تفسير سورة الأنفال

التبيان في إعراب القرآن
تفسير سورة سورة الأنفال من كتاب التبيان في إعراب القرآن .
لمؤلفه أبو البقاء العكبري . المتوفي سنة 616 هـ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
رب يسر
سُورَةُ الْأَنْفَالِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَنِ الْأَنْفَالِ) : الْجُمْهُورُ عَلَى إِظْهَارِ النُّونِ، وَيُقْرَأُ بِإِدْغَامِهَا فِي اللَّامِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ: عَنِ الْأَهِلَّةِ [الْبَقَرَةِ: ١٨٩].
وَ (ذَاتَ بَيْنِكُمْ) : قَدْ ذُكِرَ فِي آلِ عِمْرَانَ عِنْدَ قَوْلِهِ: (بِذَاتِ الصُّدُورِ) [آلِ عِمْرَانَ: ١٥٤].
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَجِلَتْ) : مُسْتَقْبَلُهُ تَوْجَلُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَهِيَ اللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْلِبُ الْوَاوَ أَلِفًا تَخْفِيفًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْلِبُهَا يَاءً بَعْدَ كَسْرِ التَّاءِ، وَهُوَ عَلَى لُغَةٍ مَنْ كَسَرَ حَرْفَ الْمُضَارَعَةِ، وَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُ التَّاءَ مَعَ سُكُونِ الْيَاءِ، فَتُرَكَّبُ مِنَ اللُّغَتَيْنِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ، فَتُفْتَحُ الْأَوَّلُ عَلَى اللُّغَةِ الْفَاشِيَةِ، وَتُقْلَبُ الْوَاوُ يَاءً عَلَى الْأُخْرَى. (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ فِي زَادَتْهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا.
قَالَ تَعَالَى: (أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٤).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَقًّا) : قَدْ ذُكِرَ مِثْلُهُ فِي النِّسَاءِ.
وَ (عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ظَرْفٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ الِاسْتِقْرَارُ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ دَرَجَاتٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأُجُورُ.
قَالَ تَعَالَى: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ) (٥).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَمَا أَخْرَجَكَ) : فِي مَوْضِعِ الْكَافِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، ثُمَّ فِي ذَلِكَ الْمَصْدَرِ أَوْجُهٌ، تَقْدِيرُهُ: ثَابِتَةٌ لِلَّهِ ثُبُوتًا كَمَا أَخْرَجَكَ. وَالثَّانِي: وَأَصْلَحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ إِصْلَاحًا، كَمَا أَخْرَجَكَ، وَفِي هَذَا رُجُوعٌ مِنْ خِطَابِ الْجَمْعِ إِلَى خِطَابِ الْوَاحِدِ. وَالثَّالِثُ تَقْدِيرُهُ: وَأَطِيعُوا اللَّهَ طَاعَةً كَمَا أَخْرَجَكَ، وَالْمَعْنَى طَاعَةً مُحَقَّقَةً. وَالرَّابِعُ تَقْدِيرُهُ: يَتَوَكَّلُونَ تَوَكُّلًا كَمَا أَخْرَجَكَ. وَالْخَامِسُ: هُوَ صِفَةٌ لِحَقٍّ تَقْدِيرُهُ: أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا؛ مِثْلُ مَا أَخْرَجَكَ. وَالسَّادِسُ تَقْدِيرُهُ: يُجَادِلُونَكَ جِدَالًا كَمَا أَخْرَجَكَ. وَالسَّابِعُ تَقْدِيرُهُ: وَهُمْ كَارِهُونَ كَرَاهِيَةً كَمَا أَخْرَجَكَ؛ أَيْ: كَكَرَاهِيَتِهِمْ، أَوْ كَرَاهِيَتِكَ لِإِخْرَاجِكَ.
وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْكَافَ بِمَعْنَى الْوَاوِ الَّتِي لِلْقَسَمِ، وَهُوَ بَعِيدٌ.
وَ «مَا» مَصْدَرِيَّةٌ وَ «بِالْحَقِّ» حَالٌ وَقَدْ ذُكِرَ نَظَائِرُهُ. (وَإِنَّ فَرِيقًا) : الْوَاوُ هُنَا وَاوُ الْحَالِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ) (٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ) : إِذْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ أَيْ: وَاذْكُرُوا، وَالْجُمْهُورُ عَلَى ضَمِّ الدَّالِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَكِّنُهَا تَخْفِيفًا لَتَوَالِي الْحَرَكَاتِ. وَ (إِحْدَى) : مَفْعُولٌ ثَانٍ.
وَ (أَنَّهَا لَكُمْ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بَدَلًا مِنْ إِحْدَى بَدَلَ الِاشْتِمَالِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ مَلَكَةَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) (٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ «إِذْ» الْأُولَى، وَأَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: اذْكُرُوا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِتَوَدُّونَ.
(بِأَلْفٍ) : الْجُمْهُورُ عَلَى إِفْرَادِ لَفْظَةِ الْأَلْفِ.
وَيُقْرَأُ «بِآلُفٍ» عَلَى أَفْعُلٍ مِثْلَ أَفْلُسٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (بِخَمْسَةِ آلَافٍ) [آلِ عِمْرَانَ: ١٢٥].
(مُرْدِفِينَ) : يُقْرَأُ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الدَّالِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ، وَفِعْلُهُ «أَرْدَفَ»، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: مُرْدِفِينَ أَمْثَالَهُمْ.
وَيُقْرَأُ بِفَتْحِ الدَّالِّ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ؛ أَيْ: أُرْدَفُوا بِأَمْثَالِهِمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرْدَفُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَ الْأَوَائِلِ؛ أَيْ: جُعِلُوا رِدْفًا لِلْأَوَائِلِ، وَيُقْرَأُ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الدَّالِ، وَتَشْدِيدِهَا وَعَلَى هَذَا فِي الرَّاءِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
الْفَتْحُ، وَأَصْلُهَا مُرْتَدِفِينَ، فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ التَّاءِ إِلَى الرَّاءِ، وَأُبْدِلَتْ دَالًا لِيَصِحَّ إِدْغَامُهَا فِي الدَّالِ، وَكَانَ تَغْيِيرُ التَّاءِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا مَهْمُوسَةٌ، وَالدَّالُ مَجْهُورَةٌ، وَتَغْيِيرُ الضَّعِيفِ إِلَى الْقَوِيِّ أَوْلَى. وَالثَّانِي: كَسْرُ الرَّاءِ عَلَى إِتْبَاعِهَا لِكَسْرَةِ الدَّالِ، أَوْ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وَالثَّالِثُ: الضَّمُّ إِتْبَاعًا لِضَمَّةِ الْمِيمِ.
وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ عَلَى إِتْبَاعِ الْمِيمِ الرَّاءَ.
وَقِيلَ: مَنْ قَرَأَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ فَهُوَ مِنْ رَدَّفَ بِتَضْعِيفِ الْعَيْنِ لِلتَّكْثِيرِ، أَوْ أَنَّ التَّشْدِيدَ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ كَأَفْرَجْتُهُ وَفَرَّجْتُهُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ) : الْهَاءُ هُنَا مِثْلَ الْهَاءِ الَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) (١١).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ) :«إِذْ» مِثْلُ: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ)، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ (عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
وَيُقْرَأُ: «يَغْشَاكُمْ» بِالتَّخْفِيفِ وَالْأَلِفِ. وَ (النُّعَاسَ) : فَاعِلُهُ، وَيُقْرَأُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ وَيَاءٍ بَعْدَهَا، وَ «النُّعَاسَ» بِالنَّصْبِ؛ أَيْ: يُغَشِّيكُمُ اللَّهُ النُّعَاسَ.
وَيُقْرَأُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِتَشْدِيدِ الشِّينِ.
وَ (أَمَنَةً) : مَذْكُورٌ فِي آلِ عِمْرَانَ.
(مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ) : الْجُمْهُورُ عَلَى الْمَدِّ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِفَةٌ لَهُ.
وَيُقْرَأُ شَاذًّا بِالْقَصْرِ، وَهِيَ بِمَعْنَى الَّذِي.
(رِجْزَ الشَّيْطَانِ) : الْجُمْهُورُ عَلَى الزَّايِ، وَيُرَادُ بِهِ هُنَا الْوَسْوَاسُ، وَجَازَ أَنْ يُسَمَّى رِجْزًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلرِّجْزِ وَهُوَ الْعَذَابُ.
وَقُرِئَ بِالسِّينِ، وَأَصْلُ الرِّجْسِ الشَّيْءُ الْقَذِرُ، فَجُعِلَ مَا يُفْضِي إِلَى الْعَذَابِ رِجْسًا اسْتِقْذَارًا لَهُ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) (١٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَوْقَ الْأَعْنَاقِ) : هُوَ ظَرْفُ ضَرَبُوا، وَفَوْقَ الْعُنُقِ الرَّأْسُ.
وَقِيلَ: هُوَ مَفْعُولٌ بِهِ. وَقِيلَ: فَوْقَ زَائِدَةٌ. (مِنْهُمْ) : حَالٌ مِنْ «كُلَّ بَنَانٍ» ؛ أَيْ: كُلَّ بَنَانٍ كَائِنًا مِنْهُمْ.
وَيَضْعُفُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ بَنَانٍ، إِذْ فِيهِ تَقْدِيمُ حَالِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُضَافِ.
قَالَ تَعَالَى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (١٣).
(ذَلِكَ) : أَيِ الْأَمْرُ، وَقِيلَ: ذَلِكَ مُبْتَدَأٌ.
وَ (بِأَنَّهُمْ) : الْخَبَرُ؛ أَيْ: ذَلِكَ مُسْتَحَقٌّ بِشِقَاقِهِمْ.
(وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ) : إِنَّمَا لَمْ يُدْغَمْ؛ لِأَنَّ الْقَافَ الثَّانِيَةَ سَاكِنَةٌ فِي الْأَصْلِ، وَحَرَكَتُهَا هُنَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فَهِيَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا.
قَالَ تَعَالَى: (ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ) (١٤).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ) : أَيِ الْأَمْرُ ذَلِكُمْ، أَوْ ذَلِكُمْ وَاقِعٌ، أَوْ مُسْتَحَقٌّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ أَيْ: ذُوقُوا ذَلِكُمْ، وَجُعِلَ الْفِعْلُ الَّذِي بَعْدَهُ مُفَسِّرًا لَهُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: بَاشِرُوا ذَلِكُمْ فَذُقُوهُ لِتَكُونَ الْفَاءُ عَاطِفَةً. (
وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ) : أَيْ: وَالْأَمْرُ أَنَّ لِلْكَافِرِينَ.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ) (١٥).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (زَحْفًا) : مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ.
وَقِيلَ: هُوَ مَصْدَرٌ لِلْحَالِ الْمَحْذُوفَةِ؛ أَيْ: تَزْحَفُونَ زَحْفًا. وَ (الْأَدْبَارَ) : مَفْعُولٌ ثَانٍ لِتَوَلُّوهُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٦).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُتَحَرِّفًا)، (أَوْ مُتَحَيِّزًا) : حَالَانِ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي يُوَلِّهِمْ.
قَالَ تَعَالَى: (ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) (١٨).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذَلِكُمْ) : أَيِ الْأَمْرُ ذَلِكُمْ، «وَ» الْأَمْرُ «أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ» بِتَشْدِيدِ الْهَاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَبِالْإِضَافَةِ وَالتَّنْوِينِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) : يُقْرَأُ بِالْكَسْرِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَبِالْفَتْحِ عَلَى تَقْدِيرِ: وَالْأَمْرُ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ شَرَ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) (٢٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ) : إِنَّمَا جَمَعَ الصُّمَّ، وَهُوَ خَبَرُ «شَرَّ» ؛ لِأَنَّ شَرًّا هُنَا يُرَادُ بِهِ الْكَثْرَةُ، فَجَمَعَ الْخَبَرَ عَلَى الْمَعْنَى، وَلَوْ قَالَ الْأَصَمَّ لَكَانَ الْإِفْرَادُ عَلَى اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى عَلَى الْجَمْعِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا تُصِيبَنَّ) : فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ، وَهُوَ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: وَاللَّهِ لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا خَاصَّةً؛ بَلْ تَعُمُّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ نَهْيٌ، وَالْكَلَامُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، كَمَا تَقُولُ لَا أَرَيَنَّكَ هَاهُنَا؛ أَيْ: لَا تَكُنْ هَاهُنَا فَإِنَّ مَنْ يَكُونُ هَاهُنَا أَرَاهُ، وَكَذَلِكَ الْمَعْنَى هُنَا؛ إِذِ الْمَعْنَى: لَا تَدْخُلُوا فِي الْفِتْنَةِ، فَإِنَّ مَنْ يَدْخُلْ فِيهَا تَنْزِلْ بِهِ عُقُوبَةٌ عَامَّةٌ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ، وَأَكَّدَ بِالنُّونِ مُبَالَغَةً، وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ مُتَرَدِّدٌ، فَلَا يَلِيقُ بِهِ التَّوْكِيدُ.
وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ: (لَتُصِيبَنَّ) : بِغَيْرِ أَلِفٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: الْأَشْبَهُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ مَحْذُوفَةً، كَمَا حُذِفَتْ فِي أَمَ وَاللَّهِ.
وَقِيلَ: فِي قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ إِنَّ الْجُمْلَةَ صِفَةٌ لِفِتْنَةٍ، وَدَخَلَتِ النُّونُ عَلَى الْمَنْفِيِّ فِي غَيْرِ الْقَسَمِ عَلَى الشُّذُوذِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٢٦).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَخَافُونَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ صِفَةٍ كَالَّذِي قَبْلَهُ؛ أَيْ: خَائِفُونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي «مُسْتَضْعَفُونَ».
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْزُومًا عَطْفًا عَلَى الْفِعْلِ الْأَوَّلِ، وَأَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى الْجَوَابِ بِالْوَاوِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (٣٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ يَمْكُرُ) : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ).
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (٣٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ الْحَقَّ) : الْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ بِالنَّصْبِ، وَ «هُوَ» هَاهُنَا فَصْلٌ.
وَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ «هُوَ» مُبْتَدَأٌ، وَالْحَقُّ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ كَانَ.
وَ (مِنْ عِنْدِكَ) : حَالٌ مِنْ مَعْنَى الْحَقِّ؛ أَيِ: الثَّابِتِ مِنْ عِنْدِكَ.
(مِنَ السَّمَاءِ) : يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بَأَمْطَرَ، وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً لِحِجَارَةٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (٣٤).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ) : أَيْ: فِي أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، أَوْ جَرٍّ عَلَى الِاخْتِلَافِ. وَقِيلَ: هُوَ حَالٌ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ «أَنْ» تُخَلِّصَ الْفِعْلَ لِلِاسْتِقْبَالِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (٣٥).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ) : الْجُمْهُورُ عَلَى رَفْعِ الصَّلَاةِ وَنَصْبِ الْمُكَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِالْعَكْسِ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ، وَوَجْهُهَا أَنَّ الْمُكَاءَ وَالصَّلَاةَ مَصْدَرَانِ،
وَالْمَصْدَرُ جِنْسٌ، وَمَعْرِفَةُ الْجِنْسِ قَرِيبَةٌ مِنْ نَكِرَتِهِ، وَنَكِرَتُهُ قَرِيبَةٌ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَرَجْتُ فَإِذَا الْأَسَدُ، أَوْ فَإِذَا أَسَدٌ، وَيُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ قَدْ دَخَلَهُ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ، وَقَدْ يَحْسُنُ فِي ذَلِكَ مَا لَا يَحْسُنُ فِي الْإِثْبَاتِ الْمَحْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ: كَانَ رَجُلٌ خَيْرًا مِنْكَ، وَيَحْسُنُ: مَا كَانَ رَجُلٌ إِلَّا خَيْرًا مِنْكَ.
وَهَمْزَةُ الْمُكَاءِ مُبَدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ، لِقَوْلِهِمْ مَكَا يَمْكُو.
وَالْأَصْلُ فِي التَّصْدِيَةِ تَصْدِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الصَّدِّ، فَأُبْدِلَتِ الدَّالُ الْأَخِيرَةُ يَاءً لِثِقَلِ التَّضْعِيفِ. وَقِيلَ: هِيَ أَصْلٌ، وَهُوَ مِنَ الصَّدَى الَّذِي هُوَ الصَّوْتُ.
قَالَ تَعَالَى: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (٣٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِيَمِيزَ) : يُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي آلِ عِمْرَانَ.
وَ (بَعْضَهُ) : بَدَلٌ مِنَ الْخَبِيثِ بَدَلَ الْبَعْضِ؛ أَيْ: بَعْضَ الْخَبِيثِ عَلَى بَعْضٍ.
وَ (يَجْعَلُ) : هُنَا مُتَعَدِّيَةٌ إِلَى مَفْعُولٍ بِنَفْسِهَا، وَإِلَى الثَّانِي بِحَرْفِ الْجَرِّ.
وَقِيلَ: الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ؛ تَقْدِيرُهُ: وَيَجْعَلُ بَعْضَ الْخَبِيثِ عَالِيًا عَلَى بَعْضٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (٤٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (نِعْمَ الْمَوْلَى) : الْمَخْصُوصُ بِالْمَدْحِ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: نِعْمَ الْمَوْلَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤٦).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنَّمَا غَنِمْتُمْ) :«مَا» بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ.
وَ (مِنْ شَيْءٍ) : حَالٌ مِنَ الْعَائِدِ الْمَحْذُوفِ، تَقْدِيرُهُ: مَا غَنِمْتُمُوهُ قَلِيلًا وَكَثِيرًا.
(فَأَنَّ لِلَّهِ) : يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَفِي الْفَاءِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي خَبَرِ الَّذِي لِمَا فِي الَّذِي مِنْ مَعْنَى الْمُجَازَاةِ. وَ «أَنَّ» وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ تَقْدِيرُهُ: فَالْحُكْمُ أَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَاءَ زَائِدَةٌ، وَ (أَنَّ) : بَدَلٌ مِنَ الْأُولَى. وَقِيلَ: «مَا» مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْمَصْدَرُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ؛ أَيْ: وَاعْلَمُوا أَنَّ غَنِيمَتَكُمْ؛ أَيْ: مَغْنُومَكُمْ.
وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ فِي «إِنَّ» الثَّانِيَةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ «إِنَّ» وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا فِي مَوْضِعِ خَبَرِ الْأُولَى، وَالْخُمُسِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا لُغَتَانِ، قَدْ قُرِئَ بِهِمَا.
(يَوْمَ الْفُرْقَانِ) : ظَرْفٌ لِأَنْزَلْنَا أَوْ لِآمَنْتُمْ.
(يَوْمَ الْتَقَى) : بَدَلٌ مِنْ «يَوْمَ» الْأَوَّلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِلْفُرْقَانِ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّفْرِيقِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٤٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ أَنْتُمْ) :«إِذْ» بَدَلٌ مِنْ «يَوْمَ» أَيْضًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: اذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِقَدِيرٍ، وَالْعُدْوَةُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ لُغَتَانِ، قَدْ قُرِئَ بِهِمَا.
(الْقُصْوَى) : بِالْوَاوِ، وَهِيَ خَارِجَةٌ عَلَى الْأَصْلِ، وَأَصْلُهَا مِنَ الْوَاوِ، وَقِيَاسُ الِاسْتِعْمَالِ
624
أَنْ تَكُونَ الْقِصْيَا؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ كَالدُّنْيَا، وَالْعُلْيَا، وَفُعْلَى إِذَا كَانَتْ صِفَةً قُلِبَتْ وَاوُهَا يَاءً فَرْقًا بَيْنَ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ.
(وَالرَّكْبُ) : جَمْعُ رَاكِبٍ فِي الْمَعْنَى، وَلَيْسَ بِجَمْعٍ فِي اللَّفْظِ، وَلِذَلِكَ تَقُولُ فِي التَّصْغِيرِ رُكَيْبٌ، كَمَا تَقُولُ فُرَيْخٌ.
وَ (أَسْفَلَ مِنْكُمْ) : ظَرْفٌ؛ أَيْ: وَالرَّكْبُ فِي مَكَانٍ أَسْفَلَ مِنْكُمْ؛ أَيْ: أَشَدَّ تَسَفُّلًا، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ الظَّرْفِ الَّذِي قَبْلَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى أَنْتُمْ؛ أَيْ: وَإِذَا الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ.
(لِيَقْضِيَ اللَّهُ) : أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَقْضِيَ.
(لِيَهْلِكَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ لِيَقْضِيَ بِإِعَادَةِ الْحَرْفِ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِـ «يَقْضِيَ» أَوْ بِـ «مَفْعُولًا».
(مَنْ هَلَكَ) : الْمَاضِي هُنَا بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى لِيَهْلِكَ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ مَنْ هَلَكَ فِي الدُّنْيَا مِنْهُمْ بِالْقَتْلِ.
(مَنْ حَيَّ) : يُقْرَأُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الْحَرْفَيْنِ مُتَمَاثِلَانِ مُتَحَرِّكَانِ، فَهُوَ مِثْلُ شَدَّ وَمَدَّ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُبَيْدٍ: عَيُّوا بِأَمْرِهِمُ كَمَا عَيَّتْ بِبَيْضَتِهَا الْحَمَامَهْ.
وَيُقْرَأُ بِالْإِظْهَارِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَاضِيَ حُمِلَ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ، وَهُوَ يَحْيَا فَكَمَا لَمْ يُدْغَمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَمْ يُدْغَمْ فِي الْمَاضِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ شَدَّ وَمَدَّ فَإِنَّهُ يُدْغَمُ فِيهِمَا جَمِيعًا.
625
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ حَرَكَةَ الْحَرْفَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ فَالْأُولَى مَكْسُورَةٌ، وَالثَّانِيَةُ مَفْتُوحَةٌ، وَاخْتِلَافُ الْحَرَكَتَيْنِ كَاخْتِلَافِ الْحَرْفَيْنِ، وَلِذَلِكَ أَجَازُوا فِي الِاخْتِيَارِ لَحِحَتْ عَيْنُهُ، وَضَبِبَ
الْبَلَدُ، إِذَا كَثُرَ ضَبُّهُ. وَيُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّ الْحَرَكَةَ الثَّانِيَةَ عَارِضَةٌ فَكَأَنَّ الْيَاءَ الثَّانِيَةَ سَاكِنَةً، وَلَوْ سُكِّنَتْ لَمْ يَلْزَمِ الْإِدْغَامُ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ فِي تَقْدِيرِ السَّاكِنِ، وَالْيَاءَانِ أَصْلٌ، وَلَيْسَتِ الثَّانِيَةُ بَدَلًا مِنْ وَاوٍ، فَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَالْوَاوُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ، وَأَمَّا الْحِوَاءُ فَلَيْسَ مِنْ لَفْظِ الْحَيَّةِ، بَلْ مِنْ حَوَى يَحْوِي إِذَا جَمَعَ.
وَ (عَنْ بَيِّنَةٍ) : فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (٤٣).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ يُرِيكَهُمُ) : أَيِ: اذْكُرُوا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِـ (عَلِيمٌ).
قَالَ تَعَالَى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٤٦).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَتَفْشَلُوا) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى جَوَابِ النَّهْيِ، وَكَذَلِكَ «وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ».
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَتَفْشَلُوا جَزْمًا عَطْفًا عَلَى النَّهْيِ، وَلِذَلِكَ قُرِئَ «وَيَذْهَبْ رِيحُكُمْ».
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (٤٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ) : مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، أَوْ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ.
(وَيَصُدُّونَ) : مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى الْمَصْدَرِ.
626
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ حَرَكَةَ الْحَرْفَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ فَالْأُولَى مَكْسُورَةٌ، وَالثَّانِيَةُ مَفْتُوحَةٌ، وَاخْتِلَافُ الْحَرَكَتَيْنِ كَاخْتِلَافِ الْحَرْفَيْنِ، وَلِذَلِكَ أَجَازُوا فِي الِاخْتِيَارِ لَحِحَتْ عَيْنُهُ، وَضَبِبَ
الْبَلَدُ، إِذَا كَثُرَ ضَبُّهُ. وَيُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّ الْحَرَكَةَ الثَّانِيَةَ عَارِضَةٌ فَكَأَنَّ الْيَاءَ الثَّانِيَةَ سَاكِنَةً، وَلَوْ سُكِّنَتْ لَمْ يَلْزَمِ الْإِدْغَامُ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ فِي تَقْدِيرِ السَّاكِنِ، وَالْيَاءَانِ أَصْلٌ، وَلَيْسَتِ الثَّانِيَةُ بَدَلًا مِنْ وَاوٍ، فَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَالْوَاوُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ، وَأَمَّا الْحِوَاءُ فَلَيْسَ مِنْ لَفْظِ الْحَيَّةِ، بَلْ مِنْ حَوَى يَحْوِي إِذَا جَمَعَ.
وَ (عَنْ بَيِّنَةٍ) : فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (٤٣).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ يُرِيكَهُمُ) : أَيِ: اذْكُرُوا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِـ (عَلِيمٌ).
قَالَ تَعَالَى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٤٦).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَتَفْشَلُوا) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى جَوَابِ النَّهْيِ، وَكَذَلِكَ «وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ».
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَتَفْشَلُوا جَزْمًا عَطْفًا عَلَى النَّهْيِ، وَلِذَلِكَ قُرِئَ «وَيَذْهَبْ رِيحُكُمْ».
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (٤٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ) : مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، أَوْ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ.
(وَيَصُدُّونَ) : مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى الْمَصْدَرِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (٤٨).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ) :«غَالِبَ» هُنَا مَبْنِيَّةٌ، وَلَكُمْ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِ «لَا»، وَالْيَوْمَ مَعْمُولُ الْخَبَرِ.
وَ (مِنَ النَّاسِ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي لَكُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «الْيَوْمَ» مَنْصُوبًا بِـ «غَالِبَ»، وَلَا مِنَ النَّاسِ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي «غَالِبَ» ؛ لِأَنَّ اسْمَ «لَا» إِذَا عَمِلَ فِيمَا بَعْدَهُ لَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ.
وَالْأَلِفُ فِي «جَارٌ» بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ لِقَوْلِكَ جَاوَرْتُهُ.
وَ (عَلَى عَقِبَيْهِ) : حَالٌ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٤٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ) : أَيِ: اذْكُرُوا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَزَيَّنَ، أَوْ لِفِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ مِمَّا يَصِحُّ بِهِ الْمَعْنَى.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) (٥٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَتَوَفَّى) : يُقْرَأُ بِالْيَاءِ، وَفِي الْفَاعِلِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: «الْمَلَائِكَةُ»، وَلَمْ يُؤَنَّثْ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا، وَلِأَنَّ تَأْنِيثَ الْمَلَائِكَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ «يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ» حَالًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ حَالًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا؛ لِأَنَّ فِيهَا ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَيْهِمَا. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ مُضْمَرًا؛ أَيْ: إِذْ يَتَوَفَّى اللَّهُ، وَالْمَلَائِكَةُ عَلَى هَذَا مُبْتَدَأٌ،
وَيَضْرِبُونَ الْخَبَرُ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى الْوَاوِ لِأَجْلِ الضَّمِيرِ؛ أَيْ: يَتَوَفَّاهُمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ، وَيُقْرَأُ بِالتَّاءِ وَالْفَاعِلُ الْمَلَائِكَةُ.
قَالَ تَعَالَى: (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (٥٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَدَأْبِ) : قَدْ ذُكِرَ فِي آلِ عِمْرَانَ مَا يَصِحُّ مِنْهُ إِعْرَابُ هَذَا الْمَوْضِعِ.
قَالَ تَعَالَى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٥٣).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) : يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ؛ تَقْدِيرُهُ: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا، وَبِأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ، وَيُقْرَأُ بِكَسْرِهَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.
قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ) (٥٦).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ عَاهَدْتَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الَّذِينَ الْأُولَى، وَأَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: هُمُ الَّذِينَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي، وَ: مِنْهُمْ حَالٌ مِنَ الْعَائِدِ الْمَحْذُوفِ.
قَالَ تَعَالَى: (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (٥٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ) : إِذَا أُكِّدَتْ «إِنِ» الشَّرْطِيَّةُ بِـ «مَا» أُكِّدَ فِعْلُ الشَّرْطِ بِالنُّونِ لِيَتَنَاسَبَ الْمَعْنَى.
(فَشَرِّدْ بِهِمْ) : الْجُمْهُورُ عَلَى الدَّالِ، وَهُوَ الْأَصْلُ.
وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِالذَّالِ، وَهُوَ بَدَلٌ مِنَ الدَّالِ، كَمَا قَالُوا خَرَادِيلُ وَخَزَاذِيلُ. وَقِيلَ: هُوَ مَقْلُوبٌ مِنْ شَذَّرَ بِمَعْنَى فَرَّقَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: تَفَرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ شَذَرَ فِي مَقَالِهِ إِذَا أَكْثَرَ فِيهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَعَسُّفٌ بَعِيدٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (٥٨).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ) : أَيْ عَهْدَهُمْ، فَحُذِفَ الْمَفْعُولُ.
وَ (عَلَى سَوَاءٍ) : حَالٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ) (٥٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ) : يُقْرَأُ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي «سَبَقُوا».
وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ، وَفِي الْفَاعِلِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مُضْمَرٌ؛ أَيْ: يَحْسَبَنَّ مَنْ خَلْفَهُمْ، أَوْ لَا يَحْسَبَنَّ أَحَدٌ، فَالْإِعْرَابُ عَلَى هَذَا كَإِعْرَابِ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَاعِلَ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي «سَبَقُوا»
وَالْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: أَنْفُسَهُمْ. وَقِيلَ التَّقْدِيرُ: أَنْ سَبَقُوا، وَأَنْ هُنَا مَصْدَرِيَّةٌ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، حُكِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ «أَنْ» الْمَصْدَرِيَّةَ مَوْصُولَةٌ، وَحَذْفُ الْمَوْصُولِ ضَعِيفٌ فِي الْقِيَاسِ، شَاذٌّ فِي الِاسْتِعْمَالِ.
(إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ) : أَيْ: لَا يَحْسَبُوا ذَلِكَ لِهَذَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِتَحْسَبُ، إِمَّا مَفْعُولٌ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ سَبَقُوا، وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ تَكُونُ لَا زَائِدَةً، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: زِيَادَةُ لَا. وَالثَّانِي: أَنَّ مَفْعُولَ حَسِبْتُ إِذَا كَانَ جُمْلَةً وَكَانَ مَفْعُولًا ثَانِيًا كَانَتْ فِيهِ إِنَّ مَكْسُورَةً؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) (٦٠).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ قُوَّةٍ) : هُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ «مَا» أَوْ مِنَ الْعَائِدِ الْمَحْذُوفِ فِي «اسْتَطَعْتُمْ». (تُرْهِبُونَ بِهِ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْفَاعِلِ فِي اعْدِلُوا، أَوْ مِنَ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّ فِي الْجُمْلَةِ ضَمِيرَيْنِ يَعُودَانِ إِلَيْهِمَا.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) (٦١).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِلسَّلْمِ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى إِلَى؛ لِأَنَّ جَنَحَ بِمَعْنَى مَالَ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعَدِّيَّةً لِلْفِعْلِ بِنَفْسِهَا، وَأَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مِنْ أَجْلِ، وَ «السَّلْمِ» بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ: «فَاجْنَحْ لَهَا».
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٦٤).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَسْبُكَ اللَّهُ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، وَقَالَ قَوْمٌ حَسْبُكَ مُبْتَدَأٌ، وَاللَّهُ فَاعِلُهُ؛ أَيْ: يَكْفِيكَ اللَّهُ.
(وَمَنِ اتَّبَعَكَ) : فِي «مَنْ» ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: جَرٌّ عَطْفًا عَلَى الْكَافِ فِي حَسْبُكَ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الْجَارِّ لَا يَجُوزُ. وَالثَّانِي: مَوْضِعُهُ نَصْبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ تَقْدِيرُهُ: وَيَكْفِي مَنِ اتَّبَعَكَ.
وَالثَّالِثُ: مَوْضِعُهُ رَفْعٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ اللَّهِ فَيَكُونُ خَبَرًا آخَرَ؛ كَقَوْلِكَ الْقَائِمَانِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَلَمْ يُثَنِّ حَسْبُكَ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ.
وَقَالَ قَوْمٌ: هَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ، وَلَا يَحْسُنُ هَاهُنَا كَمَا لَمْ يَحْسُنْ فِي قَوْلِهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، وَثُمَّ هُنَا أَوْلَى. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَحَسْبُكَ مَنِ اتَّبَعَكَ.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ) (٦٥).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ يَكُنْ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ التَّامَّةَ، فَيَكُونُ الْفَاعِلُ «عِشْرُونَ»، وَ (مِنْكُمْ) : حَالٌ مِنْهَا، أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِيكُونَ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ النَّاقِصَةَ فَيَكُونَ عِشْرُونَ اسْمُهَا، «وَمِنْكُمْ» الْخَبَرُ.
قَالَ تَعَالَى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٦٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَسْرَى) : فِيهِ قِرَاءَاتٌ قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْبَقَرَةِ.
(وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) : الْجُمْهُورُ عَلَى نَصْبِ الْآخِرَةِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَقُرِئَ شَاذًّا بِالْجَرِّ، تَقْدِيرُهُ: وَاللَّهُ يُرِيدُ عَرَضَ الْآخِرَةِ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ، وَبَقِيَ عَمَلُهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: أَكُلَّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امْرَأً وَنَارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيْلِ نَارًا.
؛ أَيْ: وَكُلِّ نَارٍ.
قَالَ تَعَالَى: (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (٦٨).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَوْلَا كِتَابٌ) : كِتَابٌ مُبْتَدَأٌ، وَ «سَبَقَ» صِفَةٌ لَهُ. وَ (مِنَ اللَّهِ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً أَيْضًا، وَأَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِسَبَقَ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: تَدَارَكَكُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦٩).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَلَالًا طَيِّبًا) : قَدْ ذُكِرَ فِي الْبَقَرَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٧١).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (خِيَانَتَكَ) : مَصْدَرُ خَانَ يَخُونُ، وَأَصْلُ الْيَاءِ الْوَاوُ، فَقُلِبَتْ لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَوَقَعَ الْأَلِفُ بَعْدَهَا.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٧٢).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ وَلَايَتِهِمْ) : يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسِرَهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَقِيلَ: هِيَ بِالْكَسْرِ: الْإِمَارَةُ، وَبِالْفَتْحِ مِنْ مُوَالَاةِ النُّصْرَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) (٧٣).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) : الْهَاءُ تَعُودُ عَلَى النَّصْرِ. وَقِيلَ: عَلَى الْوَلَاءِ وَالتَّآمُرِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٧٥).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي كِتَابِ اللَّهِ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِـ (أَوْلَى) ؛ أَيْ: يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ.
Icon