تفسير سورة سورة الأنعام من كتاب معالم التنزيل
المعروف بـتفسير البغوي
.
لمؤلفه
البغوي
.
المتوفي سنة 516 هـ
مكية، وهي مائة وخمس وستون آية، نزلت بمكة جملة، ليلاً معها سبعون ألف ملك، قد سدوا ما بين الخافقين، لهم زجل بالتسبيح والتحميد والتمجيد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :( سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، وخر ساجداً ). وروي مرفوعاً :( من قرأ سورة الأنعام يصلي عليه أولئك السبعون ألف ملك ليله ونهاره ). وقال الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما :" نزلت سورة الأنعام بمكة، إلا قوله :﴿ وما قدروا الله حق قدره ﴾ إلى آخر ثلاث آيات ؛ وقوله تعالى :﴿ قل تعالوا ﴾ إلى قوله :﴿ لعلكم تتقون ﴾، فهذه الست آيات مدنيات ".
ﰡ
سُورَةُ الْأَنْعَامِ
مَكِّيَّةٌ، وَهِيَ مِائَةٌ وَخَمْسٌ وَسِتُّونَ آيَةً، نَزَلَتْ بِمَكَّةَ [جُمْلَةً] (١) لَيْلًا مَعَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ قَدْ سَدُّوا مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَخَرَّ سَاجِدًا" (٢).
وَرُوِيَ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْأَنْعَامِ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُولَئِكَ السَّبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ" (٣).
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ، إِلَّا قَوْلَهُ: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ"، إِلَى آخِرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ"، إِلَى قَوْلِهِ: "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، فَهَذِهِ السِّتُّ آيَاتٍ مَدَنِيَّاتٌ (٤).
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) ﴾
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: هَذِهِ الْآيَةُ أَوَّلُ آيَةٍ فِي التَّوْرَاةِ، وَآخِرُ آيَةٍ فِي التَّوْرَاةِ، قَوْلُهُ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا" الْآيَةَ (الْإِسْرَاءِ-١١١).
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: افْتَتَحَ اللَّهُ الْخَلْقَ بِالْحَمْدِ، فَقَالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ)، وَخَتَمَهُ بِالْحَمْدِ فَقَالَ: (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ)، أَيْ: بَيْنَ الْخَلَائِقِ، (وَقِيلَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الزُّمَرِ-٧٥].
مَكِّيَّةٌ، وَهِيَ مِائَةٌ وَخَمْسٌ وَسِتُّونَ آيَةً، نَزَلَتْ بِمَكَّةَ [جُمْلَةً] (١) لَيْلًا مَعَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ قَدْ سَدُّوا مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَخَرَّ سَاجِدًا" (٢).
وَرُوِيَ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْأَنْعَامِ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُولَئِكَ السَّبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ" (٣).
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ، إِلَّا قَوْلَهُ: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ"، إِلَى آخِرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ"، إِلَى قَوْلِهِ: "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، فَهَذِهِ السِّتُّ آيَاتٍ مَدَنِيَّاتٌ (٤).
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) ﴾
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: هَذِهِ الْآيَةُ أَوَّلُ آيَةٍ فِي التَّوْرَاةِ، وَآخِرُ آيَةٍ فِي التَّوْرَاةِ، قَوْلُهُ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا" الْآيَةَ (الْإِسْرَاءِ-١١١).
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: افْتَتَحَ اللَّهُ الْخَلْقَ بِالْحَمْدِ، فَقَالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ)، وَخَتَمَهُ بِالْحَمْدِ فَقَالَ: (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ)، أَيْ: بَيْنَ الْخَلَائِقِ، (وَقِيلَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الزُّمَرِ-٧٥].
(١) ساقط من "ب".
(٢) انظر: الدر المنثور: ٣ / ٢٤٣-٢٤٤.
(٣) أخرجه الثعلبي من حديث أبي بن كعب. وفيه: أبو عصمة، وهو متهم بالكذب. وأوله عند الطبراني في الصغير.. وفيه: يوسف بن عطية وهو ضعيف، وعنه أخرجه ابن مردويه في التفسير، وأبو نعيم في الحلية. انظر: الكافي الشاف لابن حجر ص (٦٣)، الدر المنثور: ٣ / ٢٤٦.
(٤) أخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ عن ابن عباس. الدر المنثور: ٣ / ٢٤٤.
(٢) انظر: الدر المنثور: ٣ / ٢٤٣-٢٤٤.
(٣) أخرجه الثعلبي من حديث أبي بن كعب. وفيه: أبو عصمة، وهو متهم بالكذب. وأوله عند الطبراني في الصغير.. وفيه: يوسف بن عطية وهو ضعيف، وعنه أخرجه ابن مردويه في التفسير، وأبو نعيم في الحلية. انظر: الكافي الشاف لابن حجر ص (٦٣)، الدر المنثور: ٣ / ٢٤٦.
(٤) أخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ عن ابن عباس. الدر المنثور: ٣ / ٢٤٤.
قَوْلُهُ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ" حَمَدَ اللَّهُ نَفْسَهُ تَعْلِيمًا لِعِبَادِهِ، أَيِ: احْمِدُوا اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمَا أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ فِيمَا يَرَى الْعِبَادُ، وَفِيهِمَا الْعِبَرُ وَالْمَنَافِعُ لِلْعِبَادِ، ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ وَالْجَعْلُ بِمَعْنَى الْخَلْقِ، قَالَ الْوَاقِدَيُّ: كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ فَهُوَ الْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ، إِلَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ بِهِمَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ يَعْنِي الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالظُّلُمَاتِ الْجَهْلَ وَبِالنُّورِ الْعِلْمَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي الْجَنَّةَ وَالنَّارَ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَقَدْ جَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ، لِأَنَّهُ خَلَقَ الظُّلْمَةَ وَالنُّورَ قَبْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.
قَالَ قَتَادَةُ: خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ قَبْلَ الْأَرْضِ، وَالظُّلْمَةَ قَبْلَ النُّورِ، وَالْجَنَّةَ قَبْلَ النَّارِ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ فَى ظُلْمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ" (١).
﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ أَيْ: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، أَيْ: يُشْرِكُونَ، وَأَصْلُهُ مِنْ مُسَاوَاةِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ، وَمِنْهُ الْعَدْلُ، أَيْ: يَعْدِلُونَ بِاللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى، يُقَالُ: عَدَلْتُ هَذَا بِهَذَا إِذَا سَاوَيْتُهُ، وَبِهِ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ، أَيْ: عَنْ رَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، أَيْ يَمِيلُونَ وَيَنْحَرِفُونَ مِنَ الْعُدُولِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) أَيْ: مِنْهَا.
وَقِيلَ: تَحْتَ قَوْلِهِ "ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ" مَعْنًى لَطِيفٌ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ: أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ بِكَذَا وَتَفَضَّلْتُ عَلَيْكُمْ بِكَذَا، ثُمَّ تَكْفُرُونَ بِنِعْمَتِي.
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (٣) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾ يَعْنِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، خَاطَبَهُمْ بِهِ إِذْ كَانُوا مِنْ
وَقَالَ الْحَسَنُ: وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ يَعْنِي الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالظُّلُمَاتِ الْجَهْلَ وَبِالنُّورِ الْعِلْمَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي الْجَنَّةَ وَالنَّارَ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَقَدْ جَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ، لِأَنَّهُ خَلَقَ الظُّلْمَةَ وَالنُّورَ قَبْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.
قَالَ قَتَادَةُ: خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ قَبْلَ الْأَرْضِ، وَالظُّلْمَةَ قَبْلَ النُّورِ، وَالْجَنَّةَ قَبْلَ النَّارِ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ فَى ظُلْمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ" (١).
﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ أَيْ: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، أَيْ: يُشْرِكُونَ، وَأَصْلُهُ مِنْ مُسَاوَاةِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ، وَمِنْهُ الْعَدْلُ، أَيْ: يَعْدِلُونَ بِاللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى، يُقَالُ: عَدَلْتُ هَذَا بِهَذَا إِذَا سَاوَيْتُهُ، وَبِهِ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ، أَيْ: عَنْ رَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، أَيْ يَمِيلُونَ وَيَنْحَرِفُونَ مِنَ الْعُدُولِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) أَيْ: مِنْهَا.
وَقِيلَ: تَحْتَ قَوْلِهِ "ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ" مَعْنًى لَطِيفٌ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ: أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ بِكَذَا وَتَفَضَّلْتُ عَلَيْكُمْ بِكَذَا، ثُمَّ تَكْفُرُونَ بِنِعْمَتِي.
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (٣) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾ يَعْنِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، خَاطَبَهُمْ بِهِ إِذْ كَانُوا مِنْ
(١) أخرجه الترمذي في الإيمان، باب افتراق هذه الأمة: ٧ / ٤٠١، وقال: هذا حديث حسن. وصححه ابن حبان ص (٤٤٩) والحاكم: ١ / ٣٠، ٣١. وأخرجه الإمام أحمد: ٢ / ١٧٦، ١٩٧. قال الهيثمي: رواه أحمد بإسنادين، والبزار والطبراني، ورجال أحد إسنادي أحمد ثقات. مجمع الزوائد: ٧ / ١٩٤. وذكره الخطيب في مشكاة المصابيح: ١ / ٣٧ وصححه الألباني.
126
وَلَدِهِ. قَالَ السُّدِّيُّ: بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطَائِفَةٍ مِنْهَا، فَقَالَتِ الْأَرْضُ إِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ أَنْ تُنْقِصَ مِنِّي، فَرَجَعَ جِبْرِيلُ وَلَمْ يَأْخُذْ وَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّهَا عَاذَتْ بِكَ، فَبَعَثَ مِيكَائِيلَ، فَاسْتَعَاذَتْ فَرَجَعَ، فَبَعَثَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَعَاذَتْ مِنْهُ بِاللَّهِ، فَقَالَ: وَأَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُخَالِفَ أَمْرَهُ، فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ فَخَلَطَ الْحَمْرَاءَ وَالسَّوْدَاءَ وَالْبَيْضَاءَ، فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُ بَنِي آدَمَ، ثُمَّ عَجَنَهَا بِالْمَاءِ الْعَذْبِ وَالْمِلْحِ وَالْمُرِّ، فَلِذَا اخْتَلَفَتْ أَخْلَاقُهُمْ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَكِ الْمَوْتِ: رَحِمَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ الْأَرْضَ وَلَمْ تَرْحَمْهَا، لَا جَرَمَ أَجْعَلُ أَرْوَاحَ مَنْ أَخْلُقُ مِنْ هَذَا الطِّينِ بِيَدِكَ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ تُرَابٍ وَجَعَلَهُ طِينًا، ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى كَانَ حَمَأً مَسْنُونًا ثُمَّ خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ صَلْصَالًا كَالْفَخَّارِ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ رُوحَهُ" (١).
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: الْأَجَلُ الْأَوَّلُ مِنَ الْوِلَادَةِ إِلَى الْمَوْتِ، وَالْأَجَلُ الثَّانِي مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْبَعْثِ، وَهُوَ الْبَرْزَخُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: لِكُلِّ أَحَدٍ أَجَلَانِ أَجْلٌ إِلَى الْمَوْتِ وَأَجَلٌ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْبَعْثِ، فَإِنْ كَانَ بَرًّا تَقِيًّا وَصُولًا لِلرَّحِمِ زِيدَ لَهُ مِنْ أَجَلِ الْبَعْثِ فِي أَجَلِ الْعُمْرِ، وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا قَاطِعًا لِلرَّحِمِ نَقُصَ مِنْ أَجَلِ الْعُمْرِ وَزِيدَ فِي أَجَلِ الْبَعْثِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْأَجَلُ الْأَوَّلُ أَجَلُ الدُّنْيَا، وَالْأَجَلُ الثَّانِي أَجَلُ الْآخِرَةِ، وَقَالَ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ يَعْنِي: النَّوْمَ تُقْبَضُ فِيهِ الرُّوحُ ثُمَّ تَرْجِعُ عِنْدَ الْيَقَظَةِ، ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ يَعْنِي: أَجْلَ الْمَوْتِ، وَقِيلَ: هُمَا وَاحِدٌ مَعْنَاهُ: [ثُمَّ قَضَى أَجَلًا] (٢) يَعْنِي: جُعِلَ لِأَعْمَارِكُمْ مُدَّةً تَنْتَهُونَ إِلَيْهَا، "وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ" يَعْنِي: وَهُوَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ، لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ تَشُكُّونَ فِي الْبَعْثِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ﴾ يَعْنِي: وَهُوَ إِلَهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَقَوْلِهِ: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ)، وَقِيلَ: هُوَ الْمَعْبُودُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: مَعْنَاهُ هُوَ فِي السَّمَوَاتِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ فِي الْأَرْضِ، [وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ: وَهُوَ اللَّهُ، ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ] (٣) ﴿وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ تَعْمَلُونَ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ تُرَابٍ وَجَعَلَهُ طِينًا، ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى كَانَ حَمَأً مَسْنُونًا ثُمَّ خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ صَلْصَالًا كَالْفَخَّارِ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ رُوحَهُ" (١).
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: الْأَجَلُ الْأَوَّلُ مِنَ الْوِلَادَةِ إِلَى الْمَوْتِ، وَالْأَجَلُ الثَّانِي مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْبَعْثِ، وَهُوَ الْبَرْزَخُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: لِكُلِّ أَحَدٍ أَجَلَانِ أَجْلٌ إِلَى الْمَوْتِ وَأَجَلٌ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْبَعْثِ، فَإِنْ كَانَ بَرًّا تَقِيًّا وَصُولًا لِلرَّحِمِ زِيدَ لَهُ مِنْ أَجَلِ الْبَعْثِ فِي أَجَلِ الْعُمْرِ، وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا قَاطِعًا لِلرَّحِمِ نَقُصَ مِنْ أَجَلِ الْعُمْرِ وَزِيدَ فِي أَجَلِ الْبَعْثِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْأَجَلُ الْأَوَّلُ أَجَلُ الدُّنْيَا، وَالْأَجَلُ الثَّانِي أَجَلُ الْآخِرَةِ، وَقَالَ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ يَعْنِي: النَّوْمَ تُقْبَضُ فِيهِ الرُّوحُ ثُمَّ تَرْجِعُ عِنْدَ الْيَقَظَةِ، ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ يَعْنِي: أَجْلَ الْمَوْتِ، وَقِيلَ: هُمَا وَاحِدٌ مَعْنَاهُ: [ثُمَّ قَضَى أَجَلًا] (٢) يَعْنِي: جُعِلَ لِأَعْمَارِكُمْ مُدَّةً تَنْتَهُونَ إِلَيْهَا، "وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ" يَعْنِي: وَهُوَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ، لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ تَشُكُّونَ فِي الْبَعْثِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ﴾ يَعْنِي: وَهُوَ إِلَهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَقَوْلِهِ: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ)، وَقِيلَ: هُوَ الْمَعْبُودُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: مَعْنَاهُ هُوَ فِي السَّمَوَاتِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ فِي الْأَرْضِ، [وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ: وَهُوَ اللَّهُ، ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ﴾ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ] (٣) ﴿وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ تَعْمَلُونَ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.
(١) رواه أبو يعلى، وفيه إسماعيل بن رافع، قال البخاري: ثقة مقارب الحديث، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد: ٨ / ١٩٧.
(٢) زيادة من "ب".
(٣) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٢) زيادة من "ب".
(٣) ما بين القوسين ساقط من "ب".
127
﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٥) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٦) وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) ﴾
﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ﴾ يَعْنِي: أَهْلَ مَكَّةَ، ﴿مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ مِثْلُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: يُرِيدُ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ، ﴿إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ لَهَا تَارِكِينَ بِهَا مُكَذِّبِينَ.
﴿فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ﴾ بِالْقُرْآنِ، وَقِيلَ: بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أَيْ: أَخْبَارُ اسْتِهْزَائِهِمْ وَجَزَاؤُهُ، أَيْ: سيعلمون عاقبة ١١٦أاسْتِهْزَائِهِمْ إِذَا عُذِّبُوا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ يَعْنِي: الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ، وَالْقَرْنُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَجَمْعُهُ قُرُونٌ، وَقِيلَ: الْقَرْنُ مُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ، يُقَالُ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: سِتُّونَ سَنَةً، وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: ثَلَاثُونَ سَنَةً، وَيُقَالُ: مِائَةُ سَنَةٍ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ: "إِنَّكَ تَعِيشُ قَرْنًا"، فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ (١)
فَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ مِنْ أَهْلِ قَرْنٍ، ﴿مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾ أَيْ: أَعْطَيْنَاهُمْ مَا لَمْ نُعْطِكُمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمْهَلْنَاهُمْ فِي الْعُمْرِ مِثْلَ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ، يُقَالُ: مَكَّنْتُهُ وَمَكَّنْتُ لَهُ، ﴿وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا﴾ يَعْنِي: الْمَطَرَ، مِفْعَالٌ، مِنَ الدَّرِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِدْرَارًا أَيْ: مُتَتَابِعًا فِي أَوْقَاتِ الْحَاجَاتِ، وَقَوْلُهُ: "مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ" مِنْ خِطَابِ التَّلْوِينِ، رَجَعَ مِنَ الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِهِ: "أَلَمْ يَرَوْا" إِلَى خِطَابٍ، كَقَوْلِهِ: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يُونُسَ، ٢٢].
وَقَالَ أَهْلُ الْبَصْرَةَ: أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ "أَلَمْ يَرَوْا" وَفِيهِمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ خَاطَبَهُمْ مَعَهُمْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ مَا أَكْرَمَهُ، وَقُلْتُ: لِعَبْدِ اللَّهِ مَا أَكْرَمَكَ، ﴿وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا﴾ خَلَقْنَا وَابْتَدَأْنَا، ﴿مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ﴾
﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ﴾ يَعْنِي: أَهْلَ مَكَّةَ، ﴿مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ مِثْلُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: يُرِيدُ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ، ﴿إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ لَهَا تَارِكِينَ بِهَا مُكَذِّبِينَ.
﴿فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ﴾ بِالْقُرْآنِ، وَقِيلَ: بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أَيْ: أَخْبَارُ اسْتِهْزَائِهِمْ وَجَزَاؤُهُ، أَيْ: سيعلمون عاقبة ١١٦أاسْتِهْزَائِهِمْ إِذَا عُذِّبُوا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ يَعْنِي: الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ، وَالْقَرْنُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَجَمْعُهُ قُرُونٌ، وَقِيلَ: الْقَرْنُ مُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ، يُقَالُ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: سِتُّونَ سَنَةً، وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: ثَلَاثُونَ سَنَةً، وَيُقَالُ: مِائَةُ سَنَةٍ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ: "إِنَّكَ تَعِيشُ قَرْنًا"، فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ (١)
فَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ مِنْ أَهْلِ قَرْنٍ، ﴿مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾ أَيْ: أَعْطَيْنَاهُمْ مَا لَمْ نُعْطِكُمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمْهَلْنَاهُمْ فِي الْعُمْرِ مِثْلَ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ، يُقَالُ: مَكَّنْتُهُ وَمَكَّنْتُ لَهُ، ﴿وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا﴾ يَعْنِي: الْمَطَرَ، مِفْعَالٌ، مِنَ الدَّرِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِدْرَارًا أَيْ: مُتَتَابِعًا فِي أَوْقَاتِ الْحَاجَاتِ، وَقَوْلُهُ: "مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ" مِنْ خِطَابِ التَّلْوِينِ، رَجَعَ مِنَ الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِهِ: "أَلَمْ يَرَوْا" إِلَى خِطَابٍ، كَقَوْلِهِ: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يُونُسَ، ٢٢].
وَقَالَ أَهْلُ الْبَصْرَةَ: أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ "أَلَمْ يَرَوْا" وَفِيهِمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ خَاطَبَهُمْ مَعَهُمْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ مَا أَكْرَمَهُ، وَقُلْتُ: لِعَبْدِ اللَّهِ مَا أَكْرَمَكَ، ﴿وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا﴾ خَلَقْنَا وَابْتَدَأْنَا، ﴿مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ﴾
(١) أخرجه البخاري في التاريخ الصغير، ص (٩٣)، وانظر: الإصابة: ٤ / ٢٣، أسد الغابة: ٣ / ١٢٥.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ﴾ الْآيَةَ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ (١) نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَنَوْفَلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ، قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَأْتِيَنَا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَأَنَّكَ رَسُولُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ﴾ مَكْتُوبًا مِنْ عِنْدِي، ﴿فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾ أَيْ: عَايَنُوهُ وَمَسُّوهُ بِأَيْدِيهِمْ، وَذَكَرَ اللَّمْسَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُعَايَنَةَ لِأَنَّ اللَّمْسَ أَبْلَغُ فِي إِيقَاعِ الْعِلْمِ مَنْ [الرُّؤْيَةِ] (٢) فَإِنَّ السِّحْرَ يَجْرِي عَلَى الْمَرْئِيِّ وَلَا يَجْرِي عَلَى الْمَلْمُوسِ، ﴿لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ مَعْنَاهُ: لَا يَنْفَعُ مَعَهُمْ شَيْءٌ لِمَا سَبَقَ فِيهِمْ مِنْ عِلْمِي.
﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (٨) ﴾
﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (٨) ﴾
(١) انظر: أسباب النزول ص (٢٤٦) : تفسير القرطبي: ٦ / ٣٩٣.
(٢) في "ب" (المعاينة).
(٢) في "ب" (المعاينة).
﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (٩) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١٠) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١) ﴾
﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ﴾ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ أَيْ: لَوَجَبَ الْعَذَابُ، وَفُرِغَ مِنَ الْأَمْرِ، وَهَذَا سُنَّةُ اللَّهِ فِي الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ مَتَى اقْتَرَحُوا آيَةً فَأُنْزِلَتْ ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنُوا اسْتُؤْصِلُوا بِالْعَذَابِ، ﴿ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ﴾ أَيْ: لَا يُؤَجَّلُونَ وَلَا يُمْهَلُونَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: لَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنُوا لَعُجِّلَ لَهُمُ الْعَذَابُ وَلَمْ يُؤَخَّرُوا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَقُضِيَ الْأَمْرُ أَيْ لَقَامَتِ الْقِيَامَةُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَوْ أَتَاهُمْ مَلَكٌ فَى صُورَتِهِ لَمَاتُوا.
﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا﴾ [يَعْنِي: لَوْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ مَلَكًا] (١) ﴿لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا﴾ يَعْنِي فِي صُورَةِ [رَجُلٍ] (٢) آدَمِيٍّ، لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ النَّظَرَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَجَاءَ الْمَلَكَانِ إِلَى دَاوُدَ فِي صُورَةِ رَجُلَيْنِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ أَيْ: خَلَطْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَخْلِطُونَ وَشَبَّهْنَا عَلَيْهِمْ فَلَا يَدْرُونَ أَمَلَكٌ هُوَ أَمْ آدَمِيٌّ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ شَبَّهُوا عَلَى ضُعَفَائِهِمْ فَشُبِّهَ عَلَيْهِمْ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ﴾ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ أَيْ: لَوَجَبَ الْعَذَابُ، وَفُرِغَ مِنَ الْأَمْرِ، وَهَذَا سُنَّةُ اللَّهِ فِي الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ مَتَى اقْتَرَحُوا آيَةً فَأُنْزِلَتْ ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنُوا اسْتُؤْصِلُوا بِالْعَذَابِ، ﴿ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ﴾ أَيْ: لَا يُؤَجَّلُونَ وَلَا يُمْهَلُونَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: لَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنُوا لَعُجِّلَ لَهُمُ الْعَذَابُ وَلَمْ يُؤَخَّرُوا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَقُضِيَ الْأَمْرُ أَيْ لَقَامَتِ الْقِيَامَةُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَوْ أَتَاهُمْ مَلَكٌ فَى صُورَتِهِ لَمَاتُوا.
﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا﴾ [يَعْنِي: لَوْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ مَلَكًا] (١) ﴿لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا﴾ يَعْنِي فِي صُورَةِ [رَجُلٍ] (٢) آدَمِيٍّ، لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ النَّظَرَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَجَاءَ الْمَلَكَانِ إِلَى دَاوُدَ فِي صُورَةِ رَجُلَيْنِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ أَيْ: خَلَطْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَخْلِطُونَ وَشَبَّهْنَا عَلَيْهِمْ فَلَا يَدْرُونَ أَمَلَكٌ هُوَ أَمْ آدَمِيٌّ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ شَبَّهُوا عَلَى ضُعَفَائِهِمْ فَشُبِّهَ عَلَيْهِمْ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
(١) زيادة من "ب".
(٢) زيادة من "ب".
(٢) زيادة من "ب".
عَنْهُمَا قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَحَرَّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، فَلَبَّسَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا لَبَّسُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ ﴿وَلَلَبَّسْنَا﴾ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى التَّكْرِيرِ وَالتَّأْكِيدِ.
﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ كَمَا اسْتُهْزِئَ بِكَ يَا مُحَمَّدُ يُعَزِّي نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿فَحَاقَ﴾ قَالَ الرَّبِيعُ [بْنُ أَنَسٍ] (١) فَنَزَلَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: حَلَّ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَحَاطَ، ﴿بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أَيْ: جَزَاءَ اسْتِهْزَائِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ وَالنِّقْمَةِ.
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ الْمُسْتَهْزِئِينَ، ﴿سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ مُعْتَبِرِينَ، يُحْتَمَلُ هَذَا: السَّيْرُ بِالْعُقُولِ وَالْفِكْرِ، وَيُحْتَمَلُ السَّيْرُ بِالْأَقْدَامِ، ﴿ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ أَيْ: آخِرُ أَمْرِهِمْ وَكَيْفَ أُورِثُهُمُ الْكُفْرَ وَالتَّكْذِيبَ الْهَلَاكَ، فَحَذَّرَ كُفَّارَ مَكَّةَ عَذَابَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ.
﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢) وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ فَإِنْ أَجَابُوكَ وَإِلَّا فَـ ﴿قُلْ﴾ أَنْتَ، ﴿لِلَّهِ﴾ أَمْرَهُ بِالْجَوَابِ عَقِيبَ السُّؤَالِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّأْثِيرِ وَآكَدَ فِي الْحُجَّةِ، ﴿كَتَبَ﴾ أَيْ: قَضَى، ﴿عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ هَذَا اسْتِعْطَافٌ منه تعالى للمؤمنين عَنْهُ إِلَى الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ وَإِخْبَارِهِ بِأَنَّهُ رَحِيمٌ بِالْعِبَادِ لَا يُعَجِّلُ بِالْعُقُوبَةِ، وَيَقْبَلُ الْإِنَابَةَ وَالتَّوْبَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادَيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ ثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي" (٢).
وَرَوَى أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "إِنَّ رَحْمَتِي [سَبَقَتْ] (٣) غَضَبِي (٤).
﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ كَمَا اسْتُهْزِئَ بِكَ يَا مُحَمَّدُ يُعَزِّي نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿فَحَاقَ﴾ قَالَ الرَّبِيعُ [بْنُ أَنَسٍ] (١) فَنَزَلَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: حَلَّ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَحَاطَ، ﴿بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أَيْ: جَزَاءَ اسْتِهْزَائِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ وَالنِّقْمَةِ.
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ الْمُسْتَهْزِئِينَ، ﴿سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ مُعْتَبِرِينَ، يُحْتَمَلُ هَذَا: السَّيْرُ بِالْعُقُولِ وَالْفِكْرِ، وَيُحْتَمَلُ السَّيْرُ بِالْأَقْدَامِ، ﴿ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ أَيْ: آخِرُ أَمْرِهِمْ وَكَيْفَ أُورِثُهُمُ الْكُفْرَ وَالتَّكْذِيبَ الْهَلَاكَ، فَحَذَّرَ كُفَّارَ مَكَّةَ عَذَابَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ.
﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢) وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ فَإِنْ أَجَابُوكَ وَإِلَّا فَـ ﴿قُلْ﴾ أَنْتَ، ﴿لِلَّهِ﴾ أَمْرَهُ بِالْجَوَابِ عَقِيبَ السُّؤَالِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّأْثِيرِ وَآكَدَ فِي الْحُجَّةِ، ﴿كَتَبَ﴾ أَيْ: قَضَى، ﴿عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ هَذَا اسْتِعْطَافٌ منه تعالى للمؤمنين عَنْهُ إِلَى الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ وَإِخْبَارِهِ بِأَنَّهُ رَحِيمٌ بِالْعِبَادِ لَا يُعَجِّلُ بِالْعُقُوبَةِ، وَيَقْبَلُ الْإِنَابَةَ وَالتَّوْبَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادَيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ ثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي" (٢).
وَرَوَى أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "إِنَّ رَحْمَتِي [سَبَقَتْ] (٣) غَضَبِي (٤).
(١) زيادة من (ب).
(٢) أخرجه البخاري في التوحيد، باب قوله تعالى "ويحذركم الله نفسه": ١٣ / ٣٨٤ وفي مواضع أخرى، ومسلم في التوبة باب في سعة رحمة الله، رقم (٢٧٥١) : ٤ / ٢١٠٧، والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ٣٧٦.
(٣) في "ب": (وسعت).
(٤) أخرجه البخاري في التوحيد، باب قول الله تعالى: "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين": ٣ / ٤٤٠.
(٢) أخرجه البخاري في التوحيد، باب قوله تعالى "ويحذركم الله نفسه": ١٣ / ٣٨٤ وفي مواضع أخرى، ومسلم في التوبة باب في سعة رحمة الله، رقم (٢٧٥١) : ٤ / ٢١٠٧، والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ٣٧٦.
(٣) في "ب": (وسعت).
(٤) أخرجه البخاري في التوحيد، باب قول الله تعالى: "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين": ٣ / ٤٤٠.
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْكُرْكَانِيُّ أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادَيُّ أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِلَّهِ رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَتَعَاطَفُ الْوُحُوشُ عَلَى أَوْلَادِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (١).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحَلَّبَ ثَدْيُهَا، تَسْعَى إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ فَقُلْنَا: لَا وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا" (٢).
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ اللَّامُ فِيهِ لَامُ الْقَسَمِ وَالنُّونُ نُونُ التَّأْكِيدِ مَجَازُهُ: وَاللَّهِ لَيَجْمَعَنَّكُمْ، ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ أَيْ: فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيَجْمَعَنَّكُمْ فِي قُبُورِكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا﴾ غَبِنُوا، ﴿أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾
﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ أَيِ: اسْتَقَرَّ، قِيلَ: أَرَادَ مَا سَكَنَ وَمَا تَحَرَّكَ، كَقَوْلِهِ: (سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أَيِ: الْحَرَّ وَالْبَرْدَ، وَقِيلَ: إِنَّمَا خَصَّ السُّكُونَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ النِّعْمَةَ فِيهِ أَكْثَرُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: كُلُّ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ فَهُوَ مِنْ سَاكِنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ جَمِيعُ مَا فِي الْأَرْضِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: مَا يَمُرُّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ﴾ لِأَصْوَاتِهِمْ، ﴿الْعَلِيمُ﴾ بِأَسْرَارِهِمْ.
﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) ﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا﴾ ؟ وَهَذَا حِينَ دعا إلى ١١٦/ب دِينِ آبَائِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: قُلْ يَا
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحَلَّبَ ثَدْيُهَا، تَسْعَى إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ فَقُلْنَا: لَا وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا" (٢).
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ اللَّامُ فِيهِ لَامُ الْقَسَمِ وَالنُّونُ نُونُ التَّأْكِيدِ مَجَازُهُ: وَاللَّهِ لَيَجْمَعَنَّكُمْ، ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ أَيْ: فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيَجْمَعَنَّكُمْ فِي قُبُورِكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا﴾ غَبِنُوا، ﴿أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾
﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ أَيِ: اسْتَقَرَّ، قِيلَ: أَرَادَ مَا سَكَنَ وَمَا تَحَرَّكَ، كَقَوْلِهِ: (سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أَيِ: الْحَرَّ وَالْبَرْدَ، وَقِيلَ: إِنَّمَا خَصَّ السُّكُونَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ النِّعْمَةَ فِيهِ أَكْثَرُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: كُلُّ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ فَهُوَ مِنْ سَاكِنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ جَمِيعُ مَا فِي الْأَرْضِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: مَا يَمُرُّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ﴾ لِأَصْوَاتِهِمْ، ﴿الْعَلِيمُ﴾ بِأَسْرَارِهِمْ.
﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) ﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا﴾ ؟ وَهَذَا حِينَ دعا إلى ١١٦/ب دِينِ آبَائِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: قُلْ يَا
(١) أخرجه البخاري في الأدب، باب جعل الله الرحمة في مائة جزء: ١٠ / ٤٣١، ومسلم في التوبة، في الموضع السابق (٢٧٥٢) : ٢١٠٨٤، والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ٣٧٧.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته: ١٠ / ٤٢٦-٤٢٧، ومسلم في التوبة في الموضع نفسه برقم (٢٧٥٤) : ٤ / ٢١٠٩، والمصنف: ١٤ / ٣٧٩.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته: ١٠ / ٤٢٦-٤٢٧، ومسلم في التوبة في الموضع نفسه برقم (٢٧٥٤) : ٤ / ٢١٠٩، والمصنف: ١٤ / ٣٧٩.
مُحَمَّدُ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا، [رَبًّا وَمَعْبُودًا وَنَاصِرًا وَمُعِينًا] (١) ؟ ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أَيْ: خَالِقِهِمَا وَمُبْدِعِهِمَا وَمُبْتَدِيهِمَا، ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ أَيْ: وَهُوَ يَرْزُقُ وَلَا يُرْزَقُ كَمَا قَالَ: (مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ). ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾ يَعْنِي: مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالْإِسْلَامُ بِمَعْنَى الْاسْتِسْلَامِ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَسْلَمَ أَخْلَصَ، ﴿وَلَا تَكُونَنَّ﴾ يَعْنِي: وَقِيلَ لِي وَلَا تَكُونَنَّ، ﴿مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾
﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) ﴾
﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ [فَعَبَدْتُ غَيْرَهُ] (٢) ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ يَعْنِي: عَذَابَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
﴿مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ﴾ يَعْنِي: مَنْ يُصْرَفِ الْعَذَابُ عَنْهُ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ " يَصْرِفُ " بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، أَيْ: مَنْ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنْهُ الْعَذَابَ، لِقَوْلِهِ: "فَقَدْ رَحِمَهُ" وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ أَيِ: النَّجَاةُ الْبَيِّنَةُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ﴾ بِشِدَّةٍ وَبَلِيَّةٍ، ﴿فَلَا كَاشِفَ لَهُ﴾ لَا رَافِعَ، ﴿إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ﴾ عَافِيَةٍ وَنِعْمَةٍ، ﴿فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ مِنَ الْخَيْرِ وَالضُّرِّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ الرَّمْلِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ أَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، [هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ] (٣) عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةٌ، أَهْدَاهَا لَهُ كِسْرَى فَرَكِبَهَا بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ، ثُمَّ أَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، ثُمَّ سَارَ بِي مَلِيًّا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا غُلَامُ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلَتْ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَقَدْ مَضَى الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ جَهِدَ الْخَلَائِقُ أَنْ يَنْفَعُوكَ بِمَا لَمْ يَقْضِهِ اللَّهُ
﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (١٦) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) ﴾
﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ [فَعَبَدْتُ غَيْرَهُ] (٢) ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ يَعْنِي: عَذَابَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
﴿مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ﴾ يَعْنِي: مَنْ يُصْرَفِ الْعَذَابُ عَنْهُ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ " يَصْرِفُ " بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، أَيْ: مَنْ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنْهُ الْعَذَابَ، لِقَوْلِهِ: "فَقَدْ رَحِمَهُ" وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ أَيِ: النَّجَاةُ الْبَيِّنَةُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ﴾ بِشِدَّةٍ وَبَلِيَّةٍ، ﴿فَلَا كَاشِفَ لَهُ﴾ لَا رَافِعَ، ﴿إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ﴾ عَافِيَةٍ وَنِعْمَةٍ، ﴿فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ مِنَ الْخَيْرِ وَالضُّرِّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ الرَّمْلِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ أَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، [هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ] (٣) عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةٌ، أَهْدَاهَا لَهُ كِسْرَى فَرَكِبَهَا بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ، ثُمَّ أَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، ثُمَّ سَارَ بِي مَلِيًّا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا غُلَامُ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلَتْ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَقَدْ مَضَى الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ جَهِدَ الْخَلَائِقُ أَنْ يَنْفَعُوكَ بِمَا لَمْ يَقْضِهِ اللَّهُ
(١) زيادة من "ب".
(٢) زيادة من "ب".
(٣) زيادة من "ب".
(٢) زيادة من "ب".
(٣) زيادة من "ب".
تَعَالَى لَكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ جَهِدُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِمَا لَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْكَ، مَا قَدِرُوا عَلَيْهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعْمَلَ بِالصَّبْرِ مَعَ الْيَقِينِ، فَافْعَلْ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَاصْبِرْ فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ مَعَ الْكَرْبِ الْفَرَجَ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (١).
﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) ﴾
﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) ﴾
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند من رواية حنش الصنعاني عن ابن عباس: ١ / ٣٠٧، والترمذي مختصرا في القيامة، باب حدثنا بشر بن هلال: ٧ / ٢١٩-٢٢٠، وقال: هذا حديث حسن صحيح. ومثله في المسند: ١ / ٢٩٣-٣٠٣. وعبد بن حميد في المنتخب ص (٢١٤) وذكره ابن الأثير في جامع الأصول كما في سياق المصنف وقال: هذا الحديث ذكره رزين، ولم أجده في واحد من الأصول الستة، إلا ما أخرجه الترمذي، وهذا لفظه، ثم ساق رواية الترمذي. انظر: جامع الأصول: ١١ / ٦٨٦. ورواه أيضا عبد بن حميد في مسنده بإسناد ضعيف، وعزاه ابن الصلاح في الأحاديث الكلية إلى عبد بن حميد وغيره، وقد روي هذا الحديث عن ابن عباس من طرق كثيرة... وطريق حنش التي خرجها الترمذي حسنة جيدة. انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب ص (١٧٤).
﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١) ﴾
﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ الْقَاهِرُ الْغَالِبُ، وَفِي الْقَهْرِ زِيَادَةُ مَعْنًى عَلَى الْقُدْرَةِ، وَهِيَ مَنْعُ غَيْرِهِ عَنْ بُلُوغِ الْمُرَادِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالتَّدْبِيرِ الَّذِي يُجْبِرُ الْخَلْقَ عَلَى مُرَادِهِ، فَوْقَ عِبَادِهِ هُوَ صِفَةُ الِاسْتِعْلَاءِ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ﴾ فِي أَمْرِهِ، ﴿الْخَبِيرُ﴾ بِأَعْمَالِ عِبَادِهِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾ ؟ الْآيَةَ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: أَتَى أَهْلُ مَكَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَرِنَا مَنْ يَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنَّا لَا نَرَى أَحَدًا يُصَدِّقُكَ، وَلَقَدْ سَأَلَنَا عَنْكَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَزَعَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لَكَ عِنْدَهُمْ ذِكْرٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ﴾ أَعْظَمُ، ﴿شَهَادَةً﴾ ؟ فَإِنْ أَجَابُوكَ، وَإِلَّا ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ هُوَ ﴿شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ عَلَى مَا أَقُولُ، وَيَشْهَدُ لِي بِالْحَقِّ وَعَلَيْكُمْ بِالْبَاطِلِ، ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ﴾ لِأُخَوِّفَكُمْ بِهِ يَا أَهْلَ مَكَّةَ، ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾ يَعْنِي: وَمَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ مِنَ الْعَجَمِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيِّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ
﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ الْقَاهِرُ الْغَالِبُ، وَفِي الْقَهْرِ زِيَادَةُ مَعْنًى عَلَى الْقُدْرَةِ، وَهِيَ مَنْعُ غَيْرِهِ عَنْ بُلُوغِ الْمُرَادِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالتَّدْبِيرِ الَّذِي يُجْبِرُ الْخَلْقَ عَلَى مُرَادِهِ، فَوْقَ عِبَادِهِ هُوَ صِفَةُ الِاسْتِعْلَاءِ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ﴾ فِي أَمْرِهِ، ﴿الْخَبِيرُ﴾ بِأَعْمَالِ عِبَادِهِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾ ؟ الْآيَةَ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: أَتَى أَهْلُ مَكَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَرِنَا مَنْ يَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنَّا لَا نَرَى أَحَدًا يُصَدِّقُكَ، وَلَقَدْ سَأَلَنَا عَنْكَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَزَعَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لَكَ عِنْدَهُمْ ذِكْرٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ﴾ أَعْظَمُ، ﴿شَهَادَةً﴾ ؟ فَإِنْ أَجَابُوكَ، وَإِلَّا ﴿قُلِ اللَّهُ﴾ هُوَ ﴿شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ عَلَى مَا أَقُولُ، وَيَشْهَدُ لِي بِالْحَقِّ وَعَلَيْكُمْ بِالْبَاطِلِ، ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ﴾ لِأُخَوِّفَكُمْ بِهِ يَا أَهْلَ مَكَّةَ، ﴿وَمَنْ بَلَغَ﴾ يَعْنِي: وَمَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ مِنَ الْعَجَمِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيِّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ
133
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بِشْرٍ النَّقَّاشُ أَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ أَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الضَّحَّاكِ الْبَابِلِيُّ أَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ [السَّلُولِيِّ] (١) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ متعمدا فليتبوأ معقده مِنَ النَّارِ" (٢).
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا وَأَدَّاهَا. فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالنَّصِيحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ" (٣).
قَالَ مُقَاتِلٌ: مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَهُوَ نَذِيرٌ لَهُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَكَأَنَّمَا رَأَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ مِنْهُ، أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونِ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى؟ وَلَمْ يَقُلْ أُخَرَ لِأَنَّ الْجَمْعَ يَلْحَقُهُ التَّأْنِيثُ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (الْأَعْرَافِ، ١٨٠)، وَقَالَ: (فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى). (طه، ٥١) ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّدُ إِنْ شَهِدْتُمْ أَنْتُمْ، فَـ ﴿لَا أَشْهَدُ﴾، أَنَا أَنَّ مَعَهُ إِلَهًا، ﴿قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾، يَعْنِي: التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾، يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ، ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾، مِنْ بَيْنِ الصِّبْيَانِ. ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾، غَبَنُوا أَنْفُسَهُمْ ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِكُلِّ آدَمِيٍّ مَنْزِلًا فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلًا فِي النَّارِ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مَنَازِلَ أَهْلِ النَّارِ فِي الْجَنَّةِ، وَلِأَهْلِ النَّارِ مَنَازِلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي النَّارِ، وَذَلِكَ الْخُسْرَانُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا وَأَدَّاهَا. فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالنَّصِيحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ" (٣).
قَالَ مُقَاتِلٌ: مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَهُوَ نَذِيرٌ لَهُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَكَأَنَّمَا رَأَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ مِنْهُ، أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونِ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى؟ وَلَمْ يَقُلْ أُخَرَ لِأَنَّ الْجَمْعَ يَلْحَقُهُ التَّأْنِيثُ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (الْأَعْرَافِ، ١٨٠)، وَقَالَ: (فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى). (طه، ٥١) ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّدُ إِنْ شَهِدْتُمْ أَنْتُمْ، فَـ ﴿لَا أَشْهَدُ﴾، أَنَا أَنَّ مَعَهُ إِلَهًا، ﴿قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾، يَعْنِي: التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾، يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ، ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾، مِنْ بَيْنِ الصِّبْيَانِ. ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾، غَبَنُوا أَنْفُسَهُمْ ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِكُلِّ آدَمِيٍّ مَنْزِلًا فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلًا فِي النَّارِ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مَنَازِلَ أَهْلِ النَّارِ فِي الْجَنَّةِ، وَلِأَهْلِ النَّارِ مَنَازِلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي النَّارِ، وَذَلِكَ الْخُسْرَانُ.
(١) في "ب": (السلوي).
(٢) أخرجه البخاري في الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل: ٦ / ٤٩٦، والمصنف في شرح السنة: ١ / ٢٤٣.
(٣) أخرجه الترمذي في العلم، باب الحث على تبليغ السماع، بنحوه، ٧ / ٤١٧-٤١٨ وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في المقدمة، باب من بلّغ علما، برقم (٢٣٦) : ١ / ٨٦، والدارمي في المقدمة، باب كراهية أخذ الرأي: ١ / ٧٥، والشافعي في كتاب العلم: ١ / ١٦، والإمام أحمد في المسند: ٣ / ٢٢٥ عن أنس، والمصنف في شرح السنة:
(٢) أخرجه البخاري في الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل: ٦ / ٤٩٦، والمصنف في شرح السنة: ١ / ٢٤٣.
(٣) أخرجه الترمذي في العلم، باب الحث على تبليغ السماع، بنحوه، ٧ / ٤١٧-٤١٨ وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في المقدمة، باب من بلّغ علما، برقم (٢٣٦) : ١ / ٨٦، والدارمي في المقدمة، باب كراهية أخذ الرأي: ١ / ٧٥، والشافعي في كتاب العلم: ١ / ١٦، والإمام أحمد في المسند: ٣ / ٢٢٥ عن أنس، والمصنف في شرح السنة: