" بسم الله " اسم من لم تتعطر القلوب إلا بنسيم إقباله، ولم تتقطر الدموع إلا للوعة فراقه أو روح وصاله ؛ فدموعهم في كلتا الحالتين منسكبة، وقلوبهم في عموم أحوالهم ملتهبة، وعقولهم في غالب أوقاتهم منتهبة.
ﰡ
تَقَدَّسَ وتعالَى، مَنْ إحسانُه تَواتَرَ وتَوالَى، فهو المتكبِّرُ في جلالِ كبريائه، المتجرِّد في علاءِ بهائه ودوامِ سنائه.
﴿ بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾ : بقدرته إظهارُ ما يريد، ﴿ وَهَوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ﴾.
﴿ مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ؟ ﴾ : لا ترى فيما خَلَقَ تفاوتاً ينافي آثارَ الحكمة ولا يدل على كمال القدرة.
ويقال : ما ترى فيها تفاوتاً، في استغنائه عن الجميع. . . ما ترى فيها تفاوتاً في الخَلْقِ ؛ فَخْلقُ الكثير واليسير عنده سيَّان، فلا يَسْهُلُ عنده القليلُ ولا يَشُقُّ عليه الكثير ؛ لأنه مُتَنَزَّهٌ عن السهولة عليه ولحوقِ المشقة به.
فأنْعِمْ النظرَ، وكَرِّر السِّبْرَ والفِكْرَ. . . فلن تجد فيها عيباً ولا في عِزِّه قصوراً.
زَيَّنَ السماءَ بالكواكب والنجوم، وزَيَّنَ قلوبَ أوليائه بأنواعٍ من الأنوار والنجوم ؛ فالمؤمنون قلوبُهم مُزَيَّنةٌ بالتصديق والإيمان ثم بالتحقيق بتأَمُّل بالبرهان، ثم بالتوفيق لطلب البيان. والعارفون قلوبهم مُزَيَّنةٌ بشمسِ التوحيد، وأرواحُهم مُزَيَّنةٌ بأنوار التفريد، وأسرارُهم مزينةٌ بآثارِ التجريد. . . وعلى القياس :" لكلِّ طائفةٍ أنوارٌ ".
﴿ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينَ ﴾ : فمن النجوم ما هو للشياطين رجوم، ومنها ما هو للاهتداء به معلوم. . . فأخبر أن هذا القَدْرَ من العقوبة بواسطة الرجوم لا يكفي، وإنما يُعَذِّبهم مؤبَّدين في السعير.
أخبر : أنهم يحْتَجُّ عليهم بإرسال الرسل، فتقول لهم الملائِكةُ :﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴾.
وفي الآية للمؤمنين بشارة ؛ لأنهم يسمعون ويعقلون ما يسمعون ؛ فإِنَّ مَنْ سَمِعَ بالحقِّ سمع كل ما يقال عن الحق مِنْ كل مَنْ يقول عن الحق، فيحصل له الفهم لما يسمع، لأنه إذا كان من أهل الحقائق، يكون سَمْعُه من الله وبالله وفي الله.
اعترفوا بذنبهم ولكن في غير وقت الاعتراف. . . فلا جَرَمَ يقال لهم :﴿ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعيرِ ﴾.
الخشيةُ توجِب عدمَ القرار فيكون العبدُ أبداً - لانزعاجه - كالحَبِّ على المَقْلَى ؛ لا يَقَرًُّ ليلَه أو نهارَه، يتوقَّعُ العقوباتِ مع مجاري الأنفاس، وكلمَّا ازداد في الله طاعةً ازداد لله خشيةً.
خوَّفَهم بِعلْمِه، ونَدَبَهم إلى مراقبته، لأنه يعلم السِّرَّ وأخفى، ويسمع الجَهْرَ والنجوى. . . ثم قال مُبَيِّناً :
﴿ أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبَيرُ ﴾.
أي إذا أردتم أن تضربوا في الأرضِ سَهَّلَ عليكم ذلك.
كذلك جعل النَّفْس ذلولاً ؛ فلو طَالَبْتَها بالوفاقِ وَجَدْتَها مُسَاعدةً مُوَافقة، مُتَابِعةً مُسَابِقة. . . وقد قيل في صفتها :
هي النَّفْسُ ما عَوَّدْتها تتعودُ | وللدهرِ أيامٌ تُذَمُّ وتُحْمَدُ |
﴿ مَّن فِي السَّمَاءِ ﴾ أراد بهم الملائكة الذين يسكنون السماء، فهم مُوَكَّلون بالعذاب.
وخوَّفهم بالملائكة أن يُنْزِلوا عليهم العقوبةََ من السماء، أو يخسفوا بهم الأرض، وكذلك خَوَّفَهمِ أنْ يُرْسِلوا عليهم حجارةً كما أرسلوا على قوم لوط. وبيَّن أنَّ مَنْ كذَّب قَبْلَ هؤلاءِ رُسُلَهم كيف كانت عقوبتهم، ثم زاد في البيان وقال :﴿ أَوَ لَمْ يَرَوا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءِ بَصِيرُ ﴾.
﴿ مَّن فِي السَّمَاءِ ﴾ أراد بهم الملائكة الذين يسكنون السماء، فهم مُوَكَّلون بالعذاب.
وخوَّفهم بالملائكة أن يُنْزِلوا عليهم العقوبةََ من السماء، أو يخسفوا بهم الأرض، وكذلك خَوَّفَهمِ أنْ يُرْسِلوا عليهم حجارةً كما أرسلوا على قوم لوط. وبيَّن أنَّ مَنْ كذَّب قَبْلَ هؤلاءِ رُسُلَهم كيف كانت عقوبتهم، ثم زاد في البيان وقال :﴿ أَوَ لَمْ يَرَوا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءِ بَصِيرُ ﴾.
وخَصَّكم بالسمع والبصر والأفئدة، وأنتم لا تشكرون عظيمَ نِعَمه.
وإليه أمورنَا - جملةً - فَوَّضْنَا.
وإليه أمورنَا - جملةً - فَوَّضْنَا.
وهذه الآيات جميعها على وجه الاحتجاج عليهم. . . ولم يكن لواحدٍ عن ذلك جواب.