وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة مريم بمكة.
وأخرج الطبراني وأبو نعيم والديلمي أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني عن أبيه عن جده قال :«أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ولدت لي الليلة جارية. فقال : والليلة أنزلت علي سورة مريم، سمها مريم ».
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل، عن أم سلمة : أن النجاشي قال لجعفر بن أبي طالب : هل معك مما جاء به- يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم-من الله من شيء ؟ قال : نعم فقرأ عليه صدرا من ﴿ كهيعص ﴾ فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم، ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مورق العجلي قال : صليت خلف ابن عمر الظهر فقرأ بسورة مريم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : سمعت عبد الله بن عمر يقرأ في الظهر ب : كهيعص.
وأخرج ابن سعد عن هاشم بن عاصم الأسلمي عن أبيه قال : لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فانتهى إلى الغميم، أتاه بريدة بن الخصيب فأسلم.
قال هاشم : فحدثني المنذر بن جهضم قال : كان رسول الله قد علم بريدة ليلتئذ صدرا من سورة مريم.
وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال : قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، فوجدت رجلا من غفار يؤم الناس في صلاة الفجر، فسمعته يقرأ في الركعة الأولى سورة مريم، وفي الثانية ويل للمطففين.
ﰡ
وَفِي لفظ: كَاف بدل كَبِير
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة ﴿كهيعص﴾ هُوَ الهجاء المقطع الْكَاف من الْملك وَالْهَاء من الله وَالْيَاء وَالْعين من الْعَزِيز وَالصَّاد من المصوّر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْكَلْبِيّ أَنه سُئِلَ عَن ﴿كهيعص﴾ فَحدث عَن أبي صَالح عَن أم هَانِئ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَاف هاد عَالم صَادِق
وَأخرج عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير عَن فَاطِمَة بنت عَليّ قَالَت: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول فِي ﴿كهيعص﴾ و (حم) و (يس) وَأَشْبَاه هَذَا هُوَ اسْم الله الْأَعْظَم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿كهيعص﴾ قسم أقسم الله بِهِ وَهُوَ من أَسمَاء الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿كهيعص﴾ قَالَ: يَقُول: أَنا الْكَبِير الْهَادِي عليّ أَمِين صَادِق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: ﴿كهيعص﴾ قَالَ: الْكَاف من الْملك وَالْهَاء من الله وَالْعين من الْعَزِيز وَالصَّاد من الصَّمد
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: ﴿كهيعص﴾ قَالَ: الْكَاف مِفْتَاح اسْمه كَافِي وَالْهَاء مِفْتَاح اسْمه هادي وَالْعين مِفْتَاح اسْمه عَالم وَالصَّاد مِفْتَاح اسْمه صَادِق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: ﴿كهيعص﴾ قَالَ: يَا من يجير وَلَا يجار عَلَيْهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿كهيعص﴾ قَالَ: اسْم من أَسمَاء الْقُرْآن
وَالله أعلم
فَقَالَ: ﴿ذكر رَحْمَة رَبك﴾
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ زَكَرِيَّا نجاراً
وَأخرج إِسْحَق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن زَكَرِيَّا بن دَان أَبَا يحيى كَانَ من أَبنَاء الْأَنْبِيَاء الَّذين كَانُوا يَكْتُبُونَ الْوَحْي بِبَيْت الْمُقَدّس
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿إِذْ نَادَى ربه نِدَاء خفِيا﴾ قَالَ: لَا يُرِيد رِيَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِذْ نَادَى ربه نِدَاء خفِيا﴾ أَي بِقَلْبِه سرا
قَالَ قَتَادَة: إِن الله يحب الصَّوْت الْخَفي وَالْقلب النقي
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ آخر أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل زَكَرِيَّا بن إِدْرِيس من ذُرِّيَّة يَعْقُوب دَعَا ربه سرا قَالَ: ﴿رب إِنِّي وَهن الْعظم مني﴾ إِلَى قَوْله: ﴿خفت الموَالِي من ورائي﴾ وهم الْعصبَة ﴿يَرِثنِي وَيَرِث﴾ نبوة (آل يَعْقُوب ﴿فنادته الْمَلَائِكَة﴾ وَهُوَ جِبْرِيل ﴿إِنَّا نبشرك بِغُلَام اسْمه يحيى﴾ فَلَمَّا سمع النداء جَاءَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: يَا زَكَرِيَّا إِن الصَّوْت الَّذِي سَمِعت لَيْسَ من الله إِنَّمَا هُوَ من الشَّيْطَان يسخر بك فَشك وَقَالَ: ﴿أَنى يكون لي غُلَام﴾ يَقُول: من أَيْن يكون ﴿وَقد بَلغنِي الْكبر وامرأتي عَاقِر﴾ قَالَ الله: ﴿وَقد خلقتك من قبل وَلم تَكُ شَيْئا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿وَهن الْعظم مني﴾ يَقُول: ضعف
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَهن الْعظم مني﴾ قَالَ: نحول الْعظم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَلم أكن بدعائك رب شقياً﴾ قَالَ: قد كنت تُعَودني الْإِجَابَة فِيمَا مضى
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْعَاصِ قَالَ: أمْلى عليّ عُثْمَان بن عَفَّان من فِيهِ ﴿وَإِنِّي خفت الموَالِي﴾ بنقلها يَعْنِي بِنصب الْخَاء وَالْفَاء وَكسر التَّاء يَقُول قلت: ﴿الموَالِي﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي﴾ قَالَ: الْوَرَثَة وهم عصبَة الرجل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي﴾ قَالَ: الْعصبَة من آل يَعْقُوب وَكَانَ من وَرَائه غُلَام وَكَانَ زَكَرِيَّا من ذُرِّيَّة يَعْقُوب وَفِي لفظ: أَيُّوب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ زَكَرِيَّا لَا يُولد لَهُ فَسَأَلَ ربه فَقَالَ: ﴿فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب﴾ قَالَ: يَرِثنِي مَالِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب النُّبُوَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب﴾ قَالَ: نبوته وَعلمه
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يرحم الله أخي زَكَرِيَّا مَا كَانَ عَلَيْهِ من وَرَثَة وَيرْحَم الله لوطاً إِن كَانَ ليأوي إِلَى ركن شَدِيد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب﴾ فَيَقُول: يَرث نبوتي ونبوة آل يَعْقُوب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن صَالح فِي قَوْله: ﴿وَيَرِث من آل يَعْقُوب﴾ قَالَ: السّنة وَالْعلم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن يحيى بن يعمر أَنه قَرَأَهَا: ﴿وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي﴾ مُشَدّدَة بِنصب الْخَاء وَكسر التَّاء وَقرأَهَا: ﴿يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿يَرِثنِي﴾ مثقل مَرْفُوع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب هَب لي ابْنا فولد لَهُ ابْن خرج عَلَيْهِ فَبعث إِلَيْهِ دَاوُد جَيْشًا فَقَالَ: إِن أخذتموه سليما فَابْعَثُوا إِلَيّ رجلا أعرف السرُور فِي وَجهه وَإِن قَتَلْتُمُوهُ فَابْعَثُوا إِلَيّ رجلا أعرف الشرّ فِي وَجهه فَقَتَلُوهُ فبعثوا إِلَيْهِ رجلا أسود فَلَمَّا رَآهُ علم أَنه قتل فَقَالَ: رب سَأَلت أَن تهب لي ابْنا فَخرج عَليّ فَقَالَ: إِنَّك لم تستثن
قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: لم يقل كَمَا قَالَ زَكَرِيَّا: ﴿واجعله رب رَضِيا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: لما دَعَا زَكَرِيَّا ربه أَن يهب لَهُ غُلَاما هَبَط جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام - فبشره بِيَحْيَى
فَقَالَ زَكَرِيَّا عِنْدهَا: ﴿أَنى يكون لي غُلَام﴾ وَأخْبر بكبر سنه وَعلة زَوجته فَأخذ جِبْرِيل عوداً يَابسا فَجعله بَين كفي زَكَرِيَّا فَقَالَ: ادرجه بَين كفيك فَفعل فَإِذا فِي رَأسه عود بَين ورقتين يقطر مِنْهُمَا المَاء
فَقَالَ جِبْرِيل: إِن الَّذِي أخرج هَذَا الْوَرق من هَذَا العمود قَادر أَن يخرج من صلبك وَمن امْرَأَتك العاقر غُلَاما
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا﴾ قَالَ: لم يسم أحد يحيى قبله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا﴾ قَالَ: لم يسم أحد يحيى قبله
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عِكْرِمَة مثله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا﴾ قَالَ: لم تَلد العواقر مثله ولدا
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا﴾ قَالَ: مثلا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء مثله
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن يحيى بن خَلاد الزرقي أَنه لما ولد أَتَى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحنكه وَقَالَ: لأسمينه اسْما لم يسم بعد يحيى بن زَكَرِيَّا فَسَماهُ يحيى
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا أَدْرِي كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ هَذَا الْحَرْف ﴿عتياً﴾ أَو عييا
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَالْحَاكِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَ ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أَخْبرنِي عَن قَول الله: ﴿وَقد بلغت من الْكبر عتيا﴾ مَا العتي قَالَ: الْبُؤْس من الْكبر قَالَ الشَّاعِر: إِنَّمَا يعْذر الْوَلِيد وَلَا يعْذر من كَانَ فِي الزَّمَان عتيا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَقد بلغت من الْكبر عتيا﴾ قَالَ: نحول الْعظم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَقد بلغت من الْكبر عتيا﴾ يَقُول: هرماً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد ﴿وَقد بلغت من الْكبر عتيا﴾ قَالَ: العتي الَّذِي عتا من الْوَلَد فِيمَا يرى فِي نَفسه لَا ولادَة فِيهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن الثَّوْريّ قَالَ: بَلغنِي أَن زَكَرِيَّا كَانَ ابْن سبعين سنة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن الْمُبَارك ﴿وَقد بلغت من الْكبر عتيا﴾ قَالَ: سِتِّينَ سنة
وَأخرج الرامَهُرْمُزِي فِي الْإِسْنَاد عَن وهب بن مُنَبّه ﴿وَقد بلغت من الْكبر عتيا﴾ قَالَ: هَذِه الْمقَالة وَهُوَ ابْن سِتِّينَ أَو خمس وَسِتِّينَ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ عتيا بِرَفْع الْعين
وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن وثاب أَنه قَرَأَهَا ﴿عتيا﴾ وصليا بِكَسْر الْعين وَالصَّاد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن نوف فِي قَوْله: ﴿قَالَ رب اجْعَل لي آيَة﴾ قَالَ: أَعْطِنِي آيَة أَنَّك قد استجبت لي
فَقَالَ: ﴿آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال سوياً﴾ قَالَ ختم على لِسَانه وَهُوَ صَحِيح سوي لَيْسَ بِهِ من مرض فَلم يتَكَلَّم ثَلَاثَة أَيَّام
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال سوياً﴾ قَالَ: اعتقل لِسَانه من غير مرض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ثَلَاث لَيَال سويا﴾ قَالَ: من غير خرس
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَالضَّحَّاك مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿ثَلَاث لَيَال سويا﴾ قَالَ: صَحِيحا لَا يمنعك الْكَلَام مرض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: حبس لِسَانه فَكَانَ لَا يَسْتَطِيع أَن يكلم أحدا وَهُوَ فِي ذَلِك يسبح وَيقْرَأ التَّوْرَاة فَإِذا أَرَادَ كَلَام النَّاس لم يسْتَطع أَن يكلمهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿فَخرج على قومه من الْمِحْرَاب﴾ قَالَ: الْمِحْرَاب مُصَلَّاهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَأوحى إِلَيْهِم﴾ قَالَ: كتب لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الحكم ﴿فَأوحى إِلَيْهِم﴾ قَالَ: كتب لَهُم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿فَأوحى إِلَيْهِم﴾ قَالَ فَأَشَارَ زَكَرِيَّا
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب ﴿فَأوحى إِلَيْهِم أَن سبحوا﴾ قَالَ: أَشَارَ إِلَيْهِم إِشَارَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَأوحى إِلَيْهِم أَن سبحوا﴾ قَالَ: صلوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: ﴿بكرَة وعشيا﴾ قَالَ: أَمرهم بِالصَّلَاةِ بكرَة وعشيا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿فَأوحى إِلَيْهِم أَن سبحوا بكرَة وعشيا﴾ قَالَ: البكرة صَلَاة الْفجْر وعشيا صَلَاة الْعَصْر
الْآيَة ١٢ - ١٥
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«كان زكريا نجاراً ».
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر، عن ابن عباس قال : إن زكريا بن دان أبا يحيى كان من أبناء الأنبياء الذين كانوا يكتبون الوحي ببيت المقدس.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ إذ نادى ربه نداء خفياً ﴾ أي بقلبه سراً. قال قتادة : إن الله يحب الصوت الخفي، والقلب النقي.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ وهن العظم مني ﴾ يقول : ضعف.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ وهن العظم مني ﴾ قال : نحول العظم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ولم أكن بدعائك رب شقياً ﴾ قال : قد كنت تُعَودني الإجابة فيما مضى.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عيينة في قوله :﴿ ولم أكن بدعائك رب شقياً ﴾ يقول : سعدت بدعائك وإن لم تعطني.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وإني خفت الموالي من ورائي ﴾ قال : الورثة، وهم عصبة الرجل.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ وإني خفت الموالي من ورائي ﴾ قال : العصبة من آل يعقوب، وكان من ورائه غلام، وكان زكريا من ذرية يعقوب، وفي لفظ : أيوب.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله :﴿ يرثني ويرث من آل يعقوب ﴾ قال : نبوته وعلمه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«يرحم الله أخي زكريا، ما كان عليه من ورثة، ويرحم الله لوطاً، إن كان ليأوي إلى ركن شديد ».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله :﴿ يرثني ويرث من آل يعقوب ﴾ فيقول : يرث نبوتي ونبوة آل يعقوب.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن صالح في قوله :﴿ ويرث من آل يعقوب ﴾ قال : النبوة يكون نبياً كما كان أبوه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله :﴿ ويرث من آل يعقوب ﴾ قال : السنة والعلم.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد، عن يحيى بن يعمر أنه قرأها :﴿ وإني خفت الموالي من ورائي ﴾ مشددة بنصب الخاء، وكسر التاء، وقرأها :﴿ يرثني ويرث من آل يعقوب ﴾.
وأخرج عبد بن حميد، عن ابن عباس أنه كان يقرأ ﴿ يرثني ويرث من آل يعقوب ﴾.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ ﴿ يرثني ﴾ مثقل مرفوع.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن محمد بن كعب قال : قال داود عليه السلام :« يا رب هب لي ابناً » فولد له ابن خرج عليه، فبعث إليه داود جيشاً فقال :«إن أخذتموه سليماً فابعثوا إلي رجلاً أعرف السرور في وجهه، وإن قتلتموه فابعثوا إلي رجلاً أعرف الشرّ في وجهه » فقتلوه فبعثوا إليه رجلاً أسود، فلما رآه علم أنه قتل، فقال : رب سألت أن تهب لي ابناً، فخرج علي ؟ ! فقال : إنك لم تستثن. قال محمد بن كعب : لم يقل كما قال زكريا :﴿ واجعله رب رضياً ﴾.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، عن ابن عباس في قوله :﴿ لم نجعل له من قبل سميا ﴾ قال : لم يسم أحد يحيى قبله.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد، عن قتادة في قوله :﴿ لم نجعل له من قبل سميا ﴾ قال : لم يسم أحد يحيى قبله.
وأخرج أحمد في الزهد، عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ لم نجعل له من قبل سميا ﴾ قال : لم تلد العواقر مثله ولداً.
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ لم نجعل له من قبل سميا ﴾ قال : مثلاً.
وأخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ لم نجعل له من قبل سميا ﴾ قال : شبيهاً.
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء مثله.
وأخرج البخاري في تاريخه، عن يحيى بن خلاد الزرقي، أنه لما ولد أتي به النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه وقال : لأسمينه اسماً لم يسم بعد يحيى بن زكريا فسماه يحيى.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والحاكم، عن ميمون بن مهران : أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس ؟ فقال : أخبرني عن قول الله :﴿ وقد بلغت من الكبر عتيا ﴾ ما العتي ؟ قال : البؤس من الكبر قال الشاعر :
إنما يعذر الوليد ولا يعذر | من كان في الزمان عتيا |
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وقد بلغت من الكبر عتيا ﴾ يقول : هرماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وقد بلغت من الكبر عتيا ﴾ قال : العتي الذي قد عتا من الولد فيما يرى في نفسه لا ولادة فيه.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم، عن الثوري قال : بلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن المبارك ﴿ وقد بلغت من الكبر عتيا ﴾ قال : ستين سنة.
وأخرج الرامهرمزي في الإسناد، عن وهب بن منبه ﴿ وقد بلغت من الكبر عتيا ﴾ قال : هذه المقالة وهو ابن ستين أو خمس وستين.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ عتيا برفع العين.
وأخرج عبد بن حميد، عن يحيى بن وثاب أنه قرأها ﴿ عتيا ﴾ وصليا، بكسر العين والصاد.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن عقيل أنه قرأ «وقد بلغت من الكبر عسيا » بالسين ورفع العين.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس في قوله :﴿ ألا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً ﴾ قال : اعتقل لسانه من غير مرض.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ ثلاث ليال سويا ﴾ قال : من غير خرس.
وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة والضحاك مثله.
وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد في قوله :﴿ ثلاث ليال سويا ﴾ قال : صحيحاً لا يمنعك الكلام مرض.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في الآية قال : حبس لسانه فكان لا يستطيع أن يكلم أحداً، وهو في ذلك يسبح ويقرأ التوراة، فإذا أراد كلام الناس لم يستطع أن يكلمهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ فأوحى إليهم ﴾ قال : كتب لهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن الحكم ﴿ فأوحى إليهم ﴾ قال : كتب لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد ﴿ فأوحى إليهم ﴾ قال فأشار زكريا.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن محمد بن كعب ﴿ فأوحى إليهم أن سبحوا ﴾ قال : أشار إليهم إشارة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن سعيد بن جبير ﴿ فأوحى إليهم ﴾ قال : أومأ إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه، عن ابن عباس في قوله :﴿ فأوحى إليهم أن سبحوا ﴾ قال : صلوا.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي العالية في قوله :﴿ بكرة وعشيا ﴾ قال : أمرهم بالصلاة بكرة وعشيا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة ﴿ فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ﴾ قال : البكرة، صلاة الفجر، وعشيا، صلاة العصر.
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿خُذ الْكتاب بِقُوَّة﴾ يَقُول: اعْمَلْ بِمَا فِيهِ من فَرَائِضه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: سَأَلنَا عِكْرِمَة عَن قَوْله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا﴾ قَالَ: اللب
وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا﴾ قَالَ: أعطي الْفَهم وَالْعِبَادَة وَهُوَ ابْن سبع سِنِين
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا﴾ قَالَ: وَهُوَ ابْن ثَلَاث سِنِين
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والخرائطي وَابْن عَسَاكِر عَن معمر بن رَاشد فِي قَوْله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا﴾ قَالَ: بَلغنِي أَن الصّبيان قَالُوا
فَهُوَ قَوْله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة قَالَ: جَاءَ الغلمان إِلَى يحيى بن زَكَرِيَّا فَقَالَ: مَا للعب خلقت
قَالَ: فَأنْزل الله ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا﴾
وَأخرجه ابْن عَسَاكِر عَن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا
وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخه من طَرِيق سهل بن سعيد عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ الغلمان ليحيى بن زَكَرِيَّا: اذْهَبْ بِنَا نلعب فَقَالَ يحيى: مَا للعب خلقنَا اذْهَبُوا نصلي
فَهُوَ قَول الله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ الْقُرْآن قبل أَن يَحْتَلِم فقد أُوتِيَ الحكم صَبيا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والزجاجي فِي أَمَالِيهِ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَحَنَانًا﴾ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ إِلَّا أَنِّي أَظُنهُ تعطف الله على خلقه بِالرَّحْمَةِ
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: ﴿وَحَنَانًا﴾ فَلم يجر فِيهَا شَيْئا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَحَنَانًا من لدنا﴾ قَالَ: رَحْمَة من عندنَا
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿وَحَنَانًا من لدنا﴾ قَالَ: رَحْمَة من عندنَا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت طرفَة بن العَبْد الْبكْرِيّ وَهُوَ يَقُول: أَبَا مُنْذر أفنيت فَاسْتَبق بَعْضنَا حنانيك بعض لشر أَهْون من بعض وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿وَحَنَانًا من لدنا﴾ قَالَ: تعطفاً من ربه عَلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع ﴿وَحَنَانًا من لدنا﴾ قَالَ: ﴿رَحْمَة من عندنَا﴾ لَا يملك عطاءها أحد غَيرنَا
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سعيد الْجُهَنِيّ فِي قَوْله: ﴿وَحَنَانًا من لدنا﴾ قَالَ: الحنان المحبب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿وَحَنَانًا من لدنا﴾ قَالَ: رَحْمَة من عندنَا ﴿وَزَكَاة﴾ قَالَ صَدَقَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَزَكَاة﴾ قَالَ: بركَة
وَفِي قَوْله: ﴿وَكَانَ تقياً﴾ قَالَ: طهر فَلم يعْمل بذنب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: ﴿وَكَانَ تقياً﴾ قَالَ: لم يَعْصِهِ وَلم يهم بهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَلم يكن جباراً عصياً﴾ قَالَ: كَانَ سعيد بن الْمسيب يَقُول: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أحد يلقى الله يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا ذَا ذَنْب إِلَّا يحيى بن زَكَرِيَّا قَالَ قَتَادَة: وَقَالَ الْحسن: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أذْنب يحيى بن زَكَرِيَّا قطّ وَلَا هم بِامْرَأَة
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ذكر رَحْمَة رَبك عَبده زَكَرِيَّا﴾ قَالَ: ذكره الله برحمته مِنْهُ حَيْثُ دَعَاهُ ﴿إِذْ نَادَى ربه نِدَاء خفِيا﴾ يَعْنِي دَعَا ربه دُعَاء خفِيا فِي اللَّيْل لَا يسمع أحدا أَو يسمع أُذُنَيْهِ
فَقَالَ: ﴿رب إِنِّي وَهن الْعظم مني﴾ يَعْنِي ضعف الْعظم مني ﴿واشتعل الرَّأْس شيباً﴾ يَعْنِي غلب الْبيَاض السوَاد ﴿وَلم أكن بدعائك رب شقياً﴾ أَي لم أدعك قطّ فخيبتني فِيمَا مضى فتخيبني فِيمَا بَقِي فَكَمَا لم أشق بدعائي فِيمَا مضى فَكَذَلِك لَا أَشْقَى فِيمَا بَقِي عوّدتني الْإِجَابَة من نَفسك
﴿وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي﴾ فَلم يبْق لي وَارِث وَخفت الْعصبَة أَن ترثني ﴿فَهَب لي من لَدُنْك وليا﴾ يَعْنِي من عنْدك وليا ﴿يَرِثنِي﴾ يَعْنِي يَرث محرابي وعصاي وبرنس العربان وقلمي الَّذِي أكتب بِهِ الْوَحْي ﴿وَيَرِث من آل يَعْقُوب﴾ النبوّة ﴿واجعله رب رَضِيا﴾ يَعْنِي مرضياً عنْدك زاكياً بِالْعَمَلِ فَاسْتَجَاب الله لَهُ فَكَانَ قد دخل فِي
فَبينا هُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب حَيْثُ يذبح القربان إِذا هُوَ بِرَجُل عَلَيْهِ الْبيَاض حياله وَهُوَ جِبْرِيل فَقَالَ: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نبشرك بِغُلَام اسْمه يحيى﴾ هُوَ اسْم من أَسمَاء الله اشتق من حَيّ سَمَّاهُ الله فَوق عَرْشه ﴿لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا﴾ لم يَجْعَل لزكريا من قبل يحيى ولد لَهُ ﴿هَل تعلم لَهُ سميا﴾ يَعْنِي هَل تعلم لَهُ ولدا وَلم يكن لزكريا قبله ولد وَلم يكن قبل يحيى أحد يُسمى يحيى قَالَ: وَكَانَ اسْمه حَيا فَلَمَّا وهب الله لسارة إِسْحَق فَكَانَ اسْمهَا يسارة ويسارة من النِّسَاء الَّتِي لَا تَلد وَسَارة من النِّسَاء: الطالقة الرَّحِم الَّتِي تَلد فسماها الله سارة وحول الْيَاء من سارة إِلَى حَيّ فَسَماهُ يحيى فَقَالَ: ﴿رب أَنى يكون لي غُلَام وَكَانَت امْرَأَتي عاقراً﴾ خَافَ أَنَّهَا لَا تَلد
قَالَ: ﴿كَذَلِك قَالَ رَبك﴾ يَا زَكَرِيَّا ﴿هُوَ عليّ هَين وَقد خلقتك من قبل﴾ أَن أهب لَك يحيى ﴿وَلم تَكُ شَيْئا﴾ وَكَذَلِكَ أقدر على أَن أخلق من الْكَبِير والعاقر
وَذَلِكَ أَن إِبْلِيس أَتَاهُ فَقَالَ: يَا زَكَرِيَّا دعاؤك كَانَ خفِيا فأجبت بِصَوْت رفيع وبشرت بِصَوْت عَال ذَلِك صَوت من الشَّيْطَان لَيْسَ من جِبْرِيل وَلَا من رَبك
﴿قَالَ رب اجْعَل لي آيَة﴾ حَتَّى أعرف أَن هَذِه الْبُشْرَى مِنْك
﴿قَالَ آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال﴾ يَعْنِي صَحِيحا من غير خرس
فَحَاضَت زَوجته فَلَمَّا طهرت طَاف عَلَيْهَا فاستحملت فَأصْبح لَا يتَكَلَّم وَكَانَ إِذا أَرَادَ التَّسْبِيح وَالصَّلَاة أطلق الله لِسَانه فَإِذا أَرَادَ أَن يكلم النَّاس اعتقل لِسَانه فَلَا يَسْتَطِيع أَن يتَكَلَّم وَكَانَت عُقُوبَة لَهُ لِأَنَّهُ بشر بِالْوَلَدِ فَقَالَ: ﴿أَنى يكون لي غُلَام﴾ فخاف أَن يكون الصَّوْت من غير الله ﴿فَخرج على قومه من الْمِحْرَاب﴾ يَعْنِي من مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ
فَأوحى إِلَيْهِم بِكِتَاب كتبه بِيَدِهِ ﴿أَن سبحوا بكرَة وعشياً﴾ يَعْنِي صلوا صَلَاة الْغَدَاة وَالْعصر فولد لَهُ يحيى على مَا بشره الله نَبيا تقياً صَالحا ﴿يَا يحيى خُذ الْكتاب بِقُوَّة﴾ يَعْنِي بجد وَطَاعَة واجتهاد وشكر وبالعمل بِمَا فِيهِ ﴿وَآتَيْنَاهُ الحكم﴾ يَعْنِي الْفَهم ﴿صَبيا﴾ صَغِيرا وَذَلِكَ أَنه مر على صبية أتراب لَهُ يَلْعَبُونَ على شاطئ نهر بطين وبماء فَقَالُوا: يَا يحيى تعالَ حَتَّى نلعب فَقَالَ: سُبْحَانَ الله أَو للعب خلقنَا ﴿وَحَنَانًا﴾ يَعْنِي وَرَحْمَة ﴿منا﴾ وعطفاً ﴿وَزَكَاة﴾ يَعْنِي وَصدقَة على زَكَرِيَّا ﴿وَكَانَ تقياً﴾ يَعْنِي مطهراً مُطيعًا لله ﴿وَبرا بِوَالِديهِ﴾ كَانَ لَا يَعْصِيهمَا ﴿وَلم يكن جباراً﴾ يَعْنِي قتال النَّفس الَّتِي حرم الله قَتلهَا ﴿عصياً﴾ يَعْنِي عَاصِيا لرَبه
﴿وَسَلام عَلَيْهِ﴾ يَعْنِي حِين سلم الله عَلَيْهِ ﴿يَوْم ولد وَيَوْم يَمُوت وَيَوْم يبْعَث حَيا﴾
قَالَ مَالك: أرى ذَلِك لتفضيل الله عِيسَى لِأَن الله جعله يحيي الْمَوْتَى وَيُبرئ الأكمه والأبرص وَلم يكن ليحيى إِلَّا عشب الأَرْض وَإِن كَانَ ليبكي من خشيَة الله حَتَّى لَو كَانَ على خُذْهُ القار لأذابه وَلَقَد كَانَ الدمع اتخذ فِي وَجهه مجْرى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن خُزَيْمَة وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كُنَّا فِي حَلقَة فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نتذاكر فَضَائِل الْأَنْبِيَاء فَذَكرنَا نوحًا وَطول عِبَادَته وَذكرنَا إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فَخرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا تذاكرون بَيْنكُم فَذَكرنَا لَهُ فَقَالَ: أما إِنَّه لَا يَنْبَغِي أَن يكون أحد خيرا من يحيى بن زَكَرِيَّا أما سَمِعْتُمْ الله كَيفَ وَصفه فِي الْقُرْآن ﴿يَا يحيى خُذ الْكتاب بِقُوَّة﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وَكَانَ تقياً﴾ لم يعْمل سَيِّئَة قطّ وَلم يهم بهَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن شهَاب: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على أَصْحَابه يَوْمًا وهم يتذاكرون فضل الْأَنْبِيَاء فَقَالَ قَائِل: مُوسَى كَلمه الله تكليماً وَقَالَ قَائِل: عِيسَى روح الله وكلمته وَقَالَ قَائِل: إِبْرَاهِيم خَلِيل الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَأَيْنَ الشَّهِيد ابْن الشَّهِيد يلبس الْوَبر وَيَأْكُل الشّجر مَخَافَة الذَّنب يحيى بن زَكَرِيَّا
وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من أحد من ولد آدم إِلَّا وَقد أَخطَأ أَو هم بخطيئة إِلَّا يحيى بن زَكَرِيَّا لم يهم بخطيئة وَلم يعملها
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل بني آدم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة وَله ذَنْب إِلَّا مَا كَانَ من يحيى بن زَكَرِيَّا
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن جعدة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول: أَنا خير من يحيى بن زَكَرِيَّا مَا هم بخطيئة وَلَا حاكت فِي صَدره امْرَأَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة رَفعه قَالَ: مَا ارتكض فِي النِّسَاء من جَنِين يَنْبَغِي لَهُ أَن يَقُول: أَنا أفضل من يحيى بن زَكَرِيَّا لِأَنَّهُ لم يحك فِي صَدره خَطِيئَة وَلم يهم بهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: إِن عِيسَى وَيحيى التقيا فَقَالَ يحيى لعيسى: اسْتغْفر لي أَنْت خير مني فَقَالَ لَهُ عِيسَى: بل أَنْت خير مني سلم الله عَلَيْك وسلمت أَنا على نَفسِي فَعرف وَالله فَضلهَا
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم والضياء عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْحسن وَالْحُسَيْن سيداً شباب أهل الْجنَّة - إِلَّا ابْني الْخَالَة - عِيسَى ابْن مَرْيَم وَيحيى بن زَكَرِيَّا
وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق سَمُرَة عَن كَعْب قَالَ: كَانَ يحيى لَا يقرب النِّسَاء وَلَا يشتهين وَكَانَ شَابًّا حسن الْوَجْه لين الْجنَاح قَلِيل الشّعْر قصير الْأَصَابِع طَوِيل الْأنف أقرن الحاجبين رَقِيق الصَّوْت كثير الْعِبَادَة قَوِيا فِي الطَّاعَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي بن كَعْب: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من هوان الدُّنْيَا على الله أَن يحيى بن زَكَرِيَّا قتلته امْرَأَة
وَأخرج الْحَاكِم عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: من أنكر الْبلَاء فَإِنِّي لَا أنكرهُ لقد ذكر لي أَنما قتل يحيى بن زَكَرِيَّا فِي زَانِيَة
وَأخرج إِسْحَق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيقه: أَنا يَعْقُوب الْكُوفِي عَن عَمْرو بن مَيْمُون عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ رأى زَكَرِيَّا فِي السَّمَاء فَسلم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا يحيى خبرني عَن قَتلك كَيفَ كَانَ وَلم قَتلك بَنو إِسْرَائِيل قَالَ: يَا مُحَمَّد إِن يحيى كَانَ خير أهل زَمَانه وأجملهم وأصبحهم وَجها وَكَانَ كَمَا قَالَ الله: ﴿وَسَيِّدًا وَحَصُورًا﴾ وَكَانَ لَا يحْتَاج إِلَى النِّسَاء فهويته امْرَأَة ملك بني إِسْرَائِيل وَكَانَت بغية فَأرْسلت إِلَيْهِ وَعَصَمَهُ الله وَامْتنع يحيى وأبى عَلَيْهَا وأجمعت على قتل يحيى وَلَهُم عيد يَجْتَمعُونَ فِي كل عَام وَكَانَت
قَالَ لَهَا: سليني غَيره
قَالَت: هُوَ ذَاك
قَالَ: هُوَ لَك فَبعث جلاوزتها إِلَى يحيى وَهُوَ فِي محرابه يُصَلِّي وَأَنا إِلَى جَانِبه أُصَلِّي فذبح فِي طست وَحمل رَأسه وَدَمه إِلَيْهَا
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمَا بلغ من صبرك قَالَ: مَا انفتلت من صَلَاتي فَلَمَّا حمل رَأسه إِلَيْهَا وَوضع بَين يَديهَا - فَلَمَّا أَمْسوا - خسف الله بِالْملكِ وَأهل بَيته وحشمه فَلَمَّا أَصْبحُوا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل: لقد غضب إِلَه زَكَرِيَّا لزكريا فتعالوا حَتَّى نغضب لملكنا فنقتل زَكَرِيَّا فَخَرجُوا فِي طلبي ليقتلوني فَجَاءَنِي النذير فهربت مِنْهُم وإبليس أمامهم يدلهم عَليّ: فَلَمَّا أَن تخوفت أَن لَا أعجزهم عرضت لي شَجَرَة فنادتني فَقَالَت: إِلَيّ إِلَيّ وانصدعت لي فَدخلت فِيهَا وَجَاء إِبْلِيس حَتَّى أَخذ بِطرف رِدَائي والتأمت الشَّجَرَة وَبَقِي طرف رِدَائي خَارِجا من الشَّجَرَة وَجَاء بَنو إِسْرَائِيل فَقَالَ إِبْلِيس: أما رَأَيْتُمُوهُ دخل هَذِه الشَّجَرَة هَذَا طرف رِدَائه دخل بِهِ الشَّجَرَة فَقَالُوا: نحرق هَذِه الشَّجَرَة فَقَالَ إِبْلِيس: شقوه بِالْمِنْشَارِ شقاً
قَالَ: فشققت مَعَ الشَّجَرَة بِالْمِنْشَارِ
فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا زَكَرِيَّا هَل وجدت لَهُ مساً أَو وَجعاً قَالَ: لَا إِنَّمَا وجدت تِلْكَ الشَّجَرَة جعل الله روحي فِيهَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه أَن زَكَرِيَّا هرب وَدخل جَوف شَجَرَة فَوضع على الشَّجَرَة الْمِنْشَار وَقطع بنصفين فَلَمَّا وَقع الْمِنْشَار على ظَهره أنَّ فَأوحى الله يَا زَكَرِيَّا إِمَّا أَن تكف عَن أنينك أَو أقلب الأَرْض وَمن عَلَيْهَا فَسكت حَتَّى قطع نِصْفَيْنِ
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: كَانَ طَعَام يحيى بن زَكَرِيَّا الْجَرَاد وَقُلُوب الشّجر وَكَانَ يَقُول: من أنعم مِنْك يَا يحيى طَعَامك الْجَرَاد وَقُلُوب الشّجر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ وَابْن الْمُبَارك وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ طعم يحيى بن زَكَرِيَّا العشب وَإِن كَانَ ليبكي من خشيَة الله حَتَّى لَو كَانَ القار على عينه لأحرقه وَلَقَد كَانَت الدُّمُوع اتَّخذت مجْرى فِي وَجهه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: سَأَلَ يحيى بن زَكَرِيَّا ربه قَالَ: رب اجْعَلنِي أسلم على أَلْسِنَة النَّاس وَلَا يَقُولُونَ فيّ إِلَّا خيرا
فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا يحيى لم أجعَل هَذَا لي فَكيف أجعله لَك
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: بلغنَا أَن إِبْلِيس ظهر ليحيى بن زَكَرِيَّا فَرَأى عَلَيْهِ معاليق من كل شَيْء فَقَالَ لَهُ يحيى: مَا هَذِه قَالَ: هَذِه الشَّهَوَات الَّتِي أُصِيب بهَا بَنو آدم
قَالَ لَهُ يحيى: هَل لي فِيهَا شَيْء قَالَ: لَا
قَالَ: فَهَل تصيب مني شَيْئا قَالَ: رُبمَا شبعت فثقلناك عَن الصَّلَاة وَالذكر
قَالَ: هَل غَيره قَالَ: لَا
قَالَ: لَا جرم لَا أشْبع أبدا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَليّ بن زيد بن جدعَان عَن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن الْحُسَيْن بن عَليّ قَالَ: كَانَ ملك مَاتَ وَترك امْرَأَته وَابْنَته فورث ملكه أَخُوهُ فَأَرَادَ أَن يتَزَوَّج امْرَأَة أَخِيه فَاسْتَشَارَ يحيى بن زَكَرِيَّا فِي ذَلِك وَكَانَت الْمُلُوك فِي ذَلِك الزَّمَان يعلمُونَ بِأَمْر الْأَنْبِيَاء فَقَالَ لَهُ: لَا تتزوّجها فَإِنَّهَا بغي فَبلغ الْمَرْأَة ذَلِك فَقَالَت: ليقْتلن يحيى أَو ليخرجن من ملكه
فعمدت إِلَى ابْنَتهَا فصيغتها ثمَّ قَالَت اذهبي إِلَى عمك عِنْد الْمَلأ فَإِنَّهُ إِذا رآك سيدعوك ويجلسك فِي حجره وَيَقُول: سليني مَا شِئْت فَإنَّك لن تسأليني شَيْئا إِلَّا أَعطيتك فَإِذا قَالَ لَك قولي: فَقولِي لَا أَسأَلك شَيْئا إِلَّا رَأس يحيى وَكَانَت الْمُلُوك إِذا تكلم أحدهم بِشَيْء على رُؤُوس الْمَلأ ثمَّ لم يمض لَهُ نزع من ملكه
فَفعلت ذَلِك فَجعل يَأْتِيهِ الْمَوْت من قَتله يحيى وَجعل يَأْتِيهِ الْمَوْت من خُرُوجه من ملكه فَاخْتَارَ ملكه فَقتله فساخت بأمها الأَرْض
قَالَ ابْن جدعَان: فَحدثت بِهَذَا الحَدِيث ابْن الْمسيب فَقَالَ: أما أخْبرك كَيفَ كَانَ قتل زَكَرِيَّا قلت: لَا
قَالَ: إِن زَكَرِيَّا حَيْثُ قتل ابْنه انْطلق هَارِبا مِنْهُم واتبعوه حَتَّى أَتَى على شَجَرَة ذَات سَاق فدعته إِلَيْهَا فانطوت عَلَيْهِ وَبقيت من ثَوْبه هدبة تلعبها الرّيح فَانْطَلقُوا إِلَى الشَّجَرَة فَلم يَجدوا أَثَره عِنْدهَا فنظروا تِلْكَ الهدبة فدعوا الْمِنْشَار فَقطعُوا الشَّجَرَة فقطعوه فِيهَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: الَّتِي قتلت يحيى بن زَكَرِيَّا امْرَأَة
وَأخرج إِسْحَق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن الزبير: أَن ملكا أَرَادَ أَن يتَزَوَّج ابْنة أَخِيه فاستفتى يحيى بن زَكَرِيَّا قَالَ: لَا تحل لَك
فَسَأَلت قَتله فَبعث إِلَيْهِ - وَهُوَ فِي محرابه يُصَلِّي - فذبحوه ثمَّ حزوا رَأسه وَأتوا بِهِ الْملك فَجعل الرَّأْس يَقُول: لَا يحل لَك مَا تُرِيدُ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن شَوْذَب قَالَ: قَالَ يحيى بن زَكَرِيَّا للَّذي جَاءَ يحز رَأسه: أما تعلم أَنِّي نَبِي قَالَ: بلَى وَلَكِنِّي مَأْمُور
وَأخرج الْحَاكِم وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أوحى الله إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي قتلت بِيَحْيَى بن زَكَرِيَّا سبعين ألفا وَإِنِّي قَاتل بِابْن ابْنَتك سبيعن ألفا وَسبعين ألفا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن شمر بن عَطِيَّة قَالَ: قتل على الصَّخْرَة الَّتِي فِي بَيت الْمُقَدّس سَبْعُونَ نَبيا مِنْهُم يحيى بن زَكَرِيَّا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قُرَّة قَالَ: مَا بَكت السَّمَاء على أحد إِلَّا على يحيى بن زَكَرِيَّا وَالْحُسَيْن بن عَليّ وحمرتها بكاؤها
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن خَالِد بن ثَابت الربعِي قَالَ: لما قتل فجرة بني إِسْرَائِيل - يحيى بن زَكَرِيَّا أوحى الله إِلَى نَبِي من أَنْبِيَائهمْ: أَن قل لبني إِسْرَائِيل إِلَى مَتى تجترئون على أَن تعصوا أَمْرِي وتقتلوا رُسُلِي وَحَتَّى مَتى أضمكم فِي كنفي كَمَا تضم الدَّجَاجَة أَوْلَادهَا فِي كنفها فتجترئون عَليّ اتَّقوا لَا أؤخذاكم بِكُل دم كَانَ بَين ابْني آدم وَيحيى بن زَكَرِيَّا وَاتَّقوا أَن أصرف عَنْكُم وَجْهي فَإِنِّي إِن صرفت عَنْكُم وَجْهي لَا أقبل عَلَيْكُم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما قتل يحيى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: بعض أَصْحَابه لصَاحب لَهُ: ابْعَثْ إِلَيّ بقميص نَبِي الله يحيى أشمه فَبعث بِهِ إِلَيْهِ فَإِذا سداه وَلحمَته لِيف
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن يُونُس بن عبيد قَالَ: بلغنَا أَنه كَانَ رجل يجور على مَمْلَكَته ويعدي عَلَيْهِم فائتمروا بقتْله فَقَالُوا: نَبِي الله زَكَرِيَّا بَين أظهرنَا فَلَو أتيناه فَأتوا منزله فَإِذا فتاة جميلَة رائعة قد أشرق لَهَا الْبَيْت حسنا
فَقَالُوا فِيمَا بَينهم: كُنَّا نرى نَبِي الله لَا يُرِيد الدُّنْيَا فَإِذا هُوَ عِنْده امْرَأَة من أجمل النِّسَاء ثمَّ إِنَّهُم رَأَوْهُ فِي عمل عِنْد قوم وَيعْمل لَهُم حَتَّى إِذا حضر غداؤه قرب رغيفين فَأكل وَلم يدعهم ثمَّ قَامَ فَعمل بَقِيَّة عمله ثمَّ علق خفيه على عُنُقه والمسحاة والكساء قَالَ: مَا حَاجَتكُمْ قَالُوا: قد جِئْنَا لأمر وَلَقَد كَاد يغلبنا مَا رَأينَا على مَا جِئْنَا لَهُ
قَالَ: فهاتوا قَالُوا: أَتَيْنَا مَنْزِلك فَإِذا امْرَأَة جميلَة رائعة وَكُنَّا نرى نَبِي الله لَا يُرِيد الدُّنْيَا فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا تزوجت امْرَأَة جميلَة رائعة لأكف بهَا بَصرِي وأحفظ بهَا فَرجي فَخرج نَبِي الله مِمَّا قَالُوا
قَالُوا: ورأيناك قدمت رغيفين فَأكلت وَلم تدعنا قَالَ: إِن الْقَوْم استأجروني على عمل فَخَشِيت أَن أَضْعَف عَن عَمَلهم وَلَو أكلْتُم معي لم يكفني وَلم يكفكم فَخرج نَبِي الله مِمَّا قَالُوا
قَالُوا: ورأيناك وضعت خفيك على عُنُقك والمسحاة والكساء
فَقَالَ: إِن هَذِه الأَرْض جَدِيدَة وكرهت أَن أنقل تُرَاب هَذِه فِي هَذِه فَخرج نَبِي الله مِمَّا قَالُوا
قَالُوا: إِن هَذَا الْملك يجور علينا ويظلمنا وَقد ائتمرنا لقتاله
قَالَ: أَي قوم لَا تَفعلُوا فَإِن إِزَالَة جبل من أَصله أَهْون من إِزَالَة ملك مُؤَجل
وَالله أعلم
الْآيَة ١٦ - ٢٤
وأخرج ابن جرير، عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن قوله :﴿ وحناناً ﴾ فلم يجر فيها شيئاً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله :﴿ وحناناً من لدنا ﴾ قال : رحمة من عندنا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله :﴿ وحناناً من لدنا ﴾ قال : رحمة من عندنا.
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت طرفة بن العبد البكري وهو يقول :
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا | حنانيك بعض لشر أهون من بعض |
وأخرج عبد بن حميد، عن الحسن ﴿ وحناناً من لدنا ﴾ قال : الرحمة.
وأخرج عبد بن حميد، عن الربيع ﴿ وحناناً من لدنا ﴾ قال :﴿ رحمة من عندنا ﴾ لا يملك عطاءها أحد غيرنا.
وأخرج الحكيم الترمذي، عن سعيد الجهني في قوله :﴿ وحناناً من لدنا ﴾ قال : الحنان المحبب.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة ﴿ وحناناً من لدنا ﴾ قال : رحمة من عندنا ﴿ وزكاة ﴾ قال صدقة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وزكاة ﴾ قال : بركة. وفي قوله :﴿ وكان تقياً ﴾ قال : طهر فلم يعمل بذنب.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله :﴿ وكان تقياً ﴾ قال : لم يعصه ولم يهم بها.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ولم يكن جباراً عصياً ﴾ قال : كان سعيد بن المسيب يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب، إلا يحيى بن زكريا » قال قتادة : وقال الحسن : قال النبي صلى الله عليه وسلم «ما أذنب يحيى بن زكريا قط ولا هم بامرأة ».
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر، عن ابن عباس في قوله :﴿ ذكر رحمة ربك عبده زكريا ﴾ قال : ذكره الله برحمته منه حيث دعاه ﴿ إذ نادى ربه نداء خفياً ﴾ يعني دعا ربه ﴿ دعاء خفياً ﴾ في الليل، لا يسمع أحداً، أو يسمع أذنيه. فقال :﴿ رب إني وهن العظم مني ﴾ يعني ضعف العظم مني ﴿ واشتعل الرأس شيباً ﴾ يعني غلب البياض السواد ﴿ ولم أكن بدعائك رب شقياً ﴾ أي لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى، فتخيبني فيما بقي، فكما لم أشق بدعائي فيما مضى، فكذلك لا أشقى فيما بقي، عوّدتني الإجابة من نفسك. ﴿ وإني خفت الموالي من ورائي ﴾ فلم يبق لي وارث، وخفت العصبة أن ترثني ﴿ فهب لي من لدنك ولياً ﴾ يعني من عندك ولداً ﴿ يرثني ﴾ يعني يرث محرابي، وعصاي وبرنس العربان، وقلمي الذي أكتب به الوحي ﴿ ويرث من آل يعقوب ﴾ النبوّة ﴿ واجعله رب رضياً ﴾ يعني مرضياً عندك زاكياً بالعمل، فاستجاب الله له، فكان قد دخل في السن هو وامرأته. فبينا هو قائم يصلي في المحراب، حيث يذبح القربان، إذا هو برجل عليه البياض حياله، وهو جبريل فقال :﴿ يا زكريا إن الله يبشرك بغلام اسمه يحيى ﴾ هو اسم من أسماء الله، اشتق من حي سماه الله فوق عرشه ﴿ لم نجعل له من قبل سميا ﴾ لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولد له ﴿ هل تعلم له سميا ﴾ يعني هل تعلم له ولداً، ولم يكن لزكريا قبله ولد، ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى قال : وكان اسمه حياً، فلما وهب الله لسارة إسحق، فكان اسمها يسارة، ويسارة من النساء التي لا تلد، وسارة من النساء : الطالقة الرحم التي تلد فسماها الله سارة وحول الياء من سارة إلى حي فسماه يحيى، فقال :﴿ رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقراً ﴾ خاف أنها لا تلد.
قال :﴿ كذلك قال ربك ﴾ ﴿ يا زكريا هو عليّ هين وقد خلقتك من قبل ﴾ أن أهب لك يحيى ﴿ ولم تك شيئاً ﴾ وكذلك أقدر على أن أخلق من الكبير والعاقر. وذلك أن إبليس أتاه فقال : يا زكريا، دعاؤك كان خفياً فأجبت بصوت رفيع، وبشرت بصوت عال، ذلك صوت من الشيطان، ليس من جبريل، ولا من ربك. ﴿ قال رب اجعل لي آية ﴾ حتى أعرف أن هذه البشرى منك. ﴿ قال آيتك أَلا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً ﴾ يعني صحيحاً من غير خرس. فحاضت زوجته، فلما طهرت طاف عليها فاستحملت، فأصبح لا يتكلم وكان إذا أراد التسبيح والصلاة أطلق الله لسانه فإذا أراد أن يكلم الناس ؛ اعتقل لسانه فلا يستطيع أن يتكلم، وكانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال :﴿ أَنى يكون لي غلام ﴾ فخاف أن يكون الصوت من غير الله ﴿ فخرج على قومه من المحراب ﴾ يعني من مصلاه الذي كان يصلي فيه. فأوحى إليهم بكتاب كتبه بيده ﴿ أن سبحوا بكرة وعشياً ﴾ يعني صلوا صلاة الغداة والعصر، فولد له يحيى على ما بشره الله نبياً تقياً صالحاً ﴿ يا يحيى خذ الكتاب بقوة ﴾ يعني بجد وطاعة واجتهاد وشكر وبالعمل بما فيه ﴿ وآتيناه الحكم ﴾ يعني الفهم ﴿ صبياً ﴾ صغيراً وذلك أنه مر على صبية أتراب له، يلعبون على شاطئ نهر بطين وبماء، فقالوا : يا يحيى تعالَ حتى نلعب، فقال : سبحان الله ! أو للعب خلقنا ؟ ! ﴿ وحناناً ﴾ يعني ورحمة ﴿ منا ﴾ وعطفاً ﴿ وزكاة ﴾ يعني وصدقة على زكريا ﴿ وكان تقياً ﴾ يعني مطهراً مطيعاً لله ﴿ وبراً بوالديه ﴾ كان لا يعصيهما ﴿ ولم يكن جباراً ﴾ يعني قتال النفس التي حرم الله قتلها ﴿ عصياً ﴾ يعني عاصياً لربه. ﴿ وسلام عليه ﴾ يعني حين سلم الله عليه ﴿ يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن القاسم قال : قال مالك : بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام ابنا خالة، وكان حملهما جميعاً معاً، فبلغني أن أم يحيى، قالت لمريم : إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك. قال مالك : أرى ذلك لتفضيل الله عيسى، لأن الله جعله يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، ولم يكن ليحيى عيشة إلا عشب الأرض، وإن كان ليبكي من خشية الله، حتى لو كان على خده القار لأذابه، ولقد كان الدمع اتخذ في وجهه مجرى.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن خزيمة والدارقطني في الأفراد وأبو نصر السجزي في الإبانة والطبراني، عن ابن عباس قال :«كنا في حلقة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم نتذاكر فضائل الأنبياء، فذكرنا نوحاً وطول عبادته، وذكرنا إبراهيم وموسى وعيسى ورسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :«ما تذاكرون بينكم » فذكرنا له، فقال : أما إنه لا ينبغي أن يكون أحد خيراً من يحيى بن زكريا أما سمعتم الله كيف وصفه في القرآن ﴿ يا يحيى خذ الكتاب بقوّة ﴾ إلى قوله :﴿ وكان تقياً ﴾ لم يعمل سيئة قط ولم يهم بها ».
وأخرج ابن عساكر عن ابن شهاب :«أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوماً وهم يتذاكرون فضل الأنبياء فقال قائل : موسى كلمه الله تكليماً، وقال قائل : عيسى روح الله وكلمته، وقال قائل : إبراهيم خليل الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«أين الشهيد ابن الشهيد يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب يحيى بن زكريا » ؟.
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والحاكم وابن مردويه، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ، أو هم بخطيئة، إلا يحيى بن زكريا، لم يهم بخطيئة ولم يعملها ».
وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم والحاكم عن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب، إلا ما كان من يحيى بن زكريا ».
وأخرج أحمد في الزهد وابن عساكر، عن يحيى بن جعدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يحيى بن زكريا، ما هم بخطيئة ولا حاكت في صدره امرأة ».
وأخرج ابن عساكر عن ضمرة بن حبيب قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :«ما بعلت النساء عن ولد ينبغي له أن يقول : أنا أفضل من يحيى بن زكريا لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها ».
وأخرج ابن عساكر عن علي بن أبي طلحة رفعه قال : ما ارتكض في النساء من جنين ينبغي له أن يقول : أنا أفضل من يحيى بن زكريا، لأنه لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها ».
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم، عن الحسن قال : إن عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى : استغفر لي أنت خير مني فقال له عيسى : بل أنت خير مني، سلم الله عليك، وسلمت أنا على نفسي، فعرف والله فضلها.
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والحاكم والضياء، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الحسن والحسين سيداً شباب أهل الجنة - إلا ابني الخالة - عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا ».
وأخرج الحاكم من طريق سمرة، عن كعب قال : كان يحيى لا يقرب النساء ولا يشتهيهن، وكان شاباً حسن الوجه، لين الجناح، قليل الشعر، قصير الأصابع، طويل الأنف، أقرن الحاجبين، رقيق الصوت، كثير العبادة، قوياً في الطاعة.
وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه وابن عساكر، عن أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن من هوان الدنيا على الله، أن يحيى بن زكريا قتلته امرأة ».
وأخرج الحاكم عن عبد الله بن الزبير قال : من أنكر البلاء، فإني لا أنكره، لقد ذكر لي أنما قتل يحيى بن زكريا في زانية.
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريقه : أنا أبو يعقوب الكوفي، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به رأى زكريا في السماء فسلم عليه فقال له :«يا أبا يحيى، خبرني عن قتلك كيف كان ؟ ولم قتلك بنو إسرائيل ؟ قال : يا محمد، إن يحيى كان خير أهل زمانه، وكان أجملهم وأصبحهم وجهاً، وكان كما قال الله :﴿ سيداً وحصوراً ﴾ وكان لا يحتاج إلى النساء، فهويته امرأة ملك بني إسرائيل وكانت بغية فأرسلت إليه، وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها، وأجمعت على قتل يحيى، وَلَهُم عيد يجتمعون في كل عام، وكانت سنة الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب، فخرج الملك للعيد فقامت امرأته فشيعته، وكان بها معجباً، ولم تكن تسأله فيما مضى، فلما أن شيعته قال الملك : سليني فما تسأليني شيئاً إلا أعطيتك، قالت : أريد دم يحيى بن زكريا. قال لها : سليني غيره. قالت : هو ذاك. قال : هو لك، فبعثت جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي، وأنا إلى جانبه أصلي، فذبح في طست، وحمل رأسه ودمه إليها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فما بلغ من صبرك ؟ قال : ما انفتلت من صلاتي، فلما حمل رأسه إليها ووضع بين يديها، - فلما أمسوا - خسف الله بالملك وأهل بيته وحشمه، فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل : لقد غضب إله زكريا لزكريا، فتعالوا حتى نغضب لملكنا، فنقتل زكريا، فخرجوا في طلبي ليقتلوني، فجاءني النذير، فهربت منهم وإبليس أمامهم يدلهم علي : فلما أن تخوفت أن لا أعجزهم، عرضت لي شجرة فنادتني فقالت : إلي إلي، وانصدعت لي، فدخلت فيها، وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي، والتأمت الشجرة وبقي طرف ردائي خارجاً من الشجرة، وجاء بنو إسرائيل، فقال إبليس : أما رأيتموه دخل هذه الشجرة ! هذ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿انتبذت من أَهلهَا مَكَانا شرقياً﴾ قَالَ: مَكَانا أظلتها الشَّمْس أَن يَرَاهَا أحد مِنْهُم
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا اتَّخذت النَّصَارَى الْمشرق قبْلَة لِأَن مَرْيَم اتَّخذت من أَهلهَا مَكَانا شرقيا فاتخذا ميلاده قبْلَة وَإِنَّمَا سجدت الْيَهُود على حرف حِين نتق فَوْقهم الْجَبَل فَجعلُوا يتخوفون وهم ينظرُونَ إِلَيْهِ يتخوفون أَن يَقع عَلَيْهِم فسجدوا سَجْدَة رضيها الله فاتخذوها سنة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أهل الْكتاب كتب عَلَيْهِم الصَّلَاة إِلَى الْبَيْت وَالْحج إِلَيْهِ وَمَا صرفهم عَنهُ إِلَّا قَول رَبك: ﴿إِذْ انتبذت من أَهلهَا مَكَانا شرقياً﴾ قَالَ: خرجت مِنْهُم مَكَانا شرقياً فصلوا قبل مطلع الشَّمْس
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق دَاوُد بن أبي هِنْد عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بلغت مَرْيَم فَإِذا هِيَ فِي بَيتهَا مُنْفَصِلَة إِذْ دخل عَلَيْهَا رجل بِغَيْر إِذن فَخَشِيت أَن يكون دخل عَلَيْهَا ليغتالها فَقَالَت: ﴿إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً﴾ قَالَ: ﴿إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكياً﴾ قَالَت: ﴿أَنى يكون لي غُلَام وَلم يمسسني بشر وَلم أك بغياً﴾ قَالَ: ﴿كَذَلِك قَالَ رَبك﴾ فَجعل جِبْرِيل يردد ذَلِك عَلَيْهَا وَتقول: ﴿أَنى يكون لي غُلَام﴾ وتغفلها جِبْرِيل فَنفخ فِي جيب درعها ونهض عَنْهَا وَاسْتمرّ بهَا حملهَا فَقَالَت: إِن خرجت نَحْو الْمغرب فالقوم يصلونَ نَحْو الْمغرب وَلَكِن أخرج نَحْو الْمشرق حَيْثُ لَا يراني أحد فَخرجت نَحْو الْمشرق فَبَيْنَمَا هِيَ تمشي إِذْ جاءها الْمَخَاض فَنَظَرت هَل تَجِد شَيْئا تستر بِهِ فَلم تَرَ إِلَّا جذع النَّخْلَة فَقَالَ: أستتر بِهَذَا الْجذع من النَّاس
وَكَانَ تَحت الْجذع نهر يجْرِي فانضمت إِلَى النَّخْلَة فَلَمَّا وَضعته خر كل شَيْء يعبد من دون الله فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا سَاجِدا لوجهه
وفزع إِبْلِيس فَخرج فَصَعدَ فَلم ير شَيْئا يُنكره وأتى الْمشرق فَلم ير شَيْئا يُنكره وَجعل لَا يصبر فَأتى الْمغرب لينْظر فَلم ير شَيْئا يُنكره
فَبينا هُوَ يطوف إِذْ مر بالنخلة فَإِذا هُوَ بِامْرَأَة مَعهَا
قَالَ: أما وَالله لأضِلَّنَ بِهِ أَكثر الْعَالمين
أضلّ الْيَهُود فَكَفرُوا بِهِ وأضل النَّصَارَى فَقَالُوا: هُوَ ابْن الله
قَالَ: وناداها ملك من تحتهَا ﴿قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ﴾ قَالَ إِبْلِيس: مَا حملت أُنْثَى إِلَّا بعلمي وَلَا وَضعته إِلَّا على كفي لَيْسَ هَذَا الْغُلَام لم أعلم بِهِ حِين حَملته أمه وَلم أعلم بِهِ حِين وَضعته
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَا: خرجت مَرْيَم إِلَى جَانب الْمِحْرَاب لحيض أَصَابَهَا فَلَمَّا طهرت إِذْ هِيَ بِرَجُل مَعهَا ﴿فتمثل لَهَا بشرا﴾ فَفَزِعت وَقَالَ: ﴿إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً﴾ فَخرجت وَعَلَيْهَا جلبابها فَأخذ بكمها فَنفخ فِي جيب درعها - وَكَانَ مشقوقاً من قدامها - فَدخلت النفخة صدرها فَحملت فأتتها أُخْتهَا امْرَأَة لَيْلَة تزورها فَلَمَّا فتحت لَهَا الْبَاب التزمتها فَقَالَت امْرَأَة زَكَرِيَّا: يَا مَرْيَم أشعرت أَنِّي حُبْلَى
قَالَت مَرْيَم: أشعرت أَيْضا أَنِّي حُبْلَى فَقَالَت امْرَأَة زَكَرِيَّا: فَإِنِّي وجدت مَا فِي بَطْني يسْجد للَّذي فِي بَطْنك
فَذَاك قَوْله: ﴿مُصدقا بِكَلِمَة من الله﴾ فَولدت امْرَأَة زَكَرِيَّا يحيى
وَلما بلغ أَن تضع مَرْيَم خرجت إِلَى جَانب الْمِحْرَاب ﴿فأجاءها الْمَخَاض إِلَى جذع النَّخْلَة قَالَت يَا لَيْتَني مت قبل هَذَا﴾ الْآيَة ﴿فناداها﴾ جِبْرِيل ﴿من تحتهَا ألاَّ تحزني﴾ فَلَمَّا وَلدته ذهب الشَّيْطَان فَأخْبر بني إِسْرَائِيل: إِن مَرْيَم ولدت فَلَمَّا أرادوها على الْكَلَام أشارت إِلَى عِيسَى فَتكلم فَقَالَ: ﴿إِنِّي عبد الله آتَانِي الْكتاب﴾ الْآيَات
فَلَمَّا ولد لم يبْق فِي الأَرْض صنم إِلَّا خرَّ لوجهه
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم﴾ يَقُول: قصّ ذكرهَا على الْيَهُود وَالنَّصَارَى ومشركي الْعَرَب ﴿إِذْ انتبذت﴾ يَعْنِي خرجت ﴿من أَهلهَا مَكَانا شرقياً﴾ قَالَ: كَانَت خرجت من بَيت الْمُقَدّس مِمَّا يَلِي الْمشرق ﴿فاتخذت من دونهم حِجَابا﴾ وَذَلِكَ أَن الله لما أَرَادَ أَن يبتدئها بالكرامة
﴿قَالَت إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً﴾ وَذَلِكَ أَنَّهَا شبهته بشاب كَانَ يَرَاهَا وَيَمْشي مَعهَا يُقَال لَهُ يُوسُف من بني إِسْرَائِيل وَكَانَ من خدم بَيت الْمُقَدّس فخافت أَن يكون الشَّيْطَان قد استزه فَمن ثمَّ قَالَت: ﴿إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً﴾ يَعْنِي إِن كنت تخَاف الله
قَالَ جِبْرِيل: وَتَبَسم ﴿إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكياً﴾ يَعْنِي لله مُطيعًا من غير بشر
﴿قَالَت أَنى يكون لي غُلَام وَلم يمسسني بشر﴾ يَعْنِي زوجا ﴿وَلم أك بغياً﴾ أَي مومسة
قَالَ جِبْرِيل: ﴿كَذَلِك﴾ يَعْنِي هَكَذَا ﴿قَالَ رَبك هُوَ على هَين﴾ يَعْنِي خلقه من غير بشر
﴿ولنجعله آيَة للنَّاس﴾ يَعْنِي عِبْرَة وَالنَّاس هُنَا للْمُؤْمِنين خَاصَّة وَرَحْمَة لكمن صدق بِأَنَّهُ رَسُول الله
﴿وَكَانَ أمرا مقضياً﴾ يَعْنِي كَائِنا أَن يكون من غير بشر
فَدَنَا جِبْرِيل فَنفخ فِي جيبها فَدخلت النفخة جوفها فاحتملت كَمَا تحمل النِّسَاء فِي الرَّحِم والمشيمة وَوَضَعته كَمَا تضع النِّسَاء فأصابها الْعَطش فَأجرى الله لَهَا جدولاً من الْأُرْدُن فَذَلِك قَوْله: ﴿قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ﴾ وَالسري الْجَدْوَل
وَحمل الْجذع من سَاعَته ﴿رطبا جنياً﴾ فناداها من تحتهَا جِبْرِيل ﴿وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة﴾ لم يكن على رَأسهَا سقف وَكَانَت قد يَبِسَتْ مُنْذُ دهر طَوِيل فأحياها الله لَهَا وحملت فَذَلِك قَوْله: ﴿تساقط عَلَيْك رطبا جنياً﴾ يَعْنِي طرياً بغباره ﴿فكلي﴾ من الرطب ﴿واشربي﴾ من الْجَدْوَل ﴿وقري عينا﴾ بولدك
فَقَالَ: فَكيف بِي إِذا سَأَلُونِي من أَيْن هَذَا
قَالَ لَهَا جِبْرِيل: ﴿فإمَّا تَرين﴾ يَعْنِي فَإِذا رَأَيْت ﴿من الْبشر أحدا﴾ فأعنتك فِي أَمرك ﴿فَقولِي إِنِّي نذرت للرحمن صوما﴾ يَعْنِي صمتا فِي أَمر عِيسَى ﴿فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسياً﴾ فِي أمره
حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يعبر عني وَعَن نَفسه
قَالَ: ففقدوا مَرْيَم من مِحْرَابهَا فسألوا يُوسُف فَقَالَ: لَا علم لي بهَا وَأَن مِفْتَاح مِحْرَابهَا مَعَ زَكَرِيَّا
فطلبوا زَكَرِيَّا وفتحوا الْبَاب وَلَيْسَت فِيهِ فاتهموه فَأَخَذُوهُ ووبخوه فَقَالَ رجل: إِنِّي رَأَيْتهَا فِي مَوضِع كَذَا فَخَرجُوا فِي طلبَهَا فَسَمِعُوا صَوت عقيق فِي رَأس الْجذع الَّذِي مَرْيَم من تَحْتَهُ فَانْطَلقُوا إِلَيْهِ فَذَلِك قَول
فأنَّى أتيت هَذَا الْأَمر مَعَ هَذَا الْأَخ الصَّالح وَالْأَب الصَّالح وَالأُم الصَّالح ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ﴾ تَقول لَهُم: أَن كَلمُوهُ فَإِنَّهُ سيخبركم ﴿إِنِّي نذرت للرحمن صوما﴾ أَن لَا أكلمكم فِي أمره فَإِنَّهُ سيعبر عني فَيكون لكم آيَة وعبرة ﴿قَالُوا كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا﴾ يَعْنِي من هُوَ فِي الْخرق طفْلا لَا ينْطق فأنطقه الله فَعبر عَن أمه وَكَانَ عِبْرَة لَهُم فَقَالَ: ﴿إِنِّي عبد الله﴾ فَلَمَّا أَن قَالَهَا ابْتَدَأَ يحيى وَهُوَ ابْن ثَلَاث سِنِين فَكَانَ أول من صدق بِهِ فَقَالَ: إِنِّي أشهد أَنَّك عبد الله وَرَسُوله
لتصديق قَول الله: ﴿مُصدقا بِكَلِمَة من الله﴾ فَقَالَ عِيسَى: ﴿آتَانِي الْكتاب وَجَعَلَنِي نَبيا﴾ إِلَيْكُم ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْبركَة الَّتِي جعلهَا الله لعيسى أَنه كَانَ معلما مؤدباً حَيْثُمَا توجه ﴿وأوصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة﴾ يَعْنِي وَأَمرَنِي ﴿وَبرا بوالدتي﴾ فَلَا أعقها
قَالَ ابْن عَبَّاس حِين قَالَ: ﴿وَبرا بوالدتي﴾ قَالَ: زَكَرِيَّا: الله أكبر فَأَخذه فضمه إِلَى صَدره فَعَلمُوا أَنه خلق من غير بشر ﴿وَلم يَجْعَلنِي جباراً شقياً﴾ يَعْنِي متعظماً سفاكاً للدم
﴿وَالسَّلَام عليّ يَوْم ولدت وَيَوْم أَمُوت وَيَوْم أبْعث حَيا﴾ يَقُول الله: ﴿ذَلِك عِيسَى ابْن مَرْيَم قَول الْحق الَّذِي فِيهِ يمترون﴾ يَعْنِي يَشكونَ بقوله للْيَهُود ثمَّ أمسك عِيسَى عَن الْكَلَام حَتَّى بلغ مبلغ النَّاس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت مَرْيَم: كنت إِذا خلوت حَدثنِي عِيسَى وكلمني وَهُوَ فِي بَطْني وَإِذا كنت مَعَ النَّاس سبح فِي بَطْني وَكبر وَأَنا أسمع
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: حِين حملت وضعت
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن مَرْيَم حملت لسبع أَو تسع سَاعَات وَوَضَعته من يَوْمهَا
وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد الْعَمى قَالَ: ولد عِيسَى يَوْمًا عَاشُورَاء
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن نوف قَالَ: كَانَت مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام فتاة بتولاً وَكَانَ زَكَرِيَّا زوج أُخْتهَا كفلها فَكَانَت مَعَه فَكَانَ يدْخل عَلَيْهِ يسلم عَلَيْهَا فتقرب إِلَيْهِ فَاكِهَة الشتَاء فِي الصَّيف وَفَاكِهَة الصَّيف فِي الشتَاء فَدخل عَلَيْهَا زَكَرِيَّا مرّة فقربت إِلَيْهِ بعض مَا كَانَت تقرب (قَالَ يَا مَرْيَم أَنى لَك هَذَا قَالَت هُوَ من عِنْد الله إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب هُنَالك دَعَا زَكَرِيَّا ربه) (آل عمرَان آيَة ٣٨ - ٣٩) إِلَى قَوْله: (آيتك أَن لَا تكلم النَّاس ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا زمرا) (آل عمرَان آيَة ٤٢) ﴿سوياً﴾ صَحِيحا
﴿فَخرج على قومه من الْمِحْرَاب فَأوحى إِلَيْهِم﴾ كتب لَهُم ﴿أَن سبحوا بكرَة وعشياً﴾ قَالَ: فَبَيْنَمَا هِيَ جالسة فِي منزلهَا إِذا رجل قَائِم بَين يَديهَا قد هتك الْحجب فَلَمَّا أَن رَأَتْهُ قَالَت: ﴿إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً﴾ قَالَ فَلَمَّا ذكرت الرَّحْمَن فزع جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: ﴿إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكياً﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وَكَانَ أمرا مقضياً﴾ فَنفخ فِي جيبها جِبْرِيل فَحملت حَتَّى إِذا أثقلت وجعت مَا يجع النِّسَاء وَكَانَت فِي بَيت النُّبُوَّة فاستحيت وهربت حَيَاء من قَومهَا فَأخذت نَحْو الْمشرق وَأخذ قَومهَا فِي طلبَهَا فَجعلُوا يسْأَلُون رَأَيْتُمْ فتاة كَذَا وَكَذَا فَلَا يُخْبِرهُمْ أحد
وَأَخذهَا ﴿الْمَخَاض إِلَى جذع النَّخْلَة﴾ فتساندت إِلَى النَّخْلَة قَالَت: ﴿يَا لَيْتَني مت قبل هَذَا وَكنت نسياً منسياً﴾ قَالَ: حَيْضَة من حَيْضَة ﴿فناداها من تحتهَا﴾ قَالَ: جِبْرِيل من أقْصَى الْوَادي ﴿أَلا تحزني قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ﴾ قَالَ: جدولاً ﴿وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة تساقط عَلَيْك رطبا جنياً﴾ فَلَمَّا قَالَ لَهَا جِبْرِيل: اشْتَدَّ ظهرهَا وَطَابَتْ نَفسهَا فَقطعت سرته ولفته فِي خرقَة وَحَمَلته فلقي قَومهَا راعي بقر وهم فِي طلبَهَا
قَالُوا: يَا راعي هَل رَأَيْت فتاة كَذَا وَكَذَا قَالَ: لَا وَكن رَأَيْت اللَّيْلَة من بقري شَيْئا لم أره مِنْهَا قطّ فِيمَا خلا قَالَ: رَأَيْتهَا باتت سجدا نَحْو هَذَا الْوَادي فَانْطَلقُوا حَيْثُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ لعمر بن الْخطاب لم أستحب النَّصَارَى الْحجب على مذابحهم قَالَ: إِنَّمَا يسْتَحبّ النَّصَارَى الْحجب على مذابحهم ومناسكهم لقَوْل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿فاتخذت من دونهم حِجَابا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا﴾ قَالَ: بعث الله إِلَيْهَا ملكا فَنفخ فِي جيبها فَدخل فِي الْفرج
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا﴾ قَالَ: جِبْرِيل
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا﴾ الْآيَة قَالَ: نفخ جِبْرِيل فِي درعها فبلغت حَيْثُ شَاءَ الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن يسَار: أَن جِبْرِيل أَتَاهَا فِي صُورَة رجل فكشف الْحجاب فَلَمَّا رَأَتْهُ تعوذت مِنْهُ فَنفخ فِي جيب درعها فبلغت فَذكر ذَلِك فِي الْمَدِينَة فَهجر زَكَرِيَّا وَترك وَكَانَ قبل ذَلِك يستفتى ويأتيه النَّاس حَتَّى إِن كَانَ ليسلم على الرجل فَمَا يكلمهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله: ﴿فتمثل لَهَا بشرا سوياً﴾ قَالَ: تمثل لَهَا روح عِيسَى فِي صُورَة بشر فَحَملته
قَالَ: حملت الَّذِي خاطبها دخل فِي فِيهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿قَالَت إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً﴾ قَالَ: إِنَّمَا خشيت أَن يكون إِنَّمَا يريدها عَن نَفسه
﴿قَالَ إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكياً﴾ زَعَمُوا أَنه نفخ فِي جيب درعها وكمها
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿لأهب لَك﴾ مَهْمُوزَة بِالْألف وَفِي قِرَاءَة عبد الله ليهب لَك بِالْيَاءِ
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿غُلَاما زكياً﴾ قَالَ: صَالحا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿وَلم أك بغياً﴾ قَالَ زَانِيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿مَكَانا قصياً﴾ قَالَ نَائِيا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿مَكَانا قصياً﴾ قَالَ: قاصياً وَفِي قَوْله: ﴿فأجاءها الْمَخَاض﴾ قَالَ: ألجأها
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ: ﴿فأجاءها الْمَخَاض﴾ قَالَ: ألجأها قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت حسان بن ثَابت وَهُوَ يَقُول: إِذا شددنا شدَّة صَادِقَة فأجأناكم إِلَى سفح الْجَبَل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فأجاءها الْمَخَاض﴾ قَالَ: اضطرها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿فأجاءها الْمَخَاض﴾ قَالَ فأداها
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فأجاءها الْمَخَاض إِلَى جذع النَّخْلَة﴾ قَالَ: كَانَ جذعاً يَابسا
وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق هِلَال بن خباب عَن أبي عبيد الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي قدامَة قَالَ: أنبت لِمَرْيَم نَخْلَة تعلق بهَا كَمَا تعلق الْمَرْأَة بِالْمَرْأَةِ عِنْد الْولادَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَكنت نسياً منسياً﴾ قَالَ: لم أخلق وَلم أك شَيْئا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿وَكنت نسياً منسياً﴾ قَالَ: حَيْضَة ملقاة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَكنت نسياً منسياً﴾ قَالَ: حَيْضَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن نوف الْبكالِي عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿وَكنت نسياً منسياً﴾ قَالَ حَيْضَة ملقاة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَكنت نسياً منسياً﴾ قَالَ: تَقول لَا أعرف وَلَا أَدْرِي من أَنا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَكنت نسياً منسياً﴾ قَالَ: هُوَ السقط وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ
وَأخرج أَبُو عبيد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَلْقَمَة أَنه قَرَأَ فخاطبها من تحتهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فناداها من تحتهَا﴾ قَالَ: جِبْرِيل وَلم يتَكَلَّم عِيسَى حَتَّى أَتَت بِهِ قَومهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ الَّذِي ناداها هُوَ جِبْرِيل
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك وَعَمْرو بن مَيْمُون مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء ﴿فناداها من تحتهَا﴾ قَالَ: ملك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿فناداها من تحتهَا﴾ قَالَ: جِبْرِيل من أَسْفَل الْوَادي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن ﴿فناداها من تحتهَا﴾ قَالَ: هُوَ عِيسَى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي بن كَعْب قَالَ الَّذِي خاطبها: هُوَ الَّذِي حَملته فِي جوفها دخل من فِيهَا
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن زر بن حُبَيْش أَنه قَرَأَ ﴿فناداها من تحتهَا﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿فناداها من تحتهَا﴾ أَي الْملك من تَحت النَّخْلَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: من قَرَأَ من تحتهَا فَهُوَ جِبْرِيل وَمن قَرَأَ من تحتهَا فَهُوَ عِيسَى
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بكر بن عَيَّاش قَالَ: قَرَأَ عَاصِم بن أبي النجُود ﴿فناداها من تحتهَا﴾ بِالنّصب قَالَ: وَقَالَ عَاصِم: من قَرَأَ بِالنّصب فَهُوَ عِيسَى وَمن قَرَأَهَا بالخفض فَهُوَ جِبْرِيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿جعل رَبك تَحْتك سرياً﴾ قَالَ: نَبيا وَهُوَ عِيسَى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن جرير بن حَازِم قَالَ: سَأَلَني مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر مَا يَقُول أصحابكم فِي قَوْله ﴿قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ﴾ قَالَ: فَقلت لَهُ: سَمِعت قَتَادَة يَقُول: الْجَدْوَل
قَالَ: فَأخْبر قَتَادَة عني فَإِنَّمَا نزل الْقُرْآن بلغتنا إِنَّه الرجل السّري
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ﴾ يُرِيد نَفسه أَي سرى أسرى مِنْهُ قيل فَالَّذِينَ يَقُولُونَ السّري الْبَحْر قَالَ: لَيْسَ كَذَلِك لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ يكون إِلَى جنبها وَلَا يكون النَّهر تحتهَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن السّري الَّذِي قَالَ الله لِمَرْيَم: ﴿قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ﴾ نهر أخرجه الله لَهَا لتشرب مِنْهُ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء فِي قَوْله: ﴿قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ﴾ قَالَ: هُوَ الْجَدْوَل وَهُوَ النَّهر الصَّغِير
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ﴾ قَالَ: نهر عِيسَى
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عُثْمَان بن مُحصن قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: ﴿سرياً﴾ قَالَ: الْجَدْوَل
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: سلم تَرَ الدالي مِنْهُ أزورا إِذا يعج فِي السّري هرهرا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والطستي عَن ابْن عَبَّاس: إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ: ﴿تَحْتك سرياً﴾ قَالَ: السّري النَّهر الصَّغِير وَهُوَ الْجَدْوَل
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: سهل الخليقة ماجد ذُو نائل مثل السريّ تمده الْأَنْهَار وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿سريا﴾ قَالَ: الْجَدْوَل
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن مَيْمُون وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة أَن الْحسن تَلا هَذِه الْآيَة وَإِلَى جنبه حميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي ﴿قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ﴾ قَالَ: إِن كَانَ لسريا وَإِن كَانَ لكريماً فَقَالَ حميد: يَا أَبَا سعيد إِنَّه الْجَدْوَل فَقَالَ لَهُ: لم تزل تعجبنا مجالستك وَلَكِن غلبتنا عَلَيْك الْأُمَرَاء
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: السّري المَاء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿سرياً﴾ قَالَ: نَهرا بالسُّرْيَانيَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿سرياً﴾ قَالَ نَهرا بالقبطية
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُفْيَان بن حُسَيْن فِي قَوْله: ﴿قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ﴾ قَالَ: تَلَاهَا الْحسن فَقَالَ: كَانَ وَالله ﴿سرياً﴾ يَعْنِي عِيسَى عَلَيْهِ
الْآيَة ٢٥
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله :﴿ فأرسلنا إليها روحنا ﴾ قال : بعث الله إليها ملكاً فنفخ في جيبها، فدخل في الفرج.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ فأرسلنا إليها روحنا ﴾ قال : جبريل.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ فأرسلنا إليها روحنا ﴾ الآية قال : نفخ جبريل في درعها، فبلغت حيث شاء الله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عطاء بن يسار : إن جبريل أتاها في صورة رجل فكشف الحجاب، فلما رأته تعوذت منه، فنفخ في جيب درعها فبلغت، فذكر ذلك في المدينة، فهجر زكريا وترك، وكان قبل ذلك يستفتى ويأتيه الناس، حتى إن كان ليسلم على الرجل فما يكلمه.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي بن كعب في قوله :﴿ فتمثل لها بشراً سوياً ﴾ قال : تمثل لها روح عيسى في صورة بشر فحملته. قال : حملت الذي خاطبها، دخل في فيها.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ﴾ قال : إنما خشيت أن يكون إنما يريدها عن نفسها. ﴿ قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً ﴾ زعموا أنه نفخ في جيب درعها وكمها.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ ﴿ لأهب لك ﴾ مهموزة بالألف، وفي قراءة عبد الله «ليهب لك » بالياء.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ غلاماً زكياً ﴾ قال : صالحاً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ مكاناً قصياً ﴾ قال : قاصياً. وفي قوله :﴿ فأجاءها المخاض ﴾ قال : ألجأها.
وأخرج الطستي، عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل :﴿ فأجاءها المخاض ﴾ قال : ألجأها قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول :
إذا شددنا شدة صادقة | فأجأناكم إلى سفح الجبل |
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله :﴿ فأجاءها المخاض ﴾ قال فأداها.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ﴾ قال : كان جذعاً يابساً.
وأخرج عبد بن حميد من طريق هلال بن خباب، عن أبي عبيد الله ﴿ فأجاءها المخاض إلى جذع ﴾ نخلة يابسة قد جيء به ليبنى به بيت يقال له بيت لحم، فحركته فإذا هو نخلة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي قدامة قال : أنبت لمريم نخلة، تعلق بها كما تعلق المرأة بالمرأة عند الولادة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله :﴿ وكنت نسياً منسياً ﴾ قال : لم أخلق ولم أك شيئاً.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة في قوله :﴿ وكنت نسياً منسياً ﴾ قال : حيضة ملقاة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ وكنت نسياً منسياً ﴾ قال : حيضة.
وأخرج عبد بن حميد، عن نوف البكالي، عن الضحاك في قوله :﴿ وكنت نسياً منسياً ﴾ قال حيضة ملقاة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وكنت نسياً منسياً ﴾ قال : تقول لا أعرف ولا أدري من أنا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله :﴿ وكنت نسياً منسياً ﴾ قال : هو السقط والله تعالى أعلم بالصواب.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله :﴿ فناداها من تحتها ﴾ قال : جبريل، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها.
وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة، قال الذي ناداها هو جبريل.
وأخرج عبد بن حميد، عن الضحاك وعمرو بن ميمون مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن البراء ﴿ فناداها من تحتها ﴾ قال : ملك.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ فناداها من تحتها ﴾ قال : جبريل من أسفل الوادي.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ فناداها من تحتها ﴾ قال : عيسى.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن ﴿ فناداها من تحتها ﴾ قال : هو عيسى.
واخرج ابن المنذر، عن أبي بن كعب قال الذي خاطبها : هو الذي حملته في جوفها، دخل من فيها.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر، عن زر بن حبيش أنه قرأ ﴿ فناداها من تحتها ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ فناداها من تحتها ﴾ أي الملك من تحت النخلة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن قال : من قرأ من تحتها فهو جبريل، ومن قرأ من تحتها، فهو عيسى.
وأخرج عبد بن حميد، عن أبي بكر بن عياش قال : قرأ عاصم بن أبي النجود ﴿ فناداها من تحتها ﴾ بالنصب قال : وقال عاصم : من قرأ بالنصب فهو عيسى، ومن قرأها بالخفض، فهو جبريل.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله :﴿ جعل ربك تحتك سرياً ﴾ قال : نبياً وهو عيسى.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن جرير بن حازم قال : سألني محمد بن عباد بن جعفر ما يقول أصحابكم في قوله ؟ ﴿ قد جعل ربك تحتك سرياً ﴾ قال : فقلت له : سمعت قتادة يقول : الجدول. قال : فأخبر قتادة عني فإنما نزل القرآن بلغتنا إنه الرجل السري.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله :﴿ قد جعل ربك تحتك سرياً ﴾ يريد نفسه أي سرى أسرى منه، قيل فالذين يقولون السري البحر قال : ليس كذلك لو كان كذلك لكان يكون إلى جنبها ولا يكون النهر تحتها.
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن النجار، عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن السري الذي قال الله لمريم :﴿ قد جعل ربك تحتك سرياً ﴾ نهر، أخرجه الله لها لتشرب منه ».
وأخرج الطبراني في الصغير وابن مردويه، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :
«﴿ قد جعل ربك تحتك سرياً ﴾ قال : النهر ».
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه وابن مردويه، عن البراء في قوله :﴿ قد جعل ربك تحتك سرياً ﴾ قال : هو الجدول، وهو النهر الصغير.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ قد جعل ربك تحتك سرياً ﴾ قال : نهر عيسى.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر، عن عثمان بن محصن قال : سئل ابن عباس عن قوله :﴿ سرياً ﴾ قال : الجدول. أما سمعت قول الشاعر وهو يقول :
سلم تر الدالي منه أزورا | إذا يعج في السري هرهرا |
سهل الخليقة ماجد ذو نائل | مثل السريّ تمده الأنهار |
وأخرج عبد بن حميد، عن عمرو بن ميمون وإبراهيم النخعي مثله.
وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة أن الحسن تلا هذه الآية، وإلى جنبه حميد بن عبد الرحمن الحميري ﴿ قد جعل ربك تحتك سرياً ﴾ قال : إن كان لسريا، وإن كان لكريماً فقال حميد : يا أبا سعيد، إنه الجدول فقال له : لم تزل تعجبنا مجالستك، ولكن غلبتنا عليك الأمراء.
وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة قال : السري الماء.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ سرياً ﴾ قال : نهراً بالسريانية.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ سرياً ﴾ قال نهراً بالقبطية.
وأخرج ابن عساكر، عن سفيان بن حسين في قوله :﴿ قد جعل ربك تحتك سرياً ﴾ قال : تلاها الحسن فقال : كان والله ﴿ سرياً ﴾ يعني عيسى - عليه السلام - فقال له خالد بن صفوان : يا أبا سعيد، إن العرب تسمي الجدول السري، فقال : صدقت.
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن مُجَاهِد ﴿وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة﴾ قَالَ: كَانَت عَجْوَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْبَراء أَنه قَرَأَ يساقط عَلَيْك بِالْيَاءِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه قَرَأَ يساقط عَلَيْك بِالْيَاءِ يَعْنِي الْجذع
وَأخرج عبد بن حميد عَن مَسْرُوق أَنه قَرَأَ ﴿تساقط عَلَيْك رطبا جنياً﴾ بِالتَّاءِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿تساقط﴾ مثقلة بِالتَّاءِ
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن طَلْحَة الإيابي أَنه قَرَأَ ﴿تساقط عَلَيْك رطبا﴾ مثقلة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نهيك أَنه قَرَأَ تسْقط عَلَيْك رطبا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿رطبا جنياً﴾ قَالَ: طرياً
وَأخرج الْخَطِيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿تساقط عَلَيْك رطبا جنياً﴾ قَالَ: بغباره
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي والخطيب عَن أبي حباب مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي روق قَالَ: انْتَهَت مَرْيَم إِلَى جذع لَيْسَ لَهُ رَأس فأنبت الله لَهُ رَأْسا وَأنْبت فِيهِ رطبا وبسراً ومدبباً وموزاً فَلَمَّا هزت النَّخْلَة سقط عَلَيْهَا من جَمِيع مَا فِيهَا
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي قُدَّام قَالَ: أنبتت لِمَرْيَم نَخْلَة تعلق بهَا كَمَا تعلق الْمَرْأَة عِنْد الْولادَة
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن السّني وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ والعقيلي وَابْن عديّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أكْرمُوا
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أطعموا نساءكم الولَّد الرطب فَإِن لم يكن رطب فتمر فَلَيْسَ من الشّجر شَجَرَة أكْرم من شَجَرَة نزلت تحتهَا مَرْيَم بنت عمرَان
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مماذا خلقت النَّخْلَة قَالَ: خلقت النَّخْلَة وَالرُّمَّان وَالْعِنَب من فضل طِينَة آدم عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سَلمَة بن قيس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أطعموا نساءكم فِي نفاسهن التَّمْر فَإِنَّهُ من كَانَ طعامها فِي نفَاسهَا التَّمْر: خرج وَلَدهَا ولدا حَلِيمًا فَإِنَّهُ كَانَ طَعَام مَرْيَم حَيْثُ ولدت عِيسَى وَلَو علم الله طَعَاما هُوَ خير لَهَا من التَّمْر لأطعمها إِيَّاه
وَأخرج عبد بن حميد عَن شَقِيق قَالَ: لَو علم الله أَن شَيْئا للنفساء خير من الرطب لأمر مَرْيَم بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ لَيْسَ للنفساء خير من الرطب أَو التَّمْر وَقَالَ: إِن الله قَالَ: ﴿وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة تساقط عَلَيْك رطبا جنياً﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن خَيْثَم قَالَ: لَيْسَ للنفساء عِنْدِي دَوَاء مثل الرطب وَلَا للْمَرِيض مثل الْعَسَل
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الشّعبِيّ قَالَ: كتب قَيْصر إِلَى عمر بن الْخطاب أَن رسلًا أَتَتْنِي من قبلك فَزَعَمت أَن قبلكُمْ شَجَرَة لَيست بخليقة لشَيْء من الْخَيْر تخرج مثل أَذَان الْحمير ثمَّ تشقق عَن مثل اللُّؤْلُؤ الْأَبْيَض ثمَّ تصير مثل الزمرد الْأَخْضَر ثمَّ تصير مثل الْيَاقُوت الْأَحْمَر ثمَّ تينع وتنضج فَتكون كأطيب فالوذج أكل ثمَّ تيبس فَتكون عصمَة للمقيم وَزَادا للْمُسَافِر فَإِن لم تكن رُسُلِي صدقتني فَلَا أرى هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا من شجر الْجنَّة فَكتب إِلَيْهِ عمر أَن رسلك قد صدقتك هَذِه الشَّجَرَة عندنَا: وَهِي الَّتِي أنبتها الله على مَرْيَم حِين نفست بِعِيسَى
الْآيَة ٢٦
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ مثله
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿إِنِّي نذرت للرحمن صوما﴾ صمتا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَهَا ﴿إِنِّي نذرت للرحمن صوما﴾ صمتا وَقَالَ: لَيْسَ إِلَّا أَن حملت فَوضعت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿إِنِّي نذرت للرحمن صوما﴾ قَالَ: كَانَ من بني إِسْرَائِيل من إِذا اجْتهد صَامَ من الْكَلَام كَمَا يَصُوم من الطَّعَام إِلَّا من ذكر الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حَارِثَة بن مضرب قَالَ: كنت عِنْد ابْن مَسْعُود فجَاء رجلَانِ فَسلم أَحدهمَا وَلم يسلم الآخر ثمَّ جلسا
فَقَالَ الْقَوْم: مَا لصاحبك لم يسلم قَالَ: إِنَّه نذر صوما لَا يكلم الْيَوْم إنسياً
فَقَالَ عبد الله: بئس مَا قلت إِنَّمَا كَانَت تِلْكَ الْمَرْأَة فَقَالَت ذَلِك ليَكُون عذرا لَهَا إِذا سُئِلت - وَكَانُوا يُنكرُونَ أَن يكون ولد من غير زوج إِلَّا زنا - فَتكلم وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وانه عَن الْمُنكر فَإِنَّهُ خير لَك
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الشّعبِيّ قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب ﴿إِنِّي نذرت للرحمن صوما﴾ صمتا
الْآيَة ٢٧ - ٢٨
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿لقد جِئْت شَيْئا فرياً﴾ قَالَ: عَظِيما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز قَالَ: كَانَ فِي زمَان بني إِسْرَائِيل فِي بَيت الْمُقَدّس عِنْد عين سلوان عين فَكَانَت الْمَرْأَة إِذا قارفت أتوها بهَا فَشَرِبت مِنْهَا فَإِن كَانَت بريئة لم تضرها وَإِلَّا مَاتَت
فَلَمَّا حملت مَرْيَم أتوها بهَا على بغلة فَعَثَرَتْ بهَا فدعَتْ الله أَن يعقم رَحمهَا فعقم من يَوْمئِذٍ فَلَمَّا أتتها شربت مِنْهَا فَلم تَزْدَدْ إِلَّا خيرا ثمَّ دعت الله أَن لَا يفضح بهَا امْرَأَة مُؤمنَة فغارت الْعين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أهل نَجْرَان فَقَالُوا: أَرَأَيْت مَا تقرأون يَا أُخْت هَارُون ومُوسَى قبل عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا: قَالَ: فَرَجَعت فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ: أَلا أَخْبَرتهم أَنهم كَانُوا يسمون بالأنبياء وَالصَّالِحِينَ قبلهم
وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿يَا أُخْت هَارُون﴾ الْآيَة قَالَ: كَانَت من أهل بَيت يعْرفُونَ بالصلاح وَلَا يعْرفُونَ بِالْفَسَادِ فِي النَّاس وَفِي النَّاس من يعرف بالصلاح ويتوالدون بِهِ وَآخَرُونَ يعْرفُونَ بِالْفَسَادِ ويتوالدون بِهِ وَكَانَ هَارُون مصلحاً محبباً فِي عشيرته وَلَيْسَ بهرون أخي مُوسَى وَلَكِن هرون آخر
ذكر لنا أَنه تبع جنَازَته يَوْم مَاتَ أَرْبَعُونَ ألفا من بني إِسْرَائِيل كلهم يسمون هرون
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله: ﴿يَا أُخْت هَارُون﴾ قَالَ: سمعنَا أَنه اسْم وَافق اسْما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين قَالَ: نبئت أَن كَعْبًا قَالَ: إِن قَوْله: ﴿يَا أُخْت هَارُون﴾ لَيْسَ بهرون أخي مُوسَى فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: كذبت
فَقَالَ: يَا أم الْمُؤمنِينَ إِن كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه: فَهُوَ أعلم وَأخْبر وَإِلَّا فَإِنِّي أجد بَينهمَا سِتّمائَة سنة فَسَكَتَتْ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة فِي قَوْله: ﴿يَا أُخْت هَارُون﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَت من سبط هرون فَقيل لَهَا: ﴿يَا أُخْت هَارُون﴾ فَدُعِيت إِلَى سبطه كَالرّجلِ يَقُول للرجل: يَا أَخا بني لَيْث يَا أَخا بني فلَان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿يَا أُخْت هَارُون﴾ قَالَ: كَانَ هرون من قوم سوء زناة فنسبوها إِلَيْهِم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر بن عَيْش قَالَ: فِي قِرَاءَة أبي قَالُوا: يَا ذَا المهد
الْآيَة ٢٩
وأخرج الخطيب وابن عساكر، عن مجاهد في قوله :﴿ يا أخت هارون ﴾ الآية. قال كانت من أهل بيت يعرفون بالصلاح، ولا يعرفون بالفساد في الناس، وفي الناس من يعرف بالصلاح ويتوالدون به، وآخرون يعرفون بالفساد ويتوالدون به، وكان هارون مصلحاً محبباً في عشيرته، وليس بهرون أخي موسى، ولكن هرون آخر. ذكر لنا أنه تبع جنازته يوم مات أربعون ألفاً من بني إسرائيل كلهم يسمون هارون.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سفيان في قوله :﴿ يا أخت هارون ﴾ قال : سمعنا أنه اسم وافق اسماً.
واخرج ابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال : نبئت أن كعباً قال : إن قوله :﴿ يا أخت هارون ﴾، ليس بهارون أخي موسى، فقالت له عائشة : كذبت. فقال : يا أم المؤمنين، إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله : فهو أعلم وأخبر، وإلا، فإني أجد بينهما ستمائة سنة، فسكتت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة في قوله :﴿ يا أخت هارون ﴾ قال : نسبت إلى هارون بن عمران لأنها كانت من سبطه، كقولك يا أخا الأنصار.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي قال : كانت من سبط هرون، فقيل لها :﴿ يا أخت هارون ﴾ فدعيت إلى سبطه، كالرجل يقول للرجل : يا أخا بني ليث يا أخا بني فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ يا أخت هارون ﴾ قال : كان هارون من قوم سوء زناة فنسبوها إليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي بكر بن عيش قال : في قراءة أبي قالوا : يا ذا المهد.
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ﴾ قَالَ: أَمرتهم بِكَلَامِهِ
وَفِي قَوْله: ﴿فِي المهد﴾ قَالَ فِي الْحجر
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: إِن مَرْيَم لما ولدت أَتَت بِهِ قَومهَا فَأخذُوا لَهَا الْحِجَارَة ليرموها فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ فَتكلم فَتَرَكُوهُ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: ﴿المهد﴾ المرباة
قَالَ إِبْرَاهِيم: المرباة المرجحة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن هِلَال بن يسَاف قَالَ: لم يتَكَلَّم فِي المهد إِلَّا ثَلَاثَة: صَاحب جريج وَعِيسَى وَصَاحب الحبشية
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: تكلم فِي المهد أَرْبَعَة عِيسَى وَصَاحب يُوسُف وَصَاحب جريج وَابْن ماشطة ابْنة فِرْعَوْن
الْآيَة ٣٠ - ٣٣
قَالَ: قضى فِيمَا قضى أَن أكون كَذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: كَانَ عِيسَى قد درس الْإِنْجِيل وأحكمه فِي بطن أمه
فَذَلِك قَوْله: ﴿إِنِّي عبد الله آتَانِي الْكتاب﴾
وَأخرج الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي مُعْجَمه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن لال فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت﴾ قَالَ: جعلني نَفَّاعًا للنَّاس أَيْن اتجهت
وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت﴾ قَالَ: معلما ومؤدباً
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت﴾ قَالَ: معلما للخير
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الَّذِي يعلم النَّاس الْخَيْر يسْتَغْفر لَهُ كل دَابَّة حَتَّى الْحُوت فِي الْبَحْر
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا﴾ قَالَ: هادياً مهدياً
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا﴾ قَالَ: نَفَّاعًا للنَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نوف (وَبرا بوالدتي) أَي لَيْسَ لي أَب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَلم يَجْعَلنِي جباراً شقياً﴾ يَقُول: عصياً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان قَالَ: الْجَبَّار الشقي الَّذِي يُقبلُ على الْغَضَب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَوام بن حَوْشَب قَالَ: إِنَّك لَا تكَاد تَجِد عاقاً إِلَّا تَجدهُ جباراً ثمَّ قَرَأَ ﴿وَبرا بوالدتي وَلم يَجْعَلنِي جباراً شقياً﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: فقرات ابْن آدم ثَلَاث: يَوْم ولد وَيَوْم يَمُوت وَيَوْم يبْعَث وَهِي الَّتِي ذكر عِيسَى فِي قَوْله: ﴿وَالسَّلَام عليّ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي هُرَيْرَة أَن الله أطلق لِسَان عِيسَى مرّة أُخْرَى فِي صباه فَتكلم ثَلَاث مَرَّات حَتَّى بلغ مَا بلغ الصّبيان يَتَكَلَّمُونَ فَتكلم مُحَمَّدًا بتحميد لم تسمع الآذان مثله حَيْثُ أنطقه طفْلا فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت الْقَرِيب فِي علوك المتعالي فِي دنوك الرفيع على كل شَيْء من خلقك أَنْت الَّذِي نفذ بَصرك فِي خلقك وحارت الْأَبْصَار دون النّظر إِلَيْك أَنْت الَّذِي أشرقت بضوء نورك دجى الظلام وتلألأت بعظمتك أَرْكَان الْعَرْش نورا فَلم يبلغ أحد بِصفتِهِ صِفَتك فتباركت اللَّهُمَّ خَالق الْخلق بعزتك مُقَدّر الْأُمُور بحكمتك مبتدئ الْخلق بعظمتك ثمَّ أمسك الله لِسَانه حَتَّى بلغ
الْآيَة ٣٤ - ٣٧
وأخرج ابن عدي وابن عساكر، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ وجعلني مباركاً أين ما كنت ﴾ قال : معلماً ومؤدباً.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ وجعلني مباركاً أين ما كنت ﴾ قال : معلماً للخير.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : الذي يعلم الناس الخير يستغفر له كل دابة حتى الحوت في البحر.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ وجعلني مباركاً ﴾ قال : هادياً مهدياً.
وأخرج البيهقي في الشعب وابن عساكر، عن مجاهد ﴿ وجعلني مباركاً ﴾ قال : نفاعاً للناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ولم يجعلني جباراً شقياً ﴾ يقول : عصياً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان قال : الجبار الشقي الذي يُقبلُ على الغضب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن العوام بن حوشب قال : إنك لا تكاد تجد عاقاً، إلا تجده جباراً، ثم قرأ ﴿ وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق مجاهد، عن ابن عباس قال : ما تكلم عيسى بعد الآيات التي تكلم بها حتى بلغ مبلغ الصبيان.
وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة، أن الله أطلق لسان عيسى مرة أخرى في صباه، فتكلم ثلاث مرات، حتى بلغ ما يبلغ الصبيان يتكلمون، فتكلم محمداً بتحميد لم تسمع الآذان بمثله، حيث أنطقه طفلاً، فقال : اللهم أنت القريب في علوك، المتعالي في دنوك، الرفيع على كل شيء من خلقك، أنت الذي نفذ بصرك في خلقك، وحارت الأبصار دون النظر إليك، أنت الذي أشرقت بضوء نورك دجى الظلام، وتلألأت بعظمتك أركان العرش نوراً، فلم يبلغ أحد بصفته صفتك، فتباركت اللهم خالق الخلق بعزتك، مقدر الأمور بحكمتك مبتدئ الخلق بعظمتك ثم أمسك الله لسانه حتى بلغ.
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿الَّذِي فِيهِ يمترون﴾ قَالَ: اجْتمع بَنو إِسْرَائِيل فأخرجوا مِنْهُم أَرْبَعَة نفر أخرج من كل قوم عالمهم فتشاوروا فِي عِيسَى حِين رُفِعَ فَقَالَ أحدهم: هُوَ الله هَبَط إِلَى الأَرْض فأحيى من أحيى وأمات من أمات ثمَّ صعد إِلَى السَّمَاء وهم اليعقوبية فَقَالَت الثَّلَاثَة: كذبت
ثمَّ قَالَ اثْنَان مِنْهُم للثَّالِث: قل فِيهِ
فَقَالَ: هُوَ ابْن الله وهم النسطورية
فَقَالَ اثْنَان: كذبت
ثمَّ قَالَ أحد الْإِثْنَيْنِ للْآخر: قل فِيهِ
قَالَ: هُوَ ثَالِث ثَلَاثَة: الله إِلَه وَعِيسَى إِلَه وَأمه إِلَه
وهم الإسرائيلية وهم مُلُوك النَّصَارَى
فَقَالَ الرَّابِع: كذبت
هُوَ عبد الله وَرَسُوله وروحه من كَلمته وهم الْمُسلمُونَ فَكَانَ لكل رجل مِنْهُم أَتبَاع على مَا قَالَ فَاقْتَتلُوا فَظهر على الْمُسلمين
فَذَلِك قَول الله:
هَل تعلمُونَ أَن عِيسَى كَانَ يطعم الطَّعَام وَأَن الله لَا يطعم الطَّعَام قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم
قَالَ: فَهَل تعلمُونَ أَن عِيسَى كَانَ ينَام وَأَن الله لَا ينَام قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم
فخصمهم الْمُسلمُونَ فانسل الْقَوْم فَذكر لنا أَن اليعقوبية ظَهرت يَوْمئِذٍ وَأُصِيب الْمُسلمُونَ فَأنْزل الله فِي ذَلِك الْقُرْآن (فويل للَّذين كفرُوا من مشْهد يَوْم عَظِيم) (آل عمرَان آيَة ٢١)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿فَاخْتلف الْأَحْزَاب من بَينهم﴾ قَالَ: هم أهل الْكتاب
الْآيَة ٣٨ - ٤٠
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿أسمع بهم وَأبْصر﴾ قَالَ: اسْمَع قوم وَأبْصر قوم ﴿يَوْم يأتوننا﴾ قَالَ: ذَلِك وَالله يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله: ﴿أسمع بهم وَأبْصر يَوْم يأتوننا﴾ قَالَ: وَالله ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة سمعُوا حِين لم يَنْفَعهُمْ السّمع وأبصروا حِين لم يَنْفَعهُمْ الْبَصَر
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة﴾ قَالَ: يُنَادى يَا أهل الْجنَّة فيشرفون وينادى يَا أهل النَّار فيشرفون وَيَنْظُرُونَ فَيُقَال: مَا تعرفُون هَذَا فَيَقُولُونَ: نعم فيجاء بِالْمَوْتِ فِي صُورَة كَبْش أَمْلَح فَيُقَال: هَذَا الْمَوْت فَيقرب ويذبح ثمَّ يُقَال: يَا أهل الْجنَّة خُلُود لَا موت وَيَا أهل النَّار خُلُود وَلَا موت ثمَّ قَرَأَ ﴿وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة﴾ قَالَ: يصوّر الله الْمَوْت فِي صُورَة كَبْش أَمْلَح فَيذْبَح فييأس أهل النَّار من الْمَوْت فِيمَا يرجونه فتأخذهم الْحَسْرَة من أجل الخلود فِي النَّار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر﴾ قَالَ: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار يَأْتِي الْمَوْت بِصُورَة كَبْش أَمْلَح حَتَّى يُوقف بَين الْجنَّة وَالنَّار ثمَّ يُنَادي مُنَاد يَا أهل الْجنَّة هَذَا الْمَوْت الَّذِي كَانَ يُمِيت النَّاس فِي الدُّنْيَا وَلَا يبْقى أحد فِي عليين وَلَا فِي أَسْفَل دَرَجَة من الْجنَّة إِلَّا نظر إِلَيْهِ ثمَّ يُنَادي يَا أهل النَّار هَذَا الْمَوْت الَّذِي كَانَ يُمِيت النَّاس فِي الدُّنْيَا فَلَا يبْقى أحد فِي ضحضاح من النَّار وَلَا أَسْفَل دَرك من جَهَنَّم إِلَّا نظر إِلَيْهِ ثمَّ يذبح بَين الْجنَّة وَالنَّار ثمَّ يُنَادي يَا أهل الْجنَّة هُوَ الخلود أَبَد الآبدين
وَيَا أهل النَّار هُوَ الخلود أَبَد الآبدين فيفرح أهل الْجنَّة فرحة لَو كَانَ أحد مَيتا من فرحة مَاتُوا ويشهق أهل النَّار شهقة لَو كَانَ أحدا مَيتا من شهقة مَاتُوا فَذَلِك قَوْله: ﴿وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر﴾ يَقُول: إِذا ذبح الْمَوْت
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس يَوْم الْحَسْرَة هُوَ من أَسمَاء
وَقَرَأَ (أَن تَقول نفس يَا حسرتا على مَا فرطت فِي جنب الله) (الزمر آيَة ٥٦)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز: أَنه كتب إِلَى عَامله بِالْكُوفَةِ أما بعد: فَإِن الله كتب على خلقه حِين خلقهمْ الْمَوْت فَجعل مصيرهم إِلَيْهِ فَقَالَ: فِيمَا أنزل فِي كِتَابه الصَّادِق الَّذِي أنزلهُ بِعِلْمِهِ وَأشْهد مَلَائكَته على خلقه أَنه يَرث الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَإِلَيْهِ يرجعُونَ
الْآيَة ٤١ - ٥٠
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ وأنذرهم يوم الحسرة ﴾ قال : ينادى يا أهل الجنة، فيشرفون، وينادى يا أهل النار، فيشرفون وينظرون، فيقال : ما تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم، فيجاء بالموت في صورة كبش أملح، فيقال : هذا الموت فيقرب ويذبح، ثم يقال : يا أهل الجنة، خلود لا موت، ويا أهل النار، خلود ولا موت، ثم قرأ ﴿ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر ﴾.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وأنذرهم يوم الحسرة ﴾ قال : يصوّر الله الموت في صورة كبش أملح، فيذبح فييأس أهل النار من الموت فيما يرجونه، فتأخذهم الحسرة من أجل الخلود في النار.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله :﴿ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر ﴾ قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، يأتي الموت في صورة كبش أملح حتى يوقف بين الجنة والنار، ثم ينادي مناد يا أهل الجنة، هذا الموت الذي كان يميت الناس في الدنيا، ولا يبقى أحد في عليين ولا في أسفل درجة من الجنة إلا نظر إليه، ثم ينادي يا أهل النار، هذا الموت الذي كان يميت الناس في الدنيا، فلا يبقى أحد في ضحضاح من النار ولا أسفل درك من جهنم إلا نظر إليه، ثم يذبح بين الجنة والنار، ثم ينادي يا أهل الجنة، هو الخلود أبد الآبدين.
ويا أهل النار هو الخلود أبد الآبدين، فيفرح أهل الجنة فرحة لو كان أحد ميتاً من فرحة ماتوا، ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتاً من شهقة ماتوا، فذلك قوله :﴿ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر ﴾ يقول : إذا ذبح الموت.
وأخرج ابن جرير من طريق علي، عن ابن عباس يوم الحسرة، هو من أسماء يوم القيامة. وقرأ ﴿ أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ﴾ [ الزمر : ٥٦ ].
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لأرجمنك﴾ قَالَ: لأشتمنك ﴿واهجرني مَلِيًّا﴾ قَالَ: حينا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿واهجرني مَلِيًّا﴾ قَالَ: سالما
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿واهجرني مَلِيًّا﴾ قَالَ: حينا
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿واهجرني مَلِيًّا﴾ مَا الملي قَالَ: طَويلا قَالَ فِيهِ المهلهل: وتصدعت شم الْجبَال لمَوْته وبكت عَلَيْهِ المرملات مَلِيًّا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إِنَّه كَانَ بِي حفيا﴾ قَالَ: لطفيا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿إِنَّه كَانَ بِي حفياً﴾ قَالَ: عوده الْإِجَابَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب﴾ قَالَ: يَقُول وهبنا لَهُ إِسْحَق ولدا وَيَعْقُوب ابْن ابْنه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَجَعَلنَا لَهُم لِسَان صدق عليا﴾ قَالَ الثَّنَاء الْحسن
الْآيَة ٥١ - ٥٣
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ واهجرني ملياً ﴾ قال : اجتنبني سالماً قبل أن يصيبك مني عقوبة.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة مثله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة في قوله :﴿ واهجرني ملياً ﴾ قال : سالماً.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن مثله.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ واهجرني ملياً ﴾ قال : حيناً.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله :﴿ واهجرني ملياً ﴾ ما الملي ؟ قال : طويلاً، قال فيه المهلهل :
وتصدعت شم الجبال لموته | وبكت عليه المرملات ملياً |
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ إنه كان بي حفياً ﴾ قال : عوده الإجابة.
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ رَسُولا نَبيا﴾ قَالَ: النَّبِي وَحده الَّذِي تكلم وَينزل عَلَيْهِ وَلَا يُرْسل وَلَفظ ابْن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿جَانب الطّور الْأَيْمن﴾ قَالَ: جَانب الْجَبَل الْأَيْمن ﴿وقربناه نجيا﴾ قَالَ: نجا بصدقه
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: ﴿وقربناه نجياً﴾ قَالَ: قربه حَتَّى سمع صرير الْقَلَم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ميسرَة ﴿وقربناه نجياً﴾ قَالَ: أدني حَتَّى سمع صرير الْقَلَم فِي الألواح وَهُوَ يكْتب التَّوْرَاة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿وقربناه نجياً﴾ قَالَ: أردفه جِبْرِيل حَتَّى سمع صرير الْقَلَم والتوراة تكْتب لَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿وقربناه نجياً﴾ قَالَ: ادخل فِي السَّمَاء فَكلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وقربناه نجياً﴾ قَالَ بَين السَّمَاء السَّابِعَة وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ ألف حجاب حجاب نور وحجاب ظلمَة حجاب نور وحجاب ظلمَة حجاب نور وحجاب ظلمَة فَمَا زَالَ مُوسَى يقرب حَتَّى كَانَ بَينه وَبَينه حجاب فَلَمَّا رأى مَكَانَهُ وَسمع صريف الْقَلَم (قَالَ: رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك) (الْأَعْرَاف الْآيَة ١٤٣)
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وهناد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وقربناه نجياً﴾ حَتَّى سمع صريف الْقَلَم يكْتب فِي اللَّوْح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن معد يكرب قَالَ: لما قرب الله مُوسَى نجياً بطور سينا قَالَ: يَا مُوسَى إِذا خلقت لَك قلباً شاكراً وَلِسَانًا ذَاكِرًا وَزَوْجَة تعين على الْخَيْر فَلم أخزن عَنْك من الْخَيْر شَيْئا وَمن أخزن عَنهُ هَذَا فَلم أفتح لَهُ من الْخَيْر شَيْئا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ من رَحْمَتنَا أَخَاهُ هَارُون نَبيا﴾ قَالَ: كَانَ هرون أكبر من مُوسَى وَلَكِن إِنَّمَا وهب لَهُ نبوّته
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية في قوله :﴿ وقربناه نجياً ﴾ قال : قربه حتى سمع صرير القلم.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر، عن ميسرة ﴿ وقربناه نجياً ﴾ قال : أدني حتى سمع صرير القلم في الألواح وهو يكتب التوراة.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير ﴿ وقربناه نجياً ﴾ قال : أردفه جبريل، حتى سمع صرير القلم والتوراة تكتب له.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ﴿ وقربناه نجياً ﴾ قال : ادخل في السماء فكلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات، عن مجاهد في قوله :﴿ وقربناه نجياً ﴾ قال بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب، حجاب نور وحجاب ظلمة، حجاب نور وحجاب ظلمة، حجاب نور وحجاب ظلمة، فما زال موسى يقرب حتى كان بينه وبينه حجاب، فلما رأى مكانه وسمع صريف القلم ﴿ قال : رب أرني أنظر إليك ﴾ [ الأعراف : ١٤٣ ].
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وهناد في الزهد، وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس ﴿ وقربناه نجياً ﴾ حتى سمع صريف القلم يكتب في اللوح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن معد يكرب قال : لما قرب الله موسى نجياً بطور سينا قال : يا موسى، إذا خلقت لك قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة تعين على الخير، فلم أخزن عنك من الخير شيئاً، ومن أخزن عنه هذا، فلم أفتح له من الخير شيئاً.
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿إِنَّه كَانَ صَادِق الْوَعْد﴾ قَالَ: لم يعد ربه عدَّة قطّ إِلَّا أنفذها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: بَلغنِي أَن إِسْمَاعِيل وصاحباً لَهُ أَتَيَا قَرْيَة فَقَالَ لَهُ صَاحبه: إِمَّا أَن أَجْلِس وَتدْخل فتشتري طَعَاما زادنا وَإِمَّا أَن أَدخل فاكفيك ذَلِك فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيل: بل ادخل أَنْت وَأَنا أَجْلِس أنتظرك فَدخل ثمَّ نسي فَخرج فَأَقَامَ مَكَانَهُ حَتَّى كَانَ الْحول من ذَلِك الْيَوْم فَمر بِهِ الرجل فَقَالَ لَهُ: أَنْت هَهُنَا حَتَّى السَّاعَة قَالَ: قلت لَك لَا أَبْرَح حَتَّى تَجِيء فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب إِسْمَاعِيل إِنَّه كَانَ صَادِق الْوَعْد﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن سهل بن سعد قَالَ: أَن إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وعد رجلا أَن يَأْتِيهِ فجَاء وَنسي الرجل فظل بِهِ إِسْمَاعِيل وَبَات حَتَّى جَاءَ الرجل من الْغَد فَقَالَ: مَا بَرحت من هَهُنَا قَالَ: لَا قَالَ: إِنِّي نسيت قَالَ: لم أكن لأبرح حَتَّى تَأتِينِي
وَلذَلِك ﴿كَانَ صَادِق الْوَعْد﴾
وَأخرج مُسلم عَن وَاثِلَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله اصْطفى من ولد إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل وَاصْطفى من ولد إِسْمَاعِيل كنَانَة
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا سيد الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة فِي اثْنَي عشر نَبيا مِنْهُم إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب
وَأخرج ابْن سعد عَن عقبَة بن بشير أَنه سَأَلَ مُحَمَّد بن عَليّ من أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ قَالَ: إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَهُوَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة
قلت: فَمَا كَانَ كَلَام النَّاس قبل ذَلِك قَالَ العبرانية
وَأخرج ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ عَن غير وَاحِد من أهل الْعلم أَن إِسْمَاعِيل ألهم من يَوْم ولد لِسَان الْعَرَب وَولد إِبْرَاهِيم أَجْمَعُونَ على لِسَان إِبْرَاهِيم
وَأخرج ابْن سعد عَن عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل الْعَرَب من ولد إِسْمَاعِيل
وَأخرج ابْن سعد عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ: قبر أم إِسْمَاعِيل تَحت الْمِيزَاب بَين الرُّكْن وَالْبَيْت
الْآيَة ٥٧ - ٥٦
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَن إِدْرِيس أقدم من نوح بَعثه الله إِلَى قومه فَأَمرهمْ الله أَن يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله ويعملوا بِمَا شَاءَ فَأَبَوا فأهلكهم الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا﴾ قَالَ: كَانَ إِدْرِيس خياطاً
وَكَانَ لَا يغرز إِلَّا قَالَ: سُبْحَانَ الله
فَكَانَ يُمْسِي حِين يُمْسِي وَلَيْسَ فِي الأَرْض أحد أفضل مِنْهُ عملا فَاسْتَأْذن ملك من الْمَلَائِكَة ربه فَقَالَ يَا رب ائْذَنْ لي فاهبط إِلَى إِدْرِيس
فَأذن لَهُ فَأتى إِدْرِيس فَسلم عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنِّي جئْتُك لأحدثك فَقَالَ: كَيفَ تُحَدِّثنِي وَأَنت ملك وَأَنا إِنْسَان ثمَّ قَالَ إِدْرِيس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلت كَعْبًا عَن رفع إِدْرِيس ﴿مَكَانا عليا﴾ فَقَالَ: كَانَ عبدا تقياً رفع لَهُ من الْعَمَل الصَّالح مَا رفع لأهل الأَرْض فِي زَمَانه فَعجب الْملك الَّذِي كَانَ يصعد عَلَيْهِ عمله فَاسْتَأْذن ربه قَالَ: رب ائْذَنْ لي آتِي عَبدك هَذَا فأزوره فَأذن لَهُ فَنزل قَالَ: يَا إِدْرِيس أبشرْ فَإِنَّهُ رفع لَك من الْعَمَل الصَّالح مَا لَا رفع لأهل الأَرْض قَالَ: وَمَا علمك قَالَ إِنِّي ملك
قَالَ: وَإِن كنت ملكا قَالَ: فَإِنِّي على الْبَاب الَّذِي يصعد عَلَيْهِ عَمَلك
قَالَ: أَفلا تشفع إِلَى ملك الْمَوْت فيؤخر من أَجلي لِأَزْدَادَ شكرا وَعبادَة قَالَ الْملك: (لن يُؤَخر الله نفسا غذا جَاءَ أجلهَا) (المُنَافِقُونَ آيَة ١١) قَالَ: قد علمت وَلكنه أطيب لنَفْسي فَحَمله الْملك على جناحيه فَصَعدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت هَذَا عبد تَقِيّ نَبِي رفع لَهُ من الْعَمَل الصَّالح مَا لَا يرفع لأهل الأَرْض وَإِنِّي أعجبني ذَلِك فاستأذنت رَبِّي عَلَيْهِ فَلَمَّا بَشرته بذلك سَأَلَني لأشفع لَهُ إِلَيْك لتؤخر لَهُ من أَجله لِيَزْدَادَ شكرا وَعبادَة
قَالَ: وَمن هَذَا قَالَ: إِدْرِيس فَنظر فِي كتاب مَعَه حَتَّى مر باسمه فَقَالَ: وَالله مَا بَقِي من أجل إِدْرِيس شَيْء فمحاه فَمَاتَ مَكَانَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا﴾ قَالَ: رفع إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَمَاتَ فِيهَا
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا﴾ قَالَ: حَدثنَا أنس بن مَالك أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما عرج بِي رَأَيْت إِدْرِيس فِي السَّمَاء الرَّابِعَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ وَالربيع مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: رفع إِدْرِيس كَمَا رفع عِيسَى وَلم يمت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم بِسَنَد حسن عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِدْرِيس هُوَ إلْيَاس
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عمر مولى غفرة يرفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن إِدْرِيس كَانَ نَبيا تقياً زكياً وَكَانَ يقسم دهره على نِصْفَيْنِ: ثَلَاثَة أَيَّام يعلم النَّاس الْخَيْر وَأَرْبَعَة أَيَّام يسيح فِي الأَرْض ويعبد الله مُجْتَهدا
وَكَانَ يصعد من عمله وَحده إِلَى السَّمَاء من الْخَيْر مثل مَا يصعد من جَمِيع أَعمال بني آدم وَإِن ملك الْمَوْت أحبه فِي الله فَأَتَاهُ حِين خرج للسياحة فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِي الله إِنِّي أُرِيد أَن تَأذن لي فِي صحبتك
فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس - وَهُوَ لَا يعرفهُ -: إِنَّك لن تقوى على صحبتي
قَالَ: بلَى إِنِّي أَرْجُو أَن يقويني الله على ذَلِك
فَخرج مَعَه يَوْمه ذَلِك حَتَّى إِذا كَانَ من آخر النَّهَار مر براعي غنم فَقَالَ ملك الْمَوْت لإدريس: يَا نَبِي الله إِنَّا لَا نَدْرِي حَيْثُ نمسي فَلَو أَخذنَا جفرة من هَذِه الْغنم فأفطرنا عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس: لَا تعد إِلَى مثل هَذَا تَدعُونِي إِلَى أَخذ مَا لَيْسَ لنا من حَيْثُ نمسي يَأْتِي الله برزق فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ الله بالرزق الَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ فَقَالَ لملك الْمَوْت: تقدم فَكل
فَقَالَ ملك الْمَوْت: لَا وَالَّذِي أكرمك بِالنُّبُوَّةِ مَا أشتهي
فَأكل إِدْرِيس وقاما جَمِيعًا إِلَى الصَّلَاة ففتر إِدْرِيس وكل ومل ونعس وَملك الْمَوْت لَا يفتر وَلَا يمل وَلَا يَنْعس فَعجب مِنْهُ وَقَالَ: قد كنت أَظن أَنِّي أقوى النَّاس على الْعِبَادَة فَهَذَا أقوى مني فصغرت عِنْده عِبَادَته عِنْدَمَا رأى مِنْهُ
ثمَّ أصبحا فساحاً فَلَمَّا كَانَ آخر النَّهَار مرا بحديقة عِنَب فَقَالَ ملك الْمَوْت لإدريس: يَا نَبِي الله لَو أَخذنَا قطفاً من هَذَا الْعِنَب لأَنا لَا نَدْرِي حَيْثُ نمسي
فَقَالَ إِدْرِيس: ألم أَنْهَك عَن هَذَا وَأَنت حَيْثُ تمسي يأتينا الله برزق فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ الله الرزق الَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ فَأكل إِدْرِيس فَقَالَ لملك الْمَوْت هَلُمَّ فَكل
فَقَالَ: لَا وَالَّذِي أكرمك بِالنُّبُوَّةِ يَا نَبِي الله لَا أشتهي
فَعجب ثمَّ قاما إِلَى الصَّلَاة ففتر
فَقَالَ لَهُ عِنْد ذَلِك إِدْرِيس: لَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أَنْت من بني آدم فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت عِنْده ذَلِك: أجل لست من بني آدم
فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس: فَمن أَنْت قَالَ: أَنا ملك الْمَوْت
فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس: أمرتَ فيَّ بِأَمْر فَقَالَ لَهُ: لَو أمرت فِيك بِأَمْر مَا ناظرتك [نظرتك] وَلَكِنِّي أحبك فِي الله وصحبتك لَهُ
فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس: يَا ملك الْمَوْت إِنَّك معي ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها لم تقبض روح أحد من الْخلق قَالَ: بلَى وَالَّذِي أكرمك بِالنُّبُوَّةِ يَا نَبِي الله إِنِّي مَعَك من حِين رَأَيْت وَإِنِّي أَقبض نفس من أمرت بِقَبض نَفسه فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا وَمَا الدُّنْيَا عِنْدِي إِلَّا بِمَنْزِلَة الْمَائِدَة بَين يَدي الرجل يمد يَده ليتناول مِنْهَا مَا شَاءَ
فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس: يَا ملك الْمَوْت أَسأَلك بِالَّذِي أحببتني لَهُ وَفِيه أَلا [أَلا] قضيت لي حَاجَة أسألكها فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: سلني مَا أَحْبَبْت يَا نَبِي الله
فَقَالَ: أحب أَن تذيقني الْمَوْت وتفرق بَين روحي وجسدي حَتَّى أجد طعم الْمَوْت ثمَّ ترد إِلَيّ روحي
فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت - عَلَيْهِ السَّلَام -: مَا أقدر على ذَلِك إِلَّا أَن اسْتَأْذن فِيهِ رَبِّي
فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام: فاستأذنه فِي ذَلِك
فعرج ملك الْمَوْت إِلَى ربه فَأذن لَهُ فَقبض نَفسه وَفرق بَين روحه وَجَسَده فَلَمَّا سقط إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام مَيتا رد إِلَيْهِ روحه وطفق يمسح وَجهه وَهُوَ يَقُول: يَا نَبِي الله مَا كنت أُرِيد أَن يكون هَذَا حظك من صحبتي فَلَمَّا أَفَاق قَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: يَا نَبِي الله كَيفَ وجدت قَالَ: يَا ملك الْمَوْت قد كنت أحدث وأسمع فَإِذا هُوَ أعظم مِمَّا كنت أحدث وأسمع ثمَّ قَالَ: يَا ملك الْمَوْت أُرِيد مِنْك حَاجَة أُخْرَى قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَ: تريني النَّار حَتَّى أنظر إِلَى لمحة مِنْهَا
فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: وَمَا لَك وَالنَّار إِنِّي لأرجو أَن لَا ترَاهَا وَلَا تكون من أَهلهَا قَالَ: بلَى أُرِيد ذَلِك ليَكُون أَشد لرهبتني وخوفي مِنْهَا فَانْطَلق إِلَى بَاب من أَبْوَاب جَهَنَّم فَنَادَى بعض خزنتها فَأَجَابُوهُ وَقَالُوا: من هَذَا قَالَ: أَنا ملك الْمَوْت
فارتعدت فرائصهم - قَالُوا: أمرت فِينَا بِأَمْر فَقَالَ: لَو أمرت فِيكُم بِأَمْر مَا ناظرتكم وَلَكِن نَبِي الله إِدْرِيس - عَلَيْهِ السَّلَام - سَأَلَني أَن تروه لمحة من النَّار
ففتحوا لَهُ قدر ثقب الْمخيط فَأَصَابَهُ من حرهَا ولهبها وزفيرها مَا صعق [هـ] فَقَالَ ملك الْمَوْت: أغلقوا فأغلقوا فَمسح ملك الْمَوْت وَجهه وَهُوَ يَقُول: يَا نَبِي الله مَا كنت أحب أَن يكون هَذَا حظك من صحبتي
فَلَمَّا أَفَاق
قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَ: تريني لمحة من الْجنَّة
قَالَ لَهُ ملك الْمَوْت - عَلَيْهِ السَّلَام: يَا نَبِي الله أبشر فَإنَّك إِن شَاءَ الله من خِيَار أَهلهَا وَأَنَّهَا إِن شَاءَ الله مقيلك ومصيرك
فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت إِنِّي أحب أَن أنظر إِلَيْهَا وَلَعَلَّ ذَلِك أَن يكون أَشد لشوقي وحرصي وطلبي فَذهب بِهِ إِلَى بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة فَنَادَى بعض خزنتها فَأَجَابُوهُ فَقَالُوا: من هَذَا قَالَ: ملك الْمَوْت
فارتعدت فرائصهم وَقَالُوا: أمرت فِينَا بِشَيْء فَقَالَ: لَو أمرت فِيكُم بِشَيْء مَا ناظرتكم وَلَكِن نَبِي الله إِدْرِيس - عَلَيْهِ السَّلَام - سَأَلَ أَن ينظر إِلَى لمحة من الْجنَّة فافتحوا
فَلَمَّا فتح أَصَابَهُ من بردهَا وطيبها وريحانها مَا أَخذ بِقَلْبِه فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت إِنِّي أحب أَن أَدخل الْجنَّة فَآكل أَكلَة من ثمارها وأشرب شربة من مَائِهَا فَلَعَلَّ ذَلِك أَن يكون أَشد لطلبتي ورغبتي وحرصي
فَقَالَ: ادخل
فَدخل فَأكل من ثمارها وَشرب من مَائِهَا
فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: اخْرُج يَا نَبِي الله قد أصبت حَاجَتك حَتَّى يردك الله مَعَ الْأَنْبِيَاء يَوْم الْقِيَامَة
فاحتضن بساق شَجَرَة من شجر الْجنَّة وَقَالَ: مَا أَنا بِخَارِج مِنْهَا وَإِن شِئْت أَن أخاصمك خاصمتك
فَأوحى الله إِلَى ملك الْمَوْت: قاضه الْخُصُومَة
فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: مَا الَّذِي تخاصمني بِهِ يَا نَبِي الله فَقَالَ إِدْرِيس: قَالَ الله تَعَالَى (كل نفس ذائقة الْمَوْت) (آل عمرَان الْآيَة ١٨٥) فقد ذقت الْمَوْت الَّذِي كتبه الله على خلقه مرّة وَاحِدَة
وَقَالَ الله: ﴿وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها كَانَ على رَبك حتما مقضيا﴾ (مَرْيَم آيَة ٧٦) وَقد وردتها أفأردها مرّة بعد مرّة وَإِنَّمَا كتب الله وُرُودهَا على خلقه مرّة وَاحِدَة وَقَالَ لأهل الْجنَّة: (وَمَا هم مِنْهَا بمخرجين) (الْحجر آيَة ٤٨) أفأخرج من شَيْء سَاقه الله إليّ فَأوحى الله إِلَى ملك الْمَوْت: خصمك عَبدِي إِدْرِيس وَعِزَّتِي وَجَلَالِي: إِن فِي سَابق علمي قبل أَن أخلقه أَنه لَا موت عَلَيْهِ إِلَّا الموتة الَّتِي ماتها وَأَنه لَا يرى جَهَنَّم غلا [خلا] الْورْد الَّذِي وردهَا وَأَنه يدْخل الْجنَّة فِي السَّاعَة الَّتِي دَخلهَا وَأَنه لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا فَدَعْهُ يَا ملك الْمَوْت
فَلَمَّا قر قَرَار إِدْرِيس فِي الْجنَّة وألزمه الله دُخُولهَا قبل الْخَلَائق عجت الْمَلَائِكَة إِلَى رَبهم فَقَالُوا: رَبنَا خلقت [خلقتنا قبل] إِدْرِيس بِكَذَا وَكَذَا ألف سنة - وَلم نعصك طرفَة عين وَإِنَّمَا خلقت إِدْرِيس مُنْذُ أَيَّام قَلَائِل فأدخلته الْجنَّة قبلنَا فَأوحى الله إِلَيْهِم: يَا ملائكتي إِنَّمَا خلقتكم لعبادتي وتسبيحي وذكري وَجعلت فِيهَا لذتكم وَلم أجعَل لكم لَذَّة فِي مطعم وَلَا مشرب وَلَا فِي شَيْء سواهَا وقوّيتكم عَلَيْهَا وَجعلت فِي الأَرْض الزِّينَة والشهوات وَاللَّذَّات والمعاصي والمحارم وَإنَّهُ اجْتنب ذَلِك كُله من أَجلي وآثر هواي على هَوَاهُ ورضاي ومحبتي على رِضَاهُ ومحبته فَمن أَرَادَ مِنْكُم أَن يدْخل مدْخل إِدْرِيس فليهبط إِلَى الأَرْض فليعبدني بِعبَادة إِدْرِيس وَيعْمل بِعَمَل إِدْرِيس فَإِن عمل مثل إِدْرِيس أدخلهُ مدْخل إِدْرِيس وَإِن غير أَو بدل اسْتوْجبَ مدْخل الظَّالِمين
فَقَالَت الْمَلَائِكَة: رَبنَا لَا نطلب ثَوابًا وَلَا تصيبنا بعقاب رَضِينَا بمكاننا مِنْك يَا رب وفضيلتك إيانا
وانتدب ثَلَاثَة من الْمَلَائِكَة: هاروت وماروت وَملك آخر رَضوا بِهِ فَأوحى الله إِلَيْهِم: أما إِذا اجْتَمَعْتُمْ على هَذَا فاحذروا إِن نفعكم الحذر فَإِنِّي أنذركم اعلموا أَن أكبر الْكَبَائِر عِنْدِي أَربع: - فَمَا عملتم سواهَا غفرته لكم وَإِن عملتموها لم أَغفر لكم
قَالُوا وَمَا هِيَ قَالَ: أَن لَا تعبدوا صنماً وَلَا تسفكوا دَمًا وَلَا تشْربُوا خمرًا وَلَا تطؤوا محرما
فهبطوا إِلَى الأَرْض على ذَلِك فَكَانُوا فِي الأَرْض على مثل مَا كَانَ عَلَيْهِ إِدْرِيس: يُقِيمُونَ أَرْبَعَة أَيَّام فِي سياحتهم وَثَلَاثَة أَيَّام يعلمُونَ النَّاس الْخَيْر ويدعونهم إِلَى عبَادَة الله تَعَالَى وطاعته
حَتَّى ابْتَلَاهُم الله بالزهرة وَكَانَت من أجمل النِّسَاء فَلَمَّا نظرُوا إِلَيْهَا افتتنوا بهَا -[لما] أَرَادَ الله وَلما سبق عَلَيْهِم فِي علمه مَعَ خذلان الله إيَّاهُم - فنسوا مَا تقدم إِلَيْهِم فَسَأَلُوهَا نَفسهَا
قَالَت لَهُم: نعم وَلَكِن لي زوج لَا أقدر على مَا تُرِيدُونَ مني إِلَّا أَن تقتلوه وأكون لكم
فَقَالَ بَعضهم لبَعض: إِنَّا قد أمرنَا أَن لَا نسفك دَمًا وَلَا نَطَأ محرما وَلَكِن نَفْعل هَذَا مَعَ هَذَا ثمَّ نتوب من هَذَا كُله
فَلَمَّا أحس الثَّالِث بالفتنة عصمه الله من ذَلِك كُله بالسماء فَدَخلَهَا فنجا وَأقَام هاروت وماروت لما كتب عَلَيْهِمَا فنشدا على زَوجهَا فقتلاه
فَلَمَّا أراداها قَالَ [قَالَت] : لي صنم أعبده وَأَنا أكره مَعْصِيَته وخلافه فَإِن أردتما فاسجدا لَهُ سَجْدَة وَاحِدَة
فدعتهما الْفِتْنَة إِلَى ذَلِك فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: إِنَّا قد أمرنَا أَن لَا نسفك دَمًا وَلَا نَطَأ حرما وَلَكنَّا نفعله ثمَّ نتوب من
فَلَمَّا أراداها قَالَت لَهما: قد بقيت لي حَاجَة أُخْرَى
قَالَا: وَمَا هِيَ قَالَت: لي شراب لَا يطيب لي من الْعَيْش إِلَّا بِهِ
قَالَا: وَمَا هُوَ قَالَت: الْخمر
فدعتهما الْفِتْنَة إِلَى ذَلِك فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: إِنَّا قد أمرنَا أَن لَا نشرب خمرًا فَقَالَ الآخر: إِنَّا قد أمرنَا أَن لَا نسفك دَمًا وَلَا نَطَأ محرما وَلَكنَّا نفعله ثمَّ نتوب من جَمِيعه
فشربا الْخمر
فَلَمَّا أراداها قَالَت: قد بقيت لي حَاجَة أُخْرَى
قَالَا: وَمَا هِيَ قَالَت: تعلماني الْكَلَام الَّذِي تعرجان بِهِ إِلَى السَّمَاء
فعلماها إِيَّاه فَلَمَّا تَكَلَّمت بِهِ عرجت إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا انْتَهَت إِلَى السَّمَاء مسخت نجماً فَلَمَّا ابتليا بِمَا ابتليا بِهِ عرجا إِلَى السَّمَاء فغلقت أَبْوَاب السَّمَاء دونهمَا وَقيل لَهما أَن السَّمَاء لَا يدخلهَا خطاء فَلَمَّا منعا من دُخُول السَّمَاء وعلما أَنَّهُمَا قد افتتنا وابتليا عجا إِلَى الله بِالدُّعَاءِ والتضرع والإبتهال فَأوحى الله إِلَيْهِمَا: حل عَلَيْكُمَا سخطي وَوَجَبَت فِيمَا تعرضتما واستوجبتما وَقد كنتما مَعَ ملائكتي فِي طَاعَتي وعبادتي حَتَّى عصيتما فصرتما بذلك إِلَى مَا صرتما إِلَيْهِ من معصيتي وَخلاف أَمْرِي فاختارا إِن شئتما عَذَاب الدُّنْيَا وَإِن شئتما عَذَاب الْآخِرَة
فعلما أَن عَذَاب الدُّنْيَا وَإِن طَال فمصيره إِلَى زَوَال وَأَن عَذَاب الْآخِرَة لَيْسَ لَهُ زَوَال وَلَا انْقِطَاع فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا فهما بِبَابِل معلقين منكوسين مُقرنين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق دَاوُد بن أبي هِنْد عَن بعض أَصْحَابه قَالَ: كَانَ ملك الْمَوْت صديقا لإدريس عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس يَوْمًا: يَا ملك الْمَوْت قَالَ: لبيْك
قَالَ: أمتني فأرني كَيفَ الْمَوْت قَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: سُبْحَانَ الله يَا إِدْرِيس إِنَّمَا يفر أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض من الْمَوْت وتسألني أَن أريك كَيفَ الْمَوْت قَالَ: إِنِّي أحب أَن أرَاهُ فَلَمَّا ألح عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: يَا إِدْرِيس أَنا عبد مَمْلُوك مثلك وَلَيْسَ إليّ من الْأَمر شَيْء
قَالَ: فَصَعدَ ملك الْمَوْت فَقَالَ: رب إِن عَبدك سَأَلَني أَن أريه الْمَوْت كَيفَ هُوَ قَالَ الله لَهُ: فأمته
فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: يَا إِدْرِيس إِنَّمَا يفر الْخلق من الْمَوْت قَالَ: فأرني
فَلَمَّا مَاتَ بَقِي ملك الْمَوْت لَا يَسْتَطِيع أَن يرد نَفسه إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا رب قد ترى مَا إِدْرِيس فِيهِ فَرد الله إِلَيْهِ روحه فَمَكثَ مَا شَاءَ حَيا ثمَّ قَالَ يَا ملك الْمَوْت: أدخلني الْجنَّة فَأنْظر إِلَيْهَا قَالَ لَهُ: يَا إِدْرِيس إِنَّمَا أَنا عبد مَمْلُوك مثلك لَيْسَ إليّ من الْأَمر شَيْء فألح عَلَيْهِ فَقَالَ ملك الْمَوْت: يَا رب إِن عبد إِدْرِيس قد ألح عليّ فَسَأَلَنِي أَن
قَالَ الله: فَأدْخلهُ الْجنَّة قَالَ: إِن الله علم من إِدْرِيس مَا لَا أعلم أَنا فاحتمله ملك الْمَوْت فَأدْخلهُ الْجنَّة فَكَانَ فِيهَا مَا شَاءَ الله فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: اخْرُج بِنَا
قَالَ: لَا
قَالَ الله: (أفما نَحن بميتين إِلَّا موتنا الأولى) (الصافات آيَة ٥٨) وَقَالَ الله: (وَمَا هم مِنْهَا بمخرجين) (الحجرات آيَة ٤٨) وَمَا أَنا بِخَارِج مِنْهَا قَالَ ملك الْمَوْت: يَا رب قد تسمع مَا يَقُول عَبدك إِدْرِيس
قَالَ الله لَهُ: صدق عَبدِي هُوَ أعلم مِنْك فَاخْرُج مِنْهَا ودعه فِيهَا
فَقَالَ الله: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب إِدْرِيس إِنَّه كَانَ صديقا نَبيا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا﴾ مَرْيَم آيَة ٥٧ - ٥٨ قَالَ: كَانَ إِدْرِيس أول نَبِي بَعثه الله فِي الأَرْض وَإنَّهُ كَانَ يعْمل فيرفع عمله مثل نصف أَعمال النَّاس ثمَّ إِن ملكا من الْمَلَائِكَة أحبه فَسَأَلَ الله أَن يَأْذَن لَهُ فيأتيه فَأذن لَهُ فَأَتَاهُ فَحَدَّثته بكرامته على الله فَقَالَ: يَا أَيهَا الْملك أَخْبرنِي كم بَقِي من أَجلي لعَلي أجتهد لله فِي الْعَمَل
قَالَ: يَا إِدْرِيس لَا يعلم هَذَا إِلَّا الله
قَالَ: فَهَل تَسْتَطِيع أَن تصعد بِي إِلَى السَّمَاء فَأنْظر فِي ملك الله فأجتهد لله فِي الْعَمَل
قَالَ: لَا إِلَّا أَن تشفع
فتشفع فَأمر بِهِ
فَحَمله تَحت جناحيه فَصَعدَ بِهِ حَتَّى إِذا بلغ السَّمَاء السَّادِسَة اسْتقْبل ملك الْمَوْت نازلاً من عِنْد الله فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت أَيْن تُرِيدُ قَالَ: أَقبض نفس إِدْرِيس
قَالَ: وَأَيْنَ أمرت أَن تقبض نَفسه قَالَ: فِي السَّمَاء السَّادِسَة
فَذهب الْملك ينظر إِلَى إِدْرِيس فَإِذا هُوَ برجليه يخفقان قد مَاتَ فَوَضعه فِي السَّمَاء السَّادِسَة
الْآيَة ٥٨
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال : سألت كعباً عن رفع إدريس ﴿ مكاناً علياً ﴾ فقال : كان عبداً تقياً رفع له من العمل الصالح ما رفع لأهل الأرض في زمانه، فعجب الملك الذي كان يصعد عليه عمله، فاستأذن ربه قال : رب، ائذن لي آتي عبدك هذا فأزوره، فأذن له، فنزل قال : يا إدريس، أبشرْ، فإنه رفع لك من العمل الصالح ما لا رفع لأهل الأرض، قال : وما علمك ؟ ! قال إني ملك. قال : وإن كنت ملكاً ؟ قال : فإني على الباب الذي يصعد عليه عملك. قال : أفلا تشفع إلى ملك الموت، فيؤخر من أجلي لأزداد شكراً وعبادة ؟ قال الملك :﴿ لن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها ﴾ [ المنافقون : ١١ ] قال : قد علمت، ولكنه أطيب لنفسي، فحمله الملك على جناحه، فصعد به إلى السماء فقال : يا ملك الموت، هذا عبد تقي، نبي رفع له من العمل الصالح ما لا يرفع لأهل الأرض، وإني أعجبني ذلك، فاستأذنت ربي عليه، فلما بشرته بذلك، سألني لأشفع له إليك لتؤخر له من أجله ؛ ليزداد شكراً وعبادة.
قال : ومن هذا ؟ قال : إدريس، فنظر في كتاب معه حتى مر باسمه، فقال : والله ما بقي من أجل إدريس شيء، فمحاه، فمات مكانه.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله :﴿ ورفعناه مكاناً علياً ﴾ قال : رفع إلى السماء السادسة فمات فيها.
وأخرج الترمذي وصححه وابن المنذر وابن مردويه، عن قتادة في قوله :﴿ ورفعناه مكاناً علياً ﴾ قال : حدثنا أنس بن مالك، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال :«لما عرج بي رأيت إدريس في السماء الرابعة ».
وأخرج ابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ ورفعناه مكاناً علياً ﴾ قال : في السماء الرابعة.
وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد رضي الله عنه، والربيع مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في الآية قال : رفع إدريس كما رفع عيسى ولم يمت.
وأخرج ابن أبي حاتم بسند حسن، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إدريس هو إلياس.
وأخرج ابن المنذر، عن عمر مولى غفرة يرفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :«إن إدريس كان نبياً تقياً زكياً، وكان يقسم دهره على نصفين : ثلاثة أيام يعلم الناس الخير، وأربعة أيام يسيح في الأرض، ويعبد الله مجتهداً. وكان يصعد من عمله وحده إلى السماء من الخير مثل ما يصعد من جميع أعمال بني آدم، وإن ملك الموت أحبه في الله، فأتاه حين خرج للسياحة فقال له : يا نبي الله، إني أريد أن تأذن لي في صحبتك. فقال له إدريس - وهو لا يعرفه - إنك لن تقوى على صحبتي. قال : بلى، إني أرجو أن يقويني الله على ذلك، فخرج معه يومه ذلك حتى إذا كان من آخر النهار مر براعي غنم، فقال ملك الموت لإدريس : يا نبي الله، إنا لا ندري حيث نمسي، فلو أخذنا جفرة من هذه الغنم فأفطرنا عليها ؟ فقال له إدريس : لا تعد إلى مثل هذا، تدعوني إلى أخذ ما ليس لنا، من حيث نمسي يأتي الله برزق ! فلما أمسى أتاه الله بالرزق الذي كان يأتيه، فقال لملك الموت : تقدم فكل. فقال ملك الموت : لا والذي أكرمك بالنبوة ما أشتهي. فأكل إدريس وقاما جميعاً إلى الصلاة، ففتر إدريس وكل ومل ونعس، وملك الموت لا يفتر ولا يمل ولا ينعس، فعجب منه وقال : قد كنت أظن أني أقوى الناس على العبادة فهذا أقوى مني ! فصغرت عنده عبادته عندما رأى منه. ثم أصبحا فساحاً، فلما كان آخر النهار مرا بحديقة عنب فقال ملك الموت لإدريس : يا نبي الله، لو أخذنا قطفاً من هذا العنب لأنا لا ندري حيث نمسي.
فقال إدريس : ألم أنهك عن هذا وأنت حيث تمسي يأتينا الله برزق ! فلما أمسى أتاه الله الرزق الذي كان يأتيه فأكل إدريس، فقال لملك الموت هلم فكل. فقال : لا والذي أكرمك بالنبوة يا نبي الله، لا أشتهي. فعجب ! ثم قاما إلى الصلاة ففتر إدريس أيضاً، وكل ومل، وملك الموت لا يكلّ ولا يفتر ولا ينعس. فقال له عند ذلك إدريس : لا والذي نفسي بيده ما أنت من بني آدم ! فقال له ملك الموت عنده ذلك : أجل لست من بني آدم. فقال له إدريس : فمن أنت ؟ قال : أنا ملك الموت. فقال له إدريس : أمرتَ فيَّ بأمر ؟ فقال له : لو أمرت فيك بأمر ما ناظرتك، ولكني أحبك في الله، وصحبتك له. فقال له إدريس : يا ملك الموت، إنك معي ثلاثة أيام بلياليها لم تقبض روح أحد من الخلق ؟ قال : بلى والذي أكرمك بالنبوة يا نبي الله، إني معك من حين رأيت، وإني أقبض نفس من أمرت بقبض نفسه في مشارق الأرض ومغاربها، وما الدنيا عندي إلا بمنزلة المائدة بين يدي الرجل، يمد يده ليتناول منها ما شاء. فقال له إدريس : يا ملك الموت، أسألك بالذي أحببتني له وفيه ألا قضيت لي حاجة أسألكها ؟ فقال له ملك الموت : سلني ما أحببت يا نبي الله. فقال : أحب أن تذيقني الموت، وتفرق بين روحي وجسدي حتى أجد طعم الموت، ثم ترد إلي روحي. فقال له ملك الموت - عليه السلام - : ما أقدر على ذلك، إلا أن استأذن فيه ربي، فقال له إدريس - عليه السلام - فاستأذنه في ذلك. فعرج ملك الموت إلى ربه، فأذن له، فقبض نفسه وفرق بين روحه وجسده، فلما سقط إدريس عليه السلام ميتاً، رد الله إليه روحه، وطفق يمسح وجهه وهو يقول : يا نبي الله، ما كنت أريد أن يكون هذا حظك من صحبتي ! فلما أفاق، قال له ملك الموت : يا نبي الله، كيف وجدت ؟ قال : يا ملك الموت، قد كنت أحدث وأسمع، فإذا هو أعظم مما كنت أحدث وأسمع ! ثم قال : يا ملك الموت، أريد منك حاجة أخرى قال : وما هي ؟ قال : تريني النار حتى أنظر إلى لمحة منها. فقال له ملك الموت : وما لك وللنار، إني لأرجو أن لا تراها، ولا تكون من أهلها، قال : بلى أريد ذلك ؛ ليكون أشد لرهبتي وخوفي منها ! فانطلق إلى باب من أبواب جهنم فنادى بعض خزنتها فأجابوه، وقالوا : من هذا ؟ قال : أنا ملك الموت - فارتعدت فرائصهم - قالوا : أمرت فينا بأمر ؟ فقال : لو أمرت فيكم بأمر ما ناظرتكم، ولكن نبي الله إدريس - عليه السلام - سألني أن تروه لمحة من النار.
ففتحوا له قدر ثقب المخيط فأصابه من حرها ولهبها وزفيرها ما صعق ! فقال ملك الموت : أغلقوا ! فأغلقوا، فمسح ملك الموت وجهه وهو يقول : يا نبي الله، ما كنت أحب أن يكون هذا حظك من صحبتي. فلما أفاق قال له ملك الموت : يا نبي الله، كيف رأيت ؟ قال : يا ملك الموت، كنت أحدث وأسمع، فإذا هو أعظم مما كنت أحدث وأسمع ! فقال له : يا ملك الموت، قد بقيت لي حاجة أخرى لم يبق غيرها. قال : وما هي ؟ قال : تريني لمحة من الجنة. قال له ملك الموت - عليه السلام : يا نبي الله أبشر ! فإنك إن شاء الله من خيار أهلها، وأنها إن شاء الله مقيلك ومصيرك. فقال : يا ملك الموت، إني أحب أن أنظر إليها، ولعل ذلك أن يكون أشد لشوقي وحرصي وطلبي ! فذهب به إلى باب من أبواب الجنة، فنادى بعض خزنتها فأجابوه، فقالوا : من هذا ؟ قال : ملك الموت. فارتعدت فرائصهم، وقالوا : أمرت فينا بشيء ؟ فقال : لو أمرت فيكم بشيء ما ناظرتكم، ولكن نبي الله إدريس - عليه السلام - سأل أن ينظر إلى لمحة من الجنة فافتحوا. فلما فتح أصابه من بردها وطيبها وريحانها ما أخذ بقلبه فقال : يا ملك الموت، إني أحب أن أدخل الجنة فآكل أكلة من ثمارها، وأشرب شربة من مائها، فلعل ذلك أن يكون أشد لطلبتي ورغبتي وحرصي. فقال : ادخل. فدخل فأكل من ثمارها، وشرب من مائها. فقال له ملك الموت، اخرج يا نبي الله، قد أصبت حاجتك حتى يردك الله مع الأنبياء يوم القيامة. فاحتضن بساق شجرة من شجر الجنة وقال : ما أنا بخارج منها، وإن شئت أن أخاصمك خاصمتك. فأوحى الله إلى ملك الموت، قاضه الخصومة. فقال له ملك الموت : ما الذي تخاصمني به يا نبي الله ؟ فقال إدريس : قال الله تعالى ﴿ كل نفس ذائقة الموت ﴾ [ آل عمران : ١٨٥ ] فقد ذقت الموت الذي كتبه الله على خلقه مرة واحدة. وقال الله :﴿ وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ﴾ [ مريم : ٧٦ ] وقد وردتها، أفأردها مرة بعد مرة ؟ وإنما كتب الله ورودها على خلقه مرة واحدة، وقال لأهل الجنة :﴿ وما هم منها بمخرجين ﴾ [ الحجر : ٤٨ ] أفأخرج من شيء ساقه الله إليّ ؟ فأوحى الله إلى ملك الموت، خصمك عبدي إدريس، وعزتي وجلالي : إن في سابق علمي قبل أن أخلقه أنه لا موت عليه إلا الموتة التي ماتها، وأنه لا يرى جهنم إلا الورد الذي وردها، وأنه يدخل الجنة في الساعة التي دخلها، وأنه ليس بخارج منها، فدعه يا ملك الموت، فقد خصمك وإنه احتج عليك بحجة قوية. فلما قر قرار إدريس في الجنة، وألزمه الله دخولها قبل الخلائق، عجب الملائكة إلى ربهم فقالوا : ربنا خلقنا قبل إدريس بكذا وكذا، ألف سنة، ولم نعصك طرفة عين، وإنما خلقت إدريس منذ أيام قلائل، فأدخلته الجنة قبلنا ؟ فأوحى الله إليهم : يا ملائكتي، إنما خلقتكم لعبادتي وتسبيحي وذكري، وجعلت فيها لذتكم، ولم أجعل لكم لذة في مطعم ولا مشرب ولا في شيء سواها، وقوّيتكم عليها، وجعلت في الأرض الزينة والشهوات واللذات والمعاصي والمحارم، وأنه اجتنب ذلك كله من أجلي، وآثر هواي على هواه، ورضاي ومحبتي على رضاه ومحبته، فمن أراد منكم أن يدخل مدخل إدريس فليهبط إلى الأرض، فليعبدني بعبادة إدريس، ويعمل بعمل إدريس، فإن عمل مثل إدريس أدخله مدخل إدريس، وإن غير أو بدل استوجب مدخل الظالمين.
فقالت الملائكة : ربنا لا نطلب ثواباً، ولا تصيبنا بعقاب، رضينا بمكاننا منك يا رب، وفضيلتك إيانا. وانتدب ثلاثة من الملائكة : هاروت وماروت، وملك آخر رضوا به، فأوحى الله إليهم :«أما إذا اجتمعتم على هذا فاحذروا إن نفعكم الحذر، فإني أنذركم، اعلموا أن أكبر الكبائر عندي أربع :- فما عملتم سواها غفرته لكم، وإن عملتموها لم أغفر لكم ». قالوا وما هي ؟ قال : أن لا تعبدوا صنماً ولا تسفكوا دماً ولا تشربوا خمراً ولا تطؤوا محرماً. فهبطوا إلى الأرض على ذلك، فكانوا في الأرض على مثل ما كان عليه إدريس : يقيمون أربعة أيام في سياحتهم، وثلاثة أيام يعلمون الناس الخير، ويدعونهم إلى عبادة الله تعالى وطاعته. حتى ابتلاهم الله بالزهرة، وكانت من أجمل النساء. فلما نظروا إليها ا
أما من ذُرِّيَّة آدم: فإدريس ونوح وَأما من حمل مَعَ نوح: فإبراهيم - وَأما ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم: فإسماعيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب
وَأما بني اسرئيل: فموسى هَارُون وزَكَرِيا وَيحيى وَعِيسَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿واجتبينا﴾ قَالَ خلصنا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قيس بن سعد قَالَ: جَاءَ ابْن عَبَّاس حَتَّى قَامَ على عبيد بن عُمَيْر وَهُوَ يقص فَقَالَ: ﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب إِبْرَاهِيم إِنَّه كَانَ صديقا نَبيا﴾ مَرْيَم آيَة ٤٢ ﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب إِسْمَاعِيل﴾ مَرْيَم آيَة ٥٤ ﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب إِدْرِيس﴾ الْآيَة
حَتَّى بلغ ﴿أُولَئِكَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: (ذكرهم بأيام الله) (إِبْرَاهِيم آيَة ٦) وأثن على من أثنى الله عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْبكاء وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب: أَنه قَرَأَ سُورَة مَرْيَم فَسجدَ ثمَّ قَالَ: هَذَا السُّجُود فَأَيْنَ الْبكاء
الْآيَة ٥٩ - ٦٥
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿فخلف من بعدهمْ خلف﴾ قَالَ: من هَذِه الْأمة يتراكبون فِي الطّرق كَمَا تراكب الْأَنْعَام لَا يستحيون من النَّاس وَلَا يخَافُونَ من الله فِي السَّمَاء
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة﴾ قَالَ: عِنْد قيام السَّاعَة - ذهَاب صَالح أمة مُحَمَّد - ينزو بَعضهم إِلَى بعض فِي الآزقة زناة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله: ﴿أضاعوا الصَّلَاة﴾ يَقُول: تركُوا الصَّلَاة
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: ﴿فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة﴾ قَالَ: لَيْسَ إضاعتها تَركهَا قد يضيع الْإِنْسَان الشَّيْء وَلَا يتْركهُ وَلَكِن إضاعتها إِذا لم يصلها لوَقْتهَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: ﴿أضاعوا الصَّلَاة﴾ قَالَ: صلوها لغير وَقتهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن مخيمرة فِي قَوْله: ﴿أضاعوا الصَّلَاة﴾ قَالَ: أخروا الصَّلَاة عَن ميقاتها وَلَو تركوها كفرُوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن عمر بن عبد الْعَزِيز فِي قَوْله: ﴿أضاعوا الصَّلَاة﴾ قَالَ: لم يكن إضاعتها تَركهَا وَلَكِن أضاعوا الْمَوَاقِيت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: وَالله إِنِّي لأجد صفة الْمُنَافِقين فِي التَّوْرَاة: شرابين للقهوات: تباعين للشهوات لعانين للكعبات رقادين عَن العتمات مفرطين فِي الغدوات تراكين للصلوات تراكين للجمعات ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة وَاتبعُوا الشَّهَوَات﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن الْأَشْعَث قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: أَن الْقُلُوب الْمُعَلقَة بشهوات الدُّنْيَا عني محجوبة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة قَالَ: اغْتَسَلت أَنا وَآخر فرآنا عمر بن الْخطاب وأحدنا ينظر إِلَى صَاحبه فَقَالَ: إِنِّي لأخشى
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتلا هَذِه الْآيَة ﴿فخلف من بعدهمْ خلف﴾ فَقَالَ: يكون خلف من عبد سِتِّينَ سنة ﴿أضاعوا الصَّلَاة وَاتبعُوا الشَّهَوَات فَسَوف يلقون غيا﴾ ثمَّ يكون خَلَفٌ: يقرؤون الْقُرْآن لَا يعدو تراقيهم وَيقْرَأ الْقُرْآن ثَلَاثَة: مُؤمن ومنافق وَفَاجِر
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عقبَة بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: سيهلك من أمتِي أهل الْكتاب وَأهل اللين قلت يَا رَسُول الله: مَا أهل الْكتاب قَالَ: قوم يتعلمون الْكتاب يجادلون بِهِ الَّذين آمنُوا فَقلت: مَا أهل اللين قَالَ: قوم يتبعُون الشَّهَوَات ويضيعون الصَّلَوَات
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحكم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت ترسل بِالصَّدَقَةِ لأهل الصَّدَقَة وَتقول: لَا تعطوا مِنْهَا بربرياً وَلَا بربرية فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هم الْخلف الَّذين قَالَ الله: ﴿فخلف من بعدهمْ خلف﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون فِي أمتِي من يقتل على الْغَضَب ويرتشي فِي الحكم ويضيع الصَّلَوَات وَيتبع الشَّهَوَات وَلَا تردّ لَهُ راية قيل: يَا رَسُول الله أَمُؤْمِنُونَ هم قَالَ: بِالْإِيمَان يقرؤون
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَسَوف يلقون غياً﴾ قَالَ: خسراً
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طرق عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: ﴿فَسَوف يلقون غياً﴾ قَالَ: الغي نهر أَو وَاد من جَهَنَّم من قيح بعيد القعر خَبِيث الطّعْم يقذف فِيهِ الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْبَراء بن عَازِب فِي الْآيَة قَالَ: الغي وَاد فِي جَهَنَّم بعيد القعر منتن الرّيح
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي أُمَامَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق نهشل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الغي وَاد فِي جَهَنَّم
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة فِي قَوْله: ﴿غياً﴾ قَالَت: نهر فِي جَهَنَّم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن شقي بن ماتع قَالَ: إِن فِي جَهَنَّم وَاديا يُسمى ﴿غياً﴾ يسيل دَمًا وقيحاً فَهُوَ لمن خلق لَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿يلقون غياً﴾ قَالَ: سوءا ﴿إِلَّا من تَابَ﴾ قَالَ: من ذَنبه ﴿وآمن﴾ قَالَ: بربه ﴿وَعمل صَالحا﴾ قَالَ: بَينه وَبَين الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا﴾ قَالَ بَاطِلا
وَأخرج عبد بن حميد وهناد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا﴾ قَالَ: لَا يستبون
وَفِي قَوْله: ﴿وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشياً﴾ قَالَ: لَيْسَ فِيهَا بكرَة وَلَا عشي يُؤْتونَ بِهِ على النَّحْو الَّذِي يحبونَ من البكرة والعشي
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشياً﴾ قَالَ: يُؤْتونَ بِهِ فِي الْآخِرَة على مِقْدَار مَا كَانُوا يُؤْتونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ: سَأَلت زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن قَوْله: ﴿وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا﴾ قَالَ: لَيْسَ فِي الْجنَّة ليل وَلَا شمس وَلَا قمر هم فِي نور أبدا وَلَهُم مِقْدَار اللَّيْل وَالنَّهَار يعْرفُونَ مِقْدَار
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول من طَرِيق أبان عَن الْحسن وَأبي قلَابَة قَالَا: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله هَل فِي الْجنَّة من ليل قَالَ: وَمَا هيجك على هَذَا قَالَ: سَمِعت الله يذكر فِي الْكتاب ﴿وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشياً﴾ فَقلت اللَّيْل من البكرة والعشي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ هُنَاكَ ليل وَإِنَّمَا هُوَ ضوء نور يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدوّ وتأتيهم طرف الْهَدَايَا من الله لمواقيت الصَّلَوَات الَّتِي كَانُوا يصلونَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا وتسلم عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: كَانَت الْعَرَب فِي زمانها إِنَّمَا لَهَا أَكلَة وَاحِدَة فَمن أصَاب اثْنَتَيْنِ سمي فلَانا الناعم
فَأنْزل الله تَعَالَى يرغب عباده فِيمَا عِنْده ﴿وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: كَانُوا يعدون النَّعيم أَن يتغدى الرجل ثمَّ يتعشى
قَالَ الله لأهل الْجنَّة: ﴿وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من غَدَاة من غدوات الْجنَّة كل الْجنَّة غدوات إِلَّا أَن يزف إِلَى وليّ الله تَعَالَى فِيهَا زَوْجَة من الْحور الْعين أدناهن الَّتِي خلقت من زعفران
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿تِلْكَ الْجنَّة الَّتِي نورث﴾ بالنُّون مُخَفّفَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شودب فِي قَوْله: ﴿تِلْكَ الْجنَّة الَّتِي نورث من عبادنَا﴾ قَالَ: لَيْسَ من أحد إِلَّا وَله فِي الْجنَّة منزل وَأَزْوَاج فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة ورث الله الْمُؤمن كَذَا وَكَذَا منزلا من منَازِل الْكفَّار
فَذَلِك قَوْله: ﴿من عبادنَا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن دَاوُد بن أبي هِنْد فِي قَوْله: ﴿من كَانَ تقياً﴾ قَالَ: موحداً
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس
زَاد ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم فَكَانَ ذَلِك الْجَواب لمُحَمد
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَي الْبِقَاع أحب إِلَى الله وأيها أبغضها إِلَى الله قَالَ: مَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل جِبْرِيل وَكَانَ قد أَبْطَأَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لقد أَبْطَأت عليّ حَتَّى ظَنَنْت أَن بربي عليّ موجدة
فَقَالَ: ﴿وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ نزل فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليهه وَسلم: مَا نزلت حَتَّى اشْتقت إِلَيْك فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: أَنا كنت إِلَيْك أشوق وَلَكِنِّي مَأْمُور فَأوحى الله إِلَى جِبْرِيل أَن قل لَهُ: ﴿وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: احْتبسَ جِبْرِيل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة حَتَّى حزن وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَشَكا إِلَى خَدِيجَة فَقَالَت خَدِيجَة: لَعَلَّ رَبك قد وَدعك أَو قلاك فَنزل جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة: (مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى) (الضُّحَى آيَة ٢) قَالَ: يَا جِبْرِيل احْتبست عني حَتَّى سَاءَ ظَنِّي فَقَالَ جِبْرِيل: ﴿وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: لبث جِبْرِيل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ: لقد رثت حَتَّى ظن الْمُشْركُونَ كل ظن فَنزلت الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: أَبْطَأت الرُّسُل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: مَا حَبسك عني قَالَ: كَيفَ نأتيكم وَأَنْتُم لَا تقصون أظفاركم وَلَا تنقون براجمكم وَلَا تأخذون شواربكم وَلَا تستاكون وَقَرَأَ ﴿وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: احْتبسَ جِبْرِيل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك وحزن فَأَتَاهُ جِبْرِيل وَقَالَ: يَا مُحَمَّد: ﴿وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك لَهُ مَا بَين أَيْدِينَا﴾ يَعْنِي من الدُّنْيَا ﴿وَمَا خلفنا﴾ يَعْنِي من الْآخِرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ ﴿لَهُ مَا بَين أَيْدِينَا﴾ قَالَ: من أَمر الْآخِرَة ﴿وَمَا خلفنا﴾ من أَمر الدُّنْيَا ﴿وَمَا بَين ذَلِك﴾ مَا بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وَمَا بَين ذَلِك﴾ قَالَ: مَا بَين النفختين
وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة ﴿وَمَا بَين ذَلِك﴾ قَالَ: مَا بَين النفختين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿وَمَا كَانَ رَبك نسيا﴾ قَالَ: ﴿وَمَا كَانَ رَبك﴾ لينساك يَا مُحَمَّد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء رفع الحَدِيث قَالَ: مَا أحل الله فِي كِتَابه فَهُوَ حَلَال وَمَا حرم فَهُوَ حرَام وَمَا سكت عَنهُ فَهُوَ عَافِيَة فاقبلوا من الله عافيته فَإِن الله لم يكن لينسى شَيْئا
ثمَّ تَلا ﴿وَمَا كَانَ رَبك نسيا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث جَابر مثله
وَأخرج الْحَاكِم عَن سلمَان سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السّمن والجبن [] وَالْفراء فَقَالَ: الْحَلَال مَا أحل الله فِي كِتَابه وَالْحرَام مَا حرم الله فِي كِتَابه وَمَا سكت عَنهُ فَهُوَ مِمَّا عَفا عَنهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿هَل تعلم لَهُ سميا﴾ قَالَ: هَل تعلم للرب مثلا أَو شبها
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿هَل تعلم لَهُ سميا﴾ قَالَ: لَيْسَ أحد يُسمى الرَّحْمَن غَيره
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿هَل تعلم لَهُ سميا﴾ يَا مُحَمَّد هَل تعلم لإلهك من ولد
أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: أما السمي فَأَنت مِنْهُ مكثر وَالْمَال مَال يغتدي وَيروح
الْآيَة ٦٦ - ٧٩
وأخرج عبد بن حميد وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ لا يسمعون فيها لغواً ﴾ قال : لا يستبون.
وفي قوله :﴿ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً ﴾ قال : ليس فيها بكرة ولا عشي يؤتون به على النحو الذي يحبون من البكرة والعشي.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً ﴾ قال : يؤتون به في الآخرة على مقدار ما كانوا يؤتون به في الدنيا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الوليد بن مسلم قال : سألت زهير بن محمد، عن قوله :﴿ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً ﴾ قال : ليس في الجنة ليل ولا شمس ولا قمر، هم في نور أبداً، ولهم مقدار الليل والنهار، يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب، وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق أبان عن الحسن، وأبي قلابة قالا : قال رجل يا رسول الله، هل في الجنة من ليل ؟ قال : وما هيجك على هذا ؟ ! قال : سمعت الله يذكر في الكتاب ﴿ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً ﴾ فقلت الليل من البكرة، والعشي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ليس هناك ليل، وإنما هو ضوء نور، يرد الغدو على الرواح، والرواح على الغدوّ، وتأتيهم طرف الهدايا من الله، لمواقيت الصلوات التي كانوا يصلون فيها في الدنيا، وتسلم عليهم الملائكة ».
وأخرج ابن المنذر، عن يحيى بن أبي كثير قال : كانت العرب في زمانها إنما لها أكلة واحدة، فمن أصاب أكلتين، سمي فلاناً الناعم. فأنزل الله تعالى يرغب عباده فيما عنده ﴿ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن قال : كانوا يعدون النعيم، أن يتغدى الرجل، ثم يتعشى. قال الله لأهل الجنة :﴿ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :« ما من غداة من غدوات الجنة، وكل الجنة غدوات، إلا أن يزف إلى وليّ الله تعالى فيها زوجة من الحور العين أدناهن التي خلقت من زعفران ».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن شوذب في قوله :﴿ تلك الجنة التي نورث من عبادنا ﴾ قال : ليس من أحد إلا وله في الجنة منزل وأزواج، فإذا كان يوم القيامة، ورث الله المؤمن كذا وكذا منزلاً من منازل الكفار. فذلك قوله :﴿ من عبادنا ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن داود بن أبي هند في قوله :﴿ من كان تقياً ﴾ قال : موحداً.
فنزلت :﴿ وما نتنزل إلا بأمر ربك ﴾ إلى آخر الآية. زاد ابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم، فكان ذلك الجواب لمحمد.
وأخرج ابن مردويه، عن أنس قال :«سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي البقاع أحب إلى الله وأيها أبغض إلى الله ؟ قال : ما أدري حتى أسأل جبريل، وكان قد أبطأ عليه فقال : لقد أبطأت عليّ حتى ظننت أن بربي عليّ موجدة !. . . فقال :﴿ وما نتنزل إلا بأمر ربك ﴾ ».
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن عكرمة قال :«أبطأ جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً ثم أنزل، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - «ما نزلت حتى اشتقت إليك » فقال له جبريل :«أنا كنت إليك أشوق ولكني مأمور » فأوحى الله إلى جبريل أن قل له :﴿ وما نتنزل إلا بأمر ربك ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي قال : احتبس جبريل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة حتى حزن واشتد عليه، فشكا إلى خديجة، فقالت خديجة : لعل ربك قد ودعك أو قلاك، فنزل جبريل بهذه الآية :﴿ ما ودعك ربك وما قلى ﴾ [ الضحى : ٢ ] قال : يا جبريل، احتبست عني حتى ساء ظني، فقال جبريل :﴿ وما نتنزل إلا بأمر ربك ﴾.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد قال :«لبث جبريل عن النبي - صلى الله عليه وسلم اثني عشرة ليلة، فلما جاءه قال :«لقد رثت حتى ظن المشركون كل ظن » فنزلت الآية.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد قال : أبطأت الرسل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أتاه جبريل فقال :«ما حبسك عني ؟ » قال : كيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم، ولا تنقون براجمكم، ولا تأخذون شواربكم ولا تستاكون وقرأ ﴿ وما نتنزل إلا بأمر ربك ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : احتبس جبريل، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، وحزن فأتاه جبريل وقال : يا محمد :﴿ وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا ﴾ يعني من الدنيا ﴿ وما خلفنا ﴾ يعني من الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة ﴿ له ما بين أيدينا ﴾ قال : الدنيا ﴿ وما خلفنا ﴾ قال : الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - ﴿ له ما بين أيدينا ﴾ قال : من أمر الآخرة ﴿ وما خلفنا ﴾ من أمر الدنيا ﴿ وما بين ذلك ﴾ ما بين الدنيا والآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وما بين ذلك ﴾ قال : ما بين النفختين.
وأخرج هناد وابن المنذر، عن أبي العالية ﴿ وما بين ذلك ﴾ قال : ما بين النفختين.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي ﴿ وما كان ربك نسياً ﴾ قال :﴿ ما كان ربك ﴾ لينساك يا محمد.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبزار والطبراني وابن مردويه والبيهقي في سننه والحاكم وصححه، عن أبي الدرداء رفع الحديث قال : ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئاً. ثم تلا ﴿ وما كان ربك نسيا ﴾.
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر مثله.
وأخرج الحاكم عن سلمان سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن [ ] والفراء فقال :«الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ﴿ هل تعلم له سميا ﴾ قال : ليس أحد يسمى الرحمن غيره.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ هل تعلم له سميا ﴾ يا محمد هل تعلم لإلهك من ولد ؟.
وأخرج الطستي، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله :﴿ هل تعلم له سمياً ﴾ قال : هل تعلم له ولداً ؟ قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت الشاعر وهو يقول :
أما السمي فأنت منه مكثر | والمال مال يغتدي ويروح |
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿جثياً﴾ قَالَ: قعُودا
وَفِي قَوْله ﴿عتياً﴾ قَالَ: مَعْصِيّة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿عتيا﴾ قَالَ: عصيا
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا أَدْرِي كَيفَ قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿عتياً﴾ أَو ﴿جثياً﴾ فَإِنَّهُمَا جَمِيعًا بِالضَّمِّ
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن باباه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَأَنِّي أَرَاكُم بالكوم دون جَهَنَّم جاثين
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿جثياً﴾ بِرَفْع الْجِيم و ﴿عتيا﴾ بِرَفْع الْعين وصليا بِرَفْع الصَّاد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿حول جَهَنَّم جثياً﴾ قَالَ: قيَاما
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج ﴿ثمَّ لننزعن﴾ قَالَ لنبدأن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿ثمَّ لننزعن﴾ الْآيَة: قَالَ: ﴿لننزعن من كل﴾ أهل دين قادتهم ورؤوسهم فِي الشَّرّ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿أَيهمْ أَشد على الرَّحْمَن عتياً﴾ قَالَ: فِي الدُّنْيَا
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْأَحْوَص ﴿ثمَّ لننزعن من كل شيعَة﴾ الْآيَة
قَالَ: يبْدَأ بالأكابر فالأكابر جرما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يحْشر الأوّل على الآخر حَتَّى إِذا تكاملت الْعدة أثارهم جَمِيعًا ثمَّ بَدَأَ بالأكابر فالأكابر جرما ثمَّ قَرَأَ ﴿فوربك لنحشرنهم﴾ إِلَى قَوْله: ﴿عتياً﴾
وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿لننزعن من كل شيعَة﴾ قَالَ: من كل أمة أَشد على الرَّحْمَن ﴿عتياً﴾ قَالَ: كفرا
وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة وَابْن جرير بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة مدت الأَرْض مد الْأَدِيم وَزيد فِي سعتها كَذَا وَكَذَا وَجمع الْخَلَائق بصعيد وَاحِد جنهم وإنسهم فَإِذا كَانَ ذَلِك الْيَوْم قيضت هَذِه السَّمَاء الدُّنْيَا عَن أَهلهَا على وَجه الأَرْض وَلأَهل السَّمَاء وحدهم أَكثر من أهل الأَرْض جنهم وإنسهم بِضعْف فَإِذا نثروا على وَجه الأَرْض فزعوا إِلَيْهِم فَيَقُولُونَ: أفيكم رَبنَا فيفزعون من قَوْلهم وَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ رَبنَا لَيْسَ فِينَا وَهُوَ آتٍ
ثمَّ تقاض السَّمَاء الثَّانِيَة وَلأَهل السَّمَاء الثَّانِيَة وحدهم أَكثر من أهل السَّمَاء الدُّنْيَا وَمن جَمِيع أهل الأَرْض بِضعْف جنهم وإنسهم فَإِذا نثروا على وَجه الأَرْض فزع إِلَيْهِم أهل الأَرْض فَيَقُولُونَ: أفيكم رَبنَا فيفزعون من قَوْلهم وَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ رَبنَا لَيْسَ فِينَا وَهُوَ آتٍ ثمَّ تقاض السَّمَوَات: سَمَاء سَمَاء كلما قيضت سَمَاء عَن أَهلهَا كَانَت أَكثر من أهل السَّمَوَات الَّتِي تحتهَا وَمن جَمِيع أهل الأَرْض بِضعْف فَإِذا نثروا على أهل الأَرْض يفزع إِلَيْهِم أهل الأَرْض فَيَقُولُونَ لَهُم مثل ذَلِك فيرجعون إِلَيْهِم مثل ذَلِك حَتَّى تقاض السَّمَاء السَّابِعَة فلأهل السَّمَاء السَّابِعَة أَكثر من أهل سِتّ سموات وَمن جَمِيع أهل الأَرْض بِضعْف فَيَجِيء الله فيهم والأمم جثيّ صُفُوف فينادي مُنَاد: ستعلمون الْيَوْم من أَصْحَاب الْكَرم ليقمْ الْحَمَّادُونَ لله على كل حَال فَيقومُونَ فَيسرحُونَ إِلَى الْجنَّة ثمَّ يُنَادي الثَّانِيَة: ستعلمون الْيَوْم من أَصْحَاب الْكَرم أَيْن الَّذين كَانَت (تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ) (السَّجْدَة آيَة ١٦) فَيقومُونَ فَيسرحُونَ إِلَى الْجنَّة ثمَّ يُنَادي الثَّالِثَة ستعلمون الْيَوْم من أَصْحَاب الْكَرم أَيْن الَّذين (لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة يخَافُونَ يَوْمًا تتقلب فِيهِ الْقُلُوب والأبصار) (النُّور آيَة ٣٧) فَيقومُونَ فَيسرحُونَ إِلَى الْجنَّة
فَإِذا أَخذ كل من هَؤُلَاءِ ثَلَاثَة خرج عنق من النَّار فَأَشْرَف
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سميَّة قَالَ: اخْتَلَفْنَا فِي الْوُرُود فَقَالَ بَعْضنَا: لَا يدخلهَا مُؤمن وَقَالَ بَعضهم: يدْخلُونَهَا جَمِيعًا ﴿ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا﴾ فَلَقِيت جَابر بن عبد الله فَذكرت لَهُ فَقَالَ: وأهوى بِأُصْبُعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ صمتا إِن لم أكن سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يبْقى بر وَلَا فَاجر إِلَّا دَخلهَا فَتكون على الْمُؤمن بردا وَسلَامًا كَمَا كَانَت على إِبْرَاهِيم حَتَّى أَن للنار ضَجِيجًا من بردهمْ ﴿ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا وَنذر الظَّالِمين فِيهَا جثياً﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مُجَاهِد قَالَ: خَاصم نَافِع بن الْأَزْرَق ابْن عَبَّاس فَقَالَ ابْن عَبَّاس: الْوُرُود الدُّخُول: وَقَالَ نَافِع: لَا
فَقَرَأَ ابْن عَبَّاس (إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم أَنْتُم لَهَا وَارِدُونَ) (الْأَنْبِيَاء آيَة ٩٨) وَقَالَ: وردوا أم لَا وَقَرَأَ (يقدم قومه يَوْم الْقِيَامَة فأوردهم النَّار) (هود آيَة ٩٨) أوردوا أم لَا أما أَنا وَأَنت فسندخلها فَانْظُر هَل نخرج مِنْهَا أم لَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها﴾ قَالَ: يردُهَا البَرّ والفاجر
ألم تسمع قَوْله: (فأوردهم النَّار وَبئسَ الْورْد المورود) (هود آيَة ٩٨) وَقَوله: ﴿ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا﴾ مَرْيَم آيَة ٨٦
قَالَ: فَإِن مَوْعدكُمْ الْآخِرَة
وَالله لَأُوتَيَنَّ مَالا وَولدا ولأوتين مثل كتابكُمْ الَّذِي جئْتُمْ بِهِ
فَقَالَ الله: ﴿أَفَرَأَيْت الَّذِي كفر بِآيَاتِنَا﴾ الْآيَات
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن قَالَ: كَانَ لرجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دين على رجل من الْمُشْركين فَأَتَاهُ يتقاضاه فَقَالَ أَلَسْت مَعَ هَذَا الرجل قَالَ: نعم
قَالَ أَلَيْسَ يزْعم أَن لكم جنَّة وَنَارًا وأموالاً وبنين قَالَ: بلَى
قَالَ: اذْهَبْ فلست بقاضيك إِلَّا ثمَّة
فأنزلت ﴿أَفَرَأَيْت الَّذِي كفر بِآيَاتِنَا﴾ إِلَى قَوْله: ﴿ويأتينا فَردا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي اله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أطلع الْغَيْب﴾ يَقُول: أطلعه الله الْغَيْب يَقُول: مَاله فِيهِ ﴿أم اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا﴾ بِعَمَل صَالح قدمه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿أم اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا﴾ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله يَرْجُو بهَا
وَالله أعلم
الْآيَة ٨٠ - ٨٢
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ عتيا ﴾ قال : عصيا.
وأخرج الحاكم، عن ابن عباس قال : لا أدري كيف قرأ النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ عتياً ﴾ أو ﴿ جثياً ﴾ فإنهما جميعاً بالضم.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد والبيهقي في البعث، عن عبد الله بن باباه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين ».
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ ﴿ جثياً ﴾ برفع الجيم ﴿ وعتياً ﴾ برفع العين وصليا برفع الصاد.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ حول جهنم جثياً ﴾ قال : قياماً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ثم لننزعن ﴾ الآية : قال :﴿ لننزعن من كل ﴾ أهل دين قادتهم ورؤوسهم في الشر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله :﴿ أيهم أشد على الرحمن عتياً ﴾ قال : في الدنيا.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي الأحوص ﴿ ثم لننزعن من كل شيعة ﴾ الآية. قال : يبدأ بالأكابر فالأكابر جرماً.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن ابن مسعود قال : يحشر الأوّل على الآخر، حتى إذا تكاملت العدة أثارهم جميعاً، ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرماً، ثم قرأ ﴿ فوربك لنحشرنهم ﴾ إلى قوله :﴿ عتياً ﴾. وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، عن مجاهد في قوله :﴿ لننزعن من كل شيعة ﴾ قال : من كل أمة أشد على الرحمن ﴿ عتياً ﴾ قال : كفراً.
وأخرج الحرث بن أبي أسامة وابن جرير بسند حسن عن ابن عباس قال : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد، جنهم وإنسهم، فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض، ولأهل السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض جنهم وإنسهم بضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض، فزعوا إليهم فيقولون : أفيكم ربنا ؟ فيفزعون من قولهم ويقولون : سبحان ربنا ! ليس فينا وهو آت.
ثم تقاض السماء الثانية، ولأهل السماء الثانية وحدهم، أكثر من أهل السماء الدنيا، ومن جميع أهل الأرض، بضعف جنهم وإنسهم، فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض فيقولون : أفيكم ربنا ؟ فيفزعون من قولهم، ويقولون : سبحان ربنا ! ليس فينا وهو آت، ثم تقاض السماوات : سماء سماء، كلما قيضت سماء عن أهلها، كانت أكثر من أهل السماوات التي تحتها، ومن جميع أهل الأرض بضعف، فإذا نثروا على أهل الأرض، يفزع إليهم أهل الأرض، فيقولون لهم مثل ذلك، فيرجعون إليهم مثل ذلك، حتى تقاض السماء السابعة، فلأهل السماء السابعة، أكثر من أهل ست سماوات، ومن جميع أهل الأرض بضعف، فيجيء الله فيهم، والأمم جثيّ صفوف، فينادي مناد : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الحمادون لله على كل حال، فيقومون، فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي الثانية : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، أين الذين كانت ﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون ﴾ [ السجدة : ١٦ ] فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي الثالثة، ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ؟ أين الذين ﴿ لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ﴾ [ النور : ٣٧ ] فيقومون فيسرحون إلى الجنة. فإذا أخذ كل من هؤلاء ثلاثة، خرج عنق من النار فأشرف على الخلائق له عينان تبصران ولسان فصيح فيقول : إني وكلت منكم بثلاثة : بكل جبار عنيد، فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فتحبس بهم في جهنم، ثم تخرج ثانية فتقول : إني وكلت منكم بمن آذى الله تعالى ورسوله، فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حَبَّ السمسم، فتحبس بهم في جهنم، ثم تخرج ثالثة فتقول : إني وكلت بأصحاب التصاوير، فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فتحبس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة، ومن هؤلاء ثلاثة : نشرت الصحف، ووضعت الموازين، ودعي الخلائق للحساب.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن أبي سمية قال : اختلفنا في الورود فقال بعضنا : لا يدخلها مؤمن، وقال بعضهم : يدخلونها جميعاً ﴿ ثم ينجي الله الذين اتقوا ﴾ فلقيت جابر بن عبد الله، فذكرت له فقال : وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه صمتاً، إن لم أكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :«لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن برداً وسلاماً، كما كانت على إبراهيم، حتى أن للنار ضجيجاً من بردهم ﴿ ثم ينجّي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثياً ﴾ ».
فقرأ ابن عباس ﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾ [ الأنبياء : ٩٨ ] وقال : وردوا أم لا، وقرأ ﴿ يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ﴾ [ هود : ٩٨ ] أوردوا أم لا، أما أنا وأنت فسندخلها، فانظر هل نخرج منها أم لا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وإن منكم إلا واردها ﴾ قال : يردُهَا البَرّ والفاجر. ألم تسمع قوله :﴿ فأوردهم النار وبئس الورد المورود ﴾ [ هود : ٩٨ ] وقوله :﴿ ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً ﴾ [ مريم : ٨٦ ].
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال : كان لرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - دين على رجل من المشركين فأتاه يتقاضاه، فقال ألست مع هذا الرجل ؟ قال : نعم. قال أليس يزعم أن لكم جنة وناراً وأموالاً وبنين ؟ قال : بلى. قال : اذهب، فلست بقاضيك إلا ثمة. فأنزلت ﴿ أفرأيت الذي كفر بآياتنا ﴾ إلى قوله :﴿ ويأتينا فرداً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ أم اتخذ عند الرحمن عهداً ﴾ قال : لا إله إلا الله، يرجو بها. والله أعلم.
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ونرثه مَا يَقُول﴾ قَالَ: مَاله وَولده وَذَاكَ الَّذِي قَالَ الْعَاصِ بن وَائِل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿ونرثه مَا يَقُول﴾ قَالَ: مَا عِنْده
وَهُوَ قَوْله: ﴿لَأُوتَيَنَّ مَالا وَولدا﴾ فِي حرف ابْن مَسْعُود / ونرثه مَا عِنْده ويأتينا فَردا / لَا مَال لَهُ وَلَا ولد
قَالَ: يَعْنِي الْآلهَة كلهَا إِنَّهُم ﴿سيكفرون بعبادتهم﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً﴾ قَالَ: أعواناً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً﴾ قَالَ: أوثانهم يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار تكون عَلَيْهِم عوناً يَعْنِي أوثانهم تخاصمهم وتكذبهم يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً﴾ قَالَ: حسرة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً﴾ قَالَ: قرناء فِي النَّار يلعن بَعضهم بَعْضًا ويتبرأ بَعضهم من بعض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً﴾ قَالَ: أَعدَاء
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً﴾ مَا الضِّدّ قَالَ: قَالَ فِيهِ حَمْزَة بن عبد الْمطلب: وان تَكُونُوا لَهُم ضداً نَكُنْ لكم ضدا بغلباء مثل اللَّيْل مَكْتُوم
الْآيَة ٨٣ - ٨٧
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ ويكونون عليهم ضداً ﴾ قال : أعواناً.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ ويكونون عليهم ضداً ﴾ قال : أوثانهم يوم القيامة في النار، تكون عليهم عوناً، يعني أوثانهم تخاصمهم وتكذبهم يوم القيامة في النار.
وأخرج عبد بن حميد، عن ابن عباس رضي الله عنهما - في قوله :﴿ ويكونون عليهم ضداً ﴾ قال : حسرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة مثله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ويكونون عليهم ضداً ﴾ قال : قرناء في النار يلعن بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله :﴿ ويكونون عليهم ضداً ﴾ قال : أعداء.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله :﴿ ويكونون عليهم ضداً ﴾ ما الضد ؟ قال : قال فيه حمزة بن عبد المطلب :
وإن تكونوا لهم ضداً نكن لكم | ضدا بغلباء مثل الليل مكتوم |
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿تؤزهم أزاً﴾ تشليهم أشلاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿تؤزهم أزاً﴾ قَالَ: تزعجهم إزعاجاً إِلَى معاصي الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿ألم تَرَ أنَّا أرسلنَا الشَّيَاطِين على الْكَافرين تؤزهم أزاً﴾ قَالَ: كَقَوْلِه: (وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا) (الزخرف آيَة ٣٦)
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس: إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿تؤزهم أزاً﴾ قَالَ: توقدهم وقوداً
قَالَ فِيهِ الشَّاعِر: حَكِيم أَمِين لَا يُبَالِي بخلبة إِذا أزه الأقوام لم يترمرم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إِنَّمَا نعد لَهُم عدا﴾ يَقُول: أنفاسهم الَّتِي يتنفسون فِي الدُّنْيَا فَهِيَ مَعْدُودَة كسنهم وآجالهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ فِي قَوْله: ﴿إِنَّمَا نعد لَهُم عدا﴾ قَالَ: كل شَيْء حَتَّى النَّفس
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا﴾ قَالَ: ركباناً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة ﴿يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا﴾ قَالَ: على الإِبل
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ ﴿يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا﴾ قَالَ: على نَجَائِب رواحلها من زمرد وَيَاقُوت وَمن أَي لون شَاءَ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا﴾ قَالَ: إِلَى الْجنَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع ﴿يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا﴾ قَالَ: يفدون إِلَى رَبهم فيكرمون ويعطون ويحيون ويشفعون
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا﴾ قَالَ: أما وَالله مَا يحشرون على أَقْدَامهم وَلَا يساقون سوقاً وَلَكنهُمْ يُؤْتونَ من الْجنَّة لم تنظر الْخَلَائق إِلَى مثلهَا: رِحَالهَا الذَّهَب وَأَزِمَّتهَا الزبرجد فيقعدون عَلَيْهَا حَتَّى يقرعُوا بَاب الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد وَفِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا﴾ فَقَالَ: أما وَالله مَا يحْشر الْوَفْد على أَرجُلهم وَلَا يساقون سوقاً وَلَكنهُمْ يُؤْتونَ بِنُوق من نُوق الْجنَّة لم تنظر الْخَلَائق إِلَى مثلهَا عَلَيْهَا رحال الذَّهَب وَأَزِمَّتهَا الزبرجد فيركبون عَلَيْهَا حَتَّى يطرقوا بَاب الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن عَليّ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة ﴿يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا﴾ قلت: يَا رَسُول الله هَل الْوَفْد إِلَّا الركب قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم إِذا خَرجُوا من قُبُورهم استقبلوا بِنُوق بيض لَهَا أَجْنِحَة وَعَلَيْهَا رحال الذَّهَب شرك نعَالهمْ نور يتلألأ كل خطْوَة مِنْهَا مثل مد الْبَصَر وينتهون إِلَى بَاب الْجنَّة فَإِذا حَلقَة من ياقوتة حَمْرَاء على صَفَائِح الذَّهَب وَإِذا شَجَرَة على بَاب الْجنَّة يَنْبع من أَصْلهَا عينان فَإِذا شربوا من إِحْدَى الْعَينَيْنِ فتغسل مَا فِي بطونهم من دنس ويغتسلون من الْأُخْرَى فَلَا تشعث أبشارهم وَلَا أشعراهم بعْدهَا أبدا فيضربون بالحلقة على الصفيحة فَلَو سَمِعت طنين الْحلقَة يَا عَليّ فَيبلغ كل حوراء أَن زَوجهَا قد أقبل فتستخفها العجلة فتبعث قيمها فَيفتح لَهُ الْبَاب فَإِذا رَآهُ خر لَهُ سَاجِدا فَيَقُول: ارْفَعْ رَأسك فَإِنَّمَا أَنا قَيِّمُكَ وُكِّلْتُ بِأَمْرك
فيتبعه ويقفو أَثَره فتستخف الْحَوْرَاء العجلة فَتخرج من خيام الدّرّ والياقوت حَتَّى تعتنقه ثمَّ تَقول: أَنْت حبي وَأَنا حبك وَأَنا الراضية فَلَا أَسخط أبدا وَأَنا الناعمة فَلَا أبأس أبدا وَأَنا الخالدة فَلَا أَمُوت أبدا وَأَنا المقيمة فَلَا أظعن أبدا فَيدْخل بَيْتا
وَفِي الْبَيْت سَبْعُونَ سريراً على كل سَرِير سَبْعُونَ فراشا عَلَيْهَا سَبْعُونَ زَوْجَة على كل زَوْجَة سَبْعُونَ حلةٍ يُرَى مخ سَاقهَا من وَرَاء الْحلَل يقْضِي جماعهن فِي مِقْدَار لَيْلَة من لياليكم هَذِه تجْرِي من تَحْتهم الْأَنْهَار أَنهَار مطردَة (أَنهَار من مَاء غير آسن) (مُحَمَّد آيَة ١٥) صَاف لَيْسَ فِيهِ كدور (وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه) (مُحَمَّد آيَة ١٥) وَلم يخرج من ضروع الْمَاشِيَة
(وأنهار من خمر لَذَّة للشاربين) (مُحَمَّد آيَة ١٥) لم يعصرها الرِّجَال بأقدامها
(وأنهار من عسل مصفى) (مُحَمَّد آيَة ١٥) لم يخرج من بطُون النَّحْل فيستحلي الثِّمَار فَإِن شَاءَ أكل قَائِما وَإِن شَاءَ أكل قَاعِدا وَإِن شَاءَ أكل مُتكئا فيشتهي الطَّعَام فيأتيه طير بيض أَجْنِحَتهَا فيأكل من جنوبها أَي لون شَاءَ ثمَّ تطير فتذهب فَيدْخل الْملك فَيَقُول: (سَلام عَلَيْكُم) (الزمر آيَة ٧٣) (تلكم الْجنَّة الَّتِي أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ) (الْأَعْرَاف آيَة ٤٣)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُسلم بن جَعْفَر البَجلِيّ قَالَ: سَمِعت أَبَا معَاذ الْبَصْرِيّ: أَن عليا قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم إِذا خَرجُوا من قُبُورهم يستقبلون بِنُوق لَهَا أَجْنِحَة عَلَيْهَا رحال الذَّهَب شرك نعَالهمْ نور تلألأ كل خطْوَة مِنْهَا مد الْبَصَر فينتهون إِلَى شَجَرَة يَنْبع من أَصْلهَا عينان فيشربون من احداهما فَيغسل مَا فِي بطونهم من دنس ويغتسلون من الْأُخْرَى فَلَا تشعث أبشارهم وَلَا أشعارهم بعْدهَا أبدا وتحري عَلَيْهِم نَضرة النَّعيم فَيَأْتُونَ بَاب الْجنَّة فَإِذا حَلقَة من ياقوتة حَمْرَاء على صَفَائِح الذَّهَب فيضربون بالحلقة على الصفحة فَيسمع لَهَا طنين فَيبلغ كل حوراء: أَن زَوجهَا قد أقبل فتبعث قَيِّمَهَا فَيفتح لَهُ فَإِذا رَآهُ خر لَهُ سَاجِدا فَيَقُول: ارْفَعْ رَأسك إِنَّمَا أَنا قَيِّمُكَ وُكِّلْتُ بِأَمْرك فيتبعه ويقفو أَثَره فتستخف الْحَوْرَاء العجلة فَتخرج من خيام الدّرّ والياقوت حَتَّى تعتنقه ثمَّ تَقول: أَنْت حبي وَأَنا حبك وَأَنا الخالدة الَّتِي لَا أَمُوت وَأَنا الناعمة الَّتِي لَا أبأس وَأَنا الراضية الَّتِي لَا أَسخط وَأَنا المقيمة الَّتِي لَا أظعن فَيدْخل بَيْتا من أسه إِلَى سقفه مائَة ألف ذِرَاع بِنَاؤُه على جندل اللُّؤْلُؤ طرائق: أصفر وأحمر
ثمَّ تَلا (ودانية عَلَيْهِم ظلالها) (مُحَمَّد آيَة ١٥) الْآيَة
فيشتهي الطَّعَام فيأتيه طير أَبيض وَرُبمَا قَالَ: أَخْضَر فَترفع أَجْنِحَتهَا فيأكل من جنوبها أَي الألوان شَاءَ ثمَّ يطير فَيذْهب فَيدْخل الْملك فَيَقُول: (سَلام عَلَيْكُم) (تلكم الْجنَّة الَّتِي أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا﴾ قَالَ: عطاشاً
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا﴾ قَالَ: ظماء إِلَى النَّار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد: ﴿ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا﴾ قَالَ: متقطعة أَعْنَاقهم من الْعَطش
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة: ﴿ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا﴾ قَالَ: عطاشاً
وَأخرج هناد عَن الْحسن مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا﴾ قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وتبرأ من الْحول والقوّة وَلَا يَرْجُو إِلَّا الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مقَاتل بن حَيَّان ﴿إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا﴾ قَالَ: الْعَهْد الصّلاح
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا﴾ قَالَ: من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَدخل على مُؤمن سُرُورًا فقد سرني وَمن سرني فقد اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا وَمن اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا فَلَا تمسه النَّار
إِن الله لَا يخلف الميعاد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ ﴿إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا﴾ قَالَ: إِن الله يَقُول يَوْم الْقِيَامَة: من كَانَ لَهُ عِنْدِي عهد فَليقمْ فَلَا يقوم إِلَّا من قَالَ هَذَا فِي الدُّنْيَا
قُولُوا اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة إِنِّي أَعهد إِلَيْك فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا أَنَّك أَن تَكِلنِي إِلَى نَفسِي تقربني
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من جَاءَ بالصلوات الْخمس يَوْم الْقِيَامَة - قد حَافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها لم ينقص مِنْهَا شَيْئا - جَاءَ لَهُ عِنْد الله عهد إِن لَا يعذبه وَمن جَاءَ قد انْتقصَ مِنْهُنَّ شَيْئا فَلَيْسَ لَهُ عِنْد الله عهد إِن شَاءَ رَحمَه وَإِن شَاءَ عذبه
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ فِي دبر كل صَلَاة - بَعْدَمَا سلم - هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات: كتبه ملك فِي رق فختم بِخَاتم ثمَّ دَفعهَا إليّ يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا بعث الله العَبْد من قَبره جَاءَهُ الْملك وَمَعَهُ الْكتاب يُنَادي: أَيْن أهل العهود حَتَّى تدفع إِلَيْهِم والكلمات أَن تَقول: اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الرَّحْمَن الرَّحِيم - إِنِّي أَعهد إِلَيْك فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا بأنك أَنْت الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك فَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي فَإنَّك إِن تَكِلنِي إِلَى نَفسِي تقربني من الشَّرّ وَتُبَاعِدنِي من الْخَيْر وَإِنِّي لَا أَثِق إِلَّا بِرَحْمَتك فَاجْعَلْ رحمتك لي عهدا عنْدك تُؤَدِّيه إِلَيّ يَوْم الْقِيَامَة: إِنَّك لَا تخلف الميعاد وَعَن طَاوس: أَنه أَمر بِهَذِهِ الْكَلِمَات فَكتبت فِي كَفنه
الْآيَة ٨٨ - ٩٧
وأخرج عبد بن حميد، عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله :﴿ إنما نعد لهم عداً ﴾ قال : كل شيء حتى النفس.
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة وابن المنذر، عن أبي هريرة ﴿ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً ﴾ قال : على الإبل.
وأخرج عبد بن حميد، عن أبي سعيد رضي الله عنه ﴿ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً ﴾ قال : على نجائب رواحلها من زمرد وياقوت، ومن أي لون شاء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله :﴿ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً ﴾ قال : إلى الجنة.
وأخرج عبد بن حميد، عن الربيع ﴿ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً ﴾ قال : يفدون إلى ربهم، فيكرمون ويعطون ويحيون ويشفعون.
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق : راغبين، وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار، تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا ».
وأخرج ابن مردويه، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله :﴿ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً ﴾ قال : أما والله ما يحشرون على أقدامهم، ولا يساقون سوقاً، ولكنهم يؤتون من الجنة، لم تنظر الخلائق إلى مثلها : رحالها الذهب، وأزمتها الزبرجد، فيقعدون عليها، حتى يقرعوا باب الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في البعث، عن علي رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية ﴿ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً ﴾ فقال : أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم، ولا يساقون سوقاً، ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة، لم تنظر الخلائق إلى مثلها، عليها رحال الذهب، وأزمتها الزبرجد، فيركبون عليها، حتى يطرقوا باب الجنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق، عن علي قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ﴿ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً ﴾ قلت : يا رسول الله، هل الوفد إلا الركب ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ، كل خطوة منها مثل مد البصر، وينتهون إلى باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء، على صفائح الذهب وإذا شجرة على باب الجنة ينبع من أصلها عينان، فإذا شربوا من إحدى العينين فتغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى، فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبداً، فيضربون بالحلقة على الصفيحة، فلو سمعت طنين الحلقة يا علي، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتستخفها العجلة، فتبعث قيمها فيفتح له الباب، فإذا رآه خر له ساجداً، فيقول : ارفع رأسك فإنما أنا قيمك، وكلت بأمرك. فيتبعه ويقفو أثره، فتستخف الحوراء العجلة، فتخرج من خيام الدر والياقوت، حتى تعتنقه، ثم تقول : أنت حبي، وأنا حبك وأنا الراضية، فلا أسخط أبداً، وأنا الناعمة فلا أبأس أبداً، وأنا الخالدة فلا أموت أبداً، وأنا المقيمة فلا أظعن أبداً، فيدخل بيتاً من أساسه إلى سقفه مائة ألف ذراع بني على جندل اللؤلؤ والياقوت طرائق حمر، وطرائق خضر، وطرائق صفر، ما منها طريقة تشاكل صاحبتها. وفي البيت سبعون سريراً، على كل سرير سبعون فراشاً، عليها سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء الحلل، يقضي جماعهن في مقدار ليلة من لياليكم هذه، تجري من تحتهم الأنهار ؛ أنهار مطردة ﴿ أنهار من ماء غير آسن ﴾ [ محمد : ١٥ ] صاف ليس فيه كدور ﴿ وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ﴾ [ محمد : ١٥ ] ولم يخرج من ضروع الماشية. ﴿ وأنهار من خمر لذة للشاربين ﴾ [ محمد : ١٥ ] لما يعصرها الرجال بأقدامها. ﴿ وأنهار من عسل مصفى ﴾ [ محمد : ١٥ ] لم يخرج من بطون النحل، فيستحلي الثمار فإن شاء أكل قائماً، وإن شاء أكل قاعداً، وإن شاء أكل متكئاً، فيشتهي الطعام فيأتيه طير بيض أجنحتها فيأكل من جنوبها، أي لون شاء، ثم تطير فتذهب، فيدخل الملك فيقول :﴿ سلام عليكم ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] ﴿ تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ] ».
وأخرج ابن أبي حاتم، من طريق مسلم بن جعفر البجلي قال : سمعت أبا معاذ البصري : أن علياً قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :«والذي نفسي بيده، إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون بنوق لها أجنحة عليها رحال الذهب، شرك نعالهم نور تلألأ، كل خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة، ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحداهما، فيغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى، فلا تشعث أبشارهم، ولا أشعارهم بعدها أبداً، وتجري عليهم نضرة النعيم، فيأتون باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فيضربون بالحلقة على الصفحة، فيسمع لها طنين فيبلغ كل حوراء : أن زوجها قد أقبل، فتبعث قيمها فيفتح له، فإذا رآه خر له ساجداً فيقول : ارفع رأسك إنما أنا قيمك وكلت بأمرك، فيتبعه ويقفو أثره، فتستخف الحوراء العجلة فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه ثم تقول : أنت حبي وإنا حبك، وأنا الخالدة التي لا أموت، وأنا الناعمة التي لا أبأس، وأنا الراضية التي لا أسخط، وأنا المقيمة التي لا أظعن، فيدخل بيتاً من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع، بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق : أصفر وأحمر وأخضر، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها، في البيت سبعون سريراً، على كل سرير سبعون حشية، على كل حشية سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من باطن الحلل، يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه، الأنهار من تحتهم تطرد :﴿ أنهار من ماء غير آسن ﴾ [ محمد : ١٥ ] قال : صاف لا كدر فيه، ﴿ وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ﴾ [ محمد : ١٥ ] قال : لم يخرج من ضروع الماشية، ﴿ وأنهار من خمر لذة للشاربين ﴾ [ محمد : ١٥ ] قال : لم تعصرها الرجال بأقدامها، ﴿ وأنهار من عسل مصفى ﴾ [ محمد : ١٥ ] قال : لم يخرج من بطون النحل فيستحلي الثمار، فإن شاء أكل قائماً وإن شاء أكل قاعداً، وإن شاء أكل متكئاً. ثم تلا ﴿ ودانية عليهم ظلالها ﴾ [ الإنسان : ١٤ ] الآية. فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض وربما قال : أخضر، فترفع أجنحتها فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء، ثم يطير فيذهب فيدخل الملك فيقول :﴿ سلام عليكم ﴾ ﴿ تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ﴾ ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة في قوله :﴿ ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً ﴾ قال : ظماء إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد :﴿ ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً ﴾ قال : متقطعة أعناقهم من العطش.
وأخرج ابن المنذر، عن أبي هريرة :﴿ ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً ﴾ قال : عطاشاً.
وأخرج هناد، عن الحسن مثله.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله :﴿ إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً ﴾ قال : المؤمنون يومئذ بعضهم لبعض شفعاء.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن مقاتل بن حيان ﴿ إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً ﴾ قال : العهد الصلاح.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس في قوله :﴿ إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً ﴾ قال : من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من أدخل على مؤمن سروراً فقد سرني، ومن سرني فقد اتخذ عند الرحمن عهداً، ومن اتخذ عند الرحمن عهداً فلا تمسه النار. إن الله لا يخلف الميعاد ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن مسعود أنه قرأ ﴿ إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً ﴾ قال : إن الله يقول يوم القيامة :«من كان له عندي عهد فليقم، فلا يقوم إلا من قال هذا في الدنيا. قولوا اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا إنك أن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعله لي عندك عهداً تؤديه إلي يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد ».
وأخرج الطبراني في الأوسط، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من جاء بالصلوات الخمس يوم القيامة - قد حافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها لم ينقص منها شيئاً - جاء وله عند الله عهد أن لا يعذبه، ومن جاء قد انتقص منهن شيئاً، فليس له عند الله عهد، إن شاء رحمه وإن شاء عذبه ».
وأخرج الحكيم الترمذي، عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من قال في دبر كل صلاة - بعدما سلم - هؤلاء الكلمات : كتبه ملك في رق فختم بخاتم، ثم دفعها إليّ يوم القيامة، فإذا بعث الله العبد من قبره، جاءه الملك ومعه الكتاب ينادي : أين أهل العهود ؟ حتى تدفع إليهم، والكلمات أن تقول : اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم - إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك، فلا تكلني إلى نفسي، فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعل رحمتك لي عهداً عندك تؤديه إلي يوم القيامة : إنك لا تخلف الميعاد » وعن طاوس : أنه أمر بهذه الكلمات فكتبت في كفنه.
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ( ٨٨ ) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ( ٨٩ ) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ( ٩٠ ) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ( ٩١ ) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ( ٩٢ ) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ( ٩٣ ) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ( ٩٤ ) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ( ٩٥ ) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ( ٩٦ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ( ٩٧ )
وَفِي قَوْله: ﴿تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن مِنْهُ﴾ الْآيَة
قَالَ: إِن الشّرك فزعت مِنْهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وَجَمِيع الْخَلَائق إِلَّا الثقلَيْن وكادت تَزُول مِنْهُ لِعَظَمَة الله: وكما لَا ينفع مَعَ الشّرك إِحْسَان الْمُشرك كَذَلِك نرجو أَن يغْفر الله ذنُوب الْمُوَحِّدين
وَفِي قَوْله: ﴿وتخر الْجبَال هدّاً﴾ قَالَ: هدماً
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق عون عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الْجَبَل لينادي الْجَبَل باسمه يَا فلَان هَل مر بك الْيَوْم أحد ذكر الله فَإِذا قَالَ نعم استبشر
قَالَ عون: أفيسمعن الزُّور إِذا قيل وَلَا يسمعن الْخَيْر هِيَ للخير اسْمَع
وَقَرَأَ ﴿وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا﴾ الْآيَات
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: بَلغنِي أَن الجبلين إِذا
فَيَقُول: لقد أقرّ الله عَيْنك وَلَكِن مَا مر بِي ذَاكر لله عز وَجل الْيَوْم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ تكَاد السَّمَوَات ينفطرن بِالْيَاءِ وَالنُّون ﴿وتخر الْجبَال﴾ بِالتَّاءِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿يتفطرن مِنْهُ﴾ قَالَ: الإنقطار الانشقاق
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن مِنْهُ﴾ قَالَ: يتشققن من عَظمَة الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن هرون قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود / تكَاد السَّمَوَات ينفطرن / بِالْيَاءِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَوْف: إِنَّه لما هَاجر إِلَى الْمَدِينَة - وجد فِي نَفسه على فِرَاق أَصْحَابه بِمَكَّة مِنْهُم: شيبَة بن ربيعَة وَعتبَة بن ربيعَة وأميه بن خلف فَأنْزل الله ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن الْبَراء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعليّ: قل: اللَّهُمَّ اجْعَل لي عنْدك عهدا وَاجعَل لي عنْدك ودّاً وَاجعَل لي فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ مَوَدَّة فَأنْزل الله ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا﴾ قَالَ: فَنزلت فِي عَليّ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا﴾ قَالَ: محبَّة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله: ﴿سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا﴾ مَا هُوَ قَالَ: الْمحبَّة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ وَالْمَلَائِكَة المقربين
يَا عَليّ إِن الله أعْطى الْمُؤمن ثَلَاثًا
الْمِنَّة والمحبة والحلاوة والمهابة فِي صُدُور الصَّالِحين
وَأخرج هناد عَن الضَّحَّاك ﴿سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا﴾ قَالَ: محبَّة فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وهناد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا﴾ قَالَ: يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أحب الله عبدا نَادَى جِبْرِيل: إِنِّي قد أَحْبَبْت فلَانا فَأَحبهُ
فينادي فِي السَّمَاء ثمَّ تنزل لَهُ الْمحبَّة فِي أهل الأَرْض فَذَلِك قَول الله: ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا﴾ وَإِذا أبْغض الله عبدا نَادَى جِبْرِيل: إِنِّي قد أبغضت فلَانا فينادي فِي أهل السَّمَاء ثمَّ تنزل لَهُ الْبغضَاء فِي أهل الأَرْض
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ثَوْبَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن العَبْد ليلتمس مرضاة الله فَلَا يزَال كَذَلِك فَيَقُول الله لجبريل: إِن عَبدِي فلَانا يلْتَمس أَن يرضيني فرضائي عَلَيْهِ فَيَقُول جِبْرِيل: رَحْمَة الله على فلَان ويقوله حَملَة الْعَرْش ويقوله الَّذين يَلُونَهُمْ حَتَّى يَقُوله أهل السَّمَوَات السَّبع ثمَّ يهْبط إِلَى الأَرْض قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي الْآيَة الَّتِي أنزل الله فِي كِتَابه ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا﴾ وَإِن العَبْد ليلتمس سخط الله فَيَقُول الله: يَا جِبْرِيل إِن فلَانا يسخطني أَلا وَإِن غَضَبي عَلَيْهِ فَيَقُول جِبْرِيل: غضب الله على فلَان ويقوله حَملَة الْعَرْش ويقوله من دونهم حَتَّى يَقُوله أهل السَّمَوَات السَّبع ثمَّ يهبد إِلَى الأَرْض
وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب قَالَ: أجد فِي التَّوْرَاة: أَنه لم تكن محبَّة لأحد من أهل الأَرْض حَتَّى تكون بدؤها من الله تَعَالَى - ينزلها على أهل الأَرْض ثمَّ قَرَأت الْقُرْآن فَوجدت فِيهِ ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا﴾
وَأخرج الحيكم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس بِسَنَد ضَعِيف: أَن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: كتب أَبُو الدَّرْدَاء إِلَى مسلمة بن مخلد سَلام عَلَيْك أما بعد: فَإِن العَبْد إِذا عمل بِطَاعَة الله أحبه الله فَإِذا أحبه الله حببه إِلَى عباده وَإِن العَبْد إِذا عمل بِمَعْصِيَة الله أبغضه الله فَإِذا أبغضه الله بغضه إِلَى عباده
وَأخرج الحيكم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لكل عبد صيت فَإِن كَانَ صَالحا وضع فِي الأَرْض وَإِن كَانَ شَيْئا وضع فِي الأَرْض
وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن المقة من الله والصيت من السَّمَاء فَإِذا أحب الله عبدا قَالَ لجبريل: إِنِّي أحب فلَانا فينادي جِبْرِيل: إِن ربكُم يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ فتنزل لَهُ الْمحبَّة فِي الأَرْض وَإِذا أبْغض عبدا قَالَ لجبريل: إِنِّي أبْغض فلَانا فَأَبْغضهُ فينادي جِبْرِيل: إِن ربكُم يبغض فلَانا فابغضوه فَيجْرِي لَهُ البغض فِي الأَرْض
وأخرح ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وتنذر بِهِ قوما لداً﴾ قَالَ: فجاراً
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿لداً﴾ قَالَ: صمًّا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿لداً﴾ قَالَ: خصماء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿قوما لداً﴾ قَالَ: جدلاً بِالْبَاطِلِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿قوما لداً﴾ قَالَ: هم قُرَيْش
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿لداً﴾ قَالَ: لَا يستقيمون
الْآيَة ٩٨
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عون، عن ابن مسعود قال : إن الجبل لينادي الجبل باسمه يا فلان، هل مر بك اليوم أحد ذكر الله ؟ فإذا قال نعم، استبشر. قال عون : أفيسمعن الزور إذا قيل، ولا يسمعن الخير ؟ ! هي للخير اسمع. وقرأ ﴿ وقالوا اتخذ الرحمن ولداً ﴾ الآيات.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة، عن محمد بن المنكدر قال : بلغني أن الجبلين إذا أصبحا، نادى أحدهما صاحبه يناديه باسمه فيقول : أي فلان، هل مر بك ذاكر لله ؟ فيقول : نعم. فيقول : لقد أقر الله عينك، ولكن ما مر بي ذاكر لله عز وجل اليوم.
وأخرج الحاكم وصححه، عن أبي أمامة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ « تكاد السماوات ينفطرن » بالياء والنون ﴿ وتخر الجبال ﴾ بالتاء.
وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ يتفطرن منه ﴾ قال : الانفطار الانشقاق.
وأخرج أبو الشيخ، عن الضحاك في قوله :﴿ تكاد السماوات يتفطرن منه ﴾ قال : يتشققن من عظمة الله.
وأخرج ابن المنذر، عن هرون قال : في قراءة ابن مسعود ﴿ تكاد السماوات يتفطرن ﴾ بالياء.
وأخرج ابن مردويه والديلمي، عن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ :«قل : اللهم اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي عندك ودّاً، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة، فأنزل الله ﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾ قال : فنزلت في علي.
وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس قال : نزلت في علي بن أبي طالب ﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾ قال : محبة في قلوب المؤمنين.
وأخرج الحكيم الترمذي وابن مردويه، عن علي قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله :﴿ سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾ ما هو ؟ قال : المحبة، في قلوب المؤمنين، والملائكة المقربين. يا علي، إن الله أعطى المؤمن ثلاثاً. المنة والمحبة والحلاوة والمهابة في صدور الصالحين ».
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير، عن ابن عباس في قوله :﴿ سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾ قال : محبة في الناس في الدنيا.
وأخرج هناد، عن الضحاك ﴿ سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾ قال : محبة في صدور المؤمنين.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾ قال : يحبهم ويحبونه.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إذا أحب الله عبداً، نادى جبريل : إني قد أحببت فلاناً، فأحبه. فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قول الله :﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾ وإذا أبغض الله عبداً، نادى جبريل : إني قد أبغضت فلاناً، فينادي في أهل السماء، ثم تنزل له البغضاء في أهل الأرض ».
وأخرج ابن مردويه، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال :«إن العبد ليلتمس مرضاة الله، فلا يزال كذلك، فيقول الله لجبريل : إن عبدي فلاناً يلتمس أن يرضيني، فرضائي عليه، فيقول جبريل : رحمة الله على فلان، ويقوله حملة العرش، ويقوله الذين يلونهم، حتى يقوله : أهل السماوات السبع، ثم يهبط إلى الأرض » قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي الآية التي أنزل الله في كتابه ﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾ «وإن العبد ليلتمس سخط الله، فيقول الله : يا جبريل، إن فلاناً يسخطني، ألا وإن غضبي عليه ؛ فيقول جبريل : غضب الله على فلان، ويقوله حملة العرش، ويقوله من دونهم، حتى يقوله أهل السماوات السبع، ثم يهبط إلى الأرض ».
وأخرج عبد بن حميد، عن كعب قال : أجد في التوراة : أنه لم تكن محبة لأحد من أهل الأرض، حتى تكون بدؤها من الله تعالى ؛ ينزلها على أهل الأرض، ثم قرأت القرآن فوجدت فيه ﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن ابن عباس بسند ضعيف : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إن الله أعطى المؤمن ثلاثة : المقة والملاحة والمودة والمحبة في صدور المؤمنين » ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد سلام عليك أما بعد : فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله، فإذا أحبه الله حببه إلى عباده، وإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله، فإذا أبغضه الله بغضه إلى عباده.
وأخرج الحكيم الترمذي، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لكل عبد صيت، فإن كان صالحاً وضع في الأرض، وإن كان سيئاً وضع في الأرض ».
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن المقة من الله، والصيت في السماء، فإذا أحب الله عبداً قال لجبريل : إني أحب فلاناً، فينادي جبريل : إن ربكم يحب فلاناً فأحبوه، فتنزل له المحبة في الأرض، وإذا أبغض عبداً قال لجبريل : إني أبغض فلاناً، فأبغضه، فينادي جبريل : إن ربكم يبغض فلاناً فابغضوه، فيجري له البغض في الأرض ».
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله :﴿ لداً ﴾ قال : صماً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله :﴿ لداً ﴾ قال : خصماء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة في قوله :﴿ قوماً لداً ﴾ قال : جدلاً بالباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة ﴿ قوماً لداً ﴾ قال : هم قريش.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد ﴿ لداً ﴾ قال : لا يستقيمون.
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿هَل تحس مِنْهُم﴾ بِرَفْع التَّاء وَكسر الْحَاء وَرفع السِّين وَلَا يدغمها
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿هَل تحس مِنْهُم من أحد أَو تسمع لَهُم ركزاً﴾ قَالَ: هَل ترى عينا أَو تسمع صَوتا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: ذهب الْقَوْم فَلَا صَوت وَلَا عين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ركزاً﴾ قَالَ: صَوتا
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: ﴿ركزاً﴾ فَقَالَ: حسا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: وَقد توجس ركزاً متفقد ندس بنية الصَّوْت مَا فِي سَمعه كذب
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
٢٠سُورَة طه
مَكِّيَّة وآياتها خمس وَثَلَاثُونَ وَمِائَة
مُقَدّمَة سُورَة طه أخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة طه بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة طه بِمَكَّة
وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد والعقيلي فِي الضُّعَفَاء وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى قَرَأَ طه وَيس قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض بألفي عَام فَلَمَّا سَمِعت الْمَلَائِكَة الْقُرْآن قَالَت: طُوبَى لأمة ينزل عَلَيْهَا هَذَا وطوبى لأجواف تحمل هَذَا وطوبى لألسنة تَتَكَلَّم بِهَذَا
وَأخرج الديلمي عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَعْطَيْت السُّورَة الَّتِي ذكرت فِيهَا الْأَنْعَام من الذّكر الأول وَأعْطيت طه والطواسيم من أَلْوَاح مُوسَى وَأعْطيت فواتح الْقُرْآن وخواتيم الْبَقَرَة من تَحت الْعَرْش وَأعْطيت الْمفصل نَافِلَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل قُرْآن يوضع على أهل الْجنَّة فَلَا يقرؤون مِنْهُ شَيْئا إِلَّا طه وَيس فَإِنَّهُم يقرؤون بهما فِي الْجنَّة
الْآيَة ١ - ١١