تفسير سورة سورة الناس من كتاب التفسير البسيط
المعروف بـالبسيط للواحدي
.
لمؤلفه
الواحدي
.
المتوفي سنة 468 هـ
ﰡ
تفسير سورة الناس (١)
بسم الله الرحمن الرحيم
١ - ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ (القراء على ترك الإمالة في "الناس" (٢)، وروي عن الكسائي: الإمالة إذا كان في موضع الخفض (٣)، ولا إشكال في حسن ذلك وجوازه، وذلك أنه لو كان مكان الناس نحو: المال، والعاب (٤) لجازت إمالة "الألف" فيه لكسره الإعراب، فإذا كان "الناس" كان أحسن، لأن هذا (٥) الحرف قد أميل في الموضع الذي لا يوجب القياس إمالته، كما أميل الحجاج إذا كان علمًا، لأنهما كثرا في الكلام
(١) فيها قولان:
أحدهما: أنها مدنية. رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أنها مكية. رواه أبو كريب عن ابن عباس، وقتادة، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٥٤٠، و"زاد المسير" ٨/ ٣٣٥.
(٢) انظر: "كتاب السبعة في القراءات" ص ٧٠٣، و"القراءات وعلل النحويين فيها" ٢/ ٨١١، و"الحجة" ٦/ ٤٦٧، و"المهذب في القراءات العشر" ٢/ ٣٤٥.
(٣) وأيضًا كان لا يميلها في موضع الرفع والنصب. المراجع السابقة.
(٤) في (أ): (العار).
(٥) في (أ): (هذه).
أحدهما: أنها مدنية. رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أنها مكية. رواه أبو كريب عن ابن عباس، وقتادة، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٥٤٠، و"زاد المسير" ٨/ ٣٣٥.
(٢) انظر: "كتاب السبعة في القراءات" ص ٧٠٣، و"القراءات وعلل النحويين فيها" ٢/ ٨١١، و"الحجة" ٦/ ٤٦٧، و"المهذب في القراءات العشر" ٢/ ٣٤٥.
(٣) وأيضًا كان لا يميلها في موضع الرفع والنصب. المراجع السابقة.
(٤) في (أ): (العار).
(٥) في (أ): (هذه).
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور/ سليمان بن عبد الله أبا الخيلالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين أما بعد: فقد دأبت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- على دعم الجامعات السعودية، لتقوم بدورها الرائد في خدمة هذا البلد على أفضل صورة وأرقاها، ولتنافس الجامعات العالمية بجهودها وأعمالها المتميزة، ودعمه -رعاه الله- لجامعة الإِمام محمد بن سعود يذكر بأسطر من نور، ويسجل بمداد من ذهب. والجامعة تسعى بكل طاقاتها وإمكاناتها لتحقق هذه الأهداف السامية ومنها خدمة البحث العلمي، ونشر العلم والمعرفة على أوسع مجال، وأكثره نفعاً، في مختلف مناحي الحياة.
وقد زخرت الجامعة بأعمال علمية كبيرة في مجالات كثيرة من تخصصاتها العلمية المختلفة، ومن هذه الأعمال تحقيق كتاب (البسيط في التفسير للإمام الواحدي) وقد حقِّق في الجامعة في خمس عشرة رسالة، وهو من الأعمال الكبيرة، فبعد الطباعة وصلت أجزاؤه إلى خمسة وعشرين جزءاً مع الفهارس، وتجاوزت صفحاته أربعة عشر ألفاً، مما دل على ضخامة العمل وصعوبة نشره.
وقد كوَّنت لجنة لمتابعة ما بدئ به من هذا العمل برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور عبد العزيز بن سطَّام بن عبد العزيز آل سعود لما أعرفه عن سموَّه من جدٍّ ونشاط وعلميَّةٍ متميَّزةٍ، وحرصٍ على العلمِ، مع اهتمامه البالغ بنشر هذا الكتاب، وقد قام بهذه المسؤولية خير قيام، وبذل من جهده ووقته وفكره وخبرته، بل وماله ما سدَّد العمل، وأنجزه بوقتٍ قياسيٍّ، وجعل هذا الكتاب يخرج بهذه الصورة الرائعة والثوب
- أ -
3
القشيب، والحلة الجميلة، شكلاً ومضموناً، فجزاه الله خيراً على جهوده المتواصلة، وأعماله الخيرة، فمثله في علمه وخلقه أهل لكل خير.
كما أنَّني كلّفت الأستاذ الدكتور تركي بن سهو العتيبي صاحب الخبرة الطويلة والعمق العلمي والمعرفي والإتقان المعروف -عميد البحث العلمي السابق- بأن يكون نائباً للرئيس، لمعرفتي أنه هو الذي قد بدأ هذا المشروع قبل ثلاث سنوات من نهاية مدَّته الأخيرة التي انتهت في نهاية شهر ربيع الآخر من عام ١٤٢٧ هـ، ولأنه من أعرف الناس بالكتاب ومراحل طباعته، وبالشروط التي اشترطت لإخراجه ولخبرته في هذا المجال، وقد قبل مشكوراً بالأمر وأسهم إسهاماً كبيراً في متابعته ليرى النور.
أما هذا الكتاب فهو التفسير البسيط للإمام أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي المتوفى سنة ٤٦٤هـ، فهو من علماء القرن الخامس، وكتابه هذا من أشهر كتب التفسير بالمأثور، وهو واحد من كتبه الثلاثة في التفسير؛ البسيط وهو هذا الكتاب الذي أقدِّم له وهو أكبر تفاسيره وأقدمها تأليفاً، واسمه دليل على مراد مصنفه منه، وكتابه الثاني الوسيط، واسمه دل على أنه بين البسيط والمختصر، والثالث كتاب الوجيز.
هذا العمل العلمي الكبير يعدُّ بحقٍّ مفخرة من مفاخر الجامعة التي سعت إلى تحقيقه أولاً، ثم وفّق الله سبحانه وتعالى إلى إخراجه، فهو عملٌ علميٌّ ضخم أفنى فيه الباحثون سنين مهمة من أعمارهم لو قيست برأس المال المعرفي لوجدت أن متوسط سنوات إعداد كل رسالة ثلاث سنوات علماً بأن إعداد بعض هذه الرسائل قد تجاوز ثلاث سنوات من تاريخ التسجيل حتى المناقشة، ومنها ما أنجز في حدود السنتين، وليست هناك رسالة تتم في أقل من هذا، فهذا الكتاب بذل فيه ما يزيد على ثلاثين سنة عملٍ، واستغرقت الطباعة والإخراج ما زاد على خمس سنوات، إن الجهود الكبيرة التىِ بذلت وتبذل لهي عنوان كبير على قيمة هذا العمل، وهذا فضل الله سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء.
- ب -
كما أنَّني كلّفت الأستاذ الدكتور تركي بن سهو العتيبي صاحب الخبرة الطويلة والعمق العلمي والمعرفي والإتقان المعروف -عميد البحث العلمي السابق- بأن يكون نائباً للرئيس، لمعرفتي أنه هو الذي قد بدأ هذا المشروع قبل ثلاث سنوات من نهاية مدَّته الأخيرة التي انتهت في نهاية شهر ربيع الآخر من عام ١٤٢٧ هـ، ولأنه من أعرف الناس بالكتاب ومراحل طباعته، وبالشروط التي اشترطت لإخراجه ولخبرته في هذا المجال، وقد قبل مشكوراً بالأمر وأسهم إسهاماً كبيراً في متابعته ليرى النور.
أما هذا الكتاب فهو التفسير البسيط للإمام أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي المتوفى سنة ٤٦٤هـ، فهو من علماء القرن الخامس، وكتابه هذا من أشهر كتب التفسير بالمأثور، وهو واحد من كتبه الثلاثة في التفسير؛ البسيط وهو هذا الكتاب الذي أقدِّم له وهو أكبر تفاسيره وأقدمها تأليفاً، واسمه دليل على مراد مصنفه منه، وكتابه الثاني الوسيط، واسمه دل على أنه بين البسيط والمختصر، والثالث كتاب الوجيز.
هذا العمل العلمي الكبير يعدُّ بحقٍّ مفخرة من مفاخر الجامعة التي سعت إلى تحقيقه أولاً، ثم وفّق الله سبحانه وتعالى إلى إخراجه، فهو عملٌ علميٌّ ضخم أفنى فيه الباحثون سنين مهمة من أعمارهم لو قيست برأس المال المعرفي لوجدت أن متوسط سنوات إعداد كل رسالة ثلاث سنوات علماً بأن إعداد بعض هذه الرسائل قد تجاوز ثلاث سنوات من تاريخ التسجيل حتى المناقشة، ومنها ما أنجز في حدود السنتين، وليست هناك رسالة تتم في أقل من هذا، فهذا الكتاب بذل فيه ما يزيد على ثلاثين سنة عملٍ، واستغرقت الطباعة والإخراج ما زاد على خمس سنوات، إن الجهود الكبيرة التىِ بذلت وتبذل لهي عنوان كبير على قيمة هذا العمل، وهذا فضل الله سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء.
- ب -
4
وفي الختام أشكر رئيس اللجنة التي قامت على إخراج هذا العمل العلمي الكبير صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور/ عبد العزيز بن سطام بن عبد العزيز، وسعادة نائبه الأستاذ الدكتور/ تركي بن سهو العتيبي والعاملين معهم في اللجنة على ما قدموه من خدمة عظيمة لكتاب الله، ولهذا الكتاب الأصيل، ولطلاب العلم والباحثين في كل مكان.
وأخيراً أسجَّل شكري وتقديري للأخوة الباحثين أصحاب الرسائل الجامعية الذين قاموا بالتحقيق، ونالوا به درجاتهم العلمية، وأشكر المراجعين والمصححين الذين قاموا على أعمال الطباعة والإخراج، ولكلِّ من قدَّم جهداً في نشر هذا العمل الموسوعي.
وفي الختام أحمد الله أن قيَّض لهذا البلد الطاهر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي، الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الذين يحرصون على العلم النافع والعمل الصالح، فلم يدخروا وسعاً في دعم البحث العلمي وتشجيعه ونشره، وخدمة الإِسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أ. د. سليمان بن عبد الله أبا الخيل
مدير جامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية
- جـ -
وأخيراً أسجَّل شكري وتقديري للأخوة الباحثين أصحاب الرسائل الجامعية الذين قاموا بالتحقيق، ونالوا به درجاتهم العلمية، وأشكر المراجعين والمصححين الذين قاموا على أعمال الطباعة والإخراج، ولكلِّ من قدَّم جهداً في نشر هذا العمل الموسوعي.
وفي الختام أحمد الله أن قيَّض لهذا البلد الطاهر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي، الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الذين يحرصون على العلم النافع والعمل الصالح، فلم يدخروا وسعاً في دعم البحث العلمي وتشجيعه ونشره، وخدمة الإِسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أ. د. سليمان بن عبد الله أبا الخيل
مدير جامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية
- جـ -
5
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور عبد العزيز بن سطام بن عبد العزيز آل سعودالحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، أما بعد:
فمن نعم الله الكثيرة أن هيَّأ سبل السعي إلى طلب العلم وتحصيله، وذلَّلَ طرقه، وفتح آفاقاً من المعرفة كثيرة، ينهل منها أهل العلم وطلابه في مجال من مجالاته المختلفة.
ومن خير الأعمال التي تبذل فيها الأوقات نشر الكتب ولا سيما كتب العلوم الشرعية في مختلف تخصصاتها، وجميع ما يتصل بنشرها وتوزيعها، ودون شكٍّ أن من أشرف العلوم ما كان متَّصلاً بكتاب الله سبحانه وتعالى، تفسيراً وقراءات وإعراباً وتوجيهاً، ومنها هذا المشروع الكبير المتصل بتفسير كتاب الله وإعرابه، فقد سجَّل خمسة عشر طالباً من قسم القرآن وعلومه رسائلهم لنيل درجة الدكتوراه في كتاب التفسير البسيط للواحدي، وهو يستحقُّ كل هذا العدد الكبير من الرسائل لكونه من كتب التفسير والإعراب الواسعة، وكما نصَّ على هذا مؤلفه فوافقت حقيقته واقع الكتاب، وجاءت هذه الرسائل لتلبي الحاجة الملحة للعمل في هذا السفر الكبير، وقد بذل المحققون جهوداً كبيرة في إخراج رسائلهم التي أمضوا في إعدادها سنوات مهمة من أعمارهم لينالوا الدرجات العلمية التي سجلوا الكتاب من أجل الحصول عليها، وقد حصلوا عليها بفضل الله سبحانه وتعالى، وبقي هذا العمل حبيس الأدراج حتى قيَّضَ له الأخ الزميل الدكتور تركي بن سهو العتيبي عميد البحث العلمي السابق ليبذل جهده لإخراج الكتاب مع إدراكه أن هناك عقبات كثيرة تحول دون نشره، ومن أصعبها تعدد الرسائل في هذا الكتاب، وتباعد الباحثين، وضخامة العمل، ولزوم إخراجه كاملاً في وقت واحدٍ.
- هـ -
6
وبدأ العمل في الكتاب منذ ست سنوات، وكان عملاً متواصلاً لا ينفك البتة، مما جعل اللجنة المشكلة تبذل جهوداً متواصلة لإخراجه وطباعته، ومحاولة توحيد عمل المحققين، والسعي لتوحيد الإخراج، ليكون الكتاب كله على نسق متقارب.
وقد أخذت اللجنة العلمية على عاتقها تطبيق ملحوظات الفاحصين على جميع الرسائل، من خلال المراجعين الذين كلفوا بالمراجعة والتصحيح والتدقيق، كما قررت اللجنة أن تدوِّن أسماء الباحثين على الأجزاء التي حقّقوها، وبذلت خطوات علمية وعملية حيث قامت اللجان بمقابلة النص كاملاً على إحدى النسخ الخطية للتأكد من خلوه من الأسقاط، والالتزام برسم المصحف، والضبط بالشكل للمشكل من الكلمات، أو ما يستدعي السياق ضبطه، ورفع الإبهام عن النصِّ، والتخلص من تراجم المشهورين، ومحاولة عدم تكرار التخريج للنصوص، وعدم تكرار توثيق الشواهد ما أمكن، إلا ما دعت الحاجة إلى تكراره، وبعد هذا كلِّه الإشراف على الفهرسة العلمية الكاملة لهذا الكتاب.
هذا جهد استمر من منتصف عام ١٤٢٥ هـ، حتى الآن، وبعد جهود متواصلة، ومتابعة متلاحقة خرج هذا العمل الذي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون عملاً صالحاً مقبولاً، وأن يجزي الباحثين أصحاب الرسائل كل خير.
وأخيراً أشكر الله سبحانه وتعالى على ما أعان ويسر وتمَّم، وأثني بالشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية على ما أولوه للعلم والمعرفة من عناية ورعاية واهتمام، وما قدموه وما يقدمونه للجامعات السعودية من جهود مباركة.
- و -
وقد أخذت اللجنة العلمية على عاتقها تطبيق ملحوظات الفاحصين على جميع الرسائل، من خلال المراجعين الذين كلفوا بالمراجعة والتصحيح والتدقيق، كما قررت اللجنة أن تدوِّن أسماء الباحثين على الأجزاء التي حقّقوها، وبذلت خطوات علمية وعملية حيث قامت اللجان بمقابلة النص كاملاً على إحدى النسخ الخطية للتأكد من خلوه من الأسقاط، والالتزام برسم المصحف، والضبط بالشكل للمشكل من الكلمات، أو ما يستدعي السياق ضبطه، ورفع الإبهام عن النصِّ، والتخلص من تراجم المشهورين، ومحاولة عدم تكرار التخريج للنصوص، وعدم تكرار توثيق الشواهد ما أمكن، إلا ما دعت الحاجة إلى تكراره، وبعد هذا كلِّه الإشراف على الفهرسة العلمية الكاملة لهذا الكتاب.
هذا جهد استمر من منتصف عام ١٤٢٥ هـ، حتى الآن، وبعد جهود متواصلة، ومتابعة متلاحقة خرج هذا العمل الذي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون عملاً صالحاً مقبولاً، وأن يجزي الباحثين أصحاب الرسائل كل خير.
وأخيراً أشكر الله سبحانه وتعالى على ما أعان ويسر وتمَّم، وأثني بالشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية على ما أولوه للعلم والمعرفة من عناية ورعاية واهتمام، وما قدموه وما يقدمونه للجامعات السعودية من جهود مباركة.
- و -
7
وأشكر معالي مدير الجامعة الأخ الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل اهتمامه بهذا الكتاب، ومباركته هذا التوجه وتأييده له، وحرصه الشديد على الإسراع بنشره، وتأكيده الدائم بأن الجامعة ستدعم هذا المشروع بكلِّ ما تستطيع.
وأسجِّل عرفاني وتقديري لأعضاء اللجنة جميعاً على صبرهم وتحملهم هذا العمل، مع مشاغلهم الكثيرة، وبذلهم جهوداً متواصلة من غير كللٍ ولا مللٍ، كان العمل متواصلاً طيلة هذه السنوات، وقد ظنَّ الكثيرون بأن العمل توقَّف، لكنه لم يتوقف بحمد الله، لكن رغبة في الإنجاز حرص أعضاء اللجنة على العمل الدائم بصمتٍ تامٍّ حتى يتحقَّق إنجازه وقد تمَّ بفضل الله سبحانه وتعالى.
وأشكر كذلك لجان المتابعة والمراجعين، وجميع من ضرب مع اللجنة بسهم في العمل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد العزيز بن سطام بن عبد العزيز آل سعود
- ز -
وأسجِّل عرفاني وتقديري لأعضاء اللجنة جميعاً على صبرهم وتحملهم هذا العمل، مع مشاغلهم الكثيرة، وبذلهم جهوداً متواصلة من غير كللٍ ولا مللٍ، كان العمل متواصلاً طيلة هذه السنوات، وقد ظنَّ الكثيرون بأن العمل توقَّف، لكنه لم يتوقف بحمد الله، لكن رغبة في الإنجاز حرص أعضاء اللجنة على العمل الدائم بصمتٍ تامٍّ حتى يتحقَّق إنجازه وقد تمَّ بفضل الله سبحانه وتعالى.
وأشكر كذلك لجان المتابعة والمراجعين، وجميع من ضرب مع اللجنة بسهم في العمل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد العزيز بن سطام بن عبد العزيز آل سعود
- ز -
8
مقدمة التحقيق
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون﴾ [آل عمران: ١٠٢]. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١].
أما بعد:
فإن أجل ما صرفت فيه الأعمار، وقضيت فيه الأيام، الاشتغال بكتاب الله جل وعلا، قراءة وتعلُّماً وتعليماً وتفسيراً، فهو الحجة البالغة والصراط المستقيم، وه و"كتابه الدالُّ عليه لمن أراد معرفته، وطريقه الموصلة لسالكها إليه، ونوره المبين الذي أشرقت له الظلمات، ورحمته المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسبب الواصل بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وبابه الأعظم الذي منه الدخول، فلا يغلق إذا أغلقت الأبواب، وهو الصراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء، والذكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء، والنُزُل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء، ولا تفنى عجائبه، ولا تُقْلِع سحائبه، ولا تنقضي آياته، ولا تختلف دلالاته، كلما ازدادت البصائر
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله، نَحْمده، ونَستعينه، ونستغفره، ونعوذُ بالله مِنْ شرورِ أنفسنا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون﴾ [آل عمران: ١٠٢]. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١].
أما بعد:
فإن أجل ما صرفت فيه الأعمار، وقضيت فيه الأيام، الاشتغال بكتاب الله جل وعلا، قراءة وتعلُّماً وتعليماً وتفسيراً، فهو الحجة البالغة والصراط المستقيم، وه و"كتابه الدالُّ عليه لمن أراد معرفته، وطريقه الموصلة لسالكها إليه، ونوره المبين الذي أشرقت له الظلمات، ورحمته المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسبب الواصل بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وبابه الأعظم الذي منه الدخول، فلا يغلق إذا أغلقت الأبواب، وهو الصراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء، والذكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء، والنُزُل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء، ولا تفنى عجائبه، ولا تُقْلِع سحائبه، ولا تنقضي آياته، ولا تختلف دلالاته، كلما ازدادت البصائر
9
فيه تأملاً وتفكيرًا زادتْ هداية وتبصيرًا، وكلما بَجَسَتْ (١) مَعينه فجّر لها ينابيع الحكمة تفجيرًا، فهو نور البصائر من عماها، وشفاء الصدور من أدوائها وجواها (٢)، وحياة القلوب. ، ولذة النفوس" (٣).
ولذلك عكف العلماء على مائدة القرآن منذ نزوله، تلاوةً وحفظاً، وتدبراً واستنباطاً، وتفسيراً وبياناً، وتأليفاً وبحثًا عن أسراره وعجائبه التي لا تنفد ولا تنقضي، لذلك تعددت الدراسات حول القرآن؛ فمنهم من عُني بقراءاته وعللها، ومنهم من عُني بغريبه ومعانيه، ومنهم من عني بإعرابه وبلاغته، ومنهم من عني بأحكامه وتشريعاته، ومنهم من عني بمشكله ومتشابهه، ومنهم من عُني بأسباب نزوله وناسخه ومنسوخه، وقد استأثر التفسير بالنصيب الأوفى من هذِه الدراسات، حيث أُلفت في هذا الباب كتبٌ عديدة ومصنفاتٌ عجيبة، ما بين مطيل متوسع، ومختصر موجز، ومتوسط مقتصد.
وممن وفقهم الله لذلك العلامة المفسّر اللغوي: أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، حيث ألف في التفسير فأكثر ولوّن، وبسط وأوجز، وجمع وحقق، وزيَّن ونمَّق، واشتهر بين الناس بمصنفاته في التفسير، وسارت بها الركبان، وتداولها شُداة العلم، وأفادوا منها، وأثنوا عليها غاية الثناء، وذلك أنه كما قال عن نفسه: "وأظنني لم آلُ جهداً في إحكام أصول هذا العلم، على حسب ما يليق بزماننا هذا، ويسعه سنو عمري، على قلة
ولذلك عكف العلماء على مائدة القرآن منذ نزوله، تلاوةً وحفظاً، وتدبراً واستنباطاً، وتفسيراً وبياناً، وتأليفاً وبحثًا عن أسراره وعجائبه التي لا تنفد ولا تنقضي، لذلك تعددت الدراسات حول القرآن؛ فمنهم من عُني بقراءاته وعللها، ومنهم من عُني بغريبه ومعانيه، ومنهم من عني بإعرابه وبلاغته، ومنهم من عني بأحكامه وتشريعاته، ومنهم من عني بمشكله ومتشابهه، ومنهم من عُني بأسباب نزوله وناسخه ومنسوخه، وقد استأثر التفسير بالنصيب الأوفى من هذِه الدراسات، حيث أُلفت في هذا الباب كتبٌ عديدة ومصنفاتٌ عجيبة، ما بين مطيل متوسع، ومختصر موجز، ومتوسط مقتصد.
وممن وفقهم الله لذلك العلامة المفسّر اللغوي: أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، حيث ألف في التفسير فأكثر ولوّن، وبسط وأوجز، وجمع وحقق، وزيَّن ونمَّق، واشتهر بين الناس بمصنفاته في التفسير، وسارت بها الركبان، وتداولها شُداة العلم، وأفادوا منها، وأثنوا عليها غاية الثناء، وذلك أنه كما قال عن نفسه: "وأظنني لم آلُ جهداً في إحكام أصول هذا العلم، على حسب ما يليق بزماننا هذا، ويسعه سنو عمري، على قلة
(١) بجست: فجرت. ينظر: "اللسان" ١/ ٢١٢.
(٢) جواها: الجوى: الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن، والجوى السل وتطاول المرض. انظر: "اللسان" ٢/ ٧٣٠٤.
(٣) "مدارج السالكين" ١/ ٣.
(٢) جواها: الجوى: الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن، والجوى السل وتطاول المرض. انظر: "اللسان" ٢/ ٧٣٠٤.
(٣) "مدارج السالكين" ١/ ٣.
10
أعدادها، فقد وفق الله تعالى، وله الحمد، حتى اقتبست كل ما احتجت إليه في هذا الباب من مظانه، وأخذته من معادنه". فجاءت مؤلفاته مليئة بالفوائد، جامعة للعلوم والمعاني، حسنة في الألفاظ والمباني. ومع قناعة أبي الحسن الواحدي بأن الأول لم يترك للآخر شيئاً، إلا أنه اعتذر لنفسه بقوله: "إن المتأخر بلطيف حيلته، ودقيق فطنته، يلتقط الدرر، ويجمع الغرر، فينظمها كالعقد على صدر الكعاب (١)، يروق (٢) المتأملين، ويؤنق (٣) الناظرين، فيستحق به في الأولى حمد الحامدين، وفي العقبي ثواب رب العالمين".
وكان -رحمه الله- تحدثه نفسه أن يعلق في تفسير القرآن فِقَراً (٤) في الكشف عن غوامض معانيه، ونكتاً في الإشارة إلى علل القراءات فيه، في ورقات يصغر حجمها، ويكثر غُنْمها، والأيام تَمْطله بصروفها، على اختلاف صنوفها، إلى أن شدد عليه خناق التقاضي قوم لهم في العلم سابقة، وفي التحقيق همم صادقة، فسمحت قَرُوْنَتُه بعد الإباء، وذلت صعوبته بعد النفرة والالتواء.
قال: "وقد استخرت الله العظيم في جمع كتاب أرجو أن يمدني الله فيه بتوفيقه وحسن تيسيره، حتى أبرزه كالقمر انجاب سحابه، والزلال صفا متنه واطرد حُبابه، يؤدي إلى المتأمل نُضرة الكلم العِذاب، ورونق الذهب
وكان -رحمه الله- تحدثه نفسه أن يعلق في تفسير القرآن فِقَراً (٤) في الكشف عن غوامض معانيه، ونكتاً في الإشارة إلى علل القراءات فيه، في ورقات يصغر حجمها، ويكثر غُنْمها، والأيام تَمْطله بصروفها، على اختلاف صنوفها، إلى أن شدد عليه خناق التقاضي قوم لهم في العلم سابقة، وفي التحقيق همم صادقة، فسمحت قَرُوْنَتُه بعد الإباء، وذلت صعوبته بعد النفرة والالتواء.
قال: "وقد استخرت الله العظيم في جمع كتاب أرجو أن يمدني الله فيه بتوفيقه وحسن تيسيره، حتى أبرزه كالقمر انجاب سحابه، والزلال صفا متنه واطرد حُبابه، يؤدي إلى المتأمل نُضرة الكلم العِذاب، ورونق الذهب
(١) الكعاب: الجارية التي نهد ثديها. ينظر "اللسان" ٧/ ٣٨٨٨.
(٢) يروق: يعجب. ينظر: "اللسان" ٣/ ١٧٧٩.
(٣) يؤنق: يعجب. ينظر: "اللسان" ١/ ١٥٣.
(٤) الفِقَر: خرزات الظهر، الواحدة: فِقْرة. والفِقْرة: جملة من كلام، أو جزء من موضوع. ينظر: "تهذيب اللغة" ٩/ ١١٧، "والمعجم الوسيط" ٢/ ٦٩٧.
(٢) يروق: يعجب. ينظر: "اللسان" ٣/ ١٧٧٩.
(٣) يؤنق: يعجب. ينظر: "اللسان" ١/ ١٥٣.
(٤) الفِقَر: خرزات الظهر، الواحدة: فِقْرة. والفِقْرة: جملة من كلام، أو جزء من موضوع. ينظر: "تهذيب اللغة" ٩/ ١١٧، "والمعجم الوسيط" ٢/ ٦٩٧.
11
المذاب، سألكٌ نهج الإعجاز في الإيجاز، مشتمل على ما نقمت على غيري إهماله، ونعيت عليه إغفاله، خالٍ عما يكسب المستفيد مَلالة، ويتصور عند المتصفح إطالة، لا يدع لمن تأمله حازة في صدره، حتى يخرجه من ظلمة الريب والتخمين إلى نور العلم وثَلَج اليقين".
ولما كان الكتاب بهذه المثابة، ومؤلفه بهذه المنزلة، فقد ظل الكتاب مغموراً محبوساً بين المخطوطات في خزائن كتب التراث في الخافقين، حتى قيض الله له من ينفض عنه الغبار، وهم مجموعة من الأساتذة الافاضل، نالوا بها درجة الدكتوراه وهم:
١ - الدكتور/ محمد بن صالح بن عبد الله الفوزان.
من أول الكتاب إلى آخر الآية رقم ٧٤ من سورة البقرة.
٢ - الدكتور/ محمد بن عبد العزيز الخضيري.
من آية ٧٥ حتى آية من سورة البقرة إلى آخر السورغ
٣ - الدكتور/ أحمد بن محمد بن صالح الحمادي.
سورة آل عمران كلها.
٤ - الدكتور/ محمد بن حمد بن عبد الله المحيميد.
من أول سورة النساء إلى آخر سورة المائدة.
٥ - الدكتور/ محمد بن منصور الفايز.
من أول سورة الأنعام إلى آخر سورة الأعراف.
٦ - الدكتور/ إبراهيم بن علي الحسن.
من أول سورة الأنفال إلى آخر سورة يونس.
٧ - الدكتور/ عبيد الله بن إبراهيم الريس.
من أول سورة هود إلى آخر سورة الرعد.
ولما كان الكتاب بهذه المثابة، ومؤلفه بهذه المنزلة، فقد ظل الكتاب مغموراً محبوساً بين المخطوطات في خزائن كتب التراث في الخافقين، حتى قيض الله له من ينفض عنه الغبار، وهم مجموعة من الأساتذة الافاضل، نالوا بها درجة الدكتوراه وهم:
١ - الدكتور/ محمد بن صالح بن عبد الله الفوزان.
من أول الكتاب إلى آخر الآية رقم ٧٤ من سورة البقرة.
٢ - الدكتور/ محمد بن عبد العزيز الخضيري.
من آية ٧٥ حتى آية من سورة البقرة إلى آخر السورغ
٣ - الدكتور/ أحمد بن محمد بن صالح الحمادي.
سورة آل عمران كلها.
٤ - الدكتور/ محمد بن حمد بن عبد الله المحيميد.
من أول سورة النساء إلى آخر سورة المائدة.
٥ - الدكتور/ محمد بن منصور الفايز.
من أول سورة الأنعام إلى آخر سورة الأعراف.
٦ - الدكتور/ إبراهيم بن علي الحسن.
من أول سورة الأنفال إلى آخر سورة يونس.
٧ - الدكتور/ عبيد الله بن إبراهيم الريس.
من أول سورة هود إلى آخر سورة الرعد.
12
٨ - الدكتور/ عبد الرحمن بن عبد الجبار بن صالح هوساوي.
من أول سورة إبراهيم إلى آخر سورة الإسراء.
٩ - الدكتور/ عبد العزيز بن محمد اليحيى.
من أول سورة الكهف إلى آخر سورة طه.
١٠ - الدكتور/ عبد الله بن عبد العزيز بن محمد المديميغ.
من أول سورة الأنبياء إلى آخر سورة النور.
١١ - الدكتور/ سليمان بن إبراهيم بن محمد الحصين.
من أول سورة الفرقان إلى آخر سورة الروم.
١٢ - الدكتور/ محمد بن عبد الله بن سايح الطيار.
من أول سورة لقمان إلى آخر سورة (ص).
١٣ - الدكتور/ علي بن عمر السحيباني.
من أرل سورة الزمر إلى آخر سورة الحجرات.
١٥ - الدكتور/ فاضل بن صالح بن عبد الله الشهري.
من أول سورة (ق) إلى آخر سورة القلم.
١٥ - الدكتورة/ نورة بنت عبد الله بن عبد العزيز الورثان.
من أول سورة الحاقة إلى آخر الكتاب.
فجزاهم الله خير الجزاء
من أول سورة إبراهيم إلى آخر سورة الإسراء.
٩ - الدكتور/ عبد العزيز بن محمد اليحيى.
من أول سورة الكهف إلى آخر سورة طه.
١٠ - الدكتور/ عبد الله بن عبد العزيز بن محمد المديميغ.
من أول سورة الأنبياء إلى آخر سورة النور.
١١ - الدكتور/ سليمان بن إبراهيم بن محمد الحصين.
من أول سورة الفرقان إلى آخر سورة الروم.
١٢ - الدكتور/ محمد بن عبد الله بن سايح الطيار.
من أول سورة لقمان إلى آخر سورة (ص).
١٣ - الدكتور/ علي بن عمر السحيباني.
من أرل سورة الزمر إلى آخر سورة الحجرات.
١٥ - الدكتور/ فاضل بن صالح بن عبد الله الشهري.
من أول سورة (ق) إلى آخر سورة القلم.
١٥ - الدكتورة/ نورة بنت عبد الله بن عبد العزيز الورثان.
من أول سورة الحاقة إلى آخر الكتاب.
فجزاهم الله خير الجزاء
13
أهمية هذا الكتاب وسبب اختياره:
يُبَيِّن أهمية هذا الكتاب ما للمؤلف من مكانة علمية عالية وما لكتابه "البسيط" من قيمة علمية كبيرة، فقد برز الواحدي في علوم كثيرة كالتفسير والعربية وتصدر للتدريس في زمانه، يقول الحافظ الذهبي عنه: "الإِمام، العلامة، الأستاذ... صاحب التفسير، وإمام علماء التأويل... كان طويل الباع في العربية.. تصدر للتدريس مدة وعظم شأنه" (١). وقد أثنا عليه وأشاد بمؤلفاته كثيرٌ من العلماء (٢).
فالواحدي قد بلغ مرتبة الإمامة في كثير من العلوم الشرعية. أما كتابه "البسيط" فإن له قيمة علمية كبيرة في مجال التفسير التحليلي للآيات بذكر معاني المفردات وما يتعلق بها من حيث اللغة والنحو، والعناية بالقراءات وبيان أوجهها وعللها، وسياق الأقوال والأوجه في التفسير مع الموازنة بينها أو الترجيح في كثير من الأحيان، وذكر أسباب النزول واستنباط ما تدل عليه الآيات من أحكام، فهذا الكتاب يعتبر من التفاسير الجامعة.
من جهة أخري فإن "البسيط" قد امتاز بمراجعه الأصيلة في التفسير والعربية، كما أنه يعتبر مصدراً مهماً لنصوص كثيرة من كتب مفقودة كـ"المصادر" للفراء و"نظم القرآن" للجرجاني وبعض كتب ابن الأنباري،
يُبَيِّن أهمية هذا الكتاب ما للمؤلف من مكانة علمية عالية وما لكتابه "البسيط" من قيمة علمية كبيرة، فقد برز الواحدي في علوم كثيرة كالتفسير والعربية وتصدر للتدريس في زمانه، يقول الحافظ الذهبي عنه: "الإِمام، العلامة، الأستاذ... صاحب التفسير، وإمام علماء التأويل... كان طويل الباع في العربية.. تصدر للتدريس مدة وعظم شأنه" (١). وقد أثنا عليه وأشاد بمؤلفاته كثيرٌ من العلماء (٢).
فالواحدي قد بلغ مرتبة الإمامة في كثير من العلوم الشرعية. أما كتابه "البسيط" فإن له قيمة علمية كبيرة في مجال التفسير التحليلي للآيات بذكر معاني المفردات وما يتعلق بها من حيث اللغة والنحو، والعناية بالقراءات وبيان أوجهها وعللها، وسياق الأقوال والأوجه في التفسير مع الموازنة بينها أو الترجيح في كثير من الأحيان، وذكر أسباب النزول واستنباط ما تدل عليه الآيات من أحكام، فهذا الكتاب يعتبر من التفاسير الجامعة.
من جهة أخري فإن "البسيط" قد امتاز بمراجعه الأصيلة في التفسير والعربية، كما أنه يعتبر مصدراً مهماً لنصوص كثيرة من كتب مفقودة كـ"المصادر" للفراء و"نظم القرآن" للجرجاني وبعض كتب ابن الأنباري،
(١) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٣٩ - ٣٤١.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ص ٣٨٧، و"إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣، "ومعجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٨، و"وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣، و"إشارة التعيين" ص ٢٠٩، و"طبقات الشافعية الكبرى" ٣/ ٢٨٩، هـ ٢٩، و"البداية والنهاية" ١٢/ ١٢١، و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٩٤.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ص ٣٨٧، و"إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣، "ومعجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٨، و"وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣، و"إشارة التعيين" ص ٢٠٩، و"طبقات الشافعية الكبرى" ٣/ ٢٨٩، هـ ٢٩، و"البداية والنهاية" ١٢/ ١٢١، و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٩٤.
14
وغيرها، حيث اعتمد الواحدي كثيراً على هؤلاء في تفسيره، وكان حسن الانتقاء للنقول، وإجادة الربط بين الكلام ولو كان من مصادر متعددة. ومن أهمية هذا التفسير أن الواحدي تصدى فيه للرد على الفرق الضالة -خاصة القدرية- كلما سنحت له فرصة، فيبين بُعد منهجهم عن الصواب، ومجانبتهم لما دلت عليه الآيات القرآنية والسنة المطهرة.
كما يعتبر "البسيط" مصدراً أصيلاً قديماً من تفاسير القرن الخامس الهجري نقل منه كثير ممن جاء بعده من المفسرين، وكذلك غزارة مادة "البسيط" العلمية وتنوعها، ففيه مادة لغوية ونحوية، وفيه كثير من الأقوال والآثار التي لم يعثر عليها في كتب التفسير الأخري.
كما أن الواحدي يتصف بدقة البحث للمسائل وتحريرها وحسن ترجيحها مما جعل كثيراً من المفسرين يتبنى آراءه ويستشهد بها في مواطن الخلاف.
كما يعتبر "البسيط" من كتب التفسير الكبيرة الجامعة لمختلف العلوم، وكذلك المكانة العلمية البارزة لمؤلف هذا الكتاب وهو الإِمام الواحدي فهو من كبار العلماء بالتفسير والعربية.
صحيح أن المؤلف -رحمه الله- وقع فيما أُخذ عليه، وانتُقِد بسببه، لكن تلك المآخذ لا تقلل كثيراً من شأن الكتاب، ولا تطمس محاسنه ومزاياه؛ ولهذا فإن المكتبة القرآنية بحاجة إلى نشر هذا الكتاب محققًا، لتعم به الفائدة، ويكثر به النفع، وأسأل الله أن يوفقنا إلى إبراز هذا وإخراجه بالصورة التي تليق به.
كما يعتبر "البسيط" مصدراً أصيلاً قديماً من تفاسير القرن الخامس الهجري نقل منه كثير ممن جاء بعده من المفسرين، وكذلك غزارة مادة "البسيط" العلمية وتنوعها، ففيه مادة لغوية ونحوية، وفيه كثير من الأقوال والآثار التي لم يعثر عليها في كتب التفسير الأخري.
كما أن الواحدي يتصف بدقة البحث للمسائل وتحريرها وحسن ترجيحها مما جعل كثيراً من المفسرين يتبنى آراءه ويستشهد بها في مواطن الخلاف.
كما يعتبر "البسيط" من كتب التفسير الكبيرة الجامعة لمختلف العلوم، وكذلك المكانة العلمية البارزة لمؤلف هذا الكتاب وهو الإِمام الواحدي فهو من كبار العلماء بالتفسير والعربية.
صحيح أن المؤلف -رحمه الله- وقع فيما أُخذ عليه، وانتُقِد بسببه، لكن تلك المآخذ لا تقلل كثيراً من شأن الكتاب، ولا تطمس محاسنه ومزاياه؛ ولهذا فإن المكتبة القرآنية بحاجة إلى نشر هذا الكتاب محققًا، لتعم به الفائدة، ويكثر به النفع، وأسأل الله أن يوفقنا إلى إبراز هذا وإخراجه بالصورة التي تليق به.
15
خطة العمل:
يتكون هذا الكتاب من: مقدمة، وقسمين، وفهارس.
المقدمة: أشرنا فيها إلى أهمية الكتاب المحقق، وسبب اختياره.
القسم الأول: الدراسة:
وتنقسم إلى فصلين:
الفصل الأول: التعريف بالمؤلف.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بالمؤلف.
وفيه تسعة مطالب:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، وأسرته.
المطلب الثاني: ولادته ووفاته.
المطلب الثالث: موطنه.
المطلب الرابع: طلبه للعلم، ورحلاته في طلب العلم، والعلوم التي برز فيها.
المطلب الخامس: عقيدته ومذهبه.
المطلب السادس: شيوخه وتلاميذه مع تعريف لكل واحد منهم.
المطلب السابع: مؤلفاته.
المطلب الثامن: مكانته.
المطلب التاسع: أقوال العلماء فيه، وما كتبه العلماء عن الواحدي ثناءً أو نقداً له، والصواب من ذلك.
المبحث الثاني: الأوضاع السياسية في عصر الواحدي، وأثرها على
يتكون هذا الكتاب من: مقدمة، وقسمين، وفهارس.
المقدمة: أشرنا فيها إلى أهمية الكتاب المحقق، وسبب اختياره.
القسم الأول: الدراسة:
وتنقسم إلى فصلين:
الفصل الأول: التعريف بالمؤلف.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بالمؤلف.
وفيه تسعة مطالب:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، وأسرته.
المطلب الثاني: ولادته ووفاته.
المطلب الثالث: موطنه.
المطلب الرابع: طلبه للعلم، ورحلاته في طلب العلم، والعلوم التي برز فيها.
المطلب الخامس: عقيدته ومذهبه.
المطلب السادس: شيوخه وتلاميذه مع تعريف لكل واحد منهم.
المطلب السابع: مؤلفاته.
المطلب الثامن: مكانته.
المطلب التاسع: أقوال العلماء فيه، وما كتبه العلماء عن الواحدي ثناءً أو نقداً له، والصواب من ذلك.
المبحث الثاني: الأوضاع السياسية في عصر الواحدي، وأثرها على
16
الناحية العلمية.
الفصل الثاني: دراسة عن كتاب "البسيط".
وفيه عشرة مباحث:
المبحث الأول: اسم الكتاب.
المبحث الثاني: ثبوت نسبة الكتاب للوحدي.
المبحث الثالث: الباعث على إنشائه.
المبحث الرابع: تاريخ البدء فيه والانتهاء منه.
المبحث الخامس: مصادر الواحدي في "البسيط"، ثم التعريف بهذِه المصادر وطريقته في الأخذ منها، وما هي المادة التي أخذها.
المبحث السادس: منهج الواحدي في البسيط.
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: منهجه إجمالاً كما وصفه في مقدمة كتابه.
المطلب الثاني: منهجه تفصيلاً.
وفيه تسع مسائل:
المسألة الأولى: منهجه في تفسير القرآن بالقرآن.
المسألة الثانية: منهجه في تفسير القرآن بالسنة.
المسألة الثالثة: منهجه في تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.
المسألة الرابعة: منهجه في ذكر الإسرائيليات.
المسألة الخامسة: منهجه في القراءات.
المسألة السادسة: منهجه في علوم القرآن.
١ - أسباب النزول.
٢ - الوقف والابتداء.
الفصل الثاني: دراسة عن كتاب "البسيط".
وفيه عشرة مباحث:
المبحث الأول: اسم الكتاب.
المبحث الثاني: ثبوت نسبة الكتاب للوحدي.
المبحث الثالث: الباعث على إنشائه.
المبحث الرابع: تاريخ البدء فيه والانتهاء منه.
المبحث الخامس: مصادر الواحدي في "البسيط"، ثم التعريف بهذِه المصادر وطريقته في الأخذ منها، وما هي المادة التي أخذها.
المبحث السادس: منهج الواحدي في البسيط.
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: منهجه إجمالاً كما وصفه في مقدمة كتابه.
المطلب الثاني: منهجه تفصيلاً.
وفيه تسع مسائل:
المسألة الأولى: منهجه في تفسير القرآن بالقرآن.
المسألة الثانية: منهجه في تفسير القرآن بالسنة.
المسألة الثالثة: منهجه في تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.
المسألة الرابعة: منهجه في ذكر الإسرائيليات.
المسألة الخامسة: منهجه في القراءات.
المسألة السادسة: منهجه في علوم القرآن.
١ - أسباب النزول.
٢ - الوقف والابتداء.
17
٣ - الناسخ والمنسوخ.
٤ - الربط بين الآيات.
المسألة السابعة: منهجه في مسائل العقيدة، والرد على الفرق.
المسألة الثامنة: منهجه في المسائل الفقهية والأصولية.
المسألة التاسعة: منهجه في اللغة وفنونها.
المطلب الثالث: مقارنة بين تفاسير الواحدي الثلاثة.
المبحث السابع: قيمة البسيط العلمية.
المبحث الثامن: أثر الواحدي فيمن بعده من خلال كتابه "البسيط" وفيه ذكرت أهم الذين تأثروا بتفسير "البسيط" وأفادوا منه، فمن المفسرين:
١ - الفخر الرازي في تفسيره: "مفاتيح الغيب".
٢ - أبو حيان في تفسيره: "البحر المحيط".
٣ - السمين الحلبي في تفسيره: "الدر المصون".
٤ - الجمل في تفسيره: "الفتوحات الإلهية".
٥ - الألوسي في تفسيره: "روح المعاني".
ومن المؤلفين في علوم القرآن:
١ - الزركشي في "البرهان".
٢ - السيوطي في "الإتقان".
ومن الفقهاء:
الطحطاوي في "حاشية على المراقي"، والنووي في "المجموع شرح المهذب"، والخطيب في "مغني المحتاج"، والشوكاني في "نيل الأوطار"، والصنعاني في "سبل السلام".
ومن شرح الحديث: النووي في "شرح مسلم"، والحافظ في
٤ - الربط بين الآيات.
المسألة السابعة: منهجه في مسائل العقيدة، والرد على الفرق.
المسألة الثامنة: منهجه في المسائل الفقهية والأصولية.
المسألة التاسعة: منهجه في اللغة وفنونها.
المطلب الثالث: مقارنة بين تفاسير الواحدي الثلاثة.
المبحث السابع: قيمة البسيط العلمية.
المبحث الثامن: أثر الواحدي فيمن بعده من خلال كتابه "البسيط" وفيه ذكرت أهم الذين تأثروا بتفسير "البسيط" وأفادوا منه، فمن المفسرين:
١ - الفخر الرازي في تفسيره: "مفاتيح الغيب".
٢ - أبو حيان في تفسيره: "البحر المحيط".
٣ - السمين الحلبي في تفسيره: "الدر المصون".
٤ - الجمل في تفسيره: "الفتوحات الإلهية".
٥ - الألوسي في تفسيره: "روح المعاني".
ومن المؤلفين في علوم القرآن:
١ - الزركشي في "البرهان".
٢ - السيوطي في "الإتقان".
ومن الفقهاء:
الطحطاوي في "حاشية على المراقي"، والنووي في "المجموع شرح المهذب"، والخطيب في "مغني المحتاج"، والشوكاني في "نيل الأوطار"، والصنعاني في "سبل السلام".
ومن شرح الحديث: النووي في "شرح مسلم"، والحافظ في
18
"الفتح"، وبدر العيني في "عمدة القاري"، والسيوطي في "تنوير الحوالك"، وشرح "سنن النسائي"، والمناوي في "فيض القدير".
المبحث التاسع: منهج تحقيق الكتاب
المبحث العاشر: النسخ الخطية لتفسير البسيط.
القسم الثاني: تحقيق نص الكتاب.
الفهارس: تم عمل فهارس متنوعة، تذليلاً للبحث في الكتاب، وتيسيراً على الباحثين وهي كالتالي:
١ - فهرس الآيات التي ورد بها أسباب نزول.
٢ - فهرس الأحاديث.
٣ - فهرس الآثار.
٤ - فهرس الأعلام المترجم لهم.
٥ - فهرس الأبيات الشعرية.
٦ - فهرس الكلمات اللغوية.
٧ - فهرس الكلمات النحوية.
٨ - فهرس البلدان والمواضع.
٩ - فهرس الطوائف والفرق والقبائل.
١٠ - فهرس المصادر والمراجع.
١١ - فهرس المحتويات.
المبحث التاسع: منهج تحقيق الكتاب
المبحث العاشر: النسخ الخطية لتفسير البسيط.
القسم الثاني: تحقيق نص الكتاب.
الفهارس: تم عمل فهارس متنوعة، تذليلاً للبحث في الكتاب، وتيسيراً على الباحثين وهي كالتالي:
١ - فهرس الآيات التي ورد بها أسباب نزول.
٢ - فهرس الأحاديث.
٣ - فهرس الآثار.
٤ - فهرس الأعلام المترجم لهم.
٥ - فهرس الأبيات الشعرية.
٦ - فهرس الكلمات اللغوية.
٧ - فهرس الكلمات النحوية.
٨ - فهرس البلدان والمواضع.
٩ - فهرس الطوائف والفرق والقبائل.
١٠ - فهرس المصادر والمراجع.
١١ - فهرس المحتويات.
19
المبحث الأول
التعريف بالواحدي
حياته وآثاره
وفيه تسعة مطالب:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، وأسرته.
المطلب الثاني: ولادته ووفاته.
المطلب الثالث: طلبه للعلم، ورحلاته في طلب العلم، والعلوم التي برز فيها.
المطلب الرابع: موطنه.
المطلب الخامس: عقيدته ومذهبه.
المطلب السادس: شيوخه وتلاميذه مع تعريف لكل واحد منهم.
المطلب السابع: مؤلفاته.
المطلب الثامن: مكانته.
المطلب التاسع: أقوال أهل العلم فيه، وما كتبه العلماء عن الواحدي ثناءً أو نقداً له، والصواب من ذلك.
التعريف بالواحدي
حياته وآثاره
وفيه تسعة مطالب:
المطلب الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، وأسرته.
المطلب الثاني: ولادته ووفاته.
المطلب الثالث: طلبه للعلم، ورحلاته في طلب العلم، والعلوم التي برز فيها.
المطلب الرابع: موطنه.
المطلب الخامس: عقيدته ومذهبه.
المطلب السادس: شيوخه وتلاميذه مع تعريف لكل واحد منهم.
المطلب السابع: مؤلفاته.
المطلب الثامن: مكانته.
المطلب التاسع: أقوال أهل العلم فيه، وما كتبه العلماء عن الواحدي ثناءً أو نقداً له، والصواب من ذلك.
21
المطلب الأول
اسمه ونسبه، وكنيته، وأسرته
أولاً: اسمه ونسبه:
هو علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي النيسابوري الشافعي. هذا نسبه في أكثر المصادر التي وردت فيها ترجمته (١).
وزاد بعضهم في نسبه فذكر "متويه" أحد أجداده ونسبه له، فقال ابن خلكان (٢): "المتُّوي" وقال ابن الأثير (٣): "المتويي".
أما ابن كثير فقال في نسبه: "علي بن حسن بن أحمد بن بويه الواحدي" (٤).
ولم يذكر أحد غيره أن اسم أبيه "حسن" بل أجمعت المصادر على أنه "أحمد" فلعله تصحيف. وقعت كنيته "أبو الحسن" مكان اسم أبيه.
أما قوله: "ابن بويه" فلعلها كذلك تصحيف "متويه" (٥).
و"الواحدي" بفتح الواو، وبعد الألف حاء مهملة مكسورة، وهذه
اسمه ونسبه، وكنيته، وأسرته
أولاً: اسمه ونسبه:
هو علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي النيسابوري الشافعي. هذا نسبه في أكثر المصادر التي وردت فيها ترجمته (١).
وزاد بعضهم في نسبه فذكر "متويه" أحد أجداده ونسبه له، فقال ابن خلكان (٢): "المتُّوي" وقال ابن الأثير (٣): "المتويي".
أما ابن كثير فقال في نسبه: "علي بن حسن بن أحمد بن بويه الواحدي" (٤).
ولم يذكر أحد غيره أن اسم أبيه "حسن" بل أجمعت المصادر على أنه "أحمد" فلعله تصحيف. وقعت كنيته "أبو الحسن" مكان اسم أبيه.
أما قوله: "ابن بويه" فلعلها كذلك تصحيف "متويه" (٥).
و"الواحدي" بفتح الواو، وبعد الألف حاء مهملة مكسورة، وهذه
(١) انظم: "دمية القصر وعصرة أهل العصر" للباخرزي ٢/ ١٠١٧، و"معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٧، و"إنباه الروة" ٢/ ٢٢٣، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٣٩، و"طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي ٣/ ٢٨٩، والإسنوي ٢/ ٥٣٨، و"غاية النهاية في طبقات القراء" ١/ ٥٢٣، و"النجوم الزاهرة" ٥/ ١٠٤، و"بغية الوعاة" ١٢/ ١٤٥، و"طبقات المفسرين" للسيوطي ص ٦٦، و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٩٤، و"إشارة التعيين" ص ٢٠٩.
(٢) انظر: "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣، ٣٠٤
(٣) انظر: "اللباب" ٣/ ١٦٣.
(٤) "البداية والنهاية" ١٢/ ١١٤.
(٥) انظر: الواحدي ومنهجه في التفسير، د/ جودة محمد، ص ٥٦.
(٢) انظر: "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣، ٣٠٤
(٣) انظر: "اللباب" ٣/ ١٦٣.
(٤) "البداية والنهاية" ١٢/ ١١٤.
(٥) انظر: الواحدي ومنهجه في التفسير، د/ جودة محمد، ص ٥٦.
23
النسبة إلى الواحد بن الدين (١) بن مهرة، ذكره ابن خلكان عن أبي أحمد العسكري.
وقال أبو الفداء: "الواحدي"، نسبة إلى الواحد بن ميسرة (٢).
و"بنو مهرة" قبيلة عربية مشهورة ترجع إلى قضاعة (٣).
وشهرته بالواحدي هي المعروفة المذكورة في المصادر.
أما "المتوي" فنسبة إلى "مَتُّويه" بفتح الميم والتاء المشددة المضمومة، أحد أجداده المنسوب له، قاله ابن خلكان (٤)، وذكر هذا النسب السمعاني (٥) فقال: "المتويي"، ولم يذكر الواحدي ضمن من ذكر فيمن نسب لهذا الجد، وتعقبه ابن الأثير (٦) فذكر الواحدي ونسبه إلى هذا الجد، فقال: "المتوبي". و"النيسابوري" نسبة إلى موطنه "نيسابور" كما سبق.
ثانيًا: كنيته:
يكنى "أبا الحسن" على هذا أكثر المصادر، سوى القفطي في "إنباه الرواة" فإنه قال: "الحسين" (٧). ولعله تصحيف عن "الحسن" وهذا يحصل كثيراً في كتب التراجم بين اسم "الحسن" و"الحسين".
وقال أبو الفداء: "الواحدي"، نسبة إلى الواحد بن ميسرة (٢).
و"بنو مهرة" قبيلة عربية مشهورة ترجع إلى قضاعة (٣).
وشهرته بالواحدي هي المعروفة المذكورة في المصادر.
أما "المتوي" فنسبة إلى "مَتُّويه" بفتح الميم والتاء المشددة المضمومة، أحد أجداده المنسوب له، قاله ابن خلكان (٤)، وذكر هذا النسب السمعاني (٥) فقال: "المتويي"، ولم يذكر الواحدي ضمن من ذكر فيمن نسب لهذا الجد، وتعقبه ابن الأثير (٦) فذكر الواحدي ونسبه إلى هذا الجد، فقال: "المتوبي". و"النيسابوري" نسبة إلى موطنه "نيسابور" كما سبق.
ثانيًا: كنيته:
يكنى "أبا الحسن" على هذا أكثر المصادر، سوى القفطي في "إنباه الرواة" فإنه قال: "الحسين" (٧). ولعله تصحيف عن "الحسن" وهذا يحصل كثيراً في كتب التراجم بين اسم "الحسن" و"الحسين".
(١) كذا في "وفيات الأعيان " بتحقيق د/ إحسان عباس حيث قال في الحاشة: كذا في المسودة، وفي التصحيف ص ٥٠٦ "الدثن"، "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٤. وفي الأعلام "الديل" ٤/ ٢٥٥، واختاره مؤلف "الواحدي وبمنهجه في التفسير" ص ٥٨.
(٢) "المختصر في أخبار البشر" ٢/ ٢١٩.
(٣) انظر: "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم ص ٤٤٠، ٤٨٥.
(٤) انظر: "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٤
(٥) انظر: "الأنساب" ١٢/ ٨٢.
(٦) انظر: "اللباب" ٣/ ١٦٣.
(٧) انظر. "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٢) "المختصر في أخبار البشر" ٢/ ٢١٩.
(٣) انظر: "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم ص ٤٤٠، ٤٨٥.
(٤) انظر: "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٤
(٥) انظر: "الأنساب" ١٢/ ٨٢.
(٦) انظر: "اللباب" ٣/ ١٦٣.
(٧) انظر. "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
24
ثالثًا: أسرته:
لم تذكر المصادر شيئاً كثيراً عن أسرة الواحدي، وكل ما قيل عنها:
أن أباه يعد من التجار (١)، فالواحدي نشأ في أسرة ذات يسار، وهذا يهيئ لطالب العلم التفرغ له، فلا ينشغل بطلب قوته غالباً.
ومما ذكر عن أسرته أن له أخوين:
أحدهما: عبد الرحمن، ذكره في "المنتخب من السياق" فقال: عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن علي بن متُّويه الواحدي، أبو القاسم، مستور صالح، أخو الإِمام علي الواحدي، الأكبر منه، وأصلهم من ساوة من أولاد التجار سمع من الزيادي وابن يوسف ومن بعدهم من أصحاب الأصم، وعقد له مجلس الإملاء في الجامع المنيعي.. وتوفي يوم الأربعاء غرة شهر ربيع الآخر سنة سبع وثمانين وأربعمائة، روى عنه أبو الحسن (٢).
والثاني: سعيد، قال في المنتخب: "سعيد بن أحمد بن محمد السمسار، أبو بكر الواحدي، أخو الإِمام المفسر علي الواحدي، شيخ ثقة مستور عفيف كان يحترف السمسرة سمع من أصحاب الأصم" (٣).
لم تذكر المصادر شيئاً كثيراً عن أسرة الواحدي، وكل ما قيل عنها:
أن أباه يعد من التجار (١)، فالواحدي نشأ في أسرة ذات يسار، وهذا يهيئ لطالب العلم التفرغ له، فلا ينشغل بطلب قوته غالباً.
ومما ذكر عن أسرته أن له أخوين:
أحدهما: عبد الرحمن، ذكره في "المنتخب من السياق" فقال: عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن علي بن متُّويه الواحدي، أبو القاسم، مستور صالح، أخو الإِمام علي الواحدي، الأكبر منه، وأصلهم من ساوة من أولاد التجار سمع من الزيادي وابن يوسف ومن بعدهم من أصحاب الأصم، وعقد له مجلس الإملاء في الجامع المنيعي.. وتوفي يوم الأربعاء غرة شهر ربيع الآخر سنة سبع وثمانين وأربعمائة، روى عنه أبو الحسن (٢).
والثاني: سعيد، قال في المنتخب: "سعيد بن أحمد بن محمد السمسار، أبو بكر الواحدي، أخو الإِمام المفسر علي الواحدي، شيخ ثقة مستور عفيف كان يحترف السمسرة سمع من أصحاب الأصم" (٣).
(١) انظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٧، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٣/ ٢٨٩، و"طبقات الشافعية" للأسنوي ٢/ ٥٣٩، و"النجوم الزاهرة" ٥/ ١٠٤، وغيرها من الكتب التي ترجمت له.
(٢) "المنتخب من السياق" لتاريخ نيسابور ل ٩١ ب، وترجم له في "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٢، وانظر "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٨، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٣/ ١٨٩، و"النجوم الزاهرة" ٥/ ١٠٤.
(٣) "المنتخب من السياق" ل ٦٨ أ، و"أسباب النزول" للواحدي، مقدمة السيد أحمد صقر ص ٥ وذكر اسمه "سعد".
(٢) "المنتخب من السياق" لتاريخ نيسابور ل ٩١ ب، وترجم له في "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٢، وانظر "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٨، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٣/ ١٨٩، و"النجوم الزاهرة" ٥/ ١٠٤.
(٣) "المنتخب من السياق" ل ٦٨ أ، و"أسباب النزول" للواحدي، مقدمة السيد أحمد صقر ص ٥ وذكر اسمه "سعد".
25
المطلب الثاني
ولادته
لم يذكر أحد ممن ترجم للواحدي تاريخ ميلاده، وهذا واقع في تراجم أغلب العلماء، ذلك أن العالم حين ولادته لم يظهر له نبوغ يذكر، ولا أثر يستحق التسجيل، وربما كان لبعض الأسر دور في تسجيل تاريخ ميلاد أبنائهم.
والواحدي لم ينص أحد على تاريخ ميلاده، وإنما ذكر تاريخ وفاته.
وفاته:
توفي أبو الحسن الواحدي سنة ٤٦٨ في جمادى الآخرة بنيسابور (١)، بعد مرض ألم به طويل (٢)، خلافاً لما ذكره بعضهم (٣) من أن مرضه لم يدم طويلاً.
وذكر بعضهم (٤) قولاً: إنه توفي سنة ٤٦٩ ثم رجح الأول وقد ذكروا أنه شاخ (٥) وكان عند وفاته من أبناء السبعين (٦).
ولادته
لم يذكر أحد ممن ترجم للواحدي تاريخ ميلاده، وهذا واقع في تراجم أغلب العلماء، ذلك أن العالم حين ولادته لم يظهر له نبوغ يذكر، ولا أثر يستحق التسجيل، وربما كان لبعض الأسر دور في تسجيل تاريخ ميلاد أبنائهم.
والواحدي لم ينص أحد على تاريخ ميلاده، وإنما ذكر تاريخ وفاته.
وفاته:
توفي أبو الحسن الواحدي سنة ٤٦٨ في جمادى الآخرة بنيسابور (١)، بعد مرض ألم به طويل (٢)، خلافاً لما ذكره بعضهم (٣) من أن مرضه لم يدم طويلاً.
وذكر بعضهم (٤) قولاً: إنه توفي سنة ٤٦٩ ثم رجح الأول وقد ذكروا أنه شاخ (٥) وكان عند وفاته من أبناء السبعين (٦).
(١) ينظر مثلاً: "المنتخب من السياق" ص ٣٨٧، و"معجم الأدباء" ١١/ ٢٥٨ و"إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٤، و"وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٤.
(٢) ينظر: المراجع السابقة، و"المختصر في أخبار البشر" ٢/ ١٩٢، و"تاريخ ابن الوردي" ١/ ٣٨٧، و"طبقات الشافعية" للإسنوي ٢/ ٥٣٩.
(٣) وهو القفطي في "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٤ وقد تكون كلمة (غير) مقحمة في قوله: ومرض مرضة غير طويلة، واكتفى ابن كثير في "البداية والنهاية" ١٢/ ١١٤ بقوله: وقد مرض مدة.
(٤) هو ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة" ٥/ ١٠٤
(٥) ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٢.
(٦) تقدم ذكر ذلك.
(٢) ينظر: المراجع السابقة، و"المختصر في أخبار البشر" ٢/ ١٩٢، و"تاريخ ابن الوردي" ١/ ٣٨٧، و"طبقات الشافعية" للإسنوي ٢/ ٥٣٩.
(٣) وهو القفطي في "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٤ وقد تكون كلمة (غير) مقحمة في قوله: ومرض مرضة غير طويلة، واكتفى ابن كثير في "البداية والنهاية" ١٢/ ١١٤ بقوله: وقد مرض مدة.
(٤) هو ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة" ٥/ ١٠٤
(٥) ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٢.
(٦) تقدم ذكر ذلك.
26
المطلب الثالث
موطنه
أصل الواحدي من "ساوة" كما قال ذلك ياقوت وغيره (١)، ولكن أسرته انتقلت منها واستقرت في "نيسابور" حيث ولد الواحدي وتوفي فيها (٢)، و"نيسابور" إحدى مدن "خراسان" الهامة. فهو خراساني نيسابوري. أما "ساوة" فقد قال عنها ياقوت: "مدينة حسنة بين الري وهمذان في وسط.. وبقربها مدينة يقال لها "آوة" فـ"ساوة" سنية شافعية، و"آوة" أهلها شيعة إمامية وبينهما نحو فرسخين، ولا يزال يقع بينهما عصبية.. " (٣) ولا نقف عندها كثيراً حيث تركتها أسرة الواحدي قبل ولادته (٤)، فأثرها على حياته قليل.
أما "خراسان" وهو الإقليم الذي عاش الواحدي في إحدى مدنه، فهو منطقة واسعة قال ياقوت في بيان حدودها: "خراسان: بلاد واسعة أول حدودها مما يلي العراق "أزاذوار" قصبة جوين "وبيهق"، وآخر حدودها مما يلي الهند "طخارستان" و"غزنة" و"سجستان" و"كرمان"، وليس ذلك منها، إنما هو أطراف حدودها" (٥). وفي خراسان أمهات البلاد منها: بلخ
موطنه
أصل الواحدي من "ساوة" كما قال ذلك ياقوت وغيره (١)، ولكن أسرته انتقلت منها واستقرت في "نيسابور" حيث ولد الواحدي وتوفي فيها (٢)، و"نيسابور" إحدى مدن "خراسان" الهامة. فهو خراساني نيسابوري. أما "ساوة" فقد قال عنها ياقوت: "مدينة حسنة بين الري وهمذان في وسط.. وبقربها مدينة يقال لها "آوة" فـ"ساوة" سنية شافعية، و"آوة" أهلها شيعة إمامية وبينهما نحو فرسخين، ولا يزال يقع بينهما عصبية.. " (٣) ولا نقف عندها كثيراً حيث تركتها أسرة الواحدي قبل ولادته (٤)، فأثرها على حياته قليل.
أما "خراسان" وهو الإقليم الذي عاش الواحدي في إحدى مدنه، فهو منطقة واسعة قال ياقوت في بيان حدودها: "خراسان: بلاد واسعة أول حدودها مما يلي العراق "أزاذوار" قصبة جوين "وبيهق"، وآخر حدودها مما يلي الهند "طخارستان" و"غزنة" و"سجستان" و"كرمان"، وليس ذلك منها، إنما هو أطراف حدودها" (٥). وفي خراسان أمهات البلاد منها: بلخ
(١) انظر: "معجم البلدان" ١٢/ ٢٥٧، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٣/ ٢٨٩، و"شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠.
(٢) انظر المراجع السابقة.
(٣) "معجم البلدان" ٣/ ١٧٩.
(٤) انظر: "شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠.
(٥) "معجم البلدان" ٢/ ٣٥٠.
(٢) انظر المراجع السابقة.
(٣) "معجم البلدان" ٣/ ١٧٩.
(٤) انظر: "شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠.
(٥) "معجم البلدان" ٢/ ٣٥٠.
27
ونيسابور وبوشنج ومرو وهراة وطالقان وغيرها (١)، فتحت خراسان في أيام عثمان -رضي الله عنه- بإمارة عبد الله بن عامر بن كريز (٢).
وقد وصف المقدسي إقليم خراسان فقال: "اعلم أن لهذا الإقليم فضائل تنسب إلى هذا الجانب ويشركه في أكثرها جانب هيطل" (٣)، إلا أن هذا لما كان أقدم في الاختطاط والفتح في الإِسلام، وأقرب إلى أقاليم العرب خص بالذكر وعرف عند النسبة، يحكى عن ابن قتيبة أنه قال: "أهل خراسان أهل الدعوة وأنصار الدولة.. " قال: "ويقال: إن محمد بن (٤) عبد الله قال لدعاته: أما الكوفة وسوادها فشيعة علي، وأما البصرة فعثمانية تدين بالكف، وأما الجزيرة فحرورية صادقة، وأعراب كأعلاج، ومسلمون في أخلاق النصارى، وأما أهل الشام فلا يعرفون غير معاوية، وطاعة بني أمية وعداوة راسخة وجهل متراكم، وأما مكة والمدينة فقد غلب عليهم أبو بكر
وقد وصف المقدسي إقليم خراسان فقال: "اعلم أن لهذا الإقليم فضائل تنسب إلى هذا الجانب ويشركه في أكثرها جانب هيطل" (٣)، إلا أن هذا لما كان أقدم في الاختطاط والفتح في الإِسلام، وأقرب إلى أقاليم العرب خص بالذكر وعرف عند النسبة، يحكى عن ابن قتيبة أنه قال: "أهل خراسان أهل الدعوة وأنصار الدولة.. " قال: "ويقال: إن محمد بن (٤) عبد الله قال لدعاته: أما الكوفة وسوادها فشيعة علي، وأما البصرة فعثمانية تدين بالكف، وأما الجزيرة فحرورية صادقة، وأعراب كأعلاج، ومسلمون في أخلاق النصارى، وأما أهل الشام فلا يعرفون غير معاوية، وطاعة بني أمية وعداوة راسخة وجهل متراكم، وأما مكة والمدينة فقد غلب عليهم أبو بكر
(١) انظر: "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" للمقدسي ص ٣٩٥، و"معجم البلدان" ٢/ ٣٥٠.
(٢) انظر: "معجم البلدان" ٢/ ٣٥٠.
(٣) بلاد ما وراء نهر جيحون، يقال نزلها هيطل بن عالم بن سام بن نوح فسميت به. انظر: "معجم البلدان" ٢/ ٣٥٠.
(٤) كذا ورد اسمه عند المقدسي، ولعله تصحيف من النساخ، وإنما هو محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس، داعية العباسيين، انظر: "معجم البلدان" ٢/ ٣٥٢، و"تاريخ الإِسلام السياسي" ٢/ ١٢، وقد وقع د/ جودة محمد مهدي صاحب كتاب "الواحدي ومنهجه في التفسير" في وهم فاحش، حيث نقل مقاطع من كلام المقدسي وأضاف الصلاة على النبي - ﷺ - وقال في الحاشية: "لم يذكر المقدسي لفظ السيادة، ولم يصل على النبي - ﷺ - مع ذكر اسمه الشريف فأضفت ذلك بين الأقوال وفاء بحق ذكر اسمه الشريف". انظر: "الواحدي ومنهجه في التفسير" ص ٤٩، فجعل كلام محمد بن علي داعية العباسيين لرسول الله - ﷺ -.
(٢) انظر: "معجم البلدان" ٢/ ٣٥٠.
(٣) بلاد ما وراء نهر جيحون، يقال نزلها هيطل بن عالم بن سام بن نوح فسميت به. انظر: "معجم البلدان" ٢/ ٣٥٠.
(٤) كذا ورد اسمه عند المقدسي، ولعله تصحيف من النساخ، وإنما هو محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس، داعية العباسيين، انظر: "معجم البلدان" ٢/ ٣٥٢، و"تاريخ الإِسلام السياسي" ٢/ ١٢، وقد وقع د/ جودة محمد مهدي صاحب كتاب "الواحدي ومنهجه في التفسير" في وهم فاحش، حيث نقل مقاطع من كلام المقدسي وأضاف الصلاة على النبي - ﷺ - وقال في الحاشية: "لم يذكر المقدسي لفظ السيادة، ولم يصل على النبي - ﷺ - مع ذكر اسمه الشريف فأضفت ذلك بين الأقوال وفاء بحق ذكر اسمه الشريف". انظر: "الواحدي ومنهجه في التفسير" ص ٤٩، فجعل كلام محمد بن علي داعية العباسيين لرسول الله - ﷺ -.
28
وعمر، ولكن عليكم بخراسان فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسمها الأهواء ولم تتوزعها النحل ولم يقدح فيها فساد، وهم جند لهم أبدان وأجسام ومناكب وكواهل وهامات ولحى وشوارب وأصوات هائلة ولغات فخمة تخرج من أجواف منكرة، وبعد فإني أتفاءل إلى المشرق وإلى مطلع سراج الدنيا ومصباح الخلق".
وقال المقدسي (١): ".. واعلم أن هذا الجانب في الحقيقة خراسان وهو أجل الجانبين لأن به المصر الأعظم وأهله أظرف وأحلم وبالخير والشر أعلم إلا أقاليم العرب ورسومهم أقرب.. " (٢).
وكانت خراسان موطن العلم والعلماء قال ياقوت (٣): ".. فأما العلم فهم فرسانه وساداته وأعيانه، ومن أين لغيرهم مثل محمد بن إسماعيل البخاري (٤)،
وقال المقدسي (١): ".. واعلم أن هذا الجانب في الحقيقة خراسان وهو أجل الجانبين لأن به المصر الأعظم وأهله أظرف وأحلم وبالخير والشر أعلم إلا أقاليم العرب ورسومهم أقرب.. " (٢).
وكانت خراسان موطن العلم والعلماء قال ياقوت (٣): ".. فأما العلم فهم فرسانه وساداته وأعيانه، ومن أين لغيرهم مثل محمد بن إسماعيل البخاري (٤)،
(١) محمد بن أحمد بن أبي بكر البناء، المقدسي، ولقال له: البشاري، رحالة جغرافي، ولد في القدس عام ٣٣٦، تعاطى التجارة وتجشم أسفاراً تعرف من خلالها على أحوال البلاد، وصنف كتابه: "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم". توفي نحو سنة ٣٨٠ هـ ينظر: "أحسن التقاسيم" ص ٤٣، "الأعلام" ٥/ ٣١٢.
(٢) "أحسن التقاسيم" ص ٢٩٣، ٢٩٤
(٣) هو شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الرومي الجنس والمولد، الحموي المولى، البغدادي الدار، ولد سنة ٥٧٤هـ، له تآليف كثيرة، منها: "معجم البلدان"، و"معجم الأدباء" وغيرها، توفي سنة ٦٢٦. ينظر: "وفيات الأعيان" ٦/ ١٢٧ - ١٣٩، و"سير أعلام النبلاء" ٢٢/ ٣١٢.
(٤) هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري أبو عبد الله، أمير المؤمنين في الحديث، الإِمام الكبير، صاحب "الصحيح"، ولد سنة ١٩٤ وله تآليف غير "الصحيح"، منها "التاريخ الكبير" و"الأدب المفرد" و"الضعفاء" وغيرها، مات سنة ٢٥٦. ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٢/ ٣٩١، و"تهذيب التهذيب" ٩/ ٤٧.
(٢) "أحسن التقاسيم" ص ٢٩٣، ٢٩٤
(٣) هو شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الرومي الجنس والمولد، الحموي المولى، البغدادي الدار، ولد سنة ٥٧٤هـ، له تآليف كثيرة، منها: "معجم البلدان"، و"معجم الأدباء" وغيرها، توفي سنة ٦٢٦. ينظر: "وفيات الأعيان" ٦/ ١٢٧ - ١٣٩، و"سير أعلام النبلاء" ٢٢/ ٣١٢.
(٤) هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري أبو عبد الله، أمير المؤمنين في الحديث، الإِمام الكبير، صاحب "الصحيح"، ولد سنة ١٩٤ وله تآليف غير "الصحيح"، منها "التاريخ الكبير" و"الأدب المفرد" و"الضعفاء" وغيرها، مات سنة ٢٥٦. ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٢/ ٣٩١، و"تهذيب التهذيب" ٩/ ٤٧.
29
ومثل مسلم بن الحجاج (١)، وأبي عيسى الترمذي (٢)، وإسحاق بن راهويه (٣)، وأحمد بن حنبل وأبي حامد الغزالي (٤)، والجويني إمام الحرمين (٥) والحاكم
(١) هو مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري أبو الحسين: الإِمام الحافظ صاحب "الصحيح"، ولد بنيسابور عام ٢٠٤ ورحل في طلب الحديث، وألف الصحيح، وبه اشتهر، ومن كتبه: "المسند الكبير"، و"الجامع"، و"التمييز"، وغيرها، توفي سنة ٢٦١ ينظر: "تاريخ بغداد" ١٣/ ١٠٠ و"سير أعلام النبلاء" ١٢/ ٥٥٧.
(٢) محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي الترمذي، أبو عيسى، أحد أئمة الحديث وحفاظه، صاحب "السنن" المشهورة، ولد سنة ٢٠٩ وهو تلميذ البخاري، وقد رحل في طلب الحديث من كتبه: "الشمائل" و"التاريخ" و"العلل"، مات سنة ٢٧٩. ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٢٧٠، و"تهذيب التهذيب" ٩/ ٣٨٧.
(٣) هو إسحاق بن إبراهيم التميمي المروزي أبو يعقوب، عالم خراسان في عصره، قال فيه الخطيب: "اجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصدق والورع والزهد" روى عنه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم توفي سنة ٢٣٨. ينظر: "الجرح والتعديل" ٢/ ٢٠٩، و"السير" ١١/ ٣٥٨.
(٤) محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي أبو حامد فيلسوف متصوف فقيه أصولي ولد سنة ٤٥٠ بخراسان، رحل إلى نيسابور وغيرها في طلب العلم، من كتبه: "إحياء علوم الدين"، و"المستصفى"، و"تهافت الفلاسفة"، توفي، سنة ٥٠٥. ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٤٦٣، و"سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٣٢٢.
(٥) عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني أبو المعالي، إمام الحرمين، من فقهاء الشافعية ولد في جوين من نواحي نيسابور عام ٤١٩، ورجل وجاور بمكة سنين وذهب إلى المدينة فأفتى ودرس ثم عاد إلى نيسابور قبنى له نظام الملك المدرسة النظامية فيها من كتبه: "غياث الأمم" و"الإرشاد" و"الورقات"، توفي عام ٤٧٨. ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٢٨٧، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٤٦٨.
(٢) محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي الترمذي، أبو عيسى، أحد أئمة الحديث وحفاظه، صاحب "السنن" المشهورة، ولد سنة ٢٠٩ وهو تلميذ البخاري، وقد رحل في طلب الحديث من كتبه: "الشمائل" و"التاريخ" و"العلل"، مات سنة ٢٧٩. ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٢٧٠، و"تهذيب التهذيب" ٩/ ٣٨٧.
(٣) هو إسحاق بن إبراهيم التميمي المروزي أبو يعقوب، عالم خراسان في عصره، قال فيه الخطيب: "اجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصدق والورع والزهد" روى عنه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم توفي سنة ٢٣٨. ينظر: "الجرح والتعديل" ٢/ ٢٠٩، و"السير" ١١/ ٣٥٨.
(٤) محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي أبو حامد فيلسوف متصوف فقيه أصولي ولد سنة ٤٥٠ بخراسان، رحل إلى نيسابور وغيرها في طلب العلم، من كتبه: "إحياء علوم الدين"، و"المستصفى"، و"تهافت الفلاسفة"، توفي، سنة ٥٠٥. ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٤٦٣، و"سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٣٢٢.
(٥) عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني أبو المعالي، إمام الحرمين، من فقهاء الشافعية ولد في جوين من نواحي نيسابور عام ٤١٩، ورجل وجاور بمكة سنين وذهب إلى المدينة فأفتى ودرس ثم عاد إلى نيسابور قبنى له نظام الملك المدرسة النظامية فيها من كتبه: "غياث الأمم" و"الإرشاد" و"الورقات"، توفي عام ٤٧٨. ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٢٨٧، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٤٦٨.
30
أبي عبد الله النيسابوري (١) وغيرهم من أهل الحديث والفقه، ومثل الأزهري (٢) والجوهري (٣) وعبد الله بن المبارك.. " (٤) هذا عن خراسان.
أما "نيسابور" موطن الواحدي وبلده، فهي كما وصفها ياقوت حين قال: "نيسابور" بفتح أوله والعامة يسمونه: "نشاوور" وهي مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاء، ومنبع العلماء، لم أر فيما طوفت من البلاد مدينة كانت مثلها.. " (٥).
واختلف في سبب تسميتها بذلك، فقيل: إنها سميت بذلك لأن سابور
أما "نيسابور" موطن الواحدي وبلده، فهي كما وصفها ياقوت حين قال: "نيسابور" بفتح أوله والعامة يسمونه: "نشاوور" وهي مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاء، ومنبع العلماء، لم أر فيما طوفت من البلاد مدينة كانت مثلها.. " (٥).
واختلف في سبب تسميتها بذلك، فقيل: إنها سميت بذلك لأن سابور
(١) محمد بن عبد الله بن حمدويه بن نعيم الضبي الشهير بالحاكم ويعرف بابن البَيِّع أبو عبد الله من أكابر حفاظ الحديث والمصنفين فيه ولد سنة ٣٢١ في نيسابور، رحل في طلب العلم، وبرع، وولي قضاء نيسابور، من كتبه: "المستدرك على الصحيحين" و"المدخل" و"معرفة علوم الحديث". توفي سنة ٤٠٥. ينظر: "تاريخ بغداد" ٥/ ٤٧٣، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ١٦٢.
(٢) هو: أبو منصور محمد بن أحمد بن الأظهر بن طلبة الأزهري الهروي، العلامه اللغوي الشافعي، صاحب: "تهذيب اللغة" المشهور، توفي سنة ٣٧٠ هـ ينظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٣/ ٦٣، و"بغية الوعاة" ١/ ١٩، و"السير" ١٦/ ٣١٥.
(٣) إمام اللغة، أبو نصر إسماعيل بن حمّاد التركي الأُتراري، صاحب "الصحاح" واحد من يضرب به المثل في ضبط اللغة، وفي الخط المنسوب، توفي بنيسابور سنة ٣٩٣.
ينظر: "السير" ١٧/ ٨٠، و"إنباه الرواة" ١/ ٢٢٩.
(٤) عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي مولاهم التميمي، المروزي، أبو عبد الرحمن، الإِمام الحافظ شيخ الإِسلام المجاهد التاجر، محدث فقيه زاهد، ولد سنة ١١٨ من مصنفاته: "الجهاد" وهو أول من صنف فيه، وله "الزهد"، ومات سنة ١٨١. ينظر: "تذكرة الحفاظ" ١/ ٢٥٣، و"حلية الأولياء" ٨/ ١٦٢.
(٥) "معجم البلدان" ٥/ ٣٣١.
(٢) هو: أبو منصور محمد بن أحمد بن الأظهر بن طلبة الأزهري الهروي، العلامه اللغوي الشافعي، صاحب: "تهذيب اللغة" المشهور، توفي سنة ٣٧٠ هـ ينظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٣/ ٦٣، و"بغية الوعاة" ١/ ١٩، و"السير" ١٦/ ٣١٥.
(٣) إمام اللغة، أبو نصر إسماعيل بن حمّاد التركي الأُتراري، صاحب "الصحاح" واحد من يضرب به المثل في ضبط اللغة، وفي الخط المنسوب، توفي بنيسابور سنة ٣٩٣.
ينظر: "السير" ١٧/ ٨٠، و"إنباه الرواة" ١/ ٢٢٩.
(٤) عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي مولاهم التميمي، المروزي، أبو عبد الرحمن، الإِمام الحافظ شيخ الإِسلام المجاهد التاجر، محدث فقيه زاهد، ولد سنة ١١٨ من مصنفاته: "الجهاد" وهو أول من صنف فيه، وله "الزهد"، ومات سنة ١٨١. ينظر: "تذكرة الحفاظ" ١/ ٢٥٣، و"حلية الأولياء" ٨/ ١٦٢.
(٥) "معجم البلدان" ٥/ ٣٣١.
31
مر بها، وفيها قصب كثير، فقال: يصلح أن يكون ههنا مدينة، فسميت نيسابور وقيل: إن سابور خرج من مملكته لقول المنجمين فخرجوا يطلبونه فبلغوا "نيسابور" فقالوا: نيست سابور، أي ليس سابور (١).
قال ياقوت: ".. وأكثر شرب أهل نيسابور من قنى تجري تحت الأرض ينزل إليها في سراديب مهيأة لذلك، فيوجد الماء تحت الأرض، ليس صادق الحلاوة، وعهدي بها كثيرة الفواكه والخيرات.. " (٢).
وذكر ياقوت أنها فتحت أيام عثمان -رضي الله عنه - وقد فتحها الأمير عبد الله بن كريز في سنة ٣٠ هـ صلحا وبنى بها جامعا. وقيل: فتحت أيام عمر -رضي الله عنه - على يد الأحنف بن قيس، وانتقضت أيام عثمان فأرسل إليها عبد الله بن كريز ففتحها ثانية (٣).
ومما يجدر ذكره أن نيسابور أصابها ما أصاب الدولة الإِسلامية في العهد الثاني للعباسيين فتقلبت بين السامانيين والغزنويين والسلاجقة فكانت تحت ولاية السامانيين، فحاول محمود الغزنوي أخذها سنة (٣٨٨ هـ) فاحتلها ولكن لما علم بمسير الأمير منصور بن نوح إليه سار عنها وتركها، ثم عاد إليها سنة (٣٨٩هـ) واحتلها (٤)، وبقيت تحت الدولة الغزنوية إلى سنة (٤٣٢هـ) حيث احتلها السلاجقة.
قال ابن الأثير عن حادثة احتلال السلاجقة لها: ".. وسار طغرلبك إلى نيسابور وملكها ودخل إليها آخر سنة إحدى وثلاثين وأول سنة اثنتين
قال ياقوت: ".. وأكثر شرب أهل نيسابور من قنى تجري تحت الأرض ينزل إليها في سراديب مهيأة لذلك، فيوجد الماء تحت الأرض، ليس صادق الحلاوة، وعهدي بها كثيرة الفواكه والخيرات.. " (٢).
وذكر ياقوت أنها فتحت أيام عثمان -رضي الله عنه - وقد فتحها الأمير عبد الله بن كريز في سنة ٣٠ هـ صلحا وبنى بها جامعا. وقيل: فتحت أيام عمر -رضي الله عنه - على يد الأحنف بن قيس، وانتقضت أيام عثمان فأرسل إليها عبد الله بن كريز ففتحها ثانية (٣).
ومما يجدر ذكره أن نيسابور أصابها ما أصاب الدولة الإِسلامية في العهد الثاني للعباسيين فتقلبت بين السامانيين والغزنويين والسلاجقة فكانت تحت ولاية السامانيين، فحاول محمود الغزنوي أخذها سنة (٣٨٨ هـ) فاحتلها ولكن لما علم بمسير الأمير منصور بن نوح إليه سار عنها وتركها، ثم عاد إليها سنة (٣٨٩هـ) واحتلها (٤)، وبقيت تحت الدولة الغزنوية إلى سنة (٤٣٢هـ) حيث احتلها السلاجقة.
قال ابن الأثير عن حادثة احتلال السلاجقة لها: ".. وسار طغرلبك إلى نيسابور وملكها ودخل إليها آخر سنة إحدى وثلاثين وأول سنة اثنتين
(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) انظر: "الكامل في التاريخ" ٧/ ١٩٠، ١٩٦.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) انظر: "الكامل في التاريخ" ٧/ ١٩٠، ١٩٦.
32
وثلاثين ونهب أصحابه الناس.. وكان العيارون قد عظم ضررهم واشتد أمرهم وزادت البلية بهم على أهل نيسابور فهم ينهبون الأموال ويقتلون النفوس ويرتكبون الفروج الحرام.. فلما دخل طغرلبك البلد خافه العيارون وكفوا عما كانوا يفعلون وسكن الناس واطمأنوا.. " (١) وحصلت لها بلية أخري على يد الغز سنة (٥٤٨ هـ)، ثم خربت مرة أخري على يد التتر سنة (٦١٨ هـ) (٢).
أما العلم بها فهو كما قال عنها ياقوت في كلامه السابق: "معدن الفضلاء ومنبع العلماء.. " وقد اشتهرت بمدارسها العامرة، وذكر السبكي بعض مدارسها، وذلك لما تحدث عن المدارس في عهد "نظام الملك" فذكر منها المدرسة "البيهقية" و"السعدية" بناها الأمير نصر بن سبكتكين أخو السلطان محمود، ومدرسة بناها أبو إسماعيل بن علي الاستراباذى الواعظ، ومدرسة "أبي إسحاق الإسفراييني" ثم بني "نظام الملك" المدرسة "النظامية" بها (٣)، هذا شيء عن المدارس وبيوت العلم التي قامت بنيسابور، فتخرج فيها فحول العلماء.
وقد ألف في أسماء علماء نيسابور ومشايخها كتب، وأول من كتب في هذا "الإِمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم" المتوفى سنة (٤٠٥ هـ)، قال السمعاني: "والمنتسب إليها جماعة لا يحصون وقد جمع الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ البيع، تاريخ علمائها في ثمان
أما العلم بها فهو كما قال عنها ياقوت في كلامه السابق: "معدن الفضلاء ومنبع العلماء.. " وقد اشتهرت بمدارسها العامرة، وذكر السبكي بعض مدارسها، وذلك لما تحدث عن المدارس في عهد "نظام الملك" فذكر منها المدرسة "البيهقية" و"السعدية" بناها الأمير نصر بن سبكتكين أخو السلطان محمود، ومدرسة بناها أبو إسماعيل بن علي الاستراباذى الواعظ، ومدرسة "أبي إسحاق الإسفراييني" ثم بني "نظام الملك" المدرسة "النظامية" بها (٣)، هذا شيء عن المدارس وبيوت العلم التي قامت بنيسابور، فتخرج فيها فحول العلماء.
وقد ألف في أسماء علماء نيسابور ومشايخها كتب، وأول من كتب في هذا "الإِمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم" المتوفى سنة (٤٠٥ هـ)، قال السمعاني: "والمنتسب إليها جماعة لا يحصون وقد جمع الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ البيع، تاريخ علمائها في ثمان
(١) "الكامل في التاريخ" ٨/ ٢٦.
(٢) انظر: "معجم البلدان" ٥/ ٣٣٢.
(٣) انظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٣/ ١٣٧.
(٢) انظر: "معجم البلدان" ٥/ ٣٣٢.
(٣) انظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٣/ ١٣٧.
33
مجلدات.. " (١) وذيَّله عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي، المتوفى سنة (٥٢٩ هـ) في كتاب اسمه "السباق في ذيل تاريخ نيسابور" (٢)، وذكر الثعالبي (ت ٤٢٩ هـ) في "يتيمة الدهر" باباً في ذكر النيسابوريين، وباباً آخر في ذكر الطارئين على نيسابور من بلاد شتى (٣).
ومن مشاهير العلماء المنسوبين لنيسابور، الإِمام مسلم بن الحجاج، مؤلف "الصحيح"، ومنهم: "أبو بكر عبد الله بن محمد النيسابوري الشافعي، مولى أبان بن عثمان" توفي سنة (٣٢٤ هـ) (٤)، وسيأتي ذكر عدد منهم في شيوخ الواحدي وتلامذته.
ومما ينبغي ذكره عن نيسابور وبلاد خراسان عامة أوضاع الفرق والطوائف والتعصب فيها، وقد وصف المقدسي ذلك فقال عن خراسان عامة: "وبه يهود كثيرة ونصارى قليلة، وأصناف المجوس، وليس فيه مجذومون، ولا يعرفون الجذام، وأولاد علي -رضي الله عنه - فيه على غاية الرفعة، ولا تري به هاشميا إلا غريبا ومذاهبهم مستقيمة غير أن الخوارج "بسجستان" ونواحي "هراة" و"كروخ" و"استربيان" كثيرة، وللمعتزلة بنيسابور ظهور بلا غلبة، وللشيعة والكرامية بها جلبة، والغلبة في الإقليم أصحاب أبي حنيفة، إلا في كورة "الشاش" و"إيلاق" و"طوس" و"نسا" و"أبيورد" و"طراز" و"ضنغاج" وسواد "بخارى" و"سنج" و"الدَّنْدَانَقَان" و"أسفراين" و"جويان" فإنهم شفعوية كلهم والعمل في هذه المواضع على مذهبهم.. و"نيسابور"-
ومن مشاهير العلماء المنسوبين لنيسابور، الإِمام مسلم بن الحجاج، مؤلف "الصحيح"، ومنهم: "أبو بكر عبد الله بن محمد النيسابوري الشافعي، مولى أبان بن عثمان" توفي سنة (٣٢٤ هـ) (٤)، وسيأتي ذكر عدد منهم في شيوخ الواحدي وتلامذته.
ومما ينبغي ذكره عن نيسابور وبلاد خراسان عامة أوضاع الفرق والطوائف والتعصب فيها، وقد وصف المقدسي ذلك فقال عن خراسان عامة: "وبه يهود كثيرة ونصارى قليلة، وأصناف المجوس، وليس فيه مجذومون، ولا يعرفون الجذام، وأولاد علي -رضي الله عنه - فيه على غاية الرفعة، ولا تري به هاشميا إلا غريبا ومذاهبهم مستقيمة غير أن الخوارج "بسجستان" ونواحي "هراة" و"كروخ" و"استربيان" كثيرة، وللمعتزلة بنيسابور ظهور بلا غلبة، وللشيعة والكرامية بها جلبة، والغلبة في الإقليم أصحاب أبي حنيفة، إلا في كورة "الشاش" و"إيلاق" و"طوس" و"نسا" و"أبيورد" و"طراز" و"ضنغاج" وسواد "بخارى" و"سنج" و"الدَّنْدَانَقَان" و"أسفراين" و"جويان" فإنهم شفعوية كلهم والعمل في هذه المواضع على مذهبهم.. و"نيسابور"-
(١) "الأنساب" ١٣/ ٢٣٥.
(٢) انظر: "كشف الظنون" ٢/ ١٠١١.
(٣) انظر: "يتيمة الدهر" الباب التاسع والعاشر ٤/ ٤٤١ - ٥٢٠
(٤) انظر: "اللباب" ٣/ ٣٤١.
(٢) انظر: "كشف الظنون" ٢/ ١٠١١.
(٣) انظر: "يتيمة الدهر" الباب التاسع والعاشر ٤/ ٤٤١ - ٥٢٠
(٤) انظر: "اللباب" ٣/ ٣٤١.
34
أيضًا - شفعوية.. وأهل ترمذ جهمية، وأهل "الرقة" شيعة، وأهل "غندر" قدرية.. " (١).
هذا الوصف من المقدسي يصور لنا حالة تلك البلاد التي عاش بها الواحدي فهي معدن العلم والعلماء وهي مع ذلك موطن اضطراب وتقلبات سياسية، ومواطن الفرق والصراع بينها، وما حصلت تلك المحن على تلك البلاد وعلى الأمة جميعها إلا بسبب ظهور المعاصي والتفرق في الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
هذا الوصف من المقدسي يصور لنا حالة تلك البلاد التي عاش بها الواحدي فهي معدن العلم والعلماء وهي مع ذلك موطن اضطراب وتقلبات سياسية، ومواطن الفرق والصراع بينها، وما حصلت تلك المحن على تلك البلاد وعلى الأمة جميعها إلا بسبب ظهور المعاصي والتفرق في الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(١) "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" ص ٣٢٣.
35
المطلب الرابع
طلبه للعلم، ورحلاته في طلب العلم، والعلوم التي برز فيها
لقد نشأ الواحدي في تلك المدينة العامرة بالعلم والعلماء نيسابورَ، مع سعة الرزق التي هيأت له أسباب التحصيل والطلب، وكان الكُتَّاب (١) هو المدرسة الابتدائية التي تلقا فيها أبو الحسن الواحديُّ تعليمه، حيث دخل كتاب الشيخ أبي عمرو سعيد بن هبة الله البسطامي (٢).
ثم شرع في السماع من العلماء، والأخذ عنهم، حيث سمع من شيخه أبي طاهر محمد بن محمد بن مَحْمِش الزيادي (٣) محدث نيسابور وفقيهها، وكان ذلك عام (٤٠٩) (٤) فيكون سماعه منه، وهو في الثانية عشرة من عمره تقريباً، أو فوق ذلك بقليل.
ثم انضم الواحدي إلا دار السُّنة -وهي مدرسة يدرِّس فيها كبار العلماء والمحدثين- ليتلقى العلم عن أجلَّة علمائها، وكان منهم: القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري في سنة (٤١٠) وهذا وما قبله يدلان على شغف الواحدي بالعلم ولزوم حلق العلماء منذ نعومة أظفاره، ومَيْعة (٥) صباه (٦).
ولعل الواحدي رحمه الله أحب أن يتقن علوم الآلة التي يتوصل بها إلى فهم القرآن والسنة، قبل أن يخوض في علوم المقاصد، ليكون على
طلبه للعلم، ورحلاته في طلب العلم، والعلوم التي برز فيها
لقد نشأ الواحدي في تلك المدينة العامرة بالعلم والعلماء نيسابورَ، مع سعة الرزق التي هيأت له أسباب التحصيل والطلب، وكان الكُتَّاب (١) هو المدرسة الابتدائية التي تلقا فيها أبو الحسن الواحديُّ تعليمه، حيث دخل كتاب الشيخ أبي عمرو سعيد بن هبة الله البسطامي (٢).
ثم شرع في السماع من العلماء، والأخذ عنهم، حيث سمع من شيخه أبي طاهر محمد بن محمد بن مَحْمِش الزيادي (٣) محدث نيسابور وفقيهها، وكان ذلك عام (٤٠٩) (٤) فيكون سماعه منه، وهو في الثانية عشرة من عمره تقريباً، أو فوق ذلك بقليل.
ثم انضم الواحدي إلا دار السُّنة -وهي مدرسة يدرِّس فيها كبار العلماء والمحدثين- ليتلقى العلم عن أجلَّة علمائها، وكان منهم: القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري في سنة (٤١٠) وهذا وما قبله يدلان على شغف الواحدي بالعلم ولزوم حلق العلماء منذ نعومة أظفاره، ومَيْعة (٥) صباه (٦).
ولعل الواحدي رحمه الله أحب أن يتقن علوم الآلة التي يتوصل بها إلى فهم القرآن والسنة، قبل أن يخوض في علوم المقاصد، ليكون على
(١) الكتاب -كرمان-: موضع تعليم الكتاب، وجمعه كتاتيب، "الصحاح" للجوهري ١/ ٢٠٨.
(٢) ينظر: "دمية القصر" للباخرزي ٢/ ١٠١٨ وتأتي ترجمته لاحقًا في مبحث شيوخه.
(٣) المصدر السابق.
(٤) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٣٨٧ و"الوجيز" ١/ ٨٦.
(٥) ميعة الصبا: أوله.
(٦) ينظر: "أسباب النزول" ص ٢٤٤
(٢) ينظر: "دمية القصر" للباخرزي ٢/ ١٠١٨ وتأتي ترجمته لاحقًا في مبحث شيوخه.
(٣) المصدر السابق.
(٤) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٣٨٧ و"الوجيز" ١/ ٨٦.
(٥) ميعة الصبا: أوله.
(٦) ينظر: "أسباب النزول" ص ٢٤٤
36
فهم تام بها، ومعرفة بحقائقها، يحدث عن ذلك فيقول: "وأما النحو فإني لما كنت في مَيعة صباي، وشرخ شبيبتي، وقعت إلى الشيخ أبي الحسن علي بن محمد الضرير رحمه الله... ولعله تفرَّس فيّ وتوسم أثر الخير لديّ فتجرد لتخريجي وصرف وَكْده (١) إلى تأديبي،... وسعدت به أفضل ما سعد تلميذ بأستاذه، وقرأت عليه جوامع النحو والتصريف والمعاني، وعلقت عنه قريبا من مائة جزء في المسائل المشكلة، وسمعت منه أكثر مصنفاته في النحو والعروض والعلل.. " (٢).
ولم يقض نهمته من علم اللغة والأدب اللذين لا يستغنى عنهما في فهم النصوص، يقول الواحدي: "ولئن استغنى علم عن الأدب فمن ضرورة التفسير وعلم القرآن: الأدب ومعرفة اللغة العربية" (٣)، فانقطع لتعلم اللغة على شيخ اللغة في وقته: أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي، حيث لازمه ملازمة الظل لصاحبه، يدخل عليه عند طلوع الشمس، ويخرج من عنده غروبها، يسمع ويعلق ويبحث، ويذاكر أصحابه ما بين طرفي النهار، وقرأ عليه كثيراً من دواوين الشعر وكتب اللغة، قال: ولم أغب عن زيارته يوماً من الأيام إلى أن حال بيننا الحمام (٤).
ثم لما توفي الشيخ أبو الفضل العروضي عام (٤١٦) تنقل الواحدي في مساجد البلد ومدارسه، بين العلماء والعلوم (٥)، يحدثنا أبو الحسن الواحدي عن تلقيه للقرآن ولعلم القراءات، فيقول: "وأما القرآن وقراءات
ولم يقض نهمته من علم اللغة والأدب اللذين لا يستغنى عنهما في فهم النصوص، يقول الواحدي: "ولئن استغنى علم عن الأدب فمن ضرورة التفسير وعلم القرآن: الأدب ومعرفة اللغة العربية" (٣)، فانقطع لتعلم اللغة على شيخ اللغة في وقته: أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي، حيث لازمه ملازمة الظل لصاحبه، يدخل عليه عند طلوع الشمس، ويخرج من عنده غروبها، يسمع ويعلق ويبحث، ويذاكر أصحابه ما بين طرفي النهار، وقرأ عليه كثيراً من دواوين الشعر وكتب اللغة، قال: ولم أغب عن زيارته يوماً من الأيام إلى أن حال بيننا الحمام (٤).
ثم لما توفي الشيخ أبو الفضل العروضي عام (٤١٦) تنقل الواحدي في مساجد البلد ومدارسه، بين العلماء والعلوم (٥)، يحدثنا أبو الحسن الواحدي عن تلقيه للقرآن ولعلم القراءات، فيقول: "وأما القرآن وقراءات
(١) الوكد: القصد.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٠ - ٤٢١.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٤١٠.
(٤) مقدمة "البسيط" ص ٤١٧ - ٤١٩.
(٥) ينظر: "الوسيط" للواحدي ١/ ٣٠١، ٢/ ٣٢، ٢٢٣، ٣/ ٧١.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٠ - ٤٢١.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٤١٠.
(٤) مقدمة "البسيط" ص ٤١٧ - ٤١٩.
(٥) ينظر: "الوسيط" للواحدي ١/ ٣٠١، ٢/ ٣٢، ٢٢٣، ٣/ ٧١.
37
أهل الأمصار، واختيارات الأئمة، فإني اختلفت أولاً إلى الأستاذ أبي القاسم علي بن أحمد البستي -رحمه الله (١) - وقرأت عليه القرآن ختمات كثيرة لا تحصى، حتى قرأت عليه أكثر طريقة الأستاذ: أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران -رحمه الله (٢) - ثم ذهبت إلى الإمامين أبي عثمان سعيد ابن محمد الحيري، وأبي الحسن علي بن محمد الفارسي -رحمهما الله (٣) - فقرأت عليهما وأخذت من كل منهما حظّاً وافراً بعون الله وحسن توفيقه.
وقرات على الأستاذ سعيد مصنفات ابن مهران، وروى لنا كتب أبي علي الفسوي (٤) عنه، وقرأت عليه بلفظي كتاب الزجاج (٥) في "المعاني" (٦).
وقرات على الأستاذ سعيد مصنفات ابن مهران، وروى لنا كتب أبي علي الفسوي (٤) عنه، وقرأت عليه بلفظي كتاب الزجاج (٥) في "المعاني" (٦).
(١) تأتي ترجمته لاحقاً في مبحث شيوخه.
(٢) هو أحمد بن الحسين بن مهران أبو بكر الأصبهاني ثم النيسابوري، إمام عصره في القراءات، كان ثقة محققاً عابداً صنف في القراءات مصنفات منها: "الغاية"، و"الشامل"، و"المبسوط" وغيرها توفي سنة ٣٨١، ينظر: "معرفة القراء الكبار" ١/ ٣٤٧، و"غاية النهاية" ١/ ٤٩.
(٣) تأتي ترجمتهما لاحقاً في مبحث شيوخه.
(٤) هو: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبو علي الفارسي، ويعرف بالفسوي نسبة إلى فسا، واحد زمانه في علم العربية، أخذ عن الزجاج وابن السراج، وطوف بلاد الشام، كان أعلم من المبرد، كان معتزلياً، وقد ذكر الدكتور حسن فرهود في مقدمة "الإيضاح" أكثر من ٣٠ كتاباً للفارسي، توفي سنة ٣٧٧ هـ.
ينظر: "بغية الوعاة" ١/ ٤٩٦ - ٤٩٧، و"إنباه الرواة" ١/ ٣٠٨ - ٣١٠، و"معجم الأدباء" ٧/ ٢٣٢ - ٢٦١.
(٥) هو: إبراهيم بن محمد بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج النحوي، صاحب كتاب "معاني القرآن" كان من أهل الفضل والدين حسن الاعتقاد، وله مؤلفات حسان في الأدب، توفي سنة ٣١١هـ، أو نحوها.
ينظر: "السير" ١٤/ ٣٦٠، و"إنباه الرواة" ١/ ١٩٠٤
(٦) "مقدمة البسيط" ص (٤٣٢).
(٢) هو أحمد بن الحسين بن مهران أبو بكر الأصبهاني ثم النيسابوري، إمام عصره في القراءات، كان ثقة محققاً عابداً صنف في القراءات مصنفات منها: "الغاية"، و"الشامل"، و"المبسوط" وغيرها توفي سنة ٣٨١، ينظر: "معرفة القراء الكبار" ١/ ٣٤٧، و"غاية النهاية" ١/ ٤٩.
(٣) تأتي ترجمتهما لاحقاً في مبحث شيوخه.
(٤) هو: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبو علي الفارسي، ويعرف بالفسوي نسبة إلى فسا، واحد زمانه في علم العربية، أخذ عن الزجاج وابن السراج، وطوف بلاد الشام، كان أعلم من المبرد، كان معتزلياً، وقد ذكر الدكتور حسن فرهود في مقدمة "الإيضاح" أكثر من ٣٠ كتاباً للفارسي، توفي سنة ٣٧٧ هـ.
ينظر: "بغية الوعاة" ١/ ٤٩٦ - ٤٩٧، و"إنباه الرواة" ١/ ٣٠٨ - ٣١٠، و"معجم الأدباء" ٧/ ٢٣٢ - ٢٦١.
(٥) هو: إبراهيم بن محمد بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج النحوي، صاحب كتاب "معاني القرآن" كان من أهل الفضل والدين حسن الاعتقاد، وله مؤلفات حسان في الأدب، توفي سنة ٣١١هـ، أو نحوها.
ينظر: "السير" ١٤/ ٣٦٠، و"إنباه الرواة" ١/ ١٩٠٤
(٦) "مقدمة البسيط" ص (٤٣٢).
38
لقد كانت كل تلك الدراسات تهيئة من الواحدي لنفسه، وتدرجاً للوصول إلى علوم المقاصد، وهذا يظهر من حديثه عن نفسه في آخر تفسيره "البسيط"، حين قال: "وقد كنت تعبت دهراً طويلاً، من عنفوان صباي إلى تناهي أيام شبيبتي في إحكام مقدمات هذا العلم" (١).
كما يظهر لنا من خلال حديث الواحدي مع شيخه أبي الفضل العروضي حين قال: "وقرأت عليه الكثير من الدواوين وكتب اللغة حتى عاتبني شيخي -رحمه الله- يوماً من الأيام، وقال: إنك لم تبق ديواناً من الشعر إلا قضيت حقه، أما آن لك أن تتفرغ لتفسير كتاب الله العزيز، تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداء من أقاصي البلاد، وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار؟ يعني: الأستاذ الإِمام أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي -رحمه الله (٢) - فقلت يا أبت إنما أتدرج بهذا إلى ذلك الذي تريد، وإذا لم أحكم الأدب بجد وتعب لم أَرْمِ في غرض التفسير عن كثب.. " (٣).
ولقد رضي عن جهده في هذا الباب حين قال: "وأظنني لم آل جهداً في إحكام أصول هذا العلم على حسب ما يليق بزماننا هذا، ويسعه سِنُو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله تعالى وله الحمد، حتى اقتبست كل ما احتجت إليه في هذا الباب من مظانه، وأخذته من معادنه" (٤).
ثم تفرغ من بعد ذلك -تبعًا-، لخطته، ومنهجيته التي ارتضاها لنفسه، وإنفاذاً لوصية شيخه - للقراءة على الإِمام: أبي إسحاق أحمد بن حمد بن
كما يظهر لنا من خلال حديث الواحدي مع شيخه أبي الفضل العروضي حين قال: "وقرأت عليه الكثير من الدواوين وكتب اللغة حتى عاتبني شيخي -رحمه الله- يوماً من الأيام، وقال: إنك لم تبق ديواناً من الشعر إلا قضيت حقه، أما آن لك أن تتفرغ لتفسير كتاب الله العزيز، تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداء من أقاصي البلاد، وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار؟ يعني: الأستاذ الإِمام أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي -رحمه الله (٢) - فقلت يا أبت إنما أتدرج بهذا إلى ذلك الذي تريد، وإذا لم أحكم الأدب بجد وتعب لم أَرْمِ في غرض التفسير عن كثب.. " (٣).
ولقد رضي عن جهده في هذا الباب حين قال: "وأظنني لم آل جهداً في إحكام أصول هذا العلم على حسب ما يليق بزماننا هذا، ويسعه سِنُو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله تعالى وله الحمد، حتى اقتبست كل ما احتجت إليه في هذا الباب من مظانه، وأخذته من معادنه" (٤).
ثم تفرغ من بعد ذلك -تبعًا-، لخطته، ومنهجيته التي ارتضاها لنفسه، وإنفاذاً لوصية شيخه - للقراءة على الإِمام: أبي إسحاق أحمد بن حمد بن
(١) "تفسير البسيط" ٥/ ٣٣٧ ب من نسخة عاطف أفندي.
(٢) ستأتي ترجمته لاحقاً في مبحث شيوخه.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٤١٩.
(٤) مقدمة "البسيط" ص ٤١٧.
(٢) ستأتي ترجمته لاحقاً في مبحث شيوخه.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٤١٩.
(٤) مقدمة "البسيط" ص ٤١٧.
39
إبراهيم الثعلبي، وقرأ عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء، وتفسيره الكبير "الكشف والبيان" وكتابه "الكامل في علم القرآن" وغيرها، ولشدة ملازمته إياه عرف في الأوساط العلمية آنذاك بتلميذ الثعلبي.
رحلاته:
ولقد رحل الواحدي. بعد ذلك في طلب العلم، يبحث عن أساطينه فيتلقى عنهم، وقد عبر عن تلك الرحلات بقوله: ".. ولو أثبت المشايخ الذين أدركتهم واقتبست عنهم هذا العلم من مشايخ نيسابور وسائر البلاد التي وطئتها طال الخطب ومل الناظر.. " (١).
ولم تذكر المصادر البلاد التي رحل إليها الواحدي، ولكن صرح هو في بعض رواياته بمكان التلقي، فمثلا قال في "أسباب النزول": "قال الشيخ: أشهد بالله لقد أخبرنا أبو الحارث محمد بن عبد الرحيم الحافظ بجرجان قال: أشهد بالله لقد أخبرنا أبو نعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البزاز.. " (٢).
فهذا يدل على أنه رحل إلى جرجان (٣) وأخذ عن شيوخها.
العلوم التي برز فيها:
لقد تنوعت مشارب الواحدي العلمية، وتعددت، وأخذ من كل فن بطرف، ذلك لأن من خصائص العلوم الشرعية أنها مترابطة، فبعضها غايات وبعضها وسائل كاللغة والأصول ونحوهما، ولابد لمن أراد تعلم الغايات أن يدرس الوسائل، فالمفسر مثلاً: يلزمه معرفة السنة حتى يميز بها بين ما صح
رحلاته:
ولقد رحل الواحدي. بعد ذلك في طلب العلم، يبحث عن أساطينه فيتلقى عنهم، وقد عبر عن تلك الرحلات بقوله: ".. ولو أثبت المشايخ الذين أدركتهم واقتبست عنهم هذا العلم من مشايخ نيسابور وسائر البلاد التي وطئتها طال الخطب ومل الناظر.. " (١).
ولم تذكر المصادر البلاد التي رحل إليها الواحدي، ولكن صرح هو في بعض رواياته بمكان التلقي، فمثلا قال في "أسباب النزول": "قال الشيخ: أشهد بالله لقد أخبرنا أبو الحارث محمد بن عبد الرحيم الحافظ بجرجان قال: أشهد بالله لقد أخبرنا أبو نعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البزاز.. " (٢).
فهذا يدل على أنه رحل إلى جرجان (٣) وأخذ عن شيوخها.
العلوم التي برز فيها:
لقد تنوعت مشارب الواحدي العلمية، وتعددت، وأخذ من كل فن بطرف، ذلك لأن من خصائص العلوم الشرعية أنها مترابطة، فبعضها غايات وبعضها وسائل كاللغة والأصول ونحوهما، ولابد لمن أراد تعلم الغايات أن يدرس الوسائل، فالمفسر مثلاً: يلزمه معرفة السنة حتى يميز بها بين ما صح
(١) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٥.
(٢) "أسباب النزول" ص ٤٢٥.
(٣) جرجان: مدينة عظيمة بين طبرستان وخراسان. انظر "معجم البلدان" ٢/ ١١٩.
(٢) "أسباب النزول" ص ٤٢٥.
(٣) جرجان: مدينة عظيمة بين طبرستان وخراسان. انظر "معجم البلدان" ٢/ ١١٩.
40
وما ليس كذلك، كما أن فهم اللفظ القرآني متوقف على معرفة اللغة والنحو وأصول كلام العرب، ولا بد أن يعرف القراءات وعلوم القرآن وهكذا.
ولقد كان ذلك دافعاً قوياً للواحدي ليحكم الأصول كما قال في مقدمة كتابه "البسيط": "... وأظنني لم آل جهدًا في إحكام أصول هذا العلم على حسب ما يليق بزماننا هذا ويسعه سنو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله تعالى، وله الحمد، حتى اقتبست كل ما احتجت إليه في هذا الباب من مظانه وأخذته من معادنه، أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي، رحمه الله.. " (١).
وتحدث بعد ذلك عن أخذه النحو والقراءات والتفسير.
ويؤكد كلامه بقوله: ".. ولئن استغنى علم عن الأدب فمن ضرورة التفسير وعلم القرآن: الأدب، ومعرفة اللغة العربية.. " (٢).
وكان للواحدي مشاركة في سائر العلوم. ففي السنة أخذ عن كبار المحدثين وأدرك الإسناد العالي (٣)، وقال عنه ابن تغري بردي: "كان إماماً عالماً بارعاً محدثاً" (٤)، وكتابه "أسباب النزول" يشهد بمكانته في هذا الفن. على أنه لم يصل فيها إلى المستوى الذي وصل إليه في اللغة والتفسير، ولهذا روى بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة وسيأتي تفصيل هذه المسألة عند الحديث عن منهجه في التفسير في كتابه "البسيط".
أما الفقه فيعتبر أحد أعلام مذهب الإِمام الشافعي وتوجد ترجمته في
ولقد كان ذلك دافعاً قوياً للواحدي ليحكم الأصول كما قال في مقدمة كتابه "البسيط": "... وأظنني لم آل جهدًا في إحكام أصول هذا العلم على حسب ما يليق بزماننا هذا ويسعه سنو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله تعالى، وله الحمد، حتى اقتبست كل ما احتجت إليه في هذا الباب من مظانه وأخذته من معادنه، أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي، رحمه الله.. " (١).
وتحدث بعد ذلك عن أخذه النحو والقراءات والتفسير.
ويؤكد كلامه بقوله: ".. ولئن استغنى علم عن الأدب فمن ضرورة التفسير وعلم القرآن: الأدب، ومعرفة اللغة العربية.. " (٢).
وكان للواحدي مشاركة في سائر العلوم. ففي السنة أخذ عن كبار المحدثين وأدرك الإسناد العالي (٣)، وقال عنه ابن تغري بردي: "كان إماماً عالماً بارعاً محدثاً" (٤)، وكتابه "أسباب النزول" يشهد بمكانته في هذا الفن. على أنه لم يصل فيها إلى المستوى الذي وصل إليه في اللغة والتفسير، ولهذا روى بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة وسيأتي تفصيل هذه المسألة عند الحديث عن منهجه في التفسير في كتابه "البسيط".
أما الفقه فيعتبر أحد أعلام مذهب الإِمام الشافعي وتوجد ترجمته في
(١) مقدمة "البسيط" ص ٤١٧.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤١٠.
(٣) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤ أ، و"إنباه الرواة" ٢/ ١٢٣.
(٤) انظر: "النجوم الزاهرة" ٥/ ١٠٤.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤١٠.
(٣) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤ أ، و"إنباه الرواة" ٢/ ١٢٣.
(٤) انظر: "النجوم الزاهرة" ٥/ ١٠٤.
41
جميع كتب تراجم طبقات علماء الشافعية (١)، وله آراء فقهية ذكرها في "البسيط" معتمدة في مذهبهم، نقل منها النووي في "المجموع شرح المهذب" (٢).
ومع هذه المشاركات من الواحدي في السنة والفقه فقد برز في علوم "التفسير" و"النحو"، "واللغة" وشهر بها وصار من أعلامها. وصفه بعض المترجمين له بإمامته فيها، قال في "المنتخب من السياق": "الإِمام المصنف المفسر النحوي" (٣)، وقال ابن خلكان: "كان أستاذ عصره في النحو والتفسير" (٤)، وقال القفطي: "الإِمام المصنف المفسر النحوي.. " (٥)، وقال أبو الفداء: "وكان أستاذ عصره في النحو والتفسير" (٦).
وقال الأسنوي: "كان فقيها إماما في النحو واللغة وغيرهما شاعرًا، وأستاذ عصره في التفسير.. " (٧)، وقال الفيروزابادي: "الإِمام المفسر النحوي اللغوي.. " (٨).
أما عن إمامته في علم التفسير فيشهد بذلك كتبه الثلاثة في التفسير "البسيط" و"الوسيط" و"الوجيز" ويأتي الحديث عنها في مؤلفاته، وأكبرها "البسيط"، كذلك كتابه "أسباب النزول"، وقد ترجم له السيوطي والداودي
ومع هذه المشاركات من الواحدي في السنة والفقه فقد برز في علوم "التفسير" و"النحو"، "واللغة" وشهر بها وصار من أعلامها. وصفه بعض المترجمين له بإمامته فيها، قال في "المنتخب من السياق": "الإِمام المصنف المفسر النحوي" (٣)، وقال ابن خلكان: "كان أستاذ عصره في النحو والتفسير" (٤)، وقال القفطي: "الإِمام المصنف المفسر النحوي.. " (٥)، وقال أبو الفداء: "وكان أستاذ عصره في النحو والتفسير" (٦).
وقال الأسنوي: "كان فقيها إماما في النحو واللغة وغيرهما شاعرًا، وأستاذ عصره في التفسير.. " (٧)، وقال الفيروزابادي: "الإِمام المفسر النحوي اللغوي.. " (٨).
أما عن إمامته في علم التفسير فيشهد بذلك كتبه الثلاثة في التفسير "البسيط" و"الوسيط" و"الوجيز" ويأتي الحديث عنها في مؤلفاته، وأكبرها "البسيط"، كذلك كتابه "أسباب النزول"، وقد ترجم له السيوطي والداودي
(١) ترجم له السبكي ٣/ ٢٨٩، والأسنوي ٢/ ٥٣٨، وابن قاضي شهبة ١/ ٢٥٦.
(٢) انظر: "المجموع شرح المهذب" ٣/ ٣٧١ - ٣٧٣.
(٣) "المنتخب من السياق" ل ١١٤ أ، وانظر "معجم الأدباء" ٢٥٨/ ١٢.
(٤) "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣.
(٥) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٦) تاريخ أبي الفداء" ٢/ ١٩٢.
(٧) "طبقات الشافعية" للأسنوي ٢/ ٥٣٩.
(٨) "البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة" ص ١٤٦.
(٢) انظر: "المجموع شرح المهذب" ٣/ ٣٧١ - ٣٧٣.
(٣) "المنتخب من السياق" ل ١١٤ أ، وانظر "معجم الأدباء" ٢٥٨/ ١٢.
(٤) "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣.
(٥) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٦) تاريخ أبي الفداء" ٢/ ١٩٢.
(٧) "طبقات الشافعية" للأسنوي ٢/ ٥٣٩.
(٨) "البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة" ص ١٤٦.
42
في "طبقات المفسرين" (١).
أما عن إمامته في النحو واللغة فإن الواحدي قد تحدث عن ذلك في مقدمة "البسيط" وبين سبب اتجاهه للنحو واللغة حيث إن معرفة ذلك هو طريق لمعرفة كلام الله وتفسيره فيقول: "فقلت: إن طريق معرفة تفسير كلام الله تعالى تعلم النحو والأدب فإنهما عمدتاه.. " (٢). ويعتبر النحو واللغة من علم الوسائل الواجبة فيقول: ".. فعلينا أن نجتهد في تعلم ما يتوصل بتعلمه إلى معرفة ضروب خطاب الكتاب.. " (٣)، ثم يقول "فإن من جهل لسان العرب وكثرة ألفاظها وافتنانها في مذاهبها جهل جمل علم الكتاب.. " (٤).
لقد أدرك الواحدي منذ صغره أهمية اللغة والنحو والأدب لفهم كتاب الله والتصدي لتفسيره؛ لأن هذا الكتاب منزل بلسان عربي مبين، فلا بد لمن رام فهم معانيه أو تصدى لتفسيره أن يكون متضلعاً من هذه اللغة التي نزل بها.
فكان ذلك دافعاً قوياً له أن يتجه إلى بحار اللغة ليغرف منها. يقول الباخرزي عنه: "وقد خبط ما عند أئمة الأدب من أصول كلام العرب خبط عصا الراعي فروع الغَرَب (٥)، وألقى الدلاء في بحارهم حتى نزفها، ومد البنان إلى ثمارهم إلا أن قطفها" (٦).
وقد تحدث الواحدي عن مقدار ما بذل في هذا المجال فيذكر تتلمذه
أما عن إمامته في النحو واللغة فإن الواحدي قد تحدث عن ذلك في مقدمة "البسيط" وبين سبب اتجاهه للنحو واللغة حيث إن معرفة ذلك هو طريق لمعرفة كلام الله وتفسيره فيقول: "فقلت: إن طريق معرفة تفسير كلام الله تعالى تعلم النحو والأدب فإنهما عمدتاه.. " (٢). ويعتبر النحو واللغة من علم الوسائل الواجبة فيقول: ".. فعلينا أن نجتهد في تعلم ما يتوصل بتعلمه إلى معرفة ضروب خطاب الكتاب.. " (٣)، ثم يقول "فإن من جهل لسان العرب وكثرة ألفاظها وافتنانها في مذاهبها جهل جمل علم الكتاب.. " (٤).
لقد أدرك الواحدي منذ صغره أهمية اللغة والنحو والأدب لفهم كتاب الله والتصدي لتفسيره؛ لأن هذا الكتاب منزل بلسان عربي مبين، فلا بد لمن رام فهم معانيه أو تصدى لتفسيره أن يكون متضلعاً من هذه اللغة التي نزل بها.
فكان ذلك دافعاً قوياً له أن يتجه إلى بحار اللغة ليغرف منها. يقول الباخرزي عنه: "وقد خبط ما عند أئمة الأدب من أصول كلام العرب خبط عصا الراعي فروع الغَرَب (٥)، وألقى الدلاء في بحارهم حتى نزفها، ومد البنان إلى ثمارهم إلا أن قطفها" (٦).
وقد تحدث الواحدي عن مقدار ما بذل في هذا المجال فيذكر تتلمذه
(١) انظر: "طبقات المفسرين" للسيوطي ص ٦٦، وللداودي ١/ ٣٩٤
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٣٩٥.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٣٩٨.
(٤) مقدمة "البسيط" ص ٣٩٨.
(٥) نوع من الشجر.
(٦) "دمية القصر" ٢/ ١٠١٨.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٣٩٥.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٣٩٨.
(٤) مقدمة "البسيط" ص ٣٩٨.
(٥) نوع من الشجر.
(٦) "دمية القصر" ٢/ ١٠١٨.
43
في اللغة على العروضي (١) فيقول: "وكنت لازمته سنين أدخل عليه عند طلوع الشمس وأخرج لغروبها أسمع، وأقرأ، وأعلق، وأحفظ، وأبحث، وأذاكر أصحابه ما بين طرفي النهار، وقرأت عليه الكثير من الدواوين وكتب اللغة" (٢)، ويذكر تتلمذه في النحو على "أبي الحسن الضرير" (٣)، فيقول: "وقرأت عليه جوامع النحو والتصريف والمعاني، وعلقت عنه قريبا من مائة جزء في المسائل المشكلة، وسمعت منه أكثر مصنفاته في النحو والعروض والعلل.. " (٤)، كذلك تتلمذ على "أبي الحسن عمران بن موسى المغربي" (٥) يقول: "ولقد صحبته مدة مقامه عندنا حتى استنزفت غرر ما عنده.. " (٦).
ولقد تضلع الواحدي في علم اللغة والنحو ومما يشهد لذلك كتابه الذي بين أيدينا "البسيط" فلقد بسط فيه من المسائل النحوية ما عُدّ خروجاً عن منهج التفسير، من كثرة ما حواه الكتاب من المسائل النحوية، قال السيوطي وهو يتكلم عن طبقات المفسرين: "فالنحوي تراه ليس له هم إلا الإعراب وتكثير الأوجه المحتملة ونقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته كالزجاج والواحدي في "البسيط" وأبي حيان في "البحر" و"النهر" (٧).
قال القفطي: "وصنف التفسير الكبير وسماه "البسيط" وأكثر فيه من
ولقد تضلع الواحدي في علم اللغة والنحو ومما يشهد لذلك كتابه الذي بين أيدينا "البسيط" فلقد بسط فيه من المسائل النحوية ما عُدّ خروجاً عن منهج التفسير، من كثرة ما حواه الكتاب من المسائل النحوية، قال السيوطي وهو يتكلم عن طبقات المفسرين: "فالنحوي تراه ليس له هم إلا الإعراب وتكثير الأوجه المحتملة ونقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته كالزجاج والواحدي في "البسيط" وأبي حيان في "البحر" و"النهر" (٧).
قال القفطي: "وصنف التفسير الكبير وسماه "البسيط" وأكثر فيه من
(١) هو أبو الفضل أحمد بن محمد العروضي أحد شيوخ الواحدي، تأتي ترجمته.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤١٩.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٠.
(٤) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٠ - ٤٢١.
(٥) وأبو الحسن علي بن محمد الضرير أحد شيوخ الواحدي، تأتي ترجمته.
(٦) أحد شيوخ الواحدي، يأتي ذكره في شيوخه.
(٧) "الإتقان" ٢/ ٢٤٣.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤١٩.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٠.
(٤) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٠ - ٤٢١.
(٥) وأبو الحسن علي بن محمد الضرير أحد شيوخ الواحدي، تأتي ترجمته.
(٦) أحد شيوخ الواحدي، يأتي ذكره في شيوخه.
(٧) "الإتقان" ٢/ ٢٤٣.
44
الإعراب والشواهد واللغة ومن رآه علم مقدار ما عنده من علم العربية.. " (١) ويأتي مزيد بسط لهذِه المسألة -إن شاء الله - عند دراسة الكتاب.
كما تشهد مؤلفاته الأخرى بتضلعه في علم اللغة والنحو فله في هذه الميادين عدة كتب منها "شرح ديوان المتنبي" و"الإغراب في الإعراب" و"شرح أسماء الله الحسنى" و"تفسير أسماء النبي - ﷺ -" و"شرح قصيدة للنابغة الذبياني" ويأتي الحديث عنها -إن شاء الله- مع مؤلفاته.
الواحدي والشعر:
ليس غريباً على الواحدي الذي تضلع في علم اللغة والأدب والنحو، وقرأ دواوين الشعر وأكثر منها حتى عاتبه شيخه العروضي كما حكى عنه فقال: "حتى عاتبني شيخي - رحمه الله - يوماً من الأيام وقال: إنك لم تبق ديواناً من الشعر إلا قضيت حقه" (٢)، ليس غريباً عليه أن تتفتح قريحته بالقريض، خصوصاً وأن الموهبة والملكة كان يتمتع بهما منذ الصغر، فلقد بدأت محاولة نظم القريض وهو في الكتاب حيث أنشد للباخرزي وهو في الكتاب قوله:
كما تشهد مؤلفاته الأخرى بتضلعه في علم اللغة والنحو فله في هذه الميادين عدة كتب منها "شرح ديوان المتنبي" و"الإغراب في الإعراب" و"شرح أسماء الله الحسنى" و"تفسير أسماء النبي - ﷺ -" و"شرح قصيدة للنابغة الذبياني" ويأتي الحديث عنها -إن شاء الله- مع مؤلفاته.
الواحدي والشعر:
ليس غريباً على الواحدي الذي تضلع في علم اللغة والأدب والنحو، وقرأ دواوين الشعر وأكثر منها حتى عاتبه شيخه العروضي كما حكى عنه فقال: "حتى عاتبني شيخي - رحمه الله - يوماً من الأيام وقال: إنك لم تبق ديواناً من الشعر إلا قضيت حقه" (٢)، ليس غريباً عليه أن تتفتح قريحته بالقريض، خصوصاً وأن الموهبة والملكة كان يتمتع بهما منذ الصغر، فلقد بدأت محاولة نظم القريض وهو في الكتاب حيث أنشد للباخرزي وهو في الكتاب قوله:
إنَّ الربيعَ بحسنِه وبهائِه | يحكيهِما خطُّ الرئيسِ أبي عُمرْ |
فكأنَّه في الدَّرج (٣) يرقُم كاتبًا | أَولى (٤) لِطاف بنانِه فتْقَ الزهرْ |
خطٌّ غدا ملءَ العيونِ ملاحةٌ | متنزَّهاً لِلَّحْظِ قيداً للبصرْ |
(١) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤١٩.
(٣) ما يكتب فيه. القاموس "درج" ص ٢٠٤
(٤) الولي: المطر بعد المطر. القاموس "ولى" ص ١٧٣٢.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤١٩.
(٣) ما يكتب فيه. القاموس "درج" ص ٢٠٤
(٤) الولي: المطر بعد المطر. القاموس "ولى" ص ١٧٣٢.
45
أخزَتْ نقوشَ الصِّينِ بدعَةُ صُنعهِ | فتَعطَّلت ورقومَ مَوشِيِّ الحِبَرْ (١) |
وقد أنشد ياقوت شيئاً من شعره ومنه قوله:
أَيا قَادِماً مِنْ طُوسَ أَهْلاً وَمَرْحَباً | بَقيِتَ عَلَى الأَيَّامِ مَا هَبَّتِ الصِّبا |
لعَمْرِي لَئِنْ أَحْياَ قُدُومُك مُدْنَفاً | بِحُبِّكَ صَبّاً في هَوَاكَ مُعَذَّبَا |
وقوله:
تَشَوَّهت الدُّنْياَ وَأَبْدَت عَوَارَهَا | وَضَاقَتْ عَليَّ الأَرْضُ بِالرُحْبِ وَالسَّعَهْ |
وَأَظلَمَ في عَيْنِي ضِيَاءُ نَهَارِهَا | لِتَوْدِيع مَنْ قَدْ بَانَ عَنِّي بِأَرْبَعَهْ |
فؤَادِي وَعَيْشِي وَالمَسرّة والكرى | فَإنْ عَادَ عَادَ الكُلُّ والأُنْسُ والدَّعَهْ (٤) |
(١) انظر: "دمية القصر" ٢/ ٢٥٩ (طبعة دار العروبة بالكويت ١٤٠٥ هـ)، و"إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٤.
(٢) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١.
(٣) "طبقات الشافعية" ٢/ ٥٣٩.
(٤) "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٦١ - ٢٦٢.
(٢) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١.
(٣) "طبقات الشافعية" ٢/ ٥٣٩.
(٤) "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٦١ - ٢٦٢.
46
المطلب الخامس
مذهبه وعقيدته:
مذهبه: لقد كان سائدًا في موطن الواحدي نيسابور مذهب الشافعي في الفقه، ومذهب الأشعرية (١) في العقيدة، وكانت هناك علاقة وثيقة بين المذهبين في نهاية القرن الرابع وأول الخامس، وهو العصر الذي عاش فيه الواحدي، وسبب تلك العلاقة والارتباط أن حاملي عقيدة الأشعرية معظمهم من الشافعية، خصوصاً في المشرق الإِسلامي، خلافاً لما كان
مذهبه وعقيدته:
مذهبه: لقد كان سائدًا في موطن الواحدي نيسابور مذهب الشافعي في الفقه، ومذهب الأشعرية (١) في العقيدة، وكانت هناك علاقة وثيقة بين المذهبين في نهاية القرن الرابع وأول الخامس، وهو العصر الذي عاش فيه الواحدي، وسبب تلك العلاقة والارتباط أن حاملي عقيدة الأشعرية معظمهم من الشافعية، خصوصاً في المشرق الإِسلامي، خلافاً لما كان
(١) الأشعرية نسبة لأبي الحسن، علي بن إسماعيل بن إسحاق الأشعري ولد سنة ٢٦٠، وكان في أول أمره على مذهب المعتزلة، ثم تركه وتحول إلى هذا المذهب الذي ينسب إليه، ووقع الخلاف بين العلماء في رجوعه إلى مذهب السلف بعد ذلك، ومن كتبه: "اللمع"، و"مقالات الإِسلاميين"، و"الإبانة عن أصول الديانة"، توفي عام ٣٢٤.
والمنتسبون إليه يُسمون: الأشعرية والأشاعرة، أو أن الأشعرية تطلق على المذهب، والأشاعرة على المنتسبين إليه، ومن أهم أصولهم: أن التوحيد عندهم هو توحيد الربوبية، ولا فرق بينه وبين توحيد الألوهية، والإيمان عندهم هو التصديق، وكلام الله تعالى معنى واحد أزلي، ويفرقون بين اللفظ والمعنى، ويقولون بالكسب في القدر، ويجمعون على إثبات سبع صفات، ويؤولون ما عداها، والسبع هي: الحياة والقدرة والعلم والإرادة والكلام والسمع والبصر، ومنهم من يضيف إلى السبع: اليد فقط، ويزيد بعضهم: البقاء، ومنهم من يتوقف في نفي ما سوى السبع، وغلاتهم يقطعون بنفي ما سواها. ينظر: "الملل والنحل" للشهرستاني ١/ ٩٤ - ٩٧ و"مجموع الفتاوى" ٦/ ٣٥٨ و"معتقد الإِمام الأشعري" للأشقر ص ١٧ و"الرسالة التدمرية" ص ٣١، ١٧٩، ١٨٥، و"الأشاعرة" لمحمود صبحي. وينظر في ترجمة أبي الحسن الأشعري: "تاريخ بغداد" ١١/ ٣٤٦، و"سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٨٥، و"طبقات الفقهاء الشافعية" لابن كثير ١/ ٢١٠، والمراجع السابقة.
والمنتسبون إليه يُسمون: الأشعرية والأشاعرة، أو أن الأشعرية تطلق على المذهب، والأشاعرة على المنتسبين إليه، ومن أهم أصولهم: أن التوحيد عندهم هو توحيد الربوبية، ولا فرق بينه وبين توحيد الألوهية، والإيمان عندهم هو التصديق، وكلام الله تعالى معنى واحد أزلي، ويفرقون بين اللفظ والمعنى، ويقولون بالكسب في القدر، ويجمعون على إثبات سبع صفات، ويؤولون ما عداها، والسبع هي: الحياة والقدرة والعلم والإرادة والكلام والسمع والبصر، ومنهم من يضيف إلى السبع: اليد فقط، ويزيد بعضهم: البقاء، ومنهم من يتوقف في نفي ما سوى السبع، وغلاتهم يقطعون بنفي ما سواها. ينظر: "الملل والنحل" للشهرستاني ١/ ٩٤ - ٩٧ و"مجموع الفتاوى" ٦/ ٣٥٨ و"معتقد الإِمام الأشعري" للأشقر ص ١٧ و"الرسالة التدمرية" ص ٣١، ١٧٩، ١٨٥، و"الأشاعرة" لمحمود صبحي. وينظر في ترجمة أبي الحسن الأشعري: "تاريخ بغداد" ١١/ ٣٤٦، و"سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٨٥، و"طبقات الفقهاء الشافعية" لابن كثير ١/ ٢١٠، والمراجع السابقة.
47
عليه الحنفية في تلك البلاد إذ أغلبهم ماتريدية (١)، بينما غلب على الحنابلة في بغداد التمسك بمذهب السلف (٢).
تلك هي البيئة التي عاشها الواحدي، والغالب أن الإنسان لا يكاد ينفك عما عهد الناس عليه، وما كان سائدًا في بيئته، ومن ثم فإن الواحدي -رحمه الله- كان شافعياً أشعرياً بغير خلاف بين كافة مترجميه، فكونه شافعياً أظهر من أن يُشهر، ويدل له أمور:
منها: تلقيب بعض مترجميه له بالشافعي، كالذهبي وابن العماد (٣).
ومنها: أن كتب طبقات الشافعية قد عدته ضمن علمائهم (٤).
ومنها: أن كتب الفقه الشافعي كانت تنقل أقواله مبينة أنه من أصحابهم (٥).
تلك هي البيئة التي عاشها الواحدي، والغالب أن الإنسان لا يكاد ينفك عما عهد الناس عليه، وما كان سائدًا في بيئته، ومن ثم فإن الواحدي -رحمه الله- كان شافعياً أشعرياً بغير خلاف بين كافة مترجميه، فكونه شافعياً أظهر من أن يُشهر، ويدل له أمور:
منها: تلقيب بعض مترجميه له بالشافعي، كالذهبي وابن العماد (٣).
ومنها: أن كتب طبقات الشافعية قد عدته ضمن علمائهم (٤).
ومنها: أن كتب الفقه الشافعي كانت تنقل أقواله مبينة أنه من أصحابهم (٥).
(١) نسبة للماتريدي محمد بن محمد بن محمود، أبي منصور الماتريدي السمرقندي، والماتريدي نسبة إلى (ماتريد) محلة قرب سمرقند، يلقب بإمام الهدى وإمام المتكلمين، وهو معاصر للأشعري، ومذهبه قريب من مذهبه، وهو في الفقه على مذهب أبي حنيفة، من كتبه: "تأويلات أهل السنة"، وكتاب "التوحيد"، وكتاب "المقالات"، توفي سنة ٣٣٣ على الأرجح. ينظر في ترجمته: "الجواهر المضية" للقرشي ٣/ ٣٦٠ ومفتاح السعادة لطاش كبري زاده ٢/ ٩٦، ١٥١ وكتاب "الماتريدية" للحربي ص ٩٣ وما بعدها. وينظر في الفرق بين الأشعرية والماتريدية: "تاريخ المذاهب الإِسلامية" لأبي زهرة ١/ ١٩٥ - ٢١٠ وكتاب "نشأة الأشعرية وتطورها" لجلال موسى: ٣٠٧ وكتاب "الماتريدية دراسة وتقويماً" لأحمد الحربي ص ١٣٣.
(٢) ينظر: "التاريخ السياسي والفكري للمذهب السني في المشرق الإِسلامي" ص ١٢٨.
(٣) ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٣٩ و"شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠.
(٤) ينظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٥/ ٢٤٠، و"طبقات الشافعية" للإسنوي ٢/ ٥٣٨ و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٧ وغيرهم.
(٥) ينظر: "روضة الطالبين" للنووي ١٠/ ٢٢٧ و"المجموع" له ٣/ ٣٧١ وقال في "الأذكار" ص ٢٣٩: قال الإِمام أبو الحسن الواحدي من أصحابنا.
(٢) ينظر: "التاريخ السياسي والفكري للمذهب السني في المشرق الإِسلامي" ص ١٢٨.
(٣) ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٣٩ و"شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠.
(٤) ينظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٥/ ٢٤٠، و"طبقات الشافعية" للإسنوي ٢/ ٥٣٨ و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٧ وغيرهم.
(٥) ينظر: "روضة الطالبين" للنووي ١٠/ ٢٢٧ و"المجموع" له ٣/ ٣٧١ وقال في "الأذكار" ص ٢٣٩: قال الإِمام أبو الحسن الواحدي من أصحابنا.
48
ومنها: أنه يقول في كثير من المواضع في تفسيره هذا: وقال أصحابنا، يعني بهم الشافعية (١).
ومنها: أنه يقتصر في الغالب على قول الشافعي، ويُعْنى بذكره، من بين المذاهب (٢).
عقيدته:
وأما أشعريته: فهي واضحة من خلال كتبه، فالمتتبع لمواضع الاختلاف بين أهل السنة والأشاعرة، أو بين المعتزلة والأشاعرة، يجده يقرر بكل وضوح عقيدة الأشاعرة، ولا غرو فهي العقيدة الغالبة على أهل بلده، وفي أشياخه أعلام كبار من حملة لواء العقيدة الأشعرية، ممن قرروا قواعده وأصّلوا أصوله، كأبي إسحاق الإسفراييني (٣) الذي أخذ عند عامة شيوخ نيسابور الأصول وعلم الكلام (٤)، وعبد القاهر البغدادي (٥) الذي يعَدّ -كذلك- من أئمة الشافعية الأشاعرة والمبرزين فيهم (٦).
ولعلي أضرب أمثلة من خلال تفسيريه "البسيط" و"الوسيط" تدل على، ذلك وتؤكده:
١ - فعند قوله تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣] قال: "قال أصحابنا: حقيقة الواحد في وصف الباري سبحانه
ومنها: أنه يقتصر في الغالب على قول الشافعي، ويُعْنى بذكره، من بين المذاهب (٢).
عقيدته:
وأما أشعريته: فهي واضحة من خلال كتبه، فالمتتبع لمواضع الاختلاف بين أهل السنة والأشاعرة، أو بين المعتزلة والأشاعرة، يجده يقرر بكل وضوح عقيدة الأشاعرة، ولا غرو فهي العقيدة الغالبة على أهل بلده، وفي أشياخه أعلام كبار من حملة لواء العقيدة الأشعرية، ممن قرروا قواعده وأصّلوا أصوله، كأبي إسحاق الإسفراييني (٣) الذي أخذ عند عامة شيوخ نيسابور الأصول وعلم الكلام (٤)، وعبد القاهر البغدادي (٥) الذي يعَدّ -كذلك- من أئمة الشافعية الأشاعرة والمبرزين فيهم (٦).
ولعلي أضرب أمثلة من خلال تفسيريه "البسيط" و"الوسيط" تدل على، ذلك وتؤكده:
١ - فعند قوله تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣] قال: "قال أصحابنا: حقيقة الواحد في وصف الباري سبحانه
(١) ينظر: مبحث منهجه في آيات الأحكام.
(٢) ينظر: مبحث منهجه في آيات الأحكام.
(٣) ينظر ترجمته في مبحث شيوخه.
(٤) ينظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٢٥٧. وينظر ترجمة أبي إسحاق في مبحث شيوخه.
(٥) ستأتي ترجمته لاحقاً في مبحث شيوخه.
(٦) انظر ترجمته في مبحث شيوخه.
(٢) ينظر: مبحث منهجه في آيات الأحكام.
(٣) ينظر ترجمته في مبحث شيوخه.
(٤) ينظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٢٥٧. وينظر ترجمة أبي إسحاق في مبحث شيوخه.
(٥) ستأتي ترجمته لاحقاً في مبحث شيوخه.
(٦) انظر ترجمته في مبحث شيوخه.
49
أنه واحد لا قسيم له في ذاته ولا بعض له في وجوده بخلاف الجملة التي يطلق عليها لفظ الواحد مجازًا كقوله: دار واحدة، وشخص واحد، وعبَّر بعض أصحابنا عن التوحيد فقال: هو نفي الشريك والقسيم والشبيه فالله واحد في أفعاله لا شريك له يشاركه في إثبات المصنوعات وواحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا يشبه الخلق فيها.. " (١).
ويقول أيضاً: وعند متكلمي أصحابنا: أن الإله من له الإلهية، والإلهيه القدرة على اختراع الأعيان.. " (٢) وهذا الذي قرره الواحدي هنا هو قول متكلمي الأشاعرة (٣)، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية وهو يتحدث عن التوحيد عند المتكلمين: ".. حتى يجعلون معنى الإلهية القدرة على الاختراع" (٤)، ثم قال بعد ذلك: "وليس المراد بـ"الإله" هو القادر على الاختراع كما ظنه من ظنه من أئمة المتكلمين، حيث ظن أن "الإلهية" هي القدرة على الاختراع، وأن من أقر بأن الله هو القادر على الاختراع دون غيره فقد شهد أنه لا إلله إلا هو، فإن المشركين كانوا يقرون بهذا وهم مشركون كما تقدم بيانه، بل الإله الحق هو الذي يستحق أن يعبد فهو إله بمعنى: مألوه، لا إله بمعنا آله.. " (٥).
ثم قال في موضع آخر (٦): وكثير من أهل الكلام يقول: التوحيد له
ويقول أيضاً: وعند متكلمي أصحابنا: أن الإله من له الإلهية، والإلهيه القدرة على اختراع الأعيان.. " (٢) وهذا الذي قرره الواحدي هنا هو قول متكلمي الأشاعرة (٣)، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية وهو يتحدث عن التوحيد عند المتكلمين: ".. حتى يجعلون معنى الإلهية القدرة على الاختراع" (٤)، ثم قال بعد ذلك: "وليس المراد بـ"الإله" هو القادر على الاختراع كما ظنه من ظنه من أئمة المتكلمين، حيث ظن أن "الإلهية" هي القدرة على الاختراع، وأن من أقر بأن الله هو القادر على الاختراع دون غيره فقد شهد أنه لا إلله إلا هو، فإن المشركين كانوا يقرون بهذا وهم مشركون كما تقدم بيانه، بل الإله الحق هو الذي يستحق أن يعبد فهو إله بمعنى: مألوه، لا إله بمعنا آله.. " (٥).
ثم قال في موضع آخر (٦): وكثير من أهل الكلام يقول: التوحيد له
(١) انظر: "البسيط" (٣/ ٤٥٩).
(٢) انظر: "البسيط" عند تفسير البسملة ١/ ٤٦٣.
(٣) ينظر: "الاقتصاد في الاعتقاد" للغزالي ص ٤٥، "نهاية الإقدام" للشهرستاني ص ٩٠.
(٤) "الرسالة التدمرية" ص ١٨٠.
(٥) "الرسالة التدمرية" ص ١٨٥، ١٨٦.
(٦) هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن عبد الله النميري الحراني الدمشقي أبو العباس، شيخ الإِسلام ولد بحران سنة ٦٦١ طلب العلم وتبحر وفاق أهل عصره =
(٢) انظر: "البسيط" عند تفسير البسملة ١/ ٤٦٣.
(٣) ينظر: "الاقتصاد في الاعتقاد" للغزالي ص ٤٥، "نهاية الإقدام" للشهرستاني ص ٩٠.
(٤) "الرسالة التدمرية" ص ١٨٠.
(٥) "الرسالة التدمرية" ص ١٨٥، ١٨٦.
(٦) هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن عبد الله النميري الحراني الدمشقي أبو العباس، شيخ الإِسلام ولد بحران سنة ٦٦١ طلب العلم وتبحر وفاق أهل عصره =
50
ثلاث معان -ثم ذكر ما قرره الواحدي- ثم قال: وهذا المعنى الذي تتناوله هذه العبارة، فيها ما يوافق ما جاء به الرسول - ﷺ - وفيها ما يخالف ما جاء به الرسول، وليس الحق الذي فيها هو الغاية التي جاء بها الرسول - ﷺ -، بل التوحيد الذي أمَرَ به أمْرٌ يتضمن الحق الذي في هذا الكلام وزيادة أخرى، فهذا من الكلام الذي لبس فيه الحق بالباطل، وكتم الحق، وذلك أن الرجل لو أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات ونزهه عن كل ما ينزه عنه، وأقر بأنه وحده خالق كل شيء لم يكن موحداً بل ولا مؤمناً، حتى يشهد أن لا إله إلا الله، فيقر بأن الله وحده هو المستحق للعبادة ويلتزم بعبادة الله وحده لا شريك له، والإله بمعنى: المألوه المعبود الذي يستحق العبادة، ليس هو الإله بمعنى: القادر على الخلق، فإذا فسر المفسر الإله بمعنى: القادر على الاختراع، واعتقد أن هذا هو أخص وصف الإله، وجَعَل إثبات هذا التوحيد هو الغاية في التوحيد، كما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفاتية، وهو الذي ينقلونه عن أبي الحسن وأتباعه، لم يعرفوا حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله. فإن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خالق كلِّ شيء، وكانوا مع هذا مشركين" (١).
كما أنه سار على مذهب الأشعرية في باب: صفا الله وذلك عند
كما أنه سار على مذهب الأشعرية في باب: صفا الله وذلك عند
= وألف فأكثر وأبدع، ومن كتبه: "منهاج السنة"، و"تلبيس الجهمية"، وجمعت فتاواه ورسائله مراراً. مات في سجن القلعة بدمشق فخرجت دمشق كلها في جنازته سنة ٧٢٨، وألفت في سيرته كتب. ينظر: "البداية والنهاية" ١٤/ ١٣٥ و"الدرر الكامنة" ١/ ١٤٤.
(١) "درء تعارض العقل والنقل" ١/ ٢٢٥، وينظر: أيضاً ٣/ ٩٨ - ١٠٢ و"الرسالة التدمرية" ص ١٨٥ - ١٨٦.
(١) "درء تعارض العقل والنقل" ١/ ٢٢٥، وينظر: أيضاً ٣/ ٩٨ - ١٠٢ و"الرسالة التدمرية" ص ١٨٥ - ١٨٦.
51
تعرضه لها من خلال الآيات التي وردت فيها، فيؤوِّلها، ومذهب السلف في ذلك أنهم يثبتون لله ما أثبته لنفسه من الصفات وما أثبته له رسوله دون تأويل أو تحريف أو تعطيل، ولا يلزم من إثباتهم للصفات أي لازم باطل: من تشبيه الله بخلقه أو غير ذلك، فكما أنه سبحانه ليس كمثله شيء فكذلك صفاته.
٢ - فمن الآيات التي تعرض لها قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ الله في ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [البقرة: ٢١٠]. ذكر الواحدي في تفسيرها وجهين:
أحدهما: أن هذا من باب حذف المضاف، أن يأتيهم عذاب الله، أو أمر الله، أو آيات الله، فجعل مجيء الآيات والعذاب مجيئاً له، تفخيماً لشأن العذاب، وتعظيماً له.
والثاني: المعنى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله بما وعدهم من العذاب والحساب، فحذف ما يأتي به تهويلاً عليهم.. (١). وهذا منه -رحمه الله- تأويل وصرف للفظ عن ظاهره، مخالف لما كان عليه السلف الصالح من إثبات ما أثبته الله لنفسه من الصفات، من غير تأويل ولا تحريف ولا تشبيه ولا تكييف، وذلك جرياً على مذهب الأشاعرة في تأويك الصفات الخبرية.
٣ - وفي قوله تعالى: ﴿وَهُوَ العَلىُّ العَظِيُم﴾ [البقرة: ٢٥٥] قال: فمعنى العلو في صفة الله تعالى: اقتداره وقهره واستحقاقه صفات المدح (٢). وهذا مخالف لمذهب السلف الذين يثبتون العلو لله بكل أنواعه.
٢ - فمن الآيات التي تعرض لها قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ الله في ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [البقرة: ٢١٠]. ذكر الواحدي في تفسيرها وجهين:
أحدهما: أن هذا من باب حذف المضاف، أن يأتيهم عذاب الله، أو أمر الله، أو آيات الله، فجعل مجيء الآيات والعذاب مجيئاً له، تفخيماً لشأن العذاب، وتعظيماً له.
والثاني: المعنى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله بما وعدهم من العذاب والحساب، فحذف ما يأتي به تهويلاً عليهم.. (١). وهذا منه -رحمه الله- تأويل وصرف للفظ عن ظاهره، مخالف لما كان عليه السلف الصالح من إثبات ما أثبته الله لنفسه من الصفات، من غير تأويل ولا تحريف ولا تشبيه ولا تكييف، وذلك جرياً على مذهب الأشاعرة في تأويك الصفات الخبرية.
٣ - وفي قوله تعالى: ﴿وَهُوَ العَلىُّ العَظِيُم﴾ [البقرة: ٢٥٥] قال: فمعنى العلو في صفة الله تعالى: اقتداره وقهره واستحقاقه صفات المدح (٢). وهذا مخالف لمذهب السلف الذين يثبتون العلو لله بكل أنواعه.
(١) انظر: "البسيط" ٤/ ١٠٠، ١٠١.
(٢) المصدر السابق ٤/ ٣٧١.
(٢) المصدر السابق ٤/ ٣٧١.
52
علو الذات وعلو القدر، وعلو القهر. وعلو ذاته ثابت بالكتاب والسنة وإجماع السلف وبالفطرة والعقل (١)، وليس هذا موضع بسط الأدلة في ذلك.
٤ - وقال أيضًا في "تفسير البسيط": قال النحويون: وذكر اليد في قوله: ﴿يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ [البقرة: ٧٩] تحقيق للإضافة، وإن كانت الكتابة لا تقع إلا باليد، وقد أُكدّت الإضافة بذكر اليد فيما لا يُرادُ باليد فيه الجارحة، كقوله تعالى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] وقوله: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ [يس: ٧١]. ومعناه: مما تولينا عمله، ولما توليت خلقه.
والأصل في هذا: أنه قد يضاف الفعل إلى الفاعل وغير الفاعل له، كقوله: ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾ [القصص: ٤] والمراد بذلك: أنه يأمر بالذبح فَيُمتثل أمره.
فلما كان الفعلُ قد يُضاف إلى غير الفاعل أُكِّدَت الإضافة بذكر اليد؛ ليتحقق وينتفي الاحتمال، ثم استعمل هذا التأكيد أيضاً في فعل الله تعالى وإن لم يجز في وصفه يد الجارحة؛ لأن المراد بذكر اليد تحقيق الإضافة على ما بيّنا (٢). اهـ.
٥ - وقال أيضًا عند قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٩]. نقل أقوال بعض العلماء في ذلك ثم قال: ".. والأصل في الاستواء الاستقامة وإنما قيل للقصد إلى الشيء استواء؛ لأن الاستواء يسمى قصدا.. "، ثم قال: "وأما استوى بمعنى
٤ - وقال أيضًا في "تفسير البسيط": قال النحويون: وذكر اليد في قوله: ﴿يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾ [البقرة: ٧٩] تحقيق للإضافة، وإن كانت الكتابة لا تقع إلا باليد، وقد أُكدّت الإضافة بذكر اليد فيما لا يُرادُ باليد فيه الجارحة، كقوله تعالى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] وقوله: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ [يس: ٧١]. ومعناه: مما تولينا عمله، ولما توليت خلقه.
والأصل في هذا: أنه قد يضاف الفعل إلى الفاعل وغير الفاعل له، كقوله: ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾ [القصص: ٤] والمراد بذلك: أنه يأمر بالذبح فَيُمتثل أمره.
فلما كان الفعلُ قد يُضاف إلى غير الفاعل أُكِّدَت الإضافة بذكر اليد؛ ليتحقق وينتفي الاحتمال، ثم استعمل هذا التأكيد أيضاً في فعل الله تعالى وإن لم يجز في وصفه يد الجارحة؛ لأن المراد بذكر اليد تحقيق الإضافة على ما بيّنا (٢). اهـ.
٥ - وقال أيضًا عند قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٩]. نقل أقوال بعض العلماء في ذلك ثم قال: ".. والأصل في الاستواء الاستقامة وإنما قيل للقصد إلى الشيء استواء؛ لأن الاستواء يسمى قصدا.. "، ثم قال: "وأما استوى بمعنى
(١) ينظر: "الفتاوى" ١٦/ ١١٩، ١٢٣، ٣٥٨ و"مختصر الصواعق المرسلة" للموصلي ١/ ٧٥ و"شرح الواسطية" ص ٣٠٤
(٢) انظر: "البسيط" ٣/ ٩٢، ٩٣.
(٢) انظر: "البسيط" ٣/ ٩٢، ٩٣.
53
استولى فقد يكون، وكأنه يقول: استوت له الأمور فاستولى ثم وضع "استوى" موضع "استولى"... ". ويظهر رأيه وهو يتحدث عن آخر الآية ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ فيقول: "وقيل إنه لما ذكر ما يدل على القدرة والاستيلاء وصل ذلك بوصفه بالعلم.. " (١).
ومذهب السلف في هذا إثبات الاستواء لله على وجه يليق بجلاله فهو مستو على عرشه بائن من خلقه، عال عليهم بذاته علوا يليق بجلاله، ولا يلزم من هذا أي لازم باطل مما يلزم لاستواء البشر ليس كمثله شيء (٢).
والحاصل أن هذا منهجه في تفسيره، كلما مر بآية من آيات العقائد تبع عقيدةَ الأشاعرة، ولينظر زيادة على ذلك ما قرره في الآيات التالية:
١ - ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ٣] حيث أوَّل صفة الرحمة (٣).
٢ - وقوله تعالى ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧] حيث أوَّل صفة الغضب لله (٤).
٣ - وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال: ٢] حيث فسر الإيمان بالتصديق على طريقة الأشاعرة (٥).
٤ - وقوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال:
ومذهب السلف في هذا إثبات الاستواء لله على وجه يليق بجلاله فهو مستو على عرشه بائن من خلقه، عال عليهم بذاته علوا يليق بجلاله، ولا يلزم من هذا أي لازم باطل مما يلزم لاستواء البشر ليس كمثله شيء (٢).
والحاصل أن هذا منهجه في تفسيره، كلما مر بآية من آيات العقائد تبع عقيدةَ الأشاعرة، ولينظر زيادة على ذلك ما قرره في الآيات التالية:
١ - ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ٣] حيث أوَّل صفة الرحمة (٣).
٢ - وقوله تعالى ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧] حيث أوَّل صفة الغضب لله (٤).
٣ - وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال: ٢] حيث فسر الإيمان بالتصديق على طريقة الأشاعرة (٥).
٤ - وقوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال:
(١) انظر: "البسيط" ٢/ ٣٠٠، ٣٠١.
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية ٥/ ١٤٤، ٢٠٨، و"شرح الطحاوية" ص ٢١٨، و"التدمرية" ص ٨١.
(٣) "تفسير الوسيط" ١/ ٦٥.
(٤) "تفسير الوسط" ١/ ٧٠.
(٥) "تفسير الوسيط" ١/ ٧٩ و ٢/ ٥٣٥
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية ٥/ ١٤٤، ٢٠٨، و"شرح الطحاوية" ص ٢١٨، و"التدمرية" ص ٨١.
(٣) "تفسير الوسيط" ١/ ٦٥.
(٤) "تفسير الوسط" ١/ ٧٠.
(٥) "تفسير الوسيط" ١/ ٧٩ و ٢/ ٥٣٥
54
١٧] حيث فسر الآية على طريقة الأشاعرة القائلين بالكسب في باب القدر (١).
٥ - وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الرعد: ٢] حيث أوّل الاستواء بالاستيلاء والاقتدار ونفوذ السلطان (٢).
٦ - وقوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧] حيث أوّل اليد بالقدرة (٣).
٧ - وقوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)﴾ [الفجر: ٢٢] حيث أوّل المجيء، بمجيء أمره وقضائه (٤).
٥ - وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الرعد: ٢] حيث أوّل الاستواء بالاستيلاء والاقتدار ونفوذ السلطان (٢).
٦ - وقوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧] حيث أوّل اليد بالقدرة (٣).
٧ - وقوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)﴾ [الفجر: ٢٢] حيث أوّل المجيء، بمجيء أمره وقضائه (٤).
(١) "تفسير البسيط" تفسير سورة الأنفال.
(٢) "تفسير الوسيط" ٣/ ٣.
(٣) "تفسير الوسيط" ٣/ ٥٩٣
(٤) "تفسير الوسيط" ٤/ ٤٨٤
(٢) "تفسير الوسيط" ٣/ ٣.
(٣) "تفسير الوسيط" ٣/ ٥٩٣
(٤) "تفسير الوسيط" ٤/ ٤٨٤
55
المطلب السادس
شيوخه وتلاميِذه
شيوخه:
عاش الواحدي في نيسابور معدن الفضلاء ومنبع العلماء، كما قال عنها ياقوت (١). وتنقل في أرجاء العالم الإِسلامي يتبع معين العلم، ويلقي الدلاء في بحار علماء اللغة والنحو والأدب والتفسير وقد أدرك الإسناد (٢)، وقرأ الحديث على المشايخ، لهذا كثر شيوخه وعز حصرهم، قال الواحدي متحدثاً عن ذلك: "ولو أثبت المشايخ الذين أدركتهم واقتبست عنهم هذا العلم من مشايخ نيسابور وسائر البلاد التي وطئتها طال الخطب ومل الناظر.. " (٣).
وأذكر -إن شاء الله- بعض شيوخه، وأقرب مصدر لذلك الواحدي نفسه حيثما ذكر في مقدمة كتابه "البسيط" بعض شيوخه الذين أخذ عنهم فأتحدث عنهم أولاً، ثم أعقبهم بذكر بعض الشيوخ الذين وردت تراجمهم في بعض المصادر التي ترجمت له، أو ثبت أخذه عنهم بأي طريق.
أولاً: شيوخه الذين ذكرهم في مقدمة كتابه "البسيط":
١ - الشيخ أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي المعروف بـ"الصَّفَّار" الشافعي (٣٣٤ - ٤١٦ هـ) (٤)، قال الثعالبي: "إمام في
شيوخه وتلاميِذه
شيوخه:
عاش الواحدي في نيسابور معدن الفضلاء ومنبع العلماء، كما قال عنها ياقوت (١). وتنقل في أرجاء العالم الإِسلامي يتبع معين العلم، ويلقي الدلاء في بحار علماء اللغة والنحو والأدب والتفسير وقد أدرك الإسناد (٢)، وقرأ الحديث على المشايخ، لهذا كثر شيوخه وعز حصرهم، قال الواحدي متحدثاً عن ذلك: "ولو أثبت المشايخ الذين أدركتهم واقتبست عنهم هذا العلم من مشايخ نيسابور وسائر البلاد التي وطئتها طال الخطب ومل الناظر.. " (٣).
وأذكر -إن شاء الله- بعض شيوخه، وأقرب مصدر لذلك الواحدي نفسه حيثما ذكر في مقدمة كتابه "البسيط" بعض شيوخه الذين أخذ عنهم فأتحدث عنهم أولاً، ثم أعقبهم بذكر بعض الشيوخ الذين وردت تراجمهم في بعض المصادر التي ترجمت له، أو ثبت أخذه عنهم بأي طريق.
أولاً: شيوخه الذين ذكرهم في مقدمة كتابه "البسيط":
١ - الشيخ أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي المعروف بـ"الصَّفَّار" الشافعي (٣٣٤ - ٤١٦ هـ) (٤)، قال الثعالبي: "إمام في
(١) انظر: "معجم الأدباء" ١/ ٥.
(٢) انظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٣) مقدمة " البسيط" ص ٤٩٥.
(٤) انظر: "معجم الأدباء" ٤/ ٢٦١، و"إنباه الرواة" ١/ ١٥٤
(٢) انظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٣) مقدمة " البسيط" ص ٤٩٥.
(٤) انظر: "معجم الأدباء" ٤/ ٢٦١، و"إنباه الرواة" ١/ ١٥٤
56
الأدب خنق التسعين في خدمة الكتب وأنفق عمره على مطالعة العلوم وتدريس متأدبي نيسابور.. " (١)، وقد أخذ عنه الواحدي اللغة حيث قال: "أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي -رحمه الله-، وكان قد خَنَّق (٢) التسعين في خدمة الأدب وأدرك المشايخ الكبار وقرأ عليهم وروي عنهم كأبي منصور الأزهري، روى عنه كتاب "التهذيب".. " (٣)، ثم قال: "وكنت قد لازمته سنين أدخل عليه عند طلوع الشمس وأخرج لغروبها أسمع وأقرأ وأعلق وأحفظ وأبحث وأذكر أصحابه ما بين طرفي النهار، وقرأت عليه الكثير من الدواوين وكتب اللغة.. " (٤).
وقد ورد ذكر أبي الفضل العروضي في "البسيط"، حيث روى عنه في مواضع عن الأزهري من كتاب "تهذيب اللغة" و"التهذيب" أحد مصادره الهامة، ويأتي ذكر ذلك عند الكلام على مصادره.
٢ - علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله القُهُنْدزي (٥) الضرير، أبو الحسن، نحوي أديب، قرأ عليه الأئمة وتخرجوا به (٦)، أخذ عنه الواحدي
وقد ورد ذكر أبي الفضل العروضي في "البسيط"، حيث روى عنه في مواضع عن الأزهري من كتاب "تهذيب اللغة" و"التهذيب" أحد مصادره الهامة، ويأتي ذكر ذلك عند الكلام على مصادره.
٢ - علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله القُهُنْدزي (٥) الضرير، أبو الحسن، نحوي أديب، قرأ عليه الأئمة وتخرجوا به (٦)، أخذ عنه الواحدي
(١) "تتمة يتيمة الدهر" ٥/ ٢٠٥.
(٢) أي كاد يبلغها، انظر القاموس المحيط "خنق" ص ١١٣٨.
(٣) انظر: مقدمة "البسيط" للمؤلف.
(٤) انظر: مقدمة "البسيط" للمؤلف.
(٥) قال السمعاني: "القهندزي" بضم القاف والهاء وسكون النون والدال المهملة وفي آخرها الزاي، وهذه النسبة إلا قُهندز بلاد شتى، وهي المدينة الداخلة المسورة. "الأنساب" ١٠/ ٥٢٣. والمقصود هنا قهندز نيسابور.
(٦) انظر: "معجم الأدباء" ١٥/ ٥٧، و"إنباه الرواة" ٢/ ٣١٠، و"نكْت الهِمْيان في نكت العُميان" للصفدي ص ٢١٥، و"بغية الوعاة" ٢/ ١٨٦.
(٢) أي كاد يبلغها، انظر القاموس المحيط "خنق" ص ١١٣٨.
(٣) انظر: مقدمة "البسيط" للمؤلف.
(٤) انظر: مقدمة "البسيط" للمؤلف.
(٥) قال السمعاني: "القهندزي" بضم القاف والهاء وسكون النون والدال المهملة وفي آخرها الزاي، وهذه النسبة إلا قُهندز بلاد شتى، وهي المدينة الداخلة المسورة. "الأنساب" ١٠/ ٥٢٣. والمقصود هنا قهندز نيسابور.
(٦) انظر: "معجم الأدباء" ١٥/ ٥٧، و"إنباه الرواة" ٢/ ٣١٠، و"نكْت الهِمْيان في نكت العُميان" للصفدي ص ٢١٥، و"بغية الوعاة" ٢/ ١٨٦.
57
النحو حيث قال: "وأما النحو فإني لما كنت في ميعة صباي وشرخ شبيبتي وقعت إلى الشيخ أبي الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الضرير -رحمه الله- وكان من أبرع أهل زمانه في لطائف النحو وغوامضه وأعلمهم بمضايق طرق العربية ودقائقها، ولعله تفرَّس فيّ وتوسم أثر الخير لديّ فتجرد لتخريجي وصرف وَكْده (١) إلى تأديبي.. " (٢)، ثم قال: "... وقرأت عليه جوامع النحو والتصريف والمعاني، وعلقت عنه قريباً من مائة جزء في المسائل المشكلة.. " (٣).
٣ - أبو الحسن عمران بن موسى المغربي، ذكره الواحدي مع شيوخه فقال: "ثم ورد علينا الشيخ الإِمام أبو الحسن عمران بن موسى المغربي المالكي وكان واحد عصره وباقعة دهره في علم النحو، لم يلحق أحد ممن سمعنا شأوه في معرفة الإعراب، ولقد صحبته مدة مقامه عندنا حتى استنزفت غرر ما عنده" (٤)، ذكره السيوطي ناقلاً عن السياق فقال: "شيخ فاضل نحوي كبير كثير الحفظ قدم نيسابور وأفاد واستفاد، وطاف البلاد، ولقي الكبار وله اتنظم الفائق، وكان من أفاضل العصر، مات قريباً من الخمسمائة" (٥)، وذكر السيد أحمد صقر في مقدمة "أسباب النزول" أن وفاته سنة ٤٣٠ هـ (٦) ولم أصل إلى ما اعتمد عليه في ذلك.
٣ - أبو الحسن عمران بن موسى المغربي، ذكره الواحدي مع شيوخه فقال: "ثم ورد علينا الشيخ الإِمام أبو الحسن عمران بن موسى المغربي المالكي وكان واحد عصره وباقعة دهره في علم النحو، لم يلحق أحد ممن سمعنا شأوه في معرفة الإعراب، ولقد صحبته مدة مقامه عندنا حتى استنزفت غرر ما عنده" (٤)، ذكره السيوطي ناقلاً عن السياق فقال: "شيخ فاضل نحوي كبير كثير الحفظ قدم نيسابور وأفاد واستفاد، وطاف البلاد، ولقي الكبار وله اتنظم الفائق، وكان من أفاضل العصر، مات قريباً من الخمسمائة" (٥)، وذكر السيد أحمد صقر في مقدمة "أسباب النزول" أن وفاته سنة ٤٣٠ هـ (٦) ولم أصل إلى ما اعتمد عليه في ذلك.
(١) اي: مراده وقصده "اللسان" "وكد" ٣/ ٤٦٧.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٠.
(٣) المصدر السابق ص ٤٢١.
(٤) المصدر السابق ص ٤٢١.
(٥) "بغية الوعاة" ٢/ ٢٣٣.
(٦) مقدمة "أسباب النزول" ص ١٠، ونقل صاحب "الواحدي ومنهجه في التفسير" عن =
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٠.
(٣) المصدر السابق ص ٤٢١.
(٤) المصدر السابق ص ٤٢١.
(٥) "بغية الوعاة" ٢/ ٢٣٣.
(٦) مقدمة "أسباب النزول" ص ١٠، ونقل صاحب "الواحدي ومنهجه في التفسير" عن =
58
٤ - أبو القاسم علي بن أحمد البستي وهو أحد شيوخه في القراءات ما ذكر ذلك فقال: "وأما القرآن وقراءات أهل الأمصار واختيارات الأئمة فإني أختلفت أولاً إلى الأستاذ أبي القاسم علي بن أحمد البستي -رحمه الله- وقرأت عليه القرآن ختمات كثيرة لا تحصى، حتى قرأت عليه أكثر طريقة الأستاذ أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران (١)... " (٢).
ذكره الذهبي فيمن أخذ عن ابن مهران فقال: ".. وأبو القاسم علي بن أحمد البستي شيخ الواحدي.. " (٣) ونحوه قال ابن الجزري، وذكره في ترجمة الواحدي ضمن شيوخه في القراءات (٤).
٥ - أبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد بن إبراهيم المقرئ الزعفراني الحيري قال في المنتخب من السياق: "شيخ كبير ثقة صالح كثير السماع كثير الحديث والشيوخ عالم بالقرآن مقصود في علم القراءات سمع بنيسابور والعراق والحجاز.. قال أبو الحسن: قرأت من خط أبي صالح الحافظ أنه تغير بعض التغير في آخر أمره، وحكى عن بعض الثقات أنه خلط في بعض
ذكره الذهبي فيمن أخذ عن ابن مهران فقال: ".. وأبو القاسم علي بن أحمد البستي شيخ الواحدي.. " (٣) ونحوه قال ابن الجزري، وذكره في ترجمة الواحدي ضمن شيوخه في القراءات (٤).
٥ - أبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد بن إبراهيم المقرئ الزعفراني الحيري قال في المنتخب من السياق: "شيخ كبير ثقة صالح كثير السماع كثير الحديث والشيوخ عالم بالقرآن مقصود في علم القراءات سمع بنيسابور والعراق والحجاز.. قال أبو الحسن: قرأت من خط أبي صالح الحافظ أنه تغير بعض التغير في آخر أمره، وحكى عن بعض الثقات أنه خلط في بعض
= "النجوم الزاهرة" أنه أثبت وفاته سنة ٤٣٠ هـ وعاد فأثبتها في وفيات سنة ٤٥٨ هـ ظنا منه أنه المترجم له، والذي في "النجوم الزاهرة": "موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي المقرئ الإِمام أبو عمران الفاسي الدار الغَفَجُوميّ البربري المالكي" ويظهر أنه شخص غيره لاختلاف الاسم. انظر: "الواحدي ومنهجه في التفسير" ص ٦٧، و"النجوم الزاهرة" ٥/ ٣٠، ٧٧.
(١) هو أحمد بن الحسين بن مهران النيسابوري المقرئ، صاحب كتاب "الغاية في القراءات العشر" ويأتي ذكره في "حاشية البسيط" ص ٢٣١.
(٢) انظر: مقدمة "البسيط" ص ٤٢١ - ٤٢٢.
(٣) "معرفة القراء الكبار" ١/ ٢٨٠.
(٤) انظر: "غاية النهاية" ١/ ٥٠، ٥٢٣.
(١) هو أحمد بن الحسين بن مهران النيسابوري المقرئ، صاحب كتاب "الغاية في القراءات العشر" ويأتي ذكره في "حاشية البسيط" ص ٢٣١.
(٢) انظر: مقدمة "البسيط" ص ٤٢١ - ٤٢٢.
(٣) "معرفة القراء الكبار" ١/ ٢٨٠.
(٤) انظر: "غاية النهاية" ١/ ٥٠، ٥٢٣.
59
مسموعاته، والله أعلم به توفي في جماد الأولى سنة سبع وعشرين وأربعمائة.. " (١).
وذكره الذهبي في "المشتبه" (٢) وقال: "أبو عثمان سعيد بن محمد الحيري عن أبي عمرو بن مطر، وعنه الواحدي" وذكره الذهبي فيمن أخذ عن ابن مهران (٣)، وكذا ابن الجزري (٤)، وقد أخذ عنه الواحدي القراءات فقال: "وأما القرآن وقراءات أهل الأمصار واختيارات الأئمة فإني اختلفت أولاً إلى الأستاذ أبي القاسم علي بن أحمد البستي.. ".
ثم قال بعد ذلك: ".. ثم ذهبت إلى الإمامين أبي عثمان سعيد بن محمد الحيري وأبي الحسن علي بن محمد الفارسي -رحمهما الله- وكانا قد انتهت إليهما الرئاسة في هذا العلم وأشير إليهما بالأصابع في علو السن ورؤية المشايخ، وكثرة التلامذة، وغزارة العلوم، وارتفاع الأسانيد، والوثوق فيها، فقرأت عليهما وأخذت من كل منهما حظّاً وافراً بعون الله وحسن توفيقه". وخص أبا عثمان سعيد بن محمد، فقال: "وقرأت على الأستاذ سعيد مصنفات ابن مهران، وروى لنا كتب أبي علي الفسوي (٥) عنه، وقرأت عليه بلفظي كتاب الزجاج في "المعاني" (٦) روايته عن ابن مقسم
وذكره الذهبي في "المشتبه" (٢) وقال: "أبو عثمان سعيد بن محمد الحيري عن أبي عمرو بن مطر، وعنه الواحدي" وذكره الذهبي فيمن أخذ عن ابن مهران (٣)، وكذا ابن الجزري (٤)، وقد أخذ عنه الواحدي القراءات فقال: "وأما القرآن وقراءات أهل الأمصار واختيارات الأئمة فإني اختلفت أولاً إلى الأستاذ أبي القاسم علي بن أحمد البستي.. ".
ثم قال بعد ذلك: ".. ثم ذهبت إلى الإمامين أبي عثمان سعيد بن محمد الحيري وأبي الحسن علي بن محمد الفارسي -رحمهما الله- وكانا قد انتهت إليهما الرئاسة في هذا العلم وأشير إليهما بالأصابع في علو السن ورؤية المشايخ، وكثرة التلامذة، وغزارة العلوم، وارتفاع الأسانيد، والوثوق فيها، فقرأت عليهما وأخذت من كل منهما حظّاً وافراً بعون الله وحسن توفيقه". وخص أبا عثمان سعيد بن محمد، فقال: "وقرأت على الأستاذ سعيد مصنفات ابن مهران، وروى لنا كتب أبي علي الفسوي (٥) عنه، وقرأت عليه بلفظي كتاب الزجاج في "المعاني" (٦) روايته عن ابن مقسم
(١) "المنتخب من السياق" ل ٦٧ ب.
(٢) "المتشبه" ١/ ١٨٦.
(٣) انظر: "معرفة القراء الكبار" ١/ ٢٨٠.
(٤) انظر: "غاية النهاية" ١/ ٥٥.
(٥) هو أبو علي الفارسي. انظر ترجمته في مصادر الواحدي وأسماء كتبه في حاشية مقدمة "البسيط".
(٦) المراد كتاب الزجاج المشهور "معاني القرآن" والتعريف بالزجاج وكتابه يأتي في مصادر الواحدي.
(٢) "المتشبه" ١/ ١٨٦.
(٣) انظر: "معرفة القراء الكبار" ١/ ٢٨٠.
(٤) انظر: "غاية النهاية" ١/ ٥٥.
(٥) هو أبو علي الفارسي. انظر ترجمته في مصادر الواحدي وأسماء كتبه في حاشية مقدمة "البسيط".
(٦) المراد كتاب الزجاج المشهور "معاني القرآن" والتعريف بالزجاج وكتابه يأتي في مصادر الواحدي.
60
عنه، وسمع بقراءتي الخلق الكثير" (١). وبهذا يتضح مكانة أبي عثمان سعيد ابن محمد الحيري في شيوخ الواحدي، ومقدار ما أخذ عنه من العلم، ولقد صرح بروايته عنه في مواضع من "البسيط"، قال في مقدمة "البسيط": ".. وقرأت على الأستاذ سعيد بن محمد المقرئ فقلت: حدثكم طلحة بن محمد الشاهد ببغداد.. " (٢).
وفي تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ٢٩] قال: "وأقرأني سعيد بن محمد الحيري رحمه الله عن أبي الحسن بن مقسم.. ".
٦ - أبو الحسن علي بن محمد الفارسي، ذكره الواحدي مع سعيد بن محمد الحيري كما سبق وذكر أخذه عنه، تكلم عنه ابن الجزري فقال: "إمام مقرئ حاذق أخذ القراءات عرضاً وسماعاً عن أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران روى القراءات عنه عرضاً وسماعاً أحمد بن أبي عمر صاحب كتاب "الإيضاح" (٣)، توفي سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة (٤).
٧ - أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري المفسر صاحب التفسير المشهور بـ"الكشف والبيان" توفي في سنة سبع وعشرين وأربعمائة، ذكره ياقوت في "معجم الأدباء" فيما نقله عن "السياق لتاريخ نيسابور" وقال: سمع منه الواحدي التفسير (٥).
وفي تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ٢٩] قال: "وأقرأني سعيد بن محمد الحيري رحمه الله عن أبي الحسن بن مقسم.. ".
٦ - أبو الحسن علي بن محمد الفارسي، ذكره الواحدي مع سعيد بن محمد الحيري كما سبق وذكر أخذه عنه، تكلم عنه ابن الجزري فقال: "إمام مقرئ حاذق أخذ القراءات عرضاً وسماعاً عن أبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران روى القراءات عنه عرضاً وسماعاً أحمد بن أبي عمر صاحب كتاب "الإيضاح" (٣)، توفي سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة (٤).
٧ - أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري المفسر صاحب التفسير المشهور بـ"الكشف والبيان" توفي في سنة سبع وعشرين وأربعمائة، ذكره ياقوت في "معجم الأدباء" فيما نقله عن "السياق لتاريخ نيسابور" وقال: سمع منه الواحدي التفسير (٥).
(١) مقدمة "البسيط " ص ٤٢٢ - ٤٢٤
(٢) "مقدمة البسيط" ص ٤٠٩.
(٣) "غاية النهاية" ١/ ٥٧٢.
(٤) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٢أ، وستأتي ترجمته في مصادر الواحدي.
(٥) "معجم الأدباء" ٥/ ٣٦ - ٣٨، وانظر "وفيات الأعيان" ١/ ٧٩، و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٩٤، و"طبقات المفسرين" للسيوطي ص ٦٦.
(٢) "مقدمة البسيط" ص ٤٠٩.
(٣) "غاية النهاية" ١/ ٥٧٢.
(٤) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٢أ، وستأتي ترجمته في مصادر الواحدي.
(٥) "معجم الأدباء" ٥/ ٣٦ - ٣٨، وانظر "وفيات الأعيان" ١/ ٧٩، و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٩٤، و"طبقات المفسرين" للسيوطي ص ٦٦.
61
قال ابن الأثير يقال له: "الثعلبي والثعالبي" (١). وكانت له منزلة خاصة لدى الواحدي تحدث عنه فقال: ".. ثم فرغت للأستاذ الإِمام أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي -رحمه الله- وكان حبر العلماء بل بحرهم، ونجم الفضلاء بل بدرهم، وزين الأئمة بل فخرهم، وأوحد الأمة بل صدرهم.. "، ثم ذكر كتابه في التفسير وبالغ في مدحه، ويأتي التعريف به في مصادر الواحدي في تفسيره، حيث إنه أحد مصادره الهامة.
قرأ عليه من مصنفاته كثيراً فقال: ".. وقرأت عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء وتفسيره الكبير، وكتابه المعنون بـ (الكامل في علم القرآن) (٢). وقد أكثر الواحدي النقل من "الكشف والبيان"، ويلاحظ أنه لم يذكر اسمه ولم يعز له إلا عندما يروي عنه بالسند ومن أمثلة ذلك، قال في مقدمة "البسيط": "ولقد أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم -رحمه الله- قال أخبرني أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن.. " (٣)، وقال في موضع آخر: "ولقد سمعت أحمد بن محمد بن إبراهيم يقول: سمعت الحسن بن محمد يقول.. " (٤).
هؤلاء هم الشيوخ الذين ذكرهم الواحدي في مقدمة تفسيره "البسيط" وللواحدي شيوخ غيرهم كثر. قال: ".. ولو أثبت المشايخ الذين أدركتهم واقتبست عنهم هذا العلم من مشايخ نيسابور وسائر البلاد التي وطئتها طال
قرأ عليه من مصنفاته كثيراً فقال: ".. وقرأت عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء وتفسيره الكبير، وكتابه المعنون بـ (الكامل في علم القرآن) (٢). وقد أكثر الواحدي النقل من "الكشف والبيان"، ويلاحظ أنه لم يذكر اسمه ولم يعز له إلا عندما يروي عنه بالسند ومن أمثلة ذلك، قال في مقدمة "البسيط": "ولقد أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم -رحمه الله- قال أخبرني أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن.. " (٣)، وقال في موضع آخر: "ولقد سمعت أحمد بن محمد بن إبراهيم يقول: سمعت الحسن بن محمد يقول.. " (٤).
هؤلاء هم الشيوخ الذين ذكرهم الواحدي في مقدمة تفسيره "البسيط" وللواحدي شيوخ غيرهم كثر. قال: ".. ولو أثبت المشايخ الذين أدركتهم واقتبست عنهم هذا العلم من مشايخ نيسابور وسائر البلاد التي وطئتها طال
(١) "اللباب" ١/ ٢٣٨.
(٢) انظر: مقدمة "البسيط" ص ٤٩٥.
(٣) انظر: "البسيط" ص ٣٩٨.
(٤) انظر: "البسيط" ص ٤١٠.
(٢) انظر: مقدمة "البسيط" ص ٤٩٥.
(٣) انظر: "البسيط" ص ٣٩٨.
(٤) انظر: "البسيط" ص ٤١٠.
62
الخطب ومل الناظر" (١).
وقد ذكر بعض من ترجم للواحدي عددًا من شيوخه ومنهم:
٨ - الشيخ الإِمام أبو عمر سعيد بن هبة الله الموفق البسطامي، قال في "المنتخب من السياق": "من سلالة الإمامة والذي انتهى إليه أمر الزعامة لأصحاب الشافعي، رُبّي في حجر الرئاسة، وغذي بلبان الإمامة... توفي عصر يوم عرفة سنة اثنين وخمسمائة" (٢). وقد تلقى عنه الواحدي في الكُتَّاب حيث اجتمع هو والباخرزي في كُتَّابه كما ذكر ذلك الباخرزي في "دمية القصر" (٣) ويظهر أن الإِمام أبا عمر قد عُمِّر طويلاً.
٩ - الإِمام محمد بن محمد بن مَحْمِش بن علي بن أيوب أبو طاهر، المعروف بالزيادي، سمي بذلك لأنه كان يسكن ميدان زياد بن عبد الرحمن. إمام أصحاب الحديث بخراسان وفقيههم ومفتيهم توفي سنة عشر وأربعمائة أخذ عن كبار المشايخ كأبي بكر بن القطان وغيره (٤)، وأخذ الواحدي عنه، ذكر ذلك صاحب "السياق" (٥)، والسبكي (٦)، والذهبي (٧)،
وقد ذكر بعض من ترجم للواحدي عددًا من شيوخه ومنهم:
٨ - الشيخ الإِمام أبو عمر سعيد بن هبة الله الموفق البسطامي، قال في "المنتخب من السياق": "من سلالة الإمامة والذي انتهى إليه أمر الزعامة لأصحاب الشافعي، رُبّي في حجر الرئاسة، وغذي بلبان الإمامة... توفي عصر يوم عرفة سنة اثنين وخمسمائة" (٢). وقد تلقى عنه الواحدي في الكُتَّاب حيث اجتمع هو والباخرزي في كُتَّابه كما ذكر ذلك الباخرزي في "دمية القصر" (٣) ويظهر أن الإِمام أبا عمر قد عُمِّر طويلاً.
٩ - الإِمام محمد بن محمد بن مَحْمِش بن علي بن أيوب أبو طاهر، المعروف بالزيادي، سمي بذلك لأنه كان يسكن ميدان زياد بن عبد الرحمن. إمام أصحاب الحديث بخراسان وفقيههم ومفتيهم توفي سنة عشر وأربعمائة أخذ عن كبار المشايخ كأبي بكر بن القطان وغيره (٤)، وأخذ الواحدي عنه، ذكر ذلك صاحب "السياق" (٥)، والسبكي (٦)، والذهبي (٧)،
(١) مقدمة "البسيط" ص ٤٢٥.
(٢) "المنتخب من السياق" ل ٧٠ أ.
(٣) انفر: "دمية القصر" ٢/ ١٠١٨.
(٤) انظر: "المنتخب من السياق" ل ٢ ب، وانظر "الأنساب" ٦/ ٣٦٠، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٧٦.
(٥) انظر: "المنتخب من السياق " ل ١١٤أ.
(٦) انظر: "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٨٩.
(٧) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠، و"العبر" ٢/ ٣٢٤.
(٢) "المنتخب من السياق" ل ٧٠ أ.
(٣) انفر: "دمية القصر" ٢/ ١٠١٨.
(٤) انظر: "المنتخب من السياق" ل ٢ ب، وانظر "الأنساب" ٦/ ٣٦٠، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٧٦.
(٥) انظر: "المنتخب من السياق " ل ١١٤أ.
(٦) انظر: "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٨٩.
(٧) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠، و"العبر" ٢/ ٣٢٤.
63
والسيوطي (١)، والداودي (٢)، وغيرهم.
١٠ - الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن جعفر الكَنْجَرُوذِي (٣) أبو سعد، مسند خراسان، له معرفة بالطب والفروسية وأدب السلاح، استجمع فنون العلم وأدرك المشايخ الكبار كأبي بكر بن مهران وغيره، توفي سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة (٤)، ذكر أخذ الواحدي عنه عبد الغافر في "السياق" (٥).
١١ - الإِمام محمد بن أحمد بن جعفر المُولْقَابَاذِي أبو حسان المُزَكِّي مسند نيسابور وأحد الثقات، كان إليه التزكية بنيسابور، حدث عن جماعة منهم الصِّبْغِي، توفي سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة (٦)، ذكر أخذ الواحدي عنه عبد الغافر في "السياق" (٧)، والذهبي (٨).
١٢ - الإِمام أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحَرَشِيُّ الحيريُّ النيسابوري مسند خراسان، قلد قضاء نيسابور مدة، حدَّث عن أبي العباس
١٠ - الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن جعفر الكَنْجَرُوذِي (٣) أبو سعد، مسند خراسان، له معرفة بالطب والفروسية وأدب السلاح، استجمع فنون العلم وأدرك المشايخ الكبار كأبي بكر بن مهران وغيره، توفي سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة (٤)، ذكر أخذ الواحدي عنه عبد الغافر في "السياق" (٥).
١١ - الإِمام محمد بن أحمد بن جعفر المُولْقَابَاذِي أبو حسان المُزَكِّي مسند نيسابور وأحد الثقات، كان إليه التزكية بنيسابور، حدث عن جماعة منهم الصِّبْغِي، توفي سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة (٦)، ذكر أخذ الواحدي عنه عبد الغافر في "السياق" (٧)، والذهبي (٨).
١٢ - الإِمام أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحَرَشِيُّ الحيريُّ النيسابوري مسند خراسان، قلد قضاء نيسابور مدة، حدَّث عن أبي العباس
(١) انظر: "طبقات المفسرين" ص ٦٦.
(٢) انظر: "طبقات المفسرين" ١/ ٣٩٠٤
(٣) قال السمعاني: "الكنجروذي" بفتح الكاف وسكون النون وفتح الجيم وضم الراء بعدها واو وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلا كَنْجَرُوذ، وهي قرية على باب نيسابور. "الأنساب" ١١/ ١٥٥.
(٤) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١٠ أ، و"الأنساب" ١١/ ١٥٥، و"إنباه الرواة" ٣/ ١٦٥، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ١٠١.
(٥) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(٦) انظر: "المنتخب من السياق" ل ٧ أ، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٥٩٦، و"العبر" ٢/ ٢٦٧.
(٧) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤ أ.
(٨) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠، وفيه محمد بن إبراهيم المُزَكيِّ.
(٢) انظر: "طبقات المفسرين" ١/ ٣٩٠٤
(٣) قال السمعاني: "الكنجروذي" بفتح الكاف وسكون النون وفتح الجيم وضم الراء بعدها واو وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلا كَنْجَرُوذ، وهي قرية على باب نيسابور. "الأنساب" ١١/ ١٥٥.
(٤) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١٠ أ، و"الأنساب" ١١/ ١٥٥، و"إنباه الرواة" ٣/ ١٦٥، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ١٠١.
(٥) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(٦) انظر: "المنتخب من السياق" ل ٧ أ، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٥٩٦، و"العبر" ٢/ ٢٦٧.
(٧) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤ أ.
(٨) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠، وفيه محمد بن إبراهيم المُزَكيِّ.
64
الأصم وغيره (٣٢٥ - ٤٢١ هـ) مات وله ست وتسعون سنة (١)، ذكر أخذ الواحدي عنه، الذهبي (٢)، والسبكي (٣)، والسيوطي (٤)، والداودي (٥)، وابن العماد (٦).
١٣ - الشيخ الجليل المحدث عبد الرحمن بن حمدان بن محمد بن نصرويه النَّصرُويي (٧) النيسابوري، رحل إلى بلاد كثيرة فسمع في الحجاز والعراق، وأخذ عن كبار المشايخ كأبي بكر القطيعي وغيره، مات سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة (٨). ذكر في المنتخب من السياق أخذ الواحدي عنه (٩)، وكذا الذهبي (١٠)، والسبكي (١١).
١٤ - الأستاذ إسماعيل بن إبراهيم بن محمد، النَّصْرَابَاذِي (١٢) الواعظ
١٣ - الشيخ الجليل المحدث عبد الرحمن بن حمدان بن محمد بن نصرويه النَّصرُويي (٧) النيسابوري، رحل إلى بلاد كثيرة فسمع في الحجاز والعراق، وأخذ عن كبار المشايخ كأبي بكر القطيعي وغيره، مات سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة (٨). ذكر في المنتخب من السياق أخذ الواحدي عنه (٩)، وكذا الذهبي (١٠)، والسبكي (١١).
١٤ - الأستاذ إسماعيل بن إبراهيم بن محمد، النَّصْرَابَاذِي (١٢) الواعظ
(١) انظر: "المنتخب من السياق" ل ٢٢/، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٣٥٦، و"الأنساب" ٤/ ١٢٢، ٣٢٧.
(٢) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠، و"العبر" ٢/ ٣٢٤.
(٣) انظر: "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٨٩.
(٤) انظر: "طبقات المفسرين" ص ٦٦.
(٥) انظر: "طبقات المفسرين" ١/ ٣٩٤.
(٦) انظر: "شذرات الذهب" ٣/ ٣٢٩.
(٧) بفتح النون وسكون الصاد وضم الراء في آخرها ياء تحتها نقطتان، نسبة إلى نَصْرُوَيه، جد المنتسب إليه."اللباب" ٣/ ٣١١.
(٨) انظر: "المنتخب من السياق" ل ٨٩ ب، والأنساب ١٣/ ١٠٩، و"اللباب" ٣/ ٣١١، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٥٥٣، و"العبر" ٢/ ٢٦٨.
(٩) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(١٠) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠.
(١١) انظر: "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٩٠.
(١٢) "النصراباذي" بفتح النون وسكون الصاد وفتح الراء المهملتين وسكون الألفين وبينهما الباء الموحدة وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى محلة بنيسابور، من أعالي البلد. انظر: "الأنساب" ١٣/ ١٠٧.
(٢) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠، و"العبر" ٢/ ٣٢٤.
(٣) انظر: "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٨٩.
(٤) انظر: "طبقات المفسرين" ص ٦٦.
(٥) انظر: "طبقات المفسرين" ١/ ٣٩٤.
(٦) انظر: "شذرات الذهب" ٣/ ٣٢٩.
(٧) بفتح النون وسكون الصاد وضم الراء في آخرها ياء تحتها نقطتان، نسبة إلى نَصْرُوَيه، جد المنتسب إليه."اللباب" ٣/ ٣١١.
(٨) انظر: "المنتخب من السياق" ل ٨٩ ب، والأنساب ١٣/ ١٠٩، و"اللباب" ٣/ ٣١١، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٥٥٣، و"العبر" ٢/ ٢٦٨.
(٩) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(١٠) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠.
(١١) انظر: "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٩٠.
(١٢) "النصراباذي" بفتح النون وسكون الصاد وفتح الراء المهملتين وسكون الألفين وبينهما الباء الموحدة وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى محلة بنيسابور، من أعالي البلد. انظر: "الأنساب" ١٣/ ١٠٧.
65
أبو إبراهيم، أبوه شيخ خراسان وخلف أبيه في ذلك، سمع الكثير في خراسان ونيسابور والجبل والعراق والحجاز وروى عن أبي بكر القطيعي وغيره، توفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة (١)، ذكر أخذ الواحدي عنه، صاحب "المنتخب من السياق" (٢)، والذهبي (٣)، والسبكي (٤).
١٥ - الشيخ عمر بن أحمد بن محمد بن مسرور النيسابوري، أبو حفص مسند خراسان سمع من جماعة منهم الحافظ أبو أحمد الحاكم وغيره، كان كثير العبادة، عاش تسعين سنة، وتوفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة (٥). ذُكر في "المنتخب" ممن أخذ عنه الواحدي (٦).
١٦ - عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد الفارسي ثم النيسابوري، سمع من الخطابي وغيره، وكان من المعمرين، ولد سنة نيف وخمسين وثلاثمائة، وتوفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة بنيسابور وهو جد عبد الغافر بن إسماعيل، صاحب "السياق" (٧)، وذُكر في "المنتخب من السياق" أنه من مشايخ الواحدي (٨).
١٧ - الإِمام المحدث الواعظ إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد
١٥ - الشيخ عمر بن أحمد بن محمد بن مسرور النيسابوري، أبو حفص مسند خراسان سمع من جماعة منهم الحافظ أبو أحمد الحاكم وغيره، كان كثير العبادة، عاش تسعين سنة، وتوفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة (٥). ذُكر في "المنتخب" ممن أخذ عنه الواحدي (٦).
١٦ - عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد الفارسي ثم النيسابوري، سمع من الخطابي وغيره، وكان من المعمرين، ولد سنة نيف وخمسين وثلاثمائة، وتوفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة بنيسابور وهو جد عبد الغافر بن إسماعيل، صاحب "السياق" (٧)، وذُكر في "المنتخب من السياق" أنه من مشايخ الواحدي (٨).
١٧ - الإِمام المحدث الواعظ إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد
(١) انظر. "المنتخب من السياق" ل ٣٨ أ، و"الأنساب" ١٣/ ١٠٧.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(٣) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٨٠.
(٤) "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٨٩.
(٥) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ١٠، و"العبر" ٢/ ٢٩٢.
(٦) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(٧) انظر: "المنتخب من السياق" ١٠٦أ، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ١٩، و"العبر" ٢/ ٣٢٤.
(٨) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(٣) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٨٠.
(٤) "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٨٩.
(٥) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ١٠، و"العبر" ٢/ ٢٩٢.
(٦) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(٧) انظر: "المنتخب من السياق" ١٠٦أ، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ١٩، و"العبر" ٢/ ٣٢٤.
(٨) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
66
الصابوني أبو عثمان كان أبوه من كبار الواعظين بنيسابور فَفُتِك به من أجل التعصب، فتولى مهمة الوعظ بعد أبيه وعمره عشر سنوات، وكان يحضر مجلسه كبار الأئمة مثل أبي إسحاق الإسفراييني وأبو بكر بن فورك، وكان صاحب عبادة وعفة، وكان من أئمة الأثر، له مصنف في السنة واعتقاد السلف (٣٧٣ - ٤٤٩ هـ) (١). ذُكر في "المنتخب" من مشايخ الواحدي (٢).
١٨ - أبو سعد محمد بن علي بن أحمد الحيري الخفاف، أخذ عن أبي عمرو بن مطر وأخذ عنه الواحدي. ذكر ذلك الذهبي (٣).
١٩ - أبو عثمان سعيد بن العباس بن محمد بن علي القرشي الهروي، الإِمام المسند العدل، كان من سروات الرجال بهراة (٤)، وتخرج به أئمة، ت ٤٣٣ هـ (٥).
٢٠ - إبراهيم من محمد أبو إسحاق الإسفراييني، أحد أئمة الشافعية، يمانع حد الاجتهاد؛ لتبحره في العلوم، واستجماعه شروط الإمامة في العلوم، عقد له مجلس الإملاء بعد أبي طاهر الزيادي سنة ٤١٠ هـ، وحضر دروسه الحفاظ والمشايخ وأهل العلم، وأملى سنين، ت ٤١٨ (٦).
١٨ - أبو سعد محمد بن علي بن أحمد الحيري الخفاف، أخذ عن أبي عمرو بن مطر وأخذ عنه الواحدي. ذكر ذلك الذهبي (٣).
١٩ - أبو عثمان سعيد بن العباس بن محمد بن علي القرشي الهروي، الإِمام المسند العدل، كان من سروات الرجال بهراة (٤)، وتخرج به أئمة، ت ٤٣٣ هـ (٥).
٢٠ - إبراهيم من محمد أبو إسحاق الإسفراييني، أحد أئمة الشافعية، يمانع حد الاجتهاد؛ لتبحره في العلوم، واستجماعه شروط الإمامة في العلوم، عقد له مجلس الإملاء بعد أبي طاهر الزيادي سنة ٤١٠ هـ، وحضر دروسه الحفاظ والمشايخ وأهل العلم، وأملى سنين، ت ٤١٨ (٦).
(١) انظر: "المنتخب من السياق" ل ٣٨ ب، و"تتمة يتيمة الدهر" ٥/ ٣١٦، و"الأنساب" ٨/ ٢٤٧، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٤٠.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(٣) انظر: "المشتبه" ١/ ١٨٦.
(٤) هراه: مدينة عظيمة من أمهات مدن خُراسان، وكان فيها بساتين كثيرة ومياه غزيرة وخيرات، وكانت مليئة بالعلماء وأهل الفضل. انظر: "معجم البلدان" ٥/ ٣٩٦.
(٥) انظر: "الأنساب" ٤/ ٤٧٠، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٥٥٢، "شذرات الذهب" ٣/ ٢٥٠، وقد أخذ عنه الواحدي في تفسير الآية (٣) من سورة النساء.
(٦) انظر: "المنتخب من السياق" ١٢٠ - ١٢١، "طبقات الشافعية" لابن الصلاح =
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤أ.
(٣) انظر: "المشتبه" ١/ ١٨٦.
(٤) هراه: مدينة عظيمة من أمهات مدن خُراسان، وكان فيها بساتين كثيرة ومياه غزيرة وخيرات، وكانت مليئة بالعلماء وأهل الفضل. انظر: "معجم البلدان" ٥/ ٣٩٦.
(٥) انظر: "الأنساب" ٤/ ٤٧٠، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٥٥٢، "شذرات الذهب" ٣/ ٢٥٠، وقد أخذ عنه الواحدي في تفسير الآية (٣) من سورة النساء.
(٦) انظر: "المنتخب من السياق" ١٢٠ - ١٢١، "طبقات الشافعية" لابن الصلاح =
67
وقد تتلمذ عليه الواحدي وقال في "الوسيط" (١): حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفراييني إملاء في مسجد عقيل سنة سبع عشرة وأربعمائة.
٢١ - أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث التميمي أبو بكر الأصبهاني النيسابوري، إمام ثقة مقرئ نحوي محدث زاهد ت ٤٣٠ هـ، وله ٨١ سنة (٢) أخذ عنه الواحدي (٣).
٢٢ - عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله التميمي، أبو منصور البغدادي، من كبار أئمة الشافعية، عظيم القدر، متقن في علوم كثيرة، درَّس في سبعة عشر نوعاً من العلوم، ورد نيسابور مع أبيه، وأنفق أمواله على طلبه العلم حتى افتقر، من تصانيفه المشهورة: "الفرق بين الفرق" ت ٤٢٩ هـ (٤).
٢٣ - المفضل بن إسماعيل بن شيخ الإِسلام أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني، عالم جرجان ومفتيها، كان مضرب المثل في الذكاء؛ فقد حفظ القرآن وجملة من الفقه وهو ابن سبع سنين، ثم رحل به أبوه فأكثر من سماع
٢١ - أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث التميمي أبو بكر الأصبهاني النيسابوري، إمام ثقة مقرئ نحوي محدث زاهد ت ٤٣٠ هـ، وله ٨١ سنة (٢) أخذ عنه الواحدي (٣).
٢٢ - عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله التميمي، أبو منصور البغدادي، من كبار أئمة الشافعية، عظيم القدر، متقن في علوم كثيرة، درَّس في سبعة عشر نوعاً من العلوم، ورد نيسابور مع أبيه، وأنفق أمواله على طلبه العلم حتى افتقر، من تصانيفه المشهورة: "الفرق بين الفرق" ت ٤٢٩ هـ (٤).
٢٣ - المفضل بن إسماعيل بن شيخ الإِسلام أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني، عالم جرجان ومفتيها، كان مضرب المثل في الذكاء؛ فقد حفظ القرآن وجملة من الفقه وهو ابن سبع سنين، ثم رحل به أبوه فأكثر من سماع
= ١/ ٣١٢، "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي ٢/ ١٦٩، "طبقات الشافعية" ٤/ ٢٥٦، "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٣٥٣.
(١) "الوسيط" ٢/ ٢٢٣ تحقيق: عادل عبد الموجود وزملائه.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ص ٨٩، "إنباه الرواة" ١/ ١٦٥، و"اللباب" ١/ ٣٣٠، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٥٣٨، و"شذرات الذهب" ٣/ ٢٤٥.
(٣) روى عن الواحدي في "البسيط"، "الوسيط" ١/ ٧٠، ٣٨٦، ٤١٠، ٤٤٣، "أسباب النزول" ص ٧، ٢٤، ٢٧، ٤٥.
(٤) انظر: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن كثير ١/ ٣٩٧، "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي ٥/ ١٣٦، والأسنوي ١/ ٩٦.
(١) "الوسيط" ٢/ ٢٢٣ تحقيق: عادل عبد الموجود وزملائه.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ص ٨٩، "إنباه الرواة" ١/ ١٦٥، و"اللباب" ١/ ٣٣٠، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٥٣٨، و"شذرات الذهب" ٣/ ٢٤٥.
(٣) روى عن الواحدي في "البسيط"، "الوسيط" ١/ ٧٠، ٣٨٦، ٤١٠، ٤٤٣، "أسباب النزول" ص ٧، ٢٤، ٢٧، ٤٥.
(٤) انظر: "طبقات الفقهاء الشافعية" لابن كثير ١/ ٣٩٧، "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي ٥/ ١٣٦، والأسنوي ١/ ٩٦.
68
الحفاظ ت ٤٣١ هـ (١).
وقد رحل إليه الواحدي، وسمع منه في بلده كما قال في "الوسيط": حدثنا الشيخ أبو معمر اليفضل بن إسماعيل إملاء بجرجان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة (٢).
وقال في "أسباب النزول": حدثنا أبو معمر بن إسماعيل إملاء بجرجان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة (٣).
هؤلاء أبرز شيوخ الواحدي الذين ذُكر أنه أخذ عنهم، أو ورد ذكرهم في المصادر التي ترجمت له، ولو أردنا تتبع أسماء الشيوخ الذين أخذ الرواية عنهم في كتبه، كـ"أسباب النزول" أو"الوسيط" لطال الأمر ومل الناظر، كما قال ذلك الواحدي (٤).
تلاميذه:
إن هذا العلم ميراث النبوة، يأخذه كل جيل عمن سبقه ويسلمه لمن بعده، والواحدي أحد العلماء المشاهير جلس إلى كبار الشيوخ وأخذ عنهم حتى صار إماما، وقعد للإفادة والتدريس، فقصده الطلاب، وصار له تلامذة كثيرون.
قال في "معجم الأدباء" ناقلا عن "السياق": ".. وقعد للإفادة والتدريس سنين وتخرج به طائفة من الأئمة سمعوا منه وقرؤوا عليه، وبلغوا
وقد رحل إليه الواحدي، وسمع منه في بلده كما قال في "الوسيط": حدثنا الشيخ أبو معمر اليفضل بن إسماعيل إملاء بجرجان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة (٢).
وقال في "أسباب النزول": حدثنا أبو معمر بن إسماعيل إملاء بجرجان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة (٣).
هؤلاء أبرز شيوخ الواحدي الذين ذُكر أنه أخذ عنهم، أو ورد ذكرهم في المصادر التي ترجمت له، ولو أردنا تتبع أسماء الشيوخ الذين أخذ الرواية عنهم في كتبه، كـ"أسباب النزول" أو"الوسيط" لطال الأمر ومل الناظر، كما قال ذلك الواحدي (٤).
تلاميذه:
إن هذا العلم ميراث النبوة، يأخذه كل جيل عمن سبقه ويسلمه لمن بعده، والواحدي أحد العلماء المشاهير جلس إلى كبار الشيوخ وأخذ عنهم حتى صار إماما، وقعد للإفادة والتدريس، فقصده الطلاب، وصار له تلامذة كثيرون.
قال في "معجم الأدباء" ناقلا عن "السياق": ".. وقعد للإفادة والتدريس سنين وتخرج به طائفة من الأئمة سمعوا منه وقرؤوا عليه، وبلغوا
(١) انظر: "العبر" ٢/ ٢٦٦، "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٥١٨، "طبقات السبكي" ٥/ ٣٣١.
(٢) "الوسيط" ١/ ٢٩٠.
(٣) "أسباب النزول" ص ٤٥٤، "الوسيط" ١/ ٢٧٩، ٢/ ٥١.
(٤) انظر مقدمة "البسيط" للمؤلف.
(٢) "الوسيط" ١/ ٢٩٠.
(٣) "أسباب النزول" ص ٤٥٤، "الوسيط" ١/ ٢٧٩، ٢/ ٥١.
(٤) انظر مقدمة "البسيط" للمؤلف.
69
محل الإفادة.. " (١).
وقال القفطي: ".. وسار الناس إلى علمه واستفادوا من فوائده.. " (٢).
وقال الذهبي: "تصدر للتدريس مدة وعظم شأنه.. " (٣) ولقد مدحه الباخرزي (٤) قائلاً: يشتغل بما يَعْنيه، وإن كان استهدافه للمختلفة إليه يُعنّيه.
وهذا يدل على عناية الواحدي بقاصديه، والناهلين من علمه، تعليمًا وتربية وإفادة وتخرجًا (٥).
وأذكر بعض تلاميذه الذين ورد ذكرهم في ترجمة الواحدي أو ذُكر في تراجمهم أنهم أخذوا عنه منهم:
١ - عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخُواري (٦)، أبو محمد، كان إماماً مفتياً متواضعاً، سمع جماعة منهم أبو بكر البيهقي وغيره، توفي سنة ثلاث أو أربع وثلاثين وخمسمائة (٧)، وذكر أخذه عن الواحدي السمعاني
وقال القفطي: ".. وسار الناس إلى علمه واستفادوا من فوائده.. " (٢).
وقال الذهبي: "تصدر للتدريس مدة وعظم شأنه.. " (٣) ولقد مدحه الباخرزي (٤) قائلاً: يشتغل بما يَعْنيه، وإن كان استهدافه للمختلفة إليه يُعنّيه.
وهذا يدل على عناية الواحدي بقاصديه، والناهلين من علمه، تعليمًا وتربية وإفادة وتخرجًا (٥).
وأذكر بعض تلاميذه الذين ورد ذكرهم في ترجمة الواحدي أو ذُكر في تراجمهم أنهم أخذوا عنه منهم:
١ - عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخُواري (٦)، أبو محمد، كان إماماً مفتياً متواضعاً، سمع جماعة منهم أبو بكر البيهقي وغيره، توفي سنة ثلاث أو أربع وثلاثين وخمسمائة (٧)، وذكر أخذه عن الواحدي السمعاني
(١) "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩، وانظر "روضات الجنات" ٥/ ٢٤٤
(٢) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٣) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١.
(٤) علي بن الحسن بن علي بن أبي الطيب الباخرزي أبو الحسن: أديب من الشعراء الكتاب من أهل باخرز من نواحي نيسابور، وتعلم بها وبنيسابور وقام برحلة واسعة في بلاد فارس والعراق اشتهر بكتابه "دمية القصر" وعصره أهل العصر، مات مقتول سنة ٤٦٧ هـ ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٣٦٠، "شذرات الذهب" ٣/ ٣٢٧.
(٥) انظر: "دمية القصر" ٢/ ١٠١٧.
(٦) "الخواري" بضم الخاء المنقوطة والراء بعد الواو والألف. هذه النسبة إلى خوار الري، وقرية ببيهق، والمذكور من الأخيرة. انظر: "الأنساب" ٥/ ٢١٥.
(٧) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١٠٨ أ، و"الأنساب" ٥/ ٢١٥، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٣٤٣.
(٢) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٣) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١.
(٤) علي بن الحسن بن علي بن أبي الطيب الباخرزي أبو الحسن: أديب من الشعراء الكتاب من أهل باخرز من نواحي نيسابور، وتعلم بها وبنيسابور وقام برحلة واسعة في بلاد فارس والعراق اشتهر بكتابه "دمية القصر" وعصره أهل العصر، مات مقتول سنة ٤٦٧ هـ ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٣٦٠، "شذرات الذهب" ٣/ ٣٢٧.
(٥) انظر: "دمية القصر" ٢/ ١٠١٧.
(٦) "الخواري" بضم الخاء المنقوطة والراء بعد الواو والألف. هذه النسبة إلى خوار الري، وقرية ببيهق، والمذكور من الأخيرة. انظر: "الأنساب" ٥/ ٢١٥.
(٧) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١٠٨ أ، و"الأنساب" ٥/ ٢١٥، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٣٤٣.
70
في "الأنساب" (١)، والسبكي (٢)، والسيوطي (٣)، والداودي (٤). وقال الذهبي: إنه أكبر تلاميذه (٥).
٢ - أبو نصر محمد بن عبد الله الأَرْغياني (٦) الرَّاوَنِيرِيِ (٧) الفقيه الشافعي، مفتي نيسابور، تفقه على أبي المعالي الجويني، وتوفي سنة تسع وعشرين وخمسمائة (٨)، وقد ورد أخذه عن الواحدي عند السمعاني في "الأنساب" وابن خلكان والسبكي (٩).
٣ - أبو العباس عمر بن عبد الله الأَرْغياَني الراونيري، أخو أبي نصر السابق وكان أكبر منه بعشر سنين ونيف، كان شيخاً صالحًا سمع من جماعة منهم الواحدي وهو من رواة "أسباب النزول" للواحدي، قا ل السمعاني: سمعت منه "أسباب النزول"، توفي سنة أربع وثلاثين وخمسمائة (١٠).
٢ - أبو نصر محمد بن عبد الله الأَرْغياني (٦) الرَّاوَنِيرِيِ (٧) الفقيه الشافعي، مفتي نيسابور، تفقه على أبي المعالي الجويني، وتوفي سنة تسع وعشرين وخمسمائة (٨)، وقد ورد أخذه عن الواحدي عند السمعاني في "الأنساب" وابن خلكان والسبكي (٩).
٣ - أبو العباس عمر بن عبد الله الأَرْغياَني الراونيري، أخو أبي نصر السابق وكان أكبر منه بعشر سنين ونيف، كان شيخاً صالحًا سمع من جماعة منهم الواحدي وهو من رواة "أسباب النزول" للواحدي، قا ل السمعاني: سمعت منه "أسباب النزول"، توفي سنة أربع وثلاثين وخمسمائة (١٠).
(١) انظر: "الأنساب" ٥/ ٢١٥.
(٢) انظر: "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٩٠، ٤/ ٢٤٣.
(٣) انظر: "طبقات المفسرين" ص ٦٧.
(٤) انظر: "طبقات المفسرين" ١/ ٣٩٤
(٥) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠.
(٦) الأرغياني: بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الغين المعجمة وفتح الياء المنقوطة من تحتها، نسبة إلى "أرغيان" ناحية من نواحي نيسابور بها عدة قرى. انظر: "الأنساب" ١/ ١٦٧.
(٧) "الراونيري" بفتح الراء والنون المكسورة بعد الألف والواو، والياء المنقوطة من تحتها، وفي آخرها الراء الأخرى، نسبة إلى إحدى قرى "أرغيان" الأنساب ٦/ ٥٢.
(٨) انظر: "الأنساب" ٦/ ٥٢، و"وفيات الأعيان" ٤/ ٢٢١، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٧٠.
(٩) انظر المراجع السابقة.
(١٠) انظر: "الأنساب" ٦/ ٥٣، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٢٨٧، ومقدمة "أسباب النزول"، إعداد السيد أحمد صقر ص ٣٤.
(٢) انظر: "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٩٠، ٤/ ٢٤٣.
(٣) انظر: "طبقات المفسرين" ص ٦٧.
(٤) انظر: "طبقات المفسرين" ١/ ٣٩٤
(٥) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠.
(٦) الأرغياني: بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الغين المعجمة وفتح الياء المنقوطة من تحتها، نسبة إلى "أرغيان" ناحية من نواحي نيسابور بها عدة قرى. انظر: "الأنساب" ١/ ١٦٧.
(٧) "الراونيري" بفتح الراء والنون المكسورة بعد الألف والواو، والياء المنقوطة من تحتها، وفي آخرها الراء الأخرى، نسبة إلى إحدى قرى "أرغيان" الأنساب ٦/ ٥٢.
(٨) انظر: "الأنساب" ٦/ ٥٢، و"وفيات الأعيان" ٤/ ٢٢١، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٧٠.
(٩) انظر المراجع السابقة.
(١٠) انظر: "الأنساب" ٦/ ٥٣، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٢٨٧، ومقدمة "أسباب النزول"، إعداد السيد أحمد صقر ص ٣٤.
71
٤ - أبو بكر يحيى بن عبد الرحيم بن محمد المقرئ المقبري اللبيكي من أهل نيسابور (٤٣٨ - ٥٢٢ هـ)، سمع من أبي حفص بن مسرور والصابوني، والبيهقي وغيرهم، قال السمعاني: "وسمعت منه حضورا سنة تسع وخمسمائة وأجاز لي جميع مسموعاته ومن جملتها التفاسير الثلاثة عن الإِمام علي بن أحمد الواحدي "الوسيط بين المقبوض والبسيط"، و"الوجيز" و"تفسير النبي - ﷺ -"، قال: بروايتي عنه" (١).
٥ - أحمد بن محمد بن أحمد الميداني (٢) النيسابوري، أديب فاضل، عالم باللغة والأمثال، صنف كتاب "مجمع الأمثال" وغيره، وتوفي سنة ثماني عشرة وخمسمائة بنيسابور، تخصص بصحبة أبي الحسن الواحدي وقرأ عليه (٣).
٦ - أبو الحسن علي بن سهل بن العباس المفسر النيسابوري، نشأ في طلب العلم، سمع من أبي عثمان الصابوني، وأبي القاسم القشيري، وتوفي سنة إحدى وتسعين وأربعمائة (٤). قال في "المنتخب": من تلامذة الواحدي (٥).
وقال في "روضات الجنات" في ترجمة الواحدي: "ومن جملة أهل
٥ - أحمد بن محمد بن أحمد الميداني (٢) النيسابوري، أديب فاضل، عالم باللغة والأمثال، صنف كتاب "مجمع الأمثال" وغيره، وتوفي سنة ثماني عشرة وخمسمائة بنيسابور، تخصص بصحبة أبي الحسن الواحدي وقرأ عليه (٣).
٦ - أبو الحسن علي بن سهل بن العباس المفسر النيسابوري، نشأ في طلب العلم، سمع من أبي عثمان الصابوني، وأبي القاسم القشيري، وتوفي سنة إحدى وتسعين وأربعمائة (٤). قال في "المنتخب": من تلامذة الواحدي (٥).
وقال في "روضات الجنات" في ترجمة الواحدي: "ومن جملة أهل
(١) "التحبير في المعجم الكبير" للسمعاني ٢/ ٣٧٧.
(٢) سمي الميداني لأنه سكن بأعلى ميدان زياد بن عبد الرحمن بنيسابور. انظر: "الأنساب" ١٢/ ٥٢٠.
(٣) انظر: "إنباه الرواة" ١/ ١٥٦، و"معجم الأدباء" ٥/ ٤٥، و"وفيات الأعيان" ١/ ١٤٨.
(٤) انظر: "المنتخب من السياق" ل١١٦ أ، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٣/ ٢٩٩.
(٥) "المنتخب" ل ١١٦ أ.
(٢) سمي الميداني لأنه سكن بأعلى ميدان زياد بن عبد الرحمن بنيسابور. انظر: "الأنساب" ١٢/ ٥٢٠.
(٣) انظر: "إنباه الرواة" ١/ ١٥٦، و"معجم الأدباء" ٥/ ٤٥، و"وفيات الأعيان" ١/ ١٤٨.
(٤) انظر: "المنتخب من السياق" ل١١٦ أ، و"طبقات الشافعية" للسبكي ٣/ ٢٩٩.
(٥) "المنتخب" ل ١١٦ أ.
72
نيسابور سمي هذا الرجل وتلميذه الفاضل أبو الحسن علي بن سهل بن العباس المفسر النيسابوري" (١).
٧ - يوسف بن علي بن جبارة الهذلي، أبو القاسم، الإِمام المقرئ من وجوه القراء، وصفه عبد الغافر بقوله: الضرير، قال ابن الجزري يحتمل أنه عمي في آخر عمره. كثير الرحلة في طلب القراءات، قال: "وجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخاً من آخر المغرب إلى باب "فرغانة" يميناً وشمالاً وجبلاً وبحراً ولو علمت أحداً تقدم علي في هذه الطبقة في جميع بلاد الإِسلام لقصدته.. ". ألف كتاب "الكامل" وذكر فيه شيوخه، مات سنة خمس وستين وأربعمائة، عدَّ ابن الجزري جميع شيوخه وذكر منهم الواحدي (٢).
٨ - محمد بن الفضل بن أحمد الفُراوي، أبو العباس الصاعدي، أحد العلماء الكبار، اجتمع فيه علو الإسناد، وموفور العلم وحسن الخلق، وقد وصفه الذهبي بقوله: الشيخ الإِمام، الفقيه المفتي، مسند خراسان، فقيه الحرم (٣).
وهو معدود في تلاميذ الواحدي وممن روى كتابه "الوجيز" (٤).
٧ - يوسف بن علي بن جبارة الهذلي، أبو القاسم، الإِمام المقرئ من وجوه القراء، وصفه عبد الغافر بقوله: الضرير، قال ابن الجزري يحتمل أنه عمي في آخر عمره. كثير الرحلة في طلب القراءات، قال: "وجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخاً من آخر المغرب إلى باب "فرغانة" يميناً وشمالاً وجبلاً وبحراً ولو علمت أحداً تقدم علي في هذه الطبقة في جميع بلاد الإِسلام لقصدته.. ". ألف كتاب "الكامل" وذكر فيه شيوخه، مات سنة خمس وستين وأربعمائة، عدَّ ابن الجزري جميع شيوخه وذكر منهم الواحدي (٢).
٨ - محمد بن الفضل بن أحمد الفُراوي، أبو العباس الصاعدي، أحد العلماء الكبار، اجتمع فيه علو الإسناد، وموفور العلم وحسن الخلق، وقد وصفه الذهبي بقوله: الشيخ الإِمام، الفقيه المفتي، مسند خراسان، فقيه الحرم (٣).
وهو معدود في تلاميذ الواحدي وممن روى كتابه "الوجيز" (٤).
(١) "روضات الجنات" ٥/ ٢٤٥.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١٤٤ب، و"غاية النهاية" ١/ ٥٢٣، ٢/ ٣٩٧ - ٤٠١.
(٣) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٦١٥، "تبيين كذب المفتري" ص ٣٢٤، "العبر" ٢/ ٤٣٨، "طبقات السبكي" ٦/ ١٦٦.
(٤) انظر: "الوجيز" ١/ ٢٠، ٨٥.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١٤٤ب، و"غاية النهاية" ١/ ٥٢٣، ٢/ ٣٩٧ - ٤٠١.
(٣) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٦١٥، "تبيين كذب المفتري" ص ٣٢٤، "العبر" ٢/ ٤٣٨، "طبقات السبكي" ٦/ ١٦٦.
(٤) انظر: "الوجيز" ١/ ٢٠، ٨٥.
73
٩ - عبد الكريم بن علي بن أحمد بن محمد الخشنامي (١)، أبو نصر الأديب، إمام سليم الجانب من المختلفة إلى الإِمام الواحدي كتب تصانيفه وقرأ عليه، ت ٤٩٢ هـ (٢).
١٠ - الحسين بن محمد بن محمود بن سورة أبو سعيد سبط شيخ الإِسلام أبي عثمان الصابوني، فاضل عالم، سمع الكثير من مشايخ عصره وسمع من الواحدي التفسير وغيره توفي كهلاً ت ٥٠٦ هـ (٣).
١١ - محمد بن أحمد الماهياني أبو الفضل المروزي، إمام فاضل زاهد ورع حسن السيرة جميل الأخلاق فقيه شافعي، مبرز عارف بالمذهب رحال أدرك الأئمة الكبار وتفقه عليهم وسمع الحديث من الواحدي وغيره توفي سنة ٥٢٥ هـ من نحو ٩٠ سنة.
قال السمعاني: سمع الحديث من الواحدي وسمعت منه جميع التفسير المعروف بـ"الوسيط" للواحدي (٤).
١٢ - عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد الفارسي أبو الحسن، كان إماماً في الحديث والعربية، سمع من جدّه لأمه أبي القاسم القشيري، وتفقه على أبي المعالي الجويني، ورحل في طلب العلم، ثم رجع إلى نيسابور وولي الخطابة بها، وأملى في مسجد عقيل، وصنف كتباً
١٠ - الحسين بن محمد بن محمود بن سورة أبو سعيد سبط شيخ الإِسلام أبي عثمان الصابوني، فاضل عالم، سمع الكثير من مشايخ عصره وسمع من الواحدي التفسير وغيره توفي كهلاً ت ٥٠٦ هـ (٣).
١١ - محمد بن أحمد الماهياني أبو الفضل المروزي، إمام فاضل زاهد ورع حسن السيرة جميل الأخلاق فقيه شافعي، مبرز عارف بالمذهب رحال أدرك الأئمة الكبار وتفقه عليهم وسمع الحديث من الواحدي وغيره توفي سنة ٥٢٥ هـ من نحو ٩٠ سنة.
قال السمعاني: سمع الحديث من الواحدي وسمعت منه جميع التفسير المعروف بـ"الوسيط" للواحدي (٤).
١٢ - عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد الفارسي أبو الحسن، كان إماماً في الحديث والعربية، سمع من جدّه لأمه أبي القاسم القشيري، وتفقه على أبي المعالي الجويني، ورحل في طلب العلم، ثم رجع إلى نيسابور وولي الخطابة بها، وأملى في مسجد عقيل، وصنف كتباً
(١) الخشنامي، بضم الخاء وسكون الشين وفتح النون نسبة إلى جده خشنام، انظر: "أنساب" ٢/ ٣٧٢، "اللباب" ١/ ٤٤٧.
(٢) "المنتخب من السياق" ص ٣٣٦.
(٣) المصدر السابق ص ٢٠٤
(٤) انظر: "الأنساب" ٥/ ١٨٣، "المنتخب من السياق" ص ٧٣، "طبقات الشافعية" لابن الصلاح/٨٠، و"اللباب" لابن الأثير ٣/ ١٥٧، "طبقات الشافعية" للأسنوي ٢/ ٤٢٤.
(٢) "المنتخب من السياق" ص ٣٣٦.
(٣) المصدر السابق ص ٢٠٤
(٤) انظر: "الأنساب" ٥/ ١٨٣، "المنتخب من السياق" ص ٧٣، "طبقات الشافعية" لابن الصلاح/٨٠، و"اللباب" لابن الأثير ٣/ ١٥٧، "طبقات الشافعية" للأسنوي ٢/ ٤٢٤.
74
عدة، منها: "المفهم بشرح غريب صحيح مسلم"، و"السياق لتاريخ نيسابور" و"مجمع الغرائب في غريب الحديث". ت (٥٢٩) بنيسابور، وكانت ولادته سنه ٤٥١ هـ في شهر ربيع الآخر (١).
قال في "السياق": قد أجازني بجميع مسموعاته ومصنفاته (٢).
١٣ - أبو إسماعيل بن أبي صالح، المؤذن الشافعي، كان إماماً في الأصول والفقه، وهو ممن تتلمذ على يد الإِمام الواحدي، ت ٥٣٢ (٣).
١٤ - إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق المروروذي، قرأ الوسيط على الإِمام الواحدي، ولد في ذي القعدة سنة ٤٥٣، وكان أحد الأئمة المسلمين، ومن كبار العلماء، قتل في فتنة خوارزم شاه سنة ٥٣٣ هـ (٤).
١٥ - أحمد بن طاهر بن سعيد الميهيي (٥) الخراساني الصوفي، شيخ صالح، رحل كثيراً في طلب العلم، ت ٥٤٩ هـ.
قال الذهبي: له إجازة من المفسر أبي الحسن الواحدي روى بها تفاسير (٦).
قال في "السياق": قد أجازني بجميع مسموعاته ومصنفاته (٢).
١٣ - أبو إسماعيل بن أبي صالح، المؤذن الشافعي، كان إماماً في الأصول والفقه، وهو ممن تتلمذ على يد الإِمام الواحدي، ت ٥٣٢ (٣).
١٤ - إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق المروروذي، قرأ الوسيط على الإِمام الواحدي، ولد في ذي القعدة سنة ٤٥٣، وكان أحد الأئمة المسلمين، ومن كبار العلماء، قتل في فتنة خوارزم شاه سنة ٥٣٣ هـ (٤).
١٥ - أحمد بن طاهر بن سعيد الميهيي (٥) الخراساني الصوفي، شيخ صالح، رحل كثيراً في طلب العلم، ت ٥٤٩ هـ.
قال الذهبي: له إجازة من المفسر أبي الحسن الواحدي روى بها تفاسير (٦).
(١) انظر: "تذكرة الحفاظ" ٤/ ١٢٧٥، و"وفيات الأعيان" ٣/ ٢٢٥، "التحبير في معجم الكبير" ١/ ٥٠٧، "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٣١٣.
(٢) "المنتخب من السياق" ص ٣٨٧.
(٣) انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" ٧/ ٤٤، "العبر" ٢/ ٤٤١، "تذكرة الحفاظ" للذهبي ٤/ ١٢٧٧.
(٤) انظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ١٩٩، "الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" تحقيق صفوان داودي ١/ ٢٠.
(٥) نسبة إلى قرية ميهنة وهي من قرى خابران، بين أبيورد وسرخس. انظر: "معجم البلدان" ٥/ ٢٤٧.
(٦) انظر: "سير أعلام النبلاء" ٢٠/ ١٩٦، ١٩٧.
(٢) "المنتخب من السياق" ص ٣٨٧.
(٣) انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" ٧/ ٤٤، "العبر" ٢/ ٤٤١، "تذكرة الحفاظ" للذهبي ٤/ ١٢٧٧.
(٤) انظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ١٩٩، "الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" تحقيق صفوان داودي ١/ ٢٠.
(٥) نسبة إلى قرية ميهنة وهي من قرى خابران، بين أبيورد وسرخس. انظر: "معجم البلدان" ٥/ ٢٤٧.
(٦) انظر: "سير أعلام النبلاء" ٢٠/ ١٩٦، ١٩٧.
75
المطلب السابع
مؤلفاته:
الناظر في حياة أبي الحسن الواحدي يجد أنه قد انقطع للعلم منذ نشأته، وقد هيأ الله له أسباب التحصيل، فأدرك حظّاً وافراً من العلم، واتجهت أنظار الطالبين إليه، وكثر المستفيدون حوله، القابسون من نور علمه، ولذا كان لزاماً أن تلبى حاجة الناس بتصنيف المصنفات والتي يقرؤها الطلاب على شيخهم، ومن ثم ينقلونها إلى طلابهم وبلادهم، ليعم النفع، وليبقى العلم قد اجتمعت له أسباب الدوام من التلقي والتدوين، والسماع والكتاب.
وقد ألّف الإِمام أبو الحسن كتباً، طار صيتها، واشتهر ذكرها، وتداولها الناس، وتلقاها أهل العلم بالقبول والاستحسان.
قال ابن خلكان (١): ورزق السعادة في تصانيفه، وأجمع الناس على حسنها، وذكرها المدرسون في دروسهم (٢).
وقد قال تلميذه عبد الغافر: أحسن كل الإحسان في البحث والتنقير (٣).
مؤلفاته:
الناظر في حياة أبي الحسن الواحدي يجد أنه قد انقطع للعلم منذ نشأته، وقد هيأ الله له أسباب التحصيل، فأدرك حظّاً وافراً من العلم، واتجهت أنظار الطالبين إليه، وكثر المستفيدون حوله، القابسون من نور علمه، ولذا كان لزاماً أن تلبى حاجة الناس بتصنيف المصنفات والتي يقرؤها الطلاب على شيخهم، ومن ثم ينقلونها إلى طلابهم وبلادهم، ليعم النفع، وليبقى العلم قد اجتمعت له أسباب الدوام من التلقي والتدوين، والسماع والكتاب.
وقد ألّف الإِمام أبو الحسن كتباً، طار صيتها، واشتهر ذكرها، وتداولها الناس، وتلقاها أهل العلم بالقبول والاستحسان.
قال ابن خلكان (١): ورزق السعادة في تصانيفه، وأجمع الناس على حسنها، وذكرها المدرسون في دروسهم (٢).
وقد قال تلميذه عبد الغافر: أحسن كل الإحسان في البحث والتنقير (٣).
(١) أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان البرمكي، أبو العباس، المؤرخ الأديب صاحب أشهر كتاب في التراجم وهو "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان"، ولد في إربل سنة ٦٠٨، تولى القضاء بمصر ثم بالشام، وولي التدريس في دمشق، توفي سنة ٦٨١. ينظر: "مقدمة وفيات الأعيان"، و"النجوم الزاهرة" ٧/ ٣٥٣.
(٢) "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣.
(٣) نشله عن عبد الغافر ياقوت في "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩.
(٢) "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣.
(٣) نشله عن عبد الغافر ياقوت في "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩.
76
وقال الفيروزابادي (١): ومصنفاته كثيرة مشهورة.
وبما أن الواحدي برع في علمي التفسير واللغة فإن غالب تصانيفه تحوم حول هذين العلمين.
وفيما يلي ثبت بأسماء مؤلفاته المنسوبة إليه مع بيان المطبوع منها والمخطوط وقد قسمتها إلى قسمين:
القسم الأول: ما يقطع بنسبته إليه.
القسم الثاني: ما لا يقطع بنسبته إليه، وإليك البيان.
القسم الأول:
المؤلفات التي يقطع بنسبتها للواحدي.
أولاً: كتبه المعروفة:
وهي التي وصلت إلينا منها ما طبع ومنها ما لا يزال مخطوطًا:
وهي المؤلفات التي ذكرها الواحدي في كتبه، أو ذكرها العلماء الأثبات سواء في تراجمهم له، أو كتبهم نقلاً عنها.
١ - " البسيط":
وهو أكبر كتبه في التفسير ويعدّ مع كتابيه الآخرين "الوسيط" و"الوجيز" -وكلها في التفسير- أشهر كتبه، بل أصبحت علماً عليه،
وبما أن الواحدي برع في علمي التفسير واللغة فإن غالب تصانيفه تحوم حول هذين العلمين.
وفيما يلي ثبت بأسماء مؤلفاته المنسوبة إليه مع بيان المطبوع منها والمخطوط وقد قسمتها إلى قسمين:
القسم الأول: ما يقطع بنسبته إليه.
القسم الثاني: ما لا يقطع بنسبته إليه، وإليك البيان.
القسم الأول:
المؤلفات التي يقطع بنسبتها للواحدي.
أولاً: كتبه المعروفة:
وهي التي وصلت إلينا منها ما طبع ومنها ما لا يزال مخطوطًا:
وهي المؤلفات التي ذكرها الواحدي في كتبه، أو ذكرها العلماء الأثبات سواء في تراجمهم له، أو كتبهم نقلاً عنها.
١ - " البسيط":
وهو أكبر كتبه في التفسير ويعدّ مع كتابيه الآخرين "الوسيط" و"الوجيز" -وكلها في التفسير- أشهر كتبه، بل أصبحت علماً عليه،
(١) هو محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم، أبو طاهر، مجد الدين، الشيرازي الفيروزابادي، من أئمة اللغة والأدب، ولد سنة ٧٢٩، رحل في طلب العلم حتى استقر به المقام في زبيد وتولى قضاءها، وأكرمه ملكها الأشرف، ومن أشهر كتبه: "القاموس المحيط"، وله "بصائر ذوي التمييز"، وغيرها. توفي سنة ٨١٧ ينظر: "البدر الطالع" ٢/ ٢٨٠، و"الضوء اللامع" ١٠/ ٧٩.
77
فيقال: الواحدي صاحب "البسيط" و"والوسيط" و"الوجيز" في، التفسير، ولا يترجم له أحد إلا ويذكر كتبه الثلاثة فذكرها القفطي (١)، وياقوت (٢)، وابن خلكان (٣) وقال: منها أخذ أبو حامد الغزالي أسماء كتبه الثلاثة، ومثله قال الذهبي (٤)، وذكرها ابن كثير (٥) والسبكي (٦) وغيرهم (٧).
و"البسيط" أول هذه الكتب وأكبرها، بل هو أصلها كما سيأتي، قال عنه القفطي: "وصنف التفسير الكبير وسماه "البسيط" وأكثر فيه من الإعراب والشواهد واللغة، ومن رآه علم مقدار ما عنده من علم العربية.. " (٨). وذكر ابن قاضي شهبة (٩) وابن العماد (١٠): أنه يقع في ستة عشر مجلدًا.
٢ - " الوسيط":
وهو في التفسير، والكتاب يعتبر وسطًا بين "البسيط" و"الوجيز" ولهذا قال في مقدمته: "... وقديماً كنت أطالب بإملاء كتاب في تفسير وسيط ينحط عن درجة "البسيط" الذي تجر فيه أذيال الأقوال، ويرتفع عن مرتبة
و"البسيط" أول هذه الكتب وأكبرها، بل هو أصلها كما سيأتي، قال عنه القفطي: "وصنف التفسير الكبير وسماه "البسيط" وأكثر فيه من الإعراب والشواهد واللغة، ومن رآه علم مقدار ما عنده من علم العربية.. " (٨). وذكر ابن قاضي شهبة (٩) وابن العماد (١٠): أنه يقع في ستة عشر مجلدًا.
٢ - " الوسيط":
وهو في التفسير، والكتاب يعتبر وسطًا بين "البسيط" و"الوجيز" ولهذا قال في مقدمته: "... وقديماً كنت أطالب بإملاء كتاب في تفسير وسيط ينحط عن درجة "البسيط" الذي تجر فيه أذيال الأقوال، ويرتفع عن مرتبة
(١) انظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٢) انظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ١٥٩.
(٣) انظر: "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣.
(٤) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠.
(٥) انظر: "البداية والنهاية" ١٢/ ١١٤
(٦) انظر: "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٩٠.
(٧) كابن الأثير في "الكامل" ٨/ ١٢٣، والأسنوي في "طبقات الشافعية" ٢/ ٥٣٩، وابن قاضي شهبة في "طبقات الشافعية" ١/ ٢٥٧، وابن العماد في "الشذرات" ٣/ ٣٣٠، وطاش كبرى زاده في "مفتاح السعادة" ٢/ ٦٦.
(٨) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٩) انظر: "طبقات الشافعية" ١/ ٢٥٧.
(١٠) انظر: "شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠.
(٢) انظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ١٥٩.
(٣) انظر: "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣.
(٤) انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠.
(٥) انظر: "البداية والنهاية" ١٢/ ١١٤
(٦) انظر: "طبقات الشافعية" ٣/ ٢٩٠.
(٧) كابن الأثير في "الكامل" ٨/ ١٢٣، والأسنوي في "طبقات الشافعية" ٢/ ٥٣٩، وابن قاضي شهبة في "طبقات الشافعية" ١/ ٢٥٧، وابن العماد في "الشذرات" ٣/ ٣٣٠، وطاش كبرى زاده في "مفتاح السعادة" ٢/ ٦٦.
(٨) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٩) انظر: "طبقات الشافعية" ١/ ٢٥٧.
(١٠) انظر: "شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠.
78
"الوجيز" الذي اقتصر فيه على الإقلال" (١).
قال القفطي: "وهو مختار من "البسيط" -أيضًا- غاية في بابه" (٢)، والحقيقة أن ما في الكتاب من مسائل لغوية ونحوية وتفسيرية مختصر من "البسيط" ويزيد عن "البسيط" في الإكثار من الرواية، وسيأتي مزيد من الإيضاح عن الفرق بين الكتابين عند الحديث عن "البسيط". ويظهر أن هذا الكتاب نال الشهرة أكثر من "البسيط" ولهذا كثرت مخطوطاته (٣)، وطبع الجزء الأول من الكتاب ويشمل من أول القرآن إلى نهاية سورة "البقرة" بتحقيق: "محمد حسن أبو العزم الزفيتي"، طبعته "لجنة إحياء التراث" التابعة لوزارة الأوقاف المصرية، كما قام قسم القرآن بتحقيقه في رسائل علمية، وتم إنجاز أغلبه، نأمل أن تتبنى الجامعة طباعة هذا الجهد العلمي حتى يخرج متكاملاً.
٣ - "الوجيز"، وهذا الكتاب كاسمه وجيز في التفسير. قال القفطي: "وهو عجيب" (٤).
وقال الواحدي في مقدمته: "فإني كنت قد ابتدأت بإبداع كتاب في التفسير لم أسبق إلى مثله وطال علي الأمر في ذلك لشرائط تقلدتها
قال القفطي: "وهو مختار من "البسيط" -أيضًا- غاية في بابه" (٢)، والحقيقة أن ما في الكتاب من مسائل لغوية ونحوية وتفسيرية مختصر من "البسيط" ويزيد عن "البسيط" في الإكثار من الرواية، وسيأتي مزيد من الإيضاح عن الفرق بين الكتابين عند الحديث عن "البسيط". ويظهر أن هذا الكتاب نال الشهرة أكثر من "البسيط" ولهذا كثرت مخطوطاته (٣)، وطبع الجزء الأول من الكتاب ويشمل من أول القرآن إلى نهاية سورة "البقرة" بتحقيق: "محمد حسن أبو العزم الزفيتي"، طبعته "لجنة إحياء التراث" التابعة لوزارة الأوقاف المصرية، كما قام قسم القرآن بتحقيقه في رسائل علمية، وتم إنجاز أغلبه، نأمل أن تتبنى الجامعة طباعة هذا الجهد العلمي حتى يخرج متكاملاً.
٣ - "الوجيز"، وهذا الكتاب كاسمه وجيز في التفسير. قال القفطي: "وهو عجيب" (٤).
وقال الواحدي في مقدمته: "فإني كنت قد ابتدأت بإبداع كتاب في التفسير لم أسبق إلى مثله وطال علي الأمر في ذلك لشرائط تقلدتها
(١) مقدمة "الوسيط" ١/ ٦ تحقيق محمد حسن أبو العزم الزفيتي.
(٢) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٣) ذكر الزفيتي أنه اعتمد على ثلاث نسخ في تحقيق الكتاب: نسخة دار الكتب المصرية (٨٨٧ تفسير)، ونسخة أخرى بدار الكتب المصرية رقم (٢٧١)، ونسخة ثالثة بمعهد المخطوطات في القاهرة رقم (٢٩٢ تفسير) مصور عن أحمد الثالث بإستانبول.
(٤) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٢) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٣) ذكر الزفيتي أنه اعتمد على ثلاث نسخ في تحقيق الكتاب: نسخة دار الكتب المصرية (٨٨٧ تفسير)، ونسخة أخرى بدار الكتب المصرية رقم (٢٧١)، ونسخة ثالثة بمعهد المخطوطات في القاهرة رقم (٢٩٢ تفسير) مصور عن أحمد الثالث بإستانبول.
(٤) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
79
ومواجب لحق النصيحة لكتاب الله تحملتها، ثم استعجلني قبل إتمامه والتفصي عما لزمني من عهدة إحكامه نفر متقاصرو الرغبات منخفضو الدرجات، أولو البضائع المزجاة إلى إيجاز كتاب في التفسير يقرب على من يتناوله ويسهل على من يتأمله من أوجز ما عمل في بابه وأعظم عائدة على متحفظيه.. " (١)، وقد وفي بذلك فخرج الكتاب موجزًا، وقد طبع في مصر سنة ١٣٠٥ هـ على هامش تفسير "مراح لبيد لكشف معنى قرآن مجيد" للشيخ محمد نووي الجاوي، ويقع الكتاب في جزأين ولو طبع مستقلاً لم يتجاور أربعمائة صفحة تقريبًا، والكتاب بحاجة إلى طباعة محققة خصوصاً مع كثرة مخطوطاته، وقد اعتمده السيوطي (٢) في تكملته للتفسير المشهور بـ"تفسير الجلالين" (٣)، وقد طبع أكثر من مرة.
٣ - " تفسير النبي - ﷺ -":
ذكره ياقوت (٤)، والذهبي (٥)
٣ - " تفسير النبي - ﷺ -":
ذكره ياقوت (٤)، والذهبي (٥)
(١) "مقدمة الوجيز" ١/ ٢ "على هامش تفسير مراح لبيد".
(٢) هو الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن الكمال السيوطي أبو بكر، صاحب التصانيف المشهورة، ولد عام ٨٤٩ وتوفي عام ٩١١: ينظر "حسن المحاضرة" ١/ ٣٣٥.
(٣) ينظر "بغية الوعاة" ١/ ٤٠١، و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ١٠١.
(٤) سبقت ترجمته ص ٢٩.
(٥) هو شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الذهبي، أبو عبد الله، المؤرخ، المحدث، الناقد، ولد في شهر ربيع الآخر سنة ٦٧٣ هـ، وكان من أسرة تركمانية الأصل، سمع من علماء دمشق وحلب ونابلس، ومكة، توفي بدمشق ليلة الاثنين ثالث من ذي القعدة سنة ٧٤٨ هـ، ودفن بمقبرة الباب الصغير. من أشهر مصنفاته -رحمه الله-: "تاريخ الإِسلام الكبير"، و"سير أعلام النبلاء"، =
(٢) هو الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن الكمال السيوطي أبو بكر، صاحب التصانيف المشهورة، ولد عام ٨٤٩ وتوفي عام ٩١١: ينظر "حسن المحاضرة" ١/ ٣٣٥.
(٣) ينظر "بغية الوعاة" ١/ ٤٠١، و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ١٠١.
(٤) سبقت ترجمته ص ٢٩.
(٥) هو شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الذهبي، أبو عبد الله، المؤرخ، المحدث، الناقد، ولد في شهر ربيع الآخر سنة ٦٧٣ هـ، وكان من أسرة تركمانية الأصل، سمع من علماء دمشق وحلب ونابلس، ومكة، توفي بدمشق ليلة الاثنين ثالث من ذي القعدة سنة ٧٤٨ هـ، ودفن بمقبرة الباب الصغير. من أشهر مصنفاته -رحمه الله-: "تاريخ الإِسلام الكبير"، و"سير أعلام النبلاء"، =
80
والسبكي (١) والداودي (٢) والسمعاني (٣)، وذكره ابن القاضي شهبة (٤)، وابن العماد (٥)، بعنوان:
= "طبقات الحفاظ"، "ميزان الاعتدال" وغيرها من مصنفاته رحمه الله تعالى. ينظر ترجمته في "طبقات الشافعية" للأسنوي ١/ ٩٨، "طبقات الشافعية" للسبكي ٥/ ٢١٦ - ٢٢٦.
(١) هو عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، أبو نصر، القاضي المؤرخ الفقيه الشافعي، ولد بالقاهرة سنة ٧٢٧، وانتقل إلى الشام وتولى قضاءها، ثم عزل، وجرت عليه محن لم تجر على قاض مثله.
من كتبه: "طبقات الشافعية الكبرى"، و"ومعيد النعم ومبيد النقم"، و"جمع الجوامع". توفي بالطاعون سنة ٧٧١. ينظر: "الدرر الكامنة" ٢/ ٤٢٥ و"مقدمة طبقات الشافعية".
(٢) هو محمد بن علي بن أحمد، شمس الدين الداودي المالكي، محدث مصري، من تلاميذ السيوطي.
من كتبه: "طبقات المفسرين" و"ذيل طبقات الشافعية" للسبكي و"ترجمة الحافظ السيوطي"، توفي سنة ٩٤٥.
ينظر: "شذرات الذهب" ٨/ ٢٦٤، و"الأعلام" ٦/ ٢٩١.
(٣) هو عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني المروزي أبو سعد، مؤرخ رحالة، ولد بمرو سنة ٥٠٦، رحل في طلب العلم، من كتبه: "الأنساب"، و"أدب الإملاء الاستملاء" توفي بمرو سنة ٥٦٢. ينظر: "طبقات الشافعية" ٤/ ٢٥٩ و"وفيات الأعيان" ١/ ٣٠١.
(٤) هو أحمد بن محمد بن عمر بن محمد، تقي ابن قاضي شهبة الدمشقي، أبو بكر، عالماً بالفرائض، جلس للتدريس بالجامع الأموي مدة، وكان كريم النفس كثير "الإحسان" ولد في رجب سنة ٧٣٧هـ وتوفي سنة ٧٩٠هـ ومن مؤلفاته: "الفرائض" وغيرها من المؤلفات.
ينظر: "شذرات الذهب" ٦/ ٣١٢، ٣١٣.
(٥) هو عبد الحي بن أحمد بن محمد المعروف بابن العماد، العكري الدمشقي، أبو الفلاح، فقيه، أديب، أخباري، حنبلي المذهب، ولد في الصالحية بدمشق في =
(١) هو عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، أبو نصر، القاضي المؤرخ الفقيه الشافعي، ولد بالقاهرة سنة ٧٢٧، وانتقل إلى الشام وتولى قضاءها، ثم عزل، وجرت عليه محن لم تجر على قاض مثله.
من كتبه: "طبقات الشافعية الكبرى"، و"ومعيد النعم ومبيد النقم"، و"جمع الجوامع". توفي بالطاعون سنة ٧٧١. ينظر: "الدرر الكامنة" ٢/ ٤٢٥ و"مقدمة طبقات الشافعية".
(٢) هو محمد بن علي بن أحمد، شمس الدين الداودي المالكي، محدث مصري، من تلاميذ السيوطي.
من كتبه: "طبقات المفسرين" و"ذيل طبقات الشافعية" للسبكي و"ترجمة الحافظ السيوطي"، توفي سنة ٩٤٥.
ينظر: "شذرات الذهب" ٨/ ٢٦٤، و"الأعلام" ٦/ ٢٩١.
(٣) هو عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني المروزي أبو سعد، مؤرخ رحالة، ولد بمرو سنة ٥٠٦، رحل في طلب العلم، من كتبه: "الأنساب"، و"أدب الإملاء الاستملاء" توفي بمرو سنة ٥٦٢. ينظر: "طبقات الشافعية" ٤/ ٢٥٩ و"وفيات الأعيان" ١/ ٣٠١.
(٤) هو أحمد بن محمد بن عمر بن محمد، تقي ابن قاضي شهبة الدمشقي، أبو بكر، عالماً بالفرائض، جلس للتدريس بالجامع الأموي مدة، وكان كريم النفس كثير "الإحسان" ولد في رجب سنة ٧٣٧هـ وتوفي سنة ٧٩٠هـ ومن مؤلفاته: "الفرائض" وغيرها من المؤلفات.
ينظر: "شذرات الذهب" ٦/ ٣١٢، ٣١٣.
(٥) هو عبد الحي بن أحمد بن محمد المعروف بابن العماد، العكري الدمشقي، أبو الفلاح، فقيه، أديب، أخباري، حنبلي المذهب، ولد في الصالحية بدمشق في =
81
تفسير أسماء النبي - ﷺ - (١).
٤ - " أسباب النزول":
وهو من أشهر ما صنف في هذا الفن (٢) ومن أول الكتب التي وردت إلينا شيه. وفيه يذكر سبب النزول من حديث أو أثر مسنداً، وقد يذكره بدون سند. ولتوسعه وشهرته بني عليه الحافظ ابن حجر (٣) كتابه المشهور في أسباب النزول المسمى: "العجاب في بيان الأسباب" واختصره أبو إسحاق الجعبري (٤) (ت
٤ - " أسباب النزول":
وهو من أشهر ما صنف في هذا الفن (٢) ومن أول الكتب التي وردت إلينا شيه. وفيه يذكر سبب النزول من حديث أو أثر مسنداً، وقد يذكره بدون سند. ولتوسعه وشهرته بني عليه الحافظ ابن حجر (٣) كتابه المشهور في أسباب النزول المسمى: "العجاب في بيان الأسباب" واختصره أبو إسحاق الجعبري (٤) (ت
= ٨ رجب (١٠٣٢ هـ)، وأقام في القاهرة مدة طويلة، وتوفي بمكة في ١٦ من ذي القعدة (١٠٨٩هـ) من تصانيفه رحمه الله:- "شذرات الذهب"، و"بغية أولي النهى في شرح المنتهى" وغيرها من تصانيفه رحمه الله.
ينظر ترجمته: "معجم المؤلفين" ٢/ ٦٧.
(١) ينظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١، و"طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤١، و"طبقات المفسرين" للداوودي ١/ ٣٩٥، و"التحبير في المعجم الكبير" ٢/ ٣٧٧. وذكره ابن قاضي شهبة في "طبقات الشافعية" ١/ ٢٧٨، باسم تفسير أسماء النبي - ﷺ -، وتبعه ابن العماد في "شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠، ورجح ذلك جودة المهدي في كتابه الواحدي ومنهجه في التفسير ص ٩٦، بحجة أنه لم يرد في ثبت تفاسير الواحدي هذا الاسم، ولم تنوه به التراجم في سياق إنتاجه التفسيري. وهذا غير صحيح كما تبيّن عند مراجعة المصادر التي ترجمته.
(٢) انظر: "البرهان" ١/ ٢٢، و"الإتقان" ١/ ٣٨، و"كشف الظنون" ١/ ٧٦.
(٣) هو أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني، أبو الفضل شهاب الدين، ابن حجر، من أئمة الحديث والفقه والرجال والتاريخ، وإذا أطلق الحافظ لم يرد به غيره، ولد بالقاهرة سنة ٧٧٣، رحل في طلب العلم، وتولى القضاء في مصر مرات، وكتبه كثيرة اشتهرت في حياته، منها "فتح الباري" وهو أجلها و"تهذيب التهذيب" و"تقريب التهذيب" وغيرها. توفي سنة ٨٥٢.
ينظر: "الضوء اللامع" ٢/ ٣٦، و"البدر الطالع" ١/ ٨٧.
(٤) هو إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل الجعبري، أبو إسحاق، عالم بالقراءات، =
ينظر ترجمته: "معجم المؤلفين" ٢/ ٦٧.
(١) ينظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١، و"طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤١، و"طبقات المفسرين" للداوودي ١/ ٣٩٥، و"التحبير في المعجم الكبير" ٢/ ٣٧٧. وذكره ابن قاضي شهبة في "طبقات الشافعية" ١/ ٢٧٨، باسم تفسير أسماء النبي - ﷺ -، وتبعه ابن العماد في "شذرات الذهب" ٣/ ٣٣٠، ورجح ذلك جودة المهدي في كتابه الواحدي ومنهجه في التفسير ص ٩٦، بحجة أنه لم يرد في ثبت تفاسير الواحدي هذا الاسم، ولم تنوه به التراجم في سياق إنتاجه التفسيري. وهذا غير صحيح كما تبيّن عند مراجعة المصادر التي ترجمته.
(٢) انظر: "البرهان" ١/ ٢٢، و"الإتقان" ١/ ٣٨، و"كشف الظنون" ١/ ٧٦.
(٣) هو أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني، أبو الفضل شهاب الدين، ابن حجر، من أئمة الحديث والفقه والرجال والتاريخ، وإذا أطلق الحافظ لم يرد به غيره، ولد بالقاهرة سنة ٧٧٣، رحل في طلب العلم، وتولى القضاء في مصر مرات، وكتبه كثيرة اشتهرت في حياته، منها "فتح الباري" وهو أجلها و"تهذيب التهذيب" و"تقريب التهذيب" وغيرها. توفي سنة ٨٥٢.
ينظر: "الضوء اللامع" ٢/ ٣٦، و"البدر الطالع" ١/ ٨٧.
(٤) هو إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل الجعبري، أبو إسحاق، عالم بالقراءات، =
82
٧٣٢هـ) فحذف أسانيده، وقد طبع الكتاب طبعات كثيرة (١).
٥ - " قتلى القرآن":
ذكره الحافظ ابن رجب (٢) في لطائف المعارف ناقلاً عنه (٣).
٦ - " فضائل القرآن":
ذكره حاجي خليفة (٤) عند ذكره للمصنفات في علم فضائل القرآن
٥ - " قتلى القرآن":
ذكره الحافظ ابن رجب (٢) في لطائف المعارف ناقلاً عنه (٣).
٦ - " فضائل القرآن":
ذكره حاجي خليفة (٤) عند ذكره للمصنفات في علم فضائل القرآن
= من فقهاء الشافعية، ولد بقلعة جعبر على نهر الفرات سنة ٦٤٠، وتلقى العلم ببغداد، واستقر بالخليل إلى أن مات، من كتبه: شرح الشاطبية "كنز المعاني شرح حرز الأماني". توفي سنة ٧٣٢. ينظر: "الدرر الكامنة" ١/ ٥٠، و"غاية النهاية" ١/ ٢١.
(١) طبع كتاب "أسباب النزول" عدة طبعات أولها سنة ١٣١٦ هـ بالقاهرة، على هامشه "الناسخ والمنسوخ" لأبي القاسم بن هبة الله بن سلامة. ثم أعيد طبعه سنة ١٣٧٩ هـ في مطبعة الحلبي، ثم طبع سنة ١٣٩٥ هـ في بيروت دار الكتب العلمية، ثم طبع بتحقيق "السيد أحمد صقر" سنة ١٣٨٩ هـ صدر عن دار الجديد، ثم خرجت طبعة أخرى بتحقيق السيد أحمد صقر عن دار القبلة سنة ١٤٠٤هـ، وطبعة بتحقيق عصام الحميدان من إصدار دار الإصلاح.
(٢) عبد الرحمن بن أحمد بن رجب السلامي البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي أبو الفرج زين الدين، محدث فقيه إمام، ولد ببغداد ونشأ وتوفي في دمشق، من كتبه: "فتح الباري شرح صحيح البخاري"، و"جامع العلوم والحكم"، توفي سنة ٧٩٥. ينظر: "شذرات الذهب" ٦/ ٣٣٩، و"الدرر الكامنة" ٢/ ٣٢١.
(٣) "لطائف المعارف" ص ٣٥٨، وذكر باسم (مقاتل القرآن) في مقدمة "أسباب النزول" للسيد أحمد صقر ص ٢١ وفي كتاب "الواحدي ومنهجه في التفسير" ص ٩٤.
(٤) هو مصطفى بن عبد الله كاتب حلبي، المعروف بالحاج خليفة: مؤرخ بحاثة، تركي الأصل مستعرب، ولد سنة ١٠١٧ في القسطنطينية، تولى أعمالاً كتابية في الجيش العثماني، انقطع للتدريس آخر عمره من كتبه: "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" وهو أفضل ما كتب في فنه توفي سنة ١٠٦٧ ينظر: مقدمة كشف الظنون و"الإعلام" ٧/ ٢٣٦.
(١) طبع كتاب "أسباب النزول" عدة طبعات أولها سنة ١٣١٦ هـ بالقاهرة، على هامشه "الناسخ والمنسوخ" لأبي القاسم بن هبة الله بن سلامة. ثم أعيد طبعه سنة ١٣٧٩ هـ في مطبعة الحلبي، ثم طبع سنة ١٣٩٥ هـ في بيروت دار الكتب العلمية، ثم طبع بتحقيق "السيد أحمد صقر" سنة ١٣٨٩ هـ صدر عن دار الجديد، ثم خرجت طبعة أخرى بتحقيق السيد أحمد صقر عن دار القبلة سنة ١٤٠٤هـ، وطبعة بتحقيق عصام الحميدان من إصدار دار الإصلاح.
(٢) عبد الرحمن بن أحمد بن رجب السلامي البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي أبو الفرج زين الدين، محدث فقيه إمام، ولد ببغداد ونشأ وتوفي في دمشق، من كتبه: "فتح الباري شرح صحيح البخاري"، و"جامع العلوم والحكم"، توفي سنة ٧٩٥. ينظر: "شذرات الذهب" ٦/ ٣٣٩، و"الدرر الكامنة" ٢/ ٣٢١.
(٣) "لطائف المعارف" ص ٣٥٨، وذكر باسم (مقاتل القرآن) في مقدمة "أسباب النزول" للسيد أحمد صقر ص ٢١ وفي كتاب "الواحدي ومنهجه في التفسير" ص ٩٤.
(٤) هو مصطفى بن عبد الله كاتب حلبي، المعروف بالحاج خليفة: مؤرخ بحاثة، تركي الأصل مستعرب، ولد سنة ١٠١٧ في القسطنطينية، تولى أعمالاً كتابية في الجيش العثماني، انقطع للتدريس آخر عمره من كتبه: "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" وهو أفضل ما كتب في فنه توفي سنة ١٠٦٧ ينظر: مقدمة كشف الظنون و"الإعلام" ٧/ ٢٣٦.
83
قائلاً: ولأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي المتوفى سنة ٤٦٨ مختصر فيه، أخذ شمس الدين محمد بن طولون الدمشقي (١) أربعين حديثا منه (٢).
٧ - " مسند التفسير":
أشار إليه الواحدي في "الوسيط" حيث قال: وحديث انشقاق القمر رواه جماعة من الصحابة... روينا عن جميعهم ذلك في مسند التفسير (٣)، وقال في مقدمة "الوسيط" أيضاً: وقد سبق لي قبل هذا الكتاب -بتوفيق الله وحسن تيسيره- مجموعات ثلاث في هذا العلم: معاني التفسير، ومسند التفسير، ومختصر التفسير (٤).
وعلى صراحة هاتين الإحالتين من الواحدي لم يشر أحد ممن ترجم له إلى هذا الكتاب ضمن ثبت كتبه، ويحتمل أن يكون المقصود به كتاب تفسير النبي - ﷺ - المتقدم ذكره.
٨ - " نفي التحريف عن القرآن الشريف":
ذكره أكثر من ترجم له (٥).
٧ - " مسند التفسير":
أشار إليه الواحدي في "الوسيط" حيث قال: وحديث انشقاق القمر رواه جماعة من الصحابة... روينا عن جميعهم ذلك في مسند التفسير (٣)، وقال في مقدمة "الوسيط" أيضاً: وقد سبق لي قبل هذا الكتاب -بتوفيق الله وحسن تيسيره- مجموعات ثلاث في هذا العلم: معاني التفسير، ومسند التفسير، ومختصر التفسير (٤).
وعلى صراحة هاتين الإحالتين من الواحدي لم يشر أحد ممن ترجم له إلى هذا الكتاب ضمن ثبت كتبه، ويحتمل أن يكون المقصود به كتاب تفسير النبي - ﷺ - المتقدم ذكره.
٨ - " نفي التحريف عن القرآن الشريف":
ذكره أكثر من ترجم له (٥).
(١) هو شمس الدين محمد بن علي بن أحمد بن علي بن خمارويه بن طولون الدمشقي الحنفي، مؤرخ عالم بالتراجم والفقه ولد سنة ٨٨٠، له مشاركة في فنون متعددة وكتبه كثيرة منها: "ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر" و"الغرف العلية في تراجم متأخري الحنفية". توفي سنة ٩٥٣. ينظر "الكواكب السائرة" ٢/ ٥٢، و"شذرات الذهب" ٨/ ٢٩٨.
(٢) "كشف الظنون" ٢/ ١٢٧٧، ولعله الموجود في مكتبة كوبرلي بتركيا مجموعة ر قم (١٦٣١) باسم فضائل السور، ينظر: فهرس مخطوطات مكتبة كوبريلي ٢/ ٣٩٥.
(٣) "الوسيط" ٤/ ٢٠٧.
(٤) "الوسيط" ١/ ٥٥.
(٥) ينظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١، و"طبقات =
(٢) "كشف الظنون" ٢/ ١٢٧٧، ولعله الموجود في مكتبة كوبرلي بتركيا مجموعة ر قم (١٦٣١) باسم فضائل السور، ينظر: فهرس مخطوطات مكتبة كوبريلي ٢/ ٣٩٥.
(٣) "الوسيط" ٤/ ٢٠٧.
(٤) "الوسيط" ١/ ٥٥.
(٥) ينظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١، و"طبقات =
84
٩ - " شرح ديوان المتنبي" (١):
ذكره أكثر من ترجم له، قد أثنى عليه العلماء قال فيه ابن خلكان: "وليس في شروحه مع كثرتها مثله" (٢) وقال القفطي: وهو غاية في بابه (٣)، وقال حاجي خليفة بعد أن ذكر أربعين شرحًا لديوان المتنبي: فأجلها نفعاً وأكثرها فائدة: شرح الإِمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي (٤). والكتاب مطبوع متداول (٥).
١٠ - " الإغراب في الإعراب":
ذكره بهذا الاسم أكثر من ترجم له (٦)، بينما سماه السبكي: الإعراب في علم الإعراب (٧)، وسماه السيوطي: الإغراب في علم
ذكره أكثر من ترجم له، قد أثنى عليه العلماء قال فيه ابن خلكان: "وليس في شروحه مع كثرتها مثله" (٢) وقال القفطي: وهو غاية في بابه (٣)، وقال حاجي خليفة بعد أن ذكر أربعين شرحًا لديوان المتنبي: فأجلها نفعاً وأكثرها فائدة: شرح الإِمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي (٤). والكتاب مطبوع متداول (٥).
١٠ - " الإغراب في الإعراب":
ذكره بهذا الاسم أكثر من ترجم له (٦)، بينما سماه السبكي: الإعراب في علم الإعراب (٧)، وسماه السيوطي: الإغراب في علم
= الشافعية" ٥/ ٢٤١، و"الفلاكة والمفلوكون" للدلجي ص ١٥٣، و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٨، و"طبقات المفسرين" للسيوطي ص ٧٩ وغيرهم.
(١) هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب المتنبي الشاعر الحكيم، علم في باب الشعر والأدب، ولد بالكوفة سنة ٣٠٣ ونشأ بالشام، تنقل في البادية يطلب العربية وقال الشعر صبياً، ثم تنبأ فتبعه خلق فسجن فتاب، أشهر أعماله: "ديوانه"، قتل سنة ٣٥٤ وقد كُتب في سيرته كتب كثيرة. ينظر: "معاهد التنصيص" ١/ ٢٧ و"وفيات الأعيان" ١/ ٣٦.
(٢) "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣.
(٣) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٣٢.
(٤) "كشف الظنون" ١/ ٨٠٩.
(٥) طبع عام ١٢٧١ في الهند طبعة حجرية ثم طبع بعناية فريدرخ ديتريصي في برلين عام ١٢٧٦ ثم صورته دار المثنى ببغداد. ينظر: "معجم المطبوعات" ٢/ ١٦١٦.
(٦) ينظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١ و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٨ و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٩٥ و"شذرات الذهب" ٣/ ٣٠٣.
(٧) "طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤١.
(١) هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب المتنبي الشاعر الحكيم، علم في باب الشعر والأدب، ولد بالكوفة سنة ٣٠٣ ونشأ بالشام، تنقل في البادية يطلب العربية وقال الشعر صبياً، ثم تنبأ فتبعه خلق فسجن فتاب، أشهر أعماله: "ديوانه"، قتل سنة ٣٥٤ وقد كُتب في سيرته كتب كثيرة. ينظر: "معاهد التنصيص" ١/ ٢٧ و"وفيات الأعيان" ١/ ٣٦.
(٢) "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣.
(٣) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٣٢.
(٤) "كشف الظنون" ١/ ٨٠٩.
(٥) طبع عام ١٢٧١ في الهند طبعة حجرية ثم طبع بعناية فريدرخ ديتريصي في برلين عام ١٢٧٦ ثم صورته دار المثنى ببغداد. ينظر: "معجم المطبوعات" ٢/ ١٦١٦.
(٦) ينظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١ و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٨ و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٩٥ و"شذرات الذهب" ٣/ ٣٠٣.
(٧) "طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤١.
85
الإعراب (١)، وسماه في موطن آخر: الإعراب عن الإعراب (٢).
١١ - " التحبير في شرح أسماء الله تعالى الحسنى":
ذكره أكثر من ترجم له (٣) مع اختلافات يسيرة في الاسم (٤).
١٢ - " الدعوات":
ذكره أكثر من ترجم له (٥).
١٣ - " المغازي":
ذكره أكثر من ترجم له (٦).
القسم الثاني: المؤلفات التي لا يقطع بنسبتها للواحدي
ثمة مؤلفات لا يقطع بنسبتها للواحدي:
إما لأنها وردت على طرة بعض المخطوطات، أو في فهارس خزائن الكتب، لكن لم يذكرها أحد ممن ترجموا للواحدي ضمن ثبت كتبه،
١١ - " التحبير في شرح أسماء الله تعالى الحسنى":
ذكره أكثر من ترجم له (٣) مع اختلافات يسيرة في الاسم (٤).
١٢ - " الدعوات":
ذكره أكثر من ترجم له (٥).
١٣ - " المغازي":
ذكره أكثر من ترجم له (٦).
القسم الثاني: المؤلفات التي لا يقطع بنسبتها للواحدي
ثمة مؤلفات لا يقطع بنسبتها للواحدي:
إما لأنها وردت على طرة بعض المخطوطات، أو في فهارس خزائن الكتب، لكن لم يذكرها أحد ممن ترجموا للواحدي ضمن ثبت كتبه،
(١) "بغية الوعاة" ٢/ ١٤٥.
(٢) "طبقات المفسرين" ص ٧٩.
(٣) "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣، و"تاريخ الإِسلام" للذهبي ٣١/ ٢٥٩، و"طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤١، و"البداية والنهاية" ١٢/ ٢٤١، و"طبقات المفسرين" للسيوطي ص ٧٩، و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٨.
(٤) بعضهم قال: "التجيز في شرح الأسماء الحسنى" وبعضهم قال: "التحبير في الأسماء الحسنى"، وبعضهم سماه: "شرح الأسماء الحسنى"، وأما ابن قاضي شهبة فقال: "التنجيز بدلاً من التحبير" وهو تصحيف.
(٥) ينظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١ و"طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤١، و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٨ و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٩٥ و"شذرات الذهب" ٣/ ٣٠٣.
(٦) ينظر: المراجع السابقة. وسماه السمعاني في "الأنساب" ٣/ ٤٧٩ "طراز المغازي".
(٢) "طبقات المفسرين" ص ٧٩.
(٣) "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣، و"تاريخ الإِسلام" للذهبي ٣١/ ٢٥٩، و"طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤١، و"البداية والنهاية" ١٢/ ٢٤١، و"طبقات المفسرين" للسيوطي ص ٧٩، و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٨.
(٤) بعضهم قال: "التجيز في شرح الأسماء الحسنى" وبعضهم قال: "التحبير في الأسماء الحسنى"، وبعضهم سماه: "شرح الأسماء الحسنى"، وأما ابن قاضي شهبة فقال: "التنجيز بدلاً من التحبير" وهو تصحيف.
(٥) ينظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٩، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١ و"طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤١، و"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧٨ و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٩٥ و"شذرات الذهب" ٣/ ٣٠٣.
(٦) ينظر: المراجع السابقة. وسماه السمعاني في "الأنساب" ٣/ ٤٧٩ "طراز المغازي".
86
فضلاً عن الواحدي نفسه، إذ لا يعرف عنه أنه نسبها إلا نفسه، أو عدها ضمن كتبه.
وإما لتوهم أن تكون له، وليست كذلك،
وإما أن يذكر واحد من كتبه باسم مغاير للمشهور فيظن أنهما كتابان، والحقيقة أنهما اسمان لكتاب واحد. وهذا بيان لجميع ذلك.
١ و ٢ - "معاني التفسير"، و"مختصر التفسير":
ذكر الواحدي في مقدمة تفسيره الوسيط هذين الاسمين، ووقع الخلاف بين الباحثين هل مراده بهما كتابان آخران غير البسيط والوجيز، أو أنهما اسمان لذينك الكتابين على عادة بعض المؤلفين في تعديد أسماء الكتاب الواحد، ولإيضاح الأمر أسوق عبارته في مقدمة الوسيط، حيث يقول: "وقد سبق لي قبل هذا الكتاب -بتوفيق الله وحسن تيسيره- مجموعات ثلاث في هذا العلم: "فمعاني التفسير" و"مسند التفسير" و"مختصر التفسير"، وقديماً كنت أطالب بإملاء كتاب في تفسير وسيط، ينحط عن درجة البسيط، الذي تجر فيه أذيال الأقوال، ويرتفع عن مرتبة الوجيز الذي اقتصر فيه على الإقلال" (١) فأخذ بعض الباحثين من هذا النص الصريح أن هذين اسمان لكتابين غير البسيط والوجيز، وعدهما ضمن كتبه (٢)، والظاهر - أنهما اسمان للكتابين نفسيهما ويدل لذلك:
أ- أنهما لو كانا كتابين مستقلين لقال: وقد سبق لي مجموعات خمس، خاصة وأنه صرح في آخر كلامه الآنف الذكر باسم: البسيط والوجيز.
وإما لتوهم أن تكون له، وليست كذلك،
وإما أن يذكر واحد من كتبه باسم مغاير للمشهور فيظن أنهما كتابان، والحقيقة أنهما اسمان لكتاب واحد. وهذا بيان لجميع ذلك.
١ و ٢ - "معاني التفسير"، و"مختصر التفسير":
ذكر الواحدي في مقدمة تفسيره الوسيط هذين الاسمين، ووقع الخلاف بين الباحثين هل مراده بهما كتابان آخران غير البسيط والوجيز، أو أنهما اسمان لذينك الكتابين على عادة بعض المؤلفين في تعديد أسماء الكتاب الواحد، ولإيضاح الأمر أسوق عبارته في مقدمة الوسيط، حيث يقول: "وقد سبق لي قبل هذا الكتاب -بتوفيق الله وحسن تيسيره- مجموعات ثلاث في هذا العلم: "فمعاني التفسير" و"مسند التفسير" و"مختصر التفسير"، وقديماً كنت أطالب بإملاء كتاب في تفسير وسيط، ينحط عن درجة البسيط، الذي تجر فيه أذيال الأقوال، ويرتفع عن مرتبة الوجيز الذي اقتصر فيه على الإقلال" (١) فأخذ بعض الباحثين من هذا النص الصريح أن هذين اسمان لكتابين غير البسيط والوجيز، وعدهما ضمن كتبه (٢)، والظاهر - أنهما اسمان للكتابين نفسيهما ويدل لذلك:
أ- أنهما لو كانا كتابين مستقلين لقال: وقد سبق لي مجموعات خمس، خاصة وأنه صرح في آخر كلامه الآنف الذكر باسم: البسيط والوجيز.
(١) "الوسيط" ١/ ٥٠.
(٢) ذكر ذلك د/جودة المهدي في كتابه الواحدي ومنهجه في التفسير ص ٩٢.
(٢) ذكر ذلك د/جودة المهدي في كتابه الواحدي ومنهجه في التفسير ص ٩٢.
87
ب- جاء في نهاية الجزء الثالث من النسخة الأزهرية ما نصه: آخر الجزء الثالث من كتاب معاني التفسير المسمى بالبسيط للإمام أبي الحسن علي الواحدي -رحمه الله- ومثله جاء في نهاية الجزء الثاني من نسخة جستربتي.
ج- لم يذكرهما أحد ممن ترجم للواحدي على أنهما كتابان مستقلان، غير ذينك الكتابين.
٣ - " الحاوي لجميع المعاني":
ورد هذا الكتاب منسوباً إلى الواحدي في فهارس بعض خزائن الكتب (١) بيد أن حاجي خليفة بين أن هذا الاسم يراد به كتبه الثلاثة في التفسير، فقال: تفسير الواحدي ثلاثة: البسيط والوسيط والوجيز، وتسمى هذه الثلاثة: الحاوي لجميع المعاني (٢).
وقال أيضاً: الحاوي لجميع المعاني، وهو اسم البسيط والوسيط والوجيز للواحدي (٣). وما ذكره حاجي أظهر؛ لأنه لو كان كتاباً مستقلاً لذكره المترجمون للواحدي، خصوصاً وأنه كتاب كبير يصعب تجاهله ونسيانه، لكن الجزم بذلك يتوقف على الاطلاع على تلك النسخ في خزائن الكتب، ودراستها، والتحقق منها.
٤ - " جامع البيان في تفسير القرآن":
ج- لم يذكرهما أحد ممن ترجم للواحدي على أنهما كتابان مستقلان، غير ذينك الكتابين.
٣ - " الحاوي لجميع المعاني":
ورد هذا الكتاب منسوباً إلى الواحدي في فهارس بعض خزائن الكتب (١) بيد أن حاجي خليفة بين أن هذا الاسم يراد به كتبه الثلاثة في التفسير، فقال: تفسير الواحدي ثلاثة: البسيط والوسيط والوجيز، وتسمى هذه الثلاثة: الحاوي لجميع المعاني (٢).
وقال أيضاً: الحاوي لجميع المعاني، وهو اسم البسيط والوسيط والوجيز للواحدي (٣). وما ذكره حاجي أظهر؛ لأنه لو كان كتاباً مستقلاً لذكره المترجمون للواحدي، خصوصاً وأنه كتاب كبير يصعب تجاهله ونسيانه، لكن الجزم بذلك يتوقف على الاطلاع على تلك النسخ في خزائن الكتب، ودراستها، والتحقق منها.
٤ - " جامع البيان في تفسير القرآن":
(١) كالمكتبة الآصفية بحيدر اباد بالهند برقم (١٢٤) ومكتبة أصفهان العامة بإيران برقم (٢٦٩٣) وخزانة قاسم الرجب ببغداد برقم (٣٤٠) وعنوانها الحاوي في تفسير القرآن، والخزانه الحسينية بالقصر الملكي بالرباط، برقم (٥٥٥١). ينظر: "الفهرس الشامل للتراث العربي الإِسلامي" ١/ ١١٣، ١١٤.
(٢) "كشف الظنون" ١/ ٦٢٩.
(٣) "كشف الظنون" ١/ ٦٢٩.
(٢) "كشف الظنون" ١/ ٦٢٩.
(٣) "كشف الظنون" ١/ ٦٢٩.
88
ورد هذا الكتاب منسوباً للواحدي في إحدى خزائن الكتب (١)، ولم يذكره أحد ممن ترجموا للواحدي.
٥ و ٦ - "رسالة في البسملة"، و"حاشية على شرح البسملة":
ورد هذان العنوانان في فهرس المكتبة الخالدية بالقدس (٢)، ولم يذكرهما أحد ممن ترجم للواحدي.
٧ - " رسالة في شرف علم التفسير":
ذكرها الدكتور جودة المهدي (٣)، وأشار إلى وجودها مخطوطة في دار الكتب المصرية (٤) ولم يذكرها أحد ممن ترجم للواحدي.
٨ - " شرح معلقة النابغة الذبياني" (٥)، أو"شرح قصيدة النابغة":
ورد في فهارس بعض خزائن الكتب (٦)، ولم يذكره أحد ممن ترجموا للواحدي.
٥ و ٦ - "رسالة في البسملة"، و"حاشية على شرح البسملة":
ورد هذان العنوانان في فهرس المكتبة الخالدية بالقدس (٢)، ولم يذكرهما أحد ممن ترجم للواحدي.
٧ - " رسالة في شرف علم التفسير":
ذكرها الدكتور جودة المهدي (٣)، وأشار إلى وجودها مخطوطة في دار الكتب المصرية (٤) ولم يذكرها أحد ممن ترجم للواحدي.
٨ - " شرح معلقة النابغة الذبياني" (٥)، أو"شرح قصيدة النابغة":
ورد في فهارس بعض خزائن الكتب (٦)، ولم يذكره أحد ممن ترجموا للواحدي.
(١) وهي مكتبة مراد ملا الوطنية تحت رقم (١٩١). ينظر: "الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي" ١/ ١٣١.
(٢) برقم (٤٨) و (٤٩)، ينظر: الفهرس الشامل ١/ ١١٤.
(٣) الواحدي ومنهجه في التفسير ص ٩٥.
(٤) برقم ٢٢٠ مجاميع.
(٥) هو: الذبياني أبو أمامة زياد بن معاوية بن ضباب، من الطبقة الأولى، من فحول شعراء الجاهلية، كان يحكم بين الشعراء في سوق عكاظ ويفاضل بينهم. ينظر: "طبقات فحول الشعراء" ١/ ٥٦، و"جمهرة أشعار العرب" ١/ ٣٠٣
(٦) منه نسخة في مكتبة الأكاديمية العلمية بجامعة ليدن بهولندا برقم (١٠٦/ ٢)، ونسخة أخرى في مكتبة حسين علي محفوظ بالكاظمية، ونسخة في مكتبة المتحف العراقي ببغداد برقم (١٨٩٤/ ٢) ونسخة في مكتبة جامعة الملك سعود ضمن مجموع (٢١٤ - ٢٢٣) برقم (٨٣٨/ ٢) ينظر: تاريخ التراث العربي (مج ٢، جـ٢/ ٩) ومجلة المخطوطات ٦/ ٤٧ و"مخطوطات الأدب في المتحف العراقي" ص ٣٨٦.
(٢) برقم (٤٨) و (٤٩)، ينظر: الفهرس الشامل ١/ ١١٤.
(٣) الواحدي ومنهجه في التفسير ص ٩٥.
(٤) برقم ٢٢٠ مجاميع.
(٥) هو: الذبياني أبو أمامة زياد بن معاوية بن ضباب، من الطبقة الأولى، من فحول شعراء الجاهلية، كان يحكم بين الشعراء في سوق عكاظ ويفاضل بينهم. ينظر: "طبقات فحول الشعراء" ١/ ٥٦، و"جمهرة أشعار العرب" ١/ ٣٠٣
(٦) منه نسخة في مكتبة الأكاديمية العلمية بجامعة ليدن بهولندا برقم (١٠٦/ ٢)، ونسخة أخرى في مكتبة حسين علي محفوظ بالكاظمية، ونسخة في مكتبة المتحف العراقي ببغداد برقم (١٨٩٤/ ٢) ونسخة في مكتبة جامعة الملك سعود ضمن مجموع (٢١٤ - ٢٢٣) برقم (٨٣٨/ ٢) ينظر: تاريخ التراث العربي (مج ٢، جـ٢/ ٩) ومجلة المخطوطات ٦/ ٤٧ و"مخطوطات الأدب في المتحف العراقي" ص ٣٨٦.
89
٩ - " الوسيط في الأمثال":
حققه الدكتور عفيف محمد عبد الرحمن (١)، ونسبه إلى الواحدي معتمداً على نسخة وحيدة، وجدها في الخزانة العامة في الرباط بالمغرب (٢)، وقد بذل المحقق جهدًا في إثبات نسبة الكتاب إلى الواحدي، واستدل على ذلك بورود أسماء من كتبه في ثنايا الكتاب ثم ذكرها (٣)، ولا يعرف منها شيء تصح نسبته إليه، والذي يظهر أن الكتاب لا تصح نسبته إلى الواحدي، لعدم وجود دليل صحيح صريح، يدل على صحة نسبة الكتاب إليه، ولا ذكر أحد ممن ترجموا له هذا الاسم في ثبت كتبه، ولا أحال هو عليه في ثنايا مؤلفاته، ولم يجد المحقق إلا نسخة واحدة اعتمد عليها.
ويزاد على ذلك أنه في الكتاب استشهد ببيت للأخطل (٤) ثم قال: "هكذا رواه الشيخ أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي (٥)، وقرأت ديوانه على الفصيحي (٦) في سنة إحدى وتسعين... " والفصيحي هذا توفي سنة ٥١٠ أو
حققه الدكتور عفيف محمد عبد الرحمن (١)، ونسبه إلى الواحدي معتمداً على نسخة وحيدة، وجدها في الخزانة العامة في الرباط بالمغرب (٢)، وقد بذل المحقق جهدًا في إثبات نسبة الكتاب إلى الواحدي، واستدل على ذلك بورود أسماء من كتبه في ثنايا الكتاب ثم ذكرها (٣)، ولا يعرف منها شيء تصح نسبته إليه، والذي يظهر أن الكتاب لا تصح نسبته إلى الواحدي، لعدم وجود دليل صحيح صريح، يدل على صحة نسبة الكتاب إليه، ولا ذكر أحد ممن ترجموا له هذا الاسم في ثبت كتبه، ولا أحال هو عليه في ثنايا مؤلفاته، ولم يجد المحقق إلا نسخة واحدة اعتمد عليها.
ويزاد على ذلك أنه في الكتاب استشهد ببيت للأخطل (٤) ثم قال: "هكذا رواه الشيخ أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي (٥)، وقرأت ديوانه على الفصيحي (٦) في سنة إحدى وتسعين... " والفصيحي هذا توفي سنة ٥١٠ أو
(١) نشرته مؤسسة دار الكتب الثقافية بالكويت ١٣٩٥هـ
(٢) برقم (١٠٢ت) كتبت في القرن السادس الهجري.
(٣) منها: "البسيط في الأمثال"، و"الوجيز في الأمثال"، و"المترجم المنيح في شرح الكتاب الفصيح"، و"نزهة الأنفس" وغيرها.
(٤) هو غياث بن غوث بن الصلت التغلبي النصراني، أحد شعراء زمانه، كان معاصراً لجرير والفرزدق، مهاجياً لهما، مدح خلفاء بني أمية فأكثر. قيل: إنه توفي سنة ٩٠ هـ ينظر: "طبقات فحول الشعراء" ١/ ٢٩٨ و"سير أعلام النبلاء" ٤/ ٥٨٩.
(٥) هو أبو زكريا، يحيى بن علي بن محمد الشيباني، المعروف بالخطيب التبريزي، أحد أئمة اللغة والنحو والأدب، توفي عام ٥٠٢ هـ. ينظر: "معجم الأدباء" ٢٠/ ٢٥ و"سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٢٦٩.
(٦) هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي الفصيحي لقب بذلك لكثرة دراسته كتاب الفصيح لثعلب، درس في النظامية ببغداد، وكان يظهر التشيع فعزل عن التدريس. =
(٢) برقم (١٠٢ت) كتبت في القرن السادس الهجري.
(٣) منها: "البسيط في الأمثال"، و"الوجيز في الأمثال"، و"المترجم المنيح في شرح الكتاب الفصيح"، و"نزهة الأنفس" وغيرها.
(٤) هو غياث بن غوث بن الصلت التغلبي النصراني، أحد شعراء زمانه، كان معاصراً لجرير والفرزدق، مهاجياً لهما، مدح خلفاء بني أمية فأكثر. قيل: إنه توفي سنة ٩٠ هـ ينظر: "طبقات فحول الشعراء" ١/ ٢٩٨ و"سير أعلام النبلاء" ٤/ ٥٨٩.
(٥) هو أبو زكريا، يحيى بن علي بن محمد الشيباني، المعروف بالخطيب التبريزي، أحد أئمة اللغة والنحو والأدب، توفي عام ٥٠٢ هـ. ينظر: "معجم الأدباء" ٢٠/ ٢٥ و"سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٢٦٩.
(٦) هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي الفصيحي لقب بذلك لكثرة دراسته كتاب الفصيح لثعلب، درس في النظامية ببغداد، وكان يظهر التشيع فعزل عن التدريس. =
90
(٥١٦)، وكانت القراءة سنة (٤٩١)، والواحدي توفي سنة (٤٦٨) بلا خلاف فكيف يكون هذا؟
١٠ - " الناسخ والمنسوخ":
نسبه إليه محقق الوجيز (١)، وذكر أن الزركشي نقل منه في كتاب البرهان (٢)، والحقيقة أن النقل كان عن الواحدي من تفسيره البسيط، عند قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ١٠٦] ولا تشير عبارة الزركشي إلى كتاب بهذا الاسم، ولم ينسبه إليه أحد ممن ترجم له.
١١ - " بانت سعاد":
ذكره: الدكتور عفيف محمد عبد الرحمن في مقدمته على الوسيط في الأمثال، وقال: منها نسخة في جستربتي كتب في القرن التاسع الهجري (٣)، ولم يذكر مترجمو الواحدي شيئاً عنه، ولم أجده في فهرس الكتب المختارة من جستربتي المترجم.
١٢ - " منظومة في الوعظ":
ورد هذا الكتاب منسوباً للواحدي في إحدى خزائن الكتب (٤)، ولم يذكره له من ترجموه.
١٠ - " الناسخ والمنسوخ":
نسبه إليه محقق الوجيز (١)، وذكر أن الزركشي نقل منه في كتاب البرهان (٢)، والحقيقة أن النقل كان عن الواحدي من تفسيره البسيط، عند قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ١٠٦] ولا تشير عبارة الزركشي إلى كتاب بهذا الاسم، ولم ينسبه إليه أحد ممن ترجم له.
١١ - " بانت سعاد":
ذكره: الدكتور عفيف محمد عبد الرحمن في مقدمته على الوسيط في الأمثال، وقال: منها نسخة في جستربتي كتب في القرن التاسع الهجري (٣)، ولم يذكر مترجمو الواحدي شيئاً عنه، ولم أجده في فهرس الكتب المختارة من جستربتي المترجم.
١٢ - " منظومة في الوعظ":
ورد هذا الكتاب منسوباً للواحدي في إحدى خزائن الكتب (٤)، ولم يذكره له من ترجموه.
= ينظر: "معجم الأدباء" ١٥/ ٦٦ و"إنباه الرواة" ٢/ ٣٠٦.
(١) "مقدمة الوجيز" لصفوان داودي ١/ ٣٦.
(٢) "البرهان" ٢/ ٤١ ونص كلامه: "وقسمه -أي النسخ- الواحدي أيضاً إلى نسخ ما ليس بثابت التلاوة كعشر رضعات، قال نسخ ما هو ثابت.... ".
(٣) "الوسيط في الأمثال"، مقدمة المحقق ص ١٤.
(٤) ضمن مخطوطات جامعة الملك سعود برقم (٢٤٢٩/ ٦/م)
(١) "مقدمة الوجيز" لصفوان داودي ١/ ٣٦.
(٢) "البرهان" ٢/ ٤١ ونص كلامه: "وقسمه -أي النسخ- الواحدي أيضاً إلى نسخ ما ليس بثابت التلاوة كعشر رضعات، قال نسخ ما هو ثابت.... ".
(٣) "الوسيط في الأمثال"، مقدمة المحقق ص ١٤.
(٤) ضمن مخطوطات جامعة الملك سعود برقم (٢٤٢٩/ ٦/م)
91
١٣ - "إيضاح الناسخ والمنسوخ في القرآن".
١٤ - "البيان لأسباب نزول القرآن".
١٥ - "البسيط في الأمثال".
١٦ - "الوجيز في الأمثال".
١٧ - "المترجم المنيح في شرح كتاب الفصيح".
١٨ - "نزهة الأنفس"، أو"زينة الأنفس".
١٩ - "الحاوي في شرح المقصورة الدريدية".
هذا الكتب السبعة عدها الدكتور عفيف محمد عبد الرحمن في تحقيقه الوسيط في الأمثال - من كتب الواحدي، واستدل بورودها في ثنايا الوسيط على صحة نسبة الوسيط إلى الواحدي، وقال: "إنها حقًّا له" (١).
ولكن الصحيح أن شيئاً منها لا تثبت نسبته إلى الواحدي، ولا ذكره آحد ممن ترجموا له، فكيف تكون ثابتة له حقًّا. وبما أن الوسيط على الصحيح لا يثبت، ولم يقم دليل على نسبته للواحدي، فما استنبط منه من كتب، وما أحال إليه كاتب الوسيط من مؤلفاته ليست من مصنفات الواحدي.
١٤ - "البيان لأسباب نزول القرآن".
١٥ - "البسيط في الأمثال".
١٦ - "الوجيز في الأمثال".
١٧ - "المترجم المنيح في شرح كتاب الفصيح".
١٨ - "نزهة الأنفس"، أو"زينة الأنفس".
١٩ - "الحاوي في شرح المقصورة الدريدية".
هذا الكتب السبعة عدها الدكتور عفيف محمد عبد الرحمن في تحقيقه الوسيط في الأمثال - من كتب الواحدي، واستدل بورودها في ثنايا الوسيط على صحة نسبة الوسيط إلى الواحدي، وقال: "إنها حقًّا له" (١).
ولكن الصحيح أن شيئاً منها لا تثبت نسبته إلى الواحدي، ولا ذكره آحد ممن ترجموا له، فكيف تكون ثابتة له حقًّا. وبما أن الوسيط على الصحيح لا يثبت، ولم يقم دليل على نسبته للواحدي، فما استنبط منه من كتب، وما أحال إليه كاتب الوسيط من مؤلفاته ليست من مصنفات الواحدي.
(١) مقدمة "الوسيط في الأمثال" ص ٢٠ وينظر: ص ٢٤٠ أيضاً.
92
المطلب الثامن: مكانته
الواحدي كغيره من العلماء المشهورين، الذين لهم مصنفات، ولهما آراء وأقوال اجتهدوا فيها، أصابوا في بعضها وجانبهم الصواب في البعض الآخر. وهذه طبيعة الإنسان فهو عرضة للخطأ، والكمال لله وحده، لذا فإن المكانة التي وصل إليها المؤلف في العلم والأدب تتجلى من خلال الأمور الآتية:
١ - كثرة شيوخه الذين أخذ عنهم العلم، وتلقى منهم الحكمة والأدب، وطول باعهم، وعلو إسنادهم، وشهرتهم، وتلقي الأمة لهم بالقبول، وقد تقدم ذكر طرف منهم.
٢ - كثرة تلاميذه والآخذين عنه، وما ذاك إلا لما كان عليه أبو الحسن الواحدي من علو الكتب في العلم، وتقدم المنزلة، وتنوع المعارف، وقد سبق التعريف ببعضهم.
٣ - كتبه التي تشهد له بالتمكن والبسطة في العلم، وسعة المعرفة، حيث تداولها العلماء، وسارت بين الناس مسير الشمس، وشرَّقت بها الركبان وغرَّبت، وتنافس الطلاب على نسخها واقتنائها.
٤ - ثناء أهل العلم المعاصرين واللاحقين، وتتابعهم على تزكيته ومدحه، والإشادة بجهوده، والتعريف بفضله وبيان تميزه، حتى قال فيه أحد معاصريه:
الواحدي كغيره من العلماء المشهورين، الذين لهم مصنفات، ولهما آراء وأقوال اجتهدوا فيها، أصابوا في بعضها وجانبهم الصواب في البعض الآخر. وهذه طبيعة الإنسان فهو عرضة للخطأ، والكمال لله وحده، لذا فإن المكانة التي وصل إليها المؤلف في العلم والأدب تتجلى من خلال الأمور الآتية:
١ - كثرة شيوخه الذين أخذ عنهم العلم، وتلقى منهم الحكمة والأدب، وطول باعهم، وعلو إسنادهم، وشهرتهم، وتلقي الأمة لهم بالقبول، وقد تقدم ذكر طرف منهم.
٢ - كثرة تلاميذه والآخذين عنه، وما ذاك إلا لما كان عليه أبو الحسن الواحدي من علو الكتب في العلم، وتقدم المنزلة، وتنوع المعارف، وقد سبق التعريف ببعضهم.
٣ - كتبه التي تشهد له بالتمكن والبسطة في العلم، وسعة المعرفة، حيث تداولها العلماء، وسارت بين الناس مسير الشمس، وشرَّقت بها الركبان وغرَّبت، وتنافس الطلاب على نسخها واقتنائها.
٤ - ثناء أهل العلم المعاصرين واللاحقين، وتتابعهم على تزكيته ومدحه، والإشادة بجهوده، والتعريف بفضله وبيان تميزه، حتى قال فيه أحد معاصريه:
قد جمع العالم في واحد | عالمنا المعروف بالواحدي (١) |
(١) نقل ذلك الحسن بن المظفر النيسابوري المتوفى سنة ٤٤٢ هـ، -وهو معاصر للواحدي- كما في "معجم الأدباء" لياقوت الحموي ١١/ ٢٦٠.
93
المطلب التاسع
أقوال العلماء فيه، وما كتبه العلماء عن الواحدي ثناءً أو نقداً له، والصواب من ذلك.
ولقد تناول العلماء الواحدي بالمدح والثناء لما له من المكانة العلمية ولما تركه من أثر لمن بعده، من مصنفات قيمة، ولم يسلم الواحدي من بعض الأخطاء التي تناولها العلماء من بعده بالبيان والنقد. وأذكر بعضا من أقوال العلماء في الجانبين:
أما في جانب المدح والثناء عليه فقد أثنى عليه أكثر الذين ترجموا له بعبارات تدل على إمامته، وعلى مقدار ما وصل إليه من مكانة علمية عالية.
١ - قال عبد الغافر صاحب السياق وهو من أقدم من كتب عن الواحدي: "الإِمام المصنف المفسر النحوي، أستاذ عصره وواحد دهره وكان حقيقاً بكل احترام وإعظام" (١).
٢ - أما الذهبي إمام علماء التاريخ والرجال والتراجم والسير فقد مدحه بقوله: الإِمام، العلامة الأستاذ، إمام علماء التأويل، المفسر أحد من برع في العلم، وأنه كان رأساً في العربية واللغات، طويل الباع في علم اللغة، وأنه واحد عصره في التفسير.
وقال عنه -أيضًا -: "تصدر للتدريس مدة وعظم شأنه.. " (٢).
أقوال العلماء فيه، وما كتبه العلماء عن الواحدي ثناءً أو نقداً له، والصواب من ذلك.
ولقد تناول العلماء الواحدي بالمدح والثناء لما له من المكانة العلمية ولما تركه من أثر لمن بعده، من مصنفات قيمة، ولم يسلم الواحدي من بعض الأخطاء التي تناولها العلماء من بعده بالبيان والنقد. وأذكر بعضا من أقوال العلماء في الجانبين:
أما في جانب المدح والثناء عليه فقد أثنى عليه أكثر الذين ترجموا له بعبارات تدل على إمامته، وعلى مقدار ما وصل إليه من مكانة علمية عالية.
١ - قال عبد الغافر صاحب السياق وهو من أقدم من كتب عن الواحدي: "الإِمام المصنف المفسر النحوي، أستاذ عصره وواحد دهره وكان حقيقاً بكل احترام وإعظام" (١).
٢ - أما الذهبي إمام علماء التاريخ والرجال والتراجم والسير فقد مدحه بقوله: الإِمام، العلامة الأستاذ، إمام علماء التأويل، المفسر أحد من برع في العلم، وأنه كان رأساً في العربية واللغات، طويل الباع في علم اللغة، وأنه واحد عصره في التفسير.
وقال عنه -أيضًا -: "تصدر للتدريس مدة وعظم شأنه.. " (٢).
(١) "المنتخب من السياق" (٣٨٧)، "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٥٨ - ٢٦٠.
(٢) ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٣٩ - ٣٤١، و"تاريخ الإِسلام" ٣١/ ٢٥٨ - ٢٥٩، و"العبر" ٢/ ٣٢٤.
(٢) ينظر: "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٣٩ - ٣٤١، و"تاريخ الإِسلام" ٣١/ ٢٥٨ - ٢٥٩، و"العبر" ٢/ ٣٢٤.
95
٣ - وأثنى عليه ابن الأثير بأنه: إمام مفسر مشهور (١).
٤ - وقال فيه الباخرزي صاحبه: مشتغل بما يعنيه، وإن كان استهدافه للمختلفة إليه يُعَنِّيه، وقد خبط ما عند أئمة الأدب من أصول كلام العرب خبْطَ عصا الراعي فروع الغَرَب، وألقَى الدلاء في بحارهم حتى نزفها، ومد البنان إلى ثمارهم إلا أن قطفها، وله في علم القرآن، وشرح غوامض الأشعار تصنيفات، بيديه لأَعِنَّتِها تصريفات (٢).
٥ - ومدحه كل من: الوزير القفطي وابن خلكان والسبكي والإسنوي (٣) وابن الجزري (٤) بأنه واحد عصره في التفسير، بعد أن وصفوه بأنه الإِمام العلامة الكبير البارع في العلم، المصنف المفسر النحوي اللغوي، الأصولى الفقيه، صاحب الإسناد العالي، الشاعر، لذا تجد هذه العبارات تتردد في كتب الذين ترجموا له (٥).
٤ - وقال فيه الباخرزي صاحبه: مشتغل بما يعنيه، وإن كان استهدافه للمختلفة إليه يُعَنِّيه، وقد خبط ما عند أئمة الأدب من أصول كلام العرب خبْطَ عصا الراعي فروع الغَرَب، وألقَى الدلاء في بحارهم حتى نزفها، ومد البنان إلى ثمارهم إلا أن قطفها، وله في علم القرآن، وشرح غوامض الأشعار تصنيفات، بيديه لأَعِنَّتِها تصريفات (٢).
٥ - ومدحه كل من: الوزير القفطي وابن خلكان والسبكي والإسنوي (٣) وابن الجزري (٤) بأنه واحد عصره في التفسير، بعد أن وصفوه بأنه الإِمام العلامة الكبير البارع في العلم، المصنف المفسر النحوي اللغوي، الأصولى الفقيه، صاحب الإسناد العالي، الشاعر، لذا تجد هذه العبارات تتردد في كتب الذين ترجموا له (٥).
(١) "الكامل" ٨/ ١٢٣، و"اللباب" ٣/ ١٦٣.
(٢) "دمية القصر" ٢/ ١٠١٧.
(٣) عبد الرحيم بن الحسين بن علي جمال الدين، الإسنوي، إمام مبرز في الفقه والأصول والعربية، انتهت إليه رياسة الشافعية بمصر، من مؤلفاته: "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول"، و"نهاية السول في شرح منهاج الوصول". توفي سنة ٧٧٢. ينظر: "الدرر الكامنة" ٢/ ٤٦٣ و"البدر الطالع" ١/ ٣٥٢.
(٤) هو أبو الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري إمام القراء في عصره، ولد بدمشق سنة ٧٥١ ثم اشتغل بجمع القراءات وإقرائها ودرس وأفتى وتولى القضاء ومن كتبه النشر في القراءات العشر، وغاية النهاية، وغيرها توفي سنة ٨٣٣. ينظر: "مقدمة النشر"، و"الضوء اللامع" ٩/ ٢٥٥ طبعة دار مكتبة الحياة.
(٥) ينظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣، و"وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣ و"طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤٠ و"طبقات الشافعية" للإسنوي ٢/ ٥٣٩، و"غاية النهاية" ١/ ٥٢٣.
(٢) "دمية القصر" ٢/ ١٠١٧.
(٣) عبد الرحيم بن الحسين بن علي جمال الدين، الإسنوي، إمام مبرز في الفقه والأصول والعربية، انتهت إليه رياسة الشافعية بمصر، من مؤلفاته: "التمهيد في تخريج الفروع على الأصول"، و"نهاية السول في شرح منهاج الوصول". توفي سنة ٧٧٢. ينظر: "الدرر الكامنة" ٢/ ٤٦٣ و"البدر الطالع" ١/ ٣٥٢.
(٤) هو أبو الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري إمام القراء في عصره، ولد بدمشق سنة ٧٥١ ثم اشتغل بجمع القراءات وإقرائها ودرس وأفتى وتولى القضاء ومن كتبه النشر في القراءات العشر، وغاية النهاية، وغيرها توفي سنة ٨٣٣. ينظر: "مقدمة النشر"، و"الضوء اللامع" ٩/ ٢٥٥ طبعة دار مكتبة الحياة.
(٥) ينظر: "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣، و"وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣ و"طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤٠ و"طبقات الشافعية" للإسنوي ٢/ ٥٣٩، و"غاية النهاية" ١/ ٥٢٣.
96
المآخذ عليه:
تلك هي عبارات الأئمة في الثناء على الإِمام الواحدي لكن الكمال في البشر عزيز،
ومن ذا الذي ترضى سجاياه... كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
وقد قيل:
من ذا الذي ماساء قط... ومن له الحسنى فقط
ومن هنا فإن الواحدي لم يسلم من انتقاداتٍ وجهت إليه من بعض العلماء في ثلاث قضايا، إليك خلاصتها:
الأول: عدم السلامة من البدع، ذكرها شيخ الإِسلام ابن تيمية.
الثانية: ضعف البضاعة في علم الحديث، ذكرها ابن الجوزي وشيخ الإِسلام ابن تيمية والكتاني (١)، وأشار إليها ابن الصلاح (٢).
الثالثة: غمز الأئمة المتقدمين، ذكرها تلميذه عبد الغافر الفارسي، وأبو سعد السمعاني (٣).
وسيتبين بعد البحث والمناقشة صحة النقد في الأوليين دون الثالثة:
تلك هي عبارات الأئمة في الثناء على الإِمام الواحدي لكن الكمال في البشر عزيز،
ومن ذا الذي ترضى سجاياه... كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
وقد قيل:
من ذا الذي ماساء قط... ومن له الحسنى فقط
ومن هنا فإن الواحدي لم يسلم من انتقاداتٍ وجهت إليه من بعض العلماء في ثلاث قضايا، إليك خلاصتها:
الأول: عدم السلامة من البدع، ذكرها شيخ الإِسلام ابن تيمية.
الثانية: ضعف البضاعة في علم الحديث، ذكرها ابن الجوزي وشيخ الإِسلام ابن تيمية والكتاني (١)، وأشار إليها ابن الصلاح (٢).
الثالثة: غمز الأئمة المتقدمين، ذكرها تلميذه عبد الغافر الفارسي، وأبو سعد السمعاني (٣).
وسيتبين بعد البحث والمناقشة صحة النقد في الأوليين دون الثالثة:
(١) أحمد بن جعفر بن إدريس أبو العباس الكتاني، من علماء القرويين، ولد بفاس سنة ١٢٩٣، كان واسع المعرفة بالحديث له ٧٠ كتاباً ورسالة، توفي بفاس سنة ١٣٤٠. ينظر: "الأعلام" للزركلي ١/ ١٠٨.
(٢) عثمان بن عبد الرحمن صلاح الدين بن عثمان بن موسى الشهرزوري الكردي، أبو عمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح حدث فقيه شافعي ولد سنة ٥٧٧ ومن كتبه: معرفة أنواع علم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح، ولاه الملك الأشرف التدريس بدار الحديث في دمشق وتوفي فيها سنة ٦٤٣. ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٣١٢ و"طبقات الشافعية" ٥/ ١٣٧.
(٣) سبقت ترجمته ص ٨١.
(٢) عثمان بن عبد الرحمن صلاح الدين بن عثمان بن موسى الشهرزوري الكردي، أبو عمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح حدث فقيه شافعي ولد سنة ٥٧٧ ومن كتبه: معرفة أنواع علم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح، ولاه الملك الأشرف التدريس بدار الحديث في دمشق وتوفي فيها سنة ٦٤٣. ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٣١٢ و"طبقات الشافعية" ٥/ ١٣٧.
(٣) سبقت ترجمته ص ٨١.
97
وإليك البيان.
القضية الأولى: عدم السلامة من البدع، والبعد عن اتباع منهج السلف في الاعتقاد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين، وكان حاطبَ ليل، ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع، والواحدي صاحبه كان أبصر منه بالعربية، لكن هو أبعد عن السلامة واتباع السلف" (١).
وفي موضع آخر قال: وأما الواحدي فإنه تلميذ الثعلبي، وهو أخبر منه بالعربية، لكن الثعلبي فيه سلامة من البدع، وإن ذكرها تقليدًا لغيره (٢).
وقال في منهاج السنة النبوية: والبغوي (٣) اختصر تفسيره من تفسير الثعلبي والواحدي، لكنهما أخبر بأقوال المفسرين منه، والواحدي أعلم بالعربية من هذا وهذا، والبغوي أتبع للسنة منهما (٤).
والناظر في كتب الواحدي يجد أنه على مذهب الأشاعرة في الاعتقاد وقد تقدم بيان ذلك وتفصيله في مبحث عقيدته.
القضية الثانية: ضعف البضاعة في علم الحديث
معرفة الحديث وسماعه وروايته شيء، والدراية به وتمييز صحيحه من
القضية الأولى: عدم السلامة من البدع، والبعد عن اتباع منهج السلف في الاعتقاد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين، وكان حاطبَ ليل، ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع، والواحدي صاحبه كان أبصر منه بالعربية، لكن هو أبعد عن السلامة واتباع السلف" (١).
وفي موضع آخر قال: وأما الواحدي فإنه تلميذ الثعلبي، وهو أخبر منه بالعربية، لكن الثعلبي فيه سلامة من البدع، وإن ذكرها تقليدًا لغيره (٢).
وقال في منهاج السنة النبوية: والبغوي (٣) اختصر تفسيره من تفسير الثعلبي والواحدي، لكنهما أخبر بأقوال المفسرين منه، والواحدي أعلم بالعربية من هذا وهذا، والبغوي أتبع للسنة منهما (٤).
والناظر في كتب الواحدي يجد أنه على مذهب الأشاعرة في الاعتقاد وقد تقدم بيان ذلك وتفصيله في مبحث عقيدته.
القضية الثانية: ضعف البضاعة في علم الحديث
معرفة الحديث وسماعه وروايته شيء، والدراية به وتمييز صحيحه من
(١) "مجموع الفتاوى" ١٣/ ٣٥٤.
(٢) "مجموع الفتاوى" ١٣/ ٣٨٦.
(٣) هو الحسين بن مسعود بن محمَّد الفراء أو ابن الفراء، أبو محمَّد، ويلقب بمحيي السنة، البغوي، فقيه شافعي محدث مفسر، نسبته إلا بغا من قرى خراسان، من كتبه: تفسيره "معالم التنزيل" و"شرح السنة"، و"مصباح السنة"، توفي سنة ٥١٠ وقيل ٥١٦. ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ١٤٥، ومقدمة تفسيره.
(٤) "منهاج السنة" ٧/ ٣١٢.
(٢) "مجموع الفتاوى" ١٣/ ٣٨٦.
(٣) هو الحسين بن مسعود بن محمَّد الفراء أو ابن الفراء، أبو محمَّد، ويلقب بمحيي السنة، البغوي، فقيه شافعي محدث مفسر، نسبته إلا بغا من قرى خراسان، من كتبه: تفسيره "معالم التنزيل" و"شرح السنة"، و"مصباح السنة"، توفي سنة ٥١٠ وقيل ٥١٦. ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ١٤٥، ومقدمة تفسيره.
(٤) "منهاج السنة" ٧/ ٣١٢.
98
سقيمه شيء آخر، وقد كان أبو الحسن الواحدي راويًا كثير السماع، من أصحاب الأسانيد العالية (١)، بيد أنه كان ضعيف العناية في علم الحديث، ينقل الضعيف والموضوع منها في كتبه دون بيان أو تنبيه؛ ولذا قال ابن الجوزي: وقد فرَّق هذا الحديث -يعني الحديث الموضوع في فضائل سور القرآن سورة سورة- أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره فذكر عند كل سورة ما يخصها، وتبعه أبو الحسن الواحدي في ذلك، ولا أعجب منهما، لأنهما ليسا من أهل الحديث (٢).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وهؤلاء -يعني الثعلبي والواحدي وأمثالهما- من عادتهم يروون ما رواه غيرهم، وكثير من ذلك لا يعرفون هل هو صحيح أم ضعيف؟، ويروون من الأحاديث الإسرائيليات ما يعلم غيرهم أنه باطل في نفس الأمر، لأن وظيفتهم النقل لما نقل، أو حكاية أقوال الناس، وإن كان كثير من هذا وهذا باطلاً، وربما تكلموا على صحة بعض المنقولات وضعفها، ولكن لا يطردون هذا ولا يلتزمونه (٣).
ويقول الكتاني: ولم يكن له -أي الواحدي- ولا لشيخه الثعلبي كبير بضاعة في الحديث، بل في تفسيرهما -وخصوصًا الثعلبي- أحاديث موضوعة وقصص باطلة (٤).
وعندما ناقش كثير من العلماء بطلان حديث فضائل القرآن سورةً
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وهؤلاء -يعني الثعلبي والواحدي وأمثالهما- من عادتهم يروون ما رواه غيرهم، وكثير من ذلك لا يعرفون هل هو صحيح أم ضعيف؟، ويروون من الأحاديث الإسرائيليات ما يعلم غيرهم أنه باطل في نفس الأمر، لأن وظيفتهم النقل لما نقل، أو حكاية أقوال الناس، وإن كان كثير من هذا وهذا باطلاً، وربما تكلموا على صحة بعض المنقولات وضعفها، ولكن لا يطردون هذا ولا يلتزمونه (٣).
ويقول الكتاني: ولم يكن له -أي الواحدي- ولا لشيخه الثعلبي كبير بضاعة في الحديث، بل في تفسيرهما -وخصوصًا الثعلبي- أحاديث موضوعة وقصص باطلة (٤).
وعندما ناقش كثير من العلماء بطلان حديث فضائل القرآن سورةً
(١) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٣٨٧ و"النجوم الزاهرة" ٥/ ١٠٤، و"إشارة التعيين" ص ٢٠٩.
(٢) "الموضوعات" ١/ ٢٣٩.
(٣) "منهاج السنة" ٧/ ١٧٧.
(٤) "الرسالة المستطرفة" ص ٥٩.
(٢) "الموضوعات" ١/ ٢٣٩.
(٣) "منهاج السنة" ٧/ ١٧٧.
(٤) "الرسالة المستطرفة" ص ٥٩.
99
سورةً أشاروا إلى من رووه في كتبهم من المفسرين، وبينوا خطأهم في ذكره وعدم بيان أمره (١)، قال ابن الصلاح: "ولقد أخطأ الواحدي المفسر ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم" (٢).
القضية الثالثة: غمزه الأئمة المتقدمين
ليس في كتب الواحدي التي بين أيدينا، ولا في كلامه ما يدل على اتصافه بهذه التهمة، كما أني لم أر من أهل العلم من انتقد الواحدي بذلك عدا اثنين:
أولهما: تلميذه عبد الغافر الفارسي.
والثاني: أبو سعد السمعاني فيما نقله عنه الذهبي.
أما الأول فأبهم ولم يبين حيث قال: ".... وكان حقيقًا بكل احترام وإعظام، لولا ما كان فيه من غمزه وإزرائه على الأئمة المتقدمين، وبسطه اللسان فيهم بغير ما يليق بما فيهم، عفا الله عنا وعنه" (٣).
وأما الثاني: ففي كلامه ما يدل عل نوع الغمز والمعني به، حيث نقل عنه الذهبي أنه قال: وكان -أي الواحدي- حقيقًا بكل احترام وإعظام، لكن كان فيه بسط اللسان في الأئمة المتقدمين، حتى سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن بشار بنيسابور مذاكرة يقول: "كان علي بن أحمد الواحدي يقول: صنف أبو عبد الرحمن السلمي (٤) كتاب "حقائق التفسير"
القضية الثالثة: غمزه الأئمة المتقدمين
ليس في كتب الواحدي التي بين أيدينا، ولا في كلامه ما يدل على اتصافه بهذه التهمة، كما أني لم أر من أهل العلم من انتقد الواحدي بذلك عدا اثنين:
أولهما: تلميذه عبد الغافر الفارسي.
والثاني: أبو سعد السمعاني فيما نقله عنه الذهبي.
أما الأول فأبهم ولم يبين حيث قال: ".... وكان حقيقًا بكل احترام وإعظام، لولا ما كان فيه من غمزه وإزرائه على الأئمة المتقدمين، وبسطه اللسان فيهم بغير ما يليق بما فيهم، عفا الله عنا وعنه" (٣).
وأما الثاني: ففي كلامه ما يدل عل نوع الغمز والمعني به، حيث نقل عنه الذهبي أنه قال: وكان -أي الواحدي- حقيقًا بكل احترام وإعظام، لكن كان فيه بسط اللسان في الأئمة المتقدمين، حتى سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن بشار بنيسابور مذاكرة يقول: "كان علي بن أحمد الواحدي يقول: صنف أبو عبد الرحمن السلمي (٤) كتاب "حقائق التفسير"
(١) ينظر: "مجموع الفتاوى" ١٣/ ٣٥٤ و"منهاج السنة النبوية" ٧/ ١٢، ٣١١، ٤٣٤، و"تدريب الراوي" للسيوطي ١/ ٢٨٩.
(٢) "مقدمة علوم الحديث " لابن الصلاح ص ٤٨.
(٣) نقله عنه ياقوت في "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٦٠.
(٤) هو محمد بن الحسين بن محمد بن موسى الأزدي السلمي، شيخ الصوفية في زمنه،=
(٢) "مقدمة علوم الحديث " لابن الصلاح ص ٤٨.
(٣) نقله عنه ياقوت في "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٦٠.
(٤) هو محمد بن الحسين بن محمد بن موسى الأزدي السلمي، شيخ الصوفية في زمنه،=
100
ولو قال: إن ذلك تفسير للقرآن لكفر به" (١).
قال الذهبي بعد هذا: صدق والله (٢). وقال في موضع آخر: الواحدي معذور مأجور (٣).
إن هذه التهمة الموجهة لأبي الحسن الواحدي إن كانت بسبب كلمته تلك فما أصاب من أتهمه، ولقد عاد نقده عليه، وحارت التهمة إليه، فهذا الذهبي يعد تلك الكلمة منقبة للواحدي فيقول: "وقد قال الواحدي كلمة تدل على حسن نقيته".
وذلك أن جماعة من الأئمة انتقدوا أبا عبد الرحمن السلمي في كتابه هذا، وبينوا غلطه فيما فعل، وحذروا من كتابه ومنهجه.
فهذا ابن الجوزي يقول: وقد جمع أبو عبد الرحمن السلمي في تفسير القرآن من كلامهم -أي الصوفية- الذي أكثره هذيان لا يحل نحو مجلدين سماها: حقائق التفسير.. ، ثم ذكر ابن الجوزي أمثلة مما جاء في الكتاب منها: ".. قالوا: إنما سميت فاتحة الكتاب لأنها أوائل ما فاتحناك به من خطابنا، فإن تأدبت بذلك وإلا حُرمت لطائف ما بعد... "، "وقال في قوله: ﴿وَإِن يَأتُوكُم أُسَرَى﴾ [البقرة: ٨٥]. "قال أبو عثمان: غرقى في الذنوب،
قال الذهبي بعد هذا: صدق والله (٢). وقال في موضع آخر: الواحدي معذور مأجور (٣).
إن هذه التهمة الموجهة لأبي الحسن الواحدي إن كانت بسبب كلمته تلك فما أصاب من أتهمه، ولقد عاد نقده عليه، وحارت التهمة إليه، فهذا الذهبي يعد تلك الكلمة منقبة للواحدي فيقول: "وقد قال الواحدي كلمة تدل على حسن نقيته".
وذلك أن جماعة من الأئمة انتقدوا أبا عبد الرحمن السلمي في كتابه هذا، وبينوا غلطه فيما فعل، وحذروا من كتابه ومنهجه.
فهذا ابن الجوزي يقول: وقد جمع أبو عبد الرحمن السلمي في تفسير القرآن من كلامهم -أي الصوفية- الذي أكثره هذيان لا يحل نحو مجلدين سماها: حقائق التفسير.. ، ثم ذكر ابن الجوزي أمثلة مما جاء في الكتاب منها: ".. قالوا: إنما سميت فاتحة الكتاب لأنها أوائل ما فاتحناك به من خطابنا، فإن تأدبت بذلك وإلا حُرمت لطائف ما بعد... "، "وقال في قوله: ﴿وَإِن يَأتُوكُم أُسَرَى﴾ [البقرة: ٨٥]. "قال أبو عثمان: غرقى في الذنوب،
= له تصانيف كثيرة بلغت المائة أو أكثر، كتب الحديث بنيسابور وغيرها من البلاد، وهو حافظ زاهد لكن ليس بعمدة في الرواية، توفي سنة ٤١٢، ينظر: "المنتخب من السياق" ص ١٩ و"لسان الميزان" ٥/ ١٤٠.
(١) "تاريخ الإسلام" ٣١/ ٢٦٠. وينظر "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٢، و"طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤١.
(٢) "تاريخ الإسلام" ٣١/ ٢٦٠.
(٣) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٢.
(١) "تاريخ الإسلام" ٣١/ ٢٦٠. وينظر "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٢، و"طبقات الشافعية" ٥/ ٢٤١.
(٢) "تاريخ الإسلام" ٣١/ ٢٦٠.
(٣) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٢.
101
وقال الواسطي: غرقى في رؤية أفعالهم، وقال الجنيد: أسارى في أسباب الدنيا تغدوهم إلى قطع العلائق.. ". ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى﴾ [النساء: ٣٦]: "النفس.. ". "وقال في قوله: ﴿فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا﴾ [الرعد: ٤٢]: قال الحسين: لا مكر أبين من مكر الحق بعباده حيث أوهمهم أن لهم سبيلا إليه بحال.... "، قال ابن الجوزي: "ومن تأمل معنا هذا علم أنه كفر محض، لأنه يشير إلى أنه كالهزء واللعب، ولكن الحسين هذا هو الحلاج وهذا يليق بذاك... "، ثم قال - بعد أن ذكر مثالا آخر: "وجميع الكتاب من هذا الجنس ولقد هممت أن أثبت منه هاهنا كثيرا فرأيت أن الزمان يضيع في كتابه شيء بين الكفر والخطأ والهذيان.. " (١).
هذا كلام ابن الجوزي عن "حقائق التفسير" فماذا قال غيره، قال ابن تيمية في "منهاج السنة": "وكذلك جعفر الصادق قد كُذِب عليه من الأكاذيب ما لا يعلمه إلا الله... وحتى نسب إليه أنواع من تفسير القرآن على طريقة الباطنية، كما ذكر ذلك عنه أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب "حقائق التفسير" فذكر قطعة من التفاسير التي هي من تفاسيره وهي من باب تحريف الكلم عن مواضعه وتبديل مراد الله تعالى من الآيات بغير مراده، وكل ذي علم بحاله يعلم أنه كان بريئًا من هذه الأقوال والكذب على الله في تفسير كتابه العزيز" (٢).
وتكلم عنه كذلك في الفتاوى حين سئل عن كلام الواحدي في "حقائق التفسير" فأجاب بالتفصيل والشرح، وتكلم عن كتاب السلمي بنحو
هذا كلام ابن الجوزي عن "حقائق التفسير" فماذا قال غيره، قال ابن تيمية في "منهاج السنة": "وكذلك جعفر الصادق قد كُذِب عليه من الأكاذيب ما لا يعلمه إلا الله... وحتى نسب إليه أنواع من تفسير القرآن على طريقة الباطنية، كما ذكر ذلك عنه أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب "حقائق التفسير" فذكر قطعة من التفاسير التي هي من تفاسيره وهي من باب تحريف الكلم عن مواضعه وتبديل مراد الله تعالى من الآيات بغير مراده، وكل ذي علم بحاله يعلم أنه كان بريئًا من هذه الأقوال والكذب على الله في تفسير كتابه العزيز" (٢).
وتكلم عنه كذلك في الفتاوى حين سئل عن كلام الواحدي في "حقائق التفسير" فأجاب بالتفصيل والشرح، وتكلم عن كتاب السلمي بنحو
(١) "تلبيس إبليس" ١/ ٤٠٣ وما بعدها.
(٢) "منهاح السنة النحوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" ٤/ ١٤٦.
(٢) "منهاح السنة النحوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" ٤/ ١٤٦.
102
ما ذكر في "منهاج السنة" تركت نقله خشية الإطالة (١).
وقال الذهبي في ذلك: "ألف حقائق التفسير فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية نسأل الله العافية" (٢). وقال: "وفي "حقائق تفسيره" أشياء لا تسوغ أصلا، عدها بعض الأئمة من زندقة الباطنية، وعدها بعضهم عرفانا وحقيقة، نعوذ بالله من الضلال ومن الكلام بهوى.. " (٣)، وقال: "وحقائقه قرمطة وما أظنه يتعمد الكذب، بلى يروي عن محمد بن عبد الله الرازي الصوفي أباطيل وعن غيره.. " (٤).
بل نجد السبكي -وهو ممن نافح عن السلمي وحاول أن يدفع أقوال الذهبي (٥) - يقول: وكتاب "حقائق التفسير" المشار إليه قد كثر الكلام فيه من قبل أنه أقتصر فيه على ذكر تأويلات ومحال للصوفية ينبو عنها ظاهر اللفظ" (٦).
وبعد: فماذا سيقول الواحدي غير هذا في مثل هذا الكلام، وقد وافقه في ذلك أئمة وأعلام، ولقد أصاب الذهبي فإنه لما ذكر كلام الواحدي في السلمي قال: "فهو معذور" (٧)، وقال في موضع آخر: "قلت: الواحدي معذور مأجور.. " (٨)، ويتضح بهذا أن المقولة على الواحدي: أن فيه بسط اللسان في الأئمة لا تقوم لها حجة ولا مستند.
وقال الذهبي في ذلك: "ألف حقائق التفسير فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية نسأل الله العافية" (٢). وقال: "وفي "حقائق تفسيره" أشياء لا تسوغ أصلا، عدها بعض الأئمة من زندقة الباطنية، وعدها بعضهم عرفانا وحقيقة، نعوذ بالله من الضلال ومن الكلام بهوى.. " (٣)، وقال: "وحقائقه قرمطة وما أظنه يتعمد الكذب، بلى يروي عن محمد بن عبد الله الرازي الصوفي أباطيل وعن غيره.. " (٤).
بل نجد السبكي -وهو ممن نافح عن السلمي وحاول أن يدفع أقوال الذهبي (٥) - يقول: وكتاب "حقائق التفسير" المشار إليه قد كثر الكلام فيه من قبل أنه أقتصر فيه على ذكر تأويلات ومحال للصوفية ينبو عنها ظاهر اللفظ" (٦).
وبعد: فماذا سيقول الواحدي غير هذا في مثل هذا الكلام، وقد وافقه في ذلك أئمة وأعلام، ولقد أصاب الذهبي فإنه لما ذكر كلام الواحدي في السلمي قال: "فهو معذور" (٧)، وقال في موضع آخر: "قلت: الواحدي معذور مأجور.. " (٨)، ويتضح بهذا أن المقولة على الواحدي: أن فيه بسط اللسان في الأئمة لا تقوم لها حجة ولا مستند.
(١) "مجموع الفتاوى" ١٣/ ٢٣١، ٢٤٠، ٢٤٢.
(٢) "تذكرة الحفاظ" للذهبي ٣/ ١٠٤٦.
(٣) "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٥٢.
(٤) "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٥٥.
(٥) انظر كلامه في "طبقات الشافعية" ٣/ ٦٢.
(٦) "طبقات الشافعية" ٣/ ٦٢.
(٧) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١.
(٨) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٢.
(٢) "تذكرة الحفاظ" للذهبي ٣/ ١٠٤٦.
(٣) "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٥٢.
(٤) "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٥٥.
(٥) انظر كلامه في "طبقات الشافعية" ٣/ ٦٢.
(٦) "طبقات الشافعية" ٣/ ٦٢.
(٧) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤١.
(٨) "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٢.
103
ولقد حاول مؤلف "الواحدي ومنهجه في التفسير" أن يدافع عن أبي عبد الرحمن السلمي، بل يدافع عن منهج الصوفية في التفسير، وأصدر حكمه على الواحدي بقوله:
وإذا تبينت حقيقة كتاب السلمي بذلك فما على الواحدي في كلامه من معتب، وكلامه فيه إنما هو بحق وعدل، وهو عين النصح لكتاب الله عز وجل، لا يسع الواحدي ولا غيره أن يكتم ما علمه من ذلك الكتاب، إبراءً للذمة ونصحًا للأمة، وقد قال الله عز وجل: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ [آل عمران: ١٨٧].
"والواحدي متجن في حكمه -أيضا- لأن أبا عبد الرحمن لم يدع أن الظاهر غير مراد. ومن ثم كان موقف الواحدي من التفسير الصوفي من المآخذ التي تؤخذ عليه | " (١). أقول بل هي من المآثر التي تحتسب له، كيف وقد وافقه جهابذة من العلماء ممن يتحرون في منهجنهم مسلك السلف الصالح من هذه الأمة. |
(١) الواحدي ومنهجه في التفسير ص ٤٠٠.
104
المبحث الثاني
الأوضاع السياسية في عصر المؤلف وأثرها على الناحية العلمية
إن للأوضاع السياسية التي تحيط بالعالم أكبر الأثر على حياته، وعلى نوع التربية التي تشكل أنماط حياته، وعلى الأفكار والعقائد السائدة في عصره، ومن ثم على حصيلته وإنتاجه العلمي، لهذا لا بد قبل دراسة منهج أي عالم من العلماء من التعرف على الأوضاع السياسية التي كانت سائدة في عصره.
لقد عاش المؤلف في القرن الخامس الهجري (٣٩٥ هـ تقريباً - ٤٦٨ هـ) ولهذه الفترة سمة خاصة في تاريخ الخلافة العباسية.. لذلك نجد كثيراً من الدارسين لها يقسمونها إلا قسمين (١):
العصر العباسي الأول، والعصر العباسي الثاني.
فإذا كانت أبرز سمات العصر العباسي الأول: القوة والاستقرار والتقدم الحضاري بشتى أنواعه كما تظهر ذلك الدراسات عنه، فما هي سمات العصر العباسي الثاني؟ لا أستطيع أن ألم بذلك في هذا المختصر، وإنما أبرز أهم السمات وخصوصا ما يمس البيئة القريبة من المؤلف.
إن السمة الرئيسية للعصر العباسي الثاني هي: ضعف الدولة العباسية وتفككها الذي ترتب عليه تفرق وحدة الأمة، وقد أدرك المؤلف ثلاثة من خلفاء بنى العباس وهم:
١ - القادر بالله: أبو العباس، أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدي بالله
الأوضاع السياسية في عصر المؤلف وأثرها على الناحية العلمية
إن للأوضاع السياسية التي تحيط بالعالم أكبر الأثر على حياته، وعلى نوع التربية التي تشكل أنماط حياته، وعلى الأفكار والعقائد السائدة في عصره، ومن ثم على حصيلته وإنتاجه العلمي، لهذا لا بد قبل دراسة منهج أي عالم من العلماء من التعرف على الأوضاع السياسية التي كانت سائدة في عصره.
لقد عاش المؤلف في القرن الخامس الهجري (٣٩٥ هـ تقريباً - ٤٦٨ هـ) ولهذه الفترة سمة خاصة في تاريخ الخلافة العباسية.. لذلك نجد كثيراً من الدارسين لها يقسمونها إلا قسمين (١):
العصر العباسي الأول، والعصر العباسي الثاني.
فإذا كانت أبرز سمات العصر العباسي الأول: القوة والاستقرار والتقدم الحضاري بشتى أنواعه كما تظهر ذلك الدراسات عنه، فما هي سمات العصر العباسي الثاني؟ لا أستطيع أن ألم بذلك في هذا المختصر، وإنما أبرز أهم السمات وخصوصا ما يمس البيئة القريبة من المؤلف.
إن السمة الرئيسية للعصر العباسي الثاني هي: ضعف الدولة العباسية وتفككها الذي ترتب عليه تفرق وحدة الأمة، وقد أدرك المؤلف ثلاثة من خلفاء بنى العباس وهم:
١ - القادر بالله: أبو العباس، أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدي بالله
(١) كما فعل الدكتور حسن إبراهيم حسن في "تاريخ الإسلام السياسي" الجزء الثاني والثالث.
105
العباسي (١) وكانت ولايته من عام ٣٨١ إلى عام ٤٢٢ وقد أدرك المؤلف من خلافته قرابة الثلاثين عاماً.
٢ - القائم بأمر الله: عبد الله بن الخليفة القادر بالله (٢) وكانت ولايته من وفاة أبيه ٤٢٢ إلى سنة ٤٦٧. وقد أدرك المؤلف من خلافته قرابة الأربعين عاماً.
٣ - المقتدي بأمر الله: أبو القاسم عبد الله بن محمد، حفيد القائم بأمر الله (٣)، وكانت ولايته من عام ٤٦٧ إلى عام ٤٨٧ ولم يدرك المؤلف من خلافته إلا عاماً واحداً.
وفي عصر هؤلاء ضعف أمر الخليفة، ولم يكن له إلا ذكر اسمه في الخطبة، ونقش اسمه على السكة، وإنما الدولة وتصريف الأمور بيد الدويلات الحاكمة المستحوذة التي تملك القوة والنفوذ، وكانت تلك أهم سمات ذلك العصر، فالتفرق سائد، والتناحر قائم (٤).
٢ - القائم بأمر الله: عبد الله بن الخليفة القادر بالله (٢) وكانت ولايته من وفاة أبيه ٤٢٢ إلى سنة ٤٦٧. وقد أدرك المؤلف من خلافته قرابة الأربعين عاماً.
٣ - المقتدي بأمر الله: أبو القاسم عبد الله بن محمد، حفيد القائم بأمر الله (٣)، وكانت ولايته من عام ٤٦٧ إلى عام ٤٨٧ ولم يدرك المؤلف من خلافته إلا عاماً واحداً.
وفي عصر هؤلاء ضعف أمر الخليفة، ولم يكن له إلا ذكر اسمه في الخطبة، ونقش اسمه على السكة، وإنما الدولة وتصريف الأمور بيد الدويلات الحاكمة المستحوذة التي تملك القوة والنفوذ، وكانت تلك أهم سمات ذلك العصر، فالتفرق سائد، والتناحر قائم (٤).
(١) ولد رحمه الله سنة ٣٣٦، كان ديناً عالماً وقوراً، يحب الخير وأهله، ويأمر به، ويبغض الشر وأهله، وكان حسن الاعتقاد، وصنف كتاباً فيه، وكان من أحسن الخلفاء سيرة، وأطولهم مدة في الخلافة توفي سنة ٤٢٢. ينظر: "تاريخ بغداد" ٤/ ٣٧ و"المنتظم" ٧/ ١٦٠ و"الكامل" ٧/ ٣٥٤ و"سير أعلام النبلاء" ١٥/ ١٢٧.
(٢) ولد -رحمه الله- سنة ٣٩١، وكان ديناً ورعاً متصدقاً، له يد في الكتابة والأدب، وفيه عدل وسماحة، وإحسان إلى الناس، وهو من خير بني العباس ديناً واعتقاداً ودولة. توفي سنة ٤٦٧. ينظر: "تاريخ بغداد" ٩/ ٣٩٩، و"المنتظم" ٨/ ٢٩٥ و"الكامل" ٨/ ١٢٠، و"سير أعلام النبلاء" ١٥/ ١٣٨.
(٣) ولد -رحمه الله- سنة ٤٤٨، وتولى الخلافة بعهد من جده، وكان حسن السيرة، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، أمر بنفي الخواطىء والمغنيات من بغداد، وكان فيه ديانة وقوة وعلو همة، وهو من نجباء بني العباس. توفي سنة ٤٨٧. ينظر: "المنتظم" ٨/ ٢٩١، و"الكامل" ٨/ ١٧٠، و"سير أعلام النبلاء" ٨/ ٣١٨.
(٤) تعدّ هذِه الفترة جزءاً من العصر العباسي الثاني، والذي يمتد من عام ٢٤٧ إلى =
(٢) ولد -رحمه الله- سنة ٣٩١، وكان ديناً ورعاً متصدقاً، له يد في الكتابة والأدب، وفيه عدل وسماحة، وإحسان إلى الناس، وهو من خير بني العباس ديناً واعتقاداً ودولة. توفي سنة ٤٦٧. ينظر: "تاريخ بغداد" ٩/ ٣٩٩، و"المنتظم" ٨/ ٢٩٥ و"الكامل" ٨/ ١٢٠، و"سير أعلام النبلاء" ١٥/ ١٣٨.
(٣) ولد -رحمه الله- سنة ٤٤٨، وتولى الخلافة بعهد من جده، وكان حسن السيرة، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، أمر بنفي الخواطىء والمغنيات من بغداد، وكان فيه ديانة وقوة وعلو همة، وهو من نجباء بني العباس. توفي سنة ٤٨٧. ينظر: "المنتظم" ٨/ ٢٩١، و"الكامل" ٨/ ١٧٠، و"سير أعلام النبلاء" ٨/ ٣١٨.
(٤) تعدّ هذِه الفترة جزءاً من العصر العباسي الثاني، والذي يمتد من عام ٢٤٧ إلى =
106
أهم مظاهر هذا العصر
أولاً: تعدد الخلافة:
لقد ظلت عاصمة الدولة في القرون الثلاثة الأولى واحدة هي: المدينة أو دمشق أو بغداد، وهي المركز الذي تصدر منه التوجيهات والأوامر ولا يستطيع أحد من الولاة مخالفتها، ولا شك أن هذا مصدر قوة الأمة إذ إن قوتها في وحدتها، لكن في هذِه الفترة اختلفت الأمور عما سبقها فأصبح هناك عدد من الخلفاء، فبالإضافة للخليفة العباسي في بغداد وجد خليفة في الأندلس حيث تلقب عبد الرحمن الناصر الأموي (٣٠٠ - ٣٥٠ هـ) بأمير المؤمنين (١) لما رأى ضعف الخليفة العباسي في بغداد.
أولاً: تعدد الخلافة:
لقد ظلت عاصمة الدولة في القرون الثلاثة الأولى واحدة هي: المدينة أو دمشق أو بغداد، وهي المركز الذي تصدر منه التوجيهات والأوامر ولا يستطيع أحد من الولاة مخالفتها، ولا شك أن هذا مصدر قوة الأمة إذ إن قوتها في وحدتها، لكن في هذِه الفترة اختلفت الأمور عما سبقها فأصبح هناك عدد من الخلفاء، فبالإضافة للخليفة العباسي في بغداد وجد خليفة في الأندلس حيث تلقب عبد الرحمن الناصر الأموي (٣٠٠ - ٣٥٠ هـ) بأمير المؤمنين (١) لما رأى ضعف الخليفة العباسي في بغداد.
= سقوط الدولة ٦٥٦. ومن أهم ما يميز هذِه المرحلة:
١ - ضعف الخلفاء، وسيطرة العسكريين على مركز الخلافة.
٢ - نشوء دويلات كثيرة، نتيجة بروز قادة استقلوا عن مناطقهم، واعترف بهم الخليفة.
٣ - ظهور نتائج الحضارة الإسلامية السابقة لهذا العصر، على شكل علوم وعمران ورفاهية وترف.
٤ - قيام حركات ادعاء النسب الهاشمي والحركات الباطنية.
٥ - الغزو الصليبي لبلاد المسلمين.
٦ - الغزو المغولي، والقضاء على الخلافة العباسية عام ٦٥٦. ينظر: "الدولة العباسية" لمحمود شاكر ٧/ ٤٢ وما بعدها
(١) هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله، أبو المطرف الأموي المرواني وُلد سنة سبع وسبعين ومائتين، قتل أبوه وهو ابن عشرين يومًا، وولي الخلافة بعد جده بحضرة جماعة من أعمامه فلم يعترض عليه معترض واستمر له الأمر وقام ببناء مدينة الزهراء في أول سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وافتتح سبعين حصنًا ثم توفي سنة خمسين وثلاثمائة. انظر: "سير أعلام النبلاء" ٨/ ٣٦٥ (٦٢)، "البداية والنهاية" ١١/ ٢٣٨.
١ - ضعف الخلفاء، وسيطرة العسكريين على مركز الخلافة.
٢ - نشوء دويلات كثيرة، نتيجة بروز قادة استقلوا عن مناطقهم، واعترف بهم الخليفة.
٣ - ظهور نتائج الحضارة الإسلامية السابقة لهذا العصر، على شكل علوم وعمران ورفاهية وترف.
٤ - قيام حركات ادعاء النسب الهاشمي والحركات الباطنية.
٥ - الغزو الصليبي لبلاد المسلمين.
٦ - الغزو المغولي، والقضاء على الخلافة العباسية عام ٦٥٦. ينظر: "الدولة العباسية" لمحمود شاكر ٧/ ٤٢ وما بعدها
(١) هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله، أبو المطرف الأموي المرواني وُلد سنة سبع وسبعين ومائتين، قتل أبوه وهو ابن عشرين يومًا، وولي الخلافة بعد جده بحضرة جماعة من أعمامه فلم يعترض عليه معترض واستمر له الأمر وقام ببناء مدينة الزهراء في أول سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وافتتح سبعين حصنًا ثم توفي سنة خمسين وثلاثمائة. انظر: "سير أعلام النبلاء" ٨/ ٣٦٥ (٦٢)، "البداية والنهاية" ١١/ ٢٣٨.
107
وكَذلك لقب عبيد الله المهدي الفاطمي بأمير المؤمنين (٢٩٦ - ٣٢٢ هـ) وكانت دولة الفاطميين في مصر والمغرب (١).
ثانياً: ظهور دول إقليمية:
على الرغم من أن الخليفة العباسي في بغداد كانت رقعة خلافته أوسع الرقع، إلا أنه ليس له من الخلافة إلا الاسم، وإنما تدار أمور الدولة بيد أمراء إقليميين، وقد وصل الأمر ببعض هؤلاء الأمراء إلى إنشاء دولة داخل الخلافة وإخضاع الخليفة العباسي لنفوذهم (٢) كما فعل البويهيون والسلاجقة، وهذِه لمحة موجزة عن ثلاث من تلك الدول؛ لأنها من أكبر الدول الإقليمية التي ظهرت في هذه المرحله من العهد العباسي؛ ولقربها من بيئة المؤلف التي نتحدث عنها:
١ - البويهيون (٣):
وهم من الروافض الغالين، وقد اختلف في أصلهم ونسبهم كما ذكر
ثانياً: ظهور دول إقليمية:
على الرغم من أن الخليفة العباسي في بغداد كانت رقعة خلافته أوسع الرقع، إلا أنه ليس له من الخلافة إلا الاسم، وإنما تدار أمور الدولة بيد أمراء إقليميين، وقد وصل الأمر ببعض هؤلاء الأمراء إلى إنشاء دولة داخل الخلافة وإخضاع الخليفة العباسي لنفوذهم (٢) كما فعل البويهيون والسلاجقة، وهذِه لمحة موجزة عن ثلاث من تلك الدول؛ لأنها من أكبر الدول الإقليمية التي ظهرت في هذه المرحله من العهد العباسي؛ ولقربها من بيئة المؤلف التي نتحدث عنها:
١ - البويهيون (٣):
وهم من الروافض الغالين، وقد اختلف في أصلهم ونسبهم كما ذكر
(١) انظر: "البداية والنهاية" ١١/ ١٧٩، و"تاريخ الإسلام السياسي" للدكتور حسن ابراهيم حسن ٣/ ١٦١.
(٢) انظر: "البداية والنهاية" ١١/ ٢١٢، و"تاريخ الإسلام السياسي" للدكتور حسن إبراهيم حسن ٣/ ٢٨، و"التاريخ السياسي والفكري للمذهب السني في المشرق الإسلامي" للدكتور عبد المجيد أبو الفتوح ص ١٨، ١٩.
(٣) تنسب هذِه الدولة إلى أبناء بويه بن فناخسرو الديلمي الثلاثة: عماد الدولة أبو الحسن علي، وركن الدولة أبو علي الحسن، ومعز الدولة أبو الحسن أحمد، وقد التحق هؤلاء الإخوة في جيش الديلم، وترقَّوا حتى أصبحوا من قواد الجيش، وعظم شأنهم، حتى تملكوا بلاد فارس وهمدان والري وأصبهان وغيرها، بدأ نفوذهم عام ٣٢٠، وأسسوا دولة منفصلة عن الدولة العباسية، واكتمل سلطانهم عل مساحة شاسعة من أملاك الدولة العباسية، وطلبوا من الخليفة العباسي الاعتراف بهم، فتم لهم ذلك، ثم كاتب قواد بغداد معز الدولة، وطلبوا منه =
(٢) انظر: "البداية والنهاية" ١١/ ٢١٢، و"تاريخ الإسلام السياسي" للدكتور حسن إبراهيم حسن ٣/ ٢٨، و"التاريخ السياسي والفكري للمذهب السني في المشرق الإسلامي" للدكتور عبد المجيد أبو الفتوح ص ١٨، ١٩.
(٣) تنسب هذِه الدولة إلى أبناء بويه بن فناخسرو الديلمي الثلاثة: عماد الدولة أبو الحسن علي، وركن الدولة أبو علي الحسن، ومعز الدولة أبو الحسن أحمد، وقد التحق هؤلاء الإخوة في جيش الديلم، وترقَّوا حتى أصبحوا من قواد الجيش، وعظم شأنهم، حتى تملكوا بلاد فارس وهمدان والري وأصبهان وغيرها، بدأ نفوذهم عام ٣٢٠، وأسسوا دولة منفصلة عن الدولة العباسية، واكتمل سلطانهم عل مساحة شاسعة من أملاك الدولة العباسية، وطلبوا من الخليفة العباسي الاعتراف بهم، فتم لهم ذلك، ثم كاتب قواد بغداد معز الدولة، وطلبوا منه =
108
ذلك ابن الأثير (١)، وابن كثير (٢). وقد بدأ أمرهم يظهر في سنة (٣٢١ هـ) واشتهر منهم ثلاثة إخوة: عماد الدولة أبو الحسن علي، وركن الدولة أبو علي الحسن ومعز الدولة أبو الحسن أحمد أولاد أبي شجاع بن بويه، وكان بداية قيام دولتهم بدخول معز الدولة أحمد بن الحسن بغداد سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
كان البويهيون من الشيعة المتعصبة فلما دخل معز الدولة بغداد قبض على الخليفة المستكفي وسمل عينيه وعيَّن المطيع لله بدلا منه، قال ابن كثير: وضعف أمر الخلافة جداً حتى لم يبق للخليفة أمر ولا نهي ولا وزير -أيضاً- إنما يكون له كاتب على إقطاعه، وإنما الدولة ومورد المملكة ومصدرها راجع إلى معز الدولة، لأن بني بويه ومن معهم من الديلم كان فيهم تعسف شديد.. (٣).
كان البويهيون من الشيعة المتعصبة فلما دخل معز الدولة بغداد قبض على الخليفة المستكفي وسمل عينيه وعيَّن المطيع لله بدلا منه، قال ابن كثير: وضعف أمر الخلافة جداً حتى لم يبق للخليفة أمر ولا نهي ولا وزير -أيضاً- إنما يكون له كاتب على إقطاعه، وإنما الدولة ومورد المملكة ومصدرها راجع إلى معز الدولة، لأن بني بويه ومن معهم من الديلم كان فيهم تعسف شديد.. (٣).
= المسير إليهم، فدخل بغداد عام ٣٣٤، وقابله الخليفة المستكفي، وخلع عليه، ولقبه، ولقب أخويه، وأصبح لبني بويه بعد ذلك مطلق التصرف في العراق. وفي عهد عضد الدولة بن ركن الدولة بلغوا أقصى درجات السلطان، وبعد وفاته دبت الحروب بين أبنائه الثلاثة، واستمرت بين أخلافهم، حتى دمرتهم جميعًا، وكانت نهايتهم على يد السلاجقة سنة ٤٤٧. وبنو بويه شيعة حاقدون متعصبون، أتوا بأفعال منكرة، وطامات عجيبة. ينظر: "الكامل" لابن الأثير ٦/ ٢٣٠، و"العبر" ٢/ ١٣، ٤٦، ٢٨٩، و"البداية والنهاية" ١١/ ١٧٧، و"تاريخ الإسلام السياسي" ٣/ ٣٦ - ٣٧.
(١) "الكامل في التاريخ" ٦/ ٢٣٠.
(٢) "البداية والنهاية" ١١/ ١٧٣، وانظر "تاريخ الإسلام السياسي" للدكتور حسن إبراهيم ٣/ ٣٩.
(٣) "البداية والنهاية" ١١/ ٢١٢.
(١) "الكامل في التاريخ" ٦/ ٢٣٠.
(٢) "البداية والنهاية" ١١/ ١٧٣، وانظر "تاريخ الإسلام السياسي" للدكتور حسن إبراهيم ٣/ ٣٩.
(٣) "البداية والنهاية" ١١/ ٢١٢.
109
وبقيمت دولتهم إلى أن سقطت على أيدي السلاجقة سنة (٤٤٧ هـ) وهم من أهل السنة فقضوا على دولة بني بويه (١) الرافضية، وخلص الله بهم الأمة من شر البويهيين.
وكان للرافضة في عهدهم صولة وقوة. ذكر ابن كثير أنه في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة كتبت الروافض على أبواب المساجد لعن بعض الصحابة. قال: وبلغ ذلك معز الدولة ولم ينكره،.. قبحه الله وقبح شيعته.. (٢).
وهذا في المشرق، فأما المغرب فبرز فيه حدثان:
الأول: قيام دولة العبيديين (٣) التي ادعت الخلافة وناوأت الخلافة
وكان للرافضة في عهدهم صولة وقوة. ذكر ابن كثير أنه في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة كتبت الروافض على أبواب المساجد لعن بعض الصحابة. قال: وبلغ ذلك معز الدولة ولم ينكره،.. قبحه الله وقبح شيعته.. (٢).
وهذا في المشرق، فأما المغرب فبرز فيه حدثان:
الأول: قيام دولة العبيديين (٣) التي ادعت الخلافة وناوأت الخلافة
(١) انظر: "تاريخ الإسلام السياسي" للدكتور حسن إبراهيم ٣/ ٦٧، ٦٨.
(٢) "البداية والنهاية" ١١/ ٢٤٠.
(٣) مؤسس الدولة عبيد الله بن محمد المهدي وإليه تنسب الدولة، وكان أبوه قد نشر الدعوة الفاطمية في بلاد اليمن ومصر والمغرب وغيرهما، وواصل الابن طريق والده، ووسع نفوذه حتى قبض عليه اليسع بن مدرار أمير سلجماسة وسجنه، ثم واصل قائده أبو عبد الله الشيعي طريقه، حتى أزال دولة الأغالبة سنة (٢٩٦)، ثم سار إلى سلجماسة، فهرب حاكمها، فأطلق عبيد الله المهدي، وبايعوه، وتلقب بخليفة المسلمين، وهكذا استطاع القضاء على ملك الأغالبة، وآل رستم، والأدارسة، ودان له الشمال الإفريقي، واتخذ القيروان عاصمة ملكه، وفي سنة (٣٥٨) تمكن القائد الفاطمي جوهر الصقلي من الاستيلاء على مصر سلماً، وبنى القاهرة والجامع الأزهر، ثم اتخذ المعز لدين الله الفاطمي القاهرة عاصمة لبلاده، سنة ٣٦٢، وامتدت بلادهم في فترة ازدهارهم، من نهر العاصي بالشام إلى حدود مراكش، ومن السودان إلى آسيا الصغرى، وقضى عليهم صلاح الدين الأيوبي، ومات العاضد آخر حكامهم سنة ٥٦٧، وقد ادعى عبيد الله المهدي أنه فاطمي من ذرية جعفر الصادق، والمحققون على أنه دعي، بل كان جده مجوسياً، وكان هو =
(٢) "البداية والنهاية" ١١/ ٢٤٠.
(٣) مؤسس الدولة عبيد الله بن محمد المهدي وإليه تنسب الدولة، وكان أبوه قد نشر الدعوة الفاطمية في بلاد اليمن ومصر والمغرب وغيرهما، وواصل الابن طريق والده، ووسع نفوذه حتى قبض عليه اليسع بن مدرار أمير سلجماسة وسجنه، ثم واصل قائده أبو عبد الله الشيعي طريقه، حتى أزال دولة الأغالبة سنة (٢٩٦)، ثم سار إلى سلجماسة، فهرب حاكمها، فأطلق عبيد الله المهدي، وبايعوه، وتلقب بخليفة المسلمين، وهكذا استطاع القضاء على ملك الأغالبة، وآل رستم، والأدارسة، ودان له الشمال الإفريقي، واتخذ القيروان عاصمة ملكه، وفي سنة (٣٥٨) تمكن القائد الفاطمي جوهر الصقلي من الاستيلاء على مصر سلماً، وبنى القاهرة والجامع الأزهر، ثم اتخذ المعز لدين الله الفاطمي القاهرة عاصمة لبلاده، سنة ٣٦٢، وامتدت بلادهم في فترة ازدهارهم، من نهر العاصي بالشام إلى حدود مراكش، ومن السودان إلى آسيا الصغرى، وقضى عليهم صلاح الدين الأيوبي، ومات العاضد آخر حكامهم سنة ٥٦٧، وقد ادعى عبيد الله المهدي أنه فاطمي من ذرية جعفر الصادق، والمحققون على أنه دعي، بل كان جده مجوسياً، وكان هو =
110
العباسية، وكادت تقضي عليها بعد أن زاحمتها في مواقع نفوذها، وانتسبت ظلماً وزوراً لآل البيت، ونسل فاطمة الزهراء، وتسمت بالدولة الفاطمية، وانبث دعاتها في أطراف البلاد، واستمالوا أمراء البلدان، حتى خطب لهم بالإضافة إلى مصر والمغرب في بلاد كثيرة، كاليمن والشام والحجاز وفي أجزاء من العراق، بل خطب لهم في دار الخلافة (بغداد)، سنة (٤٥٠) عاماً كاملاً (١).
الثاني: زوال دولة الأمويين في الأندلس عام (٤٢٢) (٢) وظهور ما
الثاني: زوال دولة الأمويين في الأندلس عام (٤٢٢) (٢) وظهور ما
= باطنياً خبيثاً حريصاً على إزالة دولة الإسلام، أعدم العلماء ليغوي الخلق، وجاء أولاده على أسلوبه، فأباحوا الخمور والفروج، وأشاعوا الرفض، كما ذكر الباقلاني. وقال القاضي عياض: أجمع العلماء بالقيروان أن حال بني عبيد حال المرتدين والزنادقة، وقال الذهبي: كان العبيديون على ملة الإسلام شرًّا من التتر. ولم يعدَّهم السيوطي في تاريخ الخلفاء لعدم صحة إمامتهم. انظر: "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ١٤١ (٦٥)، و"البداية والنهاية" لابن كثير ١١/ ٢٦٦.
(١) وكان ذلك في فتنة البساسيري عام ٤٥٠، ينظر في تفاصيل ذلك: "تاريخ بغداد" ٩/ ٤٩٩ و"المنتظم" ٨/ ١٩٠ و"الكامل" ٨/ ٨٢ و"البداية والنهاية" ١٢/ ٧٦.
(٢) هي أول دولة تنفصل عن جسم العالم الإسلامي، أسسها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي، فر من العباسيين، ودخل الأندلس فلقب بالداخل، استتب له الأمر عام ١٣٨، بعد معارك حامية مع يوسف الفهري، وأرسل له أبو جعفر المنصور عدة جيوش للقضاء عليه، فلم يتمكن، ولقبه: صقر قريش إعجاباً به، ثم حاول المهدي قتاله فلم يفلح، فتركوه وشأنه، ومات سنة ١٧٢، ومن أبرز حكامها: عبد الرحمن الناصر (الثالث)، حكم من ٣٠٠ - ٣٥٠، وكانت له انتصارات عظيمة على ممالك النصارى، وفي عام ٣٦٦ آل الأمر إلى الحاجب المنصور العامري، لضعف بني أمية، وكان قوياً، غزا خمسين مرة، ولم يهزم قط، وهابه ملوك أوروبا، ثم توفي عام ٣٩٢، فتولى ابنه عبد الملك، وكان كأبيه، ثم أخوه عبد الرحمن، وكان ضعيفاً، فقتل عام ٣٩٩، ثم عادت السلطة لبني أمية، =
(١) وكان ذلك في فتنة البساسيري عام ٤٥٠، ينظر في تفاصيل ذلك: "تاريخ بغداد" ٩/ ٤٩٩ و"المنتظم" ٨/ ١٩٠ و"الكامل" ٨/ ٨٢ و"البداية والنهاية" ١٢/ ٧٦.
(٢) هي أول دولة تنفصل عن جسم العالم الإسلامي، أسسها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي، فر من العباسيين، ودخل الأندلس فلقب بالداخل، استتب له الأمر عام ١٣٨، بعد معارك حامية مع يوسف الفهري، وأرسل له أبو جعفر المنصور عدة جيوش للقضاء عليه، فلم يتمكن، ولقبه: صقر قريش إعجاباً به، ثم حاول المهدي قتاله فلم يفلح، فتركوه وشأنه، ومات سنة ١٧٢، ومن أبرز حكامها: عبد الرحمن الناصر (الثالث)، حكم من ٣٠٠ - ٣٥٠، وكانت له انتصارات عظيمة على ممالك النصارى، وفي عام ٣٦٦ آل الأمر إلى الحاجب المنصور العامري، لضعف بني أمية، وكان قوياً، غزا خمسين مرة، ولم يهزم قط، وهابه ملوك أوروبا، ثم توفي عام ٣٩٢، فتولى ابنه عبد الملك، وكان كأبيه، ثم أخوه عبد الرحمن، وكان ضعيفاً، فقتل عام ٣٩٩، ثم عادت السلطة لبني أمية، =
111
يسمى بـ (دول الطوائف) (١)، فمنهم من انحاز إلى العباسيين، ومنهم من بقي على ولاء الأمويين، مع زوال ملكهم وذهاب دولتهم.
قال الذهبي (٢): "وفي الأربع مائة وبعدها كانت الأندلس تغلي
قال الذهبي (٢): "وفي الأربع مائة وبعدها كانت الأندلس تغلي
= وكانوا ضعفاء متناحرين، فسقطوا عام ٤٢٢، وتفككت دولهم إلى إمارات الطوائف. ينظر: "في الأدب الأندلسي" لجودت الركابي ص ٢١ و"موجز التاريخ الإسلامي" للعسيري ص ١٨٤.
(١) بعد ضعف الأمويين واستبداد العامريين بالسلطة، بدأ أمراء الطوائف يستقلون بالإمارات التي يحكمونها، فعُرفوا بملوك الطوائف، وانقسموا أكثر من (٢٠ دويلة)، وقد امتلأ عهد ملوك الطوائف بالفوض والفتن، وأهم تلك الدويلات:
الدولة الزيرية في (غرناطة) (٤٠٣ - ٤٨٣)، والدولة الحمودية في (قرطبة ومالقة) (٤٠٥ - ٤٠٧)، وهم شيعة، والدولة الهودية في (سرقسطة) (٤١٠ - ٥٣٦)، والدولة العبادية في (إشبيلية) (٤١٤ - ٤٨٤)، وهي أشهر تلك الدول وأقواها، وكانت تلك الدول متناحرة، حتى بلغ الأمر ببعضهم أن استنجد بالنصارى على إخوانه، ودامت مائة سنة، وقد استطاع ملوك الأسبان أن يجمعوا كلمتهم، فأخذوا يبتلعون تلك الإمارات واحدة واحدة، حتى بلغوا أعظمها وهي إشبيلية، فطلب حاكمها المعتمد بن عباد النجدة من يوسف بن تاشفين أمير دولة المرابطين في المغرب، الذي قدم فهزم النصارى في موقعة الزلاقة، عام ٤٧٩، ووحد الأندلس تحت حكم المرابطين. ينظر: "في الأدب الأندلسي" لجودت الركابي ٢٣ - ٢٥ و"موجز التاريخ الإسلامي" ص ٢٢٨.
(٢) هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، الحافظ الكبير، مؤرخ الإسلام، وشيخ المحدثين، ولد سنة ٦٧٣ من أسرة تركمانية الأصل، وولاؤها لبني تميم، تلميذ الحافظ المزي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، له مؤلفات كثيرة في الحديث والتاريخ والرجال، مثل: "تاريخ الإسلام"، و"سير أعلام النبلاء" و"تذكرة الحفاظ"، وغيرها، توفي سنة ٧٤٨. ينظر: "طبقات الشافعية" ٩/ ١٠٠ و"مقدمة سير أعلام النبلاء".
(١) بعد ضعف الأمويين واستبداد العامريين بالسلطة، بدأ أمراء الطوائف يستقلون بالإمارات التي يحكمونها، فعُرفوا بملوك الطوائف، وانقسموا أكثر من (٢٠ دويلة)، وقد امتلأ عهد ملوك الطوائف بالفوض والفتن، وأهم تلك الدويلات:
الدولة الزيرية في (غرناطة) (٤٠٣ - ٤٨٣)، والدولة الحمودية في (قرطبة ومالقة) (٤٠٥ - ٤٠٧)، وهم شيعة، والدولة الهودية في (سرقسطة) (٤١٠ - ٥٣٦)، والدولة العبادية في (إشبيلية) (٤١٤ - ٤٨٤)، وهي أشهر تلك الدول وأقواها، وكانت تلك الدول متناحرة، حتى بلغ الأمر ببعضهم أن استنجد بالنصارى على إخوانه، ودامت مائة سنة، وقد استطاع ملوك الأسبان أن يجمعوا كلمتهم، فأخذوا يبتلعون تلك الإمارات واحدة واحدة، حتى بلغوا أعظمها وهي إشبيلية، فطلب حاكمها المعتمد بن عباد النجدة من يوسف بن تاشفين أمير دولة المرابطين في المغرب، الذي قدم فهزم النصارى في موقعة الزلاقة، عام ٤٧٩، ووحد الأندلس تحت حكم المرابطين. ينظر: "في الأدب الأندلسي" لجودت الركابي ٢٣ - ٢٥ و"موجز التاريخ الإسلامي" ص ٢٢٨.
(٢) هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، الحافظ الكبير، مؤرخ الإسلام، وشيخ المحدثين، ولد سنة ٦٧٣ من أسرة تركمانية الأصل، وولاؤها لبني تميم، تلميذ الحافظ المزي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، له مؤلفات كثيرة في الحديث والتاريخ والرجال، مثل: "تاريخ الإسلام"، و"سير أعلام النبلاء" و"تذكرة الحفاظ"، وغيرها، توفي سنة ٧٤٨. ينظر: "طبقات الشافعية" ٩/ ١٠٠ و"مقدمة سير أعلام النبلاء".
112
بالحروب والقتال على الملك" (١) وتظاهر ملوك تلك الدول بمظاهر الخلفاء، وتلقبوا بألقابهم، وفيهم قال الشاعر (٢):
وكان تفرقهم وتقاتلهم وبغي بعضهم على بعض مطمعاً للنصارى المجاورين لهم، الذين رأوا الفرصة سانحة في ظل غياب الخلافة، وتفرق الدولة، خصوصاً بعد أن استعان بهم بعض أولئك الملوك على إخوانهم، فانقض النصارى على تلك الدول، وأسقطوها واحدة تلو الأخرى، وجرى للإسلام والمسلمين على أيديهم ما يجل عن الوصف، ويندى له جبين الحر.
١ - الدولة الغزنوية:
كانت خراسان وبلاد ما وراء النهر تحت حكم الدولة السامانية (٣)
مما يزهدني في أرض أندلس | تلقيب معتضد فيها ومعتمد |
ألقاب مملكة في غير موضعها | كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد |
١ - الدولة الغزنوية:
كانت خراسان وبلاد ما وراء النهر تحت حكم الدولة السامانية (٣)
(١) "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ١٧٧.
(٢) هو أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني، ينظر: ديوانه ص ٥٩، وقيل: هما لشاعر الأندلس: محمد بن عمار. ينظر: "نفح الطيب" ١/ ٢١٣.
(٣) تنسب لـ"سامان خداه" وهو فارسي، أسلم على يد أسد بن عبد الله القسري، والي خراسان في أواخر عهد الأمويين، واشتهر من السامانيين: نصر بن أحمد، الذي ولاه الخليفة المعتمد سائر بلاد ما وراء النهر، ومن ثم تأسست الدولة السامانية، ثم توفي سنة ٢٧٩، خلفه أخوه إسماعيل الذي استطاع أن يضم إلى سلطانه بلاد خراسان وغيرها، وقد بقي الملك في أبناء إسماعيل، حتى زالت دولتهم سنة ٣٨٩، على يد الغزنويين في خراسان، وعلى يد أيلك خان ملك الترك في بلاد ما وراء النهر. ينظر: "تاريخ بخاري" للنرشخي ص ١٠٥، و"المنتظم" ٧/ ٢٠٢، و"الكامل" ٦/ ٣ و"العبر" ٢/ ١٧٣، و"تاريخ الإسلام السياسي" ٣/ ٧١ - ٨٢.
(٢) هو أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني، ينظر: ديوانه ص ٥٩، وقيل: هما لشاعر الأندلس: محمد بن عمار. ينظر: "نفح الطيب" ١/ ٢١٣.
(٣) تنسب لـ"سامان خداه" وهو فارسي، أسلم على يد أسد بن عبد الله القسري، والي خراسان في أواخر عهد الأمويين، واشتهر من السامانيين: نصر بن أحمد، الذي ولاه الخليفة المعتمد سائر بلاد ما وراء النهر، ومن ثم تأسست الدولة السامانية، ثم توفي سنة ٢٧٩، خلفه أخوه إسماعيل الذي استطاع أن يضم إلى سلطانه بلاد خراسان وغيرها، وقد بقي الملك في أبناء إسماعيل، حتى زالت دولتهم سنة ٣٨٩، على يد الغزنويين في خراسان، وعلى يد أيلك خان ملك الترك في بلاد ما وراء النهر. ينظر: "تاريخ بخاري" للنرشخي ص ١٠٥، و"المنتظم" ٧/ ٢٠٢، و"الكامل" ٦/ ٣ و"العبر" ٢/ ١٧٣، و"تاريخ الإسلام السياسي" ٣/ ٧١ - ٨٢.
113
التي قال فيها ابن الأثير (١): وكانت دولتهم قد انتشرت، وطبقت كثيراً من الأرض، من حدود حلوان إلى بلاد الترك بما وراء النهر، وكانت من أحسن الدول سيرة وعدلاً، وكانت نهايتها عام (٣٨٩) على يد الدولة الغزنوية، التي بدأ ظهورها عام (٣٥١)، على يد (ألْبتِكِين)، أحد موالي الدولة السامانية الآنفة الذكر، حيث استولى هذا المولى على غزنة وبعض أعمالها، وأقام إمارة مستقلة عن الدولة السامانية، وقد حاربه السامانيون ليردوا ما معه إلى ملكهم، لكنه تغلب على جيشهم، بيد أنه لم يُمَكن، حيث توفي عام (٣٥٢) ولم يوطد ملكه، فخلفه ابنه الذي ثار عليه أهل غزنة، فاستعان بالسامانيين الذين أمدوه بجيش تمكن به من استرداد غزنة، وحكمها باسم السامانيين، ثم لم يلبث أن توفي، فورثه أحد موالي أبيه (٢) الى أن آل الأمر عام (٣٦٦) إلى رجل يقال له: "سُبُكْتِكين" مولى تركي لـ"ألبتكين" الآنف الذكر، وكان تابعاً للسامانيين بالاسم، قال ابن الأثير: "وكان عادلاً خيراً كثير الجهاد، ذا مروءة تامة وحسن عهد (٣).
وقال الذهبي: وكان فيه عدل وشجاعة، ونبل مع عسف، وكونه كَرَّاميًا (٤).
وقال الذهبي: وكان فيه عدل وشجاعة، ونبل مع عسف، وكونه كَرَّاميًا (٤).
(١) علي بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري أبو الحسن، عز الدين بن الأثير، المؤرخ الإمام الأريب، ولد عام (٥٥٥)، من كتبه: "الكامل في التاريخ" و"أسد الغابة في معرفة الصحابة"، و"اللباب" توفي سنة (٦٣٠). ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٣٤٧، و"طبقات الشافعية" ٥/ ١٢٧.
(٢) ينظر: "الكامل" ٧/ ٥ و"تاريخ الإسلام السياسي" ٣/ ٨٥ و"تاريخ الإسلام في جنوب آسيا في العصر التركي" ص ٣٧ - ٣٩.
(٣) "الكامل" ٧/ ١٨٨.
(٤) "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٥٠٠. والكرامية: هم أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرَّام =
(٢) ينظر: "الكامل" ٧/ ٥ و"تاريخ الإسلام السياسي" ٣/ ٨٥ و"تاريخ الإسلام في جنوب آسيا في العصر التركي" ص ٣٧ - ٣٩.
(٣) "الكامل" ٧/ ١٨٨.
(٤) "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٥٠٠. والكرامية: هم أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرَّام =
114
ثم جرت بين سُبكْتكين وملوك الهند حروب عظيمة، استولى على إثرها على أجزاء من بلادهم، وفرض عليهم الجزية، ولنفوذه وقوة سلطانه استعان به السامانيون عام (٣٨٤) للقضاء على بعض القواد الذين ثاروا عليهم بنيسابور وغيرها، فتمكن من إعادتها إليهم، ولأجل ذلك ولَّوه خراسان، وسموه: ناصر الدولة (١).
وفي عام (٣٨٧) توفي سُبُكْتكين، وخلفه ابن ضعيف التدبير، يقال له إسماعيل، وفي عام (٣٨٨) خرج عليه أخوه محمود (٢)، وهو أكبر منه، فدار بينهما قتال، حتى آل الأمر إليه. واستقر ملك الغزنويين لـ"محمود"، الذي تمكن أيضاً من سحق جيش السامانيين، واستولى على خراسان، واستقر ملكه بها، وأزال عنها اسم السامانية، وخطب للخليفة القادر بالله، ولقبه الخليفةُ "يمين الدولة وأمين الملة"، وخلع عليه خِلَع السلطنة (٣).
وفي عام (٣٨٧) توفي سُبُكْتكين، وخلفه ابن ضعيف التدبير، يقال له إسماعيل، وفي عام (٣٨٨) خرج عليه أخوه محمود (٢)، وهو أكبر منه، فدار بينهما قتال، حتى آل الأمر إليه. واستقر ملك الغزنويين لـ"محمود"، الذي تمكن أيضاً من سحق جيش السامانيين، واستولى على خراسان، واستقر ملكه بها، وأزال عنها اسم السامانية، وخطب للخليفة القادر بالله، ولقبه الخليفةُ "يمين الدولة وأمين الملة"، وخلع عليه خِلَع السلطنة (٣).
= أصله من سجستان، جاور خمس سنين ثم ورد نيسابور، أحدث مذهباً تبعه عليه عالم لا يحصون بنيسابور وهراة ونواحيها، ومذهبه هذا مشهور في التشبيهه والتجسيم. ينظر: "الملل والنحل" ١/ ١٠٨ و"الفرق بين الفرق" ص ١٣١.
(١) ينظر: "تاريخ العتبي" ١/ ٥٨ - ٨٩، و"الكامل" ٧/ ٨٥ - ٨٧.
(٢) هو السلطان المجاهد فاتح الهند، أبو القاسم محمود بن سبكتكين، ولد سنة ٣٦١، وتملك سنة ٣٨٨، وكان ديناً كثير الغزو، وفتوحه مشهورة، وكان مائلاً إلى السنة، إلا أنه كان كراميًّا، كما كان إلباً على الرافضة والإسماعيلية والجهمية والمعتزلة والمشبهة وعامة المبتدعة، وقتل منهم جماعة، ونفى آخرين، وأمر بلعنهم على المنابر. توفي سنة ٤٢١، بعد مرض. ينظر: "المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور" ص ٤٤٦، و"المنتظم" ٨/ ٥٢، و"الكامل" ٧/ ٢٤٦، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٤٨٣ - ٤٩٥.
(٣) ينظر: "تاريخ العتبي" ١/ ٣١٧ و"الكامل" ٧/ ١٩٦ و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٤٨٥.
(١) ينظر: "تاريخ العتبي" ١/ ٥٨ - ٨٩، و"الكامل" ٧/ ٨٥ - ٨٧.
(٢) هو السلطان المجاهد فاتح الهند، أبو القاسم محمود بن سبكتكين، ولد سنة ٣٦١، وتملك سنة ٣٨٨، وكان ديناً كثير الغزو، وفتوحه مشهورة، وكان مائلاً إلى السنة، إلا أنه كان كراميًّا، كما كان إلباً على الرافضة والإسماعيلية والجهمية والمعتزلة والمشبهة وعامة المبتدعة، وقتل منهم جماعة، ونفى آخرين، وأمر بلعنهم على المنابر. توفي سنة ٤٢١، بعد مرض. ينظر: "المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور" ص ٤٤٦، و"المنتظم" ٨/ ٥٢، و"الكامل" ٧/ ٢٤٦، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٤٨٣ - ٤٩٥.
(٣) ينظر: "تاريخ العتبي" ١/ ٣١٧ و"الكامل" ٧/ ١٩٦ و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٤٨٥.
115
وقد اتسعت الدولة الغزنوية في عهد محمود، ووفقه الله في فتح بلاد واسعة، وفرض على نفسه غزو الهند كل سنة، وأقام فيها بدلاً عن بيوت الأصنام مساجدَ الإسلام، وعن مشاهد البهتان معاهد التوحيد والإيمان (١). ولم يزل كذلك -رحمه الله- حتى توفي سنة (٤٢١)، وتولى بعده الملكَ ابنه محمد الذي لم يدم ملكه إلا أشهراً (٢)، إذ قبض عليه أخوه "مسعود" (٣)، وتمكَّن من الملك، وتابع غزوَ الهند، ودانت له ممالك كثيرة، وجرت له مع السلاجقة حروب حتى هزموه بعد اضطراب جنده، وأخذوا منه خراسان سنة (٤٣١)، فأقام بغزنة، وقتل في طريقه إلى الهند عام (٤٣٢) (٤).
وقد بقيت الدولة الغزنوية فني غزنة وأعمالها والهند إلى أن زالت دولتهم عام (٥٤٣) كما ذكر ابن الأثير -رحمه الله- (٥).
٢ - الدولة السلجوقية:
تنسب هذه الدولة إلى سلجوق بن دقاق، أحد رؤساء الأتراك، وكان قائدا لجيش ملك الترك، فأُغري بقتل سلجوق، فلجأ مع من أطاعه إلى دار
وقد بقيت الدولة الغزنوية فني غزنة وأعمالها والهند إلى أن زالت دولتهم عام (٥٤٣) كما ذكر ابن الأثير -رحمه الله- (٥).
٢ - الدولة السلجوقية:
تنسب هذه الدولة إلى سلجوق بن دقاق، أحد رؤساء الأتراك، وكان قائدا لجيش ملك الترك، فأُغري بقتل سلجوق، فلجأ مع من أطاعه إلى دار
(١) ينظر: "تاريخ العتبي" ١/ ٣١٧ و"المنتظم" ٨/ ٥٣.
(٢) ينظر: "الكامل" ٧/ ٣٤٦.
(٣) هو السلطان الناصر لدين الله ظهير خليفة الله مسعود، كان كريماً شجاعاً، كثير البر والإحسان، وكان ملكه عظيماً فسيحاً، وعمر كثيراً من المساجد، وصنف في دولته ومناقبه: "تاريخ أبي الفضل البيهقي"، وهو مطبوع، وقد مات مقتولاً عام ٤٣٢. ينظر: "الكامل" ٨/ ٢٧ و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٤٩٥ و"البداية والنهاية"
(٤) ينظر: "المنتظم" ٨/ ١٠٧ و"الكامل" ٨/ ٢٦.
(٥) ينظر. "الكامل" ٩/ ٣٥ وقد قيل: إن زوالها عام (٥٨٢).
(٢) ينظر: "الكامل" ٧/ ٣٤٦.
(٣) هو السلطان الناصر لدين الله ظهير خليفة الله مسعود، كان كريماً شجاعاً، كثير البر والإحسان، وكان ملكه عظيماً فسيحاً، وعمر كثيراً من المساجد، وصنف في دولته ومناقبه: "تاريخ أبي الفضل البيهقي"، وهو مطبوع، وقد مات مقتولاً عام ٤٣٢. ينظر: "الكامل" ٨/ ٢٧ و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٤٩٥ و"البداية والنهاية"
(٤) ينظر: "المنتظم" ٨/ ١٠٧ و"الكامل" ٨/ ٢٦.
(٥) ينظر. "الكامل" ٩/ ٣٥ وقد قيل: إن زوالها عام (٥٨٢).
116
الإسلام، وازداد حاله علواً، وأقام بنواحي "جَنْد"، وأدام غزو الكفار، ثم خلفه ابنه ميكائيل، الذي استشهد في بعض بلاد الكفار، وخلف ثلاثة من الولد، فأطاعهم عشائرهم، وهم الذين قامت على أيديهم الدولة (١)، أشهرهم: "طغرلبك محمد" (٢)، وهو الذي هزم جيش الدولة الغزنوية سنة (٤٣١)، وسار طغرلبك إلى نيسابور فدخلها، واستولى السلاجقة حينئذٍ على بلاد خراسان، وأخذوها من الغزنويين، ثم واصلوا زحفهم حتى أستولوا على أكثر بلاد فارس، وطردوا عنها بني بويه، وعندما استنجد الخليفة القائم بأمر الله بطغرلبك -كما تقدم- سار إليه ودخل بغداد سنة (٤٤٧)، وأزال دولة بني بويه، وحوى نفوذ السلاجقة بغداد والعراق أيضاً (٣).
وفي سنة (٤٥٥) توفي طغرلبك، وخلفه ابن أخيه: ألب أرسلان (٤)،
وفي سنة (٤٥٥) توفي طغرلبك، وخلفه ابن أخيه: ألب أرسلان (٤)،
(١) ينظر: "الكامل" لابن الأثير ٨/ ٢١، و"البداية والنهاية" ١٢/ ٤٨، و"تاريخ الإسلام السياسي" ٤/ ١ - ٢.
(٢) هو السلطان ركن الدولة أبو طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق التركماني السلجوقي، وطغْرلْبك: اسم علم تركي مركب من: (طغرل) وهو اسم بلغة الترك لطائر معروف عندهم و (بك) معناه الأمير، أول الملوك السلجوقية، وكان كريماً محافظاً على الصلوات، وفيه عدل مشوب بقسوة توفي سنة ٤٥٥. ينظر: "المنتظم" ٨/ ٢٣٣ و"فيات الأعيان" ٥/ ٦٣ و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ١٠١.
(٣) ينظر: "الكامل" ٨/ ٢١ - ٢٦ و"البداية والنهاية" ١٢/ ٤٨ و"السلوك لمعرفة دول الملوك" للمقريزي ١/ ٣٠ - ٤١.
(٤) هو عضد الدولة، الملقب بسلطان العالم، أبو شجاع محمد بن جغريبك داود بن ميكائيل بن سلجوق، ملك بعد عمه، كان في آخر دولته من أعدل الناس، وأحسنهم سيرة، وأرغبهم في الجهاد ونصر الدين، وكان كريماً رحيماً توفي مقتولاً سنة ٤٦٥. ينظر: "المنتظم" ٨/ ٢٧٦، "الكامل" ٨/ ١١٢ و"العبر" ٢/ ٣١٨.
(٢) هو السلطان ركن الدولة أبو طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق التركماني السلجوقي، وطغْرلْبك: اسم علم تركي مركب من: (طغرل) وهو اسم بلغة الترك لطائر معروف عندهم و (بك) معناه الأمير، أول الملوك السلجوقية، وكان كريماً محافظاً على الصلوات، وفيه عدل مشوب بقسوة توفي سنة ٤٥٥. ينظر: "المنتظم" ٨/ ٢٣٣ و"فيات الأعيان" ٥/ ٦٣ و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ١٠١.
(٣) ينظر: "الكامل" ٨/ ٢١ - ٢٦ و"البداية والنهاية" ١٢/ ٤٨ و"السلوك لمعرفة دول الملوك" للمقريزي ١/ ٣٠ - ٤١.
(٤) هو عضد الدولة، الملقب بسلطان العالم، أبو شجاع محمد بن جغريبك داود بن ميكائيل بن سلجوق، ملك بعد عمه، كان في آخر دولته من أعدل الناس، وأحسنهم سيرة، وأرغبهم في الجهاد ونصر الدين، وكان كريماً رحيماً توفي مقتولاً سنة ٤٦٥. ينظر: "المنتظم" ٨/ ٢٧٦، "الكامل" ٨/ ١١٢ و"العبر" ٢/ ٣١٨.
117
الذي عظمت مملكته، ومكن له، واتسعت رقعة بلاده، وأكثر الغزو والحروب، حتى خافت منه الدول، ورهب جانبه الملوك (١)، وكان من أعظم ما حصل في عهده وقعة "ملاذكرد" عام (٤٦٣)، حين سار ملك النصارى في نحو مائتي ألف مقاتل، وعدةٍ عظيمة، عازماً على أن يبيد الإسلام وأهله، فالتقاه ألب أرسلان في جيش، وهم قريب من عشرين الفاً، فصبروا، ونصر الله جنده، وأعز عباده المؤمنين، ومكنهم من رقاب النصارى، وأسر ملكهم (٢).
قال ابن الجوزي (٣): وهذا الفتح في الإسلام كان عجباً لا نظير له، فإن القوم اجتمعوا ليزيلوا الإسلام وأهله، وكان ملك الروم قد حدثته نفسه بالمسير إلى السلطان ولو إلى الري، وأقطع البطارقة البلاد الإسلامية، وقال لمن أقطعه بغداد: لا تتعرض لذلك الشيخ الصالح فإنه صديقنا -يعني الخليفة- وكانت البطارقة تقول: لابد أن نشتوَ بالري ونصيف بالعراق، ونأخذ في عودنا بلاد الشام (٤).
وقد وفِّق بالوزير الصالح: نظام الملك أبي علي الحسن بن علي
قال ابن الجوزي (٣): وهذا الفتح في الإسلام كان عجباً لا نظير له، فإن القوم اجتمعوا ليزيلوا الإسلام وأهله، وكان ملك الروم قد حدثته نفسه بالمسير إلى السلطان ولو إلى الري، وأقطع البطارقة البلاد الإسلامية، وقال لمن أقطعه بغداد: لا تتعرض لذلك الشيخ الصالح فإنه صديقنا -يعني الخليفة- وكانت البطارقة تقول: لابد أن نشتوَ بالري ونصيف بالعراق، ونأخذ في عودنا بلاد الشام (٤).
وقد وفِّق بالوزير الصالح: نظام الملك أبي علي الحسن بن علي
(١) ينظر: "وفيات الأعيان" ٤/ ١٦١، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٤١٦.
(٢) ينظر: "المنتظم" ٨/ ٢٦٠ و"الكامل" ٨/ ١٠٩ و"العبر" ٢/ ٣١٣، و"البداية والنهاية" ١٢/ ١٠٠.
(٣) هو عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي البغدادي، أبو الفرج، إمام محدث فقيه حنبلي واعظ الإسلام، مشهور بكثرة التصنيف، ولد ببغداد سنة ٥٠٨، ومن تصانيفه: "زاد المسير"، و"المنتظم"، و"تلبيس إبليس"، توفي سنة ٥٩٧. ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٢٧٩، و"مفتاح السعادة" ١/ ٢٠٧.
(٤) "المنتظم" ٨/ ٢٦٤.
(٢) ينظر: "المنتظم" ٨/ ٢٦٠ و"الكامل" ٨/ ١٠٩ و"العبر" ٢/ ٣١٣، و"البداية والنهاية" ١٢/ ١٠٠.
(٣) هو عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي البغدادي، أبو الفرج، إمام محدث فقيه حنبلي واعظ الإسلام، مشهور بكثرة التصنيف، ولد ببغداد سنة ٥٠٨، ومن تصانيفه: "زاد المسير"، و"المنتظم"، و"تلبيس إبليس"، توفي سنة ٥٩٧. ينظر: "وفيات الأعيان" ١/ ٢٧٩، و"مفتاح السعادة" ١/ ٢٠٧.
(٤) "المنتظم" ٨/ ٢٦٤.
118
الطوسي (١) الذي وزر لألب أرسلان وابنه من بعده.
وفي عام (٤٦٥) قُتل ألب أرسلان، وخلفه ابنه مَلكشاه (٢) الذي اتسع ملكه اتساعاً عظيماً، ودام ملكه عشرين عاماً، وخطب له من حدود الصين إلى آخر الشام، ومن أقاصي بلاد الإسلام في الشمال إلى آخر بلاد اليمن، وحمل إليه الروم الجزية.... وانقضت أيامه على أمن عام وسكون شامل.
وفي عام (٤٨٥) مات ملكشاه، ووهن بموته أمر السلاجقة، "وانحلت الدولة، ووقع السيف" (٣).
وقفة تأمل:
عند التأمل في هذه الصراعات السياسية والتقلبات الواضحة سواء على المحيط العام، أو محيط نيسابور، بشكل خاص، لا نرى أثراً واضحاً على حياة الناس الخاصة، ولذا نجد أن المؤلف عاش غالب أيام شبابه في عهد محمود الغزنوي، السلطان الذي اشتهر بعدله وفضله وقوته وحبه للعلم
وفي عام (٤٦٥) قُتل ألب أرسلان، وخلفه ابنه مَلكشاه (٢) الذي اتسع ملكه اتساعاً عظيماً، ودام ملكه عشرين عاماً، وخطب له من حدود الصين إلى آخر الشام، ومن أقاصي بلاد الإسلام في الشمال إلى آخر بلاد اليمن، وحمل إليه الروم الجزية.... وانقضت أيامه على أمن عام وسكون شامل.
وفي عام (٤٨٥) مات ملكشاه، ووهن بموته أمر السلاجقة، "وانحلت الدولة، ووقع السيف" (٣).
وقفة تأمل:
عند التأمل في هذه الصراعات السياسية والتقلبات الواضحة سواء على المحيط العام، أو محيط نيسابور، بشكل خاص، لا نرى أثراً واضحاً على حياة الناس الخاصة، ولذا نجد أن المؤلف عاش غالب أيام شبابه في عهد محمود الغزنوي، السلطان الذي اشتهر بعدله وفضله وقوته وحبه للعلم
(١) ولد بطوس عام ٤٠٨ حفظ القرآن وله إحدى عشرة سنة، واشتغل بالعلوم حتى حصل طرفاً صالحاً، وكان شافعياً أشعرياً، تنقلت به الأحوال في الكتابة والدواوين، حتى وزر لألب أرسلان، ثم لابنه ٢٩ سنة، وكان سائساً خبيراً متديناً، عامر المجلس بالعلماء، خفف المظالم، ورفق بالرعية، وبنى كثيراً من المدارس والوقوف، وكانت تسمى المدارس النظامية، قتل سنة ٤٨٥ على يد أحد الباطنية. ينظر: "المنتظم" ٩/ ٦٤ - ٦٨ و"الكامل" ٨/ ١٦٢ و"سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٩٤.
(٢) هو أبو الفتح جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان، كان حسن السيرة محسناً إلى الرعية، وكان يلقب بالسلطان العادل توفي سنة ٤٨٥، وقيل: إنه مات مسموماً. ينظر: "المنتظم" ٩/ ٦٩ - ٧٤ و"الكامل" ٨/ ١٦٣ و"سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٥٤ و"البداية والنهاية" ١٢/ ١٤٢.
(٣) ينظر: "الكامل" ٨/ ١٦٢.
(٢) هو أبو الفتح جلال الدولة بن السلطان ألب أرسلان، كان حسن السيرة محسناً إلى الرعية، وكان يلقب بالسلطان العادل توفي سنة ٤٨٥، وقيل: إنه مات مسموماً. ينظر: "المنتظم" ٩/ ٦٩ - ٧٤ و"الكامل" ٨/ ١٦٣ و"سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٥٤ و"البداية والنهاية" ١٢/ ١٤٢.
(٣) ينظر: "الكامل" ٨/ ١٦٢.
119
والعلماء ومذهبه الشافعي ومعتمده الكرّامي، كما أنه أدرك في كهولته ونضجه عهد طغرلبك وألب أرسلان وابنه ملكشاه السلجوقيين، خصوصاً أنه لقي من وزيري الأخيرين: نظام الملك -والذي كان شافعي المذهب، أشعري العقيدة- وأخيه (١) كل إعزاز وإكرام (٢)، ولا شك أن هذا له أثره الواضح على شخصيته المؤلف، تعلماً واستفادة وإفادة.
أثر هذه السياسة على الناحية العلمية:
تبين مما سبق ذكره أن العصر الذي نشأ فيه الواحدي غير مستقر من الناحية السياسية ففيه ظهر ضعف الخلافة العباسية وكان عهد قيام دول وسقوط أخرى، فهل كان لهذا الاضطراب السياسي أثر على الناحية العلمية؟
على العكس من ذلك فقد نشطت الحركة العلمية، حيث اندفعت هذه الدول في تشجيع العلم وأهله، إما بدافع المنافسة، أو بدافع حب الحاكم للعلم والعلماء كما هي حالة محمود بن سبكتكين الغزنوي (٣)، ونظام الملك (٤) وزير ألب أرسلان وابنه ملكشاه.
كما كان لوجود الفرق ونشاطها من شيعة ومعتزلة وأشعرية وصوفية
أثر هذه السياسة على الناحية العلمية:
تبين مما سبق ذكره أن العصر الذي نشأ فيه الواحدي غير مستقر من الناحية السياسية ففيه ظهر ضعف الخلافة العباسية وكان عهد قيام دول وسقوط أخرى، فهل كان لهذا الاضطراب السياسي أثر على الناحية العلمية؟
على العكس من ذلك فقد نشطت الحركة العلمية، حيث اندفعت هذه الدول في تشجيع العلم وأهله، إما بدافع المنافسة، أو بدافع حب الحاكم للعلم والعلماء كما هي حالة محمود بن سبكتكين الغزنوي (٣)، ونظام الملك (٤) وزير ألب أرسلان وابنه ملكشاه.
كما كان لوجود الفرق ونشاطها من شيعة ومعتزلة وأشعرية وصوفية
(١) هو ابو القاسم عبد الله بن علي بن إسحاق الطوسي أخو الوزير نظام الملك، سمع الحديث، وكان عفيفاً نزيهاً، كثير فعل الخير توفي سنة (٤٩٩).
(٢) ينظر: "معجم الأدباء" لياقوت ١٢/ ٢٦٠ نقلاً عن كتاب "السياق لتاريخ نيسابور" لعبد الغافر الفارسي تلميذ المؤلف.
(٣) انظر: "البداية النهاية" ١٢/ ٣٠.
(٤) انظر: "البداية والنهاية" ١٢/ ١٤٠.
(٢) ينظر: "معجم الأدباء" لياقوت ١٢/ ٢٦٠ نقلاً عن كتاب "السياق لتاريخ نيسابور" لعبد الغافر الفارسي تلميذ المؤلف.
(٣) انظر: "البداية النهاية" ١٢/ ٣٠.
(٤) انظر: "البداية والنهاية" ١٢/ ١٤٠.
120
وغيرهم دور كبير في تنشيط الناحية العلمية. إذ ذهبت كل فرقة تكتب وتؤصل وتدافع عن مبادئها وترد على الفرق الأخرى (١).
أولاً: ازدهار المساجد:
لاشك أن المسجد هو المدرسة الأولى التي علم فيها النبي - ﷺ - أصحابه، وتخرج فيها الرعيل الأول، ففيه تعقد حلق العلم، ويلتقي العلماء وطلاب العلم، وإذا اعتني بالمسجد فإنه لا يخلو من مكتبة عامرة، ورباط لطلاب العلم المغتربين، وهذا ما كان موجوداً في عصر المؤلف، ففي غزنة بنى السلطان محمود بن سبكتكين جامعاً مشهوراً، وأضاف إليه مدرسة عامرة وخزانة كتب نفيسة (٢).
وفي نيسابور اشتهر مسجد عقيل (٣)، "وكان مجمعاً لأهل العلم وفيه خزائن الكتب الموقوفة" (٤)، وكان من أعظم منافع نيسابور وكذلك مسجد المطرز، والجامع المنيعي (٥).
واجتماع مثل هذه المراكز في بلد يضفي على الحركة العلمية قوة ونشاطاً، ويزيد من فرص الاستفادة لطالب العلم، حيث يتعدد الشيوخ والعلماء القائمون على هذه المدارس، وتتنوع الطرائق والأساليب التي تقدم للطلبة، فيكون انتفاعهم كبيراً، واستفادتهم واضحة.
أولاً: ازدهار المساجد:
لاشك أن المسجد هو المدرسة الأولى التي علم فيها النبي - ﷺ - أصحابه، وتخرج فيها الرعيل الأول، ففيه تعقد حلق العلم، ويلتقي العلماء وطلاب العلم، وإذا اعتني بالمسجد فإنه لا يخلو من مكتبة عامرة، ورباط لطلاب العلم المغتربين، وهذا ما كان موجوداً في عصر المؤلف، ففي غزنة بنى السلطان محمود بن سبكتكين جامعاً مشهوراً، وأضاف إليه مدرسة عامرة وخزانة كتب نفيسة (٢).
وفي نيسابور اشتهر مسجد عقيل (٣)، "وكان مجمعاً لأهل العلم وفيه خزائن الكتب الموقوفة" (٤)، وكان من أعظم منافع نيسابور وكذلك مسجد المطرز، والجامع المنيعي (٥).
واجتماع مثل هذه المراكز في بلد يضفي على الحركة العلمية قوة ونشاطاً، ويزيد من فرص الاستفادة لطالب العلم، حيث يتعدد الشيوخ والعلماء القائمون على هذه المدارس، وتتنوع الطرائق والأساليب التي تقدم للطلبة، فيكون انتفاعهم كبيراً، واستفادتهم واضحة.
(١) انظر: "تاريخ الإسلام السياسي" ٣/ ٣٧٥، ٤/ ٤٢٠.
(٢) ينظر: "تاريخ العتبي" ٢/ ٢٩٩.
(٣) ينظر: "المنتخب من السياق" ٣٩، ١٢٠، ٣٦٠، ٤٩٣.
(٤) "الكامل" ٩/ ٧٤.
(٥) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٥٦ و ٧٣.
(٢) ينظر: "تاريخ العتبي" ٢/ ٢٩٩.
(٣) ينظر: "المنتخب من السياق" ٣٩، ١٢٠، ٣٦٠، ٤٩٣.
(٤) "الكامل" ٩/ ٧٤.
(٥) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٥٦ و ٧٣.
121
ثانياً: بناء المدارس والعناية بها:
تعد المدارس المعاقلَ الكبرى للتعليم، وتخريج العلماء، وحفظ الدين، وكانت عناية الناس بها في القرنين الرابع والخامس عظيمة، بل كانت إحدى الميزات الكبرى لهذين القرنين.
وتقدم أن السلطان محموداً لما بنى جامع غزنة ألحق به مدرسة عظيمة، كانت موئلاً للعلماء وطلاب العلم، مع إجراء الأموال على المنقطعين والغرباء من طلاب العلم (١).
وبنى السلطان: ألب أرسلان ببغداد مدارس أنفق عليها أموالاً عظيمة (٢)، واشتهر في تلك الفترة التي مر بها المؤلف المدارس النظامية، المنسوبة للوزير نظام الملك وقد بنى مدرسة ببغداد، ومدرسة ببلخ، ومدرسة بنيسابور، ومدرسة بهراة، ومدرسة بأصبهان، ومدرسة بالبصرة، ومدرسة بمرو، ومدرسة بآمل طبرستان، ومدرسة بالموصل، ويقال: إن له في كل مدينة بالعراق وخراسان مدرسة (٣).
وأما نيسابور فقد كان لها قصب السبق في هذا الميدان وحظيت
تعد المدارس المعاقلَ الكبرى للتعليم، وتخريج العلماء، وحفظ الدين، وكانت عناية الناس بها في القرنين الرابع والخامس عظيمة، بل كانت إحدى الميزات الكبرى لهذين القرنين.
وتقدم أن السلطان محموداً لما بنى جامع غزنة ألحق به مدرسة عظيمة، كانت موئلاً للعلماء وطلاب العلم، مع إجراء الأموال على المنقطعين والغرباء من طلاب العلم (١).
وبنى السلطان: ألب أرسلان ببغداد مدارس أنفق عليها أموالاً عظيمة (٢)، واشتهر في تلك الفترة التي مر بها المؤلف المدارس النظامية، المنسوبة للوزير نظام الملك وقد بنى مدرسة ببغداد، ومدرسة ببلخ، ومدرسة بنيسابور، ومدرسة بهراة، ومدرسة بأصبهان، ومدرسة بالبصرة، ومدرسة بمرو، ومدرسة بآمل طبرستان، ومدرسة بالموصل، ويقال: إن له في كل مدينة بالعراق وخراسان مدرسة (٣).
وأما نيسابور فقد كان لها قصب السبق في هذا الميدان وحظيت
(١) ينظر: "تاريخ العتبي" ٢/ ٢٩٩.
(٢) ينظر: "شذرات الذهب" ٣/ ٣١٩.
(٣) ينظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٣١٣ وآثار البلاد للقزويني ص ٤١٢. وحكى سبب بناء هذه المدارس: أن السلطان ألب أرسلان دخل نيسابور فمر على باب مسجد فرأى جماعة من الفقهاء على حال رثة، فسأل وزيره نظام الملك عنهم، فأخبره بحالهم وفقرهم، فلان قلب السلطان لهم، فاقترح عليه الوزير أن يبني لهم داراً، ويجري عليهم أرزاقاً، فأذن له السلطان، فأمر نظام الملك ببناء المدارس في جميع مملكة السلطان، وأن يصرف عشر مال السلطان في بناء المدارس.
(٢) ينظر: "شذرات الذهب" ٣/ ٣١٩.
(٣) ينظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٣١٣ وآثار البلاد للقزويني ص ٤١٢. وحكى سبب بناء هذه المدارس: أن السلطان ألب أرسلان دخل نيسابور فمر على باب مسجد فرأى جماعة من الفقهاء على حال رثة، فسأل وزيره نظام الملك عنهم، فأخبره بحالهم وفقرهم، فلان قلب السلطان لهم، فاقترح عليه الوزير أن يبني لهم داراً، ويجري عليهم أرزاقاً، فأذن له السلطان، فأمر نظام الملك ببناء المدارس في جميع مملكة السلطان، وأن يصرف عشر مال السلطان في بناء المدارس.
122
بنصيب وافر من المدارس المشهورة، قال المقريزي (١): "وأول من حُفظ عنه أنه بنى مدرسة في الإسلام أهلُ نيسابور" (٢). ومن مدارسها المشهورة:
١ - مدرسة أبي إسحاق الإسفرايني (٣)، وهي مدرسة لم يبن قبلها بنيسابور مثلها (٤).
٢ - مدرسة الصبغي المعروفة باسم دار السنة (٥).
٣ - المدرسة السعيدية، بناها الأمير نَصْر بن سبكتكين (٦)، ووقف عليها الأوقاف (٧).
٤ - المدرسة البَيْهقِية (٨).
١ - مدرسة أبي إسحاق الإسفرايني (٣)، وهي مدرسة لم يبن قبلها بنيسابور مثلها (٤).
٢ - مدرسة الصبغي المعروفة باسم دار السنة (٥).
٣ - المدرسة السعيدية، بناها الأمير نَصْر بن سبكتكين (٦)، ووقف عليها الأوقاف (٧).
٤ - المدرسة البَيْهقِية (٨).
(١) هو أحمد بن علي بن عبد القادر، أبو العباس الحسيني تقي الدين المقريزي: مؤرخ الديار المصرية ولد سنة ٧٦٦ وولي الحسبة والإمامة والخطابة في القاهرة مرات، من كتبه: "المواعظ والآثار بذكر الخطط والآثار"، والمشهور "بخطط المقريزي"، وله أكثر من مائتي مجلد كبار، توفي سنة ٨٤٥. ينظر: "البدر الطالع" ١/ ٧٩، و"الإعلام" ١/ ١٧٧.
(٢) "الخطط" ٢/ ٣٦٣.
(٣) سبقت ترجمته في مبحث شيوخ الواحدي.
(٤) "طبقات الشافعية" ٤/ ٣١٤ نقلاً عن "تاريخ نيسابور" للحاكم وهو تاريخ مفقود.
(٥) "المنتخب من السياق" ص ١٦.
(٦) هو الأمير العالم نصر بن ناصر الدين سبكتكين، ولي نيسابور عام ٣٩٠، وسمع المشايخ، وصحب الأئمة، واستفاد منهم، وأحسن الولاية وعاد إلى غزنة، وتوفي بها سنة ٤١٢ ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٤٦٣.
(٧) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٤٦٤ و"طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٣١٤ و"الخطط" للمقريزي ٢/ ٣٦٣.
(٨) ينظر: المراجع السابقة.
(٢) "الخطط" ٢/ ٣٦٣.
(٣) سبقت ترجمته في مبحث شيوخ الواحدي.
(٤) "طبقات الشافعية" ٤/ ٣١٤ نقلاً عن "تاريخ نيسابور" للحاكم وهو تاريخ مفقود.
(٥) "المنتخب من السياق" ص ١٦.
(٦) هو الأمير العالم نصر بن ناصر الدين سبكتكين، ولي نيسابور عام ٣٩٠، وسمع المشايخ، وصحب الأئمة، واستفاد منهم، وأحسن الولاية وعاد إلى غزنة، وتوفي بها سنة ٤١٢ ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٤٦٣.
(٧) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٤٦٤ و"طبقات الشافعية" للسبكي ٤/ ٣١٤ و"الخطط" للمقريزي ٢/ ٣٦٣.
(٨) ينظر: المراجع السابقة.
123
٥ - مدرسة أبي بكر البسْتي الفقيه (١).
٦ - مدرسة أبي سعد الإستراباذي (٢).
٧ - مدرسة إسماعيل الصابوني (٣).
وغير ذلك من المدارس التي ذكرها عبد الغافر الفارسي مثل: مدرسة الثعالبي، ومدرسة السيوري، ومدرسة المشطبي، ومدرسة الصعلوكي، ومدرسة الخفاف، ومدرسة ابن صاعد، ومدرسة الشحامي، ومدرسة القشيريين، ومدرسة سرهنك وغيرها (٤).
ثالثاً: انتشار المكتبات وخزائن الكتب:
المكتبات وخزائن الكتب هي جنات طلاب العلم، ورياض أفكارهم، ومحل استمتاعهم، ففيها يحققون المسائل ويفتقونها، ويطَّلعون على الدلائل ويحررونها، ويوثقون الفوائد، ويتوسعون في البحث، ولذا حرص الكبار على إنشائها، وتزويد المساجد والمدارس ودور العلم ومعاهد التعليم بها، إذ تصبح تلك المعاهد بلا مكتبات
٦ - مدرسة أبي سعد الإستراباذي (٢).
٧ - مدرسة إسماعيل الصابوني (٣).
وغير ذلك من المدارس التي ذكرها عبد الغافر الفارسي مثل: مدرسة الثعالبي، ومدرسة السيوري، ومدرسة المشطبي، ومدرسة الصعلوكي، ومدرسة الخفاف، ومدرسة ابن صاعد، ومدرسة الشحامي، ومدرسة القشيريين، ومدرسة سرهنك وغيرها (٤).
ثالثاً: انتشار المكتبات وخزائن الكتب:
المكتبات وخزائن الكتب هي جنات طلاب العلم، ورياض أفكارهم، ومحل استمتاعهم، ففيها يحققون المسائل ويفتقونها، ويطَّلعون على الدلائل ويحررونها، ويوثقون الفوائد، ويتوسعون في البحث، ولذا حرص الكبار على إنشائها، وتزويد المساجد والمدارس ودور العلم ومعاهد التعليم بها، إذ تصبح تلك المعاهد بلا مكتبات
(١) هو أحمد بن محمد بن عبيد الله من كبار أئمة نيسابور، ومن كبار فقهاء أصحاب الشافعية والمناظرين بنيسابور، توفي سنة ٤٢٩. ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٩٣ و"طبقات الشافعية" ٤/ ٨٠.
(٢) هو إسماعيل بن علي بن المثنى، أبو سعد، الصوفي العنبري، روى عنه الخطيب وغيره، مات سنة ٤٤٨، ينظر: "المنتخب من السياق" ص ١٣٠ و"تاريخ بغداد" ٦/ ٣١٥.
(٣) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٥٩ و ٢٧٥، وترجمة الصابوني سبقت في مبحث شيوخ المؤلف.
(٤) ينظر: "المنتخب من السياق" ص٥١، ٥٨، ٦٣، ٦٦، ١٠٦، ١٠٧، ٣٤٧، سبقت ترجمة عبد الغافر في مبحث تلاميذه.
(٢) هو إسماعيل بن علي بن المثنى، أبو سعد، الصوفي العنبري، روى عنه الخطيب وغيره، مات سنة ٤٤٨، ينظر: "المنتخب من السياق" ص ١٣٠ و"تاريخ بغداد" ٦/ ٣١٥.
(٣) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٥٩ و ٢٧٥، وترجمة الصابوني سبقت في مبحث شيوخ المؤلف.
(٤) ينظر: "المنتخب من السياق" ص٥١، ٥٨، ٦٣، ٦٦، ١٠٦، ١٠٧، ٣٤٧، سبقت ترجمة عبد الغافر في مبحث تلاميذه.
124
مشلولة، قليلة الطلاب والرواد.
ففي بغداد أنشأ الوزير: سابور بن أردشير (١) سنة (٣٨٣) دار الكتب، سماها: دار العلم، وشملت أكثر من عشرة آلاف مجلد (٢) وفي البصرة داران للكتب (٣).
وفي فيروزاباد بنى الوزير أبو منصور بن منافيه (٤) داراً للكتب، وقفها على طلاب العلم، جمع فيها تسعة عشر ألف مجلد.
وفي غزنة ألحق السلطان محمود بن سبكتكين بجامعه الذي بناه مدرسة: ملأَ بيوتها بالكتب (٥).
وأما في نيسابور فقد أُلحق بمسجد عقيل -المتقدم ذكره- خزائنُ كتب وقفها العلماء (٦)، وكذا كانت المدرسة البيهقية (٧).
ففي بغداد أنشأ الوزير: سابور بن أردشير (١) سنة (٣٨٣) دار الكتب، سماها: دار العلم، وشملت أكثر من عشرة آلاف مجلد (٢) وفي البصرة داران للكتب (٣).
وفي فيروزاباد بنى الوزير أبو منصور بن منافيه (٤) داراً للكتب، وقفها على طلاب العلم، جمع فيها تسعة عشر ألف مجلد.
وفي غزنة ألحق السلطان محمود بن سبكتكين بجامعه الذي بناه مدرسة: ملأَ بيوتها بالكتب (٥).
وأما في نيسابور فقد أُلحق بمسجد عقيل -المتقدم ذكره- خزائنُ كتب وقفها العلماء (٦)، وكذا كانت المدرسة البيهقية (٧).
(١) هو أبو نصر، سابور بن أردشير، وزير لبهاء الدولة بن بويه، وكان كاتباً سديداً، مهيباً، عفيفاً عن الأموال مات سنة ٤١٦. ينظر: "المنتظم" ٨/ ٢٢ و"الكامل" ٧/ ٣٢٤ و"السير" ١٧/ ٣٨٧.
(٢) ينظر: "المنتظم" ٧/ ١٧٢.
(٣) إحداهما: وقفت قبل عضد الدولة بن بويه، فقال: هذه مكرمة سبقنا إليها، وهي أول دار وقفت في الإسلام، قال ابن كثير في "البداية والنهاية" ١٢/ ١٣٨، عنها: لم ير في الإسلام مثلها. وقد نهبت الأعراب كلتا الدارين في فتنة البصرة سنة (٤٨٣) ينظر: "الكامل" ٨/ ١٥٣.
(٤) هو أبو منصور بهرام بن منافيه، وهو الملقب بالعادل، وزير الملك أبي كاليجار البويهي، ولد بكازرون سنة ٣٦٦، وكان حسن السيرة، فضلاً، نزيهاً توفي سنة (٤٣٣)، ينظر: "الكامل" ٨/ ٣٢، و"البداية والنهاية" ١٢/ ٤٩.
(٥) ينظر: "تاريخ العتبي" ٢/ ٣٠٠.
(٦) ينظر: "الكامل" ٩/ ٧٤.
(٧) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ١٨.
(٢) ينظر: "المنتظم" ٧/ ١٧٢.
(٣) إحداهما: وقفت قبل عضد الدولة بن بويه، فقال: هذه مكرمة سبقنا إليها، وهي أول دار وقفت في الإسلام، قال ابن كثير في "البداية والنهاية" ١٢/ ١٣٨، عنها: لم ير في الإسلام مثلها. وقد نهبت الأعراب كلتا الدارين في فتنة البصرة سنة (٤٨٣) ينظر: "الكامل" ٨/ ١٥٣.
(٤) هو أبو منصور بهرام بن منافيه، وهو الملقب بالعادل، وزير الملك أبي كاليجار البويهي، ولد بكازرون سنة ٣٦٦، وكان حسن السيرة، فضلاً، نزيهاً توفي سنة (٤٣٣)، ينظر: "الكامل" ٨/ ٣٢، و"البداية والنهاية" ١٢/ ٤٩.
(٥) ينظر: "تاريخ العتبي" ٢/ ٣٠٠.
(٦) ينظر: "الكامل" ٩/ ٧٤.
(٧) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ١٨.
125
ومدرسة الصابوني (١) وغيرهما.
ولما أنشأ الوزير نظام الملك المدارس النظامية ألحق بكل واحدة خزانةَ كتب (٢).
رابعاً: تقدير السلاطين ووزرائهم للعلم والعلماء:
لا يخفى أن أعظم عوامل رواج سوق العلم: هو تشجيع السلاطين وتحفيز الدول، وقيامها بإكرام العلماء وتقديرهم، وقضاء حوائجهم، وتبويئهم المكان اللائق، والمكانة المرموقة، مما يرغب الناس إلى دفع أولادهم إلى معاهد العلم، وتفريغهم لطلبه، والحرص عليه وقد حظي ذلك العصر بخلفاء ووزراء كانوا إما: من العلماء، أو من المحبين للعلم المشاركين فيه،
فالخليفة القادر بالله يعد من فقهاء الشافعية، وله تصانيف (٣)، والقائم بأمر الله يعد من العلماء الأدباء الكتاب البلغاء (٤).
والسلطان محمود بن سبكتكين كان عنده علم ومعرفة، وحب للعلم وأهله، وتقريب لهم، ومجلسه على الدوام عامر بهم على اختلاف فنونهم، وصنفت له التصانيف (٥).
ولما أنشأ الوزير نظام الملك المدارس النظامية ألحق بكل واحدة خزانةَ كتب (٢).
رابعاً: تقدير السلاطين ووزرائهم للعلم والعلماء:
لا يخفى أن أعظم عوامل رواج سوق العلم: هو تشجيع السلاطين وتحفيز الدول، وقيامها بإكرام العلماء وتقديرهم، وقضاء حوائجهم، وتبويئهم المكان اللائق، والمكانة المرموقة، مما يرغب الناس إلى دفع أولادهم إلى معاهد العلم، وتفريغهم لطلبه، والحرص عليه وقد حظي ذلك العصر بخلفاء ووزراء كانوا إما: من العلماء، أو من المحبين للعلم المشاركين فيه،
فالخليفة القادر بالله يعد من فقهاء الشافعية، وله تصانيف (٣)، والقائم بأمر الله يعد من العلماء الأدباء الكتاب البلغاء (٤).
والسلطان محمود بن سبكتكين كان عنده علم ومعرفة، وحب للعلم وأهله، وتقريب لهم، ومجلسه على الدوام عامر بهم على اختلاف فنونهم، وصنفت له التصانيف (٥).
(١) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ١٤٦.
(٢) ينظر: "مختصر زبدة النصر ونخبة العصر" للبنداوي ص ٥٧ و"الكامل" ٨/ ١٤٣.
(٣) ينظر: "طبقات الشافعية" لابن الصلاح ١/ ٣٢٤، و"تاريخ الخلفاء" للسيوطي ص ٤١٧.
(٤) ينظر: "الكامل" ٨/ ١٢٠ و"البداية والنهاية" ١٢/ ١١٠.
(٥) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٤٤٦.
(٢) ينظر: "مختصر زبدة النصر ونخبة العصر" للبنداوي ص ٥٧ و"الكامل" ٨/ ١٤٣.
(٣) ينظر: "طبقات الشافعية" لابن الصلاح ١/ ٣٢٤، و"تاريخ الخلفاء" للسيوطي ص ٤١٧.
(٤) ينظر: "الكامل" ٨/ ١٢٠ و"البداية والنهاية" ١٢/ ١١٠.
(٥) ينظر: "المنتخب من السياق" ص ٤٤٦.
126
وسار ابنه السلطان مسعود سيرته (١).
وكانت الدولة السلجوقية مشهورة بتكريم العلماء ومحبتهم، حتى "أصبح كل واحد من العلماء بفضل تشجيع سلطان من سلاطين السلاجقة محطَّاً لأنظار العالمين" (٢).
وأما الوزير نظام الملك، فقد كان عالماً مغرماً بالعلم وأهله، وقد بقيت جهوده وآثاره في ذلك شامة في جبين التاريخ الإسلامي، يقول أبو الوفاء بن عقيل (٣) في الثناء عليه: "بنى المدارس، ووقَّف الوقوف، ونَعَش من العلم وأهله ما كان خاملاً مهملاً في أيام من قبله" (٤) ويصفه العماد الأصفهاني (٥) قائلاً: "ولم يزل بابه مجمعَ الفضلاء وملجأ العلماء، وكان نافذاً بصيراً ينقب عن أحوال كل منهم، ويسأل عن تصرفاته وخبرته ومعرفته، فمن تفرس فيه صلاحية الولاية ولاّه، ومن رآه مستحقاً لرفع قدره رفعه وأعلاه، ومن رأى الانتفاع بعلمه أغناه، ورتب له من جدواه حتى
وكانت الدولة السلجوقية مشهورة بتكريم العلماء ومحبتهم، حتى "أصبح كل واحد من العلماء بفضل تشجيع سلطان من سلاطين السلاجقة محطَّاً لأنظار العالمين" (٢).
وأما الوزير نظام الملك، فقد كان عالماً مغرماً بالعلم وأهله، وقد بقيت جهوده وآثاره في ذلك شامة في جبين التاريخ الإسلامي، يقول أبو الوفاء بن عقيل (٣) في الثناء عليه: "بنى المدارس، ووقَّف الوقوف، ونَعَش من العلم وأهله ما كان خاملاً مهملاً في أيام من قبله" (٤) ويصفه العماد الأصفهاني (٥) قائلاً: "ولم يزل بابه مجمعَ الفضلاء وملجأ العلماء، وكان نافذاً بصيراً ينقب عن أحوال كل منهم، ويسأل عن تصرفاته وخبرته ومعرفته، فمن تفرس فيه صلاحية الولاية ولاّه، ومن رآه مستحقاً لرفع قدره رفعه وأعلاه، ومن رأى الانتفاع بعلمه أغناه، ورتب له من جدواه حتى
(١) ينظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي ١٧/ ٤٩٥، و"البداية والنهاية" ١٢/ ٢٨.
(٢) "راحة الصدور وآية السرور في تاريخ الدولة السلجوقية" للراوندي ص ٧٢.
(٣) علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي أبو الوفاء، شيخ الحنابلة في زمانه ببغداد عالم متقن ولد سنة ٤٣١، وله مصنفات أكبرها كتاب "الفنون"، قال الذهبي: لم يصنف في الدنيا أكبر منه، وله كتاب الجدل على طريقة الفقهاء، توفي سنة (٥١٣). ينظر: "شذرات الذهب" ٤/ ٣٥ و"الذيل على طبقات الحنابلة" ١/ ١٧١.
(٤) "المنتخب" ص ١٤٦.
(٥) محمد بن محمد صفي الدين ابن نفيس الدين حامد بن ألُهْ، أبو عبد الله عماد الدين الكاتب الأصبهاني، عالم بالأدب من كبار الكتاب ولد في أصبهان سنة ٥١٩، له كتب كثير، وله ديوان رسائل وديوان شعر، توفي سنة ٥٩٧. ينظر: "وفيات الأعيان" ٢/ ٧٤، "مرآة الزمان" ٨/ ٥٠٤.
(٢) "راحة الصدور وآية السرور في تاريخ الدولة السلجوقية" للراوندي ص ٧٢.
(٣) علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي أبو الوفاء، شيخ الحنابلة في زمانه ببغداد عالم متقن ولد سنة ٤٣١، وله مصنفات أكبرها كتاب "الفنون"، قال الذهبي: لم يصنف في الدنيا أكبر منه، وله كتاب الجدل على طريقة الفقهاء، توفي سنة (٥١٣). ينظر: "شذرات الذهب" ٤/ ٣٥ و"الذيل على طبقات الحنابلة" ١/ ١٧١.
(٤) "المنتخب" ص ١٤٦.
(٥) محمد بن محمد صفي الدين ابن نفيس الدين حامد بن ألُهْ، أبو عبد الله عماد الدين الكاتب الأصبهاني، عالم بالأدب من كبار الكتاب ولد في أصبهان سنة ٥١٩، له كتب كثير، وله ديوان رسائل وديوان شعر، توفي سنة ٥٩٧. ينظر: "وفيات الأعيان" ٢/ ٧٤، "مرآة الزمان" ٨/ ٥٠٤.
127
ينقطع إلى إفادة العلم ونشره، وتدريس الفضل وذكره، وربما سيَّره إلى إقليم خال من العلم، ليُحْلِيَ به عاطله، ويحيي به حقه، ويميت باطله" (١).
ومن أشهر أعماله: تلك المدارس التي بناها، وأدرَّ عليها الأرزاق، وأثثها بما تحتاج إليه، كما تقدم.
ولأجل ذلك أطبق المؤرخون وأصحاب التراجم على الإشادة بما قام به هذا الوزير في هذا الباب (٢).
خامساً: نشاط بعض الفرق:
كثير من الفرق نشأت في أخريات القرن الأول والقرنين الثاني والثالث، وحظُّها من الشيوع والانتشار بقدر حظها من دعم الدول، واقتناع المتنفذين، ودعم السلاطين، ولذا بمجرد زوال تلك القوة الداعمة يحصل للفرقة الذبول أو الانحصار في بلد معين، أو طائفة أو جماعة محددة.
وقد كان لوجود دولة العبيديين الباطنية، ودولة البويهيين الرافضية أثر كبير على نشاط كثير من الفرق المناوئة للسنة، إذ ضَعْفُ أهلِ السنة في الجملة فسحةٌ واضحة للفرق الضالة، كي تنفذ إلى عقول الناس، وتسيرهم على النحو الذي تريد.
وقد بين المقريزي أن التشيع قوي بدولة بني بويه، وكذا فشا الاعتزال بالعراق وخراسان وما وراء النهر، وذهب إليه جماعة من الفقهاء، وقوي مع ذلك أمر الخلفاء الفاطميين بأفريقية وبلاد المغرب، وجهروا بمذهب
ومن أشهر أعماله: تلك المدارس التي بناها، وأدرَّ عليها الأرزاق، وأثثها بما تحتاج إليه، كما تقدم.
ولأجل ذلك أطبق المؤرخون وأصحاب التراجم على الإشادة بما قام به هذا الوزير في هذا الباب (٢).
خامساً: نشاط بعض الفرق:
كثير من الفرق نشأت في أخريات القرن الأول والقرنين الثاني والثالث، وحظُّها من الشيوع والانتشار بقدر حظها من دعم الدول، واقتناع المتنفذين، ودعم السلاطين، ولذا بمجرد زوال تلك القوة الداعمة يحصل للفرقة الذبول أو الانحصار في بلد معين، أو طائفة أو جماعة محددة.
وقد كان لوجود دولة العبيديين الباطنية، ودولة البويهيين الرافضية أثر كبير على نشاط كثير من الفرق المناوئة للسنة، إذ ضَعْفُ أهلِ السنة في الجملة فسحةٌ واضحة للفرق الضالة، كي تنفذ إلى عقول الناس، وتسيرهم على النحو الذي تريد.
وقد بين المقريزي أن التشيع قوي بدولة بني بويه، وكذا فشا الاعتزال بالعراق وخراسان وما وراء النهر، وذهب إليه جماعة من الفقهاء، وقوي مع ذلك أمر الخلفاء الفاطميين بأفريقية وبلاد المغرب، وجهروا بمذهب
(١) "زبدة النصْرة" للعماد الأصفهاني، "اختصار البُنْداري" ص ٥٧.
(٢) ينظر: "الكامل" ٨/ ١٦٢، و"سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٩٤ و"طبقات الشافعية" ٤/ ٣٠٩.
(٢) ينظر: "الكامل" ٨/ ١٦٢، و"سير أعلام النبلاء" ١٩/ ٩٤ و"طبقات الشافعية" ٤/ ٣٠٩.
128
الإسماعيلية، وبثوا دعاتهم بأرض مصر، فاستجاب لهم خلق كثير من أهلها، ثم ملكوها عام (٣٥٨)، وانتشرت مذاهب الرافضة في عامة الأقطار، قال المقريزي: "واشتهرت مذاهب الفرق من القدرية والجهمية والمعتزلة والكرَّامية والخوارج والروافض والقرامطة والباطنية حتى ملأت الأرض، وما منهم إلا من نظر في الفلسفة، وسلك من طرقها ما وقع عليه اختياره، فلم يبق مصر من الأمصار ولا قطر من الأقطار إلا وفيه طوائف كثيرة مما ذكرنا" (١).
هذا الواقع دعا أهل السنة وعلماء الملة -جرياً على سنة التدافع- للوقوف بقوة في وجه هذا المد البدعي الطاغي، ببيان الحق ورد الباطل ودفع الشبه، وفضح الفرق، وكشف عوارها (٢)، وهذا كما لا يخفى له أثره الواضح في إثراء الحياة العلمية تأليفاً وتدريساً، وكشفاً للحال، وتتبعاً للحقائق.
سادساً: المناظرات العلمية بين أرباب المذاهب:
مما كان سائداً في ذلك العصر: المناظراتُ التي كانت تعقد بين العلماء، يبين كل واحد منهم قوله، ويذكر دليله، ويفنِّد حجة خصمه، وقد
هذا الواقع دعا أهل السنة وعلماء الملة -جرياً على سنة التدافع- للوقوف بقوة في وجه هذا المد البدعي الطاغي، ببيان الحق ورد الباطل ودفع الشبه، وفضح الفرق، وكشف عوارها (٢)، وهذا كما لا يخفى له أثره الواضح في إثراء الحياة العلمية تأليفاً وتدريساً، وكشفاً للحال، وتتبعاً للحقائق.
سادساً: المناظرات العلمية بين أرباب المذاهب:
مما كان سائداً في ذلك العصر: المناظراتُ التي كانت تعقد بين العلماء، يبين كل واحد منهم قوله، ويذكر دليله، ويفنِّد حجة خصمه، وقد
(١) ينظر: "الخطط" للمقريزي ٢/ ٣٥٧.
(٢) من العلماء الذين صنفوا في ذلك: معمر بن زياد الأصبهاني (ت ٤١٨)، وأبو عمر الطلمنكي (ت ٤٢٩)، وأبو نصر السجزي (ت ٤٤٤) وأبو عمرو الداني (ت ٤٤٤) وأبو الفتح سليم بن أيوب الرازي (ت ٤٤٧) وأبو عثمان الصابوني (ت ٤٤٩) وأبو عمر بن عبد البر (ت ٤٦٣) وأبو القاسم سعد بن علي الزنجاني (ت ٤٧١) وغيرهم. ومن الأشاعرة: أبو بكر الباقلاني (ت ٤٠٣) وأبو إسحاق الإسفراييني (ت ٤١٨) وأبو منصور البغدادي (ت ٤٢٩).
(٢) من العلماء الذين صنفوا في ذلك: معمر بن زياد الأصبهاني (ت ٤١٨)، وأبو عمر الطلمنكي (ت ٤٢٩)، وأبو نصر السجزي (ت ٤٤٤) وأبو عمرو الداني (ت ٤٤٤) وأبو الفتح سليم بن أيوب الرازي (ت ٤٤٧) وأبو عثمان الصابوني (ت ٤٤٩) وأبو عمر بن عبد البر (ت ٤٦٣) وأبو القاسم سعد بن علي الزنجاني (ت ٤٧١) وغيرهم. ومن الأشاعرة: أبو بكر الباقلاني (ت ٤٠٣) وأبو إسحاق الإسفراييني (ت ٤١٨) وأبو منصور البغدادي (ت ٤٢٩).
129
تكون بين أتباع الفرق المختلفة، وكانت هذِه المناظرات تعقد عند السلاطين أحياناً، أو في المساجد ودور العلم في أكثر الأحيان، وفي نيسابور كانت هناك مجالس للنظر تعقد فيها المناظرات، وخاصة العلماء القادمين عليها (١). ومن العادة الجارية: أن طلاب العلم يحرصون على حضور تلك المجالس، لمعرفة الحق عند اختلاف الأقوال، والعلم بأقدار الرجال، والموازنة بين المختلفين، وقد يكون للانتصار لأحد القولين، حيث يجتهد المتناظران في إظهار صحة قولهم، وقوة دليله، وضعف ما يقابله (٢).
وقفة:
لاشك أن هذه الأسباب وغيرها كان لها أثر واضح في ثراء الحالة العلمية التي تنطبع تبعاً على شخصيات الأفراد من طلاب العلم والعلماء، حيث تهيئ بمجموعها جواً علمياً يدفع الطالب للاستزادة، ويعينه على الفهم، وينوع معارفه، ويشبع رغباته وميوله.
وما من شك، أن أثر ذلك كله قد انطبع على مترجمنا الإمام الواحدي، ومن يطالع مؤلفاته، ويقرأ ترجمته، يدرك ظهور ذلك التنوع المعرفي، والتعدد الثقافي والعلمي الذي اصطبغ به الواحدي.
وقفة:
لاشك أن هذه الأسباب وغيرها كان لها أثر واضح في ثراء الحالة العلمية التي تنطبع تبعاً على شخصيات الأفراد من طلاب العلم والعلماء، حيث تهيئ بمجموعها جواً علمياً يدفع الطالب للاستزادة، ويعينه على الفهم، وينوع معارفه، ويشبع رغباته وميوله.
وما من شك، أن أثر ذلك كله قد انطبع على مترجمنا الإمام الواحدي، ومن يطالع مؤلفاته، ويقرأ ترجمته، يدرك ظهور ذلك التنوع المعرفي، والتعدد الثقافي والعلمي الذي اصطبغ به الواحدي.
(١) ينظر: "المنتخب من السياق" ل ٥١، ٨٦، ٩٠، ٩٦، ٤٤٢، ٤٦١.
(٢) ذكر السبكي في طبقات الشافعية جملة من هذه المناظرات في تراجم عدد من العلماء. ينظر على سبيل المثال؛/ ٢٤٦، ٢٣٧ و ٥/ ٣٦، ٢٠٩.
(٢) ذكر السبكي في طبقات الشافعية جملة من هذه المناظرات في تراجم عدد من العلماء. ينظر على سبيل المثال؛/ ٢٤٦، ٢٣٧ و ٥/ ٣٦، ٢٠٩.
130
الفصل الثاني
دراسة عن كتاب البسيط
وفيه تسعة مباحث:
المبحث الأول: اسم الكتاب.
المبحث الثاني: ثبوت نسبة الكتاب للمؤلف.
المبحث الثالث: الباعث على إنشائه.
المبحث الرابع: تاريخ البدء فيه والانتهاء منه.
المبحث الخامس: مصادر المؤلف في البسيط، ثم التعريف بهذه المصادر وطريقته في الأخذ منها، وما هي المادة التي أخذها.
المبحث السادس: منهج المؤلف في البسيط.
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: منهجه إجمالاً كما وصفه في مقدمة كتابه.
المطلب الثاني: منهجه تفصيلاً.
وفيه تسع مسائل:
المسألة الأول: منهجه في تفسير القرآن بالقرآن.
المسألة الثانية: منهجه في تفسير القرآن بالسنة.
المسألة الثالثة: منهجه في تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.
المسألة الرابعة: منهجه في ذكر الإسرائيليات.
المسألة الخامسة: منهجه في القراءات وعللها.
دراسة عن كتاب البسيط
وفيه تسعة مباحث:
المبحث الأول: اسم الكتاب.
المبحث الثاني: ثبوت نسبة الكتاب للمؤلف.
المبحث الثالث: الباعث على إنشائه.
المبحث الرابع: تاريخ البدء فيه والانتهاء منه.
المبحث الخامس: مصادر المؤلف في البسيط، ثم التعريف بهذه المصادر وطريقته في الأخذ منها، وما هي المادة التي أخذها.
المبحث السادس: منهج المؤلف في البسيط.
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: منهجه إجمالاً كما وصفه في مقدمة كتابه.
المطلب الثاني: منهجه تفصيلاً.
وفيه تسع مسائل:
المسألة الأول: منهجه في تفسير القرآن بالقرآن.
المسألة الثانية: منهجه في تفسير القرآن بالسنة.
المسألة الثالثة: منهجه في تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.
المسألة الرابعة: منهجه في ذكر الإسرائيليات.
المسألة الخامسة: منهجه في القراءات وعللها.
131
المسألة السادسة: منهجه في علوم القرآن.
وفيها أربعة مطالب:
١ - أسباب النزول.
٢ - الوقف والابتداء.
٣ - الناسخ والمنسوخ.
٤ - الربط بين الآيات.
المسألة السابعة: منهجه في مسائل العقيدة، والرد على الفرق.
المسألة الثامنة: منهجه في المسائل الفقهية والأصولية.
المسألة التاسعة: منهجه في اللغة وفنونها.
وفيها خمسة مطالب:
١ - الجانب اللغوي.
٢ - الجانب النحوي.
٣ - الجانب البلاغي.
٤ - الشواهد الشعرية.
٥ - الجانب الفقهي.
المطلب الثالث: مقارنة بين تفاسير المؤلف الثلاثة.
المبحث السابع: قيمة الكتاب العلمية.
المبحث الثامن: أثر الواحدي فيمن بعده من العلماء من خلال كتابه البسيط.
المبحث التاسع: النسخ المخطوطة الموجودة للبسيط.
المبحث العاشر: منهج العمل في تحقيق البسيط.
وفيها أربعة مطالب:
١ - أسباب النزول.
٢ - الوقف والابتداء.
٣ - الناسخ والمنسوخ.
٤ - الربط بين الآيات.
المسألة السابعة: منهجه في مسائل العقيدة، والرد على الفرق.
المسألة الثامنة: منهجه في المسائل الفقهية والأصولية.
المسألة التاسعة: منهجه في اللغة وفنونها.
وفيها خمسة مطالب:
١ - الجانب اللغوي.
٢ - الجانب النحوي.
٣ - الجانب البلاغي.
٤ - الشواهد الشعرية.
٥ - الجانب الفقهي.
المطلب الثالث: مقارنة بين تفاسير المؤلف الثلاثة.
المبحث السابع: قيمة الكتاب العلمية.
المبحث الثامن: أثر الواحدي فيمن بعده من العلماء من خلال كتابه البسيط.
المبحث التاسع: النسخ المخطوطة الموجودة للبسيط.
المبحث العاشر: منهج العمل في تحقيق البسيط.
132
المبحث الأول
اسم الكتاب
اسم الكتاب "البسيط" ذكر ذلك المؤلف نفسه في مقدمة كتابه "الوسيط" حيث قال: "وقديمًا كنت أطالب بإملاء كتاب في تفسير وسيط، ينحط عن درجة "البسيط" الذي تجر فيه أذيال الأقوال، ويرتفع عن مرتبة "الوجيز" الذي اقتصر فيه على الإقلال.... " (١).
كما ورد اسم الكتاب "البسيط" في جميع المصادر التي ذكرته (٢)، ووصفه القفطي بـ"الكبير" قال: صنف التفسير الكبير وسماه "البسيط".. (٣)، وقد وردت كلمة "الكبير" على عناوين بعض مخطوطات البسيط ففي الجزء الثالث والخامس من النسخة الأزهرية كتب "البسيط وهو التفسير الكبير" (٤)، فلعل هذه الصفة التي ذكرها القفطي ومن جاء بعده، قصد بها بيان أنه أكبر كتبه في التفسير.
كذلك نجد على الجزء الثاني والثالث من مخطوطة "جستربتي" (٥) كتب عليها: هذا كتاب معاني التفسير المسمى بالبسيط للإمام الواحدي
اسم الكتاب
اسم الكتاب "البسيط" ذكر ذلك المؤلف نفسه في مقدمة كتابه "الوسيط" حيث قال: "وقديمًا كنت أطالب بإملاء كتاب في تفسير وسيط، ينحط عن درجة "البسيط" الذي تجر فيه أذيال الأقوال، ويرتفع عن مرتبة "الوجيز" الذي اقتصر فيه على الإقلال.... " (١).
كما ورد اسم الكتاب "البسيط" في جميع المصادر التي ذكرته (٢)، ووصفه القفطي بـ"الكبير" قال: صنف التفسير الكبير وسماه "البسيط".. (٣)، وقد وردت كلمة "الكبير" على عناوين بعض مخطوطات البسيط ففي الجزء الثالث والخامس من النسخة الأزهرية كتب "البسيط وهو التفسير الكبير" (٤)، فلعل هذه الصفة التي ذكرها القفطي ومن جاء بعده، قصد بها بيان أنه أكبر كتبه في التفسير.
كذلك نجد على الجزء الثاني والثالث من مخطوطة "جستربتي" (٥) كتب عليها: هذا كتاب معاني التفسير المسمى بالبسيط للإمام الواحدي
(١) "الوسيط" ١/ ٦.
(٢) انظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ١٥٩، و"وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠، و"البداية والنهاية" ١٢/ ١١٤، و"طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي ٣/ ٢٩٠، وغيرها من المصادر التي ترجمت للواحدي.
(٣) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٤) هذه النسخة محفوظة في رواق المغاربة في الأزهرية رقم (٣٠٣) ومنها ميكروفيلم في جامعة الإمام رقم (٨٠٤٩)، (٨٠٥١).
(٥) يوجد ميكروفيلم لها في جامعة الإمام رقم (٣٧٣١) ورقم (٣٧٣٢).
(٢) انظر: "معجم الأدباء" ١٢/ ١٥٩، و"وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٣، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠، و"البداية والنهاية" ١٢/ ١١٤، و"طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي ٣/ ٢٩٠، وغيرها من المصادر التي ترجمت للواحدي.
(٣) "إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٣.
(٤) هذه النسخة محفوظة في رواق المغاربة في الأزهرية رقم (٣٠٣) ومنها ميكروفيلم في جامعة الإمام رقم (٨٠٤٩)، (٨٠٥١).
(٥) يوجد ميكروفيلم لها في جامعة الإمام رقم (٣٧٣١) ورقم (٣٧٣٢).
133
وفي آخر الجزء الثاني كتب: آخر الجزء الثاني من كتاب معاني التفسير المسمى بالبسيط، تصنيف الشيخ الإمام الواحدي، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ووافق الفراغ منه يوم الخميس في آخر شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة، كتبه الضعيف الراجي المحتاج إلى رحمة الله تعالى أحمد بن محمد بن الحسن القروني.
وقد سبق الكلام على هذا عند الحديث عن مؤلفاته بما يغني عن إعادته هنا.
وقد سبق الكلام على هذا عند الحديث عن مؤلفاته بما يغني عن إعادته هنا.
134
المبحث الثاني
ثبوت نسبة الكتاب للواحدي
أما عن قضية ثبوت نسبة الكتاب للمؤلف، فهي من القضايا التي تصل إلى حد التواتر، لم يحصل فيها شك أو لبس يحتاج إلى بحث واستدلال، فالمؤلف يذكر كتابه "البسيط" في مقدمة "الوسيط" فيقول: "وقديما كنت أطالب بإملاء كتاب وسيط ينحط عن درجة "البسيط" الذي تجر فيه أذيال الأقوال وارتفع عن مرتبة الوجيز الذي اقتصر فيه على الإقلال لمؤلف" (١)، والمترجمون له بعده ينسبون الكتاب له بإجماع، ولم يرد قول بخلاف ذلك، وقد ارتبط اسم المؤلف بكتبه الثلاثة في التفسير "البسيط" و"الوسيط" و"الوجيز" فيقال: الواحدي صاحب التفاسير الثلاثة "البسيط" و"الوسيط" و"الوجيز" (٢).
ويضاف إليها أيضاً: أن العلماء الذين أفادوا من البسيط بالنقل والإحالة (٣) تتطابق نقولاتهم مع ما هو موجود في البسيط، كما سيأتي في مبحث قيمة الكتاب العلمية، وقد نقل ياقوت في ترجمته للمؤلف بعض مقدمة البسيط وهي بنصها في هذا الكتاب (٤)، هذا كله، بالإضافة إلى أنه لم يقل أحد من أهل العلم بخلاف ذلك، بل إن من المسلَّمات ارتباط
ثبوت نسبة الكتاب للواحدي
أما عن قضية ثبوت نسبة الكتاب للمؤلف، فهي من القضايا التي تصل إلى حد التواتر، لم يحصل فيها شك أو لبس يحتاج إلى بحث واستدلال، فالمؤلف يذكر كتابه "البسيط" في مقدمة "الوسيط" فيقول: "وقديما كنت أطالب بإملاء كتاب وسيط ينحط عن درجة "البسيط" الذي تجر فيه أذيال الأقوال وارتفع عن مرتبة الوجيز الذي اقتصر فيه على الإقلال لمؤلف" (١)، والمترجمون له بعده ينسبون الكتاب له بإجماع، ولم يرد قول بخلاف ذلك، وقد ارتبط اسم المؤلف بكتبه الثلاثة في التفسير "البسيط" و"الوسيط" و"الوجيز" فيقال: الواحدي صاحب التفاسير الثلاثة "البسيط" و"الوسيط" و"الوجيز" (٢).
ويضاف إليها أيضاً: أن العلماء الذين أفادوا من البسيط بالنقل والإحالة (٣) تتطابق نقولاتهم مع ما هو موجود في البسيط، كما سيأتي في مبحث قيمة الكتاب العلمية، وقد نقل ياقوت في ترجمته للمؤلف بعض مقدمة البسيط وهي بنصها في هذا الكتاب (٤)، هذا كله، بالإضافة إلى أنه لم يقل أحد من أهل العلم بخلاف ذلك، بل إن من المسلَّمات ارتباط
(١) مقدمة "الوسيط" ١/ ٦.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤، و"وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٤، و"إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٤، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠، و"طبقات الشافعية" الكبرى ٣/ ٢٩٠.
(٣) كالنووي والرازي وابن القيم والزركشي -رحم الله الجميع-.
(٤) "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٦٢ - ٢٧٠.
(٢) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤، و"وفيات الأعيان" ٣/ ٣٠٤، و"إنباه الرواة" ٢/ ٢٢٤، و"سير أعلام النبلاء" ١٨/ ٣٤٠، و"طبقات الشافعية" الكبرى ٣/ ٢٩٠.
(٣) كالنووي والرازي وابن القيم والزركشي -رحم الله الجميع-.
(٤) "معجم الأدباء" ١٢/ ٢٦٢ - ٢٧٠.
135
المؤلف بتفاسيره الثلاثة وعلى رأسها كتابه هذا. وقد تقدم ذكر ذلك (١)
(١) انظر: مبحث مؤلفاته.
136
المبحث الثالث
الباعث على إنشاء البسيط
صرح المؤلف بالباعث له على تأليف هذا الكتاب وهو تلبية طلب قوم ألحوا عليه من أهل العلم، وافق رغبة قديمة حاضرة عنده، حيث قال في مقدمة هذا التفسير: فمنذ دهر تحدثني نفسي بأن أُعلق لمعاني إعراب القرآن وتفسيره فِقَراً (١) في الكشف عن غوامض معانيه، ونُكَتاً في الإشارة إلى علل القراءات فيه، في ورقات يصغُر حجمها ويكثر غُنمها، والأيام تمطلني بصروفها على اختلاف صنوفها، إلا أن شدد عليّ خناق التقاضي قوم لهم في العلم سابقة، وفي التحقيق همم صادقة، فسمحت قرونتي (٢) بعد الإباء، وذلت صعوبتي بعد النفرة والالتواء (٣).
الباعث على إنشاء البسيط
صرح المؤلف بالباعث له على تأليف هذا الكتاب وهو تلبية طلب قوم ألحوا عليه من أهل العلم، وافق رغبة قديمة حاضرة عنده، حيث قال في مقدمة هذا التفسير: فمنذ دهر تحدثني نفسي بأن أُعلق لمعاني إعراب القرآن وتفسيره فِقَراً (١) في الكشف عن غوامض معانيه، ونُكَتاً في الإشارة إلى علل القراءات فيه، في ورقات يصغُر حجمها ويكثر غُنمها، والأيام تمطلني بصروفها على اختلاف صنوفها، إلا أن شدد عليّ خناق التقاضي قوم لهم في العلم سابقة، وفي التحقيق همم صادقة، فسمحت قرونتي (٢) بعد الإباء، وذلت صعوبتي بعد النفرة والالتواء (٣).
(١) الفِقَر: خرزات الظهر، جمع فِقْرة، ويراد بها: جملة من كلام، أو جزء من موضوع، أو شطر من بيت شعر. ينظر: "المعجم الوسيط" ٢/ ٦٧٩.
(٢) قال في "الصحاح": يقال: أَسْمَحت قَرِيْنُه، وقَرُونُه، وقَرُونَته وقرينَتُه أي: ذلت نفسه، وتابعته على الأمر. "الصحاح"، (قرن)، ٦/ ٢١٨٢.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٣٩٣ - ٣٩٤.
(٢) قال في "الصحاح": يقال: أَسْمَحت قَرِيْنُه، وقَرُونُه، وقَرُونَته وقرينَتُه أي: ذلت نفسه، وتابعته على الأمر. "الصحاح"، (قرن)، ٦/ ٢١٨٢.
(٣) مقدمة "البسيط" ص ٣٩٣ - ٣٩٤.
137
المبحث الرابع
تاريخ البدء في البسيط والانتهاء منه
يظهر من مقدمته التي ساقها في الوسيط: أن البسيط هو أول كتبه الثلاثة تأليفاً (١)، وهو أكبرها بلا شك، لكنه لم يبين لنا تاريخ الابتداء بكتابته، وأما الانتهاء منه فقد صرح به في ختام كتابه البسيط، حيث قال: وقد يسر الله -وله الحمد لحسن توفيق - تحرير هذا الكتاب الذي لم يسبق إلى مثله في هذا الباب... بعد تراخي المهلة، وتطاول المدة، من يوم افتتاحه إلى يوم اختتامه... وذلك عصر يوم الأربعاء لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وأربعين وأربعمائة (٢).
تاريخ البدء في البسيط والانتهاء منه
يظهر من مقدمته التي ساقها في الوسيط: أن البسيط هو أول كتبه الثلاثة تأليفاً (١)، وهو أكبرها بلا شك، لكنه لم يبين لنا تاريخ الابتداء بكتابته، وأما الانتهاء منه فقد صرح به في ختام كتابه البسيط، حيث قال: وقد يسر الله -وله الحمد لحسن توفيق - تحرير هذا الكتاب الذي لم يسبق إلى مثله في هذا الباب... بعد تراخي المهلة، وتطاول المدة، من يوم افتتاحه إلى يوم اختتامه... وذلك عصر يوم الأربعاء لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وأربعين وأربعمائة (٢).
(١) "الوسيط" ١/ ٥٠ وقد سقت العبارة في مبحث مؤلفاته.
(٢) "البسيط" مجلدة لوحة ٢٠٩ ب من النسخة الأزهرية.
(٢) "البسيط" مجلدة لوحة ٢٠٩ ب من النسخة الأزهرية.
138
المبحث الخامس
مصادر المؤلف في كتابه "البسيط"
تلقى المؤلف عن فحول أئمة اللغة والنحو والتفسير ومعاني القرآن، والقراءات، لذلك كثرت مصادره في تفسيره، وقد أفاد من تلك المصادر كثيراً ونقل منها بالمعنى حيناً وبالنص أحياناً: بالعزو حينا وبدون عزو أحيانا، أخذ عن بعض تلك المصادر فأكثر، وهناك مصادر أخذ منها بإقلال، وسيكون الحديث في هذا المبحث عن تلك المصادر، وعن طريقته في الأخذ منها.
وقد ذكر المؤلف بعض تلك المصادر في مقدمة كتابه، وهناك مصادر أفاد منها ولم يرد ذكرها في مقدمته.
ولقد تنوعت المادة التي أخذها من كل مصدر، فمثلا نجده قد أخذ من "الحجة" لأبي علي الفارسي مسائل لغوية ونحوية بجانب القراءات وتوجيهها، وأفاد من الثعلبي في التفسير واللغة والنحو وهكذا بقية المصادر.
وفيما يلي بيان لتلك المصادر ومعرفة مدى استفادة الواحدي منها:
وهي قسمان:
القسم الأول: المصادر الرئيسة.
القسم الثاني: المصادر الثانوية.
مصادر المؤلف في كتابه "البسيط"
تلقى المؤلف عن فحول أئمة اللغة والنحو والتفسير ومعاني القرآن، والقراءات، لذلك كثرت مصادره في تفسيره، وقد أفاد من تلك المصادر كثيراً ونقل منها بالمعنى حيناً وبالنص أحياناً: بالعزو حينا وبدون عزو أحيانا، أخذ عن بعض تلك المصادر فأكثر، وهناك مصادر أخذ منها بإقلال، وسيكون الحديث في هذا المبحث عن تلك المصادر، وعن طريقته في الأخذ منها.
وقد ذكر المؤلف بعض تلك المصادر في مقدمة كتابه، وهناك مصادر أفاد منها ولم يرد ذكرها في مقدمته.
ولقد تنوعت المادة التي أخذها من كل مصدر، فمثلا نجده قد أخذ من "الحجة" لأبي علي الفارسي مسائل لغوية ونحوية بجانب القراءات وتوجيهها، وأفاد من الثعلبي في التفسير واللغة والنحو وهكذا بقية المصادر.
وفيما يلي بيان لتلك المصادر ومعرفة مدى استفادة الواحدي منها:
وهي قسمان:
القسم الأول: المصادر الرئيسة.
القسم الثاني: المصادر الثانوية.
139
القسم الأول
المصادر الرئيسة
أولاً: التفسير:
وهي مرتبة تاريخيًا:
أولاً: تفسير ابن عباس (١) -رضي الله عنه- (ت ٦٨) هـ
مكانة ابن عباس في تفسير القرآن:
تتبين مكانة ابن عباس في التفسير، من قول تلميذه مجاهد إنه إذا فسر الشيء رأيت عليه النور، ومن قول علي -رضي الله عنه- يثني عليه في تفسيره: كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، ومن قول ابن عمر: ابن عباس أعلم أمة محمد بما نزل على محمد، ومن رجوع بعض الصحابة وكثير من التابعين إليه في فهم ما اشكل عليهم من كتاب الله، فكثيرًا ما توجه إليه معاصروه ليزيل شكوكهم، ويكشف لهم عما عز عليهم فهمه من كتاب الله تعالى. ففي قصة موسى مع شعيب أشكل على بعض أهل العلم، أي الأجلين قضى موسى؟ أقضى ثماني سنين أو أتم عشرًا؟ ولما لم يقف على رأي يمم شطر ابن عباس، الذي هو بحق ترجمان القرآن، ليسأله عما أشكل عليه وفىِ هذا يروي الطبري في تفسيره، عن سعيد بن جبير قال: قال يهودي بالكوفة -وأنا أتجهز للحج: إني
المصادر الرئيسة
أولاً: التفسير:
وهي مرتبة تاريخيًا:
أولاً: تفسير ابن عباس (١) -رضي الله عنه- (ت ٦٨) هـ
مكانة ابن عباس في تفسير القرآن:
تتبين مكانة ابن عباس في التفسير، من قول تلميذه مجاهد إنه إذا فسر الشيء رأيت عليه النور، ومن قول علي -رضي الله عنه- يثني عليه في تفسيره: كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، ومن قول ابن عمر: ابن عباس أعلم أمة محمد بما نزل على محمد، ومن رجوع بعض الصحابة وكثير من التابعين إليه في فهم ما اشكل عليهم من كتاب الله، فكثيرًا ما توجه إليه معاصروه ليزيل شكوكهم، ويكشف لهم عما عز عليهم فهمه من كتاب الله تعالى. ففي قصة موسى مع شعيب أشكل على بعض أهل العلم، أي الأجلين قضى موسى؟ أقضى ثماني سنين أو أتم عشرًا؟ ولما لم يقف على رأي يمم شطر ابن عباس، الذي هو بحق ترجمان القرآن، ليسأله عما أشكل عليه وفىِ هذا يروي الطبري في تفسيره، عن سعيد بن جبير قال: قال يهودي بالكوفة -وأنا أتجهز للحج: إني
(١) هو عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ابن عم النبي - ﷺ -، أبو العباس، العالم الرباني، الفقيه، حبر الأمة وترجمان القرآن، وكان يسمى الحبر والبحر لسعة علمه، وقد دعا له النبي - ﷺ - أن يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل والحكمة، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين في شعب أبي طالب، وهو أحد العبادلة الأربعة، وهو أحد المكثرين من الصحابة، توفي بالطائف سنة (٦٨) هـ. ينظر: "الإصابة" ٤/ ١٤١، و"تقريب التهذيب" ص ٢٥١.
140
أراك رجلاً تتبع العلم، فأخبرني أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أعلم، وأنا الآن قادم على حبر العرب -يعني ابن عباس- فسائله عن ذلك، فلما قدمت مكة سألت ابن عباس عن ذلك وأخبرته بقول اليهودي، فقال ابن عباس: قضى أكثرهما وأطيبهما؛ إن النبي إذا وعد لم يخلف، وقال سعيد: فقدمت العراق فلقيت اليهودي فأخبرته فقال: صدق وما أنزل على موسى، هذا والله العالم. اهـ (١).
وهذا عمر -رضي الله عنه- يسأل الصحابة عن معنى آية من كتاب الله، فلما لم يجد عندهم جوابًا مرضيًا رجع إلى ابن عباس فسأله عنها، وكان يثق بتفسيره، وفي هذا يروي الطبري أن عمر سأل الناس عن هذِه الآية يعني ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾ [البقرة: ٢٦٦] الآية. فما وجد أحدًا يشفيه، حتى قال ابن عباس وهو خلفه: يا أمير المؤمنين إني أجد في نفسي منها شيئًا، فتلفت إليه فقال: تحول ههنا، لم تحقر نفسك؟! قال: هذا مثل ضربه الله -عز وجل-، فقال: أيود أحدكم أن يعمل عمره بعمل أهل الخير وأهل السعادة، حتا إذا كان أحوج ما يكون إلى أن يختمه بخير حين فني عمره واقترب أجله، ختم ذلك بعمل من عمل أهل الشقاء فأفسده كله، فحرقه أحوج ما كان إليه (٢).
وسؤال عمر له مع الصحابة عن تفسير قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاَءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ﴾ [النصر: ١] وجوابه بالجواب المشهور عنه يدل على أن ابن عباس كان يستخرج خفي المعاني التي يشير إليها القرآن، ولا يدركها الا
وهذا عمر -رضي الله عنه- يسأل الصحابة عن معنى آية من كتاب الله، فلما لم يجد عندهم جوابًا مرضيًا رجع إلى ابن عباس فسأله عنها، وكان يثق بتفسيره، وفي هذا يروي الطبري أن عمر سأل الناس عن هذِه الآية يعني ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾ [البقرة: ٢٦٦] الآية. فما وجد أحدًا يشفيه، حتى قال ابن عباس وهو خلفه: يا أمير المؤمنين إني أجد في نفسي منها شيئًا، فتلفت إليه فقال: تحول ههنا، لم تحقر نفسك؟! قال: هذا مثل ضربه الله -عز وجل-، فقال: أيود أحدكم أن يعمل عمره بعمل أهل الخير وأهل السعادة، حتا إذا كان أحوج ما يكون إلى أن يختمه بخير حين فني عمره واقترب أجله، ختم ذلك بعمل من عمل أهل الشقاء فأفسده كله، فحرقه أحوج ما كان إليه (٢).
وسؤال عمر له مع الصحابة عن تفسير قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاَءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ﴾ [النصر: ١] وجوابه بالجواب المشهور عنه يدل على أن ابن عباس كان يستخرج خفي المعاني التي يشير إليها القرآن، ولا يدركها الا
(١) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٤٣.
(٢) "تفسير ابن جرير" ٣/ ٤٧.
(٢) "تفسير ابن جرير" ٣/ ٤٧.
141
من نفحه الله بنفحة من روحه، وكثيرًا ما ظهر ابن عباس في المسائل المعقدة في التفسير بمظهر الرجل الملهم الذي ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، كما وصفه علي -رضي الله عنه-، الأمر الذي جعل الصحابة يقدرون ابن عباس ويثقون بتفسيره، ولقد وجد هذا التقدير صداه في عصر التابعين، فكانت هناك مدرسة يتلقى تلاميذها التفسير عن ابن عباس. استقرت هذِه المدرسة بمكة، ثم غذت بعلمها الأمصار المختلفة، وما زال تفسير ابن عباس يلقى من المسلمين إعجابًا وتقديرًا، إلا درجة أنه إذا صح النقل عن ابن عباس لا يكادون يعدلون عن قوله إلى قول آخر.
وقد صرح الزركشي بأن قول ابن عباس مقدم على قول غيره من الصحابة عند تعارض ما جاء عنهم في التفسير (١).
منهج ابن عباس في التفسير:
كان ابن عباس كغيره من الصحابة الذين اشتهروا بالتفسير، يرجعون في فهم معاني القرآن إلى ما سمعوه من رسول الله - ﷺ -، وإلى ما يفتح الله به عليهم من طريق النظر والاجتهاد، مع الاستعانة في ذلك بمعرفة أسباب النزول والظروف والملابسات التي نزل فيها القرآن.
وكان -رضي الله عنه- يرجع إلى أهل الكتاب ويأخذ عنهم، بحكم اتفاق القرآن مع التوراة والإنجيل في كثير من المواضع التي أُجملت في القرآن وفُصلت في التوراة أو الإنجيل، ولكن كما قلنا فيما سبق إن الرجوع إلى أهل الكتاب كان في دائرة محدودة ضيقة، تتفق مع القرآن وتشهد له، أما ما عدا ذلك مما يتنافى مع القرآن، ولا يتفق مع الشريعة الإسلامية، فكان ابن عباس لا
وقد صرح الزركشي بأن قول ابن عباس مقدم على قول غيره من الصحابة عند تعارض ما جاء عنهم في التفسير (١).
منهج ابن عباس في التفسير:
كان ابن عباس كغيره من الصحابة الذين اشتهروا بالتفسير، يرجعون في فهم معاني القرآن إلى ما سمعوه من رسول الله - ﷺ -، وإلى ما يفتح الله به عليهم من طريق النظر والاجتهاد، مع الاستعانة في ذلك بمعرفة أسباب النزول والظروف والملابسات التي نزل فيها القرآن.
وكان -رضي الله عنه- يرجع إلى أهل الكتاب ويأخذ عنهم، بحكم اتفاق القرآن مع التوراة والإنجيل في كثير من المواضع التي أُجملت في القرآن وفُصلت في التوراة أو الإنجيل، ولكن كما قلنا فيما سبق إن الرجوع إلى أهل الكتاب كان في دائرة محدودة ضيقة، تتفق مع القرآن وتشهد له، أما ما عدا ذلك مما يتنافى مع القرآن، ولا يتفق مع الشريعة الإسلامية، فكان ابن عباس لا
(١) "الإتقان" ٢/ ١٨٣.
142
يقبله ولا يأخذ به.
رجوع ابن عباس إلى الشعر القديم:
كان ابن عباس -رضي الله عنه- يرجع في فهم معاني الألفاظ الغريبة التي وردت في القرآن إلى الشعر الجاهلي، وكان غيره من الصحابة يسلك هذا الطريق في فهم غريب القرآن ويحض على الرجوع إلى الشعر العربي القديم؛ ليستعان به على فهم معاني الألفاظ القرآنية الغريبة، فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يسأل أصحابه عن معنى قوله تعالى في الآية (٤٧) من سورة النحل ﴿أَوْ يَأخُذَهُم عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ فيقوم له شيخ من هذيل فيقول له: هذِه لغتنا، التخوف: التنقص، فيقول له عمر: هل تعرف العرب ذلك في أشعاره؟ فيقول له: نعم، ويروا قول الشاعر:
فيقول عمر -رضي الله عنه- لأصحابه: عليكم بديوانكم لا تضلوا، قالوا: وما ديواننا؟ قال: شعر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم، ومعاني كلامكم (١).
غير أن ابن عباس، امتاز بهذه الناحية واشتهر بها أكثر من غيره، فكثيرًا ما كان يسأل عن القرآن فينشد فيه الشعر، وقد روي عنه الشيء الكثير من ذلك، وأوعب ما روي عنه مسائل نافع بن الأزرق وأجوبته عنها، وقد بلغت مائتي مسألة، أخرج بعضها ابن الأنباري في كتاب "الوقف والابتداء"، وأخرج الطبراني بعضها الآخر في "معجمه الكبير"، وقد ذكر
رجوع ابن عباس إلى الشعر القديم:
كان ابن عباس -رضي الله عنه- يرجع في فهم معاني الألفاظ الغريبة التي وردت في القرآن إلى الشعر الجاهلي، وكان غيره من الصحابة يسلك هذا الطريق في فهم غريب القرآن ويحض على الرجوع إلى الشعر العربي القديم؛ ليستعان به على فهم معاني الألفاظ القرآنية الغريبة، فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يسأل أصحابه عن معنى قوله تعالى في الآية (٤٧) من سورة النحل ﴿أَوْ يَأخُذَهُم عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ فيقوم له شيخ من هذيل فيقول له: هذِه لغتنا، التخوف: التنقص، فيقول له عمر: هل تعرف العرب ذلك في أشعاره؟ فيقول له: نعم، ويروا قول الشاعر:
تخوف الرحل منها تامكًا قردًا | كما تخوف عود النبعة السفن |
غير أن ابن عباس، امتاز بهذه الناحية واشتهر بها أكثر من غيره، فكثيرًا ما كان يسأل عن القرآن فينشد فيه الشعر، وقد روي عنه الشيء الكثير من ذلك، وأوعب ما روي عنه مسائل نافع بن الأزرق وأجوبته عنها، وقد بلغت مائتي مسألة، أخرج بعضها ابن الأنباري في كتاب "الوقف والابتداء"، وأخرج الطبراني بعضها الآخر في "معجمه الكبير"، وقد ذكر
(١) القصة في "الموافقات" ٢/ ٨٨ وليس فيها ما يعارض ما جاء عن عمر من أنه لما سأل عن الأب رجع إلى نفسه وقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر؛ لأن الآية التي معنا يتوقف فهم معناها على معرفة معنى التخوف؛ بخلاف الآية الأخرى، فإن المعنى الذي يراد منها لا يتوقف على معرفة معنى الأب.
143
السيوطي في "الإتقان" بسنده مبدأ هذا الحوار الذي كان بين نافع وابن عباس، وسرد مسائل ابن الأزرق وأجوبة ابن عباس عنها، فقال: بينا عبدالله بن عباس جالس بفناء الكعبة قد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن، فقال نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر: بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له به، فقاما إليه فقالا: إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا، وتأتينا بمصادقه من كلام العرب؛ فإن الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فقال ابن عباس: سلاني عما بدا لكما، فقال نافع: أخبرني عن قول الله تعالا: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧] قال: العزون: حلق الرفاق، قال: هل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول:
قال أخبرني عن قوله: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: ٣٥]. قال: الوسيلة: الحاجة، قال وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت عنترة وهو يقول:
إلى آخر المسائل وأجوبتها (١)، وهي تدل على قوة ابن عباس في معرفته بلغة العرب، وإلمامه بغريبها، إلى حد لم يصل إليه غيره، مما جعله - بحق إمام التفسير في عهد الصحابة، ومرجع المفسرين في الأعصر التالية للعصر الذي وجد فيه، وزعيم هذِه الناحية من التفسير على الخصوص، حتى لقد قيل في شأنه: إنه هو الذي أبدع الطريقة اللغوية
قال: نعم، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول:
فجاؤوا يهرعون إليه حتى | يكونوا حول منبره عزينا؟ |
إن الرجال لهم إليك وسيلة | إن يأخذوك تكحلي وتخضبي |
(١) "الإتقان" ١/ ١٢٠.
144
لتفسير القرآن (١).
هذا وقد بين لنا ابن عباس -رضي الله عنه-، مبلغ الحاجة إلى هذه الناحية في التفسير، وحض عليها من أراد أن يتعرف غريب القرآن، فقد روى أبو بكر ابن الأنباري عنه أنه قال: الشعر ديوان العرب، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب، رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا ذلك منه (٢).
وروى ابن الأنباري عنه أيضاً أنه قال: إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر، فإن الشعر ديوان العرب (٣).
فابن عباس -رضي الله عنه- كان يرى رأي عمر في ضرورة الرجوع إلى الشعر الجاهلي، للاستعانة به على فهم غريب القرآن، بل وكان أكثر الصحابة إلمامًا بهذِه الناحية وتطبيقًا لها.
وقد استمرت هذه الطريقة إلى عهد التابعين ومن يليهم، إلى أن حدثت خصومة بين متورعي الفقهاء وأهل اللغة، فأنكروا عليهم هذه الطريقة، وقالوا: إن فعلتم ذلك جعلتم الشعر أصلاً للقرآن (٤)، وقالوا: كيف يجوز أن يحتج بالشعر على القرآن وهو مذموم في القرآن والحديث.
والحق أن هذه الخصومة التي جدّت في الأجيال المتأخرة لم تقم على أساس، فالأمر ليس كما يزعمه أصحاب هذا الرأي، من جعل الشعر أصلاً للقرآن، بل هو في الواقع، بيان للحرف الغريب من القرآن بالشعر؛
هذا وقد بين لنا ابن عباس -رضي الله عنه-، مبلغ الحاجة إلى هذه الناحية في التفسير، وحض عليها من أراد أن يتعرف غريب القرآن، فقد روى أبو بكر ابن الأنباري عنه أنه قال: الشعر ديوان العرب، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب، رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا ذلك منه (٢).
وروى ابن الأنباري عنه أيضاً أنه قال: إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر، فإن الشعر ديوان العرب (٣).
فابن عباس -رضي الله عنه- كان يرى رأي عمر في ضرورة الرجوع إلى الشعر الجاهلي، للاستعانة به على فهم غريب القرآن، بل وكان أكثر الصحابة إلمامًا بهذِه الناحية وتطبيقًا لها.
وقد استمرت هذه الطريقة إلى عهد التابعين ومن يليهم، إلى أن حدثت خصومة بين متورعي الفقهاء وأهل اللغة، فأنكروا عليهم هذه الطريقة، وقالوا: إن فعلتم ذلك جعلتم الشعر أصلاً للقرآن (٤)، وقالوا: كيف يجوز أن يحتج بالشعر على القرآن وهو مذموم في القرآن والحديث.
والحق أن هذه الخصومة التي جدّت في الأجيال المتأخرة لم تقم على أساس، فالأمر ليس كما يزعمه أصحاب هذا الرأي، من جعل الشعر أصلاً للقرآن، بل هو في الواقع، بيان للحرف الغريب من القرآن بالشعر؛
(١) "المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن" ص (٦٩).
(٢) "الإتقان" ١/ ١١٩.
(٣) المصدر السابق.
(٤) ومن هؤلاء الإمام النيسابوري صاحب التفسير المشهور، فقد صرح بذلك في مقدمة "تفسيره" ١/ ٦.
(٢) "الإتقان" ١/ ١١٩.
(٣) المصدر السابق.
(٤) ومن هؤلاء الإمام النيسابوري صاحب التفسير المشهور، فقد صرح بذلك في مقدمة "تفسيره" ١/ ٦.
145
لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّا جَعَلنَهُ قُرءَانًا عَرَبيًّا﴾ [الزخرف: ٣]. وقال ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٥] ولهذا لم يتحرج المفسرون إلى يومنا هذا من الرجوع إلى الشعر الجاهلي للاستشهاد به على المعنى الذي يذهبون إليه في فهم كلام الله تعالى (١).
لقد صرح المؤلف في مقدمة البسيط باعتماده على تفسير ابن عباس، حيث قال: وأبتدئ في كل آية عند التفسير بقول ابن عباس ما وجدت له نصّاً. وقد التزم المؤلف هذا الشرط في كتابه، فنجده يصدر كل آية حين تفسيرها بقول ابن عباس بغض النظر عن صحة تلك الرواية أو ضعفها، إذ لم يكن من شأن الواحدي العناية بهذا الجانب، كما بينت في المآخذ عليه، وهذا يؤكد ما ذكر عنه في هذا الباب، ففي مواطن قليلة يعتمد رواية علي بن أبي طلحة، الذي يميزه الواحدي بقوله: (الوالبي).
١ - الرواية المنسوبة إلى عطاء بن أبي رباح (٢):
وقد استوعبت هذه الرواية تفسير القرآن كما يبدو من البسيط وهي رواية مكذوبة يرويها موسى بن عبد الرحمن الصنعاني (٣)، عن عطاء، عن
لقد صرح المؤلف في مقدمة البسيط باعتماده على تفسير ابن عباس، حيث قال: وأبتدئ في كل آية عند التفسير بقول ابن عباس ما وجدت له نصّاً. وقد التزم المؤلف هذا الشرط في كتابه، فنجده يصدر كل آية حين تفسيرها بقول ابن عباس بغض النظر عن صحة تلك الرواية أو ضعفها، إذ لم يكن من شأن الواحدي العناية بهذا الجانب، كما بينت في المآخذ عليه، وهذا يؤكد ما ذكر عنه في هذا الباب، ففي مواطن قليلة يعتمد رواية علي بن أبي طلحة، الذي يميزه الواحدي بقوله: (الوالبي).
١ - الرواية المنسوبة إلى عطاء بن أبي رباح (٢):
وقد استوعبت هذه الرواية تفسير القرآن كما يبدو من البسيط وهي رواية مكذوبة يرويها موسى بن عبد الرحمن الصنعاني (٣)، عن عطاء، عن
(١) نقلا عن كتاب "التفسير والمفسرون" ١/ ٦٩.
(٢) هو: عطاء بن أبي رباح بن أسلم المكي القرشي مولاهم، أبو محمد، كان ثقة فقيها عالما كثير الحديث، روى عن أبي هريرة وابن عباس وجابر، وغيرهم، انتهت إليه فتوى أهل مكة، وكان أعلم الناس بالمناسك ومن أجل تلاميذ ابن عباس. توفي سنة (١١٤) هـ، وقيل غير ذلك.
انظر: "التاريخ الكبير" للبخاري ٦/ ٤٦٣، و"سير أعلام النبلاء" ٥/ ٧٨، و"تهذيب التهذيب" ٧/ ١٧٤.
(٣) هو: موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني قال ابن حبان: دجال، وضع على ابن =
(٢) هو: عطاء بن أبي رباح بن أسلم المكي القرشي مولاهم، أبو محمد، كان ثقة فقيها عالما كثير الحديث، روى عن أبي هريرة وابن عباس وجابر، وغيرهم، انتهت إليه فتوى أهل مكة، وكان أعلم الناس بالمناسك ومن أجل تلاميذ ابن عباس. توفي سنة (١١٤) هـ، وقيل غير ذلك.
انظر: "التاريخ الكبير" للبخاري ٦/ ٤٦٣، و"سير أعلام النبلاء" ٥/ ٧٨، و"تهذيب التهذيب" ٧/ ١٧٤.
(٣) هو: موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني قال ابن حبان: دجال، وضع على ابن =
146
ابن عباس.
قال ابن حبان (١): وضع على ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس كتابًا في التفسير جمعه من كلام الكلبي ومقاتل بن سليمان وألزقه بابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، ولم يحدث عن ابن عباس، ولم يحدث به ابن عباس، ولا عطاء سمعه، ولا ابن جريج سمع من عطاء، وإنما سمع ابن جريج من عطاء الخراساني عن ابن عباس في التفسير أحرفًا شبيهًا بجزء، وعطاء لم يسمع من ابن عباس شيئًا ولا رواه ولا تحل الرواية عن هذا الشيخ ولا النظر في كتابه إلا على سبيل الاعتبار (٢).
قال الحافظ ابن حجر (٣):
ومن التفاسير الواهية لوهاء رواتها، التفسير الذي جمعه موسى بن
قال ابن حبان (١): وضع على ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس كتابًا في التفسير جمعه من كلام الكلبي ومقاتل بن سليمان وألزقه بابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، ولم يحدث عن ابن عباس، ولم يحدث به ابن عباس، ولا عطاء سمعه، ولا ابن جريج سمع من عطاء، وإنما سمع ابن جريج من عطاء الخراساني عن ابن عباس في التفسير أحرفًا شبيهًا بجزء، وعطاء لم يسمع من ابن عباس شيئًا ولا رواه ولا تحل الرواية عن هذا الشيخ ولا النظر في كتابه إلا على سبيل الاعتبار (٢).
قال الحافظ ابن حجر (٣):
ومن التفاسير الواهية لوهاء رواتها، التفسير الذي جمعه موسى بن
= جريج عن عطاء عن ابن عباس كتاباً في التفسير. وقال الذهبي: دجال. اهـ. وقال ابن عدي منكر الحديث يروي أباطيل، يعرف بأبي محمد المفسر قال ابن حجر: معروف ليس بثقة.
انظر: "ميزان الاعتدال" ٤/ ٢١١، و"ديوان الضعفاء والمتروكين" ص ٣١١، و"لسان الميزان" ٦/ ١٢٤، "الكشف الحثيث" ١/ ٢٦٣.
(١) هو: الحافظ العلامة محمد بن حبان بن أحمد بن حبان أبو حاتم البستي التميمي. كان من أوعية العلم في الفقه والحديث واللغة والوعظ عاقلاً ثقة نبيلاً ذا تصانيف عجيبة، توفي سنة ٣٥٤ هـ.
انظر: "البداية والنهاية" ١١/ ٢٩٥، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي ٣/ ٩٢٠، و"طبقات الحفاظ" للسيوطي ص ٣٧٥.
(٢) "المجروحين" لابن حبان ٢/ ٢٤٢.
(٣) تقدمت ترجمته ص ٨٢.
انظر: "ميزان الاعتدال" ٤/ ٢١١، و"ديوان الضعفاء والمتروكين" ص ٣١١، و"لسان الميزان" ٦/ ١٢٤، "الكشف الحثيث" ١/ ٢٦٣.
(١) هو: الحافظ العلامة محمد بن حبان بن أحمد بن حبان أبو حاتم البستي التميمي. كان من أوعية العلم في الفقه والحديث واللغة والوعظ عاقلاً ثقة نبيلاً ذا تصانيف عجيبة، توفي سنة ٣٥٤ هـ.
انظر: "البداية والنهاية" ١١/ ٢٩٥، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي ٣/ ٩٢٠، و"طبقات الحفاظ" للسيوطي ص ٣٧٥.
(٢) "المجروحين" لابن حبان ٢/ ٢٤٢.
(٣) تقدمت ترجمته ص ٨٢.
147
عبد الرحمن الثقفي الصنعاني، وهو قدر مجلدين يسنده إلى ابن جريج (١) عن عطاء عن ابن عباس، وقد نسب أبو حاتم (٢) موسى هذا إلى وضع الحديث، ورواه عن موسى: عبد الغني بن سعيد الثقفي (٣) وهو ضعيف (٤).
وقد صرح المؤلف في أول كتابه "أسباب النزول" (٥) بإسناده إلى هذه الرواية وهي من طريق الطبراني (٦)، والطبراني روى قطعة من هذا التفسير
وقد صرح المؤلف في أول كتابه "أسباب النزول" (٥) بإسناده إلى هذه الرواية وهي من طريق الطبراني (٦)، والطبراني روى قطعة من هذا التفسير
(١) هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو الوليد، فقيه الحرم المكي، إمام أهل الحجاز في عصره، ثقة جليل القدر كثير الحديث جدًا، ولد بمكة سنة ٨٠ هـ قال الذهبي: ثقة لكنه يدلس. توفي رحمه الله سنة ١٥٠هـ. ينظر ترجمته: "سير أعلام النبلاء" ٦/ ٣٢٥، و"طبقات المفسرين" للداودي ١/ ٣٥٩.
(٢) هو: محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي، الغطفاني، الرازي، أبو حاتم، محدث حافظ، أحد أئمة الجرح والتعديل، ولد في الري، وتنقل في العراق والشام ومصر وبلاد الروم، وبرع في المتن والإسناد وجمع وصنف وجرح وعدل وصحح وعلل، من أقران البخاري ومسلم، توفي ببغداد في شعبان سنة ٢٧٧، ومن مصنفاته "طبقات التابعين" و"تفسير القرآن". انظر ترجمته: "سير أعلام النبلاء" ٩/ ٥٥ - ٥٩، "التقريب" (٤٦٥)، "الأعلام" ٦/ ٢٧.
(٣) عبد الغني بن سعيد الثقفي، ضعفه ابن يونس، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: مصري يروي عن موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن هشام بن عروة، قال ابن حجر: ابن يونس أعلم به. توفي سنة (٢٢٩). ينظر: "الثقات" لابن حبان ٨/ ٤٢٤، و"لسان الميزان" ٤/ ٤٥.
(٤) "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٢٢٠. وينظر: "الدر المنثور" ٨/ ٧٠٠.
(٥) "أسباب النزول" ص ٣٣.
(٦) أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مُطَير اللخمي الشامي الطبراني، صاحب المعاجم الثلاثة الإمام المحدث الحافظ الرحالة ولد سنة ٢٦٠ وله تصانيف كثيرة، ومات سنة ٣٦٠. ينظر: "تذكرة الحفاظ" ٣/ ٩١٢ و"سير أعلام النبلاء" ١٦/ ١١٩.
(٢) هو: محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي، الغطفاني، الرازي، أبو حاتم، محدث حافظ، أحد أئمة الجرح والتعديل، ولد في الري، وتنقل في العراق والشام ومصر وبلاد الروم، وبرع في المتن والإسناد وجمع وصنف وجرح وعدل وصحح وعلل، من أقران البخاري ومسلم، توفي ببغداد في شعبان سنة ٢٧٧، ومن مصنفاته "طبقات التابعين" و"تفسير القرآن". انظر ترجمته: "سير أعلام النبلاء" ٩/ ٥٥ - ٥٩، "التقريب" (٤٦٥)، "الأعلام" ٦/ ٢٧.
(٣) عبد الغني بن سعيد الثقفي، ضعفه ابن يونس، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: مصري يروي عن موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن هشام بن عروة، قال ابن حجر: ابن يونس أعلم به. توفي سنة (٢٢٩). ينظر: "الثقات" لابن حبان ٨/ ٤٢٤، و"لسان الميزان" ٤/ ٤٥.
(٤) "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٢٢٠. وينظر: "الدر المنثور" ٨/ ٧٠٠.
(٥) "أسباب النزول" ص ٣٣.
(٦) أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مُطَير اللخمي الشامي الطبراني، صاحب المعاجم الثلاثة الإمام المحدث الحافظ الرحالة ولد سنة ٢٦٠ وله تصانيف كثيرة، ومات سنة ٣٦٠. ينظر: "تذكرة الحفاظ" ٣/ ٩١٢ و"سير أعلام النبلاء" ١٦/ ١١٩.
148
في معجمه الكبير، في تفسير الآيات في شأن الإفك (١)، عن شيخه: بكر بن سهل الدمياطي (٢)، عن عبد الغني بن سعيد الثقفي، قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وعند مقارنته بما نقله المؤلف في البسيط من رواية عطاء، عن ابن عباس نجدها مطابقة لرواية الطبراني، مما يدل على أن طريق رواية الواحدي عن عطاء هو ذاك الطريق الواهي الضعيف.
وهذه الرواية لا توجد الآن، ولا تكاد تذكر عند أهل الرواية ولا يذكرها إلا الثعلبي أو المؤلف، أو من ينقل عنهما، كالبغوي وابن الجوزي والرازي (٣) وغيرهم.
والأمثلة على نقل المؤلف من هذه الرواية أكثر من أن تحصى، بل يندر أن نجد آية لا يذكر فيها شيئًا منها.
٢ - رواية الكلبي (٤):
وهي رواية الكلبي عن ابن عباس، وهي مكذوبة، وقد أخرج عن ابن
وهذه الرواية لا توجد الآن، ولا تكاد تذكر عند أهل الرواية ولا يذكرها إلا الثعلبي أو المؤلف، أو من ينقل عنهما، كالبغوي وابن الجوزي والرازي (٣) وغيرهم.
والأمثلة على نقل المؤلف من هذه الرواية أكثر من أن تحصى، بل يندر أن نجد آية لا يذكر فيها شيئًا منها.
٢ - رواية الكلبي (٤):
وهي رواية الكلبي عن ابن عباس، وهي مكذوبة، وقد أخرج عن ابن
(١) "المعجم الكبير" ٢٣/ ١٣٠ - ١٦١.
(٢) بكر بن سهل بن إسماعيل بن نافع، أبو محمد الهاشمي مولاهم الدمياطي، المفسر المقرئ ولد سنة ١٩٦، ضعفه النسائي مات بدمياط سنة ٢٨٩. ينظر: "ميزان الاعتدال" ١/ ٣٤٥ و"سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٤٢٥.
(٣) هو أبو عبد الله. محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن التميمي البكري الرازي، فخر الدين والمعروف بابن الخطيب، المولود سنة ٥٤٤، مفسر متكلم واعظ على مذهب الأشعري، وقيل: إنه رجع في آخر عمره عن مذهب الأشعري. ومن أهم مصنفاته: "التفسير الكبير" المسمى، "مفاتيح الغيب". توفي سنة ٦٠٦. ينظر: "وفيات الأعيان" ٢/ ٢٦٥ و"شذارت الذهب" ٥/ ٢٠١.
(٤) هو: أبو النضر محمد بن السائب بن بشر الكلبي، النسابة المفسر، متهم بالكذب ورمي بالرفض، قال: يحيى ابن معين ضعيف. توفي سنة ١٤٦هـ =
(٢) بكر بن سهل بن إسماعيل بن نافع، أبو محمد الهاشمي مولاهم الدمياطي، المفسر المقرئ ولد سنة ١٩٦، ضعفه النسائي مات بدمياط سنة ٢٨٩. ينظر: "ميزان الاعتدال" ١/ ٣٤٥ و"سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٤٢٥.
(٣) هو أبو عبد الله. محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن التميمي البكري الرازي، فخر الدين والمعروف بابن الخطيب، المولود سنة ٥٤٤، مفسر متكلم واعظ على مذهب الأشعري، وقيل: إنه رجع في آخر عمره عن مذهب الأشعري. ومن أهم مصنفاته: "التفسير الكبير" المسمى، "مفاتيح الغيب". توفي سنة ٦٠٦. ينظر: "وفيات الأعيان" ٢/ ٢٦٥ و"شذارت الذهب" ٥/ ٢٠١.
(٤) هو: أبو النضر محمد بن السائب بن بشر الكلبي، النسابة المفسر، متهم بالكذب ورمي بالرفض، قال: يحيى ابن معين ضعيف. توفي سنة ١٤٦هـ =
149
عباس تفسيرًا كثيرًا عن أبي صالح (١) عن ابن عباس، والكلبي متهم بالكذب، روى البخاري بسنده عن سفيان الثوري (٢) قال: قال لي الكلبي: كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب.
وقال البخاري (٣): أبو النضر الكلبي تركه يحيى بن سعيد (٤) وابن
وقال البخاري (٣): أبو النضر الكلبي تركه يحيى بن سعيد (٤) وابن
= ينظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" ١/ ١٠١، و"الضعفاء الصغير" ص ١٠١ تحقيق محمود زايد ط ١ دار الوعي كلاهما للبخاري، "تهذيب الكمال" ٢٥/ ٢٥٠، "التقريب" ١/ ٤٧٩.
(١) هو: باذان، ولقال باذام، ولقال: ذكوان، أبو صالح مولى أم هانئ، مفسر ومن رواة الأخبار، روى عن مولاته وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم إلا أنه ضعيف. وقال ابن حبان: يحدث عن ابن عباس ولم يسمع، وروى عن الكلبي، قال حبيب بن أبي ثابت: كنا نسمي أبا صالح باذام دروغزن، وكان الشعبي يمر به فيأخذ بأذنه ويقول: ويحك كيف تفسر القرآن وأنت لا تحسن أن تقرأ، وتركه يحيى بن سعيد القطان، وابن مهدي. توفي سنة ١٢٠هـ تقريبا.
ينظر: "طبقات ابن سعد" ٥/ ٣٠٢، "التاريخ الكبير" ٢/ ١٤٤، "الجرح والتعديل" ٣/ ٤٤١، "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٣٧ - ٣٨، و"تقريب التهذيب" ص ١٢٠.
(٢) هو: سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري الكوفي الفقيه، الإمام الحافظ المجتهد سيد أهل زمانه علمًا وعملاً، ولد سنة ٩٧هـ روى له الجماعة توفي سنة ١٦١هـ بالبصرة.
ينظر: "طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٧١، و"حلية الأولياء" ٦/ ٣٥٦.
(٣) "التاريخ الكبير" ١/ ١٠١ و"الضعفاء الصغير" ص ١٠١ تحقيق محمود زايد ط ١ دار الوعي كلاهما للبخاري.
(٤) هو يحي بن سعيد بن فروخ التميمي مولاهم البصري القطان أبو سعيد، الإمام الحافظ المحدث، الثقة المتقن، أمير المؤمنين في الحديث، أخرج حديثه الجماعة، روى عنه أحمد وعلي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم من الأئمة وكان من سادات أهل البصرة وقرائهم، ولد سنة ١٢٠ وتوفي سنة ١٩٨. ينظر في ترجمته: "طبقات ابن سعد" ٧/ ٢٩٣ و"سير أعلام النبلاء" ٩/ ١٧٥.
(١) هو: باذان، ولقال باذام، ولقال: ذكوان، أبو صالح مولى أم هانئ، مفسر ومن رواة الأخبار، روى عن مولاته وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم إلا أنه ضعيف. وقال ابن حبان: يحدث عن ابن عباس ولم يسمع، وروى عن الكلبي، قال حبيب بن أبي ثابت: كنا نسمي أبا صالح باذام دروغزن، وكان الشعبي يمر به فيأخذ بأذنه ويقول: ويحك كيف تفسر القرآن وأنت لا تحسن أن تقرأ، وتركه يحيى بن سعيد القطان، وابن مهدي. توفي سنة ١٢٠هـ تقريبا.
ينظر: "طبقات ابن سعد" ٥/ ٣٠٢، "التاريخ الكبير" ٢/ ١٤٤، "الجرح والتعديل" ٣/ ٤٤١، "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٣٧ - ٣٨، و"تقريب التهذيب" ص ١٢٠.
(٢) هو: سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري الكوفي الفقيه، الإمام الحافظ المجتهد سيد أهل زمانه علمًا وعملاً، ولد سنة ٩٧هـ روى له الجماعة توفي سنة ١٦١هـ بالبصرة.
ينظر: "طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٧١، و"حلية الأولياء" ٦/ ٣٥٦.
(٣) "التاريخ الكبير" ١/ ١٠١ و"الضعفاء الصغير" ص ١٠١ تحقيق محمود زايد ط ١ دار الوعي كلاهما للبخاري.
(٤) هو يحي بن سعيد بن فروخ التميمي مولاهم البصري القطان أبو سعيد، الإمام الحافظ المحدث، الثقة المتقن، أمير المؤمنين في الحديث، أخرج حديثه الجماعة، روى عنه أحمد وعلي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم من الأئمة وكان من سادات أهل البصرة وقرائهم، ولد سنة ١٢٠ وتوفي سنة ١٩٨. ينظر في ترجمته: "طبقات ابن سعد" ٧/ ٢٩٣ و"سير أعلام النبلاء" ٩/ ١٧٥.
150
مهدي (١).
وقال أبو حاتم: الناس مجمعون على ترك حديثه، وهو ذاهب الحديث لا يشتغل به.
قال ابن حجر: ومن روايات الضعفاء عن ابن عباس: التفسير المنسوب لأبي النضر محمد بن السائب الكلبي، فإنه يرويه عن أبي صالح، وهو مولى أم هانئ، عن ابن عباس. والكلبي اتهموه بالكذب، وقد مرض فقال لأصحابه في مرضه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب (٢).
وقال السيوطي: وأوهى طرقه -يعني تفسير ابن عباس- طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، فإن انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير (٣)، فهي سلسلة الكذب، وكثيراً ما يخرج منها الثعلبي والواحدي (٤).
٣ - تفسير تنوير المقباس:
وقد نسب هذا التفسير إلى ابن عباس وقد طبع في مصر مرارًا باسم
وقال أبو حاتم: الناس مجمعون على ترك حديثه، وهو ذاهب الحديث لا يشتغل به.
قال ابن حجر: ومن روايات الضعفاء عن ابن عباس: التفسير المنسوب لأبي النضر محمد بن السائب الكلبي، فإنه يرويه عن أبي صالح، وهو مولى أم هانئ، عن ابن عباس. والكلبي اتهموه بالكذب، وقد مرض فقال لأصحابه في مرضه: كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب (٢).
وقال السيوطي: وأوهى طرقه -يعني تفسير ابن عباس- طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، فإن انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير (٣)، فهي سلسلة الكذب، وكثيراً ما يخرج منها الثعلبي والواحدي (٤).
٣ - تفسير تنوير المقباس:
وقد نسب هذا التفسير إلى ابن عباس وقد طبع في مصر مرارًا باسم
(١) عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن أبو سعيد العنبري الإمام المحدث الكبير ولد سنة ١٣٥ وخرج الجماعة حديثه توفي سنة ١٩٨ بالبصرة. ينظر: "طبقات ابن سعد" ٧/ ٢٩٧، و"حلية الأولياء" ٩/ ٣.
(٢) "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٢٠٩.
(٣) محمد بن مروان السدي الكوفي، وهو السدي الصغير أحد المتروكين، قال الذهبي: تركوه واتهمه بعضهم بالكذب، وهو صاحب الكلبي. قال البخاري: سكتوا عنه وهو مولى الخطابيين ولا يكتب حديثه البتة، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال أحمد: أدركته وقد كبر فتركته. ينظر: "ميزان الاعتدال" ٤/ ٣٢، و"سير أعلام النبلاء" ٥/ ٢٦٥.
(٤) "الإتقان" ٢/ ١٨٩.
(٢) "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٢٠٩.
(٣) محمد بن مروان السدي الكوفي، وهو السدي الصغير أحد المتروكين، قال الذهبي: تركوه واتهمه بعضهم بالكذب، وهو صاحب الكلبي. قال البخاري: سكتوا عنه وهو مولى الخطابيين ولا يكتب حديثه البتة، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال أحمد: أدركته وقد كبر فتركته. ينظر: "ميزان الاعتدال" ٤/ ٣٢، و"سير أعلام النبلاء" ٥/ ٢٦٥.
(٤) "الإتقان" ٢/ ١٨٩.
151
"تنوير المقباس في تفسير ابن عباس".
جمعه أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزابادي الشافعي (١)، صاحب "القاموس المحيط"، وقال الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه الماتع "التفسير والمفسرون": وقد اطلعت على هذا التفسير، فوجدت جامعه يسوق عند الكلام عن البسملة الرواية عن ابن عباس بهذا السند أخبرنا عبد الله الثقة بن المأمون الهروي، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمود بن محمد الرازي، قال: أخبرنا عمار بن عبد المجيد الهروي، قال: أخبرنا علي بن إسحاق السمرقندي، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. وعند تفسير أول البقرة، وجدته يسوق الكلام بإسناده إلى عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا علي بن إسحاق السمرقندي عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. وفي مبدأ كل سورة يقول: وبإسناده عن ابن عباس.
.. وهكذا يظهر لنا جليًا، أن جميع ما روي عن ابن عباس في هذا الكتاب يدور على محمد بن مروان السدي الصغير، عن محمد بن السائب
جمعه أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزابادي الشافعي (١)، صاحب "القاموس المحيط"، وقال الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه الماتع "التفسير والمفسرون": وقد اطلعت على هذا التفسير، فوجدت جامعه يسوق عند الكلام عن البسملة الرواية عن ابن عباس بهذا السند أخبرنا عبد الله الثقة بن المأمون الهروي، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمود بن محمد الرازي، قال: أخبرنا عمار بن عبد المجيد الهروي، قال: أخبرنا علي بن إسحاق السمرقندي، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. وعند تفسير أول البقرة، وجدته يسوق الكلام بإسناده إلى عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا علي بن إسحاق السمرقندي عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. وفي مبدأ كل سورة يقول: وبإسناده عن ابن عباس.
.. وهكذا يظهر لنا جليًا، أن جميع ما روي عن ابن عباس في هذا الكتاب يدور على محمد بن مروان السدي الصغير، عن محمد بن السائب
(١) هو محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم، الفيروزآبادي الشافعي، أبو طاهر، ولد شي كازورن من أعمال شيراز سنة ٧٢٩ هـ، ونشأ بها، وانتقل إلى شيراز وأخذ الأدب واللغة عن والده وغيره من علماء شيراز، ورحل إلى العراق ومصر والشام واليمن وغيرها من البلاد وأخذ عن علمائها، وتولى قضاء اليمن كله، وجاور مكة والمدينة وتوفي سنة ٨١٧ هـ.
من تصانيفه: "القاموس المحيط"، "بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز"، "فتح الباري بالسيل الفسيح الجاري في شرح صحيح البخاري" وغيرها من التصانيف.
ينظر: "الضوء اللامع" للسخاوي ١٠/ ٧٦ - ٧٩، "بغية الوعاة" ص ١١٧ - ١١٨، "شذرات الذهب" لابن عماد ١٠/ ١٢٦ - ١٣١.
من تصانيفه: "القاموس المحيط"، "بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز"، "فتح الباري بالسيل الفسيح الجاري في شرح صحيح البخاري" وغيرها من التصانيف.
ينظر: "الضوء اللامع" للسخاوي ١٠/ ٧٦ - ٧٩، "بغية الوعاة" ص ١١٧ - ١١٨، "شذرات الذهب" لابن عماد ١٠/ ١٢٦ - ١٣١.
152
الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وقد عرفنا مبلغ رواية السدي الصغير عن الكلبي فيما تقدم.
وحسبنا في التعقيب على هذا ما روي من طريق ابن عبد الحكم قال: سمعت الشافعي يقول: لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث (١).
وهذا الخبر إن صح عن الشافعي يدلنا على مقدار ما كان عليه الوضّاعون من الجرأة على اختلاق هذه الكثرة من التفاسير المنسوبة إلى ابن عباس، وليس أدل على ذلك، من أنك تلمس التناقض ظاهرًا بين أقوال في التفسير نسبت إلى ابن عباس ورويت عنه. إن هذا التفسير المنسوب إلى ابن عباس لم يفقد شيئًا من قيمته العلمية في الغالب، وإنما الشيء الذي لا قيمة له فيه، هو نسبته إلى ابن عباس (٢).
٤ - رواية الضحاك:
أمَّا طريق الضحاك بن مزاحم الهلالي (٣) عن ابن عباس فهي غير
وحسبنا في التعقيب على هذا ما روي من طريق ابن عبد الحكم قال: سمعت الشافعي يقول: لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث (١).
وهذا الخبر إن صح عن الشافعي يدلنا على مقدار ما كان عليه الوضّاعون من الجرأة على اختلاق هذه الكثرة من التفاسير المنسوبة إلى ابن عباس، وليس أدل على ذلك، من أنك تلمس التناقض ظاهرًا بين أقوال في التفسير نسبت إلى ابن عباس ورويت عنه. إن هذا التفسير المنسوب إلى ابن عباس لم يفقد شيئًا من قيمته العلمية في الغالب، وإنما الشيء الذي لا قيمة له فيه، هو نسبته إلى ابن عباس (٢).
٤ - رواية الضحاك:
أمَّا طريق الضحاك بن مزاحم الهلالي (٣) عن ابن عباس فهي غير
(١) "الإتقان" ٢/ ١٨٩.
(٢) "التفسير والمفسرون" ١/ ٨٢.
(٣) الضحاك بن مزاحم الهلالي البلخي، أبو القاسم أو أبو محمد الخُراساني، قال سفيان الثوري: خذوا التفسير عن أربعة سعيد بن جبير، الضحاك بن مزاحم، مجاهد بن جبر، وعكرمة.
قال ابن حبان: من زعم أنه رأى ابن عباس فقد وهم. وقال ابن عدي: عُرِف بالتفسير، وأما روايته عن ابن عباس وأبي هريرة وجميع من روى عنهم ففي ذلك كله نظر وإنما اشتهر بالتفسير. وثقه أحمد، وابن معين وأبو زرعة، وضعفه يحيى بن سعيد، اختلف في سنة وفاته فقيل ١٠٥ هـ أو ١٠٦ هـ.
ينظر: "التاريخ الكبير" ٤/ ٣٣٢، "الثقات" لابن حبان ٦/ ٤٨٠، "الكامل في الضعفاء" ٤/ ٩٥، "التقريب" ١/ ٢٨٠.
(٢) "التفسير والمفسرون" ١/ ٨٢.
(٣) الضحاك بن مزاحم الهلالي البلخي، أبو القاسم أو أبو محمد الخُراساني، قال سفيان الثوري: خذوا التفسير عن أربعة سعيد بن جبير، الضحاك بن مزاحم، مجاهد بن جبر، وعكرمة.
قال ابن حبان: من زعم أنه رأى ابن عباس فقد وهم. وقال ابن عدي: عُرِف بالتفسير، وأما روايته عن ابن عباس وأبي هريرة وجميع من روى عنهم ففي ذلك كله نظر وإنما اشتهر بالتفسير. وثقه أحمد، وابن معين وأبو زرعة، وضعفه يحيى بن سعيد، اختلف في سنة وفاته فقيل ١٠٥ هـ أو ١٠٦ هـ.
ينظر: "التاريخ الكبير" ٤/ ٣٣٢، "الثقات" لابن حبان ٦/ ٤٨٠، "الكامل في الضعفاء" ٤/ ٩٥، "التقريب" ١/ ٢٨٠.
153
مرضية؛ لأنه وإن وثقه نفر فطريقه إلى ابن عباس منقطعة؛ لأنه روى عنه ولم يلقه، فإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة (١)، عن أبي روق (٢)، عن الضحاك، فضعيفة لضعف بشر، وقد أخرج من هذه النسخة كثيرًا ابن جرير وابن أبي حاتم.
وإن كان من رواية جويبر (٣) عن الضحاك فأشد ضعفًا؛ لأن جويبر شديد الضعف متروك. ولم يخرج ابن جرير ولا ابن أبي حاتم من هذه الطريق شيئًا، إنما خرجها ابن مردويه (٤)، وأبو الشيخ أبو محمد عبد الله
وإن كان من رواية جويبر (٣) عن الضحاك فأشد ضعفًا؛ لأن جويبر شديد الضعف متروك. ولم يخرج ابن جرير ولا ابن أبي حاتم من هذه الطريق شيئًا، إنما خرجها ابن مردويه (٤)، وأبو الشيخ أبو محمد عبد الله
(١) هو: بشر بن عمارة الخثعمي الكوفي، روى عن: الأحوص بن حكيم، وإدريس بن سنان ابن بنت وهب بن منبه، وأبي روق عطية بن الحارث الهمداني، وروى عنه: أحمد بن موسى، وجبارة بن مغلس الحماني، والحسن بن عبد الرحمن، وزكريا بن عدي، وغيرهم.
قال أبو حاتم: ليس بالقوي في الحديث، قال عنه البخاري: تعرف وتنكر، وذكره النسائي في "الضعفاء" قال ابن حبان: يخطئ حتى يخرج عن حد الاحتجاج. ينظر: "التاريخ الكبير" ٢/ ٨٠ و"الضعفاء" للنسائي ص ٦، "المجروحين" لابن حبان ١/ ١٨٨.
(٢) أبو روق عطية بن الحارث الهمذاني، صاحب التفسير، صدوق من الطبقة الخامسة. ينظر: "الجرح والتعديل" ٦/ ٣٨٢ رقم (٢١٢٢)، "التقريب" ٢/ ٢٤ رقم (٢١٥).
(٣) جويبر بن سعيد الأزدي، يقال له جابر، وجويبر لقب، أبو القاسم البلخي، صاحب الضحاك، راوي التفسير، ضعيف جداً، ضعفه علي ويحيى بن سعيد.
وقال أحمد: لا يشتغل بحديثه. وقال ابن معين: ليس بشيء.
وقال النسائي وعلي بن الجنيد والدارقنطني: متروك.
ينظر: "التهذيب" ١/ ٣١ رقم (٨٣)، و"الكاشف" ١/ ٥ رقم (٨٠١).
(٤) أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فُورك الأصبهاني صاحب التفسير الكبير، محدث أصبهان ولد سنة ٣٢٣ هـ من مصنفاته: "التاريخ"، و"المستخرج على صحيح البخاري" توفي سنة ٤١٠ هـ
ينظر: "تاريخ أصبهان" ١/ ١٦٨، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٠٨.
قال أبو حاتم: ليس بالقوي في الحديث، قال عنه البخاري: تعرف وتنكر، وذكره النسائي في "الضعفاء" قال ابن حبان: يخطئ حتى يخرج عن حد الاحتجاج. ينظر: "التاريخ الكبير" ٢/ ٨٠ و"الضعفاء" للنسائي ص ٦، "المجروحين" لابن حبان ١/ ١٨٨.
(٢) أبو روق عطية بن الحارث الهمذاني، صاحب التفسير، صدوق من الطبقة الخامسة. ينظر: "الجرح والتعديل" ٦/ ٣٨٢ رقم (٢١٢٢)، "التقريب" ٢/ ٢٤ رقم (٢١٥).
(٣) جويبر بن سعيد الأزدي، يقال له جابر، وجويبر لقب، أبو القاسم البلخي، صاحب الضحاك، راوي التفسير، ضعيف جداً، ضعفه علي ويحيى بن سعيد.
وقال أحمد: لا يشتغل بحديثه. وقال ابن معين: ليس بشيء.
وقال النسائي وعلي بن الجنيد والدارقنطني: متروك.
ينظر: "التهذيب" ١/ ٣١ رقم (٨٣)، و"الكاشف" ١/ ٥ رقم (٨٠١).
(٤) أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فُورك الأصبهاني صاحب التفسير الكبير، محدث أصبهان ولد سنة ٣٢٣ هـ من مصنفاته: "التاريخ"، و"المستخرج على صحيح البخاري" توفي سنة ٤١٠ هـ
ينظر: "تاريخ أصبهان" ١/ ١٦٨، و"سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٢٠٨.
154
ابن حيان (١)، كما أفاده السيوطي (٢).
٥ - رواية العوفي (٣): فضعيفة، فقد كان يخطئ كثيراً، وكان شيعياً مدلساً، قال الإمام أحمد: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير، وكان يكنيه بأبي سعيد، فيقول: قال أبو سعيد، قال الذهبي: يعني يوهم أنه الخدري، وهذه الطريقة أخرج منها ابن جرير، وابن أبي حاتم كثيرًا.
٦ - رواية السدي الكبير:
يروي إسماعيل بن عبد الرحمن السدى الكبير (٤)، تارة عن أبي
٥ - رواية العوفي (٣): فضعيفة، فقد كان يخطئ كثيراً، وكان شيعياً مدلساً، قال الإمام أحمد: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير، وكان يكنيه بأبي سعيد، فيقول: قال أبو سعيد، قال الذهبي: يعني يوهم أنه الخدري، وهذه الطريقة أخرج منها ابن جرير، وابن أبي حاتم كثيرًا.
٦ - رواية السدي الكبير:
يروي إسماعيل بن عبد الرحمن السدى الكبير (٤)، تارة عن أبي
(١) هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ، الإمام الحافظ محدث أصبهان، صاحب التصانيف ولد سنة ٢٧٤ هـ، من مؤلفاته: "كتاب السنة "، و"العظمة"، وكتاب "السنن"، توفي سنة ٣٦٩ هـ.
ينظر: "تذكرة الحفاظ" ٣/ ٩٤٥، و"سير أعلام النبلاء" ١٦/ ٢٧٦.
(٢) "الإتقان" ٢/ ١٨٩.
(٣) عطية بن سعد بن جنادة الجدلي العوفي الكوفي، أبو الحسن، كان من غلاة الشيعة.
قال أحمد: ضعيف. وقال أبو زرعة: لين.
وقال أبو حاتم: ضعيف وأبو نضرة أحب إلي منه توفي سنة ١١١هـ.
ينظر: "الميزان" ٣/ ٧٩ و"تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٩٤، ٧/ ٢٢٤، و"تاريخ بغداد" ٥/ ٣٣٢ و"الجرح والتعديل" ٣/ ٤٨ رقم (٢١٥)، و"لسان الميزان" ٥/ ١٧٤، "تقريب التهذيب" ١/ ٦٧٨.
(٤) هو: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة المعروف بالسدي الكبير، أبو محمد الكوفي، صاحب التفسير والمغازي، كان إماما عارفا بالوقائع وأيام الناس، وتفسيره أثني عليه، قال ابن معين: ضعيف، ولينه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. قال عنه ابن حجر: صدوق يهم، رمي بالتشيع، توفي سنة ١٢٧هـ. ينظر: "الجرح والتعديل" ٢/ ١٨٤، و"تقريب التهذيب" ص ١٠٨، و"طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٢٣.
ينظر: "تذكرة الحفاظ" ٣/ ٩٤٥، و"سير أعلام النبلاء" ١٦/ ٢٧٦.
(٢) "الإتقان" ٢/ ١٨٩.
(٣) عطية بن سعد بن جنادة الجدلي العوفي الكوفي، أبو الحسن، كان من غلاة الشيعة.
قال أحمد: ضعيف. وقال أبو زرعة: لين.
وقال أبو حاتم: ضعيف وأبو نضرة أحب إلي منه توفي سنة ١١١هـ.
ينظر: "الميزان" ٣/ ٧٩ و"تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٩٤، ٧/ ٢٢٤، و"تاريخ بغداد" ٥/ ٣٣٢ و"الجرح والتعديل" ٣/ ٤٨ رقم (٢١٥)، و"لسان الميزان" ٥/ ١٧٤، "تقريب التهذيب" ١/ ٦٧٨.
(٤) هو: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة المعروف بالسدي الكبير، أبو محمد الكوفي، صاحب التفسير والمغازي، كان إماما عارفا بالوقائع وأيام الناس، وتفسيره أثني عليه، قال ابن معين: ضعيف، ولينه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. قال عنه ابن حجر: صدوق يهم، رمي بالتشيع، توفي سنة ١٢٧هـ. ينظر: "الجرح والتعديل" ٢/ ١٨٤، و"تقريب التهذيب" ص ١٠٨، و"طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٢٣.
155
مالك (١)، وتارة عن أبي صالح عن ابن عباس. وإسماعيل السدي مختلف فيه، وحديثه عند مسلم وأهل السنن الأربعة، وهو تابعي شيعي.
وقال السيوطي: روى عن السدي الأئمة مثل الثوري وشعبة، لكن التفسير الذي جمعه رواه أسباط بن نصر (٢)، وأسباط لم يتفقوا عليه، غير أن أمثل التفاسير تفسير السدي (٣).
وابن جرير يورد في تفسيره كثيرًا من تفسير السدي عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس، ولم يخرج منه ابن أبي حاتم شيئًا؛ لأنه التزم أن يخرج أصح ما ورد (٤).
٧ - رواية الوالبي (٥):
وهي من أحسن الطرق عن ابن عباس، وهو صدوق، ولكنه لم يلق
وقال السيوطي: روى عن السدي الأئمة مثل الثوري وشعبة، لكن التفسير الذي جمعه رواه أسباط بن نصر (٢)، وأسباط لم يتفقوا عليه، غير أن أمثل التفاسير تفسير السدي (٣).
وابن جرير يورد في تفسيره كثيرًا من تفسير السدي عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس، ولم يخرج منه ابن أبي حاتم شيئًا؛ لأنه التزم أن يخرج أصح ما ورد (٤).
٧ - رواية الوالبي (٥):
وهي من أحسن الطرق عن ابن عباس، وهو صدوق، ولكنه لم يلق
(١) غزوان الغفاري أبو مالك الكوفي مشهور بكنيته ثقة من الثالثة روى عنه أصحاب السنن ينظر: "تقريب التهذيب" ص ٤٤٢.
(٢) أسباط بن نصر الهمداني، أبو يوسف، ويقال أبو نصر الكوفي، روى عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، وجابر بن يزيد الجعفي، والحكم بن عبد الملك، وسماك بن حرب وغيرهم. وروى عنه: أحمد بن المفضل الحفري، وإسحاق بن منصور السلولي، والحسن بن بشر البجلي وغيرهم.
قال أبو حاتم: سمعت أبا نعيم يضعف أسباط بن نصر، وقال: أحاديثه عامته سقط مقلوب الأسانيد. وقال النسائي: ليس بالقوي.
روي له الجماعة إلا البخاري معلقًا.
ينظر: "طبقات ابن سعد" ٦/ ٢٦١، "التاريخ الكبير" ٢/ ٥٣ (١٦٥٦)، "الجرح والتعديل" ٢/ ٣٣٢ (١٢٦١)، "الميزان" ١/ ٣٥.
(٣) "الإتقان" ٢/ ١٨٨.
(٤) "التفسير والمفسرون" ١/ ٧٩، "تفسير ابن عباس" للدكتور الحميدي ١/ ٢٧ - ٢٨.
(٥) هو: علي بن أبي طلحة مولى بني العباس، واسم أبيه سالم بن مخارق الهاشمي، =
(٢) أسباط بن نصر الهمداني، أبو يوسف، ويقال أبو نصر الكوفي، روى عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، وجابر بن يزيد الجعفي، والحكم بن عبد الملك، وسماك بن حرب وغيرهم. وروى عنه: أحمد بن المفضل الحفري، وإسحاق بن منصور السلولي، والحسن بن بشر البجلي وغيرهم.
قال أبو حاتم: سمعت أبا نعيم يضعف أسباط بن نصر، وقال: أحاديثه عامته سقط مقلوب الأسانيد. وقال النسائي: ليس بالقوي.
روي له الجماعة إلا البخاري معلقًا.
ينظر: "طبقات ابن سعد" ٦/ ٢٦١، "التاريخ الكبير" ٢/ ٥٣ (١٦٥٦)، "الجرح والتعديل" ٢/ ٣٣٢ (١٢٦١)، "الميزان" ١/ ٣٥.
(٣) "الإتقان" ٢/ ١٨٨.
(٤) "التفسير والمفسرون" ١/ ٧٩، "تفسير ابن عباس" للدكتور الحميدي ١/ ٢٧ - ٢٨.
(٥) هو: علي بن أبي طلحة مولى بني العباس، واسم أبيه سالم بن مخارق الهاشمي، =
156
ابن عباس، وإنما أخذ تفسيره من مجاهد (١)، وله صحيفة في هذا التفسير أخرج منها البخاري كثيراً في صحيحه فيما يعلقه عن ابن عباس، وأكثر منها ابن جرير في تفسيره.
وقال الإمام أحمد: "بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة، لو رحل فيها رجل إل مصر قاصداً ما كان كثيراً" (٢).
وقد طعن بعض العلماء في تفسير علي بن أبي طلحة بأنه منقطع، حيث لم يسمع من ابن عباس، وقال الحافظ ابن حجر -راداً على ذلك-: "بعد أن عُرِفت الواسطة وهو ثقة، فلا ضير في ذلك" (٣).
وكثيرًا ما اعتمد على هذه الطريقة ابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن المنذر بوسائط بينهم وبين أبي صالح. ومسلم وأصحاب السنن يحتجون بعلي بن أبي طلحة.
وقال الإمام أحمد: "بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة، لو رحل فيها رجل إل مصر قاصداً ما كان كثيراً" (٢).
وقد طعن بعض العلماء في تفسير علي بن أبي طلحة بأنه منقطع، حيث لم يسمع من ابن عباس، وقال الحافظ ابن حجر -راداً على ذلك-: "بعد أن عُرِفت الواسطة وهو ثقة، فلا ضير في ذلك" (٣).
وكثيرًا ما اعتمد على هذه الطريقة ابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن المنذر بوسائط بينهم وبين أبي صالح. ومسلم وأصحاب السنن يحتجون بعلي بن أبي طلحة.
= أبو الحسن ويقال أبو محمد، وأصله من الجزيرة، وانتقل إلى حمص، وهو صدوق كثير الإرسال. مات سنة ١٤٣هـ.
ينظر: "التاريخ الكبير" ٦/ ٢٨١، "تهذيب الكمال" ٢٠/ ٤٩٠، "الكاشف" ٢/ ٤١، "تهذيب التهذيب" ٧/ ٣٣٩.
(١) هو: أبو الحجاج، مجاهد بن جبر المكي، تابعي جليل، مقرئ مفسر، حافظ ثقة، سمع من عدد من الصحابة، ولازم ابن عباس وقرأ عليه القرآن، وتلقى عنه التفسير، وكان أحد أوعية العلم، توفي سنة ١٠٣هـ.
ينظر: "طبقات ابن سعد" ٥/ ٤٦٦، و"التاريخ الكبير" ٧/ ٤١١، "الحلية" لأبي نعيم ٣/ ٢٧٩، و"معرفة القراء الكبار" للذهبي ١/ ٦٦، "تهذيب التهذيب" ٧/ ٣٣٩.
(٢) "الإتقان" ٢/ ١٨٨ وينظر: تفسير ابن عباس ومروياته في التفسير من كتب السنة، للدكتور عبد العزيز الحميدي ١/ ٢٥.
(٣) المصدر السابق.
ينظر: "التاريخ الكبير" ٦/ ٢٨١، "تهذيب الكمال" ٢٠/ ٤٩٠، "الكاشف" ٢/ ٤١، "تهذيب التهذيب" ٧/ ٣٣٩.
(١) هو: أبو الحجاج، مجاهد بن جبر المكي، تابعي جليل، مقرئ مفسر، حافظ ثقة، سمع من عدد من الصحابة، ولازم ابن عباس وقرأ عليه القرآن، وتلقى عنه التفسير، وكان أحد أوعية العلم، توفي سنة ١٠٣هـ.
ينظر: "طبقات ابن سعد" ٥/ ٤٦٦، و"التاريخ الكبير" ٧/ ٤١١، "الحلية" لأبي نعيم ٣/ ٢٧٩، و"معرفة القراء الكبار" للذهبي ١/ ٦٦، "تهذيب التهذيب" ٧/ ٣٣٩.
(٢) "الإتقان" ٢/ ١٨٨ وينظر: تفسير ابن عباس ومروياته في التفسير من كتب السنة، للدكتور عبد العزيز الحميدي ١/ ٢٥.
(٣) المصدر السابق.
157
٨ - طريق قيس بن مسلم الكوفي (١)، عن عطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس. وهذه الطريق صحيحة على شرط الشيخين، وكثيرًا ما يخرج منها الفريابي والحاكم في "مستدركه".
٩ - طريق بن إسحاق (٢) صاحب السير، عن محمد بن أبي محمد مولى آل زيد ابن ثابت، عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس، وهي طريق جيدة وإسنادها حسن، وقد أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرًا، وأخرج الطبراني منها في "معجمه الكبير".
١٠ - طريق عبد الملك بن جريج (٣)، عن ابن عباس، وهي تحتاج الى
٩ - طريق بن إسحاق (٢) صاحب السير، عن محمد بن أبي محمد مولى آل زيد ابن ثابت، عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس، وهي طريق جيدة وإسنادها حسن، وقد أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرًا، وأخرج الطبراني منها في "معجمه الكبير".
١٠ - طريق عبد الملك بن جريج (٣)، عن ابن عباس، وهي تحتاج الى
(١) لعله قيس بن مسلم الجدلي الكوفي، أبو عمرو، الإمام المحدث الثقة، وثقه أحمد وقال مرة: متقن للحديث لا تبالي إذا أخذت عنه حديثه. قال أبو داود: كان مرجئًا. وقال ابن عيينة: كانوا يقولون: ما رفع قيس رأسه إلى السماء منذ كذا وكذا تعظيمًا لله توفي سنة ١٢٠ هـ. ينظر: "طبقات ابن سعد" ٦/ ٣١٧، "طبقات خليفة" ص ١٦٠ "التاريخ الكبير" ٥/ ١٥٤، "تهذيب الكمال" ٢٤/ ٨١.
(٢) محمد بن إسحاق بن يسار، العلامة الحافظ الأخباري، وقيل أبو عبد الله القرشي المطلبي مولاهم المدني صاحب السيرة النبوية، ولد سنة ٨٠ هـ، وثقه يحيى ابن معين. وقال أحمد: حسن الحديث.
وقال الذهبي: وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأشياء، منها: تشيعه، ونسب إلى القدر، ويدلس في حديثه، فأما الصدق فليس بمدفوع عنه.
ينظر: "طبقات ابن سعد" ٧/ ٣٢١، "الكامل" لابن عدي ٣/ ٢٥، "سير أعلام النبلاء" ٧/ ٣٣.
(٣) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الأمام العلامة، الحافظ شيخ الحرم، أبو الوليد القرشي الأموي، المكي صاحب التصانيف أول من دون العلم بمكة. توفي رحمه الله سنة ١٥٠هـ. =
(٢) محمد بن إسحاق بن يسار، العلامة الحافظ الأخباري، وقيل أبو عبد الله القرشي المطلبي مولاهم المدني صاحب السيرة النبوية، ولد سنة ٨٠ هـ، وثقه يحيى ابن معين. وقال أحمد: حسن الحديث.
وقال الذهبي: وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأشياء، منها: تشيعه، ونسب إلى القدر، ويدلس في حديثه، فأما الصدق فليس بمدفوع عنه.
ينظر: "طبقات ابن سعد" ٧/ ٣٢١، "الكامل" لابن عدي ٣/ ٢٥، "سير أعلام النبلاء" ٧/ ٣٣.
(٣) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الأمام العلامة، الحافظ شيخ الحرم، أبو الوليد القرشي الأموي، المكي صاحب التصانيف أول من دون العلم بمكة. توفي رحمه الله سنة ١٥٠هـ. =
158
دقة في البحث، ليعرف الصحيح منها والسقيم، فإن ابن جريج لم يقصد الصحة فيما جمع، وإنما روى ما ذكر في كل آية من الصحيح والسقيم، فلم يتميز في روايته الصحيح من غيره، وقد روى عن ابن جريج هذا جماعة كثيرة، منهم بكر بن سهل الدمياطي، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن محمد، عن ابن جريج عن ابن عباس، ورواية بكر بن سهل أطول الروايات عن ابن جريج وفيها نظر.
ومنهم محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس، روى ثلاثة أجزاء كبار ومنهم الحجاج بن محمد عن ابن جريج، روى جزءًا وهو صحيح متفق عليه.
ولأجل هذا الاختلاف بين الطرق المأثورة عن ابن عباس فقد افترق المفسرون تجاه تفسيره إلى ثلاث فرق (١):
الأولى: أخذت بكل ما روي عنه، فوقعوا في كثير من المرويات الضعيفة والموضوعة، وعلى رأس القائمة في هذا الاتجاه: الثعلبي والمؤلف، وتبعهم على ذلك من اعتمد على تفاسيرهم وأكثر النقل عنهم.
والثانية: اقتصروا على رواية الصحيح دون غيره، لكنهم لم يرووا عنه إلا القليل، ومن أبرز هؤلاء: الشيخان: البخاري ومسلم في صحيحهما.
والثالثة: تجنبوا الأحاديث الموضوعة؛ لشهرة رواتها من الكذابين، ولكنهم خلطوا بين الروايات الصحيحة والضعيفة، وهؤلاء هم أكثر المفسرين الذين اهتموا بنقل تفسير الصحابة والتابعين، كالإمام ابن جرير
ومنهم محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس، روى ثلاثة أجزاء كبار ومنهم الحجاج بن محمد عن ابن جريج، روى جزءًا وهو صحيح متفق عليه.
ولأجل هذا الاختلاف بين الطرق المأثورة عن ابن عباس فقد افترق المفسرون تجاه تفسيره إلى ثلاث فرق (١):
الأولى: أخذت بكل ما روي عنه، فوقعوا في كثير من المرويات الضعيفة والموضوعة، وعلى رأس القائمة في هذا الاتجاه: الثعلبي والمؤلف، وتبعهم على ذلك من اعتمد على تفاسيرهم وأكثر النقل عنهم.
والثانية: اقتصروا على رواية الصحيح دون غيره، لكنهم لم يرووا عنه إلا القليل، ومن أبرز هؤلاء: الشيخان: البخاري ومسلم في صحيحهما.
والثالثة: تجنبوا الأحاديث الموضوعة؛ لشهرة رواتها من الكذابين، ولكنهم خلطوا بين الروايات الصحيحة والضعيفة، وهؤلاء هم أكثر المفسرين الذين اهتموا بنقل تفسير الصحابة والتابعين، كالإمام ابن جرير
= ينظر: "طبقات ابن سعد" ٥/ ٤٩١، "تاريخ الإسلام" ٦/ ٩٦، "سير أعلام النبلاء" ٦/ ٣٢٥.
(١) ينظر هذا التفصيل في كتاب تفسير ابن عباس للدكتور الحميدي ١/ ٢٧ - ٢٨.
(١) ينظر هذا التفصيل في كتاب تفسير ابن عباس للدكتور الحميدي ١/ ٢٧ - ٢٨.
159
وابن أبي حاتم (١)، وكذلك الذين رووا بعض تفسير ابن عباس من علماء السنة: كعبد الرزاق الصنعاني (٢)، والإمام أحمد، والترمذي، والحاكم، والبيهقي (٣).
(١) عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي، أبو محمد، اشتهر بابن أبي حاتم، الأمام المحدث الأصولي الفقيه، المفسر الناقد، ولد سنة ٢٤٠ هـ، تلقى العلم عن أبيه وغيره من علماء الري ثم انتقل إلى مكة المكرمة وسمع من مشايخها ثم رحل السواحل والشام ومصر وأصبهان، ثم رجع إلى الري يدرس ويصنف ويؤلف إلى أن وافته المنية سنة (٣٢٧) عن عمر ٨٧ عامًا.
من تصانيفه: "تفسير القرآن الكريم"، "الجرح والتعديل"، "الرد على الجهمية"، "مناقب الشافعي"، "المسند"، "كتاب الضعفاء".
ينظر: "الأنساب" للسمعاني ٤/ ٢٨٧، "سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٢٤٦، "تذكرة الحفاظ" ٣/ ٨٣٩.
(٢) عبد الرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر الحميري، مولاهم الحميري، أحد الحفاظ الثقات المشهورين المتفق على تخريج حديثه، ولد سنة ١٢٦هـ روى له الجماعة، قدم الشام تاجرًا، وسمع الأوزاعي وسعيد بن جبير ومحمد بن راشد المكحولي وإسماعيل بن عياش، وغيرهم، توفي سنة ٢١١ هـ عن خمس وثمانين عامًا، وكان فيه تشيع. من أهم تصانيفه: "المصنف" "تفسير عبد الرزاق".
ينظر ترجمته: "التاريخ الكبير" ٦/ ٢٣٠، "التاريخ الصغير" ٢/ ٣٢٠، "الثقات" لابن حبان ٨/ ٤١٢، "تهذيب الكمال" ١٨/ ٥٢، "طبقات المدلسين" ١/ ٣٤.
(٣) الفقيه الأصولي، الحافظ الورع واحد زمانه في الحفظ والإتقان: أبو بكر أحمد بن الحسن بن علي بن يونس، صاحب التصانيف الكثيرة المشهورة، ولد سنة ٣٨٤هـ في شعبان، وتلقى العلم عن علماء خُراسان ونيسابور، وانتقل إلى بغداد والكوفة، والحجاز وغيرها من البلاد، توفي رحمه الله في عاشر جمادى الأولى من سنة (٤٥٨ هـ) في نيسابور ونقل في تابوت إلى بيهق ودفن بها.
ومن تصانيفه: "السنن الكبرى"، و"معرفة السنن والآثار"، و"شعب الأيمان".
ينظر: "الأنساب" للسمعاني ٢/ ٣٨١، "الكامل" لابن الأثير ٨/ ١٠٤، "طبقات الشافعية" ٤/ ٩، "تذكرة الحفاظ" ٣/ ١١٣٢.
من تصانيفه: "تفسير القرآن الكريم"، "الجرح والتعديل"، "الرد على الجهمية"، "مناقب الشافعي"، "المسند"، "كتاب الضعفاء".
ينظر: "الأنساب" للسمعاني ٤/ ٢٨٧، "سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٢٤٦، "تذكرة الحفاظ" ٣/ ٨٣٩.
(٢) عبد الرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر الحميري، مولاهم الحميري، أحد الحفاظ الثقات المشهورين المتفق على تخريج حديثه، ولد سنة ١٢٦هـ روى له الجماعة، قدم الشام تاجرًا، وسمع الأوزاعي وسعيد بن جبير ومحمد بن راشد المكحولي وإسماعيل بن عياش، وغيرهم، توفي سنة ٢١١ هـ عن خمس وثمانين عامًا، وكان فيه تشيع. من أهم تصانيفه: "المصنف" "تفسير عبد الرزاق".
ينظر ترجمته: "التاريخ الكبير" ٦/ ٢٣٠، "التاريخ الصغير" ٢/ ٣٢٠، "الثقات" لابن حبان ٨/ ٤١٢، "تهذيب الكمال" ١٨/ ٥٢، "طبقات المدلسين" ١/ ٣٤.
(٣) الفقيه الأصولي، الحافظ الورع واحد زمانه في الحفظ والإتقان: أبو بكر أحمد بن الحسن بن علي بن يونس، صاحب التصانيف الكثيرة المشهورة، ولد سنة ٣٨٤هـ في شعبان، وتلقى العلم عن علماء خُراسان ونيسابور، وانتقل إلى بغداد والكوفة، والحجاز وغيرها من البلاد، توفي رحمه الله في عاشر جمادى الأولى من سنة (٤٥٨ هـ) في نيسابور ونقل في تابوت إلى بيهق ودفن بها.
ومن تصانيفه: "السنن الكبرى"، و"معرفة السنن والآثار"، و"شعب الأيمان".
ينظر: "الأنساب" للسمعاني ٢/ ٣٨١، "الكامل" لابن الأثير ٨/ ١٠٤، "طبقات الشافعية" ٤/ ٩، "تذكرة الحفاظ" ٣/ ١١٣٢.
160
قال الدكتور الحميدي: وقد نقل كثير من المفسرين المتأخرين هذِه الروايات من غير تمييز بينها، وأحياناً ينقلونها بغير إسناد، إلا أن بعضهم يبين ضعف الروايات أحياناً، إذا كان الموضوع مهماً، كآيات العقائد والأحكام، كالحافظ ابن كثير (١) (٢).
١١ - ثانيًا: تفسير مقاتل بن سليمان (ت ١٥٠) هـ:
اعتمد المؤلف طريق مقاتل بن سليمان الأزدي الخراساني (٣)، وهو المفسر الذي ينسب إلى الشافعي أنه قال فيه: "إن الناس عيال عليه في
١١ - ثانيًا: تفسير مقاتل بن سليمان (ت ١٥٠) هـ:
اعتمد المؤلف طريق مقاتل بن سليمان الأزدي الخراساني (٣)، وهو المفسر الذي ينسب إلى الشافعي أنه قال فيه: "إن الناس عيال عليه في
(١) هو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي، الإمام المحدث المفسر المؤرخ، صاحب التفسير المشهور، أخذ العلم عن ابن تيمية والمزي وهو من أقران الذهبي وابن القيم،. توفي رحمه الله سنة ٧٧٤ هـ.
من مصنفاته: "البداية والنهاية"، "تفسير القرآن العظيم"، "الباعث الحثيث"، وغيرها من العلوم النافعة أسكنه الله فسيح جناته.
ينظر: "تذكرة الحفاظ" ٤/ ١٥٠٨، "الدرر الكامنة" ١/ ٣٩٩.
(٢) "تفسير ابن عباس في الكتب الستة" للدكتور الحميدي ١/ ٢٨.
(٣) أبو الحسن، كبير المفسرين مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي الخُراساني، البلخي، مفسر، متكلم، مشارك في القراءات واللغة.
قال ابن عيينة: قلت لمقاتل: زعموا أنك لم تسمع من الضحاك. قال كان يغلق عليّ وعليه باب. فقلت في نفسي: أجل باب المدينة.
وقال وكيع: كان كذابًا. قال البخاري: مقاتل لا شيء البتة.
وقال الذهبي: أجمعوا على تركه. مات سنة ١٥٠هـ.
من مصنفاته: "التفسير الكبير"، "الرد على القدرية"، "الوجوه والنظائر في القراءات"، "الأقسام واللغات"، و"الآيات المتشابهات".
ينظر: "طبقات بن سعد" ٧/ ٣٧٣، "التاريخ الصغير" ٢/ ٢٢٧، "الجرح والتعديل" ٨/ ٢٥٤ - ٣٥٥، "تهذيب الكمال" ٢٨/ ٤٣٤ - ٤٥١، "سير أعلام النبلاء" ٧/ ٢٠١ - ٢٠٢، "معجم المؤلفين" ٣/ ٩٠٥ - ٩٠٦.
من مصنفاته: "البداية والنهاية"، "تفسير القرآن العظيم"، "الباعث الحثيث"، وغيرها من العلوم النافعة أسكنه الله فسيح جناته.
ينظر: "تذكرة الحفاظ" ٤/ ١٥٠٨، "الدرر الكامنة" ١/ ٣٩٩.
(٢) "تفسير ابن عباس في الكتب الستة" للدكتور الحميدي ١/ ٢٨.
(٣) أبو الحسن، كبير المفسرين مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي الخُراساني، البلخي، مفسر، متكلم، مشارك في القراءات واللغة.
قال ابن عيينة: قلت لمقاتل: زعموا أنك لم تسمع من الضحاك. قال كان يغلق عليّ وعليه باب. فقلت في نفسي: أجل باب المدينة.
وقال وكيع: كان كذابًا. قال البخاري: مقاتل لا شيء البتة.
وقال الذهبي: أجمعوا على تركه. مات سنة ١٥٠هـ.
من مصنفاته: "التفسير الكبير"، "الرد على القدرية"، "الوجوه والنظائر في القراءات"، "الأقسام واللغات"، و"الآيات المتشابهات".
ينظر: "طبقات بن سعد" ٧/ ٣٧٣، "التاريخ الصغير" ٢/ ٢٢٧، "الجرح والتعديل" ٨/ ٢٥٤ - ٣٥٥، "تهذيب الكمال" ٢٨/ ٤٣٤ - ٤٥١، "سير أعلام النبلاء" ٧/ ٢٠١ - ٢٠٢، "معجم المؤلفين" ٣/ ٩٠٥ - ٩٠٦.
161
التفسير" (١) ومع ذلك فقد ضعفوه، وقالوا: إنه يروي عن مجاهد وعن
الضحاك ولم يسمع منهما.
وقد كذبه غير واحد، ولم يوثقه أحد، واشتهر عنه التجسيم والتشبيه (٢)، وتكلم عنه السيوطي فقال: "إن الكلبي يفضل عليه، لما في مقاتل من المذاهب الرديئة" (٣). وقد سئل وكيع عن تفسير مقاتل؟ فقال: "لا تنظروا فيه"، فقال السائل: ما أصنع به؟ قال: ادفنه -يعني التفسير (٤) -، وقال أحمد بن حنبل: لا يعجبني أن أروي عن مقاتل بن سليمان شيئًا (٥). وبالجملة فإن من استحسن تفسير مقاتل كان يضعفه ويقول "ما أحسن تفسيره لو كان ثقة" (٦).
ولاعتماد المؤلف هذا الطريق تردد اسم مقاتل كثيرًا في البسيط مما يدل على أنه من مصادره الرئيسة التي أفاد منها، وأغلب نقولاته عنه كانت مع العزو؛ تارة بنصه وتارة بالمعنى والتصرف في العبارة، ويبدو أن الواحدي نقل عن مقاتل بواسطة شيخه الثعلبي؛ تبيَّن ذلك بأمرين:
١ - اختلاف عبارة الواحدي المنسوبة لمقاتل عن تفسير مقاتل وتطابقها مع عبارة الثعلبي.
٢ - عدم وجود القول أحيانًا في تفسير مقاتل ووروده بنصه في تفسير
الضحاك ولم يسمع منهما.
وقد كذبه غير واحد، ولم يوثقه أحد، واشتهر عنه التجسيم والتشبيه (٢)، وتكلم عنه السيوطي فقال: "إن الكلبي يفضل عليه، لما في مقاتل من المذاهب الرديئة" (٣). وقد سئل وكيع عن تفسير مقاتل؟ فقال: "لا تنظروا فيه"، فقال السائل: ما أصنع به؟ قال: ادفنه -يعني التفسير (٤) -، وقال أحمد بن حنبل: لا يعجبني أن أروي عن مقاتل بن سليمان شيئًا (٥). وبالجملة فإن من استحسن تفسير مقاتل كان يضعفه ويقول "ما أحسن تفسيره لو كان ثقة" (٦).
ولاعتماد المؤلف هذا الطريق تردد اسم مقاتل كثيرًا في البسيط مما يدل على أنه من مصادره الرئيسة التي أفاد منها، وأغلب نقولاته عنه كانت مع العزو؛ تارة بنصه وتارة بالمعنى والتصرف في العبارة، ويبدو أن الواحدي نقل عن مقاتل بواسطة شيخه الثعلبي؛ تبيَّن ذلك بأمرين:
١ - اختلاف عبارة الواحدي المنسوبة لمقاتل عن تفسير مقاتل وتطابقها مع عبارة الثعلبي.
٢ - عدم وجود القول أحيانًا في تفسير مقاتل ووروده بنصه في تفسير
(١) "وفيات الأعيان" ٢/ ٧٦٧.
(٢) "إيثار الحق" ص ١٥٩.
(٣) "الإتقان" ٣/ ١٨٩.
(٤) "تهذيب الأسماء واللغات" ٢/ ١١١.
(٥) المصدر السابق.
(٦) "التفسير معالم حياته - منهجه اليوم" ص ٩.
(٢) "إيثار الحق" ص ١٥٩.
(٣) "الإتقان" ٣/ ١٨٩.
(٤) "تهذيب الأسماء واللغات" ٢/ ١١١.
(٥) المصدر السابق.
(٦) "التفسير معالم حياته - منهجه اليوم" ص ٩.
162
الثعلبي منسوبًا لمقاتل.
وقد يصعب ضرب الأمثلة؛ لكثرة استشهاده بآراء مقاتل. وهناك مشكلة يجدر الإشارة إليها، وهي الالتباس بين مقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان في التفسير، وذلك عند إطلاق الواحدي اسم مقاتل دون تحديد من هو؟ ومع أنه من خلال الاستقراء ظهر أنه يقصد عند الإطلاق مقاتل بن سليمان، إلا أنه يقصد به أحيانًا ابن حيان، وما أدري لعل بعض النصوص التي ذكرت أنها وردت في تفسير مقاتل بمعناه أن تكون قد وردت في تفسير مقاتل بن حيان بنصه، ولم أستطع التحقق من ذلك؛ لأن تفسيره مفقود -حسب علمي- وكذلك ما يرد في تفسير الثعلبي ولا يكون في تفسير مقاتل بن سليمان فلعله يكون من تفسير مقاتل بن حيان وأبهمه الثعلبي، خاصة وأن تفسيره من مصادر الثعلبي -كما ذكر في مقدمته- ومن أمثلة ذلك:
عند قوله تعالى: ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٣٦] أطلق اسم مقاتل وهو ابن حيان، فقال: وقال مقاتل: ومن عصاني فيما دون الشرك فإنك غفور رحيم. فمقاتل هنا هو ابن حيان، حيث وردت هذه العبارة بنصها منسوبة إليه في: "تفسير الثعلبي" (٧/ ١٥٦ب)، و"البغوي" ٣/ ٣٧، و"ابن الجوزي" ٥/ ٣٦٥ أما في تفسير مقاتل بن سليمان (١/ ١٩٤ أ) فعبارته، قال: ومن عصاني فكفر فإنك غفور رحيم.
ومثله عند قوله تعالى ميه ﴿وءاتَينَهُ فِى الدُّنيَا حَسَنَةً﴾ [النحل: ١٢٢] قال: وقال مقاتل: يعني الصلوات عليه مقرونًا بالصلاة على محمد - ﷺ -؛ وهو قول المتشهد: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، فهلذا الخبر نسب إلى مقاتل بن حيان في تفسير البغوي وابن
وقد يصعب ضرب الأمثلة؛ لكثرة استشهاده بآراء مقاتل. وهناك مشكلة يجدر الإشارة إليها، وهي الالتباس بين مقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان في التفسير، وذلك عند إطلاق الواحدي اسم مقاتل دون تحديد من هو؟ ومع أنه من خلال الاستقراء ظهر أنه يقصد عند الإطلاق مقاتل بن سليمان، إلا أنه يقصد به أحيانًا ابن حيان، وما أدري لعل بعض النصوص التي ذكرت أنها وردت في تفسير مقاتل بمعناه أن تكون قد وردت في تفسير مقاتل بن حيان بنصه، ولم أستطع التحقق من ذلك؛ لأن تفسيره مفقود -حسب علمي- وكذلك ما يرد في تفسير الثعلبي ولا يكون في تفسير مقاتل بن سليمان فلعله يكون من تفسير مقاتل بن حيان وأبهمه الثعلبي، خاصة وأن تفسيره من مصادر الثعلبي -كما ذكر في مقدمته- ومن أمثلة ذلك:
عند قوله تعالى: ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٣٦] أطلق اسم مقاتل وهو ابن حيان، فقال: وقال مقاتل: ومن عصاني فيما دون الشرك فإنك غفور رحيم. فمقاتل هنا هو ابن حيان، حيث وردت هذه العبارة بنصها منسوبة إليه في: "تفسير الثعلبي" (٧/ ١٥٦ب)، و"البغوي" ٣/ ٣٧، و"ابن الجوزي" ٥/ ٣٦٥ أما في تفسير مقاتل بن سليمان (١/ ١٩٤ أ) فعبارته، قال: ومن عصاني فكفر فإنك غفور رحيم.
ومثله عند قوله تعالى ميه ﴿وءاتَينَهُ فِى الدُّنيَا حَسَنَةً﴾ [النحل: ١٢٢] قال: وقال مقاتل: يعني الصلوات عليه مقرونًا بالصلاة على محمد - ﷺ -؛ وهو قول المتشهد: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، فهلذا الخبر نسب إلى مقاتل بن حيان في تفسير البغوي وابن
163
الجوزي، ولم أجده في تفسير مقاتل بن سليمان.
وعند قوله تعالى: ﴿وَرَزَقْنَهُم مِّنَ الطَّيِّباتِ﴾ [الإسراء: ٧٠] قال: وقال مقاتل: السمن والزُّبد والحلاوي، وجعل رزق غيرهم ما لا يخفى عليكم، وهذا القول بنصه في تفسير الثعلبي (٧/ ١٤٤ أ) ولم يرد في تفسير مقاتل بن سليمان، فلعله من تفسير مقاتل بن حبان.
ثانيًا: تفسير الطبري (١) أو جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبى جعفر محمد بن جرير الطبري (٢٢٤) (٢).
التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه:
يعد تفسير ابن جرير من أقوم التفاسير وأشهرها، كما يعتبر المرجع
وعند قوله تعالى: ﴿وَرَزَقْنَهُم مِّنَ الطَّيِّباتِ﴾ [الإسراء: ٧٠] قال: وقال مقاتل: السمن والزُّبد والحلاوي، وجعل رزق غيرهم ما لا يخفى عليكم، وهذا القول بنصه في تفسير الثعلبي (٧/ ١٤٤ أ) ولم يرد في تفسير مقاتل بن سليمان، فلعله من تفسير مقاتل بن حبان.
ثانيًا: تفسير الطبري (١) أو جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبى جعفر محمد بن جرير الطبري (٢٢٤) (٢).
التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه:
يعد تفسير ابن جرير من أقوم التفاسير وأشهرها، كما يعتبر المرجع
(١) طبع هذا التفسير طبعات عدة، أشهرها طبعة البابي الحلبي بمصر، وأفضلها التي حققها العلامة أحمد شاكر وأخوه محمود لكنها لم تكتمل.
(٢) هو الإمام العلم الفرد القدوة الحافظ صاحب التصانيف المشهورة، أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب من أهل آمل طبرستان أكثر التطواف وسمع كبار المشايخ، ولد سنة ٢٢٤ هـ وكان من أفراد الدهر علمًا وذكاءً، وقل أن ترى العيون مثله. قال الخطيب: كان ابن جرير أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظًا لكتاب الله عارفًا بالقراءات بصيرًا بالمعاني فقيهًا بالأحكام عالمًا بالسنن وطرقها وصحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها عارفًا بأقاويل الصحابة والتابعين الحلال والحرام، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم وله تصانيف حسان كثيرة وتفرد بمسائل حفظت عنه. توفي رحمه الله سنة ٣١٠ هـ. ومن تصانيفه: "تاريخ الأمم والملوك"، و"جامع البيان عن تأويل آي القرآن"، و"تهذيب الآثار"، و"اختلاف الفقهاء". ينظر: "تاريخ بغداد" ٢/ ١٦٢، "تاريخ دمشق" ٥٢/ ١٨٨، "معجم الأدباء" ١٨/ ٩٠، "وفيات الأعيان" ٤/ ١٩١، "تذكرة الحفاظ" ٢/ ٧١٠.
(٢) هو الإمام العلم الفرد القدوة الحافظ صاحب التصانيف المشهورة، أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب من أهل آمل طبرستان أكثر التطواف وسمع كبار المشايخ، ولد سنة ٢٢٤ هـ وكان من أفراد الدهر علمًا وذكاءً، وقل أن ترى العيون مثله. قال الخطيب: كان ابن جرير أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظًا لكتاب الله عارفًا بالقراءات بصيرًا بالمعاني فقيهًا بالأحكام عالمًا بالسنن وطرقها وصحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها عارفًا بأقاويل الصحابة والتابعين الحلال والحرام، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم وله تصانيف حسان كثيرة وتفرد بمسائل حفظت عنه. توفي رحمه الله سنة ٣١٠ هـ. ومن تصانيفه: "تاريخ الأمم والملوك"، و"جامع البيان عن تأويل آي القرآن"، و"تهذيب الآثار"، و"اختلاف الفقهاء". ينظر: "تاريخ بغداد" ٢/ ١٦٢، "تاريخ دمشق" ٥٢/ ١٨٨، "معجم الأدباء" ١٨/ ٩٠، "وفيات الأعيان" ٤/ ١٩١، "تذكرة الحفاظ" ٢/ ٧١٠.
164
الأول عند المفسرين الذين عنوا بالتفسير النقلي، وإن كان في الوقت نفسه يعتبر مرجعًا غير قليل الأهمية من مراجع التفسير العقلي؛ نظرًا لما فيه من الاستنباط، وتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض ترجيحًا يعتمد على النظر العقلي، والبحث الحر الدقيق.
ويقع تفسير ابن جرير في ثلاثين جزءًا من الحجم الكبير، وقد كان هذا الكتاب من عهد قريب يعد مفقودًا لا وجود له، ثم قدر الله له الظهور والتداول، فكانت مفاجأة سارة للأوساط العلمية في الشرق والغرب أن وجدت في حيازة أمير (حائل) الأمير حمود ابن الأمير عبد الرشيد من أمراء نجد نسخة مخطوطة كاملة من هذا الكتاب، طبع عليها الكتاب من زمن قريب، فأصبحت في يدنا دائرة معارف غنية في التفسير المأثور (١).
ولو أننا تتبعنا ما قاله العلماء في "تفسير ابن جرير"، لوجدنا أن الباحثين في الشرق والغرب قد أجمعوا الحكم على عظيم قيمته، واتفقوا على أنه مرجع لا غني عنه لطالب التفسير، فقد قال السيوطي -رضي الله عنه-: وكتابه - يعني تفسير محمد بن جرير- أجل التفاسير وأعظمها، فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض، والإعراب، والاستنباط، فهو يفوق بذلك على تفاسير الأقدمين (٢).
وقال النووي: أجمعت الأمة على أنه لم يصنف مثل تفسير الطبري (٣) وقال أبو حامد الإسفراييني: لو سافر رجل إلى الصين حت يحصل على كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرًا (٤).
ويقع تفسير ابن جرير في ثلاثين جزءًا من الحجم الكبير، وقد كان هذا الكتاب من عهد قريب يعد مفقودًا لا وجود له، ثم قدر الله له الظهور والتداول، فكانت مفاجأة سارة للأوساط العلمية في الشرق والغرب أن وجدت في حيازة أمير (حائل) الأمير حمود ابن الأمير عبد الرشيد من أمراء نجد نسخة مخطوطة كاملة من هذا الكتاب، طبع عليها الكتاب من زمن قريب، فأصبحت في يدنا دائرة معارف غنية في التفسير المأثور (١).
ولو أننا تتبعنا ما قاله العلماء في "تفسير ابن جرير"، لوجدنا أن الباحثين في الشرق والغرب قد أجمعوا الحكم على عظيم قيمته، واتفقوا على أنه مرجع لا غني عنه لطالب التفسير، فقد قال السيوطي -رضي الله عنه-: وكتابه - يعني تفسير محمد بن جرير- أجل التفاسير وأعظمها، فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض، والإعراب، والاستنباط، فهو يفوق بذلك على تفاسير الأقدمين (٢).
وقال النووي: أجمعت الأمة على أنه لم يصنف مثل تفسير الطبري (٣) وقال أبو حامد الإسفراييني: لو سافر رجل إلى الصين حت يحصل على كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرًا (٤).
(١) "المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن" ص ٨٦.
(٢) "الإتقان" ٢/ ١٩٠.
(٣) المرجع السابق.
(٤) "معجم الأدباء" ١٨/ ٤٢.
(٢) "الإتقان" ٢/ ١٩٠.
(٣) المرجع السابق.
(٤) "معجم الأدباء" ١٨/ ٤٢.
165
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما التفاسير التي في أيدي الناس، فأصحها تفسير ابن جرير الطبري؛ فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين، كمقاتل بن بكير (١) والكلبي" (٢).
ويذكر صاحب "لسان الميزان": أن ابن خزيمة استعار تفسير ابن جرير من ابن خالويه فرده بعد سنين ثم قال: "نظرت فيه من أوله إلى آخره فما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير" فابن خزيمة ما شهد هذه الشهادة إلا بعد أن اطلع على ما في هذا التفسير من علم واسع غزير.
هذا وقد كتب (نولدكه) في سنة ١٨٦٠م بعد اطلاعه على بعض فقرات من هذا الكتاب: "لو كان بيدنا هذا الكتاب لاستغنينا به عن كل التفاسير المتأخرة، ومع الأسف فقد كان يظهر أنه مفقود تمامًا، وكان مثل "تاريخه الكبير" مرجعًا لا يغيض معينه أخذ عنه المتأخرون معارفهم" (٣).
ويظهر مما بأيدينا من المراجع، أن هذا التفسير كان أوسع مما هو عليه اليوم، ثم اختصره مؤلفه إلى هذا القدر الذي هو عليه الآن، كما أن كتابه في التاريخ ظفر بمثل هذا البسط والاختصار، فابن السبكي يذكر في "طبقاته الكبرى" (٤) "أن أبا جعفر قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا ربما تفنى
ويذكر صاحب "لسان الميزان": أن ابن خزيمة استعار تفسير ابن جرير من ابن خالويه فرده بعد سنين ثم قال: "نظرت فيه من أوله إلى آخره فما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير" فابن خزيمة ما شهد هذه الشهادة إلا بعد أن اطلع على ما في هذا التفسير من علم واسع غزير.
هذا وقد كتب (نولدكه) في سنة ١٨٦٠م بعد اطلاعه على بعض فقرات من هذا الكتاب: "لو كان بيدنا هذا الكتاب لاستغنينا به عن كل التفاسير المتأخرة، ومع الأسف فقد كان يظهر أنه مفقود تمامًا، وكان مثل "تاريخه الكبير" مرجعًا لا يغيض معينه أخذ عنه المتأخرون معارفهم" (٣).
ويظهر مما بأيدينا من المراجع، أن هذا التفسير كان أوسع مما هو عليه اليوم، ثم اختصره مؤلفه إلى هذا القدر الذي هو عليه الآن، كما أن كتابه في التاريخ ظفر بمثل هذا البسط والاختصار، فابن السبكي يذكر في "طبقاته الكبرى" (٤) "أن أبا جعفر قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا ربما تفنى
(١) هكذا بالأصل؛ ولعله ابن سليمان، وهو مقاتل بن سليمان بن بشير، وهو متهم بالكذب.
(٢) "فتاوى ابن تيمية" ٢/ ١٩٢.
(٣) "المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن" ص ٨٥.
(٤) ٢/ ١٣٧.
(٢) "فتاوى ابن تيمية" ٢/ ١٩٢.
(٣) "المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن" ص ٨٥.
(٤) ٢/ ١٣٧.
166
الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة، ثم قال: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحوًا مما ذكره في التفسير، فأجابوه بمثل ذلك، فقال إنا لله، ماتت الهمم، فاختصره في نحو ما اختصر التفسير" اهـ.
هذا ونستطيع أن نقول إن تفسير ابن جرير هو التفسير الذي له الأولية بين كتب التفسير، أولية زمنية، وأولية من ناحية الفن والصناعة.
أما أوليته الزمنية، فلأنه أقدم كتاب في التفسير وصل إلينا، وما سبقه من المحاولات التفسيرية ذهبت بمرور الزمن، ولم يصل إلينا شيء منها، اللهم إلا ما وصل إلينا منها في ثنايا ذلك الكتاب الخالد الذي نحن بصدده.
وأما أوليته من ناحية الفن والصناعة؛ فذلك أمر يرجع إلى ما يمتاز به الكتاب من الطريقة البديعة التي سلكها فيه مؤلفه، حتى أخرجه للناس كتابًا له قيمته ومكانته.
ونريد أن نعرض هنا لطريقة ابن جرير في "تفسيره" بعد أن أخذنا فكرة عامة عن الكتاب، حتى يتبين للقارئ أن الكتاب واحد في بابه، سبق به مؤلفه غيره من المفسرين، فكان عمدة المتأخرين، ومرجعًا مهمًّا من مراجع المفسرين، على اختلاف مذاهبهم، وتعدد طرائقهم، فنقول:
طريقة ابن جرير في "تفسيره":
تتجلى طريقة ابن جرير في "تفسيره" بكل وضوح إذا نحن قرأنا فيه وقطعنا في القراءة شوطًا بعيدًا، فأول ما نشاهده، أنه إذا أراد أن يفسر الآية من القرآن يقول: "القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا" ثم يفسر الآية ويستشهد على ما قاله بما يرويه بسنده إلى الصحابة أو التابعين من التفسير المأثور عنهم في هذه الآية، وإذا كان في الآية قولان أو أكثر، فإنه يعرض
هذا ونستطيع أن نقول إن تفسير ابن جرير هو التفسير الذي له الأولية بين كتب التفسير، أولية زمنية، وأولية من ناحية الفن والصناعة.
أما أوليته الزمنية، فلأنه أقدم كتاب في التفسير وصل إلينا، وما سبقه من المحاولات التفسيرية ذهبت بمرور الزمن، ولم يصل إلينا شيء منها، اللهم إلا ما وصل إلينا منها في ثنايا ذلك الكتاب الخالد الذي نحن بصدده.
وأما أوليته من ناحية الفن والصناعة؛ فذلك أمر يرجع إلى ما يمتاز به الكتاب من الطريقة البديعة التي سلكها فيه مؤلفه، حتى أخرجه للناس كتابًا له قيمته ومكانته.
ونريد أن نعرض هنا لطريقة ابن جرير في "تفسيره" بعد أن أخذنا فكرة عامة عن الكتاب، حتى يتبين للقارئ أن الكتاب واحد في بابه، سبق به مؤلفه غيره من المفسرين، فكان عمدة المتأخرين، ومرجعًا مهمًّا من مراجع المفسرين، على اختلاف مذاهبهم، وتعدد طرائقهم، فنقول:
طريقة ابن جرير في "تفسيره":
تتجلى طريقة ابن جرير في "تفسيره" بكل وضوح إذا نحن قرأنا فيه وقطعنا في القراءة شوطًا بعيدًا، فأول ما نشاهده، أنه إذا أراد أن يفسر الآية من القرآن يقول: "القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا" ثم يفسر الآية ويستشهد على ما قاله بما يرويه بسنده إلى الصحابة أو التابعين من التفسير المأثور عنهم في هذه الآية، وإذا كان في الآية قولان أو أكثر، فإنه يعرض
167
لكل ما قيل فيها، ويستشهد على كل قول بما يرويه في ذلك عن الصحابة أو التابعين.
ثم هو لا يقتصر على مجرد الرواية، بل نجده يتعرض لتوجيه الأقوال، ويرجح بعضها على بعض، كما نجده يتعرض لناحية الإعراب إن دعت الحال إلى ذلك، كما أنه يستنبط الأحكام التي يمكن أن تؤخذ من الآية، مع توجيه الأدلة وترجيح ما يختار.
إنكاره على من يفسر بمجرد الرأي:
ثم هو يخاصم بقوة أصحاب الرأي المستقلين في التفكير، ولا يزال يشدد في ضرورة الرجوع إلى العلم الراجع إلى الصحابة أو التابعين، والمنقول عنهم نقلاً صحيحًا مستفيضًا، ويرى أن ذلك وحده هو علامة التفسير الصحيح، فمثلاً عند ما تكلم عن قوله تعالى في الآية (٤٩) من سورة يوسف: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ نجده يذكر ما ورد في تفسيرها عن السلف مع توجيهه للأقوال وتعرضه للقراءات بقدر ما يحتاج إليه تفسير الآية، ثم يعرج بعد ذلك على من يفسر القرآن برأيه، وبدون اعتماد منه على شيء إلا على مجرد اللغة، فيفند قوله، ويبطل رأيه، فيقول ما نصه "... وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل، ممن يفسر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب، يوجه معنى قوله ﴿وَفِيهِ يَعصِرُونَ﴾ إلى: وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث، ويزعم أنه من العصر، والعصر التي بمعنى المنجاة، من قول أبي زبيد الطائي:
أي: المقهور، ومن قول لبيد:
ثم هو لا يقتصر على مجرد الرواية، بل نجده يتعرض لتوجيه الأقوال، ويرجح بعضها على بعض، كما نجده يتعرض لناحية الإعراب إن دعت الحال إلى ذلك، كما أنه يستنبط الأحكام التي يمكن أن تؤخذ من الآية، مع توجيه الأدلة وترجيح ما يختار.
إنكاره على من يفسر بمجرد الرأي:
ثم هو يخاصم بقوة أصحاب الرأي المستقلين في التفكير، ولا يزال يشدد في ضرورة الرجوع إلى العلم الراجع إلى الصحابة أو التابعين، والمنقول عنهم نقلاً صحيحًا مستفيضًا، ويرى أن ذلك وحده هو علامة التفسير الصحيح، فمثلاً عند ما تكلم عن قوله تعالى في الآية (٤٩) من سورة يوسف: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ نجده يذكر ما ورد في تفسيرها عن السلف مع توجيهه للأقوال وتعرضه للقراءات بقدر ما يحتاج إليه تفسير الآية، ثم يعرج بعد ذلك على من يفسر القرآن برأيه، وبدون اعتماد منه على شيء إلا على مجرد اللغة، فيفند قوله، ويبطل رأيه، فيقول ما نصه "... وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل، ممن يفسر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب، يوجه معنى قوله ﴿وَفِيهِ يَعصِرُونَ﴾ إلى: وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث، ويزعم أنه من العصر، والعصر التي بمعنى المنجاة، من قول أبي زبيد الطائي:
صاديًا يستغيث غير مغاث | ولقد كان عصرة المنجود |