تفسير سورة الشورى

الدر المنثور
تفسير سورة سورة الشورى من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت ﴿ حمعاساقا ﴾ بمكة.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن الزبير - رضي الله عنهما - قال : أنزلت بمكة ﴿ حمعاساقا ﴾.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، عن جعفر بن محمد رضي الله عنه. « أن النبي ﷺ قرأ ذات ليلة ﴿ حمعاساقا ﴾ فرددها مراراً ﴿ حمعاساقا ﴾ في بيت ميمونة. فقال : يا ميمونة، أمعك ﴿ حمعاساقا ﴾ ؟ قالت : نعم، قال : فاقرئيها؛ فلقد نسيت ما بين أولها وآخرها ».
وأخرج الطبراني بسند صحيح، عن ميمونة قالت :« قرأ رسول الله ﷺ، ﴿ حمعاساقا ﴾ فقال : يا ميمونة، أتعرفين ﴿ حمعاساقا ﴾ لقد نسيت ما بين أولها وآخرها. قالت : فقرأتها، فقرأها رسول الله ﷺ ».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، ونعيم بن حماد، والخطيب، عن ابن قال : جاء رجل إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - وعنده حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - فقال : أخبرني عن تفسير ﴿ حمعاساقا ﴾ فاعرض عنه، ثم كرر مقالته، فاعرض عنه، ثم كررها الثالثة، فلم يجبه، فقال له حذيفة : رضي الله عنه - أنا أنبئك بها، لم كررتها، نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد إله، أو عبد الله، ينزل على نهر من أنهار المشرق، يبني عليه مدينتين، يشق النهر بينهما شقاً، يجتمع فيها كل جبار عنيد، فإذا أذن الله في زوال ملكهم، وانقطاع دولتهم، ومدتهم، بعث الله على إحداهما ناراً ليلاً، فتصبح سوداء مظلمة، قد احترقت كأنها لم تكن مكانها، وتصبح صاحبتها متعجبة، كيف أفلتت! فما هو إلا بياض يومها، وذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم، ثم يخسف الله بها، وبهم جميعاً، فذلك عدل منه سين - يعني سيكون. ق - يعني واقع بهاتين المدينتين.
وأخرج أبو يعلى، وابن عساكر بسند ضعيف، عن أبي معاوية رضي الله عنه قال : صعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه المنبر، فقال : يا أيها الناس، هل سمع أحد منكم رسول الله ﷺ يقرأ ﴿ حمعاساقا ﴾ فوثب ابن عباس رضي الله عنهما، فقال : إن حم، اسم من أسماء الله تعالى. قال : فعين؟ قال : عاين المذكور عذاب يوم بدر. قال : فسين؟ قال :﴿ سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ﴾ [ الشعراء : ٢٢٧ ] قال : فقاف؟ فسكت، فقام أبو ذر رضي الله عنه، ففسر كما فسر ابن عباس، رضي الله عنهما، وقال : قاف قارعة من السماء تصيب الناس.
أخرج الطبراني، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال : كنا نقرأ هذه الآية ﴿ تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن ﴾.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، « تكاد السماوات ينفطرن من فوقهن » قال : ممن فوقهن، وقرأها خصيف بالتاء المشددة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه، ﴿ تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن ﴾ قال : من عظمة الله تعالى وجلاله!
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن ﴾ قال : من الثقل.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ويستغفرون لمن في الأرض ﴾ قال : الملائكة عليهم السلام، يستغفرون للذين آمنوا.
وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر، عن إبراهيم، قال : كان أصحاب عبدالله، يقولون : الملائكة خير من ابن الكواء، يسبحون بحمد ربهم، ويستغفرون لمن في الأرض، وابن الكواء يشهد عليهم بالكفر.
وأخرج ابن جرير، عن السدي رضي الله عنه ﴿ وتنذر يوم الجمع ﴾ قال : يوم القيامة.
قوله تعالى :﴿ فريق في الجنة وفريق في السعير ﴾.
وأخرج أحمد، والترمذي، وصححه، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، عن عبد الله بن عمرو، رضي الله عنه، قال :« خرج علينا رسول الله ﷺ، وفي يده كتابان، » فقال : أتدرون ما هذان الكتابان؟ قلنا لا، ألا أن تخبرنا يا رسول الله، قال : للذي في يده اليمنى، هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم، وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم، ثم قال للذي في شماله، هذا كتاب من رب العالمين، بأسماء أهل النار، وأسماء آبائهم، وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم أبداً « فقال أصحابه : ففيم العمل يا رسول الله إن كان قد فرغ منه؟ فقال :» سددوا، وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أي عمل « ثم قال رسول الله ﷺ : بيديه فنبذهما، ثم قال :» فرغ ربكم من العباد ﴿ فريق في الجنة وفريق في السعير ﴾ « ».
وأخرج ابن مردويه، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال : خرج علينا رسول الله ﷺ، في يده كتاب ينظر فيه قال :« انظروا إليه كيف، وهو أمي لا يقرأ، قال : فعلمها رسول الله ﷺ، فقال : هذا كتاب من رب العالمين، بأسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم، وقبائلهم، لا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم، وقال :﴿ فريق في الجنة، وفريق في السعير ﴾ فرغ ربكم من أعمال العباد ».
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، عن مجاهد ﴿ وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ﴾ قال : فهو يحكم فيه.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة، ﴿ جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه ﴾ قال : عيش من الله، يعيشكم الله فيه.
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ يذرؤكم فيه ﴾ قال : نسلاً من بعد نسل، من الناس، والأنعام.
وأخرج ابن جرير، عن السدي، في قوله ﴿ يذرؤكم ﴾ قال : يخلقكم.
وأخرج عبد بن حميد، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي وائل رضي الله عنه، قال : بينما عبدالله رضي الله عنه يمدح ربه، إذ قال : مصعد نعم الرب يذكر. فقال عبدالله : إني لأجله عن ذلك ﴿ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ﴾.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، والطبراني، وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال : إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات من نور وجهه، إن مقدار كل يوم من أيامكم عنده اثنتا عشرة ساعة، فيعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار واليوم، فينظر فيه ثلاث ساعات، فيطلع منها على ما يكره، فيغضبه ذلك، وأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش، وسرادقات العرش، والملائكة المقربون، وسائر الملائكة، وينفخ جبريل في القرن، فلا يبقى شيء إلا سمعه إلا الثقلين : الجن والإِنس، فيسبحونه ثلاث ساعات، حتى يمتلىء الرحمن رحمة، فتلك ست ساعات، ثم يؤتى بما في الأرحام، فينظر فيها ثلاث ساعات، ﴿ هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾ [ آل عمران : ٦ ] ﴿ يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ﴾ [ الشورى : ٤٩ ] حتى بلغ ( عليم )، فتلك تسع ساعات، ثم ينظر في أرزاق الخلق كله ثلاث ساعات، ﴿ يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم ﴾ [ الرعد : ٢٦ ] فتلك اثنتا عشرة ساعة، ثم قال :﴿ كل يوم هو في شأن ﴾ [ الرحمن : ٢٩ ] فهذا شأن ربكم كل يوم.
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه، في قوله، ﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً ﴾ : قال : وصاك يا محمد وأنبياءه كلهم ديناً واحداً.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة ﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً ﴾ قال : الحلال والحرام.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة - رضي الله عنه - قال : بعث نوح عليه السلام، حين بعث بالشريعة، بتحليل الحلال وتحريم الحرام.
وأخرج ابن المنذر، عن زيد بن رفيع، بقية أهل الجزيرة، قال : بعث الله نوحاً عليه السلام، وشرع له الدين، فكان الناس في شريعة نوح عليه السلام، ما كانوا، فما أطفأها إلا الزندقة، ثم بعث الله موسى عليه السلام، وشرع له الدين، فكان الناس في شريعة من بعد موسى، ما كانوا، فما أطفأها إلا الزندقة، ثم بعث الله عيسى عليه السلام، وشرع له الدين، فكان الناس في شريعة عيسى عليه السلام، ما كانوا فما أطفأها إلا الزندقة، قال : ولا يخاف على هلاك هذا الدين، إلا الزندقة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، عن الحكم، قال :﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً ﴾، قال : جاء نوح عليه السلام بالشريعة، بتحريم الأمهات والأخوات والبنات.
وأخرج ابن جرير، عن السدي - رضي الله عنه - ﴿ أن أقيموا الدين ﴾، قال : اعملوا به.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، عن قتادة :﴿ أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ﴾. قال : تعلموا أن الفرقة هلكة، وأن الجماعة ثقة، ﴿ كَبُرَ على المشركين ما تدعوهم إليه ﴾. قال : استكبر المشركون أن قيل لهم : لا إله إلا الله، ضانها إبليس وجنوده ليردوها، فأبى الله إلا أن يمضيها وينصرها ويظهرها على ما ناوأها، وهي كلمة من خاصم بها فلج، ومن انتصر بها نصر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد - رضي الله عنه - ﴿ الله يجتبي إليه من يشاء ﴾ قال : يخلص لنفسه من يشاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - ﴿ بغياً بينهم ﴾ قال : كثرت أموالهم فبغى بعضهم على بعض.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله ﴿ ويهدي إليه من ينيب ﴾ قال : من يقبل إلى طاعة الله، وفي قوله ﴿ وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم ﴾، قال : اليهود والنصارى.
وأخرج عبد بن حميد، عن كعب - رضي الله عنه - ﴿ وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ﴾ قال : في الدنيا.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة، ﴿ وأمرت لأعدل بينكم ﴾ قال : أمر نبي الله - ﷺ - ان يَعْدلَ فعدل، حتى مات. والعدل، ميزان الله في الأرض، به يأخذ للمظلوم من الظالم، وللضعيف من الشديد، وبالعدل، يصدق الله الصادق ويكذب الكاذب، وبالعدل، يرد المعتدي ويوبخه.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله :﴿ لا حجة بيننا وبينكم ﴾ قال : لا خصومة بيننا وبينكم.
قوله تعالى :﴿ والذين يحاجون في الله ﴾.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله :﴿ والذين يُحَاجُّون في الله من بعد ما استجيب له ﴾ قال : هم أهل الكتاب، كانوا يجادلون المسلمين ويصدونهم عن الهدى من بعد ما استجابوا لله. وقال : هم قوم من أهل الضلالة، وكان استجيب على ضلالتهم، وهم يتربصون بأن تأتيهم الجاهلية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد - رضي الله عنه - ﴿ والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له ﴾ قال : طمع رجال بأن تعود الجاهلية.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله ﴿ والذين يحاجون في الله ﴾ الآية قال : هم اليهود والنصارى، حاجوا المسلمين في ربهم، فقالوا : أنزل كتابنا قبل كتابتكم، ونبينا قبل نبيكم، فنحن أولى بالله منكم، فأنزل الله ﴿ من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ﴾ [ آل عمران : ٦ ] وأما قوله :﴿ من بعد ما استجيب له ﴾ قال : من بعد ما استجاب المسلمون لله وصلوا لله.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن - رضي الله عنه - ﴿ والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له ﴾ الآية قال : قال أهل الكتاب لأصحاب محمد - ﷺ - نحن أولى بالله منكم، فأنزل الله ﴿ والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم ﴾ يعني أهل الكتاب.
وأخرج ابن المنذر، عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : لما نزلت ﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ [ النصر : ١ ] قال المشركون بمكة : لمن بين أظهرهم من المؤمنين، قد دخل الناس في دين الله أفواجاً، فاخرجوا من بين أظهرنا، فعلام تقيمون بين أظهرنا؟ فنزلت ﴿ والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له ﴾ الآية.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد - رضي الله عنه - ﴿ الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان ﴾ قال : العدل.
وأخرج الحاكم وصححه، عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه كان واقفاً بعرفة، فنظر إلى الشمس حين تدلت مثل الترس للغروب، فبكى واشتد بكاؤه، وتلا قول الله تعالى ﴿ الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان ﴾ إلى ﴿ العزيز ﴾ فقيل له فقال : ذكرت رسول الله - ﷺ - وهو واقف بمكاني هذا، فقال :« أيها الناس لم يبق من دنياكم هذه فيما مضى إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى ».
وأخرج ابن مردويه، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قد كان الرجل منا يدخل الخلاء، فيحمل الاداوة من الماء، فإذا خرج توضأ خشية من أن تقوم الساعة، وأن يكون عنده الفضلة من الطعام، فيقول لا آكلها حتى تقوم الساعة.
وأخرج أحمد وهناد بن السري والطبراني وابن مردويه والضياء، عن جابر بن سمرة، قال : قال رسول الله ﷺ :« بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين ».
أخرج ابن المنذر، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : لا تقوم الساعة حتى يتمناها المتمنون، فقيل له ﴿ يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ﴾ قال : إنما يتمنونها خشية على إيمانهم.
أخرج ابن المنذر، عن ابن عباس في قوله ﴿ من كان يريد حرث الآخرة ﴾ قال : عيش الآخرة، ﴿ نزد له في حرثه ﴾ ﴿ ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها ﴾ الآية قال : من يؤثر دنياه على آخرته، لم يجعل له نصيباً في الآخرة إلا النار، ولم يزدد بذلك من الدنيا شيئاً، إلا رزقاً قد فرغ منه وقسم له.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة ﴿ من كان يريد حرث الآخرة ﴾ قال : من كان يريد عيش الآخرة نزد له في حرثه ﴿ ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ﴾ قال : من يؤثر دنياه على آخرته لم يجعل الله له نصيباً في الآخرة إلا النار، ولم يزدد بذلك من الدنيا شيئاً، إلا رزقاً قد فرغ منه وقُسِمَ له.
وأخرج ابن مردويه من طريق قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - ﴿ ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ﴾ قال : نزلت في اليهود.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه وابن حبان، عن أبيّ بن كعب - رضي الله عنه - أن رسول الله ﷺ قال :« بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والنصر والتمكين في الأرض، ما لم يطلبوا الدنيا بعمل الآخرة، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة من نصيب ».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :« تلا رسول الله ﷺ ﴿ من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ﴾ الآية. ثم قال : يقول الله :» ابن آدم تفرغ لعبادتي، أملأ صدرك غنى، وأسُدُّ فقرك، وإلا تفعل، ملأت صدرك شغلاً، ولم أسدّ فقرك «.
وأخرج الحاكم وصححه، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعاً »
من جعل الهم هماً واحداً اكفاه الله هم دنياه. ومن تشعبته الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك «.
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر، عن علي - رضي الله عنه - قال : الحرث حرثان، فحرث الدنيا المال والبنون، وحرث الآخرة، الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن المبارك، عن مرة - رضي الله عنه - قال : ذكر عند عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قوم قتلوا في سبيل الله، فقال : إنه ليس على ما تذهبون وترون، إنه إذا التقى الزحقان، نزلت الملائكة، فكتبت الناس على منازلهم، فلان يقاتل للدنيا، وفلان يقاتل للملك، وفلان يقاتل للذكر، ونحو هذا، وفلان يقاتل يريد وجه الله، فمن قتل يريد وجه الله، فذلك في الجنة.
62
وأخرج ابن النجار في تاريخه، عن رزين بن حصين - رضي الله عنه - قال : قرأت القرآن من أوله إلى آخره على علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فلما بلغت الحواميم، قال لي : قد بلغت عرائس القرآن، فلما بلغت اثنتين وعشرين آية من ﴿ حمعاساقا ﴾ بكى ثم قال : اللهم إني أسألك اخبات المخبتين، وخلاص الموقنين، ومرافقة الأبرار، واستحقاق حقائق الإِيمان، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، ورجوت رحمتك والفوز بالجنة والنجاة من النار، ثم قال : يا رزين، إذا ختمت فادع بهذه، فإن رسول الله - ﷺ - أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن.
63
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ ولولا كلمة الفصل ﴾، قال : يوم القيامة أخروا إليه، وفي قوله ﴿ روضات الجنة ﴾ قال : المكان الموفق.
أما قوله تعالى :﴿ لهم ما يشاؤون ﴾.
أخرج ابن جرير، عن أبي ظبية - رضي الله عنه - قال : إن السرب من أهل الجنة لتظلهم السحابة، فتقول ما أمطركم؟ قال : فما يدعو داع من القوم بشيء إلا أمطرتهم، حتى أن القائل منهم ليقول : أمطرينا كواعب أتراباً.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه من طريق طاوس، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن قوله ﴿ إلا المودة في القربى ﴾ فقال سعيد بن جبير :- رضي الله عنه - قربى آل محمد، فقال ابن عباس :- رضي الله عنهما - عجلت أن النبي ﷺ لم يكن بطن من قريش، إلا كان له فيهم قرابة، فقال : إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال لهم رسول الله ﷺ :« لا أسألكم عليه أجراً إلا أن تودوني في نفسي لقرابتي منكم، وتحفظوا القرابة التي بيني وبينكم ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن الشعبي - رضي الله عنه - قال : أكثر الناس علينا في هذه الآية ﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾ فكتبنا إلى ابن عباس - رضي الله عنه - نسأله، فكتب ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله ﷺ، كان واسط النسب لي قريش، ليس بطن من بطونهم، إلا وقد ولدوه، فقال الله ﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً ﴾ على ما أدعوكم إليه ﴿ إلا المودة في القربى ﴾ تودوني لقرابتي منكم وتحفظوني بها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني من طريق علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إلا المودة في القربى ﴾ قال :« كان لرسول الله - ﷺ - قرابة من جميع قريش، فلما كذبوه وأبوا أن يبايعوه، قال : يا قوم، » إذا أبيتم أن تبايعوني فاحفظوا قرابتي فيكم ولا يكون غيركم من العرب أولى بحفظي ونصرتي منكم « ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق الضحاك، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : نزلت هذه الآية بمكة. وكان المشركون يؤذون رسول الله - ﷺ - فأنزل الله تعالى :﴿ قل ﴾ لهم يا محمد، ﴿ لا أسألكم عليه ﴾ يعني على ما أدعوكم إليه ﴿ أجراً ﴾ عوضاً من الدنيا ﴿ إلا المودة في القربى ﴾ إلا الحفظ لي في قرابتي فيكم، قال : المودة إنما هي لرسول الله - ﷺ - في قرابته، فلما هاجر إلى المدينة أحب أن يلحقه بإخوته من الأنبياء - عليهم السلام - فقال :﴿ لا أسألكم عليه أجراً ﴾ فهو لكم ﴿ إن أجري إلا على الله ﴾ يعني ثوابه وكرامته في الآخرة، كما قال نوح عليه السلام
64
﴿ وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴾ [ الشعراء : ١٠٩ ] وكما قال هود وصالح وشعيب : لم يستثنوا أجراً، كما استثنى النبي ﷺ، فرده عليهم. وهي منسوخة.
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه من طريق مجاهد - رضي الله عنه - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي ﷺ في الآية ﴿ قل لا أسألكم ﴾ على ما أتيتكم به من البينات والهدى ﴿ أجراً ﴾ إلا أن تودوا الله، وأن تتقربوا إليه بطاعته.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله :﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾ قال : أن تتبعوني وتصدقوني وتصلوا رحمي.
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه من طريق العوفي، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية قال : إن محمداً قال : لقريش :« لا أسألكم من أموالكم شيئاً، ولكن أسألكم أن تودوني لقرابة ما بيني وبينكم فإنكم قومي وأحق من أطاعني وأجابني ».
وأخرج ابن مردويه من طريق ابن المبارك، عن ابن عباس في قوله :﴿ إلا المودة في القربى ﴾ قال : تحفظوني في قرابتي.
وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية - قال : إن رسول الله ﷺ لم يكن في قريش بطن إلا وله فيهم أم، حتى كانت له من هذيل أم، فقال الله :﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً ﴾ إلا أن تحفظوني في قرابتي، إن كذبتموني فلا تؤذوني.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق مقسم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال :« قالت الأنصار : فعلنا وفعلنا وكأنهم فخروا، فقال ابن عباس - رضي الله عنهما - لنا الفضل عليكم، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ، فأتاهم في مجالسهم، فقال يا معشر الأنصار، ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال : أفلا تجيبوني؟ قالوا : ما تقول يا رسول الله؟ قال : ألا تقولون ألم يخرجك قومك فآويناك؟ أو لم يكذبوك فصدقناك؟ أو لم يخذلوك فنصرناك؟ فما زال يقول : حتى جثوا على الركب، وقالوا : أموالنا وما في أيدينا لله ورسوله، فنزلت ﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾ ».
65
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير، قال : قالت الأنصار فيما بينهم : لولا جمعنا لرسول الله - ﷺ - مالاً يبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد، فقالوا : يا رسول الله، إنا أردنا أن نجمع لك من أموالنا، فأنزل الله :﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾ فخرجوا مختلفين، فقالوا : لمن ترون ما قال رسول الله - ﷺ -؟ فقال بعضهم : إنما قال هذا، لنقاتل عن أهل بيته، وننصرهم. فأنزل الله :﴿ أم يقولون افترى على الله كذباً ﴾ إلى قوله ﴿ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ﴾ فعرض لهم بالتوبة إلى قوله :﴿ ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله ﴾ هم الذين قالوا هذا : أن يتوبوا إلى الله ويستغفرونه.
وأخرج أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ « ﴿ لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾ » أن تحفظوني في أهل بيتي وتودّوهم بي « ».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال :« لما نزلت هذه الآية ﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾ قالوا : يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم؟ قال : علي وفاطمة وولداها ».
وأخرج سعيد بن منصور، عن سعيد بن جبير ﴿ إلا المودة في القربى ﴾ قال : قربى رسول الله ﷺ.
وأخرج ابن جرير عن أبي الديلم، قال : لما جيء بعلي بن الحسين - رضي الله عنه - أسيراً، فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، فقال له علي بن الحسين - رضي الله عنه - أقرأت القرآن؟ قال : نعم. قال : أقرأت آل حم؟ قال : لا. قال : أما قرأت ﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾ قال : فإنكم لأنتم هم؟ قال : نعم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ ومن يقترف حسنة ﴾ قال : المودة لآل محمد.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي والحاكم، عن المطلب بن ربيعة - رضي الله عنه - قال :« دخل العباس على رسول الله - ﷺ - فقال : إنا لنخرج فنرى قريشاً تحدث، فإذا رأونا سكتوا، فغصب رسول الله - ﷺ - ودر عرق بين عينيه، ثم قال :» والله لا يدخل قلب امرىء مسلم إيمان، حتى يحبكم لله ولقرابتي « ».
66
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي، عن زيد بن أرقم : أن رسول الله ﷺ قال :« أذكركم الله في أهل بيتي ».
وأخرج الترمذي وحسنه وابن الأنباري في المصاحف، عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ :« إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».
وأخرج الترمذي وحسنه والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب، عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :« أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي ».
وأخرج البخاري، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال : ارقبوا محمداً - ﷺ - في أهل بيته.
وأخرج ابن عدي، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله ﷺ :« من أبغضنا أهل البيت فهو منافق ».
وأخرج الطبراني، عن الحسن بن علي قال : قال رسول الله ﷺ :« لا يبغضنا أحد ولا يحسدنا أحد، إلا ذيد يوم القيامة بسياط من نار ».
وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله ﷺ :« والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل، إلا أدخله الله النار ».
وأخرج الطبراني والخطيب من طريق أبي الضحى، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« جاء العباس إلى رسول الله - ﷺ - فقال : إنك قد تركت فينا ضغائن منذ صنعت الذي صنعت، فقال النبي ﷺ :» لا يبلغوا الخير أو الإِيمان حتى يحبوكم « ».
وأخرج الخطيب من طريق أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت :« أتى العباس بن عبد المطلب رسول الله - ﷺ - فقال : يا رسول الله، إنا لنعرف الضغائن في أناس من قومنا؛ من وقائع أوقعناها، فقال :» أما والله إنهم لن يبلغوا خيراً حتى يحبوكم، لقرابتي، ترجو سليم شفاعتي، ولا يرجوها بنو عبد المطلب « ».
وأخرج ابن النجار في تاريخه، عن الحسن بن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ :« لكل شيء أساس وأساس الإِسلام حب أصحاب رسول الله - ﷺ - وحب أهل بيته ».
وأخرج عبد بن حميد، عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله :﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾ قال : ما كان النبي - ﷺ - يسألهم على هذا القرآن أجراً، ولكنه أمرهم أن يتقربوا إلى الله؛ بطاعته وحب كتابه.
67
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان، عن الحسن - رضي الله عنه - في الآية، قال : كل من تقرب إلى الله بطاعته وجبت عليه محبته.
وأخرج عبد بن حميد، عن الحسن في قوله :﴿ إلا المودة في القربى ﴾ قال : إلا التقرب إلى الله بالعمل الصالح.
وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة في الآية، قال : كن له عشر أمهات في المشركات، وكان إذا مر بهم أذوه في تنقيصهن وشتمهن، فهو قوله :﴿ إلا المودة في القربى ﴾ يقول : لا تؤذوني في قرابتي.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله :﴿ إن الله غفور شكور ﴾ قال : غفور للذنوب شكور للحسنات يضاعفها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة في قوله :﴿ فإن يشإ الله يختم على قلبك ﴾ قال : إن يشإ الله أنساك ما قد آتاك، والله تعالى أعلم.
أخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن الزهري في قوله :﴿ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ﴾ أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« الله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته في المكان الذي يخاف أن يقتله فيه العطش ».
وأخرج مسلم والترمذي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« لله أفرح بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها ».
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلاً مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، فطلبها حتى إذا اشتد عليه العطش والحر قال : ارجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت، فرجع، فنام نومة، ثم رفع رأسه، فإذا راحلته عنده عليه زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده ».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوّجها، قال : لا بأس به ثم قرأ ﴿ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ﴾.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان، عن عتبة بن الوليد، حدثني بعض الرهاويين قال : سمع جبريل عليه السلام، خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، وهو يقول : يا كريم العفو، فقال : له جبريل عليه السلام، وتدري ما كريم العفو؟ قال : لا يا جبريل.
68
قال :« ان يعفو عن السيئة ويكتبها حسنة ».
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني، عن الأخنس قال : امترينا في قراءة هذا الحرف، ويعلم ما يفعلون أو تفعلون، فأتينا ابن مسعود فقال : تفعلون.
وأخرج عبد بن حميد، عن علقمة رضي الله عنه، أنه قرأ في ﴿ حمعاساقا ﴾ ﴿ ويعلم ما تفعلون ﴾ بالتاء.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، عن سلمة بن سبرة رضي الله عنه قال : خطبنا معاذ رضي الله عنه، فقال : أنتم المؤمنون وأنتم أهل الجنة والله إني لأطمع أن يكون عامة من تنصبون بفارس والروم في الجنة؛ فإن أحدهم يعمل الخير، فيقول أحسنت بارك الله فيك، أحسنت رحمك الله، والله يقول :﴿ ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله ﴾.
وأخرج ابن جرير من طريق قتادة، عن أبي إبراهيم اللخمي في قوله :﴿ ويزيدهم من فضله ﴾ قال يشفعون في إخوان اخوانهم.
69
أخرج ابن المنذر وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإِيمان بسند صحيح، عن أبي هانىء الخولاني، قال : سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون : إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة ﴿ ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ﴾ وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا فتمنوا الدنيا.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن علي رضي الله عنه قال : إنما أنزلت هذه الآية، في أصحاب الصفة ﴿ ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ﴾ وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا فتمنوا الدنيا.
وأخرج ابن جرير، عن قتادة في الآية قال : يقال خير الرزق ما لا يطغيك، ولا يلهيك. قال :« ذكر لنا أن رسول الله ﷺ، قال :» أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وزخرفها « فقال له قائل : يا نبي الله، هل يأتي الخير بالشر؟ فأنزل الله عليه عند ذلك ﴿ ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ﴾ وكان إذا نزل عليه، كُرْبُ لذلك وتَرَبَّدَ وجهه، حتى إذا سري عنه. قال :» هل يأتي الخير بالشر «؟ يقولها ثلاثاً إن الخير لا يأتي إلا بالخير، ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألم، فاما عبد أعطاه الله مالاً، فوضعه في سبيل الله، التي افترض وارتضى، فذلك عبد أريد به خير، وعزم له على الخير، وأما عبد أعطاه الله مالاً، فوضعه في شهواته ولذاته، وعدل عن حق الله عليه، فذلك عبد أريد به شر وعزم له على شر ».
وأخرج أحمد والطيالسي والبخاري ومسلم والنسائي وأبو يعلى وابن حبان، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« ان أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا وزينتها فقال له رجل : يا رسول الله، أو يأتي الخير بالشر؟ فسكت عنه رسول الله ﷺ، فرأينا أنه ينزل عليه، فقيل له : ما شأنك تكلم رسول الله ﷺ ولا يكلمك؟ فسري عن رسول الله ﷺ، فجعل يمسح عنه الرحضاء، فقال :» أين السائل فرأينا أنه حمده فقال : إن الخير لا يأتي بالشر، وإن مما ينبت الربيع يقتل حبطاً، أو يلم الا آكلة الخضر، فإنها أكلت حتى امتلأت خاصرتاها، فاستقبلت عين الشمس، فثلطت وبالت، ثم رتعت وان المال حلوة خضرة ونعم صاحبها المسلم هو، ان وصل الرحم وأنفق في سبيل الله، ومثل الذي يأخذه بغير حقه، كمثل الذي يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شهيداً يوم القيامة «.
70
وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة ﴿ ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ﴾ قال : كان يقال خير العيش ما لا يطغيك ولا يلهيك.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر في تاريخه، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي ﷺ، عن جبريل عن الله تعالى قال :« يقول الله تعالى : من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة، وإني لأغضب لأوليائي كما يغضب الليث الحرود، وما تقرب إلي عبدي المؤمن، بمثل أداء ما افترضت عليه، وما يزال عبدي المؤمن يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت له سمعاً وبصراً ويداً ومؤيداً، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه، وإن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة، فأكفه عنه أن لا يدخله عجب فيفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الصحة، ولو أسقمته لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا القسم، ولو أصححته لأفسده ذلك، إني أدبر أمر عبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير ».
وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا ﴾ قال : المطر.
71
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجلا قال لعمر رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين، قحط المطر وقنط الناس، فقال عمر : مطرتم إذا، ثم قرأ ﴿ وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ من بعد ما قنطوا ﴾ قال : يئسوا.
وأخرج ابن المنذر، عن ثابت رضي الله عنه قال : بلغنا أنه يستجاب الدعاء عند المطر، ثم تلا هذه الآية ﴿ وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا ﴾.
وأخرج الحاكم والبيهقي في سننه، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال :« ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء وتحت المطر ».
وأخرج الطبراني والبيهقي، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن : عند التقاء الصفوف في سبيل الله، وعند نزول الغيث، وعند إقامة الصلاة، وعند رؤية الكعبة ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ وما بث فيهما من دابة ﴾ قال : الناس والملائكة. والله أعلم.
أخرج أحمد وابن راهويه وابن منيع وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :« ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله، حدثنا بها رسول الله ﷺ ﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ﴾ وسأفسرها لك يا علي، ما أصابك من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا، فيما كسبت أيديكم، والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة، وما عفا الله عنه في الدنيا، فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه ».
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن البصري رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ﴾ قال رسول الله ﷺ :« والذي نفسي بيده ما من خَدْش عودٍ ولا اختلاج عرق ولا نكبة حجر ولا عثرة قدم إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر ».
وأخرج عبد بن حميد والترمذي، عن أبي موسى رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال :« لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر » وقرأ ﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في الكفارات وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أنه دخل عليه بعض أصحابه وكان قد ابتلي في جسده، فقال انا لنبأس لك لما نرى فيك قال : فلا تبتئس لما ترى؛ وهو بذنب وما يعفو الله عنه أكثر، ثم تلا ﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ﴾.
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب، عن الضحاك قال : ما تعلم أحد القرآن، ثم نسيه، إلا بذنب يحدثه، ثم قرأ هذه الآية ﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ﴾ وقال : وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن؟.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن العلاء بن بدر رضي الله عنه، أن رجلاً سأله عن هذه الآية؟ وقال : قد ذهب بصري وأنا غلام صغير. قال : ذلك بذنوب والديك.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان، عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وما أصابكم من مصيبة ﴾ الآية. قال : ذكر لنا، أن نبي الله ﷺ كان يقول :
73
« لا يصيب ابن آدم خدش عود ولا اختلاج عرق إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر ».
وأخرج ابن مردويه، عن البراء رضي الله عنه قال : قال النبي ﷺ :« ما عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا خدش عود، إلا بما قدمت أيديكم، وما يعفو الله عنه أكثر ».
وأخرج ابن سعد، عن ابن أبي مليكة - رضي الله عنه - أن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما - كانت تصدع، فتضع يدها على رأسها وتقول بذنبي، وما يغفره الله أكثر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن الحسن رضي الله عنه في قوله :﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ﴾ قال : الحدود.
74
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ ومن آياته الجوار في البحر ﴾ قال : السفن ﴿ كالأعلام ﴾ قال : كالجبال.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة - رضي الله عنه - في الآية قال : سفن هذا البحر تجري بالريح، فإذا مسكت عنها الريح ركدت.
وأخرج ابن المنذر من طريق عطاء، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله :﴿ فيظللن رواكد على ظهره ﴾ قال : لا يتحركن ولا يجرين في البحر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ﴿ رواكد ﴾ قال : وقوفاً ﴿ أو يوبقهن ﴾ قال : يهلكن.
وأخرج ابن المنذر، عن الضحاك :﴿ أو يوبقهن ﴾ قال : يغرقهن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ أو يوبقهن ﴾ قال : يهلكهن.
وأخرج ابن جرير، عن السدي رضي الله عنه ﴿ ما لهم من محيص ﴾ من ملجأ.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة :﴿ أو يوبقهن بما كسبوا ﴾ قال : بذنوب أهلها.
وأخرج الحاكم وصححه، عن أبي ظبيان قال : كنا نعرض المصاحف عند علقمة - رضي الله عنه - فقرأ هذه الآية :﴿ إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ﴾ فقال : قال عبدالله : الصبر نصف الإِيمان.
وأخرج سعيد بن منصور، عن الشعبي - رضي الله عنه - قال : الشكر نصف الإِيمان، والصبر نصف الإِيمان، واليقين الإِيمان كله. وقرأ ﴿ إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ﴾ ﴿ وآية للموقنين ﴾.
أخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب وابن المنذر، عن الحسن - رضي الله عنه - قال : ما تشاور قوم قط إلا هدوا وأرشد أمرهم، ثم تلا ﴿ وأمرهم شورى بينهم ﴾.
وأخرج الخطيب في رواة مالك، عن علي رضي الله عنه قال :« قلت : يا رسول الله : الأمر ينزل بنا بعدك لم ينزل فيه قرآن، ولم يسمع منك فيه شيء، قال :» اجمعوا له العابد من أمتي واجعلوه بينكم شورى ولا تقضوه برأي واحد « ».
وأخرج الخطيب في رواة مالك، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً « اسْتَرْشِدوا العاقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا ».
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ، قال :« من أراد أمراً، فشاور فيه وقضى اهتدى لأرشد الأمور ».
وأخرج البيهقي، عن يحيى بن أبي كثير - رضي الله عنه - قال : قال سليمان بن داود عليه السلام لابنه : يا بني، عليك بخشية الله، فإنها غاية كل شيء. يا بني، لا تقطع أمراً حتى تؤامر مرشداً، فإنك إذا فعلت ذلك؛ رشدت عليه يا بني، عليك بالحبيب الأول، فإن الاخير لا يعدله.
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن إبراهيم النخعي - رضي الله عنه - في قوله :﴿ والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ﴾ قال : كانوا يكرهون للمؤمنين أن يستذلوا، وكانوا إذا قدروا عَفَوْا.
وأخرج عبد بن حميد، عن منصور قال : سألت إبراهيم عن قوله :﴿ والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ﴾ قال : كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم، فيجترىء الفساق عليهم.
وأخرج النسائي وابن ماجة وابن مردويه، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : دخلت عليّ زينب وعندي رسول الله ﷺ، فأقبلت عليّ تسبني، فردعها النبي ﷺ، فلم تنته، فقال لي : سبيها، فسببتها حتى جف ريقها في فمها، ووجه رسول الله ﷺ متهلل سروراً.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن علي بن زيد بن جدعان - رضي الله عنه - قال : لم أسمع في الأنصار مثل حديث حدثتني به أم ولد أبي محمد، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كنت في البيت، وعندنا زينب بنت جحش، فدخل علينا النبي ﷺ، فأقبلت عليه زينب، فقالت : ما كل واحدة منا عندك إلا على خلابة، ثم أقبلت عليّ تسبني، فقال النبي ﷺ : قولي لها كما تقول لك، فأقبلت عليها - وكنت أطول وأجود لساناً منها - فقامت.
وأخرج ابن جرير، عن السدي رضي الله عنه ﴿ والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ﴾ قال : ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله :﴿ والذين إذا أصابهم البغي ﴾ قال : هذا محمد - ﷺ - ظُلم وبغي عليه وكذب ﴿ هم ينتصرون ﴾ قال : ينتصر محمد ﷺ بالسيف.
أخرج ابن المنذر، عن ابن جريرج في قوله :﴿ وجزاء سيئة سيئة مثلها ﴾ قال : ما يكون من الناس في الدنيا مما يصيب بعضهم بعضاً والقصاص.
وأخرج أحمد وابن مردويه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ « المستبّان ما قالا من شيء فعلى البادىء حتى يعتدي المظلوم، ثم قرأ ﴿ وجزاء سيئة سيئة مثلها ﴾ ».
وأخرج ابن جرير، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ وجزاء سيئة سيئة مثلها ﴾ قال : إذا شتمك، فاشتمه بمثلها من غير أن تعتدي.
وأخرج ابن جرير، عن ابن أبي نجيح، في قوله :﴿ وجزاء سيئة سيئة مثلها ﴾ قال : يقول أخزاه الله، فيقول أخزاه الله.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ :« إذا كان يوم القيامة أمر الله منادياً ينادي، ألا ليقم من كان له على الله أجر، فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا، وذلك قوله ﴿ فمن عفا وأصلح فأجره على الله ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي ﷺ :« إذا كان يوم القيامة، نادى مناد من كان له على الله أجر فليقم، فيقوم عنق كثير، فيقال لهم : ما أجركم على الله؟ فيقولون نحن الذين عفونا عمن ظلمنا » وذلك قول الله ﴿ فمن عفا وأصلح فأجره على الله ﴾ فيقال لهم :« ادخلوا الجنة بإذن الله ».
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إذا وقف العباد للحساب ينادي منادٍ ليَقُمْ من أجره على الله؛ فليدخل الجنة، ثم نادى الثانية، ليقم من أجره على الله، قالوا : ومن ذا الذي أجره على الله؟ قال : العافون عن الناس، فقام كذا وكذا ألفاً، فدخلوا الجنة بغير حساب ».
وأخرج البيهقي، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال :« ينادي مناد من كان أجره على الله فليدخل الجنة مرتين، فيقوم من عفا عن أخيه. قال الله ﴿ فمن عفا وأصلح فأجره على الله ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه، عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن أول مناد من عند الله يقول : أين الذين أجرهم على الله؟ فيقوم من عفا في الدنيا، فيقول الله أنتم الذين عفوتم لي، ثوابكم الجنة ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن محمد بن المنكدر رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة صرخ صارخ الأرض، ألا من كان له على الله حق، فليقم فيقوم من عفا وأصلح.
78
وأخرج ابن مردويه والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« ينادي مناد يوم القيامة، لا يقوم اليوم أحد، إلا من له عند الله يد، فتقول الخلائق : سبحانك بل لك اليد، فيقول بلى، من عفا في الدنيا بعد قدرة ».
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« قال موسى بن عمران عليه السلام : يا رب، من أعز عبادك عندك؟ قال : من إذا قدر عفا ».
وأخرج أحمد وأبو داود، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - « أن رجلاً شتم أبا بكر رضي الله عنه، والنبي ﷺ جالس، فجعل النبي ﷺ يعجب ويبتسم، فلما أكثر، رد عليه بعض قوله، فغضب النبي ﷺ وقام، فلحقه أبو بكر رضي الله عنه، فقال يا رسول الله، كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت؟ قال : إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله، وقع الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطان، ثم قال : يا أبا بكر، » نلت من حق ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله إلا أعز الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة « ».
79
أخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإِيمان، عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ﴾ قال : هذا في الخماشة تكون بين الناس، فأما إن ظلمك رجل فلا تظلمه، وإن فجر بك، فلا تفجر به، وإن خانك، فلا تخنه، فإن المؤمن هو الموفي المؤدي، وإن الفاجر هو الخائن الغادر.
وخ ابن أبي شيبة والترمذي والبزار وابن مردويه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ :« من دعا على مَنْ ظلمه فقد انتصر ».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عائشة رضي الله عنها :« إن سارقاً سرق لها فدعت عليه، فقال لها النبي ﷺ » لا تسبخي عليه « ».
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج رضي الله عنه، في قوله :﴿ ولمن انتصر بعد ظلمه ﴾ قال : لمحمد ﷺ أيضاً انتصاره بالسيف، وفي قوله :﴿ إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ﴾ الآية. قال : من أهل الشرك.
وأخرج ابن جرير، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ هل إلى مرد من سبيل ﴾ يقول : إلى الدنيا.
أخرج ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ينظرون من طرف خفي ﴾ قال : ذليل.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن مجاهد رضي الله عنه مثله.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر، عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله :﴿ ينظرون من طرف خفي ﴾ قال : يسارقون النظر إلى النار.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة رضي الله عنه مثله.
وأخرج عبد بن حميد، عن خلف بن حوشب رضي الله عنه قال : قرأ زيد بن صوحان رضي الله عنه ﴿ استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مردّ له من الله ﴾ فقال : لبيك من زيد لبيك.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ من ملجأ يومئذ ﴾ قال : تحرز ﴿ وما لكم من نكير ﴾ ناصر ينصركم.
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ :« إن أولادكم هبة الله ﴿ يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ﴾ فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ».
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، إن رسول الله ﷺ قال :« من بركة المرأة ابتكارها بالأنثى » لأن الله قال :﴿ يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ﴿ يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ﴾ قال : لا إناث معهم ﴿ أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً ﴾ قال : يولد له جارية وغلام ﴿ ويجعل من يشاء عقيماً ﴾ لا يولد له.
وأخرج عبد بن حميد، عن أبي مالك رضي الله عنه :﴿ يهب لمن يشاء إناثاً ﴾ قال : يكون الرجل لا يولد إلا الإِناث. ﴿ ويهب لمن يشاء الذكور ﴾ قال : يكون الرجل لا يولد له إلا الذكور ﴿ أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ﴾ قال : يكون الرجل يولد له الذكور والإِناث ﴿ ويجعل من يشاء عقيماً ﴾ قال : يكون الرجل لا يولد له.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن محمد بن الحنفية :﴿ أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً ﴾ قال : التوأم.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ويجعل من يشاء عقيماً ﴾ قال : الذي لا يولد له ولد.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ ويجعل من يشاء عقيماً ﴾ قال : لا يلقح.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، عن عبد الله بن الحرث بن عمير، « أن أبا بكر رضي الله عنه أصاب وليدة له سوداء فعزلها ثم باعها، فانطلق بها سيدها، حتى إذا كان في بعض الطريق أرادها، فامتنعت منه، فإذا هو براعي غنم فدعاه، فراطنها، فاخبرها أنه سيدها، قالت : إني قد حملت من سيدي الذي كان قبل هذا، وأنا في ديني أن لا يصيبني رجل في حمل من آخر، فكتب سيدها إلى أبي بكر أو عمر، فأخبره الخبر، فذكر ذلك للنبي ﷺ بمكة، فمكث النبي ﷺ حتى إذا كان من الغد، وكان مجلسهم الحجر، قال النبي ﷺ :» جاءني جبريل في مجلسي هذا، عن الله : إن أحدكم ليس بالخيار على الله إذا شجع المشجع، ولكنه ﴿ يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ﴾ فاعترف بولدك، فكتب بذلك فيها « ».
وأخرج عبد الرزاق عن غيلان عن أنس رضي الله عنه قال :« ابتاع أبو بكر رضي الله عنه جارية أعجمية من رجل؛ قد كان أصابها، فحملت له، فأراد أبو بكر رضي الله عنه أن يطأها، فأبت عليه وأخبرت أنها حامل، فرفع ذلك إلى النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ :» إنها حفظت فحفظ الله لها أن أحدكم إذا شجع ذلك المشجع، فليس بالخيار على الله، فردها إلى صاحبها الذي باعها « ».
82
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات، عن يونس بن يزيد رضي الله عنه قال : سمعت الزهري رضي الله عنه، سئل عن قول الله ﴿ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً ﴾ الآية قال : نزلت هذه الآية تعم من أوحى الله إليه من النبيين، فالكلام كلام الله الذي كلم به موسى من وراء حجاب، والوحي ما يوحي الله به إلى نبي من أنبيائه، فيثبت الله ما أراد من وحيه في قلب النبي، فيتكلم به النبي ويعيه وهو كلام الله ووحيه ومنه ما يكون بين الله ورسله لا يكلم به أحداً من الأنبياء ولكنه سر غيب بين الله ورسله، ومنه ما يتكلم به الأنبياء عليهم السلام ولا يكتبونه لأحد ولا يأمرون بكتابته، ولكنهم يحدثون به الناس حديثاً، ويبينون لهم أن الله أمرهم أن يبينوه للناس، ويبلغوهم، ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء من اصطفى من ملائكته، فيكلمون أنبياءه، ومن الوحي ما يرسل به إلى من يشاء، فيوحون به وحياً في قلوب من يشاء من رسله.
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي، عن عائشة : أن الحارث بن هشام سأل رسول الله ﷺ كيف يأتيك الوحي؟ قال :« أحيانا يأتيني الملك في مثل صلصلة الجرس، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وهو أشده علي وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول » قالت عائشة رضي الله عنها : ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم، وإن جبينه ليتفصد عرقاً.
وأخرج أبو يعلى والعقيلي والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات وضعفه، عن سهل بن سعد وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قالا : قال رسول الله ﷺ :« دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ما يسمع من نفس من حس تلك الحجب إلا زهقت نفسه ».
83
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ﴾ قال : القرآن.
وأخرج أبو نعيم في الدلائل وابن عساكر، عن علي رضي الله عنه، قال :« قيل للنبي ﷺ : هل عبدت وثناً قط؟ قال : لا قالوا : فهل شربت خمراً قط؟ قال : لا وما زلت أعرف الذي هم عليه كفر، ( وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإِيمان ) وبذلك نزل القرآن ﴿ ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإِيمان ﴾ ».
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله :﴿ وإنك لتهدي ﴾ قال : لتدعو.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ﴾ قال : قال الله ﴿ ولكل قوم هاد ﴾ [ يوسف : ٧ ]. قال : داع يدعو إلى الله تعالى.
وأخرج ابن جرير، عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ﴾ قال : تدعو.
Icon