هي مكية إلا قوله تعالى :﴿ واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا ( ١٠ ) وذرني والمكذبين أولي النّعمة ومهلهم قليلا ﴾ [ المزمل : ١٠-١١ ] وقوله :﴿ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ﴾ [ المزمل : ٢٠ ] إلى آخر السورة فمدنية.
نزلت بعد سورة القلم.
ووجه اتصالها بما قبلها :
( ١ ) أنه سبحانه ختم سورة الجن بذكر الرسل عليهم السلام، وافتتح هذه بما يتعلق بخاتمهم عليه السلام.
( ٢ ) أنه قال في السورة السالفة :﴿ وأنه لما قام عبد الله يدعوه ﴾ [ الجن : ١٩ ] وقال في هذه :﴿ قم الليل إلا قليلا ﴾ [ المزمل : ٢ ].
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ يا أيها المزمل ( ١ ) قم الليل إلا قليلا ( ٢ ) نصفه أو انقص منه قليلا ( ٣ ) أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ( ٤ ) إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ( ٥ ) إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ( ٦ ) إن لك في النهار سبحا طويلا ( ٧ ) واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا ( ٨ ) رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ﴾ [ المزمل : ١-٩ ].شرح المفردات : المزمل : أصله المتزمل ؛ من قولهم تزمل بثيابه إذا تلفف بها.
المعنى الجملي : قال ابن عباس : أول ما جاء جبريل النبي صلى الله عليه وسلم خافه وظن أن به مسا من الجن، فرجع من الجبل مرتعدا وقال : زملوني زملوني، فبينا هو كذلك إذ جاءه جبريل وناداه. ﴿ يا أيها المزمل* قم الليل إلا قليلا* نصفه أو انقص منه قليلا* أو زد عليه ﴾[ المزمل : ١-٤ ]. ثم أمره بترتيل القرآن وقراءته بتؤدة وتأن، ثم أخبره بأنه سيلقي عليه قرآنا فيه التكاليف الشاقة على المكلفين، وأن النهوض للعبادة بالليل شديد الوطأة ولكنه أقوم لقراءة القرآن لحضور القلب، أما قراءته في النهار فتكون مع اشتغال النفوس بأحوال الدنيا، ثم أمره بذكر ربه والانقطاع إليه بالعبادة، وتفويض أموره كلها إليه.
الإيضاح :﴿ يا أيها المزمل* قم الليل إلا قليلا ﴾ أي يا أيها النبي المتزمل بثيابه، المتهيئ للصلاة، دم عليها الليل كله إلا قليلا.
شرح المفردات : المزمل : أصله المتزمل ؛ من قولهم تزمل بثيابه إذا تلفف بها.
الإيضاح :﴿ يا أيها المزمل* قم الليل إلا قليلا ﴾ أي يا أيها النبي المتزمل بثيابه، المتهيئ للصلاة، دم عليها الليل كله إلا قليلا.
ثم فسر هذا القليل بقوله :﴿ نصفه أو انقص منه قليلا* أو زد عليه ﴾
﴿ نصفه أو انقص منه قليلا* أو زد عليه ﴾ أي إلا قليلا وهو النصف أو انقص من النصف أو زد على النصف إلى الثلثين، فهو قد خير بين الثلث والنصف والثلثين.
وقصارى ذلك : أنه أمر أن يقوم نصف الليل أو يزيد عليه قليلا أو ينقص منه قليلا، ولا حرج عليه في واحد من الثلاثة.
وبعد أن أمره بقيام الليل للصلاة أمره بترتيل القرآن فقال :
﴿ ورتل القرآن ترتيلا ﴾ أي اقرأه على تمهل، فإنه أعون على فهمه وتدبره، وكذلك كان صلوات الله عليه، قالت عائشة رضي الله عنها : كان يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها، وجاء في الحديث :( زينوا القرآن بأصواتكم، ولقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود، يعني أبا موسى الأشعري، فقال أبو موسى : لو كنت أعلم أنك كنت تسمع قراءتي لحبّرته لك تحبيرا ).
وأخرج العسكري في كتابه المواعظ عن عليّ كرم الله وجهه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية فقال : بينه تبيينا ولا تنثره نثر الدقل :( أردأ التمر ) ولا تهذّه :( لا تسرع به ) هذا الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة ".
وعن عبد الله بن مغفل قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح فرجّع في قراءته أخرجه الشيخان.
وعن جابر قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا العربي والعجمي فقال :( اقرؤوا وكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح- السهم- يتعجلونه ولا يتأجلونه، لا يجاوز تراقيهم ) رواه أبو داود.
قال في فتح البيان : والمقصود من الترتيل إنما هو حضور القلب عند القراءة لا مجرد إخراج الحروف من الحلقوم بتعويج الوجه والفم وألحان الغناء كما يعتاد قراء هذا الزمان من أهل مصر وغيرها في مكة المكرمة وغيرها، بل هو بدعة أحدثها البطالون الأكالون والحمقى الجاهلون بالشرائع وأدلتها الصادقة، وليس هذا بأول قارورة كسرت في الإسلام اهـ.
والحكمة في الترتيل : التمكن من التأمل في حقائق الآيات ودقائقها، فعند الوصول إلى ذكر الله يستشعر عظمته وجلاله، وعند الوصول إلى الوعد والوعيد يحصل الرجاء والخوف ويستنير القلب بنور الله- وبعكس هذا فإن الإسراع في القراءة يدل على عدم الوقوف على المعاني، والنفس تبتهج بذكر الأمور الروحية، ومن سر بشيء أحب ذكره ؛ كما أن من أحب شيئا لا يحب أن يمر عليه مسرعا.
﴿ نصفه أو انقص منه قليلا* أو زد عليه ﴾ أي إلا قليلا وهو النصف أو انقص من النصف أو زد على النصف إلى الثلثين، فهو قد خير بين الثلث والنصف والثلثين.
وقصارى ذلك : أنه أمر أن يقوم نصف الليل أو يزيد عليه قليلا أو ينقص منه قليلا، ولا حرج عليه في واحد من الثلاثة.
وبعد أن أمره بقيام الليل للصلاة أمره بترتيل القرآن فقال :
﴿ ورتل القرآن ترتيلا ﴾ أي اقرأه على تمهل، فإنه أعون على فهمه وتدبره، وكذلك كان صلوات الله عليه، قالت عائشة رضي الله عنها : كان يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها، وجاء في الحديث :( زينوا القرآن بأصواتكم، ولقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود، يعني أبا موسى الأشعري، فقال أبو موسى : لو كنت أعلم أنك كنت تسمع قراءتي لحبّرته لك تحبيرا ).
وأخرج العسكري في كتابه المواعظ عن عليّ كرم الله وجهه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية فقال : بينه تبيينا ولا تنثره نثر الدقل :( أردأ التمر ) ولا تهذّه :( لا تسرع به ) هذا الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة ".
وعن عبد الله بن مغفل قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح فرجّع في قراءته أخرجه الشيخان.
وعن جابر قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا العربي والعجمي فقال :( اقرؤوا وكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح- السهم- يتعجلونه ولا يتأجلونه، لا يجاوز تراقيهم ) رواه أبو داود.
قال في فتح البيان : والمقصود من الترتيل إنما هو حضور القلب عند القراءة لا مجرد إخراج الحروف من الحلقوم بتعويج الوجه والفم وألحان الغناء كما يعتاد قراء هذا الزمان من أهل مصر وغيرها في مكة المكرمة وغيرها، بل هو بدعة أحدثها البطالون الأكالون والحمقى الجاهلون بالشرائع وأدلتها الصادقة، وليس هذا بأول قارورة كسرت في الإسلام اهـ.
والحكمة في الترتيل : التمكن من التأمل في حقائق الآيات ودقائقها، فعند الوصول إلى ذكر الله يستشعر عظمته وجلاله، وعند الوصول إلى الوعد والوعيد يحصل الرجاء والخوف ويستنير القلب بنور الله- وبعكس هذا فإن الإسراع في القراءة يدل على عدم الوقوف على المعاني، والنفس تبتهج بذكر الأمور الروحية، ومن سر بشيء أحب ذكره ؛ كما أن من أحب شيئا لا يحب أن يمر عليه مسرعا.
شرح المفردات : سنلقي عليك : أي سنوحي إليك، قولا ثقيلا : المراد به القرآن لما فيه من التكاليف الشاقة على المكلفين عامة وعلى الرسول خاصة، لأنه يتحملها بنفسه ويبلغها إلى أمته.
ثم أتى بجملة معترضة بين الأمر بالقيام وتعليله الآتي ليبين سهولة ما كلفه من القيام فقال :
﴿ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ﴾ أي إنا سننزل عليك القرآن وفيه الأمور الشاقة عليك وعلى أتباعك من أوامر ونواه، فلا تبال بهذه المشقة وامرن عليها لما بعدها.
وقال الحسن بن الفضل : ثقيلا أي لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق، ونفس مزينة بالتوحيد، وقال ابن زيد : هو والله ثقيل مبارك، كما ثقل في الدنيا يثقل في الميزان يوم القيامة.
وقد يكون المراد : إنه ثقيل في الوحي فقد جاء في حديث البخاري ومسلم :( إن الوحي كان يأتيه صلى الله عليه وسلم أحيانا في مثل صلصلة الجرس، وهذا أشده عليه، فيفصم عنه ( يفارقه ) وقد وعى ما قال. وأحيانا يتمثل له الملك رجلا فيكلمه فيعي ما يقول، وكان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقا ) يجري عرقه كما يجري الدم من الفاصد.
شرح المفردات : ناشئة الليل : هي النفس التي تنشأ من مضجعها للعباد : أي تنهض وترتفع ؛ من قولهم نشأت السحابة إذا ارتفعت، وطأ : أي مواطأة ؛ وموافقة من قولهم واطأت فلانا على كذا إذا وافقته عليه ومنه قوله تعالى :﴿ ليواطئوا عدة ما حرم الله ﴾ [ التوبة : ٣٧ ] أي ليوافقوا، أقوم قليلا : أي أثبت قراءة لحضور القلب وهدوء الأصوات.
ثم علل الأمر بقيام الليل فقال :
﴿ إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ﴾ أي لأن قيام الليل أشد مواطأة وموافقة بين القلب واللسان، وأجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها، وهو أفرغ للقلب من النهار، لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات والبحث عن أمور المعاش، ومن ثم قال :
شرح المفردات : سبحا طويلا : أي تقلبا وتصرفا في مهام أمورك، واشتغالا بشواغلك، فلا تستطيع أن تتفرغ للعبادة، فعليكها في الليل، وأصل السبح : السير السريع في الماء.
﴿ إن لك في النهار سبحا طويلا ﴾ أي إن لك في النهار تقلبا وتصرفا في مهام أمورك واشتغالا بشواغلك، فلا تستطيع أن تتفرغ فيه للعبادة، فعليك بالتهجد، فإن مناجاة الرب يعوزها الفراغ والتخلي عن العمل.
شرح المفردات : واذكر اسم ربك : أي ودم على ذكره ليلا ونهارا، وتبتل إليه تبتيلا : أي انقطع عن كل شيء إلى أمر الله وطاعته.
ثم أمر رسوله بمداومة الذكر والإخلاص له فقال :
﴿ واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا ﴾ أي ودم على ذكره ليلا ونهارا بالتسبيح والتهليل
والتحميد والصلاة وقراءة القرآن، وانقطع إليه بالعبادة، وجرد إليه نفسك وأعرض عما سواه.
ونحو الآية قوله :﴿ فإذا فرغت فانصب ﴾ [ الشرح : ٧ ] أي فإذا فرغت من شؤونك، فانصب في طاعته وعبادته، لتكون فارغ القلب، خاليا من الهواجس والوساوس الدنيوية.
شرح المفردات : اتخذه وكيلا : أي وفوض كل أمر إليه.
ثم بين السبب في الأمر بالذكر والتبتل فقال :
﴿ رب المشرق و المغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ﴾ أي هو المالك المتصرف في المشارق والمغارب، لا إله إلا هو، فعليك أن تتوكل عليه في جميع أمورك.
ونحو الآية قوله :﴿ فاعبده وتوكل عليه ﴾ [ هود : ١٢٣ ]. وقوله :﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ [ الفاتحة : ٥ ].
وجاء في كلامهم : من رضي بالله وكيلا، وجد إلى كل خير سبيلا.
وقد ذكروا أن مقام التوكل فوق مقام التبتل، لما فيه من الدلالة على غاية الحب له تعالى وأنشدوا :
هواي له فرض تعطف أوجفا | ومنهله عذب تكدر أو صفا |
وكلت إلى المعشوق أمري كله | فإن شاء أحياني وإن شاء أتلفا |
شرح المفردات : الهجر الجميل : ما لا عتاب معه.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر معاملة العباد لبارئهم وخالقهم من العدم- أردف ذلك معاملة بعضهم بعضا، فبين أن ذلك يكون بأحد أمرين :
( ١ ) مخالطة فصبر جميل على الإيذاء والإيحاش.
( ٢ ) هجر جميل بالمجانبة بالقلب والهوى، والمخالفة في الأفعال مع المداراة والإغضاء وترك المكافأة.
ثم أمر رسوله أن يترك أمر المشركين إليه، فهو الكفيل بمجازاتهم، ثم ذكر أنه سيعذبهم بالأنكال والنار المستعرة، والطعام ذي الغصة في يوم القيامة حين تكون الجبال كثيبا مهيلا.
وبعد أن خوفهم عذاب يوم القيامة خوفهم أهوال الدنيا، وأنه سيكون لهم فيها مثل ما كان للأمم المكذبة قبلهم كقوم فرعون حين عصوا موسى فأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم عاد إلى تخويفهم بالآخرة مرة أخرى، وأبان لهم أن أهوالها بلغت حدا تشيب من هوله الولدان، وأن السماء تتشقق منه.
الإيضاح :﴿ واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا ﴾ أي واصبر على ما يقول فيك وفي ربك سفهاء قومك المكذبون لك، واهجرهم هجرا جميلا بأن تداريهم وتجانبهم وتغضي عن زلاتهم ولا تعاتبهم.
ونحو الآية قوله :﴿ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ﴾ [ الأنعام : ٦٨ ] وقوله :﴿ فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ﴾ [ النجم : ٢٩ ]، وقوله :﴿ فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ﴾ [ النساء : ٦٣ ].
( ١ ) مخالطة فصبر جميل على الإيذاء والإيحاش.
( ٢ ) هجر جميل بالمجانبة بالقلب والهوى، والمخالفة في الأفعال مع المداراة والإغضاء وترك المكافأة.
ثم أمر رسوله أن يترك أمر المشركين إليه، فهو الكفيل بمجازاتهم، ثم ذكر أنه سيعذبهم بالأنكال والنار المستعرة، والطعام ذي الغصة في يوم القيامة حين تكون الجبال كثيبا مهيلا.
وبعد أن خوفهم عذاب يوم القيامة خوفهم أهوال الدنيا، وأنه سيكون لهم فيها مثل ما كان للأمم المكذبة قبلهم كقوم فرعون حين عصوا موسى فأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم عاد إلى تخويفهم بالآخرة مرة أخرى، وأبان لهم أن أهوالها بلغت حدا تشيب من هوله الولدان، وأن السماء تتشقق منه.
شرح المفردات : النعمة ( بفتح النون ) التنعم ( وبكسر النون ) الإنعام، مهلهم : أي اتركهم برفق وتأن ولا تهتم بشأنهم.
ثم تهددهم وتوعدهم، وهو العظيم الذي لا يقوم لغضبه شيء فقال :
﴿ وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا ﴾ أي ودعني والمكذبين المترفين أصحاب الأموال، فإني أكفيك أمرهم وأجازيهم بما هم له أهل، وتمهل عليهم قليلا حتى يبلغ الكتاب أجله، وسيذوقون العذاب الذي أعددته لهم.
ونحو الآية قوله :﴿ نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ﴾ [ لقمان : ٢٤ ].
والخلاصة : خل بيني وبينهم، فسأجازيهم بما يستحقون.
روي أنها نزلت في صناديد قريش ورؤساء مكة من المستهزئين ؛ وقالت عائشة رضي الله عنها : لما نزلت هذه الآية لم يكن إلا يسير حتى كانت وقعة بدر.
( ١ ) مخالطة فصبر جميل على الإيذاء والإيحاش.
( ٢ ) هجر جميل بالمجانبة بالقلب والهوى، والمخالفة في الأفعال مع المداراة والإغضاء وترك المكافأة.
ثم أمر رسوله أن يترك أمر المشركين إليه، فهو الكفيل بمجازاتهم، ثم ذكر أنه سيعذبهم بالأنكال والنار المستعرة، والطعام ذي الغصة في يوم القيامة حين تكون الجبال كثيبا مهيلا.
وبعد أن خوفهم عذاب يوم القيامة خوفهم أهوال الدنيا، وأنه سيكون لهم فيها مثل ما كان للأمم المكذبة قبلهم كقوم فرعون حين عصوا موسى فأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم عاد إلى تخويفهم بالآخرة مرة أخرى، وأبان لهم أن أهوالها بلغت حدا تشيب من هوله الولدان، وأن السماء تتشقق منه.
شرح المفردات : الأنكال : واحدها نكل ( بكسر النون وفتحها ) وهو القيد الثقيل، قالت الخنساء :
دعاك فقطعت أنكاله *** وقد كن قبلك لا تقطع
والجحيم : النار الشديدة الإيقاد.
ثم ذكر من ألوان العذاب التي أعدها لهم أمورا أربعة :
( ١ )﴿ إن لدينا أنكالا ﴾ أي إن لدينا لهؤلاء المكذبين بآياتنا قيودا ثقيلة توضع في أرجلهم كما يفعل بالمجرمين في الدنيا إذلالا لهم قال الشعبي : أترون أن الله جعل الأنكال في أرجل أهل النار خشية أن يهربوا ؟ لا والله، ولكنهم إذا أرادوا أن يرتفعوا استفلت بهم.
( ٢ )﴿ وجحيما ﴾ أي نارا مستعرة تشوي الوجوه.
( ١ ) مخالطة فصبر جميل على الإيذاء والإيحاش.
( ٢ ) هجر جميل بالمجانبة بالقلب والهوى، والمخالفة في الأفعال مع المداراة والإغضاء وترك المكافأة.
ثم أمر رسوله أن يترك أمر المشركين إليه، فهو الكفيل بمجازاتهم، ثم ذكر أنه سيعذبهم بالأنكال والنار المستعرة، والطعام ذي الغصة في يوم القيامة حين تكون الجبال كثيبا مهيلا.
وبعد أن خوفهم عذاب يوم القيامة خوفهم أهوال الدنيا، وأنه سيكون لهم فيها مثل ما كان للأمم المكذبة قبلهم كقوم فرعون حين عصوا موسى فأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم عاد إلى تخويفهم بالآخرة مرة أخرى، وأبان لهم أن أهوالها بلغت حدا تشيب من هوله الولدان، وأن السماء تتشقق منه.
شرح المفردات : ذا غصة : أي لا يستساغ في الحلق فلا يدخل ولا يخرج.
( ٣ )﴿ وطعاما ذا غصة ﴾ أي طعاما لا يستساغ، فلا هو نازل في الحلق، ولا هو خارج منه، كالزقوم والضريع كما قال تعالى :﴿ ليس لهم طعام إلا من ضريع ( ٦ ) لا يسمن ولا يغني من جوع ﴾ [ الغاشية : ٦-٧ ] وقال :﴿ إن شجرة الزقوم ( ٤٣ ) طعام الأثيم ﴾ [ الدخان : الآيات ٤٣- ٤٤ ].
( ٤ ) ﴿ وعذابا أليما ﴾ أي وألوانا أخرى من العذاب المؤلم الموجع الذي لا يعلم كنهه إلا علام الغيوب.
والخلاصة : إن لدينا في الآخرة ما يضاد تنعمهم في الدنيا، وهو النكال والجحيم والطعام الذي يغصون به والعذاب الأليم.
وعن الحسن أنه أمسى صائما فأتي بطعام فعرضت له هذه الآية فقال : ارفعه، ووضع عنده الليلة الثانية فعرضت له فقال : ارفعه، وكذلك الليلة الثالثة، فأخبر ثابت البناني ويزيد الضبي ويحيى البكاء، فجاؤوا فلم يزالوا به حتى شرب شربة من سويق.
( ١ ) مخالطة فصبر جميل على الإيذاء والإيحاش.
( ٢ ) هجر جميل بالمجانبة بالقلب والهوى، والمخالفة في الأفعال مع المداراة والإغضاء وترك المكافأة.
ثم أمر رسوله أن يترك أمر المشركين إليه، فهو الكفيل بمجازاتهم، ثم ذكر أنه سيعذبهم بالأنكال والنار المستعرة، والطعام ذي الغصة في يوم القيامة حين تكون الجبال كثيبا مهيلا.
وبعد أن خوفهم عذاب يوم القيامة خوفهم أهوال الدنيا، وأنه سيكون لهم فيها مثل ما كان للأمم المكذبة قبلهم كقوم فرعون حين عصوا موسى فأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم عاد إلى تخويفهم بالآخرة مرة أخرى، وأبان لهم أن أهوالها بلغت حدا تشيب من هوله الولدان، وأن السماء تتشقق منه.
شرح المفردات : ترجف : أي تضطرب وتتزلزل، كثيبا : أي رملا مجتمعان من قولهم : كثب الشيء إذا جمعه، مهيلا : أي رخوا لينا إذا وطئته القدم زل من تحتها.
﴿ يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا ﴾ أي ذلك العذاب في يوم تضطرب فيه الأرض، وتزلزل الجبال وتتفرق أجزاؤها، وتصير كالعهن المنفوش، وكالكثيب المهيل بعد أن كانت حجارة صماء، ثم ينسفها ربي نسفا، فلا يبقى منها شيء.
( ١ ) مخالطة فصبر جميل على الإيذاء والإيحاش.
( ٢ ) هجر جميل بالمجانبة بالقلب والهوى، والمخالفة في الأفعال مع المداراة والإغضاء وترك المكافأة.
ثم أمر رسوله أن يترك أمر المشركين إليه، فهو الكفيل بمجازاتهم، ثم ذكر أنه سيعذبهم بالأنكال والنار المستعرة، والطعام ذي الغصة في يوم القيامة حين تكون الجبال كثيبا مهيلا.
وبعد أن خوفهم عذاب يوم القيامة خوفهم أهوال الدنيا، وأنه سيكون لهم فيها مثل ما كان للأمم المكذبة قبلهم كقوم فرعون حين عصوا موسى فأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم عاد إلى تخويفهم بالآخرة مرة أخرى، وأبان لهم أن أهوالها بلغت حدا تشيب من هوله الولدان، وأن السماء تتشقق منه.
شرح المفردات : الوبيل : الثقيل الرديء، العقبى، من قولهم : كلأ وبيل : أي وخيم لا يستمرأ لثقله.
وبعد أن خوف المكذبين أولي النعمة بأهوال القيامة خوفهم بأهوال الدنيا وما لاقته الأمم المكذبة من قبلهم فقال :
﴿ إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا* فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا ﴾ أي إنا أرسلنا إليكم رسولا يشهد عليكم بإجابة من أجاب منكم دعوتي، وامتناع من امتنع من الإجابة يوم تلقونني في القيامة، كما أرسلنا إلى فرعون رسولا يدعوه إلى الحق، فعصى فرعون الرسول الذي أرسلناه إليه فأخذناه أخذا شديدا فأهلكناه ومن معه بالغرق، فاحذروا أن تكذبوا هذا الرسول، فيصيبكم مثل ما أصابه.
وقصارى ذلك : كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصاه فأخذناه أخذا وبيلا، أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم، فاحذروا أن تعصوه فيصيبك مثل ما أصابه.
وبعد أن هددهم بعذاب الدنيا أعاد الكرة بتخويفهم بعذاب الآخرة فقال :
( ١ ) مخالطة فصبر جميل على الإيذاء والإيحاش.
( ٢ ) هجر جميل بالمجانبة بالقلب والهوى، والمخالفة في الأفعال مع المداراة والإغضاء وترك المكافأة.
ثم أمر رسوله أن يترك أمر المشركين إليه، فهو الكفيل بمجازاتهم، ثم ذكر أنه سيعذبهم بالأنكال والنار المستعرة، والطعام ذي الغصة في يوم القيامة حين تكون الجبال كثيبا مهيلا.
وبعد أن خوفهم عذاب يوم القيامة خوفهم أهوال الدنيا، وأنه سيكون لهم فيها مثل ما كان للأمم المكذبة قبلهم كقوم فرعون حين عصوا موسى فأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم عاد إلى تخويفهم بالآخرة مرة أخرى، وأبان لهم أن أهوالها بلغت حدا تشيب من هوله الولدان، وأن السماء تتشقق منه.
شرح المفردات : الشيب : واحدهم أشيب، منفطر : أي منشق.
﴿ فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا* السماء منفطر به كان وعده مفعولا ﴾ أي كيف يحصل لكم أمان من يوم يحصل فيه هذا الفزع العظيم الذي تشيب من هوله الولدان، وتتشقق السماء وتنفطر بسبب شدائده وأهواله إن كفرتم، والعرب تضرب المثل في الشدة فتقول : هذا يوم تشيب من هوله الولدان، وهذا يوم يشيب نواصي الأطفال، ذاك أن الهموم والأحزان إذا تفاقمت على الإنسان أسرع فيه الشيب كما قال المتنبي :
والهمّ يخترم الجسيم نحافة | ويشيب ناصية الصبي ويهرم |
والخلاصة : كأنه قيل : هبوا أنكم لا تؤاخذون في الدنيا إخذة فرعون وأضرابه، فكيف تقون أنفسكم أهوال القيامة وما أعد لكم من الأنكال إن دمتم على ما أنتم عليه من الكفر.
( ١ ) مخالطة فصبر جميل على الإيذاء والإيحاش.
( ٢ ) هجر جميل بالمجانبة بالقلب والهوى، والمخالفة في الأفعال مع المداراة والإغضاء وترك المكافأة.
ثم أمر رسوله أن يترك أمر المشركين إليه، فهو الكفيل بمجازاتهم، ثم ذكر أنه سيعذبهم بالأنكال والنار المستعرة، والطعام ذي الغصة في يوم القيامة حين تكون الجبال كثيبا مهيلا.
وبعد أن خوفهم عذاب يوم القيامة خوفهم أهوال الدنيا، وأنه سيكون لهم فيها مثل ما كان للأمم المكذبة قبلهم كقوم فرعون حين عصوا موسى فأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم عاد إلى تخويفهم بالآخرة مرة أخرى، وأبان لهم أن أهوالها بلغت حدا تشيب من هوله الولدان، وأن السماء تتشقق منه.
شرح المفردات : الشيب : واحدهم أشيب، منفطر : أي منشق.
﴿ فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا* السماء منفطر به كان وعده مفعولا ﴾ أي كيف يحصل لكم أمان من يوم يحصل فيه هذا الفزع العظيم الذي تشيب من هوله الولدان، وتتشقق السماء وتنفطر بسبب شدائده وأهواله إن كفرتم، والعرب تضرب المثل في الشدة فتقول : هذا يوم تشيب من هوله الولدان، وهذا يوم يشيب نواصي الأطفال، ذاك أن الهموم والأحزان إذا تفاقمت على الإنسان أسرع فيه الشيب كما قال المتنبي :
والهمّ يخترم الجسيم نحافة | ويشيب ناصية الصبي ويهرم |
والخلاصة : كأنه قيل : هبوا أنكم لا تؤاخذون في الدنيا إخذة فرعون وأضرابه، فكيف تقون أنفسكم أهوال القيامة وما أعد لكم من الأنكال إن دمتم على ما أنتم عليه من الكفر.
شرح المفردات : تذكرة : أي موعظة، سبيلا : أي طريقا توصله إلى الجنة.
المعنى الجملي : بعد أن بدأ السورة بشرح أحوال السعداء وبين معاملتهم للمولى ثم معاملتهم للخلق، ثم هدد الأشقياء بأنواع من العذاب في الآخرة، ثم توعدهم بعذاب الدنيا، وبعدئذ وصف شدة يوم القيامة- ختم السورة بتذكيرات مشتملة على أنواع الهداية والإرشاد ؛ فمن شاء أن يسلك سبيل ربه بالطاعة والبعد عن المعصية فليفعل، ثم أخبره بما يقوم به هو والمؤمنون للعبادة من ساعات الليل : ثلثيه أو نصفه أو ثلثه، ثم خفف ذلك عنهم للأعذار التي تحيط بهم من مرض أو سفر للتجارة ونحوها أو جهاد للعدوّ، فليصلوا قدر ما يستطيعون، وليؤتوا زكاة أموالهم، وليستغفروا الله في جميع أحوالهم، فهو الغفور الرحيم.
الإيضاح :﴿ إن هذه تذكرة ﴾ أي إن ما تقدم من الآيات التي ذكر فيها يوم القيامة وأهوالها، وما هو فاعل فيها بأهل الكفر- عبرة لمن اعتبر وادّكر.
﴿ فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ﴾ أي فمن شاء اتعظ بها، واتخذ سبيلا إلى ربه فآمن به وعمل بطاعته وأخبت إليه، وذلك هو النهج القويم، والطريق الموصل إلى مرضاته.
شرح المفردات : أدنى : أي أقل، والله يقدر الليل والنهار : أي يعلم مقادير ساعاتهما، أن لن تحصوه : أي لا يمكنكم الإحصاء وضبط الساعات، فتاب عليكم : أي بالترخيص في ذلك القيام المقدر ورفع التبعة عنكم، فاقرؤوا ما تيسر من القرآن : أي فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل، يضربون في الأرض : أي يسافرون للتجارة، وأقرضوا الله : أي أنفقوا في سبل الخيرات.
ثم رخص لأمته في ترك قيام الليل كله للمشقة التي تلحقهم إذا هم فعلوا ذلك فقال :
﴿ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ﴾ أي إن ربك لعليم بأنك تقوم أقل من ثلثي الليل وأكثر من النصف، وتقوم النصف، وتقوم الثلث أنت وطائفة من صحبك المؤمنين حين فرض عليكم قيام الليل.
﴿ والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم ﴾ أي ولا يعلم مقادير الليل والنهار إلا الله، وأما أنتم فلن تستطيعوا ضبط الأوقات ولا إحصاء الساعات، فتاب عليكم بالترخيص في ترك القيام المقدر، وعفا عنكم ورفع هذه المشقة.
قال مقاتل وغيره : لما نزلت :﴿ قم الليل إلا قليلا ﴾ [ المزمل : ٢ ] شق ذلك عليهم، وكان الرجل لا يدري متى نصف الليل من ثلثه، فيقوم حتى يصبح مخافة أن يخطئ، فانتفخت أقدامهم، وامتقعت ألوانهم، فرحمهم الله وخفف عنهم فقال تعالى :﴿ علم أن لن تحصوه فتاب عليكم ﴾.
والخلاصة : الله يعلم أنكم لن تحصوا ساعات الليل إحصاء تاما ؛ فإذا زدتم على المفروض ثقل ذلك عليكم وكلفتم ما ليس بفرض، وإن نقصتم شق هذا عليكم، فتاب عليكم ورجع بكم من تثقيل إلى تخفيف، ومن عسر إلى يسر، وطلب إليكم أن تصلوا ما تيسر بالليل كما أشار إلى ذلك بقوله :
﴿ فاقرؤوا ما تيسر من القرآن ﴾ أي فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل. قال الحسن : هو ما يقرأ في صلاة المغرب والعشاء. وقال السدي : ما تيسر منه هو مائة آية، وفي بعض الآثار. من قرأ مائة آية في ليلة لم يحاجه القرآن، وعن قيس بن حازم قال :" صليت خلف ابن عباس فقرأ في أول ركعة بالحمد لله رب العالمين وأول آية من البقرة ثم ركع، فلما انصرفنا أقبل علينا فقال : إن الله يقول :﴿ فاقرءوا ما تيسر منه ﴾ أخرجه الدارقطني والبيهقي في سننه.
ثم ذكر أعذارا أخرى تسوّغ هذا التخفيف فقال :
﴿ علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله ﴾ أي علم سبحانه أنه سيكون من هذه الأمة ذووا أعذار لا يستطيعون معها القيام بالليل كمرض وضرب في الأرض ابتغاء الرزق من فضل الله، وغزو في سبيل الله ؛ فهؤلاء إذا لم يناموا في الليل تتوالى عليهم أسباب المشقة ويظهر عليهم آثار الجهد، وفي هذا إيماء إلى أنه لا فرق بين الجهاد في قتال العدوّ والجهاد في التجارة لنفع المسلمين.
قال ابن مسعود : أيّما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن الإسلام صابرا محتسبا، فباعه بسعر يومه، كان عند الله من الشهداء، ثم قرأ قوله تعالى :﴿ وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله ﴾.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمر رضي الله عنه قال : ما من حال يأتيني عليه الموت بعد الجهاد في سبيل الله أحب إليّ من أن يأتيني، وأنا بين شعبتي جبل ألتمس من فضل الله، وتلا :﴿ وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ﴾.
ولما ذكر سبحانه ثلاثة أسباب مقتضية للترخيص ورفع وجوب القيام عن هذه الأمة- ذكر ما يفعلونه بعد هذا الترخيص فقال :
﴿ فاقرءوا ما تيسر منه ﴾ أي من القرآن، والمراد صلّوا كما تقدم.
﴿ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا ﴾ أي وصلّوا الصلاة المفروضة وقوّموها فلا تكون قلوبكم غافلة، ولا أفعالكم خارجة عما رسمه الدين، وآتوا الزكاة الواجبة عليكم، وأقرضوا الله قرضا حسنا بالإنفاق في سبيل الخير للأفراد والجماعات مما هو نافع لها في رقيّها المدني والاجتماعي، وسيبقى لكم جزاء ذلك عند ربكم.
ونحو الآية قوله :﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ﴾ [ البقرة : ٢٤٥ ].
ثم حبّب في الصدقة وفعل الخيرات فقال :
﴿ وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ﴾ أي وما تقدموا لأنفسكم في دار الدنيا من صدقة أو نفقة تنفقونها في سبيل الله، أو فعل طاعة من صلاة أو صيام أو حج أو غير ذلك، تجدوا ثوابه عند الله يوم القيامة خيرا مما أبقيتم في دار الدنيا، وأعظم منه عائدة لكم.
﴿ واستغفروا الله ﴾ أي وسلوا الله غفران ذنوبكم يصفح لكم عنها ويسترها يوم الحساب والجزاء.
﴿ إن الله غفور رحيم ﴾ أي إن الله ستّار على أهل الذنوب والتقصير، ذو رحمة فلا يعاقبهم عليها بعد توبتهم منها.
نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ما فرط منا من الزلات، بحرمة سيد خليقته، وسند أهل صفوته. وصلّ ربنا على محمد وشيعته.