ﰡ
قوله: ﴿ إِن طَلَّقَكُنَّ ﴾ أي جميعاً، فلا ينافي أنه وقع منه طلاق لحفصة طلقة واحدة وأمر بمراجعتها، فطلاقه لها كالعدم، فالتعليق إنما هو على تطليق الجميع، مع عدم المراجعة والتبديل للكل، لكونه مرتباً على تطليق الكل. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتات سبعيتان. قوله: ﴿ خَيْراً مِّنكُنَّ ﴾ أي بأن يطردكن ويأتي له بنساء أخر خيراً منكن، إذ قدرة الله صالحة لرفع اقوام ووضع آخرين، فلا يقال كيف تكون المبدلات خيراً منهن، مع أنه لم يكن على وجه الأرض نساء خير منهن، لأننا نقول قدرة الله صالحة لذلك إن حصل المعلق عليه وهو لم يحصل. قوله: (خبر عسى) أي جملة ﴿ أَن يُبْدِلَهُ ﴾.
قوله: (والجملة جواب الشرط) أي جملة عسى واسمها وخبرها. إن قلت: إن هذه الجملة فعلها جامد، والجملة إذا كانت كذلك، ووقعت جواب شرط، وجب اقترانها بالفاء، فالمناسب أن تجعل دليل جواب محذوف. قوله: (ولم يقع التبديل) جواب عما يقال: إن الترجي في كلام الله للتحقيق مع أنه لم يحصل هنا، فأجاب: بأنه معلق على شرط وهو التطليق للكل ولم يطلقهن، وأجيب: بأن ﴿ عَسَىٰ ﴾ هنا للتخويف. قوله: ﴿ تَائِبَاتٍ ﴾ أي راجعات عن الزلات والهفوات. قوله: ﴿ عَابِدَاتٍ ﴾ أي خاضعات متذللات. قوله: (صائمات) هذا قول ابن عباس، وسمى الصائم سائحاً، لأن السائح لا زاد معه، فلا يزال ممسكاً إلى أن يجد ما يطعمه، فكذلك الصائم يمسك إلى أن يجيء وقت إفطاره. قوله: (أو مهاجرات) هذا قول الحسن. قوله: ﴿ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً ﴾ أي بعضهن كذا، وبعضهن كذا، ودخلت الواو بين الوصفين لتغايرهما دون سائر الصفات، والثيب من ثاب يثوب أي رجع، سميت بذلك لأنها راجعة إلى زوجها إن قام معها، أو إلى غيره إن فارقها، أو لأنها رجعت إلى بيت أبويها، والأبكار جمع بكر وهي العذراء، وسميت بكراً لأنها على أول حالتها التي خلقت بها، فمدح الثيبات من حيث إنها أكثر تجربة وعقلاً واسرع حبلاً، والبكر من حيث إنها اطهو وأطيب وأكثر مداعبة.
قول: ﴿ وَ ﴾ (يكون) ﴿ بِأَيْمَانِهِمْ ﴾ قدره دفعاً لما يتوهم من تسليط يسعى على الأيمان أنه وإن كان في جهتها إلا أنه بعيد عنها، فأفاد أنه كما يكون في جهة الأيمان يكون قريباً منها، وتقدم ذلك في سورة الحديد. قوله: (والمنافقون يطفأ نورهم) عطب سبب، أي أن سبب قول المؤمنين ما ذكر، أنهم يرون المنافقين يتقد لهم نور في نظير إقرارهم بكلمة التوحيد، فإذا مشوا طفئ، فيمشون في ظلمة فيقعون في النار، فإذا رأى المؤمنون هذه الحالة، سألوا الله دوامه حتى يوصلهم إلى الجنة، والجنة لا ظلام فيها. إن قلت: كيف يخافون من طفء نورهم مع أنهم آمنون، لا يحزنهم الفزع الأكبر؟ أجيب: بأن دعاءهم ليس من خوف ذلك، بل تلذذاً وطلباً لما هو حاصل لهم من الرحمة. قوله: ﴿ وَٱلْمُنَافِقِينَ ﴾ (باللسان والحجة) إنما خصهم بذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يؤمر بقتالهم بالسيف لأنهم مسلمون ظاهراً، والإسلام بقي من قتال السيف، وإنما أمر بفضيحتهم وإخراجهم من مجلسه كما تقدم ذلك. قوله: ﴿ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ أي شدد عليهم في الخطاب، ولا تعاملهم باللين. قوله: (بالانتهار) أي الزجر، وقوله: (والمقت) أي البغض والطرد.
قوله: (حيث نفخ) الخ، بين به أن الإسناد في نفخنا، من حيث إنه الخالق والموجد، والإسناد لجبريل من حيث المباشرة. قوله: (بخلق الله) بيان لحقيقة الإسناد. قوله: (فعله) أي فعل جبريل وهو النفخ، قوله: (الواصل إلى فرجها) أي بواسطة كونه في جيب القميص قوله: (فحملت بعيسى) أي عقب النفخ، فالنفخ والحمل والوضع في ساعة واحدة، كما تقدم في سورة مريم. قوله: ﴿ وَكُتُبِهِ ﴾ (المنزلة) أي في زمانها، كالتوراة والإنجيل وصحف إبراهيم. قوله: ﴿ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ ﴾ أي معدودة منهم، فيه إشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكاملين. قوله: (أي من القوم المطيعين) أي وهم رهطها وعشيرتها، لأنها من أهل بيت صالحين، من أعقاب هارون أخي موسى عليهما السلام.