تفسير سورة النّاس

التفسير الميسر
تفسير سورة سورة الناس من كتاب التفسير الميسر المعروف بـالتفسير الميسر .
لمؤلفه مجموعة من المؤلفين .

قل -أيها الرسول-: أعوذ وأعتصم برب الناس، القادر وحده على ردِّ شر الوسواس.
ملك الناس المتصرف في كل شؤونهم، الغنيِّ عنهم.
إله الناس الذي لا معبود بحق سواه.
من أذى الشيطان الذي يوسوس عند الغفلة، ويختفي عند ذكر الله.
الذي يبثُّ الشر والشكوك في صدور الناس.
المقدمة
بقلم معالى الشيخ
صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ
وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
- أ -
3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١]
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، فيه الغَنَاء والسعادة، لا تملُّ منه النفوس، ولا تنقضي عجائبه، ولم تعرف الإنسانية في تاريخها كتاباً يداني القرآن الكريم أو يقاربه، في تأثيره في نفوس سامعيه أو قارئيه، أنزله الله على قلب خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا ورسولنا محمد - ﷺ -، المبعوث رحمة للعالمين، آيةً ظاهرةً، وحجةً قاطعة في استمراره وحفظه وإعجازه وهدايته، والتعبد بتلاوته وسماعه، والافتقار إلى هدايته، وتعاهد الإيمان به: اعتقاداً وقولاً وعملاً.
وقد أخرج الله به البشرية من ظُلَم العبودية والجهل إلى نور التوحيد والعلم {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ
- ب -
4
السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: ١٦].
والقرآن الكريم هو الميزان الواضح لحال الأمة الإسلامية، فكلَّما اهتدت بهداه وعملت به في جميع شؤونها، سَعِدت وعزَّ جانبها، وكلما ابتعدت عنه وضَغفَ استمساكها به ابتليت بالذِّلة والتفرُّق وتداعي الأمم عليها، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف: ٤٤].
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: «إنه لشرفٌ لك ولقومك»، فهو شرف لهم من حيث إنه أُنزل بلغتهم، فَهُم أفهم الناس له، وينبغي أن يكونوا أقوم الناس به، وأعلمهم بمقتضاه، كما بيَّن ذلك الحافظ ابن كثير، كما أنه عز وجل سيضع من شأن مَنْ أعرض عنه، وقد قال عمر رضي الله عنه: «أما إن نبيكم ﷺ قد قال: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين» [رواه مسلم برقم: ٨١٧]، فمن استمسك بحبله المتين فاز، ومن أعرض عنه خسر خسراناً مبيناً.
قال الإمام الشافعي في «الرسالة» :«فإن من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصّاً واستدلالاً، ووفقه الله للقول والعمل بما علم منه فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عنه الرِّيَب، ونوَّرت في قلبه الحكمة».
وقد تكفَّل سبحانه بحفظه فقال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩]، فلم يزل محفوظاً في الصدور مكتوباً في السطور ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٢].
- ج -
5
فالقرآن العظيم منجاة لكل مسلم يستبصر بآياته، ويتعظ بمواعظه وأمثاله، ويقف عند حلاله وحرامه، ويستجلي العبرة من أخباره وقصصه؛ مما يزكي بذلك نفسه، ويثبِّت التوحيد في قلبه، ويغرس فيه خشية الله، ويزيل أسباب الكفر والفسوق والعصيان، ويجعل المجتمع كلَّه كالصف الواحد.
[[نشأة علم التفسير وتوسعه]]
وقد يسَّر الله تبارك وتعالى ألفاظه للتلاوة والحفظ، ومعانيه للفهم والتدبر، فقال: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: ١٧].
وبيَّن النبي - ﷺ - لأصحابه معانيه كما بيَّن لهم ألفاظه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «أصول التفسير» :«يجب أن يُعلم أن الرسول ﷺ بيَّن لأصحابه معاني القرآن، كما بيَّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] يتناول هذا وهذا». وظلَّ الصحابة رضوان الله عليهم يرجعون إلى النبي - ﷺ - في فهم ما يُشكل عليهم من معاني الآيات.
وبعد أن انقضى عهد الصحب الكرام، برز عدد من أعلام التابعين تتلمذوا عليهم، وأخذوا عنهم تفسير كتاب الله، وزادوا عليه ما استنبطوه وفهموه بأنفسهم مما كان غامضاً على الناس في عصرهم.
وما زال علم التفسير في تَوَسُّع حتى تجمَّع منه الشيء الكثير، وبدأت تتضح معالم مدارسه باتجاهاتها المختلفة، وبدا بروزها مواكبةً لمرحلة التدوين للعلوم.
ومن أهمِّ مدارس التفسير: التفسير بالمأثور، ويشمل ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما نُقل عن الرسول
- د -
6
صلى الله عليه وسلم، وما نُقل عن صحابته رضوان الله عليهم الذين شهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل، وما نُقل عن التابعين الذين نهلوا من مدرسة النبوة عن الصحابة المفسرين النابغين.
ومن أهم كتب التفسير بالمأثور: «جامع البيان» للطبري المتوفى سنة (٣١٠ هـ)، وهو من أجلِّ التفاسير وأعظمها قدراً، كما يصفه شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه، وكتاب «معالم التنزيل» للبغوي المتوفى سنة (٥١٦ هـ) ؛ لأنه تحرَّى الصحة في معظم ما ذكر من الأقوال والروايات، وتفسير الحافظ ابن كثير المتوفى سنة (٧٧٤ هـ)، وهو من أجلِّ التفاسير وأعظمها نفعاً.
وقد شهد تدوين التفسير مرحلة جديدة، وهي مرحلة التفاسير التي يغلب عليها الطابع الاجتهادي لعلماء برعوا في مجالات مختلفة من العلوم، فكان منهم من يقتصر في تفسيره على العلم الذي يغلب عليه، فالفقيه يسرد المسائل الفقهية ويفرِّع عليها فروعاً كثيرة، والإخباري يهتم بإيراد القصص، والنحوي يبرز الصناعة النحوية، وصاحب البلاغة يظهر الجانب البلاغي والإعجاز البياني، وهكذا.
وكان منهم من جمع في تفسيره عدَّة علوم لها تعلُّق بالقرآن الكريم، وبعض هؤلاء المفسرين من أهل السنة والجماعة، وبعضهم من غيرهم من ذوي المعتقدات المبتدعة.
ومع تنوُّع اتجاهات التفسير -بعد عصر الصحابة- فُسِّر القرآن الكريم بآراء تخالف ما صحَّ من تفسيره، أو تُصادم قواعد التفسير وأصوله، ووقع الخطأ في تفسير كلام الله تعالى ممَّا أدى إلى البعد عن هداية القرآن وإعجازه.
- هـ -
7
وترجع أسباب الحَيْدة عن فهم القرآن العظيم على الوجه الصحيح إلما عدة أمور، أهمها العدول عن مصادر التفسير الموثوقة وأصوله الصحيحة، وعدم الدقة في فهم مدلولات الآيات، أو إخضاعها للأهواء والبدع، ثم القصور في تطبيق الشروط اللازمة للتفسير.
وقد قام جماعة من علماء الإسلام بتنقية التفسير وتحرير ما داخله من تحريف وزيادات، وردِّه إلى الوضع الصحيح والفهم السليم على ضوء مدرسة التفسير بالمأثور؛ مما يعين التالي لكتاب الله على فهم الآيات الكريمات وَفْق معناها الصحيح، والوصول إلى المقصد الأساس من التفسير.
وكانت الحاجة ماسة في هذا العصر إلى وضع تفسير مختصر تراعى فيه أصول التفسير وموارده على منهج السلف الصالح، يكفُل بيان التفسير على وجه تطمئن له القلوب، وتثق به، ويُقدِّم التفسير بعبارة وجيزة سهلة تتضح به معاني القرآن ومقاصده، وتظهر به مدلولات الألفاظ وتراكيبها مما يغيب عن أذهان عامة الناس وإدراكهم.
إن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة يتشرف بأمانة تبليغ معاني القرآن الكريم لمن لا يتكلم بالعربية ولا يعرفها، وهو باب دخله من ليس أهلاً له، ودخله المُغرض بقصد الافتراء والدس على كتاب الله.
[[عدم توافر ترجمات صحيحة لمعاني القرآن الكريم]]
ولقد اعترض المجمَّعَ عَقَبةُ عدم توافر ترجمات صحيحة لمعاني القرآن الكريم؛ إذ الترجمات المتوافرة عليها ملحوظات عديدة، وأي ترجمة تُرَشَّح لطبعها في المجمَّع تمرُّ بمراحل مراجعة وتدقيق من عدة لجان أمينة ومتخصصة؛ لأجل استدراك النقص الذي يظهر فيها،
- و -
8
ومع ذلك تظلُّ الترجمة دون ما يطمح إليه المجمَّع.
وبعد دراسة متأنية رأى المجمَّع أن يصدر تفسيراً ميسَّراً للقرآن الكريم باللغة العربية وَفْق أصول التفسير وموارده الأصيلة، يكون أساساً لما يطبعه المجمَّع من ترجمات معاني القرآن الكريم إلى لغات الشعوب الإسلامية وغيرها.
[[الضوابط المتبعة في هذا التفسير]]
وقد اختير لوضع صيغته الأولى نخبة من أساتذة التفسير المشهود لهم بالعلم والكفاءة، ضمن ضوابط من أهمها:
١) تفسير الآيات وَفْق مذهب السلف الصالح في الاعتقاد.
٢) تقديم ما صحَّ من التفسير بالمأثور على غيره.
٣) الاقتصار في النقل على القول الصحيح أو الأرجح.
٤) إبراز الهداية القرآنية ومقاصد الشريعة من خلال التفسير.
٥) كون العبارة مختصرة سهلة، مع بيان معاني الألفاظ الغريبة أثناء التفسير.
٦) وقوف المفسِّر على المعنى المساوي للآية، وتجنب الزيادة الواردة في آيات أُخر؛ كي تُفسَّر في موضعها.
٧) إيراد معنى الآية مباشرة دون الحاجة إلى الأخبار، إلا ما دعت إليه الضرورة.
٨) كون التفسير وَفْق رواية حفص عن عاصم.
٩) تجنب ذكر القراءات، ومسائل النحو والصرف والإعراب، والبلاغة.
١٠) تفسير كل آية على حِدة، ولا تعاد ألفاظ النص القرآني إلا لضرورة، ويذكر في بداية تفسير كل آية رقمها.
- ز -
9
١١) يكون التفسير بالقدْر الذي تتسع له حاشية (مصحف المدينة النبوية).
١٢) مراعاة المفسِّر أن هذا التفسير سيترجم إلى لغات مختلفة، وتجنب ذكر المصطلحات التي يتعذر ترجمتها.
وقد اجتهد الأساتذة الموكول إليهم إعداد التفسير بالضوابط المذكورة، وتم مراجعة ما كتبوه من قبل لجنة أولى في أمانة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، ثم من قِبل لجنتين في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالرياض، حرصاً على أن يكون التفسير محقّقاً الغرض من وضعه، سليماً في معناه ومبناه.
ثم طبع طبعة أولى بأحجام مختلفة، فحَرَص الناس على اقتنائه؛ لما امتاز به من يسر وسهولة في تأدية المعنى المراد.
[[هذه الطبعة الثانية وتجنب ملاحظات الطبعة الأولى]]
وكما هي طبيعة الجهد البشري أنه لا يسلم من الغلط ولا يرقى إلى الكمال، وفيه مجال لمستدرك، فقد تلقت الوزارة وكذلك المجمَّع عدداً من الملحوظات المتباينة على «التفسير الميسر»، فكان من اللازم إيقاف إعادة طباعته حتى يراجع بدقة.
وقد تمت دراسة جميع ما ورد من ملحوظات من قِبَل لجنة أُلِّفت لهذا الغرض في المجمَّع، فأخذت بالجيد من الملحوظات، مراعية منهج السلف في أصول التفسير وموارده، والضوابط المأخوذ بها في «التفسير الميسر».
وراجعت كذلك مجموعة من الألفاظ المتكررة في التفسير، نحو لفظ (التصديق) و (الجحد) و (اليقين)، لصلة التفسير بها بعقيدة السلف الصالح.
- ح -
10
وراجعت معاني أسماء الله تعالى وصفاته، والنظائر اللفظية المتفقة في المعنى، نحو: ﴿الصُّورِ﴾، و ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾، بحيث تفسَّر هذه الألفاظ بالشيء نفسه في كلِّ أماكن ورودها في التفسير.
وغيَّرَتْ لفظ «يا محمد» الوارد في تفسير بعض الآيات نداءً للنبي - ﷺ - إلى «أيها الرسول» إن كان سياق الآية في دعوة المشركين أو محاجتهم، أو بيان ما عليه أهل الكتاب، أو في مقام التبليغ العام.
أو إلى «أيها النبي» إن كان سياق الآية خطاباً للمؤمنين أو بياناً لحكم شرعي، إلا في أحد عشر موضعاً من «التفسير» أُبقي النداء بـ «يا محمد» كما هو؛ لكونه حكايةَ قول مَن لا يُقرُّ بنبوة الرسول - ﷺ -.
وقد أخذت اللجنة بإضافة معنى آخر على المذكور في «التفسير الميسر» إن كان اللفظ القرآني يحتمل ذلك دون رُجحان أحد المعنيين؛ لأن القرآن الكريم يعبَّر فيه بالألفاظ القليلة الدالَّة على المعاني الكثيرة.
وتمَّ ربط معنى الآية بما قبلها إذا كان الفهم متوقفاً على هذا الربط، ونُبِّه في ختام تفسير عديد من الآيات التي وُجِّه الخطاب فيها للنبي - ﷺ - على أنها للأمة عامة، وإن كان الخطاب فيها خاصاً للنبي - ﷺ -.
وراعت اللجنة سهولة العبارة ووضوحها في التعديلات التي أخذت بها، ومناسبة ورود اللفظ في سياق تفسير الآية قَدْر الإمكان، مع بقاء طموحنا أن يكون في عبارة أكثر سلاسة وقرباً من فهم القارئ.
ومع كون القصد من إنشاء هذا «التفسير الميسَّر» أن يكون أصلاً للترجمات التي يصدرها المجمَّع فإن حاجة القارئ العربي إليه قائمة؛ لذا فقد وجَّهتُ بإعادة طبعه مرة ثانية بصورته المنقحة والمزيدة.
- ط -
11
نسأل الله تعالى أن يجزي كلَّ من شارك في إعداد هذا التفسير أو مراجعته، حتى خرج بهذه الصورة القشيبة، وأن يعظم لهم الأجر والمثوبة على ما بذلوه من جهود.
ونسأله سبحانه أن يوفقنا جميعاً لفهم كتابه الكريم، والاهتداء بهديه، وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود الذي لا يألو جهداً في خدمة القرآن الكريم، ونشره وتوزيعه، وأن يجزي سموَّ ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز على جهودهما المباركة في خدمة الإسلام والمسلمين، وأن يوفق الجميع لما يحب ويرضى إنه سميع الدعاء.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ
وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
المشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
- ي -
12
مقدمة الأمانة العامة [[د محمد سالم العوفي]]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، ولن تجد له ولياً مرشداً.
والصلاة والسلام على خير من بعثه الله إلى العالمين، بالرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن القرآن الكريم وحي الله إلى أكمَل رسله، ضمَّنه من العقائد والأحكام والآداب والأخبار ما به سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [طه: ١٢٣].
فينبغي لقارئ القرآن الكريم وسامعه أن يعرف تفسير ما يحتاج إليه من آياته، إذ ألفاظ الكتاب العزيز عالية البيان، ولها من الفصاحة أرقاها، ومن البلاغة أوفاها.
وقد سبق لمجمع اللك فهد لطباعة المصحف إصدار الطبعة الأولى من كتاب «التفسير الميسر»، ولقي -بفضل الله وتوفيقه- قَبولاً لدى كثير من أهل العلم، وعامة الناس.
ولا ريب أن صيغة «التفسير» جهد بشري يحتاج إلى مراعاة ما فيه من جوانب تكميلية، فقد تلقَّت الوزارة وكذلك المجمَّع عدداً من الملحوظات المتفاوتة على «التفسير اليسَّر»، وتمَّ تأليف لجنة في المجمَّع لدراسة جميع ما ورد من ملحوظات عليه، فقامت اللجنة بدراسة الملحوظات جميعها، ولم تهمل أياً منها، وأقرَّت المناسب منها، مراعية منهج هذا المختصر في التفسير وضوابطه، ومناسبته للترجمة إلى اللغات الأخرى.
وقامت اللجنة كذلك بمراجعة التفسير وتوحيد النظائر؛ بحيث
- ك -
13
تفسَّر تلك الألفاظ بعبارة وجيزة وافية في كلِّ أماكن ورودها في القرآن الكريم، مع مراعاة مناسبة ورود اللفظ في سياق تفسير الآية، واعتبار تبيين جميع الألفاظ التي فيها غرابة على القارئ؛ كي لا يكون في السياق إبهام أو غموض.
وقد راعت اللجنة في جميع التعديلات التي أخذت بها أن يكون التفسير المأخوذ به موافقاً لرواية حفص عن عاصم من حيث المعنى والإعراب.
وأشير هنا إلى أن «التفسير الميسَّر» أحد مصادر التفسير المدرجة في موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف على شبكة (الإنترنت).
ولا يفوتني في هذا التصدير لهذه الطبعة المنقَّحة أن أشكر لكل من أسهم في إخراج هذا العمل المبارك، وسعى في صدوره بهذه الصورة البهيجة.
والشكر موصول لوزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على المجمع معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز ابن محمد آل الشيخ الذي كان لملاحظاته الموفقة، وتوجيهاته السديدة، الأثر البارز في إخراج التفسير بهذه الحلة القشيبة.
كما أشكر لقادة هذه البلاد وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين اللك عبد الله بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظهما الله ما يقومون به من أعمال جليلة في خدمة الإسلام والسلمين، ونمرة قضاياهم.
والحمد لله على فضله وإنعامه، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
أ. د. محمد سالم بن شديد العوفي
الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
- ل -
14
الاستعاذة
(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)
شرع الله تعالى لكل قارئ للقرآن العظيم، أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، قال سبحانه: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ ؛ ذلك لأن القرآن الكريم هداية للناس وشفاء لما في الصدور، والشيطان سبب الشرور والضلالات، فأمر الله سبحانه كل قارئ للقرآن أن يتحصن به سبحانه من الشيطان الرجيم، ووساوسه، وحزبه.
وأجمع العلماء على أن الاستعاذة ليست من القرآن الكريم، ولهذا لم تكتب في المصاحف.
ومعنى «أعوذ بالله» : أستجير، وأتحصن بالله وحده.
«من الشيطان» أي: من كل عاتٍ متمرِّد من الجن والإنس، يصرفني عن طاعة ربي، وتلاوة كتابه.
«الرجيمِ» أي: المطرود من رحمة الله.
- م -
15
من شياطين الجن والإنس.
604
Icon