تفسير سورة البلد

تفسير ابن أبي زمنين
تفسير سورة سورة البلد من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين .
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة لا أقسم بهذا البلد وهي مكية كلها.

قَوْله: ﴿لَا أقسم﴾ أَي: أقسم ﴿بِهَذَا الْبَلَد﴾ يَعْنِي: مَكَّة
﴿وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد﴾ وَهَذَا حِينَ أُحِلَّتْ لَهُ مَكَّةُ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَوْمَ الْفَتْحِ.
تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ: يَقُولُ: لَا تُؤَاخَذُ بِمَا فَعَلْتَ فِيهِ، وَلَيْسَ عَلَيْك فِيهِ مَا على الماس
﴿ووالد﴾ يَعْنِي: آدم ﴿وَمَا ولد﴾ وَهَذَا كُله قسم.
﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: يُكَابِدُ عَمَلَ الدُّنْيَا، وَإِذَا كَانَ مُؤْمِنًا كَابَدَ أَيْضًا عمل الْآخِرَة.
﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أحد﴾ يَعْنِي: أَلَّا يَقْدِرَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْمُشْرِكُ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَبْعَثهُ الله بِعْ الْمَوْت
﴿يَقُول أهلكت مَالا لبدا﴾ كَثِيرًا، أَيْ:
133
أَكَلْتُ وَأْتَلَفْتُ، فَمَنْ ذَا الَّذِي يُحَاسِبُنِي؟! فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ.
قَالَ مُحَمَّد: (لبدا) هُوَ مِنَ التَّلْبِيدِ، كَأَنَّ بَعْضَهُ على بعض.
134
﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ﴾ أَيْ: لَمْ يَرَهُ اللَّهُ حِينَ أَهْلَكَ ذَلِكَ الْمَالَ، أَيْ: بَلَى قد رَآهُ الله.
﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وشفتين﴾ فَالَّذِي جَعَلَ ذَلِكَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَبْعَثهُ فيحاسبه
﴿ ولسانا وشفتين( ٩ ) ﴾ فالذي جعل ذلك قادر على أن يبعثه فيحاسبه.
﴿وهديناه النجدين﴾ أَيْ: بَصَّرْنَاهُ السَّبِيلَيْنِ: سَبِيلَ الْهُدَى، وسبيل الضَّلَالَة
﴿فَلَا اقتحم الْعقبَة﴾ أَيْ: لَمْ يَقْتَحِمِ الْعَقَبَةَ، وَهَذَا خَبَرٌ، أَيْ: أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْعَرَبُ تَقُولُ: لَا فعل بِمَعْنى لم يفعل.
قَالَ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ﴾ يَقُوله (ل ٣٩٤) للنَّبِي [صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسلم] أَيْ: أَنَّكَ لَمْ تَكُنْ تَدْرِي حَتَّى أعلمتك مَا الْعقبَة
﴿فك رَقَبَة﴾ أَيْ: عِتْقُ رَقَبَةٍ مِنَ الرِّقِّ
﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مسغبة﴾ مجاعَة
﴿يَتِيما ذَا مقربة﴾ قرَابَة
﴿أَو مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة﴾ يَعْنِي: اللَّاصِقَ بِالتُّرَابِ مِنَ الْحَاجَةِ، فِي تَفْسِير الحَسَن. قَالَ مُحَمَّد: من قَرَأَ ﴿فك رَقَبَة﴾ فَالْمَعْنَى: اقْتِحَامُ الْعَقَبَةِ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ يَحْيَى. وَقَالُوا: تَرَبَ الرَّجُلُ تَرْبًا بِإِسْكَانِ الرَّاءِ إِذَا لَصِقَ بِالتُّرَابِ وَتَرَبَ تَرَبًا بِفَتْحِ الرَّاءِ إِذَا افْتَقَرَ وَأَتْرَبَ إِتْرَابًا إِذَا اسْتَغْنَى. قَالَ الْحَسَنُ: وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنَّ قَوْمًا يَفْعَلُونَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَ لَا يُرِيدُونَ
134
الله بِهِ لَيْسُوا بمؤمنين،
135
فَاشْترط فَقَالَ: ﴿ثمَّ كَانَ﴾ (الَّذِي فَعَلَ) هَذَا ﴿مِنَ الَّذِينَ آمنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ﴾ عَلَى مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَعَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾ بِالتَّرَاحُمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: (ثمَّ) هَاهُنَا فِي معنى الْوَاو.
﴿أُولَئِكَ أَصْحَاب الميمنة﴾ يَعْنِي: الميامين عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ.
يَحْيَى: عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: " مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَهِيَ فِكَاكُهُ مِنَ النَّارِ ".
يَحْيَى: عَنِ الْجَارُودِ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم]: " أَيُّمَا مُسْلِمٍ أَطْعَمَ مُسْلِمًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ من ثمار الْجنَّة ".
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ المشئمة﴾ أَصْحَابُ الشُّؤْمِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَهُمْ أَهْلُ النَّارِ ﴿عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ﴾
136
تَفْسِيرُ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَهِيَ مَكِّيَّةٌ كلهَا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تَفْسِير سُورَة الشَّمْس من آيَة ١ - ١٥
137
Icon