ﰡ
المسألة السابعة والثلاثون : في خلق أفعال العباد.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن جميع أفعال العباد مخلوقة، قد خلقها الله عز وجل في الفاعلين لها، وأنه لا خالق سواه سبحانه وتعالى.
قال ابن حزم : اختلفوا في خلق الله عز وجل لأفعال عباده، فذهب أهل السنة كلهم، وكل من قال بالاستطاعة مع الفعل إلى أن جميع أفعال العباد مخلوقة، قد خلقها الله عز وجل في الفاعلين لها.
والبرهان على صحة قول من قال : إن الله تعالى خلق أفعال العباد كلها، نصوص من القرآن، وبراهين ضرورية منتجة من بديهة العقل والحواس، لا يغيب عنها إلا جاهل، وبالله تعالى التوفيق.
فمن النصوص : قول الله عز وجل :﴿ هل من خالق غير الله ﴾١ هذا كاف لمن عقل واتقى ربه.
وقوله تعالى :﴿ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء ﴾٢
وهذا بيان جلي أن الخلق كله جواهر وأعراض، ولا شك في أنه لا يفعل الجواهر أحد إلا الله تعالى، وإنما يفعلها الله تعالى وحده، فلم يبق الأعراض، فلو كان الله تعالى خالقا لبعض الأعراض، ويكون الناس خالقين لبعضها، لكانوا شركاء في الخلق، ولكانوا قد خلقوا كخلقه، خلق أعراضا وخلقوا أعراضا، وهذا تكذيب لله تعالى، ورد للقرآن مجرد، فصح أنه لا يخلق شيئا غير الله تعالى وحده.
والخلق : هو الاختراع، فالله تعالى مخترع لأعراضنا كسائر الأعراض، ولا فرق. ٣ اه
٢ الرعد (١٦)..
٣ الفصل ٣/٨١-٨٥. باختصار..
المسألة الثامنة والثلاثون : في الإيمان بالملائكة.
ذهب ابن حزم – رحمه الله – إلى وجوب الإيمان بالملائكة، وأنهم حق.
قال ابن حزم : وأن الملائكة حق، وهم خلق من خلق الله عز وجل، مكرمون كلهم، رسل الله، قال الله تعالى :﴿ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ﴾
وقال تعالى :﴿ بل عباد مكرمون ﴾١ وقال تعالى :﴿ جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة ﴾٢ ٣
٢ فاطر (١)..
٣ المحلى (١/٩٦)..
المسألة التاسعة والثلاثون : في المعجزات.
ذهب ابن حزم – رحمه الله تعالى – إلى أن الإتيان بالمعجزات خاص بأنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، وأن العادة لا تخرق لمن سواهم.
قال ابن حزم : وأن المعجزات لا يأتي بها أحد إلا الأنبياء عليهم السلام.
قال عز وجل :﴿ وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ﴾ وقال تعالى :﴿ وإن يروا آية يعرضوا ويقولووا سحر مستمر ﴾١ وقال تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام أنه :﴿ قال أولو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه ﴾٢ وقال تعالى :﴿ فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه ﴾٣
فصح أنه لو أمكن أن يأتي أحد، ساحر أو غيره، بما يحيل طبيعة، أو يقلب نوعا لما سمى تعالى ما يأتي به الأنبياء عليهم السلام برهانا لهم ولا آية لهم، ولا أنكر على من سمى ذلك سحرا، ولا يكون ذلك آية لهم عليهم السلام. ٤ اه
وقال أيضا : ولا يجوز البتة وجود معجزة، وإحالة طبيعة لغير نبي أصلا، ولو كان ذلك لما كان بين النبي وغير النبي فرق.
والتحدي لا معنى له ؛ لأن الله تعالى لم يخبر باشتراطه، ولا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل : إن المعجزة إذا ظهرت من رجل فاضل فإنما هي للنبي صلى الله عليه وسلم، كالتي ظهرت في حياته عليه السلام.
قلنا : ليس كذلك ؛ لأنه لا يكون الفاضل أحق بها من الفاسق من المسلمين. ٥
٢ الشعراء (٣٠-٣٢)..
٣ القصص (٣٢)..
٤ المحلى (١/١٠٩)..
٥ الدرة فيما يجب اعتقاده ص (١٩٥، ١٩٤).