تفسير سورة هود

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة هود من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾ أي أن المشركين يَكْتُمُونَ ما فيها من العَدَاوَةِ لمحمد - ﷺ -.
﴿لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾ أي: لِيَخْتَبِئُوا مِنَ اللهِ بِسَيِّئِ أَعْمَالِهمْ فلا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رَسُولُهُ.
﴿لاَ جَرَمَ﴾ لا بدَّ، وَأَصْلُ الجَرَمِ: القَطْعُ؛ ولهذا قال بعضُهم: لا قطع قاطع، وَمَنْ فَسَّرَهَا بـ «حَقًّا» أو «لَا مَحَالَةَ» فَسَّرَهَا بالمعنى المرادِ.
﴿أَرَاذِلُنَا﴾ أي: فَقَرَاؤُنَا وَسِفْلَتُنَا، وأصحابُ الحِرَفِ الدنيئةِ فِينَا، واَلأَرَاذِلُ: جَمْعُ أَرْذُل، والأَرْذُل جَمْعُ رَذْلٍ، وهو الدُّونُ من كُلِّ شَيْءٍ، وإنما قالوا ذلك جهلًا منهم أيضًا؛ لأن الرفعةَ في الدين، ومتابعةَ الرسول - ﷺ - لا تكون بالشَّرَفِ والمالِ والمناصبِ العاليةِ، بل تكون للفقراءِ الخاملينَ وغيرِهم، ولا تَضُرُّهُمْ خِسَّةُ صَنَائِعِهِمْ إذا حَسُنَتْ سِيرَتُهُمْ في الدين.
﴿بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ يعني أنهم اتَّبَعُوكَ في أولِ الرأيِ من غيرِ تَثَبُّتٍ وَتَفَكُّرٍ في أَمْرِكَ، ولو تفكروا ما اتَّبَعُوكَ، وقيل: ظاهرُ الرأي، أي: اتَّبَعُوكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنُهُمْ عَلَى خِلَافِ ذلك، يقال: بَدَا يَبْدُو إِذَا ظَهَرَ.
﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا﴾ أَنُكْرِهُكُمْ عَلَى ما تَحَقَّقْنَاهُ وَشَكَكْتُمْ أَنْتُمْ فِيهِ.
﴿تَزْدَرِي﴾ تَحْتَقِرُ.
﴿فَلاَ تَبْتَئِسْ﴾ فلا تَغْتَمَّ ولا تَحْزَنْ بِهَلَاكِهِمْ، والْبُؤْسُ: الحُزْنُ.
﴿فَارَ التَّنُّورُ﴾ الفَوْرُ: الغَلَيَانُ، يقال: فَارَتِ الْقِدْرُ إذا غَلَتْ، والتَّنُّورُ اسمُ الموضعِ الَّذِي يُخْبَزُ فيه، وقيل: المرادُ: وَجْهُ الأرضِ، أي: إذا رَأَيْتَ وَجْهَ الأرضِ يَفُورُ بالماءِ فَارْكَبْ في السفينةِ، وقيل: إنه تَنُّورٌ حَقِيقِيٌّ جُعِلَ فَوَرَانُ الماءِ منه علامةً عَلَى رُكُوبِ السفينةِ، وقيل: هُوَ كنايةٌ عَنِ اشْتِدَادِ الأَمْرِ وَصُعُوبَتِهِ وَتَمْثِيلٌ لحصولِ العذابِ، وذلك مثلُ قولهم: حَمِيَ الوطيسُ إذا اشتدتِ الحربُ، يقال: فَارَتْ قِدْرُ القَوْمِ إذا اشْتَدَّ حَرْبُهُمْ.
﴿أَقْلِعِي﴾ أَمْسِكِي عَنِ المَطَرِ.
﴿غِيضَ المَاءُ﴾ نَقَصَ وَنَضَبَ، يقال: غَاضَ الماءُ إذا نَقَصَ وَذَهَبَ.
﴿اعْتَرَاكَ﴾ عَرَاكَ وَاعْتَرَاكَ بمعنًى واحدٍ، وهو أَصَابَكَ، يقال: اعْتَرَانِي كذا أي: أَصَابَنِي كما يقال: عَرَانِي نُعَاسٌ أو تَفْكِيرٌ، أي: أَصَابَنِي.
﴿تَخْسِيرٍ﴾ أي: فما تَزِيدُونَنِي بِاحْتِجَاجِكُمْ بِدِينِ آبَائِكُمْ غيرَ بَصِيرَةٍ بِخَسَارَتِكُمْ.
﴿بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ العِجْلُ: وَلَدُ البَقْرَةِ، ، وَالحَنِيذُ: المَشْوِيُّ عَلَى الحجارةِ المُحْمَاةِ في حفرةٍ مِنَ الأَرْضِ.
﴿نَكِرَهُمْ﴾ أي اسْتَنْكَرَ منهم عَدَمَ الأكلِ وَظَنَّ أنهم قد جَاءُوهُ بِشَرٍّ.
﴿فَضَحِكَتْ﴾ الضَّحِكُ مَعْرُوفٌ، ومنهم مَنْ فَسَّرَهُ بِالحَيْضِ.
﴿وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾ يُقَالُ لمن لا يُطِيقُ الأَمْرَ: «ضَاقَ بِهِ ذَرْعًا» وَأَصْلُ الذَّرْعِ بَسْطُ اليَدِ، فكأنكَ تُرِيدُ: مَدَدْتُ يَدِي إليه فَلَمْ أَنَلْهُ، وربما قالوا: ضِقْتُ بِهِ ذَرْعًا.
﴿عَصِيبٌ﴾ شَدِيدُ الشَّرِّ أو الأَذَى.
﴿يُهْرَعُونَ﴾ يُسْرِعُونَ إليه وفي نفوسهم حالةٌ تُشْبِهُ الحُمَّى، قال «الكسَائِيُّ» و «الفَرَّاءُ»: لا يكونُ الإهراعُ إلا إِسْرَاعًا مع رِعْدَةٍ، أو حُمَّى، أي: لما في نفوسهم من ثورةِ الفاحشةِ، ويكون الفعلُ بلفظِ المجهولِ كما جَاءَ: عَنَيْتُ حَاجَتَكَ.
﴿أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ كقبيلةٍ مانعةٍ لمَنَعَتْكُمْ، وهذا بِحَسَبِ الأسبابِ المحسوسةِ، وإلا فإنه يَأْوي إلى أَقْوَى الأركانِ وهو الله، الَّذِي لا يقومُ لِقُوَّتِهِ أَحَدٌ.
﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ﴾ فَسِرْ بأهلِ بيتِكَ الصالحين في بعضِ الليلِ، فَالسُّرَى: سَيْرُ اللَّيْلِ، والقِطْعُ مِنَ الليلِ بَعْضُهُ.
﴿سِجِّيلٍ﴾ طِينٌ مُتَحَجِّرٌ.
﴿مَّنضُودٍ﴾ أي: وُضِعَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ وَأُعِدَّ لِعَذَابِهِمْ، فالمنضودُ: الموضوعُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فالمعنى هنا أنها مُتَتَابِعَةٌ مُتَتَالِيَةٌ في النزولِ ليس بينهما فترةٌ.
﴿مُّسَوَّمَةً﴾ مُعَلَّمَةٌ بِعَلَامَةٍ.
﴿بَقِيَّةُ اللهِ﴾ أي: ما بَقِيَ لَكُمْ من الحَلَالِ بعد إيفاءِ الكَيْلِ والوزنِ خَيْرٌ لكم مما تأخذونَه بِالتَّطْفِيفِ.
﴿لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي﴾ لَا يَحْمِلَنَّكُمْ خِلَافِي، وَعَدَاوَتِي، وقيل: فِرَاقِي.
﴿وَلَوْلاَ رَهْطُكَ﴾ وَلَوْلَا قوةُ عَشِيرَتِكَ وَعِزُّهُمْ فِينَا لَقَتَلْنَاكَ رَجْمًا بالحجارةِ.
﴿ظِهْرِيًّا﴾ طَرَحْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، غَيْرَ عَابِئِينَ بِهِ.
﴿الرِّفْدُ المَرْفُودُ﴾ الرِّفْدُ اسْمُ الْعَطِيَّةِ، يقال: رَفَدْتُهُ أَرْفِدُهُ رفدًا أي: أَعَنْتُهُ وَأَعْطَيْتُهُ، وَرِفْدُ فِرْعَوْنَ وقومِه يومَ القيامةِ هي النارُ وَبِئْسَ هذا الرفدُ المرفودُ، أي: العطاءُ المُعْطَى لهم؛ لأنه عطاءُ الخزيِ والنكالِ وَغُصَصُ الموتِ والعذابِ.
﴿مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ﴾ بعضُها بَاقٍ، وبعضها هَالِكٌ؛ كالزرعِ المحصودِ.
﴿تَتْبِيبٍ﴾ ما زَادَتْهُمْ عبادةُ غيرِ اللهِ إلا الخسرانَ والهلاكَ، والتَّتْبِيبُ: التخسيرُ، يقال: تَبَّ إذا خَسِرَ، وَتَبَّبَهُ غيرُه إذا أَوْقَعَهُ في الخُسْرَانِ.
﴿زَفِيرٌ﴾ صوتٌ شديدٌ عند خروجِ النَّفَسِ من صُدُورِهِمْ يُشْبِهُ أولَ نهيقِ الحمارِ من شدةِ الحرّ والضيقِ والعذابِ في نارِ جَهَنَّمَ.
﴿شَهِيقٌ﴾ صَوْتُ رَدِّ النَّفَسِ إلى الصدرِ مع سُرْعَةٍ وَجَهْدٍ، وهو يشبهُ آخِرَ صوتِ الحمارِ في النهيقِ، والزفيرُ والشهيقُ مِنْ أَصْوَاتِ المَحْزُونِينَ.
﴿مَجْذُوذٍ﴾ مَقْطُوعٌ.
﴿طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ، قال «مجاهدٌ»: الطَّرَفُ الأولُ صلاةُ الصبحِ، والثاني الظهرُ والعصرُ.
﴿وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ﴾ المغربُ والعِشَاءُ، فيكون المرادُ الأمرَ بأداءِ الصلواتِ الخمسِ بأوقاتها، وَالزُّلَفُ جمع زُلْفَةٍ، وأصل الزُّلْفَةِ: المنْزِلَةُ القَرِيبَةُ.
﴿فِي هَذِهِ﴾ في هذه السورةِ، وقيل: الدُّنْيَا، وقيل: أَنْبَاءِ الرُّسُلِ.
120
سُورة يُوسُفَ
Icon