تفسير سورة سورة الأحزاب من كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم
.
لمؤلفه
المنتخب
.
المتوفي سنة 2008 هـ
بدأت هذه السورة بنداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتقي الله ويتوكل عليه، وانتقلت إلى الحديث عن الأدعياء، ونفت أنهم لمن تبناهم، وذكرت ما أوجبه الله لرسوله من المحبة والطاعة، وما أوجبه لأمهات المؤمنين من الاحترام والتوقير، وعرضت لما أخذه على النبيين من العهد في تبليغ الرسالات، وفصلت غزوة الأحزاب وما كان فيها من خوف واضطراب، وما تم للمؤمنين من نصر تحقق به وعد الله، وعنيت بذكر الآداب التي ينبغي لنساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلكنها ويأخذن أنفسهن بها، وعادت إلى الحديث عن النبيين، وهدمت ما كان معروفا في الجاهلية من حرمة التزوج بحليلة الدعى على من تبناه، ونوهت بشأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأثنت عليه بما هو أهله، وأوصت بالمتعة والسراح الجميل لمن طلقت قبل الدخول، وخصت الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أباحت له أن يدخل بمن وهبت نفسها له، وصرحت بأنه لا يحل له النساء بعد التسع، ثم بينت السورة الكريمة ما يجب على المؤمنين مراعاته في دخولهم بيوت النبي للطعام وفي انصرافهم عقبه، وفي سؤالهم أزواجه من وراء حجاب، وطالبت أمهات المؤمنين بأن يدنين عليهن من جلابيبهن، وتحدثت عن الساعة وأهوال القيامة، ونصحت بالتقوى والقول السديد، وختمت بالحديث عن فرائض الله التي حملها الإنسان ولم تطق حملها السماوات والأرض والجبال.
ومن ثم يتبين أن أهم أهدافها : الحديث عن الأدعياء، وهدم العادة التي سادت من تحريم حلائلهم، على من تبنوهم، وامتنان الله تعالى على المؤمنين بتحقيق ما وعدهم من النصر والغلبة على المشركين، وتفصيل ما شرعه الله للمؤمنين في دخول بيوت النبي، وتحريم أزواجه عليهم، وتحديد الآداب الخاصة بأمهات المؤمنين.
ﰡ
١- يا أيها النبي : استمر على ما أنت عليه من تقوى الله، ولا تقبل رأيا من الكافرين والمنافقين، إن الله محيط علما بكل شيء، حكيم في أقواله وأفعاله.
٢- واتبع الوحي الذي ينزل عليك من ربك، إن الله الذي يوحى إليك خبير بدقائق ما تعمل - أنت - ويعمل الكافرون والمنافقون.
٣- وفوض جميع أمورك إلى الله، وكفي بالله حافظاً موكولاً إليه كل أمر.
٤- ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، وما جعل زوجة أحدكم حين يقول لها : أنت علىَّ كظهر أمِّى أُمَّا له، وما جعل الأولاد الذين تتبنوهم أبناء لكم يأخذون حكم الأبناء من النسب. ذلكم - أي جعْلِكُم الأدعياء أبناء - قول يصدر من أفواهكم لا حقيقة له، فلا حكم يترتب عليه، والله يقول الأمر الثابت المحقق، ويرشدكم إليه، وهو - وحده سبحانه - يهدى الناس إلى طريق الصواب.
٥- انْسِبُوا هؤلاء الأولاد لآبائهم الحقيقيين هو أعدل عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم المنتسبين بحق إليهم فهم إخوانكم في الدين ونصراؤكم، ولا إثم عليكم حين تنسبونهم إلى غير آبائهم خطأ، ولكن الإثم فيما تقصده قلوبكم بعد أن تبيَّن لكم الأمر. والله يغفر لكم خطأكم، ويقبل توبة متعمدكم.
٦- النبي - محمد - أحق ولاية بالمؤمنين، وأرحم بهم من نفوسهم، فعليهم أن يحبوه ويطيعوه، وأزواجه أمهاتهم في التوقير وحرمة التزوج بهن بعده، وذوو القرابات أولى من المؤمنين والمهاجرين بأن يتوارثوا فيما بينهم فرضا في القرآن. لكن يجوز أن تقدموا إلى مَنْ وَاليتم في الدين من غير الأقارب معروفاً، فتعطوه - براً وعطفاً عليه - أو توصوا له بجزء من مالكم. كان ذلك التوارث بالأرحام في الكتاب مقررا لا يعتريه تبديل.
٧- واذكر حين أخذنا من النبيين السابقين ميثاقهم - بتبليغ الرسالة والدعاء إلى الدين القيم - ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم عهدا عظيم الشأن.
٨- ليسأل الله يوم القيامة الأنبياء عمَّا قالوه لقومهم، وأعد للكافرين بالرسل عذاباً أليما.
٩- يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله وفضله عليكم حين جاءتكم الأحزاب يوم الخندق فأرسلنا عليهم ريحا عاصفة باردة وملائكة لم تروها نشرت الرعب في قلوبهم، وكان الله بصيرا بأعمالكم وصِدْق نياتكم، فتولى الدفاع عنكم.
١٠- حين جاءوكم من أعلى الوادي ومن أسفله، حين مالت الأبصار عن مستوى نظرها، وارتفعت القلوب إلى منتهى الحلقوم فزعاً واضطراباً، وأنتم في ذلك الوقت العصيب تذهب بكم الظنون في وعد الله كل مذهب.
١١- في ذلك الوقت امتحن المؤمنون بالصبر على الإيمان، واضطربوا بالخوف اضطراباً شديداً.
١٢- واذكر ما حدث من المنافقين ومرضى القلوب بالريب حين يقولون : ما وعدنا الله ورسوله إلا وعداً باطلاً قصد به التغرير بنا.
١٣- واذكر حين قالت طائفة من المنافقين وضعاف العزائم : يا أهل المدينة، لا وجه لبقائكم هنا في معركة خاسرة، فارجعوا إلى منازلكم. ويستأذن فريق منهم الرسول في الرجوع إلى المدينة، ويقولون إن بيوتنا غير محصنة، ولا بد لنا من الرجوع لحراستها، وما كانت بيوتهم معرضة كما يقولون، وما يريدون إلا الفرار من المعركة بهذا العذر الكاذب.
١٤- ولو دخلت الأحزاب عليهم المدينة من كل جوانبها، ثم طلب منهم أن يعلنوا رجوعهم عن الإسلام ويقاتلوا المسلمين لاستجابوا لما طلب منهم، وما انتظروا في ذلك إلا وقتاً قصيراً.
١٥- ولقد كان هؤلاء الفارون من ميدان القتال عاهدوا الله - من قبل هذه الغزوة - أن يثبتوا في القتال مع الرسول ولا يفروا. وكان عهد الله مسئولا عن صاحبه، يجب عليه الوفاء به.
١٦- قل لهم : لن ينفعكم الهرب إن هربتم من الموت أو القتل وقد حضر أجلكم، وإذا لم يحضر وبقيتم لا تُمَتَّعُون في الدنيا إلا مدة أعماركم، وهى قليلة.
١٧- قل لهؤلاء المترددين : من ذا الذي يجيركم من الله إن أراد بكم شرا، أو يمنع الخير عنكم إن أراد بكم رحمة ؟ ولا يجدون لهم من دون الله مجيراً ولا مغيثا.
١٨- إن الله يعلم المثبطين منكم والذين يقولون لإخوانهم : انضموا إلينا، ولا يأتون شدة الحرب إلا إتياناً قليلاً.
١٩- حُرَصاء عليكم في الظاهر حيث لا خوف، فإذا جاء الخوف من قبل العدو أو من قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم حائرة، كحال المغشي عليه من سكرات الموت، فإذا ذهب الخوف بالغوا في ذمكم وشتمكم بألسنة قاطعة، بخلاء بكل خير. أولئك لم يؤمنوا بقلوبهم وإن أعلنوا إسلامهم فأبطل الله أعمالهم بإضمارهم الكفر، وكان ذلك الإحباط أمرا هينا على الله.
٢٠- يظن هؤلاء المنافقون أن جيوش الكفار المتحزبة لا تزال مكانها تحاصر المدينة، وإن يأت الأحزاب كرة أخرى يَتَمَنَّ الجبناء أن لو كانوا يعيشون مع الأعراب في البوادي يتسقطون أخباركم، ولو ظل هؤلاء في معسكرهم ولم يفروا والتحم الجيشان ما قاتلوا معكم إلا قليلا للرياء والسمعة.
٢١- لقد كان لكم في رسول الله قدوة حسنة لمن كان يرجو رحمة الله ونعيم اليوم الآخر، وذكر الله كثيراً في الخوف والرجاء والشدة والرخاء.
٢٢- ولمَّا رأي المؤمنون الأحزاب المشركين قالوا : هذا ما وعدنا الله ورسوله من قبل، فقد وعدنا بالشدائد ثم النصر، وصدق الله ورسوله، وما زادتهم هذه الشدائد إلا قوة إيمان بالله وحسن تسليم لقضائه.
٢٣- من هؤلاء المؤمنين رجال عاهدوا الله على الثبات في القتال مع الرسول فوفوا بما عاهدوا، فمنهم من نال شرف الاستشهاد، ومنهم من بقى حيا ينتظر أن ينال هذا الشرف، وما بدلوا عهد الله الذي قطعوه على أنفسهم، ولا غيروا شيئاً منه.
٢٤- ليجزى الله المؤمنين الصادقين بصدقهم في إيمانهم ووفائهم بعهدهم، ويعذب المنافقين - إن شاء - أو يوفق المستعد منهم إلى التوبة، إن الله كان غفوراً بقبول التوبة. رحيما بالعفو عن المعصية.
٢٥- وردَّ الله الكفار المتحزبين على الرسول ممتلئة قلوبهم بالغيظ لم ينالوا خيرا من نصر أو غنيمة، وكفي الله المؤمنين مشقة قتالهم بما سلطه عليهم من الريح والملائكة، وكان الله قويا على تنفيذ ما يريد، عزيزا لا يغلبه غالب.
٢٦- وأنزل الله الذين عاونوا الأحزاب من أهل الكتاب - وهم يهود بني قريظة - من قلاعهم التي يتحصنون بها، وألقى في قلوبهم الرعب. فريقاً تقتلون - وهم الرجال - وتأسرون فريقا آخر وهو النساء والذراري.
٢٧- وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطأها أقدامكم من قبل، وكان الله - سبحانه - قديراً على تنفيذ كل شيء يريد.
٢٨- يا أيها النبي : قل لأزواجك - ناصحاً لهن - : إن كنتن تردن الحياة الدنيا ومتعتها فأقبلن أدفع إليكن ما يُخفف وحشة الطلاق، فيكون متعة لَكُنَّ، وأطلقكن طلاقاً لا إساءة معه.
٢٩- وإن كنتن تؤثرن حب الله ورسوله ونعيم الدار الآخرة، وترضين بما أنتُنَّ فيه من خشونة عيش، فإن الله أعد لأمثالكن من المحسنات في أعمالهن أجرا لا يقدر قدره.
٣٠- يا نساء النبي : من يفعل منكن خطيئة ظاهرة في قبحها يضم إلى عذابها عذابان، حتى تكون ثلاثة بالقياس إلى عذاب غيرها، وكان ذلك التضعيف على الله هينا.
٣١- ومن يدم منكن على الخضوع لله ورسوله، وتعمل صالحاً يعطها الله أجرها مرتين، وأعددنا لها في الآخرة رزقاً جليل القدر.
٣٢- يا نساء النبي : لستن في الفضل والشرف كأحد من النساء، إن أردتن التقوى فلا تتحدثن بكلام فيه طراوة وتكسر، فيطمع فيكن من في قلبه فساد، وليكن قولكن قولا متعارفاً غير متكلف.
٣٣- والْزَمْنَ بيوتكن لا تخرجن إلا لحاجة شرع الله الخروج لقضائها، ولا تُظْهرن محاسنكن وزينتكن للرجال إذا خرجتن. كما كانت تفعل أهل الجهالة الأولى، وأدين الصلاة كاملة، وأعطين الزكاة، وامتثلن أمر الله ورسوله. إنما يريد الله - بكل ما يأمركن به وينهاكن عنه - الشرف والكرامة. ليذهب عنكم الإثم والمعصية - يا أهل بيت النبي - ويطهركم تطهيرا لا يخالطه شبهة.
٣٤- واحفظن ما يقرأ في بيوتكن من آيات القرآن التي أنزلها الله، وما ينطق به رسول الله من الحكم السديد. إن الله كان عالما بغوامض الأشياء وحقائقها، فاحذرن مخالفته ومعصية رسوله.
٣٥- إن المنقادين من الرجال والنساء، والمصدقين بالله ورسوله والمصدقات، والقائمين بالطاعة والقائمات، والصادقين في أقوالهم وأعمالهم ونياتهم والصادقات، والصابرين على تحمل المشاق في سبيل الله والصابرات، والمتواضعين لله والمتواضعات، والمتصدقين من مالهم على المحتاجين والمتصدقات، والصائمين الفرض والنفل والصائمات، والحافظين فروجهم عما لا يحل والحافظات، والذاكرين الله كثيرا بقلوبهم وألسنتهم والذاكرات. أعد الله لهم غفراناً لذنوبهم وثوابا عظيما على أعمالهم.
٣٦- وما ساغ لمؤمن ولا لمؤمنة إذا حكم الله ورسوله في أمر من الأمور أن يكون له خيار فيه بعد أن حكم الله ورسوله، ومن يخالف ما حكم به الله ورسوله فقد بَعُد عن طريق الصواب بُعْداً ظاهراً.
٣٧- واذكر إذ تقول لزيد بن حارثة الذي أنعم الله عليه بهداية الإسلام، وأنعمت عليه بالتربية والعتق، أمسك عليك زوجك - زينب بنت جحش - واتق الله فيها، واصبر على معاشرتها، وتخفي في نفسك ما الله مظهره من أنه سيطلقها وأنك ستتزوجها، وتخاف أن يُعيِّرك الناس، والله هو الجدير بأن تخافه، ولو كان في ذلك مشقة عليك. فلما قضى زيد منها حاجته وطلقها تخلصاً من ضيق الحياة معها زوجناكها. لتكون قدوة في إبطال هذه العادة المرذولة، ولا يتحرج المسلمين بعد ذلك من التزوج بزوجات من كانوا يتبنونهم بعد طلاقهن. وكان أمر الله الذي يريده واقعاً لا محالة.
٣٨- ما كان على النبي من إثم في عمل أمره الله به، سن الله سنته مع الأنبياء من قبل ألا يحظر عليهم ما أباح لهم ووسع عليهم، وكان أمر الله قضاء مقضيا وحكماً مثبوتاً.
٣٩- الذين يُبلِّغون إلى الناس رسالات الله كما أنزلها، ويخافونه ولا يخافون أحدا سواه، وكفي أن يكون الله هو الرقيب المحاسب.
٤٠- ما كان محمد أبا أحد من رجالكم حتى يحرم عليه التزوج من مطلقته، ولكن رسول الله وخاتم النبيين، عليه أن يؤدى رسالته كما أمره ربه من غير خشية أحد، وكان الله بكل شيء محيطا علمه.
٤١- يا أيها الذين آمنوا : اثنوا على الله بضروب الثناء وأكثروا من ذلك، ونزّهوه عن كل ما لا يليق به أول النهار وآخره.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤١:٤١- يا أيها الذين آمنوا : اثنوا على الله بضروب الثناء وأكثروا من ذلك، ونزّهوه عن كل ما لا يليق به أول النهار وآخره.
٤٣- وهو الذي يتعهدكم برحمته ولطفه، وملائكته تطلب المغفرة والهداية لكم، ليخرجكم الله بذلك من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الإيمان والطاعة، وكان الله بالمؤمنين عظيم الرحمة.
٤٤- تحيتهم من الله يوم يلقونه أمن وسلام لهم، وهيَّأ لهم على أعمالهم أجراً سخيا يشعرهم بفضله.
٤٥- يا أيها النبي : إنا بعثناك إلى الناس برسالة الإسلام تشهد بالحق، وتبشر المؤمنين بما يكون لهم من خير وثواب، وتنذر الكافرين بسوء المصير.
٤٦- وداعيا الخلق إلى الله بأمره، وسراجا يهدى بنوره الحاضرين في ظلمات الشك.
٤٧- وبشر المؤمنين بأن لهم مزيدا كبيرا من الخير في الدنيا والآخرة.
٤٨- ولا تطع الكافرين والمنافقين ولا تعبأ بأذاهم، واجعل الله وكيلك يدفع عنك ضرهم وشرهم وحسبك الله وكيلا يكفيك ويغنيك.
٤٩- يا أيها الذين آمنوا إذا عقدتم على المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تدخلوا بهن، فليس لكم عليهن عدة تستوفون عددها، فأعطوهن شيئا من المال جبرا لخاطرهن، وأخرجوهن من بيوتكم من غير إضرار بهن.
٥٠- يا أيها النبي : إنا أبحنا لك أزواجك اللاتي أعطيتهن مهورهن، وأبحنا لك ما ملكت يمينك من الإماء مما أنعم الله به عليك، وأحللنا لك التزوج من بنات عمك وبنات عماتك، وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك، وأحللنا لك امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها لك بلا مهر، وأنت تريد نكاحها وترغب فيها. خلصت لك هذه الهبة من دون المؤمنين فلا تحل لهم. قد علمنا ما فرضناه على المؤمنين في أزواجهم وإمائهم من أحكام. وما رخصنا لك فيه دونهم. لئلا يكون عليك ضيق فيما شرعناه لك. وكان الله غفوراً لذنوب عباده رحيماً بالتوسعة عليهم.
٥١- تؤخر مَن تشاء منهن في القسم، وتدنى إليك مَن تشاء، ومن طلبت ممن أخرت قسمها فلا مؤاخذة عليك، ذلك التفويض إلى مشيئتك أقرب إلى سرورهن وبُعْد الحزن عنهن، ويرضين كلهن بما آتيتهن، والله يعلم ما في قلوبكم من السخط أو الرضا بما شرع، وكان الله عليما بما في الصدور. حليما لا يعاجل بالعقوبة.
٥٢- لا يحل لك النساء من بعد، ولا أن تطلقهن لتستبدل بهن من النساء من تشاء، ولو أعجبك حسنهن، ولكن الله أحل لك ما تملكه يدك من الإماء، وكان الله مطلعا على كل شيء، حافظا له.
٥٣- يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا في حال إذنه لكم لتناول الطعام غير منتظرين وقت إدراكه، ولكن إذا دعاكم الرسول فادخلوا، فإذا طعمتم فانصرفوا، ولا تمكثوا بعد ذلك مستأنسين لحديث بعضكم بعضا. لأن الدخول بدون إذنه وإطالة المكث بعد الطعام كان يؤذى النبي فيستحيي أن يطلب إليكم الخروج، ولكن الله - تعالى - لا يمنعه من الجهر بالحق ما يمنع المخلوقين، وإذا سألتم إحدى زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - حاجة فاسألوهن من وراء حجاب، ذلك أعظم طهارة لقلوبكم وقلوبهن من وساوس الشيطان، وما صح لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تتزوجوا نساءه من بعده أبدا. احتراما له ولهن. إن ذلكم كان عند الله ذنباً عظيما.
٥٤- إن تظهروا شيئاً مما يؤذيه أو تخفوه في صدوركم فإن الله كان بكل شيء عليما.
٥٥- لا إثم على نساء النبي ألا يحتجبن من آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا النساء المؤمنات ولا العبيد المملوكين لهن لشدة الحاجة إليهم في الخدمة، واتقين الله فيما أمركن به، فلا تتجاوزن حدوده. لأنه كان بكل شيء عالما لا تخفي عليه خافية.
٥٦- إن الله يرحم نبيه ويرضى عنه، والملائكة يدعون له، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.
٥٧- إن الذين يؤذون الله ورسوله بتحديهما والتحريض على الكفر بهما طردهم الله في الدنيا والآخرة من رحمته، وأعد لهم عذاباً يذل كبرياءهم.
٥٨- والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بقول أو فعل من غير ذنب فعلوه فقد تحملوا وزر كذبهم عليهم، وأتوا ذنباً ظاهر القبح.
٥٩- يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين : يسدلن على أجسامهن من جلابيبهن، وذلك اللباس على هذا الحال أولى وأحق بأن يعرفن فلا يُتعرض لهن بأذى، وكان الله غفوراً رحيما لمن أقلع عن ذنوبه.
٦٠- أقسم : إن لم يكف المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمشيعون للأخبار الكاذبة في المدينة لنسلطنك عليهم، ثم لا يكون لهم بقاء بجوارك فيها إلا زمناً قليلاً.
٦١- مستحقين للعنة والطرد أينما وجدوا أُخذوا وقُتلوا تقتيلا.
٦٢- سن الله - تعالى - من قبل فيمن نافقوا الأنبياء والمرسلين وتمردوا أن يُقتلوا أينما وجدوا، ولن تجد لسنة الله تغييرا.
٦٣- يسألك الناس عن وقت قيام الساعة قل لهؤلاء : إن علم وقتها عند الله - وحده - وما يدريك لعل وقت قيامها يكون قريبا.
٦٤- إن الله طرد الكافرين من رحمته، وأعد لهم نارا شديدة الاتقاد.
٦٥- لا يخرجون منها أبدا، ولا يجدون لهم من يتكفل بحمايتهم، ولا مَن يدفعها عنهم.
٦٦- يوم تتقلب وجوههم في النار من حال إلى حال يقولون - نادمين - : يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول.
٦٧- وقالوا : ربنا إنا اتبعنا رؤساءنا وكبراءنا في الكفر بك وبرسولك فأبْعدونا عن الطريق المستقيم.
٦٨- ربنا اجعل عذابهم مضاعفا، واطردهم من رحمتك طرداً كبيراً بمقدار إثمهم وجُرمهم.
٦٩- يا أيها الذين آمنوا لا تؤذوا النبي بأي نوع من الأذى، كالذين آذوا موسى من قومه فَبَرَّأه الله مما نسبوه إليه، وكان موسى عند الله سيدا ذا جاه.
٧٠- يا أيها الذين آمنوا خافوا عقاب الله إذا عصيتموه، وقولوا قولا مستقيما لا اعوجاج فيه.
٧١- يوفقكم للعمل الصالح ويمحُ ذنوبكم، ومَن يطع الله ورسوله فقد نال الفوز العظيم بالنجاة من العقاب والحصول على الثواب.
٧٢- إنا عرضنا التكاليف على السماوات والأرض والجبال فأبين حملها وخفْن منها، وحملها الإنسان إنه كان شديد الظلم لنفسه، جهولا بما يطيق حمله.
٧٣- ليُعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات، ويقبل الله توبة المؤمنين والمؤمنات، والله كثير المغفرة واسع الرحمة.