تفسير سورة الطور

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة الطور من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه تعيلب . المتوفي سنة 2004 هـ
مكية
وآياتها تسع وأربعون
كلماتها : ٣١٢، حروفها : ١٥٠٠

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالطُّورِ ( ١ ) ﴾
أقسم الله تعالى بالجبل الذي يدعى [ الطور ] وربما يكون المراد( طور سنين ) الذي كلم الله عز وجل موسى عليه السلام عنده ؛ أقسم سبحانه به لفضله على الجبال.
﴿ وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ ( ٢ ) ﴾
السطر : ترتيب الحروف المكتوبة، ومنه قول المولى- تبارك اسمه :﴿ ... والقلم وما يسطرون ﴾.
ولعل المراد بالكتاب المسطور-المكتوب على وجه الانتظام- صحائف الأعمال، التي بيّنها ربنا ذو الجلال في قوله الكريم :﴿ ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.. ﴾١وفي آية كريمة أخرى :﴿ هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ﴾٢ وفي سورة الإسراء :﴿ .. ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ﴾٣
١ سورة الكهف. من الآية ٤٩..
٢ سورة الجاثية. الآية ٢٩..
٣ من الآية ١٣..
﴿ فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ( ٣ ) ﴾
في جلد رقيق مبسوط، في ورق منشور، يقول الطبري : وقوله :﴿ في ﴾ من صلة ﴿ مسطور ﴾ ؛ ومعنى الكلام : وكتاب سطر في رق منشور، أه ؛ الكتاب المشار إليه في الآية السابقة يطوي صحف الأعمال حتى يوافى بها أصحابها يوم القيامة، فمن آخذ صحفه بيمينه، ومن آخذ صحفه بشماله : يقول الحق –جل علاه- ﴿ وإذا الصحف نشرت ﴾١
١ سورة التكوير. الآية ١٠..
﴿ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ( ٤ ) ﴾.
بيت عظمة الله تعالى في السماء، سُمِّي معمورا لكثرة زواره من الملائكة. في صحيح مسلم عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء :( ثم رفع إليّ البيت المعمور فقلت يا جبريل ما هذا ؟ قال هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا إليه آخر ما عليهم ). وذكر الحديث.
وفي [ الصحاح ] : الضراح بيت في السماء وهو البيت المعمور. عن ابن عباس : وعمْرانُه : كثرة غاشيته من الملائكة.
[ وقال الحسن : البيت المعمور : هو الكعبة، البيت الحرام الذي هو معمور من الناس.. ]١.
١ ما بين العارضتين مما أورد القرطبي جـ١٧ص٢٠..
﴿ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ ( ٥ ) ﴾
السماء كأنها سقف هذا الكون، كما بيّن الحق جل علاه وهو الخلاق العليم :﴿ وجعلنا السماء سقفا محفوظا.. ﴾١.
١ سورة الأنبياء. من الآية ٣٢..
﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ( ٦ ) ﴾
والبحر الذي يتقد نارا يوم يأتي أمر الله بذهاب هذا الكون تحقيقا لوعده –تبارك اسمه- :﴿ وإذا البحار سجّرت ﴾١.
يقول اللغويون : والسجر : إيقادك في التنور. تسجره بالوقود سجرا ؛ والسجور : اسم الحطب، وما أوقد به ؛ وسجّر التنور : أوقده وأحماه، وأشبع وقوده ؛ وأسد أسجر : إما للونه وإما لحمرة عينيه.
[ وقيل : المراد بالمسجور : الممنوع المكفوف عن الأرض لئلا يغمرها فيغرق أهلها. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس- وبه يقول السدي وغيره- وعليه يدل الحديث الذي رواه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده فإنه قال : حدثنا يزيد حدثنا العوام حدثني شيخ كان مرابطا بالساحل قال : لقيت أبا صالح مولى عمر بن الخطاب فقال : حدثنا عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات يستأذن الله تعالى أن ينفضخ عليهم فيكفه الله عز وجل ) وقال الحافظ أبو بكر الاسماعيلي... بعد أن أورد الحديث- فيه رجل مبهم لم يسم ].
١ سورة التكوير. الآية ٦..
﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ( ٧ ) ﴾.
هذا هو جواب القسم، والآيات السابقة أقسام أقسم بها المولى سبحانه- تهديد ووعيد للكافرين والفاجرين أن العذاب الشديد نازل بهم في العاجلة أو في الآجلة لا محالة-[ وفي إضافته إلى الرب مع إضافة الرب إلى ضميره عليه الصلاة والسلام أمان له صلى الله تعالى عليه وسلم، وإشارة إلى أن العذاب واقع بمن كذبه ]١.
١ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي جـ٢٧ص٢٩..
﴿ مَا لَهُ مِن دَافِعٍ( ٨ ) ﴾
وحين يوقع الله تعالى عذابه بالمجرمين لا يرده عنهم راد، ولا ينقذهم منه منقذ ؛ والجملة خبر ثان ل﴿ إن ﴾.
[ وقد روى أن عمر رضي الله تعالى عنه قرأ من أول السورة إلى هنا فبكى ثم بكى، حتى عيد من وجعه- وكان عشرين يوما- وأخرج أحمد، وسعيد بن منصور، وابن سعد عن جبير بن مطعم قال : قدمت المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكلمه في أسارى بدر فدفعت إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ :﴿ والطور ﴾ إلى : إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع } فكأنما صدع قلبي ]١.
[ قال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا موسى بن داود عن صالح المزي عن جعفر بن زيد العبدي قال : خرج عمر يعس المدينة ذات ليلة فمر بدار رجل من المسلمين فوافقه قائما يصلي فوقف يستمع قراءته فقرأ :﴿ والطور ﴾ حتى بلغ ﴿ إن عذاب ربك لواقع. ماله من دافع ﴾ قال : قسم ورب الكعبة حق، فنزل عن حماره واستند إلى حائط فمكث مليّا ثم رجع إلى منزله فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه- رضي الله عنه- وقال الإمام أبو عبيد في فضائل القرآن : حدثنا محمد بن صالح حدثنا هشام بن الحسن أن عمر قرأ :﴿ إن عذاب ربك لواقع. ما له من دافع ﴾ فربا لها ربوة عيد منها عشرين يوما. ]٢.
١ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي جـ٢٧ص٢٩..
٢ مما أورده صاحب تفسير القرآن العظيم جـ٤ص٢٣٠..
﴿ يَوْمَ تَمُورُالسماء مَوْرًا( ٩ ) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا( ١٠ ) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ( ١١ ) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُون( ١٢ ) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ( ١٣ ) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ( ١٤ ) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ( ١٥ ) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( ١٦ ) ﴾
وأشد عذاب ينزله الله بالكافرين المكذبين يوم تشقق السماء وتتهاوى، وتضطرب أفلاكها وتتناثر :﴿ إذا السماء انفطرت. وإذا الكواكب انتثرت ﴾١ وتزول الجبال عن أماكنها فتعود سرابا، أو :﴿ .. كالعهن المنفوش ﴾٢ أي كالصوف المندوف المتطاير المنسوف، فإذا كان ذلك فهلاكا يومذاك للجاحدين والمنكرين واللاهين، الذين يخوضون في زخارف الدنيا ولا يخشون يوم الدين، يومذاك يدفعون إلى جهنم دفعا غليظا شديدا، فيقول لهم خزنة النار :- تحسيرا لهم- هذه سقر التي أنكرتموها في الدنيا ولم تصدقوا الوعيد بها، أفهذا الذي ترونه وتصلونه من السحر الذي افتريتموه على رسالاتنا ورسلنا- كنتم تقولون للوحي الذي أنذركم سحرا أفهذا المصدق له سحر أيضا ؟ أم أنتم عُمْيٌ عن المخبر به كما كنتم في الدنيا عميا عن الخبر- وقيل :﴿ أم ﴾ بمعنى بل، أي بل كنتم لا تبصرون في الدنيا ولا تعقلون ؛ ويتابع الملائكة الخزنة- منكلين بالخاسرين محسرين لهم : لتخالط ألسنة اللهب الجلود ؛ سواء عليكم الصبر والجزع فلا ينفعكم شيء لا الصبر ولا الجزع، فهما لا يدفعان عذابا ولا يخففانه ؛ وما ظلمكم الله، وإنما هو جزاء من جنس ما عملتم.
١ سورة الانفطار. الآيتان ٢، ١..
٢ سورة القارعة. من الآية ٥..
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ( ١٧ ) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ١٨ ) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( ١٩ ) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ( ٢٠ ) ﴾
ثبتت الآيات قبلا ما سيحل الله من العذاب بالمجرمين، ثم بينت هذه ما أعدّ الله من الثواب للمؤمنين المصلحين، والمؤتمرين بأمر ربهم والمنتهين عما نهى عنه، فهم مستقرون في جنات وبساتين كثيرة أشجارها، متشابكة أغصانها، دانية قطوفها ؛ ونعيم لا يزول، بل هو مقيم دائم، متلذذين بما منحهم مولاهم، فرحين بأن الولي الحميد قد نجاهم من سوء المصير وعذاب السعير، ومع هذا النعيم الحسن فإن الحميد المجيد قد متعهم بالنعيم الروحي، فصورهم منشرحة بما أوتوا، والملائكة تهنئهم بما نالوا :﴿ كلوا واشربوا هنيئا ﴾ أكلا تهنأون به وشربا، جزاء ما عملتم من بر في حياتكم الأولى ؛ وفي مقامهم هذا تراهم في جلسة المتنعم الذي لا يرتفق- يضع تحت مرفقه جسما صلدا- وإنما يستقلون ويرتفقون فرشا مرفوعة، على أسرة – جمع سرير- مسواة في صفوف وخطوط مستوية، ولعل في هذا ما يشير إلى استحباب حسن الهيئة حتى في الأمتعة، كما جاء في المأثور : وسوّوا رحالكم حتى تكونوا كالشامة بين الناس ؛ ويقرن بأهل التقى زوجات من نساء الجنة حور عين ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾١.
﴿ إن المتقين.. ﴾ شروع في ذكر حال المؤمنين بعد ذكر حال الكافرين كما هي عادة القرآن الجليل في الترهيب والترغيب، وجوز أن يكون من جملة القول للكفار إذ ذاك زيادة في غمهم وتنكيدهم..
[ والهنيّ كل ما لا يلحق فيه مشقة، ولا يُعْقِبُ وخامة ].
١ سورة الواقعة. الآية ٢٣..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ( ١٧ ) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ١٨ ) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( ١٩ ) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ( ٢٠ ) ﴾
ثبتت الآيات قبلا ما سيحل الله من العذاب بالمجرمين، ثم بينت هذه ما أعدّ الله من الثواب للمؤمنين المصلحين، والمؤتمرين بأمر ربهم والمنتهين عما نهى عنه، فهم مستقرون في جنات وبساتين كثيرة أشجارها، متشابكة أغصانها، دانية قطوفها ؛ ونعيم لا يزول، بل هو مقيم دائم، متلذذين بما منحهم مولاهم، فرحين بأن الولي الحميد قد نجاهم من سوء المصير وعذاب السعير، ومع هذا النعيم الحسن فإن الحميد المجيد قد متعهم بالنعيم الروحي، فصورهم منشرحة بما أوتوا، والملائكة تهنئهم بما نالوا :﴿ كلوا واشربوا هنيئا ﴾ أكلا تهنأون به وشربا، جزاء ما عملتم من بر في حياتكم الأولى ؛ وفي مقامهم هذا تراهم في جلسة المتنعم الذي لا يرتفق- يضع تحت مرفقه جسما صلدا- وإنما يستقلون ويرتفقون فرشا مرفوعة، على أسرة – جمع سرير- مسواة في صفوف وخطوط مستوية، ولعل في هذا ما يشير إلى استحباب حسن الهيئة حتى في الأمتعة، كما جاء في المأثور : وسوّوا رحالكم حتى تكونوا كالشامة بين الناس ؛ ويقرن بأهل التقى زوجات من نساء الجنة حور عين ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾١.
﴿ إن المتقين.. ﴾ شروع في ذكر حال المؤمنين بعد ذكر حال الكافرين كما هي عادة القرآن الجليل في الترهيب والترغيب، وجوز أن يكون من جملة القول للكفار إذ ذاك زيادة في غمهم وتنكيدهم..
[ والهنيّ كل ما لا يلحق فيه مشقة، ولا يُعْقِبُ وخامة ].
١ سورة الواقعة. الآية ٢٣..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ( ١٧ ) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ١٨ ) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( ١٩ ) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ( ٢٠ ) ﴾
ثبتت الآيات قبلا ما سيحل الله من العذاب بالمجرمين، ثم بينت هذه ما أعدّ الله من الثواب للمؤمنين المصلحين، والمؤتمرين بأمر ربهم والمنتهين عما نهى عنه، فهم مستقرون في جنات وبساتين كثيرة أشجارها، متشابكة أغصانها، دانية قطوفها ؛ ونعيم لا يزول، بل هو مقيم دائم، متلذذين بما منحهم مولاهم، فرحين بأن الولي الحميد قد نجاهم من سوء المصير وعذاب السعير، ومع هذا النعيم الحسن فإن الحميد المجيد قد متعهم بالنعيم الروحي، فصورهم منشرحة بما أوتوا، والملائكة تهنئهم بما نالوا :﴿ كلوا واشربوا هنيئا ﴾ أكلا تهنأون به وشربا، جزاء ما عملتم من بر في حياتكم الأولى ؛ وفي مقامهم هذا تراهم في جلسة المتنعم الذي لا يرتفق- يضع تحت مرفقه جسما صلدا- وإنما يستقلون ويرتفقون فرشا مرفوعة، على أسرة – جمع سرير- مسواة في صفوف وخطوط مستوية، ولعل في هذا ما يشير إلى استحباب حسن الهيئة حتى في الأمتعة، كما جاء في المأثور : وسوّوا رحالكم حتى تكونوا كالشامة بين الناس ؛ ويقرن بأهل التقى زوجات من نساء الجنة حور عين ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾١.
﴿ إن المتقين.. ﴾ شروع في ذكر حال المؤمنين بعد ذكر حال الكافرين كما هي عادة القرآن الجليل في الترهيب والترغيب، وجوز أن يكون من جملة القول للكفار إذ ذاك زيادة في غمهم وتنكيدهم..
[ والهنيّ كل ما لا يلحق فيه مشقة، ولا يُعْقِبُ وخامة ].
١ سورة الواقعة. الآية ٢٣..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ( ١٧ ) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ١٨ ) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( ١٩ ) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ( ٢٠ ) ﴾
ثبتت الآيات قبلا ما سيحل الله من العذاب بالمجرمين، ثم بينت هذه ما أعدّ الله من الثواب للمؤمنين المصلحين، والمؤتمرين بأمر ربهم والمنتهين عما نهى عنه، فهم مستقرون في جنات وبساتين كثيرة أشجارها، متشابكة أغصانها، دانية قطوفها ؛ ونعيم لا يزول، بل هو مقيم دائم، متلذذين بما منحهم مولاهم، فرحين بأن الولي الحميد قد نجاهم من سوء المصير وعذاب السعير، ومع هذا النعيم الحسن فإن الحميد المجيد قد متعهم بالنعيم الروحي، فصورهم منشرحة بما أوتوا، والملائكة تهنئهم بما نالوا :﴿ كلوا واشربوا هنيئا ﴾ أكلا تهنأون به وشربا، جزاء ما عملتم من بر في حياتكم الأولى ؛ وفي مقامهم هذا تراهم في جلسة المتنعم الذي لا يرتفق- يضع تحت مرفقه جسما صلدا- وإنما يستقلون ويرتفقون فرشا مرفوعة، على أسرة – جمع سرير- مسواة في صفوف وخطوط مستوية، ولعل في هذا ما يشير إلى استحباب حسن الهيئة حتى في الأمتعة، كما جاء في المأثور : وسوّوا رحالكم حتى تكونوا كالشامة بين الناس ؛ ويقرن بأهل التقى زوجات من نساء الجنة حور عين ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾١.
﴿ إن المتقين.. ﴾ شروع في ذكر حال المؤمنين بعد ذكر حال الكافرين كما هي عادة القرآن الجليل في الترهيب والترغيب، وجوز أن يكون من جملة القول للكفار إذ ذاك زيادة في غمهم وتنكيدهم..
[ والهنيّ كل ما لا يلحق فيه مشقة، ولا يُعْقِبُ وخامة ].
١ سورة الواقعة. الآية ٢٣..

﴿ والذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن َّشَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( ٢١ ) وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ( ٢٢ ) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ( ٢٣ )* وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ( ٢٤ ) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ( ٢٥ ) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ( ٢٦ ) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ( ٢٧ ) إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ( ٢٨ ) ﴾
من لقي الله تعالى تقيّا فله الجزاء الذي بشرت به الآيات من ١٧ إلى رقم٢٠ ؛ من أول قوله-تبارك اسمه- :﴿ إن المتقين ﴾ حتى قوله سبحانه :﴿ .. وزوجناهم بحور عين ﴾ وهذه الآيات جاءت بعد تلك لتبين حال طائفة تبعتهم ذريتهم في الصلاح والإيمان، هؤلاء يقر الله تعالى أعينهم فيرفع ذريتهم إلى درجة آبائهم وإن لم يعملوا مثل أعمالهم تكريما لهم، ودون أن ينقص الله من أجر الآباء شيئا، إذ كل امرئ إنما جزاؤه بالذي قدم وعمل في حياته الأولى [ وقيل : مرهون عند الله كأن الكسب بمنزلة الدين، ونفس العبد بمنزلة الرهن، ولا ينفك الرهن ما لم يُؤدّ الدين، فإن كان العمل صالحا فقد أدى لأن العمل الصالح يقبله ربنا سبحانه ويصعد إليه عز وجل، وإن كان غير ذلك فلا أداء ولا خلاص إذ لا يصعد إليه سبحانه غير الطيب، ولذا قال عز وجل :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين ﴾١ فإن المراد : كل نفس رهن بكسبها عند الله تعالى غير مفكوك إلا أصحاب اليمين، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم ؛ ووجه الاتصال على هذا- أنه سبحانه- لما ذكر حال المتقين، وأنه عز وجل وفّر عليهم ما أعده من الثواب والتفضل عقّب بذلك الكلام على أنهم فكوا رقابهم وخلصوها، وغيرهم بقي معذبا لأنه لم يفك رقبته.... ]٢.
ونعيم هؤلاء فيه مزيد فاكهة ولحم يرادونه حين يشاؤون وكما يشتهون، ويتجاذبون في مجالسهم - تبسطا وملاعبة- كأس الشراب الأخروي الذي يبهج ولا يتلف عقلا ولا خلقا ولا جسما، فليس في مجالسهم ولا في مشاربهم ما يجر إلى سقط الكلام، ولا إلى الوقوع في الذنوب والآثام ؛ ويطوف عليهم لخدمتهم ولدان لا يكبرون، كأنهم اللؤلؤ المكنون، المصون في الصدف لم تنله الأيدي، فهو مصون مخزون، وصاف لم تخالطه أكدار ؛ ويتذاكرون نعمة الله عليهم ويسأل كل واحد رفيقه في الجنة عن أحواله ومآله، فيذكرون فضل الولي الحميد الذي أمّن خوفهم، وأعطاهم سؤلهم، وبلغهم آمالهم، وصانهم، وحال بينهم وبين حر النار.
[ وقد تستعمل السموم في لفح البرد... ﴿ إنا كنا من قبل ندعوه ﴾ أي في الدنيا بأن يمن علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل :﴿ ندعوه ﴾ أي نعبده ]٣.
[.. ﴿ لا لغو فيها ولا تأثيم ﴾.. فنزّه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وآذاها- كما تقدم- فنفى عنها صداع الرأس، ووجع البطن، وإزالة العقل بالكلية ؛ وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيء الفارغ عن الفائدة المتضمن هذيانا وفحشا، وأخبر بحسن منظرها، وطيب طعمها ومخبرها فقال :﴿ بيضاء لذة للشاربين. لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾٤ وقال :﴿ لا يصدعون عنها ولا ينزفون ﴾٥ ]٦.
﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ﴾ الآية، هذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء فقد قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنّى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك ) إسناده صحيح ولم يخرجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ).
١ سورة المدثر. الآيتان٣٩، ٣٨..
٢ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد القرطبي..
٤ سورة الصافات الآيتان: ٣٧، ٣٦..
٥ سورة الواقعة الآية ١٩..
٦ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:﴿ والذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن َّشَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( ٢١ ) وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ( ٢٢ ) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ( ٢٣ )* وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ( ٢٤ ) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ( ٢٥ ) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ( ٢٦ ) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ( ٢٧ ) إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ( ٢٨ ) ﴾
من لقي الله تعالى تقيّا فله الجزاء الذي بشرت به الآيات من ١٧ إلى رقم٢٠ ؛ من أول قوله-تبارك اسمه- :﴿ إن المتقين ﴾ حتى قوله سبحانه :﴿.. وزوجناهم بحور عين ﴾ وهذه الآيات جاءت بعد تلك لتبين حال طائفة تبعتهم ذريتهم في الصلاح والإيمان، هؤلاء يقر الله تعالى أعينهم فيرفع ذريتهم إلى درجة آبائهم وإن لم يعملوا مثل أعمالهم تكريما لهم، ودون أن ينقص الله من أجر الآباء شيئا، إذ كل امرئ إنما جزاؤه بالذي قدم وعمل في حياته الأولى [ وقيل : مرهون عند الله كأن الكسب بمنزلة الدين، ونفس العبد بمنزلة الرهن، ولا ينفك الرهن ما لم يُؤدّ الدين، فإن كان العمل صالحا فقد أدى لأن العمل الصالح يقبله ربنا سبحانه ويصعد إليه عز وجل، وإن كان غير ذلك فلا أداء ولا خلاص إذ لا يصعد إليه سبحانه غير الطيب، ولذا قال عز وجل :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين ﴾١ فإن المراد : كل نفس رهن بكسبها عند الله تعالى غير مفكوك إلا أصحاب اليمين، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم ؛ ووجه الاتصال على هذا- أنه سبحانه- لما ذكر حال المتقين، وأنه عز وجل وفّر عليهم ما أعده من الثواب والتفضل عقّب بذلك الكلام على أنهم فكوا رقابهم وخلصوها، وغيرهم بقي معذبا لأنه لم يفك رقبته.... ]٢.
ونعيم هؤلاء فيه مزيد فاكهة ولحم يرادونه حين يشاؤون وكما يشتهون، ويتجاذبون في مجالسهم - تبسطا وملاعبة- كأس الشراب الأخروي الذي يبهج ولا يتلف عقلا ولا خلقا ولا جسما، فليس في مجالسهم ولا في مشاربهم ما يجر إلى سقط الكلام، ولا إلى الوقوع في الذنوب والآثام ؛ ويطوف عليهم لخدمتهم ولدان لا يكبرون، كأنهم اللؤلؤ المكنون، المصون في الصدف لم تنله الأيدي، فهو مصون مخزون، وصاف لم تخالطه أكدار ؛ ويتذاكرون نعمة الله عليهم ويسأل كل واحد رفيقه في الجنة عن أحواله ومآله، فيذكرون فضل الولي الحميد الذي أمّن خوفهم، وأعطاهم سؤلهم، وبلغهم آمالهم، وصانهم، وحال بينهم وبين حر النار.
[ وقد تستعمل السموم في لفح البرد... ﴿ إنا كنا من قبل ندعوه ﴾ أي في الدنيا بأن يمن علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل :﴿ ندعوه ﴾ أي نعبده ]٣.
[.. ﴿ لا لغو فيها ولا تأثيم ﴾.. فنزّه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وآذاها- كما تقدم- فنفى عنها صداع الرأس، ووجع البطن، وإزالة العقل بالكلية ؛ وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيء الفارغ عن الفائدة المتضمن هذيانا وفحشا، وأخبر بحسن منظرها، وطيب طعمها ومخبرها فقال :﴿ بيضاء لذة للشاربين. لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾٤ وقال :﴿ لا يصدعون عنها ولا ينزفون ﴾٥ ]٦.
﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ﴾ الآية، هذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء فقد قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنّى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك ) إسناده صحيح ولم يخرجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ).
١ سورة المدثر. الآيتان٣٩، ٣٨..
٢ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد القرطبي..
٤ سورة الصافات الآيتان: ٣٧، ٣٦..
٥ سورة الواقعة الآية ١٩..
٦ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:﴿ والذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن َّشَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( ٢١ ) وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ( ٢٢ ) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ( ٢٣ )* وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ( ٢٤ ) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ( ٢٥ ) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ( ٢٦ ) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ( ٢٧ ) إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ( ٢٨ ) ﴾
من لقي الله تعالى تقيّا فله الجزاء الذي بشرت به الآيات من ١٧ إلى رقم٢٠ ؛ من أول قوله-تبارك اسمه- :﴿ إن المتقين ﴾ حتى قوله سبحانه :﴿.. وزوجناهم بحور عين ﴾ وهذه الآيات جاءت بعد تلك لتبين حال طائفة تبعتهم ذريتهم في الصلاح والإيمان، هؤلاء يقر الله تعالى أعينهم فيرفع ذريتهم إلى درجة آبائهم وإن لم يعملوا مثل أعمالهم تكريما لهم، ودون أن ينقص الله من أجر الآباء شيئا، إذ كل امرئ إنما جزاؤه بالذي قدم وعمل في حياته الأولى [ وقيل : مرهون عند الله كأن الكسب بمنزلة الدين، ونفس العبد بمنزلة الرهن، ولا ينفك الرهن ما لم يُؤدّ الدين، فإن كان العمل صالحا فقد أدى لأن العمل الصالح يقبله ربنا سبحانه ويصعد إليه عز وجل، وإن كان غير ذلك فلا أداء ولا خلاص إذ لا يصعد إليه سبحانه غير الطيب، ولذا قال عز وجل :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين ﴾١ فإن المراد : كل نفس رهن بكسبها عند الله تعالى غير مفكوك إلا أصحاب اليمين، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم ؛ ووجه الاتصال على هذا- أنه سبحانه- لما ذكر حال المتقين، وأنه عز وجل وفّر عليهم ما أعده من الثواب والتفضل عقّب بذلك الكلام على أنهم فكوا رقابهم وخلصوها، وغيرهم بقي معذبا لأنه لم يفك رقبته.... ]٢.
ونعيم هؤلاء فيه مزيد فاكهة ولحم يرادونه حين يشاؤون وكما يشتهون، ويتجاذبون في مجالسهم - تبسطا وملاعبة- كأس الشراب الأخروي الذي يبهج ولا يتلف عقلا ولا خلقا ولا جسما، فليس في مجالسهم ولا في مشاربهم ما يجر إلى سقط الكلام، ولا إلى الوقوع في الذنوب والآثام ؛ ويطوف عليهم لخدمتهم ولدان لا يكبرون، كأنهم اللؤلؤ المكنون، المصون في الصدف لم تنله الأيدي، فهو مصون مخزون، وصاف لم تخالطه أكدار ؛ ويتذاكرون نعمة الله عليهم ويسأل كل واحد رفيقه في الجنة عن أحواله ومآله، فيذكرون فضل الولي الحميد الذي أمّن خوفهم، وأعطاهم سؤلهم، وبلغهم آمالهم، وصانهم، وحال بينهم وبين حر النار.
[ وقد تستعمل السموم في لفح البرد... ﴿ إنا كنا من قبل ندعوه ﴾ أي في الدنيا بأن يمن علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل :﴿ ندعوه ﴾ أي نعبده ]٣.
[.. ﴿ لا لغو فيها ولا تأثيم ﴾.. فنزّه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وآذاها- كما تقدم- فنفى عنها صداع الرأس، ووجع البطن، وإزالة العقل بالكلية ؛ وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيء الفارغ عن الفائدة المتضمن هذيانا وفحشا، وأخبر بحسن منظرها، وطيب طعمها ومخبرها فقال :﴿ بيضاء لذة للشاربين. لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾٤ وقال :﴿ لا يصدعون عنها ولا ينزفون ﴾٥ ]٦.
﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ﴾ الآية، هذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء فقد قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنّى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك ) إسناده صحيح ولم يخرجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ).
١ سورة المدثر. الآيتان٣٩، ٣٨..
٢ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد القرطبي..
٤ سورة الصافات الآيتان: ٣٧، ٣٦..
٥ سورة الواقعة الآية ١٩..
٦ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:﴿ والذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن َّشَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( ٢١ ) وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ( ٢٢ ) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ( ٢٣ )* وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ( ٢٤ ) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ( ٢٥ ) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ( ٢٦ ) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ( ٢٧ ) إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ( ٢٨ ) ﴾
من لقي الله تعالى تقيّا فله الجزاء الذي بشرت به الآيات من ١٧ إلى رقم٢٠ ؛ من أول قوله-تبارك اسمه- :﴿ إن المتقين ﴾ حتى قوله سبحانه :﴿.. وزوجناهم بحور عين ﴾ وهذه الآيات جاءت بعد تلك لتبين حال طائفة تبعتهم ذريتهم في الصلاح والإيمان، هؤلاء يقر الله تعالى أعينهم فيرفع ذريتهم إلى درجة آبائهم وإن لم يعملوا مثل أعمالهم تكريما لهم، ودون أن ينقص الله من أجر الآباء شيئا، إذ كل امرئ إنما جزاؤه بالذي قدم وعمل في حياته الأولى [ وقيل : مرهون عند الله كأن الكسب بمنزلة الدين، ونفس العبد بمنزلة الرهن، ولا ينفك الرهن ما لم يُؤدّ الدين، فإن كان العمل صالحا فقد أدى لأن العمل الصالح يقبله ربنا سبحانه ويصعد إليه عز وجل، وإن كان غير ذلك فلا أداء ولا خلاص إذ لا يصعد إليه سبحانه غير الطيب، ولذا قال عز وجل :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين ﴾١ فإن المراد : كل نفس رهن بكسبها عند الله تعالى غير مفكوك إلا أصحاب اليمين، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم ؛ ووجه الاتصال على هذا- أنه سبحانه- لما ذكر حال المتقين، وأنه عز وجل وفّر عليهم ما أعده من الثواب والتفضل عقّب بذلك الكلام على أنهم فكوا رقابهم وخلصوها، وغيرهم بقي معذبا لأنه لم يفك رقبته.... ]٢.
ونعيم هؤلاء فيه مزيد فاكهة ولحم يرادونه حين يشاؤون وكما يشتهون، ويتجاذبون في مجالسهم - تبسطا وملاعبة- كأس الشراب الأخروي الذي يبهج ولا يتلف عقلا ولا خلقا ولا جسما، فليس في مجالسهم ولا في مشاربهم ما يجر إلى سقط الكلام، ولا إلى الوقوع في الذنوب والآثام ؛ ويطوف عليهم لخدمتهم ولدان لا يكبرون، كأنهم اللؤلؤ المكنون، المصون في الصدف لم تنله الأيدي، فهو مصون مخزون، وصاف لم تخالطه أكدار ؛ ويتذاكرون نعمة الله عليهم ويسأل كل واحد رفيقه في الجنة عن أحواله ومآله، فيذكرون فضل الولي الحميد الذي أمّن خوفهم، وأعطاهم سؤلهم، وبلغهم آمالهم، وصانهم، وحال بينهم وبين حر النار.
[ وقد تستعمل السموم في لفح البرد... ﴿ إنا كنا من قبل ندعوه ﴾ أي في الدنيا بأن يمن علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل :﴿ ندعوه ﴾ أي نعبده ]٣.
[.. ﴿ لا لغو فيها ولا تأثيم ﴾.. فنزّه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وآذاها- كما تقدم- فنفى عنها صداع الرأس، ووجع البطن، وإزالة العقل بالكلية ؛ وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيء الفارغ عن الفائدة المتضمن هذيانا وفحشا، وأخبر بحسن منظرها، وطيب طعمها ومخبرها فقال :﴿ بيضاء لذة للشاربين. لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾٤ وقال :﴿ لا يصدعون عنها ولا ينزفون ﴾٥ ]٦.
﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ﴾ الآية، هذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء فقد قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنّى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك ) إسناده صحيح ولم يخرجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ).
١ سورة المدثر. الآيتان٣٩، ٣٨..
٢ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد القرطبي..
٤ سورة الصافات الآيتان: ٣٧، ٣٦..
٥ سورة الواقعة الآية ١٩..
٦ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:﴿ والذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن َّشَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( ٢١ ) وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ( ٢٢ ) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ( ٢٣ )* وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ( ٢٤ ) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ( ٢٥ ) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ( ٢٦ ) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ( ٢٧ ) إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ( ٢٨ ) ﴾
من لقي الله تعالى تقيّا فله الجزاء الذي بشرت به الآيات من ١٧ إلى رقم٢٠ ؛ من أول قوله-تبارك اسمه- :﴿ إن المتقين ﴾ حتى قوله سبحانه :﴿.. وزوجناهم بحور عين ﴾ وهذه الآيات جاءت بعد تلك لتبين حال طائفة تبعتهم ذريتهم في الصلاح والإيمان، هؤلاء يقر الله تعالى أعينهم فيرفع ذريتهم إلى درجة آبائهم وإن لم يعملوا مثل أعمالهم تكريما لهم، ودون أن ينقص الله من أجر الآباء شيئا، إذ كل امرئ إنما جزاؤه بالذي قدم وعمل في حياته الأولى [ وقيل : مرهون عند الله كأن الكسب بمنزلة الدين، ونفس العبد بمنزلة الرهن، ولا ينفك الرهن ما لم يُؤدّ الدين، فإن كان العمل صالحا فقد أدى لأن العمل الصالح يقبله ربنا سبحانه ويصعد إليه عز وجل، وإن كان غير ذلك فلا أداء ولا خلاص إذ لا يصعد إليه سبحانه غير الطيب، ولذا قال عز وجل :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين ﴾١ فإن المراد : كل نفس رهن بكسبها عند الله تعالى غير مفكوك إلا أصحاب اليمين، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم ؛ ووجه الاتصال على هذا- أنه سبحانه- لما ذكر حال المتقين، وأنه عز وجل وفّر عليهم ما أعده من الثواب والتفضل عقّب بذلك الكلام على أنهم فكوا رقابهم وخلصوها، وغيرهم بقي معذبا لأنه لم يفك رقبته.... ]٢.
ونعيم هؤلاء فيه مزيد فاكهة ولحم يرادونه حين يشاؤون وكما يشتهون، ويتجاذبون في مجالسهم - تبسطا وملاعبة- كأس الشراب الأخروي الذي يبهج ولا يتلف عقلا ولا خلقا ولا جسما، فليس في مجالسهم ولا في مشاربهم ما يجر إلى سقط الكلام، ولا إلى الوقوع في الذنوب والآثام ؛ ويطوف عليهم لخدمتهم ولدان لا يكبرون، كأنهم اللؤلؤ المكنون، المصون في الصدف لم تنله الأيدي، فهو مصون مخزون، وصاف لم تخالطه أكدار ؛ ويتذاكرون نعمة الله عليهم ويسأل كل واحد رفيقه في الجنة عن أحواله ومآله، فيذكرون فضل الولي الحميد الذي أمّن خوفهم، وأعطاهم سؤلهم، وبلغهم آمالهم، وصانهم، وحال بينهم وبين حر النار.
[ وقد تستعمل السموم في لفح البرد... ﴿ إنا كنا من قبل ندعوه ﴾ أي في الدنيا بأن يمن علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل :﴿ ندعوه ﴾ أي نعبده ]٣.
[.. ﴿ لا لغو فيها ولا تأثيم ﴾.. فنزّه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وآذاها- كما تقدم- فنفى عنها صداع الرأس، ووجع البطن، وإزالة العقل بالكلية ؛ وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيء الفارغ عن الفائدة المتضمن هذيانا وفحشا، وأخبر بحسن منظرها، وطيب طعمها ومخبرها فقال :﴿ بيضاء لذة للشاربين. لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾٤ وقال :﴿ لا يصدعون عنها ولا ينزفون ﴾٥ ]٦.
﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ﴾ الآية، هذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء فقد قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنّى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك ) إسناده صحيح ولم يخرجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ).
١ سورة المدثر. الآيتان٣٩، ٣٨..
٢ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد القرطبي..
٤ سورة الصافات الآيتان: ٣٧، ٣٦..
٥ سورة الواقعة الآية ١٩..
٦ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:﴿ والذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن َّشَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( ٢١ ) وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ( ٢٢ ) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ( ٢٣ )* وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ( ٢٤ ) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ( ٢٥ ) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ( ٢٦ ) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ( ٢٧ ) إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ( ٢٨ ) ﴾
من لقي الله تعالى تقيّا فله الجزاء الذي بشرت به الآيات من ١٧ إلى رقم٢٠ ؛ من أول قوله-تبارك اسمه- :﴿ إن المتقين ﴾ حتى قوله سبحانه :﴿.. وزوجناهم بحور عين ﴾ وهذه الآيات جاءت بعد تلك لتبين حال طائفة تبعتهم ذريتهم في الصلاح والإيمان، هؤلاء يقر الله تعالى أعينهم فيرفع ذريتهم إلى درجة آبائهم وإن لم يعملوا مثل أعمالهم تكريما لهم، ودون أن ينقص الله من أجر الآباء شيئا، إذ كل امرئ إنما جزاؤه بالذي قدم وعمل في حياته الأولى [ وقيل : مرهون عند الله كأن الكسب بمنزلة الدين، ونفس العبد بمنزلة الرهن، ولا ينفك الرهن ما لم يُؤدّ الدين، فإن كان العمل صالحا فقد أدى لأن العمل الصالح يقبله ربنا سبحانه ويصعد إليه عز وجل، وإن كان غير ذلك فلا أداء ولا خلاص إذ لا يصعد إليه سبحانه غير الطيب، ولذا قال عز وجل :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين ﴾١ فإن المراد : كل نفس رهن بكسبها عند الله تعالى غير مفكوك إلا أصحاب اليمين، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم ؛ ووجه الاتصال على هذا- أنه سبحانه- لما ذكر حال المتقين، وأنه عز وجل وفّر عليهم ما أعده من الثواب والتفضل عقّب بذلك الكلام على أنهم فكوا رقابهم وخلصوها، وغيرهم بقي معذبا لأنه لم يفك رقبته.... ]٢.
ونعيم هؤلاء فيه مزيد فاكهة ولحم يرادونه حين يشاؤون وكما يشتهون، ويتجاذبون في مجالسهم - تبسطا وملاعبة- كأس الشراب الأخروي الذي يبهج ولا يتلف عقلا ولا خلقا ولا جسما، فليس في مجالسهم ولا في مشاربهم ما يجر إلى سقط الكلام، ولا إلى الوقوع في الذنوب والآثام ؛ ويطوف عليهم لخدمتهم ولدان لا يكبرون، كأنهم اللؤلؤ المكنون، المصون في الصدف لم تنله الأيدي، فهو مصون مخزون، وصاف لم تخالطه أكدار ؛ ويتذاكرون نعمة الله عليهم ويسأل كل واحد رفيقه في الجنة عن أحواله ومآله، فيذكرون فضل الولي الحميد الذي أمّن خوفهم، وأعطاهم سؤلهم، وبلغهم آمالهم، وصانهم، وحال بينهم وبين حر النار.
[ وقد تستعمل السموم في لفح البرد... ﴿ إنا كنا من قبل ندعوه ﴾ أي في الدنيا بأن يمن علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل :﴿ ندعوه ﴾ أي نعبده ]٣.
[.. ﴿ لا لغو فيها ولا تأثيم ﴾.. فنزّه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وآذاها- كما تقدم- فنفى عنها صداع الرأس، ووجع البطن، وإزالة العقل بالكلية ؛ وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيء الفارغ عن الفائدة المتضمن هذيانا وفحشا، وأخبر بحسن منظرها، وطيب طعمها ومخبرها فقال :﴿ بيضاء لذة للشاربين. لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾٤ وقال :﴿ لا يصدعون عنها ولا ينزفون ﴾٥ ]٦.
﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ﴾ الآية، هذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء فقد قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنّى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك ) إسناده صحيح ولم يخرجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ).
١ سورة المدثر. الآيتان٣٩، ٣٨..
٢ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد القرطبي..
٤ سورة الصافات الآيتان: ٣٧، ٣٦..
٥ سورة الواقعة الآية ١٩..
٦ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:﴿ والذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن َّشَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( ٢١ ) وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ( ٢٢ ) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ( ٢٣ )* وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ( ٢٤ ) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ( ٢٥ ) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ( ٢٦ ) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ( ٢٧ ) إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ( ٢٨ ) ﴾
من لقي الله تعالى تقيّا فله الجزاء الذي بشرت به الآيات من ١٧ إلى رقم٢٠ ؛ من أول قوله-تبارك اسمه- :﴿ إن المتقين ﴾ حتى قوله سبحانه :﴿.. وزوجناهم بحور عين ﴾ وهذه الآيات جاءت بعد تلك لتبين حال طائفة تبعتهم ذريتهم في الصلاح والإيمان، هؤلاء يقر الله تعالى أعينهم فيرفع ذريتهم إلى درجة آبائهم وإن لم يعملوا مثل أعمالهم تكريما لهم، ودون أن ينقص الله من أجر الآباء شيئا، إذ كل امرئ إنما جزاؤه بالذي قدم وعمل في حياته الأولى [ وقيل : مرهون عند الله كأن الكسب بمنزلة الدين، ونفس العبد بمنزلة الرهن، ولا ينفك الرهن ما لم يُؤدّ الدين، فإن كان العمل صالحا فقد أدى لأن العمل الصالح يقبله ربنا سبحانه ويصعد إليه عز وجل، وإن كان غير ذلك فلا أداء ولا خلاص إذ لا يصعد إليه سبحانه غير الطيب، ولذا قال عز وجل :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين ﴾١ فإن المراد : كل نفس رهن بكسبها عند الله تعالى غير مفكوك إلا أصحاب اليمين، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم ؛ ووجه الاتصال على هذا- أنه سبحانه- لما ذكر حال المتقين، وأنه عز وجل وفّر عليهم ما أعده من الثواب والتفضل عقّب بذلك الكلام على أنهم فكوا رقابهم وخلصوها، وغيرهم بقي معذبا لأنه لم يفك رقبته.... ]٢.
ونعيم هؤلاء فيه مزيد فاكهة ولحم يرادونه حين يشاؤون وكما يشتهون، ويتجاذبون في مجالسهم - تبسطا وملاعبة- كأس الشراب الأخروي الذي يبهج ولا يتلف عقلا ولا خلقا ولا جسما، فليس في مجالسهم ولا في مشاربهم ما يجر إلى سقط الكلام، ولا إلى الوقوع في الذنوب والآثام ؛ ويطوف عليهم لخدمتهم ولدان لا يكبرون، كأنهم اللؤلؤ المكنون، المصون في الصدف لم تنله الأيدي، فهو مصون مخزون، وصاف لم تخالطه أكدار ؛ ويتذاكرون نعمة الله عليهم ويسأل كل واحد رفيقه في الجنة عن أحواله ومآله، فيذكرون فضل الولي الحميد الذي أمّن خوفهم، وأعطاهم سؤلهم، وبلغهم آمالهم، وصانهم، وحال بينهم وبين حر النار.
[ وقد تستعمل السموم في لفح البرد... ﴿ إنا كنا من قبل ندعوه ﴾ أي في الدنيا بأن يمن علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل :﴿ ندعوه ﴾ أي نعبده ]٣.
[.. ﴿ لا لغو فيها ولا تأثيم ﴾.. فنزّه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وآذاها- كما تقدم- فنفى عنها صداع الرأس، ووجع البطن، وإزالة العقل بالكلية ؛ وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيء الفارغ عن الفائدة المتضمن هذيانا وفحشا، وأخبر بحسن منظرها، وطيب طعمها ومخبرها فقال :﴿ بيضاء لذة للشاربين. لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾٤ وقال :﴿ لا يصدعون عنها ولا ينزفون ﴾٥ ]٦.
﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ﴾ الآية، هذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء فقد قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنّى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك ) إسناده صحيح ولم يخرجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ).
١ سورة المدثر. الآيتان٣٩، ٣٨..
٢ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد القرطبي..
٤ سورة الصافات الآيتان: ٣٧، ٣٦..
٥ سورة الواقعة الآية ١٩..
٦ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢١:﴿ والذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن َّشَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( ٢١ ) وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ( ٢٢ ) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ( ٢٣ )* وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ( ٢٤ ) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ( ٢٥ ) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ( ٢٦ ) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ( ٢٧ ) إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ( ٢٨ ) ﴾
من لقي الله تعالى تقيّا فله الجزاء الذي بشرت به الآيات من ١٧ إلى رقم٢٠ ؛ من أول قوله-تبارك اسمه- :﴿ إن المتقين ﴾ حتى قوله سبحانه :﴿.. وزوجناهم بحور عين ﴾ وهذه الآيات جاءت بعد تلك لتبين حال طائفة تبعتهم ذريتهم في الصلاح والإيمان، هؤلاء يقر الله تعالى أعينهم فيرفع ذريتهم إلى درجة آبائهم وإن لم يعملوا مثل أعمالهم تكريما لهم، ودون أن ينقص الله من أجر الآباء شيئا، إذ كل امرئ إنما جزاؤه بالذي قدم وعمل في حياته الأولى [ وقيل : مرهون عند الله كأن الكسب بمنزلة الدين، ونفس العبد بمنزلة الرهن، ولا ينفك الرهن ما لم يُؤدّ الدين، فإن كان العمل صالحا فقد أدى لأن العمل الصالح يقبله ربنا سبحانه ويصعد إليه عز وجل، وإن كان غير ذلك فلا أداء ولا خلاص إذ لا يصعد إليه سبحانه غير الطيب، ولذا قال عز وجل :﴿ كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين ﴾١ فإن المراد : كل نفس رهن بكسبها عند الله تعالى غير مفكوك إلا أصحاب اليمين، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم ؛ ووجه الاتصال على هذا- أنه سبحانه- لما ذكر حال المتقين، وأنه عز وجل وفّر عليهم ما أعده من الثواب والتفضل عقّب بذلك الكلام على أنهم فكوا رقابهم وخلصوها، وغيرهم بقي معذبا لأنه لم يفك رقبته.... ]٢.
ونعيم هؤلاء فيه مزيد فاكهة ولحم يرادونه حين يشاؤون وكما يشتهون، ويتجاذبون في مجالسهم - تبسطا وملاعبة- كأس الشراب الأخروي الذي يبهج ولا يتلف عقلا ولا خلقا ولا جسما، فليس في مجالسهم ولا في مشاربهم ما يجر إلى سقط الكلام، ولا إلى الوقوع في الذنوب والآثام ؛ ويطوف عليهم لخدمتهم ولدان لا يكبرون، كأنهم اللؤلؤ المكنون، المصون في الصدف لم تنله الأيدي، فهو مصون مخزون، وصاف لم تخالطه أكدار ؛ ويتذاكرون نعمة الله عليهم ويسأل كل واحد رفيقه في الجنة عن أحواله ومآله، فيذكرون فضل الولي الحميد الذي أمّن خوفهم، وأعطاهم سؤلهم، وبلغهم آمالهم، وصانهم، وحال بينهم وبين حر النار.
[ وقد تستعمل السموم في لفح البرد... ﴿ إنا كنا من قبل ندعوه ﴾ أي في الدنيا بأن يمن علينا بالمغفرة عن تقصيرنا. وقيل :﴿ ندعوه ﴾ أي نعبده ]٣.
[.. ﴿ لا لغو فيها ولا تأثيم ﴾.. فنزّه الله خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وآذاها- كما تقدم- فنفى عنها صداع الرأس، ووجع البطن، وإزالة العقل بالكلية ؛ وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيء الفارغ عن الفائدة المتضمن هذيانا وفحشا، وأخبر بحسن منظرها، وطيب طعمها ومخبرها فقال :﴿ بيضاء لذة للشاربين. لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ﴾٤ وقال :﴿ لا يصدعون عنها ولا ينزفون ﴾٥ ]٦.
﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ﴾ الآية، هذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأبناء فقد قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنّى لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك ) إسناده صحيح ولم يخرجوه من هذا الوجه، ولكن له شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ).
١ سورة المدثر. الآيتان٣٩، ٣٨..
٢ ما بين العارضتين مما أورد الألوسي..
٣ مما أورد القرطبي..
٤ سورة الصافات الآيتان: ٣٧، ٣٦..
٥ سورة الواقعة الآية ١٩..
٦ مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم..

﴿ كاهن ﴾ : يخبر بالغيب بظنه، أو يخبر بالأخبار الماضية الخفية ؛ والعرّاف من يخبر بالأخبار المستقبلة كذلك.
والمشهور في الكهانة : الاستمداد من الجن في الإخبار عن الغيب.
﴿ مجنون ﴾ : ذهب عقله ؛ يتخبطه الشيطان من المس.
﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ( ٢٩ ) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ( ٣٠ ) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ( ٣١ ) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ( ٣٢ ) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ( ٣٣ ) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ( ٣٤ ) ﴾.
انبعث كثير من كبار المشركين من قريش فآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورموه بالسحر والجنون. والشعر والكهانة، فبرّأه الله مما قالوا، وثبته على الدعوة الراشدة التي يدعو إليها، وبشره بحسن عاقبته والمؤمنين، وبما أعد من خزي للمعاندين، كما تحداهم أن يجيئوا بمثل الكتاب الحق إن كانوا صادقين، فعجزوا وقامت حجة الله على المكابرين، فبنعمة الله عليك لست بكاهن ولا مجنون، فذكر بالحق وعظهم، بل وحين يتربصون بك الهلاك قل لهم- متوعدا إياهم- : انتظروا وترقبوا فإني مترقب أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا- عذابا عاجلا يسبق العذاب الآجل- بل إن كانوا ذوي عقل فهل أرْشَدَتْهُم عقولهم إلى ما فيه فوزهم وفلاحهم، فاتبعوا ما جاءهم من الرشد والهدى الذي بعثت به ؟ بل حين يزعمون أنك افتريت القرآن فادمغهم وطالبهم أن يجيئوا بكلام من عندهم يشبهه أو يضاهيه ؛ وهيهات فلو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فلن يستطيعوا ولو كان بعضهم معينا للآخرين.
وهكذا﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ﴾١ مثلما قالت ثمود لرسولهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٢ وقال أصحاب الأيكة لرسول الله إليهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٣ والمُسَحَّر : المخدوع المفسد، أو المجوف الفارغ ؛ والفراعنة رموا موسى عليه السلام بالباطل وآذوه وجحدوا الحق الذي أنزل معه :﴿ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب ﴾٤، فهي عماية عن الحق وضلال عن الرشد يتخبط في ظلماته كل مستكبر جاحد ؛ يقول الله جل علاه :﴿ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون ﴾٥.
[.. والباء في ﴿ بكاهن ﴾ مزيدة للتأكيد أي : ما أنت كاهن.. واختلفت في باء ﴿ بنعمة ﴾ فقال أبو البقاء : للملابسة، والجار والمجرور في موضع الحال والعامل فيه كاهن، أو مجنون ؛ والتقدير ما أنت كاهن ولا مجنون متلبسا بنعمة ربك عز وجل... والأقرب عندي أن الباء للسببية وهو متعلق بمضمون الكلام، والمعنى : انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله تعالى عليك.. والمراد الرد على قائل ذلك وإبطال مقالتهم فيه عليه الصلاة والسلام... والقائلون بذلك هم الكفرة قاتلهم الله تعالى أنّى يؤفكون.. ]٦.
﴿ نتربص به ريب المنون ﴾ قال قتادة : قال قوم من الكفار : تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفى شاعر بني فلان. قال الضحاك : هؤلاء بنو عبد الدار نسبوه إلى أنه شاعر، أي يهلك عن قريب كما هلك من قبل من الشعراء، وإن أباه مات شابا فربما يموت كما مات أبوه ؛ وقال الأخفش نتربص به إلى ريب المنون فحذف حرف الجر.. وقيل لعمرو بن العاص : ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل ؟ فقال : تلك عقول كادها الله، أي لم يصحبها بالتوفيق وقيل :﴿ أحلامهم ﴾أي أذهانهم، لأن العقل لا يعطي للكافر ولو كان له عقل لآمن ؛ وإنما يعطي الكافر الذهن فصار عليه حجة...
[ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ما أعقل فلانا النصراني ! فقال :( مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى :﴿ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ﴾ ). وفي حديث ابن عمر : فزجره النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال :( مه فإن العاقل من يعمل بطاعة الله ) ذكره الترمذي الحكيم أبو عبد الله بإسناده ]٧.
﴿ ريب ﴾ : مصدر رابه إذا أهلكه، أو أقلقه، أريد به حوادث الدهر وصروفه لأنها تقلق النفوس.
عن ابن عباس :﴿ ريب ﴾ في القرآن :[ شك ] إلا مكانا واحدا في الطور ﴿ ريب المنون ﴾ يعني حوادث الأمور.
﴿ المنون ﴾ : الدهر، أو الليل والنهار، لأنهما يُنقصان الأعمار ويقطعان الآجال ؛ وقيل للدهر منون، لأنه يذهب بمنة الحيوان أي قوته وكذلك المنية، ولذا قيل : المنية تقطع الأمنية ؛ وحبل منين أي ضعيف ؛ والمنون واحد لا جماعة له.
﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ( ٢٩ ) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ( ٣٠ ) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ( ٣١ ) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ( ٣٢ ) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ( ٣٣ ) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ( ٣٤ ) ﴾.
انبعث كثير من كبار المشركين من قريش فآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورموه بالسحر والجنون. والشعر والكهانة، فبرّأه الله مما قالوا، وثبته على الدعوة الراشدة التي يدعو إليها، وبشره بحسن عاقبته والمؤمنين، وبما أعد من خزي للمعاندين، كما تحداهم أن يجيئوا بمثل الكتاب الحق إن كانوا صادقين، فعجزوا وقامت حجة الله على المكابرين، فبنعمة الله عليك لست بكاهن ولا مجنون، فذكر بالحق وعظهم، بل وحين يتربصون بك الهلاك قل لهم- متوعدا إياهم- : انتظروا وترقبوا فإني مترقب أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا- عذابا عاجلا يسبق العذاب الآجل- بل إن كانوا ذوي عقل فهل أرْشَدَتْهُم عقولهم إلى ما فيه فوزهم وفلاحهم، فاتبعوا ما جاءهم من الرشد والهدى الذي بعثت به ؟ بل حين يزعمون أنك افتريت القرآن فادمغهم وطالبهم أن يجيئوا بكلام من عندهم يشبهه أو يضاهيه ؛ وهيهات فلو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فلن يستطيعوا ولو كان بعضهم معينا للآخرين.
وهكذا﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ﴾١ مثلما قالت ثمود لرسولهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٢ وقال أصحاب الأيكة لرسول الله إليهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٣ والمُسَحَّر : المخدوع المفسد، أو المجوف الفارغ ؛ والفراعنة رموا موسى عليه السلام بالباطل وآذوه وجحدوا الحق الذي أنزل معه :﴿ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب ﴾٤، فهي عماية عن الحق وضلال عن الرشد يتخبط في ظلماته كل مستكبر جاحد ؛ يقول الله جل علاه :﴿ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون ﴾٥.
[.. والباء في ﴿ بكاهن ﴾ مزيدة للتأكيد أي : ما أنت كاهن.. واختلفت في باء ﴿ بنعمة ﴾ فقال أبو البقاء : للملابسة، والجار والمجرور في موضع الحال والعامل فيه كاهن، أو مجنون ؛ والتقدير ما أنت كاهن ولا مجنون متلبسا بنعمة ربك عز وجل... والأقرب عندي أن الباء للسببية وهو متعلق بمضمون الكلام، والمعنى : انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله تعالى عليك.. والمراد الرد على قائل ذلك وإبطال مقالتهم فيه عليه الصلاة والسلام... والقائلون بذلك هم الكفرة قاتلهم الله تعالى أنّى يؤفكون.. ]٦.
﴿ نتربص به ريب المنون ﴾ قال قتادة : قال قوم من الكفار : تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفى شاعر بني فلان. قال الضحاك : هؤلاء بنو عبد الدار نسبوه إلى أنه شاعر، أي يهلك عن قريب كما هلك من قبل من الشعراء، وإن أباه مات شابا فربما يموت كما مات أبوه ؛ وقال الأخفش نتربص به إلى ريب المنون فحذف حرف الجر.. وقيل لعمرو بن العاص : ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل ؟ فقال : تلك عقول كادها الله، أي لم يصحبها بالتوفيق وقيل :﴿ أحلامهم ﴾أي أذهانهم، لأن العقل لا يعطي للكافر ولو كان له عقل لآمن ؛ وإنما يعطي الكافر الذهن فصار عليه حجة...
[ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ما أعقل فلانا النصراني ! فقال :( مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى :﴿ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ﴾ ). وفي حديث ابن عمر : فزجره النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال :( مه فإن العاقل من يعمل بطاعة الله ) ذكره الترمذي الحكيم أبو عبد الله بإسناده ]٧.
﴿ تربصوا ﴾ : امكثوا وانتظروا، - وعيد لهم-.
﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ( ٢٩ ) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ( ٣٠ ) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ( ٣١ ) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ( ٣٢ ) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ( ٣٣ ) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ( ٣٤ ) ﴾.
انبعث كثير من كبار المشركين من قريش فآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورموه بالسحر والجنون. والشعر والكهانة، فبرّأه الله مما قالوا، وثبته على الدعوة الراشدة التي يدعو إليها، وبشره بحسن عاقبته والمؤمنين، وبما أعد من خزي للمعاندين، كما تحداهم أن يجيئوا بمثل الكتاب الحق إن كانوا صادقين، فعجزوا وقامت حجة الله على المكابرين، فبنعمة الله عليك لست بكاهن ولا مجنون، فذكر بالحق وعظهم، بل وحين يتربصون بك الهلاك قل لهم- متوعدا إياهم- : انتظروا وترقبوا فإني مترقب أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا- عذابا عاجلا يسبق العذاب الآجل- بل إن كانوا ذوي عقل فهل أرْشَدَتْهُم عقولهم إلى ما فيه فوزهم وفلاحهم، فاتبعوا ما جاءهم من الرشد والهدى الذي بعثت به ؟ بل حين يزعمون أنك افتريت القرآن فادمغهم وطالبهم أن يجيئوا بكلام من عندهم يشبهه أو يضاهيه ؛ وهيهات فلو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فلن يستطيعوا ولو كان بعضهم معينا للآخرين.
وهكذا﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ﴾١ مثلما قالت ثمود لرسولهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٢ وقال أصحاب الأيكة لرسول الله إليهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٣ والمُسَحَّر : المخدوع المفسد، أو المجوف الفارغ ؛ والفراعنة رموا موسى عليه السلام بالباطل وآذوه وجحدوا الحق الذي أنزل معه :﴿ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب ﴾٤، فهي عماية عن الحق وضلال عن الرشد يتخبط في ظلماته كل مستكبر جاحد ؛ يقول الله جل علاه :﴿ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون ﴾٥.
[.. والباء في ﴿ بكاهن ﴾ مزيدة للتأكيد أي : ما أنت كاهن.. واختلفت في باء ﴿ بنعمة ﴾ فقال أبو البقاء : للملابسة، والجار والمجرور في موضع الحال والعامل فيه كاهن، أو مجنون ؛ والتقدير ما أنت كاهن ولا مجنون متلبسا بنعمة ربك عز وجل... والأقرب عندي أن الباء للسببية وهو متعلق بمضمون الكلام، والمعنى : انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله تعالى عليك.. والمراد الرد على قائل ذلك وإبطال مقالتهم فيه عليه الصلاة والسلام... والقائلون بذلك هم الكفرة قاتلهم الله تعالى أنّى يؤفكون.. ]٦.
﴿ نتربص به ريب المنون ﴾ قال قتادة : قال قوم من الكفار : تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفى شاعر بني فلان. قال الضحاك : هؤلاء بنو عبد الدار نسبوه إلى أنه شاعر، أي يهلك عن قريب كما هلك من قبل من الشعراء، وإن أباه مات شابا فربما يموت كما مات أبوه ؛ وقال الأخفش نتربص به إلى ريب المنون فحذف حرف الجر.. وقيل لعمرو بن العاص : ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل ؟ فقال : تلك عقول كادها الله، أي لم يصحبها بالتوفيق وقيل :﴿ أحلامهم ﴾أي أذهانهم، لأن العقل لا يعطي للكافر ولو كان له عقل لآمن ؛ وإنما يعطي الكافر الذهن فصار عليه حجة...
[ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ما أعقل فلانا النصراني ! فقال :( مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى :﴿ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ﴾ ). وفي حديث ابن عمر : فزجره النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال :( مه فإن العاقل من يعمل بطاعة الله ) ذكره الترمذي الحكيم أبو عبد الله بإسناده ]٧.
﴿ تأمرهم ﴾ : ترشدهم وتوجههم.
﴿ أحلامهم ﴾ : عقولهم- كانت قريش يُدْعَوْنَ :[ أهل الأحلام والنهى ].
﴿ طاغون ﴾ : متجاوزون الحدود.
﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ( ٢٩ ) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ( ٣٠ ) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ( ٣١ ) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ( ٣٢ ) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ( ٣٣ ) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ( ٣٤ ) ﴾.
انبعث كثير من كبار المشركين من قريش فآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورموه بالسحر والجنون. والشعر والكهانة، فبرّأه الله مما قالوا، وثبته على الدعوة الراشدة التي يدعو إليها، وبشره بحسن عاقبته والمؤمنين، وبما أعد من خزي للمعاندين، كما تحداهم أن يجيئوا بمثل الكتاب الحق إن كانوا صادقين، فعجزوا وقامت حجة الله على المكابرين، فبنعمة الله عليك لست بكاهن ولا مجنون، فذكر بالحق وعظهم، بل وحين يتربصون بك الهلاك قل لهم- متوعدا إياهم- : انتظروا وترقبوا فإني مترقب أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا- عذابا عاجلا يسبق العذاب الآجل- بل إن كانوا ذوي عقل فهل أرْشَدَتْهُم عقولهم إلى ما فيه فوزهم وفلاحهم، فاتبعوا ما جاءهم من الرشد والهدى الذي بعثت به ؟ بل حين يزعمون أنك افتريت القرآن فادمغهم وطالبهم أن يجيئوا بكلام من عندهم يشبهه أو يضاهيه ؛ وهيهات فلو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فلن يستطيعوا ولو كان بعضهم معينا للآخرين.
وهكذا﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ﴾١ مثلما قالت ثمود لرسولهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٢ وقال أصحاب الأيكة لرسول الله إليهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٣ والمُسَحَّر : المخدوع المفسد، أو المجوف الفارغ ؛ والفراعنة رموا موسى عليه السلام بالباطل وآذوه وجحدوا الحق الذي أنزل معه :﴿ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب ﴾٤، فهي عماية عن الحق وضلال عن الرشد يتخبط في ظلماته كل مستكبر جاحد ؛ يقول الله جل علاه :﴿ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون ﴾٥.
[.. والباء في ﴿ بكاهن ﴾ مزيدة للتأكيد أي : ما أنت كاهن.. واختلفت في باء ﴿ بنعمة ﴾ فقال أبو البقاء : للملابسة، والجار والمجرور في موضع الحال والعامل فيه كاهن، أو مجنون ؛ والتقدير ما أنت كاهن ولا مجنون متلبسا بنعمة ربك عز وجل... والأقرب عندي أن الباء للسببية وهو متعلق بمضمون الكلام، والمعنى : انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله تعالى عليك.. والمراد الرد على قائل ذلك وإبطال مقالتهم فيه عليه الصلاة والسلام... والقائلون بذلك هم الكفرة قاتلهم الله تعالى أنّى يؤفكون.. ]٦.
﴿ نتربص به ريب المنون ﴾ قال قتادة : قال قوم من الكفار : تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفى شاعر بني فلان. قال الضحاك : هؤلاء بنو عبد الدار نسبوه إلى أنه شاعر، أي يهلك عن قريب كما هلك من قبل من الشعراء، وإن أباه مات شابا فربما يموت كما مات أبوه ؛ وقال الأخفش نتربص به إلى ريب المنون فحذف حرف الجر.. وقيل لعمرو بن العاص : ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل ؟ فقال : تلك عقول كادها الله، أي لم يصحبها بالتوفيق وقيل :﴿ أحلامهم ﴾أي أذهانهم، لأن العقل لا يعطي للكافر ولو كان له عقل لآمن ؛ وإنما يعطي الكافر الذهن فصار عليه حجة...
[ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ما أعقل فلانا النصراني ! فقال :( مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى :﴿ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ﴾ ). وفي حديث ابن عمر : فزجره النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال :( مه فإن العاقل من يعمل بطاعة الله ) ذكره الترمذي الحكيم أبو عبد الله بإسناده ]٧.
﴿ تقوّله ﴾ : افتراه واختلقه وادعاه.
﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ( ٢٩ ) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ( ٣٠ ) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ( ٣١ ) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ( ٣٢ ) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ( ٣٣ ) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ( ٣٤ ) ﴾.
انبعث كثير من كبار المشركين من قريش فآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورموه بالسحر والجنون. والشعر والكهانة، فبرّأه الله مما قالوا، وثبته على الدعوة الراشدة التي يدعو إليها، وبشره بحسن عاقبته والمؤمنين، وبما أعد من خزي للمعاندين، كما تحداهم أن يجيئوا بمثل الكتاب الحق إن كانوا صادقين، فعجزوا وقامت حجة الله على المكابرين، فبنعمة الله عليك لست بكاهن ولا مجنون، فذكر بالحق وعظهم، بل وحين يتربصون بك الهلاك قل لهم- متوعدا إياهم- : انتظروا وترقبوا فإني مترقب أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا- عذابا عاجلا يسبق العذاب الآجل- بل إن كانوا ذوي عقل فهل أرْشَدَتْهُم عقولهم إلى ما فيه فوزهم وفلاحهم، فاتبعوا ما جاءهم من الرشد والهدى الذي بعثت به ؟ بل حين يزعمون أنك افتريت القرآن فادمغهم وطالبهم أن يجيئوا بكلام من عندهم يشبهه أو يضاهيه ؛ وهيهات فلو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فلن يستطيعوا ولو كان بعضهم معينا للآخرين.
وهكذا﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ﴾١ مثلما قالت ثمود لرسولهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٢ وقال أصحاب الأيكة لرسول الله إليهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٣ والمُسَحَّر : المخدوع المفسد، أو المجوف الفارغ ؛ والفراعنة رموا موسى عليه السلام بالباطل وآذوه وجحدوا الحق الذي أنزل معه :﴿ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب ﴾٤، فهي عماية عن الحق وضلال عن الرشد يتخبط في ظلماته كل مستكبر جاحد ؛ يقول الله جل علاه :﴿ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون ﴾٥.
[.. والباء في ﴿ بكاهن ﴾ مزيدة للتأكيد أي : ما أنت كاهن.. واختلفت في باء ﴿ بنعمة ﴾ فقال أبو البقاء : للملابسة، والجار والمجرور في موضع الحال والعامل فيه كاهن، أو مجنون ؛ والتقدير ما أنت كاهن ولا مجنون متلبسا بنعمة ربك عز وجل... والأقرب عندي أن الباء للسببية وهو متعلق بمضمون الكلام، والمعنى : انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله تعالى عليك.. والمراد الرد على قائل ذلك وإبطال مقالتهم فيه عليه الصلاة والسلام... والقائلون بذلك هم الكفرة قاتلهم الله تعالى أنّى يؤفكون.. ]٦.
﴿ نتربص به ريب المنون ﴾ قال قتادة : قال قوم من الكفار : تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفى شاعر بني فلان. قال الضحاك : هؤلاء بنو عبد الدار نسبوه إلى أنه شاعر، أي يهلك عن قريب كما هلك من قبل من الشعراء، وإن أباه مات شابا فربما يموت كما مات أبوه ؛ وقال الأخفش نتربص به إلى ريب المنون فحذف حرف الجر.. وقيل لعمرو بن العاص : ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل ؟ فقال : تلك عقول كادها الله، أي لم يصحبها بالتوفيق وقيل :﴿ أحلامهم ﴾أي أذهانهم، لأن العقل لا يعطي للكافر ولو كان له عقل لآمن ؛ وإنما يعطي الكافر الذهن فصار عليه حجة...
[ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ما أعقل فلانا النصراني ! فقال :( مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى :﴿ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ﴾ ). وفي حديث ابن عمر : فزجره النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال :( مه فإن العاقل من يعمل بطاعة الله ) ذكره الترمذي الحكيم أبو عبد الله بإسناده ]٧.
﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ( ٢٩ ) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ( ٣٠ ) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ( ٣١ ) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ( ٣٢ ) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ( ٣٣ ) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ( ٣٤ ) ﴾.
انبعث كثير من كبار المشركين من قريش فآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورموه بالسحر والجنون. والشعر والكهانة، فبرّأه الله مما قالوا، وثبته على الدعوة الراشدة التي يدعو إليها، وبشره بحسن عاقبته والمؤمنين، وبما أعد من خزي للمعاندين، كما تحداهم أن يجيئوا بمثل الكتاب الحق إن كانوا صادقين، فعجزوا وقامت حجة الله على المكابرين، فبنعمة الله عليك لست بكاهن ولا مجنون، فذكر بالحق وعظهم، بل وحين يتربصون بك الهلاك قل لهم- متوعدا إياهم- : انتظروا وترقبوا فإني مترقب أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا- عذابا عاجلا يسبق العذاب الآجل- بل إن كانوا ذوي عقل فهل أرْشَدَتْهُم عقولهم إلى ما فيه فوزهم وفلاحهم، فاتبعوا ما جاءهم من الرشد والهدى الذي بعثت به ؟ بل حين يزعمون أنك افتريت القرآن فادمغهم وطالبهم أن يجيئوا بكلام من عندهم يشبهه أو يضاهيه ؛ وهيهات فلو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فلن يستطيعوا ولو كان بعضهم معينا للآخرين.
وهكذا﴿ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ﴾١ مثلما قالت ثمود لرسولهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٢ وقال أصحاب الأيكة لرسول الله إليهم :﴿ قالوا إنما أنت من المسحرين ﴾٣ والمُسَحَّر : المخدوع المفسد، أو المجوف الفارغ ؛ والفراعنة رموا موسى عليه السلام بالباطل وآذوه وجحدوا الحق الذي أنزل معه :﴿ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب ﴾٤، فهي عماية عن الحق وضلال عن الرشد يتخبط في ظلماته كل مستكبر جاحد ؛ يقول الله جل علاه :﴿ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون ﴾٥.
[.. والباء في ﴿ بكاهن ﴾ مزيدة للتأكيد أي : ما أنت كاهن.. واختلفت في باء ﴿ بنعمة ﴾ فقال أبو البقاء : للملابسة، والجار والمجرور في موضع الحال والعامل فيه كاهن، أو مجنون ؛ والتقدير ما أنت كاهن ولا مجنون متلبسا بنعمة ربك عز وجل... والأقرب عندي أن الباء للسببية وهو متعلق بمضمون الكلام، والمعنى : انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله تعالى عليك.. والمراد الرد على قائل ذلك وإبطال مقالتهم فيه عليه الصلاة والسلام... والقائلون بذلك هم الكفرة قاتلهم الله تعالى أنّى يؤفكون.. ]٦.
﴿ نتربص به ريب المنون ﴾ قال قتادة : قال قوم من الكفار : تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفى شاعر بني فلان. قال الضحاك : هؤلاء بنو عبد الدار نسبوه إلى أنه شاعر، أي يهلك عن قريب كما هلك من قبل من الشعراء، وإن أباه مات شابا فربما يموت كما مات أبوه ؛ وقال الأخفش نتربص به إلى ريب المنون فحذف حرف الجر.. وقيل لعمرو بن العاص : ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل ؟ فقال : تلك عقول كادها الله، أي لم يصحبها بالتوفيق وقيل :﴿ أحلامهم ﴾أي أذهانهم، لأن العقل لا يعطي للكافر ولو كان له عقل لآمن ؛ وإنما يعطي الكافر الذهن فصار عليه حجة...
[ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ما أعقل فلانا النصراني ! فقال :( مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى :﴿ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ﴾ ). وفي حديث ابن عمر : فزجره النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال :( مه فإن العاقل من يعمل بطاعة الله ) ذكره الترمذي الحكيم أبو عبد الله بإسناده ]٧.
﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ( ٣٥ ) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ ( ٣٦ ) ﴾.
يحرك القرآن المدارك، ويحضها على التفكر والتبصر، وينكر على الجاهلين غفلتهم وضلالهم، وبهذا الاستفهام الإنكاري تقوم لله تعالى حجة بالغة، فهل خلق الناس من غير خالق ؟ كيف يقول عاقل بذلك ؟ ! أهي صدفة أوْجَدَتْهم ؟ كلا ؟ فإن الصدفة ليست قوة فاعلة، ولا مريدة ولا عاقلة١ ؛ لقد أقرّ كثير من العلماء التجريبيين٢ هدتهم علومهم التطبيقية إلى أن الحكمة البالغة في إبداع الكائنات لا تدع مجالا للشك في أن مبدع الكون إله مريد مدبر – والحكماء الأقدمون٣ أقروا باستحالة تصديق خلق الكون صدفة، كما نقل أحد علمائنا٤ المعاصرين عن الحكماء المسلمين أكثر من برهان على بطلان الصدفة، ومنها : لو فرض أنك تملك مطبعة فيها نصف مليون حرف متفرقة في صناديقها، فجاءت هزة أرضية قوية قلبت صناديق الحروف بعضها على بعض وبعثرتها وخلطتها، ثم جاءك منضّد الحروف يخبرك أن حروف المطبعة بكاملها كونت-عند اختلاطها- بالمصادفة كتابا كاملا من خمسمائة صفحة، وينطوي الكتاب على قصيدة واحدة تؤلف بمجموعها وحدة كاملة مترابطة متلائمة منسجمة بألفاظها وأوزانها وقوافيها ومعانيها، فهل تصدق ذلك ؟ !. أه.
وأورد الشيخ النيسابوري٥عن علماء القرآن ما حاصله٦ : قدّر في ذهنك بيتا منسق البنيان، فاخر الأثاث والرياش، قائما على جبل مرتفع، تكتنفه غابة كثيفة.. وقدّر أن رجلا جاء إلى هذا البيت فلم يجد فيه ولا حوله ديّارا ولا نافخ نار، فحدثته نفسه بأنه عسى أن تكون صخور الجبل قد تناثر بعضها ثم تجمع ما تناثر منها ليأخذ شكل هذا القصر البديع بما فيه من مخادع ومقاصير وأبهاء ومرافق، وأن تكون أشجار الغابة قد تشققت بنفسها ألواحا وتركبت أبوابا وسررا ومقاعد ومناضد ثم أخذ كل منها مكانه فيه، وأن تكون خيوط النبات، وأصواف الحيوان وأوباره قد تحولت بنفسها أنسجة موشاة ثم تقطعت طنافس وزرابي فانبثت في حجراته واستقرت على أرائكه، وأن المصابيح جعلت تهوى إليه بنفسها من كل مكان فنشبت في سقفه زرافات ووحدانا.. ألست تحكم بأن هذا حلم نائم أو حديث خرافة قد أصيب صاحبه باختلاط في عقله ؟ فما ظنك بقصر السماء سقفه والأرض قراره، والجبال أوتاده والنبات زينته، والقمر والنجوم مصابيحه ؟ ! أيكون في حكم العقل أهون شأنا من ذلك البيت الصغير ؟ أو لا يكون أخلق بلفت النظر إلى بارئ مصور حي قيوم، خلق فسوى وقدر فهدى ؟ أه.
﴿ أم هم الخالقون. أم خلقوا السماوات والأرض ﴾ بل هم يكذبون أنفسهم، فقد أقرّوا بأن الله هو الخلاق ؛ وصدق ربنا الذي يقول :﴿ ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنّى يؤفكون ﴾٧.
روى البخاري في صحيحه بسنده عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه٨ رضي الله عنهما قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب٩ بالطور١٠ فلما بلغ هذه الآية ١١﴿ أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون. أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون. أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون ﴾ كاد قلبي أن يطير. ١٢
﴿ بل لا يوقنون ﴾ مع إقرارهم بأن المولى- سبحانه- هو خالق كل شيء فإن ترددهم وظهور أمارات الريب والشك منهم يُلْحِقُهم بالمنكرين ؛ وهكذا فما لم يكن العلم بجلال الله وصدق وعده وكلماته علما يقينا فكأنه هو والجحود سواء.
ألم تر كيف وصف القرآن من نقص علمهم بالآخرة بأن هذا أسلمهم إلى الشك ثم إلى عمى القلوب ؟ ! :﴿ بل ادراك علمهم في الآخرة١٣ بل هم في شك منها١٤ بل هم منها عمون ﴾١٥ يعني : فقالوا : تكون، وقالوا : لا تكون، فهم في ريبهم يترددون ؛ كما بين أن موجبات دخول النار النزول عن درجة اليقين ؛ وأقام الحجة بذلك على الظانين المرتابين :﴿ وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين. وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ﴾١٦.
١ نقل عن رائد الفضاء الأمريكي- بعد أن ذكر أن الشمس تقع على مسافة حوالي ٣٠ألف سنة ضوئية من مركز المجرة وتدور في مدار خاص كل ٢٠مليون سنة أثناء دوران المجرة- قوله: أكانت مصادفة أن حزمة من نفايات الغاز الطافية بدأت فجأة في صنع هذه المدارات؟ إنني لا أستطيع تصديق ذلك.. بل إن ذلك مستحيل اهـ هذا: والسنة الضوئية تقدر بحوالي ٩مليون كيلو متر..
٢ جاء في كتب منها:[العلم يدعو للإيمان] للأستاذ كريستي موريسون رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك، وعضو المجلس التنفيذي لمجلس البحوث القومي بالولايات المتحدة سابقا- ترجمة محمود صالح الفلكي- وكذا كتاب:[الله يتجلى في عصر العلم] وغيرهما..
٣ مما قاله أفلوطين- وكان ذلك فيما بين سنة٢٠٧، ٢٤٠م- : إن هذا العالم كثير الظواهر دائم التغيير فلا يمكن أن يكون قد أوجد نفسه، بل لابد من خالق مبدع، وهذا الخالق هو الله، وهو واحد أزلي أبدي قائم بنفسه، وهو فوق المادة وفوق الروح أهـ.
وأفلاطون- وإن كان قد تخبط في سر الخلق، كما تخبط تلميذه أرسطو، وتابعه ابن رشد في القول بقدم العالم بمادته وصورته، وحركته ومحركه؛ يقول أفلاطون: إن العالم آية في الجمال والنظام لا يمكن أبدا أن يكون هذا نتيجة علل اتفاقية، بل هو من صنع عاقل كامل، توخى الخير، ورتب كل شيء عن قصد وحكمة أهـ.
وإكساغورس قال: من المستحيل على قوة عمياء أن تبدع هذا الجمال وهذا النظام اللذين يتجليان في هذا العالم، لأن القوة العمياء لا تنتج إلا الفوضى، فالذي يحرك المادة هو عقل رشيد بصير حكيم. أهـ..

٤ الشيخ نديم الجسر، مفتي طرابلس، وصاحب كتاب [قصة الإيمان] نقل عن الرسالة الحميدية، تأليف: حسين أفندي الجسر، وعن حيران بن الأضعف، وهذان نقلا عن ابن سينا والغزالي والفارابي وابن خلدون وابن طفيل وغيرهم..
٥ هو الحسن بن محمد بن حسين القمي، صاحب تفسير: غرائب القرآن ورغائب الفرقان، وهو ينقل عن التفسير الكبير وعن الكشاف وغيرهما..
٦ اقتبسه ثم صاغ الكثير منه ببيانه الرقيق الدقيق الأستاذ. محمد عبد الله دراز؛ عليه رحمة الله..
٧ سورة الزخرف. الآية ٨٧..
٨ جبير بن مطعم، صحابي جليل، أسلم بعد الحديبية، وأبوه: مطعم بن عدي الذي أجار النبي صلى الله عليه وسلم مرجعه من الطائف، وكان ممن سعى في نقض الصحيفة، ومع أن المطعم مات مشركا، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعرف له تلك اليد، وهذه المكرمة، حتى روى أصحاب السير أن جبيرا لما كلم النبي في فداء الأسرى بعد غزوة بدر قال له:"لو كان أبوك الشيخ حيا لشفعناه"..
٩ في صلاة المغرب..
١٠ يعني بسورة الطور..
١١ هن ثلاث آيات، لكن هذا ربما يكون من باب ما تعارف عليه العرب من أن العدد قد لا يراد به تحديد المعدود-أحيانا-..
١٢ يقول الحافظ ابن كثير وهذا الحديث مخرج في الصحيحين عن طرق عن الزهري به، كما نقل أن جبير بن مطعم كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أسارى بدر، وكان إذ ذاك مشركا، فكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك..
١٣ في شأن حقيقة الآخرة ومجيئها..
١٤ كانوا في دنياهم يشكون في أن يجيء بعد ذلك بعث وحساب وجزاء..
١٥ يعني: عميت قلوبهم عن الاطمئنان بهذا الحق وتصديقه، والآية رقم ٦٦ من سورة النمل..
١٦ سورة الجاثية. الآيات: ٣٢، ٣٣، ٣٤..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٥:﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ( ٣٥ ) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ ( ٣٦ ) ﴾.
يحرك القرآن المدارك، ويحضها على التفكر والتبصر، وينكر على الجاهلين غفلتهم وضلالهم، وبهذا الاستفهام الإنكاري تقوم لله تعالى حجة بالغة، فهل خلق الناس من غير خالق ؟ كيف يقول عاقل بذلك ؟ ! أهي صدفة أوْجَدَتْهم ؟ كلا ؟ فإن الصدفة ليست قوة فاعلة، ولا مريدة ولا عاقلة١ ؛ لقد أقرّ كثير من العلماء التجريبيين٢ هدتهم علومهم التطبيقية إلى أن الحكمة البالغة في إبداع الكائنات لا تدع مجالا للشك في أن مبدع الكون إله مريد مدبر – والحكماء الأقدمون٣ أقروا باستحالة تصديق خلق الكون صدفة، كما نقل أحد علمائنا٤ المعاصرين عن الحكماء المسلمين أكثر من برهان على بطلان الصدفة، ومنها : لو فرض أنك تملك مطبعة فيها نصف مليون حرف متفرقة في صناديقها، فجاءت هزة أرضية قوية قلبت صناديق الحروف بعضها على بعض وبعثرتها وخلطتها، ثم جاءك منضّد الحروف يخبرك أن حروف المطبعة بكاملها كونت-عند اختلاطها- بالمصادفة كتابا كاملا من خمسمائة صفحة، وينطوي الكتاب على قصيدة واحدة تؤلف بمجموعها وحدة كاملة مترابطة متلائمة منسجمة بألفاظها وأوزانها وقوافيها ومعانيها، فهل تصدق ذلك ؟ !. أه.
وأورد الشيخ النيسابوري٥عن علماء القرآن ما حاصله٦ : قدّر في ذهنك بيتا منسق البنيان، فاخر الأثاث والرياش، قائما على جبل مرتفع، تكتنفه غابة كثيفة.. وقدّر أن رجلا جاء إلى هذا البيت فلم يجد فيه ولا حوله ديّارا ولا نافخ نار، فحدثته نفسه بأنه عسى أن تكون صخور الجبل قد تناثر بعضها ثم تجمع ما تناثر منها ليأخذ شكل هذا القصر البديع بما فيه من مخادع ومقاصير وأبهاء ومرافق، وأن تكون أشجار الغابة قد تشققت بنفسها ألواحا وتركبت أبوابا وسررا ومقاعد ومناضد ثم أخذ كل منها مكانه فيه، وأن تكون خيوط النبات، وأصواف الحيوان وأوباره قد تحولت بنفسها أنسجة موشاة ثم تقطعت طنافس وزرابي فانبثت في حجراته واستقرت على أرائكه، وأن المصابيح جعلت تهوى إليه بنفسها من كل مكان فنشبت في سقفه زرافات ووحدانا.. ألست تحكم بأن هذا حلم نائم أو حديث خرافة قد أصيب صاحبه باختلاط في عقله ؟ فما ظنك بقصر السماء سقفه والأرض قراره، والجبال أوتاده والنبات زينته، والقمر والنجوم مصابيحه ؟ ! أيكون في حكم العقل أهون شأنا من ذلك البيت الصغير ؟ أو لا يكون أخلق بلفت النظر إلى بارئ مصور حي قيوم، خلق فسوى وقدر فهدى ؟ أه.
﴿ أم هم الخالقون. أم خلقوا السماوات والأرض ﴾ بل هم يكذبون أنفسهم، فقد أقرّوا بأن الله هو الخلاق ؛ وصدق ربنا الذي يقول :﴿ ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنّى يؤفكون ﴾٧.
روى البخاري في صحيحه بسنده عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه٨ رضي الله عنهما قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب٩ بالطور١٠ فلما بلغ هذه الآية ١١﴿ أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون. أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون. أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون ﴾ كاد قلبي أن يطير. ١٢
﴿ بل لا يوقنون ﴾ مع إقرارهم بأن المولى- سبحانه- هو خالق كل شيء فإن ترددهم وظهور أمارات الريب والشك منهم يُلْحِقُهم بالمنكرين ؛ وهكذا فما لم يكن العلم بجلال الله وصدق وعده وكلماته علما يقينا فكأنه هو والجحود سواء.
ألم تر كيف وصف القرآن من نقص علمهم بالآخرة بأن هذا أسلمهم إلى الشك ثم إلى عمى القلوب ؟ ! :﴿ بل ادراك علمهم في الآخرة١٣ بل هم في شك منها١٤ بل هم منها عمون ﴾١٥ يعني : فقالوا : تكون، وقالوا : لا تكون، فهم في ريبهم يترددون ؛ كما بين أن موجبات دخول النار النزول عن درجة اليقين ؛ وأقام الحجة بذلك على الظانين المرتابين :﴿ وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين. وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ﴾١٦.
١ نقل عن رائد الفضاء الأمريكي- بعد أن ذكر أن الشمس تقع على مسافة حوالي ٣٠ألف سنة ضوئية من مركز المجرة وتدور في مدار خاص كل ٢٠مليون سنة أثناء دوران المجرة- قوله: أكانت مصادفة أن حزمة من نفايات الغاز الطافية بدأت فجأة في صنع هذه المدارات؟ إنني لا أستطيع تصديق ذلك.. بل إن ذلك مستحيل اهـ هذا: والسنة الضوئية تقدر بحوالي ٩مليون كيلو متر..
٢ جاء في كتب منها:[العلم يدعو للإيمان] للأستاذ كريستي موريسون رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك، وعضو المجلس التنفيذي لمجلس البحوث القومي بالولايات المتحدة سابقا- ترجمة محمود صالح الفلكي- وكذا كتاب:[الله يتجلى في عصر العلم] وغيرهما..
٣ مما قاله أفلوطين- وكان ذلك فيما بين سنة٢٠٧، ٢٤٠م- : إن هذا العالم كثير الظواهر دائم التغيير فلا يمكن أن يكون قد أوجد نفسه، بل لابد من خالق مبدع، وهذا الخالق هو الله، وهو واحد أزلي أبدي قائم بنفسه، وهو فوق المادة وفوق الروح أهـ.
وأفلاطون- وإن كان قد تخبط في سر الخلق، كما تخبط تلميذه أرسطو، وتابعه ابن رشد في القول بقدم العالم بمادته وصورته، وحركته ومحركه؛ يقول أفلاطون: إن العالم آية في الجمال والنظام لا يمكن أبدا أن يكون هذا نتيجة علل اتفاقية، بل هو من صنع عاقل كامل، توخى الخير، ورتب كل شيء عن قصد وحكمة أهـ.
وإكساغورس قال: من المستحيل على قوة عمياء أن تبدع هذا الجمال وهذا النظام اللذين يتجليان في هذا العالم، لأن القوة العمياء لا تنتج إلا الفوضى، فالذي يحرك المادة هو عقل رشيد بصير حكيم. أهـ..

٤ الشيخ نديم الجسر، مفتي طرابلس، وصاحب كتاب [قصة الإيمان] نقل عن الرسالة الحميدية، تأليف: حسين أفندي الجسر، وعن حيران بن الأضعف، وهذان نقلا عن ابن سينا والغزالي والفارابي وابن خلدون وابن طفيل وغيرهم..
٥ هو الحسن بن محمد بن حسين القمي، صاحب تفسير: غرائب القرآن ورغائب الفرقان، وهو ينقل عن التفسير الكبير وعن الكشاف وغيرهما..
٦ اقتبسه ثم صاغ الكثير منه ببيانه الرقيق الدقيق الأستاذ. محمد عبد الله دراز؛ عليه رحمة الله..
٧ سورة الزخرف. الآية ٨٧..
٨ جبير بن مطعم، صحابي جليل، أسلم بعد الحديبية، وأبوه: مطعم بن عدي الذي أجار النبي صلى الله عليه وسلم مرجعه من الطائف، وكان ممن سعى في نقض الصحيفة، ومع أن المطعم مات مشركا، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعرف له تلك اليد، وهذه المكرمة، حتى روى أصحاب السير أن جبيرا لما كلم النبي في فداء الأسرى بعد غزوة بدر قال له:"لو كان أبوك الشيخ حيا لشفعناه"..
٩ في صلاة المغرب..
١٠ يعني بسورة الطور..
١١ هن ثلاث آيات، لكن هذا ربما يكون من باب ما تعارف عليه العرب من أن العدد قد لا يراد به تحديد المعدود-أحيانا-..
١٢ يقول الحافظ ابن كثير وهذا الحديث مخرج في الصحيحين عن طرق عن الزهري به، كما نقل أن جبير بن مطعم كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أسارى بدر، وكان إذ ذاك مشركا، فكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك..
١٣ في شأن حقيقة الآخرة ومجيئها..
١٤ كانوا في دنياهم يشكون في أن يجيء بعد ذلك بعث وحساب وجزاء..
١٥ يعني: عميت قلوبهم عن الاطمئنان بهذا الحق وتصديقه، والآية رقم ٦٦ من سورة النمل..
١٦ سورة الجاثية. الآيات: ٣٢، ٣٣، ٣٤..

﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ( ٣٧ ) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ( ٣٨ )أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ( ٣٩ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ( ٤٠ )أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ( ٤١ ) أَمْ يرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ( ٤٢ ) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ( ٤٣ ) ﴾.
بل أعندهم خزائن الرحمة والعطاء فهم يريدون أن يوزعوا النبوة كيف شاءوا، ويمسكوها عمن شاءوا ؟ أم هم المالكون لتدبير الكون ؟ بل أيملكون ما يتوصل به إلى العلياء والسماء ليسترقوا السمع ويخطفوا الأنباء ؟ !.
قال أبو حيان : أي يستمعون إليه ومنه- إذ حروف الجر قد يسد بعضها مسد بعض- فليجئ من استمع منهم- إن كان فيهم من سمع شيئا- بحجة واضحة تصدق دعواه ؛ ثم جاءت الآية التاسعة والثلاثون تخاطبهم- التفاتا- لتشديد الإنكار، وفيها تطيب لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ- من تطاول على مقام الملك الكبير المتعال فنسب له البنات لا يكون إلا سفيها ؛ وفيه إيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعد من العقلاء، فضلا عن الترقي إلى عالم الملكوت وسماع كلام ذي العزة والجبروت١- بل هل ضاقوا بك وبدعوتك لأنك تسألهم أجرا على تبليغ ما أوحي إليك فهم لا يتبعونك فرارا من ثقل ما حملتهم إياه ؟ ! بل أعندهم الإحاطة بالغيوب ومصائر الأمور، ورعاية الحكمة وبالغ التدبير فهم يكتبون للناس ويشرعون بزعمهم، كعبادة الأصنام، وتحريم البحيرة والوصيلة، وتسييب السائبة٢ ؟ بل إنهم يريدون الكيد لك ولأتباعك ولما جئت به، ولكني أكيد لهم وأملي إن كيدي متين، فسيحيق بهم وبال مكرهم ﴿ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ﴾٣ بل ألهم إله غير المعبود بحق- تنزه الله عما أشركوا، وتعالى أن يقاسمه الملك أحد، وأن يمانعه أو يدافعه أحد-.
وقد كررت ﴿ أم ﴾في هذه السورة الكريمة خمس عشرة مرة.
قال الخليل : كل ما في سورة ( الطور ) من ذكر ﴿ أم ﴾ فكلمة استفهام وليس بعطف.
١ مما أورد الألوسي..
٢ أنعام وإبل كانوا يحرمون ركوبها والانتفاع بها، لأنها بزعمهم للآلهة، فهي ترعى حيث شاءت وتخلّى وشأنها..
٣ سورة الأنفال. الآية ٣٦..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ( ٣٧ ) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ( ٣٨ )أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ( ٣٩ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ( ٤٠ )أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ( ٤١ ) أَمْ يرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ( ٤٢ ) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ( ٤٣ ) ﴾.
بل أعندهم خزائن الرحمة والعطاء فهم يريدون أن يوزعوا النبوة كيف شاءوا، ويمسكوها عمن شاءوا ؟ أم هم المالكون لتدبير الكون ؟ بل أيملكون ما يتوصل به إلى العلياء والسماء ليسترقوا السمع ويخطفوا الأنباء ؟ !.
قال أبو حيان : أي يستمعون إليه ومنه- إذ حروف الجر قد يسد بعضها مسد بعض- فليجئ من استمع منهم- إن كان فيهم من سمع شيئا- بحجة واضحة تصدق دعواه ؛ ثم جاءت الآية التاسعة والثلاثون تخاطبهم- التفاتا- لتشديد الإنكار، وفيها تطيب لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ- من تطاول على مقام الملك الكبير المتعال فنسب له البنات لا يكون إلا سفيها ؛ وفيه إيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعد من العقلاء، فضلا عن الترقي إلى عالم الملكوت وسماع كلام ذي العزة والجبروت١- بل هل ضاقوا بك وبدعوتك لأنك تسألهم أجرا على تبليغ ما أوحي إليك فهم لا يتبعونك فرارا من ثقل ما حملتهم إياه ؟ ! بل أعندهم الإحاطة بالغيوب ومصائر الأمور، ورعاية الحكمة وبالغ التدبير فهم يكتبون للناس ويشرعون بزعمهم، كعبادة الأصنام، وتحريم البحيرة والوصيلة، وتسييب السائبة٢ ؟ بل إنهم يريدون الكيد لك ولأتباعك ولما جئت به، ولكني أكيد لهم وأملي إن كيدي متين، فسيحيق بهم وبال مكرهم ﴿ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ﴾٣ بل ألهم إله غير المعبود بحق- تنزه الله عما أشركوا، وتعالى أن يقاسمه الملك أحد، وأن يمانعه أو يدافعه أحد-.
وقد كررت ﴿ أم ﴾في هذه السورة الكريمة خمس عشرة مرة.
قال الخليل : كل ما في سورة ( الطور ) من ذكر ﴿ أم ﴾ فكلمة استفهام وليس بعطف.
١ مما أورد الألوسي..
٢ أنعام وإبل كانوا يحرمون ركوبها والانتفاع بها، لأنها بزعمهم للآلهة، فهي ترعى حيث شاءت وتخلّى وشأنها..
٣ سورة الأنفال. الآية ٣٦..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ( ٣٧ ) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ( ٣٨ )أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ( ٣٩ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ( ٤٠ )أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ( ٤١ ) أَمْ يرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ( ٤٢ ) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ( ٤٣ ) ﴾.
بل أعندهم خزائن الرحمة والعطاء فهم يريدون أن يوزعوا النبوة كيف شاءوا، ويمسكوها عمن شاءوا ؟ أم هم المالكون لتدبير الكون ؟ بل أيملكون ما يتوصل به إلى العلياء والسماء ليسترقوا السمع ويخطفوا الأنباء ؟ !.
قال أبو حيان : أي يستمعون إليه ومنه- إذ حروف الجر قد يسد بعضها مسد بعض- فليجئ من استمع منهم- إن كان فيهم من سمع شيئا- بحجة واضحة تصدق دعواه ؛ ثم جاءت الآية التاسعة والثلاثون تخاطبهم- التفاتا- لتشديد الإنكار، وفيها تطيب لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ- من تطاول على مقام الملك الكبير المتعال فنسب له البنات لا يكون إلا سفيها ؛ وفيه إيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعد من العقلاء، فضلا عن الترقي إلى عالم الملكوت وسماع كلام ذي العزة والجبروت١- بل هل ضاقوا بك وبدعوتك لأنك تسألهم أجرا على تبليغ ما أوحي إليك فهم لا يتبعونك فرارا من ثقل ما حملتهم إياه ؟ ! بل أعندهم الإحاطة بالغيوب ومصائر الأمور، ورعاية الحكمة وبالغ التدبير فهم يكتبون للناس ويشرعون بزعمهم، كعبادة الأصنام، وتحريم البحيرة والوصيلة، وتسييب السائبة٢ ؟ بل إنهم يريدون الكيد لك ولأتباعك ولما جئت به، ولكني أكيد لهم وأملي إن كيدي متين، فسيحيق بهم وبال مكرهم ﴿ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ﴾٣ بل ألهم إله غير المعبود بحق- تنزه الله عما أشركوا، وتعالى أن يقاسمه الملك أحد، وأن يمانعه أو يدافعه أحد-.
وقد كررت ﴿ أم ﴾في هذه السورة الكريمة خمس عشرة مرة.
قال الخليل : كل ما في سورة ( الطور ) من ذكر ﴿ أم ﴾ فكلمة استفهام وليس بعطف.
١ مما أورد الألوسي..
٢ أنعام وإبل كانوا يحرمون ركوبها والانتفاع بها، لأنها بزعمهم للآلهة، فهي ترعى حيث شاءت وتخلّى وشأنها..
٣ سورة الأنفال. الآية ٣٦..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ( ٣٧ ) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ( ٣٨ )أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ( ٣٩ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ( ٤٠ )أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ( ٤١ ) أَمْ يرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ( ٤٢ ) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ( ٤٣ ) ﴾.
بل أعندهم خزائن الرحمة والعطاء فهم يريدون أن يوزعوا النبوة كيف شاءوا، ويمسكوها عمن شاءوا ؟ أم هم المالكون لتدبير الكون ؟ بل أيملكون ما يتوصل به إلى العلياء والسماء ليسترقوا السمع ويخطفوا الأنباء ؟ !.
قال أبو حيان : أي يستمعون إليه ومنه- إذ حروف الجر قد يسد بعضها مسد بعض- فليجئ من استمع منهم- إن كان فيهم من سمع شيئا- بحجة واضحة تصدق دعواه ؛ ثم جاءت الآية التاسعة والثلاثون تخاطبهم- التفاتا- لتشديد الإنكار، وفيها تطيب لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ- من تطاول على مقام الملك الكبير المتعال فنسب له البنات لا يكون إلا سفيها ؛ وفيه إيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعد من العقلاء، فضلا عن الترقي إلى عالم الملكوت وسماع كلام ذي العزة والجبروت١- بل هل ضاقوا بك وبدعوتك لأنك تسألهم أجرا على تبليغ ما أوحي إليك فهم لا يتبعونك فرارا من ثقل ما حملتهم إياه ؟ ! بل أعندهم الإحاطة بالغيوب ومصائر الأمور، ورعاية الحكمة وبالغ التدبير فهم يكتبون للناس ويشرعون بزعمهم، كعبادة الأصنام، وتحريم البحيرة والوصيلة، وتسييب السائبة٢ ؟ بل إنهم يريدون الكيد لك ولأتباعك ولما جئت به، ولكني أكيد لهم وأملي إن كيدي متين، فسيحيق بهم وبال مكرهم ﴿ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ﴾٣ بل ألهم إله غير المعبود بحق- تنزه الله عما أشركوا، وتعالى أن يقاسمه الملك أحد، وأن يمانعه أو يدافعه أحد-.
وقد كررت ﴿ أم ﴾في هذه السورة الكريمة خمس عشرة مرة.
قال الخليل : كل ما في سورة ( الطور ) من ذكر ﴿ أم ﴾ فكلمة استفهام وليس بعطف.
١ مما أورد الألوسي..
٢ أنعام وإبل كانوا يحرمون ركوبها والانتفاع بها، لأنها بزعمهم للآلهة، فهي ترعى حيث شاءت وتخلّى وشأنها..
٣ سورة الأنفال. الآية ٣٦..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ( ٣٧ ) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ( ٣٨ )أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ( ٣٩ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ( ٤٠ )أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ( ٤١ ) أَمْ يرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ( ٤٢ ) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ( ٤٣ ) ﴾.
بل أعندهم خزائن الرحمة والعطاء فهم يريدون أن يوزعوا النبوة كيف شاءوا، ويمسكوها عمن شاءوا ؟ أم هم المالكون لتدبير الكون ؟ بل أيملكون ما يتوصل به إلى العلياء والسماء ليسترقوا السمع ويخطفوا الأنباء ؟ !.
قال أبو حيان : أي يستمعون إليه ومنه- إذ حروف الجر قد يسد بعضها مسد بعض- فليجئ من استمع منهم- إن كان فيهم من سمع شيئا- بحجة واضحة تصدق دعواه ؛ ثم جاءت الآية التاسعة والثلاثون تخاطبهم- التفاتا- لتشديد الإنكار، وفيها تطيب لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ- من تطاول على مقام الملك الكبير المتعال فنسب له البنات لا يكون إلا سفيها ؛ وفيه إيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعد من العقلاء، فضلا عن الترقي إلى عالم الملكوت وسماع كلام ذي العزة والجبروت١- بل هل ضاقوا بك وبدعوتك لأنك تسألهم أجرا على تبليغ ما أوحي إليك فهم لا يتبعونك فرارا من ثقل ما حملتهم إياه ؟ ! بل أعندهم الإحاطة بالغيوب ومصائر الأمور، ورعاية الحكمة وبالغ التدبير فهم يكتبون للناس ويشرعون بزعمهم، كعبادة الأصنام، وتحريم البحيرة والوصيلة، وتسييب السائبة٢ ؟ بل إنهم يريدون الكيد لك ولأتباعك ولما جئت به، ولكني أكيد لهم وأملي إن كيدي متين، فسيحيق بهم وبال مكرهم ﴿ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ﴾٣ بل ألهم إله غير المعبود بحق- تنزه الله عما أشركوا، وتعالى أن يقاسمه الملك أحد، وأن يمانعه أو يدافعه أحد-.
وقد كررت ﴿ أم ﴾في هذه السورة الكريمة خمس عشرة مرة.
قال الخليل : كل ما في سورة ( الطور ) من ذكر ﴿ أم ﴾ فكلمة استفهام وليس بعطف.
١ مما أورد الألوسي..
٢ أنعام وإبل كانوا يحرمون ركوبها والانتفاع بها، لأنها بزعمهم للآلهة، فهي ترعى حيث شاءت وتخلّى وشأنها..
٣ سورة الأنفال. الآية ٣٦..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ( ٣٧ ) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ( ٣٨ )أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ( ٣٩ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ( ٤٠ )أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ( ٤١ ) أَمْ يرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ( ٤٢ ) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ( ٤٣ ) ﴾.
بل أعندهم خزائن الرحمة والعطاء فهم يريدون أن يوزعوا النبوة كيف شاءوا، ويمسكوها عمن شاءوا ؟ أم هم المالكون لتدبير الكون ؟ بل أيملكون ما يتوصل به إلى العلياء والسماء ليسترقوا السمع ويخطفوا الأنباء ؟ !.
قال أبو حيان : أي يستمعون إليه ومنه- إذ حروف الجر قد يسد بعضها مسد بعض- فليجئ من استمع منهم- إن كان فيهم من سمع شيئا- بحجة واضحة تصدق دعواه ؛ ثم جاءت الآية التاسعة والثلاثون تخاطبهم- التفاتا- لتشديد الإنكار، وفيها تطيب لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ- من تطاول على مقام الملك الكبير المتعال فنسب له البنات لا يكون إلا سفيها ؛ وفيه إيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعد من العقلاء، فضلا عن الترقي إلى عالم الملكوت وسماع كلام ذي العزة والجبروت١- بل هل ضاقوا بك وبدعوتك لأنك تسألهم أجرا على تبليغ ما أوحي إليك فهم لا يتبعونك فرارا من ثقل ما حملتهم إياه ؟ ! بل أعندهم الإحاطة بالغيوب ومصائر الأمور، ورعاية الحكمة وبالغ التدبير فهم يكتبون للناس ويشرعون بزعمهم، كعبادة الأصنام، وتحريم البحيرة والوصيلة، وتسييب السائبة٢ ؟ بل إنهم يريدون الكيد لك ولأتباعك ولما جئت به، ولكني أكيد لهم وأملي إن كيدي متين، فسيحيق بهم وبال مكرهم ﴿ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ﴾٣ بل ألهم إله غير المعبود بحق- تنزه الله عما أشركوا، وتعالى أن يقاسمه الملك أحد، وأن يمانعه أو يدافعه أحد-.
وقد كررت ﴿ أم ﴾في هذه السورة الكريمة خمس عشرة مرة.
قال الخليل : كل ما في سورة ( الطور ) من ذكر ﴿ أم ﴾ فكلمة استفهام وليس بعطف.
١ مما أورد الألوسي..
٢ أنعام وإبل كانوا يحرمون ركوبها والانتفاع بها، لأنها بزعمهم للآلهة، فهي ترعى حيث شاءت وتخلّى وشأنها..
٣ سورة الأنفال. الآية ٣٦..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ( ٣٧ ) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ( ٣٨ )أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ( ٣٩ ) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ( ٤٠ )أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ( ٤١ ) أَمْ يرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ( ٤٢ ) أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ( ٤٣ ) ﴾.
بل أعندهم خزائن الرحمة والعطاء فهم يريدون أن يوزعوا النبوة كيف شاءوا، ويمسكوها عمن شاءوا ؟ أم هم المالكون لتدبير الكون ؟ بل أيملكون ما يتوصل به إلى العلياء والسماء ليسترقوا السمع ويخطفوا الأنباء ؟ !.
قال أبو حيان : أي يستمعون إليه ومنه- إذ حروف الجر قد يسد بعضها مسد بعض- فليجئ من استمع منهم- إن كان فيهم من سمع شيئا- بحجة واضحة تصدق دعواه ؛ ثم جاءت الآية التاسعة والثلاثون تخاطبهم- التفاتا- لتشديد الإنكار، وفيها تطيب لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ- من تطاول على مقام الملك الكبير المتعال فنسب له البنات لا يكون إلا سفيها ؛ وفيه إيذان بأن من هذا رأيه لا يكاد يعد من العقلاء، فضلا عن الترقي إلى عالم الملكوت وسماع كلام ذي العزة والجبروت١- بل هل ضاقوا بك وبدعوتك لأنك تسألهم أجرا على تبليغ ما أوحي إليك فهم لا يتبعونك فرارا من ثقل ما حملتهم إياه ؟ ! بل أعندهم الإحاطة بالغيوب ومصائر الأمور، ورعاية الحكمة وبالغ التدبير فهم يكتبون للناس ويشرعون بزعمهم، كعبادة الأصنام، وتحريم البحيرة والوصيلة، وتسييب السائبة٢ ؟ بل إنهم يريدون الكيد لك ولأتباعك ولما جئت به، ولكني أكيد لهم وأملي إن كيدي متين، فسيحيق بهم وبال مكرهم ﴿ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ﴾٣ بل ألهم إله غير المعبود بحق- تنزه الله عما أشركوا، وتعالى أن يقاسمه الملك أحد، وأن يمانعه أو يدافعه أحد-.
وقد كررت ﴿ أم ﴾في هذه السورة الكريمة خمس عشرة مرة.
قال الخليل : كل ما في سورة ( الطور ) من ذكر ﴿ أم ﴾ فكلمة استفهام وليس بعطف.
١ مما أورد الألوسي..
٢ أنعام وإبل كانوا يحرمون ركوبها والانتفاع بها، لأنها بزعمهم للآلهة، فهي ترعى حيث شاءت وتخلّى وشأنها..
٣ سورة الأنفال. الآية ٣٦..

﴿ وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ( ٤٤ ) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ( ٤٥ )يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ( ٤٦ )وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ( ٤٧ ) ﴾
من قسوة القلوب وعمى البصائر يجحدون كل ما يأتيهم ولو رأته العيون، كما أخبر عنهم المولى جل شأنه :﴿ ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون. لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ﴾١، وفي هذه الآية بيان لاستكبارهم ومِرائهم، وأنه لو أسقط الله عليهم السماء، كما اقترحوا على النبي ذلك وطلبوا الإتيان به كبرهان على صدقه في دعوى الرسالة، إذ قالوا ما حكاه القران :﴿ وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ﴾ وبعدها :﴿ أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا... ﴾٢ لو تساقطت على رءوسهم أجزاء السماء لضلوا في طغيانهم وقالوا إن هذا الذي يتهاوى إنما هو سحاب متراكم بعضه فوق بعض ؛ فالله يتوعدهم ويتولى عن نبيه أمر إهلاكهم يوم يموتون، ويوم يخرجون من الأجداث يتخبطون، فما لهم من أخلاء ولا أعوان ولا شفعاء يشفعون، ولا يملكون حيلة ولا من بأس الله يمتنعون، وإنه لهم بظلمهم عذابا عاجلا قريبا قبل ذاك الشديد الأليم، ولكن هيهات أن يعلم المستكبرون ﴿ .. وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا... ﴾٣ ﴿ .. حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ﴾٤.
١ سورة الحجر. الآيتان: ١٥، ١٤..
٢ سورة الإسراء. الآية ٩٠ ومن الآية ٩٢..
٣ سورة الأعراف. من الآية ١٤٦..
٤ سورة الأنعام. من الآية ٤٤ والآية ٤٥..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٤:﴿ وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ( ٤٤ ) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ( ٤٥ )يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ( ٤٦ )وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ( ٤٧ ) ﴾
من قسوة القلوب وعمى البصائر يجحدون كل ما يأتيهم ولو رأته العيون، كما أخبر عنهم المولى جل شأنه :﴿ ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون. لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ﴾١، وفي هذه الآية بيان لاستكبارهم ومِرائهم، وأنه لو أسقط الله عليهم السماء، كما اقترحوا على النبي ذلك وطلبوا الإتيان به كبرهان على صدقه في دعوى الرسالة، إذ قالوا ما حكاه القران :﴿ وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ﴾ وبعدها :﴿ أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا... ﴾٢ لو تساقطت على رءوسهم أجزاء السماء لضلوا في طغيانهم وقالوا إن هذا الذي يتهاوى إنما هو سحاب متراكم بعضه فوق بعض ؛ فالله يتوعدهم ويتولى عن نبيه أمر إهلاكهم يوم يموتون، ويوم يخرجون من الأجداث يتخبطون، فما لهم من أخلاء ولا أعوان ولا شفعاء يشفعون، ولا يملكون حيلة ولا من بأس الله يمتنعون، وإنه لهم بظلمهم عذابا عاجلا قريبا قبل ذاك الشديد الأليم، ولكن هيهات أن يعلم المستكبرون ﴿.. وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا... ﴾٣ ﴿.. حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ﴾٤.
١ سورة الحجر. الآيتان: ١٥، ١٤..
٢ سورة الإسراء. الآية ٩٠ ومن الآية ٩٢..
٣ سورة الأعراف. من الآية ١٤٦..
٤ سورة الأنعام. من الآية ٤٤ والآية ٤٥..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٤:﴿ وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ( ٤٤ ) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ( ٤٥ )يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ( ٤٦ )وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ( ٤٧ ) ﴾
من قسوة القلوب وعمى البصائر يجحدون كل ما يأتيهم ولو رأته العيون، كما أخبر عنهم المولى جل شأنه :﴿ ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون. لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ﴾١، وفي هذه الآية بيان لاستكبارهم ومِرائهم، وأنه لو أسقط الله عليهم السماء، كما اقترحوا على النبي ذلك وطلبوا الإتيان به كبرهان على صدقه في دعوى الرسالة، إذ قالوا ما حكاه القران :﴿ وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ﴾ وبعدها :﴿ أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا... ﴾٢ لو تساقطت على رءوسهم أجزاء السماء لضلوا في طغيانهم وقالوا إن هذا الذي يتهاوى إنما هو سحاب متراكم بعضه فوق بعض ؛ فالله يتوعدهم ويتولى عن نبيه أمر إهلاكهم يوم يموتون، ويوم يخرجون من الأجداث يتخبطون، فما لهم من أخلاء ولا أعوان ولا شفعاء يشفعون، ولا يملكون حيلة ولا من بأس الله يمتنعون، وإنه لهم بظلمهم عذابا عاجلا قريبا قبل ذاك الشديد الأليم، ولكن هيهات أن يعلم المستكبرون ﴿.. وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا... ﴾٣ ﴿.. حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ﴾٤.
١ سورة الحجر. الآيتان: ١٥، ١٤..
٢ سورة الإسراء. الآية ٩٠ ومن الآية ٩٢..
٣ سورة الأعراف. من الآية ١٤٦..
٤ سورة الأنعام. من الآية ٤٤ والآية ٤٥..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٤:﴿ وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ( ٤٤ ) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ( ٤٥ )يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ( ٤٦ )وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ( ٤٧ ) ﴾
من قسوة القلوب وعمى البصائر يجحدون كل ما يأتيهم ولو رأته العيون، كما أخبر عنهم المولى جل شأنه :﴿ ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون. لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ﴾١، وفي هذه الآية بيان لاستكبارهم ومِرائهم، وأنه لو أسقط الله عليهم السماء، كما اقترحوا على النبي ذلك وطلبوا الإتيان به كبرهان على صدقه في دعوى الرسالة، إذ قالوا ما حكاه القران :﴿ وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ﴾ وبعدها :﴿ أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا... ﴾٢ لو تساقطت على رءوسهم أجزاء السماء لضلوا في طغيانهم وقالوا إن هذا الذي يتهاوى إنما هو سحاب متراكم بعضه فوق بعض ؛ فالله يتوعدهم ويتولى عن نبيه أمر إهلاكهم يوم يموتون، ويوم يخرجون من الأجداث يتخبطون، فما لهم من أخلاء ولا أعوان ولا شفعاء يشفعون، ولا يملكون حيلة ولا من بأس الله يمتنعون، وإنه لهم بظلمهم عذابا عاجلا قريبا قبل ذاك الشديد الأليم، ولكن هيهات أن يعلم المستكبرون ﴿.. وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا... ﴾٣ ﴿.. حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ﴾٤.
١ سورة الحجر. الآيتان: ١٥، ١٤..
٢ سورة الإسراء. الآية ٩٠ ومن الآية ٩٢..
٣ سورة الأعراف. من الآية ١٤٦..
٤ سورة الأنعام. من الآية ٤٤ والآية ٤٥..

﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ( ٤٨ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ( ٤٩ ) ﴾.
ودم على احتمال ما تلاقي، وما ابتلاك الله به ممن تلاقى، فإنك بحيث نراك ونحفظك ونحوطك ونحرسك ونرعاك، ونزه واحْمَدْ مولاك على كل أحوالك : حين تقوم من مجلسك ؛ ومن الليل فسبح وصل واذكر واحمَدْ واحرص على صلاة في آخر الليل قبل الصبح وحين تتهيأ النجوم للغروب.
في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد معاهدة على ركعتين قبل الصبح.
خرّج البخاري عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من تعارّ١ في الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير والحمد لله وسبحان الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته ).
وذهبت طائفة من المفسرين إلى أن المراد ﴿ وسبح ﴾ أي : صلّ والأمر للوجوب ﴿ حين تقوم ﴾ أي من نومك، وذلك التهجد ؛ ﴿ ومن الليل ﴾ صلاة العشاءين : المغرب والعشاء، ﴿ وإدبار النجوم ﴾ صلاة الفجر، ورجح الطبري نحوه- ؛ فكأنه أمر بالإقبال على طاعته، بعد الفراغ عن دعوة الأمة فليس له شغل إلا هذين٢-
١ تعارّ: قام وهبّ من نومه بصوت..
٢ ما بين العارضتين مما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٨:﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ( ٤٨ ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ( ٤٩ ) ﴾.
ودم على احتمال ما تلاقي، وما ابتلاك الله به ممن تلاقى، فإنك بحيث نراك ونحفظك ونحوطك ونحرسك ونرعاك، ونزه واحْمَدْ مولاك على كل أحوالك : حين تقوم من مجلسك ؛ ومن الليل فسبح وصل واذكر واحمَدْ واحرص على صلاة في آخر الليل قبل الصبح وحين تتهيأ النجوم للغروب.
في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد معاهدة على ركعتين قبل الصبح.
خرّج البخاري عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( من تعارّ١ في الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير والحمد لله وسبحان الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته ).
وذهبت طائفة من المفسرين إلى أن المراد ﴿ وسبح ﴾ أي : صلّ والأمر للوجوب ﴿ حين تقوم ﴾ أي من نومك، وذلك التهجد ؛ ﴿ ومن الليل ﴾ صلاة العشاءين : المغرب والعشاء، ﴿ وإدبار النجوم ﴾ صلاة الفجر، ورجح الطبري نحوه- ؛ فكأنه أمر بالإقبال على طاعته، بعد الفراغ عن دعوة الأمة فليس له شغل إلا هذين٢-
١ تعارّ: قام وهبّ من نومه بصوت..
٢ ما بين العارضتين مما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان..

Icon