تفسير سورة الأنعام

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة الأنعام من كتاب مجاز القرآن المعروف بـمجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة معمر بن المثنى . المتوفي سنة 209 هـ

(بسم الله الرّحمن الرّحيم)

«سورة الأنعام» (٦)
«وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ» (١) أي خلق، والنور الضوء.
«بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ» (١) : مقدم ومؤخر، مجازه يعدلون بربهم، أي:
يجعلون له عدلا، تبارك وتعالى عما يصفون.
«وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ» (٢) مقدم ومؤخر، مجازه وعنده أجل مسمّى، أي وقت مؤقّت.
«ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ» (٢) أي تشكّون.
«أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» (٥) أي أخبار.
«مِنْ قَرْنٍ» (٦) أي: من أمة [يروون أن ما بين القرنين أقلّه ثلاثون سنة]. «١»
(١) «يروون... سنة» : روى هذا الكلام عنه فى القرطين ١/ ١٥١، وانظر البحر المحيط لأبى حيان ٤/ ٦٥.
185
«مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ» (٦) أي: جعلنا لهم منازل فيها وأكالا، وتثبيتا ومكناهم مكّنتك ومكنت لك واحد، يقال: أكل وأكال وآكال واحدها أكل.
قال الأثرم: قال أبو عمرو: يقال له أكل من الملوك، إذا كان له قطايع. «١»
«وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً» (٦) مجاز السماء هاهنا مجاز المطر، يقال: ما زلنا فى سماء، أي فى مطر، وما زلنا نطأ السماء، أي أثر المطر، وأنّى أخذتكم هذه السماء؟ ومجاز «أرسلنا» : أنزلنا وأمطرنا «مِدْراراً» (٦) أي غزيرة دائمة.
(١) «أكل... قطايع» وفى اللسان: والأكل ما يجعله الملوك مأكلة.
186
[قال الشاعر:
وسقاك من نوء الثريّا مزنة... غرّاء تحلب وابلا مدرارا
أي غزيرا دائما].
«وَأَنْشَأْنا» (٦) أي ابتدأنا، ومنه قولهم: فأنشأ فلان فى ذلك أي ابتدأ فيه.
«الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» (١٢) أي غبنوا «١» أنفسهم وأهلكوها، قال الأعشى:
لا يأخذ الرشوة فى حكمه... ولا يبالى غبن الخاسر «٢»
أي: خسر الخاسر.
«فاطِرِ السَّماواتِ» (١٤) أي خالق السموات. «هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ» (٦٧/ ٣) أي: من صدوع، ويقال: انفطرت زجاجتك أي انصدعت، ويقال فطر ناب الجمل، أي انشقّ فخرج.
(١) «غبنوا... وأهلكوها» كذا فى الطبري ٧/ ٩٤.
(٢) : فى ديوانه ١٠٥ والطبري ٧/ ٩٤.
«ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ «١» إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا» (٢٣) مرفوعة إذا عملت فيها «ثُمَّ لَمْ تَكُنْ» فتجعل قولهم الخبر ل «تكن»، وقوم ينصبون «فتنتهم» لأنهم يجعلونها الخبر، ويجعلون قولهم الاسم، بمنزلة قولك ثم لم يكن قولهم إلا فتنة، لأن «إلّا أن قالوا» فى موضع «قولهم»، ومجاز فتنتهم: مجاز كفرهم وشركهم الذي كان فى أيديهم.
«أَكِنَّةً «٢» أَنْ يَفْقَهُوهُ» (٢٥) واحدها كنان، ومجازها عطاء، قال [عمر بن أبى ربيعة:
أيّنا بات ليلة... بين غصنين يوبل] «٣»
تحت عين كنانها... ظلّ برد مرحّل
أي غطاؤنا الذي يكنّنا.
(١) «فتنتهم» قرأها ابن كثير وابن عامر وحفص بالفتح والباقون بالنصب.
أنظر الداني ١٠٢.
(٢) «أكنة» : وفى البخاري: أكنة واحدها كنان وقال ابن حجر: وهو قول أبى عبيدة قال فى قوله تعالى: أكنة... واحدها... وستأتى (فتح الباري ٨/ ٢١٦). [.....]
(٣) البيتان فى الجمهرة وهما مع ثالث فى اللسان (كنن)، والبيت الأخير فى الطبري ٧/ ١٠٠.
«وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً» (٢٥) مفتوح، ومجازه: الثّقل والصمم، وإن كانوا يسمعون، ولكنهم صمّ عن الحق والخير والهدى والوقر هو الحمل إذا كسرته.
«أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» (٢٥) واحدتها أسطورة، وإسطارة لغة، ومجازها مجار الترّهات «١» [البسابس «٢» ليس له نظام، وليس بشىء].
«وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ» (٢٦) أي يتباعدون عنه، قال النّابغة:
فأبلغ عامرا عنى رسولا وزرعة إن دنوت وإن نأيت
«٣»
(١) «أساطير... الترهات» : هذا الكلام فى البخاري ببعض نقص وزيادة وقال ابن حجر: هو كلام أبى عبيدة أيضا وذكر قوله برمته فى فتح الباري ٨/ ٢١٦.
وقال الطبري (٧/ ١٠١) قال بعض أهل العلم. وهو أبو عبيدة معمر بن المثنى، بكلام العرب يقول: الإسطارة لغة الخرافات والترهات وكان الأخفش يقول: قال بعضهم:
واحدة أسطورة، وقال بعضهم: إسطارة، قال: ولا أراه إلا من الجميع الذي ليس له واحد نحو العبابيد والمذاكير والأبابيل... إلخ وقال فى اللسان (سطر) : وقال أبو عبيدة: جمع سطر على أسطر ثم جمع أسطر على أساطير وقال أبو الحسن لا واحد له.
(٢) البسابس الكذب والبسبس القفر والترهات البسابس (اللسان).
(٣) : فى ديوانه ورقة مصورة دار الكتب.
«ما فَرَّطْنا» (٣١) مجازه: ما ضيّعنا.
«أَوْزارَهُمْ» (٣١) واحدها: وزر مكسورة، ومجازها: آثامهم، [والوزر والوزر واحد، يبسط الرجل ثوبه فيجعل فيه المتاع فيقال له: أحمل وزرك، ووزرك، ووزرتك]. «١»
«تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ» (٣٥) يريد أهوية ومنه نافقاء اليربوع الجحر «٢» الذي ينفق منه فيخرج ينفق نفقا مصدر.
«أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ» (٣٥) أي مصعدا، قال ابن مقبل:
لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا تبنى له فى السموات السلاليم
«٣»
(١) «يبسط... وزرتك» : قال القرطبي: قال أبو عبيدة: ويقال للرجل إذا بسط ثوبه فجعل فيه المتاع: احمل وزرك أي ثقلك (٦/ ٤١٣) لعله مصحف أبى عبيدة.
(٢) «ناقفاء... الحجر» : انظر الطبري ٧/ ١٠٩، والقرطبي ٦/ ٤١٦، واللسان (نفق).
(٣) : فى الطبري ٨/ ١٠٩ واللسان (حجا) وشواهد المغني ٢٢٧ منسوبا إلى تميم بن أبى عقيل- أحجاء البلاد: نواحيها وأطرافها (اللسان).
«لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ» (٣٧) مجازها: هلّا نزل عليه، قال:
تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم بنى ضوطرى لولا الكمىّ المقنّعا (٦٣)
أي فهلا تعدّون الكمىّ.
«وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ» (٣٨) مجازه: إلا أجناس يعبدون الله، ويعرفونه، وملك. «١»
«ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ» (٣٨) مجازه: ما تركنا ولا ضيعنا ولا خلقنا.
«صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ» (٣٩) مثل للكفار، لأنهم لا يسمعون الحق والدين وهم قد يسمعون غيره، وبكم لا يقولونه، وهم ليسوا بخرس.
«بِالْبَأْساءِ» (٤٢) «٢» هى البأس من الخوف والشر والبؤس.
«وَالضَّرَّاءِ» (٤٢) من الضرّ.
«بَغْتَةً» (٤٤) أي فجأة، يقال: بغتني أي فاجأنى.
(١) وملك: معطوف على الأجناس.
(٢) «البأساء» : وفى البخاري: البأساء من البأس ويكون من البؤس، قال ابن حجر: هو معنى كلام أبى عبيدة، قال فى قوله تعالى... هى البأساء...
والبؤس (فتح الباري ٨/ ٢١٧).
«فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ» (٤٤) المبلس: الحزين الدائم، قال العجّاج:
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأبلسا «١»
وقال رؤبة:
وحضرت يوم خميس الأخماس وفى الوجوه صفرة وإبلاس «٢»
أي اكتئاب وكسوف وحزن.
«فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ» (٤٥) أي آخر القوم الذي يدبرهم. «٣»
«قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ» (٤٦) مجازه: إن أصم الله أسماعكم وأعمى أبصاركم، تقول العرب: قد أخذ الله سمع فلان، وأخذ بصر فلان.
«ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ» (٤٦) مجازه: يعرضون، يقال: صدف عنى بوجهه، أي أعرض. «٤»
(١) : ديوانه ١٦. - والكامل ٣٤٣، والطبري ٧/ ١١٦، والقرطبي ٦/ ٤٢٧، واللسان والتاج (بلس).
(٢) : ديوانه ٦٧- واللسان (بلس).
(٣) «القوم الذي يدبرهم» : روى الطبري (٧/ ١١٦) عن أبى زيد أنه قال:
استأصلوا دابر القوم الذي يدبرهم.
(٤) «يقال... أعرض» : هذا الكلام فى الطبري ٧/ ١١٦.
«إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً» (٤٧) مجاز بغتة: فجأة وهم لا يشعرون. «أو جهرة» أي: أو علانية وهم ينظرون.
«وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ» (٥٥) أي نميزها ونبيّنها. [قال يزيد ابن ضبّة فى البغتة:
ولكنّهم بانوا ولم أدر بغتة وأفظع شىء حين يفجؤك البغت] «١»
«قَدْ ضَلَلْتُ» (٥٦) تضلّ تقديرها: فررت تفرّ وضللت تضلّ، تقديرها:
مللت تملّ، لغتان.
«عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي» (٥٧) أي بيان، وقال:
أبيّنة تبغون بعد اعترافه وقول سويد قد كفيتكم بشرا «٢»
أي: بيانا.
(١) : يزيد بن ضبة: مولى لثقيف واسم أبيه مقسم، وضبة أمه، غلبت على نسبه لأن أباه مات وخلفه صغيرا... وهو شاعر إسلامى. انظر أخباره فى الأغانى ٦/ ١٤٦- ١٥٠ وترجم له ابن حبيب فى كتاب من نسب إلى أمه ص ٨٨... والبيت فى الكامل ٥٢٠ واللسان (بغت). [.....]
(٢) : فى الطبري ٧/ ١٢٥.
«جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ» (٦٠) أي كسبتم.
«وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ» (٦١) أي: لا يتوانون «١» ولا يتركون شيئا، ولا يخلفونه ولا يغادرون.
«رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ» (٦٢) مجازه: مولاهم ربهم.
«تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً» (٦٣) أي: تخفون فى أنفسكم.
«أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً» (٦٥) يخلطهم، وهو من الالتباس و «شيعا» : فرقا، واحدتها: شيعة.
«الذِّكْرى» (٦٨) والذّكر واحد.
«أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ» (٧٠) أي: ترتهن وتسلم، قال عوف ابن الأحوص [بن جعفر] :
وإبسالى بنىّ بغير جرم... بعوناه ولا بدم مراق «٢»
(١) لا يتوانون: روى القرطبي (٧/ ٧) تفسيره هذا عن أبى عبيدة.
(٢) : عوف... جعفر بن كلاب بن عامر بن صعصعة يكنى أبا يزيد شاعر جاهلى مترجم فى المعجم للمرزبانى ٢٧٥ والسمط ٣٧٧. - والبيت فى نوادر أبى زيد ١٥١ وكتاب المعاني الكبير ١١١٤ والطبري ٧/ ١٣٩ والقرطبي ٧/ ١٦ وشواهد الكشاف ٢٠٠ واللسان والتاج (بسل، وبعو).
194
بعوناه، أي: جنيناه، «١» [وكان حمل عن غنىّ لبنى قشير دمّ ابني السّجفيّة، فقالوا: لا نرضى بك، فرهنهم بنيه، «٢» قال النابغة الجعدىّ:
ونحن رهنّا بالافاقة عامرا... بما كان فى الدّرداء رهنا فأبسلا] «٣»
وقال الشّنفرى:
هنالك لا أرجو حياة تسرّنى... سمير الليالى مبسلا بالجرائر «٤»
أي أبد الليالى. وكذلك فى آية أخرى: «أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا» (٧٠).
«وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها» (٧٠) مجازه: إن تقسط كل قسط لا يقبل منها. لأنّما التوبة فى الحياة.
(١) «بعوناه أي جنيناه»، وفى القرطبي: بعوناه بالعين المهملة معناه جنيناه والبعو الجناية.
(٢) «وكان... بنيه». هذا الكلام فى القرطبي والصحاح واللسان والتاج (بلس).
(٣) فى القرطبي ٧/ ١٦ واللسان (بسل) ومعجم البلدان ١/ ٣٢٤.
(٤) : الشنفري: شاعر جاهلى وهو من صعاليك العرب وفتاكهم انظر الأغانى ٢١/ ٨٧ وشرح المفضليات ١٩٥ والسمط ٤١٤ والخزانة ٢/ ١٦. - والبيت فى ديوانه والطرف الأدبية ٢٥ والمفضّليات ١٩٧ والشعراء ١٩ والطبري ٧/ ١٣٩ والأغانى ٢١/ ٨٩ واللسان والتاج (بسل).
195
«وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا» (٧١) يقال: ردّ فلان على عقيبيه، «١» أي رجع ولم يظفر بما طلب ولم يصب شيئا.
«كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ» (٧٢) وهو: الحيران الذي يشبّه له الشياطين فيتبعها حتى يهوى فى الأرض فيضلّ.
«يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ» (٧٣) «٢» يقال إنها جمع صورة تنفخ فيها روحها فتحيا، بمنزلة قولهم: سور المدينة واحدتها سورة، وكذلك كل [ما] علا وارتفع، كقول النابغة:
ألم تر أنّ الله أعطاك سورة ترى كلّ ملك دونها يتذبذب (٢)
وقال العجّاج:
[فربّ ذى سرادق محجور سرت إليه فى أعالى السّور (٤)
(١) «يقال... عقبيه» : الذي ورد فى الفروق روى القرطبي (٧/ ١٧) هذا الكلام عنه.
(٢) الصور: قال فى اللسان (صور) قال أبو الهيثم: اعترض قوم فأنكروا أن يكون قرنا كما أنكروا العرش والميزان والصراط وادعوا أن الصور جمع الصورة كما أن الصوف جمع الصوفة والثوم جمع النومة ورووا ذلك عن أبى عبيدة، قال أبو الهيثم:
وهذا خطأ فاحش وتحريف لكلمات الله عز وجل عن مواضعها لأن الله عز وجل قال: «وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ» ففتح الواو، قال ولا نعلم أحد من القراء قرأها فأحسن صوركم. وكذلك قال:
ومنها: سورة المجد أعاليه] وقال جرير:
(ونفخ فى الصور) فمن قرأ ونفخ فى الصور أو قرأ فأحسن صوركم فقد افترى الكذب وبدل كتاب الله. وكان أبو عبيدة صاحب أخبار وغريب ولم يكن له معرفة بالنحو قال الأزهرى قد احتج أبو الهيثم فاحسن الاحتجاج. وهذا التفسير المردود على أبى عبيدة قد ارتضاه البخاري فى الجامع الصحيح (٥/ ١٩٥) وعزاه ابن حجر إلى أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٢١٧.
لمّا أتى خبر الزّبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشّع «١»
«مَلَكُوتَ السَّماواتِ» (٧٥) «٢» أي: ملك السموات،
(١) : ديوانه ٣٤٥ والنقائض ٩٦٩ والكتاب ١/ ١٩، ٢٥- والكامل للمبرر ٣١٢ والطبري ١/ ١٤٥ واللسان والتاج (سور) والخزانة ٢/ ١٦٦. وقال عبد القادر البغدادي: (٢) «ملكوت السموات» : وفى البخاري: ملكوت وملك رهبوت رحموت وتقول ترهب خير أن ترهب. وقال ابن حجر: كذا لأبى ذر وفيه تشويش ولغيره ملكوت ملك مثل رهبوت خير من رحموت، وتقول ترهب خير أن ترحم وهذا هو الصواب فسر معنى ملكوت بملك وأشار إلى وزنه رهبوت ورحموت، ويوضحه كلام أبى عبيدة فإنه قال فى قوله تعالى: «وَكَذلِكَ نُرِي... السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» أي ملك... من رحمة. انتهى (فتح الباري ٨/ ٢١٨) ولعل البخاري أخذه عن أبى عبيدة مع أن الشارح ابن حجر لم ينبه على أن ما عند البخاري هو كلام أبى عبيدة، لأنه اطلع على نسخة من مجاز القرآن غير التي اطلع عليها ابن حجر
خرجت مخرج قولهم فى المثل: رهبوت خير من رحموت، أي: رهبة خير من رحمة. «١»
«فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ» (٧٦) «٢» أي: غطّى عليه وأظلم عليه، ومصدره:
جنّ الليل جتونا، قال دريد بن الصّمّة:
ولولا جنون الليل أدرك ركضنا... بذي الرّمث والأرطي عياض بن ناشب «٣»
وبعضهم ينشده: ولولا جنان الليل، أي غطاؤه وسواده، وما جنّك من شىء فهو جنان لك، [وقال سلامة بن جندل:
(١) «رهبوت... رحمة» هذا المثل مع تفسيره فى الطبري ٧/ ١٤٧ واللسان والتاج (رهب) ومجمع الأمثال ١/ ١٩٤ والفرائد ١/ ٢٤٠.
(٢) «فلما... الليل» : نقل ابن حجر تفسير أبى عبيدة هذا ونصه: قال أبو عبيدة فى قوله تعالى: فلما جن عليه الليل أي غطى..... ما أي غطاء (فتح الباري ٨/ ٢١٧).
(٣) : من كلمة له فى الأصمعيات ١٢ وبعضها فى الأغانى ٩/ ٦ والخزانة ٣/ ١٦٦، وهو فى القرطبي ٧/ ٢٥ واللسان والتاج (جنن) ومعجم البلدان ٢/ ٨١٦ وقيل إنه لخفاف بن ندبة. [.....]
198
وذهب أبو عبيدة معمر بن المثنى إلى أن السور جمع سورة وهو كل ما علا وبها سمى سور المدينة وعلى هذا لا شاهد فى البيت.
ولولا جنان الليل ما آب عامر إلى جعفر سرباله لم يمزّق] «١»
قال ابن أحمر يخاطب ناقته:
جنان المسلمين أودّ مسّا وإن جاورت أسلم أو غفارا «٢»
أي: سوادهم، [يقول: دخولك فى المسلمين أودّ لك] «فَلَمَّا أَفَلَ» (٧٦) أي غاب يقال: أين أفلت عنا، أي أين غبت عنا، وهو يأفل مكسورة الفاء، والمصدر: أفل أفولا كقوله:
إذا ما الثّريّا أحسّت أفولا «٣»
أي: غيبوبة. [قال ذو الرّمّة:
مصابيح ليست باللواتي تقودها نجوم ولا بالآفلات الدّوالك] «٤»
(١) : البيت هو ٢٨ من رقم ٣ فى ديوانه وهو فى اللسان والتاج (جنن) والعيني ٣/ ٢١٠.
(٢) : فى اللسان والتاج (جنن).
(٣) : لم أجده فى مظانه.
(٤) : ديوانه ٤٢٥- والطبري ٧/ ١٥١ واللسان والتاج (ذلك).
199
«لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ» (٧٦) أي من الأشياء، ولم يقصد قصد الشمس والقمر والنجوم فيجمعها على جميع الموات.
«فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً» (٧٧) أي طالعا.
«ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ [عَلَيْكُمْ] سُلْطاناً» (٨١) أي ما لم يجعل لكم فيه حجة، ولا برهانا، ولا عذرا.
«وَاجْتَبَيْناهُمْ» (٨٧) أي اخترناهم، يقال: اجتبى فلان كذا لنفسه، أي اختار.
«فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً» (٨٩) أي فقد رزقناها قوما.
«وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» (٩١) أي ما عرفوا الله حقّ معرفته.
«تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ» (٩٣) مضموم، وهو الهوان، وإذا فتحوا أوله، فهو الرفق والدّعة.
«فُرادى» (٩٤) أي فردا فردا.
«تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ» (٩٤) [أي وصلكم] مرفوع لأن الفعل عمل فيه، كما قال مهلهل:
كأنّ رماحهم أشطان بئر بعيد بين جاليها جرور «١»
«وجاعل «٢» اللّيل سكنا والشّمس والقمر» (٩٦) منصوبتين، لأنه فرق بينهما وبين الليل المضاف إلى جاعل قوله: «سكنا»، فأعملوا فيهما الفعل الذي عمل فى قوله: «سكنا»، فنصبوهما كما أخرجوهما من الإضافة، كما قال [الفرزدق] :
قعودا لدى الأبواب طالب حاجة عوان من الحاجات أو حاجة بكرا «٣»
«وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً» (٩٦)، وهو جميع حساب، فخرج مخرج شهاب، والجميع شهبان.
«فَمُسْتَقَرٌّ «٤» وَمُسْتَوْدَعٌ» (٩٨) مستقرّ فى صلب الأب، ومستودع فى رحم الأم. «٥»
(١) : فى الكامل ٢١٢، ٣٥٤ والطبري ٧/ ١٧٠، واللسان (بين).
(٢) «وجاعل» : قرأ الكوفيون على وزن «فعل» و «الليل سكنا» بنصب اللام والباقون على وزن «فاعل» وجر اللام من الليل وانظر الداني ١٠٥.
(٣) : ديوانه ٢٢٧ والطبري ٧/ ١٧٣.
(٤) «فمستقر» : بالكسر قراءة ابن كثير وأبى عمر. وانظر الداني ١٠٥.
(٥) «فمستقر... الأم» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٢١٧.
« [قِنْوانٌ] » (٩٩). القنو «١» هو العذق، والاثنان: قنوان، النون مكسورة، والجميع قنوان على تقدير لفظ الاثنين، غير أن نون الاثنين مجرورة فى موضع الرفع والنصب والجر، ونون الجميع يدخله الرفع والجر والنصب، ولم يجد مثله غير قولهم صنو، وصنوان، والجميع صنوان.
«وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ» (٩٩)، ينعه: مصدر من ينع إذا أينع أي: من مدركه، واحده يانع والجميع ينع، بمنزلة تاجر والجميع تجر، وصاحب والجميع صحب، ويقال: قد ينع الثمر فهو يينع ينوعا، فمنه اليانع ويقال: قد ينعت الثمرة وأينعت لغتان، فالآية فيها اللغتان جميعا، قال:
فى قباب حول دسكرة... حولها الزيتون قد ينعا «٢»
(١) «القنو» : وفى البخاري: القنو العذق والاثنان قنوان والجماعة أيضا قنوان مثل صنوان وصنوان. قال الشارح ابن حجر: كذا وقع لأبى ذر تكرير صنوان الأولى مجرورة النون والثانية مرفوعة وسقت الثانية لغير أبى ذر ويوضح المراد كلام أبى عبيدة الذي هو منقول منه. قال أبو عبيدة فى قوله تعالى «وَمِنَ النَّخْلِ...
قِنْوانٌ»
. قال القنو... صنوان (فتح الباري ٨/ ٢١٨).
(٢) : فى الكامل ١١٨ والطبري ٧/ ١٨٠ والقرطبي ١٣/ ٦٧ واللسان والتاج (ينع، دسكر). قال المبرد: قال أبو عبيدة هذا الشعر مختلف فيه، فبعضهم ينسبه إلى الأحوص وبعضهم ينسبه إلى يزيد بن معاوية. وقال صاحب اللسان: قال ابن برى هو للأحوص أو يزيد بن معاوية أو عبد الرحمن بن حسان. ولسبه صاحب اللسان فى مادة «دسكر» إلى الأخطل.
«وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ» (١٠٠) افتعلوا لله بنين وبنات وجعلوها له واختلقوه من كفرهم كذبا.
«بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» (١٠١) أي مبتدع.
«عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ» (١٠٢) أي حفيظ ومحيط.
«قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ» (١٠٤) واحدتها بصيرة، ومجازها:
حجج بيّنة واضحة ظاهرة.
«دارست» (١٠٥) «١» من المدارسة، و «درست» أي امتحنت.
«فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ» (١٠٨) عدوا أي اعتداء.
(١) «دارست» : فى الداني: هى قراءة ابن كثير وأبى عمرو، قال الطبري (٧/ ١٨٧) وهو قراءة بعض قراء أهل البصرة وقرأها ابن عامر بغير ألف وفتح السين وإسكان التاء، والباقون بغير ألف وإسكان السين وفتح التاء، وانظر الداني ١٠٥.
«وَما يُشْعِرُكُمْ» (١٠٩) أي ما يدريكم.
«أَنَّها إِذا جاءَتْ» (١٠٩) ألف «إنها» مكسورة على ابتداء «إنها»، أو تخبير عنها ومن فتح ألف «أنها» فعلى إعمال «يشعركم» فيها، فهى فى موضع اسم منصوب.
«وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا» (١١١) «١» ومجاز «حشرنا»، سقنا وجمعنا «قبلا» جميع، قبيل قبيل أي: صنف صنف ومن قرأها «قبلا» فإنه يجعل مجازها عيانا، كقولهم: «من ذى قبل»، وقال آخرون «قبلا» أي مقابلة، كقولهم: «أقبل قبله، وسقاها قبلا، لم يكن أعدّ لها الماء، فاستأنفت سقيها، وبعضهم يقول: «من ذى قبل». «٢»
(١) «قبلا» : قرأ نافع وابن عامر بكسر القاف وفتح الباء، والباقون بضمها.
انظر الداني ١٠٦.
(٢) «ومجاز... قبل» : وفى البخاري: قبل كل ضرب منها قبيل. قال ابن حجر: هو كلام أبى عبيدة أيضا لكن بمعناه فى قوله تعالى «وَحَشَرْنا» الآية.
فمعنى... إلخ (فتح الباري ٨/ ٢٢٣). [.....]
«زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً» (١١٢) كل شىء حسنته وزيّتته وهو باطل فهو زخرف «١» ويقال: زخرف فلان كلامه وشهادته.
«وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ» (١١٣) من صغوت إليه أي ملت إليه وهويته وأصغيت إليه لغة، [قال ذو الرمة:
تصغى إذا شدّها بالرّحل جانحة... حتى إذا ما استوى فى غرزها تثب «٢»
«وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ» (١١٣) مجاز الاقتراف «٣» القرفة والتّهمة والادعاء. ويقال: بئسما اقترفت لنفسك، قال رؤبة:
أعيا اقتراف الكذب المقروف... تقوى التقىّ وعفّة العفيف «٤»
(١) «زخرف... فهو زخرف» كذا فى البخاري: قال ابن حجر: هو كلام أبى عبيدة وزاد: يقال... وشهادته (فتح الباري ٨/ ٢٢٣).
(٢) : ديوانه ٩- وجمهرة الأشعار ١٧٩ والموشح ١٧٤ والقرطبي ٧/ ٦٩ واللسان والتاج (صفى).
(٣) «الاقتراف... إلخ» : قال الطبري: (٧/ ٧٠) وكان بعضهم يقول: هو التهمة والادعاء، يقال للرجل أنت فرقتنى... اقترفت لنفسك.
(٤) : الشطران فى الطبري ٨/ ٦ والقرطبي ٧/ ٧٠ ولم أجدهما فى ديوان رؤبة.
يقال: أتت قرفتى، وقارفت الأمر أي واقعته.
«يَخْرُصُونَ» (١١٦) أي: يظنون ويوقعون، ويقال: يتخرص، أي يتكذب.
«أَكابِرَ مُجْرِمِيها» (١٢٣) أي العظماء.
«لِيَمْكُرُوا فِيها» (١٢٣) مصدره المكر، وهو الخديعة والحيلة بالفجور والغدر والخلاف.
[ «صَغارٌ» ] (١٢٤) الصغار: هو أشدّ الذّلّ.
الرجز و «الرِّجْسَ» (١٢٥) سواء، وهما العذاب.
«وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ» (١٣٤) أي فائتين، ويقال: أعجزنى فلان فاتنى وغلبنى «١» وسبقنى، وأعجز منى، وهما سواء.
«اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ» (١٣٥) أي على حيالكم وناحيتكم. «٢»
«ذَرَأَ» (١٣٦) بمنزلة برأ، ومعناهما خلق.
(١) «فائتين... وغلبنى» : أخذ القرطبي (٧/ ٨٨) هذا الكلام برمته.
(٢) «حيالكم وناحيتكم» كذا فى الطبري (٨/ ٢٧).
«حِجْرٌ» (١٣٨) أي حرام، قال المتلمّس:
حنّت إلى النّخلة القصوى فقلت لها حجر حرام ألا ثمّ الدّهاريس «١»
الدهاريس: الدواهي.
«جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ» (١٤١) قد عرش عنبها.
«وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ» (١٤١) من سائر الشجر الذي لا يعرش، ومن النخل.
«كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ «٢» إِذا أَثْمَرَ» (١٤١) جميع ثمرة، ومن قرأها:
«مِنْ ثَمَرِهِ» فضمّها، فإنه يجعلها ثمر.
«حَمُولَةً وَفَرْشاً» (١٤٣) أي ما حملوا عليها، والفرش: صغار الإبل لم تدرك أن يحمل عليها.
«أَوْ دَماً مَسْفُوحاً» (١٤٥) أي مهراقا مصبوبا، ومنه قولهم: سفح دمعى، أي: سال قال الشاعر:
(١) من قصيدته فى مختارات شعراء العرب ٣٣ وشعراء الجاهلية ٣٣٣ وهو فى الطبري ٨/ ٣١، ١٩/ ٢ والقرطبي ١٣/ ٢١ واللسان (دهرس).
(٢) «ثمرة». بالفتح لغة كنانة وبالضم لغة تميم. (ما ورد فى القرآن فى لغات القبائل ١/ ١٣٠).
هاج سفح دموعى... ما تحنّ ملوعى]
«قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ» (١٥٠) : هلّم فى لغة أهل العالية للواحد والاثنين والجميع من الذكر والأنثى سواء.
قال الأعشى:
وكان دعا قومه بعدها... هلمّ إلى أمركم قد صرم «١»
وأهل نجد يقولون للواحد هلّم، وللمرأة هلّمى، وللاثنين هلمّا، وللقوم:
هلمّوا، وللنساء هلمن، يجعلونها من هلممت «٢» [وأهل الحجاز لا يجعلون لها فعلا].
«وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ» (١٥١) من ذهاب ما فى أيديكم يقال: أملق فلان، أي ذهب ماله، [واحتاج، وأقفر مثلها].
«مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً» (١٦١) أي دين إبراهيم يقال من أي ملة أنت، وهم أهل ملتك.
(١) ديوانه ٥٨- والطبري ٨/ ٧٧ والقرطبي ٧/ ١٥٨ واللسان والتاج ربع).
(٢) «هلم... هلمت» : انظر تفسير الطبري ٨/ ١٥٨.
«وَنُسُكِي وَمَحْيايَ» (١٦٢) وهو مصدر نسكت، وهو تقربت بالنسائك، وهى النسيكة، وجمعها أيضا نسك متحركة بالضمة.
«خَلائِفَ الْأَرْضِ» (١٦٥) : واحدهم: خليفة فى الأرض بعد خليفة، قال الشّماخ [وهو الرجل المتكبر] :
تصيبهم وتخطئنى المنايا وأخلف فى ربوع عن ربوع «١»
الربع: الدار والجميع ربوع، والرّبع أيضا: قبيلة، قال: يقال رجل من ربعه يعنى من قبيلته.
(١) ديوانه ٥٨-، والطبري ٨/ ٧٧، القرطبي ٧/ ١٥٨، اللسان والتاج (ربع)
Icon