تفسير سورة التحريم

تفسير المراغي
تفسير سورة سورة التحريم من كتاب تفسير المراغي .
لمؤلفه المراغي . المتوفي سنة 1371 هـ
آيها ثنتا عشر
هي مدنية، نزلت بعد الحجرات.
ومناسبتها لما قبلها :
( ١ ) أن سورة الطلاق في حسن معاشرة النساء والقيام بحقوقهن، وهذه السورة فيما حصل منهن مع النبي صلى الله عليه وسلم تعليما لأمته أن يحذروا أمر النساء، وأن يعاملوهن بسياسة اللين كما عاملهن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وأن ينصحوهن نصحا مؤثرا.
( ٢ ) أن كلتيهما افتتحا بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم.
( ٣ ) أن تلك في خصام نساء الأمة، وهذه في خصومة نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أفردن بالذكر تعظيما لمكانتهن.

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح المفردات : تحرم : أي تمتنع، ما أحل الله لك : هو العسل. تبتغي : أي تطلب.
المعنى الجملي : روى البخاري ومسلم عن عائشة أنها قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، وكان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا، فتواطأتُ أنا وحفصة أن أيّتنا دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها فلتقل له : إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير ( صمغ حلو له رائحة كريهة ينضحه شجر يقال له العرفط يكون بالحجاز )، فقال :" لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له قد حلفت، لا تخبري بذلك أحدا ".
وقد كانت عائشة وحفصة متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال إن التي دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وحرم على نفسه العسل أمامها هي حفصة فأخبرت عائشة بذلك، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم استكتمها الخبر كما استكتمها ما أسرّها به من الحديث الذي يسرّها ويسرّ عائشة، أن أباها وأبا عائشة يكونان خليفتين على أمتي من بعدي، فالسر كان لها بأمرين :
( ١ ) تحريم العسل الذي كان يبغيه عند زينب.
( ٢ ) أمر الخلافة لأبويهما من بعده.
الإيضاح :﴿ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك ﴾ أي يا أيها النبي لم تمتنع عن شرب العسل الذي أحله الله لك، تلتمس بذلك رضا أزواجك ؟
وهذا عتاب من الله على فعله ذلك، لأنه لم يكن عن باعث مرضي، بل كان طلبا لمرضاة الأزواج.
وفي هذا تنبيه إلى أن ما صدر منه لم يكن مما ينبغي لمقامه الشريف أن يفعله.
وفي ندائه صلى الله عليه وسلم ب﴿ يا أيها النبي ﴾ في مفتتح العتاب حسن تلطف، وتنويه بشأنه عليه الصلاة والسلام، على نحو ما جاء في قوله :﴿ عفا الله عنك لم أذنت لهم ﴾ [ التوبة : ٤٣ ].
﴿ والله غفور رحيم ﴾ أي والله غفور لذنوب التائبين من عباده، وقد غفر لك امتناعك عما أحله لك، رحيم بهم أن يعاقبهم على ما تابوا منه من الذنوب.
*** وإنما عاتبه على الامتناع عن الحلال وهو مباح سواء كان مع اليمين أو بدونه، تعظيما لقدره الشريف، وإجلالا لمنصبه أن يراعي مرضاة أزواجه بما يشق عليه جريا على ما ألف من لطف الله به، وإيماء إلى أن ترك الأولى بالنسبة إلى مقامه السامي يعد كالذنب وإن لم يكن في نفسه كذلك.
المعنى الجملي : روى البخاري ومسلم عن عائشة أنها قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، وكان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا، فتواطأتُ أنا وحفصة أن أيّتنا دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها فلتقل له : إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير ( صمغ حلو له رائحة كريهة ينضحه شجر يقال له العرفط يكون بالحجاز )، فقال :" لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له قد حلفت، لا تخبري بذلك أحدا ".
وقد كانت عائشة وحفصة متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال إن التي دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وحرم على نفسه العسل أمامها هي حفصة فأخبرت عائشة بذلك، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم استكتمها الخبر كما استكتمها ما أسرّها به من الحديث الذي يسرّها ويسرّ عائشة، أن أباها وأبا عائشة يكونان خليفتين على أمتي من بعدي، فالسر كان لها بأمرين :
( ١ ) تحريم العسل الذي كان يبغيه عند زينب.
( ٢ ) أمر الخلافة لأبويهما من بعده.
شرح المفردات : فرض : أي شرع وبين كما جاء في قوله :﴿ سورة أنزلناها وفرضناها ﴾ [ النور : ١ ]، وتحلة أيمانكم : أي تحليلها بالكفارة، وتحلة القسم تستعمل على وجهين :
( ١ ) أحدهما تحليله بالكفارة كما في الآية.
( ٢ ) ثانيهما بمعنى الشيء القليل وهذا هو الأكثر كما جاء في الحديث :( لن يلج النار إلا تحلة القسم ) أي إلا زمنا يسيرا.
مولاكم : أي وليكم وناصركم.
﴿ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ﴾ أي قد شرع لكم تحليل أيمانكم بالكفارة عنها، فعليك أن تكفر عن يمينك، وقد روي " أنه عليه الصلاة والسلام كفر عن يمينه فأعتق رقبة ( عبدا أو أمة ) ".
﴿ والله مولاكم ﴾ أي والله متولي أموركم بنصركم على أعدائكم، ومسهل لكم سبل الفلاح في دنياكم وآخرتكم، ومنير لكم طريق الهداية إلى ما فيه سعادتكم في معاشكم ومعادكم.
﴿ وهو العليم الحكيم ﴾ أي وهو العليم بما يصلحكم فيشرعه لكم، الحكيم في تدبير أموركم، فلا يأمركم ولا ينهاكم إلا وفق ما تقتضيه المصلحة.
المعنى الجملي : روى البخاري ومسلم عن عائشة أنها قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، وكان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا، فتواطأتُ أنا وحفصة أن أيّتنا دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها فلتقل له : إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير ( صمغ حلو له رائحة كريهة ينضحه شجر يقال له العرفط يكون بالحجاز )، فقال :" لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له قد حلفت، لا تخبري بذلك أحدا ".
وقد كانت عائشة وحفصة متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال إن التي دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وحرم على نفسه العسل أمامها هي حفصة فأخبرت عائشة بذلك، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم استكتمها الخبر كما استكتمها ما أسرّها به من الحديث الذي يسرّها ويسرّ عائشة، أن أباها وأبا عائشة يكونان خليفتين على أمتي من بعدي، فالسر كان لها بأمرين :
( ١ ) تحريم العسل الذي كان يبغيه عند زينب.
( ٢ ) أمر الخلافة لأبويهما من بعده.
شرح المفردات : بعض أزواجه : هي حفصة على المشهور، نبأت به : أي أخبرت عائشة به، وأظهره : أي أطلعه وأعلمه قول حفصة لعائشة، عرف : أي أعلمها ببعض الحديث الذي أفشته، وأعرض عن بعض : أي لم يخبرها به.
ثم ساق ما هو كالدليل على علمه فقال :
﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض ﴾ أي واذكر حين أسر النبي صلى الله عليه وسلم إلى حفصة أنه كان يشرب عسلا عند زينب بنت جحش، وقال لن أعود له وقد حلفت، لا تخبري بذلك أحدا، فلما أخبرت عائشة بما استكتمها من السر، وأطلعه الله على ما دار بين حفصة وعائشة بما كان قد طلب من حفصة أن تكتمه- أخبر حفصة ببعض الحديث الذي أفشته وهو قوله :" كنت شربت عسلا عند زينب بنت جحش فلن أعود "، وأعرض عن بعض الحديث وهو قوله وقد حلفت، فلم يخبرها به تكرما منه لما فيه من مزيد خجلتها، ولأنه صلى الله عليه وسلم ما كان يود أن يشاع عنه اهتمامه بمرضاة أزواجه إلى حد امتناعه عن تناول ما أحل الله له.
﴿ فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ﴾ أي فلما أخبر حفصة بما دار بينها وبين عائشة من الحديث، قالت من أنبأك بهذا ؟ ظنا منها أن عائشة قد فضحتها بإخبارها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" أخبرني ربي العليم بالسر والنجوى الخبير بما في الأرض والسماء لا يخفى عليه شيء فيهما ".
وفي الآية إيماء إلى أمور اجتماعية هامة :
( ١ ) أنه لا مانع من الإباحة بالأسرار إلى من تركن إليه من زوجة أو صديق.
( ٢ ) أنه يجب على من استكتم الحديث أن يكتمه.
( ٣ ) أنه يحسن التلطف مع الزوجات في العتب والإعراض عن الاستقصاء في الذنب.
المعنى الجملي : روى البخاري ومسلم عن عائشة أنها قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، وكان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا، فتواطأتُ أنا وحفصة أن أيّتنا دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها فلتقل له : إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير ( صمغ حلو له رائحة كريهة ينضحه شجر يقال له العرفط يكون بالحجاز )، فقال :" لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له قد حلفت، لا تخبري بذلك أحدا ".
وقد كانت عائشة وحفصة متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال إن التي دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وحرم على نفسه العسل أمامها هي حفصة فأخبرت عائشة بذلك، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم استكتمها الخبر كما استكتمها ما أسرّها به من الحديث الذي يسرّها ويسرّ عائشة، أن أباها وأبا عائشة يكونان خليفتين على أمتي من بعدي، فالسر كان لها بأمرين :
( ١ ) تحريم العسل الذي كان يبغيه عند زينب.
( ٢ ) أمر الخلافة لأبويهما من بعده.
شرح المفردات : إن تتوبا : أي حفصة وعائشة، صغت قلوبكما : أي عدلت ومالت إلى ما يجب للرسول صلى الله عليه وسلم من تعظيم وإجلال، وإن تظاهرا عليه : أي تتظاهرا وتتعاونا على إيذاء الرسول، مولاه : أي وليه وناصره، ظهير : أي ظهراء معاونون، وأنصار مساعدون.
ثم وجه الخطاب لحفصة وعائشة مبالغة في العتب فقال :
﴿ إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ﴾ أي إن تتوبا من ذنبكما وتقلعا عن مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم فتحبا ما أحب وتكرها ما كرهه- فقد مالت قلوبكما إلى الحق والخير، وأديتما ما يجب عليكما نحوه صلى الله عليه وسلم من إجلال وتكريم لمنصبه الشريف.
روي عن ابن عباس أنه قال : لم أزل حريصا أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله لهما :﴿ إن تتوبا إلى الله ﴾ الآية. حتى حج عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق نزل ليتوضأ فصببت على يديه، فقلت يا أمير المؤمنين : من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله لهما :﴿ إن تتوبا إلى الله ﴾ الآية ؟ فقال واعجبا لك يابن عباس هما عائشة وحفصة ثم أخذ يسوق الحديث.
ثم ذكر سبحانه أنه حافظه وحارسه فلا يضره أذى مخلوق فقال :
﴿ وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ﴾ أي وإن تتعاونا على العمل لما يؤذيه ويسوؤه من الإفراط في الغيرة وإفشاء سره- فلن يضره ذلك شيئا، فإن الله ناصره في أمر دينه وسائر شؤونه على كل من يتصدى لما يكرهه، وجبريل والمؤمنون الصالحون والملائكة مظاهرون له ومعينون.
وقد أعظم سبحانه شأن النصرة لنبيه على هاتين الضعيفتين، للإشارة إلى عظم مكر النساء، وللمبالغة في قطع أطماعهما بأنه ربما شفع لهما مكانتهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند المؤمنين لأمومتهما لهم، وكرامة له صلى الله عليه وسلم ورعاية لأبويهما، ولتوهين أمر تظاهرهما، ودفع ما عسى أن يتوهمه المنافقون من ضرره في أمر النبوة، وقهر أعداء الدين، إذ قد جرت العادة بأن الشؤون المنزلية تشغل بال الرجال وتضيع زمنا من تفكيرهم فيها، وقد كانوا أحق به في التفكير فيما هو أجدى نفعا، وأجل فائدة.
المعنى الجملي : روى البخاري ومسلم عن عائشة أنها قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، وكان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا، فتواطأتُ أنا وحفصة أن أيّتنا دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها فلتقل له : إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير ( صمغ حلو له رائحة كريهة ينضحه شجر يقال له العرفط يكون بالحجاز )، فقال :" لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له قد حلفت، لا تخبري بذلك أحدا ".
وقد كانت عائشة وحفصة متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال إن التي دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وحرم على نفسه العسل أمامها هي حفصة فأخبرت عائشة بذلك، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم استكتمها الخبر كما استكتمها ما أسرّها به من الحديث الذي يسرّها ويسرّ عائشة، أن أباها وأبا عائشة يكونان خليفتين على أمتي من بعدي، فالسر كان لها بأمرين :
( ١ ) تحريم العسل الذي كان يبغيه عند زينب.
( ٢ ) أمر الخلافة لأبويهما من بعده.
شرح المفردات : مسلمات : أي خاضعات لله بالطاعة، مؤمنات : أي مصدقات بتوحيد الله، مخلصات، قانتات : أي مواظبات على الطاعة، تائبات : أي مقلعات عن الذنوب، عابدات : أي متعبدات متذللات لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، سائحات : أي صائمات، وسمي الصائم بذلك من حيث إن السائح لا زاد معه، ولا يزال ممسكا حتى يجد الطعام ؛ كالصائم لا يزال كذلك حتى يجيء وقت الإفطار.
ثم حذرهما بما يلين من قناتهما، ويخفض من غلوائهما، ويطمئن من كبريائهما فقال :
﴿ عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا ﴾ أي عسى الله أن يعطيه صلى الله عليه وسلم بدلكن أزواجا خيرا منكن إسلاما وإيمانا، ومواظبة على العبادة، وإقلاعا عن الذنوب، وخضوعا لأوامر الرسول، بعضهن ثيبات وبعضهن أبكارا، إن هو قد طلقكن.
والخلاصة : احذرن أيتها الأزواج من إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والتألب عليه، والعمل على ما يسؤوه، فإنه ربما أحرج صدره فطلقكن فأبدله الله من هو خير منكن في الدين والصلاح والتقوى، وفي الشؤون الزوجية. فأعطاه بعضهن أبكارا وبعضهن ثيبات.
ولا شيء أشد على المرأة من الطلاق. ولا سيما إذا استبدل خير منها بها.
روى البخاري عن أنس قال : قال عمر : اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت هذه الآية.
وروي عن أنس عن عمر قال : بلغني عن بعض أمهاتنا أمهات المؤمنين شدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذاهن إياه، فاستقريتهن امرأة امرأة أعظها وأنهاها عن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول : إن أبيتن أبدله الله خيرا منكن حتى أتيت على زينب، فقال يابن الخطاب : أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت فأمسكت، فأنزل الله :﴿ عسى ربه إذا طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ﴾ الآية.
شرح المفردات : قوا أنفسكم : أي اجعلوا لها وقاية من النار بترك المعاصي، وأهليكم : أي بحملهم على ذلك بالنصح والتأديب، والوقود ( بفتح الواو ) : ما توقد به النار، والحجارة : هي الأصنام التي تعبد لقوله تعالى :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ﴾ [ الأنبياء : ٩٨ ] ملائكة : هم خزنتها التسعة عشر، غلاظ : أي غلاظ القلوب لا يرحمون إذا استرحموا، شداد : أي أقوياء الأبدان.
المعنى الجملي : بعد أن أمر بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة عما فرط من الزلات، وأبان لهم أن الله كالئ رسوله وناصره، فلا يضره تظاهرهن عليه، ثم حذرهن من التمادي في مخالفته صلى الله عليه وسلم خوفا من الطلاق وحرمانهم من الشرف العظيم بكونهن أمهات المؤمنين ومن استبدالهن بغيرهن من صالحات المؤمنات- أمر المؤمنين عامة بوقاية أنفسهم وأهليهم من نار وقودها الناس والحجارة يوم القيامة، يوم يقال للكافرين : لا تعتذروا فقد فات الأوان، وإنما تلقون جزاء ما عملتم في الدنيا، ثم أمر المؤمنين أن يقلعوا عن زلاتهم، وأن يتوبوا توبة نصوحا، فيندموا على ما فرط منهم من الهفوات، ويعزموا على عدم العودة فيما هو آت، ليكفر الله عنهم سيئاتهم ويدخلهم جنات النعيم.
الإيضاح :﴿ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ﴾ أي أيها الذين صدقوا الله ورسوله : ليعلم بعضكم بعضا ما تتقون به النار وتدفعونها عنكم، إنه طاعة الله تعالى وامتثال أوامره، ولتعلّموا أهليكم من العمل بطاعته ما يقون به أنفسهم منها، واحملوهم على ذلك بالنصح والتأديب.
ونحو الآية قوله تعالى :﴿ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ﴾ [ طه : ١٣٢ ] وقوله :﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ [ الشعراء : ٢١٤ ].
روي أن عمر قال حين نزلت يا رسول الله : نقي أنفسنا، فكيف لنا بأهلينا ؟ فقال عليه السلام :( تنهونهن عما نهاكم الله عنه، وتأمرونهن بما أمركم الله به، فيكون ذلك وقاية بينهم وبين النار ).
أخرج ابن المنذر والحاكم في جماعة آخرين عن علي كرم الله وجهه أنه قال في الآية : علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم.
والمراد بالأهل ما يشمل الزوجة والولد والعبد والأمة.
وفي الآية إيماء إلى أنه يجب على الرجل تعلم ما يحب من فرائض الدين وتعليمها لهؤلاء، وقد جاء في الحديث :( رحم الله رجلا قال يا أهلاه : صلاتكم، صيامكم، زكاتكم، مسكينكم، يتيمكم، جيرانكم، لعل الله يجمعكم معهم في الجنة ).
﴿ عليها ملائكة ﴾ أي موكل عليها ويلي أمرها وتعذيب أهلها تسعة عشر ملكا هم زبانيتها الذين سيأتي ذكرهم في سورة المدثر في قوله تعالى :﴿ سأصليه سقر ( ٢٦ ) وما أدراك ما سقر( ٢٧ ) لا تبقي ولا تذر ( ٢٨ ) لواحة للبشر ( ٢٩ ) عليها تسعة عشر ﴾ [ المدثر : ٢٦-٣٠ ]
﴿ غلاظ شداد ﴾ أي غلاظ على أهل النار أشداء عليهم.
ثم بين عظيم طاعتهم لربهم فقال :
﴿ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ﴾ أي لا يخالفون أمره، بل يؤدون ما يؤمرون به في وقته بلا تراخ، فلا يقدمونه عنه، ولا يؤخرونه.
وقد أفادت الجملة الأولى نفي العناد والاستكبار عنهم فهي كقوله :﴿ لا يستكبرون عن عبادته ﴾[ الأنبياء : ١٩ ] وأفادت الجملة الثانية نفي الكسل عنهم فهي كقوله تعالى :﴿ ولا يستحسرون ﴾ [ الأنبياء : ١٩ ].
وخلاصة ذلك : إنهم يمتثلون الأمر ولا يمتنعون عن تنفيذه، بل يؤدونه من غير تثاقل ولا توان.
المعنى الجملي : بعد أن أمر بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة عما فرط من الزلات، وأبان لهم أن الله كالئ رسوله وناصره، فلا يضره تظاهرهن عليه، ثم حذرهن من التمادي في مخالفته صلى الله عليه وسلم خوفا من الطلاق وحرمانهم من الشرف العظيم بكونهن أمهات المؤمنين ومن استبدالهن بغيرهن من صالحات المؤمنات- أمر المؤمنين عامة بوقاية أنفسهم وأهليهم من نار وقودها الناس والحجارة يوم القيامة، يوم يقال للكافرين : لا تعتذروا فقد فات الأوان، وإنما تلقون جزاء ما عملتم في الدنيا، ثم أمر المؤمنين أن يقلعوا عن زلاتهم، وأن يتوبوا توبة نصوحا، فيندموا على ما فرط منهم من الهفوات، ويعزموا على عدم العودة فيما هو آت، ليكفر الله عنهم سيئاتهم ويدخلهم جنات النعيم.
وبعد أن ذكر شدة العذاب في النار واشتداد الملائكة في الانتقام من أعداء الله الكافرين- بين أنه يقال للكافرين لا فائدة في الاعتذار لأنه توبة، والتوبة غير مقبولة بعد الدخول في النار فقال :
﴿ يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم ﴾ فقد فات الأوان، ولا يجدي رجاء ولا اعتذار، فلات ساعة مندم.
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
ثم بين السبب في عدم فائدة الندم فقال :
﴿ إنما تجزون ما كنتم تعملون ﴾ أي لأنكم إنما تثابون اليوم وتعطون جزاء أعمالهم التي عملتموها في الدنيا، فلا تطلبوا المعاذير منها.
والخلاصة : إن هذه الدار دار جزاء لا دار عمل، وأنتم قد دسَّيتم أنفسكم في الدنيا بالكفر والمعاصي بعد أن نهيتم عنها، فاجنوا ثمر ما غرستم، واشربوا من الكأس التي قد ملأتم.
المعنى الجملي : بعد أن أمر بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة عما فرط من الزلات، وأبان لهم أن الله كالئ رسوله وناصره، فلا يضره تظاهرهن عليه، ثم حذرهن من التمادي في مخالفته صلى الله عليه وسلم خوفا من الطلاق وحرمانهم من الشرف العظيم بكونهن أمهات المؤمنين ومن استبدالهن بغيرهن من صالحات المؤمنات- أمر المؤمنين عامة بوقاية أنفسهم وأهليهم من نار وقودها الناس والحجارة يوم القيامة، يوم يقال للكافرين : لا تعتذروا فقد فات الأوان، وإنما تلقون جزاء ما عملتم في الدنيا، ثم أمر المؤمنين أن يقلعوا عن زلاتهم، وأن يتوبوا توبة نصوحا، فيندموا على ما فرط منهم من الهفوات، ويعزموا على عدم العودة فيما هو آت، ليكفر الله عنهم سيئاتهم ويدخلهم جنات النعيم.
شرح المفردات : والتوبة النصوح : هي الندم على ما فات والعزم على عدم العودة إلى مثله فيما هو آت.
وبعد أن ذكر أن التوبة في هذا اليوم لا تجدي نفعا- نبه عباده المؤمنين إلى المبادرة بالتوبة النصوح فقال :
﴿ يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه ﴾ أي أيها الذين صدقوا الله ورسوله : ارجعوا من ذنوبكم إلى طاعة الله وإلى ما يرضيه عنكم- رجوعا لا تعودون فيه أبدا، عسى ربكم أن يمحوا سيئات أعمالكم التي سلفت منكم، ويدخلكم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار حين لا يخزي الله محمدا صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : التوبة النصوح أن يندم العبد على الذنب الذي أصابه، فيعتذر إلى الله ثم لا يعود أبدا، كما لا يعود اللبن إلى الضرع، وهكذا روي عن عمرو بن مسعود وأبي بن كعب والحسن وغيرهم.
وقال الإمام النووي التوبة النصوح ما استجمعت ثلاثة أمور :
( ١ ) الإقلاع عن المعصية.
( ٢ ) الندم على فعلها.
( ٣ ) العزم الجازم على ألا يعود إلى مثلها أبدا.
فإن كانت المعصية تتعلق بآدمي وجب رد الظلامة إلى صاحبها أو وارثه، أو تحصيل البراءة منه.
والخلاصة : إن المعصية إن كانت في خالص حق الله كفى فيها الندم كما في الفرار من الزحف وترك الأمر بالمعروف، وإن تعلقت بحقوق العباد لزم مع الندم العزم على إيصال حق العبد أو بدله إليه إن كان الذنب ظلما كما في الغصب، والقتل العمد، والاعتذار إليه إن كان إيذاء كما في الغيبة إذا بلغته، ولا يلزم تفصيل ما اغتابه به إلا إذا بلغه على وجه أفحش.
وجيء بكلمة ﴿ عسى ﴾ التي تفيد الطمع في حصول العفو فحسب، مع أن الله سبحانه وعد بقبول التوبة- جريا على سنن الملوك في التخاطب، فإنهم يقولون إذا أرادوا فعلا : عسى أن نفعل كذا، وإشعارا بأن ذلك تفضل منه سبحانه، والتوبة غير موجبة له، وأن العبد ينبغي أن يكون بين خوف ورجاء، وإن بالغ في إقامة وظائف العبادة.
ثم بين ما يكون للنبي والذين آمنوا معه من علامات الظفر والفوز بالمطلوب فقال :
﴿ نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ﴾ أي نورهم يسعى بين أيديهم حين يمشون وبأيمانهم حين الحساب، لأنهم يؤتون الكتاب بأيمانهم وفيه نور وخير لهم.
ثم بين ما يطلبونه من ربهم فقال :
﴿ يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا ﴾ أي يسألون ربهم أن يبقي لهم نورهم فلا يطفئه حتى يجوزوا الصراط، حين يقول لهم المنافقون والمنافقات : انظرونا نقتبس من نوركم، وقد تقدم نحو هذا في سورة الحديد، ويطلبون أيضا منه أن يستر عليهم ذنوبهم، ولا يفضحهم بعقوبتهم عليها حين الحساب.
ثم ذكروا ما يطمعهم في إجابة الدعاء فقالوا :
﴿ إنك على كل شيء قدير ﴾ أي إنك على إتمام نورنا، وغفران ذنوبنا، وكل ما نرجو منك ونطمع- قدير يا ربنا- فاللهم أجب دعاءنا، ولا تخيب رجاءنا.
وقد روي أن أدناهم منزلة من يكون نوره بقدر ما يبصر موطئ قدمه، لأن النور على قدر العمل.
وروي أن السابقين إلى الجنة يمرون على الصراط مثل البرق، ويمر بعضهم كالريح، وبعضهم يحبو حبوا ويزحف زحفا، وهم الذين يقولون :﴿ ربنا أتمم لنا نورنا ﴾.
﴿ يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ﴾ [ التحريم : ٩ ].
شرح المفردات : الجهاد : تارة يكون بالسيف وأخرى بالحجة والبرهان، واغلظ عليهم : أي شدّد، والمأوى : مكان الإيواء والإقامة.
المعنى الجملي : بعد أن أمر سبحانه المؤمنين بالتوبة النصوح والرجوع إلى الله والإخبات إليه. أمر رسوله بقتال الكفار الذين يقفون في سبيل الدعوى إلى الإيمان بالله، وبوعيد المنافقين والغلظة عليهم حتى يثوبوا إلى رشدهم، وذكر أن جزاءهم في الآخرة جهنم وبئس المقيل والمأوى.
الإيضاح :﴿ يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ﴾ أي جاهد الكفار بالسيف وقاتلهم قتالا لا هوادة فيه، وجاهد المنافقين بالإنذار والوعيد وبيان سوء المنقلب، وعنفهم بفضيحة عاجلة تبين قبح طواياهم وخبث نفوسهم، كما حدث منه صلى الله عليه وسلم في المسجد الجامع لبعض المنافقين على ملأ من الناس فقال : اخرج يا فلان، اخرج يا فلان، وأخرج منهم عددا كثيرا.
ثم بين سوء عاقبتهم فقال :
﴿ ومأواهم جهنم وبئس المصير ﴾ أي وسيكون مسكنهم جهنم وبئس المثوى والمقيل.
﴿ وعمله ونجني من القوم الظالمين ( ١١ ) ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ﴾ [ التحريم : ١٠-١٢ ].
شرح المفردات : ضرب المثل : ذكر حال غريبة لتعرف بها حال أخرى نشاكلها في الغرابة، تحت عبدين : أي في عصمتهما، فخانتاها : أي نافقتا فأخفتا الكفر وأظهرتا الإيمان، وكانت امرأة نوح تقول لقومه : إنه مجنون، وامرأة لوط نزل قومه على نزول أضيافه عليه، فلم يغنيا عنهما : أي لم يفيدهما ولم يجزيا عنهما من الله شيئا.
المعنى الجملي : بعد أمر عباده المؤمنين بالتوبة النصوح بالندم على ما فات، وعدم العودة فيما هو آت، وأمر رسوله بجهاد الكافرين والمنافقين والغلظة لهم في القول والعمل، ذكر هنا أن النفوس إن لم تكن مستعدة لقبول الإيمان، وفي جوهرها صفاء ونقاء فلا تجدي فيها العظة والعبرة ولا مخالطة المؤمنين المتقين، وضرب لذلك المثل بامرأة نوح وامرأة لوط فقد كانتا في بيت النبوة ولم يلن قلبهما للإيمان والإسلام.
كذلك إذا كان جوهر النفس نقيا خالصا من كدورة الكفر والنفاق فمجاورتها للكفرة وعشرتها إياهم لا تغير من حالها شيئا، ولا يؤثر فيها ضلال الضالين ولا عتو الظالمين، وضرب لذلك مثل امرأة فرعون التي ألحف عليها فرعون وقومه أن تعتنق الوثنية التي كانوا يدينون بها، وتعتقد ألوهيته هو فأبت وجاهدت في الله حق جهاده حتى لاقت ربها وهي آمنة مطمئنة قريرة العين بما دخل في قلبها من نور الإيمان، وكذلك مريم ابنة عمران التي عفت فآتاها الله الشرف والكرامة، وأنجبت نبي الله عيسى، وصدقت بجميع شرائعه وكتبه وكانت من العابدين القانتين.
وفي هذا المثل إيماء إلى أن قرابة المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم لا تجديهم نفعا بعد كفرهم وعداوتهم له وللمؤمنين، فإن الكفر قد قطع العلائق بينه وبينهم وجعلهم كالأجانب، بل أبعد منهم كحال امرأة نوح وامرأة لوط لما خانتاهما، كما تضمن التمريض بأمي المؤمنين حفصة وعائشة لما فرط منهما، والتحذير لهما على أغلظ وجه وأشده.
الإيضاح :﴿ ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ﴾ أي ضرب الله مثلا يبين به حال الكافرين الذين لم ينتفعوا بعظات المؤمنين الصادقين من النبيين والمرسلين لظلمة قلوبهم وسوء استعدادهم وفساد فطرتهم – امرأة نوح وامرأة لوط إذ كانتا في عصمة نبيين يمكنهما ﴿ صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ﴾ أي ضرب الله مثلا يبين به حال الكافرين الذين لم ينتفعوا بعظات المؤمنين الصادقين من النبيين والمرسلين لظلمة قلوبهم وسوء استعدادهم وفساد فطرتهم – امرأة نوح وامرأة لوط إذ كانتا في عصمة نبيين يمكنهما أن ينتفعا بهديهما ويحصلا ما فيه سعادتهما في معاشهما ومعادهما، لكنهما أبتا ذلك وعملتا ما يدل على الخيانة والكفر، فاتهمت الأولى زوجها بالجنون، وكانت الثانية ترشد قوم لوط إلى ضيوفه لمآرب خبيثة، فلم يدفع عنهما قربهما من ذينك السيدين الصالحين شيئا، وحاق بهما سوء ما عملتا وسيحل بهما عقاب الله، وسيدخلان النار في زمرة داخليها جزاء وفاقا لما اجترحتا من السيئات، وما دستا به أنفسهما من كبير الآثام، وعظيم المعاصي.
وفي هذا تعريض بأمهات المؤمنين، وتخويف لهن بأنه لا يفيدهن- إن أتين بمعصية- اتصالهن بالنبي صلى الله عليه وسلم وكونهن في عصمته.
وبعد أن ضرب مثلا يبين به أن وصلة الكافرين بالمؤمنين لا تفيدهم شيئا. أرشد إلى عكس هذا فأفاد أن اتصال المؤمنين بالكافرين لا يضرهم شيئا فقال :
المعنى الجملي : بعد أمر عباده المؤمنين بالتوبة النصوح بالندم على ما فات، وعدم العودة فيما هو آت، وأمر رسوله بجهاد الكافرين والمنافقين والغلظة لهم في القول والعمل، ذكر هنا أن النفوس إن لم تكن مستعدة لقبول الإيمان، وفي جوهرها صفاء ونقاء فلا تجدي فيها العظة والعبرة ولا مخالطة المؤمنين المتقين، وضرب لذلك المثل بامرأة نوح وامرأة لوط فقد كانتا في بيت النبوة ولم يلن قلبهما للإيمان والإسلام.
كذلك إذا كان جوهر النفس نقيا خالصا من كدورة الكفر والنفاق فمجاورتها للكفرة وعشرتها إياهم لا تغير من حالها شيئا، ولا يؤثر فيها ضلال الضالين ولا عتو الظالمين، وضرب لذلك مثل امرأة فرعون التي ألحف عليها فرعون وقومه أن تعتنق الوثنية التي كانوا يدينون بها، وتعتقد ألوهيته هو فأبت وجاهدت في الله حق جهاده حتى لاقت ربها وهي آمنة مطمئنة قريرة العين بما دخل في قلبها من نور الإيمان، وكذلك مريم ابنة عمران التي عفت فآتاها الله الشرف والكرامة، وأنجبت نبي الله عيسى، وصدقت بجميع شرائعه وكتبه وكانت من العابدين القانتين.
وفي هذا المثل إيماء إلى أن قرابة المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم لا تجديهم نفعا بعد كفرهم وعداوتهم له وللمؤمنين، فإن الكفر قد قطع العلائق بينه وبينهم وجعلهم كالأجانب، بل أبعد منهم كحال امرأة نوح وامرأة لوط لما خانتاهما، كما تضمن التمريض بأمي المؤمنين حفصة وعائشة لما فرط منهما، والتحذير لهما على أغلظ وجه وأشده.
شرح المفردات : امرأة فرعون : على ما قيل هي آسية بنت مزاحم، نجني من فرعون وعمله : أي خلصني منه فإني أبرأ إليك منه ومن عمله، والقوم الظالمون : هم الوثنيون أقباط مصر.
﴿ وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة و نجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ﴾ أي وجعل الله حال امرأة فرعون مثلا يبين به أن وصلة المؤمنين بالكافرين لا تضرهم شيئا إذا كانت النفوس خالصة من الأكدار، فقد كانت تحت أعدى أعداء الله في الدنيا، وطلبت النجاة منه ومن عمله، وقالت في دعائها : رب اجعلني قريبا من رحمتك، وابن لي بيتا في الجنة، وخلصني من أعمال فرعون الخبيثة، وأنقذني من قومه الظالمين.
وفي هذا دليل على أنها كانت مؤمنة مصدقة بالبعث، ومن سنن الله أن لا تزر وازرة وزر أخرى، وأن لكل نفس ما كسبت، وعليها ما اكتسبت.
المعنى الجملي : بعد أمر عباده المؤمنين بالتوبة النصوح بالندم على ما فات، وعدم العودة فيما هو آت، وأمر رسوله بجهاد الكافرين والمنافقين والغلظة لهم في القول والعمل، ذكر هنا أن النفوس إن لم تكن مستعدة لقبول الإيمان، وفي جوهرها صفاء ونقاء فلا تجدي فيها العظة والعبرة ولا مخالطة المؤمنين المتقين، وضرب لذلك المثل بامرأة نوح وامرأة لوط فقد كانتا في بيت النبوة ولم يلن قلبهما للإيمان والإسلام.
كذلك إذا كان جوهر النفس نقيا خالصا من كدورة الكفر والنفاق فمجاورتها للكفرة وعشرتها إياهم لا تغير من حالها شيئا، ولا يؤثر فيها ضلال الضالين ولا عتو الظالمين، وضرب لذلك مثل امرأة فرعون التي ألحف عليها فرعون وقومه أن تعتنق الوثنية التي كانوا يدينون بها، وتعتقد ألوهيته هو فأبت وجاهدت في الله حق جهاده حتى لاقت ربها وهي آمنة مطمئنة قريرة العين بما دخل في قلبها من نور الإيمان، وكذلك مريم ابنة عمران التي عفت فآتاها الله الشرف والكرامة، وأنجبت نبي الله عيسى، وصدقت بجميع شرائعه وكتبه وكانت من العابدين القانتين.
وفي هذا المثل إيماء إلى أن قرابة المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم لا تجديهم نفعا بعد كفرهم وعداوتهم له وللمؤمنين، فإن الكفر قد قطع العلائق بينه وبينهم وجعلهم كالأجانب، بل أبعد منهم كحال امرأة نوح وامرأة لوط لما خانتاهما، كما تضمن التمريض بأمي المؤمنين حفصة وعائشة لما فرط منهما، والتحذير لهما على أغلظ وجه وأشده.
شرح المفردات : وأحصنت فرجها : أي حفظته وصانته، والفرج : شق جيب الدرع ( القميص ) إذ الفرج لغة كل فرجة بين الشيئين، ويراد بذلك عفتها، وكلمات ربها : أي شرائعه وكتبه التي أنزلها على رسله، والقانتين : أي الطائعين المخبتين إلى الله الممتثلين أوامره.
﴿ ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ﴾ أي وضرب الله مثلا للذين آمنوا حال مريم وما أوتيت من كرامة الدنيا وكرامة الآخرة، فاصطفاها ربها مع أن أكثر قومها كانوا كفارا، من قبل أنها منعت جيب درعها جبريل عليه السلام وقالت له :﴿ إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ﴾ [ مريم : ١٨ ] فأثبتت بذلك عفتها وكمال طهارتها، فنفخ جبريل في جيب درعها فحملت بنبي الله وكلمته عيسى صلوات الله عليه، وصدقت بشرائع الله وكتبه التي أنزلها على أنبيائه، وكانت في عداد القانتين العابدين المخبتين لربهم المطيعين له.
روى أحمد في مسنده :" سيدة نساء أهل الجنة مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم عائشة " وفي الصحيح :" كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع : آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وفضل عائشة كفضل الثريد على سائر الطعام ".
وإنما فضل الثريد لأنه مع اللحم غذاء جامع بين اللذة وسهولة التناول وقلة المؤونة في المضغ وسرعة المرور في المريء، فضربه مثلا ليؤذن بأنها رضي الله عنها أعطيت مع حسن الخلق حلاوة المنطق، وفصاحة الكلام، وجودة القريحة، ورزانة الرأي، ورصانة العقل، والتحبب للبعل، وبحسبك أنها عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يعقل غيرها من النساء، وروت ما لم يرو مثله الرجال.
Icon