هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ والمرسلات عرفا ( ١ ) فالعاصفات عصفا ( ٢ ) والناشرات نشرا ( ٣ ) فالفارقات فرقا ( ٤ ) فالملقيات ذكرا ( ٥ ) عذرا أو نذرا ( ٦ ) إنما توعدون لواقع ( ٧ ) فإذا النجوم طمست ( ٨ ) وإذا السماء فرجت ( ٩ ) وإذا الجبال نسفت ( ١٠ ) وإذا الرسل أقتت ( ١١ ) لأي يوم أجلت ( ١٢ ) ليوم الفصل ( ١٣ ) وما أدراك ما يوم الفصل ( ١٤ ) ويل يومئذ للمكذبين ﴾ [ المرسلات : ١-١٥ ].شرح المفردات : المرسلات : هم الملائكة الذين أرسلهم الله لإيصال النعمة إلى قوم، والنقمة إلى آخرين، عرفا : أي للمعروف والإحسان.
المعنى الجملي : أقسم سبحانه بطوائف من الملائكة، منهم المرسلون إلى الأنبياء بالإحسان والمعروف ليبلغوه للناس، ومنهم الذين يعصفون ما سوى الحق ويبعدونه كما تبعد العواصف التراب وغيره، ومنهم الذين ينشرون آثار رحمته في النفوس الحية، ومنهم الذين يفرقون بين الحق والباطل، ومنهم الملقون العلم والحكمة للإعذار والإنذار من الله- إن يوم القيامة لا ريب فيه، وحين تمحق أنوار النجوم، وتشقق السماء، وتنسف الجبال، ويعين للرسل الوقت الذي يشهدون فيه على أممهم، ويفصل بين الخلائق إبّان العرض والحساب يكون الخزي والعذاب للكافرين المكذبين.
الإيضاح :﴿ والمرسلات عرفا ﴾ أي أقسم بملائكتي الذين أرسلتهم بالإحسان والمعروف، ليبلغوه أنبيائي ورسلي.
شرح المفردات : والعاصفات : أي المبعدات للباطل كما تبعد العواصف التراب والتبن والهباء.
﴿ فالعاصفات عصفا ﴾ أي فالملائكة المبعدين للباطل بسرعة كما تعصف الريح التراب والهباء..
شرح المفردات : والناشرات : أي الناشرات لأجنحتهن عند نزولهن إلى الأرض.
﴿ والناشرات نشرا ﴾ أي والملائكة الذين ينشرون آثارهم في الأمم والنفوس الحية.
شرح المفردات : فالفارقات فرقا : أي فالفارقات بين الحق والباطل.
﴿ فالفارقات فرقا ﴾ أي فالملائكة النازلين بأمر الله للفرق بين الحق والباطل، والهدى والغي.
شرح المفردات : فالملقيات ذكرا : أي فالملقيات العلم والحكمة إلى الأنبياء، عذرا أو نذرا : أي للإعذار والإنذار، من قولهم : عذره إذا أزال الإساءة، وأنذر إذا خوّف.
﴿ فالملقيات ذكرا* عذرا أو نذرا ﴾ أي فالملائكة الملقيات إلى الرسل وحيا فيه إعذار إلى الخلق، وإنذار لهم بعقاب الله إن هم خالفوا أمره.
﴿ إنما توعدون لواقع ﴾ أي أقسم بهذه الأقسام إن ما وعدتم به من قيام الساعة لكائن لا محالة.
شرح المفردات : طمست : أي محقت وذهب نورها.
﴿ فإذا النجوم طمست ﴾ أي فإذا ذهب ضوء النجوم، ونحو الآية قوله :﴿ وإذا النجوم انكدرت ﴾ [ التكوير : ٢ ].
شرح المفردات : فرجت : أي فتحت وشقّت.
﴿ وإذا السماء فرجت ﴾ أي وإذا السماء انفطرت وتشققت، وهذا كقوله :﴿ وفتحت السماء فكانت أبوابا ﴾ [ النبأ : ١٩ ]، وقوله :﴿ إذا السماء انشقت ﴾ [ الانشقاق : ١ ]، وقوله :﴿ ويوم تشقق السماء بالغمام ﴾ [ الفرقان : ٢٥ ].
شرح المفردات : نسفت : أي اقتلعت من أماكنها بسرعة من قولهم : انتسفت الشيء إذا اختطفته.
﴿ وإذا الجبال نسفت ﴾ أي وإذا الجبال فرقتها الرياح، فلم يبق لها عين ولا أثر، وهذا كقوله :﴿ ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا ﴾ [ طه : ١٠٥ ].
شرح المفردات : أقتت : أي عين لها الوقت الذي تحضر فيه للشهادة على أممها.
﴿ وإذا الرسل أقّتت ﴾ أي وإذا جعل للرسل وقت للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم، وهذا كقوله :﴿ يوم يجمع الله الرسل ﴾ [ المائدة : ١٠٩ ].
شرح المفردات : أجّلت : أي أخرت وأمهلت.
﴿ لأي يوم أجّلت ﴾ أي ويقال حينئذ : لأي يوم أخرت الأمور المتعلقة بالرسل من تعذيب الكفار وإهانتهم، وتنعيم المؤمنين ورعايتهم، وظهور ما كانت الرسل تذكره من أمور الآخرة وأحوالها، وفظاعة أهوالها.
والمراد بهذا تهويل أمر هذا اليوم وتعظيم شأنه ؛ كأنه قيل : أي يوم هذا الذي أجل اجتماع الرسل إليه ؟ إنه ليوم عظيم.
شرح المفردات : الفصل : أي الفصل بين الخلائق بأعمالهم : إما إلى الجنة، وإما إلى النار.
ثم بيّن ذلك اليوم فقال :﴿ ليوم الفصل ﴾ أي ليوم يفصل الله فيه بين الخلائق، وهو اليوم الذي أجل اجتماع الرسل له.
﴿ وما أدراك ما يوم الفصل ﴾ أي وما أعلمك بيوم الفصل وشدته وعظيم أهواله ؟.
شرح المفردات : ويل : أي عذاب وخزي.
ثم صرّح بالمراد وأبان من سيقع عليهم النكال والوبال حينئذ فقال :
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ أي عذاب وخزي لمن كذب بالله ورسله وكتبه وبكل ما ورد على ألسنة أنبيائه وأخبروا به.
المعنى الجملي : بعد أن حذر الكافرين وخوفهم بأن يوم الفصل كائن لا محالة، وأقسم لهم بملائكته المقربين ورسله الطاهرين بأنه يوم سيكون، وأن فيه من الأهوال ما لا يدرك كنهه إلا علام الغيوب- أردف ذلك بتخويفهم بأنه أهلك الكفار قبلهم بكفرهم فإذا سلكتم سبيلهم فستكون عاقبتكم كعاقبتهم، وستعذبون في الدنيا والآخرة، ثم أعقبه بتخويفهم بنكران إحسانه إليهم، فإنه قد خلقهم من ماء مهين في قرار مكين إلى زمن معلوم، ثم أنشأهم خلقا آخر، وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة، ليشكروا نعم الله عليهم، فكفروا بها وأنكروا وحدانيته وعبدوا الأصنام والأوثان، ثم ذكرهم بنعمه في الآفاق ؛ إذ خلق لهم الأرض وجعلها تضمهم أحياء وأمواتا، وجعل فيها الجبال لئلا تميد بهم وجعل فيها الأنهار والعيون، ليشربوا منها ماء عذبا زلالا، فويل لمن كفر بهذه النعم العظام.
الإيضاح :﴿ ألم نهلك الأولين ﴾ أي ألم نهلك من كذب الرسل قبلكم، ونعذبهم في الدنيا بشتى أنواع العذاب، فتارة بالغرق كما حدث لقوم نوح، وأخرى بالزلزال كما كان لقوم لوط إلى أشباه ذلك من المثلاث التي حلّت بالأمم قبلكم، جزاء لهم على قبيح أعمالهم وسيء أفعالهم، وإن سنننا في المكذبين لا تبديل فيها ولا تغيير، فاحذروا أن يحل بكم مثل ما حلّ بهم، وتندموا، ولات ساعة مندم.
﴿ ثم نتبعهم الآخرين ﴾ أي ثم نحن نفعل بأمثالهم من الآخرين، ونسلك بهم سبيلهم لأنهم فعلوا مثل أفعالهم.
وفي هذا من شديد الوعيد لأهل مكة ما لا يخفى.
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
ثم ذكر الحكمة في إلحاقهم بهم فقال :
﴿ كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ أي إن سنتنا في جميع المجرمين واحدة، فكما أهلكنا المتقدمين لإجرامهم وتكذيبهم- نفعل بالمتأخرين الذين حذوا حذوهم، واستنّوا سنتهم، فسنننا تجري على وتيرة واحدة.
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ أي هؤلاء وإن عذبوا في الدنيا بأنواع من العذاب، فالطامة الكبرى معدة لهم يوم القيامة، والتكرير للتوكيد شائع في كلام العرب كما تقدم في سورة الرحمن.
وقال القرطبي : كرر الويل في هذه السورة عند كل آية لمن كذب بشيء، لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم، فجعل لكل مكذب بشيء عذابا سوى عذابه بتكذيب شيء آخر اه.
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
ثم ذكرهم بجزيل نعمه عليهم في خلقهم وإيجادهم مما يستدعي جزيل شكرانهم فقال :
﴿ ألم نخلقكم من ماء مهين* فجعلناه في قرار مكين* إلى قدر معلوم* فقدرنا فنعم القادرون ﴾ أي ألا تعترفون بأنكم خلقتم من نطفة مذرة منتنة وضعت في الأرحام إلى حين الولادة، ونحن قد قدرنا ذلك فنعم المقدرون، إذ خلقناكم في أحسن الصور والهيئات- أفلا يستحق ذلك الخالق منكم الشكران لا الكفران والاعتراف بوحدانيته، وإرساله للرسل والإقرار بالبعث ؟ لكنكم كفرتم أنعمه، ونكلتم عن الاعتراف بوحدانيته، وعبدتم الأصنام والأوثان، وأنكرتم يوم الفصل والجزاء، فسترون في هذا اليوم عاقبة ما اجترحتم.
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
ثم ذكرهم بجزيل نعمه عليهم في خلقهم وإيجادهم مما يستدعي جزيل شكرانهم فقال :
﴿ ألم نخلقكم من ماء مهين* فجعلناه في قرار مكين* إلى قدر معلوم* فقدرنا فنعم القادرون ﴾ أي ألا تعترفون بأنكم خلقتم من نطفة مذرة منتنة وضعت في الأرحام إلى حين الولادة، ونحن قد قدرنا ذلك فنعم المقدرون، إذ خلقناكم في أحسن الصور والهيئات- أفلا يستحق ذلك الخالق منكم الشكران لا الكفران والاعتراف بوحدانيته، وإرساله للرسل والإقرار بالبعث ؟ لكنكم كفرتم أنعمه، ونكلتم عن الاعتراف بوحدانيته، وعبدتم الأصنام والأوثان، وأنكرتم يوم الفصل والجزاء، فسترون في هذا اليوم عاقبة ما اجترحتم.
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
ثم ذكرهم بجزيل نعمه عليهم في خلقهم وإيجادهم مما يستدعي جزيل شكرانهم فقال :
﴿ ألم نخلقكم من ماء مهين* فجعلناه في قرار مكين* إلى قدر معلوم* فقدرنا فنعم القادرون ﴾ أي ألا تعترفون بأنكم خلقتم من نطفة مذرة منتنة وضعت في الأرحام إلى حين الولادة، ونحن قد قدرنا ذلك فنعم المقدرون، إذ خلقناكم في أحسن الصور والهيئات- أفلا يستحق ذلك الخالق منكم الشكران لا الكفران والاعتراف بوحدانيته، وإرساله للرسل والإقرار بالبعث ؟ لكنكم كفرتم أنعمه، ونكلتم عن الاعتراف بوحدانيته، وعبدتم الأصنام والأوثان، وأنكرتم يوم الفصل والجزاء، فسترون في هذا اليوم عاقبة ما اجترحتم.
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
ثم ذكرهم بجزيل نعمه عليهم في خلقهم وإيجادهم مما يستدعي جزيل شكرانهم فقال :
﴿ ألم نخلقكم من ماء مهين* فجعلناه في قرار مكين* إلى قدر معلوم* فقدرنا فنعم القادرون ﴾ أي ألا تعترفون بأنكم خلقتم من نطفة مذرة منتنة وضعت في الأرحام إلى حين الولادة، ونحن قد قدرنا ذلك فنعم المقدرون، إذ خلقناكم في أحسن الصور والهيئات- أفلا يستحق ذلك الخالق منكم الشكران لا الكفران والاعتراف بوحدانيته، وإرساله للرسل والإقرار بالبعث ؟ لكنكم كفرتم أنعمه، ونكلتم عن الاعتراف بوحدانيته، وعبدتم الأصنام والأوثان، وأنكرتم يوم الفصل والجزاء، فسترون في هذا اليوم عاقبة ما اجترحتم.
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ أي خزي وعذاب لمن كذب بهذه المنن العوالي.
وبعد أن ذكرهم بالنعم التي أنعم بها عليهم في الأنفس- ذكرهم بما أنعم عليهم في الآفاق، وأرشد إلى أمور ثلاثة :
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
كرام حين تنكفت الأفاعــي | إلى أجحارهن من الصقيـع. |
خرج الشعبي في جنازة فنظر إلى الجبّان فقال : هذه كفات الأموات، ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه كفات الأحياء.
وكانوا يسمّون بقيع الغرقد ( مقبرة المدينة ) كفتة لأنه مقبرة تضم الموتى.
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
كرام حين تنكفت الأفاعــي | إلى أجحارهن من الصقيـع. |
خرج الشعبي في جنازة فنظر إلى الجبّان فقال : هذه كفات الأموات، ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه كفات الأحياء.
وكانوا يسمّون بقيع الغرقد ( مقبرة المدينة ) كفتة لأنه مقبرة تضم الموتى.
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
شرح المفردات : رواسي : أي جبالا ثوابت، شامخات : أي مرتفعات، فراتا : أي عذبا.
( ٢ ) ﴿ وجعلنا فيها رواسي شامخات ﴾ أي وجعلنا جبالا ثوابت عاليات على ظهرها، لئلا تميد بكم.
وهذه الجبال متصلة بالطبقة الصوانية التي هي أبعد طبقات الأرض عن سطحها وتلك الطبقة تضم في جوفها كرة النار المشتعلة التي في باطنها، وظاهرها هذه القشرة التي نحن عليها.
( ٣ ) ﴿ وأسقيناكم ماء فراتا ﴾ أي وأسقيناكم ماء عذبا فراتا تشربون منه، إما آتيا من السحاب الذي حفظته الجبال بارتفاعها، وإما من العيون النابعات منها ويمدها الثلج الذي يذوب شيئا فشيئا فوق ظهر الأرض متنزلا إلى بطنها، متجها إلى عيونها الجارية.
هي مكية إلا آية :﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ فمدنية.
نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها : أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ أي عذاب عظيم في الآخرة لمن كفر بهذه النعم.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أن للمكذبين بالله وأنبيائه واليوم الآخر العذاب في يوم الفصل والجزاء- بين هنا نوع ذلك العذاب بما يحار فيه أولو الألباب، ويخر من هوله كل مخبت أوّاب، فأخبر أنهم يؤمرون بالانطلاق إلى ما كانوا يكذبون به في الدنيا، إلى ظل دخان جهنم المتشعب لكثرته وتفرّقه إلى ثلاث شعب عظيمة، وهو لا يظلّهم ولا يمنع عنهم حر اللهب المتكون من نار ترمي بشرر، كأنه القصر المشيد علوا وارتفاعا، وكأنه الجمال الصفر انبساطا وتفرقا عن غير أعداد محصورة، وحركة غير معينة.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
الإيضاح :﴿ انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ﴾ أي يقول لهم خزنة جهنم حينئذ : اذهبوا إلى ما كنتم تكذبون به من العذاب في الدنيا.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
ثم بين هذا العذاب ووصفه بجملة صفات :
﴿ انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ﴾ أي انطلقوا إلى ظل دخان جهنم المتشعب إلى ثلاث شعب : شعبة عن يمينهم، وشعبة عن شمالهم، وشعبة من فوقهم ؛ والمراد أنه محيط بهم من كل جانب كما جاء في الآية الأخرى :﴿ أحاط بهم سراقدها ﴾ [ الكهف : ٢٩ ].
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
شرح المفردات : لا ضليل : أي لا يقي من حر الشمس.
( ٢ ) ﴿ لا ظليل ﴾ أي ليس بمظل فلا يقي من حرّ ذلك اليوم.
وفي هذا تهكم بهم، ونفي لأن يكون فيه راحة لهم، وإيذان بأن ظلهم غير ظل المؤمنين.
( ٣ ) ﴿ ولا يغني من اللهب ﴾ أي ولا يدفع من حر النار شيئا، لأنه في جهنم فلا يظلهم من حرها، ولا يسترهم من لهيبها كما قال في سورة الواقعة :﴿ في سموم وحميم ( ٤٢ ) وظل من يحموم ( ٤٣ ) لا بارد ولا كريم ﴾ [ الواقعة : ٤٢- ٤٤ ].
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
شرح المفردات : والشرر : ما يتطاير من النار، كالقصر : أي كالدار الكبيرة المشيدة، جمالة : واحدها جمل.
﴿ إنها ترمي بشرر كالقصر* كأنه جمالات صفر ﴾ أي إن هذه النار يتطاير منها شرر متفرق في جهات كثيرة كأنه القصر عظما وارتفاعا، وكأنه الجمال الصفر لونا وكثرة وتتابعا وسرعة حركة.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
شرح المفردات : والشرر : ما يتطاير من النار، كالقصر : أي كالدار الكبيرة المشيدة، جمالة : واحدها جمل.
﴿ إنها ترمي بشرر كالقصر* كأنه جمالات صفر ﴾ أي إن هذه النار يتطاير منها شرر متفرق في جهات كثيرة كأنه القصر عظما وارتفاعا، وكأنه الجمال الصفر لونا وكثرة وتتابعا وسرعة حركة.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ بهذا اليوم الذي لا يجدون فيه لدفع العذاب عنهم محيصا.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
ثم وصف اليوم الذي فيه العذاب فقال :
﴿ هذا يوم لا ينطقون* ولا يؤذن لهم فيعتذرون ﴾ أي هذا يوم لا يتكلمون من الحيرة والدهشة، ولا يؤذن لهم في الاعتذار، لأنه ليس لديهم عذر صحيح، ولا جواب مستقيم.
وقد يكون المراد- إنهم لا ينطقون بما يفيد فكأنهم لا ينطقون، وتقول العرب لمن ذكر ما لا يفيد : ما قلت شيئا.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
﴿ هذا يوم لا ينطقون* ولا يؤذن لهم فيعتذرون ﴾ أي هذا يوم لا يتكلمون من الحيرة والدهشة، ولا يؤذن لهم في الاعتذار، لأنه ليس لديهم عذر صحيح، ولا جواب مستقيم.
وقد يكون المراد- إنهم لا ينطقون بما يفيد فكأنهم لا ينطقون، وتقول العرب لمن ذكر ما لا يفيد : ما قلت شيئا.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ بما دعتهم إليه الرسل، فأنذرتهم عاقبته.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
﴿ هذا يوم الفصل ﴾ أي هذا يوم يفصل فيه بين الخلائق، ويتميز به الحق من الباطل، فيؤتى كل عامل جزاء عمله من ثواب وعقاب، ويفصل بين العباد بعضهم مع بعض، فيقتص من الظالم للمظلوم، وترد له حقوقه.
ثم بين كيف يكون الفصل فقال :
﴿ جمعناكم والأولين ﴾ أي جمعنا بينكم وبين من تقدمكم من الأمم في صعيد واحد ليمكن الفصل بينكم، فيقضي بهذا على هذا، ولولا ذلك ما أمكن إذ لا يقضي على غائب.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
شرح المفردات : فكيدون : أي فاحتالوا عليّ ؛ يقال : كدت فلانا إذا احتلت عليه.
﴿ فإن كان لكم كيد فكيدوني ﴾ أي فإن كان لكم حيلة في دفع العذاب عنكم فاحتالوا، لتخلصوا أنفسكم من العذاب.
وفي هذا تقريع لهم على كيدهم للمؤمنين في الدنيا، وإظهار لعجزهم وقصورهم حينئذ.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال :
فوقفت فيها ناقتي وكأنهــا | فدن لأقضي حاجة المتلــوم |
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ بالبعث لأنه قد ظهر لهم عجزهم وبطلان ما كانوا عليه في الدنيا.
شرح المفردات : ظلال : واحدها ظل، وهو أعم من الفيء ؛ فإنه يقال ظل الليل وظل الجنة، ولكل موضع لم تصل إليه الشمس ظل، ولا يقال فيء إلا لما زالت عنه الشمس، ويعبر بالظل أيضا عن الرفاهية، وعن العزة، وعيون : أي أنهار.
المعنى الجملي : بعد أن بين سبحانه ما يحل بالكفار من الخزي والنكال يوم القيامة- أعقبه بذكر ما يكون للمؤمنين من السعادة والكرامة حينئذ، فهم يكونون في ترف ونعيم ويأكلون فواكه مما يشتهون، ويقال لهم : كلوا واشربوا هنيئا بما قدمتم في الأيام الخالية، وهذا جزاء كل محسن لعمله.
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا ﴾ ولا نصيب لكم في الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدقون ؟.
الإيضاح :﴿ إن المتقين في ظلال وعيون ﴾ أي إن المتقين في ظلال ظليلة، وكن كنين، وعيون وأنهار، أي في ظلال الأشجار وظلال القصور، فلا يصيبهم أذى حرّ ولا قرّ، بخلاف الكافرين فإنهم في ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب كما تقدم ونحو الآية قوله في سورة يس :﴿ هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون ﴾ [ يس : ٥٦ ].
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا ﴾ ولا نصيب لكم في الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدقون ؟.
﴿ وفواكه مما يشتهون ﴾ أي ولديهم فواكه يأكلون منها كلما اشتهت نفوسهم لا يخافون ضرها ولا عاقبة مكروهها.
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا ﴾ ولا نصيب لكم في الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدقون ؟.
﴿ كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ﴾ أي ويقال لهم : كلوا أيها الأبرار من هذه الفواكه، واشربوا من هذه العيون كلما شئتم أكلا هنيئا خالص اللذة، لا يشوبه سقم ولا يكدره تنغيص، وهو دائم لكم لا يزول ولا يورثكم أذى في أبدانكم جزاء بما عملتم في الدنيا من طاعة الله، واجتهدتم فيما يقربكم من رضوانه.
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا ﴾ ولا نصيب لكم في الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدقون ؟.
﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾ أي إنا كما جزينا هؤلاء المتقين بما وصفنا من الجزاء على طاعتهم إيانا في الدنيا- نجزي أهل الإحسان لطاعتهم وعبادتهم لنا، فلا نضيع لهم أجرا، كما قال :﴿ إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ﴾ [ الكهف : ٣٠ ].
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا ﴾ ولا نصيب لكم في الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدقون ؟.
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ أي ويل للذين يكذبون ما أخبر الله به من تكريم هؤلاء المتقين بما أكرمهم به يوم القيامة.
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا ﴾ ولا نصيب لكم في الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدقون ؟.
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :
﴿ كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ﴾ أي كلوا بقية آجالكم، وتمتعوا بقية أعماركم وهي قليلة المدى، وسنستن بكم سنة من قبلكم من مجرمي الأمم الخالية التي متعت إلى حين، ثم انتقمنا منهم بكفرهم وتكذيبهم لرسلنا.
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا ﴾ ولا نصيب لكم في الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدقون ؟.
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ الذين عرضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالتمتع القليل، وكذبوا بما أخبرهم الله أنه فاعل بهم.
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا ﴾ ولا نصيب لكم في الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدقون ؟.
شرح المفردات : اركعوا : أي صلوا.
﴿ وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ﴾ أي وإذا قيل لهؤلاء المكذبين اعبدوا الله وأطيعوه واخشوا يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، استكبروا وأصروا على عنادهم.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ثقيفا بالصلاة، فقالوا لا نحبوا ( لا نركع ) فإنها سُبّة علينا، فقال عليه السلام :( لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود ).
وروى ابن جرير عن ابن عباس أنه قال : إنما يقال هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون، من جراء أنهم لم يكونوا يسجدون في الدنيا.
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا ﴾ ولا نصيب لكم في الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدقون ؟.
﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ بأوامر الله ونواهيه.
وبعد أن بالغ في زجر الكفار بما تقدم ذكره، وحث على الانقياد للدين الحق ختم السورة بالتعجيب من هؤلاء المشركين الذين لم يسمعوا نصيحة الداعي، ولم يتبعوا عظاته، وما فيه رشدهم وصلاحهم في آخرتهم ودنياهم فقال :﴿ فبأي حديث بعده يؤمنون ﴾
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال :﴿ كلوا وتمتعوا قليلا ﴾ ولا نصيب لكم في الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه، فبأي كلام بعده يصدقون ؟.
شرح المفردات : حديث : أي كلام.
﴿ فبأي حديث بعده يؤمنون ﴾ أي إذا لم يؤمنوا بهذه الدلائل على تجليها ووضوحها، فبأي كلام بعد هذا يصدقون ؟.
فالقرآن الكريم جامع لأخبار الدارين، مبين لأحوال النشأتين على نمط بديع تؤيده الحجج القاطعة، وتدعمه البراهين الناطقة.
وقصارى ذلك : إن القرآن قد اشتمل على البيان الشافي والحق الواضح، فما بالهم لا يبادرون إلى الإيمان به قبل الفَوت وحلول الموت، وعدم الانتفاع بعسى ولعل وليت.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله أجمعين.