ﰡ
﴿ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ { ١ " : مقدم ومؤخر، مجازه يعدلون بربهم، أي : يجعلون له عِدْلاً، تبارك وتعالى عما يصفون.
﴿ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَروُنَ ﴾ أي تشكّون.
﴿ مَكَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ ﴾ أي : جعلنا لهم منازلَ فيها وأكالاً، وتثبيتاً ومكناهم ؛ مكَّنُتك ومكنتْ لك واحد، يقال : أُكُل وأكال وآكال واحدها أُكل.
قال الأَثرَم : قال أبو عمرو : يقال له أُكل من الملوك، إذا كان له قطايع.
﴿ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً ﴾ مجاز السماء ها هنا مجاز المطر، يقال : ما زلنا في سماء، أي في مطر، وما زلنا نَطأُ السماء، أي أثر المطر، وأَنَّى أخذَتكم هذه السماءُ؟ ومجاز ﴿ أرْسلنا " : أنزلنا وأمطرنا { مِدْرَاراً ﴾ أي غزيرة دائمة.
قَال الشاعر :
وسقاكِ من نوْءِ الثرَيَّا مُزْنَةٌ | غرَّاءُ تَحْلِبُ وابلا مِدْرارا |
﴿ وَأَنْشَأنَا ﴾ أي ابتدأنا، ومنه قولهم : فأنشأ فلان في ذلك أي ابتدأ فيه.
لا يأخذ الرشِوَةَ فِي حُكْمه | ولا يُبَالِي غَبَنَ الْخاسِرِ |
أيّنَا باتَ ليلةً *** بين غُصْنين يُوبَلُ
تحت عيْنٍ كنانها *** ظِلُّ بُرْدٍ مُرَحَّلُ
أي غطاؤنا الذي يُكنِّنا.
﴿ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً ﴾ مفتوح، ومجازه : الثِّقْل والصَمَم، وإن كانوا يسمعون، ولكنهم صُمّ عن الحق والخير والهُدَى ؛ والوِقَر هو الحِمل إذا كسرته.
﴿ أَسَاطِيرُ اْلأَوَّلِينَ ﴾ واحدتها أُسْطورة، وإسطارة لغة، ومجازها مجار الترَّهَاتُ البَسَابِسُ ليس له نظام، وليس بشيء.
فأبلغْ عامراً عني رسولاً | وزُرْعةَ إنْ دنَوْتُ وإن نأيتُ |
﴿ أَوْزَارَهُمْ ﴾ واحدها : وِزر مكسورة، ومجازها : آثامهم، والوِزر والوَزَر واحد، يبسط الرجل ثوبه فيجعل فيه المتاع فيقال له : أحمِلْ وِزْرك، ووَزَرك، ووِزرَتك.
﴿ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ ﴾ أي مَصعداً، قال ابن مُقْبل :
لا تُحْرِز المرءَ أحجاءُ البلاد ولا | تُبُنَى له في السموات السَلاليمُ |
تعدّون عَقْرَ النِّيب أفْضَل مَجْدكم | بنى ضَوْطرَى لولا الكمىَّ المقُنَّعَا |
﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتبِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ مجازه : ما تركنا ولا ضيّعنا ولا خلقنا.
﴿ والضَّرَّاءِ ﴾ من الضُّرّ.
﴿ فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ المُبلِس : الحزين الدائم، قال العجّاج :
يا صاح هل تعرف رَسْماً مُكْرَسا ***قال نعم أعرفه وأَبلَسَا
وقال رؤبة :
وحضَرت يوم خَمِيس الأخْمَاسْ | وفي الوجوه صُفْرةٌ وإبلاسْ |
﴿ ثمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ﴾ مجازه : يُعرِضون، يقال : صَدف عني بوجهه، أي أعرض.
ولكنّهم بانوا ولم أَدر بَغْتةً | وأفظعُ شيءٍ حين يفجَؤُك البَغْتُ |
أَبَيِّنَةً تبغونَ بعدَ اعترافِهِ | وَقوْل سُوَيْدٍ قَدْ كَفَيْتُكُمُ بشِرا |
وَإبْسَالِي بَنِيَّ بِغَيْرِ جُرْمٍ | بعوْنَاهُ وَلاَ بِدَمٍ مُرَاقِ |
وَنحنُ رَهَنَّا بالاُفَاقَةَ عَامِراً | بما كان في الدَّرْدَاء رَهْناً فأُبْسِلاَ |
هنَالك لا أَرْجو حياةً تَسُرُّنيِ | سَمِيرَ الليالي مُبْسَلا بالجزائرِ |
﴿ وَإنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَ يُؤْخَذْ مِنْهَا ﴾ مجازه : إنْ تقسط كل قِسْطٍ لا يُقْبَل منها. لأنّما التوبةُ في الحياة.
ألم ترَ أنَّ اللهَ أعطاك سورةً | ترَى كلَّ مَلْكٍ دونَهَا يَتذَبذَبُ |
فَرُبَّ ذي سُرَادقٍ محجورِ | سِرْتُ إليهِ فِي أعالي السُّورِ |
لمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ | سورُ المدينة والْجِبَالُ الْخُشَّعُ |
ولو لا جنونُ الليل أدْرَكَ رَكْضنَا*** بذي الرِّمْثِ والأَرْطَي عِيَاض بن نَاشِب
وبعضهم ينشده : ولولا جِنَان الليل، أي غطاؤه وسواده، وما جنَّكَ من شيء فهو جنان لك، وقال سَلامة بن جنْدَل :
ولولا جنانُ الليل ما آبَ عامرٌ | إلى جعفرٍ سِرْباله لم يُمَزَّقِ |
جَنَانُ المسلمين أوَدُّ مَسَّا | وإنْ جاورت أسَلَم أوْ غِفَارا |
وإذَا مَا الثُّرَيَّا أحَسَّتْ أُفُولا
أي : غيبوبة. قال ذو الرُّمَّة :
مَصَابيحُ ليست باللواتي تقُودُها | نُجُومٌ ولا بالآفِلاَتِ الدَّوَالِكِ |
﴿ تَقَطَّعَ بَيْنُكُمْ ﴾ أَي وَصُلكم مرفوع ؛ لأن الفعل عمل فيه، كما قال مُهَلْهِل :
كأنَّ رِماحهمْ أشطانُ بئرٍ | بعيدٍ بَيْنُ جالَيْهَا جَرورِ |
قُعُوداً لَدَى الأَبْوَاب طالبَ حاجةٍ | عَوَانٍ من الحاجاتِ أوْ حاجةٍ بِكرا |
﴿ وَيَنْعِهِ إنَّ فِي ذَلِكُمْ ﴾ { ٩٩ "، يَنعه : مصدر من ينَع إذا أينع ؛ أي : من مَدركه، واحده يانع والجميع يَنْع، بمنزلة تاجر والجميع تَجْر، وصاحب والجميع صَحْب، ويقال : قد ينَعَ الثمرُ فهو يَيْنَعَ ينوعاً، فمنه اليانع ؛ ويقال : قد ينعت الثمرة وأينعت لغتان، فالآية فيها اللغتان جميعاً، قال :
فِي قِبَابٍ حَوْلَ دَسْكرَةِ | حَوْلَهَا الزيتون قدْ يَنَعَا |
﴿ إِنَّهَا إِذَا جَاءَتْ ﴾ ألف ﴿ إنها ﴾ مكسورة على ابتداء ﴿ إنها ﴾، أو تخبير عنها ؛ ومن فتح ألف ﴿ أنها ﴾ فعلى إعمال ﴿ يُشعركم ﴾ فيها، فهي في موضع اسم منصوب.
﴿ قُبُلاً ﴾ : جميع، قبيل قبيل ؛ أي : صنف صنف ؛ ومن قرأها ﴿ قِبَلاً ﴾ ؛ فإنه يجعل مجازها عياناً، كقولهم : " من ذي قِبَل "، وقال آخرون ﴿ قُبُلاً ﴾ أي مقابلة، كقولهم :{ أقبَلَ قُبُلَهُ، وسقاها قُبُلاً، لم يكن أعدَّ لها الماء، فاستأنفتْ سقيها، وبعضهم يقول : " منْ ذيِ قَبَلٍ ".
تُصْغِى إذا شدَّها بالرَّحْل جانِحَةً | حتى إذا ما استَوَى في غَرْزِها تَثِبُ |
أعيَا اقتراف الكَذِبِ المقروفِ | تَقْوَى التَقِيّ وعِفّةُ العفيفِ |
﴿ لِيَمْكُرُوا فِيهَا ﴾ : مصدره المكر، وهو الخديعة والحيلة بالفجور والغَدْو والخِلاف.
حَنَّتْ إلى النَّخْلة القُصْوَى فقلتُ لها | حِجْرٌ حرامٌ ألا ثمَّ الدَّهاريسُ |
﴿ وَغَيْرَ مَعْروُشَاتٍ ﴾ من سائر الشجر الذي لا يعرش، ومن النخل.
﴿ كلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إذَا أَثْمَرَ ﴾ جميع ثمرة ومن قرأها :﴿ مِنْ ثُمُرِهِ ﴾ فضمَّها، فإنه يجعلها جميع ثَمَر.
هاج سَفْحُ دُمُوعِي *** ما تُحِنَّ مُلوعِي
قال الأعشى :
وكان دَعَا قومهُ بعدَها | هَلُمَّ إلى أمْركم قد صُرِمْ |
تُصِيبهم وتُخطئُنِي المنَايا | وأخلُفُ في ربوع عن رُبوع |