تفسير سورة الرحمن

غريب القرآن لابن قتيبة
تفسير سورة سورة الرحمن من كتاب غريب القرآن المعروف بـغريب القرآن لابن قتيبة .
لمؤلفه ابن قتيبة الدِّينَوري . المتوفي سنة 276 هـ

سورة الرحمن
مكية كلها
٤- عَلَّمَهُ الْبَيانَ أي الكلام.
٥- الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ أي بحساب ومنازل لا يعدونها «١».
٦- وَالنَّجْمُ: العشب والبقل، وَالشَّجَرُ: ما قام على ساق، يَسْجُدانِ.
قال الفراء: «سجودهما: أنهما يستقبلان الشمس إذا أشرقت، ثم يميلان معها حتى نكسر الفيء».
وقد بينت السجود في كتاب «تأويل المشكل»، وأنه الاستسلام من جميع الموات، والانقياد لما سخر له.
٧- وَوَضَعَ الْمِيزانَ أي العدل في الأرض.
٨- أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ: أي ألا تجوروا.
٩- وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ أي بالعدل، وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ، أي لا تنقصوا الوزن.
(١) قال مجاهد: بحسبان كحسبان الرحى.
377
١٠- ولِلْأَنامِ: الخلق.
١١- وذاتُ الْأَكْمامِ أي ذات الكفرّى قبل ان ينفتق. وغلاف كل شيء: كمّه.
[و] «الكفرّى» : هو الجفّ، وهو الكم، وهو الكافور، وهو الذي ينشق عن الطّلع.
١٢- والْعَصْفِ: ورق الزرع، ثم يصير، إذا جفّ ودرس- تبنا.
والرَّيْحانُ: الرزق، يقال: خرجت اطلب ريحان الله. قال النّمر ابن تولب:
سلام الإله وريحانه... ورحمته وسماء درر»
١٣- و (الآلاء) النعم. واحدها «ألي» إلى مثل قفا، و» إلي» مثل معي.
١٤- صَلْصالٍ: طين يابس يصلصل، أي يصوت من يبسه كما يصوت الفخار، وهو: ما طبخ.
ويقال: «الصلصال» : المنتن، مأخوذ من «صلّ الشيء» : إذا أنتن مكانه فكأنه أراد: «صلّالا»، ثم قلب إحدى الامين.
وقد قرىء: أئذا صللنا في الأرض [سورة السجدة آية: ١٠]، أي أنتنا.
(١) العصف: بقل الزرع إذا قطع منه شيء قبل أن يدرك فذلك العضد والريحان رزقه.
وقال الضحاك: العصف: التبن. وقال مجاهد: العصف: ورق الحنطة والريحان الرزق.
378
١٥- و (المارج) هاهنا: لهب النار، من قولك: مرج الشيء، إذا اضطرب ولم يستقر «١».
قال أبو عبيدة: مِنْ مارِجٍ: من خلط من النار.
١٩- مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ: خلّاهما. تقول: مرجت دابتي، إذا خلّيتها ومرج السلطان الناس: [إذا اهملهم]. وأمرجت الدابة: رعيتها.
٢٠- بَيْنَهُما بَرْزَخٌ أي حاجز «٢» : لئلا يحمل أحدهما على الآخر، فيختلطان.
٢٢- واللُّؤْلُؤُ: كبار الحب. والْمَرْجانُ: صغاره.
٢٤- (الجواري) : السفن. والْمُنْشَآتُ: اللواتي أنشئن، أي ابتدئ بهن فِي الْبَحْرِ.
ومن قرأ: المنشئات: جعلهن: اللواتي ابتدأن. يقال أنشأت السحابة تمطر، أي ابتدأت. وأنشأ الشاعر يقول.
و (الأعلام) : الجبال. واحدها: «علم».
٣٣- أَقْطارِ السَّماواتِ وأقتارها: جوانبها.
لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ أي إلا بملك وقهر.
٣٥- و (النحاس) : الدخان. قال الجعدي:
تضيء كضوء سراج السّليط لم يجعل الله فيه نحاسا
٣٧- فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ أي حمراء في لون الفرس الوردة. و «الدّهان» : جمع «دهن».
(١) المارج: اللهب الأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت.
(٢) وهو قول ابن عباس.
ويقال: «الدهان» : الأديم الأحمر.
٤١- يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ أي بعلامات فيهم، يقال: سواد الوجوه، وزرقة العيون، ونحو ذلك.
٤٤- وقوله: حَمِيمٍ آنٍ و «الحميم» : الماء المغلي. و «الآني» :
الذي قد انتهت شدة حرة.
٤٦- وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ: بستانان في الجنة.
قال الفراء: «وقد تكون في العربية جنة واحدة. (قال) : انشدني بعضهم:
ومهمهين قذفين مرتين... قطعته بالسّمت لا بالسمتين
يريد: مهمها واحدا، وسمتا واحدا.
(قال) وانشدني آخر:
يسعى بكبداء وفرسين... قد جعل الأرطاة جنّتين
(قال) : وذلك للقوافي، والقوافي تحتمل- من الزيادة والنقصان- ما لا يحتمله الكلام»
.
وهذا من اعجب ما حمل عليه كتاب الله. ونحن نعوذ بالله من أن نتعسف هذا التعسف، ونجيز على الله- جل ثناؤه- الزيادة والنقص في الكلام، لرأس آية.
وإنما يجوز في رؤوس الآي: أن يزيد هاء للسكت، كقوله: وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ [سورة القارعة آية: ١٠]، وألفا كقوله: وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا [سورة الأحزاب آية: ١٠]. او يحذف همزة من الحرف، كقوله:
أَثاثاً وَرِءْياً [سورة مريم آية: ٧٤] او ياء كقوله: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ [سورة الفجر آية: ٤] لتستوي رؤوس الآي، على مذاهب العرب في
الكلام: إذا تم، فآذنت بانقطاعه وابتداء غيره. لأن هذا لا يزيل معنى عن جبهته، ولا يزيد ولا ينقص. فأما ان يكون الله عز وجل وعد جنتين، فيجعلها جنة واحدة من أجل رؤوس الآي-: فمعاذ الله!.
وكيف يكون هذا: وهو- تبارك اسمه- يصفهما بصفات الاثنين، فقال:
ذَواتا أَفْنانٍ، ثم قال: فِيهِما... ، فِيهِما... ؟!.
ولو ان قائلا قال في خزنة النار: إنهم عشرون، وإنما جعلهم تسعة عشر لرأس الآية- كما قال الشاعر:
نحن بنو أم البنين الأربعة وإنما هم خمسة، فجعلهم للقافية اربعة-: ما كان في هذا القول إلا كالفراء.
٥٤- بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ.
قال الفراء: «قد تكون البطانة ظهارة، والظهارة بطانة. وذلك: ان كل واحد منهما [قد] يكون وجها، تقول العرب: هذا ظهر السماء، وهذا بطن السماء- ل [ظاهرها] الذي تراه. (قال) : وقال ابن الزّبير- وذكر قتلة عثمان رضي الله عنه-:: «فقتلهم الله كل قتلة، ونجا من نجا منهم تحت بطون السماء والكواكب»، يعني: هربوا ليلا».
وهذا أيضا من عجب التفسير. كيف تكون البطانة ظهارة، والظهارة بطالة- والبطانة: ما بطن من الثوب وكان من شأن الناس إخفاؤه، والظهارة:
ما ظهر منه وكان من سأن الناس إبداؤه؟!.
وهل يجوز لأحد ان يقول لوجه مصلي: هذا بطانته، ولما ولي الأرض منه: هذا ظهارته؟!.
وإنما أراد الله جل وعز ان يعرفنا- من حيث نفهم- فضل هذه الفرش
وأن ما ولي الأرض منها إستبرق، وهو: الغليظ من الديباج. وإذا كانت البطانة كذلك: فالظّهارة أعلى وأشرف.
وكذلك
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لمناديل سعد بن معاذ «١» - في الجنة- احسن من هذه الحلّة «٢» ».
فذكر المناديل دون غيرها: لأنها أخشن من الثياب. وكذلك البطائن: أخشن من الظواهر.
وأما قولهم: ظهر السماء وبطن السماء، - لما ولينا-: فإن هذا قد يجوز في ذي الوجهين المتساويين، إذا ولي كلّ واحد منهما قوما. تقول في حائط بينك وبين قوم- لما وليك منه-: هذا ظهر الحائط، ويقول الآخرون لما وليهم: هذا طهر الحائط. فكلّ واحد- من الوجهين-: ظهر وبطن. ومثل هذا كثير.
كذلك السماء: ما ولينا منها ظهر، وهو لمن فوقها- من الملائكة- بطن.
٥٦-،
٧٤- لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ قال ابو عبيدة: لم يمسسهن.
ويقال: ناقة صعبة لم يطمثها محل قط، أي لم يمسسها.
وقال الفراء: «لم يطمثهن» : لم يفتضّهن. و «الطمث» : النكاح بالتدمية. ومنه قيل للحائض: طامث.
٦٤- مُدْهامَّتانِ: سوداوان من شدة الخضرة والرّيّ. «٣» قال ذو الرّمة- وذكر غيثا-:
كسا الأكم بهمي غضة حبشية تؤاما ونقعان الظهور الأقارع
جعلها حبشية من شدة الخضرة.
(١) هو سيد الأوس، توفي في السنة الخامسة للهجرة.
(٢) أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وأحمد.
(٣) قال الزجاج: يعني أنهما خضراوان تضرب خضرتهما إلى السواد.
٦٦-ضَّاخَتانِ
: تفوران بالماء «١». و «النّضخ» أكثر من «النّضح». ولا يقال منه: فعلت.
٦٦- خَيْراتٌ حِسانٌ: نساء خيرات «٢»، فخفف. ما يقال:
هين ولين.
٧٢- حُورٌ: شديدات البياض، وشديدات سواد المقل واحدها:
حوراء» ومنه قيل: حواري.
مَقْصُوراتٌ أي محبوسات مخدرات. والعرب تسمى الحجلة:
«المقصورة» قال كثير:
لعمري! لقد حببت كل قصيرة إليّ، وما تدري بذاك القصائر
عنيت قصيرات الحجال، ولم أراد قصار الخطي، شرّ النساء البحائر
و «البحاتر» : القصار.
٧٦- مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ يقال: رياض الجنة.
وقال ابو عبيدة: «هي الفرش والبسط أيضا، وجمعه: رفارف».
ويقال: هي المحابس.
و (العبقري) : الطنافس الثّخان «٣».
قال ابو عبيدة: «يقال لكل شيء من البسط: عبقريّ. ويذكر ان عبقر» : ارض كان يعمل فيها الوشي، فنسب إليها كلّ شيء جيد».
(١) قاله الطبري.
(٢) قاله الطبري: في هذه الجنان الأربع نساء خيرات الأخلاق حسان الوجوه.
(٣) قاله الطبري.
Icon