يذكر المفسرون عن ابن مسعود، أنه كان يراهما معوذتين من غير القرآن، ولكن أُبي بن كعب قال : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له :﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ١ ﴾، فقلتها، وقال :﴿ قُلْ أَعُوْذُ بِرَبِ النَّاسِ ١ ﴾ فقلتها، فنحن نقول ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره ابن كثير عن الإمام أحمد.
وذكر نحوه البخاري، ثم قال : ثم قد رجع عن قوله إلى قول الجماعة، فإن الصحابة رضي الله عنهم أثبتوهما في المصاحف الأَئمة، ونفذوها سائر الآفاق.
وروي عن الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بهما الصلاة، وساق عدة طرق في إثبات أنهما قرآن، مما ينفي أي خلاف بعد ذلك في إثباتهما.
وقد اعتذر القرطبي عن ابن مسعود، بأنه لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم على أنهما قرآن، وسمعهما فظنهما أنهما دعاء من الأدعية، كقوله صلى الله عليه وسلم :" أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ".
ولما بلغه إثباتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى قول الجمهور.
ومن الجدير بالذكر التنويه عن ارتباطهما بسور الإخلاص قبلهما.
وهو أنه سبحانه، لما ذكر أنه سبحانه وتعالى الواحد الأحد، الفرد الصمد، والصمد من معانيه الذي تصمد الخلائق إليه في حاجاتهم، جاء في هاتين السورتين توجيه العباد إلى من يستعيذون ويلوذون به، وهو الله الصمد سبحانه، فهو وحده الذي يعيذهم ويحفظهم، وهو الذي يلجئون إليه سبحانه.
و﴿ قُلْ أَعُوْذُ بَرِبِّ الْفَلَقِ ﴾ : تعادل الاستعاذة بالخالق مما خلق ؛ لأن كل منغلق عن غيره إلا الله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد.
الثانية بعدها قُلْ أَعُوْذِ بِرَبِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ.
وسيأتي إن شاء الله تعالى تنبيه على ما يعطيه السياق من ختم المصحف الشريف بهاتين السورتين الكريمتين، والمقارنة بينهما لبيان عظم منزلتهما.
كما أن الشيخ -رحمة الله تعالى علينا وعليه- وقد أحال على سورة الناس لإتمام مبحث إفراد الله تعالى بالعبادة، كما سنوضحه كله إن شاء الله في محله، وبالله تعالى التوفيق.
ﰡ
تقدم للشيخ -رحمة الله تعالى علينا وعليه- الإحالة على هذه السورة عند كلامه على قوله تعالى :﴿ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ٢ ﴾، في سورة هود، فقال على تلك الآية : فيها الدلالة الواضحة على أن الحكمة العظمى التي أنزل القرآن من أجلها هي أن يعبد الله تعالى وحده، ولا يشرك به في عبادته شيء.
وساق الآيات المماثلة لها، ثم قال : وقد أشرنا إلى هذا البحث في سورة الفاتحة، وسنتقصى الكلام عليه إن شاء الله تعالى في سورة الناس، لتكون خاتمة هذا الكتاب المبارك حسنى. ا ه.
وإن في هذه الإحالة منه رحمة الله تعالى علينا وعليه لتنبيهاً على المعاني التي اشتملتها هذه السورة الكريمة، وتوجيهاً لمراعاة تلك الخاتمة.
كما أن في تلك الإحالة تحميل مسؤولية الاستقصاء حيث لم يكتف بما قدمه في سورة الفاتحة، ولا فيما قدمه في سورة هود، وجعل الاستقصاء في هذه السورة، ومعنى الاستقصاء : الاستيعاب إلى أقصى حد.
وما أظن أحداً يستطيع استقصاء ما يريده غيره، ولاسيما ما كان يريده الشيخ -رحمة الله تعالى علينا وعليه- وما يستطيعه هو.
ولكن على ما قدمنا في البداية : أنه جهد المقل ووسع الطاقة، فنستعين الله ونستهديه مسترشدين بما قدمه الشيخ -رحمة الله تعالى علينا وعليه -في سورتي الفاتحة وهود، ثم نورد وجهة نظر في السورتين معًا الفلق والناس، ثم منهما وفي نسق المصحف الشريف، آمل من الله تعالى وراج توفيقه ومعونته.
أما الإحالة فالذي يظهر أن موجبها هو أنه في هذه السورة الكريمة اجتمعت ثلاث صفات للَّه تعالى من صفات العظمة والكمال :﴿ رب الناس ملك الناس إله الناس ﴾، ولكأنها لأول وهلة تشير إلى الرب الملك هو الإله الحق الذي يستحق أن يعبد وحده.
ولعله ما يرشد إليه مضمون سورة الإخلاص قبلها :﴿ هو الله أحد الله الصمد ﴾، وهذا هو منطق العقل والقول الحق ؛ لأن مقتضى الملك يستلزم العبودية، والعبودية تستلزم التأليه والتوحيد في الألوهية ؛ لأن العبد المملوك تجب عليه الطاعة والسمع لمالكه بمجرد الملك، وإن كان مالكه عبداً مثله، فكيف بالعبد المملوك لربه وإلهه، وكيف بالمسالك الإله الواحد الأحد الفرد الصمد ؟
وقد جاءت تلك الصفات الثلاث : الرب الملك الإله، في أول افتتاحية أول المصحف :﴿ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾، والقراءة الأخرى ﴿ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾.
وفي أول سورة البقرة أول نداء يوجه للناس بعبادة الله تعالى وحده ؛ لأنه ربهم، مع بيان الموجبات لذلك في قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ﴾.
ثم بين الموجب لذلك بقوله :﴿ الَّذِيْ خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾.
وقوله :﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّماءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ ﴾.
وهذا كله من آثار الربوبية، واستحقاقه تعالى على خلقه العبادة، ثم بين موجب إفراده وحده بذلك بقوله :﴿ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.
أي كما أنه لا ندَّ له في الخلق، ولا في الرزق، ولا في شيء مما ذكر، فلا تجعلوا للَّه أنداداً أيضاً في عبادة، وأنتم تعلمون حقيقة ذلك.
وعبادته تعالى وحده ونفي الأنداد، هو ما قال عنه الشيخ -رحمة الله تعالى علينا وعليه- : معنى لا إله إلا الله نفياً وإثباتاً.
فالإثبات في قوله تعالى :﴿ واعْبُدُواْ اللَّهَ ﴾.
والنفي في قوله :﴿ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً ﴾.
وكون الربوبية تستوجب العبادة، جاء صريحاً في قوله تعالى :﴿ فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم من جُوعٍ وَآمَنَهُم منْ خوْفٍ ﴾.
فالموصول وصلته في معنى التعليل لموجب العبادة، وسيأتي لذلك زيادة إيضاح إن شاء الله تعالى في نهاية السورة.
وقد جاء هنا لفظ ﴿ رَبِّ النَّاسِ ﴾، بإضافة الرب إلى الناس، بما يشعر بالاختصاص، مع أنه سبحانه رب العالمين، ورب كل شيء، كما في أول الفاتحة :﴿ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
وفي قوله :﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِى رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ﴾.
فالإضافة هنا إلى بعض أفراد العام.
وقد أضيف إلى بعض أفراد أخرى كالسماوات والأرض وغيرها من بعض كل شيء، كقوله :﴿ قُلْ مَن رَّبُّ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ﴾.
وقوله :﴿ رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ﴾.
وإلى البيت :﴿ فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴾.
وإلى البلد الحرام :﴿ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبِّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ ﴾.
وإلى العرش :﴿ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾.
وإلى الرسول ﴿ اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ﴾.
وقوله :﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾، إلى غير ذلك.
ولكن يلاحظ أنه مع كل إضافة من ذلك ما يفيد العموم، وأنه مع إضافته لفرد من أفراد العموم، فهو رب العالمين، ورب كل شيء، ففي إضافته إلى السماوات والأرض جاء معها :﴿ قُلِ اللَّهُ ﴾.
وفي الإضافة إلى المشرق والمغرب جاء :﴿ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ﴾.
وفي الإضافة إلى البيت جاء :﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خوْفٍ ﴾ وهو الله سبحانه.
وفي الإضافة إلى البلدة جاء :﴿ الَّذِي حَرَّمَهَا ﴾، وهو الله تعالى.
وفي الإضافة إلى العرش جاء قوله تعالى :﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ ﴾.
وفي الإضافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم جاء قوله :﴿ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ ﴾، وغير ذلك من الإضافة، إلى أي فرد من أفراد العموم يأتي معها ما يفيد العموم، وأن الله رب العالمين.
وهنا رب الناس جاء معها ﴿ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ ﴾، ليفيد العموم أيضاً ؛ لأن إطلاق الرب قد يشارك فيه السيد المطاع، كما في قوله :﴿ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ ﴾.
وقول يوسف لصاحبه في السجن ﴿ اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ ﴾، أي الملك على أظهر الأقوال، وقوله :﴿ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ ما بَالُ النِّسْوَةِ ﴾ الآية.
فجاء بالملك والإله للدلالة على العموم، في معنى رب الناس، فهو سبحانه رب العالمين، ورب كل شيء، ولكن إضافته هنا إلى خصوص الناس إشعار بمزيد اختصاص، ورعاية الرب سبحانه لعبده الذي دعاه إليه ليستعيذ به من عدوه، كما أن فيه تقوية رجاء العبد في ربه بأنه سبحانه بربوبيته سيحمي عبده لعبوديته ويعيذه مما استعاذ به منه.
ويقوي هذا الاختصاص إضافة الرب للرسول صلى الله عليه وسلم في جميع أطواره منذ البدأين : بدء الخلقة، وبدء الوحي، في قوله :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾، ثم في نشأته ﴿ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلَى ﴾ إلى قوله ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ﴾.
وجعل الرغبة إليه في السورة بعدها ﴿ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾، تعداد النعم عليه من شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر، ثم في المنتهى قوله :﴿ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ﴾.
قوله تعالى :﴿ مَلِكِ النَّاسِ ﴾، في مجيء ملك الناس بعد رب الناس، تدرج في التنبيه على تلك المعاني العظام، وانتقال بالعباد من مبدأ الإيمان بالرب لما شاهدوه من آثار الربوبية في الخلق والرزق، وجميع تلك الكائنات، كما تقدم في أول نداء وجه إليهم ﴿ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذيْ خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ٢١ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّماءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ ﴾.
كل هذه الآثار التي لمسوها وأقروا بموجبها، بأن الذي أوجدها هو ربهم، ومن ثم ينتقلون إلى الدرجة الثانية، وهي أن ربه الذي هذه أفعاله هو ملكه، وهو المتصرف في تلك العوالم، ومالك لأمره وجميع شؤونه، ومالك لأمر الدنيا والآخرة جميعاً.
فإذا وصل بإقراره إلى هذا الإدراك، أقر له ضرورة بالألوهية وهي المرتبة النهاية. ﴿ إله الناس ﴾ أي مألوههم ومعبودهم وهو ما خلقهم إليه :﴿ وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾.
وفي إضافة الملك إلى الناس من إشعار الاختصاص، مع أنه سبحانه ملك كل شيء، فيه ما في إضافة الرب للناس المتقدم بحثه، فهو سبحانه مالك الملك كما في قوله :﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ ﴾.
وقوله تعالى :﴿ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ﴾.
وقوله :﴿ لَهُ مُلْكُ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾، وقوله :﴿ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ ﴾.
فهو سبحانه وتعالى المتفرد بالملك لا شريك له في ملكه، كما قال تعالى :﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ في الْمُلْكِ ﴾ فبدأ بالحمد أولاً.
ومثله قوله :﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شيء ﴾، بدأ بتسبيح نفسه وتنزيهه لعموم الملك، ومطلق التصرف، ونفي الشريك ؛ لأن ملكه ملك تصرف وتدبير مع الكمال في الحمد والتقديس.
وكقوله :﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ ﴾.
وبهذه النصوص يعلم كمال ملكه تعالى، ونقص ملك ما سواه من ملوك الدنيا، ونعلم أن ملكهم بتمليك الله تعالى إياهم كما في قوله تعالى :﴿ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ﴾.
وقوله :﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ ﴾.
ومن المعلوم أن ملوك الدنيا ملكهم ملك سياسة ورعاية، لا ملك تملك وتصرف، وكما في قوله تعالى :﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُواْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ٢٤٧ ﴾.
والجدير بالتنبيه عليه بهذه المناسبة أن " بريطانيا " تحترم نظام الملكية إلى هذا الوقت الحاضر، بدافع من هذا المعتقد، وأنه لا ملك إلا بتمليك الله إياه، وأن ملوك الدنيا باصطفاء من اللَّه.
والآية تشير إلى ما نحن بصدد بيانه، من أن ملوك الدنيا لا يملكون أمر الرعية ؛ لأن طالوت ملكاً، وليس مالكاً لأموالهم.
بينما ملك الله تعالى ملك خلق وإيجاد وتصرف، كما في قوله تعالى :{ لِلَّ
هذه هي المرتبة الثالثة في كمال العبودية، وإفراد الله تعالى بالألوهية.
وهذا هو محل الإحالة، التي عناها الشيخ -رحمة الله تعالى علينا وعليه- فيما يظهر ؛ لأن العبد إذا أقر بأن الله ربه وخالقه، ومنعم عليه أوجده من العدم، ورباه بالنعم، لا رب له سواه، ثم تدرج بعلمه ويقينه إلى الإقرار بأن ربه هو مليكه، والمتصرف في أمره وحده، وأنه لا يملك هو نفسه مع الله شيئاً، ولا يملك له أحد من الله شيئاً.
وإن كل تصرفات العالم كله بأمره، فلا يصل إليه خير إلا بإذنه، ولا يصرف عنه ضرر إلا بأمره.
وعرف في يقين : أنه عبد مملوك لمن بيده ملكوت السماوات والأرض، توصل بعلمه هذا أن من كانت هذه صفاته، كان هو وحده المستحق لإفراده بالعبادة وبالألوهية، لا إله إلا هو.
فيكون في خاتمة المصحف الشريف انتزاع الإقرار من العبد للَّه سبحانه بطريق الإلزام، بالمعنى الذي أرسل الله به رسله، وأنزل من أجله كتبه، وهو أن يعبد الله وحده، وهو ما صرح الشيخ به في الإحالة السابقة.
وإذا كان الشيخ -رحمه اللَّه- قد نبه على مراعاة خاتمة المصحف، فإنا لو رجعنا إلى أول المصحف وآخره لوجدنا ربطاً بديعاً ؛ إذ تلك الصفات الثلاث في سورة الناس موجودة في سورة الفاتحة، فاتفقت الخاتمة مع الفاتحة في هذا المعنى العظيم ؛ إذ في الفاتحة الحمد للَّه رب العالمين، وملك يوم الدين، فجاءت صفة الربوبية والملك والألوهية في لفظ الجلالة.
وتكون الخاتمة الشريفة من باب عود على بدء، وأن القرآن كله فيما بين ذلك شرح وبيان لتقدير هذا المعنى الكبير.
وسيأتي لذلك زيادة إيضاح في النهاية، إن شاء الله تعالى.
كلاهما صيغة مبالغة من الوسوسة والخنس، بسكون النون.
وتقدم للشيخ -رحمة الله تعالى علينا وعليه -بيان معنى الوسوسة، والوسواس لغة وشرعاً، أي المراد عند كلامه على قوله تعالى :﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ﴾ الآية.
وبين مشتقاتهما وأصل اشتقاقهما، وهو يدور على أن الوسوسة : الحديث الخفي. والخنس : التأخر، كما تكلم على ذلك في دفع إيهام الاضطراب، حيث اجتمع المعنيان المتنافيان.
لأن الوسواس : كثير الوسوسة، ليضل بها الناس. والخناس : كثير التأخر والرجوع عن إضلال الناس.
وأجاب بأن لكل مقام مقالاً، وأنه يوسوس عند غفلة العبد عن ذكر ربه، خانس عند ذكر العبد ربه تعالى، كما دل عليه قوله تعالى :﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾، إلى آخره. ا ه.
اختلف في الظرف هنا، هل هو ظرف للوسواس حينما يوسوس، فيكون موجوداً في الصدور، ويوسوس للقلب، أو هو ظرف للوسوسة. ويكون المراد بالصدور القلوب، لكونها حالة في الصدور من باب إطلاق المحل، وإرادة الحال على ما هو جار في الأساليب البلاغية.
وعلى حد قوله تعالى :﴿ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ﴾، أطلق النادي، وأراد من يحل فيه من القوم.
وتقدم للشيخ -رحمة الله تعالى علينا وعليه- بحث تعدية الوسوسة تارة بإلى وتارة باللام، ففي سورة الأعراف ﴿ فَوَسْوَسَ لَهُما الشَّيْطَانُ ﴾، وفي طه :﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ ﴾.
وحاصل ما ذكره في الجمع بينهما أحد أمرين : إما أن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض، وذكر شواهده، وإما أن يكون وسوس، أي لأجله، ووسوس إليه، أي أنهى إليه الوسوسة، ولكن هنا قال :﴿ في صُدُورِ النَّاسِ ﴾، ولم يقل : إلى صدور الناس، فهل هو من باب نيابة حروف الجر بعضها عن بعض أيضاً ؟ أم هي ظرف محض ؟
والظاهر أنها ظرف، ولكن هل من الظرف للوسواس، أو ظرف للوسوسة نفسها ؟
وبالنظر إلى كلام المفسرين، فإن كلام ابن جرير يحتمل اعتبار المعنيين بدون تعيين.
وأما القرطبي، والألوسي، فصرحا بما ظهر لهما ووصلا إليه.
فقال القرطبي، قال مقاتل : إن الشيطان في صورة خنزير يجري من مجرى الدم في العروق سلطه الله على ذلك، وذكر الحديث :" إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه ".
وقال : إن أبا ثعلبة الخشني قال : سألت ربي أن يريني الشيطان، ومكانه من ابن آدم، فرأيته يداه في يديه ورجلاه في رجليه ومشاعيه في جسده، غير أن له خطما كخطم الكلب ؟ فإذا ذكر الله خنس، وإذا سكت عن ذكر الله أخذ بقلبه.
أما الألوسي فقد صرح بالتقسيم الذي أوردناه، فقال : الذي يوسوس في صدور الناس.
قيل : أريد قلوبهم مجازاً.
وقال بعضهم : إن الشيطان يدخل الصدر الذي هو بمنزلة الدهليز، فيلقي منه ما يريد إلقاءه إلى القلب ويوصله إليه، ولا مانع عقلاً من دخوله في جوف إنسان. وساق الحديث أيضاً " إن الشيطان يجري " إلى آخره.
ومراده بالمجاز ما قدمنا من إطلاق المحل وإرادة الحال.
وذكر ابن كثير عن ابن عباس ومجاهد أن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس.
والذي يظهر واللَّه تعالى أعلم : أن الصدر ظرف للوسواس، وأنه يوقع الوسوسة في القلب. على ما قاله ابن عباس ومجاهد رحمهم اللَّه.
وفي لفظ الناس هنا المضاف إليه الصدور : اختلاف في المراد منه، فقيل : الإنس الظاهر الاستعمال.
وقيل : الثقلان : الإنس والجن.
وإن إطلاق الناس على الجنس مسموع، كما حكاه القرطبي. قال عن بعض العرب :
إنه كان يحدث فجاء قوم من الجن فوقفوا، فقيل : من أنتم : فقالوا : ناس من الجن، وهذا معنى قول الفراء.
واستدل صاحب هذا القول بطريق القياس باستعمال لفظي رجال ونفر في قوله تعالى :﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ منَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ ﴾، وقوله :﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ ﴾.
وعليه يكون الوسواس المستعاذ منه يوسوس في صدور الجن والإنس.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الوجه : ولكنه رده وضعفه ؛ لأن لفظ الناس أظهر وأشهر في الإنس، وهو المعروف في استعمال القرآن، ولأنه على هذا يكون قسم الشيء قسما منه ؛ لأنه يجعل الناس قسيم الجن، ويجعل الجن نوعاً من الناس ا ه. ملخصاً.
وعلى كل، فإن منهج الأضواء أن ما كان محتملاً، وكان أكثر استعمالات القرآن لأحد الاحتمالين، فإن كثرة استعماله إياه تكون مرجحاً، وجميع استعمالات القرآن للفظ الناس إنما هو في خصوص الإنس فقط، ولم تستعمل ولا مرة واحدة في حق الجن مع مراعاة استعمالها في هذه السورة وحدها خمس مرات، حتى سميت سورة الناس.
أما القياس على لفظتي رجل ونفر، فقد رده شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً بأنهما وردا مقيدين رجال من الجن، نفراً من الجن.
أما على الإطلاق فلم يردا، وهكذا لفظ الناس فلا مانع من استعماله مقيداً ناس من الجن. أما على الإطلاق فلا.
وعليه، فحيث ورد لفظ الناس هنا مطلقاً فلا يصح حمله على الجن والإنس معاً ؛ بل يكون خاصاً بالإنس فقط، ويكون في صدور الناس أي في صدور الإنس.
وقد ذكر أبو السعود معنى آخر في لفظ الناس : وهو أن الناسي عن النسيان، حذفت الياء تخفيفاً ؛ لأن الوسواس لا يوسوس إلا في حين النسيان والغفلة.
وعليه، يكون حذف الياء كحذفها من الداع في قوله :﴿ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِ ﴾ ونحوه.
ولكن يبقى على هذا القول بيان من المراد بالناسي، أهو من الإنس أم من الجن، فلم يخرج عن الاحتمالين السابقين، مع أن هذا القول من لوازم معنى الوسواس الخناس.
ويرد على هذا القول جمع الصدور وإفراد الناس، والجمع لا يضاف إلا إلى جمع، أي جمع الصدور ؛ لأن الفرد ليس له جمع من الصدور، فيقابل الجمع بجمع، أو يكتفي بالمفرد بمفرد.
وقد جاء في إضافة الجمع إلى المثنى في قوله :﴿ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما ﴾.
قال أبو حيان وحسنه إن المثنى جمع في المعنى، والجمع في مثل هذا أكثر استعمالاً من المثنى، والتثنية دون الجمع.
كما قال الشاعر :
فتخالسا نفسيهما بنوافذ | كنوافذ العيط التي لا ترفع |
كقوله :
* حمامة بطن الواديين ترنمي *
يريد بطني، وغلط ابن مالك في التسهيل إذ قال : ونختار الإفراد على لفظ التثنية، فتراه غلط ابن مالك في اختياره جواز إضافة الجمع إلى المفرد، كما أنه قال : ولا يجوز ذلك إلا في الشعر، وأنه مع المثنى لكراهية اجتماع التثنيتين، فظهر بطلان قول أبي السعود.
أما الراجح في الوجهين في معنى الناس المتقدم ذكرهما، فهو الوجه الأول، وهو أنهم الإنس، وأن قوله تعالى :﴿ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾، بيان لمن يقوم بالوسوسة، أي بيان للوسواس الخناس، وأنه من كل من وسواس الجنة ووسواس الناس.
ويظهر ذلك من أمور :
منها : أن الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولأمته تبعاً له، فهو في حق الناس أظهر.
ومنها : أننا لو جعلنا الناس الأولى عامة لمن يوسوس إليه كان من الجنة، والناس مصدر الوسوسة، فيكون من وسواس الناس من يوسوس في صدور الجن، وهذا بعيد.
ومنها : أنه لو كان لفظ الناس يشمل الجن والإنس، لما احتيج إلى هذا التقسيم : الجنة والناس، واكتفى في الثانية بما اكتفى به في الأولى، وكان يكون الذي يوسوس في صدور الناس من الناس، ولكن جاء بيان محل الوسوسة صدور الناس، ثم جاء مصدر الوسوسة الجنة والناس، واللَّه تعالى أعلم.
تنبيه
ذكر أبو حيان في آخر تفسيره مقارنة لطيفة بين سورتي المعوذتين، فقال : ولما كانت مضرة الدين، وهي آفة الوسوسة أعظم من مضرة الدنيا وإن عظمت، جاء البناء في الاستعاذة منها بصفات ثلاث : الرب، والملك، والإله، وإن اتحد المطلوب.
وفي الاستعاذة من ثلاث : الغاسق، والنفاثات، والحاسد، بصفة واحدة وهي الرب، وإن تكثر الذي يستعاذ منه.
وهذه الأخرى لفتة كريمة، طالما كنت تطلعت إليها في وجهتي نظر، إحداهما : بين السورتين، والأخرى بين سورة الناس ونسق المصحف الشريف، سيأتي إيرادهما إن شاء اللَّه.
إلا أنه على وجهة نظر أبي حيان، وهي أنه تعالى في سورة الفلق جاء في الاستعاذة بصفة واحدة وهي رب الفلق.
وفي سورة الناس جاء في الاستعاذة بثلاث صفات، مع أن المستعاذ منه في الأولى ثلاثة أمور، والمستعاذ منه في الثانية أمر واحد، فلخطر الأمر الواحد جاءت الصفات الثلاث.
ويقال أيضاً من جهة أخرى : إن المستعاذ منه في السورة الأولى أمور تأتي من خارج الإنسان، وتأتيه اعتداء عليه من غيره، وقد تكون شروراً ظاهرة، ومثل ذلك قد يمكن التحرز منه، أو اتقاؤه قبل وقوعه، وتجنبه إذا علم به. بينما الشر الواحد في الثانية يأتيه من داخليته، وقد تكون هواجس النفس وما لا يقدر على دفعه ؛ إذ الشيطان يرانا ولا نراه، كما في قوله :﴿ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ﴾.
وقد يثير عليه خلجات نفسه ونوازع فكره، فلا يجد له خلاصاً إلا بالاستعاذة واللجوء إلى رب الناس ملك الناس إله الناس.
أما الوجهتان اللتان نوهنا عنهما، فالأولى بين السورتين، وهي مما أورده أبو حيان : إذ في سورة الفلق قال :﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾، ورب الفلق تعادل قوله :﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
لأنه ما من موجود في هذا الكون إلا وهو مفلوق عن غيره.
ففي الزرع :﴿ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى ﴾.
وفي الزمن ﴿ فَالِقُ الإِصْبَاحِ ﴾.
وفي الحيوانات :﴿ الَّذِي خَلَقَكُمْ من نفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُما رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً ﴾.
وفي الجمادات يشير إليه قوله تعالى :﴿ أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُما وَجَعَلْنَا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حي أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ ٣٠ وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ ﴾.
فرب الفلق تعادل رب العالمين، فقابلها في الاستعاذة بعموم المستعاذ منه، من شر ما خلق.
ثم جاء ذكر الخاص بعد العام للاهتمام به، وهو من شر غاسق إذا وقب، والنفاثات في العقد، وحاسد إذا حسد.
فالمستعاذ به صفة واحدة، والمستعاذ منه عموم ما خلق جملة وتفصيلاً، بينما في السورة الثانية جاء بالمستعاذ به ثلاث صفات هي صفات العظمة للَّه تعالى : الرب والملك والإله.
فقابل المستعاذ منه وهو شيء واحد فقط، وهو الوسواس الخناس، وهذا يدل على شدة خطورة المستعاذ منه.
وهو كذلك ؛ لأننا لو نظرنا في واقع الأمر لوجدنا مبعث كل فتنة، ومنطلق كل شر عاجلاً أو آجلاً، لوجدناه بسبب الوسواس الخناس. وهو مرتبط بتاريخ وجود الإنسان.
وأول جناية وقعت على الإنسان الأول، إنما هي من هذا الوسواس الخناس، وذلك أن الله تعالى لما كرَّم آدم، فخلقه بيده، وأسجد الملائكة له، وأسكنه الجنة هو وزوجه، لا يجوع فيها ولا يعرى، ولا يظما فيها ولا يضحى، يأكلان منها رغداً حيث ما شاءا، إلا من الشجرة الممنوعة، فوسوس إليهما الشيطان حتى أكلا منها ودلاهما بغرور، حتى أهبطوا منها جميعاً بعضهم لبعض عدو.
وبعد سكناهما الأرض أتى ابنيهما قابيل وهابيل فلاحقهما أيضاً بالوسوسة، حتى طوَّعت نفس أحدهما قتل أخيه فأصبح من النادمين.
وهكذا بسائر الإنسان في حياته بالوسوسة حتى يربكه في الدنيا، ويهلكه في الآخرة، ولقد اتخذ من المرأة جسراً لكل ما يريد. وها هو يعيد الكرة في نزع اللباس عن أبوينا في الجنة، فينتزعه عنهما في ظل بيت الله الحرام في طوافهم قبل البعثة ولا يزال يغويه، وعن طريق المرأة في كل زمان ومكان ليخرجه عن الاستقامة كما أخرج أبويه من الجنة.
ولا يزال يجلب على الإنسان بخيله ورجله باراً بق