تفسير سورة التكاثر

جامع البيان في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة التكاثر من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن .
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة التكاثر مكية
وهي ثماني آيات.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ ألهاكم ﴾ : شغلكم، ﴿ التكاثر ﴾ : المباهات بكثرة الأموال والأولاد عن طلب الآخرة.
﴿ حتى زرتم المقابر ﴾ أي : تمادى بكم إلى أن متم، وقبرتم، وفي الحديث :" حتى زرتم١ المقابر : حتى يأتيكم الموت "، وفي الترمذي عن علي رضي الله عنه " مازلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت﴿ ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ﴾٢ وعن عمر بن عبد العزيز حين قرأ ذلك قال : ما أدري المقابر إلا زيارة، وما للزائر إلا أن يرجع إلى منزله إلى جنة أو نار٣، وعن بعض معناه : تكاثرتم بالأحياء، حين قلتم : نحن أكثر عددا وخدما وعشيرة، حتى إذا استوعبتم عددهم، صرتم إلى المقابر فتكاثرتم بالأموات، بأن قلتم : هؤلاء قبور خدمنا، وعشائرنا، وأقاربنا.
١ ذكره ابن أبي حاتم/١٢ منه..
٢ ضعفه الشيخ الألباني في "ضعيف الترمذي"..
٣ أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٩٤٥٥).
﴿ كلا ﴾، ردع عن الاشتغال بما يضره عما ينفعه، ﴿ سوف تعلمون ﴾ خطأ ما أنتم عليه.
﴿ ثم كلا سوف تعلمون ﴾، تكرير للتأكيد، وثم للدلالة على أن التالي١ أبلغ.
١ أي: من الأول أشد، كما تقول للمنصوح: أقول لك لا تغفل/١٢ منه..
﴿ كلا لو تعلمون ﴾، ما سترجعون إليه، ﴿ علم اليقين ﴾ : علما يقينا، من غير تذبذب، لما ألهاكم شيء عن طلب الآخرة، فجواب " لو " محذوف١.
١ ولا يجوز أن يكون هو جواب (لو)، لأنه محقق الوقوع، بل جواب قسم محذوف، أوضح به ما أنذرهم منه بعد إبهامه تفخيما لشأنه/١٢ منه..
﴿ لترون الجحيم ﴾، جواب قسم محذوف تأكيد للوعيد.
﴿ ثم لترونها ﴾، تكرير للتأكيد، ﴿ عين اليقين ﴾، أي : الرؤية التي هي نفس اليقين.
﴿ ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم١ : عن شكر ما أنعم الله به عليكم من لذات الدنيا، وفي مسلم ومسند الإمام أحمد وغيرهما أنه عليه السلام أكل مع أبي بكر، وعمر رطبا وماء بارد، فقال :" هذا من النعيم الذي تسألون عنه "، وفي الحديث :" يسأل عن كل شيء إلا من ثلاثة : خرقة كف بها الرجل عورته، أو كسرة سد بها جوعته، أو حجر يدخل فيه من الحر٢ والقر٣ " وكلام جمهور السلف على أن السؤال عام.
والحمد لله رب العالمين.
١ والسؤال عام لمؤمن وكافر، للنصوص الصريحة، والرؤية التي في قوله:" لترون"، رؤية قبل الدخول في النار، لقوله:" ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم"/١٢ وجيز..
٢ قال الترمذي وابن حبان في صحيحه: قال عليه السلام:"أول ما يسأل عنه العبد من النعيم أن يقال: ألم نصح لك جسمك، ونرويك من الماء البارد؟"/١٢ منه.[وصححه الشيخ الألباني في "الصحيحة"]..
٣ تفرد به الإمام أحمد كما قال ابن كثير (٤/٥٤٦).
Icon