تفسير سورة الشورى

روح البيان
تفسير سورة سورة الشورى من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

سورة حم عسق وتسمى سورة الشورى
مكية وهى ثلاث وخمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم
حم عسق اسمان للسورة ولذلك فصل بينهما فى الكتابة وعد آيتين بخلاف كهيعص والمص والمر فانها آية واحدة فالفصل لتطابق سائر الحواميم وفى القاموس آل حاميم وذوات حاميم السور المفتتحة بها ولا تقل حواميم وقد جاء فى شعر وهو اسم الله الأعظم او قسم او حروف الرحمن مقطعة وتمامه الرون انتهى روى الطبري أنه جاء رجل الى ابن عباس رضى الله عنهما وعنده حذيفة اليماني رضى الله عنه فسأله عن تفسير حم عسق فأطرق واعرض عنه حتى أعاد عليه ثلاثا فاعرض فقال له حذيفة انا أنبئك بها قد عرفت لم كرهها وتركها نزلت فى رجل من اهل بيته يقال له عبد الله او عبد الا له ينزل على نهر من انهار المشرق فيبنى عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقا فاذا أراد الله زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ينزل على إحداهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها سالمة متعجبة كيف أفلتت فما هو إلا بياض يومها حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم اى من اله المدينتين ثم يخسف الله بها وبهم جميعا فى الليلة القابلة فذلك قوله تعالى حم عسق اى عزمة من عزمات الله وفتنة حم اى قضى وقدر عدلا منه سيكون واقعا فى هاتين المدينتين ونظير هذا التفسير ما روى جرير بن عبد الله البجلي رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول تبنى مدينتان بين دخلة ودجيل وقطربل والصراة يجتمع فيهما جبابرة الأرض يجبى إليهما الخزائن يخسف بهما وفى رواية باهلهما فلهما اسرع ذهابا فى الأرض من الوتد الحديد فى الأرض الرخوة قوله دخلة بالخاء المعجمة على وزن حمزة قرية كثيرة التمر ودجيل بالجيم كزبير شعب من دجلة نهر بغداد وقطربل بالضم وتشديد الباء الموحدة او بتخفيفها موضعان أحدهما بالعراق ينسب اليه الخمر والصراة بالفتح نهر بالعراق وقال الضحاك قضى عذاب سيكون واقعا وأرجو ان يكون قد مضى يوم بدر وذكر الثعلبي والقشيري أن النبي عليه السلام لما نزلت هذه الآية عرف الكآبة فى وجهه اى اثر الخزن والملالة فقيل يا رسول الله ما أحزنك قال أخبرت ببلايا تنزل بامتى من خسف ومسخ ونار تحشرهم وريح تقذفهم فى البحر وآيات متتابعات متصلات بنزول عيسى وخروج الدجال كفته اند حاحرفست وميم مهلكه وعين عذاب وسين مسخ وقاف قذف وثعلبى كويد ابن عباس رضى الله عنهما حم عسق خواندى وكفتى على رضى الله عنه فتنهارا باين دو لفظ دانست وروى عن على رضى عنه أنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الحروف التي فى او آئل السور وقال شهر بن حوشب حم عسق حرب يذل فيها العزيز ويعز فيها الذليل من قريش ثم تفضى الى العرب الى العجم ثم هى متصلة الى خروج الدجال يقول الفقير الفتن المتصلة بخروج الدجال بعضها قد مضى وبعضها سيقع فيما بين المائتين بعد الالف دل عليه حم وهو ثمان وأربعون والعين وهو سبعون والسين وهو ستون والقاف وهو مائة لأنه
من عداهم فلعله من باب الترقي لان آية حم المؤمن مقيدة بحملة العرش واستغفار المؤمنين وهذه الآية مطلقة فى حق كل من الملائكة والاستغفار أَلا اعلموا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ يغفر ذنوب المقبلين الرَّحِيمُ يرحم بان يرزقهم جنته وقربه ووصاله وبرحمته يأمر الملائكة بالاستغفار لبنى آدم مع كثرة عصيانهم والكفار الذين يرتكبون الشرك والذنوب العظام لا يقطع رزقهم ولا صحتهم ولا تمتعاتهم من الدنيا وان كان يريد ان يعذبهم فى الآخرة يقول الفقير ان الملائكة وان كانوا يستغفرون للمؤمنين فالمؤمنون يسلمون عليهم كما يقولون فى التشهد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين إذ لا يعصون ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون فالمنة لله تعالى على كل حال وفى الآية اشارة الى ان قوما من الجهلة يقولون على الله ما لا يعلمون ومن عظم افترائهم تكاد السموات تنشق من فوقهم لان الله تعالى البسها أنوار قدرته وأدخلها روح فعله حتى عقلت عبوديته صانعها وعرفت قدسه وطهارته عن قول الزائغين واشارة الملحدين والملائكة يقدسون الله عما يقولون فيه من الزور والبهتان والدعاوى الباطلة ويستغفرون للمؤمنين الذين لم يبلغوا حقيقة عبوديته فانهم هم القابلون للاصلاح لاعترافهم بعجزهم وقصورهم دون المصرين المبتدعين
فاسد شده راز روزكار وارون لا يمكن ان يصلحه العطارون
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ شركاه وأندادا واشركوهم معه فى العبادة اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ رقيب على أحوالهم وأعمالهم مطلع ليس بغافل فيجازيهم لا رقيب عليهم الا هو وحده ومعنى الحفيظ بالفارسية نكهبان وقال فى المفردات معناه محفوظ لا يضيع كقوله علمها عند ربى فى كتاب لا يضل ربى ولا ينسى وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ بموكول اليه أمرهم حتى تسأل عنهم وتؤخذ بهم وانما وظيفتك الانذار وتبليغ الاحكام وفيه اشارة الى ان كل من عمل بمتابعة هواه وترك لله حدا او نقض له عهدا فهو متخذ الشياطين اولياء لانه يعمل باوامرهم وأفعاله موافقة لطباعهم الله حفيظ عليهم باعمال سرهم وعلانيتهم ان شاء عذبهم وان شاء عفا عنهم وما أنت عليهم بوكيل لتمنعهم عن معاملاتهم فعلى العاقل أن لا يتخذ من دون الله اولياء بل يتفرد بمحبة الله وولايته كما قال تعالى قل الله ثم ذرهم حتى يتولاه فى جميع أموره وما أحوجه الى أحد سواه وقال الأستاذ ابو على الدقاق قدس سره ظهرت علة بالملك يعقوب بن الليث أعيت الأطباء فقالوا له فى ولايتك رجل صالح يسمى سهل ابن عبد الله لو دعالك لعل الله يستجيب له فاستحضره فقال ادع الله لى فقال كيف يستجاب دعائى فيك وفى حبسك مظلومون فاطلق كل من حبسه فقال سهل اللهم كما أريته ذل المعصية فأره عز الطاعة وفرج عنه فعوفى فعرض ما لا على سهل فأبى ان يقبله فقيل له لو قبلته ودفعته الى الفقراء فنظر الى الحصباء فى الصحراء فاذا هى جواهر فقال من يعطى مثل هذا يحتاج الى مال يعقوب بن الليث فالمعطى والمانع والضار والنافع هو الله الولي الوكيل الذي لا اله غيره
نقش او كردست ونقاش من اوست غير اگر دعوى كند او ظلم جوست
وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا ذلك اشارة الى مصدر أوحينا ومحل الكاف النصب
288
على المصدرية وقرءانا عربيا مفعول لأوحينا اى ومثل ذلك الإيحاء البديع البين المفهم أوحينا إليك ايحاء لا ليس فيه عليك وعلى قومك (وقال الكاشفى) وهمچنانكه وحي كرديم بهر پيغمبر بزبان قوم او ووحي كرديم بتو قرآنى بلغت عرب كه قوم تواند تا كه فهم حاصل شود لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى اى لتخوف اهل مكة بعذاب الله على تقدير إصرارهم على الكفر والعرب تسمى اصل كل شىء بالأم وسميت مكة أم القرى تشريفا لها وإجلالا لاشتمالها على البيت المعظم ومقام إبراهيم ولما روى من أن الأرض دحيت من تحتها فمحل القرى منها محل البنات من الأمهات وَمَنْ حَوْلَها من العرب وهذا اى التبيين بالعرب لا ينافى عموم رسالته لأن تخصيص الشيء بالذكر لا ينافى حكم ما عداه وقيل من اهل الأرض كلها وبذلك فسره البغوي فقال قرى الأرض كلها وكذا القشيري حيث قال العالم محدق بالكعبة ومكة لأنهما سرة الأرض پس همه اهالى بلاد بر حوالى ويند قال فى التأويلات النجمية يشير الى إنذار نفسه الشريفة لانها أم قرى نفوس آدم وأولاده لأنه صلى الله
تعالى عليه وسلم هو الذي تعلقت القدرة بايجاده قبل كل شىء كما قال أول ما خلق الله روحى ومنه تنشأ الأرواح والنفوس ولهذا المعنى قال آدم ومن دونه تحت لوائى يوم القيامة فالمعنى كما يوحى إليك والى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم لينذروا الأمم كذلك أوحينا قرءانا عربيا لتنذر نفسك الشريفة بالقرءان العربي لأن نفسك عربية ومن حولها من نفوس اهل العالم لأنها محدقة بنفسك الشريفة ولذلك قال تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين وقال عليه السلام بعثت الى الخلق كافة
مه طلعتى كه بر قد قدرش بريده اند ديباى قم فانذر وإستبرق دنا
وَتُنْذِرَ اهل مكة ومن حولها يَوْمَ الْجَمْعِ اى بيوم القيامة وما فيه من العذاب لأنه يجمع فيه الخلائق من الأولين والآخرين واهل السموات واهل الأرض والأرواح والأشباح والأعمال والعمال فالباء محذوف من اليوم كما قال لتنذر بأسا شديدا اى ببأس شديد كما قاله ابو الليث فيكون مفعولا به لا ظرفا كما فى كشف الاسرار وقد سبق غير ذلك فى حم المؤمن عند قوله تعالى لتنذر يوم التلاق لا رَيْبَ فِيهِ اعتراض لا محل له اى لا بد من مجيىء ذلك اليوم وليس بمرتاب فيه فى نفسه وذاته لانه لا بد من جزاء العاملين من المنذرين والمنذرين واهل الجنة واهل النار وارتياب الكفار فيه لا يعتد به او لا شك فى الجمع انه كائن ولا بد من تحققه فَرِيقٌ وهم المؤمنون فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ وهم الكافرون فِي السَّعِيرِ اى النار سميت بها لالتها بها وذلك بعد جمعهم فى الموقف لأنهم يجمعون فيه اولا ثم يفرقون بعد الحساب والتقدير منهم فريق على أن فريق مبتدأ حذف خبره وجاز الابتداء بالنكرة لأمرين تقديم خبرها وهو الجار والمجرور المحذوف ووصفها بقوله فى الجنة والضمير المجرور فى منهم للمجموعين لدلالة لفظ الجمع عليه فان المعنى يوم يجمع الخلائق فى موقف الحساب وفى التأويلات النجمية وتنذر يوم الجمع بين الأرواح والأجساد لا شك فى كونه وكما أنهم اليوم فريقان فريق فى جنة القلوب وراحات
289
وادعى اتقاء التشبيه وقع فى التعطيل ومن ارتقى عن الظاهر وادعى اتقاء التعطيل حصل على التشبيه واخطأ وجه الدليل وعلى الله قصد السبيل وفى التأويلات النجمية أن قوما وقعوا فى تشبيه ذاته بذات المخلوقين فوصفوه بالحد والنهاية والكون والمكان وأقبح قولا منهم من وصفه بالجوارح والآلات وقوم وصفوه بما هو تشبيه فى الصفات فظنوا أن بصره فى حدقة وسمعه فى عضو وقدرته فى يد الى غير ذلك وقوم قاسوا حكمه على حكم عباده فقالوا ما يكون من الحق قبيحا فمنه قبيح وما يكون من الخلق حسنا فمنه حسن فهؤلاء كلهم اصحاب التشبيه والحق تعالى مستحق التنزيه لا التشبيه محقق بالتحصيل دون التعطيل والتمثيل مستحق التوحيد دون التحديد موصوف بكمال الصفات مسلوب عن العيوب والنقصان لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال الجواليقي فى كتابه المعرب المقليد المفتاح فارسى معرب لغة فى الاقليد والجمع مقاليد فالمقاليد المفاتيح وهى كناية عن الخزائن وقدرته عليها وحفظه لها وفيه مزيد دلالة على الاختصاص لأن الخزائن لا يدخلها ولا يتصرف فيها الا من بيده مفاتيحها (وقال الكاشفى) كليدهاى آسمانها وزمينها يعنى مفاتيح رزق چهـ خزانه آسمان مطر است وكنجينه زمين نبات قال ابن عطاء مقاليد الأرزاق صحة التوكل ومقاليد القلوب صحة المعرفة بالله ومقاليد العلوم فى الجوع
ندارند تن پروران آگهى كه پر معده باشد ز حكمت تهى
وقال بعضهم مقاليد سمواته ما فى قلوب ملائكته من احكام الغيوب ومقاليد ارضه ما أودع الحق صدور أوليائه من عجائب القلوب يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ يوسع ويضيق إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ مبالغ فى الإحاطة به فيفعل كل ما يفعل على ما ينبغى ان يفعل عليه فلا يوسع الرزق الا إذا علم أن سعته خير للعبد وكذا التضييق وفى التأويلات النجمية له مفاتيح سموات القلوب وفيها خزآئن لطفه ورحمته وارض النفوس وفيها خزآئن قهره وعزته فكل قلب مخزن لنوع من الطافه فبعضها مخزن المعرفة وبعضها مخزن المحبة وبعضها مخزن الشوق وبعضها مخزن الارادة وغير ذلك من الأحوال كالتوحيد والتفريد والهيبة والانس والرضى وغير ذلك وكل نفس مخزن لنوع من أوصاف قهره فبعضها مخزن النكرة وبعضها مخزن الجحود وبعضها مخزن الإنكار وغير ذلك من الأخلاق الذميمة كالشرك والنفاق والحرص والكبر والبخل والشره والغضب والشهوة وغير ذلك وفائدة التعريف أن المقاليد له قطع أفكار العباد من الخلق اليه فى جلب ما يريدونه ودفع ما يكرهونه فانه تعالى يوسع ويضيق رزق النفوس ورزق القلوب والخلق بمعزل عن هذا الوصف وفى الحديث لا اله الا الله مفتاح الجنة ولا شك أن الجنة جنتان جنة صورية هى دار النعيم وجنة معنوية هى القلب ومفتاح كليتهما هو التوحيد وهو بيد الله يعطيه من يشاء من عباده ويجعله من اهل النعيم مطلقا ثم ان الرزق الصوري هى المأكولات والمشروبات الحسية والرزق المعنوي هى العلوم الحقيقية والمعارف الالهية فالاول داخل فى الآية بطريق العبارة والثاني بطريق الاشارة (وفى المثنوى)
واستعماله فى الإيفاء والاستيفاء ودر عين المعاني آورده كه مراد از ميزان حضرت بهتر كائنات محمد است صلى الله تعالى عليه وسلم قانون عدل بدل وتمهيد مى بايد ونزال وإرسال اوست وفى التأويلات النجمية يشير الى كتاب الايمان الذي كتب الله فى القلوب وميزان العقل يوزن به احكام الشرع والخير والشر والحسن والقبح فانهما قرينان متلازمان لا بد لاحد هما من الآخر وسماهما البصيرة فقال قد جاءكم بصائر من ربكم فمن ابصر فلنفسه ومن عمى فعليها ففى انتفاء أحدهما انتفاء الآخر كما قال تعالى صم بكم عمى فهم لا يعقلون فنفى العقل والبصيرة بانتفاء الايمان وَما يُدْرِيكَ الإدراء بمعنى الاعلام اى اى شىء يجعلك داريا اى عالما بحال الساعة التي هى من العظم والشدة والخفاء بحيث لا يبلغه دراية أحد وانما يدرى ذلك بوحي منا وبالفارسية و چهـ چيز دانا كرد بر او چهـ دانى قال الراغب كل موضع ذكر فى القرآن وما ادراك فقد عقب ببيانه نحو وما ادراك ماهيه نار حامية وكل موضع ذكر فيه وما يدريك لم يعقبه بذلك نحو وما يدريك لعل الساعة قريب لَعَلَّ السَّاعَةَ التي يخبر بمجيئها الكتاب الناطق بالحق قَرِيبٌ اى شىء قريب او قريب مجيئها والا فالفعيل بمعنى الفاعل لا يستوى فيه المذكر والمؤنث عند سيبويه فكان الظاهر ان يقال قريبة لكونه مسند الى ضمير الساعة الا أنه قد ذكر لكونه صفة جارية على غير من هى له وقيل القريب بمعنى ذات قرب على معنى النسب وان كان على صورة اسم الفاعل كلا بن وتامر بمعنى ذو لبن وذو تمر اى لبنى وتمرى لا على معنى الحدث كالفعل فلما لم يكن فى معنى الفعل حقيقة لم يلحقه تاء التأنيث او الساعة بمعنى البعث تسمية باسم ما حل فيه وقال الزمخشري لعل مجيىء الساعة قريب بتقدير المضاف والمعنى أن القيامة على جناح الإتيان فاتبع الكتاب يا محمد واعمل به وواظب على العدل قبل ان يفاجئك اليوم الذي يوزن فيه الأعمال ويوفى جزاؤها امام زاهدى فرموده كه لعل براى تحقيق است يعنى البتة ساعتى كه بدان قيامت قائم شود نزديكست وفيه زجرهم عن طول الأمل وتنبيههم على انتظار الاجل وهجومه نبهنا الله تعالى وإياكم أجمعين آمين يَسْتَعْجِلُ بِهَا شتاب ميكنند بساعت يعنى بامد او الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها استعجال انكار واستهزاء ولا يشفقون منها ويقولون متى هى ليتها قامت حتى يظهر لنا الحق اهو الذي نحن عليه أم الذي عليه محمد وأصحابه فانهم لما لم يؤمنوا بها لم يخافوا ما فيها فهم يطلبون وقوعها استبعادا لقيامها والعجلة طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وَالَّذِينَ آمَنُوا بها مُشْفِقُونَ مِنْها خائفون منها مع اعتنائها لتوقع الثواب فان المؤمنين يكونون ابدا بين الخوف والرجاء فلا يستعجلون بها يعنى ترسانند از قيامت چهـ ميدانند كه خداى تعالى با ايشان چهـ كند ومحاسبه ومجازات بر چهـ وجه بود فالآية من الاحتباك ذكر الاستعجال اولا دليلا على حذف ضده ثانيا والإشفاق ثانيا دليلا على حذف ضده اولا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ اى الكائن لا محالة وفيه اشارة الى ان المؤمنين لا يتمنون الموت خوف الابتلاء بما بعده فيستعدون له وإذا ورد لم يكرهوه وذلك ان الموت لا يتمناه الا جاهل او مشتاق أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ يجادلون فيها وينكرون مجيئها عنادا
وأنزهها فان روضة الأرض تكون كذلك وبالفارسية اندر مرغزارهاى بهشت اند يعنى خوشترين بقعها ونزهت فزاى ترين آن قال فى حواشى الكشاف الروضة اسم لكل موضع فيه ماء وعشب وفى كشف الاسرار هى الأماكن المتسعة المونقة ذات الرياحين والزهر انتهى وفى الحديث ثلاث يجلون البصر النظر الى الخضرة والى الماء الجاري والى الوجه الحسن قال ابن عباس رضى الله عنها والإثمد عند النوم قال الراغب قوله فى روضات الجنات اشارة الى ما أعد لهم فى العقبى من حيث الظاهر وقيل اشارة الى ما أهلهم له من العلوم والأخلاق التي من تخصص بها طاب قلبه لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى ما يشتهونه من فنون المستلذات حاصل لهم عند ربهم على ان عند ربهم ظرف للاستقرار العامل فى لهم وقيل ظرف ليشاؤون على ان يكون عبارة عن كونهم عند الله والآية من الاحتباك أنبت الإشفاق اولا دليلا على حذف الا من ثانيا والجنات ثانيا دليلا على حذف النيران اولا ذلِكَ المذكور من اجر المؤمنين هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ الذي يصغر دونه ما لغيرهم من الدنيا او تحقر عنده الدنيا بحذافيرها من أولها الى آخرها وهذا فى حق الامة واما النبي عليه السلام فمخصوص بالفضل العظيم كما قال تعالى وكان فضل الله عليك عظيما ذلِكَ اى الفضل الكبير وهو مبتدأ خبره قوله الَّذِي اى الثواب الذي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى يبشرهم به على لسان النبي عليه السلام فحذف الجار ثم العائد الى الموصول لأنهم لا يجوزون حذف المفعول الجار والمجرور الا على التدريج بخلاف مثل السمن منوان بدرهم اى منه (قال الكاشفى) وتقديم خبر باين كرامتها جهت ازدياد سرور مؤمنانست وآنكه دانند كه عمل ايشان ضائع نيست پس در مراسم عبوديت اجتهاد نمايند وبر وظائف عبادت بيفزايند
كار نيكو كن اگر مرد نكو ميطلبى كز چرا هر كه نكوتر بنكوكار دهند
كار اگر نيست ترا در طمع اجر مباش مزد مزدور باندازه كردار دهند
يقول الفقير وجه تخصيص الروضة وتعميم المشيئة أن اكثر بلاد العرب خالية عن الأنهار الجارية والروضات وانهم لا يجدون كل المشتهيات فيشوقهم بذلك ليكونوا على اهبة وتدارك ولا يقيسوا الآخرة على الدنيا فان الدنيا محل البلاء والآفات والآخرة دار النعيم والضيافات وتدارك كل مافات فمن أحب مولاه اجتهد فى طريق رضاه قال شقيق البلخي قدس سره رأيت فى طريق مكة مقعدا يزحف على الأرض فقلت له من اين أقبلت قال من سمرقند قلت وكم لك فى الطريق فذكر أعواما تزيد على العشرة فرفعت طرفى انظر اليه متعجبا فقال لى يا شقيق ملك تنظر الى فقلت متعجبا من ضعف مهجتك وبعد سفرتك فقال لى يا شقيق اما بعد سفرتى فالشوق يقربها واما ضعف مهجتى فمولاها يحملها يا شقيق أتعجب من عبد ضعيف يحمله المولى اللطيف فمن وصل اليه بشارة الله بفضله وجوده هان عليه بذل وجوده قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ روى أنه اجتمع المشركون فى مجمع لهم فقال بعضهم أترون محمدا يس. ل على ما يتعاطاه اجرا يعنى هيچ دريافته آيد كه محمد عملى كه مباشر آنست از إبلاغ مزدى ميخواهد يا نى فنزلت والمعنى لا اطلب منكم على ما انا عليه من التبليغ
310
والبشارة كما لم يطلب الأنبياء من فبلى أَجْراً اى نفعا قال سعدى المفتى فسر الاجر بالنفع ليظهر جعل استثناء المودة منه متصلا مع أن ادعاء كونها من افراد الاجر يكفى فى ذلك كما فى قوله (وبلدة ليس بها أنيس الا اليعافير والا العيس) وفى التأويلات النجمية قل يا محمد لا اسألكم على التبشير أجرا لأن الله ليس يطلب منكم على الفضل عوضا فانا ايضا لا اسألكم على التبشير أجرا فان المؤمن أخذ من الله خلقا حسنا فكما أن الله تعالى بفضله يوفق العبد للايمان ويعطى الثواب لمن آمن به وليس يرضى بان يعطيك فضله مجانا بل يعطيك عليه اجرا كذلك ليس يرضى لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم بان يطلب منك اجرا على التبليغ والتبشير بل يشفع لك ايضا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى المودة مودة الرسول عليه السلام والقربى مصدر كالزلفى بمعنى القرابة التي هى بمعنى الرحم وفى للسببية وبمعنى اللام متعلقة بالمودة ومودته كناية عن ترك اذيته والجري على موجب قرابته سمى عليه السلام المودة اجرا واستثناها منه تشبيها لها به والاستثناء من قبيل قول من قال
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
وذلك لأنه لا يچور من النبي عليه السلام ان يطلب الا جرايا كان على تبليغ الرسالة لأن الأنبياء لم يطلبوه وهو اولى بذلك لأنه أفضل ولأنه صرح بنفيه فى قوله قل ما اسألكم عليه من اجر ولأن التبليغ واجب عليه لقوله تعالى بلغ ما انزل إليك وطلب الاجر على أداء الواجب لا يليق ولأن متاع الدنيا اخس الأشياء فكيف يطلب فى مقابلة تبليغ الوحى الإلهي الذي هو أعز الأشياء لأن العلم جوهر ثمين والدنيا خزف مهين ولأن طلب الاجر يوهم التهمة وذلك ينافى القطع بصحة النبوة فمعنى الآية لا اسألكم على التبليغ اجرا أصلا الا ان تودونى لاجل قرابتى منكم وبسببها وتكفوا عنى الأذى ولا تعادونى ان كان ذلك اجرا يختص بي لكنه ليس بأجر لأنه لم يكن بطن من بطونكم يا قريش الا وبينى وبينها قرابة فاذا كانت قرابتى قرابتكم فصلتى ودفع الأذى عنى لازم لكم فى الشرع والعادة والمروءة سوآء كان منى التبليغ اولا وقد كنتم تتفاخرون بصلة الرحم ودفع الأذى عن الأقارب فما لكم تؤذوننى والحال ما ذكر ويجوز ان يراد بالقربى اهل قرابته عليه السلام على إضمار المضاف وبالمودة مودة أقربائه وترك اذيتهم فكلمة فى على هذا للظرفية والظرف حال من المودة والمعنى الا ان تودوا اهل قرابتى مودة ثابتة متمكنة فيهم روى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال على وفاطمة وابناى اى الحسن والحسين رضى الله عنهم ويدل عليه ما روى عن على رضى الله عنه أنه قال شكوت الى رسول الله عليه السلام حسد الناس لى فقال اما ترضى ان تكون رابع اربعة اى فى الخلافة أول من يدخل الجنة انا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا
وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا قال سعدى المفتى فيه ان السورة مكية من غير استثناء منها ولم يكن لفاطمة حينئذ أولاد وعنه عليه السلام حرمت الجنة على من ظلم اهل بيتي وآذاني فى عترتى ومن اصطنع صنيعة الى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقينى يوم القيامة وقال رسول الله صلى الله عليه
311
وسلم من مات على حب آل محمد مات شهيدا الا ومن مات على حب آل محمد مات مغفور اله الا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا الا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الايمان الا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير الا ومن مات على حب آل محمد يزف الى الجنة كما تزف العروس الى بيت زوجها الا ومن مات على حب آل محمد فتح له فى قبره بابان الى الجنة الا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة الا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة الا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله الا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا الا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة وآل محمد هم الذين يؤول أمرهم اليه عليه السلام فكل من كانه مآل امر هم اليه أكمل وأشد كانواهم الآل ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله أشد التعلقات بالنقل المتاتر فوجب ان يكونوا هم الآل در تفسير ثعلبى آورده كه خويشان حضرت رسول الله بنو هاشم اند وبنو المطلب كه خمس بر ايشان قسمت بايد كرد وفى الكواشي قرابته عليه السلام فاطمة وعلى وابناهما او آل على وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس او من حرمت عليهم الصدقة وهم بنو هاشم وو بنو المطلب وقيل آل الرسول أمته الذين قبلوا دعوته قال ابن عطاء لا اسألكم على دعوتكم اجرا الا ان تتود دوا الى بتوحيد الله وتتقربوا اليه بدوام طاعته وملازمة او امره وقال الحسين كل من تقرب الى الله بطاعته وجبت عليكم محبته اى فان المحب يحب المحب لكونهما محبين لمحبوب وأحد وكذا المطيع مع المطيع لشركتهما فى الا طاعة والانقياد (حكى) عن الشيخ ابن العربي قدس سره أنه قال بلغني عن رجل انه يبغض الشيخ أبا مدين فكرهت ذلك الشخص لبغضه الشيخ أبا مدين فرأيت رسول الله فى المنام فقال لى لم تكره فلانا فقلت لبغضه فى ابى مدين فقال أليس يحب الله ورسوله فقلت له بلى يا رسول الله فقال لى فلم تبغضه لبغضه أبا مدين وما تحبه لحبه الله ورسوله فقلت له يا رسول الله الى الآن انى والله زللت وغفلت فاما الآن فأنا تائب وهو من أحب- الناس الى فلقد نبهت ونصحت صلى الله عليك وسلم فلما استيقظت جئت الى منزله فاخبرته بما جرى فبكى واعتد الرؤيا تنبيها من الله فزال بغضه أبا مدين وأحبه وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً اى يكتسب اى حسنة كانت سيما حب آل رسول الله قال الراغب اصل القرف والاقتراف قشر اللحاء عن الشجرة والجليدة عن الجذع وما يؤخذ منه قرف واستعير الاقتراف للاكتساب حسنيا كان او سوئيا وفى الاساءة اكثر استعمالا ولهذا يقال الاعتراف يزيل الاقتراف نَزِدْ لَهُ فِيها اى فى الحسنة يعنى براى آن حسنه كما قال الكاشفى حُسْناً بمضاعفة والتوفيق لمثلها والإخلاص فيها وبزيادة لا يصل العبد إليها بوسعه مما لا يدخل تحت طوق- البشر إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لمن أذنب شَكُورٌ لمن أطاع بتوفية الثواب والتفضل عليه بالزيادة فالشكر من الله مجاز عن هذا المعنى لأن معناه الحقيقي وهو فعل ينىء عن تعظيم المنعم لكونه منعما لا يتصور من الله لامتناع ان ينعم عليه أحد حتى يقابل بالشكر شبهت الاثابة والتفضل بالشكر من حيث ان كل واحد منهما يتضمن الاعتداد بفعل الغير وإكراما لاجله
312
ما افترضت عليه وما زال عبدى المؤمن يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا مؤيدا ان دعانى أجبته وان سألنى أعطيته وما ترددت فى شىء انا فاعله ترددى فى قبض روح عبدى المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولا بدله منه وان من عبادى المؤمنين لمن يسألنى الباب من العبادة فاكفه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الغنى ولو أفقرته لافسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وان من عبادى المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه الا السقم ولو اصححته لأفسده ذلك انى أدبر امر عبادى بعلمي بقلوبهم انى بعبادي خبير بصير وكان يقول انس رضى الله عنه اللهم انى من عبادك المؤمنين الذين لا يصلحهم الا الغنى فلا تفقرنى برحمتك وفى التأويلات النجمية يشير الى قلب الفقير كأنه يقول انما لم ابسط ايها الفقير عليك الدنيا لما كان لى من المعلوم انى لو وسعت عليك لطغوت وسعيت فى الأرض بالفساد ويشير ايضا الى وعيد الحريص على الدنيا لينتبه من نوم الغفلة ويتحقق له ان لو بسط الله له الرزق بحسب الطلب لكان سبب بغيه وطغيانه وفساد حاله ولتسكن نائرة حرصه على الدنيا ثم قال بطريق الاستدراك ان لم أوسع عليك الرزق لصلاح حالك لم امنع عنك الكل ولكن ينزل بقدر ما يشاء لعلمه بصلاح ذلك وهو قوله انه بعباده خبير بصير روى ان اهل الصفة رضى الله عنهم تمنو الغنى فنزلت يعنى اصحاب صفه كه بفقر فاقه ميكذرانيدند روزى در خاطر ايشان كذشت كه چهـ باشد كه ما توانكر شويم ومال خود بفلان وفلان چيز صرف كنيم اين آيت آمد قال خباب بن الأرض رضى الله عنه فينا نزلت هذه الآية وذلك انا نظرنا الى اموال بنى قريظة والنضير وبنى قينقاع فتمنيناها فانزل الله تعالى الآية قال سعدى المفتى وفيه أن الآية حينئذ مدنية فكان ينبغى ان يستثنى وقيل نزلت فى العرب كانوا إذا اخصبوا تحاربوا وإذا اجدبوا اى أصابهم الجدب والقحط انتجعوا اى طلبو الماء والكلاء وتضرعوا وفى ذلك يقول الشاعر
قوم إذا نبت الربيع بأرضهم نبتت عداوتهم مع البقل
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ اى المطر الذي يغيث الناس من الجدب ولذالك خص بالنافع منه فان المطر قد يضر وقد لا يكون فى وقته قال الراغب الغيث يقال فى المطر والغوث فى النصرة مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا اى يئسوا منه وتقييد تنزيله بذلك مع تحققه بدونه ايضا لتذكير كمال النعمة فان حصول النعمة بعد اليأس والبلية أوجب لكمال الفرح فيكون ادعى الى الشكر وَيَنْشُرُ و پراكنده كند رَحْمَتَهُ اى بركات الغيث ومنافعه فى كل شىء من السهل والجبل والنبات والحيوان وفى فتح الرحمن وينشر رحمته وهى الشمس وذلك تعديد نعمة غير الاولى وذلك أن المطر إذا جاء بعد القنوط حسن موقعه فاذا ادام سئم وتجيىء الشمس بعده عظيمة الوقع وَهُوَ الْوَلِيُّ المالك السيد الذي يتولى عباده بالإحسان ونشر الرحمة (قال الكاشفى) واوست دوست مؤمنان وسازنده كار ايشان بفرستادن باران ونشر رحمت واحسان
319
تو از فشاندن تخم اميد دست مدار كه در كرم نكند ابر نوبهار إمساك
الْحَمِيدُ المستحق للحمد على ذلك وغيره لا غيره وقال بعضهم وهو الولي اى مولى المطر ومتصرفه يرسله مرة بعد مرة الحميد اى الأهل لأن يحمد على صنعه إذ لا قبح فيه لأنه بالحكمة ودل الغيث على الاحتياج وعند الاحتياج تتقوى العزيمة والله تعالى يجيب دعوة المضطر وقيل لعمر رضى الله عنه اشتد القحط وقنط الناس فقال مطروا اذن وأراد هذه الآية (وفى المثنوى)
تا فرود آيد بلاي دافعى چون نباشد إذ تضرع شافعى
تا سقاهم ربهم آيد خطاب تشنه باش الله اعلم بالصواب
وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان تحت العرش بحرا ينزل منه أرزاق الحيوانات يوحى الله اليه فيمطر ما شاء من سماء الى سماء حتى ينتهى الى سماء الدنيا ويوحى الى السماء ان غربليه فتغربله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ولا ينزل من السماء قطرة الا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان من ماء فانه نزل بغير كيل ووزن وروى أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره فى كل عام لأنه لا يختلف فيه البلاد وفى الحديث ما من سنة بامطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار وفى الحديث القدسي لو أن عبادى أطاعوني سقيتهم المطر بالليل واطلعت الشمس عليهم بالنهار وما اسمعتهم صوت الرعد قال سفيان رحمه الله ليس الخائف من عصر عينيه وبكى انما الخائف من ترك الأمر الذي يخاف منه وروى مرفوعا ما من ساعة من ليل ولا نهار الا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء وفيه اشارة الى دوام فيضه تعالى ظاهرا وباطنا والا لانتقل الوجود الى العدم وفى الآية اشارة الى أن العبد إذا ذبل غصن وقته وتكدر صفو ورده وكسف شمس أنسه وبعد بالحضرة وساحات القرب عهده فربما ينظر الحق بنظر رحمته فينزل على سره امطار الرحمة ويعود عوده طريا وينبت من مشاهد أنسه وردا جنيا وفى عرائس البيان يكشف الله لهم أنوار جماله بعد ان ايسوا من وجدانهم فى مقام القبض وينشر عليهم لطائف بسط القرب لأن وليهم وحبيبهم محمود بلسان افتقارهم قال ابن عطا ان الله تعالى يربى عباده بين طمع ويأس فاذا طمعوا فيه أيأسهم بصفاتهم وإذا ايسوا أطمعهم بصفاته وإذا غلب على العبد القنوط وعلم العبد ذلك واشفق منه أتاه من الله الفرج ألا تراه يقول وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا معناه ينزل غيث رحمته على قلوب أوليائه فينبت فيها التوبة والانابة والمراقبة والرعاية ابر جود باران وجود ريزد سحاب إفضال در اقبال فشاند كل وصال در باغ نوال شكفته كردد آخر كار باول كار باز شود يقول الفقير لا شك أن القبض والبسط يتعاقبان وان الإنسان لا يضحك دائما ولا يبكى دائما ومن أعاجيب ما وقع لى فى هذا الباب هو انه أغار العرب على الحجاج فى طريق الشام فى سنة الألفات الاربعة وكنت إذ ذاك معهم فتجردت باختياري عن جميع ما معى غير القميص والسراويل ومشيت على وجهى فقيل لى فى باطني على يمينك فأخذت
320
وجه والوجه الآخر ان يسأله ان يعافيه من كل شىء فيه شدة فان الشدة انما يحل أكثرها من أجل الذنوب فكانه يسأل ان يعافيه من البلاء ويعفو عنه الذنوب التي من أجلها تحل الشدة بالنفس فقد قال عز وجل وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفوا عن كثير وقال تعالى ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر فعلى العاقل ان يسأل العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة فاذا ابتلى بشىء من البلايا صبر عليه ليكون مأجورا ومفكرا عنه ذنوبه ومصححا له حاله ومصفى باله ونعم ما قيل ترى الناس دهنا فى القوارير صافيا ولم تدر ما يجرى على رأس سمسم (وقال الحافظ)
شكر كمال حلاوت پس از رياضت يافت نخست در شكن تنك از آن مكان كيرد
(وما قال)
كويند سنك لعل شود در مقام صبر آرى شود وليك بخون جكر شود
نسأل الله العافية وَمِنْ آياتِهِ دلائل وحدته تعالى وقدرته وعظمته وحكمته الْجَوارِ السفن الجارية وهى بالياء فى الأصل حذفت الكسر الدال عليها فِي الْبَحْرِ در دريا كَالْأَعْلامِ جمع علم بفتحتين بمعنى الجبل وكل مرتفع علم أي كالجبال على الإطلاق لا التي عليها النار للاهتداء خاصة وبالفارسية مانند كوها در عظمت فقوله جوار جمع جارية بمعنى سائرة صفة للسفن المقدرة وفى البحر متعلق بالجوار وحال منه ان كانت الجارية جامدة اسما للسفينة بالغلبة سميت بها لجريها وكالاعلام حال منه على التقديرين إِنْ يَشَأْ اى الله تعالى وهو شرط جوابه قوله يُسْكِنِ الرِّيحَ التي تجريها يعنى ساكن كرداند بادى را كه سبب رفتن كشتى است فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ عطف على قوله يسكن وظل بمعنى صار وركدت السفينة إذا سكنت وثبتت اى فيصرن تلكن السفن ثوابت بعد ما كانت جوارى برياح طيبة وحاصل المعنى فيبقين ثوابت على ظهر البحر غير جاريات لا غير متحركات أصلا و چون آن كشتيها ساكن شوند بسبب سكون باد اهل كشتى در كرداب اضطراب افتد إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من السفن اللاتي يجرين تارة ويركدن تارة اخرى على حسب مشيئة الله تعالى لَآياتٍ عظيمة فى أنفسها كثيرة فى العدد دالة على ما ذكر من شؤونه لِكُلِّ صَبَّارٍ بليغ الصبر على احتمال البلايا فى طاعة الله تعالى شَكُورٍ بليغ الشكر له على نعمائه باستعمال كل عضو من الأعضاء فيما خلق له (وقال الكاشفى) مرهر صبر كننده را در كشتى سپاس دارنده برقت خروج از كشتى ويجوز أن يكون مجموع صبار شكور كناية عن الآتي بجميع ما كلف به من الافعال والتروك فالمعنى لكل مؤمن كامل فى خصائل الايمان وثمراتها ترجع كلها الى الصبر والشكر فان الايمان نصفه صبر عن المعاصي ونصفه شكر وهو الإتيان بالواجبات أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا عطف على يسكن يقال أوبقه أهلكه كما فى القاموس والايباق بالفارسية هلاك كردن كما فى تاج المصادر والمعنى ان يشأ يسكن الريح فيركدن او يرسلها فتغرق بعضها اى السفن بعدله وإيقاع الايباق عليهن مع انه حال أهلهن للمبالغة والتهويل يعنى ان المراد إهلاك أهلها بسبب ما كسبوا من الذنوب موجباب الهلاك على إضمار المضاف او التجوز بعلاقة الحلول قال سعدى المفتى والظاهر انه لا منع من ابقاء الكلام على حقيقته فالآية مثل قوله تعالى وما أصابكم من مصيبة
بشرو آلى على نفسه الشريفة اى قال والله الذي خلقنى لا يخرج عبد من الدنيا كخروجى الا أكرمه مثل كرامتى قال بعضهم ما ظهر من افعالك وطاعتك لا يساوى اقل نعمة من نعيم الدنيا من سمع وبصر وكيف ترجو بها نجاة الآخرة فالنعيم كله بالفضل لا بالاستحقاق ودخل ابن السماك على بعض الخلفاء وفى يده كوز ماء وهو يشربه فقال عظنى فقال لو لم تعد هذه الشربة الا ببذل جميع أموالك والا بقيت عطشانا فهل كنت تعطيه قال نعم فقال لو لم تعط الا بملكك كله فهل كنت تتركه قال نعم فقال لا تفرح بملك لا يستوى بشربة ماء يعنى فشربة ماء عند العطش أعظم من ملك الأرض كلها بل كل نفس كذلك فلو أخذ لحظة ثم انقطع الهولء عنه مات ولو حبس فى بيت حمام حار او بئر عميق مات فعلى العبد التوغل فى العبادة شكرا لنعم الله تعالى ومن أفضل الطاعات التوكل وهو ترك التدبير والانخلاع عن الحول والقوة قال الجنيد قدس سره حقيقة التوكل ان يكون العبد مع الله بعد وجوده كما كان قبل وجوده وهو مقتضى الحال كما ان الكسب مقتضى العلم (روى) ان النوري قدس سره تعبد مع عالم فى مسجد وكان النوري يجمع ما نبذه الناس فى آخر النهار ويغسله ويأكل معه فسأله سائل فاعطاه فقال له رفيقه العالم قد قنعنا من الدنيا بما يطرحه الناس وأنت تنفقه ايها العابد لو كان معك علم فبعد ساعة جاء طعام من غنى فأكلا ثم قال النوري ايها العالم لو كان معك حال فانظر حال التوكل واليقين والاتكال على الملك المتعال من خصائص توحيد الافعال الحاصل بإصلاح الطبيعة فى مقام الشريعة پاك وصافى شو واز چاه طبيعت بدراى كه صفايى ندهد آب تراب آلوده وَالَّذِينَ إلخ فى موضع الجر عطفا على الذين آمنوا عطف الصفة على الصفة لان الذات واحدة والعطف انما هو بين الصفات يَجْتَنِبُونَ الاجتناب با يك سو شدن وترك كردن كَبائِرَ الْإِثْمِ الإثم الذنب كما فى القاموس وقال الراغب الإثم والأثام اسم للافعال المبطئة عن الثواب وقوله تعالى فيهما اثم كبيراى فى تناو لهما إبطاء عن الخيرات وتسمية الكذب اثما كتسمية الإنسان حيوانا لكونه من جملتهم والكبيرة ما أوجب الله عليه الحد فى الدنيا والعذاب فى الآخرة وفى المفردات الكبيرة متعارفة فى كل ذنب تعظم عقوبته والمعنى يجتنبون الكبائر من هذا الجنس فالاضافة بمعنى من ولكون المراد جنس الإثم لم يقل كبائر الآثام قال فى كشف الاسرار أضاف الكبائر الى الإثم فان اثم الصغيرة مغفور إذا اجتنب الكبيرة كما قال الله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم قرأ حمزة والكسائي وخلف كبير الإثم على التوحيد ارادة الجنس قال الراغب قوله والذين يجتنبون كبائر الإثم وقوله ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه قيل أريد بهما الشرك لقوله ان الشرك لظلم عظيم قال ابن عباس كبير الإثم هو الشرك قال الامام الرازي هو عندى ضعيف لان ذكر الايمان يغنى عنه يقول الفقير لا يغنى فانه بالايمان يحصل الاجتناب عن مطلق الشرك الشامل للجلى والخفي بل عن الجلى فقط وقد اطلق عليه السلام الشرك على الرياء حيث قال اتقوا الشرك الأصغر فالقول ما قال ترجمان القرآن رضى الله عنه وقرأ الباقون
327
كبائر الإثم على ارادة جميع المعاصي الموبقة وهو الشرك بالله اى الكفر مطلقا وان لم يعبد الصنم وقتل النفس بغير حق سوآء قتل نفسه او غيره وقذف المحصنة اى شتم الحرة المكلفة المسلمة العفيفة التي أحصنها الله عن القبائح والزنى وهو وطئ فى قبل المرأة خال عن ملك وشبهة فوطئ البهيمة واللواطة ليس بزنى والسحر ويقتل الساحر ذكرا كان او أنثى إذا كان سعيه بالإفساد والإهلاك فى الأرض واما إذا كان سعيه بالكفر فيقتل الذكر وتضرب الأنثى وتحبس وأكل مال اليتيم الا بجهة الشرع كما قال الله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هى احسن واما ما اخذه قضاة الزمان حقا للقسمة فأصله مشروع إذا لم يعين له من بيت المال حق وكميته مشكلة وعقوق الوالدين المسلمين إذا كان مؤديا الى اضاعة الحقوق والا فلا صاعة المخلوق فى معصية الخالق واما إذا كانا كافرين قال الله تعالى فى حقهما وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك
به علم فلا تطعمها والإلحاد فى الحرم اى الذنب فيه ولو صغيرة فالكبيرة فيه كبيرتان وقيل الإلحاد فيه منع الناس عن عمارته ومن عمارته الحج فالأعراب الذين يقطعون طريق الحجاج فى هذه الزمان ان استحلوا ذلك كفروا والا أثموا انما كبيرا وأكل الربا اى الانتفاع بالربا سوآء كان أكلا او غيره وانما ذكر أكله لكونه معظم منافعه والسرقة ونصابها عند ابى حنيفة قدر عشرة دراهم عينا او قيمة وهذا نصاب السرقة فى حق القطع واما فى حق العيب فأخذ ما دون عشر يعد سرقة ايضا شرعا ويعد عيبا حتى يرد العبد به على بائعه وشرب الخمر وقطع الطريق خصوصا إذا كان مع أخذ المال فانه فوق السرقة وشهادة الزور واليمين الغموس وسوء الظن بالله وحب الدنيا ولعن الرجل والديه سوآء كان بوسط او بغيره ومعنى بوسط ان يسب أبا رجل وامه فيسب هو أباه وامه واذية الرسول عليه السلام فانها فوق عقوق الوالدين وسب الشيخين ابى بكر وعمر رضى الله عنهما قال القهستاني سب أحد من الصحابة ليس بكفر كما فى خزانة المفتين وغيرها لكن فى مجموع النوازل لو قال أحد من يسب الشيخين او يلعنهما رضى الله عنهما لم يقتص منه فانه كافر لان سبهما ينصرف الى سب النبي عليه السلام وسب الختنين ليس بكفر كما فى الخلاصة وهو مشكل لان سب اهل العلم على وجه الاهانة إذا كان كفرا فكيف لا يكون سب الختنين كفرا وسب العالم بالعلوم الدينية على وجه المزاح فانه يعزر والإصرار على الصغيرة فانه عليه السلام قال لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار وقد قال الامام علاء الدين التركستانى الحنفي رحمه الله فى منظومته عدد الكبائر سبعون فمنها الغناء بالكسر والمد وقد يقصر وهو رفع الصوت بالاشعار والأبيات على نحو مخصوص قال الامام الغزالي رحمه الله فى الاحياء واحتجوا على حرمة الغناء بما رواه ابو امامة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال ما رفع أحد صوته بغناء الا بعث الله له شيطانين على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك قال بعضهم المراد به الغناء الذي يحرك من القلب ما هو مراد الشيطان من الشهوة ومحبه المخلوقين لا ما يحرك الشوق الى الله ويرغب فى الآخرة ومنها الظلم والغيبة والتجسس والتطفيف فى الكيل والوزن والكبر والعجب والحسد وترك الوفاء بالعهد والخيانة فى نسوة الجيران وترك الصلاة والصوم والزكاة والحج
328
إذا كان له استطاعة وفى الطريق أمن ونسيان القرآن وكتم الشهادة وقطع الرحم والسعى بين اثنين بالفساد والحلف بغير الله والسجدة لمخلوق فانها كعبادة الصنم وترك الجمعة والجماعة وان يقول لمسلم يا كافر ومصادقة الأمير الجائر ونكاح الكف وفى الحديث ناكح الكف ملعون وهو من يعالج ذكره بيده حتى يدفق كما فى شرح المنار لابن الملك وقال الرهاوي لم أجده فى كتب الحديث وانما ذكره المشايخ فى كتب الفقه وفى حواشى البخاري والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الى قوله فاولئك هم العادون اى الظالمون المتجاوزون الحلال الى الحرام قال ابن جريج سألت عطاء عنه قال سمعت ان قوما يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء نعم يباح عند ابى حنيفة واحمد إذا خاف على نفسه الفتنة وأراد تسكين الشهوة وكذلك يباح الاستمناء بيد امرأته وجاريته عند الضرورة ومنها تعييب أحد من الناس والقصاص بغير عدل وترك العدل فى القسم وترك الشكر فى القسم واللواطة وإتيان المرأة فى الحيض والسرور بالغلاء والخلوة بالاجنبية وإتيان البهيمة وقد كان بعض الجهال من الزهاد يفعله تسكينا للشهوة ثم علم حرمته وتاب وفى نوادر ابى يوسف وطئ بهيمة نفسه تذبح وتحرق ان لم تكن مأكولة وان كانت مما يؤكل تذبح ولا تحرق وان كانت لغيره تدفع الى الفاعل على القيمة وتذبح وتحرق وقال بعضهم تؤكل وفى الأجناس من أصحابنا من قال تذبح وتحرق على وجه الاستحباب اما بهذا الفعل لا يحرم أكل الحيوان المأكول كذا فى خزانة الفتاوى ومنها تصديق الكاهن وهو الذي يخبر عن الكوائن فى مستقبل
الزمان ويدعى معرفة الاسرار ومطالعة علم الغيب واللعب بالنردشير وفى الحديث من لعب بالشطرنج والنرد شير فكأنما غمس يده فى دم الخنزير الشطرنج معرب صد رنك ورنك فى الفارسية الحيلة والنرد شير اللعب المعروف بالنرد قال صاحب الهداية يكره اللعب بالنرد والشطرنج والاربعة عشر وكل لهو لانه ان قامر بها فالميسر حرام بالنص وهو اسم لكل قمار وان لم يقامر فهو عبث ومنها النياحة واستباحتها واظهار الصلاح وإخفاء الفسق وتعييب الطعام واستماع الملاهي وفى الحديث استماع صوت الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر وهو على وجه التهديد ولو امسك شيا من المعازف كالطنبور والمزمار ونحوهما يأثم وان كان لا يستعملهما لان امساكهما يكون للهو عادة ومنها الرقص بالرباب ونحوه ودخول بيت الغير بغير اذنه والنظر فيه والنظر الى الوجه المليح عن شهوة قان الصبيح فى حكم النساء بل أشد ولذا قيل ان مع كل امرأة شيطاتين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطانا وكان محمد بن الحسن صبيحا وكان ابو حنيفة رحمه الله يجلسه فى درسه خلف ظهره او خلف سنرية المسجد حتى لا يقع عليه بصره مخافة من خيانة العين مع كمال تقواه وفى بستان الفقيه ويكره مجالسة الأحداث والصبيان والسفهاء لانه يذهب بالمهابة ورؤى واحد فى المنام بعد موته وقد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال نظرت الى غلام فاحترق وجهى فى النار ومنها ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والسخرية وأخذ الصلة والعطاء من اهل الجور وقال قوم ان صلات السلاطين تحل للغنى والفقير إذا لم يتحقق انها حرام وانما التبعة على المعطى قال الامام الغزالي رحمه الله إذا كان ظاهر الإنسان
329
الصلاح والستر فلا حرج عليك فى قبول صلاته وصدقته ولا يلزمك البحث بان تقول فسد الزمان فان هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم وَالْفَواحِشَ واز كارها زشت جمع فاحشة وهى القبيحة او المفرطة فى القبح قال فى القاموس الفاحشة الزنى وما يشتد قبحه من الذنوب فيكون عطف الفواحش على الكبائر من عطف البعض على الكل إيذانا بكمال شناعته وقيل هما واحد والعطف لتغاير الوصفين كانه قيل يجتنبون المعاصي وهى عظيمة عند الله فى الوزن وقبيحة فى العقل والشرع وفى التأويلات النجمية كبائر الإثم حب الدنيا ومتابعة الهوى فانها رأس كل خطيئة ومنشأها والفواحش هى الاشتغال بطلب الدنيا وصرفها فى اتباع الهوى وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ إذا ظرفية عمل فيها يغفرون والجملة الاسمية هى المعطوفة على الصلة وهى يجتنبون عطف اسمية على فعلية والتقدير والذين يجتنبون وهم يغفرون لا انها شرطية والاسمية جوابها لخلوها عن الفاء وما زائدة مع إذا فانها وان كانت تزاد مع إذا التي للشرط لكن فى إذا الزمانية معنى الشرط وهو ترتب مضمون جملة على اخرى فتضمنت معنى حرف الشرط فلذلك اختير بعدها الفعل لمناسبة الفعل الشرط وإذا الزمانية للمستقبل وان كانت داخلة على المضي كما عرف فى النحو والغضب ثوران دم القلب ارادة الانتقام ولذلك قال عليه السلام اتقوا الغضب فانه جمرة توقد فى قلب ابن آدم ألم تروا الى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه وقوله هم مبتدأ ويغفرون خبر والمغفرة هنا بمعنى العفو والتجاوز والحلم وكظم الغيظ والمعنى وهم يعفون ويتجاورون ويحلمون ويكظمون الغيظ وقت غضبهم على أحد ويتجرعون كاسات الغضب النفسانية بأفواه القلوب الروحانية الربانية ويسكنون صورة الصفة الشيطانية وبالفارسية ووقتى كه خشم كيرند بر مردمان نيست رنجى وزيانى ومكروهى كه بديشان رسانند ايشان در ميكذرانند انرا وعفو ميكنند وفيه دلالة على انهم الاخصاء بالمغفرة حال الغضب لعزة منالها لا يريل الغضب اخلاقهم كسائر الناس وذلك لان تقديم الفاعل المعنوي او التقديم مطلقا يفيد الاختصاص ثم يجور فى النظم ان يكون هم تأكيدا للفاعل فى قوله غضبوا وعلى هذا فيغفرون جواب الشرط كذا فى الحواشي السعدية قال بعض الكبار فى قوله للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون اشارة الى مقام الرضى وتوحيد الافعال والصفات فتوحيد الافعال بإصلاح الطبيعة وتوحيد الصفات بإصلاح النفس بالاجتناب عن كبائر الإثم وفواحش الشرك والسيئات والاحتراز
عن الغضب وسائر رذائل الصفات قيل لبعض الأنبياء إذا خرجت من بيتك غدا فكل من استقبلك اولا واستر الثاني وأعرض عن الثالث فلما كان الغد استقبله جبل عظيم فقصد الى أكله امتثالا للامر فصار تفاحة فأكلها فوجدها ألذ الأشياء ثم وجد طشتا من ذهب فكلما ستره خرج ثم رأى مزابل فأعرض عنها فقيل اما الجبل فالشدة والغضب فعند ظهورها ترى كالجبل فبالصبر وقصد الهضم تصير حلوا
تحمل نمايد چورهرت نخست ولى شهد كردد چودر طبع رست
واما الطشت فالحسنات وحسن الحال فكلما قصد صاحبها الى سترها انكشفت
330
وعنه عليه السلام إذا جمع الله الخلائق يوم القيمة نادى مناد أين أهل الفضل فيقوم ناس وهم قليلون فينطلقون سراعا الى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فمن أنتم فيقولون نحن اهل الفضل فيقولون وما كان فضلكم فيقولون كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيئ إلينا اغتفرنا وإذا جهل علينا حلمنا فيقولون لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين وفى التأويلات النجمية يشير الى ان ارباب القلوب الذين أصابهم الظلم من قبل أنفسهم هم ينتصرون من الظالم وهو نفسهم بكج عنانها عن الركض فى ميدان المخالفة وجزاء سيئة صدرت من النفس من قبل الحرص او الشهوة او الغضب او البخل او الجبن او الحسد او الكبر او الغل سيئة تصدر من القلب مثل ما يصادف علاجها اى يضد تلك الأوصاف فان العلاج بأضدادها ولا يجاوز عن حد المعالجة فى رياضة النفس وجهادها فان لنفسك عليك حقا فمن عفا عن المبالغة فى رياضة النفس وجهادها بعد ان أصلح النفس بعلاج أضداد أو صافها فاجره على الله بان يتصف بصفاته فان من صفاته العفو وهو عفو يحب العفو فيكون العبد عفوا محبو بالله تعالى انه لا يحب الظالمين الذين يضعون شدة الرياضة مع النفس موضع العفو وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ اللام لام الابتداء ومن شرطية لدخول الفاء فى جوابها وهو فاولئك او موصولة ودخلت الفاء لشبه الموصول بالشرط وقوله بعد ظلمه من اضافة المصدر الى المفعول اى بعد ما ظلم وقرىء به وتذكير الضميرين باعتبار لفظ من والمعنى ولمن انتقم واقتص بعد ظلم الظالم إياه يعنى فى الحقوق المالية والجزاء فيما إذا ظفر بالجنس عندنا وعند الشافعي بغير الجنس ايضا فَأُولئِكَ المنتصرون فهو اشارة الى من والجمع باعتبار المعنى ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ بالمعاتبة او المعاقبة لانهم فعلوا ما أبيح لهم من الانتصار يا ايشانرا كناهى نيست والسبيل الطريق الذي فيه سهولة والآية دفع لما تضمنه السياق من اشعار سد باب الانتصار إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ اى يبتدئو انهم بالإضرار او يعتدون فى الانتقام وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ
اى يتكبرون فيها تجبرا وإفسادا أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الظلم والبغي بغير الحق لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بسبب ظلمهم وبغيهم وَلَمَنْ صَبَرَ على الأذى واللام للابتدآء ومن موصولة مبتدأ وَغَفَرَ لمن ظلمه ولم ينتصر وفوض امره الى الله تعالى وعن على رضى الله عنه الجزع اتعب من الصبر
در حوادث بصبر كوش كه صبر... برضاى خداى مقرونست
إِنَّ ذلِكَ منه لانه لا بد من العائد الى المبتدأ فحذف ثقة بغاية ظهوره كما فى قوله السمن منوان بدرهم وفى حواشى سعدى المفتى قد يقال لا حاجة الى تقدير الراجع لان ذلك اشارة الى صبره لا الى مطلق الصبر فهو متضمن للضمير فان قلت ان دلالة الفعل انما هى على الزمان ومطلق الحدث كما قرر فالظاهر رجوع الضمير اليه قلت نعم ولكن اسناده الى ضمير من يفيده لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ اى من معزومات الأمور اى مما يحب العزم عليه من الأمور بايجاب العبد على نفسه لكونه من الأمور المحمودة عند الله تعالى والعزم عقد القلب على إمضاء الأمر والعزيمة الرأى الجد كما فى المفردات وبالفارسية از مهم ترين كارها است واين
يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع وفى التأويلات النجمية ان الخاسرين الذين خسروا أنفسهم بابطال استعدادهم إذ صرفوه فى طلب الدنيا وزخارفها والالتذاذ بها وخسروا أهليهم إذ لم بقوا أنفسهم وأهليهم نارا بقبول الايمان وأداء الشرائع أَلا بدانيد إِنَّ الظَّالِمِينَ اى المشركين الذين كانوا فى جهنم شهوات النفس جثيا فى الدنيا فِي عَذابٍ مُقِيمٍ فى الآخرة الى الا بد وبالفارسية در عذابى پيوسته اند يعنى باقى وبى انقطاع اما من تمام كلامهم او تصديق من الله لهم وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ بدفع العذاب عنهم مِنْ دُونِ اللَّهِ حسبما كانوا يرجون ذلك فى الدنيا وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ وهر كرا كمراه سازد خداى تعالى فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ يؤدى سلوكه الى النجاة وفى التأويلات النجمية ومن يضلل الله بان يشغله بغيره فماله من سبيل يصل به الى الله تعالى قال ذو النون المصري قدس سره رأيت جارية فى جبل انطاكية فقالت لى الست ذا النون قلت كيف عرفت قالت عرفتك بمعرفة الحبيب ثم قالت ما السخاء قلت البذل والعطاء قالت ذاك سخاء الدنيا فما سخاء الدين قلت المسارعة الى طاعة رب العالمين قالت تريد شيأ قلت نعم قالت تأخذ العشرة بواحد لقوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فاين السخاء قلت فما السخاء عندك قالت انما هو أن يطلع على قلبك فلا يرى فيه غيره ويحك يا ذا النون انى أريد ان اسأل شيأ منذ عشرين سنة واستحيى منه مخافة أن أكون كأجير السوء إذا عمل طلب الاجرة فلا تعمل الا تعظيما لهيبته فعلم ان إخراج الغير من القلب والاشتغال بالله تعالى من أوصاف الخواص فمن اهتدى به ربح ومن ضل عنه خسر وهو بيد الله تعالى إذ هو الولي فعلى العبد ان يسأل الهداية ويطلب العناية حتى يخرجه الله من ظلمات نفسه الامارة الى أنوار تجليات الروحانية ويجعل له اليه سبيلا ينجو به من المهالك (حكى) ان شيخا حج مع شاب فلما احرم قال لبيك فقيل له لا لبيك فقال الشاب للشيخ ألا تسمع هذا الجواب فقال كنت اسمع هذا الجواب منذ سبعين سنة قال فلأى شىء تتعب فبكى الشيخ فقال فالى اى باب ألتجئ فقيل له قد قبلناك فهذا من هداية الله الخاصة فافهم جدا (قال الصاحب)
اگر مسك خالص ندارى مكوى وكر هست خود فاش كردد ببوى
بنوميدى مده تن كرچهـ در كام نهنك افتى كه دارد در دل كرداب بحر
عشق ساحلها اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ إذا دعاكم الى الايمان على لسان نبيه عليه السلام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ اى لا يرده الله بعد ما حكم به على ان من صلة مرد أي من قبل ان يأتى من الله يوم لا يمكن رده وفى تعليق الأمر بالاستجابة باسم الرب ونفى المرد والإتيان بالاسم الجامع نكتة لا تخفى كما فى حواشى سعدى المفتى ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ اى مفر تلتجئون اليه اى ما لكم مخلص ما من العذاب على ما دل عليه تأكيد النفي بمن استغراقية والملجأ بالفارسية پناه وكريزكاه وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ اى انكار ما لما اقترفتموه لانه مدون فى صحائف أعمالكم وتشهد عليكم جوارحكم وهو مصدر أنكر على خلاف ولعل المراد الإنكار المنجى والا فهم يقولون والله ربنا ما كنا مشركين وغير ذلك ولذلك تشهد عليهم أعضاؤهم قال الجنيد قدس سره استجابة الحلق لمن يستمع هواتفه وأوامره وخطابه فيتحقق له الاجابة بذلك السماع ومن يستمع الهواتف كيف يجيب وأتى له محل الجواب وفى التأويلات النجمية
عليم بمن يجعله متصرفا وغير متصرف فى المريد قدير على ما يشاء ان يجعله متصرفا او غير متصرف يقول الفقير هذا التفاوت بينهم اما راجع إليهم لحكمة أخفاها الله تعالى واما الى اهالى زمانهم فانهم متفاوتون كتفاوت الأمم فماذا يصنع الكاملون المكملون إذا لم يكن فى الناس استعداد قال الحافظ)
كوهر پاك ببايد كه شود قابل فيض ور نه هر سنك كلى لؤلؤ ومرجان نشود
وَما كانَ لِبَشَرٍ اى وما صح لفرد من افراد البشر يا محمد أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ بوجه من الوجوه إِلَّا وَحْياً اصل الوحى الاشارة السريعة وانما سمى الوحى وحيا لسرعته فان الوحى عين الفهم عين الافهام عين المفهوم منه كما يذوقه اهل الإلهام من الأولياء وقد عرف بعضهم الوحى بأنه ما تقع به الاشارة القائمة مقام العبارة فى غير عبارة وقال الراغب ويقال للكلمة الالهية التي تلقى الى أنبيائه وأوليائه وحي يقول الفقير يعلم منه ان الوحى والإلهام واحد فى الحقيقة وانما قيل الوحى فى الأنبياء والإلهام فى الأولياء تأدبا كما قيل دعوة الأنبياء وارشاد الأولياء فاستعملوا الدعوة فى الأنبياء والإرشاد فى الأولياء مع انهما أمر واحد فالوحى اما بإلقاء فى الروع كما ذكر عليه السلام ان روح القدس نفث فى روعى واما بالهام نحو قوله وأوحينا الى أم موسى ان أرضعيه واما بتسخير نحو قوله تعالى واوحى ربك الى النحل او بنام كقوله عليه السلام انقطع الوحى وبقيت المبشرات رؤيا المؤمن فهذه الأنواع دل عليها قول الا وحيا فمعناه الا بانه يوحى اليه ويلهمه ويقذف فى قلبه كما اوحى الى أم موسى والى ابراهيم فى ذبح ولده والى داود الزبور فى صدره قاله مجاهد وسيأتى تحقيق الآية ان شاء الله تعالى أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ بان يسمعه كلامه الذي يخلقه فى بعض الاجرام من غير ان يبصر السامع من يكلمه فهو تمثيل له بحال الملك المحتجب الذي يكلم بعض خواصه من ورلء الحجاب يسمع صوته ولا يرى شخصه والا فالله تعالى منزه عن الاستتار بالحجاب الذي هو من خواص الأجسام فالحجاب يرجع الى المستمع لا الى الله تعالى المتكلم وذلك كما كلم الله تعالى موسى فى طوى والطور ولذا سمى كليم الله لانه سمع صوتا دالا على كلام الله من غير ان يكون ذلك الصوت مكتسبا لاحد من الخلق بل تولى الله تخليقه إكراما له وغيره يسمعون صوتا مكتسبا للعباد فيفهمون به كلام الله هذا مذهب امامنا ابى منصور ذكره فى كتاب التأويلات وذهب ابو الحسن الأشعري الى ان موسى سمع كلام الله من غير واسطة صوت او قرآة والى هذا ذهب ابن فورك من الاشعرية قال فى كشف الاسرار كلمه وبينهما حجاب من نار (وقال الكاشفى) يا موسى سخن كفت واو در پس حجاب نور بود در موضح آورده كه خداى تعالى با پيغمبر عليه السلام سخن كفت از وراى حجابين يعنى حضرت رسالت پناه عليه السلام وراى دو حجاب بود كه سخن خداى تعالى شنيد حجابى از زر سرخ وحجابى از مرواريد سفيد مسيره ميان هر دو حجاب هفتاد سال راه بود يقول الفقير هذا من غوامض العلوم فان نبينا عليه السلام أعلى كعبا من موسى عليه السلام فما معنى ان الله تعالى كلم موسى من وراء حجاب واحد وكلم نبينا من ورلء حجابين وان حصل فرق بين حجاب وحجاب ولعل المراد بالحجابين حجاب الياقوتة الحمراء الذي يلى جانب الخلق وحجاب الدرة البيضاء الذي يلى عالم الأمر وكلاهما عبادة عن الروح المحمدي والحقيقة الاحمدية واشارة بكون مسافة ما بين الحجابين مسيرة سبعين ألف حجاب بين الرب والعبد فمعنى
344
ان النبي عليه السلام سمع كلام الله من ورلء هذين الحجابين ان الله تعالى كلمه وبينهما الحقيقة الجامعة البرزخية وليس ذلك بحجاب فى الحقيقة كما ان المرآة ليست بحجاب للناظر وكذا القناع بالنسبة الى العروس فافهم جدا أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا اى ملكا من الملائكة اما جبريل او غيره قال ابن عباس رضى الله عليهما لم ير جبرائيل الا اربعة من الأنبياء موسى وعيسى وزكريا ومحمد عليه السلام قال فى عين المعاني عسى انه أراد برؤيته كما هو والا فهو سفير الوحى انتهى فَيُوحِيَ ذلك الرسول الى المرسل اليه الذي هو الرسول البشرى بِإِذْنِهِ اى بامره تعالى وتيسيره ما يَشاءُ ان يوحيه اليه وهذا هو الذي جرى بينه تعالى وبين
الأنبياء عليهم السلام فى عامة الأوقات من الكلام فيكون اشارة الى التكلم بواسطة الملك (روى) ان النبي عليه السلام قال من الأنبياء من يسمع الصوت فيكون بذلك نبيا ومنهم من ينفث فى اذنه وقلبه فيكون بذلك نبيا وان جبرائيل يأتينى فيكلمنى كما يكلم أحدكم صاحبه وعن عائشة رضى الله عنها ان الحارث بن هشام رضى الله عنه سأل رسول الله ﷺ كيف يأتيك الوحى فقال أحيانا يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشده على فيفصم عنى وقد وعيت عنه ما قال وأحيانا يتمثل الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحى فى اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه ليتفصد عرقا والتفصد والانفصاد فرو دويدن إِنَّهُ عَلِيٌّ متعال عن صفات المخلوقين لا يأتى جريان المفاوضة بينه تعالى وبينهم الا بأحد الوجوه المذكورة حَكِيمٌ يجرى أفعاله على سنن الحكمة فيكلم تارة بواسطة واخرى بدونها اما إلهاما او خطابا وفى التأويلات النجمية يشير الى ان البشر مهما كان محجوبا بصفات البشرية موصوفا بأوصاف الخلقية الظلمانية الانسانية لا يكون مستعدا ان يكلمه الله الا بالوحى او بالإلهام فى النوم واليقظة او من ورلء حجاب بالكلام الصريح او يرسل رسولا من الملائكة فيوحى باذنه ما يشاء انه على بعلو القدم لا يجانسه محدث حكيم فيما يساعد البشر بافناء انانيته بهويته فاذا أفنيت البشرية وارتفعت الحجب وتبدلت كينونته بكينونة الحق حتى به يسمع وبه يبصر وبه ينطق فيكلمه الله تعالى شفاها وبه يسمع العبد كلامه كفا حاكما كان حال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فى سر فأوحى الى عبده ما اوحى انتهى يعنى مصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم شب معراج از حق سخن شنيد بى واسطه وكان آمن الرسول مما شافهه به الحق تعالى من غير حجاب وكذا قوله هو الذي يصلى عليكم وملائكته إلخ وكذا بعض سورة الضحى وبعض سورة الم نشرح ولزم من سماع كلامه مشافهة رؤيته بلا حجاب وكذا حال المؤمنين يوم القيامة فانهم يرون ربهم كما يرون القمر ليلة البدر ويسمعون كلامه بلا حجاب فالوحى إذا قسمان مشافهة وغير مشافهة وعليه يحمل ما روى ان اليهود قالت للنبى ﷺ ألا تكلم الله وتنظر اليه ان كنت نبيا كما كلمه موسى ونظر اليه فانا لن نؤمن حتى تفعل ذلك فقال عليه السلام لم ينظر موسى الى الله فتزلت فأشار الى ان الكلام حصل لموسى ولكن من وراء حجاب دون النظر وكذا للنبى عليه السلام مادام على حال البشرية وكذا ما روى عن عائشة رضى الله عنها انها قالت من زعم ان محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ثم قالت او لم تسمعوا ربكم يقول
345
Icon