تفسير سورة سورة آل عمران من كتاب التفسير البسيط
المعروف بـالبسيط للواحدي
.
لمؤلفه
الواحدي
.
المتوفي سنة 468 هـ
ﰡ
ﭑ
ﰀ
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة آل عمران (١)١ - ﴿الم﴾ اجتمعت القرّاء على فتح الميم، وإدراج ألفِ اللهِ في الوصل (٢)، إلا ما رُويت (٣) شاذًا عن عاصم: أنّه سكّن الميمَ وقَطَعَ الألف (٤).
(١) تفسير سورة آل عمران: ساقط من (ج).
(٢) أي: بأن تُفتح الميمُ، ولا تظهر همزةُ اسم الجلالة في الوصل، حال النطق. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" للزجّاج ١/ ٣٧٣، "السبعة في القراءات" لابن مجاهد ٢٠٠، "الحجة للقراء السبعة" لأبي علي الفارسي ٣/ ٨، وكتاب "التبصرة في القراءات السبع" لمكي بن أبي طالب ٤٥٥، "إتحاف فضلاء البشر" لأحمد البَنّا ص ١٧٠. ويجوز لكل القرّاء في "ميم" المدُّ والقصر؛ لتغير سبب المد، فيجوز الاعتداد بالعارض وعدمه. انظر: "إتحاف فضلاء البشر" ص ١٧٠، "البدور الزاهرة" لعبد الفتاح القاضي ٥٨.
(٣) في (ج)، (د): (روي).
(٤) (قَطَع الألف) أي: ابتدأ بها. انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩، "السبعة" لابن مجاهد ٢٠٠، "التبصرة" لمكي ص ٤٥٥. وهذه القراءة عن عاصم، رواها ابنُ مجاهد من طرق عدّة عن أبي بكر عنه، كما رُويت عن الحسن، وعمرو بن عبيد، وأبي جعفر الرؤاسي، والأعمش، والأعشى، والبرجمي، وابن القعقاع. انظر: "السبعة" ص ٢٠٠، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٠٧، "علل الوقوف" للسجاوندي: ١/ ٢٢٠، "البحر المحيط" لأبي حيان: ٢/ ٣٧٤. ولكنَّ المعروف والمضبوط عن عاصم هو الوصلُ وفتح الميم، وهي =
(٢) أي: بأن تُفتح الميمُ، ولا تظهر همزةُ اسم الجلالة في الوصل، حال النطق. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" للزجّاج ١/ ٣٧٣، "السبعة في القراءات" لابن مجاهد ٢٠٠، "الحجة للقراء السبعة" لأبي علي الفارسي ٣/ ٨، وكتاب "التبصرة في القراءات السبع" لمكي بن أبي طالب ٤٥٥، "إتحاف فضلاء البشر" لأحمد البَنّا ص ١٧٠. ويجوز لكل القرّاء في "ميم" المدُّ والقصر؛ لتغير سبب المد، فيجوز الاعتداد بالعارض وعدمه. انظر: "إتحاف فضلاء البشر" ص ١٧٠، "البدور الزاهرة" لعبد الفتاح القاضي ٥٨.
(٣) في (ج)، (د): (روي).
(٤) (قَطَع الألف) أي: ابتدأ بها. انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩، "السبعة" لابن مجاهد ٢٠٠، "التبصرة" لمكي ص ٤٥٥. وهذه القراءة عن عاصم، رواها ابنُ مجاهد من طرق عدّة عن أبي بكر عنه، كما رُويت عن الحسن، وعمرو بن عبيد، وأبي جعفر الرؤاسي، والأعمش، والأعشى، والبرجمي، وابن القعقاع. انظر: "السبعة" ص ٢٠٠، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٩، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٠٧، "علل الوقوف" للسجاوندي: ١/ ٢٢٠، "البحر المحيط" لأبي حيان: ٢/ ٣٧٤. ولكنَّ المعروف والمضبوط عن عاصم هو الوصلُ وفتح الميم، وهي =
7
واختلفوا في عِلَّةِ فتح الميم: فقال الفراء (١): طُرِحت عليها فتحةُ الهمزة؛ لأن نيّة حروف الهجاء الوقف. فَلَمَّا كان يُنوى بها الوقفُ، نُوي بما بعده الاستئنافُ، فكانت الهمزةُ في حُكْم الثَّبات (٢).
ومذهب سيبويه (٣): أنه حُرَّك لالتقاء الساكِنَينِ (٤)، والساكن الذي حُرّك له الميمُ، لامُ التعريف؛ وذلك أنَّ حُكْمَ هذه الهمزة، أن تُجتلَبَ في الابتداء، إذا احتيجَ إلى اللفظ بحرفٍ ساكنٍ، دون الصِّلَةِ والإدْراج، فإذا اتَّصلَ الساكنُ المُجتَلَبُ له هذا الحرفُ بشيءٍ قبله، استُغنِيَ عنه، فحُذِفَ. فإن اتّصَلَ بمتحرِّكٍ، بُنيَ على حركته (٥)، نحو: (ذهبَ ابْنُك). وإنْ كان حرفًا ساكنًا -غيرَ لَيِّنٍ- حُرّكَ، نَحْوَ: ﴿عَذَابٍ (٤١) ارْكُضْ﴾ (٦) [ص: ٤١ - ٤٢]،
ومذهب سيبويه (٣): أنه حُرَّك لالتقاء الساكِنَينِ (٤)، والساكن الذي حُرّك له الميمُ، لامُ التعريف؛ وذلك أنَّ حُكْمَ هذه الهمزة، أن تُجتلَبَ في الابتداء، إذا احتيجَ إلى اللفظ بحرفٍ ساكنٍ، دون الصِّلَةِ والإدْراج، فإذا اتَّصلَ الساكنُ المُجتَلَبُ له هذا الحرفُ بشيءٍ قبله، استُغنِيَ عنه، فحُذِفَ. فإن اتّصَلَ بمتحرِّكٍ، بُنيَ على حركته (٥)، نحو: (ذهبَ ابْنُك). وإنْ كان حرفًا ساكنًا -غيرَ لَيِّنٍ- حُرّكَ، نَحْوَ: ﴿عَذَابٍ (٤١) ارْكُضْ﴾ (٦) [ص: ٤١ - ٤٢]،
= روايةُ حفصٍ عنه. ويقول الزجّاج: (والمضبوط عن عاصم في رواية أبي بكر بن عياش وأبي عمرو فتح الميم. وفتح الميم إجماعٌ). ويقول مكي: (والذي قرأت به في رواية يحيى بن آدم بالوصل، مثل الجماعة). يعني: رواية يحيى عن أبي بكر. انظر: "معاني القرآن" للزجّاج: ١/ ٣٧٣، "التبصرة" لمكي ٤٥٥، "السبعة" لابن مجاهد ص ٢٠٠، "الحجة" للفارسي ٣/ ٥.
(١) في "معاني القرآن" له ١/ ٩. نقله عنه بالمعنى. وقد تقدمت ترجمته.
(٢) يعني بـ "الثبات": عدم سقوط الهمزة في الوصل. وقد ذهب الزمخشريُّ مذهبَ الفرّاء، وناقشه أبو حيان ورَدَّ عليه. انظر: "الكشاف" للزمخشري ١/ ٤١٠، "البحر المحيط" لأبي حيان ٢/ ٣٧٥ "الدر المصون" للسمين الحلبي ٣/ ٨١٢.
(٣) في "الكتاب" له ٤/ ١٥٢.
(٤) قال السمين الحلبي: (وهو مذهب سيبويه وجمهور الناس). "الدر المصون" ٣/ ٦.
(٥) في (ج): (متحركة).
(٦) يقول أبو علي الفارسي: (فإن كان الحرف الثاني من الكلمة التي فيها الساكن الثاني مضمومًا ضمة لازمة، جاز فيه التحريكُ بالضم والكسر جميعًا) وأتى بهذه الآية ضمن الشواهد على ذلك. ثم قال: وجميع هذا يجوز في الساكن الأول التحريك بالضم) أي أن تقرأ هكذا: ﴿عَذَابٍ (٤١) ارْكُضْ﴾ في حال الوصل. "التكملة" للفارسي ١٧٧، وانظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ١٥٣، "الكشف" لمكي ١/ ٢٧٤. وقد قرأ بكسر الباء مع التنوين في ﴿عَذَابٌ﴾ في حال الوصل: عاصم، وحمزة، وأبو عمرو بن العلاء، وقنبل، وابن ذكوان، ويعقوب. وأجمعوا على ضم الهمزة في الابتداء. وقرأ الباقون بضم الباء مع التنوين. انظر: "الكشف" لمكي ١/ ٢٧٤، ٢٧٥، وقال: والضم في ذلك كلِّه الاختيارُ؛ لأن عليه أكثر القراء، ولأنه أخف. والكسر حسن؛ لأنه الأصل في حركة التقاء الساكنين. وانظر: "إتحاف فضلاء البشر" ص ٣٧٢، "البدور الزاهرة" ص ٢٧٢.
(١) في "معاني القرآن" له ١/ ٩. نقله عنه بالمعنى. وقد تقدمت ترجمته.
(٢) يعني بـ "الثبات": عدم سقوط الهمزة في الوصل. وقد ذهب الزمخشريُّ مذهبَ الفرّاء، وناقشه أبو حيان ورَدَّ عليه. انظر: "الكشاف" للزمخشري ١/ ٤١٠، "البحر المحيط" لأبي حيان ٢/ ٣٧٥ "الدر المصون" للسمين الحلبي ٣/ ٨١٢.
(٣) في "الكتاب" له ٤/ ١٥٢.
(٤) قال السمين الحلبي: (وهو مذهب سيبويه وجمهور الناس). "الدر المصون" ٣/ ٦.
(٥) في (ج): (متحركة).
(٦) يقول أبو علي الفارسي: (فإن كان الحرف الثاني من الكلمة التي فيها الساكن الثاني مضمومًا ضمة لازمة، جاز فيه التحريكُ بالضم والكسر جميعًا) وأتى بهذه الآية ضمن الشواهد على ذلك. ثم قال: وجميع هذا يجوز في الساكن الأول التحريك بالضم) أي أن تقرأ هكذا: ﴿عَذَابٍ (٤١) ارْكُضْ﴾ في حال الوصل. "التكملة" للفارسي ١٧٧، وانظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ١٥٣، "الكشف" لمكي ١/ ٢٧٤. وقد قرأ بكسر الباء مع التنوين في ﴿عَذَابٌ﴾ في حال الوصل: عاصم، وحمزة، وأبو عمرو بن العلاء، وقنبل، وابن ذكوان، ويعقوب. وأجمعوا على ضم الهمزة في الابتداء. وقرأ الباقون بضم الباء مع التنوين. انظر: "الكشف" لمكي ١/ ٢٧٤، ٢٧٥، وقال: والضم في ذلك كلِّه الاختيارُ؛ لأن عليه أكثر القراء، ولأنه أخف. والكسر حسن؛ لأنه الأصل في حركة التقاء الساكنين. وانظر: "إتحاف فضلاء البشر" ص ٣٧٢، "البدور الزاهرة" ص ٢٧٢.
8
و ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا﴾ (١) [الجن: ١٦].
فكذلك (٢) الهمزة في أسماءِ اللهِ عزّ وجلّ مِن قوله: ﴿الم﴾، إذا اتَّصَلَ بما قبلها لزم حذفُها، كما لزم إسقاطُها فيما (٣) ذكرنا. وإذا لزم حذفها، لزم حذفُ حركتها أيضًا؛ لأنك لا تجدُ هذه الهمزة المُجْتَلَبَة في موضع ملقاةً، وحركتَها مبقاةً. فإذا لزم حذفها، لم يجُزْ إلقاؤها على الحرف الساكن. فليس حركةُ الميم إذن (٤) حركةَ الهمزة، وإذا لم تكن حركةَ الهمزة، ثبت أنها حركةُ التقاء الساكنَيْنِ.
وأمّا ما احتج به الفرّاءُ مِن أنّ هذه الحروف موضوعةٌ على الوقف، وإذا كان كذلك وجب أنْ تثبت الهمزةُ ولا تحذَف، كما تثبت في الابتداء، فإذا لزم أن لا (٥) تحذف كما لا تحذف (٦) في الابتداء، لم يمتنع أن تُلْقَى
فكذلك (٢) الهمزة في أسماءِ اللهِ عزّ وجلّ مِن قوله: ﴿الم﴾، إذا اتَّصَلَ بما قبلها لزم حذفُها، كما لزم إسقاطُها فيما (٣) ذكرنا. وإذا لزم حذفها، لزم حذفُ حركتها أيضًا؛ لأنك لا تجدُ هذه الهمزة المُجْتَلَبَة في موضع ملقاةً، وحركتَها مبقاةً. فإذا لزم حذفها، لم يجُزْ إلقاؤها على الحرف الساكن. فليس حركةُ الميم إذن (٤) حركةَ الهمزة، وإذا لم تكن حركةَ الهمزة، ثبت أنها حركةُ التقاء الساكنَيْنِ.
وأمّا ما احتج به الفرّاءُ مِن أنّ هذه الحروف موضوعةٌ على الوقف، وإذا كان كذلك وجب أنْ تثبت الهمزةُ ولا تحذَف، كما تثبت في الابتداء، فإذا لزم أن لا (٥) تحذف كما لا تحذف (٦) في الابتداء، لم يمتنع أن تُلْقَى
(١) وقد وردت كتابتها في جميع النسخ: (وأن لو) بفصل (أن) عن (لو). وأثبتها وفق رسم المصحف.
(٢) في (ج): (فلذلك).
(٣) في (ج): (في ما).
(٤) في (ب)، (ج)، (د): (إذًا).
(٥) (لا) ساقطة من: (ج)، (د).
(٦) (كما لا تحذف): ساقط من (ج).
(٢) في (ج): (فلذلك).
(٣) في (ج): (في ما).
(٤) في (ب)، (ج)، (د): (إذًا).
(٥) (لا) ساقطة من: (ج)، (د).
(٦) (كما لا تحذف): ساقط من (ج).
9
حركتُها على ما قبلها. قيل: إنَّ وضعَ هذه الحروف (١) على الوقف، لا توجب (٢) قطعَ ألفِ الوصل وإثباته (٣) في المواضع التي تسقط فيها. وأنت إذا ألقيت حركته على الساكن، فقد وصلت الكلمة التي هي فيها بما قبلها، وإنْ كان ما قبلها موضوعًا على الوقف.
فقولك: (ألقيت حركته عليه) بمنزلة قولك: (وَصَلْتُه)، ألا ترى أنك إذا خفَّفْتَ (مَنْ أَبُوكَ)، قلتَ: (مَنَ بُوك) فَوَصَلْتَ، ولو (٤) وَقَفْتَ لم تُلقِ الحركةَ عليها، فإذا (٥) وصلْتَها بما قبلها، لَزِمَ إسقاطُها، وكان إثباتُها مخالفًا لأحكامها في سائرِ مُتَصَرفاتها (٦).
ويقوي قولَ الفراء ما حكاه سيبويه (٧) مِن قولهم: (ثَلَثَهَرْبَعَة) (٨) ألاَ
فقولك: (ألقيت حركته عليه) بمنزلة قولك: (وَصَلْتُه)، ألا ترى أنك إذا خفَّفْتَ (مَنْ أَبُوكَ)، قلتَ: (مَنَ بُوك) فَوَصَلْتَ، ولو (٤) وَقَفْتَ لم تُلقِ الحركةَ عليها، فإذا (٥) وصلْتَها بما قبلها، لَزِمَ إسقاطُها، وكان إثباتُها مخالفًا لأحكامها في سائرِ مُتَصَرفاتها (٦).
ويقوي قولَ الفراء ما حكاه سيبويه (٧) مِن قولهم: (ثَلَثَهَرْبَعَة) (٨) ألاَ
(١) في (ج): (الحرف).
(٢) في (د): (يوجب).
(٣) في (ج): (وإثباتها).
(٤) (ولو) ساقطة من (د).
(٥) في (ب): (وإذا).
(٦) يقول السمين الحلبي - بعد أن نقل ردّ الواحدي هذا على الفراء: (قلت: هذا الرد مردود؛ بأن ذلك معامل معاملة الموقوف عليه، والابتداء بما بعده، لا أنه موقوف عليه، ومبتدأ بما بعده حقيقةً، حتى يَرُدَّ عليه بما ذكر). "الدر المصون" ٣/ ٨. ورأي الفراء هذا رده آخرون غير المؤلف، ومنهم: أبو علي الفارسي، وابن جنِّي، وخطَّأه تاجُ القراء الكرماني، واستبعده العكبريُّ. انظر: "الحجة" للفارسي: ٣/ ٩، "المحتسب" لابن جني: ٢٤٠، "غرائب التفسير وعجائب التأويل" للكرماني ١/ ١٣٩، "التبيان" للعكبري ١/ ١٧٣. قال الفارسي: (ولا يجوز أن تكون الفتحة لهمزة الوصل ألقيت على النون؛ لأن الهمزة إذا أوجب الإدراجُ إسقاطَها لم تبق لها حركة تلقى على شيء، فيما علمناه).
(٧) في "الكتاب" ٣/ ٢٦٥.
(٨) (ثلثهربعة): مطموسة في (د).
(٢) في (د): (يوجب).
(٣) في (ج): (وإثباتها).
(٤) (ولو) ساقطة من (د).
(٥) في (ب): (وإذا).
(٦) يقول السمين الحلبي - بعد أن نقل ردّ الواحدي هذا على الفراء: (قلت: هذا الرد مردود؛ بأن ذلك معامل معاملة الموقوف عليه، والابتداء بما بعده، لا أنه موقوف عليه، ومبتدأ بما بعده حقيقةً، حتى يَرُدَّ عليه بما ذكر). "الدر المصون" ٣/ ٨. ورأي الفراء هذا رده آخرون غير المؤلف، ومنهم: أبو علي الفارسي، وابن جنِّي، وخطَّأه تاجُ القراء الكرماني، واستبعده العكبريُّ. انظر: "الحجة" للفارسي: ٣/ ٩، "المحتسب" لابن جني: ٢٤٠، "غرائب التفسير وعجائب التأويل" للكرماني ١/ ١٣٩، "التبيان" للعكبري ١/ ١٧٣. قال الفارسي: (ولا يجوز أن تكون الفتحة لهمزة الوصل ألقيت على النون؛ لأن الهمزة إذا أوجب الإدراجُ إسقاطَها لم تبق لها حركة تلقى على شيء، فيما علمناه).
(٧) في "الكتاب" ٣/ ٢٦٥.
(٨) (ثلثهربعة): مطموسة في (د).
10
ترى أنهم أجروا الوصل في هذا مجرى الوقف؛ حيث ألقَوا حركة الهمزة على التاء التي للتأنيث، وأبقوها هاءً، كما تكون في الوقف، ولم يقلبوها تاءً (١)؛كما يقولون في الوصل: (هذه ثلاثتك) كذلك ههنا لَمّا كانت النيّةُ في الميم الوقفَ، وفيما بعدها الاستئنافَ، كانت الهمزةُ في حُكْمِ الثَبَات، فأُلقِيَت حَرَكَتُها على الميم. فله حُكْم الوقف مِن وَجْهٍ، وحُكْمُ الوَصْلِ مِن وَجْهٍ؛ كما كان في (ثَلَثَهَرْبَعَة) (٢)، له حُكْمُ الوصل؛ من حيث إلقاء حركةِ الهمزة على (الهاء)، وحُكْم الوقف، حيث أبقوا الهاءَ على حالها (٣).
والساكن الذي حُرِّكت لَهُ الميمُ في ﴿الم﴾، الساكنُ الثالث، وهو (٤): لام التعريف؛ وذلك أنّ حروف التَّهَجِّي يجتمع فيها ساكنان؛ كقوله: ﴿حم (١) عسق﴾ [الشورى: ١ - ٢]، ولا يُحرَّك الساكنُ الثاني منها. وجمعهم بين الساكِنَيْنِ في هذه الحروف، دليلٌ على أنها في ﴿الم﴾ ليس بمتحرك للساكن الثاني إذ لو كان للثاني (٥) لم يُحرَّك كما لم يُحرَّك سائرُ ما ذكرنا (٦).
والساكن الذي حُرِّكت لَهُ الميمُ في ﴿الم﴾، الساكنُ الثالث، وهو (٤): لام التعريف؛ وذلك أنّ حروف التَّهَجِّي يجتمع فيها ساكنان؛ كقوله: ﴿حم (١) عسق﴾ [الشورى: ١ - ٢]، ولا يُحرَّك الساكنُ الثاني منها. وجمعهم بين الساكِنَيْنِ في هذه الحروف، دليلٌ على أنها في ﴿الم﴾ ليس بمتحرك للساكن الثاني إذ لو كان للثاني (٥) لم يُحرَّك كما لم يُحرَّك سائرُ ما ذكرنا (٦).
(١) أي: أن أصلها (ثلاثة أربعة)، فلما وقفنا على (ثلاثة) أبدلنا التاء (هاءً) كما هو اللغة المشهورة، ثم أجرينا الوصل مجرى الوقف، فتركنا الهاءَ على حالها في الوصل، ثم نقلنا الهمزة إلى الهاء، فكذلك هذا. وانظر: "الدر المصون" ٣/ ٨
(٢) (ثلثهربعة): مطموسة في (د).
(٣) ولكن يلاحظ أن الهمزةَ في (أربعة) همزة قطع، فهي ثابتة في الابتداء والدرج، وعليه نقلت حركتها. أما همزة اسم الجلالة، فهي همزة وصل واجبة السقوط، فلا تنقل حركتها إلى ما قبلها. وهذا هو الفرق. انظر: "غرائب التفسير" للكرماني ١/ ٢٤٠، "الدر المصون" ٣/ ٨.
(٤) في (د): (فهو).
(٥) في (ج): (الثاني).
(٦) انظر: "التكملة" للفارسي ١٧٩، "غرائب التفسير" للكرماني ١/ ٢٣٩.
(٢) (ثلثهربعة): مطموسة في (د).
(٣) ولكن يلاحظ أن الهمزةَ في (أربعة) همزة قطع، فهي ثابتة في الابتداء والدرج، وعليه نقلت حركتها. أما همزة اسم الجلالة، فهي همزة وصل واجبة السقوط، فلا تنقل حركتها إلى ما قبلها. وهذا هو الفرق. انظر: "غرائب التفسير" للكرماني ١/ ٢٤٠، "الدر المصون" ٣/ ٨.
(٤) في (د): (فهو).
(٥) في (ج): (الثاني).
(٦) انظر: "التكملة" للفارسي ١٧٩، "غرائب التفسير" للكرماني ١/ ٢٣٩.
11
قال الأخفش (١): لو كسرت الميم لالتقاء الساكِنَيْن، فقيل: ﴿الم﴾، لَجَازَ.
قال أبو إسحاق (٢): هذا غلط من أبي الحسن؛ لأن قبل الميم ياءً، مكسورًا (٣) ما قبلها، فحقها الفتح؛ لالتقاء الساكنين؛ لِثِقَلِ الكَسْرِ مع الياء (٤).
قال أبو علي (٥): كَسْرُ الميم لو ورد بذلك (٦) سماعٌ، لم يدفعه قياس، بل كان يُثَبِّتُه ويُقَوِّيه؛ لأنَ الأصل (٧) في التحريك لالتقاء الساكنين الكسرُ. وإنما يُترك الكسرُ (٨) إلى غير ذلك؛ لِمَا يَعْرِضُ مِن عِلّةٍ وكراهةٍ. فإذا جاء الشيء على ما به فلا وجه لِرَدِّهِ، ولا مَسَاغ (٩) لِدَفْعِهِ.
وقول أبي إسحاق: (إنَّ ما قبل الميم ياءً مكسورًا (١٠) [قبلها] (١١)
قال أبو إسحاق (٢): هذا غلط من أبي الحسن؛ لأن قبل الميم ياءً، مكسورًا (٣) ما قبلها، فحقها الفتح؛ لالتقاء الساكنين؛ لِثِقَلِ الكَسْرِ مع الياء (٤).
قال أبو علي (٥): كَسْرُ الميم لو ورد بذلك (٦) سماعٌ، لم يدفعه قياس، بل كان يُثَبِّتُه ويُقَوِّيه؛ لأنَ الأصل (٧) في التحريك لالتقاء الساكنين الكسرُ. وإنما يُترك الكسرُ (٨) إلى غير ذلك؛ لِمَا يَعْرِضُ مِن عِلّةٍ وكراهةٍ. فإذا جاء الشيء على ما به فلا وجه لِرَدِّهِ، ولا مَسَاغ (٩) لِدَفْعِهِ.
وقول أبي إسحاق: (إنَّ ما قبل الميم ياءً مكسورًا (١٠) [قبلها] (١١)
(١) في "معاني القرآن" له ١/ ٢٢. نقله عنه بمعناه. وقد تقدمت ترجمته.
(٢) قوله في "معاني القرآن وإعرابه" له ١/ ٣٧٣. نقله عنه بنصه.
(٣) في (ج): (مكسور).
(٤) في "معاني القرآن" (وذلك لثقل الكسرة مع الياء).
(٥) لم أقف على مصدر قوله فيما رجعت إليه من كتبه المطبوعة، وقد أورد قوله السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ١٤.
(٦) في (ب): (به).
(٧) في (ج): (الوصل).
(٨) في (ج): (القياس).
(٩) في (ج): (امتناع).
(١٠) في (ج): (مكسورة).
(١١) ما بين المعقوفين زيادة أضفتها من "الدر المصون" للسمين ٣/ ١٤. حيث أورد السمين هذه العبارة ناقلًا لها عن الواحدي، وكذلك هي في الأصل المنقول عنه وهو "معاني الزجاج" حيث إن الزجاج لا يعني كسر الياء، وإنما كسر ما قبل الياء.
(٢) قوله في "معاني القرآن وإعرابه" له ١/ ٣٧٣. نقله عنه بنصه.
(٣) في (ج): (مكسور).
(٤) في "معاني القرآن" (وذلك لثقل الكسرة مع الياء).
(٥) لم أقف على مصدر قوله فيما رجعت إليه من كتبه المطبوعة، وقد أورد قوله السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ١٤.
(٦) في (ب): (به).
(٧) في (ج): (الوصل).
(٨) في (ج): (القياس).
(٩) في (ج): (امتناع).
(١٠) في (ج): (مكسورة).
(١١) ما بين المعقوفين زيادة أضفتها من "الدر المصون" للسمين ٣/ ١٤. حيث أورد السمين هذه العبارة ناقلًا لها عن الواحدي، وكذلك هي في الأصل المنقول عنه وهو "معاني الزجاج" حيث إن الزجاج لا يعني كسر الياء، وإنما كسر ما قبل الياء.
12
فحقها الفتح)، ينتقضُ بقولهم: (جَيْرِ) وكان مِنَ الأَمْرِ) (١) (ذَيْتِ وذِيْتِ) (٢) و (كَيْتِ وكِيْتِ) (٣). فَحُرِّك الساكنُ بعد الياء بالكسر، كما حُرِّك بعدها بالفتح في (أيْنَ).
وكما جاز الفتح بعد الياء؛ لقولهم (٤): (أيْنَ)، كذلك يجوز الكسرُ بعدها؛ لقولهم: (جَيْرِ) (٥).
ويدل على جواز التحريك بالكسر لالتقاء الساكنين في ما (٦) كان قبله ياء جوازُ تحريكه بالضم؛ كقولهم (٧): (حيثُ). وإذا (٨) جازَ الضمُّ، كان الكسرُ أسهلَ، وأجْوَزَ.
وكما جاز الفتح بعد الياء؛ لقولهم (٤): (أيْنَ)، كذلك يجوز الكسرُ بعدها؛ لقولهم: (جَيْرِ) (٥).
ويدل على جواز التحريك بالكسر لالتقاء الساكنين في ما (٦) كان قبله ياء جوازُ تحريكه بالضم؛ كقولهم (٧): (حيثُ). وإذا (٨) جازَ الضمُّ، كان الكسرُ أسهلَ، وأجْوَزَ.
(١) (جير وكان من الأمر): ساقط من (ج)، (جَيْر) بكسر الراء، وقد يُنَوَّن: يمينٌ، أي: حَقَّا. أو بمعنى نعم، أو أجل. انظر: "البسيط في شرح جمل الزجاجي" ٢/ ٩٣٧، ٩٤٤، "مجمل اللغة" لابن فارس: ١/ ٢٠٤، "القاموس المحيط" ص٣٧٠ (جير).
(٢) في (د): (ديت وديت).
(٣) (ذيت وذيت) بفتح التاء أو كسرها أو ضمها: اسم كناية، يكنى بها عن الحديث أو القصة أي: الحديث عن شيء حصل أو قول وقع. ولا بد مع تكرارهما مع فصلهما بالواو، مع اعتبارهما كلمة واحدة في محل نصب أو جر أو رفع حسب حاجة الجملة. ويقال في (كيت وكيت) ما قيل في (ذيت وذيت). ولم أقف في المصادر التي رجعت إليها على كسر الذال من (ذيت) والكاف من (كيت). انظر: "الخصائص" لابن جني ١/ ٢٠٢، "سر صناعة الإعراب" له: ١/ ١٥٢ - ١٥٣، "لسان العرب" ٣/ ١٥٢٨ (ذيت) ٧/ ٣٩٦٤ (كيت)، "النحو الوافي" ٤/ ٥٨٣.
(٤) في (ج)، (د): (كقولهم). وفي "الدر المصون": (في قولهم).
(٥) في (ج): (خبر).
(٦) في (ب)، (ج)، (د)، "الدر المصون": (فيما).
(٧) في (د): (لقولهم). وفي "الدر المصون" (نحو قولهم).
(٨) في (د): (إذا). بدون واو.
(٢) في (د): (ديت وديت).
(٣) (ذيت وذيت) بفتح التاء أو كسرها أو ضمها: اسم كناية، يكنى بها عن الحديث أو القصة أي: الحديث عن شيء حصل أو قول وقع. ولا بد مع تكرارهما مع فصلهما بالواو، مع اعتبارهما كلمة واحدة في محل نصب أو جر أو رفع حسب حاجة الجملة. ويقال في (كيت وكيت) ما قيل في (ذيت وذيت). ولم أقف في المصادر التي رجعت إليها على كسر الذال من (ذيت) والكاف من (كيت). انظر: "الخصائص" لابن جني ١/ ٢٠٢، "سر صناعة الإعراب" له: ١/ ١٥٢ - ١٥٣، "لسان العرب" ٣/ ١٥٢٨ (ذيت) ٧/ ٣٩٦٤ (كيت)، "النحو الوافي" ٤/ ٥٨٣.
(٤) في (ج)، (د): (كقولهم). وفي "الدر المصون": (في قولهم).
(٥) في (ج): (خبر).
(٦) في (ب)، (ج)، (د)، "الدر المصون": (فيما).
(٧) في (د): (لقولهم). وفي "الدر المصون" (نحو قولهم).
(٨) في (د): (إذا). بدون واو.
13
وأما (١) ما رُوي عن عاصم، من قطعه الألف، فكأنّهُ قدّر الوقفَ (٢) على الميم، واستأنف (الله). فقطع (٣) الهمزة للابتداء بها.
قال محمد بن إسحاق (٤)، والكَلْبِي (٥)، والرَّبِيع (٦):
نزلت هذه الآية، إلى (٧) نيّف وثمانين من هذه السورة، في وفْدِ نَجْران (٨)، مِنَ النَّصَارَى، لَمّا جاءُوا يُحَاجُّونَ النبي - ﷺ - (٩).
قال محمد بن إسحاق (٤)، والكَلْبِي (٥)، والرَّبِيع (٦):
نزلت هذه الآية، إلى (٧) نيّف وثمانين من هذه السورة، في وفْدِ نَجْران (٨)، مِنَ النَّصَارَى، لَمّا جاءُوا يُحَاجُّونَ النبي - ﷺ - (٩).
(١) من قوله: (وأما..) إلى (.. للابتداء بها): نقله بنصه عن "الحجة" للفارسي: ٣/ ٩.
(٢) في "الحجة": (الوقوف).
(٣) في (د): (وقطع).
(٤) قوله في "سيرة ابن هشام" ٢/ ١٧٥، "تفسير الطبري" ٣/ ١٦٢، "المحرر الوجيز" ٣/ ٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٦٨.
وهو: محمد بن إسحاق بن يَسَار، المُطَّلِبي بالولاء، من أهل المدينة، سكن العراق، إمام في المغازي والسيرة النبوية، رُمَي بالتشيع والقدر، صدوق يُدلِّس، مات ببغداد سنة (١٥١ هـ)، وقيل بعدها. انظر: "وفيات الأعيان" ٤/ ٢٧٦، "تذكرة الحفاظ" ١/ ١٧٢، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٠٤.
(٥) قوله في "بحر العلوم" ٢/ ٨، "تفسير البغوي" ٢/ ٥.
(٦) قوله في "تفسير الطبري" ٣/ ١٦٣، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٨٥، "تفسير البغوي" ٢/ ٥، "المحرر الوجيز": ٣/ ٥.
(٧) في (ج): (في).
(٨) نجران: هي الآن في أرض الحجاز من المملكة العربية السعودية، وكانت قديمًا من مدن اليمن، من ناحية مكة. انظر حولها "معجم ما استعجم" ٤/ ١٢٩٨، "معجم البلدان" ٥/ ٢٦٦.
(٩) انظر في خبر وفد نجران، وأنه سبب نزول هذه الآيات إضافة إلى المصادر السابقة: "أسباب النزول" للمؤلف ص ٩٩، "امتناع الأسماع" للمقريزي ١/ ٥٠٢، "وتفسيرات شيخ الإسلام ابن تيمية" جمع إقبال الأعظمي: ١١٥، "زاد المعاد" لابن القيم: ٣/ ٦٢٩، "السيرة النبوية" لابن كثير: ١/ ٣٦٧، "البداية والنهاية" له ٥/ ٥٢ - ٥٦، "حدائق الأنوار" لابن الدَّيْبَع الشيباني ١/ ٦٨، ٢/ ٧٠٩، "الدر=
(٢) في "الحجة": (الوقوف).
(٣) في (د): (وقطع).
(٤) قوله في "سيرة ابن هشام" ٢/ ١٧٥، "تفسير الطبري" ٣/ ١٦٢، "المحرر الوجيز" ٣/ ٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٦٨.
وهو: محمد بن إسحاق بن يَسَار، المُطَّلِبي بالولاء، من أهل المدينة، سكن العراق، إمام في المغازي والسيرة النبوية، رُمَي بالتشيع والقدر، صدوق يُدلِّس، مات ببغداد سنة (١٥١ هـ)، وقيل بعدها. انظر: "وفيات الأعيان" ٤/ ٢٧٦، "تذكرة الحفاظ" ١/ ١٧٢، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٠٤.
(٥) قوله في "بحر العلوم" ٢/ ٨، "تفسير البغوي" ٢/ ٥.
(٦) قوله في "تفسير الطبري" ٣/ ١٦٣، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٨٥، "تفسير البغوي" ٢/ ٥، "المحرر الوجيز": ٣/ ٥.
(٧) في (ج): (في).
(٨) نجران: هي الآن في أرض الحجاز من المملكة العربية السعودية، وكانت قديمًا من مدن اليمن، من ناحية مكة. انظر حولها "معجم ما استعجم" ٤/ ١٢٩٨، "معجم البلدان" ٥/ ٢٦٦.
(٩) انظر في خبر وفد نجران، وأنه سبب نزول هذه الآيات إضافة إلى المصادر السابقة: "أسباب النزول" للمؤلف ص ٩٩، "امتناع الأسماع" للمقريزي ١/ ٥٠٢، "وتفسيرات شيخ الإسلام ابن تيمية" جمع إقبال الأعظمي: ١١٥، "زاد المعاد" لابن القيم: ٣/ ٦٢٩، "السيرة النبوية" لابن كثير: ١/ ٣٦٧، "البداية والنهاية" له ٥/ ٥٢ - ٥٦، "حدائق الأنوار" لابن الدَّيْبَع الشيباني ١/ ٦٨، ٢/ ٧٠٩، "الدر=
14
قال ابن عباس (١) في رواية عَطَاء، والضحاك في قوله: ﴿الم﴾ يريد بالألف: الله، واللام (٢): جبريل، والميم: محمد - ﷺ - (٣). وقد مضى الكلام في حروف التَّهَجِّي، وفي معنى ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
٣ - قوله تعالى: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾. إنّما قال: ﴿نَزَّلَ﴾، وقال: ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾؛ لأن التنزيل للتكثير. والقرآن نزل نجومًا، شيء بعد شيء، والتوراة والإنجيل نزلتا دفعةً واحدةً (٤).
٣ - قوله تعالى: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾. إنّما قال: ﴿نَزَّلَ﴾، وقال: ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾؛ لأن التنزيل للتكثير. والقرآن نزل نجومًا، شيء بعد شيء، والتوراة والإنجيل نزلتا دفعةً واحدةً (٤).
= المنثور" للسيوطي: ٢/ ٦٦، "لباب النقول" له: ٥١، وزاد في نسبة إخراجه فيهما لابن المنذر، والبيهقي في "دلائل النبوة". وانظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٩٥ - ٣٩٨ فله توجيه لطيف حول قول محمد بن إسحاق هذا ومن معه في سبب نزول هذه الآية.
(١) قوله في "تفسير الثعلبي" (مخطوط مصور في جامعة الإمام): ١/ ٢٣ ب.
(٢) في (ب): (والميم واللام).
(٣) أورد الأثر هذا عنه الثعلبي في تفسيره "الكشف والبيان" ١/ ٢٣ ب.
(٤) وقد ذهب كثير من المفسرين، إلى ما ذهب إليه المؤلفُ، من تخصيص القرآن، هنا بلفظ التنزيل، الدال على التكثير؛ نظرًا لنزوله منجمًا، وأن التوراة والإنجيل خُصَّا بالإنزال؛ لأنهما نزلا دفعة واحدة ومن هؤلاء المفسرين: الثعلبي، والبغوي، والزمخشري، وبيان الحق النيسابوري، وابن الجوزي، والقرطبي، والنسفي، وأبو جعفر بن الزبير الغرناطي، وابن جماعة، والبيضاوي، والمهايمي، وأبو السعود. انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ٤ أ، "تفسير البغوي" ٢/ ٦، "الكشاف" للزمخشري: ١/ ٢٣٨، ٤١٢، "وضح البرهان" لبيان الحق: ١/ ٢٣٣، "زاد المسير" ١/ ٣٤٩، "تفسير القرطبي" ٤/ ٥، "تفسير النسفي" ١/ ١٤١، "ملاك التأويل" لابن الزبير: ١/ ١٤١، "كشف المعاني" لابن جماعة: ١٢٣، "تفسير اليضاوي" ١/ ٦٢، "تفسير المهايمي" ١/ ١٠٢، "تفسير أبي السعود" ٢/ ٤.
ولكن رُدَّ هذا القول بالآتي: إن التضعيف الدال على الكثرة، شرطه أن يكون في الأفعال المتعدية قبل التضعيف غالبًا؛ نحو: (فتَّحت الباب)، وفعل (نَزَل) لم=
(١) قوله في "تفسير الثعلبي" (مخطوط مصور في جامعة الإمام): ١/ ٢٣ ب.
(٢) في (ب): (والميم واللام).
(٣) أورد الأثر هذا عنه الثعلبي في تفسيره "الكشف والبيان" ١/ ٢٣ ب.
(٤) وقد ذهب كثير من المفسرين، إلى ما ذهب إليه المؤلفُ، من تخصيص القرآن، هنا بلفظ التنزيل، الدال على التكثير؛ نظرًا لنزوله منجمًا، وأن التوراة والإنجيل خُصَّا بالإنزال؛ لأنهما نزلا دفعة واحدة ومن هؤلاء المفسرين: الثعلبي، والبغوي، والزمخشري، وبيان الحق النيسابوري، وابن الجوزي، والقرطبي، والنسفي، وأبو جعفر بن الزبير الغرناطي، وابن جماعة، والبيضاوي، والمهايمي، وأبو السعود. انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ٤ أ، "تفسير البغوي" ٢/ ٦، "الكشاف" للزمخشري: ١/ ٢٣٨، ٤١٢، "وضح البرهان" لبيان الحق: ١/ ٢٣٣، "زاد المسير" ١/ ٣٤٩، "تفسير القرطبي" ٤/ ٥، "تفسير النسفي" ١/ ١٤١، "ملاك التأويل" لابن الزبير: ١/ ١٤١، "كشف المعاني" لابن جماعة: ١٢٣، "تفسير اليضاوي" ١/ ٦٢، "تفسير المهايمي" ١/ ١٠٢، "تفسير أبي السعود" ٢/ ٤.
ولكن رُدَّ هذا القول بالآتي: إن التضعيف الدال على الكثرة، شرطه أن يكون في الأفعال المتعدية قبل التضعيف غالبًا؛ نحو: (فتَّحت الباب)، وفعل (نَزَل) لم=
15
و ﴿وَالكِتَابِ﴾؛ يعني: القرآن (١). فهو مصدرٌ، سُمِّي به المكتوب.
وقوله تعالى: ﴿بِاَلحَقِّ﴾. أي: بالصدق في أخباره، وجميع دلالاته.
وقوله تعالى: ﴿بِاَلحَقِّ﴾. أي: بالصدق في أخباره، وجميع دلالاته.
= يكن متعديًا قبل التضعيف. وقولهم: (غالبًا): لأن التضعيف جاء دالًا على الكثرة في اللازم؛ نحو: (موَّت المالُ): إذا كثر. إن التضعيف الدال على الكثرة، لا يجعل اللازم متعديًا كما في (مَوَّت المال). ولما كان (نزل) لازما، وصار بالتضعيف متعديًا، دلَّ على أن تضعيفه للنقل لا للتكثير. إنه لو كان (نَزَّل) للتكثير، لاحتاج قولُهُ تعالى: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان: ٣٢] إلى تأويل، إنه ورد فعل (نَزَّل) المضعَّف، في آيات كثيرة، ولا يمكن أن يدل على التكثير، إلا بتأويل بعيد جدًا، ومن ذلك قوله تعالى ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ﴾ [الأنعام: ٣٧] وقوله: ﴿لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا﴾ [الإسراء: ٩٥].
كما أن (أنزل) قد ورد خاصًّا بالقرآن، فقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ﴾ [النحل: ٤٤] فلو كان أحدهما يدل على التنجيم، والآخر على النزول دفعة واحدة، لكان في ذلك تناقض في الإخبار، وهو محال. انظر: "الحجة" للفارسي: ٢/ ١٥٨ - ١٦٢، "البحر المحيط" ١/ ١٠٣، "الدر المصون" ٣/ ١٩٨، ٣/ ٢١. ويرى ابن عاشور أن التضعيف في ﴿نَزَّلَ﴾ كالهمز فيه، إلا أن التضعيفَ يؤذن بقوة الفعل في كيفيته وكمِّيَتِه، وأن ﴿نَزَّلَ﴾ أهم من (أنزل)؛ حيث يدل على عِظَم شأن نزول القرآن. ويرى بأنه لا دلالة على أن التوراة والإنجيل نزلا دفعة واحدة، بل نزلا مفرقَيْن؛ كحال كل ما نزل على الرسل في مدة الرسالة. انظر تفسير "التحرير والتنوير" ٣/ ١٤٧، ١٤٨.
(١) ذهب سعيد بن جبير إلى أن الكتاب هنا: خواتيم سورة البقرة. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٨٧. أما جمهور المفسرين، فقد ذهبوا إلى أن المراد به القرآن، كما فَسَّره المؤلف. يقول أبو حيان (الكتاب هنا: القرآن، باتفاق المفسرين). "البحر المحيط" ٢/ ٣٧٧. وانظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٦٦، ١٦٧ "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٨٧، "تفسير البغوي" ٢/ ٦، "تفسير ابن جزي" ٧٣، "زاد المسير" ١/ ٣٤٩، "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٦٩، "الدر المنثور" ٢/ ٥.
كما أن (أنزل) قد ورد خاصًّا بالقرآن، فقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ﴾ [النحل: ٤٤] فلو كان أحدهما يدل على التنجيم، والآخر على النزول دفعة واحدة، لكان في ذلك تناقض في الإخبار، وهو محال. انظر: "الحجة" للفارسي: ٢/ ١٥٨ - ١٦٢، "البحر المحيط" ١/ ١٠٣، "الدر المصون" ٣/ ١٩٨، ٣/ ٢١. ويرى ابن عاشور أن التضعيف في ﴿نَزَّلَ﴾ كالهمز فيه، إلا أن التضعيفَ يؤذن بقوة الفعل في كيفيته وكمِّيَتِه، وأن ﴿نَزَّلَ﴾ أهم من (أنزل)؛ حيث يدل على عِظَم شأن نزول القرآن. ويرى بأنه لا دلالة على أن التوراة والإنجيل نزلا دفعة واحدة، بل نزلا مفرقَيْن؛ كحال كل ما نزل على الرسل في مدة الرسالة. انظر تفسير "التحرير والتنوير" ٣/ ١٤٧، ١٤٨.
(١) ذهب سعيد بن جبير إلى أن الكتاب هنا: خواتيم سورة البقرة. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٨٧. أما جمهور المفسرين، فقد ذهبوا إلى أن المراد به القرآن، كما فَسَّره المؤلف. يقول أبو حيان (الكتاب هنا: القرآن، باتفاق المفسرين). "البحر المحيط" ٢/ ٣٧٧. وانظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٦٦، ١٦٧ "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٨٧، "تفسير البغوي" ٢/ ٦، "تفسير ابن جزي" ٧٣، "زاد المسير" ١/ ٣٤٩، "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٦٩، "الدر المنثور" ٢/ ٥.
16
وقوله تعالى: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾. أي: موافقًا لِمَا تقدم الخبرُ به في سائر الكتب. وفي ذلك دليل على صحة نبوة محمد - ﷺ -.
وقيل (١): مصدقًا لشرائع الأنبياء المتقدمين فيما أتوا به، خلاف مَن يقول: نؤمن ببعض ونكفر ببعض.
وقوله تعالى: ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾. مِن مَجَازِ الكلام؛ وذلك أنَّ ما بينَ يَدَيْك، فهو أمَامَك. فقيل لكل ما تقدم على الشيء: (هو بين يديه)؛ كما جاء في الحديث: "إنَّ بينَ يَدَي الساعة سنين خَدّاعَة" (٢)، أي: أمامها، تتقدم عليها.
وقيل (١): مصدقًا لشرائع الأنبياء المتقدمين فيما أتوا به، خلاف مَن يقول: نؤمن ببعض ونكفر ببعض.
وقوله تعالى: ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾. مِن مَجَازِ الكلام؛ وذلك أنَّ ما بينَ يَدَيْك، فهو أمَامَك. فقيل لكل ما تقدم على الشيء: (هو بين يديه)؛ كما جاء في الحديث: "إنَّ بينَ يَدَي الساعة سنين خَدّاعَة" (٢)، أي: أمامها، تتقدم عليها.
(١) هو معنى قول: مجاهد، والحسن، وقتادة، والربيع، ومقاتل، والطبري، والثعلبي، والبغوي. انظر: "تفسير مقاتل" ١/ ٢٦٢، "تفسير الطبري" ٣/ ١٦٦، ١٦٧، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٨٧، "تفسير البغوي" ٢/ ٦، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٤ أ.
(٢) الحديث، أخرجه: البزار (انظر كشف الأستار عن زوائد البزار: رقم الحديث: (٣٣٧٣)، وأحمد في "المسند" ٣/ ٢٢٠. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٢٨٤، من رواية عمرو بن عوف، عن النبي - ﷺ -، ومن رواية ابن إسحاق، عن عبد الله بن دينار، عن أنس، عن النبي - ﷺ -. قال الهيثمي: (وقد صرح ابن إسحاق بالسماع من عبد الله بن دينار، وبقية رجاله ثقات). وأورده المتقي الهندي في "كنز العمال" ١٤/ ٢٢٩ رقم (٣٨٥١١) وعزاه للطبراني في "المعجم الكبير" والحاكم في "الكنى" وابن عساكر، عن عوف بن مالك الأشجعي. وورد الحديث بلفظ آخر من رواية أنس بن مالك: "إن أمام الدجال سنين خدَّاعة.. ". أخرجه أحمد في "المسند" ٣/ ٢٢٠ (انظر: "الفتح الرباني" للبنا: ٢٤/ ٣٥). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٢٨٤: (رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني في "الأوسط" وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وابن لهيعة، وهو لين). وورد من رواية أبي هريرة بلفظ: "إنها ستأتي على الناس سنون خداعة". رواه أحمد في "المسند" ٢/ ٢٩١. وانظر: "المسند" بشرح شاكر: ١٥/ ٣٧ رقم (٨٧٩٩)، وقال الشيخ أحمد شاكر: (إسناده حسن، ومتنه صحيح).
(٢) الحديث، أخرجه: البزار (انظر كشف الأستار عن زوائد البزار: رقم الحديث: (٣٣٧٣)، وأحمد في "المسند" ٣/ ٢٢٠. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٢٨٤، من رواية عمرو بن عوف، عن النبي - ﷺ -، ومن رواية ابن إسحاق، عن عبد الله بن دينار، عن أنس، عن النبي - ﷺ -. قال الهيثمي: (وقد صرح ابن إسحاق بالسماع من عبد الله بن دينار، وبقية رجاله ثقات). وأورده المتقي الهندي في "كنز العمال" ١٤/ ٢٢٩ رقم (٣٨٥١١) وعزاه للطبراني في "المعجم الكبير" والحاكم في "الكنى" وابن عساكر، عن عوف بن مالك الأشجعي. وورد الحديث بلفظ آخر من رواية أنس بن مالك: "إن أمام الدجال سنين خدَّاعة.. ". أخرجه أحمد في "المسند" ٣/ ٢٢٠ (انظر: "الفتح الرباني" للبنا: ٢٤/ ٣٥). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٢٨٤: (رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني في "الأوسط" وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وابن لهيعة، وهو لين). وورد من رواية أبي هريرة بلفظ: "إنها ستأتي على الناس سنون خداعة". رواه أحمد في "المسند" ٢/ ٢٩١. وانظر: "المسند" بشرح شاكر: ١٥/ ٣٧ رقم (٨٧٩٩)، وقال الشيخ أحمد شاكر: (إسناده حسن، ومتنه صحيح).
17
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ﴾. قال الفراء (١): أصل (التوراة): (تَوْرَيَةٌ)، على وزن (تَفْعَلَة)، فصارت الياءُ ألفًا، لِتَحَرُّكها وانفتاح ما قبلها. قال: ويجوز أن تكون (تَفْعِلَة)، فيكون أصلها: (تَوْرِيَة)، فتنقل الراء مِن الكَسْر إلى الفتح؛ كما تقول طَيِّئ (٢) في (جاريَة): جَارَاة. وفي (ناصيةٍ): نَاصَاة (٣).
قال الشاعر:
بِحَرْبٍ كَنَاصاةِ الأغَرِّ المُشَهَّرِ (٤)
قال الشاعر:
بِحَرْبٍ كَنَاصاةِ الأغَرِّ المُشَهَّرِ (٤)
(١) قوله: في "الزاهر" لابن الأنباري: ١/ ١٦٨، وأورد الأزهريُ طرفا منه، وعزاه
لكتاب (المصادر) للفراء. انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٨٠.
(٢) في (ج): (ظبي). (طيئ) هي القبيلة العربية المشهورة، التي تنسب إلى طيئ بن أدَد ابن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان، وهي من القبائل القحطانية، كانت مساكنهم في اليمن، ثم خرجوا منها، ونزلوا بنجد والحجاز، ثم انتشروا في الجزيرة العربية. انظر: "جمهرة أنساب العرب" ٣٩٨، ٣٩٩، ٤٧٦، و"صبح الأعشى": ١/ ٣٢٠، و"معجم قبائل العرب": ٢/ ٦٨٩ - ٦٩١، ٥/ ٣٤٥.
(٣) الناصية، أو الناصاة: قصاص الشعر في مقدم الرأس. انظر: (نصا) في "اللسان" ٧/ ٤٤٤٧، "القاموس المحيط" (١٣٣٩). قال الأزهري (والناصية عند العرب:
(٤) عجز بيت، وصدره:
لقد آذَنَتْ أهلَ اليَمَامَةِ طيِّئٌ
وهو لحُرَيْث بن عَنَاب الطائي. وقد ورد منسوبًا له، في كتاب "المعاني الكبير" لابن قتيبة: ٢/ ١٠٤٨، "اللسان" ٧/ ٤٤٤٧ (نصا). وورد غير منسوب، في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٨١، "الدر المصون" ٣/ ١٨. وردت كلمة (الحِصان) بدلًا من (الأغر) في كل المصادر السابقة، ما عدا "الدر المصون". المُشَهَّر: المشهور. انظر: (شهر) في "تهذيب اللغة" ٤/ ١٩٤٥، "اللسان" ٤/ ٢٣٥٢.
لكتاب (المصادر) للفراء. انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٨٠.
(٢) في (ج): (ظبي). (طيئ) هي القبيلة العربية المشهورة، التي تنسب إلى طيئ بن أدَد ابن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان، وهي من القبائل القحطانية، كانت مساكنهم في اليمن، ثم خرجوا منها، ونزلوا بنجد والحجاز، ثم انتشروا في الجزيرة العربية. انظر: "جمهرة أنساب العرب" ٣٩٨، ٣٩٩، ٤٧٦، و"صبح الأعشى": ١/ ٣٢٠، و"معجم قبائل العرب": ٢/ ٦٨٩ - ٦٩١، ٥/ ٣٤٥.
(٣) الناصية، أو الناصاة: قصاص الشعر في مقدم الرأس. انظر: (نصا) في "اللسان" ٧/ ٤٤٤٧، "القاموس المحيط" (١٣٣٩). قال الأزهري (والناصية عند العرب:
منبت الشعر في مقدم الرأس | وسمي الشعرُ ناصيةً؛ لنباته في ذلك الموضع). "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٨١. |
لقد آذَنَتْ أهلَ اليَمَامَةِ طيِّئٌ
وهو لحُرَيْث بن عَنَاب الطائي. وقد ورد منسوبًا له، في كتاب "المعاني الكبير" لابن قتيبة: ٢/ ١٠٤٨، "اللسان" ٧/ ٤٤٤٧ (نصا). وورد غير منسوب، في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٨١، "الدر المصون" ٣/ ١٨. وردت كلمة (الحِصان) بدلًا من (الأغر) في كل المصادر السابقة، ما عدا "الدر المصون". المُشَهَّر: المشهور. انظر: (شهر) في "تهذيب اللغة" ٤/ ١٩٤٥، "اللسان" ٤/ ٢٣٥٢.
18
وأنشد الفراء:
وقال الخليل (٢) وهو مذهب البصريين (٣): (تَورَيَةٌ، أصلها: (فَوْعَلَةٌ)، وأصلها: (وَوْرَيَةٌ)، ولكنَّ الواو الأولى قُلِبت تاءً، كما قُلِبت في
فَمَا الدنيَا بِبَاقَاةٍ لِحَيٍّ | وما حَيٌّ على الدنيا بِبَاق (١) |
(١) في (د): (باقي). أورده الزمخشري في "ربيع الأبرار" ١/ ٣٨، ونسبه لخالد بن الطَّيِّفان الدارمي، وكذا نسبه الجاحظ له في: كتاب "الحيوان" ٥/ ١٠٥، وسماه خالد بن علقمة بن الطيفان. إلا أن الزمخشري في "ربيع الأبرار" في: ١/ ١٣ نسبه لنهشل بن حري النهشلي، وروايته فيه:
وهو في الموضعين في "ربيع الأبرار" (بباقية لحي). وورد البيت غير منسوب، في "الزاهر" لابن الأنباري: ١/ ١٦٨، ورسالة الصاهل والشاحج، للمعري: ٤٠٧، "الإنصاف في مسائل الخلاف" للأنباري: ص ٦٩، "الدر المصون" ٢/ ٦٣٧، ٣/ ١٩. والشاهد فيه: قوله: (بباقاة)، وأراد: بباقية.
(٢) انظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ٣٣٣.
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ٤ ب. والبصريون، هم: أصحاب المدرسة النحوية بالبصرة، الذين نشأ النحو على أيديهم وتطور. وقد وضعوا قواعدهم على الأعم الأغلب مما نقل عن العرب، ومن قواعدهم المنهجية في النحو: التشدد في السماع، فلا يأخذون إلا من ثقات العربية، ممن سلمت لغاتهم من التأثر بلغة أو بلهجة أجنبية، ولا يعتمدون الشاهد النحوي مقياسًا، إلا إذا جرى على ألسنة العرب، وكثر استعمالهم له، وغير ذلك من القواعد، وهم أسبق من أصحاب المدرسة الكوفية، وأكثر تشددًا منهم. وهناك البغداديون، الذين ينتخبون من المدرستين. ومن علماء المذهب البصري: أبو عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، وسيبويه، وقطرب، والأخفش الأوسط، والمازني، والمبرد، وغيرهم. انظر: "طبقات النحويين" للزبيدي: ٢١ - ٢١١، والمدراس النحوية، لشوقي ضيف: ١١ وما بعدها، "معجم المصطلحات النحوية والصرفية" د. محمود اللبدي: ٢١، ٨٧، "موسوعة النحو والصرف" د. أميل يعقوب: ٣٦٢، ٦١٦.
وما الدنيا بباقية لحي | وما حي على الحَدَثان باقي |
(٢) انظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ٣٣٣.
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ٤ ب. والبصريون، هم: أصحاب المدرسة النحوية بالبصرة، الذين نشأ النحو على أيديهم وتطور. وقد وضعوا قواعدهم على الأعم الأغلب مما نقل عن العرب، ومن قواعدهم المنهجية في النحو: التشدد في السماع، فلا يأخذون إلا من ثقات العربية، ممن سلمت لغاتهم من التأثر بلغة أو بلهجة أجنبية، ولا يعتمدون الشاهد النحوي مقياسًا، إلا إذا جرى على ألسنة العرب، وكثر استعمالهم له، وغير ذلك من القواعد، وهم أسبق من أصحاب المدرسة الكوفية، وأكثر تشددًا منهم. وهناك البغداديون، الذين ينتخبون من المدرستين. ومن علماء المذهب البصري: أبو عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، وسيبويه، وقطرب، والأخفش الأوسط، والمازني، والمبرد، وغيرهم. انظر: "طبقات النحويين" للزبيدي: ٢١ - ٢١١، والمدراس النحوية، لشوقي ضيف: ١١ وما بعدها، "معجم المصطلحات النحوية والصرفية" د. محمود اللبدي: ٢١، ٨٧، "موسوعة النحو والصرف" د. أميل يعقوب: ٣٦٢، ٦١٦.
19
(تَوْلَج) (١)، فهو (فَوْعَل)، مِنْ (وَلَجْت). وقُلِبت الياء ألِفًا؛ لتحركها (٢) وانفتاح ما قبلها، فصارت (تَوْرَاةً) (٣)، وكُتِبَت بالياء على أصل الكلمة. قالوا: ولا يجوز أن يكون أصلها (تَفعَلَة) كما قال الفرّاء؛ لأن (٤) هذا البناء يَقِل، وإن (فَوْعَلة) من الكثرة بحيث لا يتناسبان (٥).
ولا إشكال في أن الحَمْل على الأكثر الأشْيع أولى، وأيضًا فإن التاء لم تكثر زائدةً أوّلًا، والواو إذا كانت أوّلًا فقد استمرّ البدل فيها؛ نحو: (وُجُوه)، و (أُجُوه) (٦)، و (وُقِّتَتْ)، و (أُقِّتَتْ)، و (وشاح)، و (إشاح) (٧)، و (وَنَاة)، و (أَنَاة) (٨). فإذا اجتمع واوان لزم الأوّلَ منهما البدلُ: إما همزة،
ولا إشكال في أن الحَمْل على الأكثر الأشْيع أولى، وأيضًا فإن التاء لم تكثر زائدةً أوّلًا، والواو إذا كانت أوّلًا فقد استمرّ البدل فيها؛ نحو: (وُجُوه)، و (أُجُوه) (٦)، و (وُقِّتَتْ)، و (أُقِّتَتْ)، و (وشاح)، و (إشاح) (٧)، و (وَنَاة)، و (أَنَاة) (٨). فإذا اجتمع واوان لزم الأوّلَ منهما البدلُ: إما همزة،
(١) تَوْلَج: كِناس الوحش، وهو الموضع الذي يستتر فيه. انظر: (ولج) في "أساس البلاغة" للزمخشري: ٢/ ٥٢٦، "القاموس المحيط" ص ٢٠٩. وانظر: (كنس) في "الصحاح" ٣/ ٩٧١.
(٢) في (د): (لحركتها).
(٣) في (ج): (توراية).
(٤) من قوله: (لأن..) إلى (.. ولا إشكال): ساقط من: (د). ومن قوله: (لأن..) إلى (.. وعومرة قد كثر): نقله بتصرف في بعض عباراته عن "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٣١٥.
(٥) انظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ٣٣٣، "إعراب القرآن" المنسوب للزجاج: ٣/ ٨٧٩،
"الممتع في التصريف" لابن عصفور: ١/ ٣٨٣، ٣٨٤.
(٦) في (ج): (وأوجه).
(٧) الوشاح: شيء ينسج من أديم عريضًا، يرصع بالجوهر، وتشده المرأة بين عاتقيها. يقال: (وِشاح، وإشاح، ووُشاح، وُأشاح). الجمع: وُشُح، وأوْشِحة. انظر: "الصحاح" للجوهري: ١/ ٤١٥ (وشح).
(٨) (امرأة أناة، ووناة): فيها فتور. و (نساءق أنَوات). و (قد وَني في الأمر): ضعف وفتر. انظر: "أساس البلاغة" ١/ ٢٣ (أنى)، ٢/ ٥٢٩ (ونى).
(٢) في (د): (لحركتها).
(٣) في (ج): (توراية).
(٤) من قوله: (لأن..) إلى (.. ولا إشكال): ساقط من: (د). ومن قوله: (لأن..) إلى (.. وعومرة قد كثر): نقله بتصرف في بعض عباراته عن "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٣١٥.
(٥) انظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ٣٣٣، "إعراب القرآن" المنسوب للزجاج: ٣/ ٨٧٩،
"الممتع في التصريف" لابن عصفور: ١/ ٣٨٣، ٣٨٤.
(٦) في (ج): (وأوجه).
(٧) الوشاح: شيء ينسج من أديم عريضًا، يرصع بالجوهر، وتشده المرأة بين عاتقيها. يقال: (وِشاح، وإشاح، ووُشاح، وُأشاح). الجمع: وُشُح، وأوْشِحة. انظر: "الصحاح" للجوهري: ١/ ٤١٥ (وشح).
(٨) (امرأة أناة، ووناة): فيها فتور. و (نساءق أنَوات). و (قد وَني في الأمر): ضعف وفتر. انظر: "أساس البلاغة" ١/ ٢٣ (أنى)، ٢/ ٥٢٩ (ونى).
20
وإما تاء؛ نحو: (أَوَاقٍ) (١) في جمع (واقِيَةٍ).
وقد أُبدِلت التاءُ من الواو، إذا (٢) كانت مفردةً؛ نحو: (تُجَاه) و (تُرَاث) (٣) و (تُخَمَة) (٤) و (تُكْلاَن).
فإذا كثر (٥) إبدال التاء مِنَ الواو هذه (٦) الكثرة كانَ حملها على هذا الكثير (٧)، أوْلى من حمله على ما لم يكثر ولم يتسع هذا الاتساع، ولا يقرب أيضًا حملُها على (تَفْعِلَة)؛ لأنه لا يخلو مِن أن يجعلها (٨) اسمًا؛ نحو: (تَوْدِيَة) (٩) أو مصدرًا؛ نحو: (تَوْصِية).
فأما باب (تَوْدِيَةٍ) فقليل؛ كما أن (تَفْعَلَة) كذلك، وباب (تَوْصِيَة) فيه
وقد أُبدِلت التاءُ من الواو، إذا (٢) كانت مفردةً؛ نحو: (تُجَاه) و (تُرَاث) (٣) و (تُخَمَة) (٤) و (تُكْلاَن).
فإذا كثر (٥) إبدال التاء مِنَ الواو هذه (٦) الكثرة كانَ حملها على هذا الكثير (٧)، أوْلى من حمله على ما لم يكثر ولم يتسع هذا الاتساع، ولا يقرب أيضًا حملُها على (تَفْعِلَة)؛ لأنه لا يخلو مِن أن يجعلها (٨) اسمًا؛ نحو: (تَوْدِيَة) (٩) أو مصدرًا؛ نحو: (تَوْصِية).
فأما باب (تَوْدِيَةٍ) فقليل؛ كما أن (تَفْعَلَة) كذلك، وباب (تَوْصِيَة) فيه
(١) في (د): (واق). وقوله: (نحو أواق): ساقط من: ب. انظر: "لسان العرب" ٨/ ٤٩٠٣ (وقي).
(٢) في (أ): (فإذا). وفي (ب)، (ج): (وإذا) والمثبت من مصدر المؤلف؛ لأنه لا يستقيم الكلام إلا به. ومن قوله: (إذا..) إلى (.. من الواو) ساقط من: (د).
(٣) في (أ): (تَراث) بفتح التاء. والصواب ما أثبت وهو ضمها. انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة: ٥٢٧، "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب: ٨٦٣ (ورث).
(٤) في (أ): (تُخْمَة) بسكون الخاء. والصواب بفتحها. انظر: "مجمل اللغة" لابن فارس: ص ٩٢٠، "المصباح المنير" للفيومي: ص ٢٥٠ (وخم).
(٥) في (ج): (أكثر).
(٦) في (أ)، (ب): وهذه. والمثبت من: (ج) (د). وهو الصواب؛ حيث لا تستقيم العبارة إلا به، كما أنه هكذا في مصدر المؤلف، وهو "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٤.
(٧) في (د): (الكثير).
(٨) في (د): (تجعلها).
(٩) في (ب): (تردية). والتودية: واحدة التوادي، وهي: الخشبات التي نشد على خِلْفِ الناقة إذا صُرَّت. انظر: "غريب الحديث" للحربي: ١/ ٢٦٣، "الصحاح" ٦/ ٢١، ٢٥ (ودى)، "اللسان" ٨/ ٨٨٠٤ (ودى).
(٢) في (أ): (فإذا). وفي (ب)، (ج): (وإذا) والمثبت من مصدر المؤلف؛ لأنه لا يستقيم الكلام إلا به. ومن قوله: (إذا..) إلى (.. من الواو) ساقط من: (د).
(٣) في (أ): (تَراث) بفتح التاء. والصواب ما أثبت وهو ضمها. انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة: ٥٢٧، "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب: ٨٦٣ (ورث).
(٤) في (أ): (تُخْمَة) بسكون الخاء. والصواب بفتحها. انظر: "مجمل اللغة" لابن فارس: ص ٩٢٠، "المصباح المنير" للفيومي: ص ٢٥٠ (وخم).
(٥) في (ج): (أكثر).
(٦) في (أ)، (ب): وهذه. والمثبت من: (ج) (د). وهو الصواب؛ حيث لا تستقيم العبارة إلا به، كما أنه هكذا في مصدر المؤلف، وهو "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٤.
(٧) في (د): (الكثير).
(٨) في (د): (تجعلها).
(٩) في (ب): (تردية). والتودية: واحدة التوادي، وهي: الخشبات التي نشد على خِلْفِ الناقة إذا صُرَّت. انظر: "غريب الحديث" للحربي: ١/ ٢٦٣، "الصحاح" ٦/ ٢١، ٢٥ (ودى)، "اللسان" ٨/ ٨٨٠٤ (ودى).
21
اتساع؛ لكن إذا حملها على لُغَةِ طَيِّئٍ، فقد حملها على لغةٍ لم نعلم شيئًا منها في التنزيل.
فإذا لم يكن الوجهان اللّذان ذكرهما الفراءُ بالسّهلين، حَمَلْتَهُ على (فَوْعَلَةٍ) دونها؛ للكثرة؛ ألا ترى أنّ نحو: (صَومَعَة) (١) و (حَوجَلَة) (٢) و (دَوسَرَة) (٣) و (عَومَرَة) (٤)، قد كثر؟.
ونظير (التوراة) مِمّا قلبت الواوُ فيه تاءً (٥)، قولُهم (٦): (التَّرِيَّة): لِمَا تَرَاهُ المرأةُ في الطُّهْرِ بعد الحَيْضِ (٧)، وهي (فَعِيلةٌ) مِنَ (الوَرَاءِ)؛ لأنها تُرى بعد الصُّفْرَةِ والكُدْرَة. ويجوز أن تكون (فَعِيلَة) (٨)؛ مِن: (وَريَ الزَّنْدُ)؛ فكأن
فإذا لم يكن الوجهان اللّذان ذكرهما الفراءُ بالسّهلين، حَمَلْتَهُ على (فَوْعَلَةٍ) دونها؛ للكثرة؛ ألا ترى أنّ نحو: (صَومَعَة) (١) و (حَوجَلَة) (٢) و (دَوسَرَة) (٣) و (عَومَرَة) (٤)، قد كثر؟.
ونظير (التوراة) مِمّا قلبت الواوُ فيه تاءً (٥)، قولُهم (٦): (التَّرِيَّة): لِمَا تَرَاهُ المرأةُ في الطُّهْرِ بعد الحَيْضِ (٧)، وهي (فَعِيلةٌ) مِنَ (الوَرَاءِ)؛ لأنها تُرى بعد الصُّفْرَةِ والكُدْرَة. ويجوز أن تكون (فَعِيلَة) (٨)؛ مِن: (وَريَ الزَّنْدُ)؛ فكأن
(١) الصومعة: منار الراهب، وبيت للنصارى. انظر: (صمع) في "اللسان" ٤/ ٢٤٩٨، "القاموس" ص ٧٣٨.
(٢) الحوجلة: هي ما كان من القوارير الصغار واسعة الرأس وقيل: هي القارورة الغليظة الأسفل. وقيل: هي القارورة فقط. انظر: (حجل) في "تهذيب اللغة" ١/ ٧٥٢، "اللسان" ٢/ ٧٨٩.
(٣) الدَوْسَر: الجمل الضخم، ذو الهامة والمناكب. ولا أنثى: دَوْسَرٌ، ودَوْسَرةٌ. و (كتيبة دوسر، ودوسرة): مجتمعة. وقيل: الدوسر: النوق العظيمة. وقيل: الدوسر: القديم. انظر: (دسر) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١١٨٣، "اللسان" ٣/ ١٣٧٢، "القاموس" ص ٣٩١.
(٤) في (ب): (عوصرة).
والعَوْمَرة: الاختلاط. يقال: (تركت الناس في عومرة)؛ أي: في صياح وجلبة. "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٦٧، "اللسان" ٥/ ٣١٠٣.
(٥) في (ب): (الياء في ثاء).
(٦) من قوله: (قولهم..) إلى (.. فكأن الطهر أخرجه): نقله بتصرف في بعض عباراته عن "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٢.
(٧) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٢٨ (رأى).
(٨) في (د): (فيعلة).
(٢) الحوجلة: هي ما كان من القوارير الصغار واسعة الرأس وقيل: هي القارورة الغليظة الأسفل. وقيل: هي القارورة فقط. انظر: (حجل) في "تهذيب اللغة" ١/ ٧٥٢، "اللسان" ٢/ ٧٨٩.
(٣) الدَوْسَر: الجمل الضخم، ذو الهامة والمناكب. ولا أنثى: دَوْسَرٌ، ودَوْسَرةٌ. و (كتيبة دوسر، ودوسرة): مجتمعة. وقيل: الدوسر: النوق العظيمة. وقيل: الدوسر: القديم. انظر: (دسر) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١١٨٣، "اللسان" ٣/ ١٣٧٢، "القاموس" ص ٣٩١.
(٤) في (ب): (عوصرة).
والعَوْمَرة: الاختلاط. يقال: (تركت الناس في عومرة)؛ أي: في صياح وجلبة. "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٦٧، "اللسان" ٥/ ٣١٠٣.
(٥) في (ب): (الياء في ثاء).
(٦) من قوله: (قولهم..) إلى (.. فكأن الطهر أخرجه): نقله بتصرف في بعض عباراته عن "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٢.
(٧) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٢٨ (رأى).
(٨) في (د): (فيعلة).
22
الطُّهْرَ أَخرجه (١).
فأما اشتقاقها: فقال الفرّاءُ فيما حكاه ابنُ الأنباري: التوراة (٢)؛ معناها: الضياءُ والنُّورُ؛ من قول العرب: (وَرِيَ الزَّنْدُ (٣)، يَرِي): إذا قَدَحَ (٤)، فَلَم يَكْبُ (٥)، و (أورْيتُه أنا)؛ قال الله تعالى: ﴿فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا﴾ [العاديات: ٢] ويقولونَ: (وَرِيتْ (٦) بل زِنَادِي)، على مثال: (شَرِيَتْ) (٧).
فأما اشتقاقها: فقال الفرّاءُ فيما حكاه ابنُ الأنباري: التوراة (٢)؛ معناها: الضياءُ والنُّورُ؛ من قول العرب: (وَرِيَ الزَّنْدُ (٣)، يَرِي): إذا قَدَحَ (٤)، فَلَم يَكْبُ (٥)، و (أورْيتُه أنا)؛ قال الله تعالى: ﴿فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا﴾ [العاديات: ٢] ويقولونَ: (وَرِيتْ (٦) بل زِنَادِي)، على مثال: (شَرِيَتْ) (٧).
(١) انظر مبحث إبدال التاء من الواو، وأصل كلمة (التوراة) في "المقتضب" للمبرد ١/ ٦٣، "نزهة القلوب" للسجستاني ١٥٤، "مجالس العلماء" للزجاجي ٩٥، وكتاب "التكملة" للفارسي ٥٧١، "سر صناعة الإعراب" لابن جني ١/ ١٤٥، "المنصف" له ١/ ٢٢٦، "المشكل" لمكي: ١/ ١٤٩، "شرح المفصل" لابن يعيش: ٩/ ١٤٢، ١٠/ ٣٦، "نزهة الطرف في علم الصرف" لابن هشام: ١٦٠.
(٢) من قوله: (التوراة..) إلى (قول العرب): نقله عن "الزاهر" لابن الأنباري: ١/ ١٦٨.
(٣) من قوله: (وري الزند..) إلى: (.. لم يجاوز به غيره): نقله عن "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٠ مع بعض التصرف.
(٤) يقال: (وَرِيَ الزَنْدُ يَرِي)، و (وَرَى يَرِي)، و (وَرِيَ يَوْرَى). انظر: (وري) في: "كتاب العين" للخليل بن أحمد: ٨/ ٣٠٤، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٨٠، "الصحاح" ٦/ ٢٥٢٢. والزَنْدُ: العود الذي تُقدَح به النارُ، وهو يكون في الأعلى، والزندة: السفلى. انظر: "الصحاح" ٢/ ٤٨١ (زند).
(٥) في (أ): (يثب). (ب): (يتب). وفي (ج): ينب. وفي (د) كما في النسخ السابقة، ولكن بدون إعجام، ولا وجه لجميعها. والمثبت هو ما استصوبته؛ فقد جاء في "اللسان" (كبا الزَنْدُ): إذا لم يخرج ناره. انظر ٦/ ٣٨١٤ (كبا). وفي "مفردات ألفاظ القرآن" (ويقال: (فلانٌ واري الزند): إذا كان مُنْجِحا. و (كابي الزند): إذا كان مُخفِقًا) ٥٥٨ (وري).
(٦) في (ج): (وَريْتُ). ووردت الكلمةُ كما أثبَتُّ، في "مجالس العلماء" للزجاجي: ٨٢. وجاء في "كتاب العين" للخليل: ٨/ ٣٠٤: (وتقول للرجل الكريم: (إنه لواري الزِّناد، وورَّيْتُ بك زِنادي)؛ أي: رأيت منك ما أحب، مِنَ النُّصْح والنجابة والسماحة).
(٧) في (ج): (شربت). ومعنى (شَرِيَت)؛ أي: لجَّت، مِن: (شَرِيَ يَشرَى شرًى)،=
(٢) من قوله: (التوراة..) إلى (قول العرب): نقله عن "الزاهر" لابن الأنباري: ١/ ١٦٨.
(٣) من قوله: (وري الزند..) إلى: (.. لم يجاوز به غيره): نقله عن "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٠ مع بعض التصرف.
(٤) يقال: (وَرِيَ الزَنْدُ يَرِي)، و (وَرَى يَرِي)، و (وَرِيَ يَوْرَى). انظر: (وري) في: "كتاب العين" للخليل بن أحمد: ٨/ ٣٠٤، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٨٠، "الصحاح" ٦/ ٢٥٢٢. والزَنْدُ: العود الذي تُقدَح به النارُ، وهو يكون في الأعلى، والزندة: السفلى. انظر: "الصحاح" ٢/ ٤٨١ (زند).
(٥) في (أ): (يثب). (ب): (يتب). وفي (ج): ينب. وفي (د) كما في النسخ السابقة، ولكن بدون إعجام، ولا وجه لجميعها. والمثبت هو ما استصوبته؛ فقد جاء في "اللسان" (كبا الزَنْدُ): إذا لم يخرج ناره. انظر ٦/ ٣٨١٤ (كبا). وفي "مفردات ألفاظ القرآن" (ويقال: (فلانٌ واري الزند): إذا كان مُنْجِحا. و (كابي الزند): إذا كان مُخفِقًا) ٥٥٨ (وري).
(٦) في (ج): (وَريْتُ). ووردت الكلمةُ كما أثبَتُّ، في "مجالس العلماء" للزجاجي: ٨٢. وجاء في "كتاب العين" للخليل: ٨/ ٣٠٤: (وتقول للرجل الكريم: (إنه لواري الزِّناد، وورَّيْتُ بك زِنادي)؛ أي: رأيت منك ما أحب، مِنَ النُّصْح والنجابة والسماحة).
(٧) في (ج): (شربت). ومعنى (شَرِيَت)؛ أي: لجَّت، مِن: (شَرِيَ يَشرَى شرًى)،=
23
وزعم أبو عثمان (١): أنه استُعْمِل في هذا الكلام فقط، لم يُجاوَزْ به غيره.
ومعنى (وَرِيَت بك زِنَادِي)؛ أي: ظَهَر بك الخيرُ لي.
فالتوراة سُمِّيت [بذلك] (٢)؛ لظهور الحق بها. يدل على هذا المعنى قولُه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً﴾ [الأنبياء: ٤٨].
وقال المُؤَرّج (٣): هو من (التَّوْرِيَةِ) (٤)، وهي: التعريض بالشيء؛ وكان أكثر التوراة معاريضَ وتلويحًا، مِن غير إيضاحٍ وتصريح.
وفي (التوراة) قراءتان: الإمالة، والتفخيم (٥).
ومعنى (وَرِيَت بك زِنَادِي)؛ أي: ظَهَر بك الخيرُ لي.
فالتوراة سُمِّيت [بذلك] (٢)؛ لظهور الحق بها. يدل على هذا المعنى قولُه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً﴾ [الأنبياء: ٤٨].
وقال المُؤَرّج (٣): هو من (التَّوْرِيَةِ) (٤)، وهي: التعريض بالشيء؛ وكان أكثر التوراة معاريضَ وتلويحًا، مِن غير إيضاحٍ وتصريح.
وفي (التوراة) قراءتان: الإمالة، والتفخيم (٥).
= و (استشرى فلان في غيِّه): إذا تَمَادَى ولَجَّ فيه. و (شَرِيَ البَرْقُ): إذا تتابع لَمَعانُه. و (شَرِيَتْ عينُه): إذا لجت وتابعت الهملان. و (شَرِيَت)؛ بمعنى: أصابها الشَّرِي، وهو: مرض جلدي له لذع شديد. انظر: "الأضداد" لابن الأنباري: ٢٢٨، ٢٢٩، ومادة (شري) في "الصحاح" ٦/ ٢٣٩١، "اللسان" ٤/ ٢٢٥٣.
(١) في (ج): (ابن عثمان). وهو: بكر بن بقية، وقيل: بكر بن محمد بن عديِّ بن حبيب. أبو عثمان المازني. من أهل البصرة، أستاذ المبرد، روى عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد. قال عنه المبرد: (لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان). قيل إنه توفي: (٢٤٨ هـ)، وقيل: (٢٤٩ هـ). انظر: "أخبار النحويين البصريين" ٨٥، و"معجم الأدباء" ٧/ ١٠٧، و"الأعلام" ٢/ ٦٩.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) قوله في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٤ ب.
(٤) في (د): (التوراة).
(٥) الإمالة: أن تُمِيل الفتحةَ نحو الكسرةِ، وتُمِيل الألفَ نحو الياء، مِن غير قلْبٍ خالص، ولا إشباع مبالغ. وهي كبرى وصغرى؛ فالكبرى: أن يُصرف الفتح إلى الكسر كثيرًا. وُيعبَّر عنهابـ (الكسر) مجازًا، أو (البطح) أو (الإضجاع)، وعند سيبويه: (الإجناح). والصغرى: أن يُصرف الفتح إلى الكسر قليلاً، ويسمى (بين اللفظين)؛ أي: بين الفتح وبين الإمالة الكبرى، أو يعبر عنها بـ (التقليل) و (التلطيف)، أو (بين بين). والتفخيم، أو الفتح هو النطق بالألف مركبة على=
(١) في (ج): (ابن عثمان). وهو: بكر بن بقية، وقيل: بكر بن محمد بن عديِّ بن حبيب. أبو عثمان المازني. من أهل البصرة، أستاذ المبرد، روى عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد. قال عنه المبرد: (لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان). قيل إنه توفي: (٢٤٨ هـ)، وقيل: (٢٤٩ هـ). انظر: "أخبار النحويين البصريين" ٨٥، و"معجم الأدباء" ٧/ ١٠٧، و"الأعلام" ٢/ ٦٩.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) قوله في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٤ ب.
(٤) في (د): (التوراة).
(٥) الإمالة: أن تُمِيل الفتحةَ نحو الكسرةِ، وتُمِيل الألفَ نحو الياء، مِن غير قلْبٍ خالص، ولا إشباع مبالغ. وهي كبرى وصغرى؛ فالكبرى: أن يُصرف الفتح إلى الكسر كثيرًا. وُيعبَّر عنهابـ (الكسر) مجازًا، أو (البطح) أو (الإضجاع)، وعند سيبويه: (الإجناح). والصغرى: أن يُصرف الفتح إلى الكسر قليلاً، ويسمى (بين اللفظين)؛ أي: بين الفتح وبين الإمالة الكبرى، أو يعبر عنها بـ (التقليل) و (التلطيف)، أو (بين بين). والتفخيم، أو الفتح هو النطق بالألف مركبة على=
24
فَمَنْ فَخَّم؛ فلأن الراءَ (١) حَرفٌ يَمْنُعُ الإمالة؛ لِما فيه مِنَ التكرير، كما يمنعه المستعلي (٢)، ولو كان مكان (٣) الراء مُستَعْلٍ مفتوحٌ، لمْ تَحْسُنْ الإمالةُ، كذلك إذا كانت الرّاءُ مفتوحةً.
ومَنْ أمالَهَا؛ فَلأنّ الألف لَمّا كانت رابعةً، لم تخلُ مِنْ أن تشبه ألِفَ التأنيث، أو الألف المنقلبةَ عن الواو، وعن (٤) الياء.
وألِفُ (٥) التأنيث تُمالُ (٦)، وإنْ كان قبلها مستعْلٍ؛ كقولهم:
ومَنْ أمالَهَا؛ فَلأنّ الألف لَمّا كانت رابعةً، لم تخلُ مِنْ أن تشبه ألِفَ التأنيث، أو الألف المنقلبةَ عن الواو، وعن (٤) الياء.
وألِفُ (٥) التأنيث تُمالُ (٦)، وإنْ كان قبلها مستعْلٍ؛ كقولهم:
= فتحة خالصة غير مُمالة. وهو شديد ومتوسط؛ فالشديد: فتح القاريء لِفِيهِ بلفظ الحرف الذي يأتي بعده ألف، وهو مكروهٌ. والمتوسط: ما بين الشديد، والإمالة المتوسطة، وهو المستعمل عند أصحاب الفتح من القراء.
انظر: "الرعاية" لمكي: ١٢٩، "جمال القراء" للسخاوي: ٢/ ٥٠٠، "التمهيد" لابن الجزري: ٥٧.
ووردت الإمالة في قراءة ﴿التَّوْرَاةَ﴾ عن: أبي عمرو، والكسائي، وابن ذكوان، وخلف. ووردت الإمالة بين اللفظين، والإمالة المحضة، عن: حمزة. ووردت الإمالة بين اللفظين عن نافع. أما التفخيم: فورد عن: ابن كثير، وعاصم، وابن عامر.
انظر: "السبعة" لابن مجاهد: ٢٠١، "الكشف" لمكي: ١/ ١٨٣، "التبصرة" لمكي: ٤٥٥، "التيسير" للداني: ٨٦، "الإقناع" لابن الباذش: ١/ ٢٨٢ - ٢٨٤، "النشر" لابن الجزري: ٢/ ٦١.
(١) من قوله: (فلأن الراء..) إلى (.. كذلك يميلون الراء): نقله بتصرف يسير عن "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٥.
(٢) حروف الاستعلاء: الخاء، والصاد، والضاء، والطاء، والظاء، والغين، والقاف. انظر: "الرعاية" لمكي: ١٢٣، "التمهيد" لابن الجزري: ٩.
(٣) في (أ): (مكان مكان).
(٤) في (د): (أو من).
(٥) في (د): (والألف).
(٦) في (د): (قال).
انظر: "الرعاية" لمكي: ١٢٩، "جمال القراء" للسخاوي: ٢/ ٥٠٠، "التمهيد" لابن الجزري: ٥٧.
ووردت الإمالة في قراءة ﴿التَّوْرَاةَ﴾ عن: أبي عمرو، والكسائي، وابن ذكوان، وخلف. ووردت الإمالة بين اللفظين، والإمالة المحضة، عن: حمزة. ووردت الإمالة بين اللفظين عن نافع. أما التفخيم: فورد عن: ابن كثير، وعاصم، وابن عامر.
انظر: "السبعة" لابن مجاهد: ٢٠١، "الكشف" لمكي: ١/ ١٨٣، "التبصرة" لمكي: ٤٥٥، "التيسير" للداني: ٨٦، "الإقناع" لابن الباذش: ١/ ٢٨٢ - ٢٨٤، "النشر" لابن الجزري: ٢/ ٦١.
(١) من قوله: (فلأن الراء..) إلى (.. كذلك يميلون الراء): نقله بتصرف يسير عن "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٥.
(٢) حروف الاستعلاء: الخاء، والصاد، والضاء، والطاء، والظاء، والغين، والقاف. انظر: "الرعاية" لمكي: ١٢٣، "التمهيد" لابن الجزري: ٩.
(٣) في (أ): (مكان مكان).
(٤) في (د): (أو من).
(٥) في (د): (والألف).
(٦) في (د): (قال).
25
(فَوْضى) (١)، و (جَوْخَى) (٢) وهي مدينة (٣)، [فـ] (٤) كما أمالوا المستعليةَ معها، كذلك يميلون الرَّاءَ (٥) والألِفَ المنقلبةَ عن الياء والواو، وتمال نحو: ﴿رَمَى﴾ (٦) و ﴿سَجى﴾ (٧)، وأشباههما.
وقوله تعالى: ﴿وَالْإِنْجِيلَ﴾. قال الزجَّاجُ (٨): الإنجيْل، (إفْعِيل)، مِنَ (النَّجْل)، وهو (٩): الأصل. هكذا كان (١٠) يقول جميع أهل اللغة في (إنجيل).
قال ابن الأنباري (١١): معنى قولهم: (إنجيل) لِكِتاب الله: أصْلٌ
وقوله تعالى: ﴿وَالْإِنْجِيلَ﴾. قال الزجَّاجُ (٨): الإنجيْل، (إفْعِيل)، مِنَ (النَّجْل)، وهو (٩): الأصل. هكذا كان (١٠) يقول جميع أهل اللغة في (إنجيل).
قال ابن الأنباري (١١): معنى قولهم: (إنجيل) لِكِتاب الله: أصْلٌ
(١) في (أ): (قوضى). (ب): (قوضي). (د) قوصي. والمثبت من: (ج)؛ لموافقته للمصدر المنقول عنه، وهو "الحجة" للفارسي: ٣/ ١٥؛ ولأن ما لم أثْبِتْهُ لم أقف عليه في معاجم اللغة التي بين يدي.
(٢) في (ب): (جوخي). (د): (حوحي).
(٣) في (ج): (وهما مدينتان). وجوْخى: قرية من أعمال واسط بالعراق. انظر: "معجم ما استعجم" للبكري: ٤٠٣، "القاموس المحيط" ٢٥٠ (جاخ).
(٤) ما بين المعقوفين زيادة ليستقيم بها الكلام، وهي موجودة في "الحجة" ٣/ ١٥.
(٥) قال الفارسي: (وإذا أمالوا مع المستعلي، كانت الإمالة مع الراء أجود؛ لأن الإمالة على الراء أغلب منها على المستعلي، ألا ترى أنه قد حكي الإمالة في نحو: (عمران)، ونحو: (فِراش)، و (جِراب). ولو كان مكان الراء المستعلي، لم تكن فيه إمالة؟..). "الحجة" ٣/ ١٦، وانظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ١٤١، ١٤٢.
(٦) من قوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ سورة الأنفال: ١٧. وقد أمالها: أبو بكر، وحمزة، والكسائي. انظر: "الكشف" لمكي: ١/ ١٧٧، ١٨٤.
(٧) الضحى: ٢. وقد أمالها الكسائي. انظر: "الكشف" ١/ ١٨٩، "التيسير" للداني ٤٩.
(٨) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٥.
(٩) في (د): (وهي).
(١٠) (كان): ساقطة من: (ج).
(١١) في "الزاهر" ١/ ١٦٨. نقله عنه، مع التصرف في بعض عباراته.
(٢) في (ب): (جوخي). (د): (حوحي).
(٣) في (ج): (وهما مدينتان). وجوْخى: قرية من أعمال واسط بالعراق. انظر: "معجم ما استعجم" للبكري: ٤٠٣، "القاموس المحيط" ٢٥٠ (جاخ).
(٤) ما بين المعقوفين زيادة ليستقيم بها الكلام، وهي موجودة في "الحجة" ٣/ ١٥.
(٥) قال الفارسي: (وإذا أمالوا مع المستعلي، كانت الإمالة مع الراء أجود؛ لأن الإمالة على الراء أغلب منها على المستعلي، ألا ترى أنه قد حكي الإمالة في نحو: (عمران)، ونحو: (فِراش)، و (جِراب). ولو كان مكان الراء المستعلي، لم تكن فيه إمالة؟..). "الحجة" ٣/ ١٦، وانظر: "كتاب سيبويه" ٤/ ١٤١، ١٤٢.
(٦) من قوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ سورة الأنفال: ١٧. وقد أمالها: أبو بكر، وحمزة، والكسائي. انظر: "الكشف" لمكي: ١/ ١٧٧، ١٨٤.
(٧) الضحى: ٢. وقد أمالها الكسائي. انظر: "الكشف" ١/ ١٨٩، "التيسير" للداني ٤٩.
(٨) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٥.
(٩) في (د): (وهي).
(١٠) (كان): ساقطة من: (ج).
(١١) في "الزاهر" ١/ ١٦٨. نقله عنه، مع التصرف في بعض عباراته.
26
للقوم (١) الذين (٢) نزل عليهم؛ لأنهم يَعْمَلونَ بما فيه. ويقال (٣): (لَعَنَ اللهُ ناجِلَيْهِ)؛ أي: والِدَيْهِ. وأنشد قولَ الأعشى:
إذْ نَجَلاهُ فَنِعْمَ مَا نَجَلا (٤)
أي: كان أصلًا له إذ وَلَدَاهُ.
وقال قومٌ (٥): (الإنجيل)، مأخوذ من قول العرب: (نَجَلْتُ الشيء): إذا استخرجته وأظهرتُه. يقال للماء الذي يخرج من النَّزِّ (٦): (نَجْلٌ).
ويقال: (قد استَنْجَلَ الوادي): إذا أخرج الماء من النزِّ. فسمّي الإنجيلُ إنجيلًا؛ لأن الله تعالى أظهره للناس بعد طموس الحق ودُرُوسِهِ.
إذْ نَجَلاهُ فَنِعْمَ مَا نَجَلا (٤)
أي: كان أصلًا له إذ وَلَدَاهُ.
وقال قومٌ (٥): (الإنجيل)، مأخوذ من قول العرب: (نَجَلْتُ الشيء): إذا استخرجته وأظهرتُه. يقال للماء الذي يخرج من النَّزِّ (٦): (نَجْلٌ).
ويقال: (قد استَنْجَلَ الوادي): إذا أخرج الماء من النزِّ. فسمّي الإنجيلُ إنجيلًا؛ لأن الله تعالى أظهره للناس بعد طموس الحق ودُرُوسِهِ.
(١) في (د): (القوم).
(٢) في (ج): (الذي).
(٣) في (ج): (ويقولون).
(٤) عجز بيت، وصدره:
أنجب أيامَ والداه به
وهو في: ديوانه: ١٧١، وقد ورد منسوبًا له، في "مجالس ثعلب" ١/ ٧٧، "الزاهر" ١/ ١٦٩، "البارع" لأبي علي القالي: ٦٢٥، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٢٢ (نجل)، "المحتسب" لابن جني: ١/ ١٥٣، "الإفصاح" للفارقي: ٣٣٢، "اللسان" ٧/ ٤٣٥٥ (نجل)، "أوضح المسالك" لابن هشام: ص١٥٣، "همع الهوامع" للسيوطي: ٤/ ٢٩٧.
ويروى البيت: (أنجب أيامُ والديه به)، و (أزمان) بدلًا من: (أيام). والبيت من قصيدة يمدح بها سلامة ذا فائش الحميري. ومعنى البيت: ولدا ولدا نجيبا. فيكون سياق البيت كالتالي: أنجب والداه به -أيام إذ نجلاه- فنعم ما نجلا.
(٥) ممن قال ذلك: ابن دريد في "جمهرة اللغة" ١/ ٤٩٢ (نجل). وانظر: "المعرب" للجواليقي: ١٢٣.
(٦) النَزُّ، والنِزُّ: ما تَحَلَّبَ من الأرض من الماء. و (نَزَّت الأرض): صارت ذا نَزً. انظر: (نزز) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٠، "مجمل اللغة" ٨٤٣، "القاموس" ٥٢٧.
(٢) في (ج): (الذي).
(٣) في (ج): (ويقولون).
(٤) عجز بيت، وصدره:
أنجب أيامَ والداه به
وهو في: ديوانه: ١٧١، وقد ورد منسوبًا له، في "مجالس ثعلب" ١/ ٧٧، "الزاهر" ١/ ١٦٩، "البارع" لأبي علي القالي: ٦٢٥، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٢٢ (نجل)، "المحتسب" لابن جني: ١/ ١٥٣، "الإفصاح" للفارقي: ٣٣٢، "اللسان" ٧/ ٤٣٥٥ (نجل)، "أوضح المسالك" لابن هشام: ص١٥٣، "همع الهوامع" للسيوطي: ٤/ ٢٩٧.
ويروى البيت: (أنجب أيامُ والديه به)، و (أزمان) بدلًا من: (أيام). والبيت من قصيدة يمدح بها سلامة ذا فائش الحميري. ومعنى البيت: ولدا ولدا نجيبا. فيكون سياق البيت كالتالي: أنجب والداه به -أيام إذ نجلاه- فنعم ما نجلا.
(٥) ممن قال ذلك: ابن دريد في "جمهرة اللغة" ١/ ٤٩٢ (نجل). وانظر: "المعرب" للجواليقي: ١٢٣.
(٦) النَزُّ، والنِزُّ: ما تَحَلَّبَ من الأرض من الماء. و (نَزَّت الأرض): صارت ذا نَزً. انظر: (نزز) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٥٠، "مجمل اللغة" ٨٤٣، "القاموس" ٥٢٧.
27
قال: وفي (الإنجيل) قولٌ ثالث: وهو أن يكون سُمّيَ إنجيلًا؛ لأن الناس اختلفوا فيه، وتنازعوا.
قال أبو عمرو الشيباني (١): التَّنَاجُل: التنازع. يقال: (تناجلَ القومُ): إذا تنازعوا (٢).
وقال جماعة من أهل التحقيق: التوراة والإنجيل والزَّبُور، أسماء عُرِّبت مِنَ السريانية، وليس يُطّردُ فيها قياس الأسماء العربيّة؛ ألا تراهم يقَولون لها بالسريانية: (تُورَيْ)، (انْكِليُون) (٣)، (زَفُوتَا) (٤).
قال أبو عمرو الشيباني (١): التَّنَاجُل: التنازع. يقال: (تناجلَ القومُ): إذا تنازعوا (٢).
وقال جماعة من أهل التحقيق: التوراة والإنجيل والزَّبُور، أسماء عُرِّبت مِنَ السريانية، وليس يُطّردُ فيها قياس الأسماء العربيّة؛ ألا تراهم يقَولون لها بالسريانية: (تُورَيْ)، (انْكِليُون) (٣)، (زَفُوتَا) (٤).
(١) انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٢٢ (نجل).
(٢) انظر: اشتقاقات ومعاني الإنجيل في "نزهة القلوب" للسجستاني: ١٢٣، "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي: ٣/ ١٦١، "عمدة الحفاظ" للسمين الحلبي: ٥٦٢، إضافة إلى بقية معاجم اللغة في مادة (نجل).
(٣) في (ج): (ان كليون). قيل إنه معرب من الرومية وليس من السريانية أي الآرامية، وأصله: (إثانْجَليُوم)؛ أي: الخبر الطيب. فمدلوله مدلول اسم الجنس؛ ولذ أدخلوا عليه كلمة التعريف في الرومية. وعربه العرب فأدخلوا عليه لام التعريف. ويرى ابن عاشور أن من ذهب إلى كونه منقول من السريانية، قد تكون العبارة اشتبهت عليه، وأن الصواب (اليونانية)؛ لأن فيها (أووَانَيْليُون) (أي: اللفظ الفصيح. انظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور: ٣/ ١٤٩.
(٤) وممن ذهب إلى أن (الإنجيل) و (التوراة) اسمان أعجميان: الزمخشري، والجواليقي، والنسفي، وابن جزي، والبيضاوي، وأبو السعود، والسمين الحلبي، والطاهر بن عاشور. قال الزمخشري: (وتكلف اشتقاقهما من (الوَرْي) و (النَّجْل)، ووزنهما بـ (تفعلة)، و (إفعيل)، إنما يصح بعد كونهما عربيين). "الكشاف" ١/ ٤١٠. وانظر: "المعرب" للجواليقي: ١٢٣، "تفسير النسفي" ١/ ١٤١، "تفسير ابن جزي" ٧٣، "تفسير البيضاوي" ١/ ٦٢، "تفسير أبي السعود" ٢/ ٤، "عمدة الحفاظ" للسمين: ٥٦٢، "التحرير والتنوير" ٣/ ١٤٩. وقد استدل بعضهم بقراءة الحسن: (والأَنجيل) بفتح الهمزة، على أنه أعجمي؛ لأنه ليس =
(٢) انظر: اشتقاقات ومعاني الإنجيل في "نزهة القلوب" للسجستاني: ١٢٣، "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي: ٣/ ١٦١، "عمدة الحفاظ" للسمين الحلبي: ٥٦٢، إضافة إلى بقية معاجم اللغة في مادة (نجل).
(٣) في (ج): (ان كليون). قيل إنه معرب من الرومية وليس من السريانية أي الآرامية، وأصله: (إثانْجَليُوم)؛ أي: الخبر الطيب. فمدلوله مدلول اسم الجنس؛ ولذ أدخلوا عليه كلمة التعريف في الرومية. وعربه العرب فأدخلوا عليه لام التعريف. ويرى ابن عاشور أن من ذهب إلى كونه منقول من السريانية، قد تكون العبارة اشتبهت عليه، وأن الصواب (اليونانية)؛ لأن فيها (أووَانَيْليُون) (أي: اللفظ الفصيح. انظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور: ٣/ ١٤٩.
(٤) وممن ذهب إلى أن (الإنجيل) و (التوراة) اسمان أعجميان: الزمخشري، والجواليقي، والنسفي، وابن جزي، والبيضاوي، وأبو السعود، والسمين الحلبي، والطاهر بن عاشور. قال الزمخشري: (وتكلف اشتقاقهما من (الوَرْي) و (النَّجْل)، ووزنهما بـ (تفعلة)، و (إفعيل)، إنما يصح بعد كونهما عربيين). "الكشاف" ١/ ٤١٠. وانظر: "المعرب" للجواليقي: ١٢٣، "تفسير النسفي" ١/ ١٤١، "تفسير ابن جزي" ٧٣، "تفسير البيضاوي" ١/ ٦٢، "تفسير أبي السعود" ٢/ ٤، "عمدة الحفاظ" للسمين: ٥٦٢، "التحرير والتنوير" ٣/ ١٤٩. وقد استدل بعضهم بقراءة الحسن: (والأَنجيل) بفتح الهمزة، على أنه أعجمي؛ لأنه ليس =
28
٤ - وقوله تعالى: ﴿وَأَنزَلَ اَلفُرْقَانَ﴾. أي: ما فرق بين الحق والباطل (١). قال ابن عباس في رواية عطاء (٢): يريد به جميع الكتب؛ لأنه فرّق فيها بين الحق والباطل (٣).
وقال السُّدِّي (٤): في هذه الآية تقديم وتأخير، وتقديرها: ونَزَّلَ التوراة والإنجيل وأنزل الفرقان؛ هُدًى للناس.
وقوله تعالى: ﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾ أي: مِمَّن كَفَرَ به، (لأن) (٥) ذِكْرَ الكافرين جرى ههنا.
والانتقام: العقوبَة. يقال: (انتقم منه انتقامًا)؛ أي: عاقبه (٦).
وقال السُّدِّي (٤): في هذه الآية تقديم وتأخير، وتقديرها: ونَزَّلَ التوراة والإنجيل وأنزل الفرقان؛ هُدًى للناس.
وقوله تعالى: ﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾ أي: مِمَّن كَفَرَ به، (لأن) (٥) ذِكْرَ الكافرين جرى ههنا.
والانتقام: العقوبَة. يقال: (انتقم منه انتقامًا)؛ أي: عاقبه (٦).
= في أبنية العرب (أفعيل). انظر: "الزاهر" ١/ ١٦٩، "البحر المحيط" ٢/ ٣٧٨، "اللسان" ٧/ ٤٣٥٦ (نجل).
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٧٥، "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٤٣، "تفسير البغوي" ٢/ ٦.
(٢) لم أقف على مصدر هذه الرواية عنه.
(٣) إضافة إلى هذا القول، فقد وردت الأقوال التالية في (الفرقان): أنه القرآن، وهو قول: قتادة والربيع وعطاء ومجاهد ومِقْسم والجمهور. أنه مصدر لكل ما يفرق بين الحق والباطل في أمر عيسى عليه السلام، وغير ذلك من أموره. وهو قول محمد بن جعفر ابن الزبير، ورجحه الطبريُّ؛ محتَجًّا بتقدم ذِكْر القرآن في آية: ٣. من هذه السورة، فلا داعي لإعادته. أنه التوراة، وهو قول أبي صالح، ورَدَّه ابن كثير؛ نظرًا لِتقدم ذِكْر التوراة أنه خواتيم سورة البقرة، قاله سعيد بن جبير.
انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٦٧، "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٧٥، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٨٨، "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٤٣، "تفسير البغوي" ٢/ ٦، "زاد المسير" ١/ ٣٥٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٦٩.
(٤) قوله في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٥، "تفسير البغوي" ٢/ ٦، "زاد المسير" ١/ ٣٥٠.
(٥) في (أ): (لال). والمثبت من: (ب)، (ج)، (د).
(٦) انظر: (نقم) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٥٤، "الصحاح" ٥/ ٢٠٤٥، "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب (تحقيق عدنان داودي): ٨٢٢.
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٧٥، "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٤٣، "تفسير البغوي" ٢/ ٦.
(٢) لم أقف على مصدر هذه الرواية عنه.
(٣) إضافة إلى هذا القول، فقد وردت الأقوال التالية في (الفرقان): أنه القرآن، وهو قول: قتادة والربيع وعطاء ومجاهد ومِقْسم والجمهور. أنه مصدر لكل ما يفرق بين الحق والباطل في أمر عيسى عليه السلام، وغير ذلك من أموره. وهو قول محمد بن جعفر ابن الزبير، ورجحه الطبريُّ؛ محتَجًّا بتقدم ذِكْر القرآن في آية: ٣. من هذه السورة، فلا داعي لإعادته. أنه التوراة، وهو قول أبي صالح، ورَدَّه ابن كثير؛ نظرًا لِتقدم ذِكْر التوراة أنه خواتيم سورة البقرة، قاله سعيد بن جبير.
انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٦٧، "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٧٥، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٨٨، "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٤٣، "تفسير البغوي" ٢/ ٦، "زاد المسير" ١/ ٣٥٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٦٩.
(٤) قوله في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٥، "تفسير البغوي" ٢/ ٦، "زاد المسير" ١/ ٣٥٠.
(٥) في (أ): (لال). والمثبت من: (ب)، (ج)، (د).
(٦) انظر: (نقم) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٥٤، "الصحاح" ٥/ ٢٠٤٥، "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب (تحقيق عدنان داودي): ٨٢٢.
وقال اللَّيْث (١): يقال: (لَمْ أرْضَ منه حتى نَقِمتُ، وانتقمْتُ): إذا كافأه؛ عقوبةً بما صنع.
٦ - قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ﴾ (٢). التصويرُ: جعل الشيء على صورةٍ. والصورة: هيئة يكون (٣) عليها الشيء بالتأليف.
وأصلها مِن: (صارَه، يَصُوره): إذا أماله (٤). فهي صورَةٌ؛ لأنها مائلة إلى بِنْيَةٍ بالشَبَه لها.
وقوله تعالى: ﴿فِي الْأَرْحَامِ﴾. جَمْعُ رَحِم. وأصلها مِنَ: الرَّحْمَة (٥)؛ وذلك لأنها مما يُتَراحم بالاشتراك فيها، ويُتَعاطف.
وقوله تعالى: ﴿كَيْفَ يَشَاءُ﴾. أي: ذكرًا (و) (٦) أنثى؛ قصيرًا وطويلًا؛ أسودَ وأبيض؛ سعيدًا وشقِيًّا. ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ﴾ في مُلْكه، ﴿الْحَكِيمُ﴾
٦ - قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ﴾ (٢). التصويرُ: جعل الشيء على صورةٍ. والصورة: هيئة يكون (٣) عليها الشيء بالتأليف.
وأصلها مِن: (صارَه، يَصُوره): إذا أماله (٤). فهي صورَةٌ؛ لأنها مائلة إلى بِنْيَةٍ بالشَبَه لها.
وقوله تعالى: ﴿فِي الْأَرْحَامِ﴾. جَمْعُ رَحِم. وأصلها مِنَ: الرَّحْمَة (٥)؛ وذلك لأنها مما يُتَراحم بالاشتراك فيها، ويُتَعاطف.
وقوله تعالى: ﴿كَيْفَ يَشَاءُ﴾. أي: ذكرًا (و) (٦) أنثى؛ قصيرًا وطويلًا؛ أسودَ وأبيض؛ سعيدًا وشقِيًّا. ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ﴾ في مُلْكه، ﴿الْحَكِيمُ﴾
(١) قوله في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٥٤ (نقم).
(٢) لم يتعرض المؤلف لتفسير آية: ٥.
(٣) في (أ): (تلون). (ج) يلون. والمثبت من: (ب)، (د).
(٤) يقال: (صارَهُ يَصُورُه، ويَصِيرُه) انظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٥٨ (صار)، "غريب الحديث" لأبي عبيد بن سلّام: ٢/ ٣٠٩، "اللسان" ٤/ ٢٥٢٤.
(٥) انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب (تحقيق عدنان داودي): ٣٤٧. وورد في الحديث: (قال الله: أنا الله، وأنا الرحمن، خَلَقْت الرَّحِمَ، وشَقَقْت لها اسمًا من اسمي، فَمَن وَصَلَها وصَلْتُه، ومَنْ قَطَعَها بَتَتُّه). أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (١٩٠٧) كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في قطيعة الرحم، وقال الترمذي: (حديث صحيح)، والحاكم في "المستدرك" ٤/ ١٥٧. وصححه، ووافقه الذهبي، وأحمد في "المسند" ١/ ١٩٤. وعند البزار: (أنا الرحمن الرحيم، وإني شققت الرَّحِمَ من اسمي..). انظر: "كشف الأستار عن زوائد البزار": ٢/ ٣٧٩، تحقيق الأعظمي، وقال عنه الهيثمي: (وإسناده حسن). "مجمع الزوائد" ٨/ ١٥١.
(٦) في (ج): (أو). وكذا كُتِبت (أو) بدلا من (و) في (ج) فيما بعدها.
(٢) لم يتعرض المؤلف لتفسير آية: ٥.
(٣) في (أ): (تلون). (ج) يلون. والمثبت من: (ب)، (د).
(٤) يقال: (صارَهُ يَصُورُه، ويَصِيرُه) انظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٩٥٨ (صار)، "غريب الحديث" لأبي عبيد بن سلّام: ٢/ ٣٠٩، "اللسان" ٤/ ٢٥٢٤.
(٥) انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب (تحقيق عدنان داودي): ٣٤٧. وورد في الحديث: (قال الله: أنا الله، وأنا الرحمن، خَلَقْت الرَّحِمَ، وشَقَقْت لها اسمًا من اسمي، فَمَن وَصَلَها وصَلْتُه، ومَنْ قَطَعَها بَتَتُّه). أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (١٩٠٧) كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في قطيعة الرحم، وقال الترمذي: (حديث صحيح)، والحاكم في "المستدرك" ٤/ ١٥٧. وصححه، ووافقه الذهبي، وأحمد في "المسند" ١/ ١٩٤. وعند البزار: (أنا الرحمن الرحيم، وإني شققت الرَّحِمَ من اسمي..). انظر: "كشف الأستار عن زوائد البزار": ٢/ ٣٧٩، تحقيق الأعظمي، وقال عنه الهيثمي: (وإسناده حسن). "مجمع الزوائد" ٨/ ١٥١.
(٦) في (ج): (أو). وكذا كُتِبت (أو) بدلا من (و) في (ج) فيما بعدها.
في خَلْقِه.
٧ - قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ﴾ إلى قوله: ﴿مُتَشَابِهَاتٌ﴾ اختلف المفسرون في المُحْكَمِ والمُتَشابِه.
واختلفت (فيهما) (١) الروايات عن ابن عبّاس، فقال في روايةِ عَطِيّة: المُحْكَم: الناسخ الذي يُعمل به. والمُتشابه: المَنْسُوخُ الذي يُؤمَنُ به، ولا يُعمل [به] (٢). وهذا قول قتادة، والربيع (٣).
وقال في رواية عطاء: المُحْكَمَات: (هي) (٤) الثلاثُ (الآيات) (٥) في (آخر) (٦) سورة الأنعام: ﴿قُلْ تَعَالَوْا﴾ [الأنعام: ١٥١]، إلى آخر الآيات
٧ - قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ﴾ إلى قوله: ﴿مُتَشَابِهَاتٌ﴾ اختلف المفسرون في المُحْكَمِ والمُتَشابِه.
واختلفت (فيهما) (١) الروايات عن ابن عبّاس، فقال في روايةِ عَطِيّة: المُحْكَم: الناسخ الذي يُعمل به. والمُتشابه: المَنْسُوخُ الذي يُؤمَنُ به، ولا يُعمل [به] (٢). وهذا قول قتادة، والربيع (٣).
وقال في رواية عطاء: المُحْكَمَات: (هي) (٤) الثلاثُ (الآيات) (٥) في (آخر) (٦) سورة الأنعام: ﴿قُلْ تَعَالَوْا﴾ [الأنعام: ١٥١]، إلى آخر الآيات
(١) في (ج): (فيها).
(٢) ما بين المعقوفين: زيادة من: (ج).
وهذا الأثر عن ابن عباس من رواية عَطِية، في "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٢، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٥/ ب، "الدر المنثور" للسيوطي: ٣/ ٨. وسند هذا الأثر عن ابن عباس من طريق عطية قال عنه الشيخ أحمد شاكر: (إسنادٌ مُسَلْسَلٌ بالضعفاء). انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٣ هامش (١) (ط. شاكر)، وقد تكلم على السَّنَدِ بإسهاب. وانظر كذلك السندَ، في "تفسير الثعلبي" ١/ ٤ أ. وقد أخرج الطبريُ أثرًا آخرَ عن ابن عباس، في نفس المعنى من رواية السُّدِّي الكبير، عن أبي مالك، وأبي صالح، عن ابن عباس. انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٢، وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر على سنده، في: ١/ ١٥٦ - ١٦٠ هامش (٢) (ط. شاكر).
(٣) انظر الأثر عنهما في "تفسير القرآن" لعبد الرزاق الصنعاني (تحقيق د. مصطفى مسلم): ١/ ١١٥، "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٢، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٥ ب، "تفسير البغوي" ١/ ١٧، " المحرر الوجيز" ٣/ ١٧ - ١٨.
(٤) (هي): ساقطة من: (ج).
(٥) في (ب): (آيات).
(٦) في (ج): (أواخر).
(٢) ما بين المعقوفين: زيادة من: (ج).
وهذا الأثر عن ابن عباس من رواية عَطِية، في "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٢، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٥/ ب، "الدر المنثور" للسيوطي: ٣/ ٨. وسند هذا الأثر عن ابن عباس من طريق عطية قال عنه الشيخ أحمد شاكر: (إسنادٌ مُسَلْسَلٌ بالضعفاء). انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٣ هامش (١) (ط. شاكر)، وقد تكلم على السَّنَدِ بإسهاب. وانظر كذلك السندَ، في "تفسير الثعلبي" ١/ ٤ أ. وقد أخرج الطبريُ أثرًا آخرَ عن ابن عباس، في نفس المعنى من رواية السُّدِّي الكبير، عن أبي مالك، وأبي صالح، عن ابن عباس. انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٢، وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر على سنده، في: ١/ ١٥٦ - ١٦٠ هامش (٢) (ط. شاكر).
(٣) انظر الأثر عنهما في "تفسير القرآن" لعبد الرزاق الصنعاني (تحقيق د. مصطفى مسلم): ١/ ١١٥، "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٢، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٥ ب، "تفسير البغوي" ١/ ١٧، " المحرر الوجيز" ٣/ ١٧ - ١٨.
(٤) (هي): ساقطة من: (ج).
(٥) في (ب): (آيات).
(٦) في (ج): (أواخر).
31
الثلاث (١).
﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ يريد: (التي) (٢) تشابهت اليهود؛ وهي حُرُوف التَّهَجِّي في أوائل السُّوَرِ؛ وذلك أنهم أوَّلُوها على حِسَابِ الجُمَّلِ، وطلبوا أن يَسْتَخرِجوا منها مُدَّة بقاء هذه الأمَّةِ، فاختلط عليهم واشْتَبَه (٣).
﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ يريد: (التي) (٢) تشابهت اليهود؛ وهي حُرُوف التَّهَجِّي في أوائل السُّوَرِ؛ وذلك أنهم أوَّلُوها على حِسَابِ الجُمَّلِ، وطلبوا أن يَسْتَخرِجوا منها مُدَّة بقاء هذه الأمَّةِ، فاختلط عليهم واشْتَبَه (٣).
(١) لم أجد هذا الأثر عن ابن عباس من رواية عطاء فيما رجعت إليه من مصادر، وإنما الوارد عنه هو من رواية أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن قيس. وقد أخرجه الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٢٨٨، وصححه، ووافقه الذهبي، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٥٩٢ كما أورده السيوطيُّ في "الدر المنثور" ٢/ ٦، وعزا إخراجه لسعيد بن منصور، وابن مردوية وورد من نفس الطريق بلفظ آخر: (قال: هي الثلاث الآيات، مِنْ ههنا: ﴿قُلْ تَعَالَوْا﴾ [الأنعام: ١٥١]، إلى ثلاث آيات، والتي في (بني إسرائيل): ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٢٣] إلى آخر الآيات). أخرجه الطبريُّ في "تفسيره" ٣/ ١٧٢، وابن أبي حاتم ٢/ ٥٩٢، والثعلبي ٣/ ٥/ ب، من رواية أبي إسحاق.
وأورده السيوطيُّ في "الدر المنثور" ٢/ ٦ وزاد نسبة إخراجه لعبد بن حميد، وابن المنذر. وانظر: "الإتقان" له: ٣/ ٥. وقال ابن عطية فى "المحرر الوجيز" ٣/ ١٧ - ١٨: (وهذا عندي مِثالٌ أعطاه في المُحكَمَات).
(٢) في (ج): (الذي).
(٣) موقف اليهود من حروف أوائل السور، ورد في أثر طويل رواه محمد بن إسحاق، عن الكَلْبِيُّ، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن جابر بن عبد الله، وروايته له بصيغة التمريض؛ حيث قال: (.. فيما ذُكر لي عن عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله..). انظر: "سيرة ابن هشام" ٢/ ١٧٠ - ١٧١. فسنده ضعيف لِمَا فيه مِنْ مجهول. وأخرجه الطبري في "تفسيره" ٣/ ١٧٤، وقال عنه الشيخ أحمد شاكر: (ضعيف الإسناد). وقد أورد شاكر أسانيد هذا الأثر وبَيَّن اضطرابَها، ثم قال: (وعندي أن هذا الاضطراب، إنما هو من ابن إسحاق، أو لَعَلَّه رواهُ بهذه الأسانيد كمَا سَمِعَه، وكلها ضعيف مضطرب). "تفسير الطبري" ١/ ١٧٩ (ط. شاكر). وأورده الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ٦ ب، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٣٧٠، وقال عنه: (مداره=
وأورده السيوطيُّ في "الدر المنثور" ٢/ ٦ وزاد نسبة إخراجه لعبد بن حميد، وابن المنذر. وانظر: "الإتقان" له: ٣/ ٥. وقال ابن عطية فى "المحرر الوجيز" ٣/ ١٧ - ١٨: (وهذا عندي مِثالٌ أعطاه في المُحكَمَات).
(٢) في (ج): (الذي).
(٣) موقف اليهود من حروف أوائل السور، ورد في أثر طويل رواه محمد بن إسحاق، عن الكَلْبِيُّ، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن جابر بن عبد الله، وروايته له بصيغة التمريض؛ حيث قال: (.. فيما ذُكر لي عن عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله..). انظر: "سيرة ابن هشام" ٢/ ١٧٠ - ١٧١. فسنده ضعيف لِمَا فيه مِنْ مجهول. وأخرجه الطبري في "تفسيره" ٣/ ١٧٤، وقال عنه الشيخ أحمد شاكر: (ضعيف الإسناد). وقد أورد شاكر أسانيد هذا الأثر وبَيَّن اضطرابَها، ثم قال: (وعندي أن هذا الاضطراب، إنما هو من ابن إسحاق، أو لَعَلَّه رواهُ بهذه الأسانيد كمَا سَمِعَه، وكلها ضعيف مضطرب). "تفسير الطبري" ١/ ١٧٩ (ط. شاكر). وأورده الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ٦ ب، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٣٧٠، وقال عنه: (مداره=
32
وهذا القول، اختيار الفرّاء (١).
وقال في رواية الوالبي (٢): محكمات القرآن: ما فيه من الحلال
وقال في رواية الوالبي (٢): محكمات القرآن: ما فيه من الحلال
= على محمد بن السائب الكلبي، وهو مِمَّن لا يُحتج بما انفرد به). وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٨، وأشار إلى ضعفه، والشوكانى في "فتح القدير" ١/ ٤٨٠ وَرَدَّه هذا وقد استدل الطبري بهذه الرواية على أن هذه الحروف هي من حساب الجُمّل، مع أن الرواية التي أوردها مدارها على الكلبي، الذي ضعفه الطبري نفسُهُ، وعدّه ممن لا يجوز الاحتجاج بنقله. وقال عنه ابن تيمية: (فهذا نقلٌ باطلٌ)، وبيَّن بطلانَه من ثلاثة وجوه، منها: أنه من رواية الكلبي. وقال ابن كثير: (وأمّا مَنْ زَعَم أنها دالَةٌ على معرفة المُدَدِ، وأنه يُستخرجُ من ذلك أوقاتُ الحوادث والفِتَنِ والمَلاحِمِ، فقد ادّعَى ما ليس له، وطار في غير مطاره)، ثم قال: (كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحًا أن يُحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها، وذلك يبلغ منه جملة كثيرة، وإنْ حُسِبت مع التكرار فأطم وأعظم). انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٥، "تفسير سورة الإخلاص" لابن تيمية: ١٩١. "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٧٠.
(١) في "معاني القرآن" له ١/ ١٩٠.
(٢) يريد المؤلف بـ (الوالبي) والله أعلم: علي بن أبي طلحة، الراوي عن ابن عباس، وهكذا سماه الثعلبي شيخ المؤلف في مقدمة تفسيره "الكشف والبيان" ١/ ٥ أ، وساق سنده إليه، فقال: (.. أن معاوية بن صالح حدثه عن علي بن طلحة [هكذا في المخطوط، والصواب: ابن أبي طلحة] الوالبي، عن ابن عباس)، وهو نفس السند الذي روى به ابن أبي طلحة التفسير عن ابن عباس، وهو نفس السند الذي جاءت به هذه الرواية عنه في هذا الموضع في "تفسير الطبري" "تفسير ابن أبي حاتم". ولم أقف في المصادر التي رجعت إليها، على مَنْ سَمَّاه بـ (الوالبي) سوى الثعلبي والواحدي، والزركشي في "البرهان" ٢/ ١٥٨.
وهو: علي بن أبي طلحة "سالم" بن المخارق الهاشمي، أبو الحسن. أرسل عن ابن عباس ولم يره، عالم بالتفسير، رواه عن ابن عباس مرسلًا، والواسطة بينهما مجاهد، أو سعيد بن جبير. وتُعَدُّ هذه الطريقة إلى ابن عباس في التفسير من أقوى=
(١) في "معاني القرآن" له ١/ ١٩٠.
(٢) يريد المؤلف بـ (الوالبي) والله أعلم: علي بن أبي طلحة، الراوي عن ابن عباس، وهكذا سماه الثعلبي شيخ المؤلف في مقدمة تفسيره "الكشف والبيان" ١/ ٥ أ، وساق سنده إليه، فقال: (.. أن معاوية بن صالح حدثه عن علي بن طلحة [هكذا في المخطوط، والصواب: ابن أبي طلحة] الوالبي، عن ابن عباس)، وهو نفس السند الذي روى به ابن أبي طلحة التفسير عن ابن عباس، وهو نفس السند الذي جاءت به هذه الرواية عنه في هذا الموضع في "تفسير الطبري" "تفسير ابن أبي حاتم". ولم أقف في المصادر التي رجعت إليها، على مَنْ سَمَّاه بـ (الوالبي) سوى الثعلبي والواحدي، والزركشي في "البرهان" ٢/ ١٥٨.
وهو: علي بن أبي طلحة "سالم" بن المخارق الهاشمي، أبو الحسن. أرسل عن ابن عباس ولم يره، عالم بالتفسير، رواه عن ابن عباس مرسلًا، والواسطة بينهما مجاهد، أو سعيد بن جبير. وتُعَدُّ هذه الطريقة إلى ابن عباس في التفسير من أقوى=
33
والحرام، والحُدُود والفرائض، مِمّا يُعمل به. والمتشابهات: مُقَدَّمُه ومُؤَخَّرُه، وأمثالُهُ وأقسامه، وما يُؤمَنُ به (ولا يُعمل به) (١).
وقال ابن كَيْسَان (٢): المُحْكَمَات: حُجَجُها واضحةٌ، ودَلائِلُها لائحة، (لا) (٣) حاجة بمن سمعها إلى طلب معانيها. والمتشابه: ما يُدرَك عِلْمُهُ بالنظر. وهذا القول؛ اختيار أبي إسحاق؛ لأنه حكى هذا القول، وقال (٤): معنى ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾: أي: أُحكِمت في الإبانة، فإذا سمعها السامعُ لَمْ يَحْتَجْ إلى تأويلها؛ لأنها ظاهرة بَيِّنةٌ؛ نحو: ما قَصّ اللهُ تعالى مِنْ
وقال ابن كَيْسَان (٢): المُحْكَمَات: حُجَجُها واضحةٌ، ودَلائِلُها لائحة، (لا) (٣) حاجة بمن سمعها إلى طلب معانيها. والمتشابه: ما يُدرَك عِلْمُهُ بالنظر. وهذا القول؛ اختيار أبي إسحاق؛ لأنه حكى هذا القول، وقال (٤): معنى ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾: أي: أُحكِمت في الإبانة، فإذا سمعها السامعُ لَمْ يَحْتَجْ إلى تأويلها؛ لأنها ظاهرة بَيِّنةٌ؛ نحو: ما قَصّ اللهُ تعالى مِنْ
= الطرق إليه. واعتمد عليها البخاريُّ في صحيحه قال الإمام أحمد: (بمصر صحيفة تفسير رواها علي بن أبي طلحة، لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدًا، ما كان كثيرًا) مات سنة (١٤٣هـ). انظر: "الجرح والتعديل" ٦/ ١٩١، و"المراسيل" ١٤٠، و"تاريخ بغداد" ١١/ ٤٢٨، و"ميزان الاعتدال" ٣/ ١٤٣، و"تهذيب التهذيب" ٧/ ٣٣٩، و"الإتقان" ٢/ ٤١٤ - ٤١٥.
(١) في (ج): (وما لم يُعمل به) والأثر أخرجه الطبري في "تفسيره" ٣/ ١٧٢، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٥٩٣، والبغوي في "تفسيره" ٢/ ٨. وأورده السيوطى في "الدر" ٢/ ٩، وزاد نسبة إخراجه كذلك لابن المنذر، وأورده كذلك في: "الإتقان": ٣/ ٤.
(٢) قوله في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٦ ب، وأورده بالمعنى النحاسُ في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٤٥. وابن كسيان، أكثر من واحد، وهو هنا: عبد الرحمن بن كيسان، أبو بكر الأصم المعتزلي. كان من أفصح الناس، وأورعهم، وأفقههم، وله تفسير للقرآن، وكتب كثيرة ذكرها ابن النديم. قال ابن حجر: (هو من طبقة أبي الهذيل العلاف، وأقدم منه)، توفي سنة (٢٠٠ هـ)، وقيل: (٢٠١ هـ). وقد نَصّ الثعلبيُّ على اسمه في مقدمة تفسيره "الكشف والبيان" وجعله من مصادره، وعليه اعتمد الواحديُّ. انظر: "الفهرست" لابن النديم: ١٢٠، "لسان الميزان" لابن حجر: ٤/ ٢٨٨، "طبقات المفسرين" للداودي: ١/ ٢٧٤، "تفسير الثعلبي" (المقدمة) ١/ ١٠.
(٣) في (ج): (ولا).
(٤) في "معاني القرآن وإعرابه" له: ١/ ٣٧٦. نقله عنه باختصار وتصرف يسير.
(١) في (ج): (وما لم يُعمل به) والأثر أخرجه الطبري في "تفسيره" ٣/ ١٧٢، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٥٩٣، والبغوي في "تفسيره" ٢/ ٨. وأورده السيوطى في "الدر" ٢/ ٩، وزاد نسبة إخراجه كذلك لابن المنذر، وأورده كذلك في: "الإتقان": ٣/ ٤.
(٢) قوله في "تفسير الثعلبي" ٣/ ٦ ب، وأورده بالمعنى النحاسُ في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٤٥. وابن كسيان، أكثر من واحد، وهو هنا: عبد الرحمن بن كيسان، أبو بكر الأصم المعتزلي. كان من أفصح الناس، وأورعهم، وأفقههم، وله تفسير للقرآن، وكتب كثيرة ذكرها ابن النديم. قال ابن حجر: (هو من طبقة أبي الهذيل العلاف، وأقدم منه)، توفي سنة (٢٠٠ هـ)، وقيل: (٢٠١ هـ). وقد نَصّ الثعلبيُّ على اسمه في مقدمة تفسيره "الكشف والبيان" وجعله من مصادره، وعليه اعتمد الواحديُّ. انظر: "الفهرست" لابن النديم: ١٢٠، "لسان الميزان" لابن حجر: ٤/ ٢٨٨، "طبقات المفسرين" للداودي: ١/ ٢٧٤، "تفسير الثعلبي" (المقدمة) ١/ ١٠.
(٣) في (ج): (ولا).
(٤) في "معاني القرآن وإعرابه" له: ١/ ٣٧٦. نقله عنه باختصار وتصرف يسير.
34
أقاصيص الأنبياء، مِمّا اعترف به أهلُ الكِتَاب، وما أخبر اللهُ جلّ وعزَّ به مِنْ إنشاءِ الخَلْقِ، في قوله: ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً﴾ [المؤمنون: ١٤] الآية. ومِنْ خَلْقِهِ مِنَ الماءِ (كلَّ) (١) شيءٍ (حَيٍّ) (٢)، وما خلق مِنَ الثمار، وهذا (ما) (٣) لَمْ يُنْكِروا، (وأنكروا) (٤) ما احتاجوا فيه إلى النَّظَرِ مِنْ أنَّ اللهَ يبعثهم بعد أنْ يَصِيروا تُرابًا، (ولُوْ نَظَرُوا وتَدَبَّروا) (٥) لَصَارَ المُتَشابِهُ عندهم كالظاهر؛ لأنَّ مَنْ قَدَرَ على الإنشاء أوّلًا، قَدَرَ على الإعادَةِ.
وقد نَبَّهَ اللهُ تعالى بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا﴾ [يونس: ٧٩].
وقال محمد بن جعفر بن الزبير (٦): المُحْكَم: ما لا يَحْتَمِل مِنَ التأويل غير وَجْهٍ واحدٍ. والمُتَشابه: ما احتمل من التأويل أوجُهًا (٧). وهذا
وقد نَبَّهَ اللهُ تعالى بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا﴾ [يونس: ٧٩].
وقال محمد بن جعفر بن الزبير (٦): المُحْكَم: ما لا يَحْتَمِل مِنَ التأويل غير وَجْهٍ واحدٍ. والمُتَشابه: ما احتمل من التأويل أوجُهًا (٧). وهذا
(١) في (ج): (كل كل).
(٢) (حي): ساقطة من: (د).
(٣) في (ب): (مما).
(٤) في (ج): (ولو أنكروا).
(٥) (ولو نظروا وتدبروا): ساقطة من: (ج).
(٦) هو: محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام الأسدي المدني. من أتباع التابعين، كان من فقهاء أهل المدينة، ثقة، مات ما بين (١١٠ هـ و ١٢ هـ). انظر: "الجرح والتعديل" ٧/ ٢٢١، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٣٠، "تقريب التهذيب" ص ٤٧١ (٥٧٨٢).
(٧) هذا معنى كلام محمد بن جعفر، ذكره: الطبري في "تفسيره" ٣/ ١٧٣، ولفظه عنده من رواية محمد بن إسحاق: (قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾: فيهن حُجَّةُ الرَّبِّ، وعصمةُ العباد، ودفعُ الخصوم والباطل؛ ليس لها تصريف ولا تحريف عما وُضِعت عليه. ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾: في الصدق؛ لَهُنَّ تصريفٌ وتحريف وتأويل، ابتلى اللهُ فيهن العبادَ، كما ابتلاهم في الحلال والحرام؛ لا يُصرَفْنَ إلى الباطل، ولا يُحرفن عن الحق).=
(٢) (حي): ساقطة من: (د).
(٣) في (ب): (مما).
(٤) في (ج): (ولو أنكروا).
(٥) (ولو نظروا وتدبروا): ساقطة من: (ج).
(٦) هو: محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام الأسدي المدني. من أتباع التابعين، كان من فقهاء أهل المدينة، ثقة، مات ما بين (١١٠ هـ و ١٢ هـ). انظر: "الجرح والتعديل" ٧/ ٢٢١، "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٣٠، "تقريب التهذيب" ص ٤٧١ (٥٧٨٢).
(٧) هذا معنى كلام محمد بن جعفر، ذكره: الطبري في "تفسيره" ٣/ ١٧٣، ولفظه عنده من رواية محمد بن إسحاق: (قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾: فيهن حُجَّةُ الرَّبِّ، وعصمةُ العباد، ودفعُ الخصوم والباطل؛ ليس لها تصريف ولا تحريف عما وُضِعت عليه. ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾: في الصدق؛ لَهُنَّ تصريفٌ وتحريف وتأويل، ابتلى اللهُ فيهن العبادَ، كما ابتلاهم في الحلال والحرام؛ لا يُصرَفْنَ إلى الباطل، ولا يُحرفن عن الحق).=
35
اختيار ابن الأنباري، وكثيرٍ مِنَ العلماء (١).
[و] (٢) قال ابن الأنباري (٣): الآية المُحْكَمَةُ: التي مَنَعَتْ كَثْرَةَ التأويلات؛ لأنها لا تَحْتَمِلُ إلّا تفسيرًا واحدا.
والعرب تقول (٤): (حَكَمتُ) و (أحكمتُ) و (حَكَّمْتُ)؛ بمعنى: (رَدَدْت) (٥)، ومَنَعْتُ. والحاكم يَمْنَعُ (الظالمَ) (٦) من الظُلْم.
قال الأصمعي (٧): وأصلُ الحُكُومَةِ: رَدُّ الرَّجُلِ عَنِ الظُّلْمِ، ومِنْهُ قولُ لَبِيد:
[و] (٢) قال ابن الأنباري (٣): الآية المُحْكَمَةُ: التي مَنَعَتْ كَثْرَةَ التأويلات؛ لأنها لا تَحْتَمِلُ إلّا تفسيرًا واحدا.
والعرب تقول (٤): (حَكَمتُ) و (أحكمتُ) و (حَكَّمْتُ)؛ بمعنى: (رَدَدْت) (٥)، ومَنَعْتُ. والحاكم يَمْنَعُ (الظالمَ) (٦) من الظُلْم.
قال الأصمعي (٧): وأصلُ الحُكُومَةِ: رَدُّ الرَّجُلِ عَنِ الظُّلْمِ، ومِنْهُ قولُ لَبِيد:
أَحْكَمَ الجِنْثِيَّ مِنْ عَوْراتِها | كُلُّ حِرْباءٍ إذا أُكْرِهَ صَلْ (٨) |
= وانظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ٦ أ، "تفسير البغوي" ٢/ ٨، "تفسير القرطبي" ٤/ ١٠، "الدر المنثور" ٢/ ٧. وقال ابنُ عَطيَّة في "المحرر الوجيز" ٣/ ١٨: (وهذا أحسن الأقوال في هذه الآية).
(١) ونسبه الماورديُّ، وابنُ الجوزي للشافعي رحمه الله. انظر: "النكت والعيون" ١/ ٣٦٩، "زاد المسير" ١/ ٣٨١.
(٢) ما بين المعقوفين: زيادة من: (ج).
(٣) لم أقف على مصدر قوله.
(٤) من قوله: (والعرب..) إلى نهاية بيت الشعر: (.. أحكموا سفهاءكم): نقله بتصرف واختصار عن "تهذيب اللغة" للأزهري: ١/ ٨٨٦.
(٥) في (أ): رَدّدت. والمثبت من: بقية النسخ، ومن "التهذيب".
(٦) في (ج): (الظلم).
(٧) قوله: في "جمهرة اللغة" لابن دريد: ١/ ١٤٣ (أبواب النوادر)، وفي "تهذيب اللغة" كما سبق.
(٨) البيت في "ديوان لبيد" ١٩٢. وقد ورد منسوبًا له، في: كتاب "المعاني الكبير" لابن قتيبة: ٢/ ١٠٣٠، "جمهرة اللغة" لابن دريد: ١/ ١٤٣، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦ (حكم)، "شرح الأبيات المشكلة الإعراب" للفارسي: ٥٤١، "الصحاح" ١/ ١٠٩ (حرب)، "مجمل اللغة" لابن فارس: ١/ ١٩٩ (جنث)، "اللسان" ١/ ٣٠٦ =
(١) ونسبه الماورديُّ، وابنُ الجوزي للشافعي رحمه الله. انظر: "النكت والعيون" ١/ ٣٦٩، "زاد المسير" ١/ ٣٨١.
(٢) ما بين المعقوفين: زيادة من: (ج).
(٣) لم أقف على مصدر قوله.
(٤) من قوله: (والعرب..) إلى نهاية بيت الشعر: (.. أحكموا سفهاءكم): نقله بتصرف واختصار عن "تهذيب اللغة" للأزهري: ١/ ٨٨٦.
(٥) في (أ): رَدّدت. والمثبت من: بقية النسخ، ومن "التهذيب".
(٦) في (ج): (الظلم).
(٧) قوله: في "جمهرة اللغة" لابن دريد: ١/ ١٤٣ (أبواب النوادر)، وفي "تهذيب اللغة" كما سبق.
(٨) البيت في "ديوان لبيد" ١٩٢. وقد ورد منسوبًا له، في: كتاب "المعاني الكبير" لابن قتيبة: ٢/ ١٠٣٠، "جمهرة اللغة" لابن دريد: ١/ ١٤٣، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦ (حكم)، "شرح الأبيات المشكلة الإعراب" للفارسي: ٥٤١، "الصحاح" ١/ ١٠٩ (حرب)، "مجمل اللغة" لابن فارس: ١/ ١٩٩ (جنث)، "اللسان" ١/ ٣٠٦ =
36
قال: (الجِنْثِيّ): السَّيْف (١)؛ أي: ردَّ السيفَ عن (٢) عوراتِ (الدرع) (٣) (وهي) (٤) فُرَجُها، كلُّ حِرْباءٍ وهُوَ المِسْمَارُ الذي يُسَمَّرُ به حَلَقُها (٥).
ومِنْهُ حديثُ النَّخَعِيِّ: (حَكّمْ اليتيمَ كما تُحَكِّم وَلَدكَ) (٦)، أي: امنعه من الفَسَاد (٧).
ومِنْهُ حديثُ النَّخَعِيِّ: (حَكّمْ اليتيمَ كما تُحَكِّم وَلَدكَ) (٦)، أي: امنعه من الفَسَاد (٧).
= (حرب)، ١٢/ ١٤١ (حكم). وورد غير منسوب في "المخصص" لابن سيده: ١٢/ ٢٤٠.
وللبيت رواية ثانية: برفع (الجِنْثِيُّ)، ونصب (كلَّ). ومعنى (إذا أكرِهَ صَلّ): إذا أكره لِيُدْخَلَ في الحِلَقِ، سمعت له صليلًا. وعلى الرواية الثانية، يكون معنى الإحكام في البيت: إحكام الصنعة، و (الجِنْثِي): الزَّرَّاد (الحداد)؛ أي: أحْكَمَ الزَّرَّادُ مساميرها. انظر: "كتاب المعاني الكبير" ٢/ ١٠٣٠، "شرح الأبيات المشكلة" ٥٤١، "جمهرة اللغة" ٣/ ١٣٢٢.
(١) في "القاموس" (الجُنْثي بالضم: السيف، والزَّرَّاد، وأجود الحديد، ويُكسر). ص ١٦٦ (جنث)، وانظر: "مجمل اللغة" ١/ ١٩٩ (جنث).
(٢) في (ب): (من).
(٣) في (ج): (الدروع).
(٤) في (ب): (وهو).
(٥) انظر: (حرب) في "الصحاح" ١/ ١٠٨، "اللسان" ٢/ ٨١٨.
(٦) الأثر في "غريب الحديث" لأبي عبيد: ٢/ ٢٤٠، وقال: (حدثنيه ابنُ مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم..)، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦، "الفائق في غريب الحديث" للزمخشري: ١/ ٣٠٣، "غريب الحديث" لابن الجوزي: ١/ ٢٣١، "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير: ١/ ٤٢٠.
(٧) وقيل: حكمه في ماله ومِلْكِهِ إذا صَلَح، كما تحَكِّم وَلدَكَ في مِلْكه. ولم يرتض الأزهريُّ هذا المعنى، ورجح المعنى السابق. انظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦ (حكم)، "الزاهر" لابن الأنباري: ١/ ٥٠٣، "النهاية في غريب الحديث" ١/ ٤٢٠، والمراجع السابقة.
وللبيت رواية ثانية: برفع (الجِنْثِيُّ)، ونصب (كلَّ). ومعنى (إذا أكرِهَ صَلّ): إذا أكره لِيُدْخَلَ في الحِلَقِ، سمعت له صليلًا. وعلى الرواية الثانية، يكون معنى الإحكام في البيت: إحكام الصنعة، و (الجِنْثِي): الزَّرَّاد (الحداد)؛ أي: أحْكَمَ الزَّرَّادُ مساميرها. انظر: "كتاب المعاني الكبير" ٢/ ١٠٣٠، "شرح الأبيات المشكلة" ٥٤١، "جمهرة اللغة" ٣/ ١٣٢٢.
(١) في "القاموس" (الجُنْثي بالضم: السيف، والزَّرَّاد، وأجود الحديد، ويُكسر). ص ١٦٦ (جنث)، وانظر: "مجمل اللغة" ١/ ١٩٩ (جنث).
(٢) في (ب): (من).
(٣) في (ج): (الدروع).
(٤) في (ب): (وهو).
(٥) انظر: (حرب) في "الصحاح" ١/ ١٠٨، "اللسان" ٢/ ٨١٨.
(٦) الأثر في "غريب الحديث" لأبي عبيد: ٢/ ٢٤٠، وقال: (حدثنيه ابنُ مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم..)، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦، "الفائق في غريب الحديث" للزمخشري: ١/ ٣٠٣، "غريب الحديث" لابن الجوزي: ١/ ٢٣١، "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير: ١/ ٤٢٠.
(٧) وقيل: حكمه في ماله ومِلْكِهِ إذا صَلَح، كما تحَكِّم وَلدَكَ في مِلْكه. ولم يرتض الأزهريُّ هذا المعنى، ورجح المعنى السابق. انظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦ (حكم)، "الزاهر" لابن الأنباري: ١/ ٥٠٣، "النهاية في غريب الحديث" ١/ ٤٢٠، والمراجع السابقة.
37
وقال جرير:
.. أَحْكِمُوا (١) سُفهاءَكُمْ (٢)...
يقول: امنعوهم (٣) من التَعرُّض.
قال أبو بكر (٤): والمُتَشَابِهُ، ما اعتَوَرَتْهُ تأويلات. وسُمِّيَ مُتشابهًا؛ لأن لفظَهُ يُشْبِهُ لفظَ غيره، ومعناه يخالف معناه.
وقال بعضهم (٥): المُحْكَمُ: ما عرفَ العلماءُ تأويلَهُ، وفهموا معناه. والمتشابه: ما ليس لأحدٍ إلى عِلْمِهِ سبيلٌ، مِمَّا استأثرَ اللهُ بِعِلْمِهِ؛ وذلك نحو: وقت خروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدجّال، ونزول عيسى، وقيام الساعة، وعِلْم الرُّوح.
ويُسْأَلُ (فيقال) (٦): ماذا (٧) أراد اللهُ بإنزال المُتشابِهِ في القرآن؛ وأراد
.. أَحْكِمُوا (١) سُفهاءَكُمْ (٢)...
يقول: امنعوهم (٣) من التَعرُّض.
قال أبو بكر (٤): والمُتَشَابِهُ، ما اعتَوَرَتْهُ تأويلات. وسُمِّيَ مُتشابهًا؛ لأن لفظَهُ يُشْبِهُ لفظَ غيره، ومعناه يخالف معناه.
وقال بعضهم (٥): المُحْكَمُ: ما عرفَ العلماءُ تأويلَهُ، وفهموا معناه. والمتشابه: ما ليس لأحدٍ إلى عِلْمِهِ سبيلٌ، مِمَّا استأثرَ اللهُ بِعِلْمِهِ؛ وذلك نحو: وقت خروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدجّال، ونزول عيسى، وقيام الساعة، وعِلْم الرُّوح.
ويُسْأَلُ (فيقال) (٦): ماذا (٧) أراد اللهُ بإنزال المُتشابِهِ في القرآن؛ وأراد
(١) في (ج): (حكموا).
(٢) البيت في: ديوانه: ٤٧. وتمامه:
وقد ورد منسوبًا له، في "غريب الحديث" لأبي عبيد: ٢/ ٤٢١، "الكامل" للمبرد: ٣/ ٢٦، "الزاهر" ١/ ٥٠٣، ومادة (حكم) في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٨٦، "الصحاح" ٥/ ١٩٠٢، "مجمل اللغة" ١/ ٢٤٦، "أساس البلاغة" للزمخشري: ١/ ١٩١، "اللسان" ٢/ ٩٥٣. وورد غير منسوب، في "غريب الحديث" للخطابي: ٢/ ٤٦٢، "الفائق" للزمخشري: ١/ ٣٠٣. وقد وردت روايته في "الكامل" (أبني حنيفة نَهْنِهُو).
(٣) في (ج): (امنعوا السفهاء).
(٤) هو ابن الأنباري، ولم أقف على مصدر قوله.
(٥) من قوله: (وقال..) إلى (.. وعلم الروح): نقله بتصرف يسير عن "تفسير الثعلبي" ٣/ ٦ أ، كما أن هذا القول موجود في "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٣، مع اختلاف يسير جدًّا، إلا أن سياق المؤلف له أقرب إلى سياق الثعلبي.
(٦) في (د): (فيقول).
(٧) من قوله: (ماذا..) إلى (.. يقع العجز والبلادة): نقله عن "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة: ٨٦.
(٢) البيت في: ديوانه: ٤٧. وتمامه:
أَبنِي حَنِيفَةَ أحْكِمُوا سُفَهاءَكمْ | إنِّي أخافُ عليكُمُ أنْ أغْضَبَا |
(٣) في (ج): (امنعوا السفهاء).
(٤) هو ابن الأنباري، ولم أقف على مصدر قوله.
(٥) من قوله: (وقال..) إلى (.. وعلم الروح): نقله بتصرف يسير عن "تفسير الثعلبي" ٣/ ٦ أ، كما أن هذا القول موجود في "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٣، مع اختلاف يسير جدًّا، إلا أن سياق المؤلف له أقرب إلى سياق الثعلبي.
(٦) في (د): (فيقول).
(٧) من قوله: (ماذا..) إلى (.. يقع العجز والبلادة): نقله عن "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة: ٨٦.
38
بالقرآن لِعِبادِهِ الهُدَى والبيان؟ فيقال: إنَّ القرآن نَزَلَ بألفاظِ العَرَبِ ومذاهبها في: الإيجاز؛ (للاختصار) (١)، والإطالَةِ؛ (للتوكيد) (٢)، والإشارة إلى الشيء، واغماض بعض المعاني؛ حتى لا يظهر عليه إلا اللَقِن (٣). ولو كانَ القرآنُ كلُّهُ ظاهرًا مكشوفًا، حتى يستوي في معرفته العالمُ والجاهلُ، لَبَطَلَ التفاضُلُ بين الناس، وسقطت المِحْنَةُ، وماتت الخواطرُ. ومَعَ الحاجَةِ تَقَعُ الفِكْرةُ (٤) والحِيلَةُ، ومع الكفاية يقع العَجْزُ والبَلاَدَةُ (٥).
وأصل التشابه (٦): أن يُشْبِهَ اللفظُ اللّفظَ في (الظاهر) (٧)، والمَعْنَيَانِ مُخْتَلِفان. قال اللهُ عز وجل في وَصْفِ ثِمَارِ الجَنَّةِ: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾ [البقرة: ٢٥]؛ أي: مُتَّفِقَ المَنَاظِرِ، [و] (٨) مُخْتَلِفَ الطُعُوم (٩).
وأصل التشابه (٦): أن يُشْبِهَ اللفظُ اللّفظَ في (الظاهر) (٧)، والمَعْنَيَانِ مُخْتَلِفان. قال اللهُ عز وجل في وَصْفِ ثِمَارِ الجَنَّةِ: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾ [البقرة: ٢٥]؛ أي: مُتَّفِقَ المَنَاظِرِ، [و] (٨) مُخْتَلِفَ الطُعُوم (٩).
(١) في (د)، "وتأويل المشكل": (والاختصار).
(٢) في "تأويل المشكل": (والتوكيد).
(٣) في (د): (الكفر). واللَّقِن، هو: سريع الفهم. انظر: "القاموس" ص ١٢٣٢١ (لقن).
(٤) في (ج): (النكر).
(٥) انظر الحكمة في ورود المحكم والمتشابه في القرآن، في "الكشاف" ١/ ٤١٢، "تفسير الفخر الرازي" ٧/ ١٨٥ - ١٨٦، "البرهان في علوم القرآن" للزركشي: ٢/ ٧٥، "الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة" للرجراجي: ١٦١، "أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات" للكرمي: ٥٠، "نور من القرآن" لعبد الوهاب خلاف: ٦٧، "علوم القرآن" د. عدنان زرزور: ١٧٧، "الناسخ والمنسوخ بين الإثبات والنفي" لعبد المتعال الجبري: ١٣٥.
(٦) من قوله: (وأصل التشابه..) إلى (.. وإن لم يكن غموضه من هذه الجهة، مشكل): نقله بتصرف واختصار يسيرين عن "تأويل مشكل القرآن" ١٠١ - ١٠٢.
(٧) (الظاهر): ساقطة من: (ج).
(٨) ما بين المعقوفين: زيادة من: (ج).
(٩) ممن قال هذا: ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والحسن، والربيع، وغيرهم.=
(٢) في "تأويل المشكل": (والتوكيد).
(٣) في (د): (الكفر). واللَّقِن، هو: سريع الفهم. انظر: "القاموس" ص ١٢٣٢١ (لقن).
(٤) في (ج): (النكر).
(٥) انظر الحكمة في ورود المحكم والمتشابه في القرآن، في "الكشاف" ١/ ٤١٢، "تفسير الفخر الرازي" ٧/ ١٨٥ - ١٨٦، "البرهان في علوم القرآن" للزركشي: ٢/ ٧٥، "الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة" للرجراجي: ١٦١، "أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات" للكرمي: ٥٠، "نور من القرآن" لعبد الوهاب خلاف: ٦٧، "علوم القرآن" د. عدنان زرزور: ١٧٧، "الناسخ والمنسوخ بين الإثبات والنفي" لعبد المتعال الجبري: ١٣٥.
(٦) من قوله: (وأصل التشابه..) إلى (.. وإن لم يكن غموضه من هذه الجهة، مشكل): نقله بتصرف واختصار يسيرين عن "تأويل مشكل القرآن" ١٠١ - ١٠٢.
(٧) (الظاهر): ساقطة من: (ج).
(٨) ما بين المعقوفين: زيادة من: (ج).
(٩) ممن قال هذا: ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والحسن، والربيع، وغيرهم.=
39
ثم يقال لكل ما غَمُضَ ودَقّ: (مُتشابهٌ)، وإنْ لم تقع الحَيْرَةُ فيه، مِنْ جِهَةِ (الشَّبَهِ) (١) بغيره ألا تَرَى أنه قد قيل للحروف المقَطَّعَةِ في أوائل السُّوَر: متشابهة؟ (وليس) (٢) الشكُّ (٣) فيها. والوقوف فيها؛ لمشاكَلَتِها غيرَهَا والتباسِها به. ومثل المتشابه: المُشكِلُ.
واعلَمْ (٤) أنَّ القرآن كُلَّهُ محكَمٌ مِنْ وَجْهٍ؛ على معنى: أنه (حقٌّ) (٥) ثابت (٦). قال اللهُ تعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود: ١]. ومُتَشابِهٌ مِنْ وَجْهٍ؛ وهو أن يشبه بعضه بعضًا في الحُسْنِ، ويُصدّق بَعْضُه بعضًا (٧)، وهو قوله تعالى: ﴿كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ (٨) [الزمر: ٢٣].
واعلَمْ (٤) أنَّ القرآن كُلَّهُ محكَمٌ مِنْ وَجْهٍ؛ على معنى: أنه (حقٌّ) (٥) ثابت (٦). قال اللهُ تعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود: ١]. ومُتَشابِهٌ مِنْ وَجْهٍ؛ وهو أن يشبه بعضه بعضًا في الحُسْنِ، ويُصدّق بَعْضُه بعضًا (٧)، وهو قوله تعالى: ﴿كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ (٨) [الزمر: ٢٣].
= انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٧٣، "تفسير القرطبي" ١/ ٢٠٦،"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة: ٢٦، "تفسير المشكل" لمكي: ٢٥، "تذكرة الأريب في تفسير الغريب" لابن الجوزي: ١/ ٥٣، "عمدة الحفاظ" للسمين الحلبي: ٢٥٩.
(١) في (ج): (الشيء).
(٢) في (ج): (ولبس).
(٣) قوله: (الشك..) إلى (ومثل المتشابه): ساقط من: (ج).
(٤) من قوله: (واعلم..) إلى (.. ويصدق بعضه بعضا) نقله عن "تفسير الثعلبي" ٣/ ٦ب.
(٥) (حق): ساقطة من: (ج).
(٦) تدور معاني الإحكام العام هنا على المعنى اللغوي للكلمة، أي: بمعنى الاتقان، والتدعيم، ومنع تطرق الخلل إلى ألفاظه وأساليبه ومعانيه؛ فهو محكم الألفاظ، لا يعتريها خلل ولا خطأ؛ ومحكم الأساليب، لا يعتورها رِكَّةٌ ولا تعقيد؛ ومحكم المعاني، فكلها حق ورسوخ، وثبات.
(٧) قوله: (في الحسن ويصدق بعضه بعضًا): ساقط من: (ج).
(٨) قال ابن العربي: (وأما كونه متشابها) فبمعنى واحد، وهو ما وصفناه من الأحكام الذي يجري في جميع سوره وآياته). "قانون التأويل" له: ٦٦٥. ويقول: "والمعنى الذي صار به القرآن كله محكما، بذلك المعنى، صار كله متشابهًا). المرجع السابق: ٦٦٥. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (فالتشابه هنا: تماثل الكلام، وتناسبه؛ بحيث يصدق بعضه بعضًا. فالإحكام العام في معنى التشابه العام، بخلاف الإحكام الخاص والتشابه الخاص؛ فإنهما متنافيان). ذكره ابن الوزير في "إيثار الحق على الخلق" ٩٢. وانظر في هذا المعنى: "الرسالة التدميرية" لابن تيمية: ٦٥، "القائد إلى تصحيح العقائد"، لعبد الرحمن المعلمي: ١٦١، "ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان" لابن الوزير: ١٢٤، "أقاويل الثقات"، للكرمي: ٤٨.
(١) في (ج): (الشيء).
(٢) في (ج): (ولبس).
(٣) قوله: (الشك..) إلى (ومثل المتشابه): ساقط من: (ج).
(٤) من قوله: (واعلم..) إلى (.. ويصدق بعضه بعضا) نقله عن "تفسير الثعلبي" ٣/ ٦ب.
(٥) (حق): ساقطة من: (ج).
(٦) تدور معاني الإحكام العام هنا على المعنى اللغوي للكلمة، أي: بمعنى الاتقان، والتدعيم، ومنع تطرق الخلل إلى ألفاظه وأساليبه ومعانيه؛ فهو محكم الألفاظ، لا يعتريها خلل ولا خطأ؛ ومحكم الأساليب، لا يعتورها رِكَّةٌ ولا تعقيد؛ ومحكم المعاني، فكلها حق ورسوخ، وثبات.
(٧) قوله: (في الحسن ويصدق بعضه بعضًا): ساقط من: (ج).
(٨) قال ابن العربي: (وأما كونه متشابها) فبمعنى واحد، وهو ما وصفناه من الأحكام الذي يجري في جميع سوره وآياته). "قانون التأويل" له: ٦٦٥. ويقول: "والمعنى الذي صار به القرآن كله محكما، بذلك المعنى، صار كله متشابهًا). المرجع السابق: ٦٦٥. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (فالتشابه هنا: تماثل الكلام، وتناسبه؛ بحيث يصدق بعضه بعضًا. فالإحكام العام في معنى التشابه العام، بخلاف الإحكام الخاص والتشابه الخاص؛ فإنهما متنافيان). ذكره ابن الوزير في "إيثار الحق على الخلق" ٩٢. وانظر في هذا المعنى: "الرسالة التدميرية" لابن تيمية: ٦٥، "القائد إلى تصحيح العقائد"، لعبد الرحمن المعلمي: ١٦١، "ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان" لابن الوزير: ١٢٤، "أقاويل الثقات"، للكرمي: ٤٨.
40
وقوله تعالى: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾. أي: أصل الكتاب الذي يُعْمَل عليه (١). فَمَنْ جَعَلَ (المُحْكَمَات): الآيات الثلاث في (الأنعام)، قال: يريد: هُنّ أم كلِّ كِتَابٍ أنزله الله على نَبِيٍّ، فيهن كلُّ ما أحلّ، وفيهن كلُّ ما حرّم. ووحَّد (الأمَّ) بعد قوله: ﴿هُنَّ﴾؛ لأن (٢) الآياتِ كلَّها في تكامُلِها واجتماعها، كالآية الواحدة، وكلام الله واحد.
وقال أبو العباس (٣): لأنهن بكمالِهِنَّ (أُمٌّ)، وليست كلُّ واحدِةٍ منهن (أُمَّ الكتاب)، على انفرادها.
وقال الأخفش (٤): وَحَّدَ ﴿أُمُّ الْكِتَابِ﴾ بالحكاية؛ على تقدير الجواب؛ كأنه قيل (٥): ما أمُّ الكتاب؟ فقيل: هنّ أم الكتاب؛ كما تقول:
وقال أبو العباس (٣): لأنهن بكمالِهِنَّ (أُمٌّ)، وليست كلُّ واحدِةٍ منهن (أُمَّ الكتاب)، على انفرادها.
وقال الأخفش (٤): وَحَّدَ ﴿أُمُّ الْكِتَابِ﴾ بالحكاية؛ على تقدير الجواب؛ كأنه قيل (٥): ما أمُّ الكتاب؟ فقيل: هنّ أم الكتاب؛ كما تقول:
(١) والعرب تطلق (الأم) على كلِّ ما جُعِلَ مُقَدَّما لأمْرٍ، وله توابعُ تَتْبَعُه، وكلِّ جامعٍ لأمْرٍ؛ ومِنْ ذلك: رايَةُ الجيش، والجِلْدَة التي تجمع الدِّمَاغ، وتسمى: (أم الرأس)، ومكة المكرمة، وتسمى: (أم القرى)؛ لِتقدمها أمام جميعها، أو لأن الأرض دُحِيت منها، فصارت لجميعها أمَّا.. وهكذا. انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٠، "الصحاح" ٥/ ١٨٦٤ - ١٨٦٥ (أمم)، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٥ أ.
(٢) من قوله: (لأن..) إلى (.. وكلام الله واحد): نقله بنصه عن "تفسير الثعلبي" ٣/ ٥ ب. وانظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٠.
(٣) لم أقف على مصدر قوله.
(٤) في "معاني القرآن" له: ١/ ١٩٣. نقله عنه بالمعنى.
(٥) في (ج): (قيل له).
(٢) من قوله: (لأن..) إلى (.. وكلام الله واحد): نقله بنصه عن "تفسير الثعلبي" ٣/ ٥ ب. وانظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٠.
(٣) لم أقف على مصدر قوله.
(٤) في "معاني القرآن" له: ١/ ١٩٣. نقله عنه بالمعنى.
(٥) في (ج): (قيل له).
41
مَنْ نَظِيرُ زيد؟ فيقول قومٌ: نحن نظيرُه (١)؛ كأنهم حَكَوا ذلك اللفظ. وهذا على قولهم (٢): دَعْنِى مِنْ (تَمْرَتان) (٣)؛ أي: مِمَّا يقالُ له (تمرتان).
قال أبو بكر (٤): وقولُ الأخفش بِعيدٌ مِنَ الصواب في الآية؛ لأن الإضمار لمْ يَقُمْ عليه دليلٌ، ولم تَدْعُ إليه حاجةٌ. وقيل (٥): أراد: كل آية منهنّ أمُّ الكتاب؛ كما قال: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾ [المؤمنون: ٥٠]؛ أي: كلُّ واحدٍ منهما آية (٦).
قال العلماءُ، وأصحابُ المعاني: معنى قوله: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ أي: أصلُ الكتاب الذي يُسْتَدَلُّ به على المتشابه وغيره مِنْ أمور الدين. فإذا وردت الآية المتشابهة رُدَّت إلى المحْكَمَةِ، فكانت المُحْكَمَةُ (٧) مُفَسِّرَةً لها، وقاضِيَةً على معناها.
فـ ﴿أُمُّ الْكِتَابِ﴾ معناه: أصل الكتاب الذي ترجع إليه التأويلات، وتضم جميع المعاني، لأن الأم يرجع إليها بنوها فتضمهم.
قال أبو بكر (٤): وقولُ الأخفش بِعيدٌ مِنَ الصواب في الآية؛ لأن الإضمار لمْ يَقُمْ عليه دليلٌ، ولم تَدْعُ إليه حاجةٌ. وقيل (٥): أراد: كل آية منهنّ أمُّ الكتاب؛ كما قال: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾ [المؤمنون: ٥٠]؛ أي: كلُّ واحدٍ منهما آية (٦).
قال العلماءُ، وأصحابُ المعاني: معنى قوله: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ أي: أصلُ الكتاب الذي يُسْتَدَلُّ به على المتشابه وغيره مِنْ أمور الدين. فإذا وردت الآية المتشابهة رُدَّت إلى المحْكَمَةِ، فكانت المُحْكَمَةُ (٧) مُفَسِّرَةً لها، وقاضِيَةً على معناها.
فـ ﴿أُمُّ الْكِتَابِ﴾ معناه: أصل الكتاب الذي ترجع إليه التأويلات، وتضم جميع المعاني، لأن الأم يرجع إليها بنوها فتضمهم.
(١) العبارة في "معاني القرآن" للأخفش: (.. كما يقول الرجل: ما لي نصير. فيقول: نحن نصيرك).
(٢) في (ج)، (د): (وعلى هذا قولهم).
(٣) في (ب): تمراتان.
(٤) لم أقف على مصدر قوله. وقد أورده السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ٢٦.
(٥) هو قول ابن كيسان. انظر: "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٤٨.
(٦) فعيسى عليه السلام وأمَّه، مشتركان جميعا في الأمر العجيب الخارق للعادة، فهي قد جاءت به مِنْ غير زوج، وهو مِنْ غير أبٍ. فلم تكن الآيةُ لها إلّا بِهِ، ولا لَهُ إلّا بها. انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧١، "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٤٨، "تفسير الفخر الرازي" ٢٣/ ١٠٣.
(٧) (فكانت المحكمة): ساقطة من: (د).
(٢) في (ج)، (د): (وعلى هذا قولهم).
(٣) في (ب): تمراتان.
(٤) لم أقف على مصدر قوله. وقد أورده السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ٢٦.
(٥) هو قول ابن كيسان. انظر: "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٤٨.
(٦) فعيسى عليه السلام وأمَّه، مشتركان جميعا في الأمر العجيب الخارق للعادة، فهي قد جاءت به مِنْ غير زوج، وهو مِنْ غير أبٍ. فلم تكن الآيةُ لها إلّا بِهِ، ولا لَهُ إلّا بها. انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٧١، "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٤٨، "تفسير الفخر الرازي" ٢٣/ ١٠٣.
(٧) (فكانت المحكمة): ساقطة من: (د).
42
مثال ما ذكرنا: قوله تعالى: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٣]. هذه آيةٌ (١) مُحْكَمَةٌ، لا تحتمل تأويلًا غير ظاهرها (٢)، لأن معناها: لا ينشئ الصُّوَرَ (٣)، ولا يُرَكِّبُ الأرواحَ في الأجسام غيره عز وجل.
وأما الآية المتشابهة: فقوله عزَّ ذِكْرُه: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤]؛ يقع هذا متنافيًا عند الجاهل؛ إذْ كان قالَ في ذلك الموضع: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٣]، وَجَعَلَ في (٤) هذا الموضع مع الله خالِقِين، فاحتجنا إلى رَدِّ هذه الآية، إلى الآية المحكمة؛ لِتَحْكُمَ (٥) عليها، فقلنا: قد نَفَت الآيةُ المُحْكَمة أن يكون مع الله تعالى خالق يُنْشئ وُيحْيي.
ووجدنا العربَ تجعل (الخَلْقَ) على مَعْنيَيْن: أحدهما: (الإنشاء)، والآخر: (التقدير). (٦) فنفت الآيةُ المُحْكَمة (الخَلْقَ) الذي بمعنى: (الإنشاء)، فبقي الذي معناه (٧): (التقدير). فَحَمَلْنا المُتشابِهَ عليه، وقلنا: تأويلُهُ: فتباركَ اللهُ أحْسَن المُقَدِّرِين؛ كما قال: ﴿وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا﴾
وأما الآية المتشابهة: فقوله عزَّ ذِكْرُه: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤]؛ يقع هذا متنافيًا عند الجاهل؛ إذْ كان قالَ في ذلك الموضع: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٣]، وَجَعَلَ في (٤) هذا الموضع مع الله خالِقِين، فاحتجنا إلى رَدِّ هذه الآية، إلى الآية المحكمة؛ لِتَحْكُمَ (٥) عليها، فقلنا: قد نَفَت الآيةُ المُحْكَمة أن يكون مع الله تعالى خالق يُنْشئ وُيحْيي.
ووجدنا العربَ تجعل (الخَلْقَ) على مَعْنيَيْن: أحدهما: (الإنشاء)، والآخر: (التقدير). (٦) فنفت الآيةُ المُحْكَمة (الخَلْقَ) الذي بمعنى: (الإنشاء)، فبقي الذي معناه (٧): (التقدير). فَحَمَلْنا المُتشابِهَ عليه، وقلنا: تأويلُهُ: فتباركَ اللهُ أحْسَن المُقَدِّرِين؛ كما قال: ﴿وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا﴾
(١) في (ب): (الآية).
(٢) في (د): (غير ظاهر).
(٣) في (د): (الصورة).
(٤) (في) ساقطة من: (ج).
(٥) في (ج): (ليحكم)، وفي (د): (لنحكم).
(٦) انظر: "الأضداد" للأصمعي (ضمن ثلاثة كتب في الأضداد): ٥٥، "تأويل مشكل القرآن " ٥٠٧، "تفسير أسماء الله الحسنى" للزجاج: ٣٥، "الزاهر" ١/ ٨٤، "تهذيب اللغة"١/ ١٠٩٣، "قاموس القرآن" للدامغاني: ١٦٣، ١٦٤، "مفردات ألفاظ القرآن". للراغب: ٢٩٦ (خلق)، "نزهة الأعين النواظر" لابن الجوزي: ٢٨٣، "اللسان" ٢/ ١٢٤٣ (خلق).
(٧) (الذي معناه): ساقط من: (ج).
(٢) في (د): (غير ظاهر).
(٣) في (د): (الصورة).
(٤) (في) ساقطة من: (ج).
(٥) في (ج): (ليحكم)، وفي (د): (لنحكم).
(٦) انظر: "الأضداد" للأصمعي (ضمن ثلاثة كتب في الأضداد): ٥٥، "تأويل مشكل القرآن " ٥٠٧، "تفسير أسماء الله الحسنى" للزجاج: ٣٥، "الزاهر" ١/ ٨٤، "تهذيب اللغة"١/ ١٠٩٣، "قاموس القرآن" للدامغاني: ١٦٣، ١٦٤، "مفردات ألفاظ القرآن". للراغب: ٢٩٦ (خلق)، "نزهة الأعين النواظر" لابن الجوزي: ٢٨٣، "اللسان" ٢/ ١٢٤٣ (خلق).
(٧) (الذي معناه): ساقط من: (ج).
43
[العنكبوت: ١٧]، أي: ويُقَدِّرُون (١).
ومن هذا القَبِيل أيضًا، قولُه: ﴿لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ [طه: ٥٢]؛ هذه مُحْكَمَةٌ لا تَحْتَمِل التأويلات. ثم قال: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]؛ فَأَثْبَتَ في المُتَشَابِهِ (٢) ما نفاهُ في المحكمة؛ فكانت المُحْكَمة قاضيةً عليها؛ لأنا وجدنا النسيان في كلام العرب على مَعْنيَيْنِ: أحدهما: (الإغفال)، والآخر: (التَّعَمُّدُ والتَّرْكُ) (٣).
فقلنا في قوله عز وجل: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]: تركوا (٤) العَمَلَ لله، فَتَرَكَ أنْ يُثِيبهم (٥)؛ فكان في المُحْكَمِ بَيانُ المُتَشابِهِ.
ومن هذا القَبِيل أيضًا، قولُه: ﴿لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ [طه: ٥٢]؛ هذه مُحْكَمَةٌ لا تَحْتَمِل التأويلات. ثم قال: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]؛ فَأَثْبَتَ في المُتَشَابِهِ (٢) ما نفاهُ في المحكمة؛ فكانت المُحْكَمة قاضيةً عليها؛ لأنا وجدنا النسيان في كلام العرب على مَعْنيَيْنِ: أحدهما: (الإغفال)، والآخر: (التَّعَمُّدُ والتَّرْكُ) (٣).
فقلنا في قوله عز وجل: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]: تركوا (٤) العَمَلَ لله، فَتَرَكَ أنْ يُثِيبهم (٥)؛ فكان في المُحْكَمِ بَيانُ المُتَشابِهِ.
(١) في (د): (وتعبدون). وفي "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٩٣: (وتقدرون). وانظر: "تفسير الطبري"٢٠/ ١٣٧، "تهذيب اللغة" ١/ ١٠٩٣ (خلق)، "تفسير أسماء الله الحسنى" للزجاج: ٣٦، "تفسير القرطبي" ١٣/ ٣٣٥، "لسان العرب" ٢/ ١٢٤٣ (خلق)، "تفسير أبي السعود" ٧/ ٣٤، "الدر المنثور" ٦/ ٤٥٧، "فتح القدير" ٤/ ١٩٧. وقد سبق أن ذكر المؤلف عند تفسير آية: ٢١ من سورة البقرة: أن الخلق المنسوب لغير الله، إنما هو قياس وتشبيه وافتراء ومحاكاة وتقدير، على قدر قدره غيره، فخلق الله ذاتي، وخلق غيره على سبيل الاستعارة والتقدير.
(٢) في (د): (المتشابهة).
(٣) يعني أن النسيان، إما ترك الشيء عن غفلة وسهو وعدم ذكر، أو ترك الشيء مع التعمد. انظر: "الأضداد" لابن الأنباري: ٣٩٩، "الأضداد" لأبي حاتم السجستاني (ضمن ثلاثة كتب في "الأضداد" ١٥٦، "قاموس القرآن" للدامغاني: ٤٥٤، "نزهة الأعين النواظر" ٥٧٩، "الوجوه والنظائر في القرآن" د. سليمان القرعاوي: ٦١٤، "المصباح المنير" ٢٣١ (نسو).
(٤) في (ج): (ترك).
(٥) انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة: ١٩٨، "تفسير الطبري" ١٠/ ١٧٥، "الأضداد" لابن الأنباري: ٣٩٩، وتذكرة الأريب "في تفسير الغريب" لابن الجوزي: ١/ ٢٢٠.
(٢) في (د): (المتشابهة).
(٣) يعني أن النسيان، إما ترك الشيء عن غفلة وسهو وعدم ذكر، أو ترك الشيء مع التعمد. انظر: "الأضداد" لابن الأنباري: ٣٩٩، "الأضداد" لأبي حاتم السجستاني (ضمن ثلاثة كتب في "الأضداد" ١٥٦، "قاموس القرآن" للدامغاني: ٤٥٤، "نزهة الأعين النواظر" ٥٧٩، "الوجوه والنظائر في القرآن" د. سليمان القرعاوي: ٦١٤، "المصباح المنير" ٢٣١ (نسو).
(٤) في (ج): (ترك).
(٥) انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة: ١٩٨، "تفسير الطبري" ١٠/ ١٧٥، "الأضداد" لابن الأنباري: ٣٩٩، وتذكرة الأريب "في تفسير الغريب" لابن الجوزي: ١/ ٢٢٠.
44
ومن هذا: قولُ اللهِ عز وجل: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ (١)، احتمل في اللغة أنْ يكونَ كاستواءِ الجالِسِ على سَرِيرِهِ، واحتَمَلَ أن يكون بمعنى الاستيلاءِ؛ وأحَدُ الوَجْهَيْنِ لا يجوز على الله؛ لقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] وهذا من المُحْكم، الذي هو أصلٌ يُردُّ إليه المتشابهُ، فقلنا: إنَّ استواءَهُ بمعنى: الاستيلاء (٢) ومثل هذا كثيرٌ، وفيما
(١) سورة الأعراف: ٥٤، ويونس: ٣، والرعد: ٢، والفرقان: ٥٩، والسجدة: ٤، والحديد: ٤.
(٢) لقد أبعد المؤلف -رحمه الله- النجعةَ، في حمل الاستواء على الاستيلاء، وجانبه الصواب في ذلك؛ حيث لم يرد عن العرب أنَّ مِنْ معاني (الاستواء): الاستيلاء. وإنما الوارد عنهم في معاني الاستواء، التالي: الاستقرار، والقَصْدُ، والعُلُوّ، والإقبالُ على الشيء وإليه، والصُّعود. وقد ذَكَرَ ابنُ القيِّم أن للسلف أربع تفسيرات للاستواء، وهي: الاستقرار، والعلو، والارتفاع، والصعود، وهو ما يتناسب مع المعنى اللغوي. انظر: "توضيح المقاصد" في "شرح قصيدة الإمام ابن القيم" لأحمد بن عيسى: ١/ ٤٤٠. أما (الاستيلاء) فقد أورده الجوهري في "الصحاح" مستدلًا بقول الشاعر:
وقد نسب الزبيديُ في "تاج العروس" البيتَ للأخطل. وتبع الجوهريَّ في ذكر هذا المعنى، صاحبُ "لسان العرب" وصاحبُ "القاموس المحيط".
أما بيت الشعر السابق، فقد قال عنه ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" ٥/ ١٤٦: (ولم يثبت نقل صحيح أنه شعر عربي، وكان غير واحد من أئمة اللغة أنكروه، وقالوا: إنه بيت مصنوع لا يعرف في اللغة..).
وقد رَدَّ ابن الأعرابي وهو من أئمة اللغة على مَنْ فَسَّر الاستواء بـ (الاستيلاء) هنا، بقوله: (.. لا يقال: استولى على الشيء، إلا أن يكون له مضادّ، فإذا غلب أحدُهما، قيل: استولى..). "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" لللالكائي: ٣/ ٤٤٢. والله تعالى لا منازع له في مُلْكه. ورَدَّه كذلك الخليل بن أحمد. ذكَرَ ذلك الكرميُّ =
(٢) لقد أبعد المؤلف -رحمه الله- النجعةَ، في حمل الاستواء على الاستيلاء، وجانبه الصواب في ذلك؛ حيث لم يرد عن العرب أنَّ مِنْ معاني (الاستواء): الاستيلاء. وإنما الوارد عنهم في معاني الاستواء، التالي: الاستقرار، والقَصْدُ، والعُلُوّ، والإقبالُ على الشيء وإليه، والصُّعود. وقد ذَكَرَ ابنُ القيِّم أن للسلف أربع تفسيرات للاستواء، وهي: الاستقرار، والعلو، والارتفاع، والصعود، وهو ما يتناسب مع المعنى اللغوي. انظر: "توضيح المقاصد" في "شرح قصيدة الإمام ابن القيم" لأحمد بن عيسى: ١/ ٤٤٠. أما (الاستيلاء) فقد أورده الجوهري في "الصحاح" مستدلًا بقول الشاعر:
قد استوى بِشْرٌ على العراق | من غير سيفٍ ودَمٍ مِهْراقِ |
أما بيت الشعر السابق، فقد قال عنه ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" ٥/ ١٤٦: (ولم يثبت نقل صحيح أنه شعر عربي، وكان غير واحد من أئمة اللغة أنكروه، وقالوا: إنه بيت مصنوع لا يعرف في اللغة..).
وقد رَدَّ ابن الأعرابي وهو من أئمة اللغة على مَنْ فَسَّر الاستواء بـ (الاستيلاء) هنا، بقوله: (.. لا يقال: استولى على الشيء، إلا أن يكون له مضادّ، فإذا غلب أحدُهما، قيل: استولى..). "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" لللالكائي: ٣/ ٤٤٢. والله تعالى لا منازع له في مُلْكه. ورَدَّه كذلك الخليل بن أحمد. ذكَرَ ذلك الكرميُّ =
45
أوردتُهُ كِفَايَةٌ لِمَنْ رُزِقَ الفَهْمَ.
وقوله تعالى: ﴿وَأُخَرُ﴾ زعم (١) سِيبَويه والخليلُ أنَّ (أُخَرَ) فارقت
وقوله تعالى: ﴿وَأُخَرُ﴾ زعم (١) سِيبَويه والخليلُ أنَّ (أُخَرَ) فارقت
= في "أقاويل الثقات" ١٢٤.
فمعنى لفظ (الاستواء) من ناحية اللغة معروفٌ، وليس متشابها، ولا حرج في تفسيره بالألفاظ التي جاءت في اللغة، وليس في ذلك إيهام بالكيف، أو التجسيم ومشابهة الخلق؛ لأننا عندما نفسر هذه الصفة، إنما نذكر المعنى اللغوي، ونُجري هذه المعاني بما يليق بجلال الله تعالى وعظمته، ونقطع الطمع عن إدراك الكيفية، وذلك لعجز وقصور عقولنا عن إدراك ذلك. ومنهج السلف الصالح إزاء صفة الاستواء، وغيرها من صفات الباري تعالى: أن تمر كما جاءت، من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تحريف، ولا تعطيل؛ فيثبتون له الأسماء والصفات، وينفون عنه مشابهة المخلوقات، إثباتًا منزهًا عن التشبيه، منزهًا عن التعطيل، فمن نفى حقيقة الاستواء فهو مُعطّل، ومَنْ شبهه باستواء المخلوق على المخلوق، فهو مُمَثِّل. وقد قال الإمام مالك بن أنس، لَمَّا سُئل عن كيفية الاستواء، فقال: (الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة)، وقد وَرَدَ مثلُ ذلك عن أم سلمة رضي الله عنها، وربيعة الرأي.
انظر: "شرح أصول الاعتقاد" ٣/ ٤٤٠ - ٤٤٣. وانظر مادة (سوا) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٤، "الصحاح" ٦/ ٢٣٨٥ - ٢٣٨٦، "اللسان" ٤/ ٢١٦٠، "القاموس المحيط" ١٢٩٧، "قاموس القرآن" للدامغاني: ٢٥٥، "تاج العروس" للزبيدي: ١/ ١٧٩. وانظر حول موضوع صفة الاستواء: "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة: ٣٩٤، "الرد على الجهمية" للدارمي: ص ٤٠، "الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد" للبيهقي: ص ١١٦، "الأسماء والصفات" للبيهقي: ٢/ ٣٠٣، "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" ٥/ ١٤٦، ٣٦٥، ٤٠٤، ٥١٩ - ٥٢٠ "العقائد السلفية" لأحمد بن حجر: ١/ ١٢٤ - ١٢٥، ١٦٤ - ١٦٧، "رسائل في العقيدة" لمحمد بن عثيمين: ٧٠.
(١) من قوله: (زعم..) إلى (.. إلا صفة منعت الصرف): نقله عن "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٧٧. وانظر: "كتاب سيبويه" ٣/ ٢٢٤، ٢٨٣.
فمعنى لفظ (الاستواء) من ناحية اللغة معروفٌ، وليس متشابها، ولا حرج في تفسيره بالألفاظ التي جاءت في اللغة، وليس في ذلك إيهام بالكيف، أو التجسيم ومشابهة الخلق؛ لأننا عندما نفسر هذه الصفة، إنما نذكر المعنى اللغوي، ونُجري هذه المعاني بما يليق بجلال الله تعالى وعظمته، ونقطع الطمع عن إدراك الكيفية، وذلك لعجز وقصور عقولنا عن إدراك ذلك. ومنهج السلف الصالح إزاء صفة الاستواء، وغيرها من صفات الباري تعالى: أن تمر كما جاءت، من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تحريف، ولا تعطيل؛ فيثبتون له الأسماء والصفات، وينفون عنه مشابهة المخلوقات، إثباتًا منزهًا عن التشبيه، منزهًا عن التعطيل، فمن نفى حقيقة الاستواء فهو مُعطّل، ومَنْ شبهه باستواء المخلوق على المخلوق، فهو مُمَثِّل. وقد قال الإمام مالك بن أنس، لَمَّا سُئل عن كيفية الاستواء، فقال: (الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة)، وقد وَرَدَ مثلُ ذلك عن أم سلمة رضي الله عنها، وربيعة الرأي.
انظر: "شرح أصول الاعتقاد" ٣/ ٤٤٠ - ٤٤٣. وانظر مادة (سوا) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٤، "الصحاح" ٦/ ٢٣٨٥ - ٢٣٨٦، "اللسان" ٤/ ٢١٦٠، "القاموس المحيط" ١٢٩٧، "قاموس القرآن" للدامغاني: ٢٥٥، "تاج العروس" للزبيدي: ١/ ١٧٩. وانظر حول موضوع صفة الاستواء: "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة: ٣٩٤، "الرد على الجهمية" للدارمي: ص ٤٠، "الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد" للبيهقي: ص ١١٦، "الأسماء والصفات" للبيهقي: ٢/ ٣٠٣، "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" ٥/ ١٤٦، ٣٦٥، ٤٠٤، ٥١٩ - ٥٢٠ "العقائد السلفية" لأحمد بن حجر: ١/ ١٢٤ - ١٢٥، ١٦٤ - ١٦٧، "رسائل في العقيدة" لمحمد بن عثيمين: ٧٠.
(١) من قوله: (زعم..) إلى (.. إلا صفة منعت الصرف): نقله عن "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٧٧. وانظر: "كتاب سيبويه" ٣/ ٢٢٤، ٢٨٣.
46
أخواتها، والأصلَ الذي عليه بِنَاءُ أَخَواتِها؛ لأن (أُخَرَ) أصلُها أن تكون بالألف واللّام (١)؛ كما تقول: (الصُّغْرى) و (الصُغَر)، و (الكُبْرَى) و (الكُبَر). فلما عُدِلَت عن مُجْرَى الألِفِ واللام، وأصلِ (أَفْعَلَ مِنْكَ) وهي مِمَّا لا يكونُ (٢) إلا صِفَةً، مُنِعَت الصَّرْفَ. وقد شرحنا هذه المسألة عند قوله: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (٣) [البقرة: ١٨٤].
قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾. الزَّيْغُ: المَيْلُ. يعني: مَيْلًا عن الحقِّ؛ (زاغ، يَزِيغ، زَيْغًا، وزَيْغُوغَةً، وزَيَغانًا، وزيوغًا (٤).
قال الفراء (٥): والعرب تقول في عامةِ ذوات الياء، مِمَّا يُشْبِهُ (زِغتُ)؛
قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾. الزَّيْغُ: المَيْلُ. يعني: مَيْلًا عن الحقِّ؛ (زاغ، يَزِيغ، زَيْغًا، وزَيْغُوغَةً، وزَيَغانًا، وزيوغًا (٤).
قال الفراء (٥): والعرب تقول في عامةِ ذوات الياء، مِمَّا يُشْبِهُ (زِغتُ)؛
(١) في "معاني القرآن" (أن تكون صفة بالألف واللام).
(٢) في (د): (وهي لا تكون).
(٣) يريد المؤلف (والله أعلم) أن (أخَر) مُنِعت مِنَ الصَّرْفِ؛ لأنها جاءت صفة بغير الألف واللام، ولم تلحقها (مِنْ) كأفعل التفضيل (أفعل منك)؛ حيث إن (أُخَر) جمعٌ، ومفرده (أُخْرَى). و (أخْرَى) مؤنث لِلَفْظٍ مُذَكَّرٍ، هو: (آخِر)؛ الذي أصله (أأخَر) بفتح الهمزة الأولى، وتسكين الثانية، على وزن (أفْعَل) الدال على التفضيل. وهو مُجَرَّدٌ من (أل) والإضافة. وحقُّه أنْ يكون مفردًا مذكرًا في جميع استعمالاته. ولكنْ عَدَلَ العربُ عنه إلى لفظ (أُخَر) بصيغة الجمع، ومنعوه من الصرف؛ للوصفية والعَدْل.
انظر آراء النحويين حول منع (أخر) من الصرف، في "المقتضب" للمبرد: ٣/ ٢٤٦، ٣٧٦، "إعراب القرآن" للنحاس: ١/ ٢٣٥، "البيان في غريب إعراب القرآن" للأنباري: ١/ ١٤٣، "شرح المفصل" لابن يعيش: ٦/ ٩٩، "التبيان في إعراب القرآن" للعكبري: ١/ ١١٦، "شذور الذهب" لابن هشام (بشرح محمد محي الدين عبد الحميد): ص ٥٣٧، "همع الهوامع" للسيوطي: ١/ ٨٠، "النحو الوافي" لعباس حسن: ٣/ ٤٠٨، ٤/ ٢٢٤.
(٤) انظر: (زيغ) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٠٢، "اللسان" ٣/ ١٨٩٠.
(٥) قوله في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٣. وأورده بمعناه ابن جني في "المنصف" ٢/ ١٢.
(٢) في (د): (وهي لا تكون).
(٣) يريد المؤلف (والله أعلم) أن (أخَر) مُنِعت مِنَ الصَّرْفِ؛ لأنها جاءت صفة بغير الألف واللام، ولم تلحقها (مِنْ) كأفعل التفضيل (أفعل منك)؛ حيث إن (أُخَر) جمعٌ، ومفرده (أُخْرَى). و (أخْرَى) مؤنث لِلَفْظٍ مُذَكَّرٍ، هو: (آخِر)؛ الذي أصله (أأخَر) بفتح الهمزة الأولى، وتسكين الثانية، على وزن (أفْعَل) الدال على التفضيل. وهو مُجَرَّدٌ من (أل) والإضافة. وحقُّه أنْ يكون مفردًا مذكرًا في جميع استعمالاته. ولكنْ عَدَلَ العربُ عنه إلى لفظ (أُخَر) بصيغة الجمع، ومنعوه من الصرف؛ للوصفية والعَدْل.
انظر آراء النحويين حول منع (أخر) من الصرف، في "المقتضب" للمبرد: ٣/ ٢٤٦، ٣٧٦، "إعراب القرآن" للنحاس: ١/ ٢٣٥، "البيان في غريب إعراب القرآن" للأنباري: ١/ ١٤٣، "شرح المفصل" لابن يعيش: ٦/ ٩٩، "التبيان في إعراب القرآن" للعكبري: ١/ ١١٦، "شذور الذهب" لابن هشام (بشرح محمد محي الدين عبد الحميد): ص ٥٣٧، "همع الهوامع" للسيوطي: ١/ ٨٠، "النحو الوافي" لعباس حسن: ٣/ ٤٠٨، ٤/ ٢٢٤.
(٤) انظر: (زيغ) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٠٢، "اللسان" ٣/ ١٨٩٠.
(٥) قوله في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٣. وأورده بمعناه ابن جني في "المنصف" ٢/ ١٢.
47
مثل: (سِرْتُ)، و (صرْتُ)، و (طِرتُ): (سَيْرُورَةً)، و (صَيْرُورَةً)، و (طَيْرُورَةً)، و (حِدْتُ حَيْدُودَةً)، و (مِلْتُ مَيْلُولَةً)، لا أحصى ذلك، وهو كثير. فأمّا ذوات الواو؛ مثل: (قلتُ)، و (رُضْتُ)، فإنهم لمْ يقولوا ذلك إلا في أربعة أحْرُف، منها: الكَيْنُونة (١)، والدَّيْمُومَةُ، مِنْ: (دُمْتُ)، والهَيْعُوعَةُ، من: (الهُواع) (٢)، والسيْدُودَةُ، من: (سُدْتُ).
وكان ينبغي أن يكونَ -في القياس-: (كَوْنُونَة) بالواو (٣)، ولكنها لَمَّا قَلَّت في مصادر الواو، وكثرت في مصادر الياء، ألحقوها بالذي هو أكثر مجيئًا منهما؛ إذ كانت الواوُ والياءُ مُتَقارِبَتَينِ في المَخْرَج.
ومثل هذا: أنهم يقولون في ذوات الياء: (سَعَيْتُ به سِعَايةً)، و (رَمَيْتُهُمْ رِمَايَةً)، و (دَرَيْتُ بِهِ (٤) دِرايةً)، فتأتي المصادرُ في ذوات الياء،
وكان ينبغي أن يكونَ -في القياس-: (كَوْنُونَة) بالواو (٣)، ولكنها لَمَّا قَلَّت في مصادر الواو، وكثرت في مصادر الياء، ألحقوها بالذي هو أكثر مجيئًا منهما؛ إذ كانت الواوُ والياءُ مُتَقارِبَتَينِ في المَخْرَج.
ومثل هذا: أنهم يقولون في ذوات الياء: (سَعَيْتُ به سِعَايةً)، و (رَمَيْتُهُمْ رِمَايَةً)، و (دَرَيْتُ بِهِ (٤) دِرايةً)، فتأتي المصادرُ في ذوات الياء،
(١) مصدر (كان يكون كَوْنًا وكيْنُونة).
(٢) في "القاموس المحيط": (والهواع بالضم، والهيعوعة، والمِهْوع، والمهواع بكسرها: الصياح في الحرب). ص ٧٧٧ (هوع). وجعلها في "لسان العرب" من مصادر ذوات الياء، فقال: (هاعَ، يَهاع، ويَهِيع، وهَيْعًا، وهَاعًا، وهُيُوعًا، وهَيعَة، وهَيَعانًا، وهَيْعُوعة: جَبُن وفَزع. وقيل: استخف عند الجزع). ٨/ ٤٧٢١ (هيع). والهُواع: القيءُ. يقال: (هاع، يهوع هواعًا. وهيعوتة): أي: قاء. انظر: (هوع) في "الصحاح" ٣/ ١٣٠٩، "المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث" لأبي موسى الأصفهاني: ٣/ ٥١٦، "اللسان" ٨/ ٤٧٢١، "المعجم الوسيط" ٢/ ١٠١٠.
(٣) ويرى الخليل بن أحمد أن (كيْنُونة): (فَيْعُولة)، هي في الأصل: (كَيْوَنُونَه)؛ التقت منها ياءٌ وواوٌ، والأولى منهما ساكنة، فَصُيِّرَتا ياءً مشدَّدَةً [أي: كيَّنُونة]، مثلما قالوا: (الهيِّن) من (هُنْت)، ثم خففوها فقالوا: (كيْنُونة)؛ كما قالوا: (هَيْنٌ، لَيْنٌ). قال الفراء: وقد ذهب مذهبًا، إلا أن القول عندي هو الأول). "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٤ (كان).
(٤) في (د): (بهم).
(٢) في "القاموس المحيط": (والهواع بالضم، والهيعوعة، والمِهْوع، والمهواع بكسرها: الصياح في الحرب). ص ٧٧٧ (هوع). وجعلها في "لسان العرب" من مصادر ذوات الياء، فقال: (هاعَ، يَهاع، ويَهِيع، وهَيْعًا، وهَاعًا، وهُيُوعًا، وهَيعَة، وهَيَعانًا، وهَيْعُوعة: جَبُن وفَزع. وقيل: استخف عند الجزع). ٨/ ٤٧٢١ (هيع). والهُواع: القيءُ. يقال: (هاع، يهوع هواعًا. وهيعوتة): أي: قاء. انظر: (هوع) في "الصحاح" ٣/ ١٣٠٩، "المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث" لأبي موسى الأصفهاني: ٣/ ٥١٦، "اللسان" ٨/ ٤٧٢١، "المعجم الوسيط" ٢/ ١٠١٠.
(٣) ويرى الخليل بن أحمد أن (كيْنُونة): (فَيْعُولة)، هي في الأصل: (كَيْوَنُونَه)؛ التقت منها ياءٌ وواوٌ، والأولى منهما ساكنة، فَصُيِّرَتا ياءً مشدَّدَةً [أي: كيَّنُونة]، مثلما قالوا: (الهيِّن) من (هُنْت)، ثم خففوها فقالوا: (كيْنُونة)؛ كما قالوا: (هَيْنٌ، لَيْنٌ). قال الفراء: وقد ذهب مذهبًا، إلا أن القول عندي هو الأول). "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٤ (كان).
(٤) في (د): (بهم).
48
على هذا النحو، كثيرةً، ولا تكاد تأتي في ذوات الواو؛ نحو: (خَلَوْتُ)، و (دَعَوْتُ). فَنَدَرَ حرفٌ مِنْ ذوات الواو فألْحِقَ بذوات الياء، وهو قولُهم: (شَكَوْتُ فُلانًا شِكَايَةً)، ولم يقولوا: (شِكاوَةً)، فألحقوها بالمصادر من الياء (١).
واختلفوا في هؤلاء الذي عُنُوا بقوله: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾: فقال الربِيع (٢): هم (٣) وَفْدُ نَجْرَانَ؛ لَمَّا حَاجُّوا رسولَ الله - ﷺ -، في المَسِيح، فقالوا: أليسَ (٤) هُوَ كَلِمَة اللهِ، وروح منه؟ قال: "بَلَى". قالوا: حَسْبُنا. فأنزلَ اللهُ تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾، الآية. ثمّ أنزل: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ﴾ الآية.
وقال الكَلْبِيُّ (٥): هم اليهود، طَلَبُوا (٦) عِلْمَ أكْلِ (٧) هذه الأُمَّةِ،
واختلفوا في هؤلاء الذي عُنُوا بقوله: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾: فقال الربِيع (٢): هم (٣) وَفْدُ نَجْرَانَ؛ لَمَّا حَاجُّوا رسولَ الله - ﷺ -، في المَسِيح، فقالوا: أليسَ (٤) هُوَ كَلِمَة اللهِ، وروح منه؟ قال: "بَلَى". قالوا: حَسْبُنا. فأنزلَ اللهُ تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾، الآية. ثمّ أنزل: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ﴾ الآية.
وقال الكَلْبِيُّ (٥): هم اليهود، طَلَبُوا (٦) عِلْمَ أكْلِ (٧) هذه الأُمَّةِ،
(١) انظر في هذا الموضوع: "المنصف" لابن جني: ٢/ ١٠، "الممتع في التصريف" لابن عصفور: ٢/ ٥٠٢، ٥٠٤، "شرح شافية ابن الحاجب" للاستراباذي: ١/ ١٥٢.
(٢) قوله في "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٧، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٩٦، "تفسير البغوي" ٢/ ٩، "زاد المسير" ١/ ٣٥٣.
(٣) (هم): ساقطة من: (ج).
(٤) في (أ)، (ب): (ليس). والمثبت من: (ج) و (د).
(٥) قول الكلبي، أخرجه الطبري ١/ ٩٢، ٩٣ من رواية محمد بن إسحاق، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن جابر بن عبد الله، وأخرجه البخاري في: تاريخه: ١/ ٢/ ٢٠٨، والبغوي ٢/ ٩، وذكره بمعناه أبو الليث في "بحر العلوم" ١/ ٢٤٧، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٣٥٣، والسيوطي في "الدر" ٢/ ٧٨.
(٦) في (ج): (طالبوا).
(٧) في (ج): إقامة. (د) أجل. وحقيقة (الأُكْل) بضم الهمزة: التنَقّص. ومعناها هنا: الرزق، والحظ من الدنيا.
يقال للميت: (قد انقطع أكْلُه)، أي: انقضت مدته في الدنيا. فاليهود أرادوا معرفة =
(٢) قوله في "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٧، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٩٦، "تفسير البغوي" ٢/ ٩، "زاد المسير" ١/ ٣٥٣.
(٣) (هم): ساقطة من: (ج).
(٤) في (أ)، (ب): (ليس). والمثبت من: (ج) و (د).
(٥) قول الكلبي، أخرجه الطبري ١/ ٩٢، ٩٣ من رواية محمد بن إسحاق، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن جابر بن عبد الله، وأخرجه البخاري في: تاريخه: ١/ ٢/ ٢٠٨، والبغوي ٢/ ٩، وذكره بمعناه أبو الليث في "بحر العلوم" ١/ ٢٤٧، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٣٥٣، والسيوطي في "الدر" ٢/ ٧٨.
(٦) في (ج): (طالبوا).
(٧) في (ج): إقامة. (د) أجل. وحقيقة (الأُكْل) بضم الهمزة: التنَقّص. ومعناها هنا: الرزق، والحظ من الدنيا.
يقال للميت: (قد انقطع أكْلُه)، أي: انقضت مدته في الدنيا. فاليهود أرادوا معرفة =
49
واستِخْراجِهِ مِنَ الحُرُوف المُقَطَّعَةِ في أوائل السُّوَرِ (١). وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء (٢).
وقيل: هم جميع المُبْتَدِعَةِ، وكلُّ من احتَجَّ لِباطِلِهِ بالمتشابه (٣). وهذا معنى قول قتادة (٤).
وقيل: هم جميع المُبْتَدِعَةِ، وكلُّ من احتَجَّ لِباطِلِهِ بالمتشابه (٣). وهذا معنى قول قتادة (٤).
= مدة بقاء أمة محمد - ﷺ -، وأجلها. انظر: (أكل) في "مجمل اللغة" ١/ ١٠٠، "القاموس المحيط" ص ٩٦١.
(١) انظر: "سيرة ابن هشام" ٢/ ١٧٠، ١٧١ فقد ذكره عن ابن إسحاق. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٥٩٥ عن مقاتل بن حيان، وأورده السيوطي في "الدر" ٢/ ٧ وزاد نسبة إخراجه لابن المنذر في "تفسيره" عن ابن جريج معضلا.
(٢) لم أقف على رواية عطاء عن ابن عباس.
(٣) روت عائشة رضي الله عنها قائلة: (تلا رسول الله - ﷺ -، ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ إلى ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، قالت: قال رسول الله - ﷺ -: "فإذا رأيت الذين بتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سَمَّى الله فاحذروهم". أخرجه البخاريُّ (٤٥٤٧). كتاب: التفسير. سورة آل عمران باب: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾، ومسلم رقم (٢٦٦٥). كتاب: العلم. باب: النهي عن اتباع متشابه القرآن. وفي رواية الإمام أحمد: "فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه، فهم الذين عنى الله فاحذروهم". "المسند" ٦/ ٤٨، ٢٥٦. وأخرجه أبو داود رقم (٤٧). كتاب: السنة. باب: النهي عن الجدال، والترمذي رقم (٢٩٩٣)، (٢٩٩٤). كتاب: التفسير. باب: ومن سورة آل عمران، وابن ماجة رقم (٤٧). في المقدمة، وابن حبان في "صحيحه" ١/ ٢٧٤، ٢٧٧ (٧٣)، (٧٦). وأخرجه: عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ١١٦، والطبري في "تفسيره" ٦/ ١٨٩ - ١٩٥، والطيالسي في "المسند" ٣/ ٥٠ (١٥٣٥)، والآجري في "الشريعة" ٢٦، ٢٧.
(٤) كان قتادة إذا قرأ هذه الآية ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾، قال: (إنْ لم يكونوا الحَرُورِيَّة والسَّبَئِيَّة، فلا أدري مَن هم!..). و (الحرورية) هم: الخوارج، و (السبئية): نسبة إلى عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي غالى في الإمام عليٍّ، وادَّعى فيه الألوهية. انظر الأثر، في "تفسير عبد الرزاق": ١/ ١١٥، "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٨، "تفسير =
(١) انظر: "سيرة ابن هشام" ٢/ ١٧٠، ١٧١ فقد ذكره عن ابن إسحاق. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٥٩٥ عن مقاتل بن حيان، وأورده السيوطي في "الدر" ٢/ ٧ وزاد نسبة إخراجه لابن المنذر في "تفسيره" عن ابن جريج معضلا.
(٢) لم أقف على رواية عطاء عن ابن عباس.
(٣) روت عائشة رضي الله عنها قائلة: (تلا رسول الله - ﷺ -، ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ إلى ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، قالت: قال رسول الله - ﷺ -: "فإذا رأيت الذين بتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سَمَّى الله فاحذروهم". أخرجه البخاريُّ (٤٥٤٧). كتاب: التفسير. سورة آل عمران باب: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾، ومسلم رقم (٢٦٦٥). كتاب: العلم. باب: النهي عن اتباع متشابه القرآن. وفي رواية الإمام أحمد: "فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه، فهم الذين عنى الله فاحذروهم". "المسند" ٦/ ٤٨، ٢٥٦. وأخرجه أبو داود رقم (٤٧). كتاب: السنة. باب: النهي عن الجدال، والترمذي رقم (٢٩٩٣)، (٢٩٩٤). كتاب: التفسير. باب: ومن سورة آل عمران، وابن ماجة رقم (٤٧). في المقدمة، وابن حبان في "صحيحه" ١/ ٢٧٤، ٢٧٧ (٧٣)، (٧٦). وأخرجه: عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ١١٦، والطبري في "تفسيره" ٦/ ١٨٩ - ١٩٥، والطيالسي في "المسند" ٣/ ٥٠ (١٥٣٥)، والآجري في "الشريعة" ٢٦، ٢٧.
(٤) كان قتادة إذا قرأ هذه الآية ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾، قال: (إنْ لم يكونوا الحَرُورِيَّة والسَّبَئِيَّة، فلا أدري مَن هم!..). و (الحرورية) هم: الخوارج، و (السبئية): نسبة إلى عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي غالى في الإمام عليٍّ، وادَّعى فيه الألوهية. انظر الأثر، في "تفسير عبد الرزاق": ١/ ١١٥، "تفسير الطبري" ٣/ ١٧٨، "تفسير =
50
وقولُ الزَّجَّاج في هذه الآية، يَدُلُّ على أنّ هؤلاء، هم الكفار الذين يُنْكِرُون البَعْثَ، لأنه قال (١) في سياق الآية: معنى ابتغائهم تأويله: أنهم طلبوا تأويل بَعثِهِمْ وإحيائهم.
وقوله تعالى: ﴿ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾. قال عطاءٌ، عن ابن عباس (٢): يريد: الكفر. وقال الرَّبِيع (٣)، والسدي (٤): طلب الشرك (٥).
وقال مجاهد (٦): اللَّبْسِ (٧)؛ لِيُضِلُّوا به جُهَّالَهم.
وقوله تعالى: ﴿ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾. قال عطاءٌ، عن ابن عباس (٢): يريد: الكفر. وقال الرَّبِيع (٣)، والسدي (٤): طلب الشرك (٥).
وقال مجاهد (٦): اللَّبْسِ (٧)؛ لِيُضِلُّوا به جُهَّالَهم.
= البغوي" ٢/ ٨، "المحرر الوجيز" ٣/ ٢٣. وورد كذلك عن أبي أمامة رضي الله عنه: أنهم الخوارج. يرويه عن رسول الله - ﷺ - وقد رجح ابن كثيرٍ وقفَهُ على أبي أمامة. انظر الأثر في: "مسند الإمام أحمد" ٥/ ٢٦٢، "مصنف عبد الرزاق" ١٠/ ١٥٢رقم (١٨٦٦٣)، و"سنن البيهقي" ٨/ ١٨٨، و"مسند الحميدي" ٢/ ٤٠٤ رقم (٩٠٨)، "المعجم الكبير" للطبراني: ٨/ ٢٧٤ وما بعدها، "المعجم الصغير" له: ١/ ٤٢ (٣٣)، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٩٤، و"الشريعة" للآجرِّي: ٣٦، "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٧١.
(١) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٨.
(٢) لم أقف على مصدر قوله. وقد ورد في "تنوير المقباس" المنسوب إلى ابن عباس: ٤٣.
(٣) قوله في "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٠، "ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٩٦، "الثعلبي" ٣/ ٧ ب، "البغوي" ٢/ ١٠، "المحرر الوجيز" "زاد المسير" ١/ ٣٥٤.
(٤) قوله في: المصادر السابقة، عدا "المحرر الوجيز". والسُدِّيُّ هنا هو: السُدِّي الكبير (إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، ت: ١٨٢ هـ). وليس هو السُدِّي الصغير (محمد بن مروان، ت: ١٨٦ هـ)؛ وذلك أن هذا الأثر ورد من رواية أسباط عن السدي، وأسباط إنما يروي عن السدي الكبير. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٩٦، " الطبقات الكبرى" لابن سعد: ٦/ ٣٧٦، "تهذيب التهذيب" لا بن حجر: ١/ ١٥٨في ترجمة أسباط، "معجم المفسرين" لعادل نويهض: ١/ ٩٠، ٢/ ٦٣٥.
(٥) وهو قول: مقاتل في "تفسيره" ١/ ٢٦٤، وابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" ١٠١.
(٦) قوله في "تفسيره" ١/ ١٢٢، والمصادر السابقة.
(٧) هكذا وردت في الأصل بالكسر على تقدير: ابتغاء، أو طَلَبِ اللَّبْسِ. =
(١) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٨.
(٢) لم أقف على مصدر قوله. وقد ورد في "تنوير المقباس" المنسوب إلى ابن عباس: ٤٣.
(٣) قوله في "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٠، "ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٩٦، "الثعلبي" ٣/ ٧ ب، "البغوي" ٢/ ١٠، "المحرر الوجيز" "زاد المسير" ١/ ٣٥٤.
(٤) قوله في: المصادر السابقة، عدا "المحرر الوجيز". والسُدِّيُّ هنا هو: السُدِّي الكبير (إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، ت: ١٨٢ هـ). وليس هو السُدِّي الصغير (محمد بن مروان، ت: ١٨٦ هـ)؛ وذلك أن هذا الأثر ورد من رواية أسباط عن السدي، وأسباط إنما يروي عن السدي الكبير. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٩٦، " الطبقات الكبرى" لابن سعد: ٦/ ٣٧٦، "تهذيب التهذيب" لا بن حجر: ١/ ١٥٨في ترجمة أسباط، "معجم المفسرين" لعادل نويهض: ١/ ٩٠، ٢/ ٦٣٥.
(٥) وهو قول: مقاتل في "تفسيره" ١/ ٢٦٤، وابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" ١٠١.
(٦) قوله في "تفسيره" ١/ ١٢٢، والمصادر السابقة.
(٧) هكذا وردت في الأصل بالكسر على تقدير: ابتغاء، أو طَلَبِ اللَّبْسِ. =
51
وقال أبو إسحاق (١): الفِتْنَةُ في اللغة على ضُرُوب: فالضَّرْبُ الذي ابتغاه هؤلاء: إفسادُ ذوات (٢) البَيْن في الدِين، والحرب. والفتنة في اللغة: الاستهتار بالشيء والغُلُوُّ فيه؛ يقال: (فلانٌ مَفْتُونٌ بِطَلَب الدُّنْيا)؛ أي: قد غلا في طَلَبِها، وتجاوز القَدر (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾. التأويل: التفسير. وأصلُهُ في اللغة: المرجِعُ والمَصِيرُ؛ مِنْ قولهم: (آل الأمْرُ إلى كذا): إذا (٤) صار إليه. و (أوَّلْته تأويلًا): إذا صَيَّرته إليه، فتأول (٥)؛ أي: رَجَعَ، وصار.
قال الأعشى:
وقوله تعالى: ﴿وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾. التأويل: التفسير. وأصلُهُ في اللغة: المرجِعُ والمَصِيرُ؛ مِنْ قولهم: (آل الأمْرُ إلى كذا): إذا (٤) صار إليه. و (أوَّلْته تأويلًا): إذا صَيَّرته إليه، فتأول (٥)؛ أي: رَجَعَ، وصار.
قال الأعشى:
على أَنَّها كانتْ تَأوُّلُ حُبِّها | تأؤُّلَ رِبْعيِّ السِّقابِ فَأَصْحَبَا (٦) |
= ونصُّ قول مجاهد كما في "تفسير الطبري" (الشبهات، مِمَّا أهلكوا به)، وفي تفسيره: (الهلكات التي أهلكوا بها).
(١) هو الزجاج في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٧. نقله عنه بتصرف يسير جدًا في بعض الألفاظ.
(٢) في (ج) و"معاني القرآن": (ذات).
(٣) في "معاني القرآن" للزجاج: (وتجاوز القُدْرة). وانظر: "اللسان" ٦/ ٣٣٤٥ (فتن)، "تفسير الفخر الرازي" ٧/ ١٨٩. ويقول النحاس في هذا الموضع: (أي: ابتغاء الاختبار الذي فيه غُلوٌّ، وإفْسادُ ذاتِ البَيْن؛ ومنه: (فلانٌ مَفْتُونٌ بِفُلانة)؛ أي: قد غَلا في حبها). "إعراب القرآن" له: ١/ ٣١٠.
(٤) في (ب): (أي).
(٥) في (ب): (فتأوله).
(٦) البيت، في: "ديوانه": ص ٧. وقد ورد منسوبًا له، في: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة: ١/ ٨٦، "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٤، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٤٩ (ربع)، "الصحاح" ٤/ ١٦٢٧ (أول)، "الصاحبي" لابن فارس: ٣١٥، "اللسان" ٣/ ١٥٦٦ (ربع)، ١/ ١٧٢ (أول)، وفي: ٤/ ٢٤٠١ (صحب) أورد الشطر الثاني ولم ينسبه. وورد =
(١) هو الزجاج في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٧. نقله عنه بتصرف يسير جدًا في بعض الألفاظ.
(٢) في (ج) و"معاني القرآن": (ذات).
(٣) في "معاني القرآن" للزجاج: (وتجاوز القُدْرة). وانظر: "اللسان" ٦/ ٣٣٤٥ (فتن)، "تفسير الفخر الرازي" ٧/ ١٨٩. ويقول النحاس في هذا الموضع: (أي: ابتغاء الاختبار الذي فيه غُلوٌّ، وإفْسادُ ذاتِ البَيْن؛ ومنه: (فلانٌ مَفْتُونٌ بِفُلانة)؛ أي: قد غَلا في حبها). "إعراب القرآن" له: ١/ ٣١٠.
(٤) في (ب): (أي).
(٥) في (ب): (فتأوله).
(٦) البيت، في: "ديوانه": ص ٧. وقد ورد منسوبًا له، في: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة: ١/ ٨٦، "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٤، "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٤٩ (ربع)، "الصحاح" ٤/ ١٦٢٧ (أول)، "الصاحبي" لابن فارس: ٣١٥، "اللسان" ٣/ ١٥٦٦ (ربع)، ١/ ١٧٢ (أول)، وفي: ٤/ ٢٤٠١ (صحب) أورد الشطر الثاني ولم ينسبه. وورد =
52
أي: كان حُبُّها صغيرًا، فآل إلى العِظَم، كما آل السَّقْبُ إلى الكِبَرِ (١).
هذا معنى (التأويل) في اللغة (٢).
ثم تُسَمَّى (العاقبةُ): (تأويلا)؛ لأنَّ الأمرَ يصيرُ إليها. و (التفسير)
هذا معنى (التأويل) في اللغة (٢).
ثم تُسَمَّى (العاقبةُ): (تأويلا)؛ لأنَّ الأمرَ يصيرُ إليها. و (التفسير)
= البيت في الديوان كالتالي: (.. تأوَّلُ حبَّها..). وورد في "التهذيب" ٢/ ١٣٤٩ (ربع)، "اللسان" ٣/ ١٥٦٦ (صحب)، كالتالي:
وينشد كما في "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٤:
ومعنى: (ربعي السقاب): ذلك أن الفصيل الذي يُنتَج في أول النتاج، يقال له: (رُبَع)، والجمع: (رِباع). ورِبْعِيُّ كل شيء: أوله. والسَّقْب: ولد الناقة، أو ساعة يولد، إذا كان ذكرًا. والجمع: (سِقاب). ويقال: (سقبٌ رِبْعِيٌّ)، و (سقاب رِبعية)، وهي: التي ولدت في أول النتاج. و (أصحب): ذَلَّ وانقاد. انظر: "كتاب الفرق" لقطرب: ١٠٠، "الفرق" لابن فارس: ٨٧، "اللسان" ١/ ١٧٢ (أول)، "القاموس" ص ٩٧ (سقب). وسيأتي تفسير المؤلف للبيت على الرواية التي أوردها. أما على الرواية الثانية، التي أوردها الأزهريُّ، وصاحب "اللسان" فمعنى (توالي ربعي السقاب) هنا: من (الموالاة). وهي: تمييز شيء من شيء، وفصله عنه؛ أي: إن نَوَى صاحبته اشتَدَّ عليه، فحن إليها حنين ربعي السقاب، إذا فُصِل عن أمِّهِ ومُيِّز عنها. وأن هذا الفصيل يستمر على الموالاة ويُصْحب، أما هو فقد دام على حنينه الأول، ولم يصحب إصحاب السقب. انظر: "تهذيب اللغة" ١٣٤٩.
(١) انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ٢٨٤؛ حيث قال في تفسيره: (ويعني بقوله: (تأوُّلُ حبِّها): تفسير حبِّها ومرجعه. وإنما يريد بذلك أنَّ حبَّها كان صغيرًا في قلبه، فآلَ من الصِّغَرِ إلى العِظَم، فلَمْ يزلْ ينبت حتى أصْحَبَ فَصَارَ قديمًا، كالسَّقْبِ الصغير الذي لم يزل يشبُّ حتى أصحبَ فَصَارَ كبيرًا مثلَ أمِّهِ) ويبدو أن المؤلف نقل هذا المعنى عن الطبري، متصرفًا في عبارَتِه هذه
(٢) انظر: (أول) في "الصحاح" ٤/ ١٦٢٦، ١٦٢٨، "مجمل اللغة" ١/ ١٠٧، "اللسان" ١/ ١٧٢، "المصباح المنير" ١٢، "القاموس المحيط" ٩٦٣.
ولكنها كانت نَوًى أجنبيَّةً | توالِيَ رِبْعِيِّ السِّقاب فأصحبا |
على أنها كانت تَوَابعُ حُبِّها | توالي رِبْعِيِّ السِّقاب فأصحبا |
(١) انظر: "تفسير الطبري" ٣/ ٢٨٤؛ حيث قال في تفسيره: (ويعني بقوله: (تأوُّلُ حبِّها): تفسير حبِّها ومرجعه. وإنما يريد بذلك أنَّ حبَّها كان صغيرًا في قلبه، فآلَ من الصِّغَرِ إلى العِظَم، فلَمْ يزلْ ينبت حتى أصْحَبَ فَصَارَ قديمًا، كالسَّقْبِ الصغير الذي لم يزل يشبُّ حتى أصحبَ فَصَارَ كبيرًا مثلَ أمِّهِ) ويبدو أن المؤلف نقل هذا المعنى عن الطبري، متصرفًا في عبارَتِه هذه
(٢) انظر: (أول) في "الصحاح" ٤/ ١٦٢٦، ١٦٢٨، "مجمل اللغة" ١/ ١٠٧، "اللسان" ١/ ١٧٢، "المصباح المنير" ١٢، "القاموس المحيط" ٩٦٣.
53
يُسمَّى: (تأويلًا)، وهو قوله: ﴿سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ [الكهف: ٧٨]؛ أي: بِعِلْمِهِ وتفسيره؛ لأن التَّأويل: إخبارٌ عَمَّا يَرْجِعُ إليه اللفظُ مِنَ المعنى.
وذكرنا معنى التَّأوِيل [بأبلغ] (١) مِنْ هذا، في سورة النساء، عند قوله: ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩] (٢).
قال ابن عباس في رواية عطاء (٣): ﴿وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ أي: طَلَبِ مُدَّةِ أُكْلِ مُحَمَّد - ﷺ -.
وفي قول الزجاج (٤): المراد به: الكفار (٥)؛ طلبوا متى يُبْعثون؟ وكيف يكون إحياؤُهم بعد الموت؟ وفي قول الباقِين: معناه: طَلَبُ تفسير المُتَشابِهِ، وعِلْمِهِ. قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ يريد: ما يَعلَمُ انقضاءَ مُلْكِ أُمَّة (٦) محمد - ﷺ - إلّا الله؛ لأن انقضاءَ مُلك هذه الأُمَّةِ مع قيام الساعَةِ، ولا (٧) يَعْلَم ذلك مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبِيٌ مُرْسَلٌ. وهذا قولُ عطاء (٨). وعلى هذا؛ يَحْسُنُ الوقفُ على قوله: ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾، وكذلك على قول الزجاج؛ لأن وقت البعثِ لا يَعلَمُهُ إلا الله. ثم ابتدأ، فقال: {وَالرَّاسِخُونَ
وذكرنا معنى التَّأوِيل [بأبلغ] (١) مِنْ هذا، في سورة النساء، عند قوله: ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩] (٢).
قال ابن عباس في رواية عطاء (٣): ﴿وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ أي: طَلَبِ مُدَّةِ أُكْلِ مُحَمَّد - ﷺ -.
وفي قول الزجاج (٤): المراد به: الكفار (٥)؛ طلبوا متى يُبْعثون؟ وكيف يكون إحياؤُهم بعد الموت؟ وفي قول الباقِين: معناه: طَلَبُ تفسير المُتَشابِهِ، وعِلْمِهِ. قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ يريد: ما يَعلَمُ انقضاءَ مُلْكِ أُمَّة (٦) محمد - ﷺ - إلّا الله؛ لأن انقضاءَ مُلك هذه الأُمَّةِ مع قيام الساعَةِ، ولا (٧) يَعْلَم ذلك مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبِيٌ مُرْسَلٌ. وهذا قولُ عطاء (٨). وعلى هذا؛ يَحْسُنُ الوقفُ على قوله: ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾، وكذلك على قول الزجاج؛ لأن وقت البعثِ لا يَعلَمُهُ إلا الله. ثم ابتدأ، فقال: {وَالرَّاسِخُونَ
(١) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).
(٢) وقد تكلم ابنُ القيم عن معاني (التأويل) بإسهاب، وبَيَّن الصحيح منه والباطل. انظر: "الصواعق المرسلة": ١٧٥ وما بعدها.
(٣) لم أقف على مصدر هذه الرواية. وقد ورد هذا القول في: "تنوير المقباس": ٤٣.
(٤) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٨.
(٥) في (ب): (المراد به الزج الكفار).
(٦) (أمة): ساقطة من: (ج).
(٧) في (ج): (لا) بدون واو.
(٨) لم أقف على مصدر قوله.
(٢) وقد تكلم ابنُ القيم عن معاني (التأويل) بإسهاب، وبَيَّن الصحيح منه والباطل. انظر: "الصواعق المرسلة": ١٧٥ وما بعدها.
(٣) لم أقف على مصدر هذه الرواية. وقد ورد هذا القول في: "تنوير المقباس": ٤٣.
(٤) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٨.
(٥) في (ب): (المراد به الزج الكفار).
(٦) (أمة): ساقطة من: (ج).
(٧) في (ج): (لا) بدون واو.
(٨) لم أقف على مصدر قوله.
54
فِي الْعِلْمِ} أي: الثابتون فيه. والرُّسُوخُ في اللغة (١): الثُّبُوتُ في الشيء (٢). وعند أكثر المفَسِّرين (٣): المرادُ بـ (الراسخين علمًا): مُؤْمِني أهل الكتاب؛ دليله: قوله: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ١٦٢]. قال ابن عباس (٤)، ومجاهد (٥)، والسُّدِّي (٦): بقولهم: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، سَمَّاهُم اللهُ (راسخينَ في العِلْم). فَرُسُوخُهم (٧) في العِلْمِ؛ قولُهم: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾ أي: بالمُتَشَابِهِ.
﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ المُحْكَم والمُتشابه؛ الناسخُ والمنسوخ؛ وما عَلِمْناه وما لَمْ نعْلَمْه.
وقال الزجاج (٨): أي: يقولون: صَدَّقنا بأن الله عز وجل يبعثنا، ويؤمنون
﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ المُحْكَم والمُتشابه؛ الناسخُ والمنسوخ؛ وما عَلِمْناه وما لَمْ نعْلَمْه.
وقال الزجاج (٨): أي: يقولون: صَدَّقنا بأن الله عز وجل يبعثنا، ويؤمنون
(١) في (ج): (في العلم).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٧٨، "الصحاح" ٤٢١ (رسخ)، "تفسير القرطبي" ٤/ ١٩.
(٣) قول المؤلف أعلاه: (عند أكثر المفسرين)، غير مُسَلَّم؛ لأنني لم أجد من قال بهذا القول إلا مقاتل بن حيان، كما في "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٦٠٠. ولو كان قال به أكثر المفسرين، لتناقلته كتب التفسير والحديث، مما أُلِّف قبل المؤلف وبعده. وقد أورد هذا القولَ الثعلبيُّ وهو شيخ المصنف في "تفسيره" ١/ ٢٨٠ بصيغة (قيل) ولم يذكر قائله. وأورده أبو حيان في "البحر المحيط" ٢/ ٣٨٥ بصيغة (قيل) ولم يذكر القائل، ولكنه استبعده بقوله: (وهذا فيه بعد).
(٤) قوله في "تفسير الطبري" ٦/ ٢٠٨. "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠ أ، "تفسير البغوي" ١/ ٢٨٠. ومن قوله: (قال ابن عباس..) إلى (.. وما لم نعلمه): نقله بنصه عن "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠ أ.
(٥) قوله في المصادر السابقة. وهو من روايته عن ابن عباس.
(٦) قوله في المصادر السابقة.
(٧) في (د): فرسخهم.
(٨) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٨. نقله عنه بالنص.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٧٨، "الصحاح" ٤٢١ (رسخ)، "تفسير القرطبي" ٤/ ١٩.
(٣) قول المؤلف أعلاه: (عند أكثر المفسرين)، غير مُسَلَّم؛ لأنني لم أجد من قال بهذا القول إلا مقاتل بن حيان، كما في "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٦٠٠. ولو كان قال به أكثر المفسرين، لتناقلته كتب التفسير والحديث، مما أُلِّف قبل المؤلف وبعده. وقد أورد هذا القولَ الثعلبيُّ وهو شيخ المصنف في "تفسيره" ١/ ٢٨٠ بصيغة (قيل) ولم يذكر قائله. وأورده أبو حيان في "البحر المحيط" ٢/ ٣٨٥ بصيغة (قيل) ولم يذكر القائل، ولكنه استبعده بقوله: (وهذا فيه بعد).
(٤) قوله في "تفسير الطبري" ٦/ ٢٠٨. "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠ أ، "تفسير البغوي" ١/ ٢٨٠. ومن قوله: (قال ابن عباس..) إلى (.. وما لم نعلمه): نقله بنصه عن "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠ أ.
(٥) قوله في المصادر السابقة. وهو من روايته عن ابن عباس.
(٦) قوله في المصادر السابقة.
(٧) في (د): فرسخهم.
(٨) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٨. نقله عنه بالنص.
55
بأنَّ البَعْثَ حَقٌّ، كما أنَّ الإنشاءَ حَقٌّ.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. قال عطاء (١): هذا ثَنَاءٌ مِن الله تعالى على الذين قالوا: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، معناه: ما يَتَّعِظُ [بما] (٢) في القُرْآن، إلّا ذَوُو العُقُول.
وقال الزَّجَّاج (٣): هذا دليلٌ على أن الأمرَ الذي اشْتَبَهَ عليه من البَعْثِ، لمْ يَتَدَبَّرُوه، ومعناه: ما يَتَدَّبر القرآنَ، وما أتَى به الرسولُ - ﷺ -، إلّا أوْلُوا الألباب. والأظهر في تفسير هذه الآية: قولُ عطاء: إنَّ هذا في اليهود، حين طلبوا تفسيرَ الحروف المُقَطَّعَة، والقولُ الذي حكاه الزجَّاج: إن هذه في منكري البعث.
ويقال: هل يجوز أن يكون في القرآن شيءٌ، لا يعلمه إلا الله؟ فيقال: اختلف الصحابة والناسُ في هذا:
فذهب الأكثرون: إلى أنَّ تَمَامَ الوَقْفِ على قوله: ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾، وأن جميع المتشابه لا يعلمه إلا الله؛ مثل: وقت قيام الساعة، وطلوع الشمس من المغرب، ونزول عيسى، وخروج الدجَّال.
وقال قومٌ: في القرآن أشياء لا يَعْرِف حقيقَتَها إلا الله؛ كالحروف المُقَطَّعة، وقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [المائدة: ٦٤]، وقوله: ﴿خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥]، وقوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾، وأشباه هذا. والله تعالى مُخْتَصٌّ (٤) مُستأثِرٌ بِعِلْم هذه، والإيمانُ بها حَقٌّ، وحقائقُ عُلُومِها
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. قال عطاء (١): هذا ثَنَاءٌ مِن الله تعالى على الذين قالوا: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، معناه: ما يَتَّعِظُ [بما] (٢) في القُرْآن، إلّا ذَوُو العُقُول.
وقال الزَّجَّاج (٣): هذا دليلٌ على أن الأمرَ الذي اشْتَبَهَ عليه من البَعْثِ، لمْ يَتَدَبَّرُوه، ومعناه: ما يَتَدَّبر القرآنَ، وما أتَى به الرسولُ - ﷺ -، إلّا أوْلُوا الألباب. والأظهر في تفسير هذه الآية: قولُ عطاء: إنَّ هذا في اليهود، حين طلبوا تفسيرَ الحروف المُقَطَّعَة، والقولُ الذي حكاه الزجَّاج: إن هذه في منكري البعث.
ويقال: هل يجوز أن يكون في القرآن شيءٌ، لا يعلمه إلا الله؟ فيقال: اختلف الصحابة والناسُ في هذا:
فذهب الأكثرون: إلى أنَّ تَمَامَ الوَقْفِ على قوله: ﴿إِلَّا اللَّهُ﴾، وأن جميع المتشابه لا يعلمه إلا الله؛ مثل: وقت قيام الساعة، وطلوع الشمس من المغرب، ونزول عيسى، وخروج الدجَّال.
وقال قومٌ: في القرآن أشياء لا يَعْرِف حقيقَتَها إلا الله؛ كالحروف المُقَطَّعة، وقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [المائدة: ٦٤]، وقوله: ﴿خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥]، وقوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾، وأشباه هذا. والله تعالى مُخْتَصٌّ (٤) مُستأثِرٌ بِعِلْم هذه، والإيمانُ بها حَقٌّ، وحقائقُ عُلُومِها
(١) لم أقف على مصدر قوله.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج).
(٣) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٩. نقله عنه بتصرف يسير.
(٤) في (أ)، (ب): (يختص). والمثبت من: (ج)، (د)؛ لمناسبته لسياق العبارة.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج).
(٣) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٩. نقله عنه بتصرف يسير.
(٤) في (أ)، (ب): (يختص). والمثبت من: (ج)، (د)؛ لمناسبته لسياق العبارة.
56
مُفَوَّضَةٌ إلى الله تعالى.
وهذا مذهب: عائشة، وابن مسعود، وابن عباس، وأُبَي، وكثير من التابعين، واختيار (١) الفَرّاء، والكسائي (٢)، والمُفَضَّل (٣)، وابن الأنباري، وأَبي عُبَيد (٤)، وأحمد بن يحيى (٥).
ودليل هذا القول: قراءة عبد الله (٦): (إنْ تَأويلُهُ إلّا عِنْدَ الله. والرّاسخون في العِلْم يقولون آمَنّا به) (٧).
وهذا مذهب: عائشة، وابن مسعود، وابن عباس، وأُبَي، وكثير من التابعين، واختيار (١) الفَرّاء، والكسائي (٢)، والمُفَضَّل (٣)، وابن الأنباري، وأَبي عُبَيد (٤)، وأحمد بن يحيى (٥).
ودليل هذا القول: قراءة عبد الله (٦): (إنْ تَأويلُهُ إلّا عِنْدَ الله. والرّاسخون في العِلْم يقولون آمَنّا به) (٧).
(١) في (أ): (واختار). والمثبت من: (ب)، (ج)، (د). وهو الصواب.
(٢) تقدمت ترجمته.
(٣) هو: المُفَضَّل بن محمد بن يعلى الضَبِّي، الكوفي. تقدم ٢/ ١١٩.
(٤) في "الأضداد" لابن الأنباري: أبو عبيدة. وورد في أكثر المصادر: أبو عبيد. وهو: أبو عُبَيد، القاسم بن سَلّام الهَرَوي الأزدي الخزاعي.
(٥) هو: أبو العباس، أحمد بن يحيى (ثعلب). وقد بَيَّن النحاسُ أن نَيِّفًا وعشرين رجلًا من الصحابة والتابعين والقراء وأهل اللغة، ذهبوا إلى الوقف التام على لفظ الجلالة (الله)، وأن ما بعده منقطع منه، ثم ذكر إضافة إلى من ذكرهم المؤلف: الحسن، وأبانهيك، والضحاك، ومالك بن أنس، وسهل بن محمد، وعمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، والطبري، والزجاج، وابن كيسان، وأحمد بن جعفر بن الزبير، والسدي.
انظر: "القطع والائتناف" للنحاس: ٢١٢، "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٢ - ١٨٤، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٩٩ - ٦٠١، "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٥١، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٨ ب، "المحرر الوجيز" ٣/ ٢٤، "تفسير القرطبي" ٤/ ١٦، "البحر المحيط" ٢/ ٣٨٤، "الدر المنثور" ٢/ ١٠، ١١، "معترك الأقران" للسيوطي: ١/ ١٣٨، "فتح القدير" للشوكاني: ١/ ٤٧٦، "فتح البيان" لصديق حسن خان: ٢/ ١٥ - ١٦.
(٦) يعني: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٧) انظر هذه القراءة في "معاني القرآن" للفراء: ١/ ١٩١، "كتاب المصاحف" لأبي بكر بن أبي داود: ٥٩، "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٤، "الأضداد" لابن الأنباري:=
(٢) تقدمت ترجمته.
(٣) هو: المُفَضَّل بن محمد بن يعلى الضَبِّي، الكوفي. تقدم ٢/ ١١٩.
(٤) في "الأضداد" لابن الأنباري: أبو عبيدة. وورد في أكثر المصادر: أبو عبيد. وهو: أبو عُبَيد، القاسم بن سَلّام الهَرَوي الأزدي الخزاعي.
(٥) هو: أبو العباس، أحمد بن يحيى (ثعلب). وقد بَيَّن النحاسُ أن نَيِّفًا وعشرين رجلًا من الصحابة والتابعين والقراء وأهل اللغة، ذهبوا إلى الوقف التام على لفظ الجلالة (الله)، وأن ما بعده منقطع منه، ثم ذكر إضافة إلى من ذكرهم المؤلف: الحسن، وأبانهيك، والضحاك، ومالك بن أنس، وسهل بن محمد، وعمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، والطبري، والزجاج، وابن كيسان، وأحمد بن جعفر بن الزبير، والسدي.
انظر: "القطع والائتناف" للنحاس: ٢١٢، "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٢ - ١٨٤، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٥٩٩ - ٦٠١، "معاني القرآن" للنحاس: ١/ ٣٥١، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٨ ب، "المحرر الوجيز" ٣/ ٢٤، "تفسير القرطبي" ٤/ ١٦، "البحر المحيط" ٢/ ٣٨٤، "الدر المنثور" ٢/ ١٠، ١١، "معترك الأقران" للسيوطي: ١/ ١٣٨، "فتح القدير" للشوكاني: ١/ ٤٧٦، "فتح البيان" لصديق حسن خان: ٢/ ١٥ - ١٦.
(٦) يعني: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٧) انظر هذه القراءة في "معاني القرآن" للفراء: ١/ ١٩١، "كتاب المصاحف" لأبي بكر بن أبي داود: ٥٩، "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٤، "الأضداد" لابن الأنباري:=
57
وفي (١) حرف أُبَيٍّ، وابن عباس: (ويقول (٢) الراسخون في العلم آمَنّا به) (٣). وهذا هو الأشبه بظاهر الآية؛ لأنه لو كان ﴿الرَّاسِخُونَ﴾ عَطْفًا، لَقَال: ويقولون آمنّا به.
وفي قوله أيضًا: ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾، دليلٌ على أنهم لَمْ يَعْرِفوا البعضَ فآمَنُوا بظاهره، وقالوا: إنه من عند الله.
وقد رُوي عن ابن عباس، أنه قال: تفسير القرآن على أربعة أوجه: تفسيرٌ (٤) لا يَسَعُ أحدًا جَهْلُه، وتفسيرٌ تَعرِفُهُ العربُ بألسنتها، وتفسيرٌ يَعْلَمُهُ العلماءُ، وتفسيرٌ لا يعلمه إلا الله (٥).
وفي قوله أيضًا: ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾، دليلٌ على أنهم لَمْ يَعْرِفوا البعضَ فآمَنُوا بظاهره، وقالوا: إنه من عند الله.
وقد رُوي عن ابن عباس، أنه قال: تفسير القرآن على أربعة أوجه: تفسيرٌ (٤) لا يَسَعُ أحدًا جَهْلُه، وتفسيرٌ تَعرِفُهُ العربُ بألسنتها، وتفسيرٌ يَعْلَمُهُ العلماءُ، وتفسيرٌ لا يعلمه إلا الله (٥).
= ٤٢٦، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٩ أ، "تفسير البغوي" ٢/ ١٠، "البحر المحيط" ٢/ ٣٨٤، "الدر المنثور" ٢/ ١٠، والإتقان، للسيوطي: ٢/ ١٥. وقد وردت القراءة في: كتاب المصاحف، لابن أبي داود، كالتالي: (وإنْ حقيقةُ تأويلِهِ إلا عند الله..).
(١) من قوله: (وفي..) إلى (.. آمنا به): ساقط من: (ج).
(٢) في (ب): (ويقولون).
(٣) انظر هذه القراءة، في "معاني القرآن" للفراء: ١/ ١٩١، "الأضداد" لابن الأنباري: ٤٢٦، "القطع والائتناف" للنحاس: ٢١٢، "المستدرك" للحاكم: ٢/ ٢٨٩ كتاب: التفسير، سورة آل عمران. وقال: (صحيح) ووافقه الذهبي، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٩ أ، "الدر المنثور" ٢/ ١٠ وزاد نسبة إخراج الأثر لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر. قال النحاس عن هذه القراءة: (وهي قراءة على التفسير).
(٤) (تفسير): ساقطة من: (ج).
(٥) الأثر، في "تفسير الطبري" ١/ ٣٤، أخرجه موقوفًا على ابن عباس، من رواية محمد بن بشار، قال: (حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان [بن عيينة]، عن أبي الزناد..) والسند صحيح، ما عدا مؤمل بن إسماعيل، فقد اختلف فيه. انظر: "ميزان الاعتدال" للذهبي: ٥/ ٣٥٣، ٣٥٤. وأورده النحاس في "القطع والائتناف" ٢١٣، كما أخرجه الطبري مرفوعًا بلفظ آخر عن ابن عباس: أن رسول الله - ﷺ -، قال: "أنزل الله القرآن على أربعة أحرف حلال وحرام، لا يُعذَر أحدٌ بالجهالة به،=
(١) من قوله: (وفي..) إلى (.. آمنا به): ساقط من: (ج).
(٢) في (ب): (ويقولون).
(٣) انظر هذه القراءة، في "معاني القرآن" للفراء: ١/ ١٩١، "الأضداد" لابن الأنباري: ٤٢٦، "القطع والائتناف" للنحاس: ٢١٢، "المستدرك" للحاكم: ٢/ ٢٨٩ كتاب: التفسير، سورة آل عمران. وقال: (صحيح) ووافقه الذهبي، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٩ أ، "الدر المنثور" ٢/ ١٠ وزاد نسبة إخراج الأثر لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر. قال النحاس عن هذه القراءة: (وهي قراءة على التفسير).
(٤) (تفسير): ساقطة من: (ج).
(٥) الأثر، في "تفسير الطبري" ١/ ٣٤، أخرجه موقوفًا على ابن عباس، من رواية محمد بن بشار، قال: (حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان [بن عيينة]، عن أبي الزناد..) والسند صحيح، ما عدا مؤمل بن إسماعيل، فقد اختلف فيه. انظر: "ميزان الاعتدال" للذهبي: ٥/ ٣٥٣، ٣٥٤. وأورده النحاس في "القطع والائتناف" ٢١٣، كما أخرجه الطبري مرفوعًا بلفظ آخر عن ابن عباس: أن رسول الله - ﷺ -، قال: "أنزل الله القرآن على أربعة أحرف حلال وحرام، لا يُعذَر أحدٌ بالجهالة به،=
58
وعلى هذا المذهب؛ إنما (١) أنزل الله -تعالى- ما (٢) لا (٣) يعلمه إلّا هو؛ اختبارًا (٤) للعباد، لِيُؤمِنَ به المُؤْمِنُ فَيَسْعَد، ويكفر به الكافرُ فَيَشْقَى؛ لأن سبيلَ المُؤْمِنِ إذا قرأ من هذا شيئًا، أنْ يُصَدِّق رَبه عز وجل، ولا يعترض فيه بسؤال وإنكار؛ فَيَعْظُمَ -بذلك- ثوابُهُ على الله عز وجل.
فإن (٥) قيل: وأي (٦) تخصيصٍ لِلرَّاسخين إذا (٧) لم يَعرِفوا، فإنَّ غيرَهم أيضًا يقولون: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، فَلِمَ خَصَّ (٨) الراسخينَ (٩) بالذكر؟
قلنا: المراد بـ (الراسخين): كلُّ مَنْ يقول: ﴿آمَنَّا﴾ وليس المراد
فإن (٥) قيل: وأي (٦) تخصيصٍ لِلرَّاسخين إذا (٧) لم يَعرِفوا، فإنَّ غيرَهم أيضًا يقولون: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، فَلِمَ خَصَّ (٨) الراسخينَ (٩) بالذكر؟
قلنا: المراد بـ (الراسخين): كلُّ مَنْ يقول: ﴿آمَنَّا﴾ وليس المراد
= وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلا الله تعالى ذكره ومن ادَّعَى علمَهُ سوى الله، فهو كاذب". وقال الطبري: (في إسناده نظر)؛ وذلك أنه من رواية الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وهي أوهى الأسانيد عن ابن عباس. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٤.
وانظر: الحُكْمَ على الكلبي، وأبي صالح، في "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٦٩، "تقريب التهذيب" ص ٤٧٩ (٥٩٠١)، "ميزان الاعتدال" ٥/ ٢ (٧٥٧٤)، "الاتقان" للسيوطي: ٤/ ٢٣٨.
(١) في (د): (إن ما).
(٢) (ما) ساقطة من: (د).
(٣): ساقطة من: (ج).
(٤) في (د): (اختبار).
(٥) في (أ)، (ب): (بان). والمثبت من: (ج)، (ء).
(٦) في (أ)، (ب): (وإلى). والمثبت من: (ج)، (ء).
(٧) في (د): (فإذا).
(٨) في (أ): خُصَّ بالبناء للمجهول. وفي (ب)، (ج). ، (د) غير مضبوطة بالشكل. وما أثبتُّه يتناسب مع ما بعده، من نصب (الراسخين).
(٩) في (د): (الراسخون).
وانظر: الحُكْمَ على الكلبي، وأبي صالح، في "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٦٩، "تقريب التهذيب" ص ٤٧٩ (٥٩٠١)، "ميزان الاعتدال" ٥/ ٢ (٧٥٧٤)، "الاتقان" للسيوطي: ٤/ ٢٣٨.
(١) في (د): (إن ما).
(٢) (ما) ساقطة من: (د).
(٣): ساقطة من: (ج).
(٤) في (د): (اختبار).
(٥) في (أ)، (ب): (بان). والمثبت من: (ج)، (ء).
(٦) في (أ)، (ب): (وإلى). والمثبت من: (ج)، (ء).
(٧) في (د): (فإذا).
(٨) في (أ): خُصَّ بالبناء للمجهول. وفي (ب)، (ج). ، (د) غير مضبوطة بالشكل. وما أثبتُّه يتناسب مع ما بعده، من نصب (الراسخين).
(٩) في (د): (الراسخون).
59
بهم الذين يدأبون في التَّعَلُّمِ (١) ويَجْتَهِدُون. وقد ذكرنا عن ابن عباس، أنه قال: سمَّاهم (راسخين)، بقولهم: ﴿آمَنَّا﴾.
وقال مجاهد (٢)، والربيع (٣)، ومحمد بن جعفر بن الزبير (٤): المتشابه يعلمه الله، ويعلمه الراسخون. ولا يجوز أن يكون في القرآن شيءٌ، لا يعرفه (٥) أحدٌ مِنَ الأُمَّةِ. وهذا اختيار ابن قتيبة (٦)، وزَعَمَ أنَّ الراسخينَ في العِلْمِ عَلِمُوا تأويل القرآن مع الله تعالى؛ لأنه لم يُنْزِلْ كتابَهُ، إلا لِيَنْفَعَ به
وقال مجاهد (٢)، والربيع (٣)، ومحمد بن جعفر بن الزبير (٤): المتشابه يعلمه الله، ويعلمه الراسخون. ولا يجوز أن يكون في القرآن شيءٌ، لا يعرفه (٥) أحدٌ مِنَ الأُمَّةِ. وهذا اختيار ابن قتيبة (٦)، وزَعَمَ أنَّ الراسخينَ في العِلْمِ عَلِمُوا تأويل القرآن مع الله تعالى؛ لأنه لم يُنْزِلْ كتابَهُ، إلا لِيَنْفَعَ به
(١) في (د): (التعليم).
(٢) قوله في "تفسيره" ١/ ١٢٢، "تأويل مشكل القرآن" ١٠٠، "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٣، "الأضداد" لابن الأنباري: ٤٢٤، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٨ ب، "المحرر الوجيز" ٣/ ٢٤، "تفسير القرطبي" ٤/ ١٦. وقد رَدَّ ابن الأنباري رواية هذا القول عن مجاهد؛ زاعمًا بأن الراوي عن مجاهد هو ابن أبي نَجِيح، وهو لم يسمع التفسير عن مجاهد. ولكن أئمة الجرح والتعديل على توثيق ابن أبي نجيح، وتصحيح تفسيره عن مجاهد، بل عدَّه ابنُ تيمية مِنْ أصح التفاسير. انظر: "الأضداد" لابن الأنباري: ٤٢٧، "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: ٥/ ٢٠٣، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ١٧/ ٤٠٩، "سير أعلام النبلاء" للذهبي: ٦/ ١٢٥، ١٢٦، "تهذيب التهذيب" ٢/ ٤٤٤، "تقريب التهذيب" ص ٣٢٦ (٣٦٦٢).
(٣) قوله في "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٣، "القطع والائتناف" للنحاس: ٢١٥، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٨ ب، "المحرر الوجيز" ٣/ ٢٥، "تفسير القرطبي" ٤/ ١٧.
(٤) قوله في المصادر السابقة.
(٥) في (د): (لا يعلمه).
(٦) في "تأويل مشكل القرآن" له: ٩٨. قال مرعي الكرمي: (ورجح هذا جماعات من المحققين؛ كابن فورك، والغزالي، والقاضي أبي بكر بن الطيب، وقال النووي: إنه الأصح، وابن الحاجب: إنه المختار..). "أقاويل الثقات" ٥٣. وانظر: "مشكل الحديث" لابن فورك: ٥٢٢ - ٥٢٥، وشرح صحيح مسلم، للنووي: ١٦/ ٢١٨، "معترك الأقران" للسيوطي: ١/ ١٣٨، "والإتقان" له: ٣/ ٣٥٣٧.
(٢) قوله في "تفسيره" ١/ ١٢٢، "تأويل مشكل القرآن" ١٠٠، "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٣، "الأضداد" لابن الأنباري: ٤٢٤، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٨ ب، "المحرر الوجيز" ٣/ ٢٤، "تفسير القرطبي" ٤/ ١٦. وقد رَدَّ ابن الأنباري رواية هذا القول عن مجاهد؛ زاعمًا بأن الراوي عن مجاهد هو ابن أبي نَجِيح، وهو لم يسمع التفسير عن مجاهد. ولكن أئمة الجرح والتعديل على توثيق ابن أبي نجيح، وتصحيح تفسيره عن مجاهد، بل عدَّه ابنُ تيمية مِنْ أصح التفاسير. انظر: "الأضداد" لابن الأنباري: ٤٢٧، "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: ٥/ ٢٠٣، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ١٧/ ٤٠٩، "سير أعلام النبلاء" للذهبي: ٦/ ١٢٥، ١٢٦، "تهذيب التهذيب" ٢/ ٤٤٤، "تقريب التهذيب" ص ٣٢٦ (٣٦٦٢).
(٣) قوله في "تفسير الطبري" ٣/ ١٨٣، "القطع والائتناف" للنحاس: ٢١٥، "تفسير الثعلبي" ٣/ ٨ ب، "المحرر الوجيز" ٣/ ٢٥، "تفسير القرطبي" ٤/ ١٧.
(٤) قوله في المصادر السابقة.
(٥) في (د): (لا يعلمه).
(٦) في "تأويل مشكل القرآن" له: ٩٨. قال مرعي الكرمي: (ورجح هذا جماعات من المحققين؛ كابن فورك، والغزالي، والقاضي أبي بكر بن الطيب، وقال النووي: إنه الأصح، وابن الحاجب: إنه المختار..). "أقاويل الثقات" ٥٣. وانظر: "مشكل الحديث" لابن فورك: ٥٢٢ - ٥٢٥، وشرح صحيح مسلم، للنووي: ١٦/ ٢١٨، "معترك الأقران" للسيوطي: ١/ ١٣٨، "والإتقان" له: ٣/ ٣٥٣٧.
60
عِبَادَه، ويدل على المعنى الذي أراده. وتأوَّلَ قولَهُ: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾، على أنه حالٌ صُرِفَت إلى المُضَارَعَةِ؛ أي (١): (والراسخون (٢) في العلم، قائلين (٣) آمَنَّا به).
قال: ومثله من (٤) الكلام: (لا يَأتِيك إلا عبدُ الله، وزَيْدٌ يقول: أنا مسرورٌ بزيارتك)، تريد (٥): (لا يأتيك إلا عبدُ الله، وزيدٌ قائلًا: أنا مسرورٌ بزيارتك). فـ (زيد) عطفٌ على (عبد الله) (٦).
واحتج لهذه الطريقة في كتابه (المُشْكل) بما يطول ذِكْرُه (٧).
قال: ومثله من (٤) الكلام: (لا يَأتِيك إلا عبدُ الله، وزَيْدٌ يقول: أنا مسرورٌ بزيارتك)، تريد (٥): (لا يأتيك إلا عبدُ الله، وزيدٌ قائلًا: أنا مسرورٌ بزيارتك). فـ (زيد) عطفٌ على (عبد الله) (٦).
واحتج لهذه الطريقة في كتابه (المُشْكل) بما يطول ذِكْرُه (٧).
(١) في (أ)، (ب): (إلى). والمثبت من: (ج)، (ء).
(٢) في (ج): (والراسخين).
(٣) في (د): (قايلون).
(٤) في (ج): (في).
(٥) من قوله: (تريد..) إلى (.. بزيارتك): ساقط من: (ج)، (ء).
(٦) أورد الشوكاني، والشنقيطي إشكالًا على من يمنع كون جملة ﴿يَقُولُونَ﴾ حالًا، وخلاصته: أن الحال قَيْدٌ لِعامِلِها. ووصف لصاحبها، فتقييد عِلْمِهم بتأويله، بحال كونهم قائلين: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، لا وجه له؛ لأن مفهومه: أنهم في حال عدم قولهم ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، لا يعلمون تأويله، وهو باطل؛ حيث إنهم يعلمونه في كل حال. ويرى الشنقيطي أن جملة ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾ في حال كونها معطوفة، فإن ﴿يَقُولُونَ﴾ تكون معطوفة كذلك بحرف محذوف. واستدل على ذلك بأقوال المحققين من أهل العربية، واستشهد عليه بآيات من القرآن؛ كقوله تعالى ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ﴾ فإنها معطوفة على قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ بالواو. انظر: "فتح القدير" للشوكاني: ١/ ٤٨٢، "أضواء البيان" للشنقيطي: ١/ ١٣١.
(٧) انظر: "تأويل مشكل القرآن" ٨٦١٠١. إن الخلاف الواقع بين العلماء في تبني أحَدِ المذهبَيْنِ المذكورَيْن للسَّلَفِ؛ في الوقف أو العطف على لفظ الجلالة في هذه الآية، مرجعه وسببه: الاشتراك في لفظ التأويل؛ حيث إنَّ له معانٍ عِدَّة. ولكنَّه إذا أطْلِقَ عند السَّلَفِ، إنَّما يُرادُ به أمران: =
(٢) في (ج): (والراسخين).
(٣) في (د): (قايلون).
(٤) في (ج): (في).
(٥) من قوله: (تريد..) إلى (.. بزيارتك): ساقط من: (ج)، (ء).
(٦) أورد الشوكاني، والشنقيطي إشكالًا على من يمنع كون جملة ﴿يَقُولُونَ﴾ حالًا، وخلاصته: أن الحال قَيْدٌ لِعامِلِها. ووصف لصاحبها، فتقييد عِلْمِهم بتأويله، بحال كونهم قائلين: ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، لا وجه له؛ لأن مفهومه: أنهم في حال عدم قولهم ﴿آمَنَّا بِهِ﴾، لا يعلمون تأويله، وهو باطل؛ حيث إنهم يعلمونه في كل حال. ويرى الشنقيطي أن جملة ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾ في حال كونها معطوفة، فإن ﴿يَقُولُونَ﴾ تكون معطوفة كذلك بحرف محذوف. واستدل على ذلك بأقوال المحققين من أهل العربية، واستشهد عليه بآيات من القرآن؛ كقوله تعالى ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ﴾ فإنها معطوفة على قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ بالواو. انظر: "فتح القدير" للشوكاني: ١/ ٤٨٢، "أضواء البيان" للشنقيطي: ١/ ١٣١.
(٧) انظر: "تأويل مشكل القرآن" ٨٦١٠١. إن الخلاف الواقع بين العلماء في تبني أحَدِ المذهبَيْنِ المذكورَيْن للسَّلَفِ؛ في الوقف أو العطف على لفظ الجلالة في هذه الآية، مرجعه وسببه: الاشتراك في لفظ التأويل؛ حيث إنَّ له معانٍ عِدَّة. ولكنَّه إذا أطْلِقَ عند السَّلَفِ، إنَّما يُرادُ به أمران: =
61
٨ - قوله (١) تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾. أي: ويقول الراسخون: ربنا، كقوله: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا﴾ [آل عمران: ١٩١].
وقوله: ﴿لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾ أي: لا تُمِلْنَا (٢) عن الهدى والقصد، كما
وقوله: ﴿لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾ أي: لا تُمِلْنَا (٢) عن الهدى والقصد، كما
= الأول: تفسيرُ الكلام وبيان معناه؛ كقوله تعالى: ﴿نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ [يوسف: ٣٦]؛ أي: بتفسيره. فيجوز بهذا المعنى عطفُ جُملَةِ ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾ على لفظ الجلالة؛ لأن الراسخين يعلمون تفسيره، ويفهمون ما أريد منهم بالخطاب القرآني.
الثاني: حقيقةُ الشيء، وما يؤول أمرُهُ إليه. ومنه قوله تعالى: ﴿هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ﴾ [يوسف: ١٠٠]، و ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ﴾ [الأعراف: ٥٣]؛ أي: حقيقة ما أخبرهم الله به مِنْ أمر القيامة والبعث. فيجوز بهذا الاعتبار الوقف على لفظ الجلالة؛ لأن حقائق الأشياء وكنهها، لا يعلمها إلا الله تعالى.
وهناك معنى ثالث للتأويل عند الأصوليين والفقهاء المتأخرين عن عصر السَّلَف، وهو: صَرْفُ اللفظ عن ظاهره المتبادرِ منه، إلى مُحتَمَلٍ مرجوح، بدليل يدل عليه. وهذا المعنى ليس مُرادًا في إطلاقات السَّلَف، فهو خارجٌ عن دلالة الآية هنا. فبسبب الاشتراك في لفظ التأويل، اعتَقَدَ كلُّ مَنْ فَهمَ مِنْهُ معنًى، أنَّ ذلك هو المذكور في القرآن. ولا شكَّ أنَّ في القرآن أمورًا لا يعلمها إلا الله: كوقت قيام الساعة، وحقيقة الروح وغيرها... وهي الأمور المتشابهة في نفسها. وهناك أمورٌ، العِلْمُ بها نِسْبيٌّ، يعلمها الراسخون في العلم دون غيرهم، وهو المتشابه الإضافي، الذي قد يَشْتَبِه على أناسٍ دون آخرين. فلا مُنافاة بين الرأيَيْنِ عند التحقق. انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" ٤٤٣٤٤٥ (شبه)، والإكليل في المتشابه والتأويل، لابن تيمية: ٨٩، ٢٠٢٥، والرسالة كلها حول هذا المعنى، وتفسير سورة الإخلاص، لابن تيمية: ١٧٤، ١٧٩، ١٨٣، ١٨٨، ١٩٣، "الرسالة التدميرية" لابن تيمية: ٥٩٦٣، "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٧٢، "بصائر ذوي التمييز" للفيروز آبادي: ٣/ ٢٩٦، "أقاويل الثقات" للكرمي: ٥٣٥٥، "فتح القدير" للشوكاني: ١/ ٤٨٢، "فتح البيان" لصديق خان: ٢/ ١٥١٧، و"مباحث في علوم القرآن" لمناع القطان: ٢١٨، ٢١٩.
(١) في (د): (وقوله).
(٢) في (د): (لا تملها).
الثاني: حقيقةُ الشيء، وما يؤول أمرُهُ إليه. ومنه قوله تعالى: ﴿هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ﴾ [يوسف: ١٠٠]، و ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ﴾ [الأعراف: ٥٣]؛ أي: حقيقة ما أخبرهم الله به مِنْ أمر القيامة والبعث. فيجوز بهذا الاعتبار الوقف على لفظ الجلالة؛ لأن حقائق الأشياء وكنهها، لا يعلمها إلا الله تعالى.
وهناك معنى ثالث للتأويل عند الأصوليين والفقهاء المتأخرين عن عصر السَّلَف، وهو: صَرْفُ اللفظ عن ظاهره المتبادرِ منه، إلى مُحتَمَلٍ مرجوح، بدليل يدل عليه. وهذا المعنى ليس مُرادًا في إطلاقات السَّلَف، فهو خارجٌ عن دلالة الآية هنا. فبسبب الاشتراك في لفظ التأويل، اعتَقَدَ كلُّ مَنْ فَهمَ مِنْهُ معنًى، أنَّ ذلك هو المذكور في القرآن. ولا شكَّ أنَّ في القرآن أمورًا لا يعلمها إلا الله: كوقت قيام الساعة، وحقيقة الروح وغيرها... وهي الأمور المتشابهة في نفسها. وهناك أمورٌ، العِلْمُ بها نِسْبيٌّ، يعلمها الراسخون في العلم دون غيرهم، وهو المتشابه الإضافي، الذي قد يَشْتَبِه على أناسٍ دون آخرين. فلا مُنافاة بين الرأيَيْنِ عند التحقق. انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" ٤٤٣٤٤٥ (شبه)، والإكليل في المتشابه والتأويل، لابن تيمية: ٨٩، ٢٠٢٥، والرسالة كلها حول هذا المعنى، وتفسير سورة الإخلاص، لابن تيمية: ١٧٤، ١٧٩، ١٨٣، ١٨٨، ١٩٣، "الرسالة التدميرية" لابن تيمية: ٥٩٦٣، "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٧٢، "بصائر ذوي التمييز" للفيروز آبادي: ٣/ ٢٩٦، "أقاويل الثقات" للكرمي: ٥٣٥٥، "فتح القدير" للشوكاني: ١/ ٤٨٢، "فتح البيان" لصديق خان: ٢/ ١٥١٧، و"مباحث في علوم القرآن" لمناع القطان: ٢١٨، ٢١٩.
(١) في (د): (وقوله).
(٢) في (د): (لا تملها).
أزغت قلوب اليهود والنصارى، والذين في قلوبهم زيغ، بعد إذ هديتنا للإيمان بالمُحْكَمِ والمُتَشَابِهِ مِنْ كِتَابِكَ.
وروت أم سلمة (١): أن النبي - ﷺ - كان يُكثر في دعائه أن يقول: "اللهم مُقَلب (٢) القلوب، ثبِّت قلبي على دينك" (٣).
٩ - قوله (٤) تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾. تقديره: جامع الناس للجزاء في يوم لا ريب فيه (٥)؛ فلما حذف لفظ
وروت أم سلمة (١): أن النبي - ﷺ - كان يُكثر في دعائه أن يقول: "اللهم مُقَلب (٢) القلوب، ثبِّت قلبي على دينك" (٣).
٩ - قوله (٤) تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾. تقديره: جامع الناس للجزاء في يوم لا ريب فيه (٥)؛ فلما حذف لفظ
(١) هي: هند بنت أبي أمية المعروف بـ (زاد الراكب) بن المغيرة، القرشية المخزومية، زوج النبي - ﷺ -، وهي ممن أسلم قديمًا، وهاجرت إلى الحبشة، ثم المدينة، وشهدت غزوة خيبر، ماتت سنة (٦١ هـ)، أو (٦٢ هـ)، وهي آخر أمهات المؤمنين موتًا. انظر: "الاستيعاب" ٤/ ٤٩٣ (٣٥٩٤)، و"الإصابة" ٤/ ٤٥٨ (١٣٠٩).
(٢) في (د): (مثبت). وقد وردت هذه اللفظة في الحديث من رواية أنس عند ابن أبي شيبة في: "المصنف": ٦/ ٢٥.
(٣) الحديث من رواية أم سلمة رضي الله عنها: أخرجه أحمد في "المسند" ٦/ ٩١، ٢٩٤، ٣٠٢، ٣١٥، والترمذي برقم (٣٥٢٢) كتاب الدعوات، وقال عنه: (حديث حسن). وابن أبي شيبة في: "المصنف": ٦/ ٢٥ برقم (٢٩١٩٧)، وابن أبي عاصم في: "السنة": ١٠٠ برقم (٢٢٣)، وقال الألباني محقق الكتاب عنه: (حديث صحيح). وابن خزيمة في: كتاب التوحيد: ١/ ١٩١، والطبري في "تفسيره" ٣/ ١٧٨، ١٧٩، وابن أبي حاتم ٢/ ٦٠٢، ٦٠٣، والآجرِّي في "الشريعة" ٣١٦. وأورده السيوطي في "الدر" ٢/ ١٣ وزاد نسبة إخراجه للطبراني، وابن مردويه، وأورده المتقي الهندي في "كنز العمال" ١/ ٣٩١ برقم (١٦٨٦). وقد أوردت المصادر السابقة الحديث كذلك عن عائشة، والنواس بن سمعان، وأنس، وجابر، وعبد الله بن عمرو، رضي الله عنهم.
(٤) في (د): (وقوله).
(٥) وقيل: إن اللام بمعنى: (في)؛ أي: في يوم. ويكون المجموع لأجله لم يُذكر. فظاهره أن هذا الجمع للحشر من القبور للمجازاة وقيل: اللام بمعنى: (إلى)،=
(٢) في (د): (مثبت). وقد وردت هذه اللفظة في الحديث من رواية أنس عند ابن أبي شيبة في: "المصنف": ٦/ ٢٥.
(٣) الحديث من رواية أم سلمة رضي الله عنها: أخرجه أحمد في "المسند" ٦/ ٩١، ٢٩٤، ٣٠٢، ٣١٥، والترمذي برقم (٣٥٢٢) كتاب الدعوات، وقال عنه: (حديث حسن). وابن أبي شيبة في: "المصنف": ٦/ ٢٥ برقم (٢٩١٩٧)، وابن أبي عاصم في: "السنة": ١٠٠ برقم (٢٢٣)، وقال الألباني محقق الكتاب عنه: (حديث صحيح). وابن خزيمة في: كتاب التوحيد: ١/ ١٩١، والطبري في "تفسيره" ٣/ ١٧٨، ١٧٩، وابن أبي حاتم ٢/ ٦٠٢، ٦٠٣، والآجرِّي في "الشريعة" ٣١٦. وأورده السيوطي في "الدر" ٢/ ١٣ وزاد نسبة إخراجه للطبراني، وابن مردويه، وأورده المتقي الهندي في "كنز العمال" ١/ ٣٩١ برقم (١٦٨٦). وقد أوردت المصادر السابقة الحديث كذلك عن عائشة، والنواس بن سمعان، وأنس، وجابر، وعبد الله بن عمرو، رضي الله عنهم.
(٤) في (د): (وقوله).
(٥) وقيل: إن اللام بمعنى: (في)؛ أي: في يوم. ويكون المجموع لأجله لم يُذكر. فظاهره أن هذا الجمع للحشر من القبور للمجازاة وقيل: اللام بمعنى: (إلى)،=
63
الجزاء، دخلت اللام على ما يليه، وأغنت عن (في) (١)؛ لأن حروف الإضافة متآخية؛ لما يجمعها من معنى الإضافة (٢).
قال الزجّاج (٣): وهذا إقرارٌ من المؤمنين بالبعث، ومخالفةٌ لمن اتبع
قال الزجّاج (٣): وهذا إقرارٌ من المؤمنين بالبعث، ومخالفةٌ لمن اتبع
= أي: جامعهم في القبور إلى يوم... انظر: "البحر المحيط" ٢/ ٣٨٧، "روح المعاني" للآلوسي: ٣/ ٩١.
(١) في (د): (فيه).
(٢) حروف الإضافة عند البصريين: هي حروف الجر، وسميت بذلك: (لأنها تضيف معنى الفعل الذي هي صلته إلى الإسماء المجرور بها) "شرح المفصل" لابن يعيش: ٢/ ١١٧، وانظر: "الإيضاح في علل النحو" للزجاجي: ٩٣. وفي تناوب حروف الجر وتآخيها، مذهبان للنحويين:
أ- مذهب جمهرة البصريين: أنها لا تنوب عن بعضها البعض قياسًا، فإن لكل حرف معنى واحدًا أصليًا، يؤديه على سبيل الحقيقة لا المجاز، فإذا أدى معنى آخر، فيقال حينها: إنه أداه على سبيل المجاز أو التضمين.
ب- مذهب الكوفيين ومن وافقهم: أنها تنوب عن بعضها البعض؛ لأن الحرف إذا اشتهر معناه اللغوي الحقيقي، وشاعت دلالته بحيث تفهم بلا غموض، كان المعنى حقيقيًا لا مجازيًّا، ودلالته أصلية، وليست من قبيل المجاز أو التضمين. قال ابن جنّي ويحسبه البعضُ على البصريين بعد أن خطّأ المذهب الثاني: (ولسنا ندفع أن يكون ذلك كما قالوا، لاكِنّا نقول: إنه يكون بمعناه في موضع دون موضع، على حسب الأحوال الداعية إليه، والمسوِّغة له، فأمّا في كل موضع، وعلى كل حال، فلا) "الخصائص" لابن جنّي: ٢/ ٣٠٨.
وقال المالقي: (والحروف لا يوضع بعضها موضع بعض قياسًا، إلّا إذا كان معنياهما واحدًا، ومعنى الكلام الذي يدخلان فيه واحدًا، أو راجعًا إليه، ولو على بعد) "رصف المباني" للمالقي: ٢٩٧. وانظر حول الموضوع "مغني اللبيب" لابن هشام: ٦٥٦، "همع الهوامع" للسيوطي: ١/ ٢٧، "النحو الوافي" لعباس حسن: ٢/ ٥٣٧، و"تناوب حروف الجر" د. محمد عواد: ١٣١٠ وما بعدها، و"من أسرار حروف الجر في الذكر الكريم" د. محمد الخضري: ١٢.
(٣) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٩. نقله عنه بالمعنى.
(١) في (د): (فيه).
(٢) حروف الإضافة عند البصريين: هي حروف الجر، وسميت بذلك: (لأنها تضيف معنى الفعل الذي هي صلته إلى الإسماء المجرور بها) "شرح المفصل" لابن يعيش: ٢/ ١١٧، وانظر: "الإيضاح في علل النحو" للزجاجي: ٩٣. وفي تناوب حروف الجر وتآخيها، مذهبان للنحويين:
أ- مذهب جمهرة البصريين: أنها لا تنوب عن بعضها البعض قياسًا، فإن لكل حرف معنى واحدًا أصليًا، يؤديه على سبيل الحقيقة لا المجاز، فإذا أدى معنى آخر، فيقال حينها: إنه أداه على سبيل المجاز أو التضمين.
ب- مذهب الكوفيين ومن وافقهم: أنها تنوب عن بعضها البعض؛ لأن الحرف إذا اشتهر معناه اللغوي الحقيقي، وشاعت دلالته بحيث تفهم بلا غموض، كان المعنى حقيقيًا لا مجازيًّا، ودلالته أصلية، وليست من قبيل المجاز أو التضمين. قال ابن جنّي ويحسبه البعضُ على البصريين بعد أن خطّأ المذهب الثاني: (ولسنا ندفع أن يكون ذلك كما قالوا، لاكِنّا نقول: إنه يكون بمعناه في موضع دون موضع، على حسب الأحوال الداعية إليه، والمسوِّغة له، فأمّا في كل موضع، وعلى كل حال، فلا) "الخصائص" لابن جنّي: ٢/ ٣٠٨.
وقال المالقي: (والحروف لا يوضع بعضها موضع بعض قياسًا، إلّا إذا كان معنياهما واحدًا، ومعنى الكلام الذي يدخلان فيه واحدًا، أو راجعًا إليه، ولو على بعد) "رصف المباني" للمالقي: ٢٩٧. وانظر حول الموضوع "مغني اللبيب" لابن هشام: ٦٥٦، "همع الهوامع" للسيوطي: ١/ ٢٧، "النحو الوافي" لعباس حسن: ٢/ ٥٣٧، و"تناوب حروف الجر" د. محمد عواد: ١٣١٠ وما بعدها، و"من أسرار حروف الجر في الذكر الكريم" د. محمد الخضري: ١٢.
(٣) في "معاني القرآن" له: ١/ ٣٧٩. نقله عنه بالمعنى.
64
المتشابه ممن ينكر أمر البعث.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [يجوز أن يكون إخبارًا عن المؤمنين أنهم قالوا ذلك، فيكون متصلًا بما قبله، لكنه على تلوين الخِطاب (١)، و] (٢) يجوز أن يكون استئنافًا، أخبر الله تعالى أنه لا يخلف الميعاد. ولا يدلُّ هذا على تخليد مرتكبي الكبائر من المسلمين في النار، وإنْ وعد ذلك بقوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [النساء: ١٤]. الآية؛ لأن المراد بالميعاد (٣) ههنا يوم القيامة (٤) لأن الآية وردت في ذكره. أو يُحمل [هذا (٥) على ميعاد الأولياء دون وعيد الأعداء؛ لأن خلف الوعيد كرم (٦) عند العرب] (٧)، والدليل: أنهم يمدحون بذلك، ومنه قول الشاعر:
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [يجوز أن يكون إخبارًا عن المؤمنين أنهم قالوا ذلك، فيكون متصلًا بما قبله، لكنه على تلوين الخِطاب (١)، و] (٢) يجوز أن يكون استئنافًا، أخبر الله تعالى أنه لا يخلف الميعاد. ولا يدلُّ هذا على تخليد مرتكبي الكبائر من المسلمين في النار، وإنْ وعد ذلك بقوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [النساء: ١٤]. الآية؛ لأن المراد بالميعاد (٣) ههنا يوم القيامة (٤) لأن الآية وردت في ذكره. أو يُحمل [هذا (٥) على ميعاد الأولياء دون وعيد الأعداء؛ لأن خلف الوعيد كرم (٦) عند العرب] (٧)، والدليل: أنهم يمدحون بذلك، ومنه قول الشاعر:
(١) يعني بتلوين الخطاب، أي: الانتقال من أسلوب الخطاب في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ﴾ إلى أسلوب الغيبة في قوله: ﴿إنَّ الله﴾. قال أبو حيان ذاكرًا الحكمة في تغيير الأسلوب، هنا: (لِمَا في ذكره باسمه الأعظم من التفخيم والتعظيم والهيبة..) "البحر المحيط" ٢/ ٣٨٧.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).
(٣) في (ب): (المعاد).
(٤) ومما يؤكد ذلك لغة أن الميعاد هو: وقت الوعد وموضعه، ففي "تهذيب اللغة" (والميعاد، لا يكون إلا وقتًا أو موضعًا) وفي "اللسان" (والموعد: موضع التواعد، وهو الميعاد). انظر مادة (وعد) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩١٥، "الصحاح" ٢/ ٥٥٢، و"اللسان" ٨/ ٤٨٧١، و"القاموس المحيط" ٣٢٦. لكنَّ أبا عبيدة في "مجاز القرآن" ٢/ ١٤٩، ١٨٩: ذكر أن الوعد والميعاد والوعيد، واحد. وعلى الرغم من هذا، فإن سياق الآية وأقوال من سبق من أهل اللغة، يؤكد ما ذكره المؤلف من أن الآية لا دلالة فيها على تخليد مرتكبي الكبائر من المسلمين في النار.
(٥) أي: على فرض التسليم بدلالة الآية على ما ذكر.
(٦) في (د): (لزم).
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).
(٣) في (ب): (المعاد).
(٤) ومما يؤكد ذلك لغة أن الميعاد هو: وقت الوعد وموضعه، ففي "تهذيب اللغة" (والميعاد، لا يكون إلا وقتًا أو موضعًا) وفي "اللسان" (والموعد: موضع التواعد، وهو الميعاد). انظر مادة (وعد) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩١٥، "الصحاح" ٢/ ٥٥٢، و"اللسان" ٨/ ٤٨٧١، و"القاموس المحيط" ٣٢٦. لكنَّ أبا عبيدة في "مجاز القرآن" ٢/ ١٤٩، ١٨٩: ذكر أن الوعد والميعاد والوعيد، واحد. وعلى الرغم من هذا، فإن سياق الآية وأقوال من سبق من أهل اللغة، يؤكد ما ذكره المؤلف من أن الآية لا دلالة فيها على تخليد مرتكبي الكبائر من المسلمين في النار.
(٥) أي: على فرض التسليم بدلالة الآية على ما ذكر.
(٦) في (د): (لزم).
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).
65
إذا وعد السرّاءَ أَنجز (١) وعدَه | وإنْ وَعَدَ الضرّاءَ فالعَفْوُ مانَعُهْ (٢) |
وإنِّي وإنْ أوْعَدْتُهُ أو وَعَدْتُهُ | لَيَكذِبُ إيعادي ويصدقُ موعدي (٦) |
(١) (أنجز): غير مقروءة في: (أ).
(٢) البيت، لأبي الحسن، السري بن أحمد بن السري الكندي الرفّاء الموصلي. وهو في: "ديوانه" ٢/ ٣٦٨. وورد منسوبًا له، في "يتيمة الدهر" ٢/ ١٥٦. وروايته في "الديوان" "واليتيمة": (.. وإن أوْعَدَ الضراء..).
(٣) ولكن في "الوسيط في التفسير" للمؤلف: ٦٧٠ (رسالة ماجستير. تحقيق بالطيور): ورد عمرو بن عبيد المعتزلي بدلًا من محمد بن مسعود الفدكي، وكذا بقية المصادر التي أوردت الحكاية والتي سأذكرها فيما بعد، أجمعت كلُّها على أن المُحاوِر لأبي عمرو بن العلاء، هو عمروُ بنُ عبيد المعتزلي، حتى إن الرازي في "تفسيره" ٧/ ١٨٧ نقل الحكاية عن "تفسير البسيط" للواحدي، وذكر اسم عمرو بن عبيد، وليس محمد بن مسعود، والذي يبدو لي والله أعلم أنَّ اسم عمرو بن عبيد المعتزلي قد حوِّر إلى محمد بن مسعود الفدكي، وقد يرجع السبب إلى أن جميع النسخ التي بين يدي، قد تكون نقلت عن نسخة رئيسة واحدة لم يستبن فيها الاسم لسبب ما، فكان الخط أقرب إلى أن يقرأ هذه القراءة، أو لاجتهاد من الناسخ الأول في كتابة الاسم السابق. وعمرو بن عبيد، هو شيخ المعتزلة في عصره، ولد سنة (٨٠ هـ)، وتوفي سنة (١٤٤ هـ)، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في "تاريخ بغداد" ١٢/ ١٦٦، "وفيات الأعيان" ٣/ ٤٦٠.
(٤) (إيعادا): مطموسة في: (ج).
(٥): (لا) مطموسة في: (ج).
(٦) البيت لعامر بن الطفيل، وهو في "ديوانه" ٥٨. وقد ورد منسوبًا له، في "العقد الفريد" لابن عبد ربه: ١/ ٢٨٤، وأورده بنفس رواية المؤلف: "يتيمة الدهر" للثعالبي: ٢/ ١٥٧، "لسان العرب" ٢/ ١٠٩٨ (ختأ)، ٨/ ٤٨٧١ (وعد)، ٢/ ١١٠٣ (ختا)، "تاج العروس" ١/ ١٤٣ (ختأ)، ١٩/ ٣٦٩ (ختا). كما ورد غير معزوٍ، في "عيون الأخبار" لابن قتيبة: ٢/ ١٤٢، "ضرورة الشعر" للسيرافي، تحقيق د. رمضان عبد التواب: ١٣٨، "مجالس العلماء" للزجّاجي: ٦٢، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩١٥ (وعد)، "الصحاح" ٢/ ٥٥١ (وعد) "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي: ٣٩، "العمدة" لابن رشيق: ١/ ٥٨٩، "الحماسة البصرية" لصدر الدين البصري: ٢/ ٣٠. وروايته في "الديوان":
وبرواية أخرى:
لمخلِفُ إيعادي ومنجز موعدي
كما ورد في "اللسان" ١/ ٦٣ كالتالي:
لَيأمَنُ ميعادي ومنجز موعدي
وانظر الفرق بين (وعد) و (أوعد) في: "ما تلحن فيه العامة" للكسائي: ١١٠، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة: ٢/ ١٨٩، "أدب الكاتب" لابن قتيبة: ١/ ٢٧٢، "مجالس ثعلب" ١/ ٢٢٧، "والخاطريات" لابن جني: ١٩٨، "خزانة الأدب" للبغدادي: ٥/ ١٨٩، ١٩٠. وانظر مادة (وعد) في "تهذيب اللغة" "الصحاح" "اللسان". وقد وردت هذه المحاورة في "عيون الأخبار" ٢/ ١٤٢، "مجالس العلماء" ٦٢، "طبقات النحويين واللغويين" ٣٩، "إنباه الرواة" ٤/ ١٣٣، "مدارج السالكين" لابن القيم: ١/ ٣٩٦، "ميزان الاعتدال" للذهبي: ٤/ ١٩٨، ١٩٩، "لوامع الأنوار" للسفاريني: ١/ ٣٧١.
(٢) البيت، لأبي الحسن، السري بن أحمد بن السري الكندي الرفّاء الموصلي. وهو في: "ديوانه" ٢/ ٣٦٨. وورد منسوبًا له، في "يتيمة الدهر" ٢/ ١٥٦. وروايته في "الديوان" "واليتيمة": (.. وإن أوْعَدَ الضراء..).
(٣) ولكن في "الوسيط في التفسير" للمؤلف: ٦٧٠ (رسالة ماجستير. تحقيق بالطيور): ورد عمرو بن عبيد المعتزلي بدلًا من محمد بن مسعود الفدكي، وكذا بقية المصادر التي أوردت الحكاية والتي سأذكرها فيما بعد، أجمعت كلُّها على أن المُحاوِر لأبي عمرو بن العلاء، هو عمروُ بنُ عبيد المعتزلي، حتى إن الرازي في "تفسيره" ٧/ ١٨٧ نقل الحكاية عن "تفسير البسيط" للواحدي، وذكر اسم عمرو بن عبيد، وليس محمد بن مسعود، والذي يبدو لي والله أعلم أنَّ اسم عمرو بن عبيد المعتزلي قد حوِّر إلى محمد بن مسعود الفدكي، وقد يرجع السبب إلى أن جميع النسخ التي بين يدي، قد تكون نقلت عن نسخة رئيسة واحدة لم يستبن فيها الاسم لسبب ما، فكان الخط أقرب إلى أن يقرأ هذه القراءة، أو لاجتهاد من الناسخ الأول في كتابة الاسم السابق. وعمرو بن عبيد، هو شيخ المعتزلة في عصره، ولد سنة (٨٠ هـ)، وتوفي سنة (١٤٤ هـ)، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في "تاريخ بغداد" ١٢/ ١٦٦، "وفيات الأعيان" ٣/ ٤٦٠.
(٤) (إيعادا): مطموسة في: (ج).
(٥): (لا) مطموسة في: (ج).
(٦) البيت لعامر بن الطفيل، وهو في "ديوانه" ٥٨. وقد ورد منسوبًا له، في "العقد الفريد" لابن عبد ربه: ١/ ٢٨٤، وأورده بنفس رواية المؤلف: "يتيمة الدهر" للثعالبي: ٢/ ١٥٧، "لسان العرب" ٢/ ١٠٩٨ (ختأ)، ٨/ ٤٨٧١ (وعد)، ٢/ ١١٠٣ (ختا)، "تاج العروس" ١/ ١٤٣ (ختأ)، ١٩/ ٣٦٩ (ختا). كما ورد غير معزوٍ، في "عيون الأخبار" لابن قتيبة: ٢/ ١٤٢، "ضرورة الشعر" للسيرافي، تحقيق د. رمضان عبد التواب: ١٣٨، "مجالس العلماء" للزجّاجي: ٦٢، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩١٥ (وعد)، "الصحاح" ٢/ ٥٥١ (وعد) "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي: ٣٩، "العمدة" لابن رشيق: ١/ ٥٨٩، "الحماسة البصرية" لصدر الدين البصري: ٢/ ٣٠. وروايته في "الديوان":
وإنِّيَ إن أوعدتُه أو وعدتُه | لأخلِفُ إيعادي وأنجز موعدي |
لمخلِفُ إيعادي ومنجز موعدي
كما ورد في "اللسان" ١/ ٦٣ كالتالي:
لَيأمَنُ ميعادي ومنجز موعدي
وانظر الفرق بين (وعد) و (أوعد) في: "ما تلحن فيه العامة" للكسائي: ١١٠، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة: ٢/ ١٨٩، "أدب الكاتب" لابن قتيبة: ١/ ٢٧٢، "مجالس ثعلب" ١/ ٢٢٧، "والخاطريات" لابن جني: ١٩٨، "خزانة الأدب" للبغدادي: ٥/ ١٨٩، ١٩٠. وانظر مادة (وعد) في "تهذيب اللغة" "الصحاح" "اللسان". وقد وردت هذه المحاورة في "عيون الأخبار" ٢/ ١٤٢، "مجالس العلماء" ٦٢، "طبقات النحويين واللغويين" ٣٩، "إنباه الرواة" ٤/ ١٣٣، "مدارج السالكين" لابن القيم: ١/ ٣٩٦، "ميزان الاعتدال" للذهبي: ٤/ ١٩٨، ١٩٩، "لوامع الأنوار" للسفاريني: ١/ ٣٧١.
66
أو تقول: هذا عامٌّ في وعيد الأولياء، ووعيد الكفار، فأما مرتكبو الكبائر، فهم مخصوصون بقوله تعالى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨].
١٠ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال ابن عباس: يعني:
١٠ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال ابن عباس: يعني:
67
اليهود من قُريظة والنضير (١).
﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ﴾ أي: لن تنفع، ولن تدفع. وإنما ذُكرَ (عن) مع الإغناء؛ لأنه يراد به الدفع، و (الغِنَى): ما يدفع عن صاحبه الفقر.
وقوله تعالى: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ قال الكلبي (٢): من عذاب الله (٣).
وقال أبو عبيدة (٤): معناه: عند الله. (٥)
(مِنْ) بمعنى: (عند) وحروف الصفات تتعاقب (٦).
﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ﴾ أي: لن تنفع، ولن تدفع. وإنما ذُكرَ (عن) مع الإغناء؛ لأنه يراد به الدفع، و (الغِنَى): ما يدفع عن صاحبه الفقر.
وقوله تعالى: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ قال الكلبي (٢): من عذاب الله (٣).
وقال أبو عبيدة (٤): معناه: عند الله. (٥)
(مِنْ) بمعنى: (عند) وحروف الصفات تتعاقب (٦).
(١) لم أهتد إلى قول ابن عباس هذا في المصادر التي رجعت إليها. وقد ذهب ابن جرير الطبري إلى أن المراد بهم: (يهود بني إسرائيل ومنافقيهم ومنافقي العرب وكفارهم) "تفسيره": ٣/ ١٨٩. وقال أبو السعود: (والمراد بالموصول: جنس الكفرة الشامل لجميع الأصناف). تفسيره: ٢/ ١٠. وإلى عموم الآية وتناولها لكل كافر، ذهب كذلك أبو حيان في "تفسيره" ٢/ ١٨٧.
(٢) من قوله: (قال الكلبي) إلى: (بمعنى: عند) نقله بالنص عن "الثعلبي" ٣/ ١١ ب.
(٣) قوله في "تفسيرالثعلبي" في الموضع السابق.
(٤) في "مجاز القرآن" ١/ ٨٧.
(٥) وضعَّف أبو حيان، والسمينُ الحلبي قولَ أبي عبيدة. انظر: "البحر المحيط" ٢/ ٣٨٨، "الدر المصون" ٣/ ٣٥. ولكن ابن هشام وافق أبا عبيدة في جعل (مِن) موافقة لـ (عند) وكذلك جعلها بمعنى البدل؛ أي: بدل طاعة الله، أو بدل رحمة الله. انظر: "المغني" ٤٢٢، ٤٢٤.
(٦) حروف الصفات هي حروف الجر. قال عنها ابن يعيش في "شرح المفصل" ٨/ ٧: (وقد يسميها الكوفيون: حروف الصفات؛ لأنها تقع صفاتًا لما قبلها من النكرات). وقد عقد لها ابن قتيبة بابًا في "تأويل المشكل" ص ٥٦٥ فقال (باب دخول بعض حروف الصلات مكان بعض)، وانظر: "أدب الكاتب" له ١/ ٣٩٢، "من أسرار حروف الجر في الذكر الحكيم" ص ١٢، وانظر التعليق السابق على حروف الإضافة في هامش تفسير قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ آية: ٩.
(٢) من قوله: (قال الكلبي) إلى: (بمعنى: عند) نقله بالنص عن "الثعلبي" ٣/ ١١ ب.
(٣) قوله في "تفسيرالثعلبي" في الموضع السابق.
(٤) في "مجاز القرآن" ١/ ٨٧.
(٥) وضعَّف أبو حيان، والسمينُ الحلبي قولَ أبي عبيدة. انظر: "البحر المحيط" ٢/ ٣٨٨، "الدر المصون" ٣/ ٣٥. ولكن ابن هشام وافق أبا عبيدة في جعل (مِن) موافقة لـ (عند) وكذلك جعلها بمعنى البدل؛ أي: بدل طاعة الله، أو بدل رحمة الله. انظر: "المغني" ٤٢٢، ٤٢٤.
(٦) حروف الصفات هي حروف الجر. قال عنها ابن يعيش في "شرح المفصل" ٨/ ٧: (وقد يسميها الكوفيون: حروف الصفات؛ لأنها تقع صفاتًا لما قبلها من النكرات). وقد عقد لها ابن قتيبة بابًا في "تأويل المشكل" ص ٥٦٥ فقال (باب دخول بعض حروف الصلات مكان بعض)، وانظر: "أدب الكاتب" له ١/ ٣٩٢، "من أسرار حروف الجر في الذكر الحكيم" ص ١٢، وانظر التعليق السابق على حروف الإضافة في هامش تفسير قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ آية: ٩.
68
١١ - ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾. الآية. يقال: (دَأبتُ، أَدْأَبُ، دَأبًا) (١). و (دَأَبًا)، و (دُؤُوبًا): إذا اجتهدتَ في الشيء وتعبتَ فيه (٢).
قال الفراء (٣): والعرب تُثقِّلُ (٤) ما كان ثانيه أحد حروف الحلق (٥):
كـ (النَعْلِ)، و (الصَخْرِ)، و (النَهْرِ)، و (الشأْمِ) (٦)، وأنشدَ:
ويقال: (سار فلان يومًا دائِبًا): إذا اجتهد في السير يومه كله. هذا
قال الفراء (٣): والعرب تُثقِّلُ (٤) ما كان ثانيه أحد حروف الحلق (٥):
كـ (النَعْلِ)، و (الصَخْرِ)، و (النَهْرِ)، و (الشأْمِ) (٦)، وأنشدَ:
قد سار شرقِيّهُمْ حتى أتى سبأَ | وانساحَ غربِيُّهُمْ حتى هو الشأَمُ (٧) |
(١) في (ب): (داءبًا).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٨٠، "تهذيب اللغة" ٢/ ١١٢٧ (دأب).
(٣) قوله بمعناه في "معاني القرآن" له: ٢/ ٤٧. وورد بمعناه في "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣١٣، ونسبه لكتاب (المصادر) للفراء. وأورده السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ٤٠.
(٤) في (أ): (تَثَقَّلُ). ولم تضبط بالشكل في بقية النسخ، وصوبته من: "الدر المصون" ٣/ ٤٠.
(٥) حروف الحلق هي: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء. انظر: "سر صناعة الإعراب" ١/ ٤٦ - ٤٧، "الممتع في التصريف" ٢/ ٦٦٨ - ٦٦٩، "التمهيد" لابن الجزري ص ٨٣. وقد قال الفراء في "معاني القرآن" ٢/ ٤٧ عند قوله تعالى: (دأبا) آية: ٤٧ من سورة يوسف بعد ذكر القراءتين فيها، بتسكين الهمزة وفتحها: (وكذلك كل حرف فُتِح أوله، وسُكِّن ثانيه، فتثقيله جائز إذا كان ثانيه همزةً أو عينًا أو غينًا أو حاءً أو خاءً أو هاءً). وانظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٩١، "البيان" لأبي البركات الأنباري: ٢/ ٤٢.
(٦) في (ب)، (أ): (والشام) في (ج): (والسام). وقصد المؤلف هنا أن هذه الكلمات تُنطق بتسكين الحرف الثاني، أو بفتحه.
(٧) لم أهتد إلى قائله، وقد نقله السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ٤٠ عن "البسيط" للواحدي بالرواية التالية:
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٨٠، "تهذيب اللغة" ٢/ ١١٢٧ (دأب).
(٣) قوله بمعناه في "معاني القرآن" له: ٢/ ٤٧. وورد بمعناه في "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣١٣، ونسبه لكتاب (المصادر) للفراء. وأورده السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ٤٠.
(٤) في (أ): (تَثَقَّلُ). ولم تضبط بالشكل في بقية النسخ، وصوبته من: "الدر المصون" ٣/ ٤٠.
(٥) حروف الحلق هي: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء. انظر: "سر صناعة الإعراب" ١/ ٤٦ - ٤٧، "الممتع في التصريف" ٢/ ٦٦٨ - ٦٦٩، "التمهيد" لابن الجزري ص ٨٣. وقد قال الفراء في "معاني القرآن" ٢/ ٤٧ عند قوله تعالى: (دأبا) آية: ٤٧ من سورة يوسف بعد ذكر القراءتين فيها، بتسكين الهمزة وفتحها: (وكذلك كل حرف فُتِح أوله، وسُكِّن ثانيه، فتثقيله جائز إذا كان ثانيه همزةً أو عينًا أو غينًا أو حاءً أو خاءً أو هاءً). وانظر: "تفسير الطبري" ٣/ ١٩١، "البيان" لأبي البركات الأنباري: ٢/ ٤٢.
(٦) في (ب)، (أ): (والشام) في (ج): (والسام). وقصد المؤلف هنا أن هذه الكلمات تُنطق بتسكين الحرف الثاني، أو بفتحه.
(٧) لم أهتد إلى قائله، وقد نقله السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ٤٠ عن "البسيط" للواحدي بالرواية التالية: