ﰡ
قوله: (ونصبه على الحال) أي من الضمير في المرسلات، والمعنى: حال كونها مشابهة لعرف الفرس، من حيث تتابعها وتلاحقها، فالعرف بالضم شعر عنق الفرس، والمعرفة كمرملة موضع العرف من الفرس. قوله: ﴿ فَٱلْعَاصِفَاتِ ﴾ من العطف وهو الشدة، فهو مرتب على قوله: ﴿ ٱلْمُرْسَلاَتِ ﴾ الذي هو ريح العذاب. قوله: (تنشر المطر) أي تفرقه حيث شاء الله تعالى. قوله: (أو الرسل) هذا تفسير ثان للملقيات. قوله: (أي للإعذار) الخ، أشار بذلك إلى أن ﴿ عُذْراً أَوْ نُذْراً ﴾ مفعولان لأجله، والمعلل بهما هو الملقيات، والمراد بالإعذار إزالة أعذار الخلائق، وبالإنذار التخويف. قوله: (وفي قراءة بضم ذال نذراً) أي وهما سبعيتان، وقوله: (وقرئ) هذه القراءة ليعقوب من العشرة، والحاصل أن الضم في ﴿ عُذْراً ﴾ و ﴿ نُذْراً ﴾ على أنهما جمعان لعذير بمعنى المعذرة، ونذير بمعنى الإنذار، أو بمعنى العاذر أو المنذر، والسكون على أنهما مصدران. قوله: ﴿ إِنَّمَا تُوعَدُونَ ﴾ الخ، جواب القسم، وما بمعنى الذي، والعائد محذوف، أي إن الذي توعدونه.
﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ ظرف لويل، وكررت هذه الجملة في هذه السورة عشر مرات، لمزيد الترغيب والترهيب، والمراد بالويل قيل العذاب والخزي، وقيل واد في جهنم فيه ألوان العذاب، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:" عرضت علي جهنم، فلم أر فيها وادياً اعظم من الويل ". وقيل إنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم.
قوله: ﴿ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ ﴾ العامة على رفع العين استئنافاً أو معطوفاً على جلمة ﴿ أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ ﴾ وليس معطوفاً على الفعل، والاستفهام مسلط عليه، لأنه يقضي أن المعنى: أهلكنا الأولين، ثم أتبعناهم الآخرين في الهلاك، وليس كذلك، لأن هلاك الآخرين لم يحصل حينئذ، وقرئ شذوذاً بتسكين العين، إما تحفيفاً والجملة مستأنفة أو معطوفة على المجزوم، ويكون المراد بالأولين: قوم نوح وعاد وثمود، وبالآخرين: قوم شعيب ولوط وموسى، وحينئذ فالمراد بالمجرمين، كفار أمة محمد عليه السلام. قوله: (فنهلكهم) أي في الدنيا كوقعة بدر.
قوله: (حيلة) تسميتها كيداً بهم. قوله: ﴿ فَكِيدُونِ ﴾ أي فاحتالوا لأنفسكم وقاووني فلم تجدوا مفراً.
قوله: (ويقال لهم) أي من قبل الله، أو القائل لهم الملائكة إكراماً لهم. قوله: (كما جزينا المتقين) أي بالظلال والعيون والفواكه نجزي المحسنين. إن قلت: لا مغايرة بين المتقين المحسنين، ففيه تشبيه الشيء بنفسه. والجواب: أن يراد بالمتقين الكاملون في الطاعة، وبالمحسنين من عندهم أصل الإيمان، ويصير المعنى: إن هذا الجزاء كما هو ثابت للكاملين في الطاعة، ثابت لمن كان عنده أصل الإيمان، فالمماثلة في الأوصاف التي ذكرت في تلك الآية، لا في المراتب والدرجات فتدبر. قوله: (ومن الزمان) أي فقليلاً منصوب على الظرفية. قوله: (وغايته إلى الموت) أي فهو مدة العمر، قال بعض العلماء: التمتع في الدنيا من أفعال الكافرين، والسعي لها من أفعال الظالمين، والاطمئنان إليها من أفعال الكاذبين، والسكون فيها على حد الأذن، والأخذ منها على قدر الحاجة من أفعال عوام المؤمنين، والأعراض عنها من أفعال الزاهدين، وأهل الحقيقة أجل خطراً من أن يؤثر فيهم حب الدنيا وبغضها وجمعها وتركها.