تفسير سورة الأنبياء

حومد
تفسير سورة سورة الأنبياء من كتاب أيسر التفاسير المعروف بـحومد .
لمؤلفه أسعد محمود حومد .

(١) - يُنَبِّهُ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ إِلى اقْتِرَابِ وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ، وَدُنُوِّ مَوْعِدِهَا.
ومَتَى قَامَتِ السَّاعةُ حَشَرَ اللهُ الخلائِقَ إِليهِ لِحَاسِبُهم عَلًَى مَا عَمِلُوهُ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، ولِيْجزِيَ كُلَّ وَاحِدٍ بِما عَمِلَ. وَلكنَّ النَاسَ غَافِلونَ عَنْ أمْرِ السَّاعَةِ وأَمْرِ الحِسَابِ، وإِذا نُبِّهُوا مِنْ غَفْلَتِهِمْ بِمَا يُتْلَى عَلَيْهِم مِن الآيَاتِ والنُُّّذرِ أَعْرَضُوا واسْتَكْبَرُوا، ورَفَضُوا الاسْتِماعَ إِلى مَا يُقَالُ لَهُمْ.
اقْتَرَبَ - قَرُبَ وَدَنا.
(٣) - ويَسْتَمِعُونَ إِلى آيَاتِ اللهِ المنزَّلةِ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ وَقُلُوبُهُمْ لاهِيَةٌ مُسْتَهزِئةٌ، وقد أَخَذُوا يَتَناجَوْنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَيَتَحَدَّثُ بَعْضُهم إِلى بَعْضٍ سِرّاً، فَقَالَ الكُفَّارُ (الذينَ ظَلَمُوا) : هلِ الرَّسُولُ إِلاَّ بَشَرٌ يَأْكُلُ كَمَا يَأْكلُ الناسُ، ويشْرَبُ كَمَا يَشْرَبُونَ، فَكَيفَ اخْتَصَّهُ اللهُ بِالوحْيِ منْ دُونِهِمِ؟ (وهْمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ اسْتِبْعَاداً لأَنْ يَكُونَ نَبْياً حقّاً لأَنَّهُ مِنَ البَشَرِ). وإِنَّ مَا جَاءَهُم بِهِ مُحَمَّدٌ إِنْ هُوَ إِلاَّ سِحْرلإ، لا حَقِيقةَ لَخُ، فَكَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيَتَّبِعُونَه، وَيَسْتَجِيبُونَ لِدَعْوَتِهِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟.
﴿أَضْغَاثُ﴾ ﴿أَحْلاَمٍ﴾ ﴿افتراه﴾ ﴿بِآيَةٍ﴾
(٥) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ تَعَنُّتِ الكُفَّارِ، وإلْحَادِهِمْ، واختِلاَفِهِمْ فِيمَا يَصِفُونَ بِهِ القُرْآنَ، وحَيرَتِهِمْ وَضَلاَلِهِمْ عَنْهُ، فَتَارَةً يَجْعَلُونَهُُ سِحْراً، وتَارَةً يَجْعَلُونَه أَضْغَاثَ أَحْلاَمٍ، أَيْ أَحْلاَماً مُخْتَلَطَةً يَرَاهَا مُحَمَّدٌ وَيَرْوِيهَا، وتَارَةً يَجْعَلُونَه مُفْتَرَى، اخْتَلَقَهُ مُحَمَّدٌ وَنَسَبَهُ إِلى اللهِ تَعَالَى، وَتَارَةً يَقُولُونَ إِنَّهُ شِعْرٌ... ثُمَّ يُحَاوِلُونَ التَخَلُّصَ مِنْ هَذَا الحَرَجِ بِأَنْ يَطْلُبُوا بَدَلَ هَذَا القُرْآنِ خَارِقَةً مِنَ الخَوَارِقِ التِي جَاءَ بِها الأَنْبِياءُ الأَوَّلُونَ: كَنَاقَةِ صَالِحٍ، وَمُعْجِزَاتِ مُوسَى وَعِيسَى، التِي تُثْبِتُ نُبُوَّةَ الأَنْبِيَاءِ، وَلاَ تَتْرُكُ مَجَالاً لأَحَدٍ لِيُنَازِعَ فِيها، وكَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الرَسُولَ إِذَا جَاءَهُم بِمُعْجِزَةٍ خَارِقَةٍ آمَنُوا بِهِ.
أَضْغَاثُ أَحْلاَمِ - تَخَالِيطُ أَحْلاَمٍ رآهَا فِي نَوْمِهِ.
﴿فاسئلوا﴾
(٧) - وَيَرُدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ أَنْكَرَ بِعْثَةَ الرُّسُلِ مِنَ البَشَرِ قَائِلاً : إِنَّ جَمِيعَ الذِينَ أُرْسلُوا قَبَلَكَ يَا مُحَمَّدٌ كَانُوا مِنَ البَشَرِ، ولَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ من المَلائِكَةِ، فَاسْأَلُوا أَهْلَ العِلْمِ (الذِّكْر) مِنَ الأُمَمِ المُتَقدِّمَةِ (اليهُودِ والنَّصَارَى) هَلْ كَانَ الرَّسُلُ الذِينَ جَاؤُوهُمْ مِنَ البَشَرِ أَمْ مِنَ المَلائكةِ؟
﴿صَدَقْنَاهُمُ﴾ ﴿فَأَنجَيْنَاهُمْ﴾
(٩) - وَقَدْ وَعَدَ اللهُ رُسَُلَهُ، فِيمَا أَوْحَاهُ إلَيْهِم، أَنَّهُ سَيُهْلِكَ الظَّالمِيِنَ المُكَذِّبِينَ (المُسْرِفِينَ)، وأَنَّهُ سَيُنْجِي رُسُلَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُمْ، فَصَدَقَهُمُ اللهُ وَعْدَهُ، وأَنْجَاهُمْ والذِينَ آمَنُوا مَعَهُم، وأَهْلَكَ المُسْرِفِينَ المُتَجَاوِزِينَ الحَدَّ فِي تَكْذِيبِهِمْ، وَدَمَّرَ عَلَيْهِم.
﴿آخَرِينَ﴾
(١١) - لَقَدْ أهْلَكْنَا قُرىً وأُمَماً كَثِيرَةً كَانَتْ ظَالِمةً بِكُفْرِها وَفَسَادِها، وَتَكْذِيبِهَا الرُّسُلَ، وأَنْشَأنَا بَعْدَهُم أَقْوَاماً آخَرِينَ، خَلَفُوهُم فِي الأرْضِ.
كَمْ قَصَمْنَا - كَثيرا ً ما أَهْلَكْنَا.
﴿وَمَسَاكِنِكُمْ﴾ ﴿تُسْأَلُونَ﴾
(١٣) - وَيَتَهَكَّمُ اللهُ تَعَالَى عَلَيهِم لِفِرارِهِمْ هَرَباً مِنَ العَذَابِ، ويَأْمُرُ بِأَنْ يُنَادَى عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ والسُّرُورِ، والعَيْشِ الرَّغِيدِ، والمَسَاكِنِ الطَّيِّبَةِ، لِتُسْأَلُوا عَمَّا كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، وَهَلْ أدَّيْتُمُ الشُّكْرَ عَلَيْهِ للهِ تَعَالَى.
أُترِفْتٌُمْ فِيهِ - نُعِّمْتُمْ فِيهِ وَبَطِرتُمْ.
﴿جَعَلْنَاهُمْ﴾ ﴿خَامِدِينَ﴾
(١٥) - وَمَا زَالُوا يُرَدِّدُونَ تِلْكَ المَقَالَةَ، وَهِيَ الاعْتِرَافُ بالظُّلْمِ والكُفْرِ، حَتَّى حَصَدَهُمُ اللهُ حَصْداً، وأَهْلَكَهُم وأَخْمَدَا أنْفَاسَهُم، فَلَمْ يَعُدْ يُسْمَعُ لَهُم حِسٌ.
حَصِيداً - كالنَّبَاتِ المَحْصُودِ بِالمَنَاجِلِ.
خَامِدِينِ - مَيِّتِينَ كَالنَّارِ التِي سَكَنَ لَهِيبُهَا.
﴿لاَّتَّخَذْنَاهُ﴾ ﴿فَاعِلِينَ﴾
(١٧) - إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ وَلاَ الجنَّةَ والنَّارَ.. لِلَّهْوِ والتَّسْلِيَةِ والعَبَثِ، وإِنَّما خًَلَقَهَا لِحِكْمَةٍ قَدَّرَها، وَصَوَّرَ المَخْلُوقَاتِ لِغَايَةٍ رَمَى إِلَيْهَا، وَجَعَلَ لَهُمُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ والعُقُولَ لِمَنَافِعَ اعْتَبَرَها، وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كُلَّه لِلَّهْوِ وَالعَبَثِ، وَمِنْ ثَمَّ فإِنَّهُ لَنْ يَتْرُكَهُمْ سُدًى بَلْ إِنَّهُ سَيُحَاسِبُهُمْ وَيُؤَاخِذُهُمْ عَلَى مَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِم فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا.
وَيُنَزِّهُ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ الكَرِيمَةَ عَنِ اللَّهُوِ والعَبَثِ والبَاطِلِ، وَعَنِ الصَاحِبَةِ وَالْوَلَدِ، أَي وَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ.
(ولوْ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لامْتِنَاعٍ، تُفِيدُ امْتِنَاعَ وُقُوعِ فِعْلِ الْجَوابِ لامِتْنَاعِ وُقُوعِ فِعْلِ الشَّرْطِ. فَالله سُبحَانَه لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَّخِذَ لَهْواً فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَهْوٌ لاَ مِنْ لَدُنْهُ، وَلاَ مِنْ شَيء خارِِجٍ عَنْهُ).
(وقَالَ مُجَاهِدٌ كُلُّ شيءٍ فِي القُرْآنِ (إنْ) فَهُوَ إنْكَارٌ أَي مَا كُنَّا فَاعِلِينَ) نَتَّخِذَ لَهْواً - مَا يُتَلَهَّى بِهِ مِنْ صَاحِبَةٍ أَوْ وَلَدٍ.
﴿السماوات﴾
(١٩) - وللهِ جَمِيعُ المَخْلوقاتِ فِي السِّمَاوَاتِ والأرْضِ، خَلْقاً وَمُلْكاًَ وتَدْبِيراً وَتَصَرُّفاً، وإحياءً وحِسَاباً... دُونَ أَنْ يَكُونَ لأحَدٍ في ذَلِكَ شَيءٌ مِنْ سُلْطَانٍ.
ثَمَّ يَقُولُ تَعَالى: إِنَّ الملاَئِكَةَ، الذينَ شَرُفَتْ مَنْزِلُتُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِم، لاَ يَسْتَعْظِمُونَ عِبَادَتَهُ، ولاَ يَكِلُّونَ عَنْهَا، وَلاَ يَتْعَبُونَ، وَلاَ يَتَوقَّفًونَ.
لاَ يَسْتَحْسِرُونَ - لا يَكِلُّونَ ولا يَعْيَوْنَ.
والحُسُورَ - تَوَقُّفُ الدَّابَةِ عَنِ السِيْرِ كَلاَلاً وَتَعَباً.
﴿آلِهَةً﴾
(٢١) - يُنكِرُ اللهُ تَعَالى عَلَى الكَافِرِينَ عِبَادَتَهُم آلهةً مِن دُونِ اللهِ، فقالَ تَعَالى: إِنَّ هَذِه الآلِهَةَ التي جَعَلَهَا الظَّالِمُونَ آلهَةً مِن دُونِ اللهِ، فقالَ تَعَالى: إِنَّ هَذِه الآلِهَةَ التي جَعَلَهَا الظَّالِمُونَ آلهَةً وأَنْدَاداً للهِ، لا يَسْتَطِيعونَ شَيْئاً مِنْ خَلْق وَنَشْرٍ وَحَشْرٍ، ورِزْقٍ للعبادِ، فَكَيْفَ جَعَلُوها أنْدَاداً للهِ وأمْثَالاً، وَعَبَدُوها مَعَهُ، وهُوَ وَحْدَهُ الَخالِقُ الرازِقُ المُهَيْمِنُ؟
يُنْشِرُون - يُحْيونَ المَوْتَىويًخْرِجُونَهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ.
﴿يُسْأَلُ﴾ ﴿يُسْأَلُونَْ﴾
(٢٣) - وَهُوَ الخَالِقُ البَارئُ، وهُوَ الحَاكِمُ المُطْلَقُ المُتَصَرِّفُ بالكَوْنِ كُلِّهِ، ولا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلاَ يَعْتَرِضُ عَلِيهِ أَحَدٌ لِعَظَمَتِهِ وَجَلاَلِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، وَهُوَ الذي يَسْأَلُ خَلْقَهُ عَمَّا يَفْعَلونَ.
(٢٥) - فالتَّوْحِيدُ قَاعِدَةُ العَقِيدَةِ مُنْذُ أَنْ بَعَثَ اللهُ الرُّسُلَ إلى النَّاسِ، لا تَبْدِيلَ فيها، وَلاَ تَحْوِيلَ، فَلاَ انْفِصَالَ بينَ الأُلُوهِيَّةِ والرُّبُوبِيَّةِ، ولا مَجَالَ للشِّرِكِ في الأُلُوهِيَّةِ ولا في العِبَادَةِ. وكُلُ نًَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ كانَ يَدْعُو إِلى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، والفِطْرَةُ شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ، والمُشْرِكُونَ لَهم بُرْهَانَ لَهُمْ عَلَى مَا يَدَّعُونَ.
(٢٧) - لاَ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَ بِمَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ تَأَدُّباً وَطَاعَةً، وَلاَ يُخَالِفُونَه فِيما أَمَرَهُمْ، بِهِ، بَلْ يُبَادِرُونَ إِلى فِعْلِه دُونَ تَرَدُّدٍ.
﴿الظالمين﴾
(٢٩) - والمَلاَئِكَةُ الأَطْهَارُ يَعْرِفُونَ حُدُودَهُمْ، فَلاَ يَدَّعُونَ الأُلُوهِيَّةَ، وإذا ادَّعى أَحَدٌ مِنْهُمْ الأُلُوهِيَّة مَعَ اللهِ، كَانَ جَزَاءُهُ الخُلودَ فِي جَهَنَّمَ، وَجَهَنَّمُ جَزاءُ الظَّالِمِينَ، الذين يَدَّعُونَ هَذه الدَّعْوى الظَّالِمَةَ.
﴿رَوَاسِيَ﴾
(٣١) - وَمِنْ دَلاَئِلِ قُدْرَتِهِ تَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَ فِي الأَرْضِ جِبَالاً أَرْسَاهَا بِهَا، وَثَقَّلَها لِكَيْلاَ تَمِيدَ بِالنَّاسِ، وَتَضْطَرِبِ، فَلاَ يَبْقَى لَهُمْ عَلَيْهَا قَرَارٌ، وأَنَّه جَعَلَ فِي الجِبَالِ ثَغَراتٍ وَفَجَواتٍ (فِجَاجاً) لِيَسْلُكَ النَّاسُ فِيهَا طُرُقاً فِي انْتِقَالِهِمْ مِنْ قُطْرٍ إِلى قُطْرٍ، وَلِيَهْتَدُوا بِهَا فِي أَسْفَارِهِم.
رَوَاسِيَ - جِبَالاً ثَوَابِتَ.
أَنْ تَمِيدَ بِهِم - لِكَيْلاَ تَضْطَرِبَ بِمَنْ عَلَيْهَا فَلاَ تَسْتَقِرَّ.
فِجَاجَاً سُبُلاً - طُرُقاً وَاسِعَةً مَسْلُوكَةً.
﴿الليل﴾
(٣٣) - واللهُ تَعَالَى هُوَ الذي خَلَقَ اللَّيْلَ بِظَلاَمِهِ وَسُكُونِهِ، والنَّهَارَ بِضِيَائِهِ وأُنْسِهِ، يَطُولُ هَذَا ثُمَّ يَقْصُرُ، وَيَتَنَاوَبَانِ ذَلِكَ، وَخَلَق الشَّمْسَ والقَمَرَ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ مسَارٌ، وَفَلَكٌ يَخْتَصُّ بِهِ، وَيَسْبَحُ فِيهِ وَيَتَحَرَّكُ، وتَدُورُ الكَوَاكِبُ فِي مَدَارَاتِها كَمَا يَدُورُ المِغْزَلُ فِي الفُلْكَةِ.
كُلٌّ فِي فَلَكٍ - أي الشَّمْسُ والقَمَرُ.
يَسْبحُونَ - يَجْرُون في السَّمَاءِ.
﴿ذَآئِقَةُ﴾
(٣٥) - كُلُّ النَّاسِ سَيَمُوتُونَ لاَ مَحَالَةَ، وَلَنْ يَخْلُدَ أَحَدٌ مِنَ الخَلْقٍ. وَيَخْتَبِرُ اللهُ النَّاسَ بِالمَصَائِبِ تَارَةً، وبِالنِّعمِ تَارَةً أُخْرَى، فَيَنْظُرُ مَنْ يَشْكُرُ مِنْهُم وَمَنْ يَكْفُرُ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلى اللهِ فَيُجَازِيهِم عَلَى أعْمَالِهِمْ.
نَبْلُوكُمْ - نَخْتَبِرُكُمْ مَعَ عِلْمِنَا بِحَالِكُمْ.
﴿الإنسان﴾ ﴿سَأُوْرِيكُمْ﴾ ﴿آيَاتِي﴾
(٣٧) - لَمَّا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى المُسْتَهْزِئِينَ بالرًّسُولِ عَلَيْهِ السَلاَمُ، وَقَعَ فِي بَعْضِ النُفُوسِ سُرْعَةُ الانْتِقَامِ مِنَ المُسْتَهْزِئِينَ، وَاسْتَعْجَلَتْ ذَلِكَ. واللهُ تَعَالَى يُمْلِي للظَّالِمِينَ، وَيُمْهِلُهُمْ وَيَمُدُّ لَهُمْ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُمْ لَمْ يُفْلِتْهُمْ، إِنَّهُ تَعَالَى يُؤَجِّلُ ثُمَّ يُعَجِّلُ، وَيُنْظِرُ ثُمَّ لا يُؤَخِّرُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: سُأُرِيكُمْ نِقَمِي وَحِكَمِي وقُدْرَتِي عَلَى مَنْ عَصَانِي (آياتي)، فَلاَ تَسْتَعْجِلُوا يَا أَيُّهَا النَّاسُ.
(٣٩) - لَوْ يَعْلَمُ هَؤُلاَء الكُفَّارُ المُسْتَعْجِلُونَ بِالعَذَابِ مَاذَا أَعَدَّ لَهُمْ رَبُّهُم مِنْ أَلِيم العَذَابِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ حَالُهُمْ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لَمَا قَالُوا هَذَا القَوْلَ، وَلَمَا أَقَامُوا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَلَمَا اسْتَعْجَلُوا لأَنْفُسِهِم النّكَالَ والوَبَالَ، فَنَارُ جَهَنَّمَ سَتُحِيطُ بِهِمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، تَلْفَحُ وُجُوهَهُم، وَتَكْوِي ظُهُورَهُمْ، فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا، وَلاَ دَفْعَها عَنْ أَنْفُسِهِم، وَلاَ يَجِِدُون نَاصِراً لَهُمْ يَنْصُرُهُم مِن عَذَابِ اللهِ.
لاَ يَكُفُّونَ - لاَ يَمْنَعُونَ وَلاَ يَدْفَعُونَ.
﴿يَسْتَهْزِئُونَ﴾
(٤١) - وَيَقُولَ اللهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ ﷺ مُسَلِّياً عَمَّا يُلاَقِيهِ مِنَ المُشْرِكِينَ مِنَ الاسْتِهْزَاءِ وَالتَّكْذِيبِ: لَقَدْ اسْتَهزَأَتِ الأُمَمُ السَّابِقَةُ بالرُّسُلِ الذِينَ جَاؤُوهُم، فَنَزَلَ بِالذِّينَ سَخِرُوا مِنْهُمُ العَذَابُ الذِي كَانُوا يَسْتَبْعِدُون وُقُوعَهُ، وَلَنْ يَكُونَ حَالُ المُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِكَ بِأَفْضَلَ مِنْ حَالِ الكُفَّارِ السَّابِقِينَ، الذِينَ كَانُوا يَسْخَرُونَ مِنَ الرُّسُلِ حِينَما كَانُوا يُحَذِّرُونَهُمْ سَوءَ العَذَابِ.
حَاقَ - أَحَاطَ وَنَزَلَ.
﴿آلِهَةٌ﴾
(٤٣) - وَيُنْكِرُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِم إِعْرَاضَهُمْ عَنْ ذِكْرِ آيَاتِهِ، وَيَقُولُ لَهُمْ مَقُرِّعاً وَمُوبِّخاً: ألَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ وَتَكْلَؤهُمْ غَيْرُ اللهِ؟ فِي الحَقِيقَةِ إِنَّ الأَمْرَ لَيْسَ كَمَا تَوَهَّمُوا، وَلاَ كَمَا زَعَمُوا، فَالآلِهَةُ التِي اسْتَنَدُوا إِلَيْهَا غَيْرُ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفِسِهِم مِنَ اللهِ، وَلاَ دَفْعَ مَا يَنْزِلُ مِنَ البَلاَءِ، وَلاَ يَجِدُونَ مَنْ يَنْصُرُهُمْ أَوْ يُجِيرُهُمْ مِنَ اللهِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ غَيْرِهِم.
يُصْحَبُونَ - يُجَارُونَ وَيُنْصَرُونَ.
(٤٥) - وَقُلْ لَهُم يَا مُحَمَّدُ: إِنَّمَا أَنَا مُبَلِّغٌ عَنِ اللهِ تَعَالَى مَا أَنْذَرْتُكُمْ بِهِ مِن العَذَابِ والنَّكَالِ، وإِنَّ ذَلِكَ مِمّا أَوْحَاهُ اللهُ إِليَّ، وَهُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ، وَلَكِنَّ الإِنْذَارَ لأمثَالِ هَؤُلاَءِ لاَ يَنْفَعُ، فَحَالُهُمْ كَحَالِ مَنْ أَعْمَى اللهُ بَصِيرَتَهُ، وَخَتَمَ عَلَى قَلْبِهِ وَسَمْعِهِ.
﴿الموازين﴾ ﴿القيامة﴾ ﴿حَاسِبِينَ﴾
(٤٧) - وَيَضَعُ اللهُ تَعَالَى المَوَازِينَ العَادِلَةَ، يَوْمَ القِيَامَةِ، لِوَزْنِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ، فَإِنَّهَا تُوزَنُ لًَهُ أَو عَلَيْهِ. وَكَفَى باللهِ حَاسِباً لِأَعْمَالِ الخَلاَئِقِ، فلا يُغَادِرُ مِنْهَا صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا.
القِسْطَ - العَدْلَ أَوْ ذواتَ العَدْلِ.
مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ - وَهِيَ أَقَلُّ شَيءٍ وَزْناً.
(٤٩) وَهَوُلاءِ المُتَّقُونَ، الذِينَ تَعِظُهُمْ كُتُبُ اللهِ، وَتُذَكِّرُهُمْ، وَتُنِيرُ قُلُوبَهُمْ، هُمُ الذينَ تَسْتَشْعِرُ قُلُوبُهُم خَشْيَةَ اللهِ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُم وَهُمْ لَمْ يَرُوْهُ، وَهُمْ يَخَافُونَ قِيامَ السَّاعَةِ، وَيُشْفِقُونَ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ القِيَامَةِ، فَعْمَلُون لِذَلِكَ اليَوْمِ وَيَسْتَعِدُّونَ.
مُشْفِقُونَ - خَائِفُونَ حَذِرُونَ.
﴿آتَيْنَآ﴾ ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾ ﴿عَالِمِينَ﴾
(٥١) - وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ مَا فِيهِ صَلاَحُهُ وَهُدَاهُ مِنْ قَبْلِ هَارُونَ وَمُوسَى، وَوَفَّقْنَاهُ لِلْحَقِّ، وَأَضَأْنَا لَهُ سَبِيلَ الرَّشَادِ، وَكُنَّا عَالِمِينَ بِأَنَّهُ ذُو يَقِينٍ وَإِيْمَانٍ باللهِ وَتَوْحِيدٍ لَهُ، وأَنَّهُ أَهْلٌ لِحَمْلِ الرِّسَالَةِ.
(وقِيلَ بَلِ المَعْنَى هُو: وَفَّقْنَاهُ إِلَى هُدَاهُ مِنْ قَبْلِ النُّبُوَّةِ والْبُلُوغِ، وَوَفَّقْنَاهُ للنَّظَرِ والاسْتِدْلاَلِ، لَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ، فَرَأَى النَّجْمَ والْقَمَرَ ثُمَّ رَأَى الشَّمْسَ).
﴿آبَآءَنَا﴾ ﴿عَابِدِينَ﴾
(٥٣) - فَلَمْ يَجِدُوا مَا يَرُدُّونَ بِهِ عَلَى سُؤَالِهِ لَهُمْ إِلاَّ قَوْلَهُمْ لَهُ: إِنَّهُمْ وَجَدُوا آبَاءَهُمْ يَعْبُدُونَها، فَهُمْ يَقْتَفُونَ آثَارَهُمْ فِي عِبَادَتِها.
﴿اللاعبين﴾
(٥٥) - فَقَالُوا لَهُ، وَهُمْ يَسْتَبْعِدُونَ أَنْ يَكُونُوا عَلَى ضَلاَلٍ: إِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا بِمِثْلِ هَذَا الكَلاَمِ مِنْ قَبْلُ. وَسَأَلُوهُ إِنْ كَانَ جَادّاً فِي قَوْلِهِ هَذَا أَوْ هَازِلاً؟
﴿أَصْنَامَكُمْ﴾
(٥٧) ثُمَّ أَقْسَمَ إِبْرَاهِيمُ فِي نَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ سَيَكِيدُ لأَصْنَامِ قَوِمِهِ، وَسَيُحَرِّضُ عَلَى تَحْطِيمِهَا بَعْدَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ إِلى الاحْتِفَالاَتِ بِعِيدِهِمْ، لِيُظْهِرَ لَهُمْ ضَلاَلَ مَا هُمْ عَلَيْهِ فِي عِبَادَتِها.
(وَيُرَوَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ دَعَاهُ أَبُوهُ إِلى الخُرُوجِ مَعَهُمْ لِيَرى الاحْتِفَالَ بِعِيد قَوْمِهِ، وَقَالَ لَهُ إِنّهُ لَوْ رَأى هَذَا الاحْتِفَالَ لأَعْجَبَهُ دِينُهُمْ. فَخَرَجَ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَرِيق أَلْقَى بِنَفْسِهِ عَلَى الأًَرْضِ، وَقَالَ لأبِيهِ إِنَّهُ سَقِيمٌ، فَلَمَّا أَقْسَمَ عَلَى أَنَّهُ سَيَكِيدُ لِأَصْنَامِ قَوْمِهِ سَمِعَهُ بَعْضُ مَنْ تأَخَرَّ عَنْ الذَّهابِ مِنْ قَوْمِهِ إِلى الاحْتِفَالِ).
﴿بِآلِهَتِنَآ﴾ ﴿الظالمين﴾
(٥٩) - وَحِينَما رَجَعَ القَوْمُ مِن الاحْتِفَالِ، وشَاهَدُوا الأَصْنَامَ مُحَطَّمَةً قَالُوا مُتَسَائِلِينَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتنَا وَحَطَّمَهَا؟ إِنَّهُ بِلا شَكٍ ظَالِمٌ فِي صَنِيعِهِ.
(٦١) - فَقَالُوا: ائْتُوا بِهِ أمامَ الجَمْعِ المُحْتَشِدِ لِيُسْأَلَ عَنْ فِعْلَتِهِ أَمَامَ الأَشْهَادِ، لِتَكُونَ شَهَادَتُهُمْ حُجَّةً عَلَيْهِ.
عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ - ظَاهِراً بِمَرْأى مِنَ النَّاسِ.
﴿فَاسْأَلُوهُمْ﴾
(٦٣) - قَالَ لَهُمْ إِبْرِاهِيمُ مُتَهَكِّماً: إِنَّ الذي حَطَّمَ الأصنامَ هُوَ الصَّنَمُ الأكبرُ، وَطَلَبَ إِلَيْهِم أَنْ يَسْأَلُوا هَذِهِ الأَصْنَامَ الآلِهَةَ لِتَدُلَّهم عَلَى مَنْ فَعَلَ هَذَا بِهَا وَحَطَّمَهَا، هَذَا إِنْ كَانَ لَهُمْ لِسَانٌ يَنْطِقُ.
(وَكَانَتْ غايَةُ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَعْتَرِفَ النَّاسُ أَمَامَ الحَفْلِ العَظِيمِ أَنَّ الأصنَامَ حِجَارَةٌ لاَ تَنْطِقُ، وَأَنَّهَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَمْنَعَ مَنِ اعْتَدَى عَلَيْهَا مِنَ القِيَامِ بِفعْلَتِهِ).
(٦٥) - فَأَدْرَكَتِ القومَ حَيْرَةٌ مِنْ مَقَالَةِ إِبْرَاهِيمَ، فَنَكَّسُوا رُؤوسَهُم إِلَى الأرضٍِِ، ثُمَّ قَالُوا لإِبْراهِيمَ: إِنَّكَ تَعْلَمُ أنَّهُم حِِجَارَةٌ لاَ تَنْطِقُ، فَكَيْفَ نَسْأَلُهُمْ؟
نُكِسُوا عَلَى رٌؤوسِهِم - رَجَعُوا إِلَى البَاطِلِ والعِنَادِ.
(٦٧) - أَفَلاَ تَعْقِلُونَ وَتُدْرِكُونَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الكُفْرِ والضَّلاَلِ الذِي لاَ يَرُوجُ إِلاَّ عَلَى جَاهِلٍ لاَ عَقْلَ لَهُ؟ فَتَبّاً لَكُمْ وَلِمَعْبُودَاتِكُم التِي اتَّخَذْتُموهَا مِنْ دُونِ اللهِ، وبِذَلِكَ أَقَامَ الحُجَّةَ عَلَيْهِم، وَهِيَ الحُجَّةُ التِي أشارَ إِلَيْهَا تَعَالَى فِي آيةٍ أُخرى ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ على قَوْمِهِ﴾ أُفٍّ - كِلمَةُ تَضَجُّرٍ وَتَبَرُّمٍ.
﴿يانار﴾ ﴿وسلاما﴾ ﴿اإِبْرَاهِيمَ﴾
(٦٩) - فَأَمَرَ اللهُ تَعَالَى النَّارَ بِأَلاَّ تُحْرقَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السلامُ، وبِأَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاماً فَكَانَتْ. وَنَجَّى اللهُ إِبْرَاهِيمَ مِن المَصِيرِ الذِي أَرَادَهُ لَهُ الظَّالِمُونَ.
﴿وَنَجَّيْنَاهُ﴾ ﴿بَارَكْنَا﴾ ﴿لِلْعَالَمِينَ﴾
(٧١) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ نَجَّى إِبْرَاهِيمَ مِنْ نَارِ قَوْمِهِ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ مُهَاجِراً إِلى الأرْضِ المُقَدَّسَةِ، التِي بَارَكَ اللهُ فِيهَا، وَخَرَجَ مَعَهُ مُهَاجِراً ابنُ أخِيهِ لُوطٌ عَلَيْهِمَا السَّلامُ.
(الأَرْضُ المُبَارَكَةُ المقْصُودَةُ هُنَا هِيَ أرضُ الشَّامِ أوْ فِلَسْطِينُ. وفلسطينُ جَزْءٌ مِنَ أرضِ الشَّامِ)
﴿وَجَعَلْنَاهُمْ﴾ ﴿أَئِمَّةً﴾ ﴿الخيرات﴾ ﴿الصلاة﴾ ﴿الزكاة﴾ ﴿عَابِدِينَ﴾
(٧٣) - وَجَعَلَهُمَ اللهُ أَئِمَّةً بِهِمُ النَّاسُ، وَيَدْعُونَ إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ (يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا)، وَأَلْهَمَهُم اللهُ فِعْلَ الأَعْمَالِ الخَيِّرَةِ، وإِقَامَةَ الصَّلاَةِ، وتَأْدِيَةَ الزَّكَاةِ؛ وكَانُوا يَعْبُدُونَ اللهَ، وَيَقُومُونَ بِمَا يَأْمُرُونَ بِهِ النَّاسَ، وَلاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ طَاعَتِهِ (وَكَانُوا لَنَا عَابِدِين).
﴿وَأَدْخَلْنَاهُ﴾ ﴿الصالحين﴾
(٧٥) - وَجَعَلَ اللهُ لُوطاً فِي جُمْلَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّونَ رَحْمَتَهُ وَلُطْفَهُ فَنَجَّاهُ مِنْ القَوْم الفَاسِقِينَ. وَوَصَفَهُ اللهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ كَانَ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ الذِين سَبَقَتْ لَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الحُسْنَى.
﴿وَنَصَرْنَاهُ﴾ ﴿بِآيَاتِنَا﴾ ﴿فَأَغْرَقْنَاهُمْ﴾
(٧٧) - وَنَصَرَهُ اللهُ عَلَى قَوْمِهِ الذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِم فَأَغْرَقَهُم اللهُ جَمِيعاً بالطُّوفَانِ، لأَنَّهُم كَانُوا قَوْماً يُسِيئُونَ الأَعْمَالَ فَيَعْصُونَ اللهِ، وَيُخَالِفُونَ أوَامِرَهُ، وَيُكَذِّبُونَ رَسُولَهُ وَيُؤْذُونَهُ.
﴿فَفَهَّمْنَاهَا﴾ ﴿سُلَيْمَانَ﴾ ﴿آتَيْنَا﴾ ﴿دَاوُودَ﴾ ﴿فَاعِلِينَ﴾
(٧٩) - ولًَقَدْ أَوحَى اللهُ تعالى إلى سليمان بالقَوْل الفَصْلِ في هذا النِّزَاعِ، ويقولُ تَعالى إنَّه آتَى كُلاًّ مِنْ دَاوُجَ وسُلَيْمَانَ وعِلْماً، وإنَّه سَخَّرَ الجبالَ والطَّيرَ يُسَبِّحْنَ مَعَ دَاودَ، وذَلِكَ لِطيبِ صَوْتِهِ بتِلاوةِ الزَّبُورِ، فكَانَ إذا تَرَنَّمَ بِه رَدَّدَتْ تَسْبِيحَهُ الجِبَالُ والطَّيرُ تَأويباً، وكانَ الله فاعِلاً ذلكَ بِقُدْرَتِه التي لا يُعْجِزُها شيءٌ.
﴿وَلِسُلَيْمَانَ﴾ ﴿بَارَكْنَا﴾ ﴿عَالِمِينَ﴾
(٨١) - وسَخَّرَ اللهُ تَعالى الرِّيحَ تَجْري بأَمْرِ سُلَيمَان حَيثُ يَشَاءُ عَاصِفَةً تَارَةً، ورُخَاءً لَيِّنةً تَارَةً أُخْرى. وهُنا يَقُولُ تعالى إنَّها تَجْرِي إلى الأرضِ المُقَدَّسَةِ التي بَارَكَ اللهُ فيها. ثمَّ يَقُولُ تعالى إنَّه عَالِمٌ بِكُلِّ شيءٍ، فَقَدْ آتَى سُليمانَ مَا آتاهُ لِما يَعْلَمُهُ في ذلكَ مِنَ المصْلَحَةِ والحِكْمَةِ.
عَاصِفَةً - شَدِيدَةَ الهُبُوبِ.
﴿الراحمين﴾
(٨٣) - يذْكُرُ اللهُ تَعالى مَا أَصابَ عَبْدَهُ أَيُّوبَ عَليْه السلامُ، مِنَ البَلاءِ في مَالِهِ وولَدِهِ وجَسَدِهِ، ولِبثَ فِي ذلِكَ البلاءِ مُدَّةً طَويلةً فَنادَى رَبَّه: يَا رَبِّ لَقَدْ مَسَّنِي الضُّرُّ فَارْحَمْنِي، وأفِضْ عَليَّ مِنْ جُودِكَ وَرَحْمَتِكَ مَا يُسْعِفُنِي، ويَدْفَعُ الضُّرُّ عَنِّي، وأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
﴿وَإِسْمَاعِيلَ﴾ ﴿الصابرين﴾
(٨٥) - وإِنَّ إسْمَاعيلَ وإدريسَ وذا الكفْلِ، كلَّهُم مِنَ الرُّسُل الكِرَامِ، الذين صَبَروا على ما ابْتَلاهُمْ بِهِ اللهُ، وأَخْبتُوا لِرَبِّهم، فَنَالُوا رِضَاهُ.
ذُو الكِفْلِ - نَبِيٌّ وقِيلَ إنَّهُ إلياسُ عليهِ السلامُ.
﴿مُغَاضِباً﴾ ﴿الظلمات﴾ ﴿سُبْحَانَكَ﴾ ﴿الظالمين﴾
(٨٧) - يَذْكُرُ اللهُ تَعالى قِصَّةَ يونُسَ عليهِ السلامُ (وهوَ ذو النُّونِ أيْ صاحبُ الحُوت)، وكانَ اللهُ قَدْ بَعَثَهُ نَبِياً إلى أَهْل نينَوَى فَدَعَاهُمْ إلى عِبَادةِ اللهِ وَحدَهُ فَأَبَوْا، وَتَمَادَوْا في كُفْرِهم، فَخَرَجَ يُونُسُ مِنْ بَيْنِهِم مُغَاضِباً لَهُمْ، وأَتْذَرَهُمْ بأنَّ العَذَابَ وَاقِعٌُ بِهِمْ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّام، فَلما تَحَقَّقُوا مِنْ ذَلِكَ، وَعِلمُوا أنَّ النبيَّ لا يَكْذِبُ، خًَرَجُوا مِنَ البلدِ بأطْفَالِهم وأنْعامِهم ومَوَاشِيهِم، ثُمَّ تَضَرَّعُوا إلى اللهِ تَعَالى، وَجأَرُوا إليهِ بالدُّعَاءِ، فَرَفَعَ اللهُ عَنْهُمْ العَذابَ، وصَرَفَهُ عَنْهُم، كَمَا جَاءَ في آيةٍ أُخْرى.
أمَّا يونسُ فإنَّه تَرَكَ قَوْمَه مُغَاضِباً لَهُم، وذَهَبَ فَرَكِبَ في سَفِينَةٍ فَاضْطَرَبَتْ وَخافَ مَنْ فِيها مِنْ غَرَقِها، فاقْتَرعُوا على رَجُل يُلقُونهُ مِنْ بينِهم في الماءِ يَتَخفَّفُونَ مِنهُ، فوقَعَتِ القُرْعَةُ على يُونُسَ، فَأَبَوْا أنْ يُلْقُوهُ، ثُمَّ أعادُوا القُرْعَةَ فَوَقَعَتْ علَيْهِ، فَأَبَوْا، ثمَّ أعَادُوا للمرةِ الثّالثةِ فَوَقَعَتْ عليه، فَتَجَرَّدَ يُونُسُ مِنْ ثِيَابِهِ، وأَلْقَى بِنَفْسِهِ في المَاءِ، فالْتَقَمَهُ الحُوتُ، ولِذَلِكَ سُمِّيَ بصَاحِبِ الحُوتِ (ذُو النُّونِ).
وكانَ يُونسُ يَظُنُّ أنَّ الله لَنْ يُضَيِّقَ عليْهِ في بَطْنِ الحُوتِ، (أو أنهُ تَعالى لنْ يَقْدِرَ عليه أَنْ يَكُونَ فِي بَطْن الحُوتِ) فَكَانَ في بَطْنِ الحوتِ في ظُلْمَةٍ، وفي أعْمَاقِ البَحْرِ في ظُلمَةٍ، وفي ظَلاَمِ الليلِ في ظُلْمَةٍ، ولذلك قَالَ تَعالى: ﴿فنادى فِي الظلمات﴾ ودَعاَ رَبَّهُ قائلاً: لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَك إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.
ذُو النُّونِ - هُوَ نَبِيُّ اللهِ يُونُسُ عَليهِ السَّلاَمُ، والنُّونُ هُوَ الحُوتُ.
مُغَاضِباً - غَضْبَانَ عَلى قَوْمِهِ لِكُفْرِهِمْ.
لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ - لَنْ نُضَيِّقَ عَلَيْهِ بِحُبْسٍ أَوْ نَحْوِهِ.
﴿الوارثين﴾
(٨٩) - يُخْبِرُ اللهُ تعالى عَنْ زَكَريَّا عَليهِ السَّلامُ حينما تَقَدَّمَتْ بِهِ السِّنُ، وطَلبَ مِنَ اللهِ أَنْ يَهَبَهُ وَلَداً يَرثُ النُبُوَّةَ من بَعْدِهِ، فَنَادَى رَبَّه نِدَاءً خَفِيّاً عَنْ قَوْمِهِ، وقَالَ: رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً بِلا وَلَدٍ، وَلاَ وَارِثٍ، يَقُومُ بَعْدِي في النَّاسِ، وأَنْتَ يَا رَبِّ خَيْرُ مَنْ وَرِثَ العِبَادَ (وفي هذا الدُّعَاءِ إشَارَةٌ إِلى قِيَامِ السَّاعةِ، وهَلاَكِ البشَرِ جَمِيعاً، وَبَقَاءِ اللهِ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ.
﴿وَجَعَلْنَاهَا﴾ ﴿آيَةً﴾ ﴿لِّلْعَالَمِينَ﴾
(٩١) - يَذْكُرُ تعالى قِصَّةَ مَرْيَمَ عَليها السَّلامُ، ويَصِفًها بِالعِفَّةِ والطَّهَارَةِ وإحْصَانِ النَّفْسِ، فَنَفَخَ اللهُ فِيه مِنْ رُوحِهِ، فَحَمَلَتْ بابْنِها عِيسَى، وقد جَعَلَها الله وابْنَها عِيسَى عَليهما السَّلامُ، دَلالةً مِنَ اللهِ عَلى أنَّهُ وَاحِدٌ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وأَنَّه يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ، وأنَّ أَمْرَهُ يَصْدُرُ مَرَّةً واحِدَةً، لا يَتَكَرَّرُ فَيَكُونُ ما أَرَادَ في لَمْحَةِ بَصَرٍ.
أَحْصَنَتْ فَرْجَها - حَفِظَتْهُ.
مِنْ رَوحِنَا - مِنْ جِهَةِ رُوحِنَا! والرُّوحُ جِبْرِيلُ عليهِ السَّلامُ.
﴿رَاجِعُونَ﴾
(٩٣) - ثُمَّ اخْتَلَفَتِ الأُمَمُ عَلى رُسُلِها، فَصَارُوا فِرَقاً كَثِيرَةً فَمِنْ بَينِ مُكَذِّبٍ وَمُصَدٍّقٍ لَهُمْ. وَيَوْمَ الْقَيَامَةِ يَرْجِعُونَ إلى اللهِ تَعَالَى جَمِيعاً، فَيُجَازِي كُلاً بِحَسَبِ عَمَلِهِ في الدُّنْيَا.
(وقَالَ مُفَسِّرُونَ: إِنَّ الذينَ تَفَرَّقُوا شِيَعاً واخْتَلَفُوا هُمُ المُسْلِمُونَ، فَقَدْ تَفَرَّقُوا فِرَقاً كَثِيرَةً، كُلُّ فِرْقَةٍ تَنْعِى عَلَى ما سِوَاها، وقَدْ كَانَ لَهُمْ مِنْ عِبَر الماضِي مَا يَمْنَعُهُم مِنَ الوُقُوعِ فِي مِثْلِ هَذا التَّفَرُّقِ).
تَقَطَّعُوا أمْرَهُم - تَفَرَّقُوا في دِينِهِم فِرَقاً وأَحْزَاباً.
﴿وَحَرَامٌ﴾ ﴿أَهْلَكْنَاهَآ﴾
(٩٥) - وَقَدْ قَضَى اللهُ وَقَدَّرَ أَنَّ كُلَّ قَرْيَةٍ أَهْلَكَ اللهُ أَهْلَهَا بِظُلْمِهِم، فَإِنَّهُم لاَ يَرْجِعُوْنَ إِلى الحَيَاةَِ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ. وَهَذا تَأْكِيدٌ لِلْرَّجْعَةِ إِلى اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
حَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ - مُمْتَنِعٌ البَتَّةَ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ.
أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ - إِلى الحَيَاةِ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ.
﴿شَاخِصَةٌ﴾ ﴿أَبْصَارُ﴾ ﴿ياويلنا﴾ ﴿ظَالِمِينَ﴾
(٩٧) - فَإِذَا وَقَعَتْ هَذِهِ الأَهْوَالُ والزَّلاَزِلُ، وَحَدَثَتِ الفَوْضَى بِخُرُوْجِ قَوْمِ يَأجُوجَ وَمأجُوجَ، فَذَلِكَ دَلاَلَةٌ عَلَى اقْتِرَابِ الوَعْدِ الحَقِّ (قِيَامِ السَّاعَةِ). فَإِذَا قَامَتْ السَّاعَةُ يُفَاجَأُ الكَافِرُونَ بِهَا، وَيَقُومُون مِنْ قُبُورِهِم مَشْدُوهِينَ مَبْهُوتِينَ، فَيَقُولُ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ، وَأَبْصَارُهُم شَاخِصَةٌ مِنْ هَوْلِ مَا يَرَوْنَ: لَقَدْ كُنَّا غَافِلِينَ فِي الدُّنْيَا عَنْ هَذَا اليَوْمِ. وَيَعْاَرِفُونَ بَأَنَّهُمْ كَانُوا ظَالِمِينَ، فَيَنْدَمُونَ عَلَى مَا فَرَّطُوا فِي جَنْبِ الله، وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا، ولاَتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ.
الْوَعْدُ الحَقُّ - قِيامُ السَّاعَةِ وَالبَعْثُ وَالحِسَابُ.
شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ - مُرْتَفِعَةٌ أَبْصَارُهُمْ لاَ تَكَادُ تَطْرَفُ مِنْ شِدَّةِ الهَوْلِ.
﴿اء آلِهَةً﴾ ﴿خَالِدُونَ﴾
(٩٩) - لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الأَصْنَامُ وَالأَنْدَادُ آلِهَةً حَقِيْقَةً لَمَا دَخَلُوْا نَارَ جَهَنَّمَ، وَلَمَا بَقُوْا خَالِدِيْنَ فِيهَا مَعَ مَنْ عَبَدُوهَا.
﴿أولئك﴾
(١٠١) - أمَّا الذينَ قَضَى اللهُ لَهُمْ بالرَّحْمَةِ والسَّعَادَةِ بِسَبَبِ إِيْمَانِهِمْ وَعَمَلِهِم الصَّالِحِ فِي الدُّنْيا، فَأُولئِكَ يُبْعَدُونَ عَنْ جَهَنَّم جَزَاءً لَهُمْ، وَثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللهِ.
﴿وَتَتَلَقَّاهُمُ﴾ ﴿الملائكة﴾
(١٠٣) - وَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ - يَوْمِ القِيَامَةِ - يَسْتَوْلِى عَلَى النَّاس الفَزَعُ الأَكْبَرُ لِهَوْلِ مَا يَرَوْنَِهُ، وَلِهَوْلِ المُفَاجَأةِ، وَلِِهَوْلِ مَا يَنْتَظِرُهُم مِنْ حِسَابٍ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ، وَلَكِنَّ الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لَهُمُ الحُسْنَى مِنْ رَبِهِّمْ، فَإِنَّهُمْ يُخِيفُهُمْ ذَلِكَ الفَزَعُ، وَلاَ يَحْزُنُهُمْ، فَقَدْ جَنَبَّهَمُ اللهُ تَعَالَى النَّارَ، وَجَنَّبَهُمْ سَمَاعَ حَسِيِسِها، وَرُؤْيَةَ مَا فِيهَا، وَأَدْخَلَهٌمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ، وَأَدْخَلَهُمْ الجَنَّةَ، فَتَلَقَّتْهُمُ المَلائِكَةُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ، وَيُهَنِّئُونَهُمْ بالسَّلامَةِ فِي هَذَا اليَوْمِ الَّذِي وَعَدَهُمْ اللهُ بِهِ.
﴿الصالحون﴾
(١٠٥) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ حَتْمِهِ وَقَضَائِهِ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ بالسَّعَادَةِ، فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، وَوِرَاثَةِ الأَرْضِ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، فَقَالَ تَعَالَى: إِنَّهُ قَضَى فِي الكُتُبِ التِي أَنْزَلَهَا عَلَى رُسُلِه (الزَّبُورِ) كَمَا قَضَى فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ وَهُوَ أُمُّ الكِتَابِ (الذِّكْرِ) أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها الصَّالِحُونَ مِنْ
عِبَادِه؛ وَقَدْ جَعَلَ سُنَّةً وَمِنْهَاجاً.
(والصَّالِحُونَ الذين عَنَاهُم اللهُ تَعَالَى هُمُ الَّذينَ جَمَعُوْا الإِيْمَانَ والعَمَلَ الصَّالِحَ، فإِذَا اجْتَمَعَ إِيْمَانُ القَلْبِ، وَنشاطُ العَمَلِ في أُمَّةٍ فَهِيَ الوَارِثَةُ للأَرْضِ. وَهَذَا وَعْدٌ مِنَ اللهِ، وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ أبداً).
الزَّبُوْرُ - الكُتُبُ المُنَزَّلَةُ، والزَّبُورُ قِسْمٌ مِنْ كِتَابٍ أََوْ هُوَ الكِتَابُ المُنَزَّلُ عَلَى دَاوُد عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
الذّكْرُ - اللَّوْحُ المَحْفُوظُ - وَهُوَ أُمُّ الكِتَابِ.
﴿أَرْسَلْنَاكَ﴾ ﴿لِّلْعَالَمِينَ﴾
(١٠٧) - وَمَا أَرْسَلْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ بِهَذَا وأَمْثَالِهِ مِنَ الشَّرَائِعِ والأَحْكَامِ إِلاَّ لِرَحْمَةِ النَّاسِ، وَهِدَايَاِهِمْ فِي شُؤُونِ دِينِهِمْ وَدُونْيَاهُمْ، وَلاَ يَهْتَدِي بِهِ إٍِلاَّ المُتَهَيِّئُوْنَ لِتَقَبُّلِ الهُدَى.
﴿آذَنتُكُمْ﴾
(١٠٩) - فَإِنْ رَفَضُوْا الاسْتِجَابَةَ إِلَى مَا دَعَوْتَهُمْ إِلَيْهِ، وأَعْرَضُوْا عَنْهُ فَقُلْ لَهُمْ: إِنِّي بَرِء مِنْكُمْ كَمَا أَنَّكُمْ بُرَآءُ مِنِّي وَقَدْ أَعْلَمْتُكُمْ جَمِيعاً بِمَا أَمَرَنِي بِهِ رَبِّي، وَبِذَلِكَ اسْتَوَيْنَا فِي العِلْمِ أَنَا وَأَنْتُمْ. وَقُلْ لَهُم: إِنَّ مَا يُوعَدُونَ بِهِ وَاقِعٌ لاَ مَحَالَةَ، وَلَكَنَّكَ لاَ تَدْرِي مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ، قَرِيباً أَمْ بَعِيداً، لأًَنَّ الله لَمْ يُطْلِعْكَ عَلَيْهِ.
عَلَى سَواءٍ - مُسْتَوِينَ جَمِيعاً فِي الإِعْلامِ.
وَإِنْ أَدْرِي - وَمَا أَدْرِي.
﴿وَمَتَاعٌ﴾
(١١١) - وَمَا أَدْرِي سَبَبَ تَأخِيرِ وُقُوعِ الجَزَاءِ بِكُمْ؛ لَعَلَّ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً فِي فِتْنَتِكُمْ وامْتِحَانِكُمْ لِيَنْظُرَ رَبُّكُمْ كَيْفَ تَعْمَلُونَ؛ أَوْ لَعَلَّهُ يُؤَهِّرُمُنْ إلى حِينٍ كي تَتَمَتَّعُوا بِلَذَّاتِ الدُّنْيَا مَع اسْتِمْرَارِ إِعْرَاضِكُم عَنِ الإِيْمَانِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ سَبَباً لاِسْتِحْقَاقِكُمْ العَذَابَ.
فِتْنَةٌ لَكُمْ - امْتِحانٌ وَاخْتِبَارٌ.
Icon