تفسير سورة سورة الشورى من كتاب تفسير القرآن العزيز
                             المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
                        .
                            
                    لمؤلفه 
                                            ابن أبي زَمَنِين
                                                            .
                                             المتوفي سنة 399 هـ
                                    
                        
                                                                                         تفسير سورة حم عسق وهي مكية كلها. 
                                                                ﰡ
                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْله: ﴿حم عسق﴾ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي حُرُوفِ المعجم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قوله ﴿ حم( ١ ) عسق( ٢ ) ﴾ قد مضى القول في حروف المعجم. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿كَذَلِك يوحي إِلَيْك﴾ أَي: هَكَذَا يوحي إِلَيْك ﴿وَإِلَى الَّذين من قبلك﴾ من الْأَنْبِيَاء ﴿الله الْعَزِيز﴾ فِي نقمته ﴿الْحَكِيم﴾ فِي أمره
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ﴾ أَي: يتشققن ﴿من فوقهن﴾ يَعْنِي: من مَخَافَة من فوقهن،  وَبَلغنِي أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يقْرؤهَا ﴿ينْفَطِرْنَ من فوقهن﴾.
﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض﴾ أَي: من الْمُؤمنِينَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ يَعْنِي: آلِهَة يعبدونها من دون الله (الله
                                                                            
161
                                                                     
                                                                                                                حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ} أَي: يحفظُ عَلَيْهِم أَعْمَالهم؛ حَتَّى يجازيهم بهَا 
﴿وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾ بحفيظ تحاسبهم وتجازيهم بأعمالهم.
تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ٧ إِلَى آيَة ١٠.
                                                                            
162
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى﴾ مكَّة مِنْهَا دُحِيتِ الأرضُ ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ يَعْنِي: الْآفَاق كلهَا ﴿وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ﴾ يَوْم الْقِيَامَة؛ يجْتَمع فِيهِ الْخَلَائق: أهل السَّمَاوَات، وَأهل الأَرْض
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ ﴿على الْإِيمَان﴾ (وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ} يَعْنِي: فِي دينه؛ وَهُوَ الْإِسْلَام ﴿وَالظَّالِمُونَ﴾ ﴿الْمُشْركُونَ﴾ (مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ} يمنعهُم (ل ٣١٠) من عَذَاب الله.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء﴾ أَي: قد فعلوا ﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾ يَعْنِي: الرب دون الْأَوْثَان ﴿وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى﴾ وأوثانهم لَا تحيي الْمَوْتَى.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ﴾ يَعْنِي: مَا اختلفتم فِيهِ من الْكفْر وَالْإِيمَان 
﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ فَيُدْخِلُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ، وَيُدْخِلُ الْمُشْرِكِينَ النَّار 
﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي﴾ يَقُولُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قل لَهُم: ذَلِكُم الله رَبِّي.
قَالَ محمدٌ: ذكر ابْنُ مُجَاهِد أَن الْيَاء ثَابِتَة فِي 
﴿رَبِّي﴾ لِأَنَّهَا إِضَافَة قَالَ:
                                                                            
162
                                                                     
                                                                                                                وَلم يخْتَلف القراءُ فِي ثُبُوتهَا.
تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ١١ إِلَى آيَة ١٣.
                                                                            
163
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ يَعْنِي: النِّسَاء.
﴿وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا﴾ ذكرا وَأُنْثَى، الْوَاحِد مِنْهَا زوجٌ.
﴿يذرؤكم فِيهِ﴾ أَي: يخلقكم فِيهِ نَسْلًا بعد نسل ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾.
قَالَ محمدٌ: هَذِه الْكَاف مُؤَكدَة؛ الْمَعْنى: لَيْسَ مثله شَيْء.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لَهُ مقاليد﴾ مَفَاتِيح؛ فِي تَفْسِير قَتَادَة.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿شرع لكم﴾ أَي: فرض؛ فِي تَفْسِير الْحسن 
﴿مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ﴾ مَا أَمر بِهِ 
﴿نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ﴾ أمرنَا بِهِ (إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى
                                                                            
163
                                                                     
                                                                                                                وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} يَعْنِي: الْإِسْلَام.
﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ من عبَادَة الله وَترك عبَادَة الْأَوْثَان. 
﴿اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء﴾ أَي: يخْتَار لنَفسِهِ؛ يَعْنِي: الْأَنْبِيَاء 
﴿وَيَهْدِي إِلَيْهِ﴾ إِلَى دينه 
﴿مَن يُنِيبُ﴾ من يخلص لَهُ.
تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ١٤ إِلَى آيَة ١٥.
                                                                            
164
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا﴾ يَعْنِي: أهل الْكتاب ﴿إِلاَ مِن بَعْدِ مَا جَآءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ أَي: حسدا فِيمَا بَينهم،  أَرَادوا الدُّنْيَا ورخاءها؛ فغيّروا كِتَابهمْ، فأحلوا فِيهِ مَا شَاءُوا وحرموا مَا شَاءُوا، فترأَّسوا على النَّاس يستأكلونهم؛ فاتبعوهم على ذَلِك.
قَالَ محمدٌ: قَوْله: ﴿إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُم الْعلم﴾ الْمَعْنى إِلَّا عَن علم بِأَن الْفرْقَة ضَلَالَة، وَلَكنهُمْ فعلوا ذَلِك بغيًا؛ أَي: للبغي.
﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ يَعْنِي: الْقِيَامَة أُخروا إِلَيْهَا ﴿لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ فِي الدُّنْيَا؛ فأَدْخَلَ الْمُؤمنِينَ الْجنَّة،  وَأدْخل الْكَافرين النَّار ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ﴾ يَعْنِي: الْيَهُود وَالنَّصَارَى من بعد اوائلهم ﴿لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ﴾ ﴿من الْقُرْآن﴾ (مُرِيبٍ} من الرِّيبَة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَلِذَلِكَ﴾ لما شكوا فِيهِ وارتابوا من الْإِسْلَام وَالْقُرْآن 
﴿فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾ على الْإِسْلَام.
                                                                            
164
                                                                     
                                                                                                                ﴿وَأمرت لأعدل بَيْنكُم﴾ أَي: لَا نظلم مِنْكُم أحدا 
﴿لَا حجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُم﴾ تَفْسِير مُجَاهِد: لَا خُصُومَة بَيْننَا وَبَيْنكُم فِي الدُّنْيَا 
﴿اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْننَا﴾ يَوْم الْقِيَامَة 
﴿وَإِلَيْهِ الْمصير﴾ المرْجع؛ نَجْتَمِع عِنْده فيجزينا ويجزيكم.
تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ١٦ إِلَى آيَة ١٨.
                                                                            
165
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالَّذين يحاجون فِي الله﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين؛ يحاجون الْمُؤمنِينَ ﴿مِنْ بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ﴾ يَعْنِي: من بعد مَا اسْتَجَابَ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿حجتهم﴾ خصومتهم ﴿داحضة﴾ بَاطِلَة ﴿عِنْد رَبهم﴾ قَالَ مجاهدٌ: طَمِع رجالٌ بِأَن تعود الْجَاهِلِيَّة.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿الله الَّذِي أنزل الْكتاب﴾ الْقُرْآن ﴿بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان﴾ يَعْنِي: الْعدْل ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَة قريب﴾.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿قريب﴾ يجوز أَن يكون على معنى: لَعَلَّ مجيءَ السَّاعَة قريبٌ،  وَقد يكون بِمَعْنى: لَعَلَّ الْبَعْث قريب. وَالله أعلم بِمَا أَرَادَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بهَا﴾ استهزاءً وتكذيبًا 
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا﴾ أَي: خائفون 
﴿أَلا إِنَّ الَّذِينَ يمارون فِي السَّاعَة﴾ يكذبُون بهَا 
﴿لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ من الْحق.
                                                                            
165
                                                                     
                                                                                                                تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ١٩ إِلَى آيَة ٢٢.
                                                                            
166
                                                                    ﴿الله لطيف بعباده﴾ أَي: فبلطفه وَرَحمته خُلِقَ الْكَافِر ورزق وعوفي وَاقْبَلْ وَأدبر.
                                                                            
166
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ الله لطيف بعباده ﴾ أي : فبلطفه ورحمته خلق الكافر ورزق وعوفي وأقبل وأدبر. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ﴾ يَعْنِي: الْعَمَل الصَّالح ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حرثه﴾ وَهُوَ تَضْعِيف الْحَسَنَات؛ فِي تَفْسِير الْحسن ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة﴾ يَعْنِي: فِي الْجنَّة ﴿مِنْ نَصِيبٍ﴾ وَهُوَ الْمُشْرِكُ لَا يُرِيدُ إِلَّا الدُّنْيَا وَقَوله: ﴿نؤته مِنْهَا﴾ يَعْنِي: من الدُّنْيَا وَلَيْسَ كل مَا أَرَادَ من الدُّنْيَا،  لَا يُؤْتى،  كَقَوْلِه ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نشَاء لمن نُرِيد﴾.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله﴾ هَذَا على (ل ٣١١) الِاسْتِفْهَام - أَي: نعم لَهُم شُرَكَاء؛ يَعْنِي: الشَّيَاطِين - جعلوهم شُرَكَاء فعبدوهم؛ لأَنهم دعوهم إِلَى عبَادَة الْأَوْثَان 
﴿وَلَوْلَا كلمة الْفَصْل﴾ لَا يعذب بِعَذَاب الْآخِرَة فِي الدُّنْيَا 
﴿لقضي بَينهم﴾ فَأدْخل الْمُؤمنِينَ الْجنَّة، 
                                                                            
166
                                                                     
                                                                                                                وَأدْخل الْمُشْركين النَّار
                                                                            
167
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ترى الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين ﴿مشفقين﴾ خَائِفين ﴿مِمَّا كسبوا﴾ عمِلُوا فِي الدُّنْيَا ﴿وَهُوَ وَاقِعٌ بهم﴾ أَي: الَّذِي خَافُوا مِنْهُ - من عَذَاب الله.
تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ٢٣ إِلَى آيَة ٢٦.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذين آمنُوا﴾ يبشرهم فِي الدُّنْيَا بروضات الجنات.
﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى﴾ تَفْسِير الْحسن قَالَ: إِلَّا أَن يتقربوا إِلَى الله بِالْعَمَلِ الصَّالح.
قَالَ يحيى: كَقَوْلِه ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَا شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا﴾ بِطَاعَتِهِ.
﴿وَمن يقترف﴾ أَي: يعْمل ﴿حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حسنا﴾ يَعْنِي: تَضْعِيف الْحَسَنَات ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُور﴾ للذنب ﴿شكور﴾ للْعَمَل
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أم يَقُولُونَ افترى﴾ مُحَمَّد 
﴿على الله كذبا﴾ أَي: قد قَالُوهُ 
﴿فَإِنْ يَشَإِ الله يخْتم على قَلْبك﴾
                                                                            167
                                                                     
                                                                                                                فَيذْهب عَنْك النُّبُوَّة الَّتِي أعطاكها،  هَذَا على الْقُدْرَة؛ وَلَا ينتزع مِنْهُ النُّبُوَّة 
﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِل﴾ فَلَا يَجْعَل لأَهله فِي عاقبته خيرا 
﴿ويحق الله الْحق بكلماته﴾ فينصر النَّبِي وَالْمُؤمنِينَ.
قَالَ محمدٌ: 
﴿ويمحوا﴾ الْوُقُوف عَلَيْهَا بواو وَألف،  الْمَعْنى: وَالله يمحو الْبَاطِل على كل حالٍ،  وكُتبت فِي الْمُصحف بِغَيْر وَاو؛ لِأَن الْوَاو تسْقط فِي اللَّفْظ؛ لالتقاء الساكنين على الْوَصْل،  وَلَفظ الْوَاو ثَابت.
                                                                            
168
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عباده﴾ إِذا تَابُوا.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ويستجيب الَّذين آمنُوا﴾ أَي: يستجيبون لرَبهم يُؤمنُونَ بِهِ ﴿ويزيدهم من فَضله﴾ يَعْنِي: تَضْعِيف الْحَسَنَات.
تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ٢٧ إِلَى آيَة ٣١.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَو بسط الله الرزق﴾ الْآيَة.
يَحْيَى: عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ مُرَّةَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: " إِنَّ هَذَا الرِّزْقَ يَتَنَزَّلُ مِنَ السَّمَاءِ كَقَطْرِ الْمَطَرِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كتب الله لَهَا ".
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَهُوَ الَّذِي ينزل الْغَيْث﴾ الْمَطَر 
﴿مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ يئسوا (وَيَنشُرُ
                                                                            
168
                                                                     
                                                                                                                رَحْمَتَهُ} وَهُوَ الْمَطَر 
﴿وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ الرب المستحمد إِلَى خلقه
                                                                            
169
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ﴾ يَعْنِي: أَنه يجمعهُمْ يَوْم الْقِيَامَة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ فبمَا عملت أَيْدِيكُم ﴿وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾.
قَالَ محمدٌ: قَرَأَ يحيى ﴿فَبِمَا﴾ وَأهل الْمَدِينَة يقرءُون ﴿بِمَا﴾ بِغَيْر فَاء.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ﴾ يَقُوله للْمُشْرِكين مَا أَنْتُم بسابقي الله حَتَّى لَا يبعثكم ثمَّ يعذبكم ﴿وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ﴾ يمنعكم من عَذَابه ﴿وَلاَ نَصِيرٍ﴾ ينتصر لكم.
تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ٣٢ إِلَى آيَة ٣٩.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ﴾ السفن ﴿فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ﴾ كالجبال. قَالَ محمدٌ: ذكر ابْن مُجَاهِد أَن نَافِعًا قَرَأَ ﴿الْجَوَارِي﴾ بياء فِي الْوَصْل وَبِغير يَاء فِي الْوَقْف.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّياحَ فَيَظْلَلْنَ﴾ يَعْنِي: السفن ﴿رواكد﴾ سواكن ﴿على ظَهره﴾ على ظهر الْبَحْر ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ أَي: لكل مُؤمن
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَو يوبقهن﴾ يغرقْهُن؛ يَعْنِي: السفن ﴿بِمَا كَسَبُوا﴾ عمِلُوا؛ يَعْنِي: أهل السفن.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا﴾ يجحدونها ﴿مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ أَي: ملْجأ يلجئون إِلَيْهِ من عَذَاب الله.
قَالَ محمدٌ: يُقَال: حَاص عَن الشَّيْء؛ أَي: تنحى عَنهُ،  وتقرأ: ﴿ويعلمُ﴾ بِرَفْع الْمِيم،  وتقرأ بالنصْب،  وَقِرَاءَة نَافِع بِالرَّفْع.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين ﴿فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ينْفد وَيذْهب ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خير وَأبقى﴾ يَعْنِي: الْجنَّة.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ﴾ أَي: ويجتنبون الْفَوَاحِش ﴿وَإِذَا مَا غضبوا هم يغفرون﴾ يَعْنِي: يغفرون للْمُشْرِكين،  وَهُوَ مَنْسُوخ نسخه الْقِتَال،  وَصَارَ ذَلِك الْعَفو بَين الْمُؤمنِينَ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالَّذين اسْتَجَابُوا لرَبهم﴾ أَي: آمنُوا 
﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاة﴾ كَانَت الصَّلَاة يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة رَكْعَتَيْنِ غدْوَة،  وَرَكْعَتَيْنِ عَشِيَّة قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ 
﴿وَأمرهمْ شُورَى بَينهم﴾ تَفْسِير الْحسن أَي: يتشاورون فِي
                                                                            
170
                                                                     
                                                                                                                ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ﴾ وَلم يكن يومئذٍ شَيْء مؤقتًا. (ل ٣١٢)
                                                                            
171
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَالَّذين إِذا أَصَابَهُم الْبَغي﴾ إِذا بغى عَلَيْهِم الْمُشْركُونَ فظلموهم ﴿هم ينتصرون﴾ بألسنتهم لم يَكُونُوا أمروا بقتالهم يَوْمئِذٍ.
تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ٤٠ إِلَى آيَة ٤٤.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا﴾ يَعْنِي: مَا يسيء إِلَيْهِم الْمُشْركُونَ أَن يَفْعَلُوا بهم مَا يَفْعَلُونَ هم.
قَالَ محمدٌ: قَوْله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا﴾ فَالْأولى سَيِّئَة فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى،  وَالثَّانيَِة سَيِّئَة فِي اللَّفْظ وعاملها لَيْسَ بمسيء وَلكنهَا سميت سَيِّئَة؛ لِأَنَّهَا مجازاة لسوء على مَذْهَب الْعَرَب فِي تَسْمِيَة الشَّيْء باسم الشَّيْء إِذا كَانَ من سَببه.
﴿فَمن عَفا وَأصْلح﴾ يَقُول: فَمن ترك مظلمته ﴿فَأَجْرُهُ﴾ ثَوَابه ﴿عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يحب الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلمن انتصر بعد ظلمه﴾ بعد مَا ظُلِمَ ﴿فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم من سَبِيل﴾ أَي: من حجَّة.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿إِنَّمَا السَّبِيل﴾ الْحجَّة ﴿عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ يَعْنِي: بكفرهم وتكذيبهم ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم﴾ موجع
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لمن عزم الْأُمُور﴾ وَهَذَا كُله منسوخٌ فِيمَا بَينهم وَبَين الْمُشْركين نسخه الْقِتَال.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَمَا لَهُ من ولي من بعده﴾ من بعد الله يمنعهُم من عَذَاب الله ﴿وَترى الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين ﴿لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَل إِلَى مرد﴾ إِلَى الدُّنْيَا ﴿من سَبِيل﴾ فنؤمن.
تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ٤٥ إِلَى آيَة ٤٨.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ينظرُونَ من طرف خَفِي﴾ أَي: يسارقون النّظر ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أنفسهم وأهليهم يَوْم الْقِيَامَة﴾ خسروا أنفسهم أَن يغنموها؛ فصاروا فِي النَّار،  وخسروا أَهْليهمْ من الْحور الْعين،  وَقد فسرناه فِي سُورَة الزمر
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ من سَبِيل﴾ إِلَى الْهدى
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿اسْتجِيبُوا لربكم﴾ أَي: آمنُوا (مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ
                                                                            
172
                                                                     
                                                                                                                لاَ مَرَدَّ لَهُ} يَوْم الْقِيَامَة،  أَي: لَا يردهُ أحدٌ بعد مَا حكم الله بِهِ وَجعله أَََجَلًا ووقتا.
﴿وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ﴾ أَي: نصير
                                                                            
173
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا﴾ أَي: لمْ يُؤمنُوا.
﴿فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ تَحْفَظُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ؛ حَتَّى تُجَازِيَهُمْ بهَا ﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلاَ الْبَلاَغُ﴾ وَلَيْسَ عَلَيْك أَن تكرههم وَقد أمروا بقتالهم بعد.
﴿وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ﴾ يَعْنِي: الْمُشرك ﴿مِنَّا رَحْمَةً﴾ وَهَذِه رَحْمَة الدُّنْيَا،  وَمَا فِيهَا من الرخَاء والعافية ﴿فَرِحَ بِهَا﴾ كَقَوْلِه: ﴿وفرحوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ لَا يُقِرُّونَ بِالْآخِرَةِ ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ من ذهَاب مالٍ،  أَو مرضٍ ﴿بِمَا قَدَّمَتْ﴾ ﴿عملت﴾ (أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ} يَعْنِي: الْمُشرك لَيْسَ لَهُ صبرٌ على الْمُصِيبَة وَلَا حسبَة؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجُو ثَوَاب الْآخِرَة.
تَفْسِير سُورَة الشورى من الْآيَة ٤٩ إِلَى آيَة ٥٣.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا﴾ يَعْنِي: الْجَوَارِي ﴿وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ﴾
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    
                                                                                                                يُزَوِّجُهُمْ} يَعْنِي: يخلط بَينهم.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنى: يَجْعَل بَعضهم ذُكُورا وَبَعْضهمْ إِنَاثًا؛ تَقول الْعَرَب: زوجت إبلي إِذا قرنت بَعْضهَا إِلَى بعض،  وزوجت الصغار بالكبار إِذا قرنت كَبِيرا بصغير وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ مُجَاهِد.
                                                                            
174
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ﴾ فَكَانَ مُوسَى مِمَّن كَلمه الله وَرَاءِ حِجَابٍ ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً﴾ ﴿جِبْرِيل﴾ (فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء}.
قَالَ محمدٌ: قيل: ﴿إِلا وَحْيًا﴾ يَعْنِي: إلهامًا،  وتقرأ: ﴿أَو يرسلُ﴾ بِالرَّفْع وَالنّصب؛ فَمن قَرَأَهَا بِالنّصب فَالْمَعْنى: مَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا بِأَن يوحي أَو أَن يُرْسل، وَمن قَرَأَ بِالرَّفْع فَالْمَعْنى: أَو هُوَ يرسلُ.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن ﴿مِّنْ أَمْرِنَا﴾.
قَالَ مُحَمَّد: معنى ﴿روحا﴾ أَي: مَا يَهْتَدِي بِهِ الخَلْق؛ فَيكون حَيَاة [من الضلال].
﴿مَا كُنتَ تَدْرِي﴾ قبل أَن نوحيه إِلَيْك ﴿مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن ﴿نُورًا﴾ أَي: ضِيَاء من الظُّلْمة ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي﴾ ﴿لتدعو﴾ (إِلَى صِرَاطٍ) ﴿طَرِيق﴾ ﴿مُّسْتَقِيم ٍ﴾
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿صِرَاطِ اللَّهِ﴾ طَرِيق الله 
﴿أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ﴾ يَعْنِي: أُمُور الْخَلَائق.
                                                                            
174
                                                                     
                                                                                                                S٤٣
تَفْسِير سُورَة الزخرف وَهِي مَكِّيَّة كلهَا
بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير سُورَة الزخرف من الْآيَة ١ إِلَى آيَة ٥.
                                                                            
175