ﰡ
فيه دليل على أن من حج عن غيره، لا يقع الحج عن الحاج، ومن توضأ للتبرد والتنظيف لا يكون متوضئاً للصلاة، ولا يصح وضوءه عن جهة القربة شرعاً.
قال قائلون في معناه : محبة الأقارب. قال قائلون : معناه إلا المودة في القربى إلى الله تعالى، أي التقرب إلى الله عز وجل، والمودة بالعمل الصالح، ويدل عليه ما بعده :﴿ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً ﴾.
وقد قيل في معناه : قل لا أسألكم عليه أجراً إلا أن تؤدوه مع القرابة التي بينكم وبينه١، وخاطب بذلك قريشاً، لأن كل قريش كانت بينها وبين رسول الله عليه السلام رحم ماسة وقرابة.
قال إبراهيم النخعي في معنى الآية : يكره للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترىء عليهم الفساق. وقال السدي : هم ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا.
وقد ندبنا الله تعالى في مواضع من كتابه إلى العفو عن حقوقنا قبل الناس، فمنها قوله تعالى :﴿ وأنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتّقْوَى١ ﴾، وقوله في شأن القصاص :﴿ وَلِيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أن يَغْفِر اللهُ لَكُم ﴾٢ وأحكام هذه الآي غير منسوخة.
قوله تعالى :﴿ والّذِينَ إذا أَصابَهُم البَغْيُ هُم يَنَتَصِرُونَ ﴾ : يدل ظاهره على أن الانتصار في هذه المواضع أفضل، ألا ترى أنه قرنه إلى ذكر الاستجابة لله تعالى، وإقام الصلاة، وهو محمول على ما ذكره إبراهيم النخعي، أنهم كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترىء عليهم الفساق، وهذا فيمن تعدى وأصر على ذلك.
والموضع المأمور فيه بالعفو إذا كان الجاني نادماً.
٢ - سورة النور، آية ٢٢..
يقتضي ذلك إباحة الانتصار لا الأمر به، وقد عقبه بقوله تعالى :﴿ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾، الآية [ ٤٣ ] : وذلك محمول على الغفران عن غير المصر، فأما المصر على البغي والظلم فالأفضل الانتصار منه بدلالة ما قبله.