تفسير سورة العاديات

التفسير المظهري
تفسير سورة سورة العاديات من كتاب التفسير المظهري .
لمؤلفه محمد ثناء الله المظهري . المتوفي سنة 1225 هـ

سورة الجامعة فاقرأ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا زلزلت الأرض حتى فرغ منها فقال الرجل والذي بعثك بالحق لا أزيد عليه ابدا ثم أدبر الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أفلح الرويجل مرتين رواه احمد وابو داود وعن انس وابن عباس قالا قال رسول الله صلى الله تعالى عليه واله وسلم إذا زلزلت تعدل نصف القران وقل هو الله أحد يعدل ثلث القران وقل يايها الكافرون ربع القران رواه الترمذي والبغوي وفى رواية عند الترمذي وابن ابى شيبة عن انس إذا زلزلت الأرض ربع القران قال الجزري كونها ربع القران لانها مشتملة على الحسنات وهو بالنسبة الى الحيوة والموت والبعث والحساب ربع وكونها نصف القران لانها مشتملة على احوال الاخرة واحوال الاخرة بالنسبة الى احوال الدنيا والاخرة نصف فهى ربع من وجه ونصف من وجه وروى من حديث على بسند ضعيف جدا قوله صلى الله عليه واله وسلم من قرأ إذا زلزلت اربع مرات كان كمن قرأ القران كله- والله تعالى اعلم.
سورة العاديات
مكيّة وهى احدى عشرة اية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اخرج البزاز والدار قطنى والحاكم وابن ابى حاتم عن ابن عباس قال بعث رسول الله ﷺ خيلا فلبث شهرا الا يأتيه فيها خيرا فنزلت
وَالْعادِياتِ قرأ ابو عمرو بالإدغام الكبير بين التاء والضاد اقسم بخيل الغزاة التي تعدو فى سبيل الله كذا قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن والكلبي وقتادة ومقاتل وابو العالية وغيره ولهذا التأويل وبما ذكرنا من سبب النزول يظهر ان السورة مدنية لانه لم يكن قبل الهجرة جهاد وجاز ان يكون القسم بها
بمنزلة الاخبار لوجودها فى الاستقبال على تقدير كونها مكية ضَبْحاً اى تضبح ضبحا مصدر موقع الجملة التي وقعت حالا من فاعل العاديات وهى صوت أنفاس الخيل إذا عدون قال ابن عباس لا يضبح من الحيوانات غير الفرس والكلب والثعلب وما يضبحن الا إذا تغير حالهن من التعب وقال على العاديات هى الإبل فى الحج تعدو من عرفة الى مزدلفة ومن مزدلفة الى منى وقال كانت أول غزوة فى الإسلام بدرا وما كان معنا الا فرسان فرس الزبير وفرس المقداد بن الأسود فكيف تكون العاديات واليه ذهب ابن مسعود ومحمد بن كعب والسدى وعلى هذا معنى قوله ضبحا يعنى تمد أعناقها فى السير مدا.
فَالْمُورِياتِ الخيل التي نورى النار إذا سارت ليلا فى ارض ذات حجارة قَدْحاً يعنى تقدح اى تفك الحجارة بحوافرها قدحا.
فَالْمُغِيراتِ قرأ ابو عمرو وخلاد بالإدغام بين التاء والصاد اى الخيل التي تغير بفرسانها على عدو والاغارة سرعة سير صُبْحاً ظرف للمغيرات اى التي تغير فى وقت الصبح هذا قول اكثر المفسرين وقال القرظي هى الإبل تدفع بركبانها يوم النحر من جمع بمنى وقت الصبح وهو السنة بل الواجب ان لا يدفع حتى يصبح وقد رخص رسول الله - ﷺ - للنساء والضعفاء بالدفع بعد طلوع الفجر من ليلة النحر.
فَأَثَرْنَ عطف على مضمون صلة اللام الموصول يعنى اللاتي عدون قادرين فاغرن فاثرن اى هيجن بِهِ الباء بمعنى فى والضمير عائد الى الزمان المفهوم تضمنا من مضمون الصلة اى اثرن فى ذلك الوقت اى وقت الاغارة على العدو او الى المكان المفهوم منه اقتضاء اى اثرن فى مكان العدو نَقْعاً غبارا مفعول لاثرن.
فَوَسَطْنَ اى فوسطن تلك الخيل بِهِ الضمير عائد الى النقع اى متلبسا بالنقع او الى الوقت او المكان كما مر فى ذلك الوقت او المكان جَمْعاً من جموع الأعداء وجواب القسم.
إِنَّ الْإِنْسانَ أريد به الجنس نظرا الى اكثر افراده حيث قال الله تعالى وقليل من عبادى الشكور لِرَبِّهِ متعلق بما بعده قدم لرعاية الفواصل لَكَنُودٌ ج اى لكنود لنعمة ربه بلسان مضر كذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة او العاصي بلغة كنده او البخيل بلغة بنى مالك قال ابو عبيدة هو قليل الخير والأرض الكنود مالا ينبت شيئا.
وَإِنَّهُ قال ابن كيسان الضمير للانسان اى وان الإنسان عَلى ذلِكَ اى على كونه كفورا عاصيا بخيلا لَشَهِيدٌ ج يشهد به
على نفسه عند ادنى تأمل بظهور اثره او يشهد على نفسه ويعترف بذنبه فى الاخرة يقول لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وقال اكثر المفسرين ضمير انه راجع الى ربه يعنى وان ربه على كونه كنود الشهيد لا يعزب عنه شىء فيواخذ به فهو وعيد.
وَإِنَّهُ اى الإنسان لِحُبِّ الْخَيْرِ اى المال كما فى قوله تعالى ان ترك خيرا لَشَدِيدٌ ط لقوى مبالغ فيه فلا ينفقه فى سبيل المنعم شكرا للنعمة او المعنى البخيل شديد وعلى هذا فاللام فى لحب الخير للتعليل اى لاجل حب المال لبخيل وعلى الاول لام الصلة.
أَفَلا يَعْلَمُ همزة الاستفهام للتعجب والفاء للعطف على محذوف تقديره الا ينظر الإنسان فلا يعلم ومعناه لينظر وليعلم الان ما سيعلم غدا ان ربهم خبير لهم يجازيهم على ما يفعلون يوم نبعث من فى القبور ويبرز ما فى الصدور إِذا بُعْثِرَ اى بعث واثير ما فِي الْقُبُورِ من الموتى أورد لفظ ما بمعنى من لمشاكلة ما فى الصدور او لانه فى هذه الحالة مما لا يعقل لكونه موتى ملحقا بالجمادات.
وَحُصِّلَ اى جمع محصلا فى الصحف او ميز وابرز ما فِي الصُّدُورِ اى ما فى صدورهم يعنى صدور جنس الإنسان من الخير والشر وتخصيص ما فى الصدور بالذكر دون اعمال الجوارح لانه الأصل إذا بعثر شرط حذف جزاءه لتوسط فى جملة تدل على جزائه تقديره إذا بعثر ما فى القبور يعلم والجملة الشرطية معترضة للتهديد والفظاعة.
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ع هذه الجملة قائم مقام المفعولين ليعلم لدخول اللام على الخبر او يقال مفعولاه محذوفان يدل عليهما هذه الجملة يعنى انا نجازيه وقت ما ذكروا بهم ويومئذ متعلق بمضمون خبير خص ذلك اليوم بالذكر وهو عالم بهم فى جميع الا زمان لان الجزاء يقع يومئذ فيظهر كونه خبيرا يومئذ او يقال الخبير مجاز عن المجازى والمعنى ان ربهم يجازى بهم يومئذ كذا قال الزجاج والله تعالى اعلم.
Icon