى دلائل الله بغير حُجة منه - تعالى - ليس فى صدورهم إلا تعال عن اتباع الحق، وليس تعاليهم بموصلهم إلى غايتهم، فاطلب الحفظ من الله، إنه هو المحيط سمعه وبصره بكل شئ.
٥٧ - أقسم: لخلق السموات والأرض أعظم من خلق الناس، لكن أكثر الناس سلبوا العلم، فلم يؤمنوا بالبعث مع إقرارهم بأنه خالق السموات والأرض.
٥٨ - وما يستوى الأعمى عن الحق والبصير العارف به، ولا يستوى المحسنون الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسئ فى عقيدته وعمله، قليلا - أى قليل - تتذكرون - أيها الناس.
٥٩ - إن القيامة لآتية لا شك فيها، ولكن أكثر الناس لا يصدقون.
٦٠ - وقال خالقكم ومالك أمركم: اسألونى أعطكم، إن الذين يتعاظمون عن دعائى سيدخلون جهنم أذلاء صاغرين.
٦١ - الله - وحده - الذى جعل لكم الليل لتهدأوا فيه وتستريحوا من العمل، والنهار مضيئاً لتعملوا فيه، إن الله لصاحب فضل عظيم على الناس، ولكن أكثرهم لا يشكرونه على نعمه.
٦٢ - ذلكم المنعم بهذه النعم الجليلة الله مالك أمركم، خالق كل شئ، لا معبود بحق إلا هو، فإلى أى جهة تصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره؟.
٦٣ - مثل هذا الانصراف عن الحق إلى الباطل انصرف الذين كانوا من قبلكم، ينكرون آيات الله ويجحدونها.
٦٤ - الله - وحده - الذى جعل لكم الأرض مستقرة صالحة لحياتكم عليها، والسماء بناء محكم الترابط، وقدَّر خلقكم فأبدع صوركم، وجعلكم فى أحسن تقويم، ورزقكم من المباحات ما يلذ لكم، ذلك المنعم بهذه النعم الله ربكم، فتعالى الله مالك العوالم كلها ومربيهم.
٦٥ - هو المنفرد بالحياة الدائمة، لا معبود بحق إلا هو، فتوجهوا بالدعاء إليه مخلصين له العبادة، الثناء كله حق ثابت لله رب الخلائق جميعاً.
٦٦ - قل - أيها الرسول -: إنى نُهيت عن عبادة الآلهة التى تعبدونها من دون الله حين جاءنى الحُجج من ربى، وأمرت أن أنقاد فى كل أمورى لله رب العوالم كلها.
٦٧ - الله - وحده - الذى خلقكم - يا بنى آدم - من تراب، ثم حول هذا التراب نطفة، ثم حول هذه النطفة إلى قطعة دم جامدة، ثم يُخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالا، ثم يمد فى آجالكم لتبلغوا سن الكمال فى القوة والعقل، ثم يطيل أعماركم لتكونوا شيوخاً، ومنكم من يُتوفى قبل سن الشباب أو الشيخوخة، وخلقكم الله على هذا النمط لتبلغوا وقتاً مسمى عنده وهو يوم البعث، ولكى تعقلوا ما فى هذا التنقل فى الأطوار من حكم وعبر.
٦٨ - الله الذى يحيى ويميت، فإذا أراد إبراز أمر إلى الوجود فإنما يقول له: كن. فيكون دون تخلف.
٦٩ - ألم تنظر إلى الذين يجادلون فى آيات الله الواضحة كيف يُصرفون عن النظر فيها ويصرون على ما هم فيه من ضلال؟.
٧٠ -، ٧١، ٧٢، ٧٣، ٧٤ - الذين كذَّبوا بالقرآن وبما أرسلنا به رسلنا - جميعاً - من الوحى، فسوف يعلمون عاقبة تكذيبهم حين تكون الأغلال والسلاسل فى أعناقهم، يجرون بها فى الماء الذى بلغ الغاية فى الحرارة، ثم بعد ذلك يلقون فى النار يصطلون حرها، ثم يقال لهم - توبيخاً وتبكيتاً -: أين معبوداتكم التى كنتم تعبدونها من دون الله؟ قال الكافرون: غابوا عنا، بل الحق أننا لم نكن نعبد من قبل فى الدنيا شيئاً يعتد به. مثل هذا الإضلال الشنيع يُضل الله الكافرين عن سبيل الحق لعلمه أنهم يؤثرون الضلالة على الهدى.
٧٥ -، ٧٦ - يُقال للكافرين: ذلكم العذاب بسبب ما كنتم فى الدنيا تفرحون فى الأرض بغير ما يستحق الفرح، وبسبب توسعكم فى الفرح بما يصيب أنبياء الله وأولياءه من أذى، ادخلوا أبواب جهنم مقدراً لكم فيها الخلود، فبئس مستقر المتكبرين جهنم.
٧٧ - فاصبر - يا محمد - إن وعد الله لك - بعذاب أعدائك - حق لا ريب فيه، وسيأتيهم هذا العذاب إمَّا فى حياتك أو حين يرجعون إلينا، فإن نُرِكَ بعض ما خوَّفناهم من العذاب فى حياتك فذاك، وإن نُمِتْك قبل ذلك فإلينا يرجعون، فنحاسبهم على ما كانوا يفعلون.
٧٨ - لقد أرسلنا رسلا كثيرين من قبلك، منهم من أوردنا أخبارهم عليك، ومنهم من لم نرد عليك أخبارهم، وما كان لرسول منهم أن يأتى بمعجزة إلا بمشيئة الله وإرادته، لا من تلقاء نفسه ولا باقتراح قومه، فإذا جاء أمر الله بالعذاب فى الدنيا أو الآخرة قضى بينهم بالعدل، وخسر فى ذلك الوقت أهل الباطل.
٧٩ - الله الذى ذلل لكم الإبل، لتركبوا بعضها وتأكلوا بعضها.
٨٠ - ولكم فيها منافع كثيرة غير الركوب والأكل، ولتبلغوا عليها حاجة تهتمون بها فى أنفسكم، كجر الأثقال وحملها ونحو ذلك. وعلى الإبل التى هى نوع من الأنعام، وعلى الفلك تحملون أنتم وأمتعتكم.
٨١ - ويريكم الله دلائل قدرته، فأخبرونى أى دليل منها تنكرون، وهى من الوضوح بحيث لا ينكرها من له أدنى عقل.
٨٢ - أقعدوا فلم يسيروا فى الأرض فيروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من الهلاك والتدمير!؟ كان من قبلهم أكثر منهم عدداً وأشد منهم قوة وآثاراً فى الأرض، فما دفع عنهم عذاب الله ما كسبوه من مال أو قوة أو سلطان.
٨٣ - فحين جاءت هذه الأمم رسلهم بالشرائع والمعجزات الواضحات فرحت هذه الأمم بما عندهم من علوم الدنيا، واستهزأوا بعلم المرسلين، فنزل بهم العذاب الذى أخبرهم به المرسلون وكانوا به يستهزئون.
٨٤ - فَلمَّا رأت هذه الأمم شدة عذابنا قالوا: صدَّقنا بالله - وحده - وأنكرنا الآلهة التى كنا بسببها مشركين.
٨٥ - فلم يكن ينفعهم إيمانهم حين رأوا شدة عذابنا، سَنَّ الله سنة قد سبقت فى عباده: ألا يقبل الإيمان حين نزول العذاب، وخسر وقت نزول العذاب الكافرون.