تفسير سورة الملك

تفسير الماوردي
تفسير سورة سورة الملك من كتاب النكت والعيون المعروف بـتفسير الماوردي .
لمؤلفه الماوردي . المتوفي سنة 450 هـ
سورة الملك
مكية عند الكل
بسم الله الرحمان الرحيم

﴿تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير﴾ قوله عز وجل: ﴿تباركَ الذي بيدِهِ المُلْكُ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن التبارُك تفاعُل من البركة، قاله ابن عباس. وهو أبلغ من المبارك لاختصاص اللَّه بالتبارك واشتراك المخلوقين في المبارك. الثاني: أي تبارك في الخلق بما جعل فيهم من البركة، قاله ابن عطاء. الثالث: معناه علا وارتفع، قاله يحيى بن سلام. وفي قوله (الذي بيده الملك) وجهان: أحدهما: ملك السموات والأرض في الدنيا والآخرة. الثاني: ملك النبوة التي أعزّ بها من اتبعه وأذل بها من خالفه، قاله محمد بن إسحاق. ﴿وهو عَلى كُلِّ شَىْءٍ قَديرٌ﴾ من إنعام وانتقام.
49
﴿ْالذي خَلَقَ الموتَ والحياةَ﴾ يعني الموت في الدنيا، والحياة في الآخرة. قال قتادة: كان رسول اللَّه ﷺ يقول: إن اللَّه أذل بني آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء (. الثاني: أنه خلق الموت والحياة جسمين، فخلق الموت في صورة كبش أملح، وخلق الحياة في صورة فرس [أنثى بلقاء]، وهذا مأثور حكاه الكلبي ومقاتل. ﴿ْلِيَبْلُوكم أيُّكم أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدها: أيكم أتم عقلاً، قاله قتادة. الثاني: أيكم أزهد في الدنيا، قاله سفيان. الثالث: أيكم أورع عن محارم اللَّه وأسرع إلى طاعة اللَّه، وهذا قول مأثور. الرابع: أيكم للموت أكثر ذِكْراً وله أحسن استعداداً ومنه أشد خوفاً وحذراً، قاله السدي. الخامس: أيكم أعرف بعيوب نفسه. ويحتمل سادساً: أيكم أرضى بقضائه وأصبر على بلائه. ﴿ْالذي خَلَقَ سَبْعَ سمواتٍ طِباقاً﴾ فيه وجهان:
50
أحدهما: أي متفق متشابه، مأخوذ من قولهم هذا مطابق لهذا أي شبيه له، قاله ابن بحر. الثاني: يعني بعضهن فوق بعض، قال الحسن: وسبع أرضين بعضهن فوق بعض، بين كل سماء وأرض خلق وأمر. ﴿ْما تَرَة في خَلْق الرحمنِ من تفاوُتٍ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: من اختلاَف، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر:
(متفاوتات من الأعنة قطّباً حتى وفي عشية أثقالها.)
الثاني: من عيب، قاله السدي. الثالث: من تفرق، قاله ابن عباس. الرابع: لا يفوت بعضه بعضاً، قاله عطاء بن أبي مسلم. قال الشاعر:
(فلستُ بمُدْركٍ ما فاتَ مِنِّي بِلَهْفَ وَلاَ بِليْتَ ولا لَو أنِّي)
﴿ْفارْجِع البَصَرَ﴾ قال قتادة: معناه فانظر إلى السماء. ﴿ْهل تَرَى من فُطور﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: من شقوق، قاله مجاهد والضحاك. الثاني: من خلل، قاله قتادة. الثالث: من خروق قاله السدي. الرابع: من وهن، قاله ابن عباس. ﴿ْثم ارْجع البَصَرَ كَرّتَيْنِ﴾ أي انظر إلى السماء مرة بعد أخرى. ويحتمل أمره بالنظر مرتين وجهين: أحدهما: لأنه في الثانية أقوى نظراً وأحدّ بصراً. الثاني: لأنه يرى في الثانية من سير كواكبها واختلاف بروجها ما لا يراه من الأولى فيتحقق أنه لا فطور فيها. وتأول قوم بوجه ثالث: أنه عنى بالمرتين قلباً وبصراً.
51
﴿ْينْقَلِبْ إليك البَصَرُ خَاسئاً وهو حَسيرٌ﴾ أي يرجع إليك البصر لأنه لا يرى فطوراً فيرتد. وفي (خاسئاً) أربعة أوجه: أحدها: ذليلاً، قاله ابن عباس. الثاني: منقطعاً، قاله السدي. الثالث: كليلاً، قاله يحيى بن سلام. الرابع: مبعداً، قاله الأخفش مأخوذ من خسأت الكلب إذا أبعدته. وفي (حسير) ثلاثة أوجه: أحدها: أنه النادم، ومنه قول الشاعر:
(ما أنا اليوم على شيء خلا يا ابنة القَيْنِ تَولّى بحَسيرْ.)
الثاني: أنه الكليل الذي قد ضعف عن إدراك مرآه، قاله ابن عباس ومنه قول الشاعر:
(مَنْ مدّ طرْفاً إلى ما فوق غايته ارتدَّ خَسْآنَ مِنه الطّرْفُ قد حَسِرا.)
والثالث: أنه المنقطع من الإعياء، قاله السدي، ومنه قول الشاعر:
52
﴿ الذي خَلَقَ الموتَ والحياةَ ﴾ يعني الموت في الدنيا، والحياة في الآخرة.
قال قتادة : كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول :" [ إن اللَّه أذل ] بني آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء ".
الثاني : أنه خلق الموت والحياة جسمين، فخلق الموت في صورة كبش أملح، وخلق الحياة في صورة فرس [ أنثى بلقاء ]١، وهذا مأثور حكاه الكلبي ومقاتل.
﴿ لِيَبْلُوكم أيُّكم أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فيه خمسة تأويلات :
أحدها : أيكم أتم عقلاً، قاله قتادة.
الثاني : أيكم أزهد في الدنيا، قاله سفيان.
الثالث : أيكم أورع عن محارم اللَّه وأسرع إلى طاعة اللَّه، وهذا قول مأثور.
الرابع : أيكم للموت أكثر ذِكْراً وله أحسن استعداداً ومنه أشد خوفاً وحذراً، قاله السدي.
الخامس : أيكم أعرف بعيوب نفسه.
ويحتمل سادساً : أيكم أرضى بقضائه وأصبر على بلائه٢.
١ من تفسير القرطبي الذي أورد هذا عن ابن عابس والكلبي ومقاتل أنظر تفسيره ٢٠٦/١٨..
٢ قيل في تفسير هذا القول: أي ليبلو العبد موت من يعز عليه ليبين صبره، وبالحياة ليبين شكره..
﴿ الذي خَلَقَ سَبْعَ سمواتٍ طِباقاً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أي متفق متشابه، مأخوذ من قولهم هذا مطابق لهذا أي شبيه له، قاله ابن بحر.
الثاني : يعني بعضهن فوق بعض، قال الحسن : وسبع أرضين بعضهن فوق بعض، بين كل سماء وأرض خلق وأمر.
﴿ ما تَرَى في خَلْق الرحمنِ من تفاوُتٍ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : من اختلاَف، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر :
(والخيلُ شُعثٌ ما تزال جيادها حَسْرى تغادرُ بالطريق سخالها.)
متفاوتات من الأعنة قطّباً حتى وفي عشية أثقالها.
الثاني : من عيب، قاله السدي.
الثالث : من تفرق، قاله ابن عباس.
الرابع : لا يفوت بعضه بعضاً، قاله عطاء بن أبي مسلم.
قال الشاعر :
فلستُ بمُدْركٍ ما فاتَ مِنِّي بِلَهْفَ وَلاَ بِليْتَ ولا لَو أنِّي١
﴿ فارْجِع البَصَرَ ﴾ قال قتادة : معناه فانظر إلى السماء.
﴿ هل تَرَى من فُطور ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : من شقوق، قاله مجاهد والضحاك.
الثاني : من خلل، قاله قتادة.
الثالث : من خروق قاله السدي.
الرابع : من وهن، قاله ابن عباس.
١ قائله مجهول وقد جاء في المقرب لابن عصفور ١/١٨١، ٢/ ٢٠٠ والخصائص لان جني ٣/ ١٣٥، واللسان لهف، وشرح الأشموني ٢/ ٢٨٢وفي جميعها بلفظ: ولست براجع. إلا الممتع ص ٦٢٢ ففيه: ولست بمدرك..
﴿ ثم ارْجع البَصَرَ كَرّتَيْنِ ﴾ أي انظر إلى السماء مرة بعد أخرى.
ويحتمل أمره بالنظر مرتين وجهين :
أحدهما : لأنه في الثانية أقوى نظراً وأحدّ بصراً.
الثاني : لأنه يرى في الثانية من سير كواكبها واختلاف بروجها ما لا يراه في الأولى فيتحقق أنه لا فطور فيها.
وتأول قوم بوجه ثالث : أنه عنى بالمرتين قلباً وبصراً.
﴿ ينْقَلِبْ إليك البَصَرُ خَاسئاً وهو حَسيرٌ ﴾ أي يرجع إليك البصر لأنه لا يرى فطوراً فيرتد.
وفي " خاسئاً " أربعة أوجه :
أحدها : ذليلاً، قاله ابن عباس.
الثاني : منقطعاً، قاله السدي.
الثالث : كليلاً، قاله يحيى بن سلام.
الرابع : مبعداً، قاله الأخفش مأخوذ من خسأت الكلب إذا أبعدته.
وفي " حسير " ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه النادم، ومنه قول الشاعر :
ما أنا اليوم على شيء خلا يا ابنة القَيْنِ تَولّى بحَسيرْ
الثاني : أنه الكليل الذي قد ضعف عن إدراك مرآه، قاله ابن عباس ومنه قول الشاعر :
مَنْ مدّ طرْفاً إلى ما فوق غايته ارتدَّ خَسْآنَ مِنه الطّرْفُ قد حَسِرا
والثالث : أنه المنقطع من الإعياء، قاله السدي، ومنه قول الشاعر :
والخيلُ شُعثٌ ما تزال جيادها حَسْرى تغادرُ بالطريق سخالها
﴿وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير﴾ ﴿ْإذا أُلقُوا فيها﴾ يعني الكفار ألقوا في جهنم.
52
﴿ْسمعوا لها شهيقاً﴾ فيه قولان: أحدهما: أن الشهيق من الكفار عند إلقائهم في النار. الثاني: أن الشهيق لجهنم عند إلقاء الكفار فيها، قال ابن عباس: تشهق إليهم شهقة البغلة للشعير ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف. وفي الشهيق ثلاثة أوجه: أحدها: أن الشهيق في الصدور، قاله الربيع بن أنس. الثاني: أنه الصياح، قاله ابن جريج. الثالث: أن الشهيق هو آخر نهيق الحمار، والزفير مثل أول نهيق الحمار، وقيل إن الزفير من الحلق، والشهيق من الصدر. ﴿ْوهي تفورُ﴾ أي تغلي، ومنه قول الشاعر:﴿ْتكادُ تَمَيّزُ مِنَ الغَيْظِ... ﴾ فيه وجهان: أحدهما: تنقطع، قاله سعيد بن جبير. الثاني: تتفرق، قاله ابن عباس والضحاك. وقوله (من الغيط) فيه ها هنا وجهان: أحدهما: أنه الغليان، قال الشاعر:
(تركتم قِدْرَكم لا شيىءَ فيها وقِدْرُ القوم حاميةٌ تفورُ)
(فيا قلب مهلاً وهو غضبان قد غلا من الغيظ وسط القوم ألا يثبكا)
الثاني: أنه الغضب، يعني غضباً على أهل المعاصي وانتقاماً للَّه منهم. ﴿ْألمْ يأتِكم نَذيرٌ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن النذر من الجن، والرسل من الإنس، قاله مجاهد. الثاني: أنهم الرسل والأنبياء، واحدهم نذير، قاله السدي. ﴿ْفسُحْقاً لأصحاب السّعيرٍ﴾ فيه وجهان: أحدهما: فبعداً لأصحاب السعير يعني جهنم، قاله ابن عباس. الثاني: أنه وادٍ من جهنم يسمى سحقاً، قاله ابن جبير وأبو صالح، وفي هذا الدعاء إثبات لاستحقاق الوعيد.
53
﴿ إذا أُلقُوا فيها ﴾ يعني الكفار ألقوا في جهنم.
﴿ سمعوا لها شهيقاً ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن الشهيق من الكفار عند إلقائهم في النار.
الثاني : أن الشهيق لجهنم عند إلقاء الكفار فيها، قال ابن عباس : تشهق إليهم شهقة البغلة للشعير، ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف.
وفي الشهيق ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الشهيق في الصدور، قاله الربيع بن أنس.
الثاني : أنه الصياح، قاله ابن جريج.
الثالث : أن الشهيق هو آخر نهيق الحمار١، والزفير مثل أول نهيق الحمار، وقيل إن الزفير من الحلق، والشهيق من الصدر.
﴿ وهي تفورُ ﴾ أي تغلي، ومنه قول الشاعر٢ :
تركتم قِدْرَكم لا شيءَ فيها وقِدْرُ القوم حاميةٌ تفورُ
١ القول الثالث عبارته مضطربة وقد صوبناها من تفسير القرطبي وهذا القول منسوب إلى الضحاك ومقاتل. انظر تفسير القرطبي ٩/ ٩٨..
٢ هو حسان بن ثابت..
﴿ تكادُ تَمَيّزُ مِنَ الغَيْظِ. . . ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : تنقطع، قاله سعيد بن جبير.
الثاني : تتفرق، قاله ابن عباس والضحاك.
وقوله " من الغيظ " فيه ها هنا وجهان :
أحدهما : أنه الغليان، قال الشاعر :
فيا قلب مهلاً وهو غضبان قد غلا من الغيظ وسط القوم ألا يبثكا
الثاني : أنه الغضب، يعني غضباً على أهل المعاصي وانتقاماً للَّه منهم.
﴿ ألمْ يأتِكم نَذيرٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن النذر من الجن، والرسل من الإنس، قاله مجاهد.
الثاني : أنهم الرسل والأنبياء، واحدهم نذير، قاله السدي.
﴿ فسُحْقاً لأصحاب السّعيرٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : فبعداً لأصحاب السعير يعني جهنم، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه وادٍ من جهنم يسمى سحقاً، قاله ابن جبير وأبو صالح.
وفي هذا الدعاء إثبات لاستحقاق الوعيد.
﴿إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور﴾ ﴿ْإنّ الذين يَخْشَوْنَ ربَهم بالغَيْبِ﴾ فيه ستة أوجه: أحدها: أن الغيب اللَّه تعالى وملائكته، قاله أبو العالية. الثاني: الجنة والنار، قاله السدي. الثالث: أنه القرآن، قاله زر بن حبيش. الرابع: أنه الإسلام لأنه يغيب، قاله إسماعيل بن أبي خالد. الخامس: أنه القلب، قاله ابن بحر. السادس: أنه الخلوة إذا خلا بنفسه فذكر ذنبه استغفر ربه، قاله يحيى بن سلام. ﴿ْلهم مغْفرةٌ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: بالتوبة والاستغفار. الثاني: بخشية ربهم بالغيب. الثالث: لأنهم حلّوا باجتناب الذنوب محل المغفور له. ﴿وأجرٌ كبيرٌ﴾ يعني الجنة. ويحتمل وجهاً آخر: أنه العفو عن العقاب ومضاعفة الثواب. ﴿هو الذي جَعَلَ لكم الأرْضَ ذَلولاً﴾ يعني مذللة سهلة. حكى قتادة عن أبي الجلد: أن الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ، فللسودان اثنا عشر [ألفاً]، وللروم [ثمانية آلاف]، وللفرس ثلاثة آلاف وللعرب ألف. ﴿ْفامْشُوا في مَنَاكِبِها﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: في جبالها، قاله ابن عباس وقتادة وبشير بن كعب. الثاني: في أطرفاها وفجاجها، قاله مجاهد والسدي.
54
الثالث: في طرفها. ويحتمل رابعاً: في منابت زرعها وأشجارها، قاله الحسن. ﴿وكُلوا مِن رِزْقِهِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: مما أحله لكم، قاله الحسن. الثاني: مما أنبته لكم، قاله ابن كامل. ﴿وإليه النشور﴾ أي البعث.
55
﴿ هو الذي جَعَلَ لكم الأرْضَ ذَلولاً ﴾ يعني مذللة سهلة.
حكى قتادة عن أبي الجلد : أن الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ، فللسودان اثنا عشر [ ألفاً ]، وللروم [ ثمانية آلاف ]، وللفرس ثلاثة آلاف وللعرب ألف.
﴿ فامْشُوا في مَنَاكِبِها ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : في جبالها، قاله ابن عباس وقتادة وبشير بن كعب.
الثاني : في أطرافها وفجاجها، قاله مجاهد والسدي.
الثالث : في طرقها.
ويحتمل رابعاً : في منابت زرعها وأشجارها، قاله الحسن.
﴿ وكُلوا مِن رِزْقِهِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : مما أحله لكم، قاله الحسن.
الثاني : مما أنبته لكم، قاله ابن كامل.
﴿ وإليه النشور ﴾ أي البعث.
﴿أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير﴾ ﴿أأمِنتُم مَنْ في السماءِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنهم الملائكة، قاله ابن بحر. الثاني: يعني أنه اللَّه تعالى، قاله ابن عباس. ﴿ْأنْ يَخْسِفَ بكم الأرضَ فإذا هي تمورُ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: تتحرك، قاله يحيى. الثاني: تدور، قاله قطرب وابن شجرة. الثالث: تسيل ويجري بعضها في بعض، قاله مجاهد، ومنه قول الشاعر:
﴿أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون﴾ ﴿أفمن يْمشيِ مُكِبّاً على وَجْهِه أهْدَى﴾ هذا مثل ضربه اللَّه تعالى للهدى والضلالة، ومعناه ليس من يمشي مُكباً على وجهه ولا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله. كمن يمشي سوياً معتدلاً ناظراً ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله، وفيه وجهان: أحدهما: أنه مثل ضربه الله للمؤمن والكافر، فالمكب على وجهه الكافر يهوي بكفره، والذي يمشي سوّياً المؤمن يهتدي بإيمانه، ومعناه: أمَّن يمشي في الضلالة أهدى أم من يمشي مهتدياً، قاله ابن عباس. الثاني: أن المكب على وجهه أبو جهل بن هشام، ومن يمشي سوياً عمار بن ياسر، قاله عكرمة. ﴿ْعلى صراطٍ مستقيم﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن الطريق الواضح الذي لا يضل سالكه، فيكون نعتاً للمثل المضروب. الثاني: هو الحق المستقيم، قاله مجاهد، فيكون جزاء العاقبة الاستقامة وخاتمة الهداية. ﴿ْقُلْ هو الذي ذَرَأَكُمْ في الأرضِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: خلقكم في الأرض، قاله ابن عباس. الثاني: نشركم فيها وفرّقكم على ظهرها، قاله ابن شجرة. ويحتمل ثالثاً: أنشأكم فيها إلى تكامل خلقكم وانقضاء أجلكم.
56
﴿ْوإليهِ تُحْشَرون﴾ أي تُبْعثون بعد الموت. ﴿ْفلما رأَوْه زُلْفَةً سِيئَتْ وُجوهُ الذين كَفروا﴾ فيه وجهان: أحدهما: ظهرت المساءة على وجوههم كراهة لما شاهدوا، وهو معنى قول مقاتل. الثاني: ظهر السوء في وجهوههم ليدل على كفرهم، كقوله تعالى: ﴿يوم تبيضُّ وجوه وتسْوَدُّ وجوه﴾ [آل عمران: ١٠٦]. ﴿وقيل هذا الذي كُنْتُمْ به تَدَّعُونَ﴾ وهذا قول خزنة جهنم لهم، وفي قوله ﴿ْكنتم به تدّعون﴾ أربعة أوجه: أحدها: تمترون فيه وتختلفون، قاله مقاتل. الثاني: تشكّون في الدنيا وتزعمون أنه لا يكون، قاله الكلبي. الثالث: تستعجلون من العذاب، قاله زيد بن أسلم. الرابع: أنه دعاؤهم بذلك على أنفسهم، وهو افتعال من الدعاء، قاله ابن قتيبة.
57
﴿ أفمن يمشيِ مُكِبّاً على وَجْهِه أهْدَى ﴾ هذا مثل ضربه اللَّه تعالى للهدى والضلالة، ومعناه : ليس من يمشي مُكباً على وجهه، ولا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله. كمن يمشي سوياً معتدلاً، ناظراً ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله.
وفيه وجهان :
أحدهما : أنه مثل ضربه اللّه للمؤمن والكافر، فالمكب على وجهه، الكافر يهوي بكفره، والذي يمشي سوّياً، المؤمن يهتدي بإيمانه، ومعناه : أمَّن يمشي في الضلالة أهدى أم من يمشي مهتدياً، قاله ابن عباس.
الثاني : أن المكب على وجهه أبو جهل بن هشام، ومن يمشي سوياً عمار بن ياسر، قاله عكرمة.
﴿ على صراطٍ مستقيم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه الطريق الواضح الذي لا يضل سالكه، فيكون نعتاً للمثل المضروب.
الثاني : هو الحق المستقيم، قاله مجاهد، فيكون جزاء العاقبة الاستقامة وخاتمة الهداية.
﴿ قُلْ هو الذي ذَرَأَكُمْ في الأرضِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : خلقكم في الأرض، قاله ابن عباس.
الثاني : نشركم فيها وفرّقكم على ظهرها، قاله ابن شجرة.
ويحتمل ثالثاً : أنشأكم فيها إلى تكامل خلقكم وانقضاء أجلكم.
﴿ وإليهِ تُحْشَرون ﴾ أي تُبْعثون بعد الموت.
﴿ فلما رأَوْه زُلْفَةً١ سِيئَتْ وُجوهُ الذين كَفروا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ظهرت المساءة على وجوههم كراهة لما شاهدوا، وهو معنى قول مقاتل.
الثاني : ظهر السوء في وجوههم ليدل على كفرهم، كقوله تعالى :﴿ يوم تبيضُّ وجوه وتسْوَدُّ وجوه٢[ آل عمران : ١٠٦ ].
﴿ وقيل هذا الذي كُنْتُمْ به تَدَّعُونَ ﴾ وهذا قول خزنة جهنم لهم، وفي قوله :﴿ كنتم به تدّعون ﴾ أربعة أوجه :
أحدها : تمترون فيه وتختلفون، قاله مقاتل.
الثاني : تشكّون في الدنيا وتزعمون أنه لا يكون، قاله الكلبي.
الثالث : تستعجلون في العذاب، قاله زيد بن أسلم.
الرابع : أنه دعاؤهم بذلك على أنفسهم٣، وهو افتعال من الدعاء، قاله ابن قتيبة.
١ زلفة: مصدر معنى مزدلفا، أي قريبا، وهذا قول مجاهد. وقال الحسن عيانا. وأكثر المفسرين على أن المعنى: فلما رأوه يعني عذاب الآخرة.
وقال ابن عباس: لما رأوا عملهم السيئ قريبا..

٢ آية ١٠٦ آل عمران..
٣ قال قتادة: هو قولهم "ربنا عجل لنا قطنا"..
﴿قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين﴾ ﴿ْقُلْ أرَأَيْتُمْ إنْ أصْبَحَ ماؤكم غُوْراً﴾ فيه وجهان: أحدهما: ذاهباً، قاله قتادة. الثاني: لا تناله الدِّلاء، قاله ابن جبير، وكان ماؤهم من بئر زمزم وبئر ميمون. ﴿ْفَمَنْ يأتيكم بماءٍ مَعِينٍ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: أن معناه العذب، قاله ابن عباس. الثاني: أنه الطاهر، قاله الحسن وابن جبير ومجاهد. الثالث: أنه الذي تمده العيون فلا ينقطع.
57
الرابع: أنه الجاري، قاله قتادة، ومنه قول جرير:
(رَمَيْن فأقصدْن القلوب ولن ترى دماً مائراً إلا جرى في الخيازم.)
(إنّ الذين غدوا بُلبِّك غادَروا وشَلاً بعيْنِك لا يزال مَعِيناً)
روى عاصم عن رُزين عن ابن مسعود قال: سورة الملك هي المانعة من عذاب القبر، وهي في التوراة تسمى المانعة، وفي الإنجيل تسمى الواقية، ومن قرأها من كل ليلة فقد أكثر وأطاب.
58
سورة القلم
مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وقال ابن عباس: من أولها إلى قوله سبحانه " سنسمه على الخرطوم " مكي، ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى: ﴿لو كانوا يعلمون﴾ مدني، ومن بعد ذلك إلى قوله ﴿يكتبون﴾ مكي، ومن بعد ذلك إلى قوله: ﴿من الصالحين﴾ مدني، وباقي السورة مكي. بسم الله الرحمن الرحيم
59
﴿ قُلْ أرَأَيْتُمْ إنْ أصْبَحَ ماؤكم غُوْراً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ذاهباً، قاله قتادة.
الثاني : لا تناله الدِّلاء، قاله ابن جبير، وكان ماؤهم من بئر زمزم وبئر ميمون.
﴿ فَمَنْ يأتيكم بماءٍ مَعِينٍ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : أن معناه العذب، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه الظاهر، قاله الحسن وابن جبير ومجاهد.
الثالث : أنه الذي تمده العيون فلا ينقطع.
الرابع : أنه الجاري، قاله قتادة، ومنه قول جرير :
إنّ الذين غدوا بُلبِّك غادَروا وشَلاً بعيْنِك لا يزال مَعِيناً
روى عاصم عن رُزين عن ابن مسعود قال : سورة الملك هي المانعة من عذاب القبر، وهي في التوراة تسمى المانعة، وفي الإنجيل تسمى الواقية، ومن قرأها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب.
Icon