تفسير سورة الشورى

أحكام القرآن للجصاص
تفسير سورة سورة الشورى من كتاب أحكام القرآن المعروف بـأحكام القرآن للجصاص .
لمؤلفه الجصَّاص . المتوفي سنة 370 هـ

فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَذَا غَيْرُك وَيَقُولُونَ لَهُ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُك فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَلَا يُفَارِقُونَهُ تَأْنِيسًا لَهُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا قَالَ أَخْلَصُوا لَهُ الدِّينَ وَالْعَمَلَ وَالدَّعْوَةَ
قَوْله تَعَالَى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَكَرَ اللَّهُ الْعَدُوَّ فَأَخْبَرَ بِالْحِيلَةِ فِيهِ حَتَّى تَزُولَ عَدَاوَتُهُ وَيَصِيرَ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ فَقَالَ تَعَالَى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الْآيَةَ قَالَ وَأَنْتَ رُبَّمَا لَقِيتَ بَعْضَ مَنْ يَنْطَوِي لَك عَلَى عَدَاوَةٍ وَضِغْنٍ فَتَبْدَأُهُ بِالسَّلَامِ أَوْ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِهِ فَيَلِينُ لَك قَلْبُهُ وَيُسْلِمُ لَك صَدْرَهُ قَالَ ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ الْحَاسِدَ فَعَلِمَ أَنْ لَا حِيلَةَ عِنْدَنَا فِيهِ وَلَا فِي اسْتِمْلَاكِ سَخِيمَتِهِ وَاسْتِخْرَاجِ ضَغِينَتِهِ فَقَالَ تعالى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ- إلَى قَوْلِهِ- وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ فَأَمَرَ بِالتَّعَوُّذِ مِنْهُ حِينَ عَلِمَ أَنْ لَا حِيلَةَ عِنْدَنَا فِي رِضَاهُ
قَوْله تَعَالَى وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ الْآيَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ اُخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَسْرُوقٍ وَقَتَادَةَ أَنَّهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ وَرُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ عِنْدَ قَوْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَوْلَى أَنَّهَا عِنْدَ آخِرِ الْآيَتَيْنِ لِأَنَّهُ تَمَامُ الْكَلَامِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ السَّلَفَ لَمَّا اخْتَلَفُوا كَانَ فِعْلُهُ بِالْآخِرِ منهما أولى لا تفاق الْجَمِيعِ عَلَى جَوَازِ فِعْلِهَا بِأُخْرَاهُمَا وَاخْتِلَافِهِمْ فِي جَوَازِهَا بِأُولَاهُمَا
قَوْله تَعَالَى وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا الْآيَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ أَعْجَمِيًّا كَانَ أَعْجَمِيًّا فَكَانَ يَكُونُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ عَرَبِيَّا لِأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَقْلَهُ إلَى لُغَةِ الْعَجَمِ لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قُرْآنًا آخِرُ سُورَةِ حم السَّجْدَةِ.
سُورَةُ حم عسق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَوْله تَعَالَى وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى بُطْلَانِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى مَا سَبِيلُهُ أَنْ لَا يُفْعَلَ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ لِإِخْبَارِهِ تَعَالَى بِأَنَّ مَنْ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا فَلَا حَظَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ فَيَخْرُجُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قِرْبَةً فَلَا يَقَعُ موقع الجواز
وقوله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي مِنْكُمْ قَالُوا كل
Icon