ﰡ
وهي مدنيّة كلّها بإجماعهم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة التحريم (٦٦) : الآيات ١ الى ٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤)عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٥)
قوله عزّ وجلّ: لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ في سبب نزولها قولان:
(١٤٦٥) أحدهما: أن حفصة ذهبتْ إلى أبيها تتحدّث عنده، فأرسل النبيّ صلّى الله عليه وسلم إلى جاريته، فظلّت
حديث ابن عباس: أخرجه الطبري ٣٤٣٩٢ وإسناده واه لأجل عطية العوفي. وورد من وجه آخر بنحوه، أخرجه الطبري ٣٤٣٩٧، ورجاله ثقات، لكن فيه عنعنة ابن إسحاق. وورد من وجه آخر، أخرجه الهيثم بن كليب في «مسنده» كما في «تفسير ابن كثير» ٤/ ٤٥٦ وقال ابن كثير: إسناده صحيح.
٢- مرسل الضحاك، أخرجه الطبري ٣٤٣٨٩.
٣- مرسل عبد الرحمن بن زيد، أخرجه الطبري ٣٤٣٨٨.
٤- مرسل الشعبي، أخرجه الطبري ٣٤٣٩٠.
٥- مرسل أبي عثمان، أخرجه الطبري ٣٤٣٩٤.
٦- مرسل قتادة والحسن، أخرجه الطبري ٣٤٣٩٥.
٧- مرسل زيد بن أسلم، أخرجه الطبري ٣٤٣٨٢.
٨- مرسل مسروق، أخرجه الطبري ٣٤٣٨٣.
٩- حديث أنس، وهو مختصر، أخرجه النسائي في «التفسير» ٦٢٧ والحاكم ٢/ ٤٩٣ وإسناده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وله شواهد أخرى، انظر «الكشاف» ١٢٠٧ بتخريجي.
الخلاصة: هو حديث صحيح بمجموع طرقه وشواهده. وانظر «أحكام القرآن» ٢١٥٦ بتخريجنا.
(١٤٦٦) وقد روي عن عمر نحو هذا المعنى، وقال فيه: فقالت حفصة: كيف تحرّمها، عليك، ؟! فحلف لها أن لا يقربها، فقال لها: «لا تذكريه لأحد» فذكرته لعائشة، فآلى أن لا يدخل على نسائه شهراً، فنزلت هذه الآية.
(١٤٦٧) وقال الضحاك: قال لها: «لا تذكري لعائشة ما رأيت» فذكرته، فغضبت عائشة، ولم تزل بنبي الله حتى حلف أن لا يقربها، فنزلت هذه الآية، وإلى هذا المعنى: ذهب سعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء، والشعبي، ومسروق، ومقاتل، والأكثرون.
(١٤٦٨) والثاني: ما روى عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحب الحَلْواء والعسل، وكان إِذا انصرف من صلاة العصر دخل على نسائه، فدخل على حَفصَة بنت عمر، واحتبس عندها، فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عُكَّةً من عسل «١»، فسقت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: أما والله لنحتالَنَّ له، فقلت لسودة: إنه سيدنو منكِ إذا دخل عليك، فقولي له: يا رسول الله أكلت مغافير، فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ «٢» وسأقول ذلك وقولي أنت يا صفيّة ذلك، فلمّا دنا من سودة قالت له ذلك ولمّا دخل عليّ قلت له مثل ذلك فلما دار إلى صفيّة قالت له مثل ذلك فلما دار إلى حفصة قالت له: يا رسول الله أسقيك منه؟ قال: لا حاجة لي فيه. قالت: تقول سودة: سبحان الله، والله لقد حَرَمْنَاه. قلت لها: اسكتي. أخرجه البخاري ومسلم في «الصحيحين».
(١٤٦٩) وفي رواية ابن أبي مليكة عن ابن عباس: أن التي شرب عندها العسل سودة، فقالت له
انظر الحديث المتقدم ١٤٦٥.
صحيح. أخرجه البخاري ٦٩٧٢ عن عبيد بن إسماعيل بن عن عائشة. وأخرجه مسلم ١٤٧٤ ح ٢١ وأبو داود ٣٧١٥ وأبو يعلى ٤٨٩٦ من طرق عن أبي أسامة به. وأخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٨٣٢ من طريق علي بن مسهر عن هشام بن عروة به.
أخرجه الطبراني ١٢٢٦ من حديث ابن عباس، وقال الهيثمي في «المجمع» ١١٤٢٦: رجاله رجال
__________
(١) العكة: آنية السمن، أو القربة الصغيرة.
(٢) جرست: أكلت، والعرفط: شجر ينضح الصمغ المعروف بالمنافير.
(١٤٧٠) وفي حديث عبيد بن عمير عن عائشة أن التي شرب عندها العسل زينب بنت جحش، فتواطأت حفصة وعائشة أن تقولا له ذلك القول. قال أبو عبيدة: المغافير: شيء شبيه بالصمغ فيه حلاوة. وخرج الناس يتمغفرون: إذا خرجوا يجتنونه. ويقال: المغاثير بالثاء، مثل جدث، وجدف.
وقال الزجاج: المغافير: صمغ متغير الرائحة. فخرج في المراد بالذي أحلَّ الله له قولان «١» : أحدهما:
أنه جاريته. والثاني: العسل.
قوله عزّ وجلّ: تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ أي: تطلب رضاهن بتحريم ذلك. وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
صحيح. أخرجه البخاري ٥٢٦٧ والبغوي في «شرح السنة» عن الحسن بن محمد به. وأخرجه البخاري ٦٦٩١ ومسلم ١٤٧٤ وأبو داود ٣٧١٤ والنسائي ٦/ ١٥١ و ٧/ ١٣ و ٧١ وأحمد ٦/ ٢٢١ من طرق عن الحجاج به وأخرجه البخاري ٤٩١٢ من طريق هشام بن يوسف عن ابن جريج به.
__________
(١) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ١٢/ ١٥٠: والصواب من القول في ذلك أن يقال: كان الذي حرّمه النبي صلّى الله عليه وسلم على نفسه شيئا كان الله قد أحلّه له، فعاتبه الله على تحريمه على نفسه ما كان له قد أحله، وبين له تحلة يمينه في يمين كان حلف بها مع تحريمه ما حرّم على نفسه. وقال القرطبي رحمه الله في «الجامع لأحكام القرآن» ١٨/ ١٥٩: أصح الأقوال- ما ثبت في الصحيحين فيما ورد عن العسل- وأما من روى أنه حرّم مارية القبطية فهو أمثل في السند وأقرب إلى المعنى، لكنه لم يدوّن في الصحيح، وروي مرسلا. وقوله تعالى: لِمَ تُحَرِّمُ إن كان النبي صلّى الله عليه وسلم حرّم ولم يحلف فليس ذلك بيمين عندنا. ولا يحرّم قول الرجل: «هذا عليّ حرام» شيئا حاشا الزوجة. وقال أبو حنيفة: إذا أطلق حمل على المأكول والمشروب دون الملبوس، وكانت يمينا توجب الكفارة. وقال زفر: هو يمين في الكل حتى في الحركة والكون. وعوّل المخالف على أن النبي صلّى الله عليه وسلم حرّم العسل فلزمته الكفارة. وقد قال الله تعالى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ فسماه يمينا ودليلنا قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا [المائدة: ٨٧] وقوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ
[يونس: ٥٩] فذم الله المحرّم للحلال ولم يوجب عليه كفارة. قال الزجاج: ليس لأحد أن يحرّم ما أحل الله ولم يجعل لنبيه صلّى الله عليه وسلم أن يحرّم إلا ما حرّم الله عليه. فمن قال لزوجته أو أمته: أنت عليّ حرام، ولم ينو طلاقا ولا ظهارا فهذا اللفظ يوجب كفارة اليمين. ولو خاطب بهذا اللفظ جمعا من الزوجات والإماء فعليه كفارة واحدة. ولو حرّم على نفسه طعاما أو شيئا آخر لم يلزمه بذلك كفارة عند الشافعي ومالك وتجب بذلك كفارة عند ابن مسعود والثوري وأبي حنيفة. وجاء في «الجامع لأحكام القرآن» ١٨/ ١٦٣: قوله تعالى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ تحليل اليمين كفارتها. أي إذا أحببتم استباحة المحلوف عليه، ويتحصل من هذا أن من حرّم شيئا من المأكول والمشروب لم يحرم عليه عندنا، لأن الكفارة لليمين لا للتحريم على ما بيناه. وأبو حنيفة يراه يمينا في كل شيء، ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه. فإذا حرم طعاما فقد حلف على أكله، أو أمه فعلى وطئها، أو زوجة فعلى الإيلاء منها إذا لم يكن له نية، وإن نوى الظهار فظهار، وإن نوى الطلاق فبائن. وإن قال نويت الكذب، دين فيما بينه وبين الله تعالى. ولا يراه الشافعي يمينا ولكن سببا في الكفارة في النساء وحدهن. وإن نوى الطلاق فهو رجعي عنده. فإن حلف ألا يأكله حنث ويبر بالكفارة.
قد بين الله لكم تحليل أيمانكم بالكفَّارة، فأمره الله أن يكفِّر يمينه، فأعتق رقبة. واختلفوا هل حرّم مارية على نفسه بيمين، أم لا؟ على قولين: أحدهما: أنه حرَّمها من غير ذكر يمين، فكان التحريم موجباً لكفارة اليمين، قاله ابن عباس. والثاني: أنه حلف يميناً حرَّمها بها، قاله الحسن. والشعبي، وقتادة، وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ أي: وليُّكم وناصركم.
قوله تعالى: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً يعني: حفصة من غير خلاف علمناه.
وفي هذا السِّرِّ ثلاثة أقوال: أحدها: أنه قال لها: إني مُسِرٌّ إِليك سِرَّاً فاحفظيه، سرّيتي هذه عليَّ حرام، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال عطاء، والشعبي، والضحاك، وقتادة، وزيد بن أسلم، وابنه، والسدي «٢».
(١٤٧١) والثاني: أنه قال لها: أبوك، وأبو عائشة، والِيا الناس من بعدي، فإياك أن تخبري أحدا، ورواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثالث: أنه أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي، قاله ميمون بن مهران «٣».
قوله عزّ وجلّ: فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ أي: أخبرت به عائشة وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ أي: أطلع الله نبيه على قول حفصة لعائشة، فغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلم غضباً شديداً، لأنه استكتم حفصة ذلك، ثم دعاها، فأخبرها ببعض ما قالت، فذلك قوله عزّ وجلّ: عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ وفي الذي عرَّفها إياه قولان:
(١٤٧٢) أحدهما: أنه حدَّثها ما حدثتها عائشة من شأن أبي بكر وعمر، وسكت عمّا أخبرت
وإسناده ضعيف جدا. مداره على سيف بن عمر وهو متروك متهم، وبه أعله ابن عدي. ثم إن المتن موضوع.
فلو كان هذا الحديث عند علي لما تأخر ستة أشهر عن بيعة الصديق. وكذا تأخر بنو هاشم، ومنهم ابن عباس عن البيعة، فهذا خبر باطل والنبيّ صلّى الله عليه وسلم لم يصرح باسم الخليفة من بعده، باتفاق العلماء، وإنما هناك إشارات إلى إمارة أبي بكر، منها أمره صلّى الله عليه وسلم بأن يؤم الناس، وذلك في مرضه الأخير.
وورد من وجه آخر أخرجه الدارقطني في «سننه» ٤/ ١٥٣ و ١٥٤ وفيه الكلبي، وهو محمد بن السائب، متهم بالكذب، وشيخه أبو صالح أقرّ بأنه حدث عن ابن عباس بأشياء كذب. راجع الميزان للذهبي. ثم إن المتن منكر كما تقدم. وورد من وجه آخر أخرجه الطبراني في «الكبير» ١٢٦٤٠ من حديث ابن عباس وله ثلاث علل: ١- إسماعيل بن عمرو البجلي، وهو ضعيف. ٢- وفيه أيضا أبو سنان سعيد بن سنان فيه ضعف. ٣-
الضحاك لم يلق ابن عباس. انظر «تفسير ابن كثير» ٤/ ٤٦٠ بتخريجي عند هذه الآية. وانظر أيضا «تفسير الشوكاني» ٢٥٥١ بتخريجي ولله الحمد والمنة.
لا أصل له، وهو بعض المتقدم.
__________
(١) المائدة: ٨٩. [.....]
(٢) انظر الحديث المتقدم ١٤٦٥.
(٣) انظر الحديث المتقدم ١٤٧١.
(١٤٧٣) والثاني: أن الذي عرَّف: تحريم مارّية، والذي أعرض عنه: ذِكر الخلافة لئلا ينتشر، قاله الضحاك، وهذا اختيار الزجاج: قال: ومعنى عَرَّفَ بَعْضَهُ عرَّف حفصة بعضه وقرأ الكسائي «عَرَفَ» بالتخفيف. قال الزجاج: على هذه القراءة قد عرف كل ما أسرَّه، غير أن المعنى جارٍ على بعضه، كقوله عزّ وجلّ: وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ «١»، أي: يعلمه ويجازي عليه، وكذلك:
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ «٢» أي: ير جزاءه. فقيل: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة، فكان ذلك جزاءها عنده، فأمره الله أن يراجعها.
(١٤٧٤) وقال مقاتل بن حيَّان: لم يطلقها، وإنما همَّ بطلاقها، فقال له جبريل: لا تطلّقها، فإنها
وعجزه، أخرجه أبو نعيم في «فضائل الصحابة» كما في «الدر» ٦/ ٣٧٠ عن الضحاك، وهو مرسل، فهو ضعيف، والمتن باطل.
أصل الحديث صحيح، لكن قول مقاتل «لم يطلقها» باطل، لم يتابع عليه. ذكره المنصف هاهنا عن مقاتل بن حيان معلقا، وسنده إليه في أول الكتاب، وهذا واه بمرة، ليس بشيء، وقد خولف مقاتل.
وأخرج الحاكم ٤/ ١٥ وابن سعد في «الطبقات» ٨/ ٨٤ والدارمي ٢٢٦٥ والطحاوي في «المشكل» ٤٦١٥ من حديث أنس. وأن النبي صلّى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة، فأتاه جبريل فقال: «يا محمد طلقت حفصة تطليقة، وهي صوامة قوامة وهي زوجتك في الدنيا وفي الجنة». وأخرج الطحاوي ١٦١٤ من طريق موسى بن علي عن أبيه عن عقبة بن عامر «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم طلق حفصة، فأتاه جبريل فقال: راجعها فإنها صوّامة قوّامة». وأخرج الطبراني ١٧/ (٨٠٤) نحوه من حديث عقبة بلفظ «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم طلق حفصة، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فوضع التراب على رأسه، وقال: ما يعبأ الله بك يا ابن الخطاب بعدها، فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر».
قال الهيثمي في «المجمع» ٤/ ٣٣٤: وفيه عمرو بن صالح الحضرمي، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
أخرج الحاكم ٤/ ١٥ (٦٧٥٣ وابن سعد ٨/ ٦٧ والطبراني ١٨/ (٩٣٤) عن قيس بن زيد «أن النبي صلّى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر فدخل عليها خالاها قدامة وعثمان ابنا مظعون فبكت وقالت: والله ما طلقني عن شبع، وجاء النبي صلّى الله عليه وسلم فقال: قال لي جبريل عليه السلام: راجع حفصة، فإنها صوّامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة».
وسكت عليه الحاكم، وكذا الذهبي، وكذا الحافظ في «تخريج الكشاف» ٤/ ٥٦٣ ورجاله ثقات غير قيس بن زيد فهو تابعي صغير مجهول. وأن عثمان بن مطعون توفي قبل أحد، وقبل أن يتزوج النبي صلّى الله عليه وسلم حفصة.
وأخرج أبو داود ٢٢٨٣ والنسائي ٦/ ٢١٣ وابن ماجة ٢٠١٦ والدارمي ٢٢٦٤ وأبو يعلى ١٧٤ والحاكم ٢/ ١٩٧ وابن حبان ٤٢٧٥ والطحاوي في «المشكل» ٤٦١١ والبيهقي ٧/ ٣٢١- ٣٢٢ من طرق عن يحيى بن زكريا عن ابن أبي داود عن صالح بن صالح عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه «أن النبي صلّى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها».
الخلاصة: قول مقاتل «لم يطلقها» باطل، ليس بشيء، والصحيح أنه طلقها كما في الروايات المذكورة، وهو خبر حسن صحيح بطرقه وشواهده لكن بالألفاظ التي أوردتها، وانظر «أحكام القرآن» ٢١٣٨ بتخريجي.
أخرجه ابن سعد ٨/ ١٤٩- ١٥٠ عن ابن عباس بنحوه، وفيه الواقدي، وهو متروك. وأخرج الدارقطني ٤/
__________
(١) البقرة: ١٧٩.
(٢) الزلزلة: ٧.
قوله عزّ وجلّ: فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ أي: أخبر حفصة بإفشائها السرَّ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا أي: من أخبرك بأني أفشيت سرك؟ قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ثم خاطب عائشة وحفصة، فقال: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ أي: من التعاون على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالإيذاء فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما قال ابن عباس: زاغت، وأثمت. قال الزجاج: عدلت، وزاغت عن الحقّ. قال مجاهد: كنّا نرى قوله عزّ وجلّ: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما شيئاً هيِّناً حتى وجدناه في قراءة ابن مسعود: فقد زاغت قلوبكما. وإنما جعل القلبين جماعة لأن كل اثنين فما فوقهما جماعة. وقد أشرنا إِلى هذا في قوله عزّ وجلّ: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ «١» وقوله تعالى: إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ «٢». قال المفسرون: وذلك أنهما أحبَّا ما كَرِهَ رسول الله صلّى الله عليه وسلم من اجتناب جاريته، وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ وقرأ ابن مسعود، وأبو عبد الرحمن ومجاهد، والأعمش «تظاهرا» بتخفيف الظاء، أي: تعاونا على النبيّ صلّى الله عليه وسلم بالإيذاء فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ أي: وَليُّه في العون، والنصرة وَجِبْرِيلُ وليُّه وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وفي المراد بصالح المؤمنين ستة أقوال: أحدها: أنهم أبو بكر وعمر، قاله ابن مسعود، وعكرمة، والضحاك. والثاني: أبو بكر، رواه مكحول عن أبي أمامة. والثالث: عمر بن الخطّاب قاله سعيد بن جبير، ومجاهد. والرابع: خيار المؤمنين، قاله الربيع بن أنس. والخامس: أنهم الأنبياء، قاله قتادة، والعلاء بن زياد العدوي، وسفيان. والسادس: أنه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، حكاه الماوردي، قاله الفراء: «وصالح المؤمنين» موحّد في مذهب جميع، كما تقول: لا يأتيني إلا سائس الحرب، فمن كان ذا سياسة للحرب، فقد أمر بالمجيء، ومثله قوله عزّ وجلّ: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ «٣»، قوله: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ «٤»، وقوله: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً «٥» في كثير من القرآن يؤدي معنى الواحد عن الجميع.
قوله عزّ وجلّ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ أي: ظهراً، وهذا مما لفظه لفظ الواحد، ومعناه الجمع، ومثله ثم يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا «٦»، وقد شرحناه هناك. ثم خوَّف نساءه، فقال عزّ وجلّ: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ.
الحديث. وفي إسناده الكلبي، وهو كذاب. وورد من حديث علي، أخرجه ابن عدي ٣/ ٤٣٦، وكرره عن ابن عباس ومدارهما على سيف بن عمر، وهو متروك متهم، وبه أعله ابن عدي. والصواب أن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يخبر على من سيخلفه، وإنما هناك أمارات على أنه أبو بكر، والله أعلم.
الخلاصة: هذا خبر باطل لا أصل له، والصحيح في ذلك ما رواه الشيخان من وجوه في شربه عليه السلام العسل عند زينب، وكذا يليه في الصحة خبر مارية المتقدم برقم ٢٢٣٨.
وانظر «فتح القدير» ٢٥٥١ و «الجامع لأحكام القرآن» ٦٠٣٦ بتخريجي والله الموفق.
__________
(١) النساء: ١١.
(٢) ص: ١١.
(٣) المائدة: ٣٨.
(٤) النساء: ١٦.
(٥) المعارج: ١٩.
(٦) غافر: ٦٧.
العذارى.
[سورة التحريم (٦٦) : الآيات ٦ الى ٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٨)
قوله عزّ وجلّ: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وقاية النفس: بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، ووقاية الأهل: بأن يُؤْمَروا بالطاعة، وينهوا عن المعصية. وقال عليّ رضي الله عنه: علّموهم وأدّبوهم، قوله: وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ قد ذكرناه في البقرة «٢» قوله عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ وهم خزنتها غِلاظٌ على أهل النار شِدادٌ عليهم. وقيل: غلاظ القلوب شِدَاد الأبدان.
(١٤٧٦) وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: خَزَنَةُ النَّار تسعةَ عشر، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة، وقُوَّته أن يضرب بالمقمعة، فيدفع بتلك الضربة سبعين ألفاً، فيهوُون في قعر جهنَّم لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ أي: لا يخالفونه فيما يأمر وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ فيه قولان: أحدهما: لا يتجاوزون ما يؤمرون. والثاني: يفعلونه في وقته لا يؤخِّرونه، ولا يقدِّمونه. ويقال لأهل النار: يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ.
قوله عزّ وجلّ: تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قرأ أبو بكر عن عاصم، وخارجة عن نافع «نَصُوحاً» بضم النون. والباقون بفتحها. قال الزجاج: فمن فتح فعلى صفة التوبة، ومعناه: توبةً بالغةً في النّصح،
وكرره الطبري ٣٤٤٢٧ وإسناده صحيح.
باطل، عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس، وأبو صالح واه، وراويته هو الكلبي، وقد أقر أنه روى عن أبي صالح عن ابن عباس تفسيرا ليس له أصل عن ابن عباس.
__________
(١) التوبة: ١١٢.
(٢) البقرة: ٢٣.
من ضم أراد: توبة نُصْحٍ لأنفسكم. وقال عمر بن الخطاب: التوبة النصوح: أن يتوب العبد من الذنب وهو يحدِّث نفسه أنَّه لا يعود. وسئل الحسن البصري عن التوبة النصوح، فقال: ندم بالقلب، واستغفار باللسان، وترك بالجوارح، وإضمار أن لا يعود. وقال ابن مسعود: التوبة النصوح تكفر كل سيئة، ثم قرأ هذه الآية.
قوله عزّ وجلّ: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ قد بيَّنا معنى «الخزي» في آل عمران «١» وبيَّنا معنى قوله عزّ وجلّ: نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ في الحديد «٢» يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وذلك إذا رأى المؤمنون نور المنافقين يُطفأ سألوا الله تعالى أن يتمم لهم نورهم، ويبلِّغهم به الجنة. قال ابن عباس: ليس أحد من المسلمين إِلا يعطى نوراً يوم القيامة. فأما المنافق فيُطفَأ نورُه، والمؤمن مُشْفِق مما رأى من إطفاء نور المنافق، فهم يقولون: رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا.
[سورة التحريم (٦٦) : الآيات ٩ الى ١٢]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (١٢)
قوله عزّ وجلّ: جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ قد شرحناه في براءة «٣».
قوله عزّ وجلّ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ قال المفسرون منهم مقاتل: هذا المثل يتضمّن تخويف عائشة وحفصة أنهما إن أغضبتا ربّهما لم يغن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عنهما شيئاً. قال مقاتل:
اسم امرأة نوح «والهة» وامرأة لوط «واهلة».
قوله عزّ وجلّ: كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ: نوحاً ولوطاً عليهما السلام فَخانَتاهُما.
(١٤٧٧٧) قال ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط، إنما كانت خيانتهما في الدِّين، كانت امرأة نوح تخبر الناس أنه مجنون، وكانت امرأة لوط تدل على الأضياف، فإذا نزل بلوط ضيفٌ بالليل أوقدت النار، وإذا نزل بالنهار دخنت لتعلم قومه أنه قد نزل به ضيف. وقال السّدّيّ: كانت خيانتهما: كفرهما.
__________
(١) آل عمران: ١٩٢.
(٢) الحديد: ١٢. [.....]
(٣) التوبة: ٧٣.
قوله عزّ وجلّ: فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، أي: يدفعا عنهما من عذاب الله شيئاً. وهذه الآية تقطع طمع مَن ركب المعصية ورجا أن ينفعه صلاح غيره. ثم أخبر أن معصية الغير لا تضرّ المطيع بقوله: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ وهي آسية بنت مزاحم. وقال يحيى بن سلام:
ضرب الله المثل الأول يحذّر به عائشة وحفصة رضي الله عنهما. ثم ضرب لهما هذا المثل يرغبهما في التمسك بالطاعة. وكانت آسية قد آمنت بموسى. قال أبو هريرة: ضرب فرعون لامرأته أوتاداً في يديها ورجليها، وكانوا إذا تفرَّقوا عنها أظلتها الملائكة، فقالت: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ فكشف الله لها عن بيتها في الجنة حتى رأته قبل موتها، قوله: وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ فيه قولان: أحدهما:
أن عمله: جِمَاعُهُ. والثاني: أنه دينه رويا عن ابن عباس، قوله: وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ يعني أهل دينه المشركين.
قوله عزّ وجلّ: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها قد ذكرنا فيه قولين في سورة الأنبياء «١» فمن قال: هو فرج ثوبها، قال «الهاء» في قوله تعالى: فَنَفَخْنا فِيهِ ترجع إليه، وذلك أن جبريل مَدَّ جيب درعها، فنفخ فيه، ومن قال: هو مخرج الولد، قال: «الهاء» كناية عن غير مذكور، لأنه إنما نفخ في درعها لا في فرجها.
قوله عزّ وجلّ: وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وفيه قولان: أحدهما: أنه قول جبريل إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ
«٢». والثاني: الكلمات هي التي تضمنَّتها كتب الله المنزلة. وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو مجلز، وعاصم الجحدري «بكلمةِ ربها» على التوحيد وَكُتُبِهِ قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحمزة والكسائي، وأبو بكر عن عاصم «وكتابِهِ» على التوحيد، وقرأ أبو عمرو، وحفص عن عاصم، وخارجة عن نافع «وكُتُبه» جماعة، وهي التي أنزلت على الأنبياء، ومن قرأ «وكتابه» فهو اسم جنس على ما بيَّنَّا في خاتمة البقرة «٣» وقد بيّنّا فيها القنوت مشروحا «٤». ومعنى الآية وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ، ولذلك لم يقل: من القانتات.
(٢) مريم: ١٩.
(٣) البقرة: ٢٨٥.
(٤) البقرة: ١١٦.