تفسير سورة الضحى

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
تفسير سورة سورة الضحى من كتاب البحر المديد في تفسير القرآن المجيد .
لمؤلفه ابن عجيبة . المتوفي سنة 1224 هـ
سورة الضحى
مكية. وهي إحدى عشرة آية. ومناسبتها : قوله :﴿ ولسوف يرضى( ٢١ ) ﴾ [ الليل : ٢١ ] مع قوله :﴿ ولسوف يعطيك ربك فترضى ﴾ لما أخبر أنه أعطى للصديق ما يرضيه أخبر أنه سيفعل ذلك بنبيه صلى الله عليه وسلم، فقال :
بسم الله الرحمان الرحيم :
﴿ وَالضُّحَى ﴾*﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾*﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾*﴿ وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى ﴾*﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾.

يقول الحق جلّ جلاله :﴿ والضُحى ﴾، المراد به : وقت الضحى، وهو حدود النهار حتى ترتفع الشمس، وإنما خُصّ بالإقسام به لأنه الساعة التي كلّم الله فيها موسى عليه السلام، والتي وقع فيها السحرة ساجدين، أو : النهار كلّه ؛ لمقابلته بالليل في قوله :﴿ والليلِ إِذا سجى ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : يُشير إلى القسم بضحوة نهار قلب الرسول، عند انتشار شمس روحه على بشريته، وبِلَيل بشريته عند أحكام الطبيعة وسلوك آثار البشرية لغلبة سلطان الحقيقة، ما ودَّعك ربك بقطع فيض النبوة والرسالة عن ظاهرك، وما قَلَى بقطع فيض الولاية عن قلبك، ﴿ وللآخرةُ خير لك من الأولى ﴾ يعني : أحوال نهايتك أفضل وأكمل من أحوال بدايتك، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يزال يطير بجناحي الشريعة والطريقة في جو سماء الحقيقة، ويترقّى في مقامات القٌرب والكرامة. هـ. ويمكن الخطاب بالسورة الكريمة لخليفته من العارفين، الدعاة إلى الله. والله تعالى أعلم.
﴿ والليلِ إِذا سجى ﴾. سَكَن، المراد : سكون الناس والأصوات فيه، أو ركد ظلامه، من : سجا البحر إذا سكنت أمواجه، وقيل : المراد بالضحى : ساعة مناجاة موسى، وبالليل : ليلة المعراج.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : يُشير إلى القسم بضحوة نهار قلب الرسول، عند انتشار شمس روحه على بشريته، وبِلَيل بشريته عند أحكام الطبيعة وسلوك آثار البشرية لغلبة سلطان الحقيقة، ما ودَّعك ربك بقطع فيض النبوة والرسالة عن ظاهرك، وما قَلَى بقطع فيض الولاية عن قلبك، ﴿ وللآخرةُ خير لك من الأولى ﴾ يعني : أحوال نهايتك أفضل وأكمل من أحوال بدايتك، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يزال يطير بجناحي الشريعة والطريقة في جو سماء الحقيقة، ويترقّى في مقامات القٌرب والكرامة. هـ. ويمكن الخطاب بالسورة الكريمة لخليفته من العارفين، الدعاة إلى الله. والله تعالى أعلم.
وجواب القسم :﴿ ما ودّعَكَ ربُّك ﴾ أي : ما تركك منذ اختارك، ﴿ وما قَلَى ﴾ أي : وما أبغضك منذ أحبك، والتوديع : مبالغةٌ في الودْع، وهو الترك ؛ لأنَّ مَن ودّعك مفارقاً فقد بالغ في تركك. رُوي أنَّ الوحي تأخّر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً، فقال المشركون : إنَّ محمداً ودَعَهُ ربُّه وقلاه، فنزلت١ ردًّا عليهم، وتبشيراً له صلى الله عليه وسلم بالكرامة الحاصلة. وحذف الضمير من " قَلَى " إمّا للفواصل، أو للاستغناء عنه بذكره قبل، أو : للقصد إلى نفس صدور الفعل عنه تعالى، مع قطع النظر عما يقع عليه الفعل بالكلية، وحيث تضمّن ما سبق من نفي التوديع، والقَلى أنه تعالى يُواصله بالوحي والكرامة في الدنيا بَشَّر صلى الله عليه وسلم بأنّ ما سيؤتاه في الآخرة أجلّ وأعظم بذلك، فقيل :﴿ وللآخرةُ خير لك من الأُولى ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : يُشير إلى القسم بضحوة نهار قلب الرسول، عند انتشار شمس روحه على بشريته، وبِلَيل بشريته عند أحكام الطبيعة وسلوك آثار البشرية لغلبة سلطان الحقيقة، ما ودَّعك ربك بقطع فيض النبوة والرسالة عن ظاهرك، وما قَلَى بقطع فيض الولاية عن قلبك، ﴿ وللآخرةُ خير لك من الأولى ﴾ يعني : أحوال نهايتك أفضل وأكمل من أحوال بدايتك، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يزال يطير بجناحي الشريعة والطريقة في جو سماء الحقيقة، ويترقّى في مقامات القٌرب والكرامة. هـ. ويمكن الخطاب بالسورة الكريمة لخليفته من العارفين، الدعاة إلى الله. والله تعالى أعلم.

١ انظر البخاري في التهجد حديث ١١٢٤، وتفسير سورة ٩٣، حديث ٤٩٥٠، ومسلم في المغازي حديث ١١٤، ١١٥. والطبري في تفسيره ٣٠/٢٣١، والسيوطي في الدر المنثور ٦/٦٠٩..
﴿ وللآخرةُ خير لك من الأُولى ﴾. لأنَّ ما فيها من النِعم صافية من الشوائب على الإطلاق، وهذه فانية مشوبة بالمضار، وما أوتي صلى الله عليه وسلم من شرف النبوة، وإن كان مما لا يُعادله شرف، ولا يُدانيه فضل، لكنه لا يخلو في الدنيا عن بعض العوارض الشاقة على النفس.
ووجه اتصال الآية بما قبلها : أنه لمَّا كان في ضمن نفي التوديع والقَلي أنَّ الله يُواصلك بالوحي إليك، وأنك حبيب الله، ولا ترى كرامة أعظم من ذلك، أخبر أن ما له في الآخرة أعظم وأشرف، وذلك لتقدُّمه على الأنبياء في الشفاعة الكبرى، وشهادة أمته على الأمم، ورفع درجات المؤمنين، وإعلاء مراتبهم بشفاعته، وغير ذلك من الكرامات السنية التي لا تُحيط بها العبارة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : يُشير إلى القسم بضحوة نهار قلب الرسول، عند انتشار شمس روحه على بشريته، وبِلَيل بشريته عند أحكام الطبيعة وسلوك آثار البشرية لغلبة سلطان الحقيقة، ما ودَّعك ربك بقطع فيض النبوة والرسالة عن ظاهرك، وما قَلَى بقطع فيض الولاية عن قلبك، ﴿ وللآخرةُ خير لك من الأولى ﴾ يعني : أحوال نهايتك أفضل وأكمل من أحوال بدايتك، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يزال يطير بجناحي الشريعة والطريقة في جو سماء الحقيقة، ويترقّى في مقامات القٌرب والكرامة. هـ. ويمكن الخطاب بالسورة الكريمة لخليفته من العارفين، الدعاة إلى الله. والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى :﴿ ولَسَوْفَ يُعطيك ربُّك فترضى ﴾ وَعْد كريمٌ شاملٌ لِما أعطاه الله تعالى في الدنيا، من كما اليقين، وعلوم الأولين والآخرين، وظهور أمره، وإعلاء دينه بالفتوح الواقعة في عصره صلى الله عليه وسلم، وفي أيام خلفائه الراشدين وغيرهم من الملوك الإسلامية، وفشو الدعوة، وإعلاء منار الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، ولِما ادخر له من الكرامات التي لا يعلمها إلاَّ الله عزّ وجل، وقد أنبأ ابنُ عباسٍ عن شيء منها، حيث قال :" أعطي في الجنة ألف قصر من لؤلؤ أبيض، ترابه المسك ". وفي الحديث : لَمَّا نزلت هذه الآية قال صلى الله عليه وسلم :" أنا لا أرضى وواحد من أمتي في النار " ١. قال بعضهم : هذه أرجى آية في القرآن. ودخل صلى الله عليه وسلم على فاطمة، وعليها ثياب من صوف وشعر، وهي تطحن وتُرضع ولدها، فدمعت عيناه، وقال :" يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا لحلاوة الآخرة " ثم تلا :﴿ ولسوف يعطيك ربك فترضى ﴾٢. واللام للقسم، وإنما لم تدخل نون التوكيد لفصل السين بين القسم والفعل.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : قال القشيري : يُشير إلى القسم بضحوة نهار قلب الرسول، عند انتشار شمس روحه على بشريته، وبِلَيل بشريته عند أحكام الطبيعة وسلوك آثار البشرية لغلبة سلطان الحقيقة، ما ودَّعك ربك بقطع فيض النبوة والرسالة عن ظاهرك، وما قَلَى بقطع فيض الولاية عن قلبك، ﴿ وللآخرةُ خير لك من الأولى ﴾ يعني : أحوال نهايتك أفضل وأكمل من أحوال بدايتك، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يزال يطير بجناحي الشريعة والطريقة في جو سماء الحقيقة، ويترقّى في مقامات القٌرب والكرامة. هـ. ويمكن الخطاب بالسورة الكريمة لخليفته من العارفين، الدعاة إلى الله. والله تعالى أعلم.

١ أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٦/٦١٠..
٢ أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٦/٦١١..
ثم عدد عليه نعمه، فقال :
﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى ﴾*﴿ وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى ﴾*﴿ وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ﴾*﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ ﴾*﴿ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ ﴾*﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ أَلمْ يَجِدْكَ يتيماً ﴾ من أبويك ﴿ فآوى ﴾ أي : ضمَّك إلى جدك، ثم إلى عمك أبي طالب. رُوي أنَّ أباه مات وهو جنين، قد أتت عليه ستة أشهر، وماتت أمه وهو ابن ثمان سنين، فكلفه أولاً جدُّه عبد المطلب، فلما مات جده كَفَلَه عَمُّه أبو طالب، فأحسن تربيته، وذلك إيواؤه، وقال القشيري : ويُقال : بل آواه إلى ظل كَنَفِه، وربَّاه بلطف رعايته. ه.
والحكمة في يُتمه صلى الله عليه وسلم : ألا يكون عليه منّة لأحدٍ سوى كفالة الحق تعالى. وقيل : هو من قول العرب : دُرة يتيمة إذا لم يكن لها مِثل، أي : ألم يجدك وحيداً في شرفك وفضلك، لا نظير لك فآواك إلى حضرته.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : ألم يجدك يتيماً فرداً من العلائق، مجرداً مما سوى الله، فآواك إليه، وهي طريقة كل متوجه، لا يأويه الحق إليه حتى يكون يتيماً من الهوى، بل بقلبٍ مُفرد، فيه توحيد مجرد. قال القشيري : ويُقال فآواك إلى بساط القربة، بحيث انفردْتَ بمقامِك، فلم يُشاركك فيه أحد. هـ. ﴿ ووجدك ضالاًّ ﴾ قيل : متردداً في معاني غوامض المحبة، فهداك بلطفه لها، أو : وجدك مُتحيراً عن إدراك حقيقتنا، فكملناك بأنوار ربوبيتنا حتى أدركتنا بنا، وفي هذا ملاءمة لمعنى الافتتاح. قال القشيري : ويُقال : ضالاًّ عن محبتي لكن فعرَّفْتُك أني أُحبك، ويقال : جاهلاً شرفَك فعرَّفْتُك قَدْرَكَ. هـ. ووجدك عائلاً فقيراً مما سواه، فأغناك به عن كل شيء، إلاّ طلب الزيادة في العلوم والعرفان، فلا قناعة من ذلك، ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ [ طه : ١١٤ ]. وفي القوت : إنما أغناه بوصفه، لا بالأسباب، وهو أعز على الله من أن يجعل غناه من الدنيا أو يرضاها له. هـ. وكما أنَّ الله تعالى غَنِيّ بذاته، لا بالأعراض والأسباب، فالرسول صلى الله عليه وسلم غَنِيّ بربه لا بالأعراض. قاله في الحاشية. قلت : وكذلك الأولياء ـ رضي الله عنهم ـ سَرَى فيهم اسمه تعالى " الغَنيِّ " فصاروا أغنياء بلا سبب، وما وصّى به الحقٌّ تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم يُوصَّى به خلفاؤه من قوله :﴿ فأمّا اليتيم فلا تقهر... ﴾ الخ. وبالله التوفيق. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
﴿ وَوَجَدَك ضالا ﴾ ؛ غافلاً عن الشرائع التي لا تهتدي إليها العقول، ﴿ فَهَدَى ﴾ ؛ فهداك إليها، كقوله :﴿ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ ﴾ [ الشورى : ٥٢ ]. وقال القشيري : أي : ضالاًّ عن تفصيل الشرائع فهديناك إليها، وعَرَّفناك تفصيلَها. ه. أو : ضالاً عما أنت عليه اليوم من معالم النبوة، ولم يقل أحد من المفسرين : ضالاًّ عن الإيمان. قاله عياض : وقيل : ضلّ في صباه في بعض شِعاب مكة، فردّه أبو جهل إلى عبد المطلب، وقيل : ضلّ مرة أخرى، وطلبوه فلم يجدوه، فطاف عبد المطلب بالكعبة سبعاً، وتضرّع إلى الله، فسمعوا هاتفاً يُنادي من السماء : يا معشر الناس، لا تضجُّوا، فإنَّ لمحمدٍ ربَّا لا يخذله ولا يُضيّعه. وأنَّ محمداً بوادي تهامة عند شجرة السمر، فسار عبد المطلب وورقة بن نوفل، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قائم تحت شجرة، يلعب بالأغصان والأوراق. وقيل : أضلته مرضعته حليمة عند باب الكعبة حين فطمته، وجاءت به لترده على عبد المطلب، وقيل : ضلّ في طريق الشام حين خرج به أبو طالب، يُروى أن إبليس أخذ بزمام ناقته في ليل ظلماء، فعدل به عن الطريق، فجاء جبريلُ عليه السلام، فنفخ إبليسَ نفخة وقع منها إلى أرض الهند، وردّه إلى القافلة. وقوله تعالى :﴿ فَهَدَى ﴾ أي : فهداك إلى منهاج الشرائع المنطوية في تضاعيف ما يُوحى إليك من الكتاب المبين، وعلَّمك ما لم تكن تعلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : ألم يجدك يتيماً فرداً من العلائق، مجرداً مما سوى الله، فآواك إليه، وهي طريقة كل متوجه، لا يأويه الحق إليه حتى يكون يتيماً من الهوى، بل بقلبٍ مُفرد، فيه توحيد مجرد. قال القشيري : ويُقال فآواك إلى بساط القربة، بحيث انفردْتَ بمقامِك، فلم يُشاركك فيه أحد. هـ. ﴿ ووجدك ضالاًّ ﴾ قيل : متردداً في معاني غوامض المحبة، فهداك بلطفه لها، أو : وجدك مُتحيراً عن إدراك حقيقتنا، فكملناك بأنوار ربوبيتنا حتى أدركتنا بنا، وفي هذا ملاءمة لمعنى الافتتاح. قال القشيري : ويُقال : ضالاًّ عن محبتي لكن فعرَّفْتُك أني أُحبك، ويقال : جاهلاً شرفَك فعرَّفْتُك قَدْرَكَ. هـ. ووجدك عائلاً فقيراً مما سواه، فأغناك به عن كل شيء، إلاّ طلب الزيادة في العلوم والعرفان، فلا قناعة من ذلك، ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ [ طه : ١١٤ ]. وفي القوت : إنما أغناه بوصفه، لا بالأسباب، وهو أعز على الله من أن يجعل غناه من الدنيا أو يرضاها له. هـ. وكما أنَّ الله تعالى غَنِيّ بذاته، لا بالأعراض والأسباب، فالرسول صلى الله عليه وسلم غَنِيّ بربه لا بالأعراض. قاله في الحاشية. قلت : وكذلك الأولياء ـ رضي الله عنهم ـ سَرَى فيهم اسمه تعالى " الغَنيِّ " فصاروا أغنياء بلا سبب، وما وصّى به الحقٌّ تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم يُوصَّى به خلفاؤه من قوله :﴿ فأمّا اليتيم فلا تقهر... ﴾ الخ. وبالله التوفيق. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
﴿ ووجدك عائلاً ﴾ ؛ فقيراً من حس الدنيا، ﴿ فأَغْنَى ﴾ ؛ فأغناك به عما سواه، وزوّجك خديجة، فقامت بمؤونة العيش، أو بما أفاء عليك من الغنائم، قال صلى الله عليه وسلم :" جعل رزقي تحت ظل رمحي " ١.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : ألم يجدك يتيماً فرداً من العلائق، مجرداً مما سوى الله، فآواك إليه، وهي طريقة كل متوجه، لا يأويه الحق إليه حتى يكون يتيماً من الهوى، بل بقلبٍ مُفرد، فيه توحيد مجرد. قال القشيري : ويُقال فآواك إلى بساط القربة، بحيث انفردْتَ بمقامِك، فلم يُشاركك فيه أحد. هـ. ﴿ ووجدك ضالاًّ ﴾ قيل : متردداً في معاني غوامض المحبة، فهداك بلطفه لها، أو : وجدك مُتحيراً عن إدراك حقيقتنا، فكملناك بأنوار ربوبيتنا حتى أدركتنا بنا، وفي هذا ملاءمة لمعنى الافتتاح. قال القشيري : ويُقال : ضالاًّ عن محبتي لكن فعرَّفْتُك أني أُحبك، ويقال : جاهلاً شرفَك فعرَّفْتُك قَدْرَكَ. هـ. ووجدك عائلاً فقيراً مما سواه، فأغناك به عن كل شيء، إلاّ طلب الزيادة في العلوم والعرفان، فلا قناعة من ذلك، ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ [ طه : ١١٤ ]. وفي القوت : إنما أغناه بوصفه، لا بالأسباب، وهو أعز على الله من أن يجعل غناه من الدنيا أو يرضاها له. هـ. وكما أنَّ الله تعالى غَنِيّ بذاته، لا بالأعراض والأسباب، فالرسول صلى الله عليه وسلم غَنِيّ بربه لا بالأعراض. قاله في الحاشية. قلت : وكذلك الأولياء ـ رضي الله عنهم ـ سَرَى فيهم اسمه تعالى " الغَنيِّ " فصاروا أغنياء بلا سبب، وما وصّى به الحقٌّ تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم يُوصَّى به خلفاؤه من قوله :﴿ فأمّا اليتيم فلا تقهر... ﴾ الخ. وبالله التوفيق. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.

١ أخرجه أحمد في المسند ٢/٥٠، ٩٢، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٥/٤١٩، وابن أبي شيبة في مصنفه ٥/٣١٣..
﴿ فأمَّا اليتيمَ فلا تقهرْ ﴾، قال المفسرون : أي : لا تغلبه على ماله وحقه، لأجل ضعفه، وأذكر يتمك، ولا تقهره بالمنع من مصالحه، ووجوه القهر كثيرة، والنهي يعم جميعها، أي : دُم على ما أنت عليه من عدم قهر اليتيم. وقد ورد في الوصية باليتيم أحاديث، منها : قوله صلى الله عليه وسلم :" أنا وكافلُ اليتيم في الجنة كهاتين إذا اتقى الله " وأشار بالسبابة والوُسطى١، وقال صلى الله عليه وسلم :" إنَّ اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمان، فيقول الله تعالى : يا ملائكتي ؛ مَن أبكى هذا اليتيم الذي غيبتُ أباه في التراب ؟ فتقول الملائكة : ربنا أنت أعلم، فيقول الله تعالى : يا ملائكتي فإني أُشهدكم أنَّ لمن أسكته وأرضاه أنْ أُرضيه يوم القيامة " ٢، فكان عمر إذا رأى يتيماً مسح رأسه وأعطاه شيئاً. وقال أنس :" مَن ضمّ يتيماً، فكان في نفقته، وكفاه مؤنته، كان له حجاباً من النار يوم القيامة، ومَن مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة ".
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : ألم يجدك يتيماً فرداً من العلائق، مجرداً مما سوى الله، فآواك إليه، وهي طريقة كل متوجه، لا يأويه الحق إليه حتى يكون يتيماً من الهوى، بل بقلبٍ مُفرد، فيه توحيد مجرد. قال القشيري : ويُقال فآواك إلى بساط القربة، بحيث انفردْتَ بمقامِك، فلم يُشاركك فيه أحد. هـ. ﴿ ووجدك ضالاًّ ﴾ قيل : متردداً في معاني غوامض المحبة، فهداك بلطفه لها، أو : وجدك مُتحيراً عن إدراك حقيقتنا، فكملناك بأنوار ربوبيتنا حتى أدركتنا بنا، وفي هذا ملاءمة لمعنى الافتتاح. قال القشيري : ويُقال : ضالاًّ عن محبتي لكن فعرَّفْتُك أني أُحبك، ويقال : جاهلاً شرفَك فعرَّفْتُك قَدْرَكَ. هـ. ووجدك عائلاً فقيراً مما سواه، فأغناك به عن كل شيء، إلاّ طلب الزيادة في العلوم والعرفان، فلا قناعة من ذلك، ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ [ طه : ١١٤ ]. وفي القوت : إنما أغناه بوصفه، لا بالأسباب، وهو أعز على الله من أن يجعل غناه من الدنيا أو يرضاها له. هـ. وكما أنَّ الله تعالى غَنِيّ بذاته، لا بالأعراض والأسباب، فالرسول صلى الله عليه وسلم غَنِيّ بربه لا بالأعراض. قاله في الحاشية. قلت : وكذلك الأولياء ـ رضي الله عنهم ـ سَرَى فيهم اسمه تعالى " الغَنيِّ " فصاروا أغنياء بلا سبب، وما وصّى به الحقٌّ تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم يُوصَّى به خلفاؤه من قوله :﴿ فأمّا اليتيم فلا تقهر... ﴾ الخ. وبالله التوفيق. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.

١ أخرجه البخاري في الأدب حديث ٦٠٠٥، ومسلم في الزهد حديث ٤٢..
٢ أخرجه القرطبي في تفسيره ٢٠/١٠١، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان ٢/٢٩٩، وابن عدي في الكامل في الضعفاء ٢/٧٢٢..
﴿ وأمَّا السائِلَ فلا تنهرْ ﴾ أي : لا تزجره ولا تعبس في وجهه، ولا تغلظ له القول، بل ردّه ردًّا جميلاً، قال إبراهيم بن أدهم : نِعم القوم السُؤَّال يحملون زادنا إلى الآخرة. وقال إبراهيم النخعي : السائل بريد الآخرة، يجيء إلى باب أحدكم فيقول : أتبعثون إلى أهليكم بشيء. وقال صلى الله عليه وسلم :" لا يمنعنّ أحدُكم السائلَ وإن في يديْه قُلْبَين١، من ذهب " ٢ أي : سوارين. وقال أيضاً :" أعط السائل ولو على فرسه " ٣ وقال صلى الله عليه وسلم :" إذا رددت السائل ثلاثاُ فلم يرجع عليك أن تَزْبُرَه " ٤. وقال الحسن : المراد بالسائل هنا : السائل عن العلم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : ألم يجدك يتيماً فرداً من العلائق، مجرداً مما سوى الله، فآواك إليه، وهي طريقة كل متوجه، لا يأويه الحق إليه حتى يكون يتيماً من الهوى، بل بقلبٍ مُفرد، فيه توحيد مجرد. قال القشيري : ويُقال فآواك إلى بساط القربة، بحيث انفردْتَ بمقامِك، فلم يُشاركك فيه أحد. هـ. ﴿ ووجدك ضالاًّ ﴾ قيل : متردداً في معاني غوامض المحبة، فهداك بلطفه لها، أو : وجدك مُتحيراً عن إدراك حقيقتنا، فكملناك بأنوار ربوبيتنا حتى أدركتنا بنا، وفي هذا ملاءمة لمعنى الافتتاح. قال القشيري : ويُقال : ضالاًّ عن محبتي لكن فعرَّفْتُك أني أُحبك، ويقال : جاهلاً شرفَك فعرَّفْتُك قَدْرَكَ. هـ. ووجدك عائلاً فقيراً مما سواه، فأغناك به عن كل شيء، إلاّ طلب الزيادة في العلوم والعرفان، فلا قناعة من ذلك، ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ [ طه : ١١٤ ]. وفي القوت : إنما أغناه بوصفه، لا بالأسباب، وهو أعز على الله من أن يجعل غناه من الدنيا أو يرضاها له. هـ. وكما أنَّ الله تعالى غَنِيّ بذاته، لا بالأعراض والأسباب، فالرسول صلى الله عليه وسلم غَنِيّ بربه لا بالأعراض. قاله في الحاشية. قلت : وكذلك الأولياء ـ رضي الله عنهم ـ سَرَى فيهم اسمه تعالى " الغَنيِّ " فصاروا أغنياء بلا سبب، وما وصّى به الحقٌّ تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم يُوصَّى به خلفاؤه من قوله :﴿ فأمّا اليتيم فلا تقهر... ﴾ الخ. وبالله التوفيق. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.

١ قلبين: القلب، بضم القاف: السوار..
٢ أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال ١٦٢٨٩، والبزار في كشف الأستار حديث ٩٠٢، والهيثمي في مجمع الزوائد ٣/١٠١..
٣ أخرجه بلفظ: "للسائل حق وإن جاء على فرس". أبو داود في الزكاة حديث ١٦٦٥، وأحمد في المسند ١/٢٠١..
٤ أخرجه الطبراني في الأوسط حديث ٤٨٣٣، والهيثمي في مجمع الزوائد ٣/١٩٩، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٦٢٥٣، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة ٢/٧٤..
﴿ وأمَّا بنعمةِ ربك فحدِّث ﴾ بشكرها وإشاعتها وإظهار آثارها، يرد ما أفاضه الله تعالى عليه من فنون النعم، التي من جملتها المعدودة والموعودة، والنبوة التي آتاه الله تأتي على جميع النِعم، ويَدخل في النِعم تعلُّم العلم والقرآن، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم :" التحدُّث بالنِعَم شكر " ١ ولذلك كان بعض السلف يقول : لقد أعطاني الله كذا، ولقد صلَّيتُ البارحة كذا، وهذا إنما يجوز إذا ذكره على وجه الشكر، أو ليُقتدى به، فأمّا على وجه الفخر والرياء فلا يجوز. ه.
انظر كيف ذكر الله في هذه السورة ثلاث نعم، ثم ذكر في مقابلتها ثلاث وصايا، فقابل في قوله :﴿ ألم يجدك يتيماً ﴾ بقوله :﴿ فأمّا اليتيم فلا تَقْهَر ﴾ وقابل قولَه :﴿ ووجدك ضالاً ﴾ بقوله :﴿ وأمّا السائل فلا تَنْهَر ﴾ على مَن قال : إنه طالب العلم، وقابل بقوله :﴿ وأمّا بنعمة ربك فَحَدِّث ﴾ على القول الآخر، وقابل قوله :﴿ ووجدك عائلاً فأَغْنَى ﴾ بقوله :﴿ وأمّا السائل فلا تَنْهر ﴾ على القول الأظهر، وقابله بقوله :﴿ وأمَّا بنعمة ربك فحدِّث ﴾ على القول الآخر ه. من ابن جزي.
ولمَّا قرأ صلى الله عليه وسلم سورة الضحى كبّر في آخرها، فسُنَّ التكبير آخرها، وورد الأمر به خاتمتها وخاتمة كل سورة بعدها في رواية البزي.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : ألم يجدك يتيماً فرداً من العلائق، مجرداً مما سوى الله، فآواك إليه، وهي طريقة كل متوجه، لا يأويه الحق إليه حتى يكون يتيماً من الهوى، بل بقلبٍ مُفرد، فيه توحيد مجرد. قال القشيري : ويُقال فآواك إلى بساط القربة، بحيث انفردْتَ بمقامِك، فلم يُشاركك فيه أحد. هـ. ﴿ ووجدك ضالاًّ ﴾ قيل : متردداً في معاني غوامض المحبة، فهداك بلطفه لها، أو : وجدك مُتحيراً عن إدراك حقيقتنا، فكملناك بأنوار ربوبيتنا حتى أدركتنا بنا، وفي هذا ملاءمة لمعنى الافتتاح. قال القشيري : ويُقال : ضالاًّ عن محبتي لكن فعرَّفْتُك أني أُحبك، ويقال : جاهلاً شرفَك فعرَّفْتُك قَدْرَكَ. هـ. ووجدك عائلاً فقيراً مما سواه، فأغناك به عن كل شيء، إلاّ طلب الزيادة في العلوم والعرفان، فلا قناعة من ذلك، ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ [ طه : ١١٤ ]. وفي القوت : إنما أغناه بوصفه، لا بالأسباب، وهو أعز على الله من أن يجعل غناه من الدنيا أو يرضاها له. هـ. وكما أنَّ الله تعالى غَنِيّ بذاته، لا بالأعراض والأسباب، فالرسول صلى الله عليه وسلم غَنِيّ بربه لا بالأعراض. قاله في الحاشية. قلت : وكذلك الأولياء ـ رضي الله عنهم ـ سَرَى فيهم اسمه تعالى " الغَنيِّ " فصاروا أغنياء بلا سبب، وما وصّى به الحقٌّ تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم يُوصَّى به خلفاؤه من قوله :﴿ فأمّا اليتيم فلا تقهر... ﴾ الخ. وبالله التوفيق. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.

١ أخرجه أحمد في المسند ٤/٢٧٨، ٣٧٥، والسيوطي في الدر المنثور ٦/٣٦٢، والمتقي الهندي في كنز العمال ٦٤١٨، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٤/١٥٦..
Icon