تفسير سورة المزّمّل

أضواء البيان
تفسير سورة سورة المزمل من كتاب أضواء البيان المعروف بـأضواء البيان .
لمؤلفه محمد الأمين الشنقيطي . المتوفي سنة 1393 هـ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا
بَيَّنَ تَعَالَى الْمُرَادَ مِنَ الْمِقْدَارِ الْمَطْلُوبِ قِيَامُهُ بِمَا جَاءَ بَعْدَهُ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ [٧٣ ٣]، أَيْ: مِنْ نِصْفِهِ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ، أَيْ: عَلَى نِصْفِهِ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَمَا بَعْدَهَا بَيَانٌ لِمُجْمَلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ الْآيَةَ [١٧ ٧٩].
وَفِيهَا بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْقِيَامِ، وَهُوَ بِتَرْتِيلِ الْقُرْآنِ، وَفِيهَا رَدٌّ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ اخْتُلِفَ فِيهِمَا.
الْأُولَى مِنْهُمَا: عَدَدُ رَكَعَاتِ قِيَامِ اللَّيْلِ، أَهْوَ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ أَوْ أَكْثَرُ؟
وَقَدْ خُيِّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنَ اللَّيْلِ، فَتَرَكَ ذَلِكَ لِنَشَاطِهِ وَاسْتِعْدَادِهِ وَارْتِيَاحِهِ. فَلَا يُمْكِنُ التَّعَبُّدُ بِعَدَدٍ لَا يَصِحُّ دُونَهُ وَلَا يَجُوزُ تَعَدِّيهِ، وَاخْتُلِفَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ خَاصَّةً، وَالْأَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِمَا ارْتَضَاهُ السَّلَفُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِسَالَةً عَامَّةً هِيَ رِسَالَةُ التَّرَاوِيحِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ عَامٍ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقَدِ اسْتَقَرَّ الْعَمَلُ عَلَى عِشْرِينَ فِي رَمَضَانَ.
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ قِيَامِ اللَّيْلِ عَامَّةً: هَلِ الْأَفْضَلُ كَثْرَةُ الرَّكَعَاتِ لِكَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؟، وَحَيْثُ إِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، أَمْ طُولَ الْقِيَامِ لِلْقِرَاءَةِ؟ حَيْثُ إِنَّ لِلْقَارِئِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، فَهُنَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [٧٣ ٤]، نَصَّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِتَرْتِيلِ الْقُرْآنِ تَرْتِيلًا، وَأَكَّدَ بِالْمَصْدَرِ تَأْكِيدًا لِإِرَادَةِ هَذَا الْمَعْنَى، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «لَا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الرَّمْلِ، وَلَا تَهُذُّوهُ هَذَّ الشِّعْرِ؟ قِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ، وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ، وَلَا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ».
وَقَدْ بَيَّنَتْ أُمُّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تِلَاوَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهَا: كَانَ يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [١ ٤]. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ: سُئِلَ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: كَانَتْ مَدًّا، ثُمَّ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَمُدُّ بِسْمِ اللَّهِ وَيَمُدُّ الرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ الرَّحِيمِ.
تَنْبِيهٌ.
إِنْ لِلْمَدِّ حُدُودًا مَعْلُومَةً فِي التَّجْوِيدِ حَسَبَ تَلَقِّي الْقُرَّاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، فَمَا زَادَ عَنْهَا فَهُوَ تَلَاعُبٌ، وَمَا قَلَّ عَنْهَا فَهُوَ تَقْصِيرٌ فِي حَقِّ التِّلَاوَةِ.
وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُتَّخِذِينَ الْقُرْآنَ كَغَيْرِهِ فِي طَرِيقَةِ الْأَدَاءِ مِنْ تَمْطِيطٍ وَتَزَيُّدٍ لَمْ يُرَاعُوا مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ تَحْسِينَ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ».
وَقَالَ أَبُو مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَسْمَعُ قِرَاءَتِي ; لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا. وَهَذَا الْوَصْفُ هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى مِنْهُ الْغَرَضُ مِنَ التِّلَاوَةِ، وَهُوَ التَّدَبُّرُ وَالتَّأَمُّلُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [٤ ٨٢]، كَمَا أَنَّهُ هُوَ الْوَصْفُ الَّذِي يَتَأَتَّى مَعَهُ الْغَرَضُ مِنْ تَخَشُّعِ الْقَلْبِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [٣٩ ٢٣]، وَلَا تَتَأَثَّرُ بِهِ الْقُلُوبُ وَالْجُلُودُ إِلَّا إِذَا كَانَ مُرَتَّلًا، فَإِذَا كَانَ هَذَا كَالشِّعْرِ أَوِ الْكَلَامِ الْعَادِيِّ لَمَا فُهِمَ، وَإِذَا كَانَ مُطْرِبًا كَالْأَغَانِي لَمَا أَثَّرَ. فَوَجَبَ التَّرْتِيلُ كَمَا بَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا
مَعْلُومٌ أَنَّ الْقَوْلَ هُنَا هُوَ الْقُرْآنُ كَمَا قَالَ تَعَالَى إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [٦٩ ٤٠] وَقَوْلُهُ: وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [٢٨ ٥١].
وَقَوْلُهُ: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ [٨٦ ١٣]، وَقَوْلُهُ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [٤ ١٢٢]، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَلَكِنَّ وَصْفَهُ بِالثِّقَلِ مَعَ أَنَّ الثِّقَلَ لِلْأَوْزَانِ وَهِيَ الْمَحْسُوسَاتُ.
فَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ الثِّقَلَ فِي وَزْنِ الثَّوَابِ، وَقِيلَ فِي التَّكَالِيفِ بِهِ، وَقِيلَ مِنْ أَثْنَاءِ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ ثَابِتٌ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: فَمِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَتَاهُ الْوَحْيُ أَخَذَتْهُ
بُرَحَاءُ شَدِيدَةٌ، وَكَانَ يَحْمَرُّ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي سَفَرِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بَرَكَتْ بِهِ النَّاقَةُ، وَجَاءَ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ وَاضِعًا رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِهِ، فَأَتَاهُ الْوَحْيُ، قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فَخِذِي تَكَادُ تَنْفَصِلُ مِنِّي، وَمِنْ جَانِبِ تَكَالِيفِهِ فَقَدْ ثَقُلَتْ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.
وَمِنْ جَانِبِ ثَوَابِهِ: فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ».
وَحَدِيثُ الْبِطَاقَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَشْهَدُ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ وَلَا يُنَافِيهِ.
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ هَذَا الثُّقْلَ قَدْ يُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ [٢ ٤٥ - ٤٦]، وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ ثَقِيلٌ عَلَى الْكُفَّارِ، خَفِيفٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مُحَبَّبٌ إِلَيْهِمْ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْآثَارِ أَنَّ بَعْضَ السَّلَفِ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ بِسُورَةٍ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ تَلَذُّذًا وَارْتِيَاحًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ [٥٤ ١٧]، فَهُوَ ثَقِيلٌ فِي وَزْنِهِ ثَقِيلٌ فِي تَكَالِيفِهِ، وَلَكِنْ يُخَفِّفُهُ اللَّهُ وَيُيَسِّرُهُ لِمَنْ هَدَاهُ وَوَفَّقَهُ إِلَيْهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا
أَيْ: مَا تَنَشَّأَهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ أَشَدُّ مُوَاطَأَةً لِلْقَلْبِ، وَأَقْوَمُ قِيلًا فِي التِّلَاوَةِ وَالتَّدَبُّرِ وَالتَّأَمُّلِ، وَبِالتَّالِي بِالتَّأَثُّرِ، فَفِيهِ إِرْشَادٌ إِلَى مَا يُقَابِلُ هَذَا الثُّقْلَ فِيمَا سَيُلْقَى عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْلِ، فَهُوَ بِمَثَابَةِ التَّوْجِيهِ إِلَى مَا يَتَزَوَّدُ بِهِ لِتَحَمُّلِ ثُقْلِ أَعْبَاءِ الدَّعْوَةِ وَالرِّسَالَةِ.
وَقَدْ سَمِعْتُ مِنَ الشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - قَوْلَهُ: لَا يُثَبِّتُ الْقُرْآنَ فِي الصَّدْرِ، وَلَا يُسَهِّلُ حِفْظَهُ وَيُيَسِّرُ فَهْمَهُ إِلَّا الْقِيَامُ بِهِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، وَقَدْ كَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَتْرُكُ وِرْدَهُ مِنَ اللَّيْلِ صَيْفًا أَوْ شِتَاءً، وَقَدْ أَفَادَ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ [٢ ٤٥]، فَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزَعَ إِلَى الصَّلَاةِ.
وَهَكَذَا هُنَا فَإِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ كَانَتْ عَوْنًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا سَيُلْقَى عَلَيْهِ مِنْ ثُقْلِ الْقَوْلِ.
مَسْأَلَةٌ:
قِيلَ: إِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ ; لِقَوْلِهِ
359
تَعَالَى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [١٧ ٧٩]، وَالنَّافِلَةُ: الزِّيَادَةُ، وَقِيلَ: كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ، ثُمَّ خَفَّفَ هَذَا كُلَّهُ بِقَوْلِهِ:
فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، إِلَى قَوْلِهِ: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا [٧٣ ٢٠].
وَلَكِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا دَاوَمَ عَلَيْهِ، فَكَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ شُكْرًا لِلَّهِ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»، وَبَقِيَ سُنَّةً لِغَيْرِهِ بِقَدْرِ مَا يَتَيَسَّرُ لَهُمْ. - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.
360
Icon