تفسير سورة الأنفال

تفسير الشافعي
تفسير سورة سورة الأنفال من كتاب تفسير الشافعي .
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ

٢٤٣- قال الشافعي رحمه الله تعالى : غنم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم بدر بسَيْرٍ : شعْبٌ من شِعَاب الصفراء قريب من بدر. وكانت غنائم بدر كما يروي عبادة ابن الصامت غنمها المسلمون قبل تنزل الآية في سورة الأنفال١، فلما تشاحوا عليها انتزعها الله من أيديهم بقوله عز وجل :﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اِلاَنفَالِ قُلِ اِلاَنفَالُ لِلهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اَللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾٢.
فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كلها خالصة، وقسمها بينهم، وأدخل معهم ثمانية نفر٣ لم يشهدوا الوقعة من المهاجرين والأنصار، وهم بالمدينة، وإنما أعطاهم من ماله.
وإنما نزلت :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَىْءٍ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُ ﴾٤ بعد غنيمة بدر. ولم يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسْهم لخلق لم يشهدوا الوقعة بعد نزول الآية٥.
ومن أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المؤلفة٦ وغيرهم، فإنما من ماله أعطاهم لا من شيء من أربعة الأخماس. ( الأم : ٧/٣٣٥. ون مختصر المزني ص : ٢٧٠-٢٧١. والسنن الكبرى : ٩/٥٧. )
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
٢٤٤- قال الشافعي : وأما ما ذكر من أمر بدر، فإنما كانت الأنفال لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل :﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اِلاَنفَالِ قُلِ اِلاَنفَالُ لِلهِ وَالرَّسُولِ ﴾٧ فردَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، ثم نزل عليه منصرفه من بدر :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَىْءٍ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ﴾٨ فجعل الله له ولمن سمى معه الخمس٩. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أوْجَفَ الأربعة الأخماس بالحضور، للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم١٠. ( الأم : ٧/٣٥٢. ون الأم : ٢/٩٠ و ٤/١٨١ و ٧/٣٤٠. )
١ - اختلف في معنى الأنفال، فقال ناس: هي الغنائم. وقال آخرون: هي أنفال السرايا. وقال بعض آخر: هي الخُمُس. وقد حكى ابن جرير الطبري هذه الأقوال ثم قال: « وأولى هذه الأقوال بالصواب في معنى: "الأنفال" قول من قال: هي زيادات يزيدها الإمام بعض الجيش أو جميعهم، إما من سهمه على حقوقهم من القسمة، وإما مما وصل إليه بالنفل أو ببعض أسبابه، ترغيبا له، وتحريضا لمن معه من جيشه على ما فيه صلاحهم وصلاح المسلمين، أو صلاح أحد الفريقين ». ن التفسير: ٦/١٧٠.
والأنفال: جمع نفل..

٢ - الأنفال: ١. والحديث رواه أحمد في مسنده مطولا ومختصرا من حديث عبادة بن الصامت قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الرحمن، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي أمامة الباهلي قال: سألت عبادة ابن الصامت عن الأنفال؟ فقال: فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء يقول على السواء. (قال شاكر: إسناده صحيح).
ورواه البيهقي في كتاب السير باب: قسمة الغنيمة في دار الحرب: ٩/٥٧.
ورواه الشافعي في الأم: ٧/٣٣٤..

٣ - قال الشافعي: وهم: عثمان بن عفان وقد تخلف على امرأته رقية، وطلحة بن عبيد الله بن عثمان وقد كان بالشام، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قدم من الشام بعدما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. ومن الأنصار: أبو لبابة، والحارث بن حاطب، وعاصم بن عدي، وخوات بن جبير بن النعمان، والحارث بن الصمة..
٤ - الأنفال: ٤١..
٥ - أخرج البخاري في المغازي (٦٧) باب غزوة خيبر (٣٦)(ر٣٩٩٢) عن أبي موسى قال: قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن افتتح خيبر فقسم لنا، ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا. وأخرجه في كتاب الخمس (٦١) باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين (١٥)(ر٢٩٦٧)..
٦ - المؤلفة قلوبهم: المستمالة قلوبهم بالإحسان والمودة. وهم أصناف مختلفة عند أئمة الفقه كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطيهم من الغنائم والصدقات ليؤلف قلوبهم على الإسلام. ن القاموس الفقهي: ألف..
٧ - الأنفال: ١..
٨ - الأنفال: ٤١..
٩ - وهم المذكورون في الآية: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَىْءٍ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُو وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى اِلْقُرْبى وَالْيَتَامى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ اِلسَّبِيلِ﴾. الأنفال: ٤١..
١٠ - أخرج البخاري في المغازي (٦٧) باب: غزوة خيبر (٣٦)(ر٣٩٨٨) عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفرس سهمين وللراجل سهما. قال: فسَّرَه نافع فقال: إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن له فرس فله سهم ». وأخرجه في الجهاد (٦٠) باب: سهام الفرس (٥١)(ر٢٧٠٨).
وأخرجه مسلم في الجهاد والسير (٣٢) باب: كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين (١٧)(ر١٧٦٢).
وأخرجه أبو داود في الجهاد (٩) باب: في سهمان الخيل (١٥٤)(ر٢٧٣٣).
وأخرجه الترمذي في السير (١٨) باب: ما جاء في سهم الخيل (٦)(ر١٥٥٤).
وأخرجه ابن ماجة في الجهاد (٢٤) باب: قسمة الغنائم (٣٦)(ر٢٨٥٤).
وأخرجه أحمد، والدارمي، والبيهقي..

٢٤٥- قال الشافعي : قال الله عز وجل :{ قُل لِّلذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَّنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ
سَلَفَ } وما قد سلف تقضى وذهب، ودلت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه يطرح عنهم ما بينهم وبين الله عز ذكره والعباد. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الإيمان يجب ما قبله »١. وقال الله تبارك وتعالى :﴿ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ اَلرِّبَاواْ ﴾٢ ولم يأمرهم برد ما مضى منه. وقتل وحشي٣ حمزة فأسلم، ولم يُقَدْ منه، ولم يتبع له بعقل، ولم يؤمر له بكفارة لطرح الإسلام ما فات من الشرك.
وكذلك إن أصابه بجرح لأن الله عز وجل قد أمر بقتال المشركين الذين كفروا من أهل الأوثان ﴿ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ اَلدِّينُ لِلهِ ﴾٤ وقال عز وجل :﴿ قَاتِلُوا اَلذِينَ لا يُومِنُونَ بِاللَّهِ ﴾٥ إلى قوله :﴿ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾٦ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله »٧ يعني بما أحدثوا بعد الإسلام، لأنهم يلزمهم لو كفروا بعد الإسلام القتل، والحدود، ولا يلزمهم ما مضى قبله. ( الأم : ٦/٣٦-٣٧. ون الأم : ٤/١٨٧. و أحكام الشافعي : ٢/٤٥-٤٦. )
١ - لم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ وإنما بلفظ: « إن الإسلام يَجُبُّ ما كان قبله ».
وقد روى أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: حدثنا حسن قال: ثنا ابن لهيعة قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب قال: أخبرني سويد بن قيس، عن قيس بن سمي أن عمرو بن العاص قال: قلت يا رسول الله أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها» قال عمرو: فوالله إن كنت لأشد الناس حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما ملأت عيني من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله عز وجل حياء منه. قال شاكر: إسناده حسن.
ورواه مسلم في الإيمان (١) باب: كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج (٥٤)(ر١٢١) بلفظ: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله».
ورواه البيهقي في كتاب السير باب: ترك أخذ المشركين بما أصابوا: ٩/١٢٣. بلفظ آخر..

٢ - البقرة: ٢٧٨..
٣ - وحشي بن حرب الحبشي الصحابي، قاتل حمزة ومسيلمة..
٤ - البقرة: ١٩٣..
٥ - التوبة: ٢٩..
٦ - التوبة: ٢٩..
٧ - سبق تخريجه..
٢٤٦- قال الشافعي : وإنما نزلت :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَىْءٍ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى اِلْقُرْبى ﴾ بعد بَدْرٍ على ما وصفت لك١، يرفع خمسها، ويقسم أربعة أخماسها وافرا على من حضر الحرب من المسلمين ؛ إلا السَلَبُ٢ فإنه سنَّ أنه للقاتل في الإقبال، فكان السلب خارجا منه ؛ وإلا الصَّفِيّ٣ فإنه قد اختلف فيه، فقيل : كان يأخذه من سهمه من الخمس ؛ وإلا البالغين من السبي، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن فيهم سننا فقتل بعضهم، وفادى ببعضهم أسرى المسلمين. ( الأم : ٧/٣٤٠. ون الأم : ٤/١٤٣. وأحكام الشافعي : ٢/٣٦-٣٨. )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢٤٧- قال الشافعي رحمه الله تعالى : قال الله عز وجل :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَىْءٍ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُ ﴾٤ الآية. وقال الله تعالى :﴿ مَّا أَفَاء اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنَ اَهْلِ اِلْقُرى ﴾٥ الآية. وقال عز وجل :﴿ وَمَا أَفَاء اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ ﴾٦ الآية. قال الشافعي : فالغنيمة والفيء يجتمعان في أن فيهما معا الخمس من جميعهما لمن سماه الله تعالى له، ومن سماه الله عز وجل في الآيتين معا سواء مجتمعين غير مفترقين. قال : ثم يتعرف الحكم في الأربعة الأخماس بما بين الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وفي فعله، فإنه قسم أربعة أخماس الغنيمة، والغنيمة هي المُوجَفُ عليها بالخيل والركاب لمن حضر من غني وفقير، والفيءُ : وهو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فكانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم في قرى عرينة التي أفاءها الله عليه : أن أربعة أخماسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة دون المسلمين يضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراه الله عز وجل.
أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان٧. قال : سمعت عمر ابن الخطاب، وعلي والعباس رحمة الله عليهم يختصمان إليه في أموال النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب. فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خالصا دون المسلمين، فكان النبي صلى الله عليه وسلم ينفق منها على أهله نفقة سنة، فما فضُل جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل. ثم توفي النبي صلى الله عليه وسلم فولِيَها أبو بكر بمثل ما وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وليها عمر بمثل ما وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ثم سألتماني أن أوليكماها على أن تعملا فيها بمثل ما وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وليها أبو بكر، ثم وليتها به، فجئتماني تختصمان أتريدان أن أدفع إلى كل واحد منكما نصفا ؟ أتريدان مني قضاء غير ما قضيت به بينكما أولا ؟ فلا والله الذي به تقوم السماء والأرض لا أقضي بينكما قضاء غير ذلك، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي أكفكماها٨.
قال الشافعي : فقال لي سفيان : لم أسمعه من الزهري ولكن أخبرنيه عمرو بن دينار عن الزهري، قلت : كما قصصت ؟ قال : نعم٩. ( الأم : ٤/١٣٩. ون أحكام الشافعي : ١/١٥٣-١٥٥. ومختصر المزني : ١٤٧-١٤٨. )
ــــــــــــ
٢٤٨- قال الشافعي رحمه الله : قال الله تعالى :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَىْءٍ ﴾١٠ الآية. وروي أن جبير بن مطعم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قسم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب أتيته أنا وعثمان بن عفان رضي الله عنه، فقلنا : يا رسول الله هؤلاء إخواننا من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله منهم، أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وإنما قرابتنا وقرابتهم واحدة١١ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد١٢ هكذا وشبك بين أصابعه »١٣. وروى جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُعط بني عبد شمس ولا بني نوفل من ذلك شيئا.
قال الشافعي : فيعطى سهم ذي القربى في ذي القربى حيث كانوا، ولا يفضل أحد على أحد حضر القتال أو لم يحضر إلا سهمه في الغنيمة كسهم العامة. ولا فقير على غني ؛ ويعطى الرجل سهمين والمرأة سهما لأنهم أعطوا باسم القرابة.
فإن قيل : فقد أعطى صلى الله عليه وسلم بعضهم مائة وسق١٤ وبعضهم أقل ؟ قيل : لأن بعضهم كان ذا وَلَدٍ فإذا أعطاه حظه وحظ غيره فقد أعطاه أكثر من غيره.
والدلالة على صحة ما حكيت من التسوية أن كل من لقيت من علماء أصحابنا لم يختلفوا في ذلك، وأن باسم القرابة أَعْطُوا، وأن حديث جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب.
قال الشافعي رحمه الله : ويفرق ثلاثة أخماس الخمس على من سمى الله تعالى : على اليتامى والمساكين وابن السبيل في بلاد الإسلام، يُحْصَوْنَ ثم يوزع بينهم لكل صنف منهم سهمه لا يعطى لأحد منهم سهم صاحبه. ( مختصر المزني ص : ١٥٠. ون الأم : ٤/١٤٦-١٤٧. و ٤/١٥٤. والرسالة : ٦٧-٧١. )
ــــــــــــ
٢٤٩- قال الشافعي : وقال الله عز وجل :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَىْءٍ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى اِلْقُرْبى ﴾١٥ فكانت هذه الآية في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :« إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد »١٦ وكان الدليل عليه : أن لا يوجد أمر يقطع العَنَتَ، ويُلزم أهل العلم ـ والله أعلم ـ إلا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما فرض الله على نبيه صلى الله عليه وسلم : أن يؤتي ذا القربى حقَّهُ، وأَعْلَمَهُ أن لله خمسه وللرسول ولذي القربى فأعطى سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب، دلَّ على أن الذين أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس، هم : آل محمد الذين أُمِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليهم معه، والذين اصطفاهم من خلقه بعد نبيه صلى الله عليه وسلم فإنه يقول :﴿ إِنَّ اَللَّهَ اَصْطَفى ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى اَلْعَالَمِينَ ﴾١٧ فأعلم أنه اصطفى الأنبياء صلوات الله عليهم وآلهم. ( أحكام الشافعي : ١/٧٦-٧٧. )
١ - أي عند تفسير الآية الأولى من السورة..
٢ - السَلَبُ: ما يركب عليه المحارب من فرس ونحوه، وما يحمله من سلاح وما يلبسه من درع وثياب وما يتبع ذلك من لجام وسرج وأزرار ونحو ذلك. ن معجم لغة الفقهاء: سلب.
وروى البخاري في الخمس (٦١) باب: من لم يخمس الأسلاب (١٨)(ر٢٩٧٣) عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلا من المشركين علا رجلا من المسلمين، فاستدرت حتى أتيته من ورائه حتى ضربته بالسيف على حبل عاتقه، فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني. فلحقت عمر بن الخطاب فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه.. » الحديث. وأخرجه في المغازي (٦٧) باب قول الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ اِذَ اَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ.. ﴾ (٥١)(ر٤٠٦٦-٤٠٦٧). وفي الأحكام (٩٧) باب: الشهادة تكون عند الحاكم (٢١)(ر٦٧٤٩).
ورواه مسلم في الجهاد والسير (٣٢) باب: استحقاق القاتل سلب القتيل (١٣)(ر١٧٥١).
ورواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجة، كلهم في الجهاد. ورواه مالك، وأحمد، والدارمي، والبيهقي..

٣ - روى أبو داود في الخراج والإمارة والفيء (١٤) باب: ما جاء في سهم الصفي (٢١)(ر٢٩٩١) عن عامر الشعبي قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم سهم يدعى الصَّفِيَّ، إن شاء عبدا، وإن شاء أمة، وإن شاء فرسا، يختاره قبل الخمس.
وروى في نفس الباب (ر٢٩٩٢) عن ابن عون قال: سألت محمدا (يعني ابن سيرين) عن سهم النبي صلى الله عليه وسلم والصَّفِيَّ، قال: كان يضرب له بسهم من المسلمين وإن لم يشهد، والصفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء.
وروى في نفس الباب (ر٢٩٩٣) عن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا كان له سهم صاف يأخذه من حيث شاء، فكانت صفية من ذلك السهم، وكان إذا لم يغز بنفسه ضرب له بسهمه ولم يُخير.
قال المنذري: وهذه الأحاديث كلها مرسلة. ن سنن أبي داود ٣/٢٦٤..

٤ - الأنفال: ٤١. وتمامها: ﴿ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى اِلْقُرْبى وَالْيَتَامى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ اِلسَّبِيلِ﴾..
٥ - الحشر: ٧. وتمامها: ﴿فَلِلهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى اِلْقُرْبى وَالْيَتَامى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ اِلسَّبِيلِ كَىْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ اَلاَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا ءَاتياكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهياكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اَللَّهَ إِنَّ اَللَّهَ شَدِيدُ اَلْعِقَابِ ﴾..
٦ - الحشر: ٦. وتمامها: ﴿فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَـاكِنَّ اَللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُو عَلَى مَنْ يَّشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾..
٧ - مالك بن أوس بن الحدثان، أبو سعيد. قيل: رأى الصديق. سمع عمر وعثمان. وعنه: الزهري، وابن المنكدر. ت سنة: ٩٢هـ. الكاشف: ٣/٩٣. ون التهذيب: ٨/١٠. وقال في التقريب: له رؤية..
٨ - أخرجه البخاري مختصرا ومطولا في الجهاد (٦٠) باب: الْمِجَنُّ ومن يَتَتَرَّسُ بِتُرْسِ صاحبه (٧٩)(ر٢٧٤٨)، وفي الخمس (٦١) باب: فرض الخمس (١)(ر٢٩٢٧)، وفي المغازي (٦٧) باب: حديث بني النظير (١١)(ر٣٨٠٩). وفي تفسير الحشر (٦٨) باب قوله: ﴿ وَمَا أَفَاء اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﴾ (٣٦٣)(ر٤٦٠٣)، وفي النفقات (٧٢) باب: حبس نفقة الرجل قوتَ سنةٍ على أهله وكيف نفقات العيال (٣)(ر٥٠٤٣)، وفي الفرائض (٨٨) باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا نورث ما تركنا صدقة » (٢)(ر٦٣٤٧)، وفي الاعتصام بالكتاب والسنة (٩٩) باب: ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع (٥)(ر٦٨٧٥).
وأخرجه مسلم في الجهاد والسير (٣٢) باب: حكم الفيء (١٥)(ر١٧٥٧).
وأخرجه أبو داود في الخراج والإمارة والفيء (١٤) باب: صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال (١٩)(ر٢٩٦٣ و ٢٩٦٤ و ٢٩٦٥).
وأخرجه الترمذي في السير (١٨) باب: ما جاء في تركة رسول الله صلى الله عليه وسلم (٤٤)(ر١٦١٠)، وفي الجهاد (٢٠) باب: ما جاء في الفيء (٣٩)(ر١٧١٩).
وأخرجه النسائي في قسم الفيء (٣٨) الباب الأول (ر٤١٥١)..

٩ - رواه الشافعي في المسند (ر١٤٢٠) بهذا اللفظ.
ورواه البيهقي في كتاب قسم الفيء والغنيمة باب: بيان معرفة أربعة أخماس الفيء في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم: ٦/٢٩٦..

١٠ - الأنفال: ٤١..
١١ - أي لأن الجميع من بني عبد مناف، ولكن عثمان رضي الله عنه من بني عبد شمس، وجبير بن مطعم رضي الله عنه من بني نوفل..
١٢ - أي في الاستحقاق لنصرتهم له صلى الله عليه وسلم قبل إسلامهم وبعده..
١٣ - أخرجه البخاري في الخمس (٦١) باب: ومن الدليل على أن الخمس للإمام (١٧)(ر٣٩٧١). وفي المناقب (٦٥) باب: مناقب قريش (٢)(ر٣٣١١). وفي المغازي (٦٧) باب: غزوة خيبر (٣٦)(ر٣٩٨٩).
زاد البخاري: وقال ابن إسحاق: عبد شمس وهاشم والمطلب إخوة لأم، وأمهم عاتكة بنت مرة، وكان نوفل أخاهم لأبيهم.
وأخرجه أبو داود في الخراج والإمارة والفيء (١٤) باب: في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى
(٢٠)(ر٢٩٧٨).
وأخرجه النسائي في الفيء (٣٨)(ر٤١٤٧ و ٤١٤٨).
وأخرجه ابن ماجة في الجهاد (٢٤) باب: قسمة الفيء (٤٦)(ر٢٨٨١).
ورواه أحمد، والبيهقي، والشافعي في المسند (ر١٤٢٤)..

١٤ - الوَسْقُ: مكيال قدره حمل بعير أو ستون صاعا أي ١٦٥ لترا. ن معجم لغة الفقهاء: وسق..
١٥ - الأنفال: ٤١..
١٦ - لم أقف عليه بهذا اللفظ. وقد رواه مسلم عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بلفظ « إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد..» الحديث. كتاب الزكاة (١٢) باب: ترك استعمال آل النبي على الصدقة (٥١)(ر١٠٧٢).
ورواه أحمد في مسنده من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب بلفظ « لا تحل لمحمد ولا لآل محمد » وبلفظ: « ألا إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد ».
ورواه البيهقي عن أبي رافع في كتاب الصدقات باب: موالي بني هاشم وبني المطلب ٧/٣٢. بلفظ: « إن الصدقة لا تحل لنا »، وعن مهران مولى النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: « إنا أهل بيت نهينا عن الصدقة »..

١٧ - آل عمران: ٣٣..
٢٥٠- قال الشافعي رحمه الله تعالى : قال الله تبارك وتعالى :﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذِ اِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء اِنَّ اَللَّهَ لا يُحِبُّ اَلْخَآئِنِينَ ﴾ قال الشافعي : نزلت في أهل هدنة١، بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عنهم شيء استدل به على خيانتهم.
قال الشافعي : فإذا جاءت دلالة على أن لم يوف أهل هدنة بجميع ما هادنهم عليه فله أن ينبذ إليهم، ومن قلت له أن ينبذ إليه فعليه أن يلحقه بمأمنه، ثم له أن يحاربه كما يحارب من لا هدنة له.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : فإن قال الإمام : أخاف خيانة قوم ولا دلالة له على خيانتهم من خبرٍ، ولا عيان، فليس له ـ والله تعالى أعلم ـ نقض مدتهم إذا كانت صحيحة، لأن معقولا أن الخوف من خيانتهم الذي يجوز به النبذ إليهم لا يكون إلا بدلالة على الخوف. ألا ترى أنه لو لم يكن بما يخطر عل القلوب قبل العقد لهم ومعه وبعده من أن يخطر عليها أن يخونوا٢ ؟
فإن قال قائل : فما يشبهه ؟ قيل : قول الله عز وجل :﴿ وَالَّـاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى اِلْمَضَاجِعِ ﴾٣ فكان معلوما أن الرجل إذا عقد على المرأة النكاح ولم يرها، فقد يخطر على باله أن تنشز منه بدلالة، ومعقولا عنده أنه إذا أَمَرَهُ بالعظة والهجر والضرب لم يؤمر به إلا عند دلالة النشوز، وما يجوز به من بعلها ما أُبيح له فيها. ( الأم : ٤/١٨٥. ون الأم : ٤/١٨٦. و ٤/١٨٨. وأحكام الشافعي : ٢/٧٢. ومختصر المزني ص : ٢٨٠. )
١ - روى أبو الشيخ عن ابن شهاب قال: دخل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت السلاح وما زلت في طلب القوم، فاخرج فإن الله قد أذن لك في قريظة، وأنزل فيهم: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذِ اِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء اِنَّ اَللَّهَ لا يُحِبُّ اَلْخَآئِنِينَ ﴾. لباب النقول ص: ١٥١. ون تفسير الطبري: ٦/٢٧٢..
٢ - قوله: ألا ترى، إلى قوله: أن يخونوا، كذا في النسخ، وهو غير واضح المراد منه، ولم أهتد إلى إقامته..
٣ - النساء: ٣٤..
٢٥١- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى فيما ندب إليه أهل دينه :﴿ وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اَسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ اِلْخَيْلِ ﴾ فزعم أهل العلم بالتفسير أن القوة هي الرمي، وقال الله تبارك وتعالى :﴿ وَمَا أَفَاء اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ ﴾١.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : أخبرنا ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن نافع ابن أبي نافع٢، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :« لا سَبَقَ٣ إلا في نَصْلٍ أو حَافِرٍ أو خُفٍّ »٤.
قال الشافعي : وأخبرني ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن عباد بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :« لا سبق إلا في حافر أو خف »٥.
قال : وأخبرنا ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب قال : مضت السنة في النصل والإبل والخيل والدواب حلال.
قال : وأخبرنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت٦.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : وقول النبي صلى الله عليه وسلم :« لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل » يجمع معنيين : أحدهما : أن كل نصل رمي به من سهم، أو نشابة، أو ما ينكا العدو نكايتهما، وكل حافر من خيل وحمير وبغال، وكل خف من إبل بخت أو عراب داخل في هذا المعنى الذي يحل فيه السبق.
والمعنى الثاني : أنه يحرم أن يكون السبق إلا في هذا، وهذا داخل في معنى ما ندب الله عز وجل إليه وحَمَدَ عليه أهل دينه من الإعداد لعدوه القوة ورباط الخيل.
والآية الأخرى :﴿ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ ﴾٧ لأن هذه الركاب لما كان السبق عليها يُرغب أهلها في اتخاذها لآمالهم إدراك السبق فيها والغنيمة عليها، كانت من العطايا الجائزة بما وصفتها، فالاستباق فيها حلال، وفيما سواها حرام. ( الأم : ٤/٢٢٩-٢٣٠. ون أحكام الشافعي : ٢/١٠٦-١٠٧. )
١ - الحشر: ٦..
٢ - نافع بن أبي نافع البزار. عن: أبي هريرة، ومعقل بن يسار. وعنه: خالد بن طهمان، وابن أبي ذئب. ثقة. الكاشف: ٣/١٨٢. ون التهذيب: ٨/٤٧١. وقال في التقريب: ثقة..
٣ - السَّبَقُ: ما يتراهن عليه المتسابقون. فالعطاء والجُعْلُ لا يستحق إلا في سباق الخيل والإبل والرمي (النصل). والسَّبْقُ: المسابقة. ن القاموس الفقهي: سبق..
٤ - رواه أبو داود في الجهاد (٩) باب: في السّبق (٦٧)(ر٢٥٧٤).
ورواه الترمذي في الجهاد (٢٠) باب: ما جاء في الرهان والسّبق (٢٢)(ر١٧٠٠) وقال: حديث حسن.
ورواه النسائي في الخيل (٢٨) باب: السّبق (١٤)(ر٣٥٨٧ و ٣٥٨٨).
ورواه ابن ماجة في الجهاد (٢٤) باب: السّبق والرهان (٤٤)(ر٢٨٧٨).
ورواه أحمد، والبيهقي، والشافعي في المسند (ر١٤٣٥)..

٥ - رواه البيهقي في كتاب السّبق والرمي باب: لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل ١٠/١٦.
ورواه الشافعي في المسند (ر١٤٣٦)..

٦ - رواه البخاري في المساجد (١١) باب: هل يقال مسجد بني فلان (٩)(ر٤١٠). وفي الجهاد (٦٠) باب: السبق بين الخيل (٥٦)(ر٢٧١٣). وباب: غاية السبق للخيل المضمرة (٥٨)(ر٢٧١٥). وفي الاعتصام بالكتاب والسنة (٩٩) باب: ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم (١٦)(ر٦٩٠٥).
ورواه مسلم في الإمارة (٣٣) باب: المسابقة بين الخيل وتضميرها (٢٥)(ر١٨٧٠).
ورواه أصحاب السنن، ومالك، وأحمد، والبيهقي، والشافعي في المسند (ر١٤٣٧).
وضَمَّر الحيوان: جعله يَضْمُرُ. يقال: ضمَّر الفرس للسباق ونحوه: ربطه، وعلفه، وسقاه كثيرا، مدة، وركضه في الميدان حتى يخف ويدق. ومدة التضمير عند العرب أربعين يوما. ن القاموس الفقهي: ضمر..

٧ - الحشر: ٦..
٢٥٢- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى :﴿ يَاأَيُّهَا اَلنَّبِىءُ حَرِّضِ اِلْمُومِنِينَ عَلَى اَلْقِتَالِ إِنْ يَّكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِاْئَتَيْنِ ﴾ وقال عز وجل :﴿ اَلَـانَ خَفَّفَ اَللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفا فَإِن تَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِاْئَتَيْنِ ﴾ الآية، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال : لما نزلت :﴿ إِنْ يَّكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِاْئَتَيْنِ ﴾ فكتب عليهم أن لا يفر العشرون من المائتين، فأنزل الله عز وجل :﴿ اَلَـانَ خَفَّفَ اَللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفا فَإِن تَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِاْئَتَيْنِ ﴾ فخفف عنهم، وكتب عليهم أن لا يفر المائة من المائتين١.
قال الشافعي : وهذا كما قال ابن عباس ـ إن شاء الله تعالى ـ مستغنى فيه بالتنزيل عن التأويل.
وقال الله تعالى :﴿ إِذَا لَقِيتُمُ اَلذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ اَلاَدْبَارَ ﴾٢ الآية. فإذا غزا المسلمون، أو غُزُوا، فيهيئوا للقتال فلقوا ضعفهم من العدو حرم عليهم أن يولوا عنهم إلا متحرفين إلى فئة، فإن كان المشركون أكثر من ضعفهم لم أحب لهم أن يولوا عنهم٣.
ولا يستوجب السخط عندي من الله عز وعلا لو ولوا عنهم إلى غير التحرف للقتال والتحيز إلى فئة، لأن بينا أن الله عز وجل إنما يوجب سخطه على من ترك فرضه، وأن فرض الله عز وجل في الجهاد إنما هو على أن يجاهد المسلمون ضعفهم من العدو، ويأثم المسلمون لو أطل عدو على أحد من المسلمين وهم يقدرون على الخروج إليه بلا تضييع لما خلفهم من ثغرهم إذا كان العدو ضعفهم وأقل. ( الأم : ٤/١٦٩-١٧٠. ون الأم : ٤/٢٤٢-٢٤٣. والرسالة : ١٢٧-١٢٨. وأحكام الشافعي : ٢/٣٩-٤٠ و ٢/٤٠-٤٢. )
١ - أخرجه البخاري في التفسير (٦٨) باب: ﴿ يَاأَيُّهَا اَلنَّبِىءُ حَرِّضِ اِلْمُومِنِينَ عَلَى اَلْقِتَالِ ﴾. (١٤٦)(٤٣٧٥) وقال: زاد سفيان مرة نزلت: ﴿ حَرِّضِ اِلْمُومِنِينَ عَلَى اَلْقِتَالِ إِنْ يَّكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ ﴾. قال سفيان: وقال ابن شُبرمة: وأترى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا.
وأخرجه البخاري عن عكرمة، عن ابن عباس بنحوه (ر٤٣٧٦).
وأخرجه أبو داود في الجهاد (٩) باب: في التولي يوم الزحف (١٠٦)(ر٢٦٤٦).
وأخرجه البيهقي في كتاب السير باب: تحريم الفرار من الزحف ٩/٧٦. وأخرجه الشافعي في المسند (ر١٣٩٩).
ون تفسير ابن جرير ٦/٢٨٣. و لباب النقول ص: ١٥٢..

٢ - الأنفال: ١٥..
٣ - أخرج البيهقي في كتاب السير باب: تحريم الفرار من الزحف ٩/٧٦ عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن فر رجل من اثنين فقد فر، وإن فر من ثلاثة لم يفر.
وأخرجه الشافعي في المسند (ر١٤٠٠)..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٥:٢٥٢- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى :﴿ يَاأَيُّهَا اَلنَّبِىءُ حَرِّضِ اِلْمُومِنِينَ عَلَى اَلْقِتَالِ إِنْ يَّكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِاْئَتَيْنِ ﴾ وقال عز وجل :﴿ اَلَـانَ خَفَّفَ اَللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفا فَإِن تَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِاْئَتَيْنِ ﴾ الآية، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال : لما نزلت :﴿ إِنْ يَّكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِاْئَتَيْنِ ﴾ فكتب عليهم أن لا يفر العشرون من المائتين، فأنزل الله عز وجل :﴿ اَلَـانَ خَفَّفَ اَللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفا فَإِن تَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِاْئَتَيْنِ ﴾ فخفف عنهم، وكتب عليهم أن لا يفر المائة من المائتين١.
قال الشافعي : وهذا كما قال ابن عباس ـ إن شاء الله تعالى ـ مستغنى فيه بالتنزيل عن التأويل.
وقال الله تعالى :﴿ إِذَا لَقِيتُمُ اَلذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ اَلاَدْبَارَ ﴾٢ الآية. فإذا غزا المسلمون، أو غُزُوا، فيهيئوا للقتال فلقوا ضعفهم من العدو حرم عليهم أن يولوا عنهم إلا متحرفين إلى فئة، فإن كان المشركون أكثر من ضعفهم لم أحب لهم أن يولوا عنهم٣.
ولا يستوجب السخط عندي من الله عز وعلا لو ولوا عنهم إلى غير التحرف للقتال والتحيز إلى فئة، لأن بينا أن الله عز وجل إنما يوجب سخطه على من ترك فرضه، وأن فرض الله عز وجل في الجهاد إنما هو على أن يجاهد المسلمون ضعفهم من العدو، ويأثم المسلمون لو أطل عدو على أحد من المسلمين وهم يقدرون على الخروج إليه بلا تضييع لما خلفهم من ثغرهم إذا كان العدو ضعفهم وأقل. ( الأم : ٤/١٦٩-١٧٠. ون الأم : ٤/٢٤٢-٢٤٣. والرسالة : ١٢٧-١٢٨. وأحكام الشافعي : ٢/٣٩-٤٠ و ٢/٤٠-٤٢. )
١ - أخرجه البخاري في التفسير (٦٨) باب: ﴿ يَاأَيُّهَا اَلنَّبِىءُ حَرِّضِ اِلْمُومِنِينَ عَلَى اَلْقِتَالِ ﴾. (١٤٦)(٤٣٧٥) وقال: زاد سفيان مرة نزلت: ﴿ حَرِّضِ اِلْمُومِنِينَ عَلَى اَلْقِتَالِ إِنْ يَّكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ ﴾. قال سفيان: وقال ابن شُبرمة: وأترى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا.
وأخرجه البخاري عن عكرمة، عن ابن عباس بنحوه (ر٤٣٧٦).
وأخرجه أبو داود في الجهاد (٩) باب: في التولي يوم الزحف (١٠٦)(ر٢٦٤٦).
وأخرجه البيهقي في كتاب السير باب: تحريم الفرار من الزحف ٩/٧٦. وأخرجه الشافعي في المسند (ر١٣٩٩).
ون تفسير ابن جرير ٦/٢٨٣. و لباب النقول ص: ١٥٢..

٢ - الأنفال: ١٥..
٣ - أخرج البيهقي في كتاب السير باب: تحريم الفرار من الزحف ٩/٧٦ عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن فر رجل من اثنين فقد فر، وإن فر من ثلاثة لم يفر.
وأخرجه الشافعي في المسند (ر١٤٠٠)..


٢٥٣- قال الشافعي : قلنا توارث الناس بالحِلْفِ والنُّصْرَة١، ثم توارثوا بالإسلام والهجرة٢، ثم نسخ ذلك فنزل قول الله عز وجل :﴿ وَأُوْلُوا اَلاَرْحَامِ بَعْضُهُمُ أَوْلى بِبَعْضٍ فِى كِتَابِ اِللَّهِ ﴾ على معنى ما فرض الله عز ذكره وسن رسوله صلى الله عليه وسلم لا مطلقا هكذا.
ألا ترى أن الزوج يرث أكثر مما يرث ذوو الأرحام ولا رَحِمَ له ؟ ! أو لا ترى أن ابن العم البعيد يرث المال كله ولا يرثه الخال، والخال أقرب رحما منه ؟ ! فإنما معناها على ما وصفت لك من أنها على ما فرض الله لهم وسنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. ( الأم : ٤/٨٠. ون أحكام الشافعي : ١/١٤٦. ومختصر المزني ص : ١٤١. والرسالة : ٥٨٩-٥٩٠. )
١ - أخرج أبو داود في الفرائض (١٣) باب: نسخ ميراث العقد بميراث الرحم (١٦)(ر٢٩٢١) عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ﴿ وَالذِينَ عَاقَدَتَ اَيْمَانُكُمْ فَئَاتُوهُمْ نَصِيبَهُمُو ﴾. (النساء: ٣٣). كان الرجل يحالف الرجل، ليس بينهما نسب، فيرث أحدهما الآخر، فنسخ ذلك الأنفال فقال تعالى: ﴿ وَأُوْلُوا اَلاَرْحَامِ بَعْضُهُمُو أَوْلى بِبَعْضٍ ﴾.
وأخرجه البيهقي في كتاب الفرائض باب: نسخ التوارث بالتحالف وغيره ٦/٢٦٢.
والمعاقدة هو الحلف الذي كانوا يتوارثون به..

٢ - أخرج البخاري في الفرائض (١٨٠) باب: ذوي الأرحام (١٥)(ر٦٣٦٦) عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس
﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ ﴾ ﴿ وَالذِينَ عَاقَدَتَ اَيْمَانُكُمْ﴾. قال: كان المهاجرون حين قدموا المدينة، يرث الأنصاري المهاجري دون ذوي رحمه، للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، فلما نزلت: ﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ ﴾. قال: نسختها: ﴿ وَالذِينَ عَاقَدَتَ اَيْمَانُكُمْ﴾.
وفي الكفالة (٤٤) باب: قول الله تعالى: ﴿ وَالذِينَ عَاقَدَتَ اَيْمَانُكُمْ فَئَاتُوهُمْ نَصِيبَهُمُو﴾ (٢)(ر٢١٧٠).
وفي التفسير (٦٨) باب: ﴿ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ مِمَّا تَرَكَ ﴾ (٨٦)(ر٤٣٠٤).
وأخرجه أبو داود في الفرائض (١٣) باب: نسخ ميراث العقد بميراث الرحم (١٦)(ر٢٩٢٢).
وأخرجه البيهقي في كتاب الفرائض باب: نسخ التوارث بالتحالف وغيره ٦/٢٦٢. وأخرج في نفس الباب عن عكرمة، عن ابن عباس قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وورث بعضهم من بعض حتى نزلت هذه الآية:
﴿ وَأُوْلُوا اَلاَرْحَامِ بَعْضُهُمُو أَوْلى بِبَعْضٍ ﴾. فتركوا ذلك وتوارثوا بالنسب..

Icon