وآياتها إحدى عشر
كلماتها : ٤٠ ؛ حروفها : ١٧٢
ﰡ
بسم الله الرحمان الرحيم
{ والضحى ( ١ ) والليل إذا سجى ( ٢ ) ما ودعك ربك وما قلى ( ٣ )
يقسم الله تعالى- مخاطبا خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم – يقسم بالنهار المضيء المبصر. وبالليل الهادئ الساكن المظلم، وكليهما من دلائل قدرة ربنا العظيم، وإتقان صنعته، وبالغ حكمته ؛ وهما مع ذلك نعمتان من الكريم الوهاب ؛ والمقسم عليه ﴿ ما ودعك ربك وما قلى ﴾ ما ترك ربك، ولا هو سبحانه بمبغض لك ولا كاره ؛ وقال أهل المعاني فيه وفي أمثاله : فيه إضمار، مجازه : ورب الضحى.
في البخاري عن جندب بن سفيان قال : اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقم ليلتين أو ثلاثا، فجاءت امرأة فقالت : يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك ؛ لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث ؛ فأنزل الله عز وجل :﴿ والضحى( ١ ) والليل إذا سجى. ( ٢ ) ما ودعك ربك وما قلى( ٣ ) ﴾.
بسم الله الرحمان الرحيم
{ والضحى ( ١ ) والليل إذا سجى ( ٢ ) ما ودعك ربك وما قلى ( ٣ )
يقسم الله تعالى- مخاطبا خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم – يقسم بالنهار المضيء المبصر. وبالليل الهادئ الساكن المظلم، وكليهما من دلائل قدرة ربنا العظيم، وإتقان صنعته، وبالغ حكمته ؛ وهما مع ذلك نعمتان من الكريم الوهاب ؛ والمقسم عليه ﴿ ما ودعك ربك وما قلى ﴾ ما ترك ربك، ولا هو سبحانه بمبغض لك ولا كاره ؛ وقال أهل المعاني فيه وفي أمثاله : فيه إضمار، مجازه : ورب الضحى.
في البخاري عن جندب بن سفيان قال : اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقم ليلتين أو ثلاثا، فجاءت امرأة فقالت : يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك ؛ لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث ؛ فأنزل الله عز وجل :﴿ والضحى( ١ ) والليل إذا سجى. ( ٢ ) ما ودعك ربك وما قلى( ٣ ) ﴾.
﴿ قلى ﴾ أبغض.
بسم الله الرحمان الرحيم
{ والضحى ( ١ ) والليل إذا سجى ( ٢ ) ما ودعك ربك وما قلى ( ٣ )
يقسم الله تعالى- مخاطبا خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم – يقسم بالنهار المضيء المبصر. وبالليل الهادئ الساكن المظلم، وكليهما من دلائل قدرة ربنا العظيم، وإتقان صنعته، وبالغ حكمته ؛ وهما مع ذلك نعمتان من الكريم الوهاب ؛ والمقسم عليه ﴿ ما ودعك ربك وما قلى ﴾ ما ترك ربك، ولا هو سبحانه بمبغض لك ولا كاره ؛ وقال أهل المعاني فيه وفي أمثاله : فيه إضمار، مجازه : ورب الضحى.
في البخاري عن جندب بن سفيان قال : اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقم ليلتين أو ثلاثا، فجاءت امرأة فقالت : يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك ؛ لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث ؛ فأنزل الله عز وجل :﴿ والضحى( ١ ) والليل إذا سجى. ( ٢ ) ما ودعك ربك وما قلى( ٣ ) ﴾.
ولدار الآخرة أبقى وأدوم، وأشرف وأعظم، ولك فيها المقام المحمود الأكرم. أي ما عندي في مرجعك إلي يا محمد خير لك مما عجلت لك من الكرامة في الدنيا ؛ وازدد يقينا، واثبت وأمتك على الاستبشار بما أعددت لكم في مقعد صدق عند مليك مقتدر ﴿ .. عطاء غير مجذوذ ﴾. ١
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله تعالى في إبراهيم :﴿ .. فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ﴾٢ وقول عيسى :﴿ إن تعذبهم فإنهم عبادك... ﴾٣ فرفع يديه وقال :( اللهم أمتي أمتي ) وبكى ؛ فقال الله تعالى لجبريل :( اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك ) فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله فأخبره ؛ فقال الله تعالى لجبريل :( اذهب إلى محمد فقل له إن الله يقول لك إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك ) هكذا أورده صاحب الجامع لأحكام القرآن، لكن محققة قال : رواية الحديث كما ورد في صحيح مسلم في كتاب الإيمان : أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم :﴿ رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني.. ﴾٤ الآية، وقول عيسى عليه السلام :﴿ إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ﴾٥ فرفع يديه وقال :( اللهم أمتي أمتي )، وبكى ؛ فقال الله عز وجل :( يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك ) فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم، فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم ؛ فقال الله :( يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك ).
٢ - سورة إبراهيم. من الآية ٣٦..
٣ - سورة المائدة. من الآية ١١٨..
٤ - سورة إبراهيم. من الآية ٣٦..
٥ - سورة المائدة. الآية ١١٨..
﴿ فآوى ﴾ فوهبك من تأوى إليه ويكفلك.
﴿ ألم يجدك يتيما فآوى ( ٦ ) ووجدك ضالا فهدى ( ٧ ) ووجدك عائلا فأغنى ( ٨ ) فأمــا اليتيم فلا تقهر ( ٩ ) وأما السائل فلا تنهر ( ١٠ ) وأما بنعمة ربك فحدث ( ١١ ) ﴾.
ومع ما أعددت لك في العقبى، فإني قد وهبتك من آلائي من أول أمرك، فهل بعد اصطفائك واختيارك خاتما للنبيين يتوهم أنا بعد الرسالة نهجرك ونتركك ونخذلك ؟ ! أو- ليستشهد بالخاص الموجود على المترقب الموعود، فيزداد قلبه الشريف، وصدره الرحيب طمأنينة وسرورا، وانشراحا وحبورا، ولذا فصلت الجملة... كأنه قيل : قد وجدك... وفي مفردات الراغب : الوجود أضرب... وما نسب إلى الله تعالى من الوجود فبمعنى العلم... واليتيم : انقطاع الصبي عن أبيه قبل بلوغه ؛ والإيواء : ضم الشيء إلى آخر. يقال : آوى إليه فلانا : أي ضمه إلى نفسه ؛ ألم يعلمك طفلا لا أبا لك، فضمك إلى من قام بأمرك ؟ !
روى أن عبد الله المطلب بعث ابنه عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتار تمرا من يثرب فتوفى ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد أتت عليه ستة أشهر، فلما وضعته كان في حجر جده مع أمه، فماتت وهو صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم ثمانين سنين مات جده، فكفله عمه الشفيق الشقيق أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب، وأحسن تربيته صلى الله تعالى عليه وسلم ؛- ١
﴿ فهدى ﴾ فأرشدك.
﴿ ألم يجدك يتيما فآوى ( ٦ ) ووجدك ضالا فهدى ( ٧ ) ووجدك عائلا فأغنى ( ٨ ) فأمــا اليتيم فلا تقهر ( ٩ ) وأما السائل فلا تنهر ( ١٠ ) وأما بنعمة ربك فحدث ( ١١ ) ﴾.
ومع ما أعددت لك في العقبى، فإني قد وهبتك من آلائي من أول أمرك، فهل بعد اصطفائك واختيارك خاتما للنبيين يتوهم أنا بعد الرسالة نهجرك ونتركك ونخذلك ؟ ! أو- ليستشهد بالخاص الموجود على المترقب الموعود، فيزداد قلبه الشريف، وصدره الرحيب طمأنينة وسرورا، وانشراحا وحبورا، ولذا فصلت الجملة... كأنه قيل : قد وجدك... وفي مفردات الراغب : الوجود أضرب... وما نسب إلى الله تعالى من الوجود فبمعنى العلم... واليتيم : انقطاع الصبي عن أبيه قبل بلوغه ؛ والإيواء : ضم الشيء إلى آخر. يقال : آوى إليه فلانا : أي ضمه إلى نفسه ؛ ألم يعلمك طفلا لا أبا لك، فضمك إلى من قام بأمرك ؟ !
روى أن عبد الله المطلب بعث ابنه عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتار تمرا من يثرب فتوفى ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد أتت عليه ستة أشهر، فلما وضعته كان في حجر جده مع أمه، فماتت وهو صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم ثمانين سنين مات جده، فكفله عمه الشفيق الشقيق أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب، وأحسن تربيته صلى الله تعالى عليه وسلم ؛- ١
﴿ ووجدك ضالا فهدى( ٧ ) ﴾ خفي وغاب عنك الشرع الحنيف، والمنهاج السوي، فأوحيت إليك، وعلمتك ما لم تكن تعلم ؛ كما قال الله جل علاه :﴿ وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء.. ﴾١ [ وقال بعض المتكلمين : إذا وجدت العرب شجرة منفردة في فلاة من الأرض، لا شجر معها، سموها ضالة، فيهتدي بها إلى الطريق ؛ فقال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :﴿ ووجدك ضالا ﴾ أي لا أحد على دينك، وأنت وحيد ليس معك أحد ؛ ﴿ فهدى ﴾ فهديت بك الخلق إلي ]٢ ؛ أي : أما وجدك وحدك ليس معك أحد فهدى الناس إليك ولم يتركك منفردا ؟ !
٢ - ما بين العلامتين [ ] من الجامع لأحكام القرآن..
﴿ فأغنى ﴾ فوهبك ما يغنيك.
﴿ ألم يجدك يتيما فآوى ( ٦ ) ووجدك ضالا فهدى ( ٧ ) ووجدك عائلا فأغنى ( ٨ ) فأمــا اليتيم فلا تقهر ( ٩ ) وأما السائل فلا تنهر ( ١٠ ) وأما بنعمة ربك فحدث ( ١١ ) ﴾.
ومع ما أعددت لك في العقبى، فإني قد وهبتك من آلائي من أول أمرك، فهل بعد اصطفائك واختيارك خاتما للنبيين يتوهم أنا بعد الرسالة نهجرك ونتركك ونخذلك ؟ ! أو- ليستشهد بالخاص الموجود على المترقب الموعود، فيزداد قلبه الشريف، وصدره الرحيب طمأنينة وسرورا، وانشراحا وحبورا، ولذا فصلت الجملة... كأنه قيل : قد وجدك... وفي مفردات الراغب : الوجود أضرب... وما نسب إلى الله تعالى من الوجود فبمعنى العلم... واليتيم : انقطاع الصبي عن أبيه قبل بلوغه ؛ والإيواء : ضم الشيء إلى آخر. يقال : آوى إليه فلانا : أي ضمه إلى نفسه ؛ ألم يعلمك طفلا لا أبا لك، فضمك إلى من قام بأمرك ؟ !
روى أن عبد الله المطلب بعث ابنه عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتار تمرا من يثرب فتوفى ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد أتت عليه ستة أشهر، فلما وضعته كان في حجر جده مع أمه، فماتت وهو صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم ثمانين سنين مات جده، فكفله عمه الشفيق الشقيق أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب، وأحسن تربيته صلى الله تعالى عليه وسلم ؛- ١
﴿ ووجدك عائلا فأغنى( ٨ ) ﴾ وكنت مفتقرا، وعلمت حاجتك فأغنيتك، لم تكن صاحب مقتنيات، فأغنيتك بمثل ما حصلت عليه من ربح التجارة إذ سافرت إلى الشام تتاجر بمال خديجة ؟.
﴿ ألم يجدك يتيما فآوى ( ٦ ) ووجدك ضالا فهدى ( ٧ ) ووجدك عائلا فأغنى ( ٨ ) فأمــا اليتيم فلا تقهر ( ٩ ) وأما السائل فلا تنهر ( ١٠ ) وأما بنعمة ربك فحدث ( ١١ ) ﴾.
ومع ما أعددت لك في العقبى، فإني قد وهبتك من آلائي من أول أمرك، فهل بعد اصطفائك واختيارك خاتما للنبيين يتوهم أنا بعد الرسالة نهجرك ونتركك ونخذلك ؟ ! أو- ليستشهد بالخاص الموجود على المترقب الموعود، فيزداد قلبه الشريف، وصدره الرحيب طمأنينة وسرورا، وانشراحا وحبورا، ولذا فصلت الجملة... كأنه قيل : قد وجدك... وفي مفردات الراغب : الوجود أضرب... وما نسب إلى الله تعالى من الوجود فبمعنى العلم... واليتيم : انقطاع الصبي عن أبيه قبل بلوغه ؛ والإيواء : ضم الشيء إلى آخر. يقال : آوى إليه فلانا : أي ضمه إلى نفسه ؛ ألم يعلمك طفلا لا أبا لك، فضمك إلى من قام بأمرك ؟ !
روى أن عبد الله المطلب بعث ابنه عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتار تمرا من يثرب فتوفى ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد أتت عليه ستة أشهر، فلما وضعته كان في حجر جده مع أمه، فماتت وهو صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم ثمانين سنين مات جده، فكفله عمه الشفيق الشقيق أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب، وأحسن تربيته صلى الله تعالى عليه وسلم ؛- ١
﴿ فأما اليتيم فلا تقهر( ٩ ) ﴾. وحين أذكره الله تعالى نعمه حتى لا ينسى نفسه أوصاه بأن يتعامل مع الخلق مثل معاملة الله معه، فقال :﴿ فأما اليتيم فلا تقهر ﴾ لا تقهره ولا تحقره، ولا تصح به، ولا تعبس في وجهه، ولا تظلمه بتضييع ماله ضعف حاله ؛ والخطاب للنبي والمراد- والله أعلم- أمته ؛ فلقد كان صلى الله تعالى عليه وسلم رقيق القلب حتى على الحيوان الأعجم، ويعلمنا أنه : من لا يرحم لا يُرحم ؛ فكيف تكون رحمته باليتيم الذي لا ناصر له إلا البر الرحيم رب العرش العظيم ؟ ! في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أنا وكافل اليتيم له أو لغيره كهاتين ) وأشار بالسبابة والوسطى ؛ قال قتادة- في الحض على الإحسان إلى اليتيم، والتلطف به- : كن لليتيم كالأب الرحيم.
﴿ فلا تنهر ﴾ فلا تزجره.
﴿ ألم يجدك يتيما فآوى ( ٦ ) ووجدك ضالا فهدى ( ٧ ) ووجدك عائلا فأغنى ( ٨ ) فأمــا اليتيم فلا تقهر ( ٩ ) وأما السائل فلا تنهر ( ١٠ ) وأما بنعمة ربك فحدث ( ١١ ) ﴾.
ومع ما أعددت لك في العقبى، فإني قد وهبتك من آلائي من أول أمرك، فهل بعد اصطفائك واختيارك خاتما للنبيين يتوهم أنا بعد الرسالة نهجرك ونتركك ونخذلك ؟ ! أو- ليستشهد بالخاص الموجود على المترقب الموعود، فيزداد قلبه الشريف، وصدره الرحيب طمأنينة وسرورا، وانشراحا وحبورا، ولذا فصلت الجملة... كأنه قيل : قد وجدك... وفي مفردات الراغب : الوجود أضرب... وما نسب إلى الله تعالى من الوجود فبمعنى العلم... واليتيم : انقطاع الصبي عن أبيه قبل بلوغه ؛ والإيواء : ضم الشيء إلى آخر. يقال : آوى إليه فلانا : أي ضمه إلى نفسه ؛ ألم يعلمك طفلا لا أبا لك، فضمك إلى من قام بأمرك ؟ !
روى أن عبد الله المطلب بعث ابنه عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتار تمرا من يثرب فتوفى ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد أتت عليه ستة أشهر، فلما وضعته كان في حجر جده مع أمه، فماتت وهو صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم ثمانين سنين مات جده، فكفله عمه الشفيق الشقيق أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب، وأحسن تربيته صلى الله تعالى عليه وسلم ؛- ١
﴿ وأما السائل فلا تنهر( ١٠ ) ﴾ لا تزجر سائلك ولكن أجب سؤله، أو رده بميسور من القول ؛ وليسعه منك- إن لم يسعه مالك- بسط الوجه ؛ فإن لم تسعهم أموالنا، فلتسعهم أخلاقنا ؛ قال إبراهيم بن أدهم : نعم القوم السؤال : يحملون زادنا إلى الآخرة ؛ وقال إبراهيم النخعي : السائل بريد الآخرة، يجيء إلى باب أحدكم فيقول : هل تبعثون إلى أهليكم بشيء ؟ ! لكن ليس معنى هذا أن نعين على التسول والتبطل ؛ فإن الصادق المصدوق صلى الله تعالى عليه وسلم علم : أنه لأن يأخذ الواحد حبله على ظهره فيحتطب فيبيع فيأكل خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ؛ كما كان من هديه صلوات الله عليه أن المسألة لا تحل إلا لذي فقر مدقع، أو غرم مفظع، أو نازلة يعدها العقلاء نازلة، وما سوى ذلك فسحت يأكله صاحبه سحتا ؛ هذا معنى ما أرشد إليه صلى الله عليه وسلم.
قال العلماء : أما إنه ليس بالسائل المستجدي ولكن طالب العلم إذا جاءك فلا تنهره [ وقيل : المراد بالسائل هنا : الذي يسأل عن الدين... قال ابن العربي : وأما السائل عن الدين فجوابه فرض على العالم، على الكفاية، كإعطاء سائل البر١ سواء ]٢.
يقول صاحب روح المعاني : ثم النهي عن النهر- على ما قالوا- إذا لم يلح في السؤال٣، فإن ألح ولم ينفع الرد باللين فلا بأس بالزجر ؛ وقال أبو الدرداء : المراد بالسائل هنا السائل عن العلم والدين لا سائل المال، ولعل النهي عن زجره على القول الأول يعلم بالأولى ؛ ويشهد للأولوية أنه لا وعيد على ترك إعطاء المستجدي لمن يجد ما يستجديه، بخلاف ترك جواب سائل العلم لمن يعلم، ففي الحديث : من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار...
٢ - ما بين العلامتين [ ] من الجامع لأحكام القرآن..
٣ - صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جاءه سائل فأعطاه، ثم سأله ثانية فأعطاه، ثم سأله فأعطاه وقال ما معناه: إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاء نفس بورك له فيه ومن أخذه بإلحاح نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع..
ومع ما أعددت لك في العقبى، فإني قد وهبتك من آلائي من أول أمرك، فهل بعد اصطفائك واختيارك خاتما للنبيين يتوهم أنا بعد الرسالة نهجرك ونتركك ونخذلك ؟ ! أو- ليستشهد بالخاص الموجود على المترقب الموعود، فيزداد قلبه الشريف، وصدره الرحيب طمأنينة وسرورا، وانشراحا وحبورا، ولذا فصلت الجملة... كأنه قيل : قد وجدك... وفي مفردات الراغب : الوجود أضرب... وما نسب إلى الله تعالى من الوجود فبمعنى العلم... واليتيم : انقطاع الصبي عن أبيه قبل بلوغه ؛ والإيواء : ضم الشيء إلى آخر. يقال : آوى إليه فلانا : أي ضمه إلى نفسه ؛ ألم يعلمك طفلا لا أبا لك، فضمك إلى من قام بأمرك ؟ !
روى أن عبد الله المطلب بعث ابنه عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتار تمرا من يثرب فتوفى ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد أتت عليه ستة أشهر، فلما وضعته كان في حجر جده مع أمه، فماتت وهو صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم ثمانين سنين مات جده، فكفله عمه الشفيق الشقيق أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب، وأحسن تربيته صلى الله تعالى عليه وسلم ؛- ١
﴿ وأما بنعمة ربك فحدث( ١١ ) ﴾.. أخرج البخاري في الأدب... عن جابر بن عبد الله – مرفوعا- : من أعطى عطاء فليجز به فإن لم يجد فليثن به فمن أثنى به فقد شكره ومن كتمه فقد كفره ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبى زور. اه وفي الصحيحين عن أنس أن المهاجرين قالوا : يا رسول الله ! ذهب الأنصار بالأجر كله ؛ قال :( لا ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم ). فكأن الأمر في الآية يراد به- والله أعلم بالمراد- : انشر ما أنعم الله عليك بالشكر والثناء والتحدث بنعم الله ؛ وأعلى النعم وأتمها نعمة الدين، فبلغ الحي، وأد الرسالة وادع إلى الإسلام، يكن ذلك من أكرم نشر لأكرم نعمة، وشكرا على أن هدانا ربنا إليها ﴿ .. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله... ﴾١.
[ قال مجاهد : ولقد روعي في الترتيب نكتة لطيفة فقدم في معرض المنة النعمة الدينية، وهي الهداية، على النعمة الدنيوية، وهي الإغناء، وأما في معرض الإرشاد فقدم الإشفاق على الخلق، وأخر التحديث، ليكون أدخل في الاستمالة، وأجلب للدواعي، فإنه ما لم ينتظم أمر المعاش لم تفرغ الخواطر لقبول التكاليف والتزام أمر المعاد.
قال المحققون : التحديث بنعم الله تعالى جائز مطلقا بل مندوب إليه إذا كان الغرض أن يقتدى غيره به، أو أن يشيع شكر ربه بلسانه ؛ وإذا لم يأمن على نفسه الفتنة والإعجاب فالستر أفضل ؛ قالوا : إنما أخر التحديث تقديما لحظ الخلق على حظ نفسه لأنه غني وهم المحتاجون، ولهذا رضي نفسه بالقول فقط، ولأن الاستغراق في بحر الشكر ومعرفة المنعم، غاية الغايات، ونهاية الطاعات ]٢.
وقال محمد بن إسحاق : ما جاءك من الله من نعمة وكرامة من النبوة فحدث بها واذكرها وادع إليها، قال : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما أنعم الله به عليه من النبوة سرا إلى من يطمئن إليه من أهله، وافترضت عليه الصلاة فصلى. اه.
٢ - ما بين العلامتين [ ] من تفسير غرائب القرآن..