ﰡ
١٢٢٤- قد عاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم في الإعراض عن عبد والإقبال على عبد، وهما في العبودية سيان، ولكن في الحال مختلفان، فقال :﴿ وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى ﴾ وقال في الآخر :﴿ أما من استغنى فأنت له تصدى ﴾١. ( نفسه : ٣٤/٣٦٠ )
ومعنى قوله :﴿ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه ﴾١ كذلك خلقه أولا.
ومعنى قوله :﴿ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه ﴾١ كذلك خلقه أولا.
فمن كان بدؤه وهذه أحواله فمن أين له البطر والكبرياء والفخر والخيلاء ؟ وهو على التحقيق أخس الأخساء وأضعف الضعفاء، ولكن هذه عادة الخسيس إذا رفع من خسته شمخ بأنفه وتعظم، وذلك لدلالة خسة أوله- ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نعم لو أكمله وفوض إليه أمره، وأدام له الوجود باختياره لجاز أن يطغى وينسى المبدأ والمنتهى، ولكنه سلط عليه في دوام وجوده الأمراض الهائلة والأسقام العظيمة والآفات المختلفة والطباع المتضادة، من المرة والبلغم والريح والدم يهدم البعض من أجزائه البعض، شاء أم أبى، رضي أم سخط، فيجوع كرها ويعطش كرها ويمرض كرها ويموت كرها، لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا خيرا ولا شرا، يريد أن يعلم الشيء فيجهله، ويريد أن يصرف قلبه إلى ما يهمه فيحول في أودية الوساوس والأفكار بالاضطرار، فلا يملك قلبه قلبه ولا نفسه نفسه، ويشتهي الشيء وربما يكون هلاكه فيه، ويكره الشيء وربما تكون حياته فيه، يستلذ الأطعمة وتهلكه وترديه، ويستبشع الأدوية وهي تنفعه وتحييه، ولا يأمن في لحظة من ليله أو نهاره أن يسلب سمعه وبصره، وتفلج أعضاؤه ويختلس عقله ويختطف روحه ويسلب جميع ما يهواه في دنياه، فهو مضطر ذليل إن ترك بقي وإن اختطف فني، عبد مملوك لا يقدر على شيء من نفسه ولا شيء من غيره، فأي شيء أذل منه لو عرف نفسه ؟ وأنى يليق الكبر به لولا جهله ؟
فهذا أوسط أحواله فليتأمله.
٢ - يس: ٧٧..
٣ - الروم: ٢٠..
٤ - البلد: ٨-١٠..
٥ - القيامة: ٣٧-٣٨..
١٢٢٣- استأذن ابن مكتوم على النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده رجل من أشراف قريش، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى :﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى ﴾ يعني : ابن أم مكتوم.
٢ - الكهف: ٤٨..
١٢٢٣- استأذن ابن مكتوم على النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده رجل من أشراف قريش، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى :﴿ عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى ﴾ يعني : ابن أم مكتوم.
٢ - الكهف: ٤٨..