تفسير سورة سورة الأنعام من كتاب معاني القرآن
.
لمؤلفه
الأخفش
.
المتوفي سنة 215 هـ
ﰡ
فأمَّا قوله عز وجل ﴿ وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ﴾ ( ٢ ) ف﴿ أَجَلٌ ﴾ على الابتداء وليس على ﴿ قَضَى ﴾ ( ٢ ).
[ قال تعالى ] ﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ ﴾ ( ٦ ) ثم قال ﴿ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ ﴾ ( ٦ ) كأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم خاطبه معهم كما قال ﴿ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم ﴾ فجاء بلفظ الغائب وهو يخاطب لأنه هو المخاطب.
وقال :﴿ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ ﴾ ( ١٢ ) فنصب لام ﴿ لَيَجْمَعَنَّكُمْ ﴾ لأن معنى " كَتَبَ " كأنه قال " و اللهِ لَيَجْمَعَنَّكُمْ " ثم أبدل فقال ﴿ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنْفُسَهُمْ ﴾ ( ١٢ ) أي : لَيَجْمَعَنَّ الذينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُم.
[ وقال ] ﴿ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ ( ١٤ ) على النعت. وقال بعضهم ﴿ فاطرُ ﴾ بالرفع على الابتداء أيْ : هُوَ فاطرُ.
وقال بعضهم ﴿ وهو يُطْعِمُ ولا يَطْعَم ﴾ ( ١٤ ) وقال بعضهم ﴿ ولا يُطْعَمُ ﴾ و﴿ يَطْعَمُ ﴾ هو الوجه، لأَنَّكَ إنَّما تقول : " هُوَ يُطْعَمُ " لمن يَطْعَمُ فتخبر أنَّهُ لا يأكل شيئا. وإنّما تقرأ ﴿ يُطْعَمُ ﴾ لاجتماع الناس عليها.
وقال ﴿ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ ﴾ ( ١٤ ) أي : وقيل لي : " لاَ تَكُونَنَّ ". وصارت ﴿ أُمِرْتُ ﴾ بَدَلاً من ذلك لأنه حين قال ﴿ أُمِرْتُ ﴾ قد أخبر أنَّهُ قد قيل له.
وقال
﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللَّهِ رَبِّنَا ﴾ ( ٢٣ ) على الصفة. وقال بعضهم
﴿ رَبَّنا ﴾ على " يا ربنا [ ١٠٨ ء ]. وأمَّا
﴿ و اللهِ ﴾ فجره على القسم، ولو لم تكن فيه الواو نصبت فقلت " اللهَ رَبَّنا ". ومنهم من يجر بغير واو لكثرة استعمال هذا الاسم وهذا في القياس رديء. وقد جاء مثله شاذا قولهم :[ من الرجز وهو الشاهد التاسع والثمانون بعد المائة ] :
* وَبَلَدٍ عامِيَّةٍ أَعْماؤُهُ *
[ و ] إِنَّما هُوَ : رُبَّ بَلَدٍ وقال :[ من الوافر وهو الشاهد التسعون بعد المائة ]
نَهَيْتُكَ عَنْ طِلابِكَ أُمَّ عَمْرٍو | بِعاقِبَةٍ وَأَنْت إِذٍ صَحِيحُ |
يقول : " حِينَئِدٍ " فألقى " حينَ " وأَضمْرها. وصارت الواو عوضا من " رُبَّ " في " وَبَلَدٍ ". وقد يضعون " بَلْ " في هذا الموضع. قال الشاعر :[ من الرجز وهو الشاهد الحادي والتسعون بعد المائة ] :
ما بالُ عَيْنٍ عَنْ كَراها قَدْ جَفَتْ | مُسْبِلَةً تَسْتَنُّ لَمّا عَرَفَتْ |
داراً لِلَيْلى بَعْدَ حَوْلٍ قَدْ عَفَتْ | بَلْ جَوْزِ تَيْهاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ |
فيمن قال " طَلَحَتْ "
[ و ] قال :
﴿ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً ﴾ ( ٢٥ ) وواحد " الأَكِنَّةِ " : الكِنان. و " الوَقْرُ " في الأُذُن [ بالفتح ]، و " الوِقْرُ " على الظهر بالكسر. وقال يونس : " سألتُ رؤبة " فقال : " وَقِرَتْ أُذُنُهُ " " تَوْقَرُ " إذا كان فيها " الوَقْر ". وقال أبو زيد : " سمِعت العرب تقول : " أُذُنٌ مَوْقُورَةٌ " فهذا يقول : " وُقِرَتْ ". قال الشاعر :[ من الرمل وهو الشاهد الثاني والتسعون بعد المائة ] :
وَكلامٍ سيئ قَدْ وُقِرَتْ | أُذُنِي مِنْهُ وَما بِي مِنْ صَمَمْ |
[ ١٠٨ ب ] وقال
﴿ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ﴾ ( ٢٥ ) فبعضهم يزعم أنَّ واحدَه " أُسْطُورَة " وبعضهم " إِسّطارَة "، ولا أُراهُ إِلاّ من الجمع الذي ليس له واحدٌ نحو : عَبادِيد " و " مَذاكِير " و " أَبابِيل ". وقال بعضُهم : " واحد الأَبابيل " : إبِّيل، وقال بعضهم : " إِبَّوْل " مثل : " عِجَّوْل " ولم أجد العرب تعرف له واحدا. فأمّا " الشَّماطِيطُ " فإِنهم يزعمون أنّ واحدَهُ " شِمْطاط ". وكل هذه لها واحد إلا انه ليس يستعمل، ولم يُتَكَلَّمْ به لأن هذا المثال لا يكون إلا جميعاً. وسمعت العرب الفصحاء يقولون : " أَرْسَلَ إِبِلَهُ أَبابيلَ " يريدون " جماعات " فلم يُتَكَلَّمْ لها بواحد.
وأَمّا قوله :﴿ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ﴾ ( ٢٦ ) فانه من : " نَأَيْتُ " " يَنْأَى " " نَأْياً ".
وقال :﴿ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ( ٢٧ ) نصب لأنَّه جواب للتمني وما بعد الواو كما بعد الفاء، وان شئت رفعت وجعلته على مثل اليمين، كأنهم قالوا " وَلاَ نُكَذِّبُ و اللهِ بآياتِ رَبِّنا وَنكُونُ و اللهِ منَ المُؤمنين ". هذا إذا كان ذا الوجه منقطعاً من الأول. والرفع وجه الكلام وبه نقرأ الآية [ و ] إذا نصب جعلها واو عطف، فكأنهم قد تمنوا ألا يكذبوا وان يكونوا. وهذا - و الله أعلم - لا يكون، لأنهم لم يتمنوا الإيمان إنما تمنوا الرد وأخبروا أنهم لا يكذبون ويكونون من المؤمنين.
وقال ﴿ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ ( ٣١ ) لأنه من " وَزَرَ " " يَزِرُ " [ ١٠٩ ء ] " وِزْراً " ويقال أيْضاً : " وُزِرَ " ف " هُوَ مَوْزُورٌ ". وزعم يونس أنهما جميعاً يقالان.
وقال ﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ﴾ ( ٣٣ ) بكسر " إِنَّ " لدخول اللام الزائدة بعدها.
وقال ﴿ وَلَقدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ ( ٣٤ ) كما تقول : " قَدْ أَصَابَنا من مَطَرٍ " و " قَدْ كانَ مِنْ حَديث ".
وقال
﴿ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ ﴾ ( ٣٥ ) ف " النَفَقُ " ليس من " النَفقَةِ " ولكنه من " النَّافِقاءِ "، يريد دخولا في الأرض.
وقال
﴿ فَإِن اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ ﴾ ( ٣٥ ) ولم يقل " فَافْعَلْ " وذلك أَنَّهُ أََضْمَر. وقال الشاعر :[ من الخفيف وهو الشاهد الثاني والثلاثون بعد المائة ] :
فَبِحَظٍّ مِمّا نَعِيشُ ولا تَذْ | هَبْ بِكِ التُرَّهاتِ في الأَهْوالِ |
فأضمر " فَعِيشى ".
وقال ﴿ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾ ( ٣٨ ) يريدُ : جماعة أمة.
وقال ﴿ أَرَأَيْتَكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ ﴾ ( ٤٠ ) فهذا الذي بعد التاء من قوله :﴿ أَرَأَيْتَكُم ﴾ إِنما جاء للمخاطبة. وترك التاء مفتوحة كما كانت للواحد، وهي مثل كاف " رُوَيْدَكَ زَيْداً " إذا قالت : أَرْوِدْ زَيْداً ". فهذه الكاف ليس لها موضع فتسمى بجر ولا رفع ولا نصب، وإنما هي من المخاطبة مثل كاف " ذاك ". ومثل ذلك قول العرب : " أَبْصِرْكَ زَيْداً " يدخلون الكاف للمخاطبة وإنما هي " أَبْصِرْ زيداً ".
وقال ﴿ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ [ ١٠٩ ب ] سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ ﴾ ( ٤٦ ) ثم قال ﴿ يَأْتِيكُمْ بِهِ ﴾ ( ٤٦ ) حمله على السمع أو على ما أخذ منهم.
وقال ﴿ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ ( ٥٢ ) فالأولى أن ينصب جواباً لقوله ﴿ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ ﴾ ( ٥٢ ) والأخرى [ أنْ ] ينصب بقوله ﴿ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ﴾ ( ٥٢ ) ﴿ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.
وقال :﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ ﴾ ( ٥٤ ) و﴿ أَنَّهُ مَن عَمِلَه مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ ( ٥٤ ) فقوله ﴿ أَنَّهُ ﴾ بَدَلٌ من قوله ﴿ الرَّحْمَةَ ﴾ أي : كَتَبَ أنَّهُ مَنْ عمِلَ. وقوله ﴿ فَأِنَّهُ ﴾ على الابتداء أي : فَلَه المغفرة والرَّحْمَةُ فَهوَ غَفُورٌ رَحيم. وقال بعضهم ﴿ فأنَّهُ ﴾ أراد به الاسم وأضمر الخبر. أراد " فَأنَّ ".
وقال ﴿ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ﴾ ( ٥٥ ) لأَنَّ أَهْلَ الحِجازَِّ يَقُولن :" هِيَ السَّبِيلُ " وقال بعضهم ﴿ ولتستبين ﴾* يعني النبيّ صلى الله عليه. وقال بعضهم ﴿ وَلِيَسْتَبِينَ سَبِيلُ ﴾ في لغة بني تميم.
وقالَ ﴿ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً ﴾ ( ٥٦ ) وقال بعضهم ﴿ ضَلَلْتُ ﴾ وهما لغتان. من قال " ضَلِلْتُ " قال " تَضَلُّ " ومن قال " ضَلَلْتُ " قال " تَضِلُّ " ونقرأ بالمفتوحة*.
وقال ﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ ( ٥٩ ) جر على ﴿ مِنْ ﴾ وإِنْ شِئْتَ رَفَعْتَ على " تسْقط "، [ ١١٠ ء ] وإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ على الابتداءِ وَتَقْطَعُهُ من الأول.
وقال ﴿ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ﴾ ( ٦٣ ) وقال في موضع آخر ﴿ وَخِيفَةً ﴾. و " الخُفْيَةُ " : الإِخفاء و " الخِيفَةُ " من الخَوْف والرَّهْبَة.
وقال ﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ﴾ ( ٦٥ ) لأنها من " لَبَسَ " " يَلْبِسُ " " لَبْساً ".
وقال ﴿ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ ( ٧٠ ) وهي من " أبْسَلَ " " إبْسالاً ".
[ و ] قال ﴿ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ ﴾ ( ٧٠ ).
وأمَّا قوله ﴿ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ ﴾ ( ٧١ ) فإِنَّ كلَّ " فَعْلان " له " فَعْلى " فَإِنَّه لا ينصرف في المعرفة ولا النكرة.
وأمّا قَوْلُه ﴿ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ﴾ ( ٧١ ) فإن الألف التي في ﴿ ائْتِنا ﴾ ألف وصل ولكن بعدها همزة من الأصل هي التي في " أتَى " وهي الياء التي في قولك " إيتِنا "، ولكنها لم تهمز حين ظهرت ألف الوصل. لأن ألف الوصل مهموزة إذا استؤنفت فكرهوا اجتماع همزتين.
وقال ﴿ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ( ٧١ ) يقول : إِنَّما أُمِرْنا كَيْ نُسْلِمَ لِرَبِّ العالَمين " كما قال ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ أي : إِنما أُمِرت بذلك.
ثم قال ﴿ وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ ﴾ ( ٧٢ ) أي : وَأُمِرْنا أَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ واتَّقُوهُ. أَوْ يَكُونُ أَوْصَلَ الفِعْلَ بالّلامِ، والمعنى : أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ. كما أوصل باللام في قوله ﴿ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾.
وقال ﴿ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ ﴾ ( ٧٣ ) قال ﴿ يَوْم ﴾ مضاف إلى قوله ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ وهو نصب [ ١١٠ ب ] وليس له خبر ظاهر و الله اعلم. وهو على ما فسرت لك.
وكذلك ﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ ﴾ ( ٧٣ ) وقال بعضهم ﴿ يَوْمَ يُنْفَحُ في الصُّورِ ﴾ وقال بعضهم ﴿ يَنْفُخُ ﴾ ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾ ( ٧٣ ).
وقال
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ ﴾ ( ٧٤ ) فتح إذا جعلت
﴿ آزَرَ ﴾ بدلاً من
﴿ أَبيهِ ﴾ وقد قرئت رفعا على النداء كأنه قال " يا آزَرُ " *. وقال الشاعر :[ من الرجز وهو الشاهد الثالث والتسعون بعد المائة ] :
إِنَّ عَلَيَّ اللهَ أَنْ تُبايِعا | تُقْتَلَ صُبْحاً أَوْ تجيء طائَعا |
فأبدل " تُقْتَلَ صُبْحاً " من " تُبَايِعَ ".
وقال
﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الْلَّيْلُ ﴾ ( ٧٦ ) وقال بعضهم
﴿ أَجَنَّ ﴾. وقال الشاعر :[ من الطويل وهو الشاهد الرابع والتسعون بعد المائة ] :
فَلَمّا أَجَنَّ اللَّيْلُ بِتْنا كَأَنَّنا | على كَثْرَةِ الأَعْداءِ مُحْتَرِسَانِ |
وقالُ :[ من الرجز وهو الشاهد الخامس والتسعون بعد المائة ] :
* أَجَنَّكَ اللَّيلُ وَلَمَّا تَشْتَفِ *
فجعل " الجَنَّ " مصدرا ل " جَنَّ ". وقد يستقيم أنْ يكون " أَجَنَّ " ويكون ذا مصدره كما قال " العَطاء " و " الإعطاء ". وأما قوله
﴿ أَكْنَنتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ﴾ فإِنهم يقولون في مفعولها : " مَكْنُونٌ " ويقول بعضهم " مُكَنّ " وتقول : " كَنَنْتُ الجاريَةَ " إذا صُنتها و " كَنَنْتُها مِن الشَّمْسِ " و " أَكْنَنْتُها مِن الشَّمْسِ " أيضاً. ويقولون " هِيَ مَكْنُونَة " و " مُكَنَّةٌ " وقال الشاعر :[ من البسيط وهو الشاهد السادس والتسعون بعد المائة ] :
قَدْ كُنْتُ أُعْطِيهُمُ مالِي وَأَمْنَحُهُمْ | عِرْضِي وَعِنْدَهُمُ في الصَّدْرِ مَكْنُونُ |
لأنَّ قَيْساً تقول : " كَنَنْتُ العِلْمَ " فهو " مَكْنُونْ ". [ ١١١ ء ] وتقول بنو تميم " أَكْنَنْتُ العِلْمَ " ف " هُوَ مُكَنُّ "، و " كَنَنْتُ الجارِيَةَ فَ " هِيَ مَكْنُونَةٌ ". وفي كتاب الله عز وجل
﴿ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ﴾ وقال
﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ وقال الشاعر :[ من الكامل وهو الشاهد السابع و التسعون بعد المائة ] :
قَدْ كُنَّ يَكْنُنَّ الوُجُوهَ تَسَتُّراً | فَاليومَ حينَ بَدَوْنَ للنُّظّارِ |
وقيسُ تنشد " قَدْكُن يُكْنِنَّ ".
وقال
﴿ فلََمَّا أَفَلَ ﴾ ( ٧٦ ) فهو من " يَأْفِل " " أُفُولاً ".
وأما قوله للشمس
﴿ هذا رَبِّي ﴾ ( ٧٨ ) فقد يجوز على " هذا الشيءُ الطالِعُ رَبّي ".
أَوْ على أَنَّه ظهرت الشمس وقد كانوا يذكرون الرب في كلامهم قال لهم
﴿ هذا رَبّي ﴾. وإنما هذا مثل ضربه لهم ليعرفوا إذا هو زال انه لا ينبغي أن يكون مثله آلها، وليدلهم على وحدانية الله، وأنه ليس مثله شيء. وقال الشاعر :[ من الرجز وهو الشاهد الثامن والتسعون بعد المائة ] :
مَكَثْتَ حَوْلاً ثُمَّ جِئْتَ قاشِراً | لا حَمَلَتْ مِنْكَ كِراعٌ حافِرا |
قال ﴿ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ﴾ ( ٨٤ ) يعني :﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ ﴾ ﴿ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ﴾ وكذلك ﴿ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى ﴾ ( ٨٥ ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٨٤:قال ﴿ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ﴾ ( ٨٤ ) يعني :﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ ﴾ ﴿ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ﴾ وكذلك ﴿ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى ﴾ ( ٨٥ ).
وقفال بعضهم ﴿ وَالْيَسَع ﴾ ( ٨٦ ) وقال بعضهم ﴿ وَاللَّيْسعَ ﴾ ونقرأ بالخفيفة.
وقال ﴿ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ ( ٩٠ ). وكلّ شيء من بنات الياء والواو في موضع الجزم فالوقف عليه بالهاء ليلفظ به كما كان.
وقال ﴿ وَهذا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ [ ١١١ ب ] مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي ﴾ ( ٩٢ ) رفع على الصفة، ويجعل نصبا حالا ل﴿ أَنْزَلْنَاهُ ﴾.
وقال ﴿ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو* أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنْفُسَكُمُ ﴾ ( ٩٣ ) فنراه يريد : يقولون ﴿ أَخْرِجُواْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ و الله اعلم. وكان في قوله ﴿ بَاسِطُو* أَيْدِيهِمْ ﴾ دليل على ذلك لأنه قد أخْبَرَ أنهم يريدون منهم شيئاً.
وقال ﴿ فَالِقُ الإِصْبَاحِ ﴾ ( ٩٦ ) جعله مصدرا من " أَصْبَحَ ". وبعضهم يقول ﴿ فالِقُ الأَصْباحِ ﴾ جماع " الصُّبْح ".
وقال ﴿ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ﴾ ( ٩٦ ) أي : بِحِسابٍ. فحذف الباء كما حذفها من قوله ﴿ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ ﴾ أَيْ : أَعْلَمُ بمن يَضِلّ. و " الحُسْبانُ " جماعة " الحِسابِ " مثل " شِهاب " و " شُهْبَان "، ومثله " الشَمْسُ والقَمرُ بِحُسْبانٍ " أي : بحساب.
وقال ﴿ أَنْشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ﴾ ( ٩٨ ) فنراه يعنى : فمنها مُسْتَقِرٌّ ومنها مُسْتَوْدَعٌ و الله اعلم. وتقرأ ﴿ مُسْتَقَرّ ﴾.
وقال ﴿ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً ﴾ ( ٩٩ ) يريد " الأَخْضَرَ " كقول العرب : " أرِنيِها نَمِرَةً أُرِكَها مَطِرَةً ".
وقال ﴿ وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ ﴾ ( ٩٩ ) ثم قال ﴿ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ ﴾ ( ٩٩ ) أي : " وَأَخْرَجْنا بِهِ جَنّاتٍ مِنْ أَعنابٍ ".
ثم قال ﴿ وَالزَّيْتُونَ ﴾ ( ٩٩ ) وواحد : " القِنْوانِ " : قِنْوٌ، وكذلك " الصِّنْوانُ " واحدها : صِنْوٌ.
وقال [ ١١٢ ب ]
﴿ وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ ﴾ ( ١٠٠ ) على البدل كما قال
﴿ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( ١٢ ) صِرَاطِ اللَّهِ ﴾. وقال الشاعر :[ من الوافر وهو الشاهد المائتان ] :
ذَرِينِي إِنَّ أمرَكِ لَن يُطاعا | وَمَا ألفَيْتِني حِلْمِي مُضاعا |
وقال :[ من البسيط وهو الشاهد الحادي بعد المائتين ] :
إِنِّي وَجَدْتُكَ يا جُرْثُومُ مِنْ نَفَرٍ | جُرْثُومَةِ اللُّؤْمِ لا جُرْثُومَةِ الكَرَمِ |
[ وقال الآخر ] :[ من البسيط وهو الشاهد الخامس والخمسون بعد المائة ] :
إِنَّا وَجَدْنا بَنِي جِلاّنَ كُلَّهم | كساعِد الضُّبِّ لا طُولٌ ولا عِظَمُ* |
وقال :[ من الرجز وهو الشاهد الثاني بعد المائتين ] :
ما لِلجِمالِ مَشْيِها وَئيدا | أَجَنْدَلاً لاَ يَحْمِلْنَ أَمْ حَدِيدا |
ويقال : ما للجمالِ مشيُها وَئيدا. كما قيل :[ من الوافر وهو الشاهد الثالث بعد المائتين ] :
فكيفَ تَرَى عَطِيَّةَ حِينَ تَلْقَى | عِظاماً هامُهُنَّ قُرآسِيات |
وقوله ﴿ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ ﴾ ( ١٠٥ ) أي : دَارَسْتَ أَهْلَ الكتابِ ﴿ وَكَذلك نُصَرِّفُ الآيَاتِ ﴾ ( ١٠٥ ) يعني : هكذا. وقال بعضهم [ ١١٢ ء ] ﴿ دَرَسْتَ ﴾ وبها نقرأ لأنها أوفق للكتاب. وقال بعضهم ﴿ دَرَسَتْ ﴾.
وقال ﴿ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدُوّاً بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ ( ١٠٨ ) ثقيلة مشددة و﴿ عَدْواً ﴾ خفيفة، والأصل من " العُدْوانِ ". وقال بعضهم ﴿ عَدُوّاً ﴾ بغير علم. أي : سبّوه في هذه الحال. ولكن " العَدُوّ " جماعة كما قال ﴿ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي ﴾ وكما قال ﴿ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾ ونقرأ ﴿ عَدْواً ﴾ لأنها أكثر في القراءة وأجود في المعنى لأنك تقول :[ عُدا ] عَدْواً علينا " مثل " ضَرَبَهُ ضَرْباً ".
وقال
﴿ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ ( ١٠٩ ) وقرأ بعضهم
﴿ أَنَّها ﴾ وبها نقرأ وفسر على " لعلها " كما تقول العرب : " اِذْهَبْ إِلى السوق أَنَّكَ تشتري لي شيئاً " أي : لَعَلَّك. وقال الشاعر :[ من الرجز وهو الشاهد التاسع والتسعون بعد المائة ] :
قُلْتُ لِشَيْبانَ اذْنُ من لِقائِهِ | أَنَّا نُغَذِّي القَوَمَ مِن شِوائِه |
في معنى " لَعَلَّنا ".
قال :﴿ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ﴾ ( ١١١ ) أيْ : قَبِيلاً قَبِيلا، جماعة " القَبيل " " القُبُل ".
ويقال " قِبَلا " أي : عِيانا.
وقال ﴿ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً ﴾ أي : عِيانا.
وتقول : " لا قِبَلَ لي بهذا " أي : لا طَاقَةَ*. وتقول : " لِي قِبَلَك حقٌ " أي : عندَك.
[ و ] قال :﴿ ولتصغي إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ ﴾ ( ١١٣ )، هي من " صَغَوْتُ " " يَصْغا " مثل " مَحَوْتُ " " يمْحا ".
وقال :﴿ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ ( ١١٩ ).
يقول - و الله اعلم لَكُمْ أَلاَّ - " وَأَيّ شَيْءٍ لَكُمْ في أَلاّ تَأْكُلُوا " ، وكذلك ﴿ وَمَا لَنَا أَلاّ نُقَاتِلَ ﴾.
يقول : " أيُّ شَيْءٍ لَنا في تَركِ القِتال ". ولو كانت ﴿ أَنْ ﴾ زائدة لارتفع الفعل، ولو كانت في معنى " وما لَنا وَكَذا " لكانت " وَمَالَنا وَأَلاّ نُقَاتِلَ ".
وقال ﴿ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم ﴾ ( ١١٩ ) ويقرأ ﴿ ليُضِلُّونَ ﴾. أوقع " أنَّ " على النكرة لأنَّ الكلام إذا طال احتمل ودل بعضه على بعض.
وقال :﴿ وَكَذلك جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا ﴾ ( ١٢٣ ) [ ١١٣ ء ]،
فبناه على " أَفاعِل "، وذلك انه يكون على وجهين يقول " هؤلاء الأكابر " و " الأكبرون " .
وقال :﴿ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ﴾ وواحدهم " أَخْسَرُ " مثل " الأَكْبَر ".
وقال :﴿ وَكَذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ ﴾، ( ١٣٧ ) لأن الشركاء زينوا.
ثم قال :﴿ لِيُرْدُوهُمْ ﴾ ( ١٣٧ ) من " أرْدى " " إِرْداءَ ".
وقال :﴿ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا ﴾ ( ١٣٨ ).
و " الحِجْر " : " الحَرام " ،
وقد قرئت بالضم ﴿ حُجْرٌ ﴾، وكذلك قرئت ﴿ حُجْراً مَحْجُورا ﴾ بضم الحاء و﴿ حِجْراً ﴾ في معنى واحد.
وقد يكون " الحِجْرُ " : العَقْل، قال الله تعالى ﴿ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لذي حِجْرٍ ﴾ أي ذي عقل.
وقال بعضهم : " لا يكون في قوله ﴿ وَحَرْثٌ حِجْرٌ ﴾ ( ١٣٨ ) إلا الكسر. وليس ذا بشيء لأنه حرام.
وأما " حَِجْرُ المرأة " ففيه الفتح والكسر.
و " حَجْرُ اليَمامة " * بالفتح و " الحِجْرُ " ما حَجَرْتَه وهو قول أصْحابِ الحجر.
وقوله عز وجل :﴿ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ ﴾ ( ١٣٩ ).
رَفْعٌ أي** : وإِنْ تَكُن فِي بُطُونِهَا مِيتَةٌ. وقد يجوز الرفع إذا قلت ﴿ يَكُن ﴾ لأن المؤنّث قد يذكر فعله.
و﴿ خالِصَةٌ ﴾ : أنثت لتحقيق الخلوص كأنه لما حقق لهم الخلوص أشبه الكثرة فجرى مجرى " رَاوِية " و " نَسّابة ".
[ وقال ] ﴿ جَنَّاتٍ ﴾ ( ١٤١ ) جرْ لأن تاء الجميع في موضع النصب [ ١١٣ ب ] مجرورة بالتنوين.
ثم قال ﴿ وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً ﴾ ( ١٤٢ ) أَي : وأَنْشَأَ من الأَنعامِ حَمُولَةً وَفَرْشا.
ثم قال
﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ﴾ ( ١٤٣ ) أي : أَنْشَأَ حَمُولَةً وَفَرَشْاً ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ. أي : أَنّشَأَ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ، على البدل أو التبيان أو على الحال.
ثم قال : " أَنْشَأَ
﴿ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ﴾ ( ١٤٤ ) وإنما قال
﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ﴾ لأنَّ كُلَّ واحدٍ " زَوْجٌ ". تقول للاثنين : " هذانِ زَوْجانِ " وقال الله عز وجل
﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ﴾ وتقول للمرأة : " هي زَوْجٌ " و " هي زَوْجَةٌ " و : " هو زَوْجُها ". وقال
﴿ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَها ﴾ يعني المرأة وقال
﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ﴾ وقال بعضهم " الزَوْجَةُ " وقال الأخْطَل :[ من البسيط وهو الشاهد السابع والعشرون بعد المائة ] :
زَوْجَةُ أَشْمَطَ مَرْهُوبٌ بَوادِرُهُ | قَدْ صار في رَأْسِهِ التَخْوِيصَ والنَزَعُ |
وقد يقال للاثنين أيضاً : " هما زَوْجٌ " و[ " الزَوْجُ " النَمَط يُطْرَحُ على الهَوْدَج ] قال لَبيد :[ من الكامل وهو الشاهد السادس والعشرون بعد المائة ] :
مِنْ كُلِّ محْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ | زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلَّةٌ وقِرامُها |
وأمّا
﴿ الضَأن ﴾ ( ١٤٣ ) فمهموز وهو جماع على غير واحد. ويقال
﴿ الضَئِين ﴾ مثل " الشَعِير " وهو جماعة " الضَأْن " والأنْثى " ضائِنَة " والجماعة : " الضَوَائِنِ ".
و
﴿ المَعْزُ ﴾ ( ١٤٣ ) جمع على غير واحد وكذلك " المِعْزَى "، فأما " المَواعِز " فواحدتها " الماعِزْ " و " الماعِزَةُ " والذكر الواحد " ضائِنْ " فيكون " الضَأْن " جماعة " الضائِنْ " [ ١٠٤ ء ] مثل صاحِب " و " صَحْب " و " تاجِر " و " تَجْر " وكذلك " ماعِزْ " و " مَعْز ". وقال بعضهم
﴿ ضأَنْ ﴾ و
﴿ مَعَز ﴾ جعله جماعة " الضَائِن " و " الماعِز " مثل " خَادِم " و " خَدَم "، و " حافِد " و " حَفَدَةْ " مثله إِلاَّ أَنَّهُ أُلحق فيه الهاء.
وأمَّا قَوْلُه
﴿ الذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ ﴾ ( ١٤٣ ) فانتصب ب " حرّم ".
وقال ﴿ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً ﴾ ( ١٤٥ ) يقول : " إِلاَّ أَنْ يكونَ مِيتَةً أَوْ فِسقاً فإِنَّه رِجْسٌ ".
وقال ﴿ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا ﴾ ( ١٤٦ ) فواحد " الحَوايا " : " الحاوِياءُ " " والحَاوِيَةُ ". ويريد بقوله - و الله أعلم - ﴿ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ﴾ أي : والبقر والغنم حرمنا عليهم. ولكنه أدخل فيها " مِنْ " والعرب تقول : " قَدْ كانَ مِنْ حَديثٍ " يريدون : قَدْ كانَ حَدِيثٌ " وإِن شئت قلت : " وَمِنْ الغَنَمِ حَرَّمْنا الشُّحُومَ " كما تقول : " مِنَ الدّارِ أُخِذَ النِّصفُ والثُلُثُ " فأضفت على هذا المعنى كما تقول : " مِنَ الدّارِ أُخِذَ نِصْفُها " و " مِنْ عَبْدِ اللهِ ضُرِبَ وَجْهُهُ ".
وقال ﴿ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ ﴾ ( ١٥٠ ) لأن " هَلُمَّ " قد تكون للواحد والاثنين والجماعة.
وقال ﴿ أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا ﴾ ( ١٥٦ ) على ﴿ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ﴾ ( ١٥٤ ) كراهيةَ ﴿ أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا ﴾ ( ١٥٦ ).
وقال ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً ﴾ ( ١٥٩ ) [ ١١٤ ب ] وقال بَعْضُهُم ﴿ فارَقُوا ﴾ من " المُفارَقَةِ ".
وقال ﴿ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ ( ١٦٠ ) على العدد كما تقول : " عَشْرُ سُودٍ " فان قلت كيف قال " عَشْر " و " المِثَل " مذكر ؟ فإنما أنث لأنه أضاف إِلى مؤنث وهو في المعنى أيضاً " حَسَنَةٌ " أو " دَرَجةٌ ". فإِنْ أَنَّثَ على ذلك فهو وجه. وقال بعضُهم ﴿ عَشْرٌ أمْثالُها ﴾ جعل " الأمثال " من صفة " العشر ". وهذا الوجه إلا انه لا يقرأ. لأنَّه ما كان من صفة لم تضف إليه العدد. ولكن يقال : " هُمْ عَشْرَةٌ قيامٌ " و " عشرةٌ قُعُودٌ " لا يقال : " عشرةُ قيامٍ ".
وقال ﴿ دِيناً قِيَماً ﴾ ( ١٦١ ) أيْ : مستقيما وهي قراءة العامة وقال أَهْلُ المدينة ﴿ قِيَما ﴾ وهي حسنة ولم أَسمَعها من العرب وهي في معنى المفسر.