ﰡ
- ٢ - فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً
- ٣ - وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً
- ٤ - فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً
- ٥ - فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً
- ٦ - عُذْراً أَوْ نُذْراً
- ٧ - إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ
- ٨ - فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ
- ٩ - وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ
- ١٠ - وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ
- ١١ - وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ
- ١٢ - لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ
- ١٣ - لِيَوْمِ الْفَصْلِ
- ١٤ - وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الفصل
- ١٥ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ للمكذبين
روى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة ﴿والرسلات عُرفاً﴾ قال: هي الملائكة (وهو قول مسروق وأبي الضحى والسدي والربيع بن أنَس)، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ الرسل. وقال الثوري، عن أبي العبدين قال: سألت ابن مسعود عن المرسلات عُرفاً، قال: الريح: وكذا قال في: ﴿العاصفات عَصْفاً وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً﴾ إِنَّهَا الرِّيحُ، وَكَذَا قَالَ ابن عباس ومجاهد وقتادة، وتوقف ابن جرير في: ﴿المرسلات عُرْفاً﴾ هَلْ هِيَ الْمَلَائِكَةُ إِذَا أُرْسِلَتْ بِالْعُرْفِ، أَوْ كَعُرْفِ الْفَرَسِ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ هي
- ١٧ - ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ
- ١٨ - كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ
- ١٩ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
- ٢٠ - أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَاءٍ مَهِينٍ
- ٢١ - فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ
- ٢٢ - إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ
- ٢٣ - فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ
- ٢٤ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
- ٢٥ - أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً
- ٢٦ - أَحْيَآءً وَأَمْواتاً
- ٢٧ - وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً
- ٢٨ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
يَقُولُ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الأولين﴾ يعني الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ الْمُخَالِفِينَ لِمَا جَاءُوهُمْ بِهِ، ﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ﴾ أَيْ مِمَّنْ أَشْبَهَهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ تعالى: ﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بالمجرمين * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾، ثم قال تعالى مُمْتَنًّا عَلَى خَلْقِهِ وَمُحْتَجًّا عَلَى الْإِعَادَةِ بِالْبُدَاءَةِ: ﴿أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ﴾ أَيْ ضَعِيفٍ حقير بالنسبة إلى قدرة الباري عزَّ وجلَّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ يس: «ابْنَ آدَمَ أنَّى تُعْجِزُنِي، وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مثل هذه؟» (أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه). {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ
- ٣٠ - انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ
- ٣١ - لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ
- ٣٢ - إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ
- ٣٣ - كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ
- ٣٤ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
- ٣٥ - هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ
- ٣٦ - وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ
- ٣٧ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
- ٣٨ - هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ
- ٣٩ - فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ
- ٤٠ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
يقول تعالى مخبراً عن الكفار المكذبين بالمعاد والجزاء أَنَّهُمْ يُقال لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ﴾ يَعْنِي لَهَبُ النَّارِ إِذَا ارْتَفَعَ وَصَعِدَ مَعَهُ دُخَانٌ، فَمِنْ شِدَّتِهِ وَقُوَّتِهِ أَنَّ لَهُ ثَلَاثِ شُعَبٍ، ﴿لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾ أَيْ ظِلُّ الدُّخَانِ الْمُقَابِلُ لِلَّهَبِ لَا ظَلِيلٌ هُوَ فِي نَفْسِهِ ﴿وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾ يَعْنِي وَلَا يَقِيهِمْ حَرَّ اللهب، وقوله تعالى: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ أَيْ يَتَطَايَرُ الشَّرَرُ مِنْ لَهَبِهَا كَالْقَصْرِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كَالْحُصُونِ، وقال ابن عباس ومجاهد: يَعْنِي أُصول الشَّجَرِ ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ﴾ أَيْ كالإبل السود، قاله مجاهد والحسن واختاره ابن جرير، وعن ابن عباس ﴿جمالة صُفْرٌ﴾ يعني حبال السفن، وعنه ﴿جمالة صُفْرٌ﴾: قطع نحاس، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ: قَالَ: سَمِعْتُ ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ قَالَ: كُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْخَشَبَةِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ، وَفَوْقَ ذَلِكَ فَنَرْفَعُهُ للبناء، فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ﴾ حِبَالُ السُّفُنِ تجمع حتى تكون كأوساط الرجال (أخرجه البخاري) ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ﴾ أَيْ لَا يَتَكَلَّمُونَ، ﴿وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ أَيْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْكَلَامِ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فِيهِ لِيَعْتَذِرُوا بَلْ قَدْ قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ، وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ، وَعَرَصَاتُ الْقِيَامَةِ حَالَاتٌ، وَالرَّبُّ تَعَالَى يُخْبِرُ عَنْ هَذِهِ الْحَالَةِ تارة وعن هذه الحال تَارَةً، لِيَدُلَّ عَلَى شِدَّةِ الْأَهْوَالِ وَالزَّلَازِلِ يومئذٍ، وَلِهَذَا يَقُولُ بَعْدَ كُلِّ فَصْلٍ مِنْ هَذَا الكلام ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ * فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ﴾ وَهَذِهِ مُخَاطَبَةٌ مِنَ الْخَالِقِ تعالى لِعِبَادِهِ يَقُولُ لَهُمْ: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ﴾ يَعْنِي أَنَّهُ جَمَعَهُمْ بِقُدْرَتِهِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وقوله تعالى:
- ٤٢ - وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ
- ٤٣ - كُلُواْ وَاشْرَبُوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
- ٤٤ - إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
- ٤٥ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
- ٤٦ - كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ
- ٤٧ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
- ٤٨ - وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لاَ يَرْكَعُونَ
- ٤٩ - وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
- ٥٠ - فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ
يقول تعالى مخبراً عن عبادة المتقين، إِنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُونَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ أَيْ بِخِلَافِ مَا أُولَئِكَ الْأَشْقِيَاءُ فِيهِ مِنْ ظل اليحموم وهو الدخان الأسود المنتن، وقوله تعالى: ﴿وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ أي ومن سَائِرِ أَنْوَاعِ الثِّمَارِ مَهْمَا طَلَبُوا وَجَدُوا، ﴿كُلُواْ وَاشْرَبُوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أَيْ يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ قال تعالى: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين﴾ أي هذا جزاؤنا لِمَنْ أَحْسَنَ الْعَمَلَ، ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾، وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ﴾ خِطَابٌ لِلْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ، وَأَمَرَهُمْ أَمْرَ تَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ، فَقَالَ تَعَالَى ﴿كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً﴾ أَيْ مُدَّةً قَلِيلَةً قَرِيبَةً قَصِيرَةً، ﴿إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ﴾ أَيْ ثُمَّ تُسَاقُونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لاَ يَرْكَعُونَ﴾ أَيْ إِذَا أَمَرَ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةَ مِنَ الْكُفَّارِ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمَصَلِّينِ مَعَ الْجَمَاعَةِ امْتَنَعُوا مِنْ ذلك واستكبروا عنه ولهذا قال تعالى: ﴿ويل يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾، ثم قال تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾؟ أَيْ إِذَا لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَبِأَيِّ كَلَامٍ يُؤْمِنُونَ بِهِ؟ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾؟ روي عن أبي هريرة: «إِذَا قَرَأَ ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرفاً﴾ فَقَرَأَ ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾؟ فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِمَا أَنْزَلَ» (أخرجه ابن أبي حاتم).