تفسير سورة البقرة

المصحف المفسّر
تفسير سورة سورة البقرة من كتاب المصحف المفسّر .
لمؤلفه فريد وجدي . المتوفي سنة 1373 هـ
سورة البقرة مدنية وآياتها ست وثمانون ومائتان

تفسير الألفاظ :
﴿ الم ﴾ هذه الأحرف وغيرها مما افتتحت به بعض السور قيل إنها من الأسرار المحجوبة، وقيل هي أسماء لله تعالى. وقيل هي أيمان لله عز وجل، وقيل هي إشارة لابتداء كلام وانتهاء كلام. وذهب الأكثرون إلى أنها أسماء للسور.
تفسير الألفاظ :
﴿ الكتاب ﴾ المراد به هنا القرآن.
تفسير المعاني :
إن هذا القرآن لا شك في أنه كلام الله أنزل هداية لأهل التقوى الذين يؤمنون بالأمور التي لا تدركها حواسهم، كالشؤون الإلهية والعوالم الروحية.
تفسير الألفاظ :
﴿ بالغيب ﴾ الغيب هو الخفي الذي لا تدركه الحواس. ﴿ ويقيمون الصلاة ﴾ إقامة الصلاة تعديلها وحفظها من الخلل.
تفسير المعاني :
ويؤدون الصلاة على أكمل وجوهها، ويبذلون أموالهم لسد عوز المحتاجين.
تفسير الألفاظ :
﴿ يوقنون ﴾أي يعتقدون بلا شك.
تفسير المعاني :
ويؤمنون بالكتاب الذي أنزل إليك وبالكتب التي أنزلت على جميع الأنبياء السابقين. ويعتقدون بالآخرة اعتقادا لا تشوبه شائبة من شك، ولا تعكر صفوه كدورة من ارتياب.
تفسير الألفاظ
( المفلحون ) الفائزون.
تفسير المعاني
أولئك المتقون هم المهديون الفائزون.
تفسير الألفاظ :
( أأندرتهم ) الإنذار التخويف.
تفسير المعاني :
أما الذين كفروا فيستوي عندهم أن تخوفهم أو لا تخوفهم، لا يؤمنون.
تفسير الألفاظ :
( ختم ) أي طبع. وإنما يختم على الأبواب لمنع الدخول إليها، فيكون معنى ختم الله على قلوبهم أي أغلقها وختم عليها فلا ينفذ إليها نصح ولا يتسرب إليها إيمان. ( غشاوة ) هي ما يغطى به الشيء. وغشاه غطاه.
لا يؤمنون، لأن الله قد أغلق قلوبهم وختم عليها وعلى أسماعهم فلا يتسرب إليها علم يصلحهم ويحييهم، وجعل على أبصارهم غطاء فلا يرون آيات الله في الكون ليتعظوا بها. هؤلاء سينالهم عذاب من الله عظيم.
تفسير الألفاظ :
( يخادعون ) الخداع صرف الغير عما يقصده بحيلة يحتال بها.
تفسير المعاني
ومن الناس من يزعم أنه يؤمن بالله وبالآخرة وهم كاذبون، يقولون ذلك نفاقا وخوفا من المؤمنين. وقصدهم منه مخادعة الله والذين آمنوا، ولو عقلوا لرأوا أنهم إنما يخدعون أنفسهم.
تفسير الألفاظ :
( السفهاء ) ضعفاء العقول من سفه يسفه أي ضعف عقله. وأما سفه يسفه فمعناه شتم. وسفه يسفه فمعناه صار جاهلا.
تفسير المعاني :
هؤلاء في قلوبهم مرض الشك والعناد والحسد، فزادهم الله مرضا وأعد لهم عذابا أليما جزاء كذبهم ونفاقهم.
تفسير المعاني :
هؤلاء إذا نصحهم ناصح فقال لهم انهجوا الصراط السوي ولا تفسدوا في الأرض، ادعوا أنهم مصلحون، مع أنهم في الواقع هم جراثيم الفساد وأسباب البلاء ولكن لا يشعرون.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:تفسير المعاني :
هؤلاء إذا نصحهم ناصح فقال لهم انهجوا الصراط السوي ولا تفسدوا في الأرض، ادعوا أنهم مصلحون، مع أنهم في الواقع هم جراثيم الفساد وأسباب البلاء ولكن لا يشعرون.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:تفسير المعاني :
هؤلاء إذا نصحهم ناصح فقال لهم انهجوا الصراط السوي ولا تفسدوا في الأرض، ادعوا أنهم مصلحون، مع أنهم في الواقع هم جراثيم الفساد وأسباب البلاء ولكن لا يشعرون.

تفسير المعاني :
وإن قيل لهم ادخلوا في الإيمان الذي دخل فيه الناس، قالوا أتريدون أن نكون كضعفاء العقول نصدق الأوهام وننقاد للأضاليل ؟ مع أنهم هم في الواقع ضعفاء العقول، خفاف الأحلام ولكنهم لا يعلمون.
تفسير الألفاظ
﴿ شياطينهم ﴾ المراد بالشياطين هنا إخوانهم في الكفر. ﴿ طغيانهم ﴾ الطغيان تجاوز الحد في العتو والغلو.
تفسير المعاني
هؤلاء المنافقون إذا قابلوا المؤمنين قالوا لهم إنا آمنا كما آمنتم. فإذا خلوا إلى إخوانهم في الكفر قالوا لهم هونوا على أنفسكم إننا لا نزال على ملتكم، إنما نحن في تظاهرنا بالإيمان نستهزئ بالمؤمنين.
تفسير الألفاظ :
﴿ يعمهون ﴾ أي يتحيرون، فإن العمه هو التحير وهو للبصيرة كالعمى للبصر.
تفسير المعاني :
الله يستهزئ بهم ويزيدهم طغيانا ليزدادوا حيرة و ضلالا.
تفسير المعاني :
أولئك الذين باعوا الهدى واشتروا به الضلال، فما كسبت تجارتهم وما اهتدوا.
تفسير الألفاظ :
﴿ مثلهم ﴾ أي شبههم. يقال هو مثله ومثله ومثيله بمعنى شبهه وشبهه وشبيهه. ﴿ استوقد ﴾ أي طلب الوقود وهو سطوع النار وارتفاع لهبها.
تفسير المعاني :
مثلهم كمثل الذي أراد أن يوقد نارا ليستدفئ بها ويستضئ، فما اتقدت حتى انطفأت وتركته في ظلام بهيم، لا يسمعون ولا يتكلمون ولا يبصرون.
تفسير المفردات :
( صم ) جمع أصم، أي فاقد السمع. ﴿ بكم ﴾ أي خرس جمع أبكم. تفسير المعاني
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:تفسير الألفاظ :
﴿ مثلهم ﴾ أي شبههم. يقال هو مثله ومثله ومثيله بمعنى شبهه وشبهه وشبيهه. ﴿ استوقد ﴾ أي طلب الوقود وهو سطوع النار وارتفاع لهبها.

تفسير المعاني :

مثلهم كمثل الذي أراد أن يوقد نارا ليستدفئ بها ويستضئ، فما اتقدت حتى انطفأت وتركته في ظلام بهيم، لا يسمعون ولا يتكلمون ولا يبصرون.

تفسير الألفاظ :
﴿ كصيب ﴾ الصيب من الصوب وهو النزول، يطلق على المطر والسحاب. ﴿ الصواعق ﴾ جمع صاعقة مشتقة من الصعق وهو شدة الصوت.
تفسير المعاني :
أو كان مثلهم في حيرتهم وترددهم كمثل قوم أصابهم مطر شديد أظلمت له الأرض وأرعدت السحب وأبرقت فصاروا يجعلون أصابعهم في آذانهم دهشا من الصواعق، وهربا من الموت على تلك الصورة، والله محيط بهم لا يفلتهم.
تفسير المعاني :
يكاد البرق يأخذ أبصارهم، كلما أضاء لهم مشوا على نوره، وإذا عاد الظلام وقفوا حيث هم، ولو أراد ربك لأصمهم وأعماهم إن الله على كل شيء قدير.
في هذه الآيات تشبيه معجز لمن وقع في الحيرة والدهش.
تفسير المعاني :
يا أيها الناس اعبدوا خالقكم الذي أوجدكم من العدم وخلق من كان قبلكم لعلكم تصلون لمرتبة التقوى.
تفسير الألفاظ :
﴿ فراشا ﴾ الفراش هو ما يفرش وينام عليه. ﴿ بناء ﴾ مصدر بنى سمي به المبني. ( أندادا ) أي نظراء معادين، وهو جمع ند أي نظير معاد.
تفسير المعاني :
إن الذي مهد لكم الأرض ورفع فوقكم السماء وأنزل لكم منها ماء فأنبت به من ثمرات الأرض رزقا لكم، ذلكم ربكم فلا تجعلوا له شركاء من الأصنام والناس، وأنتم تعلمون بما فطرتم عليه من التمييز أن الخالق الحق لا يصح أن يكون له شبيه ولا شريك.
تفسير الألفاظ :
﴿ في ريب ﴾ أي في شك. ﴿ شهداءكم ﴾ جمع شهيد وهو الحاضر، والقائم الشهادة والناصر والإمام. ﴿ دون ﴾ أصله أدنى مكان من الشيء. ومنه تدوين الكتب أي إدناء بعضها من بعض، ثم استعير للترتيب نحو : زيد دون عمر، ثم اتسع فاستعمل في كل تجاوز حد إلى حد آخر.
تفسير المعاني :
وإن كنتم في شك مما أنزلنا على عبدنا فاصنعوا سورة من سوره وأتوا بشهدائكم ليشهدوا إن كنتم صادقين.
تفسير الألفاظ :
﴿ وقودها ﴾ الوقود ما توقد به النار. ﴿ أعدت ﴾ أي هيئت.
تفسير المعاني :
فإن لم تفعلوا هذا، ولن تفعلوه، فاحذروا النار التي جعلها الله جزاء المكذبين.
﴿ الصالحات ﴾ جمع صالحة وهي كل ما يندب إليه الشرع. وهي من الصفات التي تجري مجرى الأسماء كالحسنة.
تفسير المعاني :
وبشر يا محمد الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن مصيرهم إلى جنات تجري من تحتها الأنهار كلما أعطوا من ثمارها ووجدوه كثمار الدنيا شكلا ولونا، قالوا قد رزقنا الله مثل هذا في الدنيا. وسيكون مع هؤلاء زوجات طاهرات فيعيشون في هناء خالد لا يعتريه انقطاع. قيل إن هذه الزوجات، وما عبر عنه الله بالحور العين، هن زوجاتهم اللاتي كن معهم في الدنيا.
تفسير الألفاظ
﴿ لا يستحيى ﴾ من الحياء، وهو انقباض النفس عن إتيان أمر مخافة الذم. وهو بهذا المعنى مستحيل على الله لأنه منزه عن الانفعالات. فالمراد به الامتناع. والمعنى أن الله لا يمتنع أن يضرب مثلا. ﴿ ما ﴾ لفظة إبهامية تزيد النكرة إبهاما وتمنع عنها التقييد. ﴿ بعوضة ﴾ البعوضة الحشرة المعروفة. ﴿ الفاسقين ﴾ الفسق الخروج عن الشرع.
تفسير المعاني :
إن الله لا يمتنع عن ضرب الأمثال لعباده بأصغر مخلوقاته وأحقرها. فأما الذين آمنوا فيعلمون أن الله حق لا يقول غير الحق. وأما الذين كفروا فيتعجبون ويقولون ماذا يريد الله من ضرب الأمثال بالأشياء الحقيرة، إنه يريد بذلك إضلال من عميت بصائرهم عن تنور أسرار الخالق في أصغر مخلوقاته، وهداية من صفت أفئدتهم فاستوت لديهم كبريات المخلوقات وصغرياتها في الدلالة على الحق الذي يتطلبونه.
تفسير الألفاظ :
﴿ ينقضون ﴾ النقض فسخ التركيب. ﴿ عهد الله ﴾ العهد الذمة والأمانة والضمان والوفاء. ﴿ ميثاقه ﴾ الميثاق اسم لما تحصل به الوثاقة أي الإحكام، وهو هنا بمعنى المصدر أي الوثوق.
تفسير المعاني :
على أن الذين يضلون بهذه الأمثال هم الفاسقون الذين ينقضون عهد الله المأخوذ عليهم بالإيمان به. ويقطعون ما أمر الله بوصله من الأقارب والإخوان في الدين و يفسدون في الأرض.
تفسير المعاني :
كيف تكفرون بالله وكنتم أجسادا لا حياة بها فنفث فيكم من روحه، وهو مميتكم بعد حين ثم محييكم ثم إليه ترجعون ؟
تفسير المعاني :
هو الذي خلق لكم كل ما في الأرض تنتفعون به لمعاشكم ثم وجه إرادته إلى السماء فجعلهن سبعا طباقا وهو بكل شيء عليم.
تفسير الألفاظ :
﴿ خليفة ﴾ الخليفة من يخلف غيره ويقوم مقامه. ﴿ ويسفك الدماء ﴾ يصبها. ﴿ نسبح ﴾ سبح أي قال سبحان الله. معناه أبرئ الله من السوء. ﴿ ونقدس ﴾ من قدس الله نزهه ووصفه بأنه قدوس. ومعنى القدوس الطاهر المنزه عن النقائص.
تفسير المعاني :
وإذ قال ربك للملائكة إني متخذ في الأرض خليفة ليقوم بعمارتها، ويتمم الإبداع الذي قضيته لها، وهو الإنسان، فأدرك الملائكة أن هذا الإنسان –لتقمصه المادة- يحمل على الفساد بدواعي طبيعته الأرضية. فسألوا الله -من قبيل التعلم لا الاعتراض – عن حكمة تفضيل الله إياه عليهم في إسناد خلافته إليه، وهم دائبون في طاعته، متفانون في عبادته.
تفسير الألفاظ
﴿ أنبئوني ﴾ أي أخبروني.
تفسير المعاني :
فأوحى الله إلى قلب آدم كل ما هو مستعد له النوع الإنساني من الرقي الصوري والمعنوي، وألهمه الأشياء بأسمائها وأمره بأن يسردها على الملائكة إظهارا لاستعداد نوعه على القيام بها.
تفسير المعاني :
فلما فعل، علم الملائكة أنهم لا قبل لهم بخلافة الله في الأرض لعدم استعدادهم للاشتغال بالأمور المادية، ففهموا حكمة التفضيل.
تفسير الألفاظ :
﴿ أبى ﴾ يأبى امتنع.
تفسير المعاني :
وأطاعوا أمر الله في السجود له سجود إجلال لا عبادة، إلا إبليس فإنه أبى واستكبر وكان من الكافرين. وربما يكبر على التالي للقرآن أن يعتقد أن الملائكة يجادلون الله. والحقيقة أن هذا تمثيل لحال الملائكة عندما علموا في عالمهم الروحاني بأن كائنا سيظهر على الأرض يكون من أمره ما يكون من الفساد، فجاشت في صدورهم هذه الاعتراضات، وألهمهم الله الرد عليها على نحو ما تراه. هذا تأويل واجب، لأن الله لا يرى - ولا للملأ الأعلى- بنص لقرآن.
تفسير الألفاظ :
﴿ وزوجك ﴾ الزوج يقال للرجل والمرأة وقد يؤنث فيقال زوجة. ﴿ الجنة ﴾ هي الروضة. وفي الاصطلاح الديني الدار التي أعدت للصالحين في عالم الآخرة. ﴿ رغدا ﴾ يقال عيش رغد ورغد أي واسع طيب. ( ولا تقربا ) أي ولا تمسا يقال قرب الشيء يقربه قرب منه يقرب.
تفسير المعاني :
وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا من ثمراتها كم تريدان في أي مكان منها شئتما، ولكن إياكما أن تأكلا من هذه الشجرة وعينها لهما.
تفسير الألفاظ :
﴿ فأزلهما ﴾ أي فأوقعهما، من الزلة و هي السقطة. فعله زل يزل زللا أي سقط. ﴿ اهبطوا ﴾ أي انزلوا. ﴿ مستقر ﴾ أي مكان تستقرون فيه أي تقيمون فيه.
تفسير المعاني :
فوسوس لهما الشيطان وسول لهما الأكل منها، فكان من أثر هذا العصيان أن أنزلهما الله إلى الأرض حيث التكاليف المادية، والحاجات الجسدية، وحيث المنازعات والمخاصمات وكل ما تقتضيه الحياة الطينية من المنغصات والكروب.
تفسير المعاني :
ثم رحم الله آدم وألهمه كلمات يدعوه بها، فتاب عليه وقرر له ولذريته أن يرسل إليهم من حين إلى آخر هداة يهدون الضالين، وينبهون الغافلين. فمن آمن بهم وعمل بنصائحهم نجا، ومن كذبهم وكفر بآيات الله هلك وتردى.
تفسير الألفاظ :
﴿ فإما يأتينكم ﴾، ما مزيد للتأكيد، والمعنى فإن يأتينكم.
تفسير المعاني
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:تفسير المعاني :
ثم رحم الله آدم وألهمه كلمات يدعوه بها، فتاب عليه وقرر له ولذريته أن يرسل إليهم من حين إلى آخر هداة يهدون الضالين، وينبهون الغافلين. فمن آمن بهم وعمل بنصائحهم نجا، ومن كذبهم وكفر بآيات الله هلك وتردى.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:تفسير المعاني :
ثم رحم الله آدم وألهمه كلمات يدعوه بها، فتاب عليه وقرر له ولذريته أن يرسل إليهم من حين إلى آخر هداة يهدون الضالين، وينبهون الغافلين. فمن آمن بهم وعمل بنصائحهم نجا، ومن كذبهم وكفر بآيات الله هلك وتردى.

تفسير الألفاظ :
﴿ إسرائيل ﴾ لقب يعقوب عليه السلام.
تفسير المعاني :
ثم ذكر بني إسرائيل وما حباهم به من النعم الجزيلة أيام كانوا قائمين بأعباء خلافته في الأرض، وأمر الباقين منهم أن يفوا بعهده ليفي بعهدهم، وأمرهم أن يخافوه فإنه لا يفلت الظالمين من عقابه.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولا تشتروا ﴾ يستعمل لفظ البيع والشراء كل منهما محل الآخر، ومعنى لا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا أي لا تبيعوها بثمن قليل.
تفسير المعاني :
وآمنوا " الكلام لبني إسرائيل " بما أوحيت من القرآن الذي يصدق كتابكم ويوافقه، ولا تكونوا أول الكافرين به مع أنكم أولى بتصديقه لأنكم تعرفون من أحوال الرسل ما لا يعرفه غيركم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولا تلبسوا ﴾ أي لا تخلطوا، يقال لبس الأمر يلبسه، أما للثوب فلبسه يلبسه.
تفسير المعاني :
ولا تخلطوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون أنه حق.
تفسير الألفاظ :
﴿ الزكاة ﴾ مشتقة من زكا الزرع يزكو أي نما، لأن إخراجها يجلب البركة. وهي من الزكاة أي الطهارة، لأنها تطهر المال.
تفسير المعاني :
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين.
تفسير الألفاظ :
﴿ بالبر ﴾ أي الطاعة والصدق والتوسع في الخير.
تفسير المعاني :
أتأمرون الناس بالإحسان ولا تأتمرون بما تقولون وأنتم تقرءون الكتاب أفلا تعقلون ؟ قيل نزلت هذه الآية وهي ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) في بعض علماء اليهود كانوا قالوا لأقرباء لهم أسلموا : اثبتوا على دين محمد فإنه حق. وبقوا هم على دينهم ؛
تفسير المعاني :
ولهذا أمرهم أن يستعينوا على أنفسهم العاتية بالصبر على ما تكره وبالصلاة، ولكن أين هم منها وهي لا يقوم بها إلا الخاشعون الذين يؤمنون بأنهم سيعودون إلى بارئهم فيحاسبهم على ما عملوا من خير وشر.
تفسير الألفاظ :
﴿ يظنون ﴾ أي يعتقدون. وقد تأتي للدلالة على الرجحان، تقول ظننتك مسافرا.
تفسير المعاني :
يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي عليكم وتفضيلي إياكم على الناس كافة، واحذروا يوما لا تغني نفس عن نفس شيئا ولا يقبل فيه شفاعة ولا تؤخذ فيه فدية.
تفسير الألفاظ :
( ولا يؤخذ منها عدل ) العدل هنا بمعنى الفداء.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٧:تفسير المعاني :
يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي عليكم وتفضيلي إياكم على الناس كافة، واحذروا يوما لا تغني نفس عن نفس شيئا ولا يقبل فيه شفاعة ولا تؤخذ فيه فدية.

تفسير الألفاظ :
( يسومونكم ) يقال سامه عذابا أي ولاه إياه. ( ويستحيون نساءكم ) أي يتركونهن أحياء. ( بلاء ) البلاء الغم يبلى الجسم والاختبار بالخير أو بالشر.
تفسير المعاني :
واذكروا يا بني إسرائيل إذ نجيناكم من آل فرعون يولونكم العذاب الأليم، يذبحون أولادكم ويستبقون نساءكم وفي ذلك بلاء لكم كبير.
تفسير الألفاظ :
( فرقنا ) أي فلقنا. فعله فرق يفرق ويفرق بمعنى فصل.
تفسير المعاني :
واذكروا إذ فلقنا لكم البحر حتى ظهرت لكم الأرض اليابسة فمشيتم عليها فأجيناكم وأغرقنا آل فرعون الذين تتبعوكم وأنتم ترون ذلك بأعينكم.
تفسير الألفاظ :
( واعدنا ) أي وعدنا.
تفسير المعاني :
وإذ وعدنا موسى أن نعطيه التوراة بعد أربعين ليلة ومع هذا عبدتم العجل من بعده وأنتم ظالمون لأنفسكم.
ثم عفونا عنكم من بعد ذلك كله لعلكم تشكرون.
تفسير الألفاظ
﴿ والفرقان ﴾ قيل المراد به التوراة وقيل معجزات موسى عليه السلام الفارقة بين المحق والمبطل.
تفسير المعاني :
واذكروا إذ أنزلنا على موسى الكتاب وآتيناه السلطان الذي يفرق به بين الحق والباطل لعلكم تهتدون.
تفسير الألفاظ :
﴿ فاقتلوا أنفسكم ﴾ قيل اقتلوها بالتوبة أو بقطع الشهوات. وقيل معنى الآية فليقتل البريء منكم المجرم. ﴿ بارئكم ﴾ أي خالقكم، فعله برأه يبرؤه أي خلقه.
تفسير المعاني :
واذكروا أيضا إذ قال موسى لقومه وقد رآهم يعبدون العجل : يا قومي لقد ظلمتم أنفسكم بعبادة ما لا يضر ولا ينفع، فتوبوا إلى خالقكم واقتلوا أنفسكم بترك الشهوات، أو اقتلوا الذين عبدوا العجل منكم، ذلكم أفضل لكم عند مولاكم، فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ جهرة ﴾ أي مشاهدة، من قولك جهر الأمر أي علن.
تفسير المعاني :
واذكروا إذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهارا فأخذتكم الصاعقة من السماء وأنتم تشاهدون ذلك.
قيل إنهم لما طلبوا أن يروا الله جهرة – وكانوا سبعين رجلا من بني إسرائيل – نزلت عليهم صاعقة فأحرقتهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ بعثناكم ﴾ أي أحييناكم بعد الموت.
تفسير المعاني :
ثم أحياهم الله بعد موتهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ المن ﴾ إفراز حلو المذاق تفرزه بعض الأشجار. ﴿ والسلوى ﴾ الطير المعروف بالسماني.
تفسير المعاني :
ويذكرهم الله بما تفضل عليهم من المن والسماني ليقيهم الهلاك في تلك البقعة المجدبة فكفروا بكل هذه النعم فقطعت عنهم جميعها.
تفسير الألفاظ :
﴿ وقولوا حطة ﴾ الحطة والحطيطى من قولك استحطه وزره. يقال سأله الحطيطي أي سأله الحط من وزره ومعنى ﴿ وقولوا حطة ﴾ أي اسألوا الله المغفرة من ذنوبكم.
تفسير المعاني :
ويذكرهم بما فعله آباؤهم حين أمرهم بدخول بيت المقدس أو مدينة أريحا بعد خروجهم من التيه وهم ساجدون يسألون الله أن يحط عنهم ذنوبهم ويغفر لهم عنادهم واعدا إياهم بالمكافأة وحسن الجزاء.
تفسير الألفاظ
﴿ رجزا ﴾ الرجز والرجز هو الرجس، أي القذر وعبادة الصنم والعذاب.
تفسير المعاني :
فبدل الذين ظلموا منهم الاستغفار وطلب العفو بالانهماك في الشهوات، فكان جزاؤهم أن أرسل الله عليهم العذاب، قيل هو الطاعون، فأهلك منهم عددا عظيما.
تفسير الألفاظ :
﴿ استسقى ﴾ طلب السقيا بنزول المطر بواسطة الدعاء. ﴿ تعثوا ﴾ يقال عثى في الأرض فسادا يعثى أفسد فيها.
تفسير المعاني :
ويذكرهم بما كان من آبائهم لما عطشوا في التيه وبما تفضل الله عليهم به من تكليف موسى بأن يضرب بعصاه حجرا، فتفجرت منه عيون بقدر عدد قبائلهم، وكانوا اثنتي عشرة قبيلة فجرى لكل منها جدول خاص يأخذون منه حاجاتهم ولا يشاركهم فيه غيرهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ بقلها ﴾ البقل ما ينبت في بذره لا في جذر ثابت واحدته بقلة. ﴿ وقثائها ﴾ بالكسر ويضم : نوع من الفاكهة يشبه الخيار. ( وفومها ) الفوم الثوم، واحدته فومة، والفوم أيضا الحنطة والحمص والخبز وسائر الحبوب التي تخبز، ﴿ اهبطوا مصرا ﴾ أي انزلوا مصرا. والمصر البلد العظيم. ﴿ وباءوا ﴾ أي رجعوا.
تفسير المعاني :
واذكروا إذ قلتم يا موسى أننا سئمنا الاستمرار على طعام واحد فادع لنا ربك يرزقنا مما تنبت الأرض. فقال لهم أتستعيضون الأردأ بالأحسن من الطعام ؟ انزلوا مصرا ففيها ما تطلبون، وجازاهم على عدم ثباتهم بأن أبدلهم بالعز ذلا، وبالقوة مسكنة، وغضب عليهم لكفرهم وتطاولهم على رسل الله بالقتل، كما فعلوا بزكريا ويحيى، وما جرأهم على ذلك إلا عصيانهم لأوامر الله واعتداؤهم على الناس.
تفسير الألفاظ :
﴿ والذين هادوا ﴾ اليهود، يقال هاد الرجل يهود وتهود دخل في اليهودية. ﴿ والصابئين ﴾ هم بين النصارى والمجوس وقيل هم عباد الملائكة. وقيل عبدة الكواكب.
تفسير المعاني :
أما قوله تعالى :﴿ إن الذين آمنوا والذين هادوا.. إلخ ﴾ فمعناه أن من كان من أهل هذه الأديان، معتقدا بالله وكتبه ورسله، ومنهم محمد، وموقنا بالآخرة، وعاملا بما أمر به من الصالحات – فهو من الناجين.
تفسير الألفاظ
﴿ ميثاقكم ﴾ الميثاق والموثق العهد، جمع ميثاق مواثيق ومياثيق، وجمع موثق مواثق ومياثق. ﴿ الطور ﴾ اسم جبل مخصوص. وقيل هو اسم لكل جبل.
تفسير المعاني
واذكروا يا بني إسرائيل إذ أ خذ الله عليكم العهد أن تفعلوا بما تأمر به التوراة وهددناكم برفع الجبل فوق رءوسكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ توليتم ﴾ أدبرتم.
فأدبرتم بعد هذا كله ولولا فضل الله عليكم لكنتم من الخاسرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ خاسئين ﴾ أي مبعدين مزجورين.
تفسير المعاني :
وقد أمرناكم أن تتفرغوا يوم السبت للعبادة، فاحتلتم على الصيد فيه فمسخناكم قردة منبوذين.
تفسير الألفاظ :
﴿ نكالا ﴾ النكال ما نكلت به غيرك وجعلته عبرة. ونكل بفلان ينكل ونكل به صنع به صنيعا يحذر غيره إذا رآه. ﴿ لما بين يديها وما خلفها ﴾ أي جعل تلك العقوبة عبرة للأمم التي في عصرهم ولمن يأتي بعدهم.
تفسير المعاني :
وجعلنا تلك العقوبة عبرة للمعاصرين لكم من الأمم والتي تخلفها إلى أبد الآبدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ أعوذ بالله ﴾ ألجأ إليه.
تفسير المعاني :
واذكروا إذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة فقلتم أتستهزئ بنا.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا فارض ولا بكر ﴾ أي لا مسنة ولا فتية. ﴿ عوان ﴾ أي وسط في السن.
تفسير المعاني :
وأخذتم تسألون عن لونها وشكلها وسنها، وكلما شددتم شدد الله عليكم حتى صارت نادرة فتعبتم في وجدانها.
كان السبب في أمرهم أن يذبحوا بقرة أن رجلا منهم قتل رجلا وبادر بالشكوى لموسى، فبحث موسى عن القاتل فلم يهتد إليه، فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة وأن يضربوا القتيل بعضو منها، فلما فعلوا أحياه الله وأخبرهم عن قاتله، فإذا به ذلك الرجل الذي بادر بالشكوى.
تفسير الألفاظ
﴿ فاقع ﴾ خالص الصفرة.
تفسير المعاني :
عاد بنو إسرائيل للجاج فقالوا يا موسى ادع لنا ربك يبين لنا حال تلك البقرة إن البقر تشابه علينا أي إن بعضه يشبه بعضا وإنا إن شاء الله لمهتدون إلى مراد الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا ذلول ﴾ الدابة الذلول هي التي ليست بصعبة. ﴿ تثير الأرض ﴾ يقال أثار الغبار أي نشره وهيجه. ﴿ ولا تسقى الحرث ﴾ لا هنا زائدة، والحرث كل نبت يستنبت بالبذر والنوى والغرس. ﴿ مسلمة ﴾ أي سليمة من العيوب. ﴿ لاشية فيها ﴾ الشية هي لون يخالف لون جلدها.
تفسير المعاني :
فشدد الله عليهم جزاء تشديدهم فقال لهم إن البقرة التي يريدها بقرة غير مذللة تهيج الغبار إذا تحركت، وتسقي الزرع، سليمة من العيوب، في جلدها قطعة لونها يخالف لونه. قالوا الآن جئتنا بالحق، فحصلوا على بقرة تتوافر فيها هذه الصفات بضعف ثمن مثلها، وذبحوها بعد أن قاربوا أن لا يفعلوا ما أمروا به.
تفسير الألفاظ :
( فادارأتم ) أي تدافعتم وتنازعتم.
تفسير المعاني :
واذكروا إذ قتلتم نفسا وتنازعتم فيها.
تفسير الألفاظ :
﴿ اضربوه ببعضها ﴾ أي اضربوا القتيل ببعض أعضائها بعد ذبحها.
تفسير المعاني :
فقلنا اضربوا جثة القتيل ببعض أعضاء تلك البقرة فأحياه الله وأخبركم عن قاتله وهذه آية من الله لكم لعلكم تعقلون.
تفسير الألفاظ :
﴿ يتفجر ﴾ أ ي يسيل. ﴿ يشقق ﴾ أي يتشقق.
تفسير المعاني :
ثم قست قلوبكم بعد هذا حتى صارت كأنها الحجارة أو أشد، فإن من الحجارة ما يسيل منه الأنهار، ومنها ما يتشقق فيخرح منه الماء، ومنها ما يهبط من خشية الله، وما الله بغافل عما تعملون.
في هذه القصة عبرة للمتشددين، فإن الله أمر بني إسرائيل بأن يذبحوا بقرة، فلو بادروا إلى ذبح أية بقرة لأجزأتهم ولكنهم تشددوا في تعرف صفاتها فكانوا كلما سألوا سؤالا زيدوا تشديدا حتى صارت البقرة نادرة.
تفسير الألفاظ
﴿ فريق ﴾ أي جماعة. ﴿ يحرفونه ﴾ أي يجعلونه محتملا لوجهين. ﴿ ليحاجوكم به ﴾ أي ليخاصموكم به، يقال حاجه محاجة وحجاجا فحجه أي خاصمه فخصمه.
تفسير المعاني
أترجون أن يؤمن لكم هؤلاء وقد كانت جماعة منهم يسمعون كلام الله بينا وجليا فيصرفونه عن معناه وهم يعلمون خطورة ما يعملون.
تفسير المعاني :
﴿ وإذا لقوا الذين آمنوا ﴾ أظهروا أنهم صاروا منهم، وإذا اختلى بعضهم ببعض قالوا لهم احذروا أن تخبروا المسلمين بما في كتبكم فيعرفوه ويجادلوكم بما أنزل الله في كتابه.
تفسير الألفاظ :
﴿ يسرون ﴾ يكتمون.
تفسير المعاني :
أو لم يكن يعلم أولئك الناس أن الله يعلم ما يكتمون في أنفسهم وما يجاهرون به من دسائسهم ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ أميون ﴾ جمع أمي وهو منسوب للأم، أي على ما ولدته أمه من السذاجة. ( أماني ) جمع أمنية وهي البغية والكذب وما يقرأ. والمعنى هنا أنهم لا يعرفون من كتابهم إلا أكاذيب أخذوها تقليدا من المحرفين والمؤولين.
تفسير المعاني :
ومنهم طائفة جاهلون لا يعرفون القراءة ليطلعوا على ما في التوراة بذواتهم، فهم لا يعرفون منها إلا أكاذيب أخذوها تقليدا من المحرفين والمؤولين الذين لهم الويل بما بدلوا كلمات الله وباعوها بثمن قليل.
تفسير الألفاظ :
﴿ ليشتروا به ثمنا قليلا ﴾ اشترى بمعنى باع أي ليبيعوها بثمن قليل. ﴿ فويل ﴾ الويل في الأصل مصدر لا فعل له معناه تحسر وهلك، وقيل هو واد في جهنم.
تفسير المعاني :
ومنهم طائفة جاهلون لا يعرفون القراءة ليطلعوا على ما في التوراة بذواتهم، فهم لا يعرفون منها إلا أكاذيب أخذوها تقليدا من المحرفين والمؤولين الذين لهم الويل بما بدلوا كلمات الله وباعوها بثمن قليل.
تفسير المعاني :
وقالوا لن تمسنا النار في الآخرة إلا أياما معدودة، فاسألهم قائلا : أتخذتم عند الله عهدا بذلك والله لا يخلف عهده، أم تقولون على الله ما لا تعلمون ؟.
تفسير الألفاظ
﴿ بلى ﴾ جواب للتحقيق يوجب ما يقال، فإذا قيل : أليس عندك كتاب ؟ فقال : بلى، لزمه الكتاب، وإن قال : نعم، فلا يلزمه. ﴿ سيئة ﴾ أي فعلة سيئة.
تفسير المعاني
نعم من اقترف إثما واستولت عليه خطيئته فأولئك أهل النار يقيمون فيها أبد الآبدين.
تفسير المعاني :
وأما الذين آمنوا وعملوا صالحا كما أمروا فأولئك يدخلون الجنة خالدين فيها.
تفسير الألفاظ :
﴿ وذي القربى ﴾ القربى هي القرابة. ﴿ المساكين ﴾ جمع مسكين وهو الذي لا شيء له وهو أبلغ من الفقير. ﴿ توليتم ﴾ أي أدبرتم.
تفسير المعاني :
واذكروا إذ أخذنا عهدا على بني إسرائيل أن لا تعبدوا غير الله وأحسنوا إلى والديكم وأهل قرابتكم واليتامى والمساكين، وعلموا الناس طرق الخير وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، فأعرضوا عن ذلك كله إلا قليلا من صلحائهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ميثاقكم ﴾ عهدكم. ﴿ لا تسفكون ﴾لا تريقون.
تفسير المعاني :
واذكروا أيضا يا بني إسرائيل إذ أخذنا عليكم عهدا بأن لا يقاتل بعضكم بعضا وأن لا تخرجوا إخوانكم في الدين من ديارهم، فأقررتم على ذلك وأنتم تشهدون.
تفسير الألفاظ :
﴿ تظاهرون عليهم ﴾ يقال ظاهر أخاه عاونه. ﴿ والعدوان ﴾ هو الإخلال بالعدالة في المعاملة. ﴿ أساري ﴾ جمع أسير وهو الأخيذ ويجمع أيضا على أسير وأسارى وأسراء. ﴿ تفادوهم ﴾ أي تطلقونهم بعد أخذ فديتهم، من فاداه مفاداة.
﴿ خزي ﴾ الخزي، الهوان، والعقاب، والبعد، والذل، والاستحياء، فهو خزيان.
تفسير المعاني :
ثم هأنتم هؤلاء يقتل بعضكم بعضا وتطردون طائفة منكم من ديارهم، وتنصرون غيرهم عليهم بالإثم والتعدي وإن جاءوكم أسارى تأخذوا منهم الفداء وهو محرم عليكم. أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ؟ فما جزاء من يقدم على هذه الخطيئات منكم إلا خزي في الدنيا وعذاب في الآخرة وليس الله بغافل عما تعملون. نزلت هذه الآية في بني قريظة وبني النضير وكانوا من اليهود، فحالفت بنو قريظة بني الأوس وحالفت بنو النضير الخزرج من المدينة، فكان كلما تقاتل هؤلاء نصرهم حلفاؤهم، فكان اليهود بسبب ذلك يقاتل بعضهم بعضا.
تفسير المعاني :
أولئك فضلوا الحياة الدنيا الفانية على الحياة الأخرى الباقية. فلذلك لا يخفف عنهم العذاب ولا يجدون لهم ناصرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ وقفينا ﴾ أي أتبعنا، يقال قفى فلانا زيدا، وقفى فلانا بزيد أي أتبعه به. ثلاثيه قفاه يقفوه أي تبعه. ﴿ البينات ﴾ أي الآيات البينات أي الواضحات أو الشاهدات. ﴿ بروح القدس ﴾ أي الروح المقدسة، المراد به هنا جبريل أو روح عيسى عليه السلام أو الإنجيل أو اسم الله الأعظم الذي يدعو الله به فيستجيب له. ﴿ تهوى ﴾ تحب. هوى يهوي هوى : أحب. أما هوى يهوي هويا فمعناه سقط.
تفسير المعاني :
ولقد أنزلنا على موسى التوراة وأرسلنا بعده رسلا إلى أمم كثيرة حتى جاء دور عيسى ابن مريم فآتيناه الآيات الواضحات وشددنا أزره بجبريل. أفكلما جاءكم يا بني إسرائيل رسول بما لا يوافق هواكم استكبرتم عن اتباعه ففريقا تكفرون بهم وفريقا تقتلونهم ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ غلف ﴾ عليها غلاف، جمع أغلف. ﴿ لعنهم ﴾ أي طردهم من الخير والرحمة من لعنه يلعنه لعنا.
تفسير المعاني :
ولما انتهت الرسالة إلى محمد ودعاهم للإيمان قالوا له إن قلوبنا مغلقة لا تصلح لإدراك ما تقول. فرد الله عليهم دعواهم وأكد لهم أن قلوبهم ليست مغلقة، ولكن الله أبعدهم عن قبول الخير بسبب كفرهم فقلما يؤمنون بحقيقة.
تفسير الألفاظ
﴿ يستفتحون ﴾ يطلبون الفتح، والفتح هو النصر والرزق. والفتاحة النصرة.
تفسير المعاني :
ولما جاءهم القرآن من عند الله مصدقا للتوراة التي معهم وموافقا لها، وكانوا قبل نزوله يطلبون النصر على أعدائهم بحرمة النبي المنتظر الذي كانوا يتوقعون مبعثه ويمنون أنفسهم بالمبادرة إلى اتباعه، فلما جاءهم وفيه العلامات التي عرفوها من كتبهم، قابلوه بالكفر به، فلعنة الله على الكافرين.
تفسير الألفاظ
﴿ بئسما ﴾ أي بئس شيء. وبئس للذم ضد نعم. ﴿ اشتروا ﴾ اشتروا هنا بمعنى باعوا. وكل من ترك شيئا وأخذ غيره فقد اشتراه. ﴿ بغيا ﴾ أي حسدا. ( فباءوا ) فرجعوا من باء يبوء بوءا أي رجع.
تفسير المعاني
بئس الشيء التافه الذي باع به هؤلاء أنفسهم وهو كفرهم بما أنزل الله حسدا منهم أن ينزل الله من فضله وحيا على من يشاء من عباده، وكانوا يرجون أن يختصوا هم وحدهم بالوحي، فرجعوا بغضب من الله زيادة على سابق غضبه عليهم ولهم عذاب مهين.
تفسير المعاني :
وإذا دعاهم داع إلى الإيمان بما أنزل الله من الوحي الجديد قالوا إننا لا نؤمن إلا بما أنزل إلينا ويكفرون بالقرآن، مع أنه هو الحق موافقا لما معهم من كلام الله. فقل لهم يا محمد إذا كان ما تقولون من أنكم تؤمنون بما أنزل إليكم صحيحا فلم كنتم تقتلون أنبياء الله من قبل ؟ على أنكم كفرتم بموسى نفسه.
تفسير الألفاظ :
﴿ اتخذتم العجل ﴾ أي جعلتموه إلها.
تفسير المعاني :
فإنه لما جاءكم بالآيات البينات آمنتم به أولا ثم عبدتم العجل من بعده وأنتم ظالمون.
تفسير الألفاظ :
﴿ ميثاقكم ﴾ عهدكم. ﴿ الطور ﴾ جبل بسيناء، والطور أيضا يطلق على كل جبل، ﴿ وعصينا ﴾ من العصيان من باب ضرب فيقال عصاه يعصيه. ﴿ وأشربوا ﴾ أي خالط حبه قلوبهم فيقال : أشرب فلان حب فلان. ﴿ بئسما ﴾ للذم أي بئس شيء.
تفسير المعاني :
واذكروا إذ أخذنا عليكم عهدا ورفعنا فوقكم الجبل تهديدا لكم لتؤمنوا، وقلنا لكم خذوا ما أنزلناه إليكم بقوة واسمعوا، قلتم سمعنا وعصينا وامتزج حب عبادة العجل بدمائكم بسبب كفركم، فقل لهم يا محمد بئسما يأمركم به إيمانكم إن كان هذا يسمى إيمانا.
تفسير الألفاظ :
﴿ خالصة ﴾ أي خاصة بكم، فعله خلص الشيء يخلص خلوصا وخلاصا.
تفسير المعاني :
قل يا محمد لبني إسرائيل : إن كانت الدار الآخرة - كما تقولون – لكم خاصة لا يشارككم في نعيمها أحد فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ؛ لأن نعيم هذه الحياة لا يساوي شيئا إذا قيس بنعيم الآخرة.
تفسير المعاني :
ولكنهم لن يتمنوه أبدا، بسبب ما اجترحوه من الذنوب والله عليم بما كانوا يظلمون.
تفسير الألفاظ :
﴿ أحرص الناس ﴾ من الحرص وهو الطلب بشره، فعله حرص يحرص، ﴿ يعمر ﴾ أي يعيش طويلا، وعمر لله فلانا أبقاه، وعمر المنزل جعله آهلا.
تفسير المعاني :
ولترينهم أشد الناس حرصا على الحياة، حتى المشركين أنفسهم. يرجو الواحد منهم أن يعيش ألف سنة وما يجديه طول حياته نفعا فإنه لن يبعده عن العذاب والله بصير بما يعملون. هذه الآية نزلت ردا على اليهود الذين قالوا لن يدخل الجنة إلا اليهود.
تفسير الألفاظ :
﴿ لجبريل ﴾ جبريل ملك ينزل بالوحي على الأنبياء والرسل. ﴿ بشرى ﴾ البشرى والبشارة الخبر السار.
تفسير المعاني :
قل يا محمد : من كان معاديا لجبريل فهو عدو لي، فإنه نزل القرآن على قلبك بإذني مصدقا لما تقدمه من الكتب وهدى وبشرى للمؤمنين.
تفسير الألفاظ :
( ميكال ) هو ميكائيل من كبار الملائكة أيضا.
تفسير المعاني :
فإن من عادى الله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل فإن الله يعاديه ويجزيه جزاء الكافرين. وكان نزول هذه الآية لأن اليهود لما علموا أن الذي ينزل بالوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل قالوا إنه ينزل بالحرب والشدة ولو كان الذي نزل بالوحي ميكائيل لاتبعناه، لأنه ينزل بالسلم والخصب.
تفسير الألفاظ :
( بينات ) واضحات. ﴿ الفاسقون ﴾ الخارجون، فعله فسق يفسق فسقا وفسوقا.
تفسير المعاني :
ولقد أوحينا إليك يا محمد آيات واضحات ما يكفر بها إلا الخوارج والمعاندون.
تفسير الألفاظ :
﴿ نبذه ﴾رماه.
تفسير المعاني :
أو كلما عقد بنو إسرائيل عهدا رمى به جماعة منهم وراء ظهورهم كأنه لم يكن وأكثرهم كافرون ؟
تفسير المعاني :
ولما جاءهم القرآن مصدقا لكتبهم جحده فريق من أهل الكتاب كأنهم لا يعرفونه مع أنهم موقنون أنه من عند الله لقيام الدلائل من كتبهم علا حقيته.
تفسير الألفاظ
﴿ تتلو ﴾ أي تقرأ أو تتبع، يقال تلاه يتلوه تلاوة أي قرأه. وتلاه يتلوه تلوا أي تبعه. ﴿ ببابل ﴾ بابل مملكة قديمة كانت بالعراق. ﴿ هاروت وماروت ﴾ اسما ملكين هبطا من السماء إلى الأرض لتعليم الناس السحر ابتلاء من الله للناس وتمييزا بينه وبين المعجزة. وهذا بعيد عن العقل. وأحسن منه ما قيل من أنه عنى بالملكين رجلين صالحين سماهما ملكين لصلاحهما. ﴿ فتنة ﴾ أي اختبار وابتلاء. والفتنة أيضا الضلال والإثم والكفر والفضيحة والعذاب والجنون واختلاف الناس في الآراء وما يقع بينهم من الاضطراب، فعله فتن يفتن فتنة، وفتنه الشيء أعجبه، وأفتن فلانا أوقعه في الفتنة، وفتن في دينه وافتتن مال عنه. ﴿ وبضارين ﴾ بمضرين يقال ضاره مضارة وضرارا أضره وآذاه. ﴿ خلاق ﴾ أي نصيب. ﴿ شروا ﴾ هنا بمعنى باعوا، فإن فعلى شرى وباع يؤدي أحدهما معنى الآخر.
تفسير المعاني
وانهمكوا على ما كان يقرؤه الشياطين على عهد ملك سليمان من السحر يعلمونه للناس إفسادا لهم. واتبعوا أيضا ما أنزل على الرجلين الصالحين ببابل من الأمور السحرية مع أنهما كانا إذا علما أحدا حذراه من الإيذاء به وقالا له إنما هو امتحان للناس فلا تكفر بالله بسببه، فكان الناس يتعلمون منهما ما يفرقون به بين الزوجين وما هم بمؤذين به من أحد إلا بإذن الله. وقد علموا أن من تجرد لهذه الأمور المؤذية ما له في الآخرة من نصيب.
تفسير الألفاظ :
﴿ لمثوبة ﴾ أي لثواب، والثواب ما يرجع إلى الإنسان من جزاء عمله.
تفسير المعاني :
ولو أن هؤلاء الذين يتعلمون السحر آمنوا وخافوا الله لأثابهم جزاء أعمالهم مثوبة أفضل مما شغلوا أنفسهم به.
تفسير الألفاظ :
﴿ راعنا ﴾ راقبنا.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا لرسول الله راعنا بل استعيضوا عنها بقولكم انظرنا، واسمعوا ما نقول سماع قبول، وللكافرين عذاب أليم، وقد أبدل الله بقولهم ( راعنا ) قولهم ( انظرنا ) لأن اليهود لما سمعوا الصحابة يقولونها للنبي صلى الله عليه وسلم ورأوا أن هذه الكلمة توافق كلمة سب في العبرية أخذوا يقولونها بتلك النية.
تفسير المعاني
يأيها المؤمنون لا يحب الكافرون من أهل الكتاب ولا المشركون أن ينزل الله عليكم وحيا من عنده ليصلح به أموركم، والله يخص برحمته من خلقه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ما ننسخ ﴾ النسخ هو إزالة الصورة عن الشيء وإثباتها في غيره يقال نسخت الشمس الظل أي أزالته. ونسخ الحكم بالحكم إذا أزاله به.
﴿ ننسها ﴾ أي نجعلها تنسى، من أنساه الشيء أذهبه من قلبه.
تفسير المعاني :
ما نبطل قراءة آية من القرآن أو نبدل بحكمها حكما آخر أو نجعلها تنسى إلا أتيناكم بخير منها أو مثلها. نزلت هذه الآية لما قال المشركون واليهود : ألا ترون أن محمدا يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه.
نقول : إن النسخ ضروري في الأحكام بسبب تطور الأمم وترقيها أو تدليها، وأن الإسلام دين عملي فلا مناص له من مسايرة المجتمع الإنساني في تقلباته حتى يبلع به كماله، أليس هذا أولى من بقاء الأحكام على حالة واحدة فيضطر الآخذون بالدين لتركها واللجأ إلى تشريع أجنبي ؟
تفسير المعاني :
﴿ ولى ﴾ أي متول أموركم أو معين لكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ أم ﴾ حرف عطف بالاستفهام. ﴿ يتبدل ﴾ أي يستبدل.
تفسير المعاني :
أم تريدون أيها المؤمنون أن تكثروا من سؤال رسولكم كما فعل اليهود من قبل، إذ شددوا في السؤال فشدد الله عليهم في التكليف، ومن يستبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل أي الطريق الوسط.
تفسير الألفاظ :
﴿ أهل الكتاب ﴾ اليهود والنصارى. ﴿ حسدا ﴾ الحسد تمنى زوال نعمة الغير فعله حسده يحسده. ﴿ تبين ﴾ ظهر واتضح. ﴿ واصفحوا ﴾ أي اتركوا اللوم وهو أبلغ من العفو.
تفسير المعاني :
أحب كثير من أهل الكتاب لو ردوكم بعد إيمانكم كفارا، حسدا لكم وسوء قصد بكم من بعد ما ظهر لهم أنكم على الحق فاعفوا عنهم ولا تلوموهم حتى يأتي الله بأمره، أي حتى يأذن لكم في قتالهم، إن الله على كل شيء قدير، أي قدير على الانتقام منهم.
تفسير المعاني :
وعدلوا صلواتكم وآتوا زكواتكم وكل خير تقدمونه لأنفسكم تجدونه مذخورا عند الله لكم إن الله بصير بجميع أعمالكم فيسجل لكم حسناتكم وسيئاتكم.
تفسير الألفاظ
﴿ هودا ﴾ أي يهودا جمع هائد أي تائب.
تفسير المعاني
وقال كل من اليهود والنصارى إن الجنة يدخلها غيرهم. تلك خيالاتهم وأحلامهم، فقولوا لهم هاتوا دليلكم على ذلك إن كنتم صادقين.
تفسير الألفاظ :
﴿ بلى ﴾ تأتي ردا للنفي نحو : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة، بلى من كسب سيئة الخ، فرد نفيهم. وتأتي جوابا لاستفهام مقترن بنفي نحو ألست بربكم ؟ قالوا : بلى. ﴿ من أسلم وجهه لله ﴾ أي أخلص له نفسه وانقاد له.
تفسير المعاني :
نعم من أخلص نفسه لله وترك الأوهام والأضاليل وتجرد من كل تخييل وأحسن في عمله فإن الله يجزيه أجرا عظيما ولا خوف عليهم في الآخرة ولا هم يتكدرون.
تفسير الألفاظ :
﴿ على شيء ﴾ أي على شيء صحيح يعتد به. ﴿ يتلون الكتاب ﴾ أي قالوا ذلك وهم من أهل العلم.
تفسير المعاني :
وقد زعم اليهود أن النصارى ليسوا على دين صحيح، وقال النصارى في اليهود مثل ذلك، كذلك قال الذين لا يعلمون كعبدة الأصنام والمعطلين فالله يقضي بينهم يوم القيامة. أما الجنة فهي لمن أسلم وجهه لله وهو محسن.
تفسير الألفاظ :
﴿ أظلم ﴾ من الظلم وهو وضع الشيء في غير موضعه والجور والنقص. ﴿ خرابها ﴾ أي هدمها وتعطيلها. وخرب البيت يخربه خربا جعله خرابا وأخربه تركه خرابا. ﴿ خزي ﴾ أي ذل فعله خزي يخزى.
تفسير المعاني :
من أكثر ظلما ممن منع مساجد الله أن يصلي فيها وعمل على تعطيلها ! أولئك ما كان ينبغي لهم أن يدخلوها إلا بخشية وخشوع لا أن يجترئوا على تخربيها. سينالهم في الدنيا ذل وعار، وسيحيق بهم في الآخرة عذاب أليم.
نزلت هذه الآية في قريش حين منعت رسول الله عن دخول مكة حين قصدها معتمرا.
تفسير الألفاظ :
﴿ تولوا ﴾ أي تولوا وجوهكم. ﴿ فثم ﴾ ثم اسم يشار به إلى المكان البعيد. وقد تلحقه التاء فيقال ثمة.
﴿ واسع ﴾ أي محيط بالأشياء.
تفسير المعاني :
ثم قال تعالى : لله المشرق والمغرب، أي أن له الأرض كلها لا يختص به مكان دون مكان، فإن كانوا منعوكم المسجد الحرام فصلوا حيثما كنتم فإن الله معكم أينما كنتم.
تفسير الألفاظ
﴿ قانتون ﴾ منقادون. يقال : قنت لله يقنت وقنت الله يقنته أي انقاد له. ومن معاني قنت سكت ودعا وقام في الصلاة.
تفسير المعاني
وزعم بعض أهل الملل أن الله اتخذ له ولدا، سبحانه، أي تنزيها له عما يدعون، كيف يتخذ ولدا وكل ما في السموات والأرض منقادون له.
تفسير الألفاظ :
﴿ بديع ﴾ مبدع فعله بدع يبدع وأبدع يبدع.
تفسير المعاني :
مبدع الكون كله إذا أراد حدوث شيء قال له كن فيكون.
تفسير الألفاظ :
﴿ لولا ﴾ هلا.
تفسير المعاني :
وقال الذين لا يعلمون – أي المشركون : هلا يكلمنا الله أو تأتينا معجزة ؟ كذلك قال الذين قبلهم، ثماثلت قلوبهم في التعنت. لقد أوضحنا الآيات لقوم يطلبون اليقين. أما أنتم فمتعنتون لا تريدون أن تؤمنوا ولو جاءتكم ألف آية.
تفسير الألفاظ :
﴿ بشيرا ﴾ أي مبشرا للمؤمنين بالفوز في الدارين. ﴿ ونذيرا ﴾ أي ومنذرا للكافرين بالخيبة في الحياتين جمعه نذر، يقال أنذره بالأمر إنذارا ونذرا ونذرا ونذيرا أعلمه به وحذره من عواقبه. ﴿ الجحيم ﴾ النار المتأججة. والجحمة شدة تأجج النار.
تفسير المعاني :
يا محمد إنا أرسلناك مؤيدا بالحق مبشرا للمؤمنين ومنذرا للكافرين ولست بمسئول عن الذين يستحقون النار المتأججة.
تفسير الألفاظ :
﴿ ملتهم ﴾ أي دينهم. ﴿ أهواءهم ﴾ ميول أنفسهم، والهوى الشيء المحبوب، محمودا كان أو مذموما، فعله هوى يهوى هوى.
﴿ ولي ﴾ أي محب ونصير من وليه يليه أي قام بأمره، جمعه أولياء.
تفسير المعاني :
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تصبأ إلى دينهم، فقل لهم إن هدى الله – أي الإسلام – هو الهدي الصحيح لا ما أنتم عليه، ولئن اتبعت أضاليلهم بعد الذي نزل عليك من الوحي مالك من الله من محب ولا ناصر يدفع عنك عقابه.
تفسير الألفاظ :
﴿ الخاسرون ﴾ الهالكون، يقال خسر يخسر في بيعه خسرا وخسرا وخسرانا وخسارة ضد ربح، وخسر الميزان يخسره نقصه.
تفسير المعاني :
أما مؤمنو أهل الكتاب الذين يتلون ما نزل إليهم حق تلاوته، أي بلا تحريف، فإنه يؤديهم للإيمان بجميع رسل الله، ومن يكفر منهم بكتابه بتشويهه بالتحريف والتبديل فأولئك هم الهالكون.
تفسير المعاني :
يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي تفضلت بها عليكم وأني فضلتكم على العالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ عدل ﴾ فداء. ﴿ شفاعة ﴾ طلب العفو عن مذنب، يقال شفع لفلان في مطلبه يشفع له أي سعى له.
تفسير المعاني :
واحذروا يوما لا تغني نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها فداء ولا شفاعة والكافرون فيها لا ينصرون.
تفسير الألفاظ :
﴿ ابتلى ﴾ الابتلاء في الأصل التكليف بالأمر الشاق، ثم أطلق على الاختبار. ﴿ بكلمات ﴾ المراد بكلمات هنا أوامر ونواه. ﴿ فأتمهن ﴾ أي فأداهن.
تفسير المعاني :
وإذ اختبر الله إيمان إبراهيم بأوامر ونواه كلفه إياهن فقام بهن فقال له إني جاعلك للناس قدوة. فدعا ربه أن يكون ذلك أيضا لذريته من بعده، فأجابه الله بأن عهده لا يصلح له إلا الصالحون.
تفسير الألفاظ :
( مثابة ) أي مرجعا من ثاب يثوب أي رجع. ﴿ مقام إبراهيم ﴾ أي مكان قيام إبراهيم. ﴿ مصلى ﴾ مكان صلاة. ﴿ وعهدنا ﴾ أي وأوصيناه وشرطنا عليه. ﴿ والعاكفين ﴾ الملازمين له. فعله عكف عليه يعكف ويعكف، أقبل عليه مواظبا ولازمه. ﴿ والركع ﴾ جمع راكع. السجود جمع ساجد.
تفسير المعاني :
وإذ جعلنا البيت الحرام مرجعا للناس وأمنا لهم يأوون إليه عند المخاوف. ثم قال واتخذوا محل قيام إبراهيم مصلي " وهو الموضع الذي كان فيه الحجر الأسود الذي قام عليه ودعا الناس للحج "، ثم كلفنا إبراهيم وابنه إسماعيل أن يطهرا بيتنا ويعداه للطائفين حوله والملازمين له وللراكعين الساجدين فيه.
تفسير الألفاظ :
﴿ أضطره ﴾ أي أجبره.
﴿ المصير ﴾ أي المآل.
تفسير المعاني :
وإذ دعا إبراهيم ربه فقال رب اجعل هذا البلد في أمن وارزق أهله من خيرات الأرض، من آمن منهم بك وانقاد لدينك. فأجابه الله قائلا : وسأرزق من كفر منهم أيضا فأمتعه في الحياة الدنيا ثم أسوقه إلى النار وبئس المآل.
تفسير المعاني :
وإذ يبني إبراهيم قواعد البيت ومعه إسماعيل وهما يدعوان الله قائلين : ربنا تقبل منا أعمالنا لك إنك أنت السميع للداعين، العليم بأحوالهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ مسلمين ﴾ أي مخلصين، من أسلم وجهه لله، أو مستسلمين من أسلم إذا استسلم وانقاد. ﴿ مناسكنا ﴾ المناسك جمع منسك ومنسك، وهي طريقة النسك أي العبادة.
تفسير المعاني :
ربنا واجعلنا مخلصين لك واجعل من ذريتنا أمة مخلصة لك وأرنا طرائق عبادتك وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ والحكمة ﴾ وهي ما تكمل به النفوس من المعارف والأحكام. ﴿ ويزكيهم ﴾ ويطهرهم.
تفسير المعاني :
وقال إبراهيم وإسماعيل وهما يبنيان البيت : ربنا وأرسل في تلك الأمة التي من ذريتنا رسولا منهم يقرأ عليهم ما تنزله من وحيك ويعلمهم أحكام القرآن وما تكمل به نفوسهم من المعارف إنك أنت العزيز الحكيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ومن يرغب عن ملة إبراهيم ﴾ رغب عن الشيء أعرض عنه، ورغب فيه طلبه بحرص. ﴿ سفه نفسه ) أذلها واستخف بها. { اصطفيناه ﴾ اخترناه.
تفسير المعاني :
ومن ذا الذي يعرض عن دين إبراهيم إلا من استخف بنفسه ؟ فلقد اخترناه إماما للناس في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين.
تفسير المعاني :
إذ قال له ربه اسلم، فأجابه قائلا : أسلمت لك يا رب العالمين.
تفسير المعاني :
ووصى إبراهيم بها – أي بالملة – أبناءه، ووصى يعقوب بها أيضا بنيه فقال كل منهما : يا بني إن الله اختار لكم الإسلام دينا فلا تموتوا إلا مسلمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت ﴾ قيل أم هنا منقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار، أي ما كنتم حاضرين إذ حضر يعقوب الموت. وقيل هي متصلة بمحذوف تقديره أكنتم غائبين أم كنتم شهداء.
تفسير المعاني :
وما كنتم أيها المؤمنون حاضرين إذ قال يعقوب لبنيه : ما تعبدون من بعدي ؟ فأجابوه : نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا لا شريك له ونحن له مستسلمون.
تفسير الألفاظ :
﴿ خلت ﴾ مضت.
تفسير المعاني :
ولكن أيها المؤمنون هذه أمة قد مضت لسبيلها بما كسبت من خير وشر، ولكم ما تكسبونه منهما، لا تسألون عما كانوا يعملون.
تفسير الألفاظ :
﴿ هودا ﴾ أي يهودا جمع هائد أي تائب، سمي به اليهود لقول موسى : ربنا إننا هدنا إليك، أي تبنا ورجعنا. ﴿ حنيفا ﴾ أي مائلا عن الباطل إلى الحق.
تفسير المعاني :
والمعنى : أن انتسابكم إليهم لا يجديكم نفعا ولا ينجيكم من عذاب الله إن أسأتم. لستم بمسئولين عنهم فاعملوا لأنفسكم لا تمنوها الأماني الكاذبة فإن الله لا يحابي أحدا من العالمين. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم، يعني يوم القيامة.
وقال أهل الكتاب : كونوا أيها المؤمنون يهودا أو نصارى تهتدوا إلى الطريق السوي، فقل لهم : بل نتبع ملة إبراهيم المائل عن الباطل إلى الحق ولم يكن من المشركين.
تفسير الألفاظ :
﴿ والأسباط ﴾ الأحفاد جمع سبط، يريد حفدة يعقوب أو أبناءه وذريتهم.
تفسير المعاني :
قولوا أيها المؤمنون : آمنا بالله وما أوحى إلينا وما أوحى إلى النبيين والمرسلين كافة لا نفرق بين أحد منهم، فلا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما يفعل غيرنا من أهل الملل ونحن لله مستسلمون.
تفسير الألفاظ :
﴿ تولوا ﴾ أعرضوا.
تفسير المعاني :
فإن آمن أهل الكتاب مثل إيمانكم هذا فقد اهتدوا إلى سواء السبيل، وإن أعرضوا فإنما هم في خلاف وعناد فيحميك الله من شرهم وينصرك عليهم وهو السميع بما يقولون، العليم بما يعملون.
تفسير الألفاظ
﴿ صبغة الله ﴾ فطرة الله التي فطر الناس عليها فإنها حلية الإنسان، كما أن الصبغة حلية المصبوغ.
تفسير المعاني :
الإيمان على هذا الوجه صبغة الله حلاكم بها، ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون.
تفسير الألفاظ :
﴿ أتحاجوننا ﴾ أي أتجادلوننا، من حاجه يحاجه محاجة وحجاجا أي جادله.
تفسير المعاني :
قل لهم : أتجادلوننا في الله زاعمين أن الأنبياء منكم دون غيركم وهو ربنا وربكم على السواء، فكما أرسل إليكم رسلا أرسل إلينا رسولا. ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون.
تفسير المعاني :
أم تدعون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا يهودا أو نصارى ؟ أأنتم أعلم أم الله ؟ فمن أشد ظلما ممن كتم شهادة يعلمها عن الله ؟ هذه الشهادة هي ما كانوا يعلمونه من تبرىء لإبراهيم من اليهودية والنصرانية وحكمه بأنه على الحنيفية.
تفسير الألفاظ :
﴿ خلت ﴾ مضت.
تفسير المعاني :
تلك أمة - أي أمة إبراهيم وذريته – قد مضوا لسبيلهم : عليهم تبعة أعمالهم وعليكم تبعة أعمالكم، لا تسألون عنهم ولا هم يسألون عنكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ السفهاء ﴾ خفاف العقول. ﴿ ما ولاهم ﴾ أي ما صرفهم. ﴿ قبلتهم ﴾ القبلة في الأصل الجهة. يقال ما لهذا الأمر قبلة أي ليس له جهة صحة. ومنه قبلة المصلي الجهة التي يصلي نحوها وهي الكعبة.
تفسير المعاني :
سيقول ضعفاء العقول من الناس : ما الذي صرفهم عن القبلة التي كانوا يصلون إليها وهي بيت المقدس ؛ إذ كانت قبلة المسلمين قبل الكعبة ؟ فقل لهم : لله المشرق والمغرب لا يختص بمكان دون مكان، فأينما ولينا وجوهنا فهناك وجه الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ وسطا ﴾ أي خيارا معتدلين، يقال رجل وسط أي حسن. ﴿ ينقلب على عقبيه ﴾ أي يرتد ويرجع. والعقب مؤخر القدم. يقال جاء فلان بعقب فلان أو بعقبه أي جاء بعده ومعناه جاء يطأ عقبه. ثم كثر حتى قيل جاء عقبه.
تفسير المعاني :
وكذلك جعلناكم أمة خيارا أو معتدلين متحلين بالعلم والعمل لتشهدوا على الناس في إفراطهم وتفريطهم، ويشهد الرسول عليكم.
وما أمرناك أن تولي وجهك في صلاتك شطر بيت المقدس إلا لنختبر الناس هل يطيعون الله في صرفهم عن قبلة آبائهم وهي الكعبة أم يعصونه تعصبا لما ألفوه. وإن كانت هذه التولية كبيرة صعبة إلا على الذين هداهم الله واختارهم لطاعته، وما كان الله ليضيع عليكم إيمانكم، إن الله بالناس لرءوف رحيم.
قوله تعالى :﴿ وما كان الله ليضيع إيمانكم ﴾ كان سبب نزوله أن الناس بعد تحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة قالوا : يا رسول الله كيف بمن مات من إخواننا قبل تحويل القبلة ؟ فنزلت هذه الآية تطمئنهم على مصير إخوانهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ تقلب وجهك في السماء ﴾ تردده طلبا للوحي. ﴿ فلنولينك ﴾ أي فلنوجهنك جهتها. ﴿ فول وجهك ﴾ أي فوجه وجهك. ﴿ شطر المسجد الحرام ﴾ أي جهته. يقال شطر شطره أي قصد قصده.
تفسير المعاني :
إننا نرى يا محمد تردد وجهك في السماء تطلبا للوحي فيما يختص بأمر القبلة، فلنوجهك إلى قبلة تحبها، قبلة أبيك إبراهيم، فول وجهك جهة المسجد الحرام. وفي أي جهة كنتم فولوا وجوهكم جهته، وإن أهل الكتاب ليعلمون أن هذا التحويل هو الحق وما الله بغافل عما يعمل هؤلاء من كتمانه.
تفسير الألفاظ :
( أهواءهم ) أي ما تزينه لهم نفوسهم جمع هوى.
تفسير المعاني :
وإن هؤلاء لمن العناد بحيث لو أتيتهم بكل معجزة ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض لاختلافهم وتشيعهم لآرائهم، فإذا اتبعت ضلالاتهم فإنك تظلم نفسك.
تفسير الألفاظ :
﴿ يعرفونه ﴾أي يعرفون محمدا أو القرآن.
تفسير المعاني :
إن هؤلاء الكتابيين ليعرفون محمدا وصدق رسالته كما يعرفون أبناءهم، ولكن فريقا منهم يكتمون الحق عمدا حسدا له.
تفسير الألفاظ :
﴿ الممترين ﴾ الشاكين. يقال امترى في الشيء شك فيه. وتمارى فيه شك فيه أيضا. وتماريا يتماريان تماريا أي تجادلا يتجادلان تجادلا.
تفسير المعاني
إن ما أنت عليه يا محمد هو الحق من ربك فلا تكونن من الشاكين. ولكل إنسان وجهة يتوجه إليها فتسابقوا أفضل الوجهات واعلموا أنكم لا تعجزون الله فإنه يأتي بكم ويجمعكم أينما تكونوا إن الله على كل شيء قدير.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولكل وجهة ﴾ أي جهة يستقبلونها أو قبلة. ﴿ هو موليها ﴾ أي هو موليها وجهه أو الله موليها إياه. ﴿ فاستبقوا ﴾ أي فتسابقوا.
تفسير المعاني :
ومن أي جهة خرجت للسفر فوجه وجهك جهة المسجد الحرام.
تفسير الألفاظ :
﴿ ومن حيث خرجت ﴾ حيث ظرف مكان أي ومن أي جهة خرجت. ﴿ فول وجهك شطر المسجد الحرام ﴾ أي فوجه وجهك جهة المسجد الحرام.
تفسير المعاني :
وإن هذا هو الحق من ربك وما الله بغافل عما تأتونه من الأعمال فيحاسبكم على كل صغير وكبير منها.
تفسير المعاني :
ثم كرر هذا القول تأكيدا وزيادة بيان فقال ومن أي جهة خرجت فوجه وجهك جهة المسجد الحرام وفي أي جهة كنتم فوجهوا وجوهكم نحوه لتدفعوا حجة اليهود عليكم في قولهم إن التوراة قد نصت على أن نبي آخر الزمان قبلته الكعبة ومحمد يجحد ديننا ويتبعنا في قبلتنا، ولتدفعوا حجة المشركين أيضا في قولهم كيف يدعي محمد ملة إبراهيم ويخالف قبلته، إلا المعاندين الذين لا يقنعهم أي تعليل كان، فلا تخافوهم وخافوني.
تفسير الألفاظ :
﴿ ويزكيكم ﴾أي يطهركم.
تفسير المعاني :
ولأتم نعمتي عليكم في أمر القبلة كما أتممتها بإرسال رسول منكم يتلو عليكم القرآن ويعلمكم ما به سعادتكم الدنيوية والأخروية.
تفسير المعاني :
فاذكروني بالطاعة أذكركم بالمغفرة، واشكروا لي ما أسديت إليكم، ولا تجحدوني فضلي عليكم.
تفسير الألفاظ
﴿ والصلاة ﴾ هي في اللغة الدعاء والدين والرحمة والاستغفار. وفي الاصطلاح عبادة فيها ركوع وسجود وحركات يعرفها المسلمون. قال والصلاة بمعنى الدعاء لا تكون إلا في الخير، وأما الدعاء فيكون في الخير والشر.
تفسير المعاني
استعينوا أيها المؤمنون بالصبر عن المعاصي وحظوظ النفس، وبالصلاة، فإنها معراج الروح إلى الله إن الله مع الصابرين.
تفسير المعاني :
ولا تقولوا أيها المؤمنون لمن يقتل وهو يجاهد في سبيل الله أموات، بل هم أحياء ولكنكم لا تحسون بهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولنبلونكم ﴾ ولنمتحننكم.
﴿ والثمرات ﴾ قيل المراد بالثمرات هنا الأولاد.
تفسير المعاني :
ولنمتحننكم بقليل من الخوف والجوع وضياع الأموال وهلاك الأنفس والأولاد. فبشرى للصابرين.
الذين إذا أصابتهم مصيبة، قالوا إنا ملك الله وإنا راجعون إليه.
تفسير الألفاظ :
﴿ صلوات من ربهم ﴾ الأصل في الصلاة الدعاء والصلاة من الله الرحمة.
تفسير المعاني :
أولئك تنزل عليهم من الله رحمة وأولئك هم المهديون.
تفسير الألفاظ :
﴿ الصفا والمروة ﴾ الصفا جهة بأصل جبل أبي قبيس بمكة، والمروة جبل بمكة أيضا. ﴿ من شعائر الله ﴾ جمع شعيرة وهي العلامة. والمراد بشعائر الله علامات دينه كالصلاة ومناسك الحج وغيرها. ﴿ اعتمر ﴾ أي زار، والاعتمار في الاصطلاح الديني هو الحج ولكن بغير وقوف بعرفة. والعمرة الزيارة. ﴿ فلا جناح ﴾ فلا إثم. ﴿ يطوف ﴾ أي يتطوف. ﴿ تطوع ﴾ فعل طاعة فرضا كان أو نفلا.
تفسير المعاني :
إن السعي بين الصفا والمروة من علامات دين الله فاعملوه. قال عاصم بن سليمان : سألت أنسا عن الصفا والمروة، قال : كنا نرى أنهما من أمور الجاهلية فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله : إن الصفا والمروة من شعائر الله. ومن تطوع خيرا، أي من أتى من أتى بطاعة زيادة عما فرض عليه فإن الله يشكر له تطوعه ويجازيه عليه.
تفسير المعاني :
إن الذين يكتمون ما أنزلنا من الآيات الواضحات من بعد ما أعلناها في القرآن أولئك يلعنهم الله ويلعنهم الناس، إلا الذين تابوا وأصلحوا ما أفسدوه فإن الله يتوب عليهم. نزلت هذه الآية حين سأل معاذ بن جبل وغيره نفرا من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة فأبوا أن يخبروهم ضنا منهم بالعلم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥٩:تفسير المعاني :
إن الذين يكتمون ما أنزلنا من الآيات الواضحات من بعد ما أعلناها في القرآن أولئك يلعنهم الله ويلعنهم الناس، إلا الذين تابوا وأصلحوا ما أفسدوه فإن الله يتوب عليهم. نزلت هذه الآية حين سأل معاذ بن جبل وغيره نفرا من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة فأبوا أن يخبروهم ضنا منهم بالعلم.

تفسير المعاني :
إن الذين كفروا وأصروا على كفرهم حتى ماتوا، عليهم لعنة الله ولعنة الملائكة والناس أجمعين.
تفسير الألفاظ :
﴿ ينظرون ﴾ أي يمهلون. نظره ينظره وأنظره : أمهله.
تفسير المعاني :
خالدين فيها أي في النار " وإضمارها تفخيم لشأنها " لا يخفف عنهم عذابها ولا هم يمهلون ليعتذروا.
تفسير المعاني :
وإلهكم إله واحد لا إله غيره هو الرحمان الرحيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ والفلك ﴾ السفينة يذكر ويؤنث وهو بهذا الوزن يكون للواحد والجمع. ﴿ وبث ﴾ أي نشر يقال بث الخبر يبثه بثا وبثثه وأبثه نشره وأذاعه. وبث الله الخلق في الأرض نشرهم فيها. ﴿ دابة ﴾ ما دب من الحيوان وغلب على ما يركب ويحمل عليه. ودب يدب دبا ودبيبا مشى على هينته. ﴿ وتصريف الرياح ﴾ أي توجيهها إلى الوجهات الضرورية. ﴿ المسخر ﴾ المذلل.
تفسير المعاني :
إن في إبداع السماوات والأرض بما فيها من عجائب الصنعة، وفي اختلاف الليل والنهار، وفي جري السفن في البحر في مصلحة الناس، وفي الماء الذي ينزل من السماء ليحيي الأرض بعد موتها، وانبثاث الحيوانات المختلفة فيها، وتوجيه الرياح في مصلحة المخلوقات، والسحاب المسخر بين السماء ولأرض، لآيات لقوم لهم عقول تعي وقلوب تشعر.
تفسير الألفاظ :
﴿ أندادا ﴾ نظراء مخالفين جمع ند. يقال هو ند فلان وهي ند فلانة، والنديد هو الند أيضا جمعه ندداء.
تفسير المعاني :
ومن الناس من يتخذون نظراء لله يعظمونهم كتعظيم الله، ولكن الذين آمنوا أشد تعظيما وطاعة لله. لا ولو يعلم الذين ظلموا أنفسهم باتخاذ الأنداد، حين يرون العذاب الذي ينتظرهم، أن القوة كلها لله لا شريك له فيها، وأن الله شديد العذاب – لندموا على الشرك به سبحانه وتعالى.
تفسير الألفاظ :
﴿ الأسباب ﴾ العلاقات جمع سبب وهو الحبل والوصلة.
تفسير المعاني
إذ تبرأ الذين اتبعوا بدل من إذ يرون العذاب في الآية المتقدمة. والمعنى : ولو يرى الذين ظلموا حين يجدون العذاب، حين يتبرأ المتبوعون من الأتباع، ملاقين ذلك العذاب، ومنقطعة ما بينهم من العلاقات، أن القوة كلها لله – لندموا على اتخاذهم شركاء له ليس لهم من الأمر شيء.
تفسير الألفاظ :
﴿ كرة ﴾ أي رجعة للدنيا.
تفسير المعاني :
وقال التابعون : ليت لنا رجعة إلى الدنيا فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا، كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وليسوا هم بناجين من النار.
تفسير الألفاظ :
﴿ خطوات الشيطان ﴾ الخطوة ما بين الخطوتين، والخطوة المرة من الخطو، وقيل كلتاهما بمعنى واحد، ﴿ والفحشاء ﴾ هي ما أنكره العقل واستقبحه الشرع.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون كلوا مما خلقنا لكم من ثمرات الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان بتحريم الحلال وتحليل الحرام، إنه لكم عدو ظاهر العداوة.
لا يأمركم إلا بالسوء وبما يأباه العقل وأن تتقولوا على الله ما ليس لكم به علم. هذه الآية نزلت في قوم حرموا على أنفسهم لذيذ المآكل وجميل الملابس.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦٨:تفسير الألفاظ :
﴿ خطوات الشيطان ﴾ الخطوة ما بين الخطوتين، والخطوة المرة من الخطو، وقيل كلتاهما بمعنى واحد، ﴿ والفحشاء ﴾ هي ما أنكره العقل واستقبحه الشرع.

تفسير المعاني :

يا أيها المؤمنون كلوا مما خلقنا لكم من ثمرات الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان بتحريم الحلال وتحليل الحرام، إنه لكم عدو ظاهر العداوة.
لا يأمركم إلا بالسوء وبما يأباه العقل وأن تتقولوا على الله ما ليس لكم به علم. هذه الآية نزلت في قوم حرموا على أنفسهم لذيذ المآكل وجميل الملابس.

تفسير الألفاظ :
﴿ ما ألفينا ) أي ما وجدنا. ألفاه يلفيه إلفا وجده. { أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ﴾ الهمزة في أولو للرد وللتعجب، وجواب لو محذوف. والمعنى : أولو كان آباؤهم جهالا لا يفكرون لاتبعوهم.
تفسير المعاني :
وإذا قيل للناس : اتبعوا ما أوحى الله. قالوا : بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا. أولو كان آباؤهم لا يعقلون ولا يهتدون اتبعوهم على هذه الحال ؟
تفسير الألفاظ :
﴿ ينعق ﴾ يصوت على غنمه. من نعق الراعي بغنمه ينعق وينعق.
تفسير المعاني :
ومثل الذين كفروا، هنا حذف مضاف والتقدير : ومثل داعي الذين كفروا، كمثل إنسان يدعو بهائم لا تسمع إلا أصواتا ولكنها لا تفهم معناها، طرش عمى لا يعقلون.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون إننا أبحنا لكم أكل ثمرات الأرض إلا ما نصصنا على تحريمه، فتحروا الطيبات واشكروا الله إن كنتم تخصونه حقا بالعبادة وتقرون بأنه مولى النعم.
تفسير الألفاظ :
﴿ وما أهل به لغير الله ﴾ أي وما رفع به الصوت عند ذبحه للصنم دون الله. وأصل معنى الإهلال رؤية الهلال، وبما أنه قد جرت العادة أن يكبر الله عند رؤية الهلال سمي التكبير إهلالا. ﴿ غير باغ ﴾ غير متجاوز الاقتصاد، فعله بغى يبغي بغيا. ﴿ ولا عاد ﴾ أي ولا متعد فعله عدا يعدو عدوا أي تجاوز الحد.
تفسير المعاني :
إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح للأصنام، فمن ألجأته الضرورة في غير بغي ولا عدوان إلى تناول شيء من هذه المحرمات فلا إثم عليه.
تفسير الألفاظ :
﴿ ويشترون به ثمنا قليلا ﴾ أي ويبيعونه بثمن قليل. ﴿ ولا يزكيهم ﴾ أي ولا يطهرهم.
تفسير المعاني :
إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب " الآية " نزلت في أحبار اليهود، كتموا عن قومهم صفة النبي صلى الله عليه وسلم من كتبهم وأظهروا غيرها ليمنعوا دخولهم في دينه.
قوله : أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار معناه ملء بطونهم. يقال : أكل في بطنه وأكل في بعض بطنه.
تفسير الألفاظ :
﴿ فما أصبرهم على النار ﴾ تعجب من أمرهم في ارتكاب ما يؤديهم إلى دخول النار والمكث فيها.
تفسير الألفاظ :
﴿ شقاق ﴾ الشقاق المخالفة. ﴿ بعيد ﴾ أي بعيد عن الحق.
تفسير المعاني :
قوله : ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق. أي ذلك العذاب بسبب أن الله أنزل الكتاب بالحق " أي التوراة أو القرآن " وأن الذين اختلفوا فيه وأولوه على غير وجهه لفي نزاع بعيد عن الصواب.
تفسير الألفاظ :
﴿ البر ﴾ كل فعل مرض ﴿ قبل ﴾ أي جهة. ﴿ على حبه ﴾ أي على حب المال أو على حب الله. ﴿ وابن السبيل ﴾ المسافر، سمي كذلك لملازمته السبيل. ﴿ والسائلين ﴾ الذين ألجأتهم الحاجة لسؤال الناس. ﴿ وفي الرقاب ﴾ أي في تخليصها بإعانة الأسرى على الافتداء أو بشرائهم لعتقهم. ﴿ في البأساء والضراء ﴾ البأساء شدة الفقر والضراء المرض. ﴿ وحين البأس ﴾ وقت شدة القتال.
تفسير المعاني
أيها الناس ليس العمل الصالح محصورا في أن يتحرى الإنسان القبلة، ولكن العمل الصالح هو الإيمان بالله واليوم الآخر الخ. فأهل هذه الصفات هم الذين صدقوا وهم المتقون.
تفسير الألفاظ :
﴿ القصاص ﴾ القود وهو أن يفعل بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه. ﴿ فمن عفي له من أخيه شيء ﴾ أي فمن عفي عن جنايته من جهة أخيه وهو ولي الدم. ﴿ فاتباع بالمعروف ﴾ أي فعلى الذي عفا أن يتتبع المعفو عنه ويتعقبه بالمطالبة بالدية بالمعروف. ﴿ وأداء إليه بإحسان ﴾ أي وعلى المعفو عنه أداء الدية بلا مطل ولا بخس.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون كتب الله عليكم القصاص في القتلى، ففي حالة العفو وإبدال الدية بالقصاص، على من عفا أن يحسن المطالبة بها. وعلى المعفو عنه أن يحسن أداءها. ذلك التخيير بين الاقتصاص وقبول الدية تخفيف من ربكم ورحمة، فمن تعدى ذلك فله عذاب أليم.
قال الأصوليون : قوله الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى لا يدل على منع قتل الحر بالعبد والرجل بالمرأة والمؤمن بالكافر. وإنما نزلت لما تحاكم حيان من العرب إلى الرسول وكانت بينهما حروب، فأقسم أحد الحيين أن يقتل بكل عبد حرا وبكل أنثى ذكرا. فنزلت تأمرهم بأن يكون الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى.
تفسير الألفاظ
﴿ الألباب ﴾ العقول جمع لب.
تفسير المعاني :
وفي سن القصاص حياة للناس ؛ لأنه يرد العادين فلا يشيع القتل بين العالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ خيرا ﴾ أي مالا، وقيل مالا كثيرا.
تفسير المعاني :
فرض الله عليكم إذا أوشك أحدكم على الموت وكان ذا مال أن يوصي بثلثه لوالديه وأقربائه بالعدل والمساواة. وكان هذا الحكم ساريا في أول الإسلام قبل تعيين المواريث فلما نزلت آيات المواريث نسخ هذا الحكم.
تفسير المعاني :
فمن بدل هذه الوصية من الأوصياء أو الشهود فذنب ذلك على من بدله عمدا.
تفسير الألفاظ :
﴿ موص ﴾ اسم فاعل من أوصى. ﴿ جنفا ﴾ ميلا فعله جنف عن الطريق يجنف جنوفا وجنف يجنف جنفا أي عدل عنه.
تفسير المعاني :
ومن خاف ممن يوصي بماله ميلا عن الحق خطأ أو عمدا فأصلح بين الموصي والموصي لهم بإقامتهم على الحق فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا فرض الله عليكم الصيام كما فرضه على جميع الأمم التي سبقتكم لعلكم تتقون المعاصي، فإن الصيام يكسر الشهوة.
تفسير الألفاظ :
﴿ فعدة من أيام أخر ﴾ أي فعليه صيام عدد أيام المرض أو السفر. ﴿ فمن تطوع خيرا ﴾ أي فمن زاد في الفدية. ﴿ وأن تصوموا خير لكم ﴾ أي وصيامكم خير لكم.
تفسير المعاني :
أياما معدودات أي موقتات بعدد معلوم. وإنما نصب أياما بفعل مضمر تقديره صوموا. فمن كان منكم مريضا مرضا يضره الصوم أو مسافرا فعليه صوم عدة أيام المرض من أيام أخر. فإذا أطاق أحدكم الصيام ولم يرد الصيام فعليه فدية طعام مسكين نصف صاع من قمح أو صاع من غيره فمن زاد في الفدية فهو خير له إن كنتم تعلمون. كان هذا في أول الأمر ثم نسخ وفرض الصيام بلا رخصة على كل قادر عليه كما يرى في الآية التالية.
تفسير الألفاظ :
﴿ هدى للناس وبينات من الهدي والفرقان ﴾ أي هداية للناس وآيات واضحات ترشد إلى الحق وإلى التفرقة بينه وبين الباطل.
﴿ ولتكملوا العدة ﴾ هذا تعليل لفعل محذوف تقديره شرع لكم ما سبق ذكره لتكملوا العدة إلى آخره.
تفسير المعاني :
ذلكم شهر رمضان الذي بدأ فيه نزول القرآن هدى للناس وآيات واضحات تفرق بين الحق والباطل. فمن رأى منكم الهلال فليصم، ومن كان مريضا أو مسافرا فليقض الأيام التي أفطرها من شهر آخر. يريد الله أن يسهل عليكم ولا يريد أن يشق عليكم. شرع لكم هذا لتكملوا عدة أيام رمضان، ولتكبروا الله على هدايته إياكم ولعلكم تشكرون على ما يسره لكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ فليستجيبوا لي ﴾ أي فليلبوا دعوتي إياهم للإيمان. ﴿ يرشدون ﴾ يهتدون. يقال رشد يرشد ويرشد رشدا ورشدا ورشادا اهتدى.
تفسير الألفاظ :
﴿ الرفث ﴾ هو الإفصاح بما يجب أن يكنى عنه، وكنى به هنا عن مقاربة النساء لأنه لا يكاد يخلو من رفث. فعله رفث يرفث. ﴿ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) شبه الزوج والزوجة باللباس كل لصاحبه، لأن كل واحد منهما يستر حال صاحبه ويمنعه الفجور. { تختانون أنفسكم ﴾ تخونونها. ﴿ ثم أتموا الصيام إلى الليل ﴾ أي بعد أن تنووا الصيام أول الفجر ظلوا ممسكين عن الإفطار إلى الليل الذي أوله غروب الشمس. ﴿ تلك حدود الله فلا تقربوها ﴾ أي فلا تقربوا الحد الفاصل بين الحق والباطل فضلا عن أن تتعدوه.
تفسير المعاني :
ثم أحل الله مباشرة النساء في ليالي رمضان بعد أن كان ذلك محرما عليهم، لعلمه أنهم ما كانوا يستطيعون الامتناع فكانوا يخونون أنفسهم بفعله، فتاب عليهم وعفا عنهم وأباح لهم ما كان حرمه عليهم منهن وأمرهم أن يبتغوا منه ما كتبه لهم وهو النسل لا مجرد قضاء الوطر. وأمرهم أن يظلوا ليالي رمضان يأكلون ويشربون إلى الفجر حيث يبدو نور الصباح ممتدا مع غبش الليل كأنهما خيطان أبيض وأسود. بعد أن تنووا الصيام من أول الفجر أتموا الصيام إلى الليل الذي أوله غروب الشمس، ولا تباشروا نساءكم وأنتم ملازمون للمساجد، تلك حدود الله فلا تقربوها. كذلك – أي على هذا الوجه – يبين الله آياته للناس لعلهم يحذرون مخالفة الأوامر.
تفسير الألفاظ :
﴿ وتدلوا بها إلى الحكام ﴾ أي ولا تلقوا حومتها إلى الحكام. والإدلاء : الإلقاء، يقال أدلى إليه بمال دفعه له، وأدلى بحجته أحضرها واحتج بها.
تفسير المعاني :
ولا يأكل بعضكم أموال بعض بالباطل ولا تدفعوها إلى الحكام ليمكنوكم من اغتيال قسم من أموال الناس.
تفسير الألفاظ :
﴿ مواقيت ﴾ جمع ميقات، الوقت. وقيل الوقت المضروب للشيء. ﴿ ثقفتموهم ﴾ أي صادفتموهم.
تفسير المعاني :
يسألك بعضهم عن الأهلة كيف تبدو دقيقة ثم تغلظ يسيرا يسيرا حتى تصير بدرا. فأجبهم بأنها مواقيت للناس وللحج. وقل لهم ليس من الأعمال الصالحة أن تسألوا عما لا يعنيكم ولا يتعلق بعلم النبوة وتتركوا ما يعنيكم ويختص بعلم النبوة، كمن يأتي البيوت من ظهورها ويترك الدخول إليها من أبوابها.
تفسير المعاني :
وقاتلوا من قاتلكم من المشركين ولا تعتدوا عليهم إن الله لا يحب المعتدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ والفتنة ﴾ أي المصيبة التي يفتن بها الإنسان، ومعناها هنا ضلالاتهم التي كانوا يأتونها في الحرم.
تفسير المعاني :
واقتلوهم حيث وجدتموهم في حل أو حرم وأخرجوهم من مكة كما أخرجوكم، فإن ما يأتونه من ضلالاتهم في الحرم أشد من قتلكم إياهم فيه. ولا تبدءوهم القتال عند المسجد الحرام حتى يكونوا هم البادئين.
تفسير المعاني :
فإن فعلوا فاقتلوهم، فإن كفوا عن قتالكم وضلالهم فدعوهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ فتنة ﴾ المراد بالفتنة هنا الشرك. ﴿ فإن انتهوا ﴾ أي فإن كفوا عن قتالكم وضلالاتهم. ﴿ فلا عدوان ﴾ أي فلا تعدي هو مصدر عدا عليه أي ظلمه. والعدوى والعدوان الظلم.
تفسير المعاني :
وقاتلوهم حتى لا يبقى شرك، فإن كفوا عن الشرك فلا تتعدوا عليهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ والحرمات ﴾ جمع حرمة وهي ما لا يحل انتهاكه. ﴿ قصاص ﴾ أي مجزاة بمثل الفعل.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ الشهر الحرام بالشهر الحرام ﴾ سبب نزوله أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد مكة قبل الفتح للعمرة فمنعه المشركون، وكان الشهر ذا القعدة وواعدوه للسنة المقبلة فكانوا يفخرون برده فأقصه الله وأدخله مكة في مثل ذلك الشهر. وقوله والحرمات قصاص معناه أنهم لما هتكوا حرمة ذلك الشهر أدخل الله المسلمين عليهم مكة فيه اقتصاصا منهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ التهلكة ﴾ الهلاك مصدر هلك يهلك.
تفسير الألفاظ :
﴿ العمرة ﴾ الزيارة. ﴿ أحصرتم ﴾ أي حوصرتم من حصره العدو يحصره ويحصره وأحصره بمعنى حبسه ومنعه المضي. ﴿ استيسر ﴾ تيسر. ﴿ الهدي ﴾ جمع هدية وهي الناقة أو البقرة أو الشاة التي تذبح في الحج ويقال لها أيضا هدية جمعها هدي. ﴿ محله ﴾ أي مكانه الذي يحل فيه أن ينحر. ﴿ نسك ﴾ أي ذبح لأن من معاني نسك ينسك، ذبح لله تقربا إليه. ﴿ استيسر ﴾ تيسر. و﴿ الهدي ﴾ ما يقرب لله في مكة من ناقة أو بقرة أو شاة.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ فإن أحصرتم ﴾ معناه أتموا الحج والعمرة فإن كان العدو محاصرا لكم فقدموا ما تيسر من القربان ولكن لا تحلقوا رؤوسكم وتحللوا من الإحرام حتى تتحققوا أن قربانكم بلغ المكان الذي يجب أن ينحر فيه. فمن كان منكم مريضا مرضا يحوجه إلى حلق رأسه فليحلق وعليه فدية من صيام أو صدقة أو ذبيحة، فمن تمتع باستباحة محظورات الإحرام بعد أدائه العمرة انتظارا لأن يحرم بالحج فعليه قربان. فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم. هذا الحكم لمن كان أهله بعيدين عنه.
تفسير الألفاظ :
﴿ فلا رفث ﴾ أي فلا مباشرة للنساء أو فلا فحش في الكلام. ﴿ ولا فسوق ﴾ أي ولا خروج عن حدود الشريعة. ﴿ ولا جدال ﴾ أي ولا خصام مع الرفقاء. ﴿ الألباب ﴾ العقول مفرده لب.
تفسير الألفاظ :
﴿ تبتغوا ﴾ أي تطلبوا. ﴿ أفضتم ﴾ أي أفضتم أنفسكم، من قوله أفضت الماء إذا صببته بكثرة، والمعنى : نزلتم. ﴿ المشعر الحرام ﴾ جبل يقف عليه الإمام. سمى مشعرا لأنه معلم العبادة.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ﴾ أي بالتجارة في أثناء شهور الحج. وقد كانوا في الجاهلية يقيمون أسواقا للتجارة لما جاء الإسلام تأثموا من ذلك فنزلت هذه الآية تبيح لهم الاتجار في شهر الحج. وهذا إشعار لهم أن هذا الدين لم يفرض عليهم ليحرمهم من الكسب ويعطل مواهبهم، ولكن ليهديهم أقوم السبل ويحفزهم إلى أسمى الغايات.
تفسير الألفاظ :
﴿ ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ﴾ أي ثم انزلوا من عرفة حيث ينزل الناس لا من المزدلفة لتترفعوا عن الخلق. والخطاب لقريش فقد كانت تترفع عن الناس فنزلت هذه الآية لردعها عن ذلك.
تفسير المعاني :
فإذا أتممتم عبادتكم الخاصة بالحج فاذكروا الله بقدر ذكركم آباءكم أو أكثر.
تفسير الألفاظ :
﴿ مناسككم ﴾ عباداتكم المختصة بالحج. ﴿ خلاق ﴾ الخلاق النصيب الوافر من الخير.
تفسير المعاني :
وقد كانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا بمنى بين المسجد والجبل فذكروا مفاخر آبائهم ومحاسن أمهاتهم.
اذكروه وأحسنوا دعاءه فإن من الناس من يطلب إليه مطالب دنيوية ولا يهتم بنصيبه في الآخرة.
تفسير الألفاظ :
﴿ حسنة ﴾ حسنة الدنيا الصحة والكفاف والتوفيق للخير، وحسنة الآخرة الثواب والرحمة. ﴿ وقنا ﴾ احفظنا فعل أمر من وقى يقي أي حفظ.
تفسير المعاني :
ومنهم من يطلب لحياتيه معا.
تفسير الألفاظ :
﴿ نصيب مما كسبوا ﴾ أي من جنسه أو من أجله.
تفسير المعاني :
هؤلاء لهم نصيب من جنس أعمالهم والله سريع الحساب لا يضيع عنده مثقال ذرة.
تفسير الألفاظ :
﴿ تعجل ﴾ استعجل. ﴿ تحشرون ﴾ تجمعون.
تفسير المعاني :
واذكروا لله في أيام معدودات، أي كبروه في أدبار الصلوات وعند ذبح القرابين ورمي الجمار إلخ، فمن استعجل النفر في يومين ومن انتظر إلى ثالث أيام التشريق فلا إثم عليه إذا اتقى وقصد وجه ربه.
تفسير الألفاظ :
﴿ في الحياة الدنيا ﴾ أي في أمور الدنيا. ﴿ ألد ﴾ شديد الخصومة، يقال لده يلده لدا شدد خصومته. ﴿ الخصام ﴾ الجدال.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :( ومن الناس من يعجبك قوله الخ ) نزلت في الأخنس بن شريق. أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأظهر الإسلام، ثم خرج فمر بزرع فأحرق الزرع وعقر الحمر. فذكر الله أمره إلى قوله ولبئس المهاد من الآية.
تفسير الألفاظ :
﴿ تولى ﴾ صار واليا. وقيل هي هنا بمعنى أدبر وانصرف. ﴿ الحرث والنسل ﴾ أي الزرع والولد.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :( ومن الناس من يعجبك قوله الخ ) نزلت في الأخنس بن شريق. أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأظهر الإسلام، ثم خرج فمر بزرع فأحرق الزرع وعقر الحمر. فذكر الله أمره إلى قوله ولبئس المهاد من الآية.
تفسير الألفاظ :
﴿ أخذته العزة بالإثم ﴾ أي حملته الحمية على الإثم. كقولك أخذته بكذا إذا حملته عليه وألزمته إياه. ﴿ فحسبه جهنم ﴾ أي كفته جزاء. ﴿ المهاد ﴾ الفراش.
تفسير المعاني :
وإذا قيل لذلك الكافر اتق الله حملته حمية الجاهلية على الإثم فكفاه عذاب جهنم ولبئس الفراش.
تفسير الألفاظ :
﴿ يشري نفسه ﴾ أي يبيعها. ﴿ ابتغاء ﴾ أي طلب. ﴿ مرضاة ﴾ أي رضاء.
تفسير المعاني :
ومن الناس من يبيع نفسه طلبا لرضاء الله والله رءوف بعباده لا يكلفهم ما لا يطيقون.
تفسير الألفاظ :
﴿ السلم ﴾ يكسر السين وتفتح الاستسلام والطاعة. ﴿ خطوات ﴾ جمع خطوة. ﴿ عدو مبين ﴾ أي ظاهر العداوة.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون ادخلوا في طاعة الله كافة ولا تتبعوا سبيل الشيطان إنه لكم عدو مبين.
تفسير الألفاظ :
﴿ فإن زللتم ﴾ أي فإن انحرفتم عن الصواب. ﴿ البينات ﴾ أي الآيات الواضحات.
تفسير المعاني :
فإن انحرفتم عن الصواب فاعلموا أن الله لا يعجزه الانتقام منكم وهو لا ينتقم إلا بحق.
تفسير الألفاظ :
﴿ هل ينظرون ﴾ استفهام في معنى النفي. ﴿ يأتيهم الله ﴾ أي يأتيهم أمره. ﴿ في ظلل من الغمام ﴾ الظلل جمع ظلة وهي ما أظلك. والغمام السحاب الأبيض. ﴿ قضى الأمر ﴾ أي تم إهلاكهم.
تفسير المعاني :
ما ينظر هؤلاء إلا أن يأتيهم عذاب الله في قطع من السحاب وكتائب من الملائكة فيتم هلاكهم وإلى الله المصير.
تفسير الألفاظ :
﴿ نعمة الله ﴾ أي آيات الله فإنها سبب نعمة الهدى.
تفسير المعاني :
سل بني إسرائيل كم آتيناهم من معجزة ظاهرة فما نفعتهم. ومن يبدل آيات الله بعد ما أوحيت إليه فإن الله يذيقه أشد العذاب.
تفسير المعاني :
زين الشيطان للكافرين الحياة الدنيا وتراهم يهزءون بالذين آمنوا، وهم فوقهم يوم القيامة، والله يرزق من يشاء بغير حساب.
تفسير الألفاظ :
﴿ مبشرين ومنذرين ﴾ أي حاملي البشرى للمؤمنين والإنذار بالشر للكافرين.
﴿ بغيا ﴾ حسدا أو ظلما.
تفسير المعاني :
كان الناس أمة واحدة متفقين على الفطرة فاختلفوا فبعث الله إليهم النبيين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بينهم فيما اختلفوا فيه. وما اختلف في الكتاب إلا الذين أعطوه أي عكسوا الأمر فجعلوا ما نزل لإزالة الخلاف سببا لاستحكامه تحاسدا بينهم فهدى الله المؤمنين للحق والله يهدي من يشاء إلى صراط قويم.
تفسير الألفاظ :
﴿ أم حسبتم ﴾ أم منقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار. ﴿ ولما ﴾ لما مثل لم للنفي إلا أن منفيها مستمر النفي إلى وقت التكلم. ﴿ ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم ﴾ أي ولم تصبكم حالتهم التي هي مثل في الشدة. ﴿ البأساء ﴾ شدة الفقر. ﴿ والضراء ﴾ المرض. ( وزلزلوا ) وأزعجوا إزعاجا شديدا.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ﴾ الآية، نزلت في يوم الأحزاب وهو اليوم الذي تجمع فيه المشركون وتحالفوا على إبادة المسلمين فأصاب رسول الله وصحبه غم شديد، فأنزل الله هذه الآية يقول له فيها إنه على قدم أولى العزم من الرسل، وهم قد نالهم من الشدة ما جعلهم يقولون متى نصر الله، استبطاء له، فأنزل عليهم نصره ومكن لهم في الأرض. فاصبروا تنالوا مثل عاقبتهم.
تفسير المعاني :
قوله :﴿ يسألونك ماذا ينفقون ﴾ سبب نزولها أن عمرو بن الجموح سأل النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذا مال عظيم : ماذا ننفق من أموالنا وأين نضعها ؟ فنزلت تعين له مواضع البذل، وهم الأب والأم والأقارب المستحقون واليتامى والمساكين والمسافرون.
تفسير الألفاظ :
﴿ كره لكم ﴾ مكروه لكم هو مصدر نعت به للمبالغة أو فعل بمعنى مفعول كخبز بمعنى مخبوز. ﴿ وعسى ﴾ طمع وترجى، فيكون معنى وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، يرجي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
تفسير المعاني :
كتب الله عليكم القتال وهو أمر تكرهه نفوسكم ولكن يحتمل أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وأن تحبوا شيئا وهو شر لكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ قل قتال قيه كبير ﴾ ليس معناه فيه قتال كبير أي قتال عظيم، بل معناه القتال قيه ذنب كبير. ﴿ وصد ﴾ أي منع مضارعه يصد. ﴿ حبطت ﴾ أي فسدت وهدرت.
تفسير المعاني
قوله جل وعز :﴿ يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ﴾ سبب نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية عليها عبد الله بن جحش ليترصدوا إبلا لقريش تحمل تجارة من بين حماتها عمرو بن عبد الله الحضرمي فقتلوه واستاقوا الإبل وكان ذلك أول رجب وهم يظنونه من شهر جمادى الآخرة، ورجب شهر حرام لا يحل القتال فيه. فقال المشركون : استحل محمد الشهر الحرام، واسترسلوا في التشنيع، فرد رسول الله لهم الإبل والأسرى احتراما لرجب.
ومعنى الآية يسألك المشركون : أقتال في الشهر الحرام ؟ فقل لهم القتال فيه ذنب كبير، ولكن الصد عن سبيل الله والكفر به والصد عن المسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله. وما فيه الكافرون من الفتنة أكبر من القتل الذي ارتكبته السرية التي يرأسها عبد الله بن جحش.
ثم نبه الله المسلمين إلى سوء نية المشركين، فقال لهم : إن هؤلاء لا يبرحون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا، ومن يرتد منكم عن دينه خسر دنياه وأخراه معا، وكان في النار من الخالدين.
تفسير الألفاظ :
﴿ هاجروا ﴾ هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.
تفسير المعاني :
وقوله تعالى :﴿ إن الذين آمنوا والذين هاجروا ﴾ الآية. نزلت في أصحاب السرية الذين تقدم ذكرهم لما ظن بهم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجر، فرد الله على القائلين بأن المؤمنين والمهاجرين يرجون رحمة الله وهو غفور لما يفعلونه خطأ، ورحيم بهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ الخمر ﴾اسم لكل مسكر خامر العقل أي غطاه. ﴿ والميسر ﴾ اللعب بالقداح. وكل قمار يقال له ميسر. ﴿ العفو ﴾ الزائد عن الحاجة. ومن معاني العفو أحل المال وأطيبه، وخيار الشيء وأجوده. وتقول أعطيته عفوا أي بغير مسألة.
تفسير المعاني :
ثم قال تعالى :﴿ يسألونك عن الخمر ﴾ والمقامرة فقل فيهما إثم عظيم لما يترتب عليهما من تلف الأخلاق والصحة وضياع المال، وفيهما مع ذلك منافع للناس بالاتجار والعمل فيهما، ولكن إثمهما أكبر من نفعهما، ويسألونك ماذا ينفقون قل أنفقوا ما يفضل عن حاجاتكم.
تفسير الألفاظ :
﴿ لأعنتكم ﴾ أي لكلفكم ما يشق عليكم. من العنت وهو المشقة.
تفسير المعاني :
ويسألونك عن اليتامى فقل : إصلاح شئونهم ومخالطتهم خير من مجانبتهم وهم إخوانكم تجب عليكم تربيتهم. والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء لكلفكم ما يشق عليكم. وكان سبب نزول هذه الآية أنه لما نزل قوله تعالى ﴿ إن الذين يأكلون أموال اليتامى إلخ ﴾. اعتزل الناس اليتامى خوفا من التبعات فنهاهم عن ذلك.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولا تنكحوا المشركات ﴾ أي ولا تتزوجوهن. ﴿ ولا تنكحوا المشركين ﴾ بضم التاء أي ولا تزوجوهم المسلمات.
تفسير المعاني :
ثم أمر بعدم تزوج المسلم بمشركة ولا المسلمة بمشرك.
تفسير الألفاظ :
﴿ المحيض ﴾ مصدر كالمجيء والمبيت.
تفسير المعاني :
ويسألونك يا محمد عن الحيض وهل يفعلون مع الحائض ما كانوا يفعلونه في الجاهلية إذ كانوا لا يساكنونها ولا يؤاكلونها، فقل لهم : إن الحيض مستقذر فلا تباشروا النساء معه حتى يطهرن، وهذا كل ما يجب فعله وكفى.
تفسير الألفاظ :
﴿ نساؤكم حرث لكم ﴾ أي مواضع حرث شبههن بها لما يلقي في أرحامهن من البذور.
﴿ أنى شئتم ﴾ أي كيف شئتم. رد على اليهود إذ كانوا يدعون أن من باشر امرأته على حالة خاصة جاء الولد أحول. ﴿ وقدموا لأنفسكم ﴾ ما يدخر لكم الثواب، وقيل طلب الولد، وقيل التسمية عند المباشرة.
تفسير الألفاظ :
﴿ عرضة لأيمانكم ﴾ أي معرضا لأيمانكم.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ﴾ نزلت في أبي بكر لما حلف أن لا ينفق على مسطح لافترائه الكذب على عائشة. وقيل بل نزلت في عبد الله بن رواحة حين حلف أن لا يكلم ختنه ولا يصلح بينه وبين أخته. والمعنى : ينهاكم الله عن جعل اسمه عرضة لأيمانكم إرادة بركم وتقواكم وإصلاحكم بين الناس، فإن الحلاف مجترئ على القسم والمجترئ لا يكون برا تقيا ولا ثقة في الإصلاح بين الناس.
تفسير الألفاظ :
﴿ باللغو ﴾ اللغو الساقط الذي لا يعتد به من الكلام.
تفسير المعاني :
ثم قال تعالى : لا يؤاخذكم الله على الأيمان التي تجري مجرى التأكيد وهي من طبيعة اللغة العربية كقولهم بلى والله، ولا والله، بل يؤاخذكم بما قصدتم من الأيمان وواطأت فيها قلوبكم ألسنتكم، أي لا يعاقبكم الله بما أخطأتم فيه من الأيمان بل بما تعمدتم الكذب فيها.
تفسير الألفاظ :
﴿ يؤلون ﴾ يحلفون من آلى إيلاء وتألي وائتلى حلف. ﴿ تربص ﴾ أي صبر وانتظار. ﴿ فاءوا ﴾ أي رجعوا من فاء يفيء فيئا رجع. ﴿ يتربصن ﴾ أي يصبرن.
تفسير المعاني :
على الذين يحلفون أن لا يباشروا نساءهم وأن يصبروا أربعة أشهر، فإن رجعوا في أثنائها أو بعدها إليهن غفر الله لهم تلك الزلة.
تفسير المعاني :
وإن عزموا الطلاق فليوقعوه.
تفسير الألفاظ :
﴿ قروء ﴾ جمع قرء وهو الطهر من الحيض أو الحيض نفسه. ﴿ وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ﴾ بعولتهن جمع بعل وهو الزوج. وأحق بردهن في ذلك أي في زمن التربص.
تفسير المعاني :
والمطلقات يصبرن على الزواج ثلاث حيضات فإذا أحسسن بحمل فلا يحل لهن كتمانه وأزواجهن أحق بردهن في زمن التربص إن شاءوا إصلاحا لا إضرارا بالمرأة، وللنساء على الرجال حقوق يجب أن تحترم كما عليهن حقوق للرجال كذلك، ولكن للرجال زيادة في الحق في مقابل تكلفهم رعايتهن والإنفاق عليهن.
تفسير الألفاظ :
﴿ أو تسريح بإحسان ﴾ أي أو تطليق بالمعروف. يقال سرح فلان زوجته أي طلقها. ﴿ افتدت ﴾ أي دفعت عن نفسها فدية لتخلصها بها. ﴿ حدود الله ﴾ أحكامه. ﴿ فلا تعتدوها ﴾ أي فلا تتجاوزوها.
تفسير المعاني :
الطلاق مرتان وليس بعدهما إلا المعاشرة بالمعروف أو الفراق بالمعروف. ولا يحل للرجل أن يأخذ من مهر امرأته شيئا إلا إن خشيا أن لا يقيما حدود الزوجية وأرادت المرأة أن تفدى نفسها بمال تدفعه للرجل في مقابل تطليقها فيحل له أخذه إذ ذاك.
هذه الأحكام تعتبر غاية في رعاية حقوق النساء، فإنها صريحة في الاعتراف لهن بحقوق على الرجال، وتنص على وجوب احترامها. أين هذا مما كانت عليه في الجاهلية حيث كانت تورث كبعض الأمتعة ولا تجد من ترفع إليه ظلامتها !
تفسير المعاني :
فإن طلق الرجل المرأة ثالث مرة فلا تحل له بعد ذلك حتى تتزوج غيره وتطلق منه، فإن أراد الأول أن يراجعها فله ذلك إن اعتقد أنه يراعى أحكام الله ولا يتعداها.
تفسير الألفاظ :
﴿ فبلغن أجلهن ﴾ أي آخر عدتهن. ومعنى الأجل : المدة ومنتهى المدة. ﴿ ولا تمسكوهن ضرارا ﴾ أي بإرادة الإضرار بهن. والضرار هذا مصدر ضاره يضاره أي ضره. ﴿ لتعتدوا ﴾ أي لتظلموهن بالتطويل والإلجاء إلى الافتداء. ﴿ ولا تتخذوا آيات الله هزوا ﴾ قيل نزلت هذه الآية تحريما للتلاعب بالطلاق والنكاح والعتق.
تفسير المعاني :
وإذا طلقتم النساء فبلغن آخر عدتهن فأمسكوهن بالمعروف أو اتركوهن بالمعروف، ولا تمسكوهن بقصد الاعتداء عليهن، فإن من يجرؤ على ذلك فقد ظلم نفسه بتعريضها لعذاب الله، واحذروا أن تجعلوا آيات الله هزوا بالتلاعب فيها.
واذكروا نعمة الله عليكم إذ أنقذكم من ظلمات الجاهلية وأنزل عليكم كتابا فيه مواعظ وحكم يربيكم بها واتقوا الله واعلموا أنه بكل شيء محيط.
تفسير الألفاظ :
﴿ فلا تعضلوهن ﴾ فلا تمنعوهن عن الزواج. يقال عضل المرأة يعضلها ويعضلها منعها عن الزواج. ﴿ تراضوا ﴾ أي حصل الرضا من الطرفين. ﴿ أزكى ﴾ أي أطهر من زكا يزكو زكاء أي طهر.
تفسير المعاني :
وإذا طلقتم النساء فأتممن العدة فلا تمنعوهن أن يراجعن أزواجهن الأولين إذا تراضوا بينهم. ذلك أطهر لكم. والله يعلم ما لا تعلمون.
تفسير الألفاظ :
﴿ حولين ﴾أي عامين. والحول مصدر حال يحول أي مضى وتم، والحول السنة لأنها تحول أي تمضى. جمعه أحوال وحئول. ﴿ المولود له ﴾ أي الأب. ﴿ رزقهن ﴾ أي نفقتهن. ﴿ وسعها ﴾ أي طاقتها. ﴿ لا تضار ﴾ أي لا تضر. ﴿ فصالا ﴾ أي فطاما للولد بفصله عن الرضاعة. ﴿ تسترضعوا ﴾ أي تطلبوا لهم مراضع. ﴿ إذا سلمتم ﴾ إلى المراضع.
تفسير المعاني :
على الأمهات اللاتي يردن أن يكملن رضاعة أولادهن أن لا يفطمنهم قبل بلوغهم السنتين. وعلى الآباء طعامهن وكسوتهن بقدر طاقتهم، لا يكلف الله نفسا فوق ما تقدر عليه، ولا يجوز إكراه الوالدة على إرضاع ولدها كما لا يجوز أن يكلف الأب ما فوق طاقتهم. وعلى الوارث للأب أي الولد – والمراد هنا القيم عليه في حالة موت الأب – مثل ما على الأب لو كان حيا من إطعام الأم وكسوتها، فإن أراد الأب والأم فطام ولدهما بعد التشاور فيما بينهما فلا بأس عليهما في ذلك. وإن أردتم أيها الآباء أن تعينوا لأولادكم مراضع غير الأمهات فلا مانع من ذلك إذا آتيتموهن أجرتهن بالمعروف عن طيب نفس.
في هذه الآية من رعاية حقوق المرأة ما لا يعرف في غير الشريعة الإسلامية، فإن المرأة كانت في تلك العصور محرومة من كل حق في كل أمة، بل كانت أسيرة لا تملك لنفسها عدلا ولا صرفا حتى أشرق شرع لله فخلصها مما كانت فيه.
تفسير الألفاظ :
﴿ ويذرون ﴾ أي ويتركون. وهذا الفعل لا يستعمل إلا في المضارع والأمر. ﴿ يتربصن ﴾ ينتظرن. ﴿ أجلهن ﴾ مدتهن. والمراد هنا انقضاء عدتهن. والأجل معناه مدة الشيء ووقته الذي يحل فيه. تقول ضربت له أجلا أي وقتا. وأجل الإنسان وقت موته. ﴿ فلا جناح ﴾ فلا إثم.
تفسير المعاني :
والذين يموتون ويتركون أزواجا فإذا أردن أن يتزوجن بعد أزواجهن فلينتظرن أربعة أشهر وعشرة أيام، فإذا انقضت هذه المدة فلا إثم عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف، أي فيما يفعلنه من التزين والتعرض للخطاب بالمعروف، أي بما لا ينكره الشرع.
تفسير الألفاظ :
﴿ خطبة النساء ﴾ طلبهن للتزوج بهن. ﴿ أكننتم ﴾ أخفيتم يقال كن الشيء في نفسه يكنه وأكنه يكنه أي أخفاه وغطاه. ﴿ حتى يبلغ الكتاب أجله ﴾ أي حتى ينال القرآن ما قرره من الوقت لانقضاء العدة.
تفسير المعاني :
ولا إثم على الرجال فيما عرضتم أي لوحتم لهن من طلب الزواج أو أخفيتم ذلك في أنفسكم، ولكن لا تواعدوهن في السر لأن السر لا يكون إلا فيما يستهجنه الناس عادة إلا إذا كان ذلك السر ما لا ينكره الشرع ولا يستهجنه العرف. ولا تبرموا عقد الزواج حتى تنقضي العدة. واتقوا الله إن الله يعلم ما يجيش في صدوركم فاحذروه.
تفسير الألفاظ :
﴿ تفرضوا لهن فريضة ﴾ الفريضة معناها : القيمة المفروضة. ﴿ ومتعوهن ﴾ متع المرأة المطلقة أعطاها متعة، ومتعة المرأة ما وصلت به بعد الطلاق من مثل قميص وإزار إلخ. ﴿ الموسع ﴾ أي الغني، يقال أوسع الرجل أي اغتنى. ﴿ المقتر ﴾ الفقير، أقتر الرجل أي افتقر. ﴿ قدره ﴾ أي طاقته ومثله قدره، فإن القدر والقدر مبلغ الشيء والطاقة أيضا. ﴿ متاعا ﴾ المتاع اسم بمعنى التمتيع، والمتاع أيضا كل ما ينتفع به.
تفسير المعاني :
ولا ذنب عليكم إن طلقتم النساء من قبل أن تمسوهن ومن قبل أن تفرضوا لهن مهرا. فإن حدث ذلك من أحدكم فليمتع المرأة بعطية كل على قدر طاقته.
تفسير الألفاظ :
﴿ فرضتم لهن فريضة ﴾ أي عينتم لهن مهرا. ﴿ يعفون ﴾ أي يسامحنكم. ﴿ أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ﴾ الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، ومعنى يعفو هو أي يسامح المرأة المطلقة في النصف الذي يستحقه هو من المهر بأن يعطيها إياه كاملا ؛ لأن الأصل أنه لو طلقها قبل الدخول بها يأخذ نصف ما أعطاه من المهر فيكون عفوا منه أن يتجاوز لها عن هذا النصف.
تفسير المعاني :
إن طلقتم النساء قبل أن تمسوهن بعد أن عينتم لهن المهر فادفعوا لهن نصفه إلا إن تجاوزن عنه أو إلا إن تساهلتم أنتم فأعطيتموهن إياه كاملا، ولا تنسوا أن تتصفوا بالفضل فيما بينكم. إن الله بما تعملون بصير. وقوله :{ وأن تعفوا أقرب للتقوى ) فيه عناية بأمر النساء لا تخفى على متأمل.
تفسير الألفاظ :
﴿ والصلاة الوسطى ﴾ صلاة العصر وقيل الظهر وقيل الصبح وقيل المغرب وقيل العشاء. ﴿ قانتين ﴾ أي ذاكرين لله أو خاشعين.
تفسير المعاني :
ثم أمر الله بالمحافظة على الصلوات وخاصة صلاة العصر لاشتغال الناس في وقتها عن ذكر صلاة الخوف وأذن في الصلاة فوق الخيول.
تفسير الألفاظ :
﴿ فإن خفتم ﴾ أي فإن جاء وقت الصلاة في وقت خوفكم كحالة الحرب مثلا. ﴿ فرجالا أو ركبانا ﴾ أي فصلوا راجلين أو راكبين.
تفسير الألفاظ :
﴿ ويذرون ﴾ أي ويتركون وراءهم. ﴿ وصية ﴾ أي فليوصوا وصية. ﴿ متاعا إلى الحول غير إخراج ﴾ أي أن المتوفى يوصي قبل موته أن تمتع امرأته حولا كاملا بالسكنى والنفقة غير مخرجة من بيت زوجها مدة الحول. وقد كان هذا في أول الإسلام قبل أن تورث المرأة فلما ورثها الشرع نسخت هذه المدة، وأبدلت مدة العدة بها أي أربعة أشهر وعشرة أيام. ﴿ فلا جناح ﴾ فلا إثم.
تفسير الألفاظ :
﴿ وللمطلقات متاع بالمعروف ﴾ أي يمتعن بنفقة العدة.
تفسير المعاني :
ثم حث على الإيصاء للزوجة وقد شرحناه في قسم الألفاظ.
تفسير الألفاظ :
﴿ ألم تر ﴾ تعجيب وتقرير لمن سمع بقصتهم. وقد يخاطب به من لم ير ولم يسمع فإنه صار مثلا في التعجب. ﴿ حذر الموت ﴾ أي من حذر الموت.
تفسير المعاني :
قال المفسرون إن الذين خرجوا من ديارهم ألوفا هم قوم من بني إسرائيل أصاب قريتهم طاعون، فخرجوا هاربين منه فأماتهم الله جميعا ثم أحياهم ليعتبروا.
ونحن نقول : الآية تحتمل معنى أرفع من هذا، وهو أنهم لما تولاهم الذعر لدرجة أنهم أقفروا قريتهم وعطلوا أعمالهم هربا من الموت، أماتهم الله موتا أدبيا ثم بعث إلى نفوسهم عواطف عالية فحيوا حياة اجتماعية أخرى.
تفسير المعاني :
فلما أراهم أن الهرب من الموت موت في الواقع أمرهم بالقتال ليحفظوا وجودهم من المبيدات.
تفسير الألفاظ :
﴿ يقرض الله ﴾ أي يعطيه قرضا. وهذا التعبير المقصود به الحث على الإنفاق. ﴿ قرضا ﴾ أي سلفة. ﴿ فيضاعفه له ﴾ أي فيضيف إليه مثله أو مثليه أو أكثر. ﴿ يقبض ويبسط ﴾ أي يقتر ويوسع.
تفسير المعاني :
ثم حث الله على الإنفاق في سبيل الخير العام فجعل الإنفاق دينا عليه يؤديه لصاحبه أضعافا مضاعفة.
تفسير الألفاظ :
﴿ الملأ ﴾ الأشراف والعلية والجماعة. ﴿ هل عسيتم ﴾ عسى بمعنى ترجى وتوقع. والمعنى : هل يتوقع منكم.
تفسير المعاني :
ثم ذكر طائفة من بني إسرائيل طلبوا إلى نبي لهم أن يعين ملكا عليهم ليقودهم إلى قتال عدوهم، فقال أخشى إن كتب عليكم القتال أن تجبنوا، فقالوا كيف نجبن وقد أخرجنا من ديارنا وسبيت نساؤنا وأبناونا ؟ فلما كتب عليهم القتال جبنوا إلا قليلا منهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ أني ﴾ أي من أين أو كيف. ﴿ اصطفاه ﴾ اختاره. ﴿ بسطة ﴾ أي سعة.
تفسير المعاني :
الأصل في تعيين طالوت ملكا على بني إسرائيل أنه كان قوم يقال لهم العمالقة يسكنون بين مصر وفلسطين غزوا بني إسرائيل وأذاقوهم بأس الحرب فاقترح بنو إسرائيل على نبي لهم أن يعين لهم ملكا يقودهم لقتال عدوهم، فعين عليهم طالوت من أولاد بنيامين بن يعقوب وكان فقيرا فلم يرضهم هذا التعيين.
تفسير الألفاظ :
﴿ التابوت ﴾ الصندوق وهو الصندوق المحفوظة فيه التوراة وكان من خشب الشمشاد مموها بالذهب. ﴿ فيه سكينة من ربكم ﴾ أي فيه سكينة لقلوبكم واطمئنان. وكان موسى عليه السلام إذا قاتل قدمه فتسكن نفوسهم فلا يفرون. ﴿ وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ﴾ تلك البقية هي قطع الألواح وعصا موسى وثيابه وعمامة هارون إلى غير ذلك.
تفسير المعاني :
فقال لهم نبيهم : إن الله اختاره لكم ومنحه من المنح العلمية والجسمية ما يؤهله لإمرتكم واستصلاح أموركم، وآية ملكه أن يأتيكم التابوت على صورة خارقة للعادة محمولا على أيدي الملائكة فمتى رأيتموه سكن فؤادكم واطمأن بما فيه من آثار الأنبياء.
تفسير الألفاظ :
﴿ فلما فصل ﴾ أي انفصل بهم عن البلد. ﴿ مبتليكم ﴾ أي ممتحنكم. ﴿ يطعمه ﴾ يطعمه أي يذوقه. ﴿ فئة ﴾ جماعة.
تفسير المعاني :
فلما خرج بهم طالوت لقتال العدو، وكان الوقت حرا، عطشوا فقال لهم : إن الله ممتحن طاعتكم وإخلاصكم بنهر تصادفونه، فمن شرب منه فليس مني إلا من اغترف غرفة بيديه فتلك مسموح بها لتسكين شدة الظمأ. فلما وصلوا إليه أطاع الأمر أهل العقيدة الراسخة وعصاه ضعفاء الإيمان فكرعوا منه فوق كفايتهم. فلما رأى طالوت ذلك أخذ الذين صدقوا واتبعوا أمره وترك الذين لم يصبروا على ابتلاء الله إياهم وعبر النهر مع جنوده. فلما شارفوا جيش جالوت ملك العمالقة وأبصروا ما هم عليه من الكثرة واستكمال العدة قالوا : لا طاقة لنا بقتال هؤلاء، فثبت الذين يعتقدون أنهم راجعون إلى ربهم إن استشهدوا في القتال وقالوا : كم من فئة قليلة غلبت فئة كثرة بإذن الله، والله مع الصابرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ أفرغ ﴾ أي صب.
تفسير المعاني :
ولما برزوا لجيش جالوت دعوا الله قائلين : ربنا أنزل علينا صبرا من عندك وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ فهزموهم ﴾ فكسروهم والهزم والهزيمة الكسر. ﴿ داود ﴾ هو ابن أيشا وكان من جنود طالوت ومعه بنوه السبعة وداود أصغرهم فلما ظهرت لطالوت شجاعته زوجه ابنته.
تفسير المعاني :
فهزموهم بإذن الله وقتل داود الملك جالوت فكافأه الله بأن جعله ملكا على جميع بني إسرائيل وآتاه الحكمة وعلمه سرد الدروع وكلام الدواب والطير. ولولا أن الله يدفع بعض الناس ببعض، وينصر المؤمنين على الكافرين، لفسدت الأرض واضطربت أحوال الناس.
تفسير المعاني :
تلك آيات الله يا محمد نقرؤها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين إذ أوحينا لك كل هذه الأمور.
تفسير الألفاظ :
﴿ البينات ﴾ الآيات الواضحات. ﴿ بروح القدس ﴾ هو لقب جبريل عليه السلام. ﴿ اقتتل ﴾ أي تقاتل.
تفسير المعاني :
ولقد فضلنا بعض الرسل على بعض، وميزنا بعضهم بمناقب ليست لسواهم، فمنهم من كلمناه تكليما، وهو موسى، ومنهم من رفعناه درجات من وجوه متعددة. وآتينا عيسى الآيات الواضحات وأيدناه بجبريل. ولو شاء الله لهدى الناس جميعا، ولما اقتتل الذين جاءوا من بعد الرسل من بعد أن نزلت عليهم الآيات الواضحات، ولكنهم اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر.
تفسير الألفاظ :
﴿ خلة ﴾ هي المحبة التي لا خلل فيها، جمعه خلال، والاسم الخلولة والخلالة.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون أنفقوا في سبيل الله مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا تجارة فيه تستعيضون بها عما خسرتم، ولا محبة من محب تنفعكم، ولا شفاعة من ذي جاه تنقذكم، والكافرون أي مانعو الزكاة هم الظالمون لأنفسهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ القيوم ﴾ الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه، من قام بالأمر يقوم به أي تولاه ورعاه. ﴿ لا تأخذه ﴾ لا تستولي عليه. ﴿ سنة ﴾ السنة فتور يتقدم النوم. ﴿ وسع كرسيه السموات والأرض ﴾ أي استوعب كرسيه الكون كله. والكرسي معروف. قيل كرسي الحقيقة وإنما هذا تصوير لعظمته. وقيل كرسيه مجاز عن علمه أو ملكه. ﴿ ولا يئوده حفظهما ﴾ أي ولا يشق عليه حفظهما. من آده الأمر يئوده أي شق عليه وبهظه.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾ إلى قوله وهو ﴿ العلي العظيم ﴾ يسمى بآية الكرسي، وقد جمعت أصول صفات الحضرة الإلهية فهو واحد حي قيوم لا يلحقه فتور ولا نوم، له ما خفي من العالم وما بطن، مطلق التصرف لا يرد حكمه شفيع، عالم بمضمرات الأمور لا يعلم أحد عنه شيئا إلا بتوفيقه، وسع علمه كل شيء في السماوات والأرض ولا يشق عليه حفظهما وهو العلي العظيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا إكراه ﴾ لا إجبار، يقال أكرهه على الأمر أي أجبره على كره منه. ﴿ الرشد ﴾ الهدى. ﴿ الغي ﴾ الضلال. ﴿ بالطاغوت ﴾ الطاغوت هو الشيطان أو كل ما عبد من دون الله وهو مشتق من الطغيان. ﴿ استمسك ﴾ تمسك. ﴿ بالعروة الوثقى ﴾. العروة من الدلو أو الكوز مقبضه وأذنه. والوثقى مؤنث الأوثق أي الأقوى. والجملة تمثل حال المتمسك بالحق بالمتمسك بعروة وثيقة. ﴿ لا انفصام لها ﴾ أي لا انقطاع لها. وفصمته فانفصم أي كسرته فانكسر.
تفسير المعاني :
لا إجبار في الدين فقد تميز الهدى من الضلال. فمن يكفر بالشيطان أو الأصنام ويؤمن بالله فقد تمسك من الحق بأوثق عروة لا انقطاع لها.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولي الذين آمنوا ﴾ أي متولي أمورهم.
تفسير المعاني :
الله يتولى المؤمنين فيخرجهم من ظلمات الأضاليل إلى نور الحق، وأما الكافرون فأولياؤهم الشياطين يخرجونهم من نور الفطرة السليمة إلى ظلمات الأباطيل.
تفسير الألفاظ :
﴿ حاج ﴾ أي جادل. ﴿ أن آتاه الله الملك ﴾ أي لأن آتاه الملك أي أبطره إيتاء الملك. ﴿ فبهت ﴾ أي فصار مبهوتا أي متحيرا. يقال بهت يبهت وبهت يبهت وبهت أي دهش وتحير.
تفسير المعاني :
ألم تر أي ألم تتعجب من أمر النمرود الذي جادل إبراهيم وقد أبطره الملك، إذ قال له : ربي يحيي ويميت. فقال : أنا كذلك أحيي وأميت، أي أستبقي من أريد وأقتل من أريد. فقال إبراهيم : فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فتحير النمرود ولم يحر جوابا. والله لا يهدي الظالمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ خاوية ﴾ أي ساقطة من خوى يخوي أي سقط وتهدم. ﴿ عروشها ﴾ أي سقوفها جمع عرش أي سقف. ﴿ أنى ﴾ أي كيف أو متى. ﴿ بعثه ﴾ أي أحياه. ﴿ كم لبثت ﴾ أي كم مكثت ميتا. ﴿ لم يتسنه ﴾ أي لم يتغير بمرور الزمان. ﴿ ننشزها ﴾ نركب بعضها فوق بعض، من أنشز الله العظام ركب بعضها فوق بعض.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ أو كالذي مر على قرية ﴾ أي أرأيت مثل الذي مر على قرية وهي ساقطة حيطانها على سقوفها فقال : كيف يحيي الله هذه القرية بعد دمارها ؟ فأماته الله مائة عام ثم أحياه فقال له : كم مكثت ميتا ؟ قال : يوما أو جزءا من يوم. قال : بل مكثت مائة سنة. فإن شككت فانظر إلى طعامك لم يتغير وانظر إلى حمارك قد صار هيكلا من البلى. وتأمل في العظام كيف نركب بعضها على بعض ثم نكسوها لحما، وقد فعلنا بك ذلك لنجعلَك آيةً لقومك. فلما تبينَ له الحال آمَن بالله والله على كل شيء قدير.
تفسير الألفاظ :
﴿ بلى ﴾ أي نعم. ﴿ فصُرهنّ ﴾ أي أملهن، من الصور أي الميل، فعله صاره يصوره أي أماله. ﴿ ادعهن ﴾ نادهن. ﴿ سعيا ﴾ أي ساعيات مسرعات طيرانا أو مشيا.
تفسير المعاني :
واذكر إذ طلب إبراهيم أن يريه الله كيف يحيي الموتى فأمره أن يأخذ أربعة من الطير فيضمهن إليه ثم يقطعهن ويجعل على كل جبل جزءا منهن ثم يناديهن فيأتينه مسرعات. إن الله عزيز حكيم.
إن إشارة الكتاب الكريم إلى معجزة إبراهيم هذه تشير إلى أن في الإنسان قوى إلهية في إمكانها بتوفيق الله أن تبعث الحياة في الجمادات. وقد دلت الأبحاث في المغناطيس الحيواني في هذا العصر على ما يجعل هذه المعجزة معقولة علميا.
تفسير الألفاظ :
﴿ يضاعف ﴾ أي يزيد الشيء فيجعله أكثر مما كان مرارا كثيرة. ﴿ واسع ﴾ يسع جوده كل وجوه الفضل والإحسان.
تفسير المعاني :
إن الذين يبذلون أموالهم في السبيل المؤدية إلى الله من عمل البر والإحسان مثلهم كمثل حبة زرعت فأنبتت سبع سنابل والله يزيد ما يشاء لمن يشاء إنه واسع عليم.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا يتبعون ﴾ لا يجعلون بعده. ﴿ منا ولا أذى ﴾ المن أن يعتد بإحسانه على من أحسن إليه. والأذى أن يتطاول عليه بسبب ما أنعم عليه.
تفسير المعاني :
والذين ينفقون أموالهم في سبيل البر ولم يجعلوا وراء ذلك منا ولا أذى فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
تفسير الألفاظ :
﴿ قول معروف ﴾ أي رد جميل. ﴿ ومغفرة ﴾ بالتجاوز عن إلحاح السائل، أو نيل مغفرة بالرد الجميل.
تفسير المعاني :
ورد السائل بالتي هي أحسن، والصفح عن إلحاحه أفضل عند الله من صدقة يكون وراءها أذى.
تفسير الألفاظ :
﴿ فمثله ﴾ أي فمثل المرائي في الإنفاق. ﴿ كمثل صفوان عليه تراب ﴾ أي كمثل الحجر الأملس الذي عليه تراب. ﴿ وابل ﴾ أي مطر غزير. ﴿ فتركه صلدا ﴾ أي أملس نقيا من التراب.
تفسير المعاني :
فيا أيها المؤمنون لا تطلبوا ثواب صدقاتكم بالمن والأذى فتكونوا كمن ينفق ماله مرائيا الناس فمثله كمثل حجر أملس عليه تراب فنزل عليه مطر غزير فجعله أملس كما كان لم ينتفع بشيء مما فعل والله لا يهدي الكافرين.
تفسير الألفاظ :
﴿ ابتغاء مرضاة الله ﴾ أي طلبا لرضاء الله. ﴿ وتثبيتا من أنفسهم ﴾ أي وتثبيتا لبعض أنفسهم على الإيمان فإن المال شقيق الروح فمن بذل ماله ثبت بعض نفسه ومن بذل ماله وروحه ثبتها كلها. ﴿ كمثل جنة بربوة ﴾ أي كمثل بستان بمكان مرتفع. ﴿ وابل ﴾ مطر غزير. ﴿ أكله ﴾ الأكل والأكل ما يؤكل. ﴿ فطل ﴾ الطل المطر الصغير القطر.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ﴾ نزلت في عثمان رضي الله عنه فإنه جهز جيش العسرة بألف بعير بأقتابها وأحلاسها، وفي عبد الرحمن بن عوف لدفعه أربعة آلاف درهم فيها. والذين ينفقون أموالهم رجاء الحصول على رضاء الله وتثبيتا لبعض أنفسهم على الإيمان مثلهم كمثل روضة في مكان مرتفع نزل عليها مطر غزير فآتت ثمراتها ضعفين، فإن لم يصبها مطر غزير كفاها المطر الضعيف لجودة معدنها والله بصير بما تعملون.
تفسير الألفاظ :
﴿ وأعناب ﴾ جمع عنب. ﴿ إعصار ﴾ ريح عاصفة تنعكس من الأرض إلى السماء مستديرة كعمود.
تفسير المعاني :
أيحب أحدكم أن يكون له بستان من نخيل وأعناب تجري من تحته الأنهار ينبت له من جميع الثمار وأدركه الهرم وله ذرية صغار لا قدرة لهم على الكسب فأصابتها ريح عاصفة فيها نار فاحترق شجرها وأصبحت أرضا جرداء ؟
هذا المثل المرئي لمن يذهب عمله هباء منثورا في وقت هو أحوج ما يكون فيه إليه.
تفسير الألفاظ :
﴿ ولا تيمموا الخبيث ﴾ أي ولا تقصدوا الخبيث من يممه أي قصده. ﴿ تغمضوا ﴾ أي تتسامحوا، مجاز من أغمض بصره إذا غضه.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون إذا أنفقتم فأنفقوا من أطيب مكاسبكم وأجود ثمرات أرضكم، ولا تتحروا الرديء مما عندكم مما لا تأخذونه لو دفع إليكم إلا إذا تسامحتم فيه، واعلموا أن الله غني حميد.
تفسير الألفاظ :
﴿ بالفحشاء ﴾ أي بالبخل، والعرب يسمون البخل فاحشا. وقيل المراد بالفحشاء المعاصي. ﴿ واسع ﴾ يسع بفضله عمل كل محسن.
تفسير المعاني :
الشيطان يهددكم بالفقر ويأمركم بالبخل، والله يعدكم مغفرة منه وفضلا، أي وخلفا أفضل مما أنفقتم.
تفسير الألفاظ :
﴿ الحكمة ﴾ تحقيق العلم وإتقان العمل. ﴿ وما يذكر ﴾ أي وما يتذكر أي وما يتعظ أو ما يتفكر. ﴿ أولو الألباب ﴾ أصحاب العقول جمع لب وهو العقل.
تفسير المعاني :
يهب الله الحكمة لمن يشاء ومن يوهب الحكمة فقد وهب خيرا كبيرا، وما يتعظ إلا أصحاب العقول.
تفسير المعاني :
وما بذلتم من مال أو نذرتم من شيء فإن الله يعلمه ويجازيكم عليه.
تفسير الألفاظ :
﴿ فنعما هي ﴾ أي فنعم شيئا إبداؤها. ﴿ ويكفر عنكم من سيئاتكم ﴾ التكفير ستر الإثم وتغطيته حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل. ويصح أن يكون التكفير بمعنى إزالة الكفر كالتمريض إزالة المرض.
تفسير المعاني :
إن تظهروا صدقاتكم فأنعم بإظهارها، وإن تخفوها فهو أفضل لأن ذلك أبعد عن الرياء والله يزيل بجميل أعمالكم سيء آثامكم وهو بما تعملون خبير.
تفسير الألفاظ :
﴿ من خير ﴾ أي من مال. ﴿ وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله ﴾ وما تنفقون حال، كأنه قال وما تنفقون من خير فلأنفسكم غير منفقيه إلا ابتغاء وجه الله.
تفسير المعاني :
يجب عليك يا محمد أن تهدي الناس فإنك لست بمؤاخذ بجريرة من لم يهتد وإنما عليك تبليغهم الرسالة والله يهدي من يشاء. وما تنفقوا من مال غير مريدين به غير وجه الله فهو لأنفسكم إذ يوفي إليكم أجره وأنتم لا تظلمون.
قولنا ليس يجب عليك يا محمد أن تهدي الناس، معناه أنك لست بملزم بهدايتهم، فإن من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، وإنما أنت ملزم بتبليغهم فحسب.
تفسير الألفاظ :
﴿ أحصروا في سبيل الله ﴾ أي أحصرهم الجهاد أي حبسهم فانقطعوا له. ﴿ ضربا في الأرض ﴾ أي ذهابا فيها للتكسب. ﴿ من التعفف ﴾ أي من التعفف عن سؤال الناس. ﴿ بسيماهم ﴾ أي بهيئتهم. ﴿ إلحافا ﴾ أي إلحاحا، يقال ألحف في السؤال أي ألح فيه.
تفسير المعاني :
قوله تعالى :﴿ للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ﴾ متعلق بمحذوف تقديره اجعلوا ما تنفقون للفقراء الذين حبسوا أنفسهم للجهاد، وأصبحوا – بذلك – لا يستطيعون الكسب، وهم من عفة النفس بحيث يظنهم الجاهل بحالهم أغنياء، تعرفهم بهيئتهم من الضعف ورثاثة الحال، لا يسألون الناس بإلحاح. وما تنفقوا من مال فإن الله يعلمه ويدخر لكم ثوابه.
تفسير الألفاظ :
﴿ وعلانية ﴾ أي جهرا.
تفسير الألفاظ :
﴿ يتخبطه الشيطان ﴾ أي يخبطه الشيطان. والخبط الضرب على غير نظام. ﴿ المس ﴾ الجنون. يقال فلان ممسوس أي مجنون. ﴿ ما سلف ﴾ أي ما تقدم قبل التحريم لا يسترد منه.
تفسير المعاني :
ثم ذكر الله الربا فقال : إن الذين يأكلون الربا لا يقومون من قبورهم إلا كقيام المصروع الذي يتخبطه الشيطان، ذلك عقابا لهم على ما كانوا يقولونه إنما الربا مثل البيع، والحال أن الله أحل البيع وحرم الربا. فمن انتهى فله ما سبق له أخذه ومن عاد إلى تحليله فله جهنم خالدا فيها.
تفسير الألفاظ :
﴿ يمحق ﴾ ينقصه ويذهب بركته. ومنه المحاق لآخر الشهر إذا انمحق الهلال. ﴿ ويربي ﴾ أي ويزيد، من أربى الشيء زاده وأنماه. ﴿ كفار ﴾ مصر على الكفر. ﴿ أثيم ﴾ مصر على الإثم.
تفسير المعاني :
ذهب أكثر العلماء إلى أن إثم الربا على المعطى والآخذ معا.
وقال بعضهم : إنما إثمه على آخذه لأن المعطي مكره على الإعطاء وإنما تدفعه الحاجة إليه.
إن الله يذهب بركة الربا ويخلف على المتصدق أضعافا مضاعفة.
تفسير الألفاظ :
﴿ وذروا ﴾ اتركوا، وهذا الفعل لا يستعمل إلا في المضارع والأمر.
تفسير المعاني :
ثم عاد إلى التحذير من الربا فقال : يا أيها الذين آمنوا خافوا ربكم واتركوا ما بقي لكم من الربا في ذمة الناس.
تفسير الألفاظ :
﴿ فأذنوا ﴾ أي فاعلموا، من أذن بالشيء يأذن إذا علم به.
تفسير المعاني :
فإن عصيتم فاعلموا أن الله يحاربكم ورسوله. وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون.
تفسير الألفاظ :
﴿ فنظرة إلى ميسرة ﴾ أي فتأخر في مطالبته حتى يحصل له يسر. ﴿ وأن تصدقوا ﴾ أي وأن تتصدقوا، والمراد بالصدقة هنا إبراء المعسر مما عليه.
تفسير المعاني :
وإن كان مدينكم في حالة عسر فأخروا مطالبته حتى يحصل له يسر. وإن تجاوزتم عما لكم عنده فهو أحسن لكم إن كنتم تعلمون ما فيه من الذكر الجميل والأجر العظيم.
تفسير المعاني :
واحذروا يوما سترجعون فيه إلى ربكم فتوفي كل نفس حسابها وأنتم لا تظلمون.
تفسير الألفاظ :
﴿ إلى أجل مسمى ﴾ أي إلى موعد معين بالأيام والأشهر. ﴿ ولا يأب ﴾ ولا يمتنع. ﴿ فليكتب ﴾ تأكيد. ﴿ وليملل ﴾ الإملال والإملاء بمعنى واحد. ﴿ ولا يبخس ﴾ أي ولا ينقص، يقال بخسه حقه يبخسه بخسا نقصه. ﴿ سفيها ﴾ ناقص العقل. ﴿ أو ضعيفا ﴾ المراد به هنا صبيا أو شيخا أو مختلا. ﴿ وليه ﴾ متولي أموره من قيم إن كان صبيا أو مختلا، أو وكيل أو مترجم إن كان غير ذلك. ﴿ أن تضل إحداهما ﴾ أي أن تنسى إحداهما. ﴿ دعوا ﴾ أي طلبوا لأداء الشهادة. ﴿ ولا تسأموا أن تكتبوه ﴾ أي ولا تملوا من كثرة مدايناتكم أن تكتبوا الدين أو الحق. ﴿ أقسط ﴾ أي أكثر قسطا والقسط هو العدل. ﴿ وأقوم للشهادة ﴾ أي وأعون على إقامتها. ﴿ وأدنى أن لا ترتابوا ﴾ وأقرب أن لا تشكوا. ﴿ ولا يضار ﴾ أي ولا يضر، يقال ضاره أي أضره. ﴿ فسوق ﴾ خروج عن الطاعة.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى موعد عينتموه فاكتبوه فذلك أوثق وأدفع للنزاع. وليكتب لكم كاتب عادل لا يجور على أحد الطرفين.
ولا يمتنع أحد الكتاب أن يكتب لينفع الناس كما نفعه الله بتعليمه الكتابة وليكن المملى هو الذي عليه الحق وليتق الله ولا ينقص من الحق شيئا. فإن كان الذي عليه الحق لا يستطيع أن يملل لقلة عقله أو ضعفه من صغر أو كبر أو جهل فليملل قيمه أو وكيله وليشهد على ذلك رجلان أو رجل وامرأتان. وإذا طلب الشهداء لأداء شهادتهم فلا يمتنعوا. ولا تملوا أن تكتبوا الديون والحقوق صغيرة كانت أو كبيرة إلى مواعيدها، ذلكم أعدل وأقوم للشهادة وأقرب أن لا تشكوا، إلا أن تكون تجارة تديرونها يدا بيد فلا بأس من عدم كتابتها. وإذا تبايعتم فأشهدوا شهودا ولا تضروا الشهود والكتاب واتقوا الله.
تفسير الألفاظ :
﴿ على سفر ﴾ أي مسافرين. ﴿ فرهان ﴾ الرهان جمع رهن. ﴿ فإن أمن بعضكم بعضا ﴾ أي فإن أمن الدائنون المدينين فاستغنوا عن الرهان.
تفسير المعاني :
وإن كنتم مسافرين ولم تجدوا معكم كاتبا فيقوم مقام الكتابة رهان يعطيها المدين للدائن، فإن كان الدائن يأمن المدين فلم يأخذ عليه كتابة ولا تسلم منه رهنا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليخف الله ربه. وإذا دعيتم إلى أداء شهادة فلا تكتموها فإن كتمانها إثم كبير والله مطلع عليكم يعلم ما تعملون.
تفسير المعاني :
كل شيء في السماوات والأرض مملوك لله، وسواء أبديتم ما يجيش في صدوركم أو أخفيتموه فالله محاسبكم عليه فيغفر لمن يستحق المغفرة ويعذب من يستوجب العذاب.
تفسير الألفاظ :
﴿ لا نفرق بين أحد من رسله ﴾ أي يقولون لا نفرق بين أحد من رسله بتصديق بعضهم وتكذيب البعض الآخر. ﴿ وقالوا ﴾ أي المؤمنون. ﴿ غفرانك ﴾ أي نطلب غفرانك.
تفسير المعاني :
آمن الرسول محمد بما أنزل إليه من ربه، فهو معتقد ما يلقي إليه غير شاك فيه. والمؤمنون كل منهم آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وقالوا سمعنا أي أجبنا داعيك وأطعنا أمرك فنطلب غفرانك ربنا وإليك المصير.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مأمور أن يؤمن بما أوحى إليه، كما أمر كل إنسان أن يؤمن به، وليس هذا بعجيب فإن المتلقى قد يشك في مصدر ما يلقي إليه فقد يعتقد أنه من الله وقد يتخيله من الشيطان. وقد شك النبي في جبريل أول الوحي فظنه شيطانا أو خاف منه ثم تحقق أنه أمين الوحي إلى رسل الله فاطمأن إليه.
تفسير الألفاظ :
﴿ إلا وُسعَها ﴾ أي إلا طاقتها. ﴿ كسبت واكتسبت ﴾ الفرق بينهما أن كسبت تستعمل في الخير، واكتسبت في الشر، ووجه هذا الفرق أن اكتسبت على وزن افتعل وهذه الصيغة تدل على الاعتمال والجد، وتخصيصه بالشر لأن النفس تشتهيه وتجد في تحصيله. ﴿ إصرا ﴾ الإصر هو الحمل الثقيل الذي يأصر صاحبه أي يحبسه في مكانه، يريد به التكاليف الشاقة التي كانت تفرض على الأمم السابقة لكثرة عنادها وتشددها.
تفسير المعاني :
لا يفرض الله على نفس من التكاليف إلا بقدر ما تستطيع القيام به وهو لا ينتفع بطاعتها ولا يتضرر من عصيانها، بل لها ما كسبت من خير وعليها ما اكتسبت من شر. ربنا لا تؤاخذنا على ما نأتيه نسيانا أو خطأ، ولا تضع علينا عبئا لا نقوى على حمله من التكاليف كما وضعته على أمم من قبلنا بسبب عنادهم وتشددهم، ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به. واعف عنا واغفر لنا ذنوبنا وارحمنا أنت سيدنا فانصرنا على القوم الكافرين.
Icon