ﰡ
﴿يا أيها النبى لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ﴾ روى أن رسول الله ﷺ خلا بمارية في عائشة رضي الله عنها وعلمت بذلك حفصة فقال لها اكتمي عليّ وقد حرمت مارية على نفسي وأبشرك أن أبا بكر وعمر يملكان بعدي أمر أمتي فأخبرت به عائشة وكانتا متصادقتين وقيل خلا بها في يوم حفصة فأرضاها بذلك واستكتمها فلم تكتم فطلقها واعتزل نساءه ومكث تسعاً وعشرين ليلة في بيت مارية فنزل جبريل عليه السلام وقال راجعها فانها صوامة وإنها لمن نسائك في الجنة وروى أنه
شرب عسلاً في بيت زينب بنت جحش فتواطأت عائشة وحفصة وقالنا له إنا نشم منك ريح المغافير وكان يكره رسول الله ﷺ النقل فحرم العسل فمعناه تحرم ما أحل الله لك من ملك اليمين
﴿قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أيمانكم﴾ قد قدر الله لكم ما تحللون به أيمانكم وهي الكفارة أو قد شرع لكم تحليلها بالكفارة أو شرع الله لكم الاستثناء في أيمانكم من قولك حلل فلان في يمينه إذا استثنى فيها وذلك أن يقول إن شاء الله عقيبها حتى لا يحنث وتحريم الحلال يمين عندنا وعن مقاتل أن رسول الله ﷺ أعتق رقبة في تحريم مارية وعن الحسن أنه لم يكفر لأنه كان مغفوراً له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وإنما هو تعليم للمؤمنين ﴿والله مولاكم﴾ سيدكم ومتولي أموركم وقيل مولاكم أولى بكم من أنفسكم فكانت نصيحته أنفع لم من نصائحكم أنفسكم ﴿وَهُوَ العليم﴾ بما يصلحكم فيشرعه لكم ﴿الحكيم﴾ فيما أحل وحرم
﴿وَإِذَ أَسَرَّ النبى إلى بَعْضِ أزواجه﴾ يعني حفصة ﴿حَدِيثاً﴾ حديث مارية وإمامة الشيخين ﴿فَلَمَّا نبأت به﴾ أفشته إلى عائشة رضي
﴿إِن تَتُوبَا إِلَى الله﴾ خطاب لحفصة وعائشة على طريقة الالتفات ليكون أبلغ ي معاتبتهما وجواب الشرط محذوف والتقدير إن تتوبا إلى الله فهو الواجب ودل على المحذوف ﴿فَقَدْ صَغَتْ﴾ مالت ﴿قُلُوبُكُمَا﴾ عن الواجب في مخالصة رسول الله ﷺ من حب ما يحبه وكراهة ما يكرهه ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾ بالتخفيف كوفي وإن تعاونا عليه بما يسوءه من الإفراط في الغيرة وإفشاء سره ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مولاه﴾ وليه وناصره وزيادة إيذان بأنه يتولى ذلك بذاته ﴿وَجِبْرِيلُ﴾ أيضاً وليه ﴿وصالح الْمُؤْمِنِينَ﴾
ومن صلح من المؤمنين أي كل من آمن وعمل صالحا وقيل من برئ من النفاق وقيل الصحابة وقبل واحد أريد به الجمع كقولك لا يفعل هذا الصالح من الناس تريد الجنس وقيل اصله صالحوا المؤمنين فحذفت الواو من الخط موافقة للفظ ﴿والملائكة﴾ على تكاثر عددهم ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾ بعد نصرة الله وجبريل وصالحي المؤمنين ﴿ظَهِيرٍ﴾ فوج مظاهر له فما يبلغ بعد ذلك تعظيماً لنصرتهم ومظاهرتهم
﴿عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ﴾ يُبْدِلَهُ مني وأبو عمرو فالتشديد للكثرة ﴿أزواجا خَيْراً مّنكُنَّ﴾ فان قلت كيف تكون المبدلات خيرا منها ولم يكن على وجه الأرض نساء خير من أمهات المؤمنين قلت إذا طلقهن رسول الله ﷺ لإيذائهن إياه لم يبقين على تلك الصفة وكان غيرهم من الموصوفات بهذه الأوصاف ﴿خيرا منكن مسلمات مؤمنات﴾ مقرات مخلصات
﴿يا أيها الذين آمنوا قُواْ أَنفُسَكُمْ﴾ بترك المعاصي وفعل الطاعات ﴿وَأَهْلِيكُمْ﴾ بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم ﴿نَاراً وَقُودُهَا الناس والحجارة﴾ نوعاً من النار لا تتقد إلا بالناس والحجارة كما يتقد غيرها من النيران بالحطب ﴿عليها﴾ بلى أمرها وتعذيب أهلها ﴿ملائكة﴾ يعني الزبانية التسعة عشر وأعوانهم ﴿غِلاَظٌ شِدَادٌ﴾ في أجرامهم غلظة وشدة أو غلاظ الأقوال شداد الأفعال ﴿لاَّ يَعْصُونَ الله﴾ في موضع الرفع على النعت ﴿مَا أَمَرَهُمْ﴾ في محل النصب على البدل أي لا يعصون ما أمر الله أي أمره كقوله أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى أولا يعصونه فيما أمرهم ﴿وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ وليست الجملتان في معنى واحد إذ معنى الأولى أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ومعنى الثانية أنهم يؤدون ما يؤمرون به ولا يتثاقلون عليه ولا يتوانون فيه
﴿يا أيها الذين كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ اليوم إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ في الدنيا أي يقال لهم ذلك عند دخولهم النار لا تعتذروا لأنه لا عذر لكم أو لأنه لا ينفعكم الاعتذار
﴿يا أيها الذين آمنوا تُوبُواْ إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحاً﴾
صادقة عن الاخفش رحمه الله وقيل خاصلة يقال عسل ناصح إذا خلص من الشمع وقيل نصوحاً من نصاحة الثوب أي توبة ترفوا خروقك في دينك وترم
﴿يا أيها النبى جاهد الكفار﴾ بالسيف ﴿والمنافقين﴾ بالقول الغليظ والوعد البليغ وقيل باقامة الحدود عليها ﴿واغلظ عليهم﴾ على الفريقين فيما نجاهدهما به من القتال والمحاجة باللسان ﴿وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وبئس المصير﴾
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ
﴿ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صالحين فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ الله شَيْئاً وَقِيلَ ادخلا النار مَعَ الداخلين﴾ مثل الله عز وجل حال الكفار في أنهم يعاقبون على كفرهم وعداوتهم للمؤمنين بلا محاباة ولا بنفعهم مع عداوتهم لهم ما كان بينهم وبين من النسب والمصاهرة وإن كان المؤمن الذي يتصل به الكافر نبياً بحال امرأة نوح وامرأة لوط لما نافقتا وخانتا الرسولين بإفشاء أسرارهما فلم يغن الرسولان عنهما أي عن المرأتين بحق ما بينهما من الزواج اغناء ما من عذاب الله وقيل لهما عند موتهما أو يوم القيامة ادخلا النار مع سائر الداخلين الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء أو مع داخليها من إخوانكما من قوم نوح وقوم لوط
﴿وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون﴾
هي آسية بنت مزاحم آمنت بموسى فعذبها فرعون بالأوتاد الأربعة ﴿إِذْ قَالَتِ﴾ وهي تعذب ﴿رَبّ ابن لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الجنة﴾ فكأنها أرادت الدرجة العالية لأنه تعالى منزه عن المكان فعبرت عنها بقولها عندك ﴿وَنَجّنِى من فرعون وعمله﴾ أي منعمل فرعون أو من نفس فرعو الخبيثة وخصوصاً من عمله وهو الكفر والظلم والتعذيب بغير جزم ﴿وَنَجّنِى مِنَ القوم الظالمين﴾ من القبط كلهم وفيه دليل على أن الاستعاذة بالله والالتجاء اليه ومسئلة الخلاص عند المحن والنوازل من سير الصالحين
﴿وَمَرْيَمَ ابنة عِمْرَانَ التى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ من الرجال ﴿فَنَفَخْنَا﴾ فنفخ جبريل بأمرنا ﴿فِيهِ﴾ في الفرج ﴿مِن رُّوحِنَا﴾ المخلوقة لنا {وَصَدَّقَتْ بكلمات
بسم الله الرحمن الرحيم