تفسير سورة التوبة

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة التوبة من كتاب مجاز القرآن المعروف بـمجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة معمر بن المثنى . المتوفي سنة 209 هـ
«سورة التّوبة» (٩)
«بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ» (١)
ثم خاطب شاهدا فقال:
«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ» (٢) مجازه: سيروا وأقبلوا وأدبروا، «١» والعرب تفعل هذا، قال عنترة:
شطّت مزار العاشقين فأصبحت... عسرا علىّ طلابك ابنة مخرم (١٧)
«وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ» (٣) مجازه: وعلم من الله وهو مصدر واسم من قولهم:
آذنتهم أي أعلمتهم، «٢» يقال أيضا: «أذين وإذن».
(١) «سيروا... وأدبروا» : وفى البخاري: فسيحوا سيروا. وقال ابن حجر هو كلام أبى عبيدة بزيادة قال فى قوله تعالى «فسيحوا الآية، قال: سيروا... أو أدبروا (فتح الباري ٨/ ٢٣٨).
(٢) «وعلم... أعلمتهم»
: روى ابن حجر هذا الكلام عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٢٣٨.
«وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ» (٤) «١» وكذلك: واقعد له على كل مرصد، والمراصد: الطرق، قال [عامر بن الطّفيل:
ولقد علمت وما إخال سواءه] أن المنيّة للفتى بالمرصد «٢»
«لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً» (٩) مجاز الإلّ: العهد والعقد واليمين، ومجاز الذمة التذمم ممن لا عهد له، والجميع ذمم «٣» «يَرْقُبُوا» أي يراقبوا.
«وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ» (١٢) أي أداموها فى مواقيتها، وأعطوا زكاة أموالهم.
«فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ» (١٢) مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير، كقولك: فهم إخوانكم.
«وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ» (١٣) مجازه: إن نقضوا أيمانهم، وهى جميع اليمين من الحلف.
(١) «مرصد» : وفى البخاري: مرصد طريق قال ابن حجر:
كذا فى بعض النسخ وسقط للاكثر وهو قول أبى عبيدة، قال فى قوله تعالى الطرق (فتح الباري ٨/ ٢٧٥).
(٢) لم أجد هذا البيت فى ديوان عامر بن الطفيل ولكنه فى القرطبي ٨/ ٧٣.
(٣) «الإل... ذمم» : قال الطبري (١٠/ ٥٣) : وقد زعم بعض من نسب إلى معرفة كلام العرب من البصريين (يريد أبا عبيدة) أن الإل والعهد والميثاق واليمين واحد والذمة فى هذا الموضع التذمم ممن لا عهد له والجميع ذمم.
«وَلِيجَةً» (١٧) كل شىء أدخلته فى شىء ليس منه فهو وليجة، والرجل يكون فى القوم وليس منهم فهو وليجة فيهم، ومجازه يقول: فلا تتخذوا وليّا ليس من المسلمين دون الله ورسوله، ومنه قول طرفة بن العبد:
فإن القوا فى يتّلجن موالجا تضايق عنها أن تولجّه الإبر «١» «٢»
ويقال للكناس الذي يلج فيه الوحش من الشجر دولج وتولج، وقال:
متخذا منها إيادا دولجا «٣»
«وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ» (١٩) عسى هاهنا واجبة من الله.
«أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ» (٢٦) مجازه مجاز فعيلة من السكون، قال [أبو عريف الكليبىّ] :
(١) «وليجة... الإبر» : روى صاحب اللسان (ولج) هذا الكلام عن أبى عبيدة باختلاف يسير وروى القرطبي (٨/ ٨٨).
(٢) فى ملحق ديوانه من الستة وفى اللسان (ولج) والعيني ٤/ ٥٨١.
(٣) هذا الشطر فى ديوان جرير (نشر الصاوى) ٩٢.
لله قبر غالها ماذا يجنّ لقد أجنّ سكينة ووقارا «١»
«إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ» (٢٩) متحرك الحروف بالفتحة، ومجازه:
قذر، وكل نتن وطفس نجس.
«وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً» (٢٩) وهى مصدر عال فلان أي افتقر فهو يعيل، وقال:
وما يدرى الفقير متى غناه وما يدرى الغنى متى يعيل «٢»
«وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ» (٣٠) مجازه: لا يطيعون الله طاعة الحق، وكل من أطاع مليكا فقد دان له، ومن كان فى طاعة سلطان فهو فى دينه، قال زهير:
لئن حللت بجوّ فى بنى أسد فى دين عمرو وحالت بيننا فدك «٣»
(١) : فى اللسان (سكن).
(٢) البيت فى جمهرة الأشعار ٩ واللسان والتاج (عول)، نسبوه إلى أحيحة ابى الجلاح وهو فى الطبري ١٠/ ٦١ غير معزو.
(٣) : ديوانه ١٨٣- وفى جمهرة الأشعار ٥ والطبري ١٠/ ٦٨ والجمهرة ٢/ ٣٦ واللسان (فدك).
وقال طرفة بن العبد:
لعمرك ما كانت حمولة معبد على جدّها حربا لدينك من مضر «١»
أي لطاعتك، [جدّها مياهها].
«حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ» (٣٠) كل من انطاع لقاهر بشىء أعطاه من غير طيب نفس به وقهر له من يد فى يد فقد أعطاه عن يد ومجاز الصاغر الذليل الحقير، يقال: طعت له وهو يطاع له، وانطعت له، وأطعته، ولم يحفظ طعت له.
«يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ» (٣١) ومجاز المضاهات مجاز التشبيه. «٢»
«قاتَلَهُمُ اللَّهُ» (٣٠) «٣» قتلهم الله، وقلّما يوجد فاعل إلّا أن يكون العمل من إثنين، وقد جاء هذا ونظيره ونظره: عافاك الله، والمعنى أعفاك الله، وهو من الله وحده.
(١) : البيت فى ديوانه طبع قازان ١٩٠٩ ص ٣.
(٢) «التشبيه» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٢٣٧.
(٣) «قاتلهم الله» : قال الطبري (١٠/ ٧٠) فى تفسير هذه الآية: فأما أهل المعرفة بكلام العرب فانهم يقولون: معناه قتلهم الله إلخ. [.....]
والنظر والنظير سواء مثل ندّ ونديد، وقال:
ألا هل أتى نظرى مليكة أنّنى «١»
«أَنَّى يُؤْفَكُونَ» (٣٠) كيف يحدّثون، وقال [كعب بن زهير] :
أنّى ألم بك الخيال يطيف [ومطافه لك ذكرة وشعوف] (٢٦٧)
ويقال: رجل مأفوك أي لا يصيب خيرا، وأرض مأفوكة أي لم يصبها مطر وليس بها نبات.
«وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها» (٣٤) صار الخبر عن أحدهما، ولم يقل «ولا ينفقونهما» والعرب تفعل ذلك، إذا أشركوا بين اثنين قصروا فخبّروا عن أحدهما استغناء بذلك وتخفيفا، لمعرفة السامع بأن الآخر قد شاركه ودخل معه فى ذلك الخبر، قال:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإنّى وقيّار بها لغريب (٢٠٧)
وقال:
(١) : هذا صدر بيت عجزه:
أنا الليث معديا عليه وعاديا
أنشده صاحب اللسان (نظر). وقال: وحكى أبو عبيدة النظر والنظير مثل الند والنديد. وأنشد لعبد يغوث بن وقاص الحارثي. والبيت من قصيدة تمامها فى المفضليات ٣١٥ والأغانى ١٦/ ٧٢ والخزانة ١/ ٣١٩ باختلاف فى رواية صدر البيت.
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأى مختلف (٤٨)
وقال حسّان بن ثابت:
إن شرخ الشّباب والشّعر الأسود ما لم يعاص كان جنونا «١» ولم يقل يعاصيا [وقال جرير:
ما كان حينك والشقّاء لينتهى حتى أزورك فى مغار محصد «٢»
لم يقل لينتهيا].
«الدِّينُ الْقَيِّمُ» (٣٦) مجازه: القائم أي المستقيم، خرج مخرج سيّد، وهو من ساد يسود «٣» بمنزلة قام يقوم.
«وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً» (٣٦) أي عامة، يقال: جاءونى كافة، أي جميعا.
«إِنَّمَا النَّسِيءُ «٤» زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ» (٣٧) كانت النسأة فى الجاهلية، وهم بنو نقيم من كنانة اجتبروا لدينهم ولشدتهم فى دينهم فى الجاهلية، إذا اجتمعت العرب
(١) : ديوانه ٤١٣- والكامل ٤٩٧ والطبري ١٠/ ٧٦ والجمهرة ٢/ ٢٠٧ والقرطبي ٨/ ١٢٨ واللسان (شرخ).
(٢) : لم أحد البيت فى مظانه.
(٣) «القائم... يسود» : هذا الكلام عند القرطبي ٨/ ١٣٤.
(٤) «النسيء» : ذكر ابن هشام أمر النسيء فى السيرة ١/ ٤١.
258
فى ذى الحجة للموسم وأرادوا ان يؤخروا ذا الحجة فى قابل لحاجة أو لحرب، نادى مناد: إنّ المحرّم فى صفر «١» وكانوا يسمّون المحرّم وصفر الصفرين، والمحرم صفر الأكبر، وصفر المحرم الأصغر فيحلون المحرم ويحرّمون صفر، فلا يفعلون ذلك كل عام، حتى إذا حجّ النبي صل الله عليه وسلم فى ذى الحجة الذي يكون فيه الحج قال: «إن الزمان قد استدار وعاد كهيئته، فاحفظوا العدد». «٢» فبنصرف الناس بذلك إلى منازلهم.
«لِيُواطِؤُا» (٣٧) مجازه: ليوافقوا [من وطئت، قال ابن مقبل:
(١) «صفر» : وكان أبو عبيدة لا يصرفه (اللسان).
(٢) هذا الحديث مذكور فى حجة الوداع (السيرة ٢/ ٢٥٠) على خلاف فى الرواية، وهو كذلك فى البخاري فى بدء الخلق وتفسير سورة التوبة وباب الأضاحى والتوحيد، وفى مسلم فى القسامة.
259
ومنهل دعس آثار المطىّ به يأتى المخارم عرنينا فعرنينا «١»
واطأته بالسّرى حتى تركت به ليل التّمام ترى أعلامه جونا]
«إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ» (٣٨)، انفروا: اخرجوا واغزوا، ومجاز: «اثَّاقَلْتُمْ» : مجاز افتعلتم من التثاقل فأدغمت التاء فى الثاء فثقلت وشددت «إِلَى الْأَرْضِ» أي أخلدتم إليها فاقمتم وابطأتم.
«إِنَّ اللَّهَ مَعَنا» (٤٠) أي ناصرنا وحافظنا.
«الشُّقَّةُ» (٤٢) «٢» السفر البعيد، يقال: إنك لبعيد الشّقّة، قال الأخوص «٣» الرّياحى وحمل أبوه حمالة فظلع فقدما البصرة فبادر أباه فقال: إنّا من تعرفون
(١) : فى جمهرة الأشعار ١٦١ والأول فقط فى اللسان (دعس) باختلاف- الدعس: الأثر، وقيل هو الأثر الحديث البين (اللسان).
(٢) «الشقة السفر» : كذا فى البخاري قال ابن حجر فى فتح الباري (٨/ ٢٣٥) هو كلام أبى عبيدة وزاد البعيد.
(٣) «الأخوص» : بالخاء المعجمة: يقال: رجل أخوص بين الخوص أي غار العينين، وقد خوص بالكسر، وأما الأحوص بالحاء المهملة فليس هذا وكثيرا ما يصحف به، والحوص ضيق فى مؤخر العين (الخزانة ٢/ ١٤٠) قال الآمدى فى المؤتلف والمختلف (٤٩) الأخوص بالخاء المعجمة، اسمه زيد بن عمرو بن قيس من بنى رياح بن يربوع بن حنظلة، شاعر إسلامى فارس والأبيرد (فى ص ٢٦١) : هو الأبيرد بن المعذر بن عمرو بن قيس، من بنى رياح ابن يربوع، وقيل. اسمه قرة بن نعيم إلخ. وقد مرت ترجمته. أما رواية أبى عبيدة هذه فلم أقف عليها ولا على الخبر. وفى الأغانى (١٢/ ١٤) فى أخبار الأبيرد رواية تدل على أنهما ابنا عم ونصها: أخبرنى محمد بن العباس اليزيدي، قال عمى:
قال أتى رجل للابيرد الرياحي وابن عمه الأحوص (وورد بالمهملة مصحفا فى المطبوع) وهما من رهط ردف الملك من بنى رياح يطلب منهما قطرانا لإبله إلخ.
وأبناء السبيل وجئنا من شقّة ونسأل فى حق وتنطوننا «١» ويجزيكم الله. فقام أبوه ليخطب فقال: يا إياك، إنى قد كفيتك، وليس بنداء إنما هى ياء التنبيه. إيّاك كفّ، كقولك: إياك وذاك، فقال معاوية للأخوص: وكيف غلبت الأبيرد وهو أسنّ منك؟ قال: إن قوافى علائق «٢» وأنبازى قلائد، فقال معاوية: قاتلك الله جنّى برونكت بالقضيب فى صدره.
«إِلَّا خَبالًا» (٤٧) الخبال: الفساد. «٣»
قوله عز وجل: «وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ» (٤٧) أي لأسرعوا خلالكم أي بينكم، وأصله من التخلل.
«وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ» (٤٧) أي مطيعون لهم سامعون.
«ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي» (٤٩) «٤» مجازه: ولا تؤثمنى.
«أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا» (٤٩) أي ألا فى الإثم وقعوا وصاروا.
(١) الإنطاء: الإعطاء بلغة أهل اليمن (اللسان).
(٢) علائق: جمع علاقة وهى التي تتعلق وتتصل، أنباز جمع نبز بالتحريك أي اللقب (اللسان) والقلائد: لعلها من قلائد الشعر أي البواقي على الدهور (التاج).
(٣) «الخبال الفساد» : كذا فى البخاري ورواه ابن حجر عن أبى عبيدة (فتح الباري ٨/ ٢٣٥).
(٤) «ولا تفتنى» : وفى البخاري: ولا تفتنى وتوبخنى. قال ابن حجر (٨/ ٢٣٥) :
كذا للاكثر وهى الثابتة فى كلام أبى عبيدة الذي يكثر المصنف النقل عنه. [.....]
«إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا» (٥١) إلا ما قضى الله لنا وعلينا.
«هُوَ مَوْلانا» (٥١) أي ربّنا.
«أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ» (٥٢) أي أن يميتكم.
«أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً» (٥٣) مفتوح ومضموم سواء.
«كُسالى» (٥٤) وكسالى مضمومة ومفتوحة وهى جميع كسلان، وإن شئت كسل.
«وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ» (٥٥) أي تخرج وتموت وتهلك، ويقال: زهق ما عندك، أي ذهب كله.
«مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ» (٥٧) أي ما يلجئون إليه أو ما يغورون فيه فيدخلون فيه ويتغيبون فيه.
«يَجْمَحُونَ» (٥٧) يجمح أي يطمح يريد أن يسرع. «١»
«وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ» (٥٧) أي يعيبون، قال زياد الأعجم:
(١) «يلجئون... يسرع» : روى ابن حجر هذا الكلام عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٢٣٥- ٢٣٦.
إذا لقيتك تبدى لى مكاشرة وإن أغيب فأنت العائب اللّمزة «١»
«أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ» (٦٣) أي من يحارب الله ويشاقق الله ورسوله.
«وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ» (٦٧) أي يمسكون أيديهم عن الصدقة والخير، يقال: قبض فلان عنا يده أي منعنا.
«فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ» (٦٩) أي بنصيبهم ودينهم ودنياهم.
«وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ» (٢/ ٢٠٠) أي من نصيب يعود إليه.
«وَالْمُؤْتَفِكاتِ» (٧٠) قوم لوط ائتفكت بهم الأرض أي انقلبت بهم.
«فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ» (٧٢) أي خلد، يقال عدن فلان بأرض كذا وكذا أي أقام بها وخلد بها، ومنه المعدن، و [يقال] هو فى معدن صدق، أي فى أصل ثابت، «٢»
(١) :«زيادة الأعجم» : هو زياد بن سليمان الأعجم ويكنى أبا امامة له ترجمة فى المؤتلف ١٣١ والأغانى ١٤/ ٩٨. - والبيت فى الطبري ١٠/ ٩٥ والسجاوندى ١/ ٢٠١ وشواهد الكشاف ١٥٢.
(٢) (من ص ٢٦٤) «أي خلد... ثابت» : أخذ الطبري هذا الكلام برمته (١٠/ ١٠٩) ورواه ابن حجر عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٢٣٦ وهو فى البخاري بمعناه.
وقال الأعشى:
وإن يستضيفوا إلى حلمه يضافوا إلى راجح قد عدن «١»
أي رزين لا يستخفّ
«إِلَّا جُهْدَهُمْ» (٧٩) «٢» مضموم ومفتوح سواء، ومجازه: طاقتهم، ويقال:
جهد المقل وجهده.
«خِلافَ «٣» رَسُولِ اللَّهِ» (٨١) أي بعده، قال [الحارث بن خالد]
عقب الربيع خلافهم فكأنما بسط الشواطب بينهن حصيرا «٤»
[الشواطب اللاتي يشطبن سحاء الجريد ثم يصبغنه ويرملن الحصر].
(١) : ديوانه ١٧- والطبري ١٠/ ١١٥ وفتح الباري ١١/ ٣٦١.
(٢) «جهدهم... المقل» : روى ابن حجر هذا الكلام عن أبى عبيدة وقال الفراء الجهد بالضم لغة الحجاز ولغة غيرهم الفتح وهذا هو المعتمد عند أهل العلم باللسان (فتح الباري ٨/ ٢٤٩).
(٣) «أي خلفه» : الذي ورد فى الفروق رواه السجاوندى (١/ ٢٠٣ ب- كوبريلى) على أنه تفسير أبى عبيدة.
(٤) : فى الطبري ١٠/ ١٢٧ واللسان والتاج (خلف).
«مَعَ الْخالِفِينَ» (٨٣) الخالف الذي خلف بعد شاخص فقعد فى رحله، وهو من تخلفّ عن القوم.
ومنه أللهم اخلفني فى ولدي، «١» [ويقال فلان خالفة أهل بيته أي مخالفهم إذا كان لا خير فيه]
«أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ» (٨٦) أي ذوو الغنى والسّعة.
«رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ» (٨٧) يجوز أن يكون الخوالف هاهنا النساء، ولا يكادون يجمعون الرجال على تقدير فواعل، غير أنهم قد قالوا:
فارس، والجميع فوارس، وهالك فى قوم هوالك، «٢» قال ابن جذل الطّعان يرثى ربيعة.
(١) «مع الخالفين... ولدي» : روى ابن حجر عنه فى فتح الباري ٨/ ٢٣٦.
(٢) «يجوز... هوالك» : هذا الكلام فى البخاري بنقص وزيادة، وأشار إليه ابن حجر، ونقل كله وقال: وقد استدرك عليه ابن مالك شاهق وشواهق وناكس ونواكس وداجن ودواجن وهذه الثلاثة مع الإثنين جمع فاعل وهو شاذ والمشهور فى فواعل جمع فاعلة فإن كان فى صفة الرجال فالهاء للمبالغة يقال رجل خالفة لا خير فيه والأصل فى جمعه بالنون واستدرك بعض الشراح على الخمسة المتقدمة: كاهل وكواهل وجائح وجوائح غارب وغوارب وغاش وغواوش ولا يرد شىء منها لأن الأولين ليسا من صفة الآدميين والآخران جمع غارب وغاشية والهاء للمبالغة إن وصف بها المذكر وقد قال المبرد فى الكامل فى قول الفرزدق:
وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم خضع الرقاب نواكس الأذقان.
احتاج الفرزدق لضرورة الشعر فاجرى نواكس على أصله ولا يكون مثل هذا أبدا إلا فى ضرورة ولا تجمع النحاة ما كان من فاعل نعتا على فواعل لئلا يلتبس بالمؤنث ولم يأت ذا إلا فى حرفين: فارس وفوارس وهالك وهوالك أما الأول فإنه لا يستعمل فى الفرد فأمن فيه اللبس وأما الثاني فلأنه جرى مجرى المثل يقولون: هالك فى الهوالك فاجروه على أصله لكثرة الاستعمال (فتح الباري ٨/ ٢٣٦).
265
ابن مكدّم:
فأيقنت أنّى ثائر ابن مكدّم غداة إذ أو هالك فى الهوالك «١»
«وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ» (٨٧) أي ختم، ومنه قولهم: ضع عليه طابعا، أي خاتما.
(١) :«ابن جذل» : هو علقمة بن فراس بن غنم بن ثعلب بن مالك بن كنانة، أنظر التاج (جذل) وقد ذكر فى الكامل ٢٩٨ وأما ربيعة بن مكدم: فهو أحد فرسان مضر المعدودين وشجعانهم المشهورين قتله نبيشة بن حبيب السلمى نسبه وأخبار مقتله فى الأغانى ١٤/ ١٢٥. - والبيت فى اللسان والتاج (هلك) والعيني ٥/ ٥٥٧ وابن يعيش ١/ ٦٨٦.
266
«وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ» (٨٨) وهى جميع خيرة، ومعناها الفاضلة فى كل شىء، «١» قال رجل من بنى عدى جاهلىّ عدى تميم:
ولقد طعنت مجامع الرّبلات ربلات هند خيرة الملكات «٢»
«وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ» (٩٠) أي من معذّر وليس بجادّ إنما يظهر غير ما فى نفسه ويعرض ما لا يفعله.
«تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ» (٩٢) والعرب إذا بدأت بالأسماء قبل الفعل جعلت أفعالها على العدد فهذا المستعمل، وقد يجوز أن يكون الفعل على لفظ الواحد كأنه مقدم ومؤخر، كقولك: وتفيض أعينهم، كما قال [الأعشى] :
فإن تعهدينى ولى لمّة فإن الحوادث أودى بها «٣»
(١) «خيرة... شىء» : أخذ الطبري (١٠/ ١٣٣) وصاحب اللسان (خير) هذا الكلام، وهو فى البخاري بمعناه ورواه ابن حجر بلفظه عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٢٣٦.
(٢) : فى الطبري ١٠/ ١٣٣ واللسان والتاج (خير). وقال فى اللسان: وأنشد أبو عبيدة لرجل من بنى عدى تيم تميم جاهلى.
(٣) : ديوانه ١٢٠- والكتاب ١/ ٢٠٥ والطبري ١٠/ ١٤٨ والشنتمرى ١/ ٢٣٩ واللسان (ورى) وابن يعيش ١/ ٦٩٠ والعيني ٢/ ٤٦٦، ٤/ ٣٢٨ والخزانة ٤/ ٥٧٨.
ووجه الكلام أن يقول: أو دين بها، فلما توسع للقافية جاز على النّكس، كأنه قال: فإنه أودى الحوادث بها.
«مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ» (١٠١) أي عتوا ومرّنوا عليه «١» وهو من قولهم: تمرّد فلان، ومنه «شَيْطانٍ مَرِيدٍ» (٢٢/ ٣).
«إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ» (١٠٣) أي إن دعاءك تثبيت وسكون ورجاء، قال الأعشى:
تقول بنتي وقد قرّبت مرتحلا يا ربّ جنّب أبى الأوصاب والوجعا (٧٨)
عليك مثل الذي صليت فاغتمضى نوما فإن لجنب المرء مضطجعا
رفعته كرفع قولك: إذا قال السلام عليكم، قلت أنت: وعليك السلام وبعضهم ينصبه على الإغراء والأمر: أن تلزم هذا الذي دعت به فتردده وتدعو به.
«يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ» (١٠٤) أي من عبيده، كقولك أخذته منك وأخذته عنك
(١) «ومرنوا عليه» : كذا فى الطبري ١١/ ٧. [.....]
«وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ» (١٠٦) أي مؤخرون، يقال: أرجأتك، أي أخرتك.
«عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ» (١٠٩) «١» مجاز شفا جرف شفير، والجرف ما لم يبن من الرّكايا لها جول، قال:
جرف هيام جوله يتهدّم «٢»
و «هار» مجاره هائر، والعرب تنزع هذه الياء من فاعل، «٣» قال العجّاج:
لاث به الأشاء والعبرى «٤»
أي لائث. [ويقال: كيد خاب أي خائب، لات: بعضه فوق بعض كما تلوث العمامة] ومجاز الآية: مجاز التمثيل لأن ما بنوه على التقوى أثبت أساسا من البناء الذي بنوه على الكفر والنفاق فهو على شفا جرف، وهو ما يجرف من سيول الأودية فلا يثبت البناء عليه.
(١) «شفا جرف» : وفى البخاري والجرف ما تجرف من السيول والأودية وروى ابن حجر تفسير أبى عبيدة لهذه الكلمة وزاد: (فتح الباري ٨/ ٢٣٧).
(٢) : لم أجده فى مظانه.
(٣) «هار... فاعل» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٧/ ١٣٧.
(٤) فى اللسان (عبر، لثى) والتاج (عبر) والقرطبي ٨/ ٢٣٧. والأشاء:
صغار النخل والعبرى من السدر: ما نبت عبر النهر.
«إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ» (١١٠) إلا هاهنا غاية.
«إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ»
حَلِيمٌ» (١١٤) مجازه مجاز فعّال من التأوه، ومعناه متضرع شفقا وفرقا ولزوما لطاعة ربه، وقال [المثقّب العبدىّ] :
إذا ما قمت أرحلها بليل تأوّه آهة الرجل الحزين «٢»
«تزيغ قلوب فريق منهم» (١١٧) أي تعدل وتجور وتحيد، فريق: بعض.
«رَؤُفٌ» (١١٧) فعول من الرأفة «٣» وهى أرق الرحمة، قال كعب بن مالك الأنصاري:
نطيع نبيّنا ونطيع ربّا هو الرحمن كان بنا رءوفا «٤»
(١) «لاواه» : أخذ البخاري تفسير أبى عبيدة لهذه الكلمة مع البيت المستشهد به وأشار إليه ابن حجر ورواه مع البيت فى فتح الباري ٨/ ٢٣٧.
(٢) : البيت فى ديوانه المخطوط ٤٤ من رقم ٥- والمفضليات ٥٨٦ والطبري ١١/ ٣٣ والسمط ٥٦ والقرطبي ٨/ ٢٧٦ واللسان (أوه) والعيني ١/ ١٩٢.
(٣) «الرأفة» : كذا فى البخاري قال ابن حجر: وهو كلام أبى عبيدة وروى تمام الكلام فى فتح الباري ٨/ ٢٥٩.
(٤) : كعب بن مالك: ابن أبى كعب شاعر من أصحاب رسول الله ﷺ المعدودين وهو بدري عقبى هكذا ورد فى الأغانى ١٥/ ٢٦. وقد اختلف فى شهوده بدرا أنظر الاستيعاب ١/ ٢١٦ وانظر الحديث فى ما ورد فى تخلفه عن غزوة بدر فى البخاري فى الجهاد والمغازي وفى مسلم فى باب التوبة. والبيت فى اللسان والتاج (رأف) والخزانة ٢/ ١٦٨.
وقال:
ترى للمسلمين عليك حقا كفعل الوالد الرؤوف الرحيم «١»
«رَحُبَتْ» (١١٨) أي اتسعت، والرحيب الواسع.
[ «مَخْمَصَةٌ» ] (١٢٠)، المخمصة: المجاعة.
«فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ» (١٢٢) مجازه: فهلّا، وقد فرغنا منها فى غير موضع.
«يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ» (١٢٦) وهو من الفتنة فى الدين والكفر.
(١) : هذا البيت لجرير فى ديوانه (نشر الصاوى) ٥٠٨- واللسان والتاج (رأف) والخزانة ٢/ ١٦٨.
Icon