تفسير سورة الزلزلة

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة الزلزلة من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه تعيلب . المتوفي سنة 2004 هـ
( ٩٩ ) سورة الزلزلة مدنية، وآياتها ثمان.
كلماتها : ٣٥ ؛ وحروفها : ١٤٩

﴿ زلزلت ﴾ تحركت من أسفلها وأصلها، تحريكا عنيفا متكررا.
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ إذا زلزلت الأرض زلزالها ( ١ ) وأخرجت الأرض أثقالها ( ٢ ) وقال الإنسان مالها ( ٣ ) يومئذ تحدث أخبارها ( ٤ ) بأن ربك أوحى لها ( ٥ ) يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ( ٦ ) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( ٨ ) ﴾.
تبين الآيات الكريمة بعضا من أحوال وأهوال الآخرة، ومتى يحين وقت هذه الكرب، ليذكر من يخشى، وتقوم الحجة على من كذب بالحسنى ؛ ويقارب هذا ما أنذر به العلي الأعلى :﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ﴾١ فإذا حركت الأرض من أصلها وأسفلها تحريكا عنيفا متداركا متكررا، ورجت فتشققت عما فيها وقذفت به من أموال وكنوز، عندئذ يعجب الرائي ويستنكر قائلا : ماذا دهاها فهي مضطربة تطوح بما حملته وبمن استودعته ؟ !
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة مرفوعا :" تلقى الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول : في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول : في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول : في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا " ؛ وجائز أن تكون الزلزلة عند النفخة الأولى تقذف بالكنوز والدفائن، وعند النفخة الثانية ترجف فتخرج الموتى أحياء، وتخرج الذهب والفضة لتكوى بها – بعد أن يحمى عليها في نار جهنم- جباه وجنوب وظهور الذين كانوا اكتنزوها في حياتهم الدنيا، وبخلوا وشحوا ولم يؤدوا حقها.
﴿ وقال الإنسان ﴾ أي كل فرد من أفراد الإنسان، لما يبهرهم من الطامة التامة، ويدهمهم من الداهية العامة... وذهب غير واحد إلى أن المراد بالإنسان الكافر غير المؤمن بالعبث ؛ والأظهر هو الأول، على أن المؤمن يقول ذلك بطريق الاستعظام، والكافر بطريق التعجب. ونقل : الكافر ؛ لأنه لا يؤمن بالبعث يقول :﴿.. من بعثنا من مرقدنا.. ﴾٢ وأما المؤمن فيقول :﴿.. هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ﴾٢.
﴿ يومئذ ﴾ منصوب بقوله سبحانه ﴿ إذا زلزلت ﴾ ؛ ﴿ تحدث أخبارها ﴾ تنبئ الأرض وتبث وتنشر أنباءها ؛ في الترمذي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ يومئذ تحدث أخبارها ﴾ قال :" أتدرون ما أخبارها ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ؛ قال :" فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول عمل يوم كذا كذا وكذا ". قال :" فهذه أخبارها ". قال : هذا حديث حسن صحيح. وليس إقدارها على النطق بمستكثر على الله القوي المجيد الفعال لما يريد، فقد شهد الكتاب الحق أن الأيدي والأرجل تشهد على أصحابها يوم البعث، وتتكلم جوارح وأعضاء لم يكن العهد بها أن تتكلم :﴿ اليوم نختم على أفواههم وتكملنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ﴾٣، ﴿ وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ﴾٤، ﴿ بأن ربك أوحى لها ﴾ بسبب أن ربك جاء أمره إليها أن تنبئ وتخبر فأخبرت استجابة لأمر العلي الأعلى، وطاعة له.
﴿ أثقالها ﴾ أمواتها، أو كنوزها.
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ إذا زلزلت الأرض زلزالها ( ١ ) وأخرجت الأرض أثقالها ( ٢ ) وقال الإنسان مالها ( ٣ ) يومئذ تحدث أخبارها ( ٤ ) بأن ربك أوحى لها ( ٥ ) يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ( ٦ ) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( ٨ ) ﴾.
تبين الآيات الكريمة بعضا من أحوال وأهوال الآخرة، ومتى يحين وقت هذه الكرب، ليذكر من يخشى، وتقوم الحجة على من كذب بالحسنى ؛ ويقارب هذا ما أنذر به العلي الأعلى :﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ﴾١ فإذا حركت الأرض من أصلها وأسفلها تحريكا عنيفا متداركا متكررا، ورجت فتشققت عما فيها وقذفت به من أموال وكنوز، عندئذ يعجب الرائي ويستنكر قائلا : ماذا دهاها فهي مضطربة تطوح بما حملته وبمن استودعته ؟ !
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة مرفوعا :" تلقى الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول : في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول : في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول : في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا " ؛ وجائز أن تكون الزلزلة عند النفخة الأولى تقذف بالكنوز والدفائن، وعند النفخة الثانية ترجف فتخرج الموتى أحياء، وتخرج الذهب والفضة لتكوى بها – بعد أن يحمى عليها في نار جهنم- جباه وجنوب وظهور الذين كانوا اكتنزوها في حياتهم الدنيا، وبخلوا وشحوا ولم يؤدوا حقها.
﴿ وقال الإنسان ﴾ أي كل فرد من أفراد الإنسان، لما يبهرهم من الطامة التامة، ويدهمهم من الداهية العامة... وذهب غير واحد إلى أن المراد بالإنسان الكافر غير المؤمن بالعبث ؛ والأظهر هو الأول، على أن المؤمن يقول ذلك بطريق الاستعظام، والكافر بطريق التعجب. ونقل : الكافر ؛ لأنه لا يؤمن بالبعث يقول :﴿.. من بعثنا من مرقدنا.. ﴾٢ وأما المؤمن فيقول :﴿.. هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ﴾٢.
﴿ يومئذ ﴾ منصوب بقوله سبحانه ﴿ إذا زلزلت ﴾ ؛ ﴿ تحدث أخبارها ﴾ تنبئ الأرض وتبث وتنشر أنباءها ؛ في الترمذي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ يومئذ تحدث أخبارها ﴾ قال :" أتدرون ما أخبارها ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ؛ قال :" فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول عمل يوم كذا كذا وكذا ". قال :" فهذه أخبارها ". قال : هذا حديث حسن صحيح. وليس إقدارها على النطق بمستكثر على الله القوي المجيد الفعال لما يريد، فقد شهد الكتاب الحق أن الأيدي والأرجل تشهد على أصحابها يوم البعث، وتتكلم جوارح وأعضاء لم يكن العهد بها أن تتكلم :﴿ اليوم نختم على أفواههم وتكملنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ﴾٣، ﴿ وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ﴾٤، ﴿ بأن ربك أوحى لها ﴾ بسبب أن ربك جاء أمره إليها أن تنبئ وتخبر فأخبرت استجابة لأمر العلي الأعلى، وطاعة له.
﴿ مالها ﴾ ماذا دهاها ؟ استنكارا !
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ إذا زلزلت الأرض زلزالها ( ١ ) وأخرجت الأرض أثقالها ( ٢ ) وقال الإنسان مالها ( ٣ ) يومئذ تحدث أخبارها ( ٤ ) بأن ربك أوحى لها ( ٥ ) يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ( ٦ ) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( ٨ ) ﴾.
تبين الآيات الكريمة بعضا من أحوال وأهوال الآخرة، ومتى يحين وقت هذه الكرب، ليذكر من يخشى، وتقوم الحجة على من كذب بالحسنى ؛ ويقارب هذا ما أنذر به العلي الأعلى :﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ﴾١ فإذا حركت الأرض من أصلها وأسفلها تحريكا عنيفا متداركا متكررا، ورجت فتشققت عما فيها وقذفت به من أموال وكنوز، عندئذ يعجب الرائي ويستنكر قائلا : ماذا دهاها فهي مضطربة تطوح بما حملته وبمن استودعته ؟ !
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة مرفوعا :" تلقى الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول : في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول : في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول : في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا " ؛ وجائز أن تكون الزلزلة عند النفخة الأولى تقذف بالكنوز والدفائن، وعند النفخة الثانية ترجف فتخرج الموتى أحياء، وتخرج الذهب والفضة لتكوى بها – بعد أن يحمى عليها في نار جهنم- جباه وجنوب وظهور الذين كانوا اكتنزوها في حياتهم الدنيا، وبخلوا وشحوا ولم يؤدوا حقها.
﴿ وقال الإنسان ﴾ أي كل فرد من أفراد الإنسان، لما يبهرهم من الطامة التامة، ويدهمهم من الداهية العامة... وذهب غير واحد إلى أن المراد بالإنسان الكافر غير المؤمن بالعبث ؛ والأظهر هو الأول، على أن المؤمن يقول ذلك بطريق الاستعظام، والكافر بطريق التعجب. ونقل : الكافر ؛ لأنه لا يؤمن بالبعث يقول :﴿.. من بعثنا من مرقدنا.. ﴾٢ وأما المؤمن فيقول :﴿.. هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ﴾٢.
﴿ يومئذ ﴾ منصوب بقوله سبحانه ﴿ إذا زلزلت ﴾ ؛ ﴿ تحدث أخبارها ﴾ تنبئ الأرض وتبث وتنشر أنباءها ؛ في الترمذي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ يومئذ تحدث أخبارها ﴾ قال :" أتدرون ما أخبارها ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ؛ قال :" فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول عمل يوم كذا كذا وكذا ". قال :" فهذه أخبارها ". قال : هذا حديث حسن صحيح. وليس إقدارها على النطق بمستكثر على الله القوي المجيد الفعال لما يريد، فقد شهد الكتاب الحق أن الأيدي والأرجل تشهد على أصحابها يوم البعث، وتتكلم جوارح وأعضاء لم يكن العهد بها أن تتكلم :﴿ اليوم نختم على أفواههم وتكملنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ﴾٣، ﴿ وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ﴾٤، ﴿ بأن ربك أوحى لها ﴾ بسبب أن ربك جاء أمره إليها أن تنبئ وتخبر فأخبرت استجابة لأمر العلي الأعلى، وطاعة له.
﴿ أوحى لها ﴾ أمرها.
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ إذا زلزلت الأرض زلزالها ( ١ ) وأخرجت الأرض أثقالها ( ٢ ) وقال الإنسان مالها ( ٣ ) يومئذ تحدث أخبارها ( ٤ ) بأن ربك أوحى لها ( ٥ ) يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ( ٦ ) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( ٨ ) ﴾.
تبين الآيات الكريمة بعضا من أحوال وأهوال الآخرة، ومتى يحين وقت هذه الكرب، ليذكر من يخشى، وتقوم الحجة على من كذب بالحسنى ؛ ويقارب هذا ما أنذر به العلي الأعلى :﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ﴾١ فإذا حركت الأرض من أصلها وأسفلها تحريكا عنيفا متداركا متكررا، ورجت فتشققت عما فيها وقذفت به من أموال وكنوز، عندئذ يعجب الرائي ويستنكر قائلا : ماذا دهاها فهي مضطربة تطوح بما حملته وبمن استودعته ؟ !
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة مرفوعا :" تلقى الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول : في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول : في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول : في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا " ؛ وجائز أن تكون الزلزلة عند النفخة الأولى تقذف بالكنوز والدفائن، وعند النفخة الثانية ترجف فتخرج الموتى أحياء، وتخرج الذهب والفضة لتكوى بها – بعد أن يحمى عليها في نار جهنم- جباه وجنوب وظهور الذين كانوا اكتنزوها في حياتهم الدنيا، وبخلوا وشحوا ولم يؤدوا حقها.
﴿ وقال الإنسان ﴾ أي كل فرد من أفراد الإنسان، لما يبهرهم من الطامة التامة، ويدهمهم من الداهية العامة... وذهب غير واحد إلى أن المراد بالإنسان الكافر غير المؤمن بالعبث ؛ والأظهر هو الأول، على أن المؤمن يقول ذلك بطريق الاستعظام، والكافر بطريق التعجب. ونقل : الكافر ؛ لأنه لا يؤمن بالبعث يقول :﴿.. من بعثنا من مرقدنا.. ﴾٢ وأما المؤمن فيقول :﴿.. هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ﴾٢.
﴿ يومئذ ﴾ منصوب بقوله سبحانه ﴿ إذا زلزلت ﴾ ؛ ﴿ تحدث أخبارها ﴾ تنبئ الأرض وتبث وتنشر أنباءها ؛ في الترمذي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ يومئذ تحدث أخبارها ﴾ قال :" أتدرون ما أخبارها ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ؛ قال :" فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول عمل يوم كذا كذا وكذا ". قال :" فهذه أخبارها ". قال : هذا حديث حسن صحيح. وليس إقدارها على النطق بمستكثر على الله القوي المجيد الفعال لما يريد، فقد شهد الكتاب الحق أن الأيدي والأرجل تشهد على أصحابها يوم البعث، وتتكلم جوارح وأعضاء لم يكن العهد بها أن تتكلم :﴿ اليوم نختم على أفواههم وتكملنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ﴾٣، ﴿ وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ﴾٤، ﴿ بأن ربك أوحى لها ﴾ بسبب أن ربك جاء أمره إليها أن تنبئ وتخبر فأخبرت استجابة لأمر العلي الأعلى، وطاعة له.
﴿ أشتاتا ﴾ أنواعا وأصنافا، وفرقا.
﴿ يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم( ٦ ) ﴾ يوم إذ يكون ذلك ينصرف الناس من القبور إلى العرض والحساب والجزاء، ويتجهون فرقا وأصنافا وطوائف متفرقين بحسب طبقاتهم، بيض الوجوه آمنين، وسود الوجوه فزعين، وراكبين، وماشين، ومقيدين بالسلاسل، وغير مقيدين١.
١ - ما بين العارضتين من روح المعاني..
﴿ ذرة ﴾ أصغر النمل، وما لا وزن له يعتد الناس به، وما يرى في شعاع الشمس من الهباء.
﴿ يره ﴾ يبصر جزاءه.
﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره( ٧ ) ﴾ كالتفصيل لما أجمل في قوله تبارك اسمه :﴿ ليروا أعمالهم ﴾ فمن كان يعمل في الدنيا صالحا وطاعة وبرا يجد جزاءه حاضرا مهما كان عمله يسيرا، وإن كان وزن هباءة مما نراه في ضوء الشمس يدخل من كوة ؛ وربنا يقضي بالحق :﴿ إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ﴾١.
روى البخاري بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الخيل لثلاثة : لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال طيلها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن تسقى به كان ذلك حسنات له، وهي لذلك الرجل أجر، ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر، ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء، فهي على ذلك وزر "، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر فقال : " ما أنزل الله فيها شيئا إلا هذه الآية الفاذة الجامعة ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره( ٨ ) ﴾ رواه مسلم. وقال محمد بن كعب القرظي : فمن يعمل مثقال ذرة من خير من كافر٢ ير ثوابه في الدنيا، في نفسه وماله وأهله وولده، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير ؛ ومن يعمل مثقال ذرة من شر من مؤمن، ير عقوبته في الدنيا، في نفسه وماله وولده وأهله، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر٣.
نقل عن مقاتل وسعيد بن جبير ما حاصله : نزلت هذه الآية في رجلين، وذلك أنه لما نزل :﴿ ويطعمون الطعام على حبه ﴾٤ كان أحدهما يأتيه السائل فيسأم أو يستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة٥، ويقول : ما هذا بشيء ! وإنما نؤجر على ما نعطي ؛ وكان الآخر يتهاون بالذنب الصغير كالكذبة والغيبة والنظرة، ويقول : إنما أوعد الله النار على الكبائر ؛ فنزلت ترغبهم في القليل من الخير أن يعطوه٦ ؛ فإنه يوشك أن يكثر ؛ ويحذرهم اليسير من الذنب فإنه يوشك أن يعظم. اه.
فتبارك ربنا الشكور، يتقبل بفضله العمل القليل، ويعطينا عليه الأجر الجزيل، والثواب الجميل.
في صحيح البخاري عن عدي مرفوعا : " اتقوا النار ولو بشق تمرة٧ ولو بكلمة طيبة "، وله أيضا في الصحيح : " لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط "، وفي الصحيح أيضا : " يا معشر نساء المؤمنات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرش شاة "، يعني : ظلفها ؛ وكما وعد على الخير ولو كان يسيرا، توعد على الشر وإن كان حقيرا٨.
قال الشيخ أبو مدين في قوله تعالى :﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ﴾ قال : في الحال قبل المآل. اه.
[ فالمناسب أن يرجع كل فقرة إلى فرقة ليطابق المفصل المجمل ؛ ولأن ظاهر قوله سبحانه ﴿ فمن يعمل ﴾ ﴿ ومن يعمل ﴾ بتكرير أداة الشرط يقتضي التغاير بين العاملين ؛ وقال آخرون : بالعموم، إلا أن منهم من قال : في الكلام قيد مقدر، وترك لظهوره والعلم به من آيات أخر، فالتقدير : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره إن لم يحبط، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره إن لم يكفر عنه ]٩.
هذا وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق- سمى خاتمة سورة الزلزلة : الآية الفذة الجامعة، كما وردت أحاديث في فضلها١٠ ؛ فالله نسأل أن ينفعنا بالقرآن العظيم.
١ - سورة النساء. الآية ٤٠..
٢ - مما يقول صاحب تفسير غرائب القرآن: قال جار الله: إن حسنات الكافر محبطة بالكفر، وسيئات المؤمن مكفرة باجتناب الكبائر، فما معنى الجزاء لمثاقيل من الخير والشر؟.. والأولى في جوابه ما روى عن ابن عباس: ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيرا أو شرا إلا أراه الله تعالى إياه، فأما المؤمن فيغفر له سيئاته ويثاب بحسناته وأما الكافر فترد حسناته ويعذب بسيئاته؛.. فإن قيل: إن كان الأمر إلى هذا الحد فأين الكرم؟ قلت: هذا هو الكرم، لأن المعصية وإن قلت ففيها استخفاف والكريم لا يحتمله، والطاعة تعظيم وإن قلت فالكريم لا يضيعه؛ قال أهل العرفان: كأنه تعالى يقول: ابن آدم إنك مع ضعفك وعجزك لم تضيع ذرة من مخلوقاتي، بل نظرت فيها، واعتبرت بها، واستدللت بوجودها على وجود الصانع، فأنا مع كمال قدرتي وكرمي كيف أضيع ذرتك! والله الكريم. اهـ..
٣ - ما بين العارضتين من الجامع لأحكام القرآن؛ ثم أضاف: دليله ما رواه العلماء الأثبات من حديث أنس أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يأكل، فأمسك وقال: يا رسول الله، وإنا لنرى ما عملنا من خير وشر؟ قال: (ما رأيت مما تكره فهو مثاقيل ذر الشر ويدخر لكم مثاقيل ذر الخير حتى تعطوه يوم القيامة) قال أبو إدريس: إن مصداقه في كتاب الله: ﴿وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير﴾ سورة الشورى الآية. ٣..
٤ - سورة الإنسان من الآية ٨..
٥ واحدة الجوز الذي يؤكل..
٦ - في حديث نسب إلى البخاري: (ردوا السائل ولو بظلف محرق) أي حافر؛ وروى أحمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا عائشة استترى من النار ولو بشق ثمرة فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان)..
٧ - في الموطأ أن مسكينا استطعم عائشة أم المؤمنين وبين يديها عنب؛ فقالت لإنسان: خد حبة فأعطه إياها؛ فجعل ينظر إليها ويعجب، فقالت: أتعجب! كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة، وروى عن سعد ابن أبي وقاص أنه تصدق بتمرتين، فقبض السائل يده، فقال للسائل: يقبل الله منا مثاقيل الذر، وفي التمرتين مثاقيل ذر كثيرة؛ وروى المطلب بن حنطب أن أعرابيا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها فقال: يا رسول الله أمثقال ذرة؟! قال: (نعم) فقال الأعرابي: واسوأتاه ! مرارا؛ ثم قام وهو يقولها؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد دخل قلب الأعرابي الإيمان)؛ وروي عن زيد بن أسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني مما علمك الله؛ فدفعه إلى رجل يعلمه؛ فعلمه ﴿إذا زلزلتْ حتى إذا بلغ {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يرهْ قال: حسبي، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (دعوه فإنه قد فقه)..
٨ روى أحمد عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه) وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء. بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا وأنضجوا ماقذفوا فيها..
٩ -ما بين العلامتين [ ] من روح المعاني..
١٠ - روى الترمذي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه: (هل تزوجت يا فلان)؟ قال: لا والله يا رسول الله ولا عندي ما أتزوج! قال (أليس معك: {قل هو الله أحد﴾)؟ قال: بلى؛ قال: (ثلث القرآن) قال: (أليس معك: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾؟ قال: بلى، قال: (ربع القرآن) قال: (أليس معك: ﴿قل يا أيها الكافرون﴾)؟ قال: بلى؛ قال: (ربع القرآن) قال؛ أليس معك: {إذا زلزلت الأرض. ْ؟ قال: بلى؛ قال: (ربع القرآن تزوج) ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن..

Icon