تفسير سورة هود

كتاب نزهة القلوب
تفسير سورة سورة هود من كتاب كتاب نزهة القلوب .
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ أي يطوون ما فيها. وقرئت تثنون صدورهم: أي تستتر وتقديره تفعوعل وهو للمبالغة. وقيل أن قوما من المشركين قالوا إذا أغلقنا أبوابنا وأرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وثنينا صدورنا على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم كيف يعلم بنا؟ فأنبأ الله عز وجل كما كتموه فقال: ﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾.
﴿ أُمَّةٍ ﴾: أي حين انظر ١٣٤ من البقرة.﴿ حَاقَ بِهِم ﴾: أي أحاط بهم، قال أبو عمر: حاق بهم: أي حق عليهم.
﴿ يَئُوسٌ ﴾ فعول من يئست: أي شديد الإياس.
﴿ نَذِيرٌ ﴾: بمعنى منذر أي محذر.
﴿ يُبْخَسُونَ ﴾ معناه: ينقصون.
﴿ أَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ ﴾: تواضعوا وخشعوا لربهم، ويقال: أخبتوا إلى ربهم: اطمأنوا إلى ربهم وسكنت قلوبهم ونفوسهم إليه. والخبت (بسكون الباء) ما اطمأن من الأرض.
﴿ أَرَاذِلُنَا ﴾ الناقصو الأقدار فينا.﴿ بَادِيَ ٱلرَّأْيِ ﴾: مهموز: أي أول الرأي، وبادي الرأي غير مهموز أي ظاهر الرأي.
﴿ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ ﴾ يقال: ازدرى به وازدراه: إذا قصر به؛ وزرى عليه إذا عاب عليه فعله.
﴿ إِجْرَامِي ﴾: مصدر أجرمت إجراما.
﴿ مَجْريٰهَا ﴾ أي إجراؤها أي إقرارها. وقرئت مجريها بالفتح: أي جريها.﴿ وَمُرْسَاهَا ﴾ أي استقرارها.
﴿ عَاصِمَ ﴾ أي مانع، من قوله ﴿ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ ﴾ أي لا مانع.
﴿ غِيضَ ٱلْمَآءُ ﴾ أي نقص، وغاض الماء نفسه، أي نقص.﴿ ٱلْجُودِيِّ ﴾: اسم جبل.
﴿ مِّدْرَاراً ﴾ أي دارة، يعني عند الحاجة إلى المطر، لا أن تدر ليلا ونهارا. ومدرارا للمبالغة.
﴿ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ ﴾: أي عرض لك بسوء، ويقال: قصدك بسوء.
﴿ ثَمُودَ ﴾: فعول من الثمد، وهو الماء القليل، ومن جعله اسم قبيلة أو أرض لم يصرفه؛ ومن جعله اسم حي أو أب صرفه، لأنه مذكر.﴿ ٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾: جعلكم عمارا لها.
﴿ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ﴾ أي كلما دعوتكم إلى هدى ازددتم تكذيبا فزادت خسارتكم.
﴿ حَنِيذٍ ﴾: أي مشوي في خد من الأرض بالرضف وهي الحجارة المحماة.
﴿ نَكِرَهُمْ ﴾ وأنكرهم وأستنكرهم: بمعنى واحد. ﴿ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ﴾ انظر ٦٧ من طه.﴿ خِيفَةً ﴾ أي خوف.
﴿ بَعْلِي ﴾: بعل المرأة: زوجها. وبعل: اسم صنم أيضا، قال الله عز وجل: أتدعون بعلا.
﴿ مَّجِيدٌ ﴾ أي شريف رفيع تزيد رفعته على كل رفعة وشرفه على كل شرف، من قولك أمجد الناقة علفا، أي أكثر وزد.
(روع): أي فزع.
﴿ أَوَّاهٌ ﴾ دعاء. ويقال: كثير التأوه أي التوجع شفقا وفرقا. انظر ١١٤ من التوبة.﴿ مُّنِيبٌ ﴾ أي راجع تائب.
﴿ سِيۤءَ بِهِمْ ﴾ أي فعل بهم السوء.﴿ عَصِيبٌ ﴾: شديد، يقال: يوم عصيب، وعصبصب، أي شديد.
﴿ يُهْرَعُونَ ﴾ أي يستحثون، ويقال: يهرعون أي يسرعون، فأوقع الفعل بهم وهو لهم في المعنى، كما قيل: أولع فلان بكذا، وزهى زيد وأرعد عمر، فجعلوا مفعولين وهم فاعلون، وذلك أن المعنى أولعه طبعه وجبله، وزها ماله أو جهله، وأرعده غضبه أو وجعه، وأهرعه خوفه ورعبه، ولهذه العلة خرج هؤلاء الأسماء مخرج المفعول بهم. ويقال: لا يكون الأهراع: لا إسراع المذعور. وقال الكسائي والفراء: لا يكون الأهراع إلا إسراعا مع رعدة.
﴿ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ أنضم إلى عشيرة منيعة، وقوله تعالى:﴿ فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ ﴾[الذاريات: ٣٩] أي بجانبه أي أعرض.
﴿ أَسْرِ بِأَهْلِكَ ﴾ سر بهم ليلا، يقال: سرى وأسرى، لغتان.
﴿ سِجِّيلٍ ﴾ وسجيل: الشديد الصلب من الحجارة والطين، عن أبي عبيدة. وقال غيره: السجيل: حجارة من طين صلب شديد. وقال ابن عباس: سجيل: آجر منضود.
﴿ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ﴾ يعني حجارة معلمة عليها أمثال الخواتيم. وانظر ٤١ من آل عمران.
﴿ بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾: أي ما أبقاه الله لكم من الحلال ولم يحرمه عليكم فيه مقنع ورضاء، فذلكم خير لكم.
﴿ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ ﴾.
أي دينك. وقيل كان شعيب عليه السلام كثير الصلاة فقالوا ذلك له انظر ٢٣٨ من البقرة.
﴿ شِقَاقِيۤ ﴾ أي عداوتي.
﴿ وَدُودٌ ﴾ أي محب أولياءه.
﴿ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ﴾ انتظروا إني معكم منتظر.
﴿ بَعِدَتْ ثَمُودُ ﴾ أي هلكت، يقال: بعد يبعد: إذا هلك، وبعد يبعد من البعد.
﴿ ٱلرِّفْدُ ﴾: أي العطاء والعون أيضا. وقوله ﴿ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ ﴾ أي بئس العطاء المعطى، ويقال: بئس العون المعان.
﴿ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ ﴾ يعني القرى التي أهلكت: منها قائم قد بقيت حيطانه ومنها حصيد قد أمحي أثره. انظر ١٥ من الأنبياء.
﴿ تَتْبِيبٍ ﴾: تخسير أي نقصان، ومعنى قوله:﴿ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ﴾[هود: ٦٣] أي كلما دعوتكم إلى هدى ازددتم تكذيبا فزادت خسارتكم.
﴿ زَفِيرٌ ﴾ أول نهيق الحمار وشبهه. والشهيق آخره، فالزفير من الصدر والشهيق من الحلق.
﴿ مَجْذُوذٍ ﴾ مقطوع، يقال: جذذت وجددت: أي قطعت.
﴿ مِرْيَةٍ ﴾: شك.
﴿ تَرْكَنُوۤاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ﴾ أي تطمئنوا إليهم وتسكنوا إلى قولهم، ومنه قوله عز وجل﴿ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ ﴾[الإسراء: ٧٤].
﴿ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ ﴾ بمعنى أوله وآخره.﴿ زُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ ﴾ أي ساعة بعد ساعة، واحدتها زلفة.
﴿ أُتْرِفُواْ ﴾: أي نعموا وبقوا في الملك. والمترف. المترك يفعل ما يشاء. وإنما قيل للمنعم مترف لأنه لا يمنع من تنعمه فهو مطلق فيه.
Icon