تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
المعروف بـمراح لبيد
.
لمؤلفه
نووي الجاوي
.
المتوفي سنة 1316 هـ
ﰡ
العشي أقسم تعالى بالعصر كما أقسم بالضحى، فإن كل عشية تشبه تخريب الدنيا بالموت وكل بكرة تشبه القيامة يخرجون من القبور وتصير الأموات أحياء، وقال الحسن: إنما أقسم الله بهذا الوقت تنبيها على أن الأسواق قد دنا وقت انتهائها، وقرب وقت انتهاء التجارة فيها، أو هو صلاة العصر أقسم الله بها لفضلها.
روي أن امرأة كانت تصيح في سكك المدينة وتقول: دلوني على النبي صلّى الله عليه وسلّم فرآها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألها ماذا حدث فيك قالت: يا رسول الله إن زوجي غاب عني فزنيت فجاءني ولد من الزنا، فألقيت الولد في دن من الخل حتى مات، ثم بعنا ذلك الخل فهل لي من توبة، فقال صلّى الله عليه وسلّم:
«أما الزنا فعليك الرجم، وأما قتل الولد فجزاؤه جهنم، وأما بيع الخل فقد ارتكبت كبيرا، لكن ظننت أنك تركت صلاة العصر»
ففي هذا الحديث إشارة إلى تفخيم أمر هذه الصلاة.
إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) أي لفي غبن في مساعيهم وصرف أعمارهم في مباغيهم أو في نقصان عمله بعد الهرم والموت إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فإنهم في تجارة لن تبور حيث استبدلوا الباقيات الصالحات بالغاديات الرائحات، وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ أي تحاثوا بكل ما حكم الشرع بصحته من علم وعمل وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (٣) أي تحاثوا بالصبر على أداء فرائض الله واجتناب معاصيه وعلى المرازي.
سورة الهمزة
مكية، تسع آيات، أربع وثمانون كلمة، مائة وإحدى وستون حرفا
وَيْلٌ أي شدة عذاب أو واد في جهنم من قيح ودم لِكُلِّ هُمَزَةٍ أي مغتاب للناس من خلفهم لُمَزَةٍ (١) أي طعان في وجوههم نزلت هذه الآية في أخنس بن شريق، فإنه كان يلمز الناس ويغتابهم وخاصة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما قاله عطاء، والكلبي، والسدي، أو في الوليد بن المغيرة كان يغتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم من ورائه، ويطعن عليه في وجهه كما قاله مقاتل وجريج، أو في أبي بن خلف كما قاله عثمان بن عمر أو في أمية بن خلف كما قاله محمد بن إسحاق، أو في جميل بن فلال كما قاله مجاهد الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ (٢) أي أحصاه، وقال الأخفش أي جعله ذخيرة لحوادث الدهر. وقال الضحاك أي أعد ماله لمن يرثه من أولاده، وقيل: أي فاخر بكثرة عدد.
روي أن امرأة كانت تصيح في سكك المدينة وتقول: دلوني على النبي صلّى الله عليه وسلّم فرآها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألها ماذا حدث فيك قالت: يا رسول الله إن زوجي غاب عني فزنيت فجاءني ولد من الزنا، فألقيت الولد في دن من الخل حتى مات، ثم بعنا ذلك الخل فهل لي من توبة، فقال صلّى الله عليه وسلّم:
«أما الزنا فعليك الرجم، وأما قتل الولد فجزاؤه جهنم، وأما بيع الخل فقد ارتكبت كبيرا، لكن ظننت أنك تركت صلاة العصر»
ففي هذا الحديث إشارة إلى تفخيم أمر هذه الصلاة.
إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) أي لفي غبن في مساعيهم وصرف أعمارهم في مباغيهم أو في نقصان عمله بعد الهرم والموت إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فإنهم في تجارة لن تبور حيث استبدلوا الباقيات الصالحات بالغاديات الرائحات، وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ أي تحاثوا بكل ما حكم الشرع بصحته من علم وعمل وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (٣) أي تحاثوا بالصبر على أداء فرائض الله واجتناب معاصيه وعلى المرازي.
سورة الهمزة
مكية، تسع آيات، أربع وثمانون كلمة، مائة وإحدى وستون حرفا
وَيْلٌ أي شدة عذاب أو واد في جهنم من قيح ودم لِكُلِّ هُمَزَةٍ أي مغتاب للناس من خلفهم لُمَزَةٍ (١) أي طعان في وجوههم نزلت هذه الآية في أخنس بن شريق، فإنه كان يلمز الناس ويغتابهم وخاصة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما قاله عطاء، والكلبي، والسدي، أو في الوليد بن المغيرة كان يغتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم من ورائه، ويطعن عليه في وجهه كما قاله مقاتل وجريج، أو في أبي بن خلف كما قاله عثمان بن عمر أو في أمية بن خلف كما قاله محمد بن إسحاق، أو في جميل بن فلال كما قاله مجاهد الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ (٢) أي أحصاه، وقال الأخفش أي جعله ذخيرة لحوادث الدهر. وقال الضحاك أي أعد ماله لمن يرثه من أولاده، وقيل: أي فاخر بكثرة عدد.
661
وقرأ حمزة، والكسائي، وابن عامر جمع بتشديد الميم على التكثير، وقرأ الحسن، والكلبي و «عدده» بتخفيف الدال وهو معطوف على مالا أي وجمع المال، وعدد ذلك المال، أو وجمع عدد نفسه من أقاربه وعشيرته الذين ينصرونه، وقيل: هو فعل ماض بفك الإدغام يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) أي يظن الكافر أن ماله جعله خالدا في الدنيا لا يموت لطول أمله ولفرط غفلته، ويعتقد أنه إن نقص ماله يموت لبخله.
قال الحسن: ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه كالموت، وقيل يظن أن المال يخلد صاحبه في الدنيا بالذكر الجميل وفي الآخرة في النعيم المقيم، وهذا تعريض بالعمل الصالح. كَلَّا أي ليس الأمر كما يظن أن المال يخلده، بل العلم، والصلاح وعلى هذا يجوز الوقف هنا أو بمعنى حقا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤) أي والله ليطرحن في النار التي تحطم كل من وقع فيها أي تكسره.
وقرئ «لينبذان» بالمثنى أي هو وماله، وقرئ «لينبذن» بضم الذال أي هو وأنصاره وذلك لأن شأنه كسر أعراض الناس فإن الجزاء من جنس العمل، وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) التي هي جزاء الهمزة اللمزة نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) أي التي لا تخمد أبدا بقدرته تعالى الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) أي التي تعلو وسائط القلوب، فإنها محل العقائد الزائغة ومنشأ الأعمال السيئة إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) أي مطبقة أو مغلقة فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩) أي حال كونهم موثقين في عمد ممددة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص اللهم أجرنا منها يا أكرم الأكرمين، والعمود كل مستطيل من خشب، أو حديد.
وقرأ حمزة، والكسائي، وشعبة «عمد» بضمتين جمع عمود أو عماد. وروي عن أبي عمر والضم والسكون، وقرأ الباقون بفتحتين وهو على القراءتين جمع كثرة لعمود.
قال الحسن: ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه كالموت، وقيل يظن أن المال يخلد صاحبه في الدنيا بالذكر الجميل وفي الآخرة في النعيم المقيم، وهذا تعريض بالعمل الصالح. كَلَّا أي ليس الأمر كما يظن أن المال يخلده، بل العلم، والصلاح وعلى هذا يجوز الوقف هنا أو بمعنى حقا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤) أي والله ليطرحن في النار التي تحطم كل من وقع فيها أي تكسره.
وقرئ «لينبذان» بالمثنى أي هو وماله، وقرئ «لينبذن» بضم الذال أي هو وأنصاره وذلك لأن شأنه كسر أعراض الناس فإن الجزاء من جنس العمل، وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) التي هي جزاء الهمزة اللمزة نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) أي التي لا تخمد أبدا بقدرته تعالى الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) أي التي تعلو وسائط القلوب، فإنها محل العقائد الزائغة ومنشأ الأعمال السيئة إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) أي مطبقة أو مغلقة فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩) أي حال كونهم موثقين في عمد ممددة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص اللهم أجرنا منها يا أكرم الأكرمين، والعمود كل مستطيل من خشب، أو حديد.
وقرأ حمزة، والكسائي، وشعبة «عمد» بضمتين جمع عمود أو عماد. وروي عن أبي عمر والضم والسكون، وقرأ الباقون بفتحتين وهو على القراءتين جمع كثرة لعمود.
662