بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الإخلاص( ١ ) مكية( ٢ )٢ في قول ابن مسعود والحسن وعطاء وعكرمة وجابر في تفسير الماوردي ٤/٥٤٤، وزاد في البحر ٨/٥٢٧ أنه قول مجاهد وقتادة أيضا. ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي، انظر: الماوردي ٤/٥٤٤..
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الإخلاصمكية
قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ إلى آخرها.
والمعنى: الحَدِيثُ الَّذي هو الحقُّ: اللهُ أَحَدٌ، فهو رفع بالابتداء كِنَايَةً عن الحديث، و ﴿الله﴾ مبتدأ و ﴿أَحَدٌ﴾ خبره، والجملة خبر عن ﴿هُوَ﴾.
ولا يجيز الفراء أن [يكون] ﴿هُوَ﴾ كناية عن الحديث إلا (إذا) تقَدَّمَهُ شيء، وهو عنده كناية عن مُفردٍ الله خَبَرُهُ،. وهو قول الأخفش.
وقال الأخفش: ﴿أَحَدٌ﴾ بدل من لفظ اسم الله. والمعنى: الله [إله]
ثم قال تعالى: ﴿الله الصمد﴾.
﴿الله﴾ رفع بالابتداء، و ﴿الصمد﴾ نعته، وما بعد ذلك خبر. ويجوز أن يكون ﴿الصمد﴾ هو الخبر.
ويجوز أن يرفع على إضمار ابتداء و ﴿الصمد﴾ نعت، أي: هو الله الصمد، ويجوز على هذا أن يكون ﴿الصمد﴾ خبراً ثانياً، ويجوز أن يكون ﴿الله﴾ بدلا من ﴿أَحَدٌ﴾.
ويجوز أن يكون ﴿الله﴾ بدلا من ﴿الله﴾ الأول، وفي التكرير معنى التعظيم.
وروي أن اليهود عليهم اللعنة سألوا النبي ﷺ أن يصف لهم ربه تعالى و (ينسبه) فأنزل الله ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ إلى آخرها.
و ﴿أَحَدٌ﴾ بمعنى واحد.
وقيل: ﴿أَحَدٌ﴾ هنا على بابه، بمعنى: أول، كما يقال: الْيَوُمُ الأَحَدُ، أي اليوم الأول، أي: أول الأيام، وذلك مسموع من العرب.
وقال بعض العلماء: في " أحد " من [الفائدة] ما ليس في " واحد " وذلك إنك إذا قلت: فلان لا يقوم به واحد، جاز أم يقوم به اثنان فأكثر.
وإذا قلت: فلان لا يقوم به أحد، تَضَمَّنَ معنى " واحد " (فأكثر)، [وأَكْثَرُ] ما يقع " أحد " إذا كان للعموم بعد النفي، فذلك بَعُدَ أن يكون " أحد " [هنا] على بابه.
وقوله: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ أي: لم يكن له ولد ولا يكون، ولم يكن هو من والد ولا يكون.
وقيل: معناه ليس بِفَانٍ، لأنه ليس شيء " يَلِدُ إلاَّ وهو فَانٍ ﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ ليس بمُحْدَثٍ، لم يكن فكان، فأن كل مولود فإنما وجد بعد أن لم يكن لكنه جل وعز قديم لا يَبِيدُ وَلا يَفْنَى ليس كمثله شيء.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: تَفَكَّرُوا في كل شيء، ولا تَفَكَّرُوا في ذات الله، فإن بين السماء السابعة [إلى الكرسي] سبعة آلاف نور، والله فوق ذلك.
وروي أن المشركين سألوا رسول الله ﷺ عن صفة رب العزة، فأنزل الله عليه هذه السورة جواباً لهم.
وقيل: إن اليهود قالوا اللنبي ﷺ /: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق اللهَ جل
وقال عكرمة: إن المشركين قالوا: يا محمد، [أخبرنا عن ربك]، [صف] لنا ربك ما هو؟ ومن أي شيء هو؟ فأنزل الله جل ذكره ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ إلى آخرها.
وقال أبو العالية: [قال قَادَةُ الأحزاب] للنبي ﷺ: انْسُبْ لنا ربَّك، فأتاه جبريل عليه السلام بهذه السورة.
[وقال] ابن عباس: " دَخلَتِ اليَهُودُ عَلَىَ نَبِيِّ (الله) ﷺ فقالت: يا محمد، لنا ربَّك [وانْسُبْهُ لنا]، فقد وَصَفَ نفسَه في التوراة ونَسَبَها. فارْتَعَدَ رسول الله ﷺ حتى خَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فقَال: كَيْفَ تَسْأَلُونِي عَنْ [صِفَةِ] رَبِّي ونَسَبِه؟! وَلَوْ سَأَلْتُمُونِي
وروى محمد بن إسحاق عن محمد [عن] سعيد " أن رهطاً من اليهود أَتَوْا إِلَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، اللهُ خَالِقُ الْخَلأْقِ، فَمَنْ خَلَقَهُ؟ فَغَضِبَ النَّبي ﷺ حَتَى [انْتَقَعَ] لَوْنُهُ غَضَباً لِرَبِّهِ، فَجَاءهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَسَكَّنَهُ، وَقَالَ: اخْفِضْ عَلَيْكِ
وقوله: ﴿الصمد﴾. قال ابن عباس: ﴿الصمد﴾ الذي لا جوف له. وهو قول مجاهد والحسن. وابن جبير والضحاك.
وقال الشعبي: هو " الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ". وقال عكرمة: هو " الذي لم يخرج منه شيء ﴿[لَمْ] يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾.
وقال [شقيق]: ﴿الصمد﴾: (السيد) الذي قد انتهى سؤدده.
وقال ابن عباس: ﴿الصمد﴾ السَّيّدُ الذِي قَدْ كَمُلَ [فِي] سُؤْددِهِ وَالشَّرِيفُ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالعظِيمُ الذي [قد] كمل فِي عَظَمَتِهِ، والحَلِيمُ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي [حِلْمِهِ]، وَالغَنِيُّ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي غِنَاهُ، وَالجَبَّارُ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَبَرُوتِهِ، وَالعَالِمُ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي عِلْمِهِ، وَالحَكِيمُ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِكْمَتِهِ، وَهُوَ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي أَنْوَاعِ الشَّرَفِ وَالسُّؤْدَدِ، وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ، هَذِهِ صِفَتُهُ،
وقال قتادة: ﴿الصمد﴾ البَاقي الذي لا يَفْنَى، وقال: هذه سورة خالصة ليس فيها شيء من أمر الدنيا والآخرة.
وقال [الحسن]: الصمد الدائم. والصمد عند العرب الذي يصمد إليه، الذي لا [أحد] فوقه.
﴿وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾.
﴿كُفُواً﴾ خبر " كان " و ﴿أَحَدٌ﴾ اسمها.
وكان سيبويه يختار أن يكون الظرف خبرا إذا قدَّمَهُ [فيختار] إنَّ فِي الدّارِ زَيْداً جَالِساً، فجعل الظرف خبرا لتقدمه وينصب " جالساً على الحال،
مَا دَامَ فِيهِنَّ فَصِيلٌ حَيَّا... وأيضا فإنه (قد) يجوز أن يكون (كفؤاً) حالاً من النكرة [وهي] ﴿أَحَدٌ﴾ لمَّا تَقَدَّمَ نعتُها عليها نُصِبَ لِلْحَالِ، فيكون " [لهُ] " الخبر على مذهب سيبويه
وقال أبو العالية في [معنى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾: ليس] له [مثل] شبيه ولا عدل، وليس كمثله شيء.
وقال كعب: إن الله جل ذكره [أسس] السماوات السبع والأرضين السبع على هذه السورة: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ إلى آخرها، وإن الله جل ذكره لم يكافئه من خلقه أحد.
قال ابن عباس: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾: ليس كمثله شيء، فسبحانه هو الله الواحد/ القهار. وقال مجاهد: معناه: ولم تكن له صاحبة. والكفء - في
وقولهم: لا كفاء له، أي لا مثل له، وقولهم: فلان كفء لفلان معناه: نظير له وشبيه. ومنه: كافأت الرجل، أي فعلت به مثل [ما فعل]. ومنه كفأت [الإناء]، أي جعلت (في) موضع الماء [التفريغ]. وكفأت في [الشعر]: جعلت حرفا نظير حرف.
وقرأ سليمان بن علي الهاشمي: ولم يكن له [كفاء] أحد، وهو بمعنى ﴿كُفُواً﴾ "، يقال: كفء [وكفء] وكِفاء وكفء بمعنى [فيجمع] [كفء]